الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 يوليو 2023

الطعن 26 لسنة 8 ق جلسة 11 / 2 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 61 ص 595

جلسة 11 من فبراير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

----------------

(61)

القضية رقم 26 لسنة 8 القضائية

(أ) المحكمة الإدارية العليا "اختصاصها". موظف. تأديب. مجلس التأديب. 

قرارات مجالس التأديب - اختصاص المحكمة الإدارية بنظر الطعون المقدمة ضدها دون محكمة القضاء الإداري.
(ب) المحكمة الإدارية العليا "سلطة المحكمة في نظر الطعون المعروضة عليها" 

إلغاء الحكم المطعون فيه لمخالفته لقواعد الاختصاص - لا وجه لتصدي المحكمة للفصل في موضوع الدعوى.
(جـ) المحكمة الإدارية العليا "ميعاد الطعن".
رفع الطعن أمام محكمة غير مختصة - أثره - انقطاع ميعاد الطعن - استمرار هذا الأثر قائماً حتى يصدر الحكم بعدم الاختصاص.

-------------------
1 - إن قرارات مجالس التأديب وإن كانت في حقيقتها قرارات إدارية إلا أنها أشبه ما تكون بالأحكام وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن يسرى عليها ما يسرى على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية بحيث يكون الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة وقد تضمن القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات ما يؤكد ذلك بالنسبة إلى القرارات التي تصدر من مجلس التأديب المنصوص عليه فيه إذ نص في المادتين 80، 102 منه على أن "تسرى بالنسبة للمحاكمة أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958" وجاء بمذكرته الإيضاحية أن المادة 102 (تضمنت تشكيل مجلس التأديب لموظفي الجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس وقد رؤى أن يكون من درجة واحدة تمشياً مع الوضع العام لموظفي الدولة من حيث المحاكمة فأكد هذا النص التزام قانون تنظيم الجامعات لذات الأصول العامة التي تنظم تأديب الموظفين بوجه عام من حيث قصره على درجة واحدة أمام هيئة تتوافر فيها الضمانات وتمشياً مع هذا الأصل يجوز الطعن في قراراتها أمام المحكمة الإدارية العليا وفقاً لأحكام المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 الذي أحال إليه القانون المذكور - وتقضي هذه المادة بأن (أحكام المحاكم التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا).
2 - متى كان إلغاء الحكم المطعون مبنياً على مخالفته لقواعد الاختصاص فإنه لا وجه لتصدي هذه المحكمة للفصل في موضوع الدعوى وذلك بالإضافة إلى أن سبيل اتصالها بهذا الموضوع لا يكون إلا عن طريق طعن في قرار مجلس التأديب يرفع إليها ممن صدر ضده هذا القرار ووفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادتين 15، 16 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959.
3 - إن طعن الدكتور... في قرار مجلس التأديب المشار إليه أمام محكمة غير مختصة خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره من شأنه أن يقطع ميعاد رفع الطعن في هذا القرار ويظل هذا الأثر قائماً حتى يصدر الحكم بعدم الاختصاص - فله إن شاء ومع مراعاة المواعيد - أن يرفع طعناً جديداً أمام المحكمة مباشرة وفقاً للإجراءات المقررة للطعن أمامها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 24 من يونيو سنة 1959 أقام الدكتور أمين عبد المجيد بدوي أمين مكتبة كلية التربية بجامعة عين شمس الدعوى رقم 1056 لسنة 13 القضائية ضد جامعة عين شمس ورئيس مجلس تأديب موظفي تلك الجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من مجلس التأديب المذكور بجلسة 27 من إبريل سنة 1959 فيما قضى به من مجازاته بالخصم شهراً من مرتبه مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن جامعة عين شمس قد دفعت بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر هذه الدعوى تأسيساً على أنه ولئن كان للجامعة مجالسها التأديبية الخاصة إلا أن القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات قد نص في المادة 102 منه على أن يسري بالنسبة للمحاكمة أمام مجلس التأديب أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والأحكام التأديبية ونظراً إلى خلو القانون رقم 184 لسنة 1958 من تنظيم طرق الطعن في أحكام المجالس التأديبية - والطعن فيها إجراء من إجراءات المحاكمة - فإنه تنطبق على هذا الطعن أحكام المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 التي تنص على أن (أحكام المحاكم التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا..) فتكون محكمة القضاء الإداري غير مختصة بنظر دعوى (المدعي).
ومن حيث إن المدعي قد عقب على هذا الدفع بقوله إن إجراءات المحاكمة لا تشمل طرق الطعن وأنه وفقاً لأحكام المادتين 8، 12 من قانون مجلس الدولة ينعقد الاختصاص للمجلس بهيئة قضاء إداري بنظر طلبات إلغاء قرارات مجالس التأديب - ومسألة الطعون تتعلق بالنظام القضائي نفسه فلا يجوز فيها القياس أو التوسع في التفسير وعلة اختصاص المحكمة الإدارية العليا بالطعون في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية هو أن هذه المحاكم الأخيرة تعتبر قانوناً فرعاً من فروع القضاء الإداري ولا يصدق هذا الوصف إطلاقاً على المجالس التأديبية للهيئات المستقلة عن مجلس الدولة ولذلك يكون الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر دعواه غير ذي موضوع.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى على أن المستفاد من أحكام المادة 102 من القانون رقم 184 لسنة 1958 وإحالتها في شأن قواعد المحاكمة إلى القانون رقم 117 لسنة 1958 أن الهدف الذي يرمى إليه القانون من ذلك أن يتمشى مع الوضع العام لموظفي الدولة بحيث يكون التطابق والتقابل قائماً بين الإجراءات الخاصة بمحاكمة بموظفي الجامعة الإداريين وسائر موظفي الدولة دون حاجة لترديد أو تكرار هذه الإجراءات في صلب قانون الجامعات والمقصود من إجراءات المحاكمة بحسب المعنى المفهوم قانوناً هو التحقيق واستجواب الموظف المقدم للمحاكمة وسماع الشهود وتسبيب الأحكام ووسائل إبداء الدفاع وطرق الإخطار والإعلان ولم تتعرض المادة المذكورة للطعن في قرارات مجالس تأديب الجامعات وهي منبتة الصلة بإجراءات محاكمة الموظف تأديبياً ومن مقتضى هذا النظر أن الطعن في قرارات مجالس تأديب الجامعات لا يكون مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا وإنما يكون بداءة أمام محكمة القضاء الإداري على