الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 أغسطس 2023

الطعن 859 لسنة 3 ق جلسة 15 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 12 ص 127

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-----------------

(12)

القضية رقم 859 لسنة 3 القضائية

(أ) معاش 

- القانون رقم 80 لسنة 1944 بإنشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة - حظره الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في الصندوق المنشأ بموجبه وبين التمتع بحقوق الاشتراك في صندوق المعاشات والإعانات المنشأ بموجب قانون المحاماة أمام المحاكم الوطنية - خلوه من نص يحظر الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في هذا الصندوق وبين المتمتع بالمعاشات المستحقة لمن كان موظفاً أصلاً ثم اشتغل بالمحاماة أو المستحقين عنه - صدور القانون رقم 192 لسنة 1954 ونصه على حل صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة وتولى وزارة المالية مباشرة الاختصاصات الموكولة له - عدم مساس هذا القانون بمواد القانون رقم 80 لسنة 1944 التي حددت أوجه حظر الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في الصندوق وغيره من الحقوق الأخرى - مفاد ذلك أنه لا يقع تحت هذا الحظر جواز الجمع بين حقوق الاشتراك في هذا الصندوق وبين الإفادة من معاشات مستحقة بالتطبيق لقوانين المعاشات الخاصة بموظفي الحكومة والمستحقين عنهم - حجة ذلك.
(ب) معاش 

- الحظر الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 60 من القانون رقم 59 لسنة 1930 بعدم الاستيلاء على أكثر من معاش واحد من خزانة الدولة - لا يقع حكمه إلا إذا كان المعاشان كلاهما مستحقين بالتطبيق لقوانين المعاشات الحكومية الخاصة بموظفي الحكومة أو المستحقين عنهم - عدم سريان هذا الحظر على من يستحق معاشاً بالقوانين لأحد قوانين المعاشات الحكومية وآخر بالتطبيق للقانون رقم 80 لسنة 1944.

------------------
1 - أنشئ صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة بالقانون رقم 80 لسنة 1944, وخصصت أمواله لتقرير معاشات تقاعد أو مرتبات مؤقتة أو إعانات للمحامين المقيدة أسماؤهم بجدول المحاماة أمام المحاكم المختلطة أو الذين رتبت لهم معاشات قبل صدور هذا القانون, أي أن هذا الصندوق الجديد حل محل صندوق المعاشات والادخار للمحاماة المختلطة؛ ولذا نص القانون على أن يتكون رأس مال الصندوق الجديد من موارد الصندوق السابق سالف الذكر التي انتقت إلى الصندوق الجديد بمجرد العمل بالقانون الجديد كما يتكون من موارد أخرى فصلتها المادة الثالثة, ومن بينها ما ورد تحت - تاسعاً - "ما تقدمه الحكومة إلى الصندوق من مساهمة منها في تكاليف يراعى في تحديدها أنها تكفي مع الموارد الأخرى المنصوص عليها بهذه المادة لتأدية المعاشات والمرتبات والإعانات المقررة عن السنة المالية والمحددة وفقاً لأحكام هذا القانون". ومفاد ذلك أن الحكومة تكفل كفاية الموارد بالقدر الذي يسمح بتحقيق تلك الأغراض, كما نصت المادة الثالثة منه على أن "يكون للصندوق شخصية معنوية ويكون له الأهلية الكاملة للتقاضي وقبول التبرعات التي ترد إليه بشرط أن لا يتعارض ذلك مع الغرض الأصلي من إنشائه", ونصت المادة 17 منه على مستحقي المعاش - في حالة وفاة المحامي - وأنصبة هؤلاء المستحقين بما يغاير القواعد المتبعة في قوانين المعاشات الخاصة بموظفي الحكومة, ولم تحظر المادة 26 منه إلا الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في الصندوق المنشأ بموجب هذا القانون وبين التمتع بحقوق الاشتراك في صندوق المعاشات والإعانات المنشأ بموجب قانون المحاماة أمام المحاكم الوطنية دون النص على حظر الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في هذا الصندوق وبين التمتع بالمعاشات المستحقة لمن كان موظفاً أصلاً ثم اشتغل بالمحاماة أو المستحقين عنه. كما نصت المادة 28 منه على أنه يصرف صندوق المعاشات للمحامين أمام المحاكم المختلطة المرتب لهم معاشات - المعاش الذي كان يدفع لهم من قبل, وهذا يؤكد مقصود الشارع من عدم المساس بالحقوق المكتسبة. وقد صدر القانون رقم 192 لسنة 1954 بحل صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة المنشأ بالقانون المتقدم الذكر ناصاً في مادته الأولى على أن يحل الصندوق المذكور وتلغي المواد من 3 إلى 11 والمواد 19 و20 و24 من القانون رقم 80 لسنة 1944, وهذه المواد هي الخاصة بتعيين موارد الصندوق السابقة وبتشكيل مجلس الإدارة القائم عليه وبتنظيم هذه الإدارة وما إلى ذلك مما أصبح غير ذي موضوع, بعد قيام وزارة المالية والاقتصاد مقام الصندوق المشار إليه فيما له من حقوق وما عليه من التزامات, وتوليها مباشرة الاختصاصات الموكولة إليه حسبما نصت على ذلك المادة الثانية من القانون رقم 192 لسنة 1954. ولم يمس القانون المذكور بالنسخ أو التعديل سائر مواد القانون رقم 80 لسنة 1944 التي حددت أوجه حظر الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في هذا الصندوق وغيره من الحقوق الأخرى, مما يستفاد منه أنه لا يقع تحت هذا الحظر جواز الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في هذا الصندوق وبين الإفادة من معاشات مستحقة بالتطبيق لقوانين المعاشات الخاصة بموظفي الحكومة والمستحقين عنهم كما سلف البيان, وأنه لم يمس الحقوق المكتسبة لذويها من قبل. وهذا المعنى هو على أتم الوضوح في مواد القانون رقم 192 لسنة 1954؛ فإن المذكرة الإيضاحية التي تقوم منه مقام الأعمال التحضيرية تزيده وضوحاً وبياناً فقد جاء فيها ما نصه: "وقد ظلت هذه الإيرادات (أي إيرادات الصندوق) تتضاءل بعد إلغاء المحاكم المختلطة سنة بعد أخرى إلى أن أصبحت في سنة 1953 مقصورة على مساهمة وزارة المالية والاقتصاد التي نص في الفقرة التاسعة من المادة الثالثة من القانون على أن يراعى في تحديدها أنها تكفي مع بقية موارد الصندوق الأخرى لتأدية المعاشات والمرتبات والإعانات المقررة عن السنة المالية, كما اتضح من مراجعة ميزانية الصندوق عن السنة المذكورة أيضاً أن الفوائد التي يحصلها من استثمار سنداته تبلغ قيمتها السنوية 1650 ج بينما تبلغ مصروفات إدارة الصندوق 2600 ج.... وقد دلت هذه الأرقام دلالة واضحة على أنه لم يعد هناك موجب للإبقاء على الصندوق كمؤسسة, كما أنه لم تعد هناك فائدة من استثمار السندات, ومن المصلحة بيع السندات وتصفية أعمال الصندوق, على أن تتولى وزارة المالية والاقتصاد صرف المعاشات المستحقة للمحامين. وقد وافقت وزارة المالية والاقتصاد على إجراء هذه التصفية, على أن تتولى هي صرف هذه المعاشات". وظاهر من ذلك أن القانون المذكور إنما استهدف تصحيح الوضع وترجمته بما يطابق الواقع بعد أن تضاءلت موارد الصندوق وأصبحت الحكومة هي القائمة بتنفيذ الالتزامات فعلاً بالتطبيق للفقرة التاسعة من المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1944, ولم يتوخ القانون المذكور أغراضاً أخرى تنطوي على تغيير الأحكام الموضوعية الأخرى, وبوجه خاص المساس بالحقوق المكتسبة لذويها من قبل.
2 - لا وجه لتطبيق الحظر الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 60 من قانون المعاشات العسكرية رقم 59 لسنة 1930 في حق المدعي, ما دام أحد المعاشين مستحقاً بالتطبيق لأحد قوانين المعاشات الحكومية والآخر مستحقاً من صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة؛ لأن الحظر لا يقع حكمه إلا إذا كان المعاشان كلاهما مستحقين بالتطبيق لقوانين المعاشات الحكومية الخاصة بموظفي الحكومة أو المستحقين عنهم حسبما سلف إيضاحه؛ ومن ثم يتعين استحقاق المدعي لأن يصرف له المعاش الأول بالتطبيق لتلك القوانين, وأن يقتضي المعاش الثاني بالتطبيق للقانون رقم 80 لسنة 1944 بإنشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة نزولاً على حكم القانون رقم 192 لسنة 1954 الذي يلزم وزارة المالية والاقتصاد في مادته الثانية بالقيام مقام الصندوق في الوفاء بالتزاماته.


