جلسة 11 من فبراير سنة 1967
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.
----------------
(61)
القضية رقم 26 لسنة 8 القضائية
(أ) المحكمة الإدارية العليا "اختصاصها". موظف. تأديب. مجلس التأديب.
قرارات مجالس التأديب - اختصاص المحكمة الإدارية بنظر الطعون المقدمة ضدها دون محكمة القضاء الإداري.
(ب) المحكمة الإدارية العليا "سلطة المحكمة في نظر الطعون المعروضة عليها"
إلغاء الحكم المطعون فيه لمخالفته لقواعد الاختصاص - لا وجه لتصدي المحكمة للفصل في موضوع الدعوى.
(جـ) المحكمة الإدارية العليا "ميعاد الطعن".
رفع الطعن أمام محكمة غير مختصة - أثره - انقطاع ميعاد الطعن - استمرار هذا الأثر قائماً حتى يصدر الحكم بعدم الاختصاص.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 24 من يونيو سنة 1959 أقام الدكتور أمين عبد المجيد بدوي أمين مكتبة كلية التربية بجامعة عين شمس الدعوى رقم 1056 لسنة 13 القضائية ضد جامعة عين شمس ورئيس مجلس تأديب موظفي تلك الجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من مجلس التأديب المذكور بجلسة 27 من إبريل سنة 1959 فيما قضى به من مجازاته بالخصم شهراً من مرتبه مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن جامعة عين شمس قد دفعت بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر هذه الدعوى تأسيساً على أنه ولئن كان للجامعة مجالسها التأديبية الخاصة إلا أن القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات قد نص في المادة 102 منه على أن يسري بالنسبة للمحاكمة أمام مجلس التأديب أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والأحكام التأديبية ونظراً إلى خلو القانون رقم 184 لسنة 1958 من تنظيم طرق الطعن في أحكام المجالس التأديبية - والطعن فيها إجراء من إجراءات المحاكمة - فإنه تنطبق على هذا الطعن أحكام المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 التي تنص على أن (أحكام المحاكم التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا..) فتكون محكمة القضاء الإداري غير مختصة بنظر دعوى (المدعي).
ومن حيث إن المدعي قد عقب على هذا الدفع بقوله إن إجراءات المحاكمة لا تشمل طرق الطعن وأنه وفقاً لأحكام المادتين 8، 12 من قانون مجلس الدولة ينعقد الاختصاص للمجلس بهيئة قضاء إداري بنظر طلبات إلغاء قرارات مجالس التأديب - ومسألة الطعون تتعلق بالنظام القضائي نفسه فلا يجوز فيها القياس أو التوسع في التفسير وعلة اختصاص المحكمة الإدارية العليا بالطعون في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية هو أن هذه المحاكم الأخيرة تعتبر قانوناً فرعاً من فروع القضاء الإداري ولا يصدق هذا الوصف إطلاقاً على المجالس التأديبية للهيئات المستقلة عن مجلس الدولة ولذلك يكون الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر دعواه غير ذي موضوع.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى على أن المستفاد من أحكام المادة 102 من القانون رقم 184 لسنة 1958 وإحالتها في شأن قواعد المحاكمة إلى القانون رقم 117 لسنة 1958 أن الهدف الذي يرمى إليه القانون من ذلك أن يتمشى مع الوضع العام لموظفي الدولة بحيث يكون التطابق والتقابل قائماً بين الإجراءات الخاصة بمحاكمة بموظفي الجامعة الإداريين وسائر موظفي الدولة دون حاجة لترديد أو تكرار هذه الإجراءات في صلب قانون الجامعات والمقصود من إجراءات المحاكمة بحسب المعنى المفهوم قانوناً هو التحقيق واستجواب الموظف المقدم للمحاكمة وسماع الشهود وتسبيب الأحكام ووسائل إبداء الدفاع وطرق الإخطار والإعلان ولم تتعرض المادة المذكورة للطعن في قرارات مجالس تأديب الجامعات وهي منبتة الصلة بإجراءات محاكمة الموظف تأديبياً ومن مقتضى هذا النظر أن الطعن في قرارات مجالس تأديب الجامعات لا يكون مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا وإنما يكون بداءة أمام محكمة القضاء الإداري على اعتبار أنها قرارات إدارية بحتة ولو أنها تأديبية في موضوعها - وذلك على خلاف الحال بالنسبة للأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية التي لا تعدو أن تكون فرعاً من فروع القضاء الإداري. ولا تختص المحكمة الإدارية العليا طبقاً للمادة 10 من القانون رقم 55 لسنة 1959 إلا بنظر الطعون في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية أو المحاكم التأديبية - وقد جاء قانون الجامعات خلواً من أي نص يستفاد منه صراحة جواز الطعن في قرارات مجالسها للتأديب أمام المحكمة الإدارية العليا فلا مناص من إعمال القواعد القانونية العامة الواردة في قانون مجلس الدولة - والقرارات الصادرة من مجالس تأديب الجامعات تندرج تحت عموم القرارات النهائية للسلطات التأديبية التي تختص محكمة القضاء الإداري بصفة أصلية بالفصل في الطلبات المقدمة إليها بإلغائها وعلى ذلك المقتضى يكون الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى غير سديد متعيناً رفضه - كما أقام الحكم المطعون قضاءه بإلغاء قرار مجلس التأديب فيما تضمنه من خصم من مرتب المدعي على أن النتيجة التي انتهى إليها هذا القرار غير مستخلصة استخلاصاً سائغاً ومقبولاً من أصول وعناصر ثابتة تنتجها قانوناً.
