الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 سبتمبر 2023

الطعن 5381 لسنة 85 ق جلسة 9 / 11 / 2017 مكتب فني 68 ق 99 ص 941

جلسة 9 من نوفمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد التواب أبو طالب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صفوت أحمد عبد المجيد، سامح حامد وهشام رسمي نواب رئيس المحكمة وأحمد واصف.

---------------
(99)
الطعن رقم 5381 لسنة 85 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات جنائية.
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها. لا قصور.
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤديا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
مثال.

(2) اتفاق. خطف. فاعل أصلي.
تدليل الحكم بما يسوغ ثبوت اتفاق الطاعن مع باقي المتهمين على خطف المجني عليه بالتحايل. كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين. أساس ذلك؟

(3) إثبات "استعراف". إجراءات "إجراءات التحقيق". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم رسم القانون صورة خاصة للتعرف على المتهم.
لمحكمة الموضوع الأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه. ما دامت اطمأنت إليه. علة ذلك؟
التفات المحكمة عن الدفاع القائم على التشكيك في عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة المقصود به إثارة الشبهة في الدليل المستمد منها. لا تثريب. علة ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. استقلال محكمة الموضوع بالفصل فيه بغير معقب.

(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته.
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها. غير لازم. حد ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال.

(5) سبق إصرار. أمر الإحالة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إسناد الحكم ظرف سبق الإصرار للطاعن على خلاف ما جاء بأمر الإحالة. النعي على الحكم بخلاف ذلك. غير مقبول.

(6) دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة لوقوع الضبط بناء على الإذن أخذا بالأدلة السائغة التي أوردتها ردا عليه.
مثال لرد سائغ على الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش.

(7) دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تحري المحكمة حقيقة الاختصاص تحقيقا للدفع ببطلان الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي المبني على قول مجرد. غير لازم. علة ذلك؟
مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي.

(8) نقض "أسباب الطعن. تحديدها. ما لا يقبل منها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحا محددا.
إثارة النعي بتناقض أقوال الضابط مع ما سطر بمحضر التحريات لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.

(9) دفوع "الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة. موضوعي. لا يستلزم ردا صريحا. استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.

(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لا تثق فيها. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها. مفاده: اطراحها.

(11) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد.

(12) دفوع "الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة" "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بعدم وجود الطاعن على مسرح الحادث ونفي التهمة. موضوعي. لا يستوجب ردا. استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

(13) إثبات "إقرار". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على الحكم تعويله على إقرار الطاعن. غير مجد. ما دام لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.

(14) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
طلب الطاعن الاستعلام من المرور عن صدور تراخيص باسمه قبل وقوع الجريمة. لا يتجه إلى نفي الفعل المكون لها ولا إلى استحالة حصول الواقعة. موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته. حد ذلك؟

(15) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي استنباط المحكمة لمعتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.

(16) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات. كفايته لاطراح الدفع بعدم جديتها.
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.

-----------------

1 - لما الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "من حيث إن واقعات الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستقاة من سائر أوراقها وما تم فيها بالتحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهمين.... في أنه على إثر اتفاق في هدوء وروية بين المتهمين والذي جمعهم الحاجة إلى المال وشهوة جمع المال من الحرام فزين لهم الشيطان سوء عملهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل والهدى والضلال فعزموا أمرهم وتقاسموا فيما بينهم واتحدت إرادتهم على أن يتخذوا من خطف وانتزاع الأطفال ولا يستثنون ما يشبع رغباتهم ويسد حاجتهم المالية فأعدوا العدة لذلك من أسلحة بيضاء تستخدم إذا حال بينهم حائل أو منعهم مانع وسيارة لحمل الطفل فيها وفي يوم.... الذي حدده المتهمون لتنفيذ ما عقدوا العزم عليه انطلقوا لممارسة نشاطهم الإجرامي لتنفيذ ما توافقت إرادتهم وبيتوا النية عليه إلى منطقة.... لارتفاع المستوى المادي لقاطني تلك المنطقة وما أن وقع بصر المتهمين الأول والثاني على المجني عليه.... أثناء لهوه بالطريق حتى عقدا العزم على خطفه وأيقنا أنهما نالا ضالتهما فاندفعا إليه موهمين إياه أنهما لا يجيدان القراءة طالبين منه أن يقرأ لهم ما سطر في ورقة قدماها أليه وما أن أيقنا أنه انخدع بتلك الحيلة حتى طلبا منه وصف مقهى لهما وخدعاه ليركب معهما ليدلهما عليه لاستدراجه للوصول إلى ما اتفق عليه سابقا وطالبا منه الركوب بصندوق السيارة فانطلق معهما يعلو وجهه براءة الأطفال دون أن يعلم ما تكنه سرائر هذين المتهمين وما تنطوي عليه ضمائرهم وما أن أتيا إلى طريق خارج مدينة.... وتقابل معهما المتهم الثالث وتناجوا فيما بينهم لفترة فألقوا بالمجني عليه داخل كبينه السيارة وأشهر المتهم الثاني في وجهه سلاحا أبيض (مطواه) مهددا به إياه لعدم الاستغاثة حتى اقتادوه إلى مكان ناء أعده المتهم الثالث وسبقهما له وها هنا تودد إليهم المجني عليه واستعطفهم بألا يصيبوه إلا أنه قد غلظت قلوبهم فكانت كالحجارة أو أشد قسوة فلم يستجيبوا لضعفه وهلعه وجزعه أو يرحموا صغر سنه بل تمادوا في غيهم وطغيانهم وعدم اكتراثهم فانطلقوا به بعد أن أسدل الليل ستائره لإحدى الشقق السكنية واستقر بهم الحال لإحدى العشش المهجورة تناوب حراسته لحين انتهاء عملية التفاوض وإجبار والده على دفع الفدية وإذ بدا له (والد المجني عليه) قساوة قلوبهم ولهجتهم الآمرة بالتهديد أثناء مفاوضته فخشى على نجله من أن ينفذوا تهديدهم فانصاع وألقى إليهم فدية قدرها خمسون ألف جنيه وحينما نالوا ما أرادوا أطلقوا سراح الطفل ليعود إلى والديه وقد رسمت في ذاكرته صورة كل منهم إذ إنه حال أن أبصرهم سواء بالشرطة أو العرض القانوني بمعرفة النيابة العامة حتى تعرف عليهم وأخذ يسرد دور كل منهم في واقعة خطفه وأكدت التحريات المكثفة التي أجرت بمعرفه المقدم/ .... والتي توصلت إلى صحة الواقعة وإلى أن المتهمين مرتكبوا الواقعة، ومن حيث إن واقعة الدعوى على الصورة المتقدمة ثبتت في يقين المحكمة وتوافرت الأدلة على صحتها وصحة نسبتها إلى المتهمين.... مما اطمأنت إليه المحكمة من أقوال كل من....، والمقدم.... رئيس قسم مباحث.... سابقا، والنقيب.... رئيس مباحث قسم شرطة....، و.... ومما أسفر عنه العرض القانوني بمعرفة النيابة للمتهمين على المجني عليه ومما ثبت من وثيقة قيد ميلاد المجني عليه"، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعنين أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات والمجني عليه. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون، ومن ثم فإن منعي الطاعن بأن الحكم قد شابه الإجمال والغموض بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له.

2 - لما كان الحكم قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن التحايل، وكان ما أثبته كافيا للتدليل على اتفاق الطاعن مع باقي المتهمين على خطف المجني عليه بالتحايل من معينهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم واتجاههم جميعا وجهة واحدة في تنفيذ جريمتهم وأن كلا منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها، ومن ثم يصح طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعن فاعلا أصليا في تلك الجريمة، ويضحى منعاه في هذا الشأن على غير أساس.

3 - لما كان القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه، فلا على المحكمة إن هي عولت ضمن أدلة الدعوى على الدليل المستمد من تعرف المجني عليه على الطاعن الأول ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها ولا على المحكمة إن هي التفتت عما أثاره الدفاع من تشكيك في عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة إذ المقصود به هو إثارة الشبهة في الدليل المستمد منها والذي اطمأنت إليه ووثقت فيه محكمة الموضوع وتساندت إليه بجانب الأدلة الأخرى القائمة في الدعوى، وذلك لما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تلتزم بحسب الأصل بالرد على كل شبهة يثيرها المتهم في دفاعه الموضوعي إنما يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء المحكمة بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت وتضحى عودة الطاعن الأول إلى ما يثيره في هذا الخصوص من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل مما تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيه بغير معقب عليها.