اعتبار أنها قرارات إدارية بحتة ولو أنها تأديبية في موضوعها - وذلك على خلاف الحال بالنسبة للأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية التي لا تعدو أن تكون فرعاً من فروع القضاء الإداري. ولا تختص المحكمة الإدارية العليا طبقاً للمادة 10 من القانون رقم 55 لسنة 1959 إلا بنظر الطعون في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية أو المحاكم التأديبية - وقد جاء قانون الجامعات خلواً من أي نص يستفاد منه صراحة جواز الطعن في قرارات مجالسها للتأديب أمام المحكمة الإدارية العليا فلا مناص من إعمال القواعد القانونية العامة الواردة في قانون مجلس الدولة - والقرارات الصادرة من مجالس تأديب الجامعات تندرج تحت عموم القرارات النهائية للسلطات التأديبية التي تختص محكمة القضاء الإداري بصفة أصلية بالفصل في الطلبات المقدمة إليها بإلغائها وعلى ذلك المقتضى يكون الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى غير سديد متعيناً رفضه - كما أقام الحكم المطعون قضاءه بإلغاء قرار مجلس التأديب فيما تضمنه من خصم من مرتب المدعي على أن النتيجة التي انتهى إليها هذا القرار غير مستخلصة استخلاصاً سائغاً ومقبولاً من أصول وعناصر ثابتة تنتجها قانوناً.
ومن حيث إن الطعن يقوم بالنسبة للاختصاص على أن القانون رقم 117 لسنة 1958 أصبح هو القانون العام فيما يتعلق بالمحاكمات التأديبية من حيث بيان إجراءات التحقيق ونظام المحاكم التأديبية وتشكيلها واختصاصاتها طرق الطعن في أحكامها والهدف الأساسي من هذا القانون هو إصلاح أداة الحكم بالقضاء على عيوب نظام المحاكمات التأديبية السابقة وخاصة بطلان إجراءات المحاكمة ولذلك عدل المشرع في هذا القانون عن الوضع القديم الذي كان يجيز استئناف القرارات التأديبية وقضى في المادة 32 منه بأن الطعن لا يجوز إلا أمام المحكمة الإدارية العليا وفي هذه الأحكام ينصرف خطاب المشرع إلى سائر موظفي الدولة عدا من نص على استثنائهم منها وتطبيقاً لذلك جاء حكم المادة 102 من القانون رقم 184 لسنة 1958 استثناء من هذا القانون فيما يتعلق بتشكيل الهيئة التي تقوم بالمحاكمة التأديبية لموظفي الجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس دون المساس بغير ذلك من أحكام وردت بالقانون رقم 117 لسنة 1958 ويؤكد ذلك ما جاء بعجز تلك المادة من إحالة صريحة إلى هذا القانون وما تضمنته المذكرة الإيضاحية بشأنها من أنه رؤى التمشي مع الوضع العام لموظفي الدولة من حيث المحاكمة ولما كان القانون رقم 184 لسنة 1958 لم يتضمن نصاً بالخروج على المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 ومقتضاها أن الطعن لا يجوز إلا أمام المحكمة الإدارية العليا فتكون محكمة القضاء الإداري إذ قضت باختصاصها قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه وتفسيره ولا مقنع فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في شأن تحديد المقصود من إجراءات المحاكمة إذ أن الطعن في أحكام المحاكم أو المجالس التأديبية ما هو إلا إجراء من إجراءات المحاكمة بقصد إعادة طرح النزاع للفصل فيه من جديد - كما يقوم الطعن بالنسبة إلى الموضوع على الأسباب التي تضمنها تقرير الطعن.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
ومن حيث إن قرارات مجالس التأديب وإن كانت في حقيقتها قرارات إدارية إلا أنها أشبه ما تكون بالأحكام وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن يسري عليها ما يسري على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية بحيث يكون الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة وقد تضمن القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات ما يؤكد ذلك بالنسبة إلى القرارات التي تصدر من مجلس التأديب المنصوص عليها فيه إذ نص في المادتين 80، 102 منه على أن "تسري بالنسبة للمحاكمة أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958" وجاء بمذكرته الإيضاحية أن المادة 102 (تضمنت تشكيل مجلس التأديب لموظفي الجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس وقد رؤى أن يكون من درجة واحدة تمشياً مع الوضع العام لموظفي الدولة من حيث المحاكمة) فأكد هذا النص التزام قانون تنظيم الجامعات لذات الأصول العامة التي تنظم تأديب الموظفين بوجه عام من حيث قصره على درجة واحدة أمام هيئة تتوافر فيها الضمانات وتمشياً مع هذا الأصل يجوز الطعن في قراراتها أمام المحكمة الإدارية العليا وفقاً لأحكام المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 الذي أحال إليه القانون المذكور - وتقضي هذه المادة بأن (أحكام المحاكم التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا).
ومن حيث إنه لذلك فإن المدعي إذ طعن في قرار مجلس التأديب القاضي بمجازاته بالخصم من مرتبه أمام محكمة القضاء الإداري دون أن يرفع هذا الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يكون قد تنكب الطريق الذي رسمه القانون في النظام التأديبي والذي استهدف به اختصار مراحل التأديب وتبسيط إجراءاته - ويكون قد أقام طعنه أمام محكمة غير مختصة وإذ قضت هذه المحكمة بإلغاء قرار مجلس التأديب فإنه يكون من المتعين إلغاء حكمها.
ومن حيث إنه متى كان إلغاء الحكم المطعون مبنياً على مخالفته لقواعد الاختصاص فإنه لا وجه لتعدي هذه المحكمة للفصل في موضوع الدعوى وذلك بالإضافة إلى أن سبيل اتصالها بهذا الموضوع لا يكون إلا عن طريق طعن في قرار مجلس التأديب يرفع إليها ممن صدر ضده هذا القرار ووفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادتين 15، 16 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959.
ومن حيث إن طعن الدكتور أمين عبد المجيد بدوي في قرار مجلس التأديب المشار إليه أمام محكمة غير مختصة خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره من شأنه أن يقطع ميعاد رفع الطعن في هذا القرار ويظل هذا الأثر قائماً حتى يصدر الحكم بعدم الاختصاص - فله إن شاء - ومع مراعاة المواعيد - أن يرفع طعناً جديداً أمام هذه المحكمة مباشرة وفقاً للإجراءات المقررة للطعن أمامها.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري وفصل في الطعن في قرار مجلس التأديب يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه والقضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعنان 187 ، 636 لسنة 10 ق جلسة 4 / 2 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 60 ص 585