إجراءات الطعن

في 25 من يونيه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 859 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 29 من أبريل سنة 1957 في القضية رقم 1583 لسنة 9 القضائية المقامة من الدكتور محمد علي نجيب ضد وزارة المالية, القاضي "باستحقاق المدعي لمعاشه الاستثنائي الممنوح له بموجب قرار مجلس الوزراء في 27 من يونيه سنة 1946, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المدعي المصروفات". وأعلنت وزارة المالية بالطعن في 6 من يوليه سنة 1957, وأعلن به المطعون عليه في 14 من يوليه سنة 1957, وقبل انتهاء المواعيد أودع هذا في 25 من يوليه سنة 1957 مذكرة بدفاعه, ثم عين لنظر الطعن جلسة 5 من أبريل سنة 1958, وأبلغ الطرفان في 8 من مارس سنة 1958 بميعاد الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يستفاد من أوراق الطعن, تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1583 لسنة 9 القضائية ضد وزارة المالية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 25 من مارس سنة 1955 طلب فيها الحكم "بإلغاء القرار رقم 1043 الصادر من وزارة المالية (إدارة المعاشات) بتاريخ 17 من نوفمبر سنة 1954 والقاضي بقطع معاش المدعي الاستثنائي الممنوح له بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 27 من يونيه سنة 1946, وأحقيته في ذلك المعاش, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وذلك مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بياناً لهذه الدعوى إن والده المرحوم البكباشي علي نجيب الذي كان ضابطاً بالجيش أحيل إلى المعاش في سنة 1923 توفى في 13 من فبراير سنة 1946، وأنه لما كان - بالرغم من حيازته لدرجتي الليسانس والدكتوراه في القانون من جامعة لوزان وشهادة المعادلة في القوانين المصرية من جامعة القاهرة وقيده بناء على ذلك بجدولي المحامين لدى المحاكم الوطنية والمختلطة - صاحب عاهة هي فقدان بصره الذي حرمه ثقة المجتمع بقدرته على الاشتغال بالمهنة فقد منحه مجلس الوزراء بقراره الصادر في 27 من يونيه سنة 1946 معاشاً استثنائياً مدى الحياة, مع علمه بأنه يعمل بالمحاماة, وذلك وفقاً للمادة 37 من المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930 الخاص بالمعاشات العسكرية. وفي سنة 1954 أصيب بمرض عصبي أقعده عن العمل, فطلب التقاعد بنصف معاش طبقاً للفقرة الثانية من المادة 14 من قانون معاشات المحامين المختلط رقم 80 لسنة 1944, وقبل طلبه ابتداء من أول أغسطس سنة 1954, ثم قال إن صندوق معاشات المحامين أمام المحاكم المختلطة حل بمقتضى القانون رقم 192 لسنة 1954 وضمت أمواله إلى خزانة الدولة التي حلت محله في كافة حقوقه والتزاماته, ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 60 من قانون المعاشات العسكرية سالف الذكر تحرم الاستيلاء على أكثر من معاش واحد من خزانة الدولة, وكان هذا الأمر هو حال المدعي, فقد تشابه الأمر على وزارة المالية, فرأت - بناء على فتوى الشعبة المالية للرأي بمجلس الدولة - عدم جواز الجمع بين المعاشين وضرورة اختيار المدعي للمعاش الأصلح له, ورغماً عن اعتراض المدعي على هذا الرأي فإن إدارة المعاشات أصدرت القرار رقم 1043 بتاريخ 17 من نوفمبر سنة 1954 بقطع المعاش الاستثنائي نهائياً, ولما تظلم من ذلك القرار أعلن في 8 من فبراير سنة 1955 برفض التظلم. وقال المطعون عليه إن القرار المشار إليه مخالف للقانون, وقد أقيم على فتوى خاطئة استندت إلى ظاهر نص الفقرة الأخيرة من المادة 60 من قانون المعاشات العسكرية رقم 59 لسنة 1930 التي تحرم الاستيلاء على أكثر من معاش واحد من خزانة الدولة, كما قامت على فكرة أن المعاشات المقررة طبقاً للقانون رقم 80 لسنة 1944 تصرف مما تدرجه الحكومة في ميزانيتها سنوياً من اعتمادات لازمة لأدائها طبقاً للمادة الرابعة من القانون رقم 192 لسنة 1954 بحل صندوق معاشات المحامين أمام المحاكم المختلطة, وكذلك على ما قررته المادة 37 من قانون المعاشات العسكرية من أن المعاشات الاستثنائية التي تمنح بناء على هذه المادة يجري عليها أحكام هذا القانون. وعقب على هذه الأسانيد بأن الدولة لا تدفع معاش التقاعد بوصفها مديناً أصلياً بل بوصفها خلفاً لصندوق معاشات المحامين أمام المحاكم المختلطة الذي ساهم فيه بما أداه من رسوم واشتراكات, فإذا عجز هذا الصندوق عن أداء التزاماته, ورأت الدولة لاعتبارات قدرتها الحلول محله فيما عليه من التزامات وما له من حقوق بمقتضى القانون رقم 192 لسنة 1954, فليس معنى هذا أن يكون للخلف من الحقوق أكثر مما للسلف, وبعبارة أوضح إن القانون رقم 80 لسنة 1944 الذي كان يحكم وينظم الصندوق والذي لم يلغ بصدور القانون رقم 192 لسنة 1954 إذا كان لا يشتمل على نص يحرم الجمع بين معاش التقاعد الذي يمنح بالتطبيق له وبين أي معاش حكومي آخر, فإن وزارة المالية لا تملك التحريم بمقتضى قانون أخر. ولا يغير من هذا الوضع كون خزانة الدولة هي التي تدفع حالياً المعاشين؛ لأنها تدفع معاش التقاعد لا بوصفها خزانة الدولة, بل بوصفها خلفاً لصندوق معاشات المحامين أمام المحاكم المختلطة والوارثة له. ويترتب على ما تقدم أنه لا يتقاضى من خزانة الدولة بهذا الوصف فقط غير معاش واحد وهو المعاش الاستثنائي الموروث عن والده, أما معاش التقاعد فإنه ما زال يتقاضاه من صندوق معاشات المحامين ممثلاً في خزانة الدولة. ثم اعترض على ما استندت إليه شعبة الرأي من ناحية استمساكها بالفقرة الأخيرة من المادة 60 من قانون المعاشات العسكرية باعتبار أن حكمها يجري حتى على المعاشات الاستثنائية بالقول بأن هذه الفقرة قد ختمت بعبارة "مع عدم الإخلال بما قد يقرره مجلس الوزراء من الأحكام الخاصة", ومؤداها أن لمجلس الوزراء سلطة مخالفة أحكام قانون المعاشات العسكرية حتى فيما يتعلق بحكم حظر الاستيلاء على أكثر من معاش واحد من خزانة الدولة, وأن هذه السلطة قد مارسها مجلس الوزراء فعلاً في 27 من يونيه سنة 1946 عندما قرره له المعاش الاستثنائي موضوع المنازعة؛ إذ أدخل في اعتباره الملابسات التي أحاطت بإصدار هذا القرار. وبيان ذلك أن القانون رقم 80 لسنة 1944 بإنشاء صندوق معاشات للمحامين أمام المحاكم المختلطة صدر بداهة قبل قرار مجلس الوزراء موضوع الدعوى, فإذا قرر المجلس له معاشاً استثنائياً مدى حياته فمعنى هذا أنه رتب له هذا المعاش يتقاضاه حتى لو تقرر له فيما بعد معاش تقاعد طبقاً للقانون رقم 80 لسنة 1944؛ من أجل ذلك كان قرار مجلس الوزراء المشار إليه منطوياً على قرار باستثنائه من حكم الفقرة الأخيرة من المادة 60 من قانون المعاشات العسكرية.
ومن حيث إن وزارة المالية دفعت الدعوى بأنه على أثر وفاة والد المطعون عليه في 13 من فبراير سنة 1946, وكان ضابطاً متقاعداً, استحقت أرملته معاشاً زهيداً, ولم يستحق نجله المطعون عليه معاشاً لتجاوزه سن الثامنة عشرة وقت وفاة والده, ونظراً لإصابته بعاهة مستديمة تمنعه من كسب عيشه, ولأن قانون المعاشات لا يسعفه في استحقاق معاش, فقد قرر له مجلس الوزراء معاشاً استثنائياً قدره 500 م و5 ج لا يتوارث من بعده. ولما كان القانون رقم 192 لسنة 1954 الخاص بحل صندوق معاشات المحامين أمام المحاكم المختلطة قد قضى بتصفية أموال الصندوق كما قضت مادته الرابعة بأن "يضاف الفائض من تصفية الصندوق إلى إيرادات الدولة وتدرج الحكومة سنوياً في ميزانيتها الاعتماد اللازم لأداء المعاشات والمرتبات والإعانات المقررة والتي تقرر بمقتضى القانون سالف الذكر (القانون رقم 80 لسنة 1944 بإنشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة)", وكان الدكتور محمد علي نجيب يتمتع فوق معاش التقاعد الذي استحقه كمحام أمام المحاكم المختلطة بمعاش استثنائي عملاً بأحكام قانون المعاشات العسكرية, وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 60 من قانون المعاشات العسكرية رقم 59 لسنة 1930 تنص على أنه "لا يجوز بحال من الأحوال الاستيلاء على أكثر من معاش واحد من خزينة الدولة فإذا كان لشخص حق في أكثر من معاش فله أن يختار المعاش الأكثر فائدة له", فإن الوزارة قد ارتأت بعد استفتاء مجلس الدولة عدم جواز الجمع بين معاش استثنائي ومعاش التقاعد للمحامين أمام المحاكم المختلطة من تاريخ بدء العمل بالقانون رقم 192 لسنة 1954, ثم أضافت الوزارة إلى ما تقدم أن المطعون عليه قبل بكتابه المؤرخ 6 من نوفمبر سنة 1954 تقاضي المعاش الأنفع له وهو معاش تقاعد المحاماة المختلطة.
ومن حيث إنه بجلسة 29 من أبريل سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") "باستحقاق المدعي لمعاشه الاستثنائي الممنوح له بموجب قرار مجلس الوزراء في 27 من يونيه سنة 1946, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن "تصفية صندوق المعاشات والمرتبات المختلطة وتولى وزارة المالية صرف المعاشات المستحقة للمحامين لم يجعل من وزارة المالية مديناً أصلياً بهذه الالتزامات, وإنما هي لا تعدو أن تكون خلفاً عاماً لصندوق المعاشات المذكور الذي كان يعتبر مؤسسة قائمة بذاتها لها كيانها الخاص واستقلالها الذاتي باعتبارها شخصاً من الأشخاص الاعتبارية؛ ومن ثم فإن وزارة المالية إذ تتولي مباشرة الاختصاصات التي كانت موكولة لهذا الصندوق، إنما تقوم مقام الصندوق المذكور في تولي هذه الاختصاصات, فهي تتمتع بما كان له من حقوق, وتفي بما عليه من التزامات وفقاً لحكم القانون رقم 80 لسنة 1944", وعلى "أن التزام الحكومة بإدراج المبالغ اللازمة لأداء المعاشات والمرتبات والإعانات المقررة بموجب القانون رقم 80 لسنة 1944 إنما هو نتيجة حتمية لكونها خلفاً لصندوق المعاشات والمرتبات المختلطة؛ ذلك أن الأصل أن تنصرف جميع الآثار المترتبة على الالتزام القانوني إلى الخلف؛ ومن ثم فإن التزام الحكومة بأداء الالتزامات التي كان يتحملها هذا الصندوق ليس مقصوراً على فائض تصفية أموال الصندوق, وإنما يمتد هذا الالتزام إلى أموالها العامة في حدود الاعتمادات المقررة لمواجهة هذه الالتزامات, ومع ذلك فإن النص في المادة الرابعة من القانون رقم 192 لسنة 1954 على أن يضاف الفائض من تصفية الصندوق إلى إيرادات الدولة وتدرج الحكومة سنوياً في ميزانيتها الاعتماد اللازم لأداء المعاشات والمرتبات والإعانات المقررة بمقتضى القانون رقم 80 لسنة 1944 لا يعدو أن يكون تأكيداً لمبدأ انصراف أثر الالتزام القانوني للخلف", وعلى أن حظر الجمع بين معاشين على الوجه الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 60 من القانون رقم 59 لسنة 1930 "إنما هو مقصور في الواقع على الحالات التي تكون فيها الحكومة ملتزمة أصلاً بأداء هذه المعاشات؛ ومن ثم فإنه يتعين ألا يكون تقرير الحق في المعاشات مصدر ربح للموظف أو لورثته, ولكن مثل هذه الحكمة تنتفي في الدعوى الحالية؛ ذلك أن الدولة إذ تلتزم بأداء المعاشات للمحامين أمام المحاكم المختلطة إنما تقوم مقام شخص مستقل هو صندوق المعاشات المنشأ بالقانون رقم 80 لسنة 1944, وعلى ذلك فإن قيامها بأداء هذه المعاشات لا يعدو أن يكون وفاء بالالتزامات التي كان يتحملها الصندوق المذكور؛ ومن ثم فإن مثل هذا الالتزام لا يعتبر معاشاً بالمعنى المقصود بالفقرة الأخيرة من المادة 60 من القانون رقم 59 لسنة 1930 سالف الذكر؛ ذلك لأن القانون رقم 192 لسنة 1954 الذي حل محل القانون رقم 80 لسنة 1944 قد أبقى على المعاشات التي تصرف وفقاً لهذا القانون الأخير", كما أسست هذا القضاء أخيراً على أن القانون رقم 80 لسنة 1944 الخاص بصندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة لم يتضمن نصاً يقضي بعدم جواز الجمع بين المعاش الذي يقرره هذا القانون والمعاش المستحق طبقاً لأحكام أي قانون آخر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن "ماهية معاش التقاعد الذي يتقاضاه المدعي باعتباره محامياً سابقاً أمام المحاكم المختلطة ليست مناط المنازعة حتى يجري حكم الفقرة الأخيرة من المادة 60 من القانون رقم 59 لسنة 1930؛ أو ينحسر عن واقعة الدعوى, وإنما المناط الصحيح قيام العلة في صرف المعاش الاستثنائي أو انتفاؤها", وعلى "أن الفقرة الثانية من المادة الخامسة والعشرين من قانون المعاشات العسكرية تخول مجلس الوزراء سلطة إعطاء بعض الأولاد الذين جازوا السن معاشاً استثنائياً إذا كانوا مصابين بعاهات تمنعهم قطعياً من كسب معاشهم, وإذن فالعلة في تقرير المعاش الاستثنائي العجز القطعي عن التكسب, فإذا انتفت هذه العلة, أو وجد مورد عيش لصاحب المعاش انتفى الاستحقاق, وأصبح من حق جهة الإدارة أن تمنع المعاش الاستثنائي, ولما كان المدعي قد تقاعد عن العمل, وتقرر له معاش على مقتضى أحكام القانون رقم 80 لسنة 1944, فقد زال السبب في منحه المعاش الاستثنائي طبقاً لقانون المعاشات العسكرية, وبالتالي يكون القرار الصادر بمنع هذا المعاش عن المدعي قراراً مطابقاً للقانون. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من الأوراق أن والد المطعون عليه المرحوم البكباشي علي نجيب كان من ضباط الجيش الذين أحيلوا إلى المعاش اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1923, وقد استحق وقتذاك معاشاً شهرياً قدره 933 م و32 ج عن مدة خدمته وفقاً لأحكام قانون المعاشات العسكرية رقم 28 الصادر في 14 من يوليه سنة 1913. ولما توفى في 12 من فبراير سنة 1946, واستحق أرملته والدة المطعون عليه معاشاً شهرياً قدره 977 م و10 ج طبقاً للمادة 32 من القانون سالف الذكر, قدم المطعون عليه إلى وزارة المالية طلباً أوضح فيه أنه بالرغم من فقدانه جزءاً كبيراً من بصره جاهد حتى نال درجة الدكتوراه في القانون من جامعة لوزان, ثم حصل على شهادة المعادلة في القوانين المصرية من جامعة فؤاد الأول حتى لا يعيش عالة على أحد ولكن القدر شاء أن توصد دونه أبواب الوظائف, وأن لا يجد لدى الناس الثقة به خلال ممارسته المحاماة, وكان والده لهذا السبب يمده بنفقة شهرية من معاشه, والتمس أن تشمله الحكومة بعطفها فتمنحه بصفة استثنائية جزءاً من معاش والده المتوفى, وقد أحيل فور تقديم هذا الطلب على القومسيون الطبي العام للكشف عليه طبياً وإيضاح الأمراض والعاهات المصاب بها, فإذا بنتيجة الكشف الطبي الموقع عليه في 19 من مارس سنة 1946 تسفر عن إصابته بأمراض البول السكري والضغط العالي وتكشف عن زوال إبصار عينه اليمنى وضعف اليسرى (6/ 60) مع وجود عتامة ملتصقة بها وكتراكتا قطبية أمامية وحول اهتزازي, وحيال ذلك قرر القومسيون أن حالته الصحية غير قابلة للشفاء, وأنها تمنعه قطعياً من كسب معاشه, وأوصى بمنحه المعاش الذي يئول إليه مدى الحياة. ولما عرضت هذه النتيجة على وزير المالية رفع إلى مجلس الوزراء مذكرة نوه فيها بأن المطعون عليه يشتغل بمهنة المحاماة أمام المحاكم المختلطة, ولكن بما أنه ضعيف النظر فإنه لا يكتسب من هذه المهنة ما يقوم بمعيشته هو وزوجته, وأن المرحوم والده كان العائل الوحيد له, وأن المطعون عليه لا يستحق معاشاً عن والده طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون المعاشات العسكرية رقم 28 الصادر في 14 من يوليه سنة 1913؛ لأنه كان يجاوز الثامنة عشرة من عمره يوم وفاة والده. ولكن المشرع عندما سن قانون المعاشات العسكرية رقم 59 لسنة 1930 أعطى الأولاد الذين جاوزوا السن الحق في معاش إذا كانوا مصابين بعاهات تمنعهم قطعياً عن كسب معاشهم (الفقرة الثانية من المادة 25 من هذا القانون), وختم وزير المالية مذكرته بالقول بأن حالة المطعون عليه جديرة بعطف الحكومة وباقتراح منحه معاشاً استثنائياً لمدى الحياة مقداره 489 م و5 ج. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الاقتراح فرأت الموافقة عليه, ورفع الأمر إلى مجلس الوزراء فوافق على رأى اللجنة المالية بجلسة 27 من يونيه سنة 1946, كما تبين لهذه المحكمة أن المطعون عليه عرض له في سنة 1954 ما اقتضى تقدمه بطلب تقاعده عن ممارسة مهنة المحاماة المختلطة, فصدر له قرار من وكيل وزارة المالية والاقتصاد في 10 من نوفمبر سنة 1954 باستحقاقه معاش تقاعد مقداره اثنا عشر جنيهاً بواقع نصف المعاش الكامل ابتداء من أول أغسطس سنة 1954, وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1944 بإنشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة المعدل بالقانون رقم 127 لسنة 1951 وبالمرسوم بقانون رقم 143 لسنة 1952. وفي 17 من نوفمبر سنة 1954 أصدرت وزارة المالية قراراً بقطع معاش الدكتور محمد علي نجيب (المطعون عليه) استناداً إلى حكم المادة 60 من قانون المعاشات العسكرية رقم 59 لسنة 1930, فأقام الدعوى الحالية.
ومن حيث إن الحكومة تدفع الدعوى بالفقرة الأخيرة من المادة 60 من المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930 الخاص بالمعاشات العسكرية التي تنص على أنه "لا يجوز بحال من الأحوال الاستيلاء على أكثر من معاش واحد من خزينة الدولة، فإذا كان لشخص حق في أكثر من معاش فله أن يختار المعاش الأكثر فائدة له", ولكن يتعين تفسير هذا الحظر بحسب قصد الشارع من وضعه, وبمراعاة عدم التوسع في تأويله باعتبار أن القيود الواردة على استحقاق المعاش - ومثلها أسباب سقوط الحق في هذا الاستحقاق - هي من الاستثناءات على أصل الاستحقاق فلا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها.
ومن حيث إن مقصود الشارع من هذا الحظر إنما هو تحريم الجمع بين معاشين أو جملة معاشات رتبت لموظفين أو لمن يستحقون عنهم بمقتضى قوانين المعاشات التي تحكم هؤلاء. لذلك يتعين البحث فيما إذا كان الوضع في خصوصية المنازعة الحالية ينطبق عليه أو لا ينطبق مثل هذا الحظر, ولا شبهة في أن المعاش الذي رتب للمطعون عليه في 27 من يونيه سنة 1946 قد قرره له مجلس الوزراء استناداً إلى سلطته الاستثنائية باعتباره من المستحقين أصلاً عن والده, وأن لديه عاهة جزئية تمنعه من كسب معاشه وتيسير أسبابه, أما المعاش الذي استحقه من أول أغسطس سنة 1954 فلا يعتبر معاشاً حكومياً مقرراً أصلاً لموظفين أو لمستحقين عنهم بالتطبيق لقوانين المعاشات, بل له طبيعة خاصة لأنه استحق للمدعي من صندوق المعاشات والمرتبات للمحامين أمام المحاكم المختلطة بوصفه محامياً غير موظف؛ ومن ثم يستحقه من اشتغل بمهنة المحاماة سواء كان موظفاً سابقاً ثم مارس المحاماة بعد انفصام رابطة التوظف أو لم يكن من قبل كذلك. ومن المقرر أن هذا الصندوق كانت له ذاتيته وذمته المستقلة وموارده وأغراضه الخاصة, فقد أنشئ بالقانون رقم 80 لسنة 1944 وسمى صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة, وخصصت أمواله لتقرير معاشات تقاعد أو مرتبات مؤقتة أو إعانات للمحامين المقيدة أسماؤهم بجدول المحاماة أمام الحاكم المختلطة أو الذين رتبت لهم معاشات قبل صدور هذا القانون, أي أن هذا الصندوق الجديد حل محل صندوق المعاشات والادخار للمحاماة المختلطة؛ ولذا نص القانون على أن يتكون رأس مال الصندوق الجديد من موارد الصندوق السابق سالف الذكر التي انتقلت إلى الصندوق الجديد بمجرد العمل بالقانون الجديد, كما يتكون من مواد أخرى فصلتها المادة الثانية ومن بينها تحت (تاسعاً) "ما تقدمه الحكومة إلى الصندوق من مساهمة منها في تكاليف يراعى في تحديدها أنها تكفي مع الموارد الأخرى المنصوص عليها بهذه المادة لتأدية المعاشات والمرتبات والإعانات المقررة عن السنة المالية والمحددة وفقاً لأحكام هذا القانون". ومفاد ذلك أن الحكومة تكفل كفاية الموارد بالقدر الذي يسمح بتحقيق تلك الأغراض, كما نصت المادة الثالثة منه على أن "يكون للصندوق شخصية معنوية ويكون له الأهلية الكاملة للتقاضي وقبول التبرعات التي ترد إليه بشرط أن لا يتعارض ذلك مع الغرض الأصلي من إنشائه", ونصت المادة 17 منه على مستحقي المعاش في حالة وفاة المحامي وأنصبة هؤلاء المستحقين بما يغاير القواعد المتبعة في قوانين المعاشات الخاصة بموظفي الحكومة, ولم تحظر المادة 26 منه إلا الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في الصندوق المنشأ بموجب هذا القانون وبين التمتع بحقوق الاشتراك في صندوق المعاشات والإعانات المنشأ بموجب قانون المحاماة أمام المحاكم الوطنية دون النص على حظر الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في هذا الصندوق وبين التمتع بالمعاشات المستحقة لمن كان موظفاً أصلاً ثم اشتغل بالمحاماة أو المستحقين عنه, كما نصت المادة 28 منه على أنه يصرف صندوق المعاشات للمحامين أمام المحاكم المختلطة المرتب لهم معاشات - المعاش الذي كان يدفع لهم من قبل, وهذا يؤكد مقصود الشارع من عدم المساس بالحقوق المكتسبة.
ومن حيث إنه قد صدر بعد ذلك القانون رقم 192 لسنة 1954 بحل صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة المنشأ بالقانون المتقدم الذكر ناصاً في مادته الأولى على أن "يحل الصندوق المذكور وتلغي المواد من 3 إلى 11 والمواد 19 و20 و24 من القانون رقم 80 لسنة 1944", وهذه المواد هي الخاصة بتعيين موارد الصندوق السابقة وبتشكيل مجلس الإدارة القائم عليه وبتنظيم هذه الإدارة وما إلى ذلك مما أصبح غير ذي موضوع بعد قيام وزارة المالية والاقتصاد مقام الصندوق المشار إليه فيما له من حقوق وما عليه من التزامات, وتوليها مباشرة الاختصاصات الموكولة إليه حسبما نصت على ذلك المادة الثانية من القانون رقم 192 لسنة 1954، ولم يمس القانون المذكور بالنسخ أو التعديل سائر مواد القانون رقم 80 لسنة 1944 التي حددت أوجه حظر الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في هذا الصندوق وغيره من الحقوق الأخرى, مما يستفاد منه أنه لا يقع تحت هذا الحظر جواز الجمع بين التمتع بحقوق الاشتراك في هذا الصندوق وبين الإفادة من معاشات مستحقة بالتطبيق لقوانين المعاشات الخاصة بموظفي الحكومة والمستحقين عنهم كما سلف البيان, وأنه لم يمس الحقوق المكتسبة لذويها من قبل.
ومن حيث إنه فضلاً عن أن هذا المعنى هو على أتم الوضوح في مواد القانون رقم 192 لسنة 1954 فإن المذكرة الإيضاحية التي تقوم منه مقام الأعمال التحضيرية تزيده وضوحاً وبياناً؛ فقد جاء فيها ما نصه "وقد ظلت هذه الإيرادات (أي إيرادات الصندوق) تتضاءل بعد إلغاء المحاكم المختلطة سنة بعد أخرى إلى أن أصبحت في سنة 1953 مقصورة على مساهمة وزارة المالية والاقتصاد التي نص في الفقرة التاسعة من المادة الثالثة من القانون على أن يراعى في تحديدها أنها تكفي مع بقية موارد الصندوق الأخرى لتأدية المعاشات والمرتبات والإعانات المقررة عن السنة المالية, كما اتضح من مراجعة ميزانية الصندوق عن السنة المذكورة أيضاً أن الفوائد التي يحصلها من استثمار سنداته تبلغ قيمتها السنوية 1650 ج، بينما تبلغ مصروفات إدارة الصندوق 2600 ج.... وقد دلت هذه الأرقام دلالة واضحة على أنه لم يعد هناك موجب للإبقاء على الصندوق كمؤسسة, كما أنه لم تعد هناك فائدة من استثمار السندات, ومن المصلحة بيع السندات وتصفية أعمال الصندوق, على أن تتولى وزارة المالية والاقتصاد صرف المعاشات المستحقة للمحامين. وقد وافقت وزارة المالية والاقتصاد على إجراء هذه التصفية, على أن تتولى هي صرف هذه المعاشات". وظاهر من ذلك أن القانون المذكور إنما استهدف تصحيح الوضع وترجمته بما يطابق الواقع بعد أن تضاءلت موارد الصندوق وأصبحت الحكومة هي القائمة بتنفيذ الالتزامات فعلاً بالتطبيق للفقرة التاسعة من المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1944, ولم يتوخ القانون المذكور أغراضاً أخرى تنطوي على تغيير الأحكام الموضوعية الأخرى, وبوجه خاص المساس بالحقوق المكتسبة لذويها من قبل.
ومن حيث إنه ينتج من جميع ما تقدم أنه لا وجه لأن يطبق في حق المدعي الحظر الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 60 من قانون المعاشات العسكرية رقم 59 لسنة 1930 ما دام أحد المعاشين مستحقاً بالتطبيق لأحد قوانين المعاشات الحكومية والآخر مستحقاً من صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة، بينما الحظر لا يقع حكمه إلا إذا كان المعاشان كلاهما مستحقين بالتطبيق لقوانين المعاشات الحكومية الخاصة بموظفي الحكومة أو المستحقين عنهم حسبما سلف إيضاحه؛ ومن ثم يتعين استحقاق المدعي لأن يصرف له المعاش الأول بالتطبيق لتلك القوانين, وأن يقتضي المعاش الثاني بالتطبيق للقانون رقم 80 لسنة 1944 بإنشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة, نزولاً على حكم القانون رقم 192 لسنة 1954 الذي يلزم وزارة المالية والاقتصاد في مادته الثانية بالقيام مقام الصندوق في الوفاء بالتزاماته.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه فيما انتهى إليه من إلغاء القرار رقم 1043 الصادر من وزارة المالية في 17 من نوفمبر سنة 1954 بقطع معاش المدعي الاستثنائي الممنوح له بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 27 من يونيه سنة 1946, واستحقاقه لهذا المعاش المقرر له مدى الحياة؛ لجواز أن يجمع قانوناً بينه وبين المعاش الذي يستحقه من صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة كما سلف البيان, ويكون الطعن - والحالة هذه - قد قام على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.