4 - لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، وكان لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وإذ كان الحكم قد عول في إدانة الطاعن على أقوال النقيب.... والشاهد.... ونجله.... فضلا عن أقوال باقي شهود الإثبات والمجني عليه وما ثبت من العرض القانوني وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم كفاية تلك الأدلة وأن أقوال النقيب.... اقتصر على تنفيذ إذن الضبط والإحضار وأن.... سئل بالتحقيقات كمتهم ولم يشر إلى الطاعن بثمة اتهام لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة وفي سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

5 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعن توافر ظرف سبق الإصرار في حقه على خلاف ما جاء بأمر الإحالة - خلافا لما يزعمه - فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون واردا على غير محل له.

6 - لما كان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعا موضوعيا يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بما يسوغ وانتهى إلى القول "حيث إنه عن الدفع ببطلان القبض لحصوله قبل صدور الأمر بالضبط من النيابة العامة فمردود بما هو ثابت من الأوراق من أن الأمر بالضبط والإحضار الصادر من النيابة العامة بضبط وإحضار المتهم قد صدر بعد الساعة.... من يوم.... أخذا بالثابت من تحقيقات النيابة العامة والتي تطمئن إليها المحكمة والثابت أنه قد ضبط المتهمين الثاني والثالث في الساعة.... من مساء.... أي بعد قرابة ثماني ساعات من وقت صدور الأمر بالضبط والإحضار وهي فترة كافية لإنجاز مهمة الضبط الأمر الذي يكون معه هذا الدفع قد جاء على غير سند من الواقع والقانون مما يتعين القضاء برفضه". وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغا لاطراحه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.

7 - لما كان البين من الاطلاع على محضر الجلسة أن محامي الطاعن دفع ببطلان الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي وقد ردت المحكمة على هذا الدفع بقولها "وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي فهذا القول فضلا عن أنه جاء مرسلا من المتهم لم يسانده ثمة دليل في الأوراق تطمئن إليه المحكمة فإن الاختصاص كما يتحدد بمكان وقوع الجريمة يتحدد أيضا بمحل إقامة المتهم وكذلك المكان الذي ضبط فيه وذلك وفقا لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية، فلما كان ذلك، وكان الثابت أن الجريمة وقعت بمنطقة.... وأن الضابط الذي باشر الإجراءات هو رئيس مباحث قسم.... ومن ثم فهو الضابط المختص قانونا لوقوع الجريمة في دائرة اختصاصه الأمر الذي يكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الشأن غير سديد بما يستوجب الالتفات عنه"، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استندت في ردها على ما هو ثابت في الأوراق من أن الجريمة وقعت بمنطقة....، ولم يقدم الدفاع دليلا على غير ذلك فإنه ليس على المحكمة أن تتحرى حقيقة الاختصاص بتحقيق تجريه بناء على ذلك القول المجرد، والأصل أن يباشر مأمور الضبط القضائي أعمال وظيفته في دائرة اختصاصه، فإن ما يثره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.

8 - لما كان من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا، وكان الطاعن لم يبين ماهية الخلاف بين ما ورد بأقوال الضابط وما جاء بالتحريات، فإن ما يثيره في هذا الوجه يكون غير مقبول، هذا فضلا وكان ما يثيره الطاعن بشأن دفعه بعدم جدية التحريات لتناقض أقوال الضابط مع ما سطر بمحضر التحريات مردودا بما يبين من محضر جلسة المحاكمة من عدم إبداء هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع فليس لهما النعي عليها - من بعد - قعودها عن الرد على دفاع لم يثيراه أمامها ولا يقبل منهما التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.

9 - لما كان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردا صريحا ما دام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

10 - لما كان نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بعدم تعرضه لأقوال شاهدي النفي مدحوضا بأن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وأن تطرح ما عداه ولها أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها في قضائها، وأن في تساندها إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يدل على أنها لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون غير سديد.

11 - لما كان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادما متساقطا لا شيء فيه باقيا يمكن أن يعتبر قواما لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها، وأنه لا يعيب الحكم خطأه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استخلاص من الواقعة أن الطاعن الثاني والثالث قد أقرا في محضر جمع الاستدلالات بارتكابهما للواقعة وأن المبلغ النقدي ضبط بحوزة الطاعن الثاني فإن ما جاء بالحكم خطأ في معرض رده على الدفع بعدم توافر أركان جناية الخطف قد أورد أن المبلغ النقدي قد ضبط حوزة الطاعن الأول والثالث وأقرا بارتكابهم للواقعة وأن المبلغ النقدي حوزة الطاعن الأول لا يعدو أن يكون زلة قلم لا تأثير لها في عقيدة المحكمة فيما انتهت إليه - دون تناقض - ولا في الصورة التي اعتنقتها لوقوع الحادث، على النحو المبين بمدوناته، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد.

12 - لما كان الدفع بعدم وجود الطاعن على مسرح الحادث وانتفاء صلته بالواقعة مردودا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.

13 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن وإنما أقام قضاءه على أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومن العرض القانوني بمعرفة النيابة العامة، فإن النعي بتعويل الحكم على إقرار الطاعن يكون غير مجد، فإن النعي على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون على غير سند.

14 - لما كان من المقرر أن طلب الاستعلام من إدارة مرور.... عما إذا كان قد صدر للطاعن ترخيص باسمة من عام.... قبل وقوع الجريمة إذا كان لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة، ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان مقصودا به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يستلزم منها ردا صريحا، بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفادا من قضائها بالإدانة ولا عليها إن هي لم تجبه إليه ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر حاجة إليه، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن بشأن عدم استجابة المحكمة لطلبه.

15 - لما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجرائم المسندة إليه مطرحا دفاعه من أنه لا يملك رخصة قيادة أو تسيير منذ عام.... وعلى ما سلف بيانه، فإن ما يثيره في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

16 - لما كان الحكم قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استنادا إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات وجديتها، وهو ما يعد كافيا للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الصدد، ويكون منعاه في هذا الشأن ولا محل له، لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة كما هو الحال في الحكم المطعون فيه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له.

------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم وآخر مجهول:
1 - خطفوا المجني عليه الطفل/ .... حال كونه لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة بطريق التحايل والإكراه الواقع عليهم بأن تقابل الأول والثاني معه حال لهوه بالطريق بالسيارة استقلالهما قيادة الأول طالبين منه إرشادهما لأحد المقاهي فذهب معهما بناء على ذلك الإيهام فقام الثاني بإشهار سلاح أبيض "مطواة" مهددا به إياه وذلك لمنع استغاثته وأثناء ذلك حضر إليهما الثالث حال استقلاله لدراجة بخارية (توك توك) وتوجهوا إلى مكان ناء فباعدوا بينه وبين ذويه على النحو المبين بالتحقيقات.
2 - حصلوا بالتهديد على مبلغ من النقود والمملوك لوالد المجني عليه/ .... وذلك بأن أعطى للمتهمين المبلغ النقدي المبين قدره بالتحقيقات نظير إطلاق سراح نجله فامتثل لهم على النحو المبين بالتحقيقات.
3 - حازوا وأحرزوا بغير ترخيص سلاحا أبيض "مطواة".
وأحالتهم إلى محكمة جنايات.... لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى وكيل والد المجني عليه ونجله مدنيا قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادتين 288، 326 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكررا/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخيرة المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 5 من الجدول الأول الملحق بالقانون والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 والمادة 116 مكررا من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل، وبعد إعمال نص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات: بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وأن يؤدوا متضامنين للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت ومصروفات الدعوى المدني ومقابل أتعاب المحاماة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