جلسة 4 من فبراير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

--------------------

(60)

القضيتان رقم 636 ورقم 187 لسنة 10 القضائية

(أ) هيئة البريد. "موظفوها". موظف "تعيين. فترة الاختبار".
نص المادة العاشرة من القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة البريد - من مقتضاه أن فترة الاختبار تمتد سنة ثانية دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية ما دامت هذه الجهة لم تصدر فور انتهاء السنة الأولى قراراً بفصل الموظف أو تثبيته.
(ب) موظف "تعيين. فترة الاختبار".
الحكمة من تقريرها - مركز الموظف خلالها - تقدير صلاحية الموظف خلالها يكون للسلطة التي تملك التعيين بلا معقب عليها ما دام قرارها خالياً من إساءة استعمال السلطة.
(جـ) موظف. "تعيين. فترة الاختبار".
للجهة الإدارية أن تستمد قرارها بفصل الموظف لعدم الصلاحية من عناصر أخرى خلاف التقارير المقدمة عنه - صحة استناد جهة الإدارة في إصدار قرار الفصل إلى الجزاءات التي أنزلت بالموظف.

-----------------
1 - يستفاد من نص المادة العاشرة من القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة بريد مصر، بادئ الرأي أن أمد فترة الاختبار ومدتها سنة - وجواز مدها سنة أخرى كل ذلك من قبيل التنظيم المقررة لصالح جهة الإدارة ذاتها ويراد به ضمان انتظام المرفق على نحو يحقق غرضه، وكمال تأديته للرسالة التي نيطت به ويرتب على هذا النظر حتماً أن هذه الفترة تمتد سنة ثانية دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية ما دامت هذه الجهة لم تصدر قراراً فور انتهاء السنة الأولى بفصل الموظف، إن لم يتبين لها صلاحيته، أو بتثبيته إذا أمضى مدة الاختبار على وجه يشهد له بالصلاحية للبقاء ذلك أن سكوت جهة الإدارة بعد انتهاء السنة الأولى - دون إصدارها قراراً بفصل الموظف - يعتبر بمثابة قرار ضمني بمد مدة الاختبار سنة أخرى.
2 - إن فترة الاختبار هي فترة زمنية أراد المشرع أن يظل الموظف خلالها تحت رقابة الجهة الإدارية وإشرافها المباشر لإمكان الحكم على مدى صلاحيته للعمل الحكومي المسند إليه وعلى كيفية نهوضه بمسئوليات وظيفته ومقتضى هذا أن تعيين الموظف لا يكون في هذه الفترة نهائياً باتاً، بل أن بقاءه في الوظيفة بعد تعيينه فيها يكون منوطاً بقضائه فترة الاختبار بنجاح وثبوت صلاحيته لأعمال هذه الوظيفة والمرجع في تقدير هذه الصلاحية هو السلطة التي تملك التعيين تستقل به بلا معقب عليها في ذلك ما دام قرارها يجئ خالياً من إساءة استعمال السلطة.
3 - لا حجة فيما ذهب إليه المدعي - من أن التقريرين المقدمين عن أعماله في فترة اختباره كانا بدرجة جيد - لا حجة في ذلك لأن للجهة الإدارية على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تستمد قرارها من عناصر أخرى خلاف التقارير المقدمة عنه وهي تستقل بهذا التقدير بلا معقب عليها حسبما تقدم وقد استندت هيئة البريد في قرارها بفصل المدعي إلى الجزاءات التي أنزلت به ويبين من الاطلاع على صحيفة هذه الجزاءات أنها كلها بسبب أخطائه في أعماله وظيفته - فهي كما قالت الهيئة بحق - تتصل اتصالاً وثيقاً بعمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعنين - في أن المدعي السيد/ ناجح رزق بباوى أقام الدعوى رقم 119 لسنة 11 القضائية بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 3 من ديسمبر سنة 1963 ضد الهيئة العامة للبريد طالباً الحكم:
(أولاً): وبصفة مستعجلة ومؤقتة باستمرار صرف راتبه.
(ثانياً): بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة مع ما يترتب على ذلك من آثار - ومع إلزام المدعى عليها بالمصروفات والأتعاب.
وقال المدعى - شرحاً لدعواه - إنه عين في 8 من أغسطس سنة 1961 بوظيفة طواف ببريد حوش عيسى ثم نقل إلى بريد أسيوط في 3 من فبراير سنة 1962 حيث عهد إليه بعمل فراز دون تمرينه على هذا العمل. وفي 4 من إبريل 1963 أنهى السيد مدير المنطقة الجنوبية للبريد بأسيوط فترة اختباره بنجاح بالخطاب رقم 2754 ولكنه فوجئ في 29 من يونيه سنة 1963 بفصله من العمل بمقولة إنه قد توقعت عليه عدة جزاءات في فترة الاختبار وأنه لم يمض هذه الفترة على ما يرام ونعى المدعي على قرار فصله أنه معدوم السبب ومخالف للقانون إذ أن فترة الاختبار قد انتهت في 4 من إبريل سنة 1963 ويعتبر أنه قد أنهاها بنجاح. كما أنه اجتاز بنجاح الامتحان الذي عقدته الهيئة تحت إشراف ديوان الموظفين بعد السنة الأولى من خدمته وكان هذا الامتحان شاملاً لجميع أعمال البريد فضلاً عن أنه قد منح أكثر من مرة مكافأة تشجيعية. ثم ذكر المدعي أن الجزاءات التي وقعت عليه كانت بسبب أخطاء تافهة وأن المفروض أن الموظف الجديد يتعرض أثناء فترة الاختبار لأخطاء في العمل لا يجوز أن تكون موجبة لفصله أو دليلاً على عدم صلاحيته. وختم صحيفة دعواه بأنه قد تظلم في 6 من يوليه سنة 1963 ولما لم يصل رد على تظلمه تقدم بطلب لإعفائه من الرسوم قضى فيه بالقبول فأقام هذه الدعوى في الميعاد.
وردت هيئة البريد على الدعوى بأن المدعي عين في وظيفة من المرتبة الخامسة المتوسطة الكتابية تحت الاختبار واستلم عمله في 8 من أغسطس سنة 1961 ونظراً لكثرة المخالفات التي ارتكبها والجزاءات التي وقعت عليه أثناء فترة الاختبار والتي تنهض دليلاً على عدم صلاحيته لشغل الوظيفة التي تعين عليها وبما للجهة الإدارية من سلطة تقدير هذه الصلاحية فقد تقرر إنهاء خدمته في 6 من يوليه سنة 1963 بالتطبيق لحكم المادة 10 من القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 بنظام موظفي الهيئة وانتهت إلى طلب رفض الدعوى بشقيها.