الطعن 723 لسنة 3 ق جلسة 15 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 11 ص 117

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

---------------

(11)

القضية رقم 723 لسنة 3 القضائية

موظف 

- تقرير سنوي - عرضه على الرئيس المحلي ثم رئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما طبقاً للمادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - غياب رئيس المصلحة أو قيام مانع لديه - حلول من يقوم مقامه في مباشرة هذا الاختصاص - تعيين رئيس المصلحة في وقت معاصر لميعاد إعداد التقارير السنوية - عهدة إلى وكيل المصلحة باستيفاء التقارير السنوية لتعذر تفرغه لشئون الموظفين والإدارة في ذلك الوقت - صحة ذلك.

-----------------
لئن كانت المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تقضي بأن يعرض تقرير الموظف على الرئيس المحلي ثم رئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما, إلا أنه إذا غاب رئيس المصلحة أو قام لديه مانع حل محله في مباشرة هذا الاختصاص من يقوم مقامه في العمل, وهو في هذه الحالة وكيل المصلحة, ولما كان رئيس المصلحة قد أبدى المانع من مباشرة هذا الاختصاص بنفسه وهو أن ميعاد إعداد التقارير السنوية عن عام 1953 صاحب تعيينه مديراً للمصلحة, فكان من المتعذر عليه التفرغ لشئون الموظفين والإدارة في ذلك الوقت, فعهد باستيفاء التقارير السنوية إلى وكيل المصلحة فيكون مباشرة الوكيل للاختصاص المذكور قد جاء مطابقاً للقانون.


