الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 أغسطس 2023

الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تأمينات اجتماعية - التأمين على أصحاب الأعمال



استحقاق المؤمن عليه أو المستحقين عنه تعويضاً إضافياً في حالة الوفاة طبقاً للمادة 21 من القانون رقم 108 لسنة 1976 بشأن التأمين على أصحاب الأعمال ومن في حكمهم المعدلة بالقانون رقم 48 لسنة 1984. شرطه. انتهاء النشاط بسبب العجز الكامل أو الوفاة. مخالفة ذلك أثره.الحكم كاملاً




التأمين الاجتماعى على أصحاب الأعمال ومن فى حكمهم إلزامى لمن بلغ منهم الحادية والعشرون ولم يتجاوز الستين من عمره واختيارى لمن جاوز سن الستين استحقاق المعاش فى الحالتين ببلوغ المؤمن عليه سن الخامسة والستينشرطه بلوغ مدة اشتراكة فى التأمين 120 شهراً.الحكم كاملاً




صغار المشتغلين لحساب أنفسهم في ظل قراري وزير الشئون والتأمينات الاجتماعية رقميّ 282 لسنة 1977، 18 لسنة 1978.الحكم كاملاً




تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة. سريانه على بعض أصحاب الأعمال. مناطه. المادة الأولى من القانون 61 لسنة 1973. الطلب الذي يقدمه المؤمن عليه مجرد وسيلة لإخطار الهيئة ببعض البيانات الخاصة بالمؤمن عليه وبالفئة التي يختارها لأداء الاشتراكات وحساب المستحقات التأمينية على أساسها.الحكم كاملاً





الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ت / تأمينات اجتماعية - التأمين الإضافي



وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش في ظل القانون 63 لسنة 64. الحق في المعاش للمستحقين عنه، يكون طبقاً للأنصبة والأحكام المقررة بالجدول المرفق .الحكم كاملاً




التأمين الإضافي. حالات استحقاقه المبينة بالقرار بق 116 لسنة 1964. تخلف ذلك. أثره. عدم التزام إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة بصرف التأمين، وكذا عدم الالتزام بالميعاد والإجراءات المنصوص عليهما في المادة 78 من القرار بق سالف الذكر.الحكم كاملاً




إجازة طلب الانتفاع ببعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 لأصحاب المعاشات الذين انتهت خدمتهم قبل العمل به.الحكم كاملاً




التأمين الإضافي المستحق عند وفاة المؤمن عليه، وجوب توزيعه على الورثة طبقاً لقواعد الإرث ما لم يكن قد حدد مستفيدين آخرين قبل وفاته.الحكم كاملاً




استحقاق التأمين الإضافي م 87 ق لسنة 1964. التزام هيئة التأمينات الاجتماعية بسداده ولو لم يكن صاحب العمل قد اشترك عن العامل لديها.الحكم كاملاً




استحقاق المؤمن عليه أو المستحقين عنه للتأمين الإضافي. شرطه. حدوث العجز أو الوفاة أثناء الخدمة.الحكم كاملاً




التزام هيئة التأمينات الاجتماعية بالتعويض عن التأخير في صرف مستحقات العامل. تحديده بواقع 1% عن كل شهر تأخير بما لا يجاوز أصل المستحقات. ق 79 لسنة 1975 وجوب سريانه من تاريخ العمل به في 1/ 9/ 1975.الحكم كاملاً




التأمين الإضافي 870 ق 63 لسنة 64 استحقاق المؤمن عليه أو ورثته لهذا التأمين. شرطه وفاة العامل قبل انقضاء ستة أشهراً على خدمته الفعلية. عدم استحقاقه للتأمين الإضافي ولو كان قد تم سداد اشتراكات 12 شهراً مقدماً طبقاً لتعليمات الهيئة.الحكم كاملاً





الطعن 550 لسنة 3 ق جلسة 8 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 8 ص 73

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

-----------------

(8)

القضية رقم 550 لسنة 3 القضائية

(أ) دعوى إلغاء 

- العبرة في ميعاد رفعها بالقرار الذي ينصب عليه الطعن - فوات ميعاد الطعن في قرار سابق من شأنه أن يؤثر في القرار المطعون فيه - لا يخل بقبول الدعوى شكلاً متى رفعت في الميعاد بالنسبة للقرار المطعون - ذلك يعد وجهاً لدفاع في الموضوع - مثال.
(ب) موظف 

- القانون رقم 255 لسنة 1953 بإنشاء مركز التنظيم والتدريب بقليوب - النص في المادة الثالثة منه على ضم الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لوزارات الصحة العمومية والشئون الاجتماعية والشئون البلدية والزراعة والمعارف العمومية والتي تباشر أعمالها في دائرة ذلك المركز وضمها إليه ونقل الاعتمادات المالية لتلك الهيئات إلى ميزانية المركز بالقانون رقم 256 لسنة 1953 - لا يقتضي ذلك نقل أشخاص شاغلي الدرجات المنقولة إلى المركز بذواتهم - أساس ذلك.

-----------------------
1 - متى كان الثابت أن المدعي يطلب الحكم بإلغاء قرار مركز التنظيم والتدريب بقليوب الصادر في فبراير سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة مع ما يترتب على ذلك من آثار, وأنه أقام الدعوى بإيداع صحيفتها في 17 من فبراير سنة 1955, أي قبل صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة, وفي ميعاد الستين يوماً المقررة قانوناً للطعن بالإلغاء, فإنها تكون مقبولة شكلاً لرفعها صحيحة في الميعاد القانوني أمام المحكمة المختصة بنظرها وقتذاك وطبقاً للإجراءات المعمول بها في ظل أحكام القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة, وإن كانت قد أحيلت بعد ذلك في 16 من يوليه سنة 1955 إلى المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل عملاً بالمادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955. ولا عبرة بما يذهب إليه كل من مركز التنظيم والتدريب بقليوب والخصم الثالث من الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد بمقولة إن القرار الصادر بجلستي 24 من مارس سنة 1954 و4 من أبريل سنة 1954 من لجنة شئون موظفي المركز برفض ضم المدعي إلى المراكز ضمن من تقرر نقلهم إليه قد أصبح نهائياً وغير قابل للطعن فيه لفوات المواعيد المحددة بعد عمله بهذا القرار علماً يقينياً وتظلمه منه؛ ذلك أن المذكور لا يصيب طعنه على القرار الصادر بعدم الموافقة على ضمه إلى المركز, بل على قرار تخطيه في الترقية الذي قدم طلب إلغائه في الميعاد القانوني كما سلف البيان. وإذا صح أن للقرار الأول بعد صيرورته نهائياً بعدم الطعن فيه بالإلغاء في الميعاد المقرر تأثيراً في القرار الثاني, فإن هذا يكون وجهاً لدفاع في الموضوع بطلب رفض الدعوى لا دفعاً بعدم قبولها شكلاً.
2 - إن ضم الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لإشراف الوزارات التي نصت عليها المادة الثالثة من القانون رقم 255 لسنة 1953 إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب تنفيذاً للقانون المشار إليه اقتضى سلخ هذه الهيئات العامة كوحدات نظامية من الوزارات التي عددتها المادة المذكورة ليتكون المركز المنشأ من مجموعها, كما استلزم بالتالي صدور القانون رقم 256 لسنة 1953 بنقل الاعتمادات التي كانت مقررة لتلك الهيئات من ميزانيات الوزارات التي كانت تابعة أو خاضعة لها لكي تنشأ منها ميزانية خاصة للمؤسسة الجديدة التي منحت استقلالاً ذاتياً, وتقررت لها الشخصية الاعتبارية في حدود إشراف الحكومة المركزية عليها حتى تتمكن من مباشرة نشاطها على الوجه الذي ارتآه الشارع. ولما كان من المقومات الجوهرية لقيام الشخصية الاعتبارية أن تكون للشخص الاعتباري ذمة مالية مستقلة, فقد نصت المادة الخامسة من القانون رقم 255 لسنة 1953 على أن "يكون للمركز ميزانية خاصة وتلحق بالميزانية العامة للدولة..", وهذه الميزانية الخاصة بالمركز والمستقلة تكونت ابتداء من المبالغ التي حذفت من الاعتمادات المالية المدرجة بميزانيات الوزارات والمصالح المبينة بالجدول حرف "ب" المرافق للقانون رقم 256 لسنة 1953. وإذا كان هذا الجدول قد تضمن بياناً لعدد الدرجات ونوعها ووصفها والجهة التي ستؤخذ منها اعتمادات ميزانيتها فإنه لم ينص على وجوب نقل أشخاص شاغليها إلى المركز بذواتهم, وإنما أورد في هذا البيان لكي يحدد على أساسه مقدار المبالغ المقتضى حذفها من ميزانيات الوزارات والمصالح التي عينها. كما أن القانون رقم 255 لسنة 1953 قد خلا من أي نص على نقل موظفي الهيئات التي قضى بضمها إلى المركز, ولو أنه أراد نقل الموظفين والمستخدمين تبعاً لنقل وظائفهم لنص على ذلك كما فعل القانون رقم 534 لسنة 1953 بشأن الموظفين والمستخدمين والعمال المنقولين من المصالح الحكومية التي أصبحت تابعة لمجلس بلدي مدينة القاهرة, الذي نص في مادته الثانية على أن "ينقل إلى مجلس بلدي مدينة القاهرة جميع موظفي ومستخدمي وعمال المصالح الحكومية التي أصبحت أو ستصبح تابعة لهذا المجلس اعتباراً من تاريخ شطب الاعتمادات الخاصة بهم من ميزانية الدولة وإدراج اعتمادات عنها في ميزانية المجلس البلدي..", وكما فعل القانون رقم 188 لسنة 1955 بضم مصالح وإدارات المباني إلى وزارة الشئون البلدية والقروية, الذي نص في مادته الأولى على أن "تضم المصالح والإدارات الآتية بجميع اختصاصاتها وموظفيها إلى وزارة الشئون البلدية والقروية...", وقضى في مادته الثانية بأن "تنقل الاعتمادات المالية الخاصة بالمصالح والإدارات المشار إليها في المادة الأولى الواردة في ميزانية 1954/ 1955 إلى ميزانية وزارة الشئون البلدية والقروية".


إجراءات الطعن

في 6 من مارس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 550 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية الأولى لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بجلسة 6 من يناير سنة 1957 في الدعوى رقم 657 لسنة 2 القضائية المقامة من: لبيب حنا يوسف, ضد: (1) السيد الدكتور مدير عام مركز التنظيم والتدريب بقليوب. و(2) محمد محمد صبري (خصم متدخل), القاضي "أولاً - بقبول تدخل السيد محمد محمد صبري خصماً ثالثاً في الدعوى. ثانياً - رفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصاريف ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة للخصم المتدخل يلزم بها المدعي". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه, وإلغاء القرار الصادر في فبراير سنة 1955 إلغاء كاملاً, وإلزام المركز بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون لصالحه في 21 من مارس سنة 1957, وإلى الخصم الثالث في 31 منه, وإلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب في 9 من أبريل سنة 1957. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 11 من أكتوبر سنة 1958. وفي 2 من يوليه سنة 1958 أبلغ الخصوم بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم, مع الترخيص في تقديم مذكرات خلال عشرة أيام. وقد أودع الخصم الثالث المتدخل في الدعوى مذكرة بملاحظاته انتهى فيها إلى طلب "رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه", كما قدم المطعون لصالحه مذكرة صمم فيها على طلباته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 657 لسنة 2 القضائية ضد السيد الدكتور مدير عام مركز التنظيم والتدريب بقليوب أمام المحكمة الإدارية الأولى لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 17 من فبراير سنة 1955 تحت رقم 1355 لسنة 9 القضائية ثم حولت إلى المحكمة الإدارية المشار إليها بناء على المادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة في 16 من يوليه سنة 1955, قال فيها إنه كان موظفاً بوزارة الصحة بوظيفة كاتب صحة في الدرجة السابعة, فلما صدر القانون رقم 255 لسنة 1953 بإنشاء مركز التنظيم والتدريب بقليوب ضم إلى المركز المذكور واعتبر من موظفيه ابتداء من أول أبريل سنة 1953, وقد خلت درجة سادسة بالمركز كان هو المستحق الوحيد للترقية إليها باعتباره الأول في ترتيب أقدمية الدرجة السابعة بين موظفي المركز. بيد أنه كان هناك موظف محظوظ يراد منحه هذه الدرجة, وللوصول إلى ذلك نقل المدعي إلى الإدارة العامة المالية لوزارة الصحة, وبعد أن تمت ترقية الموظف المذكور عاد المركز يطلب إلى الوزارة الموافقة على نقل المدعي نهائياً إليه, فصدر قرار وزير الصحة بإلغاء قرار إلغاء نقله إلى مركز التنظيم والتدريب لقبول المركز نقله إليه نهائياً اعتباراً من أول أبريل سنة 1953, وتقرر رفع اسمه من عداد موظفي الوزارة من هذا التاريخ. ومرة أخرى أريد ترقية محمد محمد صبري كاتب مجموعة سندبيس على الرغم من أنه أحدث من المدعي في ترتيب الأقدمية, فصدر قرار بترقيته فعلاً إلى الدرجة السادسة في فبراير سنة 1955 متخطياً المدعي بحجة أن مجلس المركز لم يوافق على نقله نهائياً إلا في ديسمبر سنة 1954, وأنه لذلك لا يجوز النظر في ترقيته إلى بعد مرور سنة من ذلك التاريخ. وقد وقع هذا القرار مخالفاً للقانون ومشوباً بسوء استعمال السلطة؛ إذ أن المدعي أصبح تابعاً لمركز التنظيم والتدريب منذ إنشائه في أول أبريل سنة 1953 بحكم المادة الثالثة من القانون رقم 255 لسنة 1953, وكان طوال سنة 1954 يتقاضى مرتبه من المركز. وقد كان القصد من عدم إقرار نقله إلى المركز تفويت الترقية عليه في دوره, هذا إلى أن الحجة التي أبديت لتبرير تخطيه ينقضها قرار وزير الصحة بأن المركز وافق على نقله إليه نهائياً اعتباراً من أول أبريل سنة 1953. وخلص المدعي من هذا إلى طلب "الحكم بإلغاء قرار مركز التنظيم والتدريب بقليوب الصادر في فبراير سنة 1955 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى الدرجة السادسة بالأقدمية باعتباره تابعاً للمركز من أول أبريل سنة 1953, مع إلزام المعلن إليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد رد مركز التنظيم والتدريب بقليوب على هذه الدعوى بالدفع بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد استناداً إلى أن القرار الصادر بجلستي 24 من مارس و4 من أبريل سنة 1954 من لجنة شئون الموظفين برفض ضم المدعي للمركز ضمن من تقرر نقلهم إليه قد أصبح نهائياً وغير قابل للطعن فيه لفوات المواعيد المقررة, وقد علم المدعي بهذا القرار كما تشهد بذلك الشكاوى المتلاحقة التي قدمها في 27 من أبريل و10 من يوليه سنة 1954, ومع ذلك لم يطعن فيه في الميعاد القانوني. وقال في الموضوع إن المدعي كان يعمل بمكتب صحة قها عند إنشاء المركز في أول أبريل سنة 1954, وعند اجتماع لجنة شئون موظفي المركز في 24 من مارس و4 من أبريل سنة 1954 لم توافق على نقله ضمن من تقرر نقلهم للعمل بالمركز وذلك حرصاً على الصالح العام؛ إذ تبينت من استعراض ملف خدمته عدم صلاحيته للعمل بالمركز المنشأ حديثاً والذي يجب أن تكون الأيدي العاملة به نشيطة وذات كفاية ليتمكن من تحقيق رسالته؛ ذلك أن ملف المذكور ملئ بالجزاءات التي تنطق بإهماله الشديد في عمله, ومن بينها أمران برفته من خدمة الحكومة, فقد كان يعمل بقسم مكافحة الأوبئة بوزارة الصحة ورفت من الخدمة في سنة 1938 لإهماله الشديد في أداء واجبه, ثم أعيد تعيينه بعد ذلك, وجوزي بخصم ثلاثة أيام من راتبه لعدم استعماله الدقة في التبليغ اليومي عن عدد المطعمين ضد الجدري, ورفت ثانية في سنة 1940 بناء على طلب قسم توقي الأمراض المعدية بالوزارة لظهور عجز كبير في عهدته. وفي 9 من يوليه سنة 1940 صدر أمر بتعيينه من جديد, ورقي إلى وظيفة مساعد معمل في سنة 1942, وخصم يوم من راتبه لمخالفته التعليمات, ثم عين في وظيفة كاتب في الدرجة الثامنة بالمجموعة الصحية في 5 من سبتمبر سنة 1944, وأنذر لتكرار تأخيره إرسال الكشوف الشهرية, وجوزي بخصم أربعة أيام من راتبه لقيامه بإجازة بدون إذن. ولما كان تاريخ حياته الوظيفية على هذا الوجه, فقد أصدرت لجنة شئون الموظفين قراراً برفض ضمه إلى موظفي المركز, وجاء قرارها هذا سليماً غير مشوب بالبطلان أو بعيب إساءة استعمال السلطة؛ إذ أن تقدير كفاية الموظف وصلاحيته للعمل هو أمر من إطلاقات الإدارة تترخص فيه بحسب المصلحة العامة, كما أن هذا القرار صادر في فبراير سنة 1954 أصبح نهائياً بعدم الطعن فيه في الميعاد. وليس صحيحاً أن قانون إنشاء المركز رقم 255 لسنة 1953 قضى بضم الوحدات بموظفيها إلى المراكز, إذ الواقع أنه لم يوجب ذلك, بل تهدف روحه إلى أن تكون رسالة هذه الوحدات بإشراف المركز عليها لاتحاد الغرض, وإذا ما أريد ضم الموظفين بالوحدات إليه فيلزم عرض حالة كل موظف على لجنة شئون موظفي المركز, فإذا لم توافق على ضم أي موظف كان قرارها في هذا الشأن سليماً بعيداً عن التعسف, وعلى ذلك تكون القاعدة العامة ضم الوحدات بموظفيها والاستثناء عدم ضم الموظف بدليل ضرورة عرض الأمر على اللجنة المذكورة. أما حجة المدعي في أنه كان يتقاضى مرتبه من المركز طوال سنة 1954 بما يجعله ضمن موظفيه فمردودة بأنه لم يتقاض مرتبه من المركز إلا من أول ديسمبر سنة 1954, بعد إذ اضطرت لجنة شئون موظفي المركز إلى إقرار نقله في 27 من نوفمبر سنة 1954 اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954 على أثر عدم استجابة الوزارة إلى ما طلبه المركز من أن تستبدل به موظفاً آخر وعدم إمكان الحصول من الوزارات والمصالح على موظف سواه مكانه واحتياج المركز إلى موظفين فضلاً عن أن المدعي كان تقدم إلى المركز بالتماس يطلب فيه نقله إليه بصفة نهائية. وقد أخطرت الوزارة المركز بقرار نقله على أن يكون اعتبار من أول أبريل سنة 1953, ولما كانت موافقة لجنة شئون موظفي المركز على أن يكون النقل ابتداء من أول ديسمبر سنة 1954, فقد وجب مضي مدة السنة المنصوص عليها في المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 حتى يمكن النظر في أمر ترقيته. أما ترقية محمد محمد صبري فقد اعتمدت خلال تلك السنة. ولا وجه لاعتراض المدعي بأن أمره ظل مغلقاً في الفترة ما بين أول أبريل سنة 1953 وأول ديسمبر سنة 1954؛ ذلك أنه كان تابعاً للوزارة خلال هذه الفترة وكان يصرف مرتبه منها, وقرار الوزارة خاطئ في إرجاع تاريخ نقله للمركز إلى أول أبريل سنة 1953 لسريانه على الماضي وتحميله المركز وضعاً لم يرده ولم تنصرف نيته إليه؛ ولذ فقد أخطر المركز الوزارة لتعديل قرار النقل ونبهها إلى استيفاء ملف خدمة المدعي حتى أول ديسمبر سنة 1954, وقد قامت بتنفيذ ذلك بالفعل. على أن قرار الوزارة في هذا الشأن ليس ملزماً للمركز لاختلاف الجهتين. والثابت من دفاتر حسابات المركز أنها لم تنظم صرف مرتب المدعي إلا من أول ديسمبر سنة 1954؛ ومن ثم فإن قرار المجلس الصادر في فبراير سنة 1955 متضمناً ترقية محمد محمد صبري إلى الدرجة السادسة قد صدر صحيحاً غير مشوب بإساءة استعمال السلطة, ويتعين رفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها وبمقابل أتعاب المحاماة. وقد عقب المدعي على ذلك بمذكرة رد فيها على الدفع بعدم قبول الدعوى بأن قرارات لجنة شئون الموظفين بمركز التنظيم والتدريب التي تدفع الإدارة بعمله بها لا وجود لها؛ لأنه كان قد ضم فعلاً إلى المركز طبقاً لأحكام القانون رقم 255 لسنة 1953؛ ومن ثم فهي منعدمة قانوناً إذ لم يكن الأمر يستدعي إعادة عرض موضوع ضمه مرة أخرى على اللجنة المشار إليها, أما المكاتبات التي تعتبرها الإدارة قرارات فقد صدرت خفية بقصد تفويت الترقية عليه ولم تبلغ له ولم تنشر, وهو لم يتظلم منها بل تظلم من عدم تسوية حالته أسوة بباقي الموظفين, ومع ذلك فقد ظل الأمر قيد البحث إلى أن أجيب إلى طلبه؛ ومن ثم فإن الدفع يكون في غير محله حقيقاً بالرفض وتكون دعواه مقبولة. وأضاف في الموضوع إلى ما جاء بصحيفة دعواه أنه يعتبر منقولاً لمركز التنظيم والتدريب بقليوب طبقاً للقانون رقم 255 لسنة 1953 وبموافقة لجنة شئون موظفي وزارة الصحة التي كان مدير المركز المذكور أحد أعضائها ممثلاً للمركز فيها, وذلك من تاريخ إنشاء هذا المركز في أول أبريل سنة 1953, ولم يصدر أي قرار بنقله أو إبعاده من المركز أو استبدال آخر به. وإذا فرض في الجدل أنه لم ينقل إلا من أول ديسمبر سنة 1954, فقد نقل بدرجته وماهيته من وزارة الصحة. ومتى كان نقل الموظف تبعاً لنقل درجته طبقاً لقانون الميزانية فإنه لا يخضع للقيد الوارد في المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة ولا يجوز تخطيه في الترقية بسبب حداثة نقله. هذا إلى أن المدعي حاصل على مؤهل دراسي أفضل من مؤهل المطعون في ترقيته, وأنه أقدم في الدرجتين الثامنة والسابعة من هذا الأخير. أما الجزاءات التي وقعت عليه فسببها اشتغاله بوظيفة مبخر التي من طبيعتها أن توقع على شاغلها جزاءات كثيرة لاحتكاكه بالجماهير, وأما رفته فكان لمناسبة انتهاء الاعتمادات التي كان يعين عليها, على أنه لم توقع عليه جزاءات منذ سنة 1945, وقد حصل على تقدير جيد وممتاز في التقارير السرية السنوية منذ سنة 1951, بينما ملف خدمة المطعون في ترقيته حافل بجزاءات أشد خطورة وأحدث عهداً مع خلوه من التقارير السرية السنوية التي تدل على درجة كفايته. وقد طلب محمد محمد صبري المطعون في ترقيته قبول تدخله خصماً ثالثاً في الدعوى. وبجلسة أول نوفمبر سنة 1955 قررت المحكمة قبوله خصماً منضماً للمركز, فتقدم بمذكرتين قال فيهما إن المدعي لم ينقل إلى مركز التنظيم والتدريب بالفعل إلا في ديسمبر سنة 1954, وأن القانون رقم 255 لسنة 1953 الذي قضى بضم بعض هيئات تابعة لوزارة الصحة إليه لم ينص على أن هذا الضم مطلق من كل قيد, بل مرجعه إلى رأي لجنة شئون الموظفين التي رفضت ضم المدعي بعد أن فحصت ملف خدمته. وقد كان هذا الأخير لا يتسلم مرتبه بالطريقة المتبعة مع سائر موظفي المركز, وهي التوقيع على الكشوف الخاصة بهم, بل يصرفه بشيك باسمه يرد له من الإدارة المالية بوزارة الصحة حتى شهر ديسمبر سنة 1954 تاريخ نقله. وقد كان المذكور يعلم يقينياً بالقرار الصادر في حقه ولم يطعن فيه في الميعاد القانوني, الأمر الذي يجعل هذا القرار نهائياً ويسقط حقه بالتالي في الطعن في قرار ترقية الخصم الثالث إلى الدرجة السادسة, وهو القرار الذي صدر في شهر فبراير سنة 1955, ولما يمض على نقل المدعي إلى المركز ثلاثة أشهر. ولما كان القانون قد جعل مركز التنظيم والتدريب هيئة ذات كيان مستقل ومنحه الشخصية الاعتبارية, فإن قرار نقل المدعي إليه الصادر من وزير الصحة بأثر رجعي مرتد إلى أول أبريل سنة 1953 لا يكون نافذاً وصحيحاً بمجرد صدوره, بل لا بد من موافقة المركز عليه لصيرورة النقل نهائياً. وقد وافقت لجنة شئون الموظفين التابعة للمركز على هذا النقل مضطرة على أن يكون اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954. ومن ثم فإن ترقية الخصم الثالث قبل مرور سنة على هذا النقل بالتطبيق لحكم المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 تكون صحيحة مطابقة للقانون. ولا حجة في أن السيد مدير عام المركز كان حاضراً وممثلاً للمركز في لجنة شئون الموظفين التابعة لوزارة الصحة التي وافقت على نقل المدعي بأثر رجعي؛ لأن المدير المذكور ليس هو المركز ولا لجنة شئون الموظفين الخاصة به ولا يملك التعبير عن إرادة هذه اللجنة, كما لا وجه للمفاضلة بين المؤهلات الدراسية لكل من المدعي والمطعون في ترقيته, أو للرجوع إلى أقدمية كل منهما في الدرجتين السابقتين, ما دامت الترقية بالأقدمية لا بالاختيار, والعبرة فيها بأقدمية الدرجة الحالية لا ما عداها, ومع ذلك فقد سبق رفت المدعي مرتين إحداهما بسبب إهماله الجسيم. وانتهى الخصم الثالث من هذا إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لفوات ميعاد الطعن, ورفضها موضوعاً, مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أودع المدعي مذكرة تكميلية بملاحظاته على أقوال الخصم الثالث ردد فيها دفاعه السابق, وأنه نقل فعلاً وقانوناً إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب منذ أول أبريل سنة 1953, وكان ذلك بدرجته من وزارة الصحة بناء على القانون رقم 256 لسنة 1953 الذي قضى بنقل الاعتماد من ميزانية الوزارة إلى ميزانية المركز. ولما كان المركز منشئاً حديثاً فإن قيد السنة لا يسري على الموظفين المنقولين إليه وذلك وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة. وقد قدم السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً خلص فيه, لما استند إليه من أسباب, إلى أنه يرى "الحكم: (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وقبولها. (ثانياً) إلغاء القرار المطعون فيه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وتحميل مركز التنظيم والتدريب بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة".
ومن حيث إنه بجلسة 6 من يناير سنة 1957 قضت المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل في هذه الدعوى "أولاً - بقبول تدخل السيد محمد محمد صبري خصماً ثالثاً في الدعوى. ثانياً - رفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصاريف ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب محاماة للخصم المتدخل يلزم بها المدعي", وأقامت قضاءها على أنه لما كان المدعي يبني دعواه على أنه يعتبر في حكم التابع لمركز التنظيم والتدريب بقليوب من أول أبريل سنة 1953, فإنه كان يتعين عليه الطعن في القرارين الصادرين بجلستي 24 من مارس سنة 1954 و4 من أبريل سنة 1954 برفض ضمه للمركز ضمن من تقرر نقلهم إليه, أما ولم يطعن في هذين القرارين في الميعاد القانوني فإنهما يكونان حصينين من الإلغاء وقائمين ومنتجين لآثارهما القانونية. ولما كان مركز التنظيم والتدريب قد أنشئ بالقانون رقم 255 لسنة 1953 المنفذ من تاريخ نشره في 21 من مايو سنة 1953 فإن المدعي وقد نقل إليه اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954 بناء على قرار لجنة شئون موظفي المركز الصادر بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1954, أي بعد أكثر من مضي سنة من تاريخ إنشائه, فإنه يسري في حقه القيد الوارد في المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 من وجوب مضي سنة على الموظف المنقول إلى مصلحة أخرى حتى يمكن ترقيته إلى درجة أعلى. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً, وتكون الدعوى على غير أساس من القانون حقيقة بالرفض مع إلزام رافعها بالمصروفات.
ومن حيث إن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعن في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 6 من مارس سنة 1957 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه, وإلغاء القرار الصادر في فبراير سنة 1955 إلغاء كاملاً, وإلزام المركز بالمصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن المادة الثالثة من القانون رقم 255 لسنة 1953 بإنشاء مركز التنظيم والتدريب بقليوب نصت على أن تضم إلى المركز الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لوزارات الصحة العمومية و.... التي تباشر أعمالها في دائرة ذلك المركز, وأن المادة الرابعة من القانون رقم 256 لسنة 1953 باعتماد ميزانية مركز التنظيم والتدريب بقليوب عن الشهور أبريل - يونيه سنة 1953 نصت على أن يحذف من ميزانية الدولية للسنة المالية 1952/ 1953 مبلغ 53371 ج من ميزانيات الوزارات والمصالح حسب المبين بالجدول حرف "ب" المرافق له, وهذا الجدول ينتظم الوظيفة التي كان يشغلها المدعي. ومقتضى هذا الضم للدرجات والاعتمادات المالية للهيئات التي تقرر سلخها من الوزارات والمصالح وضمها إلى المركز هو أن تنتقل هذه الدرجات بشاغليها إلى المركز؛ ومن ثم يصبح المدعي تابعاً لهذا الأخير اعتباراً من أول أبريل سنة 1953, ولا يغير من هذا الوضع في شيء تردد مركز التنظيم والتدريب في الموافقة على نقله طالما أن الأمر قد انتهى بذلك؛ إذ أن قرار المركز في هذا الشأن لا يعدو أن يكون قراراً تنفيذياً المشار إليهما. ومتى اعتبر المدعي تابعاً للمركز منذ أول أبريل سنة 1953 فإنه ما كان يسوغ تخطيه في الترقية تأسيساً على عدم انقضاء سنة على نقله إلى المركز بالاستناد إلى المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي لا تطبق على حالة إدماج مصلحة أو وحده في أخرى. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد شابه عيب مخالفة القانون والخطأ في تفسيره وتأويله مما يتعين معه الطعن فيه على هذا الاعتبار, دون أن يؤثر ذلك على ما للمركز من حق فيما إذا كانت تقوم به أسباب أخرى لعدم الترقية وفقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الخصم الثالث المتدخل في الدعوى أودع مذكرة بملاحظاته مؤرخة 20 من أكتوبر سنة 1958 ضمنها دفاعه السابق وأن قرار نقل المدعي إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب الصادر من وزير الصحة بأثر رجعي مرتد إلى أول أبريل سنة 1957 لا يمكن أن يكون نافذاً وصحيحاً بمجرد صدوره؛ إذ يلزم موافقة المركز عليه ولا يسري إلا من تاريخ موافقة لجنة شئون الموظفين بالمركز على نقل المدعي نهائياً, وهذه الموافقة لم تصدر إلا في 27 من نوفمبر سنة 1954 اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954 بعد إذ رفضت الوزارة الاستجابة إلى ما طلبه المركز من أن يستبدل بالمدعي موظف آخر أكثر منه صلاحية. والثابت من سجلات صرف الماهيات الخاصة بالمركز أن المدعي لم يصرف مرتبه من هذا الأخير إلا ابتداء من أول ديسمبر سنة 1954, وكان قبل هذا التاريخ يتقاضى مرتبه من وزارة الصحة. كما أن الوزارات منحته علاوة في أول مايو سنة 1953 وصرفت له الفروق بمعرفتها. ومن ثم فلا وجه لطعنه في ترقية الخصم الثالث إلى الدرجة السادسة التي تمت في 17 من فبراير سنة 1955, ولما يكن قد مضى على نقله إلى المركز أكثر من ثلاثة أشهر؛ إذ يوجب القانون في هذه الحالة مضي مدة لا تقل عن سنة لإمكان النظر في ترقيته بعد نقله. وخلص الخصم الثالث من هذا إلى طلب "رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه".
ومن حيث إن المدعي قد عقب بدوره على طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة بمذكرة ردد فيها ما سبق أن أبداه من دفاع وما جاء بتقرير السيد مفوض الدولة أمام المحكمة الإدارية من أسانيد, وكذا ما تضمنه الطعن من أسباب رداً على الحكم المطعون فيه, وذكر أنه أصبح تابعاً لمركز التنظيم والتدريب بقليوب منذ إنشائه اعتباراً من أول أبريل سنة 1953 بقوة القانون وبنقل درجته والاعتماد الخاص بها وشاغلها من وزارة الصحة إلى المركز وفقاً لأحكام القانونين رقمي 255 و256 لسنة 1953. ومن ثم فإنه ما كان يجوز تخطيه في الترقية بمقولة إنه لم تمض سنة على نقله إلى المركز استناداً إلى المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة التي لا تنطبق على حالة إدماج مصلحة أو وحدة في مصلحة أو وحدة أخرى. ذلك أنه أقدم من المطعون في ترقيته في الخدمة وفي الدرجة وفي الحصول على المؤهل الدراسي, كما أنه لا يقل عنه كفاية إن لم يكن أكثر منه امتيازاً, في حين أن الدرجة التي تمت الترقية إليها هي من درجات الأقدمية؛ وبذا يكون القرار المطعون فيه حقيقاً بالإلغاء, لا إلغاء مجرداً كما ذهبت إلى ذلك هيئة المفوضين في تقرير الطعن, بل إلغاء فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة التي حصل عليها هذا الأخير فعلاً وأصبحت الدعوى مقصورة في الواقع على تعديل أقدميته. وطلب في ختام مذكرته "قبول الطعن وإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء قرار فبراير سنة 1955 فيما تضمنه من تخطى المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المركز المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
ومن حيث إن المدعي يطلب الحكم بإلغاء قرار مركز التنظيم والتدريب بقليوب الصادر في فبراير سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وهو القرار رقم 29 لسنة 1955 المتضمن ترقية محمد محمد صبري إلى الدرجة السادسة الكتابية اعتباراً من 31 من يناير سنة 1955 والصادر بناء على قرار لجنة شئون موظفي مركز التنظيم والتدريب بقليوب المنعقدة في 27 من يناير سنة 1955 والمعتمد من رئيس المجلس المشترك للمركز المذكور في 31 من يناير سنة 1955, وقد أقام هذه الدعوى بإيداع صحيفتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 17 من فبراير سنة 1955, أي قبل صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة, وفي ميعاد الستين يوماً المقرر قانوناً للطعن بالإلغاء؛ ومن ثم فإنها تكون مقبولة شكلاً لرفعها صحيحة في الميعاد القانوني أمام المحكمة المختصة بنظرها وقتذاك وطبقاً للإجراءات المعمول بها في ظل نفاذ أحكام القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة, وإن كانت قد أحيلت بعد ذلك في 16 من يوليه سنة 1955 إلى المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل عملاً بالمادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955, ولا عبرة بما يذهب إليه كل من مركز التنظيم والتدريب بقليوب والخصم الثالث من الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد بمقولة إن القرار الصادر بجلستي 24 من مارس سنة 1954 و4 من أبريل سنة 1954 من لجنة شئون موظفي المركز برفض ضم المدعي إلى المركز ضمن من تقرر نقلهم إليه قد أصبح نهائياً وغير قابل للطعن فيه لفوات المواعيد المحددة بعد علمه بهذا القرار علماً يقينياً وتظلمه منه؛ ذلك أن المذكور لا يصب طعنه على القرار الصادر بعدم الموافقة على ضمه إلى المركز, بل على قرار تخطيه في الترقية الذي قدم طلب إلغائه في الميعاد القانوني كما سلف البيان. وإذا صح أن للقرار الأول - بعد صيرورته نهائياً بعدم الطعن فيه بالإلغاء في الميعاد المقرر - تأثيراً في القرار الثاني, فإن هذا يكون وجهاً لدفاع في الموضوع بطلب رفض الدعوى لا دفعاً بعدم قبولها شكلاً؛ ومن ثم فإن هذا الدفع يكون غير قائم على أساس سليم من القانون وتكون الدعوى مقبولة.
ومن حيث إن القانون رقم 255 لسنة 1953 بإنشاء مركز التنظيم والتدريب بقليوب المعدل بالقانون رقم 452 لسنة 1955 نص في مادته الثانية على أن "يكون للمركز الشخصية الاعتبارية...", وفي مادته الثالثة على أن "تضم إلى المركز الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لوزارات الصحة العمومية والشئون الاجتماعية والشئون البلدية والقروية والزراعة والمعارف العمومية التي تباشر أعمالها في دائرة ذلك المركز". وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون "والنتيجة التي يهدف إليها إنشاء المركز من ناحية الواقع والقانون وتكوينه لا يتأتى إلا عن طريق سلخ الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لإشراف وزارة الصحة العمومية والشئون الاجتماعية والشئون البلدية والقروية والزراعة والمعارف العمومية التي تباشر أعمالها في دائرة ذلك المركز وضمها إلى المركز, وهذا ما تواجهه المادة الثالثة". ثم صدر القانون رقم 256 لسنة 1953 باعتماد ميزانية مركز التنظيم والتدريب بقليوب عن الشهور أبريل - يونيه سنة 1953. ونصت المادة الرابعة منه على أن "يحذف من ميزانية الدولة للسنة المالية 1952/ 1953 مبلغ 53371 ج من ميزانيات الوزارات والمصالح حسب المبين بالجدول حرف "ب" المرافق". وقد تضمن هذا الجدول من بين الاعتمادات المحذوفة أربع درجات سابعة لمستخدمين من الديوان العام لوزارة الصحة, ومستخدماً واحداً درجة سابعة من مصلحة الطب العلاجي, وثلاث درجات سابعة من مصلحة الصحة الوقائية لمستخدمين كتابيين، ودرجتين سابعة لمستخدمين من مصلحة القروية. وورد في المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء من وزير المالية والاقتصاد في شأن هذا القانون أن الاتفاق الذي تم بين الحكومة المصرية والهيئة الصحية العالمية بخصوص مركز التنظيم والتدريب بقليوب قضى "بإنشاء إدارة مستقلة تتبع رئاسة مجلس الوزراء ذات ميزانية مستقلة على أن تنظم إليها الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لوزارة الصحة العمومية والشئون الاجتماعية... التي تباشر أعمالها في دائرة المركز بقليوب, وأنه لما كان سلخ هذه الهيئات وضمها يستدعي استصدار قانون خاص بنقل اعتماداتها من ميزانيات الوزارات المذكورة وإنشاء ميزانية خاصة بها فقد أعد مشروع القانون بميزانية الثلاثة الأشهر الأخيرة من السنة المالية 1952/ 1953".
ومن حيث إن ضم الهيئات العامة التابعة أو الخاضعة لإشراف الوزارات التي نصت عليها المادة الثالثة من القانون رقم 255 لسنة 1953 إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب تنفيذاً للقانون المشار إليه اقتضى سلخ هذه الهيئات العامة كوحدات نظامية من الوزارات التي عددتها المادة المذكورة ليتكون المركز المنشأ من مجموعها, كما استلزم بالتالي صدور القانون رقم 256 لسنة 1953 بنقل الاعتمادات التي كانت مقررة لتلك الهيئات من ميزانيات الوزارات التي كانت تابعة أو خاضعة لها لكي تنشأ منها ميزانية خاصة للمؤسسة الجديدة التي منحت استقلالاً ذاتياً وتقررت لها الشخصية الاعتبارية في حدود إشراف الحكومة المركزية عليها حتى تتمكن من مباشرة نشاطها على الوجه الذي ارتآه الشارع. ولما كان من المقومات الجوهرية لقيام الشخصية الاعتبارية أن تكون للشخص الاعتباري ذمة مالية مستقلة, فقد نصت المادة الخامسة من القانون رقم 255 لسنة 1953 على أن "يكون للمركز ميزانية خاصة وتلحق بالميزانية العامة للدولة....", وهذه الميزانية الخاصة بالمركز والمستقلة تكونت ابتداء من المبالغ التي حذفت من الاعتمادات المالية المدرجة بميزانيات الوزارات والمصالح المبينة بالجدول حرف "ب" المرافق للقانون رقم 256 لسنة 1953. وإذا كان هذا الجدول قد تضمن بياناً لعدد الدرجات ونوعها ووصفها والجهة التي ستؤخذ من اعتمادات ميزانيتها فإنه لم ينص على وجوب نقل أشخاص شاغليها إلى المركز بذواتهم, وإنما أورد هذا البيان لكي يحدد على أساسه مقدار المبالغ المقتضى حذفها من ميزانيات الوزارات والمصالح التي عينها. كما أن القانون رقم 255 لسنة 1953 قد خلا من أي نص على نقل موظفي الهيئات التي قضى بضمها إلى المركز, ولو أنه أراد نقل الموظفين والمستخدمين تبعاً لنقل وظائفهم لنص على ذلك كما فعل القانون رقم 534 لسنة 1953 بشأن الموظفين والمستخدمين والعمال المنقولين من المصالح الحكومية التي أصبحت تابعة لمجلس بلدي مدينة القاهرة, الذي نص في مادته الثانية على أن "ينقل إلى مجلس بلدي مدينة القاهرة جميع موظفي ومستخدمي وعمال المصالح الحكومية التي أصبحت أو ستصبح تابعة لهذا المجلس اعتباراً من تاريخ شطب الاعتمادات الخاصة بهم من ميزانية الدولة وإدراج اعتمادات عنها في ميزانية المجلس البلدي", وكما فعل القانون رقم 188 لسنة 1955 بضم مصالح وإدارات المباني إلى وزارة الشئون البلدية والقروية, الذي نص في مادته الأولى على أن "تضم المصالح والإدارات الآتية بجميع اختصاصاتها وموظفيها على وزارة الشئون البلدية والقروية...", وقضى في مادته الثانية بأن "تنقل الاعتمادات المالية الخاصة بالمصالح والإدارات المشار إليها في المادة الأولى الواردة في ميزانية 1954/ 1955 إلى ميزانية وزارة الشئون البلدة والقروية".
ومن حيث إنه ظاهر من ميزانيات الوزارات التي ضمت بعض الهيئات التابعة أو الخاضعة لها إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب أن الدرجات التي نقلت منها إنما نقلت شائعة بدون تخصيص, إذ لم يستغرق النقل كل ما بها من درجات من كل فئة شملها, الأمر الذي تنتفي معه فكرة تعيين الدرجات أو الأشخاص, وآية ذلك أن ميزانية وزارة الصحة العمومية للسنة المالية 1952/ 1953 التي تناول القانون رقم 256 لسنة 1953 الحذف من ربعها الأخير تضمنت من وظائف مستخدمي الدرجة السابعة الكتابية التي كان يشغل مثلها المدعي وقتذاك 215 درجة بالديوان العام و72 درجة بمصلحة الطب العلاجي و84 درجة بمصلحة الصحة الوقائية و20 درجة بمصلحة الصحة القروية, في حين أن ما نقل شائعاً وبدون تعيين من هذه الدرجات بمقتضى الجدول حرف "ب" المرافق للقانون رقم 256 لسنة 1953 آنف الذكر من المصالح المشار إليها على التوالي هو أربع درجات من الديوان العام ودرجة واحدة من مصلحة الطب العلاجي وثلاث درجات من مصلحة الصحة الوقائية ودرجتان من مصلحة الصحة القروية. وقد كان المدعي كاتباً منتدباً بصحة قها مقيداً على الدرجة السابعة بالإدارة المالية بوزارة الصحة. ومفاد هذا أن النقل إنما ورد على مبالغ تحددت على أساس فئات من الدرجات ولم يرد على أشخاص معينين بذواتهم أو بدرجاتهم, ولا سيما أن نهوض المركز برسالته يتطلب حسن اختيار العناصر النشيطة والكافيات الصالحة, وهذا أمر تترك حرية التقدير فيه للجنة شئون موظفي المؤسسة الجديدة ما دامت تتغيا في ذلك وجه المصلحة العامة دون إساءة لاستعمال السلطة, لا أن تفرض عليها عناصر لا تملك اختيارها, وقد وضعت اللجنة ضابطاً لذلك بقاعدة عامة قررتها بجلستها المنعقدة في 24 من مارس سنة 1954, وجاء بها "ترى اللجنة بصفة عامة الموافقة على نقل الموظفين الذين كانوا يعملون في الوحدات التي نقلت إلى المركز كما هم, أما الموظفون الذين كانوا يعملون في وحدات أخرى ثم نقلوا إلى المركز بعد اعتماد ميزانيته, أي بعد أول أبريل سنة 1953, فإن هؤلاء يجب بحث حالة كل منهم واختيار الصالح منهم فقط للنقل إلى المركز", ولم يكن المدعي ممن شملهم قرار النقل سالف الذكر. وإذا كان اسمه قد ورد في الكشوف التي عرضت على لجنة شئون الموظفين بالديوان العام بوزارة الصحة بجلسة 26 من يوليه سنة 1953 بوصفه كاتب صحة قها - مع أنه كان منتدباً لهذه الوظيفة لا أصيلاً فيها - فإنما كان ذلك على سبيل الترشيح من قبل مديري عموم المصالح إذ جاء بمحضر اللجنة "ثم تقدم حضرات مديري عموم المصالح بأسماء من وقع عليهم الاختيار والموضحين فيما بعد للنقل بدرجاتهم". وظاهر من هذا أن إدراج اسم المدعي بين هذه الأسماء إنما كان لوقوع اختيار مدير عام المصلحة التابع لها بالوزارة عليه. وقد كان أمر هذا الاختيار موضوع بحث مطروح على اللجنة لإقراره أو عدم الأخذ به, لا لأن المذكور قد نقل إلى مركز التنظيم والتدريب بدرجته بالذات حتماً وبقوة القانون. وعلى أية حال فإن هذا الترشيح كان صادراً من الوزارة ولا يقيد المركز الذي يتمتع باستقلال ذاتي والذي لم يقره. ولا يغير من هذا حضور مدير عام المركز اجتماع اللجنة؛ لأنه لم يكن ليتحدث باسم المركز أو ليعبر عن إرادته في الالتزام بالموافقة على مثل هذا النقل نيابة عنه. وقد رأت لجنة شئون الموظفين بالمركز فيما استعرضته من ماضي خدمة المدعي الثابت في ملف خدمته وما وقع عليه من جزاءات بلغت حد الفصل من الوظيفة بسبب الإهمال الشديد في أداء الواجب وظهور العجز في عهدته مبرراً كافياً لما قررته في شأنه بجلستي 24 من مارس سنة 1954 و4 من أبريل سنة 1954 من رفض ضمه إلى موظفي المركز لعدم صلاحيته للعمل به, وقد اعتمد قرارها هذا من المجلس المشترك, وطالب المركز وزارة الصحة بأن تستبدل به موظفاً غيره. وقد اكتفي المدعي بالتظلم إدارياً في 27 من أبريل سنة 1954 و10 من يوليه سنة 1954 دون الطعن في الميعاد القانوني في هذا القرار الذي أصبح نهائياً. وذكر في تظلميه المشار إليهما أنه لما ينقل بعد إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب, وأنه ما زال مقيداً تبع الإدارة العامة للحسابات بوزارة الصحة ولم ينقل نهائياً إلى المركز. وإذا كان قرار رفض نقله قد أصبح نهائياً بعدم الطعن فيه في الميعاد, وكان الظاهر من الأوراق أنه ظل حتى آخر نوفمبر سنة 1954 تابعاً مالياً لوزارة الصحة التي تولت صرف ماهيته على ميزانيتها إلى هذا التاريخ, والتي منحته علاوة في أول مايو سنة 1953, والتي أصدرت في شأنه القرار الوزاري رقم 722 في 3 من نوفمبر سنة 1953 برفع ماهيته, والقرار الوزاري رقم 2550 في أول مارس سنة 1954 بتسوية حالته طبقاً لقانون المعادلات الدراسية, والقرار الوزاري رقم 3832 في 29 من يونيه سنة 1954 بإعادة ماهيته ومنحه علاوة, أما الأمران المكتبيان رقما 9 و15 الصادران من المركز في 5 و25 من أكتوبر سنة 1953 بنقله داخلياً بصفة مؤقتة ثم بإلغاء ندبه, فكانا بوصفه منتدباً لا أصيلاً بدليل تعريفهما إياه بأنه "كاتب صحة قها". وإذا كان الثابت أيضاً أنه لم يتقاض مرتبه من المركز, كما يبين من دفاتر حساباته, إلا ابتداء من أول ديسمبر سنة 1954 بعد إذ عادت لجنة شئون موظفي المركز في 27 من نوفمبر سنة 1954 فأقرت نقله إليه اعتباراً من ذلك التاريخ, ولم يخل طرفه من عهدة صحة قها إلا في 17 من يناير سنة 1955, وأن المركز يتمتع بشخصية اعتبارية وذاتية مستقلة, فإن قرار وزير الصحة العمومية رقم 1061 الصادر في 17 من نوفمبر سنة 1954 باعتماد قرار لجنة شئون الموظفين بالديوان العام بالوزارة الصادر بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1954 بإلغاء قرار إلغاء نقل المدعي إلى مركز التنظيم والتدريب بقليوب بأثر رجعي اعتباراً من أول أبريل سنة 1953 لا يلزم المركز بالتاريخ الذي أسند النقل إليه.
ومن حيث إنه متى ثبت أن المدعي لم ينقل بالفعل على مركز التنظيم والتدريب بقليوب إلا اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954, وأن المركز الذي سبق إنشاؤه بالقانون رقم 255 لسنة 1953 الذي صدر وعمل به في 21 من مايو سنة 1953 كان قد خرج وقتذاك بدرجاته من عداد المصالح المنشأة حديثاً, وأن القرار المطعون فيه الخاص بترقية الخصم الثالث محمد محمد صبري إلى الدرجة السادسة بالأقدمية إنما صدر اعتباراً من 31 من يناير سنة 1955 ولما تمض على نقل المدعي إلى المركز مدة السنة التي نصت الفقرة الثانية من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على عدم جواز النظر في ترقيته إلا بعد انقضائها وأن الترقية المطعون فيها لم تجر في نسبة الاختيار ولا في درجة من درجات المصالح المنشأة حديثاً, فإن طعنه في هذه الترقية يكون في غير محله حقيقاً بالرفض. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه, إذ قضى برفض دعواه, يكون قد أصاب الحق في قضائه, ويكون طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة بطلب إلغاء هذا الحكم وإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء كاملاً على غير أساس سليم من القانون ويتعين القضاء برفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.

الطعن 546 لسنة 3 ق جلسة 8 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 7 ص 62

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

----------------

(7)

القضية رقم 546 لسنة 3 القضائية

قرار إداري بالتعيين 

- بيان حقيقة الوظيفة المراد التعيين فيها - وجوب تقصي قصد مصدر القرار في ضوء الظروف التي لابست إصداره, وحدود السلطة التي يملكها, وتوافر أو عدم توافر الشروط اللازمة لإصدار القرار على وجه معين - مثال بالنسبة لقرار نص فيه على تعيين عامل في وظيفة مبخر حال عدم توافر الشروط اللازمة للتعيين في هذه الوظيفة - وجوب حمل القرار على أنه خاص بالتعيين في وظيفة مساعد مبخر وبخاصة متى كانت الظروف التي أحاطت به تدل على اتجاه الإدارة إلى ذلك - تحول القرار الإداري.

----------------
إذا دفعت الجهة الإدارية بوقوع خطأ مادي في قرار التعيين, فإنه يتعين تقصي حقيقة قصد مصدر القرار واستنباط هذا القصد في الظروف التي لابست إصداره, وتبين حدود السلطة التي تملكها في هذا الشأن, وتوافر أو عدم الشروط اللازمة لإمكان إصدار القرار على وجه معين؛ ذلك أن القرار الإداري هو إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة. فإذا كان الثابت عن ميزانية مصلحة المعامل بوزارة الصحة العمومية أن عدد وظائف المبخرين المدرجة بها منذ مايو سنة 1949 هو أربع وظائف, وأن هذا الوظائف الأربع كانت مشغولة جميعها تعيين المدعي في أول نوفمبر سنة 1949 بعد فصله من وظيفة عامل عادي بمعمل المصل واللقاح, وأنه لم تنشأ بالميزانية المذكرة وظيفة لمبخر بإدماج وظيفتي عامل عادي, وأن هذا لم يكن خافياً على المصلحة وقت تعيينه, فإن تحقيق أثر قرار التعيين يكون غير ممكن قانوناً لو أنه قصد به وضعه في وظيفة مبخر, وهي وظيفة لم تكن خالية بالفعل ولم تكن أوضاع الميزانية لتسمح بتعيينه فيها وقتذاك وما كان التعيين فيها ليصادف محلاً لانشغال هذا المحل بسواه. ومما يؤيد اتجاه القصد إلى تعيين المدعي في وظيفة مساعد مبخر لا مبخر تحديد الأجر في قرار تعيينه بما يوازي أجر مساعد المبخر, وتواتر جانب من المكاتبات الخاصة به بعد ذلك بوضع مساعد مبخر, بل وإقراره هو بهذا الوصف في الطلب المقدم منه في 19 من فبراير سنة 1955, وما تقرره المصلحة من أنه منذ تعيينه في هذه الوظيفة لم يقم بعمل مبخر, ومنحه علاواته الدورية على أساس وظيفة مساعد مبخر. هذا إلى أن التعيين في وظيفة مبخر - وهي في وظائف الصناع أو العمال الفنيين التي لا تحتاج إلى دقة - يتطلب بحسب كادر العمال تأدية امتحان أمام لجنة فنية خاصة؛ إذ نص الكادر المذكور على أن "لا يعين عامل من الخارج إلا بعد اجتيازه امتحاناً أمام لجنة فنية يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص, وتحدد هذه اللجنة وظيفته ودرجته, ولا يجوز أن يتقاضى أجراً عند تعيينه أزيد من أول مربوط الدرجة التي حددت له". فشرط التعيين - كما هو الحال في شأن المدعي بعد فصله من وظيفة عامل عادي - هو أداء امتحان أمام اللجنة الفنية المشار إليها, وهي التي يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص, ولا تقوم مقامها أية هيئة أخرى, وحكمة ذلك ضمان الخبرة والتخصص في أعضائها, واتحاد معيار التقدير لديها بالنسبة إلى من يمتحنون أمامها كافة, والوثوق من الحيدة والبعد عن التأثر. وشرطه كذلك النجاح في هذا الامتحان نجاحاً تتضح منه صلاحية الصانع أو العامل للحرفة التي سيعين فيها, وتتحدد على أساسه وظيفته ودرجته حسبما تراه اللجنة, وبالتالي أجره الذي لا يجوز أن يزيد عند التعيين على أول مربوط الدرجة التي تثبت صلاحيته للتعيين فيها. وإذ كان الظاهر من الأوراق أن المدعي أدى امتحاناً محلياً لوظيفة عامل فني بالمعمل, وهو امتحان يختلف عن الامتحان المقرر لوظيفة مبخر لتباين طبيعة العمل في كل من الوظيفتين, وأنه لم يؤد هذا الامتحان أمام اللجنة الفنية المنصوص عليها في كادر العمال بل أمام ممتحن فرد, ولم يؤد امتحاناً ما لوظيفة مبخر بالذات, فإن هذا كله كاف لتأييد ما تذهب إليه المصلحة من أن المذكور إنما عين في وظيفة مساعد مبخر, وما كان في مقصودها أو في سلطتها ولا من الممكن قانوناً لما تقدم من أسباب تعيينه في وظيفة مبخر التي إنما ورد ذكرها في قرار تعيينه من قبيل التجوز وعدم الدقة في التعبير, وفي هذا حمل للقرار على محمل الصحة, فيتحول من قرار باطل لفقدانه شروط صحته ومخالفته للقانون في أحد الفرضين, إلى قرار صحيح مطابق للقانون في الفرض الآخر, ما دام يحتمل الصحة في تأويل له على وجه من الوجوه بما لا يعطل أثره كلية.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 2 من مارس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 546 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والشئون البلدية والقروية والأوقاف بجلسة 31 من ديسمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 353 لسنة 2 القضائية "محاكم" المقامة من عبد الجواد علي محمد ضد وزارة الصحة العمومية وإدارة مصلحة المعامل, القاضي "بأحقية المدعي لأجر يومي قدره 200 م في الدرجة (200/ 360) من تاريخ تعيينه مبخر أوبئة في أول نوفمبر سنة 1949, وما يترتب على ذلك من آثار وفروق اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951, مع إلزام المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة, ورفض ما عدا ذلك من طلبات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليه في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء باستحقاق المدعي لأجر يومي قدره 240 م في الدرجة (240/ 400) من بدء تعيينه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الوزارة المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الصحة العمومية في 2 من أبريل سنة 1957, وإلى المطعون لصالحه في 14 منه. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 11 من أكتوبر سنة 1958. وفي 2 من يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 353 لسنة 2 القضائية "محاكم" أمام المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والشئون والبليدة والقروية والأوقاف ضد وزارة الصحة العمومية ومصلحة المعامل بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 21 من مايو سنة 1955 ذكر فيها أنه عين عاملاً عادياً على اعتماد الأوبئة في 4 من أكتوبر سنة 1942, وأدى امتحاناً فنياً في سنة 1948, وظل كذلك إلى أول نوفمبر سنة 1949 حيث فصل من الخدمة, وعين في اليوم ذاته في وظيفة مبخر أوبئة بأجر يومي قدره 150 م. ولما كان كتاب وزارة المالية رقم 234 - 9/ 53 الصادر في 26 من يونيه سنة 1948 يقضي بأن يكون تعيين العمال الجدد بعد 30 من أبريل سنة 1945 طبقاً لقواعد كشوف حرف "أ" المعمول بها من أول مايو سنة 1945, وكانت وظيفته التي عين فيها من أول نوفمبر سنة 1949 قد وردت بكشوف حرف "أ" الملحقة بكادر العمال في الدرجة (240/ 400 م) حسب مهنة العمال الفنيين الذين تحتاج أعمالهم إلى دقة, فإنه كان يتعين - والحالة هذه - منحة هذا الأجر اليومي لا 150 م؛ ومن ثم فإنه يطلب "الحكم بأحقية الطالب في أجر يومي قدره 240 م من تاريخ تعيينه في أول نوفمبر سنة 1949 للآن, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المعلن إليهما بالمصاريف والأتعاب مع حفظ كافة الحقوق الأخرى". وقد ردت وزارة الصحة العمومية على هذه الدعوى بمذكراتها المؤرخة 26 من يونيه سنة 1955 و17 من ديسمبر سنة 1955 و7 من نوفمبر سنة 1956 بأن المدعي عين بوظيفة عامل عادي في 5 من أكتوبر سنة 1942 بأجر يومي قدره 50 م بمعمل المصل واللقاح, ثم فصل من الخدمة اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1949. وقد اشر السيد مدير المعمل على طلب له بتعيينه مبخراً (15 قرشاً), والمفهوم من تحديد أجره اليومي بخمسة عشر قرشاً, وهو الأجر المقرر لوظائف مساعدي المبخرين, أن المقصود بذلك إنما هو تعيينه في وظيفة مساعد مبخر؛ ذلك أنه كان معيناً في وظيفة عامل عادي المقرر لها في كادر العمال الدرجة (100/ 300 م), ولنقله من هذه الوظيفة يقتضى الأمر إما ترقيته بعد ست سنوات خدمة وإما فصله وتعيينه من جديد, والعامل العادي إما أن يرقى لوظيفة رئيس عمال في الدرجة (160/ 300 م) أو لوظيفة مساعد صانع في الدرجة (150/ 300 م ). ولترقية مساعد الصانع إلى وظيفة صانع يشترط اجتيازه امتحاناً أمام اللجنة الفنية وقضاؤه ست سنوات خدمة على الأقل في وظيفة مساعد صانع. ولذا كان يتعين نقل المدعي أولاً لوظيفة مساعد مبخر ثم ترقيته لوظيفة مبخر بعد ست سنوات وبعد اجتيازه امتحاناً أمام اللجنة الفنية, وإذا فرض أنه فصل من الخدمة وعين تعييناً جديداً من الخارج كصانع أو عامل فني فإن الأمر كان يقتضي اجتيازه امتحاناً أمام لجنة فنية, ويختلف الامتحان لوظيفة عامل فني تمام الاختلاف على الامتحان لوظيفة مبخر نظراً لاختلاف طبيعة عمل كل من الوظيفتين. وقد أدى المذكور في 17 من يناير سنة 1949 امتحاناً محلياً لوظيفة عامل فني بالمعمل "صحة" المقرر لها في كادر العمال الدرجة (200/ 360 م), وذلك لمجرد إعداده للترقية عند وجود وظائف خالية, ولم تكن هناك وظائف خالية وقت الامتحان لعمال فنيين بالمعمل, ووظائف المبخرين بميزانية مصلحة المعامل عددها أربع منذ أول مايو سنة 1949, وهذه الوظائف الأربع كانت مشغولة كلها وقت تعيينه في أول نوفمبر سنة 1949، ولا تزال هذه الوظائف الأربع بالميزانية هكذا حتى الآن. وغير ثابت بملف خدمة المدعي أنه أدى الامتحان اللازم للتعيين في وظيفة مبخر أمام اللجنة الفنية المنصوص عليها في كادر العمال, وجميع المكاتبات الخاصة به بعد تعيينه والموجودة بملف خدمته مذكور فيها أن وظيفته هي مساعد مبخر, بل إنه موجود بهذا الملف طلب مقدم منه في 19 من فبراير سنة 1955 يذكر فيه أنه رقي لوظيفة مساعد مبخر. هذا إلى أنه لا يقوم بعمل مبخر وأنه منح علاواته الدورية على أساس وظيفة مساعد مبخر؛ ومن ثم يتضح أن المقصود بقرار تعيينه إنما هو وضعه في وظيفة مساعد مبخر, وما جاء بهذا القرار لا يعدو أن يكون خطأ كتابياً مطبعياً لاستحالة تعيينه في وظيفة مبخر بسبب عدم وجود وظيفة من هذا القبيل خالية بميزانية المصلحة وقتذاك, وانشغال الوظائف الأربع المدرجة بالميزانية جميعها وعدم أدائه الامتحان الفني المقرر لوظيفة مبخر بالذات. ولما كان من غير المقبول أن يفيد المذكور من خطأ مادي وقع في قرار تعيينه لشغل مركز قانوني توحي كافة الظروف الملابسة بعدم أحقيته في شغله, فإن دعواه تكون فاقدة الأساس حقيقة بالرفض. وقد عقب المدعي على دفاع الوزارة بمذكرتين أصر فيهما على أنه عين اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1949 في وظيفة مبخر لا مساعد مبخر, وذلك بعد اجتيازه امتحاناً لهذه الوظيفة بنجاح, وأضاف أنه إذا كان قرار تعيينه قد صدر خطأ بالمخالفة لأحكام كادر العمال فإن مرور ستين يوماً عليه دون أن تسحبه جهة الإدارة يكسبه حصانة تعصمه من الإلغاء, فترتب عليه آثاره, ومنها استحقاقه أجر الوظيفة التي عين فيها. هذا إلى أن الوظيفة يعينها الامتحان والموافقة على شغلها, أما المرتب فيحدده كادر العمال, ولما كان يشغل وظيفة مبخر بالفعل فإنه يستحق الأجر المقرر لها طبقاً لكشوف حر ف "أ" التي هي أسخي له بحسب حالته؛ إذ أنها تعطيه الحق في التعيين في الدرجة (240/ 400 م ). وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه - للأسباب التي استند إليها - إلى أنه يرى " الحكم بأحقية المدعي لأجر يومي قدره 200 م في الدرجة (200/ 360 م) من تاريخ تعيينه مبخر أوبئة في أول نوفمبر سنة 1949, ورفض ما عدا ذلك من طلبات". وبجلسة 31 من ديسمبر سنة 1956 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي لأجر يومي قدره 200 م في الدرجة (200/ 360 م) من تاريخ تعيينه مبخر أوبئة في أول نوفمبر سنة 1949, وما يترتب على ذلك من آثار وفروق اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951, مع إلزام المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة, ورفضت ما عدا ذلك من طلبات". وأقامت قضاءها على أن المدعي عين مبخراً لا مساعد مبخر على الوظيفة التي أنشئت باعتماد الأوبئة بإدماج وظيفتي اثنين من العمال في 3 من نوفمبر سنة 1949, وأنه امتحن ونجح أمام الممتحن الذي عينته له الجهة الإدارية, وهو الدكتور الحكيم, الذي قرر أنه بامتحانه في معلومات عامل فني أدى الإجابات بنجاح, ولم يكن في مقدوره أن يمتنع عن الامتحان أو يكلف الجهة الإدارية تأليف اللجنة الفنية التي يمتحن أمامها, وامتحانه أمر لا شأن له به؛ لأن المصلحة اختارت الممتحن وهو لا يملك إجبارها على امتحانه أمام لجنة مختصة. وإذا كان من الواجب أن يكون الامتحان أمام اللجنة الفنية التي يصدر بتشكيلها قرار من الوزير, فإن أقصى ما يمكن أن يترتب على تخلف شرط أداء الامتحان أمامها هو فقدان قرار تعيين المدعي لشرط من شروط صحته وصدوره مخالفاً للقانون مما يستأهل معه الإلغاء أو السحب, وما دام لم يسحب في الميعاد القانوني وعدته ستون يوماً من تاريخ صدوره فإنه يصبح حصيناً من الإلغاء أو السحب ويجب أن تترتب عليه آثاره القانونية ومنها استحقاق المدعي لأجر الوظيفة التي عين عليها وهي وظيفة مبخر وذلك على أساس كشوف حرف "ب" الملحقة بكادر العمال والواجبة التطبيق الآن, وقد وردت مهنة مبخر أوبئته في الكشف رقم "4" في الفئة (200/ 360 م) بأجر يومي قدره 200 م؛ ومن ثم فإن طلبه أن يمنح أجراً يومياً قدره 240 م في الدرجة (240/ 400 م) يكون على غير أساس من القانون؛ إذ أنه لا يستحق سوى 200 م أجراً يومياً، ولا يجديه ما يذهب إليه من أن كشوف حرف ( أ ) هي الواجبة التطبيق في حقه لأنها هي الأسخى بالنسبة إليه؛ ذلك لأن مرد تطبيق الكشوف هو إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950, وقد فتح الاعتماد الخاص بتطبيق القواعد التي تضمنها هذا القرار بالقانون رقم 28 لسنة 1951 اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 2 من مارس سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء باستحقاق المدعي لأجر يومي قدره 240 م في الدرجة (240/ 400 م) من بدء تعيينه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الوزارة المصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أنه لما كان المدعي قد عين بعد أول مايو سنة 1945 فإنه يخضع في تقدير أجره لكشوف حرف "أ"؛ ومن ثم فإنه ما كان يجوز أن يضار بتخفيض أجره هذا نتيجة لتطبيق كشوف حرف "ب" على العمال المعينين بعد أول مايو سنة 1945 بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950 الذي استهدف رفع أجورهم لا خفضها؛ لأن في ذلك مساساً بمركزه الذي اكتسبه في هذا الشأن, بل فيه مجافاة لما تغياه القرار المذكور من تطبيق كشوف حرف "ب". وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون, ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إن تحديد ما إذا كان المدعي يستحق الأجر اليومي المقرر في كادر العمال لمن يشغل وظيفة مبخر طبقاً لكشوف حرف "ب" الملحقة بالكادر المذكور بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950 بوصفه معيناً بعد 30 من أبريل سنة 1945, على نحو ما قضى به الحكم المطعون فيه, أو يستحق أجره وفقاً للفئات الواردة بالكشوف حرف "أ" باعتباره قد كسب منها مركزاً قانونياً لا يجوز المساس به بالتخفيض, حسبما ذهب إليه تقرير طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - إن تقرير أي هذه الكشوف هو الواجب التطبيق في حق المدعي رهين باستظهار حقيقة وضعه أولاً في المهنة المعين على درجتها وما إذا كان يشغل وظيفة مبخر أم مساعد مبخر.
ومن حيث إنه ولئن كان الأمر المكتبي رقم 160 الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1949 قد قضى بتعيين المدعي (العامل العادي) بمعمل المصل واللقاح بوظيفة مبخر أوبئة بالمعمل على إحدى الوظائف المستجدة بأجر يومي قدره 150 م اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1949, إلا أنه لما كانت العبرة بالمعاني لا بظاهر اللفظ, وكان إعمال القرار الإداري في الحدود القانونية متى أمكن ذلك إبقاء على استقرار الأوضاع الإدارية خير من إبطاله, فإنه يتعين - إزاء دفع وزارة الصحة (مصلحة المعامل) بوقوع خطا مادي في قرار تعيين المدعي وقولها بأن المقصود كان هو وضعه في وظيفة مساعد مبخر - تقصي حقيقة قصد مصدر القرار, واستنباط هذا القصد من الظروف التي لابست إصداره, وتبين حدود السلطة التي يملكها في هذا الشأن, وتوافر أو عدم توافر الشروط اللازمة لإمكان إصدار القرار على وجه معين؛ ذلك أن القرار الإداري هو إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضي القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة. فإذا كان الثابت من ميزانية مصلحة المعامل بوزارة الصحة العمومية أن عدد وظائف المبخرين المدرجة بها منذ مايو سنة 1949 هو أربع وظائف, وأن هذه الوظائف الأربع كانت مشغولة جميعها وقت تعيين المدعي في أول نوفمبر سنة 1949 بعد فصله من وظيفة عامل عادي بمعمل المصل واللقاح, وأنه لم تنشأ بالميزانية المذكورة وظيفة لمبخر بإدماج وظيفتي عامل عادي, وأن هذا لم يكن خافياً على المصلحة وقت تعيينه, فإن تحقيق أثر قرار التعيين يكون غير ممكن قانوناً لو أنه قصد به وضعه في وظيفة مبخر, وهي وظيفة لم تكن خالية بالفعل ولم تكن أوضاع الميزانية لتسمح بتعيينه فيها وقتذاك وما كان التعيين فيها ليصادف محلاً لانشغال هذا المحل بسواه. ومما يؤيد اتجاه القصد إلى تعيين المدعي في وظيفة مساعد مبخر لا مبخر تحديد الأجر في قرار تعيينه بما يوازي أجر مساعد المبخر, وتواتر جانب من المكاتبات الخاصة به بعد ذلك وصف مساعد مبخر, بل وإقراره هو بهذا الوصف في الطلب المقدم منه في 19 من فبراير سنة 1955, وما تقرره المصلحة من أنه منذ تعيينه في هذه الوظيفة لم يقم بعمل مبخر, ومنحه علاواته الدورية على أساس وظيفة مساعد مبخر. هذا إلى أن التعيين في وظيفة مبخر, وهي من وظائف الصناع أو العمال الفنيين التي لا تحتاج إلى دقة, يتطلب بحسب كادر العمال تأدية امتحان أمام لجنة فنية خاصة؛ إذ نص الكادر المذكور على أن "لا يعين عامل من الخارج إلا بعد اجتيازه امتحاناً أمام لجنة فنية يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص, وتحدد هذه اللجنة وظيفته ودرجته, ولا يجوز أن يتقاضى أجراً عند تعيينه أزيد من أول مربوط الدرجة التي حددت له". فشرط التعيين - كما هو الحال في شأن المدعي بعد فصله من وظيفة عامل عادي - هو أداء امتحان أمام اللجنة الفنية المشار إليها, وهي التي يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص, ولا تقوم مقامها أية هيئة أخرى. وحكمة ذلك ضمان الخبرة والتخصص في أعضائها, واتحاد معيار التقدير لديها بالنسبة إلى من يمتحنون أمامها كافة, والوثوق من الحيدة والبعد عن التأثر. وشرطه كذلك النجاح في هذا الامتحان نجاحاً تتضح منه صلاحية الصانع أو العامل للحرفة التي سيعين فيها, وتتحدد على أساسه وظيفته ودرجته حسبما تراه اللجنة وبالتالي أجره الذي لا يجوز أن يزيد عند التعيين على أول مربوط الدرجة التي تثبت صلاحيته للتعين فيها. وإذ كان الظاهر من الأوراق أن المدعي أدى في 17 من يناير سنة 1949 امتحاناً محلياً لوظيفة عامل فني بالمعمل, وهو امتحان يختلف عن الامتحان المقرر لوظيفة مبخر لتباين طبيعة العمل في كل من الوظيفتين, وأنه لم يؤد هذا الامتحان أمام اللجنة الفنية المنصوص عليها في كادر العمال بل أمام ممتحن فرد هو الدكتور الحكيم, ولم يؤد امتحاناً ما لوظيفة مبخر بالذات, فإن هذا كله كاف لتأييد ما تذهب إليه المصلحة من أن المذكور إنما عين في وظيفة مساعد مبخر, وما كان في مقصودها أو في سلطتها ولا من الممكن قانوناً لما تقدم من أسباب تعيينه في وظيفة مبخر التي إنما ورد ذكرها في قرار تعيينه من قبيل التجوز وعدم الدقة في التعبير, وفي هذا حمل للقرار على محمل الصحة, فيتحول من قرار باطل لفقدانه شروط صحته ومخالفته للقانون في أحد الفرضين, إلى قرار صحيح مطابق للقانون في الفرض الآخر, ما دام يحتمل الصحة في تأويل له على وجه من الوجوه بما لا يعطل أثره كلية.
ومن حيث إنه متى تقرر أن المدعي يشغل في حقيقة الأمر وظيفة مساعد مبخر لا مبخر, وأنه كان قبل ذلك يشغل وظيفة عامل عادي التي تجوز الترقية منها إلى رئيس عمال عاديين في الدرجة (160/ 240 - 300 م) أو التعيين بعدها في وظيفة مساعد صانع في الدرجة (150/ 240 - 300 م) وفقاً لأحكام كادر العمال, فإن وضعه في وظيفة مساعد مبخر ومنحه أجراً يومياً يعادل أول مربوط هذه الدرجة يكون صحيحاً مطابقاً للقانون, وتكون دعواه بطلب تقرير أحقيته في أجر يومي قدره 240 م من بدء تعيينه في أول نوفمبر سنة 1949 حتى الآن مع ما يترتب على ذلك من آثار على غير أساس سليم من القانون حقيقة بالرفض. وإذ ذهب كل من الحكم المطعون فيه وطعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة إلى إجابته إلى طلباته جزئياً أو كلياً على أساس التسليم باعتباره شاغلاً لوظيفة مبخر مع اختلاف بينهما في مقدار الأجر الذي يستحقه ونوع الدرجة التي يوضع فيها وفئتها، فإنهما يكونان قد جانبا الصواب, ويتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 243 لسنة 3 ق جلسة 8 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 6 ص 56

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

----------------

(6)

القضية رقم 243 لسنة 3 القضائية

(أ) عامل 

- تحديد المركز القانوني للعامل - يتعين تبعاً لوصف الحرفة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه أو ترقيته - لا يغير من هذا المركز قيام العمل فعلاً بعمل وظيفة من طبيعة أخرى.
(ب) عمال النقل المشترك 

- البند 24 من قواعد الترقيات الخاصة بكادر عمال النقل المشترك - نصه على اتخاذ أول أغسطس سنة 1944 بدءاً للتدرج في الدرجة الفنية إذا كان العامل قد شغل الوظيفة الفنية قبل هذا التاريخ - عدم انطباق أحكامه إذا كان العامل يشغل وظيفة عادية في التاريخ المذكور.

------------------
1 - إن المركز القانوني للعامل يتعين تبعاً لوصف الحرفة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه أو بترقيته؛ إذ أن هذا القرار هو الذي يحدد نوع العمل المنوط به وكذا درجته وأجره, ولا يغير من هذا المركز قيام العامل فعلاً بعمل وظيفة من طبيعة أخرى؛ إذ لا ينال الدرجة المخصصة لهذه الوظيفة إلا بالقرار الصادر بمنحه إياها وفقاً للقواعد التنظيمية المقررة في هذا الشأن.
2 - إن قواعد الترقيات الخاصة بكادر عمال النقل المشترك قد نصت في البند 14 على أنه "إذا لم يوجد في ملف خدمة العامل مذكرة من الإدارة بالنقل من وظيفة عادية إلى وظيفة فنية وكان العامل يشغل الوظيفة الفنية من مدة وقبل أو أغسطس سنة 1944 (حسب ما يقرره حضرة المهندس المختص) يتخذ أول أغسطس سنة 1944 التاريخ الفعلي للتدرج في الدرجة الفنية". فإذا كان الثابت من ملف خدمة المدعي أنه كان يشغل وظيفة عادية قبل أول أغسطس سنة 1944, فلا تجديه شهادة المهندس المختص, فضلاً عن أن من شهد لصالحه أمام المحكمة الإدارية كان موظفاً عادياً وليس مهندساً. فمن ثم لا ينطبق في حقه نص البند 14 المشار إليه.


إجراءات الطعن

في 14 من فبراير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 18 من ديسمبر سنة 1956 في القضية رقم 122 لسنة 3 القضائية المرفوعة من السيد بشري شحاتة حسب الله ضد إدارة النقل المشترك, والقاضي "باستحقاق المدعي لدرجة صانع دقيق اعتباراً من أول أغسطس سنة 1944 وتدرج أجره والعلاوات المقررة في حدود هذه الدرجة من هذا التاريخ, وما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق من 14 من فبراير سنة 1951, مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة, ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وقد طلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب الواردة في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, مع إلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 22 من مايو سنة 1957, وللمدعي في 17 من يونيه سنة 1957, وعين لنظره جلسة 11 من أكتوبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بالمحضر, وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم, ورخصت في تقديم مذكرات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 122 لسنة 3 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية طلب فيها الحكم بصفة أصلية باستحقاقه وظيفة لحام كاوتشوك في درجة صانع دقيق اعتباراً من 9 من أبريل سنة 1937 تاريخ دخوله الخدمة, وما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق من أول مايو سنة 1945, واحتياطياً الحكم بتسوية حالته باعتباره مرقى إلى وظيفة صانع دقيق بعد انقضاء خمس سنوات من منحه أجراً يومياً قدره 110 م في أول مارس سنة 1942, مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بالخدمة في 9 من أبريل سنة 1937 في وظيفة عامل كاوتشوك بأجر يومي قدره تسعة قروش. ولما صدرت قواعد كادر العمال ونفذت على عمال إدارة النقل في 14 من فبراير سنة1951 طبقت عليه تطبيقاً غير سليم؛ إذ كان يجب اعتبار أجره اليومي 300 م في أول مايو سنة 1942 ثم يدرج بعد ذلك بعلاوة قدرها 20 م كل سنتين حتى يصل إلى 420 م في أول مايو سنة 1952, بينما أجره الذي تقاضاه في ذلك التاريخ نتيجة لهذا التطبيق غير الصحيح 340 م يومياً؛ ومن ثم يكون من حقه المطالبة بالفروق المستحقة مضافاً إليها فروق إعانة الغلاء في حدود المبلغ المطالب به, وقال إن التحاقه بالخدمة في وظيفة عامل كاوتشوك ثابت من دفتر الإنتاج الخاص به ومن التقارير المودعة ملف خدمته. وقد ردت الجهة الإدارية على ذلك بأن المدعي التحق بالخدمة في 9 من أبريل سنة 1937 بأجر يومي قدره 90 م بمهنة غسال, ونقل إلى عامل كاوتش في أول مارس سنة 1945, وكان يتقاضى أجراً يومياً قدره 110 م, وعند تطبيق كادر العمال اعتبر في درجة صانع غير دقيق من 6 من أبريل سنة 1942؛ لأن مهنة عامل كاوتش لا تدخل في نطاق المهن التي تحتاج إلى دقة, وبلغ أجره 120 م في أول مارس سنة 1944, و260 م في أول مايو سنة 1950. ثم أعيدت تسوية حالته عند تطبيق قواعد كادر العمال المعمول به من 14 من فبراير سنة 1951 على أساس أنه مساعد صانع في أول أغسطس سنة 1944 بأجر يومي قدره 160 م, واعتبر في درجة صانع دقيق بعد خمس سنوات من هذا التاريخ, ومنح أجراً يومياً قدره 300 م من أول أغسطس سنة 1949, وبلغ 340 م في أول مايو سنة 1954, وأنها كانت اقترحت اعتباره مساعد صانع من أول مارس سنة 1944, وكان أجره 120 م يومياً بالرغم من أنه لم يؤد امتحاناً, وذلك تشجيعاً له لإلمامه بجميع أعمال الكاوتش الفنية, ولكن استناداً إلى ما سبق أن قررته الإدارة في أول أغسطس سنة 1944 بشأن وضع العمال في درجات قبل تطبيق الكادر اعتبر في درجة مساعد صانع من أول أغسطس سنة 1944, ومنح درجة صانع دقيق بعد خمس سنوات, ثم استطردت فقالت إن الإدارة لو طبقت عليه أحكام الكادر حسبما تضمنته قواعده لما وصل إلى درجة دقيق إلا بعد 14 من فبراير سنة 1951 وبعد أداء امتحان ووجود درجة شاغرة. وبجلسة 18 من ديسمبر سنة 1956 حكمت المحكمة باستحقاق المدعي لدرجة صانع دقيق اعتباراً من أول أغسطس سنة 1944, وتدرج أجره بالعلاوات المقررة في حدود هذه الدرجة من التاريخ المذكور, وما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق من 14 من فبراير سنة 1951, مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة, ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وأسست قضاءها على أنه لم تكن هناك درجات فنية في إدارة النقل قبل أول مايو سنة 1945, ولا يوجد ما يثبت أن العمال كانوا يؤدون امتحاناً قبل هذا التاريخ, فوضعت اللجنة المشكلة لتطبيق كادر العمال مقياساً لتقدير صلاحية العامل يقوم مقام الامتحان, فاتخذت الأجر مقياساً لذلك, ونظراً لأنه لم تكن هناك درجات فنية ترقى عليها الإدارة من ترى ترقيتهم من العمال فقد نص البند 14 من قواعد الترقيات التي وضعتها هذه اللجنة على أنه "إذا لم توجد في ملف خدمة العامل مذكرة بنقله من وظيفة عادية إلى وظيفة فنية, وكان يشغل الوظيفة الفنية قبل أول أغسطس سنة 1944, حسبما يقرره المهندس المختص, اعتبر هذا التاريخ الأخير بداية التدرج في الدرجة الفنية". وإذ تبين من أقوال المهندس المختص في شأن المدعي وهو رئيس قسم الكاوتشوك في جلسة المرافعة أنه منذ تولى رياسة القسم في سنة 1944 كان المدعي يزاول وظيفة لحام كاوتشوك بالفعل, كما قدم المدعي صورة شمسية لتقرير يومي مستخرج من دفاتر الكاوتشوك يثبت أنه كان يباشر عملية لحام الكاوتشوك, والثابت من ملف الخدمة أن أجره بلغ 160 م في أول أغسطس سنة 1944, وهذا الأجر يدخل في النطاق الذي حددته لجنة تطبيق الكادر لتقدير الصلاحية في درجة صانع دقيق؛ ومن ثم فقد تعلق حق المدعي بدرجة صانع دقيق في أول أغسطس سنة 1944.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المستفاد من مذكرة عضو مجلس الإدارة المنتدب المفسرة لكادر عمال إدارة النقل العام أن الذين يعاملون بقواعد هذا الكادر هم الذين كانوا يشغلون وظائف فنية في تاريخ نفاذ هذه القواعد, أي في 14 من فبراير سنة 1951, والثابت من ملف المدعي أنه كان يشغل وظيفة عامل كاوتشوك في ذلك التاريخ, أي أنه كان عاملاً عادياً, وبالتالي فإنه لا يفيد من حكم الفقرة 14 من قواعد الترقيات حتى لو فرض أنه كان يزاول عملاً فنياً, والواقع أنه لم يفعل. ولا وجه للاعتداد بشهادة السيد/ عبد الحميد سلامة؛ لأنه ليس المهندس المختص المعنى بالفقرة 14 السالفة الذكر؛ إذ تقرر الإدارة أنه ليس مهندساً. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير ذلك فقد خالف القانون ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي التحق بالخدمة في 9 من أبريل سنة 1937 بمهنة غسال بأجر يومي قدره 90 م, ثم شغل بعد ذلك وظيفة عامل كاوتشوك اعتباراً من أول مارس سنة 1945 وكان أجره وقتئذ 110 م يومياً, وهذه المهنة غير فنية ولذلك لم يؤد امتحاناً عند نقله إليها, ثم سويت حالته بالتطبيق لأحكام كادر العمال الصادر في سنة 1944 فاعتبر في درجة صانع غير دقيق من 6 من أبريل سنة 1942 تأسيساً على أنه مهنة عامل كاوتش لا تدخل في نطاق المهن التي تحتاج إلى دقة, ومنح أجر يومياً قدره 200 م اعتباراً من أول مايو سنة 1945, وظل شاغلاً هذه الدرجة لغاية أول مايو سنة 1950 ووصل أجره إلى 260 م يومياً, ثم أعيدت تسوية حالته بالتطبيق لكادر عمال النقل المشترك الصادر في 14 من فبراير سنة 1951, ونظراً لإلمامه بأعمال الكاوتش الفنية فقد اعتبر في درجة مساعد صانع من أول أغسطس سنة 1944, وفي درجة صانع دقيق بعد مضي خمس سنوات من هذا التاريخ بأجر يومي قدره 300 م بزيادة قدرها 40 م عن أجره السابق, وتدرج بالعلاوات المستحقة طبقاً لأحكام هذا الكادر. ولا يوجد في الأوراق ما يدل على أن المدعي كان يشغل وظيفة لحام كاوتشوك - وهي درجة صانع دقيق - قبل أن تسوى حالته بالتطبيق لأحكام كادر سنة 1951 المشار إليه, خلافاً لما يدعيه من قيامه بهذا العمل قبل سنة 1944, بل الثابت, كما سلف القول, أنه دخل الخدمة في وظيفة غسال, وهي وظيفة غير فنية, وبأجرة يومية قدرها 90 م, وأنه عندما أصيب في عام 1948 بحادث أثناء تأدية عمله نشأت عنه عاهة مستديمة تقدم على الجهة الإدارية بطلب مؤرخ 18 من يناير سنة 1949 يطلب فيه صرف التعويض المستحق له عن هذه الإصابة, ذكر فيه أن وظيفته عامل كاوتش بقسم الصيانة.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن المركز القانوني للعامل يتعين تبعاً لوصف الحرفة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه أو بترقيته؛ إذ أن هذا القرار هو الذي يحدد نوع العمل المنوط به وكذا درجته وأجره, ولا يغير من هذا المركز قيام العامل فعلاً بعمل وظيفة من طبيعة أخرى؛ إذ لا ينال الدرجة المخصصة لهذه الوظيفة إلا بالقرار الصادر بمنحه إياها وفقاً للقواعد التنظيمية المقررة في هذا الشأن.
ومن حيث إن قواعد الترقيات الخاصة بكادر عمال النقل المشترك قد نصت في البند 14 على أنه "إذا لم يوجد في ملف خدمة العامل مذكرة من الإدارة بالنقل من وظيفة عادية إلى وظيفة فنية وكان العامل يشغل الوظيفة الفنية من مدة وقبل أول أغسطس سنة 1944 (حسب ما يقرره حضرة المهندس المختص) يتخذ أول أغسطس سنة 1944 التاريخ الفعلي للتدرج في الدرجة الفنية".
ومن حيث إن ملف خدمة المدعي ثابت به أنه كان يشغل وظيفة عادية قبل أول أغسطس سنة 1944, فلا تجديه شهادة المهندس المختص, فضلاً عن أن من شهد لصالحه أمام المحكمة الإدارية كان موظفاً عادياً وليس مهندساً؛ فمن ثم لا ينطبق في حقه نص البند 14 المشار إليه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعيناً إلغاؤه ورفض دعوى المدعي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 452 لسنة 4 ق جلسة 1 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 5 ص 42

جلسة أول نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

----------------

(5)

القضية رقم 452 لسنة 4 القضائية

معاش 

- موظفو السكة الحديد المؤقتون والخدمة الخارجون عن الهيئة - قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947 بالتجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1944 واستبعاد هذا الجزاء المتجاوز عنه من متجمد احتياطي المعاش الواجب على هؤلاء الموظفين أداؤه عند تثبيتهم - تقريره قاعدة تنظيمية عامة تسري على جميع موظفي المصلحة المثبتين, سواء من عين منهم بمقتضى قرار 21/ 6/ 1938 و16/ 6/ 1943 أو 20/ 1/ 1952 - أساس ذلك.

------------------
إن المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء والتي وافق عليها في 16/ 9/ 1947 قد أشارت غير مرة إلى حالة موظفي مصلحة السكك الحديدية من حيث نظام مكافآتهم طبقاً للائحة الخاصة بالمؤقتين منهم والخدمة الخارجين عن هيئة العمال وسخاء هذه اللائحة بالمقارنة بالمكافأة المستحقة بالتطبيق لقانون المعاشات الصادر سنة 1909, وأن أسباب هذا الفرق بين المكافأتين إنما يرجع إلى طبيعة العمل بمصلحة السكك الحديدية, فهو شاق مضمن وأن موظفي هذه المصلحة قد اكتسبوا حقاً في الفرق بين المكافأتين (المكافأة المقررة بمقتضى لائحة السكك الحديدية والمقررة بمقتضى قانون المعاشات سنة 1909), وأن هذا الفرق وإن كان الأصل فيه أن يبقى في خزينة مصلحة السكك الحديدية حتى يفصل الموظف فتصرف إليه, وذلك طبقاً للائحة المصلحة المذكورة الخاصة بالمكافآت, إلا أنه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 يصير التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1944 والخاص بالإعانة الإضافية عن سنى الخدمة الزائدة على 24 سنة واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي بحيث يخفف عبء أقساطه عن هؤلاء الموظفين على أن تتحمل مصلحة السكك الحديدية نصف المتجاوز عنه بالخصم من ميزانيتها. ومن ثم تكون القاعدة التنظيمية مطلقة غير مقصورة التطبيق على طائفة دون أخرى, وأن العلة في تقرير القاعدة الواردة بمذكرة اللجنة المالية هي سخاء مكافآت مصلحة السكك الحديدية بسبب مشاق أعمال موظفيها, وأنهم كسبوا هذا الحق فلا يجوز إهداره عند تثبيتهم والإخلال بمراكزهم السابقة على التثبيت, وهذه العلة متوافرة في موظفي المصلحة سواء من ثبت منهم بمقتضى قرار21 من يونيه سنة 1938 أو 16 من يونيه سنة 1943 أو 20 من يناير سنة 1952 بشأن جواز تثبيت الموظفين؛ إذ الخلاف في هذه القرارات إنما هو شروط التثبيت وحساب الماهية وحساب المدة السابقة على التثبيت, وهو خلاف غير ذي شأن أو موضوع بالنسبة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 الذي صدر بعد هذه القرارات جميعاً وصدر مطلقاً عاماً غير مقيد. وانبنى على سبب واحد هو حق موظفي مصلحة السكك الحديدية في مكافأة أسخي من المكافأة المقررة لموظفي الحكومة المؤقتين والخارجين عن هيئة العمال بالتطبيق لقانون المعاشات الصادر سنة 1909. وهذا السبب قائم بالنسبة للموظفين المثبتين بقرار 21 من يونيه سنة 1938 أو ما تلاه من قرارات, وكلها سابقة على قرار مجلس الوزراء الصادر سنة 1947 المشار إليه. وأما ما ورد في مذكرة اللجنة المالية من الإشارة إلى قرار 21 من يونيه سنة 1938 فهو على سبيل الرواية وسرد الوقائع باعتباره أول قرار صدر بفتح باب التثبيت بعد وقفة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من يناير سنة 1935, فهو أول مناسبة لإثارة المنازعات الخاصة بمتجمد الاحتياطي والفرق بين المكافأتين, فلا يعتد بهذه المناسبة لقصر تطبيق قرار سنة 1947 السابق الإشارة إليه على من ثبت بمقتضى قرار سنة 1938, ما دام الهدف الذي قصد إليه مجلس الوزراء هو التخفيف عن كاهل موظفي مصلحة السكك الحديدية لسخاء مكافآتهم, وهي حق لهم كانوا سيتقاضونه عند إحالتهم إلى المعاش طبقاً للائحتهم, وإنما عجل بالتجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأتين واستبعاده من متجمد الاحتياطي تخفيفاً عن كاهل هذه الطائفة من الموظفين بلا تمييز بين من ثبت منهم بقرار 21 من يونيه سنة 1938 أو قرار 16 من يونيه سنة 1943 أو قرار 20 من يناير سنة 1952؛ إذ الجميع يشتركون تماماً في علة إصدار القرار, وينتفعون منه بناء على عموم القاعدة التنظيمية التي حددت بمقتضى قرار مجلس الوزراء سنة 1947 المشار إليه مفسرة بما جاء في مذكرة اللجنة المالية. وأما الاستناد في قصر تطبيق قرار مجلس الوزراء المشار إليه على من ثبتوا طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938 إلى القول بأن اللجنة المالية - إذ طلبت بياناً بجملة الاحتياطي المستحق على المثبتين طبقاً لقرار سنة 1938, وجملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من فبراير سنة 1944, وعلى أساس لائحة مكافآت السكك الحديدية, والفرق بين المكافأتين لتحديد جملة المبالغ اللازمة لتنفيذ القاعدة المقترحة - قد عنت هؤلاء دون غيرهم فهي مردودة؛ (أولاً) : بأنه لم يرد في المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء السابق الإشارة إليها ما يدل على أن اللجنة المالية طلبت بيان جملة الاحتياطي المستحق لموظفي ومستخدمي المصلحة المثبتين بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1938, بل إن المذكرة في هذا الصدد أشارت إلى أن اللجنة المالية طلبت إلى مصلحة السكك الحديدية موافاتها بجملة الاحتياطي المستحق على هؤلاء المستخدمين وكذلك جملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من فبراير سنة 1944 وعلى أساس نظام مصلحة السكك الحديدية.
وهؤلاء المستخدمون هم المثبتون من موظفي المصلحة والذين يعاملون بلائحة مكافآتها, وعلى ما سبق إيضاحه. (ثانياً): بأن هذا البيان إنما هو للاستئناس فقط؛ لأن المصلحة ما كانت لتدفع أو لتفتح اعتماداً لتغطية نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء المشار إليه, بل إن الأمر لا يعدو مجرد التعجيل بصرف نصف فرق المكافأة من باب التيسير بدلاً من بقائه معلي لحسابهم لدى المصلحة لحين بلوغهم السن المقررة لترك الخدمة في الوقت الذي ينوء فيه كاهلهم بأقساط متجمد احتياطي المعاش.


إجراءات الطعن

في 26 من أبريل سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بجلسة 25 من فبراير سنة 1958 في الدعوى المرفوعة من السيد/ كامل صديق عمر ضد مصلحة السكك الحديدية, والذي قضى "بأحقية المدعي في التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي المستحق عليه في المعاش طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947, وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت مصلحة السكك الحديدية المصروفات, وبأن تدفع للمدعي مبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للمدعي في 16 من مايو سنة 1958, وللحكومة في 28 منه، وعين لنظر الدعوى جلسة 4 من أكتوبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات, ثم أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام دعواه بصحيفة أودعت في 16 من يوليه سنة 1957 طالباً الحكم بإلزام مصلحة السكك الحديدية بخصم نصف الفرق بين المكافأة المستحقة له طبقاً للائحة مكافآت السكك الحديدية وبين مقدار المكافأة طبقاً للائحة الحكومة من مبلغ الاحتياطي المستحق عليه في يوم تثبيته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947. وأجابت مصلحة السكك الحديدية بأن حق الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947 قاصر على من ثبتوا طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 6/ 1938. وصدر الحكم المطعون فيه بجلسة 25 من فبراير سنة 1958 بأحقية المدعي في التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1944 واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي المستحق عليه في المعاش طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947, وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المدعى عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وقد استند الحكم إلى أن العبرة في القاعدة التنظيمية هو بمنطوقها وحكمها, وقد جاء المنطوق وحكم القاعدة التنظيمية الواردة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947 مطلقاً عاماً مجرداً غير قاصر على طائفة دون أخرى, كما أن القصد من وضع هذه القاعدة هو تخفيف عبء أقساط احتياطي المعاش المتجمد المستحقة على الموظفين الذين يثبتون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المذكرة التي قدمت من اللجنة المالية ووافق عليها مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947 لم تتناول سوى من ثبت وفق قرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 6/ 1938, ولم تشر إلى من جرى تثبيتهم طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 6/ 1943 أو غيرها من القرارات, مما يدل على أن القاعدة التي وضعتها اللجنة المالية قاصرة على من طبق عليه قرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 6/ 1938 دون من عداهم من الموظفين الذين تختلف شروط تثبيتهم عن شروط تثبيت الطائفة الأخرى, هذا فضلاً عن أن اللجنة المالية قبل أن تتقدم إلى مجلس الوزراء بهذه القاعدة التنظيمية طلبت من مصلحة السكك الحديدية أن توافيها بحملة الاحتياطي المستحق على الموظفين الذين يثبتون طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 6/ 1938 وجملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1944 وعلى أساس لائحة مكافآت مصلحة السكك الحديدية والفرق بين المكافأتين لتحديد جملة المبالغ اللازمة لتنفيذ القاعدة المقترحة؛ ومن ثم ينبغي أن يكون تطبيق القاعدة التنظيمية قاصراً على من حصرت تكاليف تثبيتهم من موظفي المصلحة, كما أن اللجنة المالية قد أكدت هذا النظر عند تفسيرها لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947, فرأت أن يقتصر تطبيقه على من يثبت وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 6/ 1938 (كتاب المالية رقم ف 234 - 1/ 137 الصادر من وكيل وزارة المالية إلى مراقب عام الحسابات بمصلحة السكك الحديدية في 27/ 9/ 1947), وأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 على المدعي, وهو لم يثبت طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938, فإنه يكون قد خالف القانون. وانتهى رئيس هيئة المفوضين إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام رافعها بالمصروفات.
ومن حيث إنه يبين من المساق المتقدم أن مثار النزاع هو ما إذا كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 بشأن التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 قد جاء عاماً مطلقاً أم مقصور الأثر على من ثبتوا بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938.
ومن حيث إن القرار المشار إليه قد وافق على ما رأته اللجنة المالية بمذكرتها رقم 3/ 600 مواصلات ف 334 - 1/ 137 المرفوعة إلى مجلس الوزراء في 9 من سبتمبر سنة 1947, وقد جرت بالآتي "تقدم موظفو الحركة بمصلحة السكك الحديدية بشكوى عن طريق البرلمان ملخصها أن طبيعة العمل بمصلحة السكك الحديدية وظروفها الشاقة قضت بأن تسن لائحة لمكافآت موظفيها الخارجين عن هيئة العمال وتصل المكافأة التي تمنح بمقتضى هذه اللائحة إلى ماهية المستخدم في 42 شهراً إذا بلغت مدة خدمته 35 سنة فأكثر طبقاً لجدول تصاعدي, وبمقارنة نصوص هذه اللائحة بأحكام قانون المعاشات سنة 1909 الخاص بسائر مستخدمي الحكومة المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال نجد أن مستخدم مصلحة السكك الحديدية يمتاز على زميله المستخدم في الوزارات والمصالح الأخرى؛ إذ أن هذا الأخير يستولي على مكافأة تعادل ماهية نصف شهر عن كل سنة ولا تتعدى بحال من الأحوال ماهية 12 شهراً في حين أن مستخدم السكك الحديدية قد تصل مكافأته إلى ماهية 42 شهراً. وترجع أسباب هذه التفرقة في المعاملة إلى العمل الشاق الذي يقوم به موظفو مصلحة السكك الحديدية ليلاً ونهاراً ويتحملون في سبيله المخاطر. وفي 21 من يونيه سنة 1938 صدر قرار من مجلس الوزراء بقواعد تسير عليها الوزارات والمصالح في تثبيت الموظفين وإدخال مدد خدمتهم المؤقتة والخارجة عن هيئة العمال في حساب معاشهم, فأقبل موظفو مصلحة السكك الحديدية على التثبيت حفظاً لكيانهم ولكيان عائلاتهم من بعدهم واعتقاداً منهم - إن صواباً أو خطأ - أنهم لا يفقدون الامتياز الذي كسبوه بمقتضى اللائحة الخاصة بالمصلحة, وبعد التثبيت استحق على هؤلاء الموظفين متجمد الاحتياطي عن مدد خدمتهم التي حسبت لهم في المعاش بلغ مئات الجنيهات, فطلبت وزارة المالية منهم سداده إما دفعة واحدة وإما خصمه من ماهياتهم على أقساط مدى الحياة. ولما كانت هذه الأقساط من الضخامة بحيث لا تتحملها مرتباتهم المتواضعة علاوة على الاستقطاعات الأخرى من الاحتياطي وضريبة دمغة, فقد شكا هؤلاء الموظفون من ذلك الخصم بأن كيان ماهياتهم انهار واختل نظام معيشتهم وراحت عائلاتهم ضحية لهذا المشروع خصوصاً في الظروف الحاضرة والغلاء مستحكم, مع أن الحكومة ما قصدت بمشروع التثبيت إلا العطف على الموظفين وعائلاتهم. وتلاحظ وزارة المالية أن هناك فرقاً بين موظفي السكة الحديد مصالح الحكومة الأخرى في الاستفادة من هذا التثبيت؛ لأن موظف السكة الحديد إذا استمر خارج الهيئة يستولي عن مكافأة ممتازة عن زميله بمصلحة أخرى فإذا قبل هذا الأخير استقطاع هذا الاحتياطي المتجمد فإنه الرابح لأن المكافأة التي كان يحصل عليها بعد انتهاء مدة خدمة ضئيلة جداً, أما الموظف بالسكة الحديد فسيخسر مكافأة 42 شهراً علاوة على الاحتياطي, وهو مبلغ لا يستهان به. وفيما يلي مقارنة بين مقدار الخسارة التي تحيق بموظف السكك الحديدية إذا ما ثبت في وظيفته وأدخل جميع مدد خدمته في حساب المعاش: (1) موظف بالسكة الحديد عمره خمسون سنة بلغت مدة خدمته لغاية تاريخ تثبيته 25 سنة بمرتب عشرة جنيهات يستحق مكافأة 36 شهراً أي 360 ج. (2) موظف بالمصالح الأخرى عمره خمسون سنة بلغت مدة خدمته لغاية تاريخ تثبيته 32 سنة بمرتب عشرة جنيهات يستحق مكافأة 12 شهراً أي 120 ج. فإذا ما ثبت الاثنان في وظيفتهما بمقتضى قواعد واحدة, يكون موظف السكة الحديد مغبوناً في فروق قدرها 240 ج. ويقول موظفو هذه المصلحة في عريضتهم إنه ليس من العدل والإنصاف أن يطالب موظف السكة الحديد بمتجمد الاحتياطي مثل زميله الذي لا يتساوى معه في مقدار المكافأة المقررة أصلاً, وأنهم كانوا على يقين أن أولى الأمر القائمين بتسوية متجمد الاحتياطي سيراعون هذا الفرق الكبير لحساب موظفي السكة الحديد, ولكنهم فوجئوا بطلب الاحتياطي المتجمد بأكمله؛ مما يقصم الظهور ويقوض أركان حياتهم وحياة أولادهم, وأن المكافأة حق مكتسب لهم, فلا أقل من احتساب الفرق لهم لغاية تاريخ التثبيت من أصل المتجمد, ويسقط الباقي مدى الحياة إذا بقى عليهم شيء. وتلاحظ وزارة المالية أيضاً أن القاعدة تقضي بعدم حساب أية مدة في المعاش إلا إذا دفع الموظف عنها الاحتياطي, ولم يستثن من هذه القاعدة إلا مدد الخلو إذا كان الفصل من الخدمة لأسباب سياسية؛ وذلك لأن الموظف لم يتناول أجراً أو ماهية خلال فترة انقطاعه عن العمل، ولكن ما دام أن الموظف استولى على ماهيته فإنه يجب أن يستقطع منه الاحتياطي إذا أراد إدخال مدة خدمته في حساب المعاش, ولا يمكن استثناء موظفي المصلحة من هذه القاعدة. ويذكر هؤلاء الموظفون في عريضتهم أنه إذا كانت الحكومة قد رأت تمييز مستخدمة مصلحة السكة الحديد فيما يختص بالمكافأة للمشاق التي يتحملونها أثناء عملهم ليل نهار, فمن الصعب عليهم أن يروا فقدان هذا الامتياز منهم بمجرد قبولهم الدخول في سلك الموظفين الدائمين, والطلب في الواقع لا يرمي إلى إعفائهم من دفع الاحتياطي عن مدد خدمتهم المؤقتة والخارجة عن هيئة العمال التي حسبت لهم في المعاش, بل يرمي إلى حفظ حقهم في الامتياز الذي كسبوه من جراء تطبيق لائحة للمكافآت أسخي من القانون العام الذي ينطبق على سائر الموظفين في المصالح المختلفة, وهذا الامتياز مرجعه نوع العمل الذي يؤدونه, فهو شاق ومضن يعانون من أجله السهر في ساعات الليل, والعمل باستمرار وهم وقوف ساعات طويلة, ويتحملون بسببه متاعب الشتاء ببرده القاسي ومتاعب الصيف بحره الشديد, خصوصاً وأنه بعد دخولهم في سلك الموظفين الدائمين لم يغيروا هذا النوع من العمل بل هم مستمرون فيه, والامتياز الذي كسبوه ويطلبون حفظ حقهم فيه هو عبارة عن الفرق بين المكافأة إذا حسبت طبقاً للائحة مصلحة السكك الحديدية والمكافأة إذا حسبت طبقاً لقانون المعاشات و قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 الخاص بالإعانة الحتمية عن المدة الزائدة على 24 سنة عن مدة الخدمة المؤقتة السابقة لتاريخ تثبيتهم, فبدلاً من صرف هذا الفرق إليهم فهم يطلبون خصمه من متجمد الاحتياطي المستحق عليهم من جراء حساب مدة خدمتهم في المعاش. هذا وقد أبدى بعض هؤلاء الموظفين رغبتهم في العدول عن التثبيت فيما لو رفض طلبهم, غير أنه لا يجوز قانوناً الرجوع في التثبيت بعد أن تكون الأوامر قد صدرت به واتخذت الإجراءات لتنفيذ هذه الأوامر من حيث استقطاع الاحتياطي للمعاش وإدخال المدد المؤقتة في حسابه وخصم الأقساط المستحقة عليهم, وذلك طبقاً لفتوى من قسم قضايا المالية, كما لا يجوز بحال من الأحوال رد قيمة الاحتياطي الذي سبق خصمه من الموظف مهما كان السبب, وذلك طبقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 37 لسنة 1929. هذا ولما كان المستخدم الخارج عن الهيئة يستولي على مكافأته عن مدة خدمته من مصلحة السكة الحديد رأساً خصماً من اعتماد مخصص لهذا الغرض في ميزانيتها, وفي حالة تثبيته في وظيفته يستولي على معاش من المالية خصماً من اعتماد المعاشات في نظير استيلاء الخزانة على قيمة الاحتياطي ومتجمده. فترى وزارة المالية في حالة الموافقة على الطلب المعروض أن تدفع المصلحة المذكورة الفرق بين المكافأتين لحساب الموظف للخزانة لخصمها من متجمد الاحتياطي المستحق عليه من جراء إدخال مدد خدمته المؤقتة في حساب المعاش, على أن يخصم الباقي عليه - إن وجد - على أقساط شهرية مدى الحياة أو دفعة واحدة حسب رغبته, وإذا زاد فرق المكافأتين عن المتجمد المطلوب رد إليه الزائد. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الموضوع, فرأت قبل البت فيه أن يطلب إلى مصلحة السكك الحديدية موافاتها بجملة الاحتياطي المستحق على هؤلاء المستخدمين وكذلك جملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات و قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 السالف الذكر وعلى أساس نظام مصلحة السكك الحديدية والفرق بينهما. وقد اتضح من البيانات الواردة من مصلحة السكك الحديدية أن مجموع الاحتياطي يبلغ 315.000 ج, والفرق بين المكافأتين نحو 290.450 ج, وعدد الموظفين الذين شملتهم هذه التسوية حوالي 1300 موظف؛ لذلك رأت اللجنة المالية الموافقة على التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكة الحديد والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء المشار إليه, واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي بحيث يخفف عبء أقساطه عن كاهل هؤلاء الموظفين, على أن تتحمل مصلحة السكك الحديدية نصف المتجاوز عنه بالخصم على ميزانيتها, وتتشرف اللجنة المالية برفع رأيها إلى مجلس الوزراء للتفضل بإقراره. وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 16 من سبتمبر سنة 1947 على رأي اللجنة المالية المبين في هذه المذكرة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء قد أشارت غير مرة إلى حالة موظفي مصلحة السكك الحديدية من حيث نظام مكافأتهم طبقاً للائحة الخاصة بالمؤقتين منهم والخدمة الخارجين عن هيئة العمال, وسخاء هذه اللائحة بالمقارنة بالمكافأة المستحقة بالتطبيق لقانون المعاشات الصادر سنة 1909 وأن أسباب هذا الفرق بين المكافأتين إنما يرجع إلى طبيعة العمل بمصلحة السكك الحديدية, فهو شاق مضن, وأن موظفي هذه المصلحة قد اكتسبوا حقاً في الفرق بين المكافأتين (المكافأة المقررة بمقتضى لائحة السكك الحديدية والمقررة بمقتضى قانون المعاشات الصادر سنة 1909), وأن هذا الفرق وإن كان الأصل فيه أن يبقى في خزينة مصلحة السكك الحديدية حتى يفصل الموظف فتصرف إليه, وذلك طبقاً للائحة المصلحة المذكورة الخاصة بالمكافآت, إلا أنه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 يصير التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1944 الخاص بالإعانة الإضافية عن سنى الخدمة الزائدة على 24 سنة واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي بحيث يخفف عبء أقساطه عن هؤلاء الموظفين على أن تتحمل مصلحة السكك الحديدية نصف المتجاوز عنه بالخصم على ميزانيتها؛ ومن ثم تكون القاعدة التنظيمية مطلقة غير مقصورة التطبيق على طائفة دون أخرى, وأن العلة في تقرير القاعدة الواردة بمذكرة اللجنة المالية هي سخاء مكافآت مصلحة السكك الحديدية بسب مشاق أعمال موظفيها, وأنهم كسبوا هذا الحق فلا يجوز إهداره عند تثبيتهم والإخلال بمراكزهم السابقة على التثبيت. وهذه العلة متوافرة في موظفي المصلحة من ثبت منهم بمقتضى قرار 21 من يونيه سنة 1938 أو 16 من يونيه سنة 1943 أو 20 من يناير سنة 1952 بشأن جواز تثبيت الموظفين؛ إذ الخلاف في هذه القرارات إنما هو في شروط التثبيت وحساب الماهية وحساب المدة السابقة على التثبيت, وهو خلاف غير ذي شأن أو موضوع بالنسبة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 الذي صدر بعد هذه القرارات جميعاً وصدر مطلقاً عاماً غير مقيد, وارتبط وانبنى على سبب واحد هو حق موظفي مصلحة السكك الحديدية في مكافأة أسخي من المكافأة المقررة لموظفي الحكومة المؤقتين والخارجين عن هيئة العمال بالتطبيق لقانون المعاشات الصادر سنة 1909, وهذا السبب قائم بالنسبة للموظفين المثبتين بقرار 21 من يونيه سنة 1938 أو ما تلاه من قرارات, وكلها سابقة على قرار مجلس الوزراء لسنة 1947 المشار إليه, وأما ما ورد في مذكرة اللجنة المالية من الإشارة إلى قرار 21 من يونيه سنة 1938 فهو على سبيل الرواية وسرد الوقائع, باعتباره أول قرار صدر بفتح باب التثبيت بعد وقفه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من يناير سنة 1935, فهو أول مناسبة لإثارة المنازعات الخاصة بمتجمد الاحتياطي والفرق بين المكافأتين, فلا يعتد بهذه المناسبة لقصر تطبيق قرار سنة 1947 السابق الإشارة إليه على من ثبت بمقتضى قرار سنة 1938, ما دام الهدف الذي قصد إليه مجلس الوزراء هو التخفيف عن كاهل موظفي مصلحة السكة الحديد لسخاء مكافآتهم, وهي حق لهم كانوا سيتقاضونه عن إحالتهم إلى المعاش طبقاً للائحتهم, وإنما عجل بالتجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأتين واستبعاده من متجمد الاحتياطي تخفيفاً عن كاهل هذه الطائفة من الموظفين بلا تمييز بين من ثبت منهم بقرار 21 من يونيه سنة 1938 أو قرار 16 من يونيه سنة 1943 أو قرار 20 من يناير سنة 1952؛ إذ الجميع يشتركون تماماً في علة إصدار القرار وينتفعون منه بناء على عموم القاعدة التنظيمية التي صدرت بمقتضى قرار مجلس الوزراء سنة 1947 المشار إليه مفسرة بما جاء في مذكرة اللجنة المالية.
ومن حيث إن استناد الطعن في قصر تطبيق قرار مجلس الوزراء المشار إليه على من ثبتوا طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938 إلى القول بأن اللجنة المالية, إذ طلبت بياناً بجملة الاحتياطي المستحق على المثبتين طبقاً لقرار سنة 1938 وجملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 وعلى أساس لائحة مكافآت السكك الحديدية والفرق بين المكافأتين لتحديد جملة المبالغ اللازمة لتنفيذ القاعدة المقترحة, قد عنت هؤلاء دون غيرهم - هذا القول مردود: أولاً - بأنه لم يرد في المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء والسابق إيراد نصها ما يدل على أن اللجنة المالية طلبت بيان جملة الاحتياطي المستحق لموظفي ومستخدمي المصلحة المثبتين بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 1938, بل إن المذكرة في هذا الصدد أشارت إلى أن اللجنة المالية طلبت إلى مصلحة السكك الحديدية موافاتها بجملة الاحتياطي المستحق على هؤلاء المستخدمين وكذلك جملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات وقرار مجلس الوزارة الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 وعلى أساس نظام مصلحة السكك الحديدية. وهؤلاء المستخدمون هم المثبتون من موظفي المصلحة والذين يعاملون بلائحة مكافآتها على ما سبق إيضاحه. وثانياً - بأن هذا البيان إنما هو للاستئناس فقط؛ لأن المصلحة ما كانت لتدفع أو لتفتح اعتماداً لتغطية نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكة الحديد والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء المشار إليه, بل إن الأمر لا يعدو مجرد التعجيل بصرف نصف فرق المكافأة من باب التيسير بدلاً من بقائه معلي لحسابهم لدى المصلحة لحين بلوغهم السن المقررة لترك الخدمة في الوقت الذي ينوء فيه كاهلهم بأقساط متجمد احتياطي المعاش.
ومن حيث إن المذكرة المرفوعة لمجلس الوزراء - والحالة هذه - ليس فيها تخصيص لفئة من المثبتين دون أخرى, فالكل في مركز قانوني واحد من ناحية تثبيتهم والتزامهم بالمتجمد وانتفاعهم بلائحة مكافآت مصلحة السكك الحديدية. بل إن قرار مجلس الوزراء قد تغيا التيسير على المثبتين من موظفي مصلحة السكك الحديدية وكلهم في مركز سواء, لا فرق في ذلك بين المثبتين بقرار سنة 1938 أو ما تلاه من قرارات, لتوافر العلة في حق الجميع ولتجرد القاعدة التنظيمية من التخصيص, وإنما يقوم الطعن على عبارة عارضة جاءت في المذكرة الإيضاحية في صدد العود إلى التثبيت بعد وقفه, فلا يجوز قصر تطبيق القرار على إحدى مناسباته, وإنما يمتد القرار إلى المثبتين من موظفي مصلحة السكك الحديدية, سواء بالتطبيق لقرار سنة 1938 أو ما تلاه؛ إذ الجميع في المركز قانوني متماثل, يفيدون من حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947, وشروط إفادتهم منوطة بالقصد من إصدار القرار وعلته, وهو واجب التطبيق غير مقيد في ذلك بإحدى مناسبات إصداره, ما دامت المذكرة قد انتهت إلى قاعدة تنظيمية عامة مجردة مطلقة من قيد المناسبة التي أدت إلى إصدارها, وقد وافق مجلس الوزراء عليها بصيغتها هذه.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم وللأسباب الأخرى الواردة في الحكم المطعون فيه يكون الطعن على غير أساس من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.