وقد عقب المدعي على رد الهيئة بأن فترة اختباره كانت تنتهي في 7 من أغسطس 1962 ولم يصدر قرار بمد هذه الفترة وبذلك يعتبر أنه قد أنهى الفترة بنجاح. كما أن التقارير المقدمة عنه كانت بدرجة جيد وأنه أجرى تصحيح في بعض عناصر التقدير عن السنة الأولى من جيد إلى مرضي بشكل واضح للعين المجردة مما يقطع بأن هذا التغيير قصد به إخفاء خطأ الجهة الإدارية في فصله فضلاً عن أن المدير المحلي قد انتهى إلى صلاحيته للعمل أكثر من مرة ووافق على إنهاء فترة اختباره.
ثم قدمت الهيئة كتاب السيد مساعد المدير العام للإدارة العامة للأفراد والتدريب المؤرخ 22 من ديسمبر سنة 1963 الثابت - أنه لم يصدر قرار بإنهاء فترة اختبار المدعي وثبوت صلاحيته بعد نهاية السنة الأولى كما لم يصدر قرار بفصله وأنه بذلك تكون الهيئة قد أفصحت عن رأيها بعد فترة اختباره لسنة أخرى مما يعتبر قراراً ضمنياً بذلك.. كما قدمت الهيئة مذكرة طلبت فيها رفض الطلب المستعجل الخاص بصرف المرتب مع إلزام المدعي بالمصروفات واستندت في ذلك إلى أن ركني هذا الطلب وهما الاستعجال والجدية غير متوفرين إذ أن المدعي لم يقدم الدليل على صحة ما زعمه من أنه ليس له مورد رزق غير مرتبه كما أن هذا الطلب غير قائم على أسباب مشروعة وجدية لأن الجهة الإدارية قد استعملت حقها المشروع بفصل المدعي خلال فترة الاختبار مستندة في ذلك إلى سلطتها التقديرية دون إساءة استعمالها ومراعية في ذلك صالح العمل. وأنه لا يجدي المدعي ما ذهب إليه من أن فترة اختباره قد أنهيت بنجاح في 4 من إبريل سنة 1963 بخطاب من السيد مدير المنطقة الجنوبية لأن ما ورد بهذا الخطاب ليس نهائياً وإنما يخضع لاعتماد السيد مدير عام الهيئة وقد رأى هذا الأخير كثرة جزاءات المدعي ومخالفاته فلم يوافق على إنهاء اختباره وأصدر قراره في 25 من يونيه سنة 1963 بفصله حسبما تقدم.
وبجلسة 8 من يناير سنة 1964 قضت المحكمة الإدارية باستمرار صرف ثلاثة أرباع مرتب المدعي اعتباراً من تاريخ صدوره بصفة مؤقتة مع إلزام الهيئة المدعى عليها بمصروفات هذا الطلب ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بإعادة القضية إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها في الموضوع وأقامت قضاءها على أن ركن الاستعجال متوفر لأنه قد تأكد من ملف خدمة المدعي أنه ليس له مورد رزق آخر سوى مرتبه - وكذلك ركن المشروعية لأنه يبين من نص المادة 10 من القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 أن مدة الاختبار قد حددت في الأصل بسنة واحدة من تاريخ التعيين وقد أجيز استثناء مدها إلى سنة أخرى إلا أنه يشترط لذلك أن يصدر قرار صريح بمد المدة ولما كان الثابت أن مدة اختبار المدعي لم تمتد بقرار ممن يملكه كما أن المحكمة تستشف من الثابت بملف خدمته أنه لا يوجد ثمة أسباب ظاهرة تؤيد عدم صلاحيته سيما وأنه لم يوقع عليه خلال سنة الاختبار سوى جزاءين.
ثم قامت هيئة مفوضي الدولة بتحضير الدعوى في موضوعها وقدمت تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 1036 الصادر بتاريخ 6 من يوليه سنة 1963 فيما تضمنه من فصل المدعي وإلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات واستندت في ذلك إلى أن الهيئة قد أخطأت إذ لم تستصدر قراراً بمد فترة الاختبار سنة أخرى فضلاً عن أن قرار الفصل غير قائم على سبب صحيح.
وعقبت هيئة البريد على تقرير هيئة المفوضين بمذكرة قالت فيها إن فترة الاختبار تمتد سنة ثانية بحكم القانون دون اشتراط لإصدار قرار بذلك ما دامت جهة الإدارة لم تصدر قراراً بإنهائها بعد انتهاء السنة الأولى سواء بفصل الموظف، إن لم تثبت صلاحيته، أو بتثبيته إذا مضت فترة الاختبار بنجاح لأن المادة 10 من القرار الجمهوري سالف الذكر لا تشترط ذلك خاصة أن عبارة "صدور القرار" الواردة في عجز هذه المادة إنما يقصد بها قرار الفصل لا قرار مد فترة الاختبار وردت هيئة البريد على ما جاء بتقرير هيئة المفوضين - من أن المدعي لم يرتكب من الأخطاء ما يسوغ فصله - بأن الموظف في هذه الفترة خاضع لرأي جهة الإدارة في تقرير صلاحيته وليس للقضاء الإداري من رقابة عليها في ذلك وأنه وقد قررت الهيئة أن المدعي غير صالح وأنه لم يقض فترة الاختبار على ما يرام فإنها تكون قد استعملت حقها المشروع في فصله دون ما إساءة في استعمال سلطتها.
وبجلسة 29 من إبريل 1964 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار السيد مدير عام هيئة البريد بفصل المدعي من الخدمة والصادر تنفيذاً له قرار السيد مساعد المدير العام للإدارة العامة للأفراد والتدريب رقم 1036 بتاريخ 6 من يوليه 1963 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.. وأقامت قضاءها - بعد أن أوردت نص المادة 10 آنفة الذكر - على أنه يبين من هذا النص أن مدة الاختبار هي فترة زمنية أراد المشرع أن يظل الموظف خلالها تحت رقابة الجهة الإدارية وإشرافها المباشر لإمكان الحكم على مدى صلاحيته للقيام بالعمل المسند إليه بما يستتبعه من مسئوليات وما يتطلبه من استعداد ومقتضى هذا أن تعيين الموظف في هذه الحالة لا يكون نهائياً باتاً بل أن بقاءه في الوظيفة بعد تعيينه فيها يكون منوطاً بقضائه فترة الاختبار على ما يرام ولا يستقر وضعه القانوني في الوظيفة إلا بعد قضاء هذه الفترة وانحسام موقفه بقرار من الجهة الإدارية من حيث الصلاحية للبقاء أو رفعه عنها وأنه إذا مضت فترة الاختبار دون أن تستعمل جهة الإدارة فيها - خلال الميعاد المقرر لها - حقها في الفصل اعتبر ذلك تقريراً بصلاحية الموظف في الاستمرار في الخدمة ولا يجوز بعد هذا فصله لعدم الصلاحية تطبيقاً لحكم هذه المادة.. ثم قالت المحكمة إنه عن فترة الاختبار فإن المادة المذكور قد حددتها بسنة يجوز مدها سنة أخرى وتحديد هذه المدة مؤداه أنها في الأصل سنة واحدة يجوز للإدارة مدها سنة أخرى قبل انقضاء السنة الأولى إذا هي رأت استعمال الرخصة المخولة لها لإطالة المدة وأنه يتعين على جهة الإدارة في هذه الحالة أن تعلن عن قصدها هذا في شكل قرار باعتباره الوسيلة التي تعبر بها الإدارة عن إرادتها طالما أن المشرع قد جعل هذا الأمر جوازياً لها تستعمله أو لا تستعمله حسبما يتراءى لها وأنه لما كان القرار الإداري - ككل عمل قانوني - يجب أن يتجسد في مظهر خارجي بأن تعلن جهة الإدارة عن إرادتها فإذا التزمت الصمت فلا يمكن أن يترتب على إرادتها أثر ما وأنه لذلك كان يتعين على هيئة البريد في المنازعة المعروضة أن تصدر قراراً صريحاً بمد مدة اختبار المدعي سنة أخرى ولا يمكن اعتبار سكوتها بعد انقضاء السنة الأولى بمثابة قرار ضمني بعد هذه المدة طالما أنها لم تصدر قراراً بتعيينه بصفة نهائية وطالما أنها لم تصدر قراراً بعد فترة اختبار المدعي سنة أخرى بعد السنة الأولى التي انتهت في 7 من أغسطس سنة 1962، لذلك فإن القرار المطعون فيه إذ صدر بتاريخ 6 من يوليه سنة 1963 بفصله من الخدمة استناداً إلى المادة العاشرة السالف ذكرها يكون قد صدر بعد المدة المقررة لإصداره وبالتالي يكون قد وقع مخالفاً لأحكام المادة المذكورة ويتعين من أجل ذلك الحكم بإلغائه.
وقد طعنت هيئة البريد في الحكم الأول الصادر في 8 من يناير سنة 1964 بصحيفة أودعتها سكرتارية هذه المحكمة في 8 من مارس سنة 1964، كما طعنت في الحكم الثاني الصادر في 29 من إبريل سنة 1964. بصحيفة أودعتها سكرتارية هذه المحكمة في 11 من يونيه سنة 1964. وطلبت القضاء بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكمين المطعون فيهما والحكم برفض دعوى المطعون عليه بشقيها مع إلزامه بالمصروفات. وبنت طعنها المذكورين على نفس الأسانيد التي استندت إليها في ردها على الدعوى وفي المذكرات التي قدمتها فيها وأضافت إليها أن قرار فصل المدعي قد صدر سليماً متفقاً مع نص المادة 10 من القرار الجمهوري 2191 لسنة 1959 آنفة الذكر لأنه عين في 22 من يوليه 1961 واستلم عمله في 8 من أغسطس سنة 1961 وفصل في 6 من يوليه 1963 اعتباراً من 25 من يونيه 1963 أي قبل فوات الستين يوماً المشار إليها في هذه المادة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعنين انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبولهما شكلاً ورفضهما موضوعاً مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات واستندت في ذلك إلى ما استند إليه الحكمان المطعون فيهما.
وعقبت هيئة البريد على تقرير هيئة المفوضين بمذكرة رددت فيها دفاعها السابق وأضافت إليه أن نص المادة 10 من القرار الجمهوري المنوه عنه يفرق في الحكم بين أمرين:
الأمر الأول: انقضاء مدة السنة دون صدور قرار من الإدارة وفي هذه الحالة لا يمكن أن يستنتج من سكوت الإدارة وعدم إصدارها قراراً بمد فترة الاختبار أنها أنهت حالة التعليق وثبتت الموظف. ذلك أن الأقرب في التفسير أن يفسر سكوت الإدارة بأنها أرادت أن تمد هذه الفترة سنة أخرى طبقاً للرخصة التي خولها لها المشرع إذ أن القاعدة في التفسير أن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت تغيره.
الأمر الثاني: انقضاء السنة الثانية من فترة الاختبار. وفي هذه الحالة يكون على جهة الإدارة أن تحسم هذا الوضع المعلق بقرار تصدره في هذا الشأن فإن كانت الإدارة قد رأت عدم صلاحية الموظف تحتم عليها أن تصدر قرارها بالفصل في خلال الستين يوماً التالية لانتهاء مدة السنتين وهذا هو ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا بالنسبة لفترة الاختبار المنصوص عليها بالمادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 علماً بأن فترة الاختبار المنصوص عليها في المادة 10 من القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 لا تختلف عن ذلك الفترة المنصوص عليها في المادة 19 آنفة الذكر لأن هذه المادة الأخيرة تعتبر الأصل التشريعي للمادة 10 خاصة وأنها قد رددت الأحكام الواردة في المادة 19 بشيء من التفصيل. أما عن الموضوع فقد ذكرت الهيئة الطاعنة أن المدعي قد ثبتت عدم صلاحيته ولا يقدح في ذلك أن بعض التقارير الموضوعة عنه بدرجة جيد أو نجاحه في الامتحان أو أن المدير المحلي قد وافق على تثبيته إذ أن تقدير صلاحية الموظف المعين تحت الاختبار هو حق مخول للسلطة التي تملك التعيين دون غيرها فإذا رأت أنه لم يقض فترة الاختبار على ما يرام فلها أن تفصله دون معقب عليها في هذا الرأي ولها أن تعتمد على عناصر أخرى خلاف التقارير الموضوعة عنه وانتهت هيئة البريد إلى التصميم على طلباتها المبينة بصحيفتي الطعنيين.
ومن حيث إن المادة العاشرة من القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة بريد مصر تنص على أنه "فيما عدا الوظائف التي يتم التعيين فيها بقرار من رئيس الجمهورية يكون التعيين لأول مرة في وظائف المرتبة الرابعة من الوظائف العالية والثالثة والرابعة والخامسة من الوظائف المتوسطة لمدة سنة تحت الاختبار يجوز مدها سنة أخرى يثبت بعدها الموظف إذا تبين من التقرير المقدم عنه صلاحيته لأداء أعمال الوظيفة وإلا فصل من الخدمة بقرار من مدير عام الهيئة".
"ويتعين صدور هذا القرار خلال الستين يوماً التالية لانقضاء مدة الاختيار على الأكثر".
"ويجوز فصل الموظف إذا تبين خلال مدة الاختبار عدم صلاحيته للوظيفة".
ويستفاد من نص هذه المادة، بادي الرأي، أن أمد فترة الاختبار ومدتها سنة - وجواز مدها سنة أخرى كل ذلك من قبيل التنظيم المقرر لصالح جهة الإدارة ذاتها ويراد به ضمان انتظام المرفق على نحو يحقق غرضه، وكمال تأديته للرسالة التي نيطت به ويترتب على هذا النظر حتماً أن هذه الفترة تمتد سنة ثانية دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية ما دامت هذه الجهة لم تصدر قراراً، فور انتهاء السنة الأولى بفصل الموظف، إن لم يتبين لها صلاحيته، أو بتثبيته إذا أمضى مدة الاختبار على وجه يشهد له بالصلاحية للبقاء ذلك أن سكوت جهة الإدارة بعد انتهاء السنة الأولى - دون إصدارها قراراً بفصل الموظف - يعتبر بمثابة قرار ضمني بمد مدة الاختبار سنة أخرى.
ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي عين في 22 من يوليه 1961 بهيئة البريد في وظيفة من المرتبة الخامسة المتوسطة وتسلم عمله في 8 من أغسطس سنة 1961 وانتهت سنة الاختبار الأولى في 7 من أغسطس 1962 ولم تصدر الهيئة قراراً بفصله أو تثبيته فإن فترة الاختبار تكون قد امتدت لسنة أخرى تنتهي في 7 من أغسطس سنة 1963 بالتطبيق لنص تلك المادة.. ولما كانت الهيئة قد أصدرت قراراً في 27 من يونيه 1963 بفصل المدعي من الخدمة لعدم صلاحيته وذلك اعتباراً من 25 من ذات الشهر - وهو تاريخ موافقة السيد مدير عام الهيئة على ذلك - أي قبل نهاية السنة الثانية فإن قرارها يكون إذن صادراً في نطاق الميعاد الذي حددته الفقرة الأخيرة من المادة المشار إليها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن فترة الاختبار هي فترة زمنية أراد المشرع أن يظل الموظف خلالها تحت رقابة الجهة الإدارية وإشرافها المباشر لإمكان الحكم على مدى صلاحيته للعمل الحكومي المسند إليه وعلى كيفية نهوضه بمسئوليات وظيفته.... ومقتضى هذا أن تعيين الموظف لا يكون في هذه الفترة نهائياً باتاً، بل إن بقاءه في الوظيفة بعد تعيينه فيها يكون منوطاً بقضائه فترة الاختبار بنجاح وثبوت صلاحيته لإعمال هذه الوظيفة والمرجع في تقدير هذه الصلاحية هو السلطة التي تملك التعيين تستقل به بلا معقب عليها في ذلك ما دام قرارها يجئ خالياً من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أن السيد مدير المنطقة الجنوبية بهيئة البريد قد طلب بكتابه رقم 2754 المؤرخ 4 من إبريل 1963، والموجه إلى الإدارة العامة لتلك الهيئة، الموافقة على إنهاء فترة اختبار المدعي لصلاحيته في العمل وبعرض هذا الكتاب على السيد مدير عام الهيئة أشار ببيان حالته وما توقع عليه من جزاءات أثناء فترة الاختبار فرفعت الإدارة بذلك مذكرة أرفقت بها صورة من صحيفة جزاءاته - والتي يبين منها أنه قد أوقعت به سبعة جزاءات بالخصم من راتبه لمدة بلغ مجموعها واحداً وعشرين يوماً - من أصل ذلك فقد ارتأى السيد المدير العام في 25 من يونيه 1963 إنهاء فترة اختبار المدعي بفصله من الخدمة لكثرة جزاءات وكلها جزاءات، كما تقول تلك المذكرة تتصل اتصالاً وثيقاً بعمله... وتنفيذاً لذلك صدر قرار الهيئة بفصله في 27 من ذات الشهر. وبذلك يكون هذا القرار قد صدر ممن يملكه وقام على أسباب تبرر إصداره وقد خلت الأوراق من أية واقعة يمكن أن تقوم قرينة على إساءة استعمال السلطة.. وعلى ذلك فإن قرار الفصل يكون، على مقتضى ما تقدم، صحيحاً مطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهب إليه المدعي - من أن التقريرين المقدمين عن أعماله في فترة اختباره كانا بدرجة جيد - لا حجة في ذلك لأن للجهة الإدارية على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن تستمد قرارها من عناصر أخرى خلاف التقارير المقامة عنه وهي تستقل بهذا التقدير بلا معقب عليها حسبما تقدم وقد استندت هيئة البريد في إصدار قرارها بفصل المدعي إلى الجزاءات التي أنزلت به ويبين من الاطلاع على صحيفة هذه الجزاءات. أنها كلها بسبب أخطائه في أعمال وظيفته. فهي كما قالت الهيئة وبحق - تتصل اتصالاً وثيقاً بعمله.
كما أنه يبين من الاطلاع على هذين التقريرين أنهما لم يعتمدا من السيد مدير عام الهيئة ومن ثم فإنه لا يعتد بما ورد بهما من تقديرات. فضلاً عن أن هذه التقديرات غير مستخلصة استخلاصاً سائغاً وسليماً من ملف خدمة المدعي لما حواه من أخطاء كثيرة اقترفها أثناء فترة اختباره وجوزي من أجلها مما يدل على عدم صلاحيته لأداء أعمال وظيفته.
ومن حيث إنه لا اعتداد بما ذكره المدعي - من أن فترة اختباره قد أنهيت بنجاح في 4 من إبريل سنة 1963 بكتاب السيد مدير المنطقة الجنوبية رقم 2754 - لا اعتداد بذلك لأن ما ورد بهذا الكتاب ليس نهائياً وإنما يخضع لاعتماد السيد مدير عام الهيئة وقد رأى المدير المذكور في حدود اختصاصه - حسبما سلف - فصل المدعي من الخدمة لتعداد جزاءاته وكثرة سقطاته.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون طلب المدعي إلغاء قرار فصله غير قائم على أساس سليم من القانون حقيقاً بالرفض وكذلك يكون طلبه استمرار صرف راتبه بصفة مستعجلة ومؤقتة لعدم توافر ركن الجدية لما ثبت آنفاً من أن قرار الفصل قد صدر صحيحاً متفقاً وأحكام القانون. وإذ ذهب الحكمان المطعون فيهما مذهباً مخالفاً فإنهما يكونان قد خالفا القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائهما وبرفض دعوى المدعي بشقيها مع إلزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقم 636 لسنة 10 القضائية، ورقم 1187 لسنة 10 القضائية شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكمين المطعون فيهما وبرفض الدعوى بشقيها وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 1203 لسنة 11 ق جلسة 28 / 1 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 59 ص 578

جلسة 28 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

-----------------

(59)

القضية رقم 1203 لسنة 11 القضائية

(أ) دعوى. "الحكم فيها". مرافعات. خطأ مادي. محكمة "ولاية". 

تستنفد المحكمة ولايتها بالنسبة إلى النزاع بإصدار قضائها فيه فلا تملك العدول عما قضت به أو تعديله - يجوز استثناء مما تقدم أن تصحح ما يقع فيه من أخطاء مادية أو كتابية أو حسابية طبقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها في المادة 364 من قانون المرافعات - شروط إعمال هذا الاستثناء - أن يكون لهذا الخطأ المادي أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح في نظر المحكمة - مثال.
(ب) موظف. "تأديب. الدعوى التأديبية".
إشارة المحكمة التأديبية في أسباب حكمها إلى أنه لم يترتب على المخالفة المنسوبة إلى الموظف إضرار بالخزانة العامة - لا ينفي عن المخالفة حتماً طبيعتها المالية وليس من شأنه تغيير وصف التهمة.
(جـ) موظف. "تأديب. الدعوى التأديبية".
لا إلزام على المحكمة التأديبية أن تتعقب دفاع الموظف في وقائعه وجزئياته للرد على كل منها ما دامت قد أبرزت إجمالاً الحجج التي كونت منها عقيدتها.

------------------
1 - وإن كانت المحكمة تستنفد ولايتها بالنسبة إلى النزاع بإصدار قضائها فيه فلا يجوز لها العدول عما قضت به كما لا يجوز لها تعديل ذلك القضاء أو إحداث إضافة إليه غير أنه ترد على هذه القاعدة استثناءات منها أن المشرع أجاز للمحكمة أن تتولى تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية كتابية أو حسابية بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم (المادة 364 ق قانون المرافعات) ولكي يمكن الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتصحيح الخطأ المادي الواقع في منطوقه يجب أن يكون لهذا الخطأ المادي أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح في نظر المحكمة بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الصحيح الثابت فيه حتى لا يكون التصحيح ذريعة للرجوع عن الحكم والمساس بحجيته.
وإذ يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه ومسودته أن المحكمة للظروف التي استظهرتها رأت أن توقع على المخالفين أدنى العقوبات فذكرت في أسباب حكمها. "ومن حيث إنه لم يترتب على المخالفات المسندة إلى المخالفين أضرار بالخزانة العامة الأمر الذي ترى معه هذه المحكمة النزول بالعقوبات إلى حدها الأدنى المقرر لمن كان في درجتهم. وكانت المحكمة قد أوردت في صدر الحكم أسماء المخالفين والدرجة المالية التي يشغلها كل منهم ومن ضمنهم الطاعن فقد ذكر أمام اسمه العبارة الآتية: "المهندس من الدرجة الثالثة طبقاً للقانون 46/ 1964 بمجلس مدينة طنطا" ثم حكمت المحكمة بمجازاة الطاعن بالإنذار، وبعد ذلك أصدرت قراراً بتصحيح الخطأ المادي في منطوق الحكم بأن تستبدل بكلمة "الإنذار" كلمة "اللوم".
فإنه يتضح من ذلك أن المحكمة قد أفصحت في أسباب حكمها قبل التصحيح بعبارات صريحة قاطعة عن أنها قصدت مجازاة الطاعن بأدنى العقوبات المقررة لمن كان في درجته، ولما كانت أدنى العقوبات المقررة هي عقوبة اللوم طبقاً لنص المادة 61 من القانون 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين بالدولة فإن ما أثبتته المحكمة في منطوق الحكم عن مجازاة الطاعن بالإنذار، لا يعدو في ضوء الظروف المتقدمة أن يكون من قبيل الأخطاء الكتابية المحضة التي تملك المحكمة تصحيحها بقرار منها طبقاً لنص المادة 364 مرافعات دون أن يعتبر هذا العمل من جانبها بمثابة تعديل أو تغيير في الحكم الذي أصدرته.
2 - ولئن كانت المحكمة التأديبية قد ذكرت في أسباب حكمها أنه لم يترتب على المخالفات المسندة إلى الطاعن إضرار بالخزانة العامة إلا أن هذا لا ينفي أن طبيعة المخالفة الثانية التي كانت مسندة إلى الطاعن من شأنها المساس بحقوق الدولة المالية فلم تقصد المحكمة التأديبية أن تغير في وصف التهمة وإنما قصدت إلى إبراز الأسباب التي من أجلها خفضت العقوبة عن المخالف، وحتى ولو كان الأمر غير ذلك أخذاً بقول الطاعن من أن المحكمة التأديبية قصدت أن تنفي تلك الصفة عن التهم التي أسندت إليه فإن ذلك لا يعني بحكم اللزوم والقضاء ببراءته إذا ما استظهرت المحكمة التأديبية من وقائع الموضوع أن الطاعن قد ارتكب المخالفات المسندة إليه.
3 - إن المحكمة التأديبية ليست ملزمة بأن تتعقب دفاع الطاعن في وقائعه وجزئياته للرد على كل منها ما دامت قد أبرزت إجمالاً الحجج التي كونت منها عقيدتها مطرحة بذلك ضمناً الأسانيد التي قام عليها دفاعه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 21 من مارس سنة 1965 أودعت النيابة الإدارية سكرتيرية المحكمة التأديبية لموظفي الدرجة الثانية فما فوقها أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت تحت رقم 7 لسنة 7 القضائية وقرار اتهام اسندت فيه النيابة إلى السيد أحمد أحمد الفقي المهندس من الدرجة الثالثة بمجلس مدينة طنطا أنه في خلال المدة من عام 1958 إلى عام 1959 ببلدية المنصورة بدائرة محافظة الدقهلية، لم يؤد أعمال وظيفته بالدقة الواجبة وخالف التعليمات المالية مما ترتب عليه المساس بحق مالي للدولة بأن ( أ ) أخطأ في تقدير المقايسة الخاصة بإنشاء سور النادي الرياضي بالمنصور - (ب) لم يقم بخصم مبلغ 16 جنيهاً و905 مليماً من الحساب الختامي للعملية سالفة الذكر وصرف هذا المبلغ للمقاول بالزيادة عن استحقاقه - (ج) صرف استحقاق المقاول في العملية المذكورة ينقص مبلغ 3 جنيهات و383 مليماً في الأعمال الاعتيادية والكهربائية كما أسندت النيابة الإدارية مخالفات أخرى إلى موظفين آخرين وذكرت في تقرير الاتهام أنهم جميعاً ارتكبوا المخالفات المالية والإدارية والمنصوص عليها في المواد 73، 82 فقرة 4، 5، 83 من القانون 210 لسنة 1951، والمادتين 87، 118 من لائحة المناقصات والزيادات وطلبت محاكمتهم طبقاً للمواد 14 من القانون 117 سنة 1958، 61، 67 من القانون 46 لسنة 1964 في شأن نظام العاملين بالدولة.
وبجلسة 3 من يوليو سنة 1965، قضت المحكمة التأديبية فيما قضت به ببراءة المهندس أحمد محمد الفقي من المخالفة الأولى وبمجازاته باللوم عن المخالفتين الثانية والثالثة وأقامت قضاءها بالنسبة إلى التهمة الأولى على أساس أنه بأن لها من أقوال السيد توفيق الشربيني ومن مراجعة ملف العملية أن الزيادات التي أضيفت إلى التصميم الأصلي لسور النادي الرياضي لا صلة لها بعيب التصميم بل قد تكون هي السبب الذي أدى إلى تعديل الأساسات وتعميقها ومع ذلك فقد قرر الشاهد المذكور في محضر تحقيق النيابة الإدارية أن الزيادات كانت لازمة للعملية، وإزاء هذا التناقض لا تطمئن المحكمة إلى هذه الأقوال كدليل قاطع على عدم سلامة التصميم وترجح صحة دفاع المتهم من أن التصميم الأصلي كان كافياً لحمل السور حسب ارتفاعه المقدر ابتداء وأن جميع الإضافات لم تكن ضرورية فنياً، الأمر الذي يتعين معه تبرئة المستلم من هذه التهمة، أما بالنسبة إلى ما هو منسوب إليه في التهمتين الثانية والثالثة من عدم خصم نسبة إلى 5% الواردة في عطاء المقاول من ختامى العملية وخصم مبلغ 3 جنيهات و383 مليماً من مستحقات المقاول فقد دفع المتهم التهمتين بأن إدارة الحسابات هي المسئولة وحدها عن ذلك إلا أن هذا الدفاع لا ينفي عن المتهم باعتباره المهندس المشرف على العملية الذي يقوم بإعداد المستخلص النهائي من واقع الأعمال التي يقوم بها المقاول بتنفيذها طبقاً للعقد المبرم معه مسئولية ما يقع في هذه المستخلصات من أخطاء ولذلك تكون إدانته ثابتة، ونظراً لأنه لم يترتب على تلك المخالفات إضرار بالخزانة العامة التي رأت المحكمة النزول بالعقوبات إلى حدها الأدنى المقرر وكانت المحكمة قد جازت المتهم بالإنذار ونطقت بالحكم على هذا الوجه ثم أصدرت قراراً بالاستناد إلى المادة 364 مرافعات بتصحيح الخطأ المادي الوارد في منطوق الحكم بأن تستبدل بكلمة الإنذار كلمة اللوم.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه من أوجه ثلاثة - (أولها) أن المادة 364 مرافعات التي استندت إليها المحكمة التأديبية في تعديل منطوق الحكم لا تجيز إلا تصحيح الأخطاء المادية البحتة كتابية أو حسابية فلا يجوز الاستناد إليها في تصحيح منطوق الحكم بتعديله أو بتغييره ولما كانت العقوبة المحكوم بