جلسة 18 من إبريل سنة 1981
برئاسة السيد/ رئيس المحكمة المستشار محمد كمال عباس، والسادة المستشارين: محمد إبراهيم الدسوقي، صبحي رزق داود، محمد علي هاشم، ومحمود شوقي أحمد - أعضاء.
----------------
(216)
الطعنان رقمي 821، 835 لسنة 50 قضائية
(1) نقض "إعلان الطعن". "بطلان الإعلان".
توقيع المحامي على أصل صحيفة الطعن بالنقض. إغفال التوقيع على صورتها. لا بطلان.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" الإخلاء للتغيير في المكان.
إخلاء المستأجر لاستعمال العين استعمالاً ينافي شروط العقد بإحداث تغيير مادي أو تغيير معنوي. شرطه. أن يلحق ضرر بالمؤجر. تمسك المؤجر بما ورد في العقد من حرمان المستأجر من إحداث أي تغيير. تعسف في استعمال الحق.
(3) إيجار "إيجار الأماكن" "إقامة المستأجر مبان بالعين المؤجرة". "التزام المستأجر بدفع الأجرة".
إقامة المستأجر إنشاءات في نطاق العين المؤجرة. تملك المؤجر لها منذ إقامتها. عدم التزام المستأجر بأجرة مستقلة عيناً. اعتبار أجرة العين شاملة لانتفاع المستأجر بالبناء المستجد.
(4) حكم "حجية الحكم". شرطه. قوة الأمر المقضي.
المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضى فيها. شرطه. وحدة المسألة في الدعويين. المقصود به.
(5) نقض "حالات الطعن" بطلان "بطلان الحكم".
إجمال محكمة الموضوع بعض العناصر والوقائع في الدعوى بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون. أثره. بطلان الحكم.
-----------------
1 - المقرر أنه ليس في نصوص القانون ما يوجب توقيع المحامي على الصورة المعلنة من صحيفة الطعن اكتفاء بتوقيعه على أصل الصحيفة المودع قلم الكتاب شأنها في ذلك شأن صور الأوراق الرسمية، إذ أن التوقيع على الصحيفة من محام مقبول أمام محكمة النقض هو وحدة الذي يضمن جدية الطعن كما يضمن كتابة أسبابه على نحو يتفق مع الأسباب التي ينص عليها القانون.
2 - النص في المادة 2/ ج من القانون رقم 121 لسنة 1947 المقابلة للمادة 23/ ج من القانون 52 لسنة 1969، على أنه يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر إذا استعمله المستأجر أو سمح باستعماله بطريقة تنافي شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المالك، مما قد يستفاد منه أن للمؤجر الحق في طلب إخراج المستأجر لمجرد استعمال المكان المؤجر استعمالاً مخالفاً لشروط الإيجار المعقولة ولو لم ينشأ عن ذلك ضرر للمؤجر، إلا أنه طبقاً للقواعد العامة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشترط لفسخ العقد والإخلاء في هذه الحالة حصول ضرر للمؤجر من استعمال المكان المؤجر استعمالاً ينافي شروط العقد، لا يغير من ذلك أن يتضمن العقد منعاً صريحاً من إجراء أي تغيير في العين المؤجرة لأن تمسك المؤجر بهذا النص المانع رغم ثبوت انتفاء الضرر يجعله متعسفاً في استعمال حقه في طلب الفسخ.
3 - لئن كان الاتفاق على أن البناء الذي يوجده المستأجر في العين المؤجرة يكون ملكاً للمؤجر في مقابل تعويض أو بلا تعويض، يترتب عليه ملكية المؤجر للبناء من وقت إنشائه، ولا يكون للمستأجر بالنسبة إليه إلا حق شخصي يخوله الانتفاع به انتفاعه بالعين المؤجرة نفسها، وتكون في هذه الحالة الأجرة المتفق عليها أصلاً في عقد الإيجار هي مقابل انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة شاملة هذا البناء المستجد طالما أن الاتفاق قد اقتصر على تملك المؤجر للبناء دون تحديد أجرة إضافية له. لما كان ذلك وكان البند الخامس في كل من عقدي الإيجار لم يتضمن الاتفاق على أي أجرة إضافية عن انتفاع المستأجرة - المطعون عليها الأولى - بالبناء الذي تحدثه بالعين المؤجرة على نفقتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب التعويض مقابل انتفاع المطعون عليها الأولى بالحجرات التي أقامتها على نفقتها لأن من حقها الانتفاع بكامل العين المؤجرة من الأرض والبناء، فإنه يكون قد أخذ في الاعتبار أن الأجرة المتفق عليها أصلاً في العقد هي مقابل الانتفاع بالعين المؤجرة شاملة هذا البناء المستجد.
4 - المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين وبين الخصوم أنفسهم، ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً، وتكون هي ذاتها الأساس فيما يدعيه بعد في الدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها.
5 - من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه إذا أجملت محكمة الموضوع بعض العناصر الواقعية في الدعوى فأعجزت محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون فإن حكمها يكون باطلاً قانوناً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر - والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول في الطعن رقم 821 لسنة 50 ق، وهو الطاعن في الطعن رقم 835 لسنة 50 ق أقام الدعوى رقم 6818 لسنة 1971 - مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة في الطعن الأول وهي المطعون عليها الأولى في الطعن الثاني وضد مورث باقي المطعون عليهم في كل من الطعنين بطلب الحكم أولاً: بإعادة السور على الحد الغربي إلى الحالة التي كان عليها، مع إعادة تركيب الباب الحديد أمام مدخل السلم - ثانياً: إعادة الحجرة (الجراج) الكائنة بالجانب القبلي إلى الحالة الأصلية مع إزالة المباني المستحدثة أمامها من الجهة البحرية. ثالثاً: إزالة السبعة مقاعد موزايكو الكائنة بالأرض الفضاء المملوكة له. رابعاً: إلزام الطاعنة في الطعن الأول والمطعون عليها الأولى في الطعن الثاني بأن تدفع له تعويضاً قدره 1500 جنيهاً في مواجهة باقي المطعون عليهم في كل من الطعنين، وقالت بياناً لدعواه أنه بعقدين مؤرخين 12/ 9/ 1957، 23/ 9/ 1958 استأجرت منه الطاعنة في الطعن الأول (المطعون عليها الأولى في الطعن الثاني) الدورين الأرضي والأول في الفيلا المبينة بالصحيفة مع الحديقة والجراج الملحقين بها ونص في العقدين على حظر إحداث أي تغييرات في العين دون إذن كتابي من المؤجر وإذ استأجرت الفيلا المتاخمة لعقاره والمملوكة لباقي المطعون عليهم فقد قامت بدون موافقة منه بإحداث إنشاءات وتعديلات جوهرية في العين المؤجرة ترتب عليها الإضرار به ومخالفة حقوق الارتفاق المقررة له مما حدا به إلى رفع دعوى إثبات الحالة رقم 9 لسنة 1967 مستعجل الجيزة ضمت المحكمة دعوى إثبات الحالة وندبت خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 20/ 4/ 1978 برفض الدعوى واستأنف المؤجر هذا الحكم بالاستئناف رقم 3223 لسنة 95 ق القاهرة وبتاريخ 5/ 2/ 1980 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بإزالة تعلية السور عن متر ونصف، وإزالة المباني المقامة من المستأجرة في المساحة التي تقل عن ثلاثة أمتار عن الجار القبلي، وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، طعنت المستأجرة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 821 لسنة 50 ق، كما طعن فيه المؤجر بالطعن رقم 835 لسنة 50 ق، دفعت الطاعنة في الطعن الأول وهي المطعون عليها في الطعن الثاني ببطلان صحيفة هذا الطعن، قدمت النيابة مذكرة في الطعن الأول أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم عدا الأول وبنقض الحكم، كما قدمت مذكرة في الطعن الثاني أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم عدا الأولى ورفضه موضوعياً عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما، وفيها قررت ضم الطعن رقم 835 لسنة 50 ق إلى الطعن رقم 821 لسنة 50 ق للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعنين بالنسبة للمطعون عليهم من الثانية إلى الأخيرة في كل منهما أنه لم توجه لهم طلبات ولم يحكم عليهم بشيء.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أنه لما كان المطعون عليهم من الثانية إلى الأخيرة في كل من الطعنين قد اختصموا في مراحل الدعوى السابقة مع الطاعنة في الطعن الأول والمطعون عليها الأولى في الطعن الثاني بطلب الحكم في مواجهتهم ولم يحكم عليهم بشيء كما أن أسباب الطعن لا تعلق لها بهم، فإن اختصامهم أمام محكمة النقض يكون غير مقبول.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان صحيفة الطعن رقم 835 لسنة 50 ق المبدى من المطعون عليها الأولى أن الصورة المعلنة إليها من صحيفة الطعن خلت من اسم المحامي الذي أودع الصحيفة ومن توقيعه.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه ليس في نصوص القانون ما يوجب توقيع المحامي على الصورة المعلنة من صحيفة الطعن اكتفاء بتوقيعه على أصل الصحيفة المودع قلم الكتاب شأنها في ذلك شأن صور الأوراق الرسمية، إذ أن التوقيع على الصحيفة من محام مقبول أمام محكمة النقض هو وحده الذي يضمن جدية الطعن كما يضمن كتابة أسبابه على نحو يتفق مع الأسباب التي ينص عليها القانون ومن ثم يكون الدفع على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية بالنسبة للباقين.
أولاً: عن الطعن رقم 835 لسنة 50 ق.
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن - المؤجر - بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه نص في البند الخامس من عقدي الإيجار على حظر إحداث أي تغير بالعين المؤجرة دون إذن كتابي من المؤجر وإلا أصبح العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه، وإذ خالفت المطعون عليها الأولى هذا الحظر دون إذن كتابي من الطاعن، وأغفل الحكم تطبيق المادة 158 من القانون المدني باعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 2/ جـ من القانون رقم 121 لسنة 1947 المقابلة للمادة 23/ جـ من القانون 52 لسنة 1969، على أنه يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر إذا استعمله المستأجر أو سمح باستعماله بطريقة تنافي شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المالك، مما قد يستفاد منه أن للمؤجر الحق في طلب إخراج المستأجر لمجرد استعمال المكان المؤجر استعمالاً مخالفاً لشروط الإيجار ولو لم ينشأ عن ذلك ضرر للمؤجر، إلا أنه طبقاً للقواعد العامة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشترط لفسخ العقد والإخلاء في هذه الحالة حصول ضرر للمؤجر من استعمال المكان المؤجر استعمالاً ينافي شروط العقد، لا يغير من ذلك أن يتضمن العقد منعاً صريحاً من إجراء أي تغيير في العين المؤجرة لأن تمسك المؤجر بهذا النص المانع رغم ثبوت انتفاء الضرر يجعله متعسفاً في استعمال حقه في طلب الفسخ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الفسخ عن قوله "أن المستأنف عليها. (المطعون عليها الأولى) فيما أجرته من تعديل إنما كانت تستهدف تحقيق الغرض من تأجير عين النزاع الماثل بعد تأجير العين المجاورة لها من قبل لاستخدامها معاً كمدرسة على النحو الثابت بعقد الإيجار موضوع الدعوى القائمة، وما لم ينشأ عنه ضرر للمالك المستأنف - الطاعن - ولا يمكن أن يرتب له صالحاً في طلباته بشأنه حتى لا تعتبر الطلبات مجرد تعسف في استعمال حق لا يتمخض عن صالح لصاحبه" وكان الحكم وقد خلص في حدود سلطته التقديرية إلى انتفاء الضرر في حق الطاعن فيما أجرته المطعون عليها من تعديلات بالعين المؤجرة فإنه إذ قضى برفض طلب الفسخ دون الالتفات إلى الشرط الصريح الفاسخ يكون قد أصاب صحيح القانون ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن مفاد النص في البند الخامس من عقدي الإيجار أن من حقه التمسك بالفسخ، مع عدم الإخلال بالتعويضات، وأن التغييرات والتحسينات تصبح في جميع الأحوال حقاً مكتسباً للمؤجر دون أي تعويض للمستأجر أن ينشأ للطاعن الحق في طلب التعويض الذي قدره بمبلغ ألف جنيه عن فترة استغلال المطعون عليها الأولى للثلاث حجرات ودورة المياه التي أقامتها في المدة من سنة 1966 حتى سنة 1975، كما ينشأ له الحق في طلب التعويض الذي قدره بمبلغ خمسمائة جنيه عن الإنشاءات الأخرى التي أقامتها ملك الطاعن وجزء من ملك الجار مما أدى إلى خلط الملكية ومنعه من التصرف في عقاره وإذ لم يقض له الحكم بالتعويض خاصة وأنه قد أقر ضمناً بأحقيته في ذلك عندما قضى بالتعويض العيني بإزالة تعلية السور والمباني المقامة في مساحة تقل عن ثلاثة أمتار من ملك الجار، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ولئن كان الاتفاق على أن البناء الذي يوجده المستأجر في العين المؤجرة يكون ملكاً للمؤجر في مقابل تعويض أو بلا تعويض، يترتب عليه ملكية المؤجر للبناء من وقت إنشائه، ولا يكون للمستأجر بالنسبة إليه إلا حق شخصي يخوله الانتفاع به انتفاعه بالعين المؤجرة نفسها، وتكون في هذه الحالة الأجرة المتفق عليها أصلاً في عقد الإيجار هي مقابل انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة شاملة هذا البناء المستجد طالما أن الاتفاق قد اقتصر على تملك المؤجر للبناء تحديد أجرة إضافية له. لما كان ذلك وكان البند الخامس في كل من عقدي الإيجار لم يتضمن الاتفاق على أي أجرة إضافية عن انتفاع المستأجرة - المطعون عليها الأولى - بالبناء الذي تحدثه بالعين المؤجرة على نفقتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب التعويض مقابل انتفاع المطعون عليها الأولى بالحجرات التي أقامتها على نفقتها لأن من حقها الانتفاع بكامل العين المؤجرة من الأرض والبناء، فإنه يكون قد أخذ في الاعتبار أن الأجرة المتفق عليها أصلاً في العقد هي مقابل الانتفاع بالعين المؤجرة شاملة هذا البناء المستجد، هذا ولما كان الحكم قد خلص إلى انتفاء الضرر بالطاعن عن الإنشاءات الأخرى التي أحدثتها المطعون عليها الأولى والتي تستهدف منها تحقيق الغرض من تأجير عين الانتفاع بعد تأجيرها العين المجاورة لها من قبل لاستخدامهما معاً كمدرسة، وأن السور بين العقارين إنما هو خاص بالعقار المجاور دون عقار الطاعن الثابت حدوده ومعالمه على نحو قاطع بسند ملكيته المشهر مما لا يدع احتمالاً لوجه من وجوه اللبس أو المنازعة الجدية لمجرد إزالة السور الفاصل بين العقارين، وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم سائغاً وفي حدود سلطته التقديرية فإنه إذ انتهى لرفض طلب التعويض، يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا يؤثر في ذلك ما قضى به من إزالة تعلية السور والمباني المقامة في المساحة التي تقل عن ثلاثة أمتار من ملك الجار، وإذ أنه استند في قضائه هذا إلى أنها تخالف حقوق الاتفاق - وهو محل طعن المطعون عليها بالطعن رقم 821 لسنة 50 ق، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه إهدار النظام العام وفي بيان ذلك يقول أن قوانين تنظيم المباني توجب الحصول على ترخيص قبل الشروع في البناء وإلا قضى على المخالف بالعقوبة مع الإزالة، ولما كانت المطعون عليها الأولى قد أحدثت التغييرات والإنشاءات بالعين المؤجرة دون حصولها على ذلك الترخيص وإذ أغفل الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون قد خالف قاعدة من قواعد النظام العام.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه طرح على محكمة الموضوع ما يثبت أن المطعون عليها قد أجرت الهدم والبناء بغير ترخيص صادر من الجهة المختصة بإعطائه، فإن النعي يكون عارياً عن الدليل بما يوجب رفضه، لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانياً: عن الطعن رقم 821 لسنة 50 ق.
حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في مذكرتها المقدمة لجلسة 20/ 5/ 1976 والتي أحالت إليها في مذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف، بعدم جواز نظر الدعوى في الشق الخاص بطلب إزالة المباني لمخالفتها حقوق الارتفاق، لسابقة الفصل في هذا الطلب في الدعوى رقم 1123 لسنة 1968 مدني الجيزة الابتدائية واستئنافها رقم 665 لسنة 1968 ق القاهرة في مواجهة المطعون عليه الأول برفض ما أثير في تلك الدعوى حول تعدي الطاعنة على حقوق الاتفاق بين العقارين اللذين تستأجرهما، وذلك في مجال الفصل في طلب المدعي فيها فسخ عقد الإيجار لإقامة الطاعنة لمبان إخلالاً بحق الارتفاق الجوار بين ملكه وملك المطعون عليه الأول، ولما كان لهذا الحكم حجيته في كل ما ينشأ بعد ذلك بين طرفي الخصومة ويقتضي الفصل فيه معاودة بحث تلك المسألة الكلية التي فصل فيها، فإنه لا يصح للمطعون عليه الأول إثارة هذه المسألة من جديد بالدعوى الماثلة بطلب إزالة ذات المباني بمقولة أن في إقامتها اعتداء على ذات حق الارتفاق - وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الفصل في هذا الدفع مع أنه دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين وبين الخصوم أنفسهم، ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً، وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد في الدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها، لما كان ذلك وكان المطعون عليه الأول قد أسس طلب الإزالة على مخالفة الطاعنة حقوق ارتفاق الجوار، وهي مسألة لم تكن مطروحة على المحكمة في الدعوى السابقة فلم يناقشها الخصوم في تلك الدعوى ولم يتعرض لها الحكم الصادر فيها ومن ثم فلا يكون لهذا الحكم قوة الشيء المقضي بالنسبة لتلك المسألة وبالتالي لا يكون مانعاً من نظرها والفصل فيها في الدعوى الراهنة ذلك أنه ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وأحال على أسبابه في هذا الخصوص، ومن بينها أن الموضوع في الدعوى الماثلة يختلف عنه في الدعوى السابقة، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه لم يضمن أسبابه مضمون الاتفاق الوارد بعقد ملكية المطعون عليه الأول الذي أشار إليه والذي استدل منه على ترتيب حقوق ارتفاق متبادلة لجميع العقارات في الحي حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة صحة هذا التكييف كما أن الحكم رتب للمطعون عليه الأول المصلحة في إزالة ما يخالف حقوق الارتفاق المتبادلة، دون أن يثبت أن ملاك الحي قد التزموا بها، وعلى الرغم من تمسكه في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بما ورد بأسباب الحكم الابتدائي التي أقام عليها قضاءه، أن الثابت من عقد ملكية المطعون عليه الأول للأرض التي أقام عليها عين النزاع، أنه لم يقم بكافة الشروط وحقوق الارتفاق المبينة بذلك العقد، وكان لا يحل له والحالة هذه أن يطلب إزالة الأعمال المخالفة لهذه الحقوق لأنه بمخالفته لها يعتبر متنازلاً عنها، فإن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع يكون معيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا أهملت محكمة الموضوع بعض العناصر الواقعية في الدعوى فأعجزت محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون فإن حكمها يكون باطلاً قانوناً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه في معرض بحثه لمخالفة الطاعنة لحقوق الارتفاق، لم يبين ماهية حقوق الارتفاق الواردة بعقد ملكية المؤجر - المطعون عليه الأول - وماهية الأعمال التي وقعت فيها بالمخالفة لتلك الحقوق، بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون، هذا وإذ كان الثابت أن الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليه الأول لم يلتزم بحقوق الارتفاق المبينة بعقد ملكيته بما مفاده أنه لم يعد ثمة محل لإلزامها بمراعاة تلك القيود، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً فضلاً عن مخالفة القانون القصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.