ومن حيث إن الطعن يقوم بالنسبة للاختصاص على أن القانون رقم 117 لسنة 1958 أصبح هو القانون العام فيما يتعلق بالمحاكمات التأديبية من حيث بيان إجراءات التحقيق ونظام المحاكم التأديبية وتشكيلها واختصاصاتها طرق الطعن في أحكامها والهدف الأساسي من هذا القانون هو إصلاح أداة الحكم بالقضاء على عيوب نظام المحاكمات التأديبية السابقة وخاصة بطلان إجراءات المحاكمة ولذلك عدل المشرع في هذا القانون عن الوضع القديم الذي كان يجيز استئناف القرارات التأديبية وقضى في المادة 32 منه بأن الطعن لا يجوز إلا أمام المحكمة الإدارية العليا وفي هذه الأحكام ينصرف خطاب المشرع إلى سائر موظفي الدولة عدا من نص على استثنائهم منها وتطبيقاً لذلك جاء حكم المادة 102 من القانون رقم 184 لسنة 1958 استثناء من هذا القانون فيما يتعلق بتشكيل الهيئة التي تقوم بالمحاكمة التأديبية لموظفي الجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس دون المساس بغير ذلك من أحكام وردت بالقانون رقم 117 لسنة 1958 ويؤكد ذلك ما جاء بعجز تلك المادة من إحالة صريحة إلى هذا القانون وما تضمنته المذكرة الإيضاحية بشأنها من أنه رؤى التمشي مع الوضع العام لموظفي الدولة من حيث المحاكمة ولما كان القانون رقم 184 لسنة 1958 لم يتضمن نصاً بالخروج على المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 ومقتضاها أن الطعن لا يجوز إلا أمام المحكمة الإدارية العليا فتكون محكمة القضاء الإداري إذ قضت باختصاصها قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه وتفسيره ولا مقنع فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في شأن تحديد المقصود من إجراءات المحاكمة إذ أن الطعن في أحكام المحاكم أو المجالس التأديبية ما هو إلا إجراء من إجراءات المحاكمة بقصد إعادة طرح النزاع للفصل فيه من جديد - كما يقوم الطعن بالنسبة إلى الموضوع على الأسباب التي تضمنها تقرير الطعن.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
ومن حيث إن قرارات مجالس التأديب وإن كانت في حقيقتها قرارات إدارية إلا أنها أشبه ما تكون بالأحكام وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن يسري عليها ما يسري على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية بحيث يكون الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة وقد تضمن القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات ما يؤكد ذلك بالنسبة إلى القرارات التي تصدر من مجلس التأديب المنصوص عليها فيه إذ نص في المادتين 80، 102 منه على أن "تسري بالنسبة للمحاكمة أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958" وجاء بمذكرته الإيضاحية أن المادة 102 (تضمنت تشكيل مجلس التأديب لموظفي الجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس وقد رؤى أن يكون من درجة واحدة تمشياً مع الوضع العام لموظفي الدولة من حيث المحاكمة) فأكد هذا النص التزام قانون تنظيم الجامعات لذات الأصول العامة التي تنظم تأديب الموظفين بوجه عام من حيث قصره على درجة واحدة أمام هيئة تتوافر فيها الضمانات وتمشياً مع هذا الأصل يجوز الطعن في قراراتها أمام المحكمة الإدارية العليا وفقاً لأحكام المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 الذي أحال إليه القانون المذكور - وتقضي هذه المادة بأن (أحكام المحاكم التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا).
ومن حيث إنه لذلك فإن المدعي إذ طعن في قرار مجلس التأديب القاضي بمجازاته بالخصم من مرتبه أمام محكمة القضاء الإداري دون أن يرفع هذا الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يكون قد تنكب الطريق الذي رسمه القانون في النظام التأديبي والذي استهدف به اختصار مراحل التأديب وتبسيط إجراءاته - ويكون قد أقام طعنه أمام محكمة غير مختصة وإذ قضت هذه المحكمة بإلغاء قرار مجلس التأديب فإنه يكون من المتعين إلغاء حكمها.
ومن حيث إنه متى كان إلغاء الحكم المطعون مبنياً على مخالفته لقواعد الاختصاص فإنه لا وجه لتعدي هذه المحكمة للفصل في موضوع الدعوى وذلك بالإضافة إلى أن سبيل اتصالها بهذا الموضوع لا يكون إلا عن طريق طعن في قرار مجلس التأديب يرفع إليها ممن صدر ضده هذا القرار ووفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادتين 15، 16 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959.
ومن حيث إن طعن الدكتور أمين عبد المجيد بدوي في قرار مجلس التأديب المشار إليه أمام محكمة غير مختصة خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره من شأنه أن يقطع ميعاد رفع الطعن في هذا القرار ويظل هذا الأثر قائماً حتى يصدر الحكم بعدم الاختصاص - فله إن شاء - ومع مراعاة المواعيد - أن يرفع طعناً جديداً أمام هذه المحكمة مباشرة وفقاً للإجراءات المقررة للطعن أمامها.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري وفصل في الطعن في قرار مجلس التأديب يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه والقضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.