إجراءات الطعن

في 4 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 5 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 379 لسنة 2 ق المرفوعة من سعد محمد إبراهيم ضد مصلحة التليفونات, القاضي "بقبول الدعوى شكلاً, وفي الموضوع برفضها, وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم " بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه, وإلزام المدعى عليها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 8 من يونيه سنة 1957, وللمدعي في 27 من مايو سنة 1957, وعين لنظره جلسة 25 من أكتوبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات أقام المدعي الدعوى رقم 379 لسنة 2 ق طلباً الحكم بإلغاء القرار رقم 693 الصادر في 5 من يونيه سنة 1954 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية على الدرجة السادسة الكتابية, وما يترتب على ذلك من آثار, مع إلزام المحكمة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال في بيان ذلك إنه التحق بخدمة مصلحة التلغرافات والتليفونات في 12 من أكتوبر سنة 1941, وظل يزاول أعمال المصلحة المختلفة بكفاية وإخلاص حتى أنه اختير سكرتيراً للسيد مساعد مدير الحركة, ثم مندوباً للمصلحة لدى اللجان القضائية مما يدل على كفايته ونزاهته وحسن استعداده, وقد سويت حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف فاعتبر في الدرجة الثامنة منذ التحاقه بالخدمة وبعد بلوغه سن الثامنة عشرة في 14 من مارس سنة 1942 بوصفه حاصلاً على دبلوم المحاسبة والتجارة المتوسطة, ثم سويت حالته بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953, فرقي إلى الدرجة السابعة اعتباراً من 14 من مارس سنة 1948, وظل المدعي طوال فترة عمله مكباً على الدرس والتحصيل حتى حصل على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية سنة 1952. وفي 5 من يونيه سنة 1954 صدر القرار الوزاري رقم 693 متخطياً المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية في النسبة المخصصة للاختيار بأن رقي زميله السيد/ محمد الحسيني محمد أحمد الديب إلى الدرجة المذكورة رغم أنه دون المدعي كفاية ومؤهلات وأحدث منه في الدرجة السابقة. وقد عقد المدعي مقارنة بينه وبين المطعون في ترقيته من حيث المؤهل وأقدمية الدرجة السابعة, وانتهى منها إلى أن المصلحة قد أساءت استعمال سلطتها حين تخطته في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية. وقد ردت المصلحة على الدعوى بأن ترقية السيد/ محمد الحسيني محمد أحمد الديب المطعون في ترقيته تمت في 25 من مايو سنة 1954 بالقرار الوزاري رقم 693 الصادر في 5 من يونيه سنة 1954 في النسبة المخصصة للاختيار, حيث إنه حصل على أعلى درجات الكفاية بين زملائه, وكان أساس الترقية التقرير السنوي الأول المقدم عن سنة 1953, وذلك طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953 التي تنص على أن تحدد درجة كفاية الموظف في الترقي خلال العام الأول اعتباراً من أول مارس سنة 1954 طبقاً للتقرير السري السنوي الأول المقدم عنه. وقد قدم المدعي مذكرة أشار فيها إلى النزاع القائم بينه وبين وكيل المصلحة وإلى دعوى الجنحة المباشرة التي أقامها - أي المدعي - ضد وكيل المصلحة متهماً إياه بسبه والقذف في حقه, وإلى أنه لاحظ أن التقرير السنوي المقدم عنه عن عام 1953 وقعه السيد محمود سعد مدير المستخدمين باعتبار أنه رئيسه المباشر, مع أن رئيسه المباشر هي السيد مصطفى نظمي, ووقعه وكيل المصلحة على أنه المدير المحلي كما وقعه على أنه المدير العام, مع أن المدير المحلي للمدعي هو سكرتير عام المصلحة, وأن المدير العام لم يكن غائباً عن المصلحة حتى يوقع الوكيل بدلاً عنه, كل ذلك مع ثبوت قيام خصومة قضائية بين المدعي ووكيل المصلحة مما يؤكد أن المقصود هو الانتقام من المدعي بإهدار حقه في الترقية عن طريق التقرير السري فضلاً عن مخالفته للقانون لصدوره مشوباً بعيب عدم الاختصاص. وقد رد مدير المصلحة على ما أثاره المدعي فقال إن الأستاذ محمود سعد كان يلاحظ بصفة مباشرة أعمال موظفي المستخدمين ولم يكن ثمت بد من تقدير كفاية موظفي هذه الإدارة بمعرفته, وأن توقيع وكيل المصلحة في خانة المدير المحلي كان سببه أن إدارة المستخدمين بالمصلحة تتبع سيادة الوكيل مباشرة في ذلك الوقت, وباعتباره الرئيس التالي لمدير المستخدمين, فيعتبر المدير المحلي لها, وبهذه الصفة وقع سيادته في خانة المدير المحلي, وفيما يختص بتوقيع السيد الوكيل على تقرير المدعي في الخانة المخصصة لرئيس المصلحة فإن ذلك يرجع إلى أن ميعاد إعداد التقارير السنوية لعام 1953 صاحب تعيينه - أي المدير العام - مديراً للمصلحة, فكان من المتعذر عليه التفرغ لشئون الموظفين والإدارة في ذلك الوقت, فعهد بهذه المسائل إلى الوكيل ومنها استيفاء التقارير السنوية, ثم أضاف مدير عام المصلحة أنه - ومع ذلك - فقد عرض تقرير المدعي على لجنة شئون الموظفين برياسته, فوافقت على التقدير الذي قدره وكيل المصلحة. وبجلسة 5 من مارس سنة 1957 حكمت المحكمة "بقبول الدعوى شكلاً, وفي الموضوع برفضها, وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن "ترقية محمد الحسيني محمد أحمد الديب إلى الدرجة السادسة الكتابية المطعون فيها بهذه الدعوى قد تمت في نسبة الاختيار بقرار وزارة المواصلات رقم 693 الصادر في 5 من يونيه سنة 1954 وفقاً للمادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة معدلاً بالقانون رقم 579 لسنة 1953, وقد تضمن ذلك القانون النص على أن تكون الترقية في النسبة المخصصة للترقية بالاختيار بحسب ترتيب الكفاية في التقدير في التقريرات السنوية السرية في العامين الأخيرين. ولما كانت قواعد تقدير كفاية الموظفين بالأرقام الحسابية لم يعمل بها إلا اعتباراًً من أول مارس سنة 1954 وعن سنة 1953 فقط, فقد ضمن المشرع نصاً بحكم وقتي من مقتضاه أن تحدد درجة كفاية الموظف في الترقي خلال العام الأول اعتباراً من أول مارس سنة 1954 طبقاً للتقرير السري السنوي الأول المقدم عنه". وأنه لما كان "القرار المطعون فيه صدر خلال العام الأول من حياة القانون رقم 579 لسنة 1953 وبعد أول مارس سنة 1954 فإنه يخضع للحكم الوقتي سالف الذكر, وتكون الترقية فيه في النسبة المخصصة للترقية بالاختيار بحسب ترتيب الكفاية وفقاً للتقرير السنوي السري الأول المقدم عن سنة 1953, وإذ سارت المصلحة في القرار المطعون فيه على أساس هذا النظر فإنها تكون قد نزلت على حكم القانون, وخلا قرارها بذلك من عيب عدم المشروعية الذي نسبه إليه المدعي وهيئة مفوضي الدولة", "ورقابة المحكمة على السبب الذي يقوم عليه القرار المطعون فيه يجب أن تنحصر في حدود التقرير السنوي السري المقدم عن سنة 1953 لكل من المدعي والمطعون في ترقيته دون التفات إلى عناصر الأقدمية في الدرجة والأفضلية في المؤهل الدراسي وأهمية الوظيفة التي أراد المدعي في صحيفة افتتاح دعواه أن يتخذها أساساً للمقارنة بينه وبين المطعون في ترقيته", ولما كان "قد تحدد نطاق الدعوى على هذا النحو فإن المدعي ينعي على القرار المطعون فيه أن قيامه على سبب هو تقريره السنوي السري عن سنة 1953 جاء مشوباً بعيوب عدم الاختصاص والشكل وسوء استعمال السلطة التي تبطله قانوناً", وبعد أن أشارت المحكمة إلى عيب عدم الاختصاص الذي ينسبه المدعي إلى القرار المطعون فيه على ما سلف البيان أفاضت في بيان صفة الأستاذ محمود سعد مدير المستخدمين وتاريخ توليه هذا المنصب, فقالت إن "مدير المستخدمين هو الرئيس المباشر لجميع موظفي هذه الإدارة دون وكيلها خاصة وأن ملف خدمة المدعي حافل بأوراق موقع عليها من السيد محمود سعد بوصفه الرئيس المباشر له, بل إن هذا الرئيس تعرض للمجازاة الإدارية عن أمر يتعلق بالمدعي, فكل هذه الأمور تدل دلالة قاطعة على أن الإقرار الصادر من المدعي في بدء مراحل الدعوى من أن السيد محمود سعد مدير المستخدمين كان هو الرئيس المباشر له وقت وضع التقرير قد صادف الحقيقة والواقع, ولا يلتفت بعد ذلك إلى ما ساقه المدعي من قرائن للمنازعة في هذا المقام بقيام السيد مصطفى كامل نظمي بالتوقيع على تقرير سنة 1952 وتقديم المدعي طلب الترقية بالاختيار إليه وتأشيره عليه, فإن هذه القرائن لا تنهض دليلاً قبل الدليل المستمد من الأمر الإداري رقم 12 لسنة 1954, الموزع للاختصاصات في مصلحة التليفونات والتلغرافات بين موظفيها، ومن ثم فيكون ما ينعاه المدعي على توقيع السيد محمود سعد على التقرير السنوي السري المقدم عنه عن سنة 1953 في خانة الرئيس المباشر في غير محله ويتعين الالتفات عنه واعتبار هذا التوقيع للرئيس المباشر فعلاً". وبعد أن أشارت المحكمة إلى ما نعاه المدعي على توقيع وكيل المصلحة في خانتي الرئيس المحلي ورئيس المصلحة ورد المصلحة على ذلك وناقشت ما ورد بدفاع المدعي من أن للمصلحة سكرتيراً عاماً هو الأستاذ محمود على حجاج وأنه هو الرئيس المحلي له, قالت المحكمة إن "الأمر الإداري رقم 12 مستخدمين لسنة 1954 الصادر في 4 من فبراير سنة 1954 بوضع تنظيمات مؤقتة للوظائف الرئيسية بالمصلحة قد حدد وظيفة السيد/ محمود علي حجاج برئيس التحريرات والسكرتارية وهذه الوظيفة بعيدة كل البعد عن وظيفة السكرتير سكرتير عام للمصلحة، ولم يرد في ميزانية المصلحة عن سنة 1953/ 1954 وظيفة سكرتير عام للمصلحة...."، يؤيد ذلك أن "المستخلص من أوراق ملف خدمة المدعي أن السيد محمود علي حجاج كان يندب مع المدعي للحضور أمام اللجان القضائية, وليست هذه بلا شك من اختصاصات وظيفة السكرتير العام؛ ومن ثم فلا يكون فيما قدمه المدعي من مستندات للتدليل على أن السيد محمود علي حجاج هو المدير المحلي له ما ينال من صحة ما قررته المصلحة في خطابها رقم 210/ 11 - 72 من أن السيد وكيل المصلحة كان هو المدير المحلي لإدارة المستخدمين وقت وضع تقرير المدعي. ولا محل للمقارنة في هذا الشأن بين المدعي والمطعون في ترقيته؛ إذ أن كلاً منهما كان يتبع إدارة خاصة, فالمدعي كان تابعاً لإدارة المستخدمين بينما كان المطعون في ترقيته يتبع إدارة محفوظات الديوان العام, وقد يختلف في التسلسل الإداري المدير المحلي لكل من الإدارتين؛ ومن ثم يكون ما ينعاه المدعي على توقيع وكيل المصلحة على تقريره السنوي في خانة المدير المحلي في غير محله أيضاً....". وبالنسبة لتوقيع وكيل المصلحة في خانة رئيس المصلحة قالت المحكمة إنها "ترى في رد السيد المدير العام وفي تعميم هذا الإجراء بالنسبة لجميع موظفي المصلحة - وآية ذلك أن السيد وكيل المصلحة هو الذي وقع أيضاً على تقرير المطعون في ترقيته في نفس السنة في الخانة المخصصة لرئيس المصلحة - ما يفيد قيام التفويض من السيد المدير العام إلى السيد وكيل المصلحة وقت التوقيع على التقريرات السنوية في مباشرة هذا الإجراء مما يجعله صحيحاً قانوناً, خاصة وأن السيد المدير العام يقرر أن تقدير السيد الوكيل نيابة عنه قد عرض عليه في لجنة شئون الموظفين ووافق عليه, فالتفويض السابق والإجازة اللاحقة يحلان تقدير وكيل المصلحة محل تقدير المدير العام ويجعلان هذا التقدير كأنه صادر من الأخير؛ ومن ثم فإن ما ينعاه المدعي على توقيع وكيل المصلحة في الخانة المخصصة لرئيس المصلحة في غير محله أيضاً....". ثم ردت المحكمة على ما أثاره المدعي في إحدى مذكراته من عيب شكلي شاب تقريره السنوي فقالت إن "المدعي يوجهه أول ما يوجهه إلى صورة التقرير بدعوى أن هذه الصورة جاءت خلواً من بيان مفردات درجات التقدير في خانتي المدير المحلي ورئيس المصلحة, ولكن هذا الوجه من أوجه الطعن غير ذي بال في الدعوى؛ لأن العبرة هي بأصل التقرير دون الصورة, ثم يوجهه المدعي إلى أصل التقرير مشيراً إلى عبث بالأرقام واضح فيها بأن كتب أولاً بالرصاص, ثم أعيد بالحبر لمجرد تلفيق العدد حتى يساوي في مجموعه الرقم الأخير في المجموع الكلي, وهذه الواقعة إن صحت لا تعيب القرار قانوناً؛ إذ بفرض صحتها فهي لا تؤدي إلى ما استخلصه المدعي من أن هذا الإجراء كان لمجرد تلفيق الأرقام, هذا إلى أن الطعن في أصل التقرير - وهو ورقة رسمية - لا يقبل إلا بطريق الطعن بالتزوير في هذه الورقة وسلوك إجراءاته, وأما ما يثيره المدعي من أن التوقيعات على تقريره جاءت غير مؤرخة فهو غير ذي موضوع؛ إذ العبرة بوجود التقرير تحت نظر الجهات المختصة في إصدار القرار الإداري الذي يقوم عليها, والثابت في القرار الإداري المطعون فيه أنه وقع بعبارة (بعد الاطلاع على محضري لجنة شئون الموظفين بهذه المصلحة المتضمن مقترحات اللجنة بجلستها المنعقدة في 15 من مايو سنة 1954 و19 من مايو سنة 1954) مما يفيد اجتماع هذه اللجنة واستعراضها للتقارير؛ ومن ثم فيكون عيب الشكل الذي ينسبه المدعي إلى تقريره السنوي في غير محله....". أما عن عيب سوء استعمال السلطة الذي ينعاه المدعي على القرار المطعون فيه فتقول المحكمة "إن المدعي يقيمه على أنه لخصومة قائمة بينه وبين وكيل المصلحة انتهز الأخير فرصة وضع التقرير السنوي السري له للانتقام منه.... وقدم المدعي للتدليل على قيام الخصومة صحيفة دعوى جنحة مباشرة أقامها ضده أمام محكمة الجنح ومذكرة من السيد الوكيل يقر فيها بقيام الخصومة, ولكن بمطالعة صحيفة دعوى الجنحة المباشرة يبين أن المدعي أقامها عن واقعتين وقعتا خلال شهر أغسطس سنة 1954 في حين أن هذه الدعوى كانت قد أقيمت من قبل بتقديمها إلى سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 4 من أغسطس سنة 1954, أي أن الجنحة المباشرة نشأت أسبابها بعد رفع هذه الدعوى, ومن باب أولى بعد صدور القرار المطعون فيه, بل وبعد وضع التقرير السنوي به بأشهر, فقيام الجنحة المباشرة لا ينهض دليلاً على قيام الخصومة بين المدعي ووكيل المصلحة عند وضع التقرير السنوي له, ولا يكون في أوراق الدعوى بعد ذلك ما يفيد قيام الخصومة وقت ومع التقرير حتى يتجه وكيل المصلحة إلى إساءة استعمال السلطة ضد المدعي, فإذا انتفى السبب الذي يدعو إلى إساءة استعمال السلطة من جانب وكيل المصلحة ولم يظهر لإساءة استعمال السلطة اثر في تقديره, إذ أن الرئيس المباشر للمدعي كان قد قدر درجة كفايته عن سنة 1953 بست وخمسين درجة ولم ينزل وكيل المصلحة بهذا التقدير إلا إلى ثلاث وخمسين درجة أي بنقص قدره ثلاث درجات فليس هذا التنزيل اليسير مفيداً في إثبات إساءة استعمال السلطة, وإلا فما بال المطعون في ترقيته الذي كان رئيسه المباشر قد قدر درجة كفايته بمائة درجة ونزل بها المدير المحلي ورئيس المصلحة إلى 75 أي بنقص قدره 25 درجة؛ ومن ثم فيكون عيب إساءة استعمال السلطة الذي ينسبه المدعي إلى تقريره السنوي غير ثابت من الأوراق ويتعين الإعراض عنه". ثم استطردت المحكمة بعد ذلك تقول "إنه بعد إذ تبين للمحكمة فساد العيوب التي ينسبها المدعي إلى التقرير السنوي المقدم عنه عن سنة 1953 الذي قام عليه القرار المطعون فيه وكان للمحكمة أن تستنير بعناصر أخرى في أوراق الملف للمقارنة بين المدعي والمطعون في ترقيته من حيث الكفاية استجلاء لعيب سوء استعمال السلطة, فإن المحكمة تلاحظ أنه بينما قدر المدعي في التقرير السنوي لسنة 1952 بدرجة جيد, وأشير فيه بترقيته في دوره, فإن المطعون في ترقيته كان قد قدر في التقرير السنوي لسنة 1952 بدرجة جيد, وأوصى بترقيته لقيامه بعمله على الوجه الأكمل ومعاونته الفعالة ولكفايته الممتازة, وبينما قدر المدعي في التقرير السنوي لسنة 1954 بسبع وخمسين درجة فإن المطعون في ترقيته قدر بخمس وسبعين درجة, فإذا جاز الاستناد إلى التقارير السابقة واللاحقة فإن كفة ميزان المدعي تكون مرجوحة بكفة ميزان المطعون في ترقيته, ولما كانت تقارير سنة 1953 التي قام عليها القرار المطعون فيه قد سجلت نفس الموازنة التي سجلتها التقارير السابقة والتقارير اللاحقة فإنه لا يكون لعيب إساءة استعمال السلطة أدنى أثر في هذه الدعوى, وإذا كان المدعي يضع حجراً للزاوية في هذه الدعوى قيام خصومة بينه وبين وكيل المصلحة فإن تقدير الوكيل له جاء تالياً لتقرير رئيسه المباشر الذي لم يقدر كفايته إلا بست وخمسين درجة, وهذا التقرير بذاته وقبل أن تمتد إليه يد الوكيل أو السيد المدير العام أو لجنة شئون الموظفين يقل كثيراً عن تقدير درجة كفاية المطعون في ترقيته التي استقرت أمام لجنة شئون الموظفين بعد التنزيل إلى 75 درجة, فأياً كان وجه الحق في قيام الخصومة بين المدعي ووكيل المصلحة فإنها ما كانت لتؤثر في النتيجة, الأمر الذي ينتفي معه كل مصلحة للمدعي في التنويه بهذه الخصومة في خصوصية هذه الدعوى", وأنه "يبين من كل ما تقدم أن الدعوى لا تقوم على أساس من القانون أو الواقع فيتعين الحكم برفضها".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة1951 تنص على أن يقدم التقرير السنوي السري عن الموظف من رئيسه المباشر, ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاية وإلا فيكون للجنة تقدير درجة الكفاية التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً, وواضح أن هذه المادة رسمت الإجراءات الواجب مراعاتها في وضع التقارير بما رأته كفيلاً بتحقيق الضمانات الكافية للموظفين في كافة مراحلها. وغنى عن البيان أن الموظف الذي ناط به القانون الاشتراك في وضع هذه التقارير على الوجه الذي رسمه له يجب عليه أن يمارس الاختصاص المحدد له بنفسه ولا يجوز له أن يعهد به إلى سواه طالما أن القانون لم يخوله سلطة تفويض غيره فيما عهد به إليه؛ ومن ثم فإن التفويض الصادر من رئيس المصلحة إلى الوكيل في وضع التقارير السرية السنوية هو تفويض غير مشروع مما يعيب التقارير الصادرة عن هذا الوكيل, وبالتالي يبطل القرار المستند إليها دون أن يصححه أو يحييه من جديد إجازة المدير المقول بها لا لسبب إلا أنها إجازة وردت على تصرف لا وجود له مما كان يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تقضي بأن يعرض تقرير الموظف على الرئيس المحلي ثم رئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما, إلا أنه إذا غاب رئيس المصلحة أو قام لديه مانع حل محله في مباشرة هذا الاختصاص من يقوم مقامه في العمل, وهو في هذه الحالة وكيل المصلحة, ولما كان رئيس المصلحة قد أبدى المانع من مباشرة هذا الاختصاص بنفسه، وهو أن ميعاد إعداد التقارير السنوية عن عام 1953 صاحب تعيينه مديراً للمصلحة, فكان من المتعذر عليه التفرغ لشئون الموظفين والإدارة في ذلك الوقت, فعهد باستيفاء التقارير السنوية إلى وكيل المصلحة، فيكون مباشرة الوكيل للاختصاص المذكور قد جاء مطابقاً للقانون، ويكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها والتي تتخذها هذه المحكمة أسباباً لها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.

الطعن 721 لسنة 3 ق جلسة 15 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 10 ص 111

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

---------------

(10)

القضية رقم 721 لسنة 3 القضائية

اختصاص 

- اختصاص محكمة النقض بالطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بوزارة العدل وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة بإلغاء القرارات المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب وكذلك المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم - مناطه أن يكون الطلب مقدماً من أحد هؤلاء - الطعن المقدم من شخص ترك في التعيين في وظيفة معاون نيابة في القرار الصادر بتركه - هو طعن من مجرد فرد من الأفراد - لا تختص محكمة النقض بالفصل فيه.

----------------
يبين من الاطلاع على المادة 23 من القانون رقم 147 لسنة 1949 أنها نصت على أنه "كذلك تختص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الأقل أحد عشر مستشاراً من مستشاريها دون غيرها بالفصل في الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالديوان العام بإلغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بإدارة القضاء عدا الندب والنقل متى كان مبنى الطلب عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة...", ثم عدلت هذه المادة بالقانون رقم 240 لسنة 1955 فأصبح نصها كما يلي "كذلك تختص محكمة النقض دون غيرها منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الأقل تسعة من مستشاريها بالفصل في الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالوزارة وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة بإلغاء قرارات مجلس الوزراء والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل أو الندب متى كان مبنى الطلب عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة, كما تختص دون غيرها بالفصل في المنازعة الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم...". وواضح من هذه النصوص أن اختصاص محكمة النقض منوط بأن يكون طلب الإلغاء مقدماً من أحد رجال القضاء أو النيابة أو الموظفين القضائيين بالوزارة وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة, وهذا للحكمة التي قام عليها ذلك التشريع والتي كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون الأول وهي أنه "ليس أجدر ولا أقدر على الإحاطة بشئون القضاة وتعرف شئونهم والفصل في ظلاماتهم من رجال من صميم الأسرة القضائية, يضاف إلى ما تقدم أن النص تطبيق محكم لنظرية الفصل بين السلطات حيث تستقل السلطة القضائية بشئون سدنتها فلا يكون لأية سلطة سواها سبيل أو رقابة عليهم". وليس من شك في أن المدعي ليس من بين هؤلاء الذين ورد ذكرهم بالمادتين المذكورتين, بل هو مجرد فرد من الأفراد, وإن كان يطلب إلغاء القرار بتركه في التعيين في النيابة, ومثل هذا الطلب لا يغير من الأمر من شيء، طالما أنه لم يصبح بعد فرداً من أفرادها.


إجراءات الطعن

في 4 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 7 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 1284 لسنة 9 ق المرفوعة من فاروق صادق حنا ضد وزير العدل والنائب العام, القاضي "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء أصلياً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى, وإحالتها بحالتها إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية, واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي مصلحة, وإلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 14 من أكتوبر سنة 1957, وللمدعي في 17 من أكتوبر سنة 1957, وعين لنظره جلسة 25 من أكتوبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 10 من فبراير سنة 1955 أقام المدعي الدعوى رقم 1284 لسنة 9 ق ضد وزارة العدل والنائب العام, طالباً الحكم بإلغاء القرارات الصادرة في 12 و20 من ديسمبر سنة 1954 و12 من يناير سنة 1955 يتعين معاوني النيابة الناجحين من درجة جيد المبينين بالعريضة فيما تضمنته هذه القرارات من تخطي المدعي في التعيين وأحقيته في أن يعين عضواً بالنيابة في الدرجة التي يصبح فيها زملاؤه عند الحكم بإلغاء هذه القرارات والتي يخولها إياه مدة عمله في المحاماة مع حفظ حقه في التعويض لهذا التخطي مع إلزام الوزارة بالمصروفات. وقال في بيان ذلك إنه حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة دور مايو سنة 1952 بدرجة جيد, وقيد اسمه بجدول عموم المحاميين في 20 من سبتمبر سنة 1952 لعدم بلوغه السن المحددة للقبول قبل هذا التاريخ, وتقدم المدعي بطلب لوزارة العدل لتعيينه معاوناً للنيابة, وقد قامت وزارة العدل ممثلة في المعلن إليهما بتعيين جميع الناجحين الذين طلبوا تعيينهم بهذه الوظائف من دفعة سنة 1952 من الناجحين بدرجة جيد, وتخطت المدعي بدون مسوغ يجيز لها ذلك, مع أنها اتخذت إجراءات التعيين بالنسبة له ونجح في الكشف الطبي واستوفى جميع مسوغات التعيين, ولما كان حق التعيين في الوظائف حقاً عاماً لكل مصري متمتع بالحقوق العامة, لذلك أقام المدعي دعواه. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأنه تبين للنيابة العامة من مراجعة أوراق المدعي والتحريات التي وردت بشأنه ومن بينها كتاب مدير إدارة المباحث العامة بوزارة الداخلية رقم 38 - 3/ 1 في 12 من نوفمبر سنة 1954, أن المدعي لم يكن مستكملاً للشروط التي تتطلبها المادتان 1 و67/ 2 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء فيمن يعين معاوناً للنيابة, هذا إلى أن التعيين في الوظائف العامة قائم على إطلاق حرية الإدارة في الاختيار, وهو حق متروك لتقديرها تترخص فيه في حدود القوانين واللوائح, وما عساه يكون قد وضع من قواعد تنظيمية أو تقاليد مرعية ثابتة ولا معقب عليها في شيء من ذلك. وبجلسة 7 من مارس سنة 1957 حكمت المحكمة "برفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أنه "من المسلمات في القانون الإداري أن شغل الوظائف العامة بطريق التعيين أمر تترخص فيه جهة الإدارة بمحض اختيارها فتستقل بوزن مناسبات قرارها, وبتقدير ملائمة أو عدم ملائمة إصداره بما لا معقب عليها في هذا الشأن ما دام لم يثبت أن قرارها ينطوي على إساءة استعمال السلطة", وأن "المدعي لم يقدم أي دليل على أن جهة الإدارة حين تخطته في التعيين في وظيفة معاون نيابة قد ابتغت غير وجه الصالح العام وأساءت بذلك استعمال سلطتها, وما يقوله المدعي من أن ما جاء في كتاب إدارة المباحث العامة إلى النيابة في شأن التحري عن المرشحين للتعيين من أنه ينتمي إلى جماعة تعمل على التفرقة بين عنصري الأمة ليس صحيحاً - إن قوله هذا لا يمكن أن يصم تصرف الإدارة المبني على النظر إلى تحريات إدارة المباحث العامة بعين الاعتبار بعيب إساءة استعمال السلطة, كما لا ينبئ عن أنها قد خالفت القانون في شأنه أو مست بأي حق مكتسب له, بل إنه يفيد أنها قصدت إلى أن تقصر التعيين على من خلت صحائفهم من أي مأخذ أو اتهام, وهو ما ينم عن أنها كانت بمنأى عن أي هوى أو نزوة, وأنها إنما ابتغت وجه المصلحة العامة وحدها المنوط بها تقديرها حين شغلت وظائف معاوني النيابة الخالية بمرشحين آخرين غير المدعي, سيما وأنهم حاصلون مثله على درجة جيد....", وأنه "يبين من ذلك أن المدعي غير محق في دعواه مما يتعين معه رفضها مع إلزامه بالمصروفات".
ومن حيث إن حاصل ما يقوم عليه الطعن أن واقع الأمر أن المدعي يستهدف بدعواه تقرير أحقيته في التعيين في وظيفة معاون نيابة في الحركات المطعون فيه ترتيباً على أنه استوفى شرائطه, وكان تركه فيها مخالفاً للقانون أو منحرفاً عن وجه المصلحة العامة, وبالتالي يقيم دعواه توصلاً إلى إلغاء امتناع الإدارة عن تعيينه, فهو حسبما يتحدد به نطاق طلبه من موظفي النيابة وإن لم يكن فعلاً حيث لم يصدر قرار بعد بهذا التعيين؛ ومن ثم تختص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية بالفصل في هذا الطلب بالتطبيق لنص المادة 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 معدلة بالقانون رقم 240 لسنة 1955, دون مجلس الدولة, ويتعين من أجل ذلك إحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية للفصل فيها. ومن جهة أخرى ليست هناك مصلحة شخصية للمدعي تبرر قبول دعواه؛ ذلك أنه لا يكفي أن يكون قد استوفى شروط التعيين واتخذت الجهة الإدارية في شأنه الإجراءات الخاصة به كاستيفاء الأوراق والكشف الطبي, بل يجب لكي تتوافر للمدعي المصلحة الشخصية أن يكون إما من بين المرشحين فعلاً لشغل الوظيفة العامة, وإما من المشتركين في المسابقة المعدة لذلك أو في الانتخاب للوظيفة في الحالات التي ينص فيها القانون على المسابقة أو الانتخاب للتعيين, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على المادة 23 من القانون رقم 147 لسنة 1949 أنها نصت على أنه "كذلك تختص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الأقل أحد عشر مستشاراً من مستشاريها دون غيرها بالفصل في الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالديوان العام بإلغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بإدارة القضاء عدا الندب والنقل متى كان مبنى الطلب عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة......", ثم عدلت هذه المادة بالقانون رقم 240 لسنة 1955 فأصبح نصها كما يلي "كذلك تختص محكمة النقض دون غيرها منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الأقل تسعة من مستشاريها بالفصل في الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالوزارة وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة بإلغاء قرارات مجلس الوزراء والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل أو الندب متى كان مبنى الطلب عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة, كما تختص دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم....". وواضح من هذه النصوص أن اختصاص محكمة النقض منوط بأن يكون طلب الإلغاء مقدماً من أحد رجال القضاء أو النيابة أو الموظفين القضائيين بالوزارة وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة, وذلك للحكمة التي قام عليها ذلك التشريع والتي كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون الأول, وهي أنه "ليس أجدر ولا اقدر على الإحاطة بشئون القضاة تعرف شئونهم والفصل في ظلاماتهم من رجال من صميم الأسرة القضائية, يضاف إلى ما تقدم أن النص تطبيق محكم لنظرية الفصل بين السلطات حيث تستقل السلطة القضائية بشئون سدنتها فلا يكون لأية سلطة سواها سبيل أو رقابة عليهم". وليس من شك في أن المدعي ليس من بين هؤلاء الذين ورد ذكرهم بالمادتين المذكورتين, بل هو مجرد فرد من الأفراد, وإن كان يطلب إلغاء القرار بتركه في التعيين في النيابة, ومثل هذا الطلب لا يغير من الأمر من شيء، طالما أنه لم يصبح بعد فرداً من أفرادها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها والتي تأخذها هذه المحكمة أسباباً لها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.

الطعن 214 لسنة 3 ق جلسة 15 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 9 ص 93

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

------------------

(9)

القضية رقم 214 لسنة 3 القضائية

(أ) حكم 

- حجية الأحكام الصادرة بالإلغاء - حجية عينية - اختلاف مدى الإلغاء - الإلغاء قد يكون كاملاً أو جزئياً - تحديد هذا المدى بطلبات الخصوم وما تنتهي إليه المحكمة في قضائها.
(ب) موظف 

- كتاب وزارة المالية رقم 234 - 1/ 302 الصادر في 13/ 2/ 1944 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 30/ 1/ 1944 - نصه في البند رابعاً منه على ترقية الموظف الذي رقي بقواعد إنصاف المنسبين إلى درجة أعلى عند خلوها إذا بلغت مدة خدمته 35 سنة بشرط أن يكون قد مضت على آخر ترقية له مدة لا تقل عن أربع سنوات - كتاب وزارة المالية الدوري رقم 20/ 1/ 118 في 9/ 2/ 1949 - نصه على أن تكون الترقية في حدود سدس الدرجات - مفاد ذلك عدم استحقاق الموظف للترقية إلا إذا سمحت أقدميته بين رفاقه من المنسيين بذلك في حدود هذه النسبة.

-------------------
1 - لئن كانت حجية الأحكام الصادرة بالإلغاء - وفقاً لأحكام المادة 9 من القانون رقم 9 لسنة 1949 التي رددتها لمادة 17 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة التي تنص على أنه "تسري في شأن الأحكام جميعها القواعد الخاصة بقوة الشيء المقضي به, على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة" - لئن كانت هذه الحجية هي حجية عينية كنتيجة طبعية لإعدام القرار الإداري في دعوى هي في حقيقتها اختصام له في ذاته, إلا أن مدى الإلغاء يختلف بحسب الأحوال؛ فقد يكون شاملاً لجميع أجزاء القرار, وهذا هو الإلغاء الكامل, وقد يقتصر الإلغاء على جزء منه دون باقية, وهذا هو الإلغاء الجزئي؛ كأن يجري الحكم بإلغاء القرار فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية, أو يجري الحكم "بإلغاء القرارات الصادرة من وزير المواصلات فيما تضمنته من شغل الدرجات السادسة التنسيقية بترقية موظفين لم يكونوا من عداد موظفي مصلحة البريد...". وغني عن البيان أن مدى الإلغاء يتحدد بطلبات الخصوم وما تنتهي إليه المحكمة في قضائها.
2 - تنص الفقرة "هـ" من البند (رابعاً) تحت رقم 10 الخاص بالمنسيين من الكتاب الدوري الصادر من وزارة المالية في شأن القواعد التي تتبع تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 فيما يتعلق بإنصاف بعض طوائف الموظفين والمستخدمين وعمال اليومية والخدمة الخارجين عن هيئة العمال وهو الكتاب الصادر من وزارة المالية في 13 من فبراير سنة 1944 رقم 234 - 1/ 302 - هذه الفقرة تنص على أنه "تمنح علاوة لكل من قضى 30 سنة في درجتين متتاليتين, ولو لم يتم في هذه الأخيرة منها 15 سنة, مع سريان هذا على من رقي قبل أول يوليه سنة 1943. والموظف الذي رقي بقرار إنصاف المنسيين يرقى إلى درجة أعلى عند خلوها إذا ما بلغت مدة خدمته 35 سنة بشرط أن تكون قد مضت على آخر ترقية مدة لا تقل عن 4 سنوات. ولا يتمتع بقرار إنصاف المنسيين من ارتفعت درجته بمقتضى القواعد المبينة في هذا القرار الدوري, على أن الموظفين والمستخدمين الذين لا يستفيدون من التسويات المتقدمة بزيادة في ماهياتهم وتعديل في أقدميتهم يطبق عليهم قواعد إنصاف المنسيين (القواعد المبينة في هذه الفرقة رقم 10 تحل محل أحكام الكتابين الدوريين رقم ف 234 - 5/ 37 الصادرين في أول سبتمبر سنة 1943 و23 من يناير سنة 1944)". وجاء في كتاب وزارة المالية رقم 20/ 1/ 118 في 9 من فبراير سنة 1949 إلى سكرتير مالي وزارة الحربية: "إن ما جاء بالفقرة هـ من البند العاشر من الكتاب الدوري رقم ف 234/ 1/ 302 في 13 من فبراير سنة 1944 والتي تنص على أن الموظف الذي رقي بقرار إنصاف المنسيين يرقى إلى درجة أعلى عند خلوها إذا ما بلغت مدة خدمته 35 سنة بشرط أن يكون قد مضى على آخر ترقية مدة لا تقل عن أربع سنوات يلزم ترقية الموظف المنطبق عليه هذه الشروط وتكون الترقية في هذه الحالة في حدود سدس الدرجات". ويستفاد من أحكام هذه القواعد أنه لا يحق للمطعون لصالحه أن يطالب بترقيته منسياً إلى الدرجة السادسة (في القرار رقم 1018 الصادر في 15 من فبراير سنة 1948) إلا إذا سمحت أقدميته بين رفاقه من المنسيين في حكم الفقرة "هـ" من كتاب المالية الصادر في 13 من فبراير سنة 1944 بترقيته في سدس الدرجات الخالية من الدرجات السادسة.


إجراءات الطعن

في 26 من يناير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت 214 لسنة 3 ق في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 26 من نوفمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 240 لسنة 2 ق المقامة من جورجي نجيب حنا ضد مصلحة البريد, والذي يقضي "بعدم قبول الدعوى, مع إلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء باستحقاق المدعي للترقية إلى الدرجة السادسة كمنسي اعتباراً من 16 من فبراير سنة 1948, مع ما يترتب على ذلك من آثار, ورفض ما عدا ذلك من الطلبات, وإلزام الطرفين مناصفة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 6 من فبراير سنة 1957, وإلى المطعون لصالحه في 7 من فبراير سنة 1957, وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 4 من أكتوبر سنة 1958, وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي أول يوليه سنة 1958 أعلن الطرفان بميعاد الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت المحكمة إرجاء الطعن بالحكم إلى جلسة أول نوفمبر سنة 1958 مع الترخيص بتقديم مذكرات. فقدم المطعون لصالحه في 18 من أكتوبر سنة 1958 مذكرة خلص فيها إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء: أولاً - بإلغاء القرار رقم 1018 الصادر في 16 من فبراير سنة 1948 فيما تضمنه من ترك المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة, واعتبار أقدميته فيها راجعة إلى أول فبراير سنة 1948 بدلاً من 19 من أبريل سنة 1949. ثانياً - بإلغاء القرار رقم 709 الصادر في 28 من يونيه سنة 1952 فيما تضمنه من ترك المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة, واعتبار أقدميته فيها راجعة إلى أول يونيه سنة 1952 بدلاً من أول مايو سنة 1953, وما يترتب على ذلك من آثار, وصرف فروق المرتب والمعاش, وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي الجلسة المعينة للنطق بالحكم قررت المحكمة مد أجل النطق به إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 1338 لسنة 6 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 30 من يونيه سنة 1952 ذكر فيها أنه التحق بالخدمة بمصلحة البريد في وظيفة معاون درجة ثامنة في 28 من يناير سنة 1913, ومؤهلاته هي شهادة إتمام الدراسة الابتدائية الحاصل عليها في سنة 1911. وقال إنه في أول يوليه سنة 1943 منح الدرجة السابعة منسياً, ورقي إلى الدرجة السادسة في 19 من أبريل سنة 1949. ولما كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 ينص على أن من قضى 35 عاماً في درجة واحدة أو درجتين يرقى إلى الدرجة التي تليها إذا كان قد مضى آخر درجة فيها أربع سنوات, فكان يتعين ترقيته إلى الدرجة السادسة في أول يوليه سنة 1947, ولكن المصلحة رقته فعلاً إلى هذه الدرجة في 19 من أبريل سنة 1949 وهي بذلك تكون قد فوتت عليه فرصة الترقية بما يتبعها من علاوات وفروق رواتب عن المدة الواقعة بين سنتي 1947 و1949 وترتب على عدم منحه الدرجة السادسة في ميعادها أن تخطاه فريق من زملائه لا شك في أنه كان أقدم منهم لو كانت الإدارة قد سلكت معه المسلك الصحيح, وكان من جراء ذلك تأخير منحه الدرجة الخامسة أيضاً فلم يرق إليها إلا في 19 من أبريل سنة 1953, في حين أنه كان يستحق الترقية إليها في أول يوليه سنة 1951, وانتهى المدعي في صحيفة الدعوى إلى طلب تعديل أقدميته في كل من الدرجتين السادسة والخامسة إلى أول يوليه سنة 1947, ثم إلى أول يوليه سنة 1951, أسوة بزملائه الآخرين, وذلك مع صرف فروق الرواتب والعلاوات. وفي 11 من أكتوبر سنة 1953 تقدمت وزارة المواصلات بدفاعها فقالت إن المدعي عين بمصلحة البريد في وظيفة خارج الهيئة في 28 من يناير سنة 1913, ثم حصل على الدرجة الثامنة من أول أبريل سنة 1916, ثم رقي طبقاً لقواعد إنصاف المنسيين إلى الدرجة السابعة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943, ثم رقي إلى الدرجة السادسة في 19 من أبريل سنة 1949, ثم رقي إلى الدرجة الخامسة الشخصية من 19 من أبريل سنة 1953 بالتطبيق للمادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951, وأحيل أخيراً إلى المعاش في 7 من مايو سنة 1953 لبلوغه السن القانونية. ولما كان المدعي قد رقي بقرار إنصاف المنسيين إلى الدرجة السابعة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943, ولا يتم مدة الـ 35 سنة إلا في أول أبريل سنة 1951؛ لذلك يكون طلب اعتبار أقدميته في الدرجة السادسة من أول يوليه سنة 1947 على غير أساس؛ لأنه لا يكون قد أتم هذه المدة في ذلك التاريخ. وقالت الحكومة فضلاً عن ذلك إن الترقية بالتطبيق للفقرة هـ من البند العاشر من قواعد الإنصاف الصادر بها الكتاب الدوري رقم 234 - 1/ 302 في 13 من فبراير سنة 1944 مرهونة بوجود درجات خالية بحسب صريح النص, مما يجعل سبيل المدعي إلى شغل الدرجة الأعلى هو من قبيل إلغاء قرارات الترقيات إلى الدرجة السادسة التي تمت بعد أول يوليه سنة 1947, الأمر الذي لم يحدده المدعي في صحيفة افتتاح دعواه. ومتى انهار الطلب الأول للمدعي تنهار تبعاً له باقي طلباته ويتعين القضاء برفض الدعوى. وبجلسة 24 من مارس سنة 1954 قدم المدعي مذكرة بالتعقيب على دفاع الحكومة جاء فيها أنه علم أخيراً بعد رفع الدعوى أن هنالك قراراً صدر في 16 من فبراير سنة 1948 شمل ترقية كل من: باسيلي يوسف تادرس والسيد محمد عبد الغني وآخرين, وهم أحدث من المدعي في الخدمة, فمن حقه أن يطلب إلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من تركة في الترقية إلى الدرجة السادسة, ثم قال إن ما تقرره الحكومة في شأن مدة خدمته التي قضاها من سنة 1913 إلى سنة1916 غير صحيح؛ ذلك لأن تلك المدة احتسبت له في أقدمية الدرجة الثامنة وفقاً لكادر سنة 1921 باعتباره حاصلاً على الشهادة الابتدائية وذلك بالاستمارة رقم 134 ع. ح الموجودة بملف خدمته, كما وأن تلك المدة قد احتسبت له فعلاً في المعاش وتقرر استقطاع 36 م من مرتبه شهرياً مدى الحياة قيمة الـ 7.5% المقررة, وفي ذلك أقطع دليل على أن الحكومة احتسبت له بالفعل المدة من سنة 1913 إلى سنة 1916 بمثابة مدة خدمة دائمة؛ ومن ثم يكون دفاع الحكومة في هذا الشق غير سديد. ومتى تقرر ذلك وثبت حقه في طلب إلغاء القرار الصادر في 16 من فبراير سنة 1948 فيما تضمنه من تركة في الترقية إلى الدرجة السادسة كان من حقه أن يرقى إلى الدرجة الخامسة في سنة 1952 طبقاً لقواعد التيسير. وقال المدعي إنه علم أخيراً أن هنالك قراراً صدر في 16 من يونيه سنة 1952 بالترقية إلى الدرجة الخامسة شمل ثلاثة موظفين أحدث منه في الخدمة وهم: أحمد متولي خطاب وكامل منتصر ومحمود إبراهيم وجيه. وطبقاً لقواعد التيسير يستحق المدعي الترقية إلى أول درجة خالية باعتباره منسياً قضى أكثر من 35 سنة في ثلاث درجات, منها أكثر من أربع سنوات في الدرجة الأخيرة؛ إذ أن المدعي كان في ذلك التاريخ قد قضي حوالي أربعين عاماً في الدرجات الثامنة والسابعة والسادسة. وخلص المدعي إلى تعديل طلباته السابق ذكرها إلى طلب إلغاء قرار 16 من فبراير سنة 1948 فيما تضمنه من تركة في الترقية إلى الدرجة السادسة, وكذلك إلغاء قرار 16 من يونيه سنة 1952 فيما تضمنه من تركة في الترقية إلى الدرجة الخامسة, وما يترتب على ذلك من آثار في فروق المرتب والمعاش. وبجلسة 25 من نوفمبر سنة 1954 قدمت الحكومة صورة من القرار الوزاري رقم 1018 الصادر في 15 من فبراير سنة 1948 وصورة من القرار الوزاري رقم 709 الصادر في 28 من يونيه سنة 1952 المتضمنين حركتي الترقيات موضوع الطعن بالإلغاء. كما قدمت بعض كشوف الأقدميات وهي: (1) كشف تكميلي عن الدرجات السادسة التي خلت وشغلت اعتباراً من أول يوليه سنة 1947 لغاية 15 من فبراير سنة 1948, ولا يوجد بين أسماء الموظفين المذكورين بالكشف اسم المدعي. (2) كشف عن بيان عدد الدرجات السادسة التي خلت من 15 من فبراير سنة 1948 إلى 27 من يناير سنة 1950 وكيفية شغل هذه الدرجات وأقدمية المدعي في الدرجة السادسة وحالة كل موظف مذكور اسمه في الكشف, ويتضمن هذا الكشف أسماء 41 موظفاً جاء اسم المدعي فيه قرين رقم 32 في الترتيب. (3) كشف ببيان أسماء موظفي مصلحة البريد من الدرجة السابعة الشخصية الذين تتوافر فيهم شروط المنسيين وهي الـ 35 سنة في الخدمة وأربع سنوات في الدرجة الأخيرة, وذلك وقت صدور القرار رقم 1018 بتاريخ 15 من فبراير سنة 1948, وثابت أن ترتيب المدعي بينهم هو رقم 14. كما قدمت الحكومة مع هذه الكشوف ملف خدمة المدعي, وأودعت مذكرة جديدة بدفاعها قالت فيها: (أولاً) عن طلب إلغاء القرار رقم 1018, فليس للمدعي حق في ذلك؛ لأن هذا القرار صدر في 15 من فبراير سنة 1948, وكان ترتيب المدعي بين زملائه المنسيين الذين أمضوا في الخدمة 35 سنة وأربع سنوات في الدرجة الأخيرة هو الرابع عشر, على نحو ما هو ظاهر في الكشف المقدم بحافظة الحكومة. ومعنى ذلك أن الدور ما كان ليدركه في الترقية بين زمرة المنسيين. (ثانياً) أما عن طلب إلغاء القرار الثاني رقم 709 في 28 من يونيه سنة 1952 فليس للمدعي حق في ذلك أيضاً؛ لأن ترقية المدعي إلى الدرجة السادسة تمت فعلاً في 19 من أبريل سنة 1949 ولم يكن المدعي قد أمضى أربع سنوات يوم صدور القرار 709, فما كان يمكن النظر في ترقيته إلى الدرجة الخامسة في ذلك التاريخ. وقالت الحكومة إن من رقي إلى الدرجة الخامسة في هذا القرار (709) هم: يسى مرقص, وقد حصل على الدرجة السادسة في أول مايو سنة 1946 ويرجع تاريخ دخوله الخدمة إلى 3 من أغسطس سنة 1911, وتادرس جرجس, وترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى أول مايو سنة 1946 ودخل الخدمة في 15 من سبتمبر سنة 1911, وبطرس مجلي, وترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى أول مايو سنة 1946, وقد دخل الخدمة في 18 من ديسمبر سنة 1911. والذي يبين من مراجعة ملف خدمة المدعي أنه التحق بالخدمة في 28 من يناير سنة 1913. وقد سلمت الحكومة بذلك, وقالت إنه لم يكن الدور ليدركه في الترقية ضمن نسبة المنسيين في هذا القرار (709) بالتطبيق لقرارات مجلس الوزراء الصادرة سنة 1950. وانتهت الحكومة إلى طلب الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وبجلسة 31 من ديسمبر سنة 1955 عقب المدعي على دفاع الحكومة فقال إن القرار الوزاري رقم 1018 الصادر في 15 من فبراير سنة 1948 قد نص على نقل السادة عزيز سوريال وباسيلي يوسف تادرس والسيد محمد عبد الغني من الديوان العام بوزارة المواصلات إلى مصلحة البريد اعتباراً من تاريخ نفس القرار الذي نص في ذات الوقت ونفس التاريخ على ترقيتهم إلى الدرجة السادسة, وأضاف المدعي أن هذا القرار (رقم 1018) قد اشتمل أيضاً على ترقية موظف من موظفي مصلحة البريد وهو عبد العزيز أحمد الشيخ إلى الدرجة السادسة, وينعى المدعي على هذا القرار أنه جاء مشوباً بعيبين: (الأول) أن السادة سوريال وباسيلي وعبد الغني لم يكونوا حتى يوم صدور القرار من موظفي مصلحة البريد, بل كانوا من موظفي الديوان العام وهو وحدة مستقلة بذاتها في الميزانية, وقد أقحموا إقحاماً على مصلحة البريد التي هي وحدة أخرى مستقلة عن الأولى, وذلك لخطف ثلاث درجات سادسة كان المدعي أول مستحق لها باعتباره منسياً. (الثاني) أنه ليس من بين من رقوا فيه من هو أقدم منه في الخدمة والدرجة سوى عزيز سوريال وهو من المقحمين على مصلحة البريد, فخطف درجة مخصصة لقدامى موظفيها. ويقول المدعي إن ما تزعمه الحكومة, من أن ترتيبه في كشف أقدمية المنسيين في تاريخ صدور هذا القرار هو الرابع عشر وأن الدور لم يدركه في الترقية بالقرار المذكور, قول غير صحيح؛ لأنه يبين من الرجوع إلى الأسماء الواردة بالكشف المقدم من هذا الشأن أن الحكومة أوردت ضمنها أسماء السادة صبحي أندراوس وأنطون ميخائيل وحبيب غبريال وعبد العزيز عواد وحنين ميخائيل وأنطوان سلامة وعلي مصطفى عوض، وهؤلاء جميعاً صدرت لصالحهم أحكام من محكمة القضاء الإداري بأحقيتهم للترقية إلى الدرجة السادسة. ويقول المدعي إن بعض من ذكرت أسماؤهم في الكشف المذكور قد رقوا ترقية عادية وأحيلوا إلى المعاش, وكان يجب رفع أسماء هؤلاء وأولئك من كشف الأقدمية المقدم إلى المحكمة, وهو لا يعبر عن حقيقة الواقع, ولا عن ترتيب المدعي بين المنسيين في 15 من فبراير سنة 1948 تاريخ صدور القرار المطعون فيه بالإلغاء. وخلص المدعي إلى طلب الحكم بإلغاء القرارين المطعون فيهما بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار. وفي 23 من مارس سنة 1955 صدر القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة, وبالتطبيق للمادة 13 منه قضت محكمة القضاء الإداري بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات لاختصاصها بالفصل فيها. وقد دفعت مصلحة البريد أمام المحكمة الإدارية بعدم قبول هذه الدعوى تأسيساً على أن محكمة القضاء الإداري سبق أن قضت بجلسة 3 من مايو سنة 1950 في الدعوى رقم 121 لسنة 3 ق المقامة من السيد/ كمال فوزي ضد وزارة المواصلات ومصلحة البريد بإلغاء القرار الوزاري رقم 1018 الصادر في 15 من فبراير سنة 1948 فيما تضمنه من شغل الدرجات السادسة؛ ومن ثم تصبح الدعوى المعروضة على المحكمة غير ذات موضوع, وأما عن الطلب الثاني للمدعي, وهو إلغاء القرار رقم 709 الصادر في 28 من يونيه سنة 1952, فهو أيضاً غير مقبول شكلاً لرفع الدعوى في شأنه بعد انقضاء الميعاد القانوني. وقدم المدعي مذكرة ختامية يرد فيها على دفع الحكومة بعدم قبول الدعوى قال فيها إن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في 3 من مايو سنة 1950 قضى بإلغاء القرار رقم 1018 فيما تضمنه من شغل الدرجات السادسة التنسيفية بترقية موظفين لم يكونوا من عداد موظفي مصلحة البريد. ولما كان هذا القرار يشمل ترقية أربعة موظفين, منهم ثلاثة من غير موظفي المصلحة والرابع وهو عبد العزيز أحمد الشيخ هو من موظفي المصلحة, فإن القرار الملغي بحكم محكمة القضاء الإداري في 3 من مايو سنة 1950 يظل رغم إلغاءه قائماً بالنسبة للموظف الرابع, ولما كان المدعي أقدم منه في الخدمة, وليس عبد العزيز أحمد الشيخ من الموظفين المنسيين, فإن المدعي يطعن في القرار رقم 1018 بالإلغاء من جديد فيما تضمنه من تخطيه في الترقية, وأن المدعي في كشف الأقدمية هو أقدم من في المصلحة. وقال المدعي عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد إنه لم يعلم بالقرارين 1018 و709 إلا خلال نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري, وعلم بذلك من واقع المستندات المقدمة من الحكومة, خصوصاً وأن الحكومة كانت قد رقته فعلاً إلى الدرجة السادسة في 19 من أبريل سنة 1949, وإلى الدرجة الخامسة بعد ذلك بأربع سنوات في 19 من أبريل سنة 1953. وبجلسة 26 من نوفمبر سنة 1956 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات "بعدم قبول الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات". وأسست قضاءها على أن طلب المدعي إلغاء القرار رقم 1018 الصادر في 15 من فبراير سنة 1948 غير مقبول لسابقة إلغائه إلغاءً مجرداً بالحكم الصادر في الدعوى رقم 121 لسنة 3 ق في 3 من مايو سنة 1950 وذلك لانتفاء مصلحة المدعي في إلغائه من جديد, أما عن طلبه إلغاء القرار الثاني رقم 709 الصادر في 28 من يونيه سنة 1952 فقالت المحكمة إن هذا الطلب يترتب على الطلب الأول, ولا ينشأ للمدعي الحق فيه إلا بثبوت حقه في الطلب الأول, فما هو إلا أثر من آثاره ويدور معه وجوداً وعدماً, وعلى أساس هذا النظر تتغاضى المحكمة عن مواعيد دعوى الإلغاء بالنسبة للقرار الثاني فإنه على أية حال يسقط موضوعاً بالحكم بعدم قبول الطلب الأول.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الترقية بموجب قواعد إنصاف المنسيين في قرار 30 من يناير سنة 1944 هي حسبما استقرت عليه أحكام محكمة القضاء الإداري ترقية حتمية غير مقيدة بنسبة معينة, وحكمة ذلك أن الموظفين من أمثال المدعي الذين رقوا بقرار إنصاف المنسيين في أول يوليه سنة 1943 ومضت على آخر ترقية لهم أربع سنوات وبلغت مدة خدمتهم خمساً وثلاثين سنة قد قاربوا سن التقاعد وضاقت أمامهم فرص الترقي, فرأى أن من الواجب إعطاءهم أولوية وامتيازاً على غيرهم من الموظفين في الترقية ولو لم يكن قد حل دورهم لتكون الترقية إسعافاً لهم, وذلك تحسيناً لحالتهم قبل تركهم الخدمة. وإذا كان الثابت من ملف المدعي أنه دخل الخدمة سنة 1913 وحصل على الدرجة السابعة منسياً في أول يوليه سنة 1943, فإنه بذلك يكون قد قضى حتى 15 من فبراير سنة 1948 خمسة وثلاثين عاماً منها أكثر من أربع سنوات في الدرجة الأخيرة, وكانت الدرجات الخالية خلال هذا العام حسبما كشفت عنه مكاتبات الإدارة في الدعاوى المضمومة تتسع لترقية المدعي, فإنه يكون مستحقاً للترقية كمنسي في إحداها سواء كانت إحدى الدرجات التي شملها لقرار المطعون فيه أو غيرها بمجرد استيفائه الشروط المقررة, أما عن طلب المدعي ترقيته تيسيراً إلى الدرجة الخامسة فإنه متى استحق الترقية لقضائه 35 سنة في الخدمة وأربع سنوات في الدرجة الأخيرة طبقاً لقواعد إنصاف المنسيين على نحو ما تقدم, فإنه لا يجوز له تنفيذاً لقواعد التيسير الانتفاع بأحكامها. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه, فيما قضى به من عدم قبول الطلب الأول, مذهباً مخالفاً, فإنه يكون قد خالف القانون متعيناً الطعن فيه بالإلغاء, والقضاء باستحقاق المدعي للترقية إلى الدرجة السادسة كمنسي اعتباراً من 15 فبراير سنة 1948, مع ما يترتب على ذلك من آثار, ورفض طلب إلغاء القرار الثاني رقم 709 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة, مع إلزام الطرفين مناصفة بالمصروفات.
( أ ) عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً:
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، وإن أصاب في تكييف الدعوى بأنها طعن بالإلغاء في القرار رقم 1018 الصادر في 15 من فبراير سنة 1948 و709 الصادر في 28 من يونيه سنة 1952 بترقية بعض موظفي مصلحة البريد إلى الدرجتين السادسة والخامسة وذلك فيما تضمناه من ترك المدعي في الترقية بوصفه منسياً إلى الدرجتين المذكورتين, إلا أنه أخطأ في قضائه بعدم جواز نظر الدعوى بمقولة إن محكمة القضاء الإداري سبق أن قضت بجلسة 3 من مايو سنة 1950 في الدعوى رقم 121 لسنة 3 ق المقامة من السيد/ كمال فوزي ضد وزارة المواصلات ومصلحة البريد بإلغاء القرار الوزاري رقم 1018 فيما تضمنه من شغل الدرجات السادسة؛ ذلك أنه بالاطلاع على ملف الدعوى المذكورة تبين أن المدعي فيها أقام دعواه في 30 من نوفمبر سنة 1948, وقال إنه في الدرجة السابعة بمصلحة البريد منذ أول مايو سنة 1943, ولما صدر مشروع التنسيق عام 1947 أصابت منه المصلحة عدة درجات سادسة وزعت بين الأقدمية المطلقة وبين الاختيار للكفاية الممتازة طبقاً للنسبة المقررة لكل منهما, فخص الاختيار للكفاية الممتازة تسع عشرة درجة, وكان يؤمل أن يظفر بالترقية إلى إحدى هذه الدرجات المخصصة للاختيار نظراً لكفايته وامتيازه, غير أن وزير المواصلات أصدر خمسة قرارات متتالية بالترقية إلى الدرجات المذكورة متخطياً إياه رغم توافر جميع شروط الترقية لديه، مخالفاً بذلك قواعد التنسيق التي اختطها كتاب وزارة المالية الدوري في شأن ترقيات التنسيق التي توجب قصر الإفادة من درجات التنسيق في كل مصلحة على موظفيها الموجودين بها حتى يوم 30 من يوليه سنة 1947, والتي لا تجيز الترقية بالتيسير إلا عند عدم وجود من يكون قد أمضى المدة القانونية المقررة للترقية وبشط عدم تخطي من هو أقدم في الدرجة. وأوضح المدعي في تلك الدعوى أن وزير المواصلات أصدر قراراً برقم 360 في 31 من أغسطس سنة 1947, اشتمل على نقل بعض الموظفين من الديوان العام إلى مصلحة البريد، وترقيتم على ثلاث درجات سادسة من الدرجات المخصصة لموظفي مصلحة البريد. ثم أصدر الوزير قراراً ثانياً برقم 483 في 30 من سبتمبر سنة 1947, اشتمل على نقل موظفين اثنين من الديوان العام إلى مصلحة البريد, وترقيتهما تيسيراً على درجتين من الدرجات السادسة المخصصة لموظفي مصلحة البريد, ثم نقلهما في نفس الوقت إلى وزارة الشئون الاجتماعية. ثم أصدر قراراً ثالثاً برقم 812 في 17 من ديسمبر سنة 1947, ثم قراراً رابعاً برقم 577 في 20 من أكتوبر سنة 1947, جرياً على نفس السياسة التي اتبعها. وأخيراً أصدر الوزير قراراً خامساً برقم 1018 في 15 من فبراير سنة 1948 اشتمل على نقل كل من عزيز سوريال وباسيلي يوسف تادرس والسيد محمد عبد الغني من الديوان العام إلى مصلحة البريد، وترقيتهم على ثلاث درجات سادسة من الدرجات التي خصصت لموظفي مصلحة البريد, ثم ندبهم فوراً للعمل في الديوان العام كما كانوا من قبل (وهذا القرار الأخير هو موضوع المنازعة الحالية محل هذا الطعن). وانتهى المدعي (كمال فوزي) إلى طلب إلغاء القرارات الخمسة السالف بيانها واعتبارها كأن لم تكن, وأحقيته هو في الترقية إلى الدرجة السادسة اعتباراً من أول مايو سنة 1947. وقال الدفاع عن الحكومة إن مصلحة البريد قد أصابها في التنسيق 189 درجة سادسة وزعت بين الأقدمية المطلقة وبين الاختيار للكفاية الممتازة طبقاً للنسبة المقررة لكل منهما, فخص الأقدمية 170 درجة روعيت الأقدمية المطلقة في الترقية إليها, وخص الاختيار للكفاية الممتازة 19 درجة, ولم يقع الاختيار على المدعي لوجود من هو أفضل منه. وبجلسة 3 من مايو سنة 1950 أصدرت محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية) حكمها في تلك الدعوى "بإلغاء القرارات الصادرة من وزير المواصلات العمومية في 31 من أغسطس سنة 1947 برقم 360 وفي 30 من سبتمبر سنة 1947 برقم 483 وفي 15 من فبراير سنة 1948 برقم 1018 فيما تضمنته من شغل الدرجات السادسة التنسيقية بترقية موظفين لم يكونوا من عداد موظفي مصلحة البريد وما يترتب على ذلك من حرمان هؤلاء من الإفادة من التنسيق, وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها في تلك الدعوى على أن المدعي (كمال فوزي) ينعي على القرارات السالفة الذكر ومن بينها القرار رقم 1018 لسنة 1948 أنها اشتملت على نقل بعض الموظفين - ومن بينهم سوريال وباسيلي وعبد الغني - من الديوان العام إلى مصلحة البريد وترقيتهم في الوقت ذاته على الدرجات السادسة المخصصة في التنسيق لموظفي مصلحة البريد. ثم قالت المحكمة إنه قد بان لها من الاطلاع على صور القرارات المشار إليها صحة ذلك, وهو أمر قد حظرته قواعد التنسيق التي تضمنها كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 2/ 17 في 30 من يوليه سنة 1947؛ إذ نصت الفقرة الثالثة من المادة العاشرة من تلك القواعد على أن تكون الترقية لدرجات التنسيق مقصورة على الموظفين والمستخدمين الموجودين في الخدمة وقت صدور القانون رقم 122 لسنة 1947 الخاص بالتنسيق, وهذا النص قد جاء من العموم والإطلاق بحيث يشمل الدرجات المخصصة للأقدمية المطلقة والدرجات المخصصة للاختيار للكفاية الممتازة على حد سواء, وإذ كانت القرارات الثلاثة السالف ذكرها لم تراع هذه القاعدة وشملت بالترقية إلى الدرجات السادسة المخصصة في التنسيق لمصلحة البريد موظفين نقلوا إليها بعد 30 من يوليه سنة 1947, فإنها تكون قد جاءت مخالفة للقانون متعيناً إلغاؤها في هذا الخصوص. وقالت محكمة القضاء الإداري في أسبابها إنها لا يفوتها في هذا المقام أن تنوه بأن إلغاء القرارات المشار إليها لا يلزم جهة الإدارة بترقية المدعي (كمال فوزي) حتماً, وإنما تؤدي فقط إلى وجوب إعمال الاختيار بين موظفي مصلحة البريد وحدهم الذين كانوا موجودين في خدمتها منذ 30 من يوليه سنة 1947, ومنهم كمال فوزي.
ومن حيث إنه ولئن كانت حجية الأحكام الصادرة بالإلغاء, وفقاً لحكم المادة 9 من القانون رقم 9 لسنة 1949 التي رددتها المادة 17 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة التي تنص على أنه "تسري في شأن الأحكام جميعها القواعد الخاصة بقوة الشيء المقضي به, على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة", هي حجية عينية كنتيجة طبعية لإعدام القرار الإداري في دعوى هي في حقيقتها اختصام له في ذاته, إلا أن مدى الإلغاء يختلف بحسب الأحوال؛ فقد يكون شاملاً لجميع أجزاء القرار، وهذا هو الإلغاء الكامل, وقد يقتصر الإلغاء على جزء منه دون باقية, وهذا هو الإلغاء الجزئي؛ كأن يجري الحكم بإلغاء القرار فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية, أو يجري الحكم "بإلغاء القرارات الصادرة من وزير المواصلات العمومية فيما تضمنته من شغل الدرجات السادسة التنسيقية بترقية موظفين لم يكونوا من عداد موظفي مصلحة البريد". وغني عن البيان أن مدى الإلغاء يتحدد بطلبات الخصوم وما تنتهي إليه المحكمة في قضاءها. فإذا تبين لها مثلاً من الاطلاع على القرار الوزاري رقم 1018 الصادر في 15 من فبراير سنة 1948 أنه صدر على النحو الآتي: (أولاً) اعتباراً من اليوم السادس عشر من شهر فبراير سنة 1948 ينقل مستخدمو الديوان العام لوزارة المواصلات المبينة حالة كل منهم فيما يلي:
1 - عزيز سوريال, سابعة شخصية. 2 - باسيلي يوسف تادرس, سابعة شخصية. 3 - السيد محمد عبد الغني, سابعة شخصية. (ثانياً) اعتباراً من نفس التاريخ يرقى كل من موظفي البريد الآتية أسماؤهم إلى الدرجة المبينة أمام كل منهم, وذلك طبقاً للبيان الآتي: 1 - محمد محمد أبو شادي من السادسة إلى الخامسة. 2 - عبد العزيز أحمد الشيخ من السابعة إلى السادسة. 3 - عزيز سوريال من السابعة الشخصية إلى السادسة. 4 - باسيلي يوسف تادرس من السابعة الشخصية إلى السادسة. 5 - السيد محمد عبد الغني من السابعة الشخصية إلى السادسة. (ثالثاً) اعتباراً من نفس التاريخ يندب كل من عزيز سوريال وباسيلي تادرس ويوسف والسيد محمد عبد الغني إلى العمل بالديوان العام بالوزارة" - إذ تبين للمحكمة ذلك, فإنه يكون من الواضح أن الإلغاء المقضي به بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 121 لسنة 3 ق بإلغاء القرار رقم 1018 لا يمكن أن ينصرف إلا إلى ترقية الموظفين الثلاثة الذين لم يكونوا من عداد موظفي مصلحة البريد وحدهم دون أن يمس حكم الإلغاء من شملهم القرار بالترقية من موظفي مصلحة البريد؛ فترقية عبد العزيز أحمد الشيخ, الذي هو موظف أصيل في خدمة مصلحة البريد منذ التحاقه بها في 9 من مارس سنة 1922, إلى الدرجة السادسة بقرار 1018 في 15 من فبراير سنة 1948, تظل - رغم الإلغاء، الصادر بجلسة 3 من مايو سنة 1950 - باقية لم يمسسها حكم الإلغاء وتظل المصلحة قائمة في الطعن فيه لمن لهم مصلحة في ذلك من موظفي البريد؛ ومن ثم يكون المطعون لصالحه في هذا الطعن (جورجي نجيب حنا) في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه رقم 1018 من شأنها أن تجعله مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له. ويكون الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 26 من نوفمبر سنة 1956 بعدم قبول الدعوى لسابقة إلغاء القرار المطعون فيه إلغاءً مجرداً بالحكم الصادر في الدعوى رقم 121 لسنة 3 ق قد جاء مخالفاً لمبدأ حجية الحكم بالإلغاء حقيقاً بإلغائه, والقضاء بجواز نظر الدعوى.
ومن حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
(ب) عن الموضوع:
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الكشف المقدم من مصلحة البريد في 23 من نوفمبر سنة 1954 بناء على طلب محكمة القضاء الإداري ببيان موظفي مصلحة البريد من الدرجة السابعة الشخصية الذين تتوافر فيهم شروط المنسيين وهي 35 سنة في الخدمة وأربع سنين في الدرجة الأخيرة, وذلك وقت صدور القرار رقم 1018 في 15 من فبراير سنة 1948 وترتيب المدعي بينهم, فقد ثبت أن عددهم بلغ 14 موظفاً منسياً, وقد جاء ترتيب أسمائهم بالكشف المذكور بحسب تاريخ دخول كل منهم خدمة المصلحة, وأولهم محمد علي حسن دخل الخدمة في أول ديسمبر سنة 1904, وثانيهم صبحي أندراوس دخل الخدمة في أول أبريل سنة 1907, وثالثهم أنطوان ميخائيل دخل الخدمة في 7 من يونيه سنة 1909, ورابعهم غالي عبد الشهيد في أول فبراير سنة 1910, ثم حبيب غبريال في 15 من فبراير سنة 1910, وهكذا تضمن الكشف أسماءهم تدريجياً إلى أن ظهر اسم المطعون لصالحه في آخر القائمة قرين الرقم 14 ومؤشراً أمامه أنه دخل الخدمة في 28 من يناير سنة 1913. وظاهر أن جميع من سبقوه من المنسيين في الكشف المذكور قد التحقوا بخدمة مصلحة البريد في تواريخ متفاوتة, ولكنها سابقة على تاريخ التحاقه هو بخدمة المصلحة.
ومن حيث إن الفقرة هـ من البند رابعاً تحت رقم 10 الخاص بالمنسيين من الكتاب الدوري الصادر من وزارة المالية في شأن القواعد التي تتبع تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 فيما يتعلق بإنصاف بعض طوائف الموظفين والمستخدمين وعمال اليومية والخدمة الخارجين عن هيئة العمال, وهو الكتاب الصادر من وزارة المالية في 13 من فبراير سنة 1944 رقم 234 - 1/ 302 تنص على أنه "تمنح علاوة لكل من قضى 30 سنة في درجتين متتاليتين, ولو لم يتم في هذه الأخيرة منهما 15 سنة, مع سريان هذا على من رقى قبل أول يوليه سنة 1943. والموظف الذي رقي بقرار إنصاف المنسيين يرقى إلى درجة أعلى عند خلوها إذا ما بلغت مدة خدمته 35 سنة بشرط أن تكون مضت على آخر ترقية مدة لا تقل عن 4 سنوات, ولا يتمتع بقرار إنصاف المنسيين من ارتفعت درجته بمقتضى القواعد المبينة في هذا القرار الدوري, على أن الموظفين والمستخدمين الذين لا يستفيدون من التسويات المتقدمة بزيادة في ماهياتهم وتعديل في أقدميتهم يطبق عليهم قواعد إنصاف المنسيين (القواعد المبينة في هذه الفقرة رقم 10 تحل محل أحكام الكتابين الدوريين رقم ف 234 - 5/ 37 الصادرين في أول سبتمبر سنة 1943 و23 من يناير سنة 1944)", وجاء في كتاب وزارة المالية رقم 20/ 1/ 118 في 9 من فبراير سنة 1949 إلى سكرتير مالي وزارة الحربية "أن ما جاء بالفقرة هـ من البند العاشر من الكتاب الدوري رقم ف 234/ 1/ 302 في 13 من فبراير سنة 1944، والتي تنص على أن "الموظف الذي رقي بقرار إنصاف المنسيين يرقى إلى درجة أعلى عند خلوها إذا ما بلغت مدة خدمته 35 سنة بشرط أن يكون قد مضى على آخر ترقية مدة لا تقل عن أربع سنوات" - يلزم ترقية الموظف المنطبقة عليه هذه الشروط, وتكون الترقية في هذه الحالة في حدود سدس الدرجات". ويستفاد من أحكام هذه القواعد أنه لا يحق للمطعون لصالحه أن يطالب بترقيته منسياً إلى الدرجة السادسة في القرار رقم 1018 الصادر في 15 من فبراير سنة 1948 إلا إذا سمحت أقدميته بين رفاقه المنسيين في حكم الفقرة هـ من كتاب المالية الصادر في 13 من فبراير سنة 1944 بترقيته في سدس الدرجات الخالية من الدرجات السادسة. ومتى كان الثابت أن ترتيب المطعون لصالحه في كشف أقدمية زملائه المنسيين حتى تاريخ صدور القرار رقم 1018 هو الأخير, ويتقدمه في هذا المجال ثلاثة عشر موظفاً منسياً كل منهم أحق منه بالترقية على هذا الأساس وفي حدود النسبة المقررة في القواعد التنظيمية السالف الإشارة إليها, وكان الظاهر من الأوراق والملفات التي قررت محكمة القضاء الإداري ضمها إلى هذه الدعوى أن جميع عدد الدرجات السادسة التي خلت بمصلحة البريد من أول يوليه سنة 1947 حتى 4 من يوليه سنة 1949 قد بلغ 61 درجة يخص المنسيين منها سدس النصف أي خمس أو ست درجات على أكثر تقدير؛ ذلك لأن قواعد الإنصاف قد أوصت بتخصيص نصف الدرجات السادسة الإدارية الخالية للتعيين المباشر من الجامعيين ومن إليهم والنصف الآخر لترقية غيرهم, ومع التسليم جدلاً بإفراز السدس من كل من هذه الخلوات وتخصيصه للمنسيين - متى كان الثابت هو ما تقدم, فإن الدور على أحسن تقدير لا يمكن أن يصل إلى المطعون لصالحه, وقد جاء ترتيبه الطبعي بين المنسيين تحت رقم 14 من كشف الأقدمية. هذا وقد رقي المطعون لصالحه بالفعل إلى الدرجة السادسة في 19 من أبريل سنة 1949, ثم رقي إلى الدرجة الخامسة بعد ذلك بأربع سنوات في 19 من أبريل سنة 1953, وأحيل إلى المعاش لبلوغه سن التقاعد في 7 من مايو سنة 1953. وتكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون. وإذا ذهب الطعن غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ فهم القانون وتأويله متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبجواز نظر الدعوى, وبرفضها موضوعاً, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تأمينات اجتماعية - مدة سابقة




تعيين الطالب بالقضاء أثناء أدائه الخدمة العسكرية واحتساب الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى المدة التى قضاها فى الخدمة العسكريةالحكم كاملاً




ضم مدة الخدمة السابقة على أول إبريل 1956 التي لم يؤدي عنها المؤمن عليه اشتراكات إلى مدد الاشتراك الفعلي في التأمين. شرطه. م 32/ 1 ق 79 لسنة 1975.الحكم كاملاً




حساب المدة السابقة للاشتراك في التأمين ضمن المدة المحسوبة في المعاش وفقاً لقانون التأمينات الاجتماعية 63 لسنة 1964. حالاته. الشروط والأوضاع المنصوص عليها في المادتين 84، 85 من القانون بشأن أداء المبالغ المبينة بالجدول رقم 5 "المرافق" تسوية الأعباء وفقاً للمادة الأولى من القانون 15 لسنة 1975. شرطه.الحكم كاملاً




أصحاب المعاشات ممن انتهت خدمتهم قبل يوم 1/ 9/ 1975 أو تركوا الخدمة حتى يوم 4/ 5/ 1980. حقهم في حساب أي عدد من السنوات التي قضوها في أي عمل أو نشاط بعد سن العشرين ضمن مدة اشتراكهم في التأمين. شرطه.الحكم كاملاً




حساب المدة التي قضاها المؤمن عليهم من غير أصحاب المعاشات في أي عمل أو نشاط بعد سن العشرين ضمن مدة اشتراكهم في التأمين. حالاته وشروطه. المادتان 34/ 1، 170 ق 79/ 1975 المعدل بق 25/ 1977.الحكم كاملاً




اشتراكات التأمين المستحقة عن ضم مدد الخدمة السابقة في حساب المعاش. التزام العامل بأدائها.الحكم كاملاً




أداء الطاعنة مبالغ التأمين المستحقة عن مدد خدمة لأحد العاملين بها دون أن تكون ملزمه بذلك.الحكم كاملاً




حساب مدة الخدمة السابقة في المعاش. شرطه. استحقاق مكافأة عنها طبقاً لقانون العمل. صرف هذه المكافأة للعامل. مؤداه. عدم أحقيته في ضم مدة خدمته السابقة إلى مدة اشتراكه في التأمين.الحكم كاملاً





الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تأمينات اجتماعية - اللجنة الفنية الطبية



قضاء المحكمة الدستورية باختصاص اللجنة الطبية المُشكلة بقرار وزير التأمينات الاجتماعية بفحص طلب المؤمن عليه بإعادة النظر في قرار جهة العلاج. مؤداه.الحكم كاملاً





الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تأمينات اجتماعية - صناديق التأمين



صندوق التأمين على العاملين بالشركة الطاعنة والمسجل نظامه الأساسي لدى الهيئة العامة المصرية للرقابة على التأمين طبقاً للقانون 54 لسنة 1975 . له شخصية اعتبارية مستقلة .الحكم كاملاً




استحقاق المؤمن عليه في حالة انتهاء خدمته بسبب بلوغ سن التقاعد أو الوفاة أو العجز المنهي للخدمة مبلغ تأمين يعادل أخر عشرين شهراً من أجر الاشتراك الأخير. شرطه. ألا تقل مدة اشتراكه في الصندوق عن عشر سنوات.الحكم كاملاً




تحديد الجهة الملتزمة بأداء مستحقات المؤمن عليه عن جميع مدة اشتراكه فى التأمين فى حالة انتقاله بين القطاعات التأمينية لصندوقى التأمينات العبرة فيه بالصندوق الذى يتبعه فى تاريخ انتهاء خدمته.الحكم كاملاً




صندوق التأمين التكميلي للعاملين بشركة بيع المصنوعات المصرية التمتع بمزاياه شرطه أن يكون قد مضى على اشتراك العضو ستة شهور .الحكم كاملاً




النظام الأساسي لصناديق التأمين الخاصة. التزامه ببيان التعويضات والمزايا التي يحصل عليها الأعضاء أو المستفيدين. وجوب إخطار المؤسسة المصرية العامة للتأمين بأي تعديل فيه. عدم سريان التعديل إلا بعد اعتماده منها ونشره في الوقائع المصرية.الحكم كاملاً




على كل عامل أن يقدم إلى صاحب العمل عند بدء اشتراكه في صندوق المؤسسة وخلال المدة المقررة في المادة الخامسة من هذه اللائحة شهادة ميلاد أو مستخرجاً رسمياً منها أو شهادة من إدارة التجنيد بتاريخ تجنيده أو إعفائه منه أو أي مستند رسمي آخر موضح فيه تاريخ الميلاد.الحكم كاملاً


الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تأمينات اجتماعية - رعايا علاجية تأمينية

الجهات التي تتولى بنفسها أو تزمع أن تتولى في المستقبل رعاية المنتسبين إليها علاجياً. إلزامها بتقديم نظام العلاج وكيفية تنفيذه. مخالفة ذلك. أثره. المادتان 4، 5 ق 126 لسنة 1981.

الحكم كاملاً

الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تأمينات اجتماعية - الخروج النهائي من نطاق تطبيق القانون



قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964. سريان أحكامه على جميع العاملين عدا الفئات المبينة به. أصحاب الأعمال خروجهم من نطاق تطبيق القانون.الحكم كاملاً




قرارات وزير العمل 22 لسنة 1969 و7 لسنة 1970 و117 لسنة 1970 بشأن حالات الخروج النهائي من نطاق تطبيق القانون.الحكم كاملاً

الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تأمينات اجتماعية - خدم المنازل

خدم المنازل هم الذين يقومون بالأعمال المادية للمخدوم أو ذويه في مسكنه.

الحكم كاملاً

الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تأمينات اجتماعية - تقدير سن المؤمن عليه

 إثبات تاريخ ميلاد المؤمن عليه. اقتصاره على شهادة الميلاد أو مستخرج رسمى من سجل المواليد أو حكم قضائى أو البطاقة العائلية أو الشخصية أو جواز السفر.

الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تأمينات اجتماعية - تحكيم طبي



قواعد التحكيم الطبي المنصوص عليها في القانون رقم 79 لسنة 1975. قواعد تنظيمية. عدم إتباعها لا يحرم العامل من حقه في اللجوء إلى القضاء.الحكم كاملاً




اختيار المؤمن عليه طريق التحكيم الطبي. مؤداه. التزامه بالقرار الصادر من لجنة التحكيم في موضوع المنازعة وعدم التحلل منه.الحكم كاملاً




لجوء المؤمن عليه إلى التحكيم الطبي ليس إلزامياً. اختياره هذا الطريق لاقتضاء حقوقه. أثره. وجوب التزامه بقرار لجنة التحكيم. علة ذلك. نهائية القرار وعدم قابليته للطعن.الحكم كاملاً




لجوء المؤمن عليه إلى التحكيم الطبي ليس إلزامياً. اختياره هذا الطريق لاقتضاء حقوقه. أثره. وجوب التزامه بقرار لجنة التحكيم. علة ذلك. نهائية القرار وعدم قابليته للطعن.الحكم كاملاً




تقدير سن العامل بمعرفة الطبيب المختص. اللائحة التنفيذية للقانون 419 لسنة 1955. اعتبار هذا التقدير نهائياً متى اعتمدته مؤسسة التأمين والادخار. وجوب الأخذ به ولو ثبت خطؤه بيقين. استناد الحكم إلى شهادة ميلاد العامل لتعديل سنه السابق تقديره خطأ.الحكم كاملاً




طلب العامل إعادة النظر أمام لجنة التحكيم الطبي في تقدير هيئة التأمينات لنسبة العجز نتيجة إصابة عمل. صدور قرار اللجنة. وجوب التقيد به باعتباره قراراً نهائياً غير قابل للطعن فيه.الحكم كاملاً




قواعد التحكيم الطبي المنصوص عليها في القانون رقم 92 لسنة 1959. قواعد تنظيمية. عدم اتباعها لا يحرم العامل من حقه الأصيل في اللجوء إلى القضاء .الحكم كاملاً




قواعد التحكيم الطبي المنصوص عليها في القانون رقم 92 لسنة 1959. قواعد تنظيمية عدم اتباعها لا يحرم العامل من حقه الأصيل في اللجوء إلى القضاء .الحكم كاملاً