-------------

المحكمة

وحيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه - من خلال مذكرات أسباب الطعن الثلاثة - أنه إذ دانهم بجريمتي الخطف بطريق التحايل والإكراه وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم المطعون فيه جاءت أسبابه في عبارات عامه ومرسله لا يبين منها عناصر الاشتراك والقرائن الدالة على التحريض وبيان الأدلة على ذلك بيانا واضحا يكشف عن وقوعها من وقائع الدعوى وظروفها، هذا إلى أن المحكمة التفتت عما أثاره الدفاع عن الطاعن بشأن ما شاب عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة، ويضيف الطاعن الثاني إلى أن الحكم المطعون فيه تساند في قضائه بإدانة الطاعن على أدلة غير متناسقة و متفقه مع بعضها البعض ولا تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم، كما أن ما أسنده الحكم بشأن وجود اتفاق بين المتهمين على ارتكاب الجريمة ووجود سبق إصرار واتحاد إرادة لدى الطاعنين وهو ما خلت منه الأوراق ولم يرد ذكرة بأمر الإحالة، هذا إلى أن
الحكم أغفل الرد على ما أثارة الدفاع عن الطاعن من أوجه تتعلق ببطلان القبض عليه لحصوله قبل الإذن به، وكذلك بعدم اختصاص الضابط مكانيا بالقبض على المتهم، وأيضا عدم جدية التحريات لتناقض أقوال مجريها مع ما دون بمحضر التحريات، فضلا عن عدم معقولية الواقعة وصحة تصويرها كل ذلك لشواهد عددها بيد أن الحكم اطرح كل ذلك بما لا يسوغه، والتفت عن أقوال شاهدي النفي في هذا الشأن، وأضاف الطاعن الأول أن أسباب الحكم المطعون فيه شابها تناقض واضح إذ حصل وقائع الدعوى أن المتهمين الثاني والثالث قد أقروا بارتكابهم الواقعة وأنه تم ضبطه المبلغ النقدي مع المتهم الثاني وأن الطاعن لم يسأل إذ تم ضبطه بعد مرور خمسة أشهر من حدوث الواقعة في حين أنه عند تدليله على توافر الجريمة في حق الطاعن واشتراكه فيها أقر بارتكابه للواقعة وأن ضبط المبلغ المالي بحوزته لا سند له بالأوراق خاصة وأن الطاعن قد أنكر صلته بالواقعة وعدم ضبط ثمة مبالغ ماليه بحوزته الأمر الذي ينبئ عن أن المحكمة لم تلم بوقائع الدعوى وظروفها إلماما صحيحا واضحا، كما التفت الحكم عن طلب الطاعن إجابته إلى طلبه بالاستعلام من إدارة مرور..... عما إذا كان هناك سيارات مرخصه باسم الطاعن من عدمه الفترة من.... حتى تاريخ ارتكاب الواقعة، فضلا عن عدم جدية التحريات وعدم صلاحيتها كدليل للإدانة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "من حيث إن واقعات الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستقاة من سائر أوراقها وما تم فيها بالتحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهمين....... في أنه على إثر اتفاق في هدوء وروية بين المتهمين والذي جمعهم الحاجة إلى المال وشهوة جمع المال من الحرام فزين لهم الشيطان سوء عملهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل والهدى والضلال فعزموا أمرهم وتقاسموا فيما بينهم واتحدت إرادتهم على أن يتخذوا من خطف وانتزاع الأطفال ولا يستثنون ما يشبع رغباتهم ويسد حاجتهم المالية فأعدوا العدة لذلك من أسلحة بيضاء تستخدم إذا حال بينهم حائل أو منعهم مانع وسيارة لحمل الطفل فيها وفى يوم.... الذي حدده المتهمون لتنفيذ ما عقدوا العزم عليه انطلقوا لممارسة نشاطهم الإجرامي لتنفيذ ما توافقت إرادتهم وبيتوا النية عليه إلى منطقة...... لارتفاع المستوى المادي لقاطني تلك المنطقة وما أن وقع بصر المتهمين الأول والثاني على المجنى عليه/ ...... أثناء لهوه بالطريق حتى عقدا العزم على خطفه وأيقنا أنهما نالوا ضالتهما فاندفعوا إليه موهمين إياه أنهما لا يجيدان القراءة طالبين منه أن يقرأ لهم ما سطر في ورقه قدماها إليه وما أن أيقنا أنه انخدع بتلك الحيلة حتى طلبا منه وصف مقهى لهما وخدعاه ليركب معهما ليدلهما عليه لاستدراجه للوصول إلى ما اتفق عليه سابقا وطالبا منه الركوب بصندوق السيارة فانطلق معهما يعلو وجهه براءة الأطفال دون أن يعلم ما تكنه سرائر هذين المتهمين وما تنطوي عليه ضمائرهما وما أن أتيا إلى طريق خارج مدينة...... وتقابل معهما المتهم الثالث وتناجوا فيما بينهم لفترة فألقوا بالمجني عليه داخل كبينه السيارة وأشهر المتهم الثاني في وجهه سلاحا أبيض (مطواه) مهددا به إياه لعدم الاستغاثة حتى اقتادوه إلى مكان ناء أعده المتهم الثالث وسبقهما له وها هنا تودد إليهم المجني عليه واستعطفهم بألا يصيبوه إلا أنه قد غلظت قلوبهم فكانت كالحجارة أو أشد قسوة فلم يستجيبوا لضعفه وهلعه وجزعه أو يرحموا صغر سنه بل تمادوا في غيهم وطغيانهم وعدم اكتراثهم فانطلقوا به بعد أن أسدل الليل ستائره لإحدى الشقق السكنية واستقر بهم الحال لإحدى العشش المهجورة تناوب حراسته لحين انتهاء عملية التفاوض وإجبار والده على دفع الفدية وإذ بدا له (والد المجني عليه) قساوة قلوبهم ولهجتهم الآمرة بالتهديد أثناء مفاوضته فخشى على نجله من أن ينفذوا تهديدهم فانصاع وألقى إليهم فدية قدرها خمسون ألف جنيه وحينما نالوا ما أرادوا أطلقوا سراح الطفل ليعود إلى والديه وقد رسمت في ذاكرته صورة كل منهم إذ إنه حال أن أبصرهم سواء بالشرطة أو العرض القانوني بمعرفة النيابة العامة حتى تعرف عليهم وأخذ يسرد دور كل منهم في واقعة خطفه وأكدت التحريات المكثفة التي أجرت بمعرفه المقدم/ ..... والتي توصلت إلى صحة الواقعة وإلى أن المتهمين مرتكبوا الواقعة، ومن حيث إن واقعة الدعوى على الصورة المتقدمة ثبتت في يقين المحكمة وتوافرت الأدلة على صحتها وصحه نسبتها إلى المتهمين ...... مما اطمأنت إليه المحكمة من أقوال كل من.....، والمقدم ..... رئيس قسم مباحث ..... سابقا، والنقيب ....... رئيس مباحث قسم شرطة .....، و..... ومما أسفر عنه العرض القانوني بمعرفة النيابة للمتهمين على المجني عليه ومما ثبت من وثيقة قيد ميلاد المجني عليه"، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعنين أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات والمجني عليه.
لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون، ومن ثم فإن منعي الطاعن بأن الحكم قد شابه الإجمال والغموض بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن التحايل، وكان ما أثبته كافيا للتدليل على اتفاق الطاعن مع باقي المتهمين على خطف المجني عليه بالتحايل من معينهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم واتجاههم جميعا وجهة واحدة في تنفيذ جريمتهم وأن كلا منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها، ومن ثم يصح طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعن فاعلا أصليا في تلك الجريمة، ويضحى منعاه في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه، فلا على المحكمة إن هي عولت ضمن أدلة الدعوى على الدليل المستمد من تعرف المجني عليه على الطاعن الأول ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها ولا على المحكمة إن هي التفتت عما أثاره الدفاع من تشكيك في عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة إذ المقصود به هو إثارة الشبهة في الدليل المستمد منها والذي اطمأنت إليه ووثقت فيه محكمة الموضوع وتساندت إليه بجانب الأدلة الأخرى القائمة في الدعوى، وذلك لما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تلتزم بحسب الأصل بالرد على كل شبهة يثيرها المتهم في دفاعه الموضوعي إنما يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء المحكمة بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت وتضحى عودة الطاعن الأول إلى ما يثيره في هذا الخصوص من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل مما تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيه بغير معقب عليها. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، وكان لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وإذ كان الحكم قد عول في إدانة الطاعن على أقوال النقيب ......... والشاهد ...... ونجله .... فضلا عن أقوال باقي شهود الإثبات والمجني عليه وما ثبت من العرض القانوني وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم كفاية تلك الأدلة وأن أقوال النقيب .......... اقتصر على تنفيذ إذن الضبط والإحضار وأن .......... سئل بالتحقيقات كمتهم ولم يشر إلى الطاعن بثمة إتهام لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة وفي سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعن توافر ظرف سبق الإصرار في حقه على خلاف ما جاء بأمر الإحالة - خلافا لما يزعمه - فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون واردا على غير محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعا موضوعيا يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بما يسوغ وانتهى إلى القول "حيث إنه عن الدفع ببطلان القبض لحصوله قبل صدور الأمر بالضبط من النيابة العامة فمردود بما هو ثابت من الأوراق من أن الأمر بالضبط والإحضار الصادر من النيابة العامة بضبط وإحضار المتهم قد صدر بعد الساعة ....... من يوم .... أخذا بالثابت من تحقيقات النيابة العامة والتي تطمئن إليها المحكمة والثابت أنه قد ضبط المتهمين الثاني والثالث في الساعة ...... من مساء .... أي بعد قرابة .... ساعات من وقت صدور الأمر بالضبط والإحضار وهي فترة كافية لإنجاز مهمة الضبط الأمر الذي يكون معه هذا الدفع قد جاء على غير سند من الواقع والقانون مما يتعين القضاء برفضه". وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغا لاطراحه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر الجلسة أن محامي الطاعن دفع ببطلان الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي وقد ردت المحكمة على هذا الدفع بقولها "وحيث أنه عن الدفع المبدى بعدم الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي فهذا القول فضلا عن أنه جاء مرسلا من المتهم لم يسانده ثمة دليل في الأوراق تطمئن إليه المحكمة، فإن الاختصاص كما يتحدد بمكان وقوع الجريمة يتحدد أيضا بمحل إقامة المتهم وكذلك المكان الذي ضبط فيه وذلك وفقا لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية، فلما كان ذلك، وكان الثابت أن الجريمة وقعت بمنطقه ......... وأن الضابط الذي باشر الإجراءات هو رئيس مباحث قسم ...... ومن ثم فهو الضابط المختص قانونا لوقوع الجريمة في دائرة اختصاص الأمر الذي يكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الشأن غير سديد بما يستوجب الالتفات عنه"، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استندت في ردها على ما هو ثابت في الأوراق من أن الجريمة وقعت بمنطقة .............، ولم يقدم الدفاع دليلا على غير ذلك فإنه ليس على المحكمة أن تتحرى حقيقة الاختصاص بتحقيق تجريه بناء على ذلك القول المجرد، والأصل أن يباشر مأمور الضبط القضائي أعمال وظيفته في دائرة اختصاصه، فإن ما يثره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا، وكان الطاعن لم يبين ماهية الخلاف بين ما ورد بأقوال الضابط وما جاء بالتحريات، فإن ما يثيره في هذا الوجه يكون غير مقبول، هذا فضلا وكان ما يثيره الطاعن بشأن دفعه بعدم جدية التحريات لتناقض أقوال الضابط مع ما سطر بمحضر التحريات مردودا بما يبين من محضر جلسة المحاكمة من عدم إبداء هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع فليس لهما النعي عليها - من بعد - قعودها عن الرد على دفاع لم يثيراه أمامها ولا يقبل منهما التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردا صريحا ما دام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، كان نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بعدم تعرضه لأقوال شاهدي النفي مدحوضا بأن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وأن تطرح ما عداه ولها أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها في قضائها, وأن في تساندها إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يدل على أنها لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادما متساقطا لا شيء فيه باقيا يمكن أن يعتبر قواما لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها، وأنه لا يعيب الحكم خطأه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استخلاص من الواقعة أن الطاعن الثاني والثالث قد أقرا في محضر جمع الاستدلالات بارتكابهما للواقعة وأن المبلغ النقدي ضبط بحوزة الطاعن الثاني فإن ما جاء بالحكم خطأ في معرض رده على الدفع بعدم توافر أركان جناية الخطف قد أورد أن المبلغ النقدي قد ضبط حوزة الطاعن الأول والثالث وأقرا بارتكابهم للواقعة وأن المبلغ النقدي حوزة الطاعن الأول لا يعدو أن يكون زلة قلم لا تأثير لها في عقيدة المحكمة فيما انتهت إليه - دون تناقض - ولا في الصورة التي اعتنقتها لوقوع الحادث، على النحو المبين بمدوناته، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم وجود الطاعن على مسرح الحادث وانتفاء صلته بالواقعة مردودا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن وإنما أقام قضاءه على أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومن العرض القانوني بمعرفة النيابة العامة، فإن النعي بتعويل الحكم على إقرار الطاعن يكون غير مجد، فإن النعي على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون على غير سند.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طلب الاستعلام من إدارة مرور ....... عما إذا كان قد صدر للطاعن ترخيص باسمة من عام.... قبل وقوع الجريمة إذا كان لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة، ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان مقصودا به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يستلزم منها ردا صريحا، بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفادا من قضائها بالإدانة ولا عليها إن هي لم تجبه إليه ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر حاجة إليه، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن بشأن عدم استجابة المحكمة لطلبه.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجرائم المسندة إليه مطرحا دفاعه من أنه لا يملك رخصة قيادة أو تسيير منذ عام .... وعلى ما سلف بيانه، فإن ما يثيره في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استنادا إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات وجديتها، وهو ما يعد كافيا للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الصدد، ويكون منعاه في هذا الشأن ولا محل له، لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة كما هو الحال في الحكم المطعون فيه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 10096 لسنة 87 ق جلسة 9 / 11 / 2017 مكتب فني 68 ق 100 ص 957

جلسة 9 من نوفمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد العكازي، عبد الله فتحي وحسين حجازي نواب رئيس المحكمة ومحمد وئام عبد الله.
-----------------
(100)
الطعن رقم 10096 لسنة 87 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". تزوير "أوراق رسمية". تربح. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها. إشارتها إليها. غير كاف. حد ذلك؟
استناد محكمة الموضوع في حكمها إلى أقوال شاهد الإثبات واطلاعها على مسودات الخطاب الصادر بخط يد الطاعن دون إيراد مؤداهما ومضمونهما بما لا يصلح أن يستنتج منه عناصر إثبات سائغة تدل على وقوع جريمتي التربح والتزوير في محرر رسمي. قصور يوجب نقضه.

(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". تزوير "أوراق رسمية". تربح. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
استخلاص الواقعة من الأدلة. موضوعي، ما دام سائغا.
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين وليس الظن والاحتمال.
استدلال الحكم في إدانة الطاعن عن تهم التزوير في محرر رسمي واستعماله وقيام جريمة التربح إلى دراسة فنية معدة من مكتب استشاري. قصور يوجب نقضه. علة ذلك؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
فساد الحكم في الاستدلال على قيام جريمة التزوير في حق الطاعن واستدلاله منها على قيام جريمة التربح في حقه. يشمل الحكم كله. أثره: نقضه.
مثال.

-------------------

1 - لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "وحيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من مطالعة سائر الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهم المحكوم عليه غيابيا - بصفته مالك ورئيس مجلس إدارة .... لاستصلاح الأراضي تعاقد مع الهيئة العامة المشروعات التعمير والتنمية الزراعية بموجب عقد البيع المؤرخ .... على شراء قطعة أرض صحراوية مساحتها ستة وعشرين ألف فدان بواقع سعر الفدان 200 جنيه على أن تتحمل الشركة تكلفة إنشاء محطة رفع المياه اللازمة لتوصيل المياه وفق المقنن المائي المخصص من وزارة الموارد المائية والري وذلك بغرض استصلاحها بتحويلها إلى أرض قابلة للاستزراع بعد تنفيذ المشتري لأعمال البنية الأساسية لها من أبار واستصلاح داخلي وكهرباء على نفقته الخاصة مع تعهده في العقد بعدم استخدام الأرض المبيعة في غير الغرض المخصصة من أجله وقد تم هذا التعاقد بعد موافقة وزارة الموارد المائية والري على توفير مصدر ري عن طريق ترعة الجيزة للأرض المبيعة وذلك باجتماع اللجنة الوزارية المؤرخ .... وذلك استنادا إلى كتاب وزير الري والموارد المائية بتاريخ .... والذي تضمن موافقة الوزارة على توفير مياه نيلية عن طريق ترعة الجيزة لتلك المساحة المبيعة للمتهم الثاني - المحكوم عليه غيابيا - خصما على حساب الشركة، ورغبة من المتهم الثاني في تحويل استغلال الأرض محل هذا العقد من نشاط استصلاح زراعي إلى نشاط عمراني حتى يحقق من ذلك أموالا طائلة بدون وجه حق ورغبة فيه في الإثراء السريع والغير مشروع فقد تلاقت إرادته مع إرادة المتهم الأول .... - الطاعن في ذلك الوقت بتحقيق هذا الحلم لأن الأخير تربطه به علاقة سابقة على شغله هذا المنصب .... وهو الذي سبق أن قدم دراسة فنية في سنة 2022 بصفته صاحب مكتب .... وهو فني استشاري أيضا للشركة ملك المتهم الثاني تضمنت إمكانية توفير وتوصيل المياه لهذه الأرض المبيعة وقد قدمها المتهم متساندا إليها عند إبرام عقد البيع ووافقت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والتي تمثل الدولة عليه استنادا لتلك الدراسة المقدمة من المتهم الطاعن - وتحقيقا لما انتوى المتهمان فعله فقد أصدر المتهم الأول كتابه المؤرخ .... بصفته .... بشأن الاستعلام عن مدى إمكانية توفير مقنن مائي لتلك المساحة المبينة وأثبت به على خلاف الواقع صعوبة توفير مياه نيلية سطحية لأرض الشركة .... لاستصلاح الأراضي في الوقت الحالي وكذلك في المستقبل المنظور نظرا لمحدودية الموارد المائية المتاحة وأنه بالنسبة للمياه الجوفية فلا يوجد أية دراسات متوفرة للوزارة عن إمكانيات المخزون الجوفي في منطقة الزمام الخاص بالشركة وذلك على الرغم من تنفيذ نسبة 47،49% من إنشاء محطة .... المخصصة لري هذه الأراض وتوريد نسبة 100% من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيل المحطة في تاريخ إصدار هذا الكتاب وكذا بالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بتقرير وكيل وزارة .... في .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة المياه محاولا بذلك إجبار وزارة .... على تحويل الأرض للنشاط العمراني لعدم صلاحيتها للاستصلاح وأثبت بذلك على خلاف الواقع عجز وزارة .... عن الوفاء بالتزاماتها الواردة بمحضر اللجنة الوزارية المنبثق عنه عقد بيع تلك الأرض، بما ترتب عليه أحقية الشركة في تغيير نشاط الأرض للغرض العمراني على غير الحقيقة محاولا بذلك تظفيرها بربح دون وجه حق والمتمثل في فارق قيمة الأرض بين تخصيصها للنشاط أو الزراعي وتخصيصها للنشاط العمراني والبالغ قيمته سبعة وثلاثين مليار ومائة ثمانية وعشرين مليون جنيه، وهو بذلك، وبصفته موظفا عموميا .... حاول أن يحصل لغيره المتهم الثاني وبدون وجه على ربح من عمل من أعمال وظيفته. وبما يشكل تزويرا في محرر رسمي حال كونه المختص بتحريره وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بان أصدر خطابه .... وأثبت فيه على خلاف الحقيقة صعوبة توفير مياه سطحية لمساحة الأرض ملك الشركة الخاصة بالمتهم الثاني زاعما محدودية الموارد المائية المتاحة بأن أثبت به زورا صعوبة توصيل المياه لتلك المساحة من الأرض على الرغم من سابقة قيامه بإعداد دراسة عام .... تضمنت إمكانية توصيل المياه للأرض وكذا تنفيذ نسبة 47,49% من محطة .... المغذية لهذه الأرض وتوريد 100% من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيلها وأيضا بالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بقرار .... المودع بتاريخ .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة .... مع علمه بذلك وقد استعمل هذا المحرر المزور بأن أرسله .... محتجا بصحة ما دون به من بيانات بالمخالفة للحقيقة والواقع". ثم استيل الحكم على صحة تلك الواقعة وثبوتها في حق الطاعن من واقع أقوال شهود عددها وتضمنها شهادة .... وكذا مما ثبت للمحكمة من الاطلاع على مستندات مقدمة ومرفقة في ملف الدعوى ومنها اطلاع المحكمة على مسودات الخطاب المؤرخ .... بخط المتهم الأول - الطاعن - وما ثبت من الاطلاع على الدراسة الفنية المعدة من مكتب .... والمقدم صورة طبق الأصل منها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بيانا كافيا، فلا تكفي الإشارة إليها، بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية، يبين منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع سائر الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. وإذ كان ذلك، فإن مجرد استناد محكمة الموضوع في حكمها - على النحو الثابت بمدوناته - إلى أقوال الشاهد .... دون أن يعني البتة بإيراد مؤداها وإلى اطلاع المحكمة على مسودات الخطاب المؤرخ .... بخط يد الطاعن، دون العناية سرد مضمونها بما يصلح أن يستنتج منها عناصر إثبات سائغة تدل على وقوع جريمتي التربح والتزوير في محرر رسمي من جانب الطاعن، فإنه يكون مشوبا بالقصور بما يعيبه ويستوجب نقضه.

2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغا، وأن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤديا إلى ما رتبه عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق. وبحسبان أن الأحكام الجنائية يجب أن تبني على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والاعتبارات المجردة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على إدانة الطاعن عن تهم التزوير في محرر رسمي واستعماله وقيام جريمة التربح في حقه - ضمن ما استدل - فيما أثبته بمدوناته من اطلاع المحكمة على الدراسة الفنية المعدة من مكتب .... والصادر في .... والتي حصل مؤداها في قوله "ثبت من الاطلاع عليها أنها تمت بمعرفة المتهم الأول - الطاعن - والتي سلمها للمتهم الثاني ... وأن هذه الدراسة تضمنت كيفية وأساليب وطرق توصيل المياه للأرض وتكلفة ذلك". واستخلص من ذلك، ومن سابقة علم الطاعن بتنفيذ نسبة 47,49 % من محطة .... المخصصة لغرض سحب مياه النيل لري الأرض وتوريد الأجهزة اللازمة لتشغيلها، أن الطاعن قد زور الخطاب الصادر منه بتاريخ .... بأن أثبت فيه على خلاف الحقيقة أن هناك صعوبة في توفير مياه نيلية لأرض الشركة ملك المتهم الثاني في الوقت الحالي وكذا في المستقبل القريب، نظرا لمحدودية الموارد المائية المتاحة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو المار بيائه لا تتحقق به جريمة التزوير في محرر رسمي، ذلك بأن إعداد الطاعن لدراسة تضمنت كيفية وأساليب وطرق توصيل المياه للأرض وإنشاء محطة لتوصيل مياه النيل، لا يؤدي بالضرورة وبلا شك إلى القول بتوافر المقتن المائي اللازم لري وزراعة الأرض من مياه النيل. ولا يقطع بشيء حتى يسوغ به الاستدلال على تزوير الطاعن للخطاب الصادر منه آنف البيان، إلا إذا ثبت لدى المحكمة توافر المقنن المائي المخصص لتلك الأرض وقت إنشاء الطاعن للكتاب الصادر منه محل جريمة التزوير - المار بيانه - إلى .... والذي أثبت فيه عكس ذلك على خلاف الحقيقة وهو عالما بذلك، وهو ما لم تقف المحكمة على حقيقته بلوغا إلى غاية الأمر فيه، بما يعيب الحكم - فوق قصوره في التسبيب - بالفساد في الاستدلال وانطوائه على إخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص وقد تمسك الطاعن في دفاعه الثابت بمحضر جلسة المحاكمة بمطابقة ما ورد بكتابه للحقيقة وهو ما يعد في خصوصية هذه الدعوى دفاعا جوهريا، إذ لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولا يؤثر في ذلك ما تكره الحكم من أدلة أخرى ، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل المذكور في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه فاسد الاستدلال على قيام جريمة التزوير في حق الطاعن، وقد استدل بمنطقه من ثبوتها في حق الطاعن، على قيام جريمة التربح في حقه، فإن الفساد في الاستدلال يشمل الحكم كله بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة لهذا السبب - أيضا - وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

----------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضي عليه غيابيا بأنه:
أولا: المتهم الأول:
أ- بصفته موظفا عاما .... حاول أن يحصل لغيره بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته بأن استغل اختصاصه الوظيفي في محاولة تحويل نشاط استغلال الأرض المملوكة للشركة .... - الخاصة بالمتهم الثاني - بمساحة 126 ألف فدان بمنطقة .... من نشاط استصلاح زراعي إلى نشاط العمراني دون وجه حق وذلك بأن أصدر كتابه المؤرخ .... ردا على كتاب .... رقم .... بشأن الاستعلام عن مدى إمكانية توفير مقنن مائي لتلك المساحة، وأثبت به على خلاف الواقع صعوبة توفير مياه سطحية لتلك الأراضي زاعما محدودية الموارد المائية المتاحة على الرغم من مسابقة قيامه بتقديم دراسة فنية عام .... بصفة .... تضمنت إمكانية توفير وتوصيل المياه لهذه الأرض، وعلى الرغم من تنفيذ نسبة 47،49% من إنشاء محطة ري .... المخصصة لري هذه الأرض وتوريد نسبة 100% من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيل المحطة في تاريخ إصداره خطابه آنف البيان وبالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بقرار .... المؤرخ .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة .... محاولا بذلك إجبار وزارة .... على تحويل الأرض للنشاط العمراني لعدم صلاحيتها للاستصلاح، وأثبت كذلك على خلاف الواقع عجز وزارة .... عن الوفاء بالتزاماتها الواردة بمحضر اللجنة المنبثق عنها عقد بيع تلك الأرض بما رتب أحقية الشركة في تغيير نشاط الأرض للغرض العمراني على غير الحقيقة محاولا بذلك تظفيرها بربح دون حق والمتمثل في فارق قيمة الأرض بين تخصيصها الناشط الزراعي وتخصيصها للناشط العمراني والبالغ قيمته سبعة وثلاثين مليار ومائة ثمانية وعشرين مليون جنيه على النحو المبين بالتحقيقات.
ب- بصفته آنفة البيان ارتكب تزويرا في محرر رسمي حال كونه المختص بتحريره وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أصدر خطابه المؤرخ في .... وأثبت به على خلاف الحقيقة صعوبة توفير مياه سطحية لمساحة الأرض محل الوصف زاعما محدودية الموارد المائية المتاحة بأن أثبت به زورا صعوبة توصيل المياه لمساحة 26 ألف فدان على الرغم من سابقة قيامه بإعداد دراسة عام .... تضمنت إمكانية توصيل المياه للأرض وكذا تنفيذ نسبة %47,49 من محطة .... المغذية لهذه الأرض وتوريد 100% من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيلها وأيضا بالمخالفة التقرير اللجنة المشكلة بقرار .... رقم .... المودع بتاريخ .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة .... مع علمه بذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ج- استعمل المحرر الوصف السابق بأن أرسله .... محتجا بما دون به من بيانات بالمخالفة للحقيقة مع علمه بذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيا المتهم الثاني:
أ- اشترك مع المتهم الأول في الجريمة محل الوصف أولا/أ بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفق معه على ارتكابها وساعده بان أمده بالبيانات والمعلومات اللازمة لتحرير خطابه المؤرخ في.... على النحو المبين بالتحقيقات.
ب- اشترك مع المتهم الأول محل الوصف أولا/ب بطريق الاتفاق بأن أتفق معه على ارتكابها.
ج- اشترك مع المتهم الأول في الجريمة محل الوصف أولا/ج بطريق الاتفاق بان اتفق معه على ارتكابها على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة قضت حضوريا في .... عملا بنص بالمواد 30/1، 40/ثانيا، ثالثا، 41، 115، 119/1، 119مكررا/1، 213، 214 بمعاقبة كل من ....، .... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات لكل منهما عما أسند إليه ومصادرة المحرر المزور.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

-------------

المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن - بتقارير الأسباب المقدمة منه - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التربح والتزوير في محرر رسمي واستعماله، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وانطوى على إخلال بحق الدفاع؛ ذلك بأن اعتوره الغموض والإبهام والقصور في بيان الواقعة والأدلة عليها بما تتحقق به أركان الجرائم التي دين بها، واعتمد في قضائه على شهادة .... وعلى مسودات الكتاب المؤرخ ..... بخط يد الطاعن، دون أن يعنى بإيراد مؤدى كل منهما، كما عول الحكم على قرائن لا تؤدي إلى قيام جريمتي التربح والتزوير قانونا في حق الطاعن. ومنها دراسة سبق وأن أعدها الطاعن في زمن سابق على توليه منصبه ....، تضمنت كيفية وأساليب وطرق توصيل المياه إلى أرض المحكوم عليه غيابيا وتكلفتها، واستدل منها بما لا ينتجه على أن الكتاب الصادر من الطاعن محل الاتهام إلى .... قد خالف الحقيقة فيما تضمنه من صعوبة توفير مياه نيلية في الوقت الحالي إلى تلك الأرض. وذلك ردا على كتاب الأول إليه بطلب الإفادة عن مدى إمكانية توفير مقنن مائي لها. وانتهى الحكم من ذلك إلى قيام جريمة التزوير في محرر رسمي ومن ثم جريمة التربح في حق الطاعن، ملتفتا عن دفاع الطاعن في هذا الصدد والقائم على أن ما جاء بخطابه يطابق الحقيقة والواقع وقت إصداره وأن أقوال الشهود في الدعوى والمستندات المقدمة فيها تحمل ما يظاهر ذلك الدفاع في مواضع عددها؛ ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "وحيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من مطالعة سائر الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهم المحكوم عليه غيابيا - بصفته مالك ورئيس مجلس إدارة .... لاستصلاح الأراضي تعاقد مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بموجب عقد البيع المؤرخ .... على شراء قطعة أرض صحراوية مساحتها ستة وعشرين ألف فدان بواقع سعر الفدان 200 جنيه على أن تتحمل الشركة تكلفة إنشاء محطة رفع المياه اللازمة لتوصيل المياه وفق المقنن المائي المخصص من وزارة الموارد المائية والري وذلك بغرض استصلاحها بتحويلها إلى أرض قابلة للاستزراع بعد تنفيذ المشتري لأعمال البنية الأساسية لها من آبار واستصلاح داخلي وكهرباء على نفقته الخاصة مع تعهده في العقد بعدم استخدام الأرض المبيعة في غير الغرض المخصصة من أجله وقد تم هذا التعاقد بعد موافقة وزارة الموارد المائية والري على توفير مصدر ري عن طريق ترعة الجيزة للأرض المبيعة وذلك باجتماع اللجنة الوزارية المؤرخ .... وذلك استنادا إلى كتاب وزير الري والموارد المائية بتاريخ .... والذي تضمن موافقة الوزارة على توفير مياه نيلية عن طريق ترعة الجيزة لتلك المساحة المبيعة للمتهم الثاني - المحكوم عليه غيابيا - خصما على حساب الشركة، ورغبة من المتهم الثاني في تحويل استغلال الأرض محل هذا العقد من نشاط استصلاح زراعي إلى نشاط عمراني حتى يحقق من ذلك أموالا طائلة بدون وجه حق ورغبة فيه في الإثراء السريع والغير مشروع فقد تلاقت إرادته مع إرادة المتهم الأول .... - الطاعن - في ذلك الوقت بتحقيق هذا الحلم لأن الأخير تربطه به علاقة سابقة على شغله هذا المنصب .... وهو الذي سبق أن قدم دراسة فنية في سنة 2002 بصفته صاحب مكتب .... وهو فني استشاري أيضا للشركة ملك المتهم الثاني تضمنت إمكانية توفير وتوصيل المياه لهذه الأرض المبيعة وقد قدمها المتهم متساندا إليها عند إبرام عقد البيع ووافقت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والتي تمثل الدولة عليه استنادا لتلك الدراسة المقدمة من المتهم - الطاعن - وتحقيقا لما انتوى المتهمان فعله فقد أصدر المتهم الأول كتابه المؤرخ .... بصفته .... بشأن الاستعلام عن مدى إمكانية توفير مقنن مائي لتلك المساحة المبينة وأثبت به على خلاف الواقع صعوبة توفير مياه نيلية سطحية لأرض الشركة .... لاستصلاح الأراضي في الوقت الحالي وكذلك في المستقبل المنظور نظرا لمحدودية الموارد المائية المتاحة وأنه بالنسبة للمياه الجوفية فلا يوجد أية دراسات متوفرة للوزارة عن إمكانيات المخزون الجوفي في منطقة الزمام الخاص بالشركة وذلك على الرغم من تنفيذ نسبة 47.49 % من إنشاء محطة .... المخصصة لري هذه الأراض وتوريد نسبة 100 % من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيل المحطة في تاريخ إصدار هذا الكتاب وكذا بالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بتقرير وكيل وزارة .... في .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة المياه محاولا بذلك إجبار وزارة .... على تحويل الأرض للنشاط العمراني لعدم صلاحيتها للاستصلاح وأثبت بذلك على خلاف الواقع عجز وزارة .... عن الوفاء بالتزاماتها الواردة بمحضر اللجنة الوزارية المنبثق عنه عقد بيع تلك الأرض، بما ترتب عليه أحقية الشركة في تغيير نشاط الأرض للغرض العمراني على غير الحقيقة محاولا بذلك تظفيرها بربح دون وجه حق والمتمثل في فارق قيمة الأرض بين تخصيصها للنشاط أو الزراعي وتخصيصها للنشاط العمراني والبالغ قيمته سبعة وثلاثين مليار ومائة ثمانية وعشرين مليون جنيه، وهو بذلك، وبصفته موظفا عموميا .... حاول أن يحصل لغيره المتهم الثاني وبدون وجه على ربح من عمل من أعمال وظيفته. وبما يشكل تزويرا في محرر رسمي حال كونه المختص بتحريره وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أصدر خطابه .... وأثبت فيه على خلاف الحقيقة صعوبة توفير مياه سطحية لمساحة الأرض ملك الشركة الخاصة بالمتهم الثاني زاعما محدودية الموارد المائية المتاحة بأن أثبت به زورا صعوبة توصيل المياه لتلك المساحة من الأرض على الرغم من سابقة قيامه بإعداد دراسة عام ..... تضمنت إمكانية توصيل المياه للأرض وكذا تنفيذ نسبة 47.49 % من محطة .... المغذية لهذه الأرض وتوريد 100 % من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيلها وأيضا بالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بقرار .... المودع بتاريخ .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة .... مع علمه بذلك وقد استعمل هذا المحرر المزور بأن أرسله .... محتجا بصحة ما دون به من بيانات بالمخالفة للحقيقة والواقع". ثم استدل الحكم على صحة تلك الواقعة وثبوتها في حق الطاعن من واقع أقوال شهود عددها وتضمنها شهادة .... وكذا مما ثبت للمحكمة من الاطلاع على مستندات مقدمة ومرفقة في ملف الدعوى ومنها اطلاع المحكمة على مسودات الخطاب المؤرخ ... بخط المتهم الأول - الطاعن - وما ثبت من الاطلاع على الدراسة الفنية المعدة من مكتب .... والمقدم صورة طبق الأصل منها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بيانا كافيا، فلا تكفي الإشارة إليها، بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية، يبين منه مدى تأيده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع سائر الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. وإذ كان ذلك، فإن مجرد استناد محكمة الموضوع في حكمها - على النحو الثابت بمدوناته - إلى أقوال الشاهد .... دون أن يعنى البتة بإيراد مؤداها وإلى اطلاع المحكمة على مسودات الخطاب المؤرخ .... بخط يد الطاعن، دون العناية بسرد مضمونها بما يصلح أن يستنتج منها عناصر إثبات سائغة تدل على وقوع جريمتي التربح والتزوير في محرر رسمي من جانب الطاعن، فإنه يكون مشوبا بالقصور بما يعيبه ويستوجب نقضه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ولئن كان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغا وأن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤديا إلى ما رتبه عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق. وبحسبان أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والاعتبارات المجردة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على إدانة الطاعن عن تهم التزوير في محرر رسمي واستعماله وقيام جريمة التربح في حقه - ضمن ما استدل - فيما أثبته بمكوناته من اطلاع المحكمة على الدراسة الفنية المعدة من مكتب .... والصادر في .... والتي حصل مؤداها في قوله "ثبت من الاطلاع عليها أنها تمت بمعرفة المتهم الأول - الطاعن - والتي سلمها للمتهم الثاني ... وأن هذه الدراسة تضمنت كيفية وأساليب وطرق توصيل المياه للأرض وتكلفة ذلك". واستخلص من ذلك، ومن سابقة علم الطاعن بتنفيذ نسبة 47.49 % من محطة .... المخصصة لغرض سحب مياه النيل لري الأرض وتوريد الأجهزة اللازمة لتشغيلها، أن الطاعن قد زور الخطاب الصادر منه بتاريخ .... بأن أثبت فيه على خلاف الحقيقة أن هناك صعوبة في توفير مياه نيلية لأرض الشركة ملك المتهم الثاني في الوقت الحالي وكذا في المستقبل القريب، نظرا لمحدودية الموارد المائية المتاحة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو المار بيانه لا تتحقق به جريمة التزوير في محرر رسمي، ذلك بأن إعداد الطاعن لدراسة تضمنت كيفية وأساليب وطرق توصيل المياه للأرض وإنشاء محطة لتوصيل مياه النيل، لا يؤدي بالضرورة وبلا شك إلى القول بتوافر المقنن المائي اللازم لري وزراعة الأرض من مياه النيل. ولا يقطع بشيء حتى يسوغ به الاستدلال على تزوير الطاعن للخطاب الصادر منه آنف البيان، إلا إذا ثبت لدى المحكمة توافر المقنن المائي المخصص لتلك الأرض وقت إنشاء الطاعن للكتاب الصادر منه محل جريمة التزوير - المار بيانه - إلى .... والذي أثبت فيه عكس ذلك على خلاف الحقيقة وهو عالما بذلك. وهو ما لم تقف المحكمة على حقيقته بلوغا إلى غاية الأمر فيه، بما يعيب الحكم - فوق قصوره في التسبيب - بالفساد في الاستدلال وانطوائه على إخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص وقد تمسك الطاعن في دفاعه الثابت بمحضر جلسة المحاكمة بمطابقة ما ورد بكتابه للحقيقة وهو ما يعد في خصوصية هذه الدعوى دفاعا جوهريا، إذ لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى. ولا يؤثر في ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل المذكور في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه فاسد الاستدلال على قيام جريمة التزوير في حق الطاعن، وقد استدل بمنطقه من ثبوتها في حق الطاعن، على قيام جريمة التربح في حقه، فإن الفساد في الاستدلال يشمل الحكم كله بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة لهذا السبب - أيضا - وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 1950 لسنة 87 ق جلسة 11 / 11 / 2017 مكتب فني 68 ق 101 ص 968

جلسة 11 من نوفمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ علي سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود عبد الحفيظ، أحمد عبد الودود وخالد الجندي نواب رئيس المحكمة وأحمد الخولي.
----------------
(101)
الطعن رقم 1950 لسنة 87 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتتم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.

(2) سبق إصرار، محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر سبق الإصرار. موضوعي. ما دام سائغا.
مثال لاستخلاص سائغ لتوفر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.

(3) نقض "المصلحة في الطعن". سبق إصرار. عقوبة "العقوبة المبررة". قتل عمد.
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف سبق الإصرار. ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة لعقوبة القتل العمد مجردة من أي ظرف مشدد.

(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز إثارته أمام محكمة النقض.

(5) سلاح. ذخائر. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم مطابقة المقذوفات المعثور عليها بمسرح الجريمة مع السلاح المضبوط بمسكن الطاعن. غير قادح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء بمثلها على المجني عليه. تحدث المحكمة عن ذلك أو إسقاطها لدلالة ضبطها. غير لازم. علة ذلك؟

(6) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل ردا. استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

(7) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحديد وقت الحادث. لا أثر له على ثبوت الواقعة. ما دامت المحكمة اطمأنت بالأدلة لحدوثها وفق رواية الشهود.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.

(8) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". 
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
مثال.

-------------------

1 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتتم عما يضمره في صدره، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله: "وحيث إن نية القتل قامت من حاصل ما اطرحته المحكمة من ظروف الدعوى المتمثلة في حمل المتهمين جميعا لأسلحة نارية قاتلة بطبيعتها وإطلاقهم لأعيرة نارية صوب المجني عليه فأحدثوا به إصابات عبارة عن كسور بعظام الجمجمة والصدر وتهتكات بأنسجة المخ والرئتين والقلب والأوعية الدموية بما يقطع بما لا يدع مجالا للشك في توافر نية إزهاق روح المجني عليه لدى المتهمين"، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم تدليلا على قيام نية القتل كاف وسائغ في إثبات توافرها لدى الطاعنين، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد.

2 - لما كان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار، وأثبت توافره في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار الذي هو حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني، فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستقي من وقائع خارجية يستخلص منها القاضي استخلاصا، فلا مراء من توافره في حق المتهمين جميعا في هذه الدعوى، إذ أنهم أبناء عمومة ومن عائلة واحدة أجمعوا أمرهم بينهم على الأخذ بالثأر المتأجج ناره بينهم وبين عائلة المجني عليه حسبما هو ثابت بالشهادة من واقع الجدول في الجناية رقم .... لسنة .... جنايات ....، والتي بدأت بمقتل .... والد المتهم ....، واتهام عائلة المجني عليه في هذه الواقعة، وأنهم أعملوا فكرهم في هدوء وروية وعقدوا العزم المصمم على قتل المجني عليه واتفقوا على ارتكاب الجريمة وإعدادهم المسبق لها وللأسلحة والذخائر، وهو ما يتوافر به ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكان تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر ظرف سبق الإصرار من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب، ما دام استخلاصها سائغا، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر ظرف سبق الإصرار على نحو ما تقدم، فإن ذلك يعد كافيا وسائغأ وينأى به عن القصور في البيان الذي يرميه به الطاعن للحكم.

3 - لما كانت العقوبة المقضي بها وهي السجن المشدد لمدة خمس عشر عاما تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظرف مشدد، فلا مصلحة لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار.

4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرة التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -، ومن ثم فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لأقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

5 - لما كان عدم مطابقة المقذوفات المعثور عليها بمسرح الجريمة مع السلاح المضبوط - بمسكن الطاعن - لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هذه الطلقات أيا كانت، وذلك ردا على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة لم تكن بعد ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة ضبطها أو عدم مطابقتها على السلاح المضبوط، إذ إن مفاد سكوتها أنه لم يكن لذلك أثر في تكوين عقيدتها إثباتا، ونفيا، والمحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين هذه العقيدة.

6 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

7 - من المقرر أن تحديد وقت الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة، ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن المجني عليه قتل في ذات الميقات الذي قال به شهود الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة من حيث زمان حدوثها أو في تصديقها الأقوال الشهود أو محاولة تجريح أدلة الثبوت التي عولت عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.

8 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن أيا من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يطلبوا تحقيقا بصدد دفاعهم، فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.

-------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1- .... "طاعن". 2- ..... "طاعن". 3- ..... "طاعن". 4- ..... بأنهم أولا: المتهمون جميعا: قتلوا/ .... عمدا مع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله، وأعدوا لهذا الغرض سيارة ربع نقل قادها المتهم الرابع وأسلحة نارية (ثلاثة مسدسات وبندقية آلية) واستقلوا السيارة، وتوجهوا إلى المكان الذي أيقنوا سلفا مرور المجني عليه به، وكمنوا بالسيارة، وما أن ظفروا به حتى نزل الثلاثة الأول من السيارة حاملين الأسلحة المذكورة، وأطلقوا صوب المجني عليه عدة أعيرة نارية من المسدسات سالفة الذكر، وأطلق الثاني عدة أعيرة من البندقية الآلية لإرهاب المارة بينما كان المتهم الرابع بالسيارة يشد من أزرهم، وليساعدهم على الهرب قاصدين من ذلك قتله، فحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانيا: المتهمون من الأول حتى الثالث أيضا: أ - أحرز كلا منهم بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخن (مسدس). ب- أحرز كلا منهم ذخائر عدة طلقات استعملها في السلاح الناري سالف الذكر حال كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه. ثالثا: المتهم الثاني: أ- أحرز سلاح ناريا مششخنا (بندقية آلية) حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه. ب- أحرز ذخائر (عدة طلقات) استعملها في السلاح الناري سالف البيان حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت .... "والدة المجني عليه"، .... (زوجة المجني عليه) عن نفسها وبصفتها وصية على القصر (.... ، .... ، ....) قصر المرحوم .... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ مليون جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت عملا بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات، والمواد 1/1، 2، 6، 2/26 - 3- 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 والبند ب من القسم الثاني من ذات الجدول الملحق بالقانون الأول، مع إعمال نص المادتين 17، 32 من قانون العقوبات، حضوريا للأول والثاني والثالث وغيابيا للرابع أولا: بمعاقبة كلا من ....، ....، ....، .... بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليهم. ثانيا: إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة محليا وقيميا بنظرها. ثالثا: إحالة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها بشأن واقعة الأسلحة النارية المضبوطة بإرشاد المتهمين في ضوء تقريري المقارنة الميكروسكوبية الصادر من مصلحة الطب الشرعي عملا بالمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض، وقيد برقم .... ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... التحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضوريا عملا بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات، والمادتين 1/6، 2/26 -3-5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 101 لسنة 1980، 165 لسنة 1981، 95 لسنة 2003 والبند رقم 1 من القسم الأول من الجدول رقم 3 والبند ب من القسم الثاني من ذات الجدول الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995، مع إعمال نص المادتين 17، 32 من قانون العقوبات، بمعاقبة ....، ....، .... بالسجن المشدد لمدة خمس عشر سنة عما أسند لكلا منهم وأحالت الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية" .... إلخ.

------------

المحكمة

وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وإحراز أسلحة نارية (ثلاث مسدسات) وذخائر بغير ترخيص، ودان الثاني بإحرازه بندقية آلية مما لا يجوز إحرازها أو ترخيصها قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك أنه لم يدلل على توافر نية القتل تدليلا سائغا في حقهم، وأن ما أورده لا يعدو سوى الحديث عن الأفعال المادية، كما أنه دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما لا ينتجه، وعول في قضائه على أقوال شهود الإثبات رغم كذبهم بدلالة أن ما ورد بتقرير الفحص الميكروسكوبي. من عدم تطابق المقذوفات المعثور عليها بمسرح الحادث مع السلاح المضبوط، وهو ما تنتفي معه الجريمة بركنها المادي، وأخيرا التفت عن دفاعهم بالمنازعة في ميقات حدوث الواقعة، ووقت وفاة المجني عليه بدلالة ما أثبته الطبيب الشرعي من أن التغير الرمي لم يطرأ على الجثة ولم يحقق دفاعه في هذا الشأن، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهم أبلة سائغة من أنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتتم عما يضمره في صدره، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله: "وحيث إن نية القتل قامت من حاصل ما اطرحته المحكمة من ظروف الدعوى المتمثلة في حمل المتهمين جميعا لأسلحة نارية قاتلة بطبيعتها وإطلاقهم لأعيرة نارية صوب المجني عليه فأحدثوا به إصابات عبارة عن كسور بعظام الجمجمة والصدر وتهتكات بأنسجة المخ والرئتين والقلب والأوعية الدموية بما يقطع بما لا يدع مجالا للشك في توافر نية إزهاق روح المجني عليه لدى المتهمين"، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم تدليلا على قيام نية القتل كاف وسائغ في إثبات توافرها لدى الطاعنين، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار، وأثبت توافره في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار الذي هو حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني، فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستقي من وقائع خارجية يستخلص منها القاضي استخلاصا، فلا مراء من توافره في حق المتهمين جميعا في هذه الدعوى، إذ أنهم أبناء عمومة ومن عائلة واحدة أجمعوا أمرهم بينهم على الأخذ بالثأر المتأجج ناره بينهم وبين عائلة المجني عليه حسبما هو ثابت بالشهادة من واقع الجدول في الجناية رقم .... لسنة .... جنايات .....، والتي بدأت بمقتل .... والد المتهم الأول، وأتهام عائلة المجني عليه في هذه الواقعة، وأنهم أعملوا فكرهم في هدوء وروية وعقدوا العزم المصمم على قتل المجني عليه واتفقوا على ارتكاب الجريمة وإعدادهم المسبق لها وللأسلحة والذخائر، وهو ما يتوافر به ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكان تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر ظرف سبق الإصرار من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب، ما دام استخلاصها سائغا، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر ظرف سبق الإصرار على نحو ما تقدم، فإن ذلك يعد كافيا وسائغا وينأى به عن القصور في البيان الذي يرميه به الطاعن للحكم، هذا إلى أن العقوبة المقضي بها وهي السجن المشدد لمدة خمس عشر عاما تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظرف مشدد، فلا مصلحة لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متي أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -، ومن ثم فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لأقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان عدم مطابقة المقذوفات المعثور عليها بمسرح الجريمة مع السلاح المضبوط - بمسكن الطاعن - لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هذه الطلقات أيا كانت، وذلك ردا على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة لم تكن بعد ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة ضبطها أو عدم مطابقتها على السلاح المضبوط، إذ إن مفاد سكوتها أنه لم يكن لذلك أثر في تكوين عقيدتها إثباتا ونفيا، والمحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين هذه العقيدة، وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تحديد وقت الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة، ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن المجني عليه قتل في ذات الميقات الذي قال به شهود الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة من حيث زمان حدوثها أو في تصديقها الأقوال الشهود أو محاولة تجريح أدلة الثبوت التي عولت عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن أيا من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يطلبوا تحقيقا بصدد دفاعهم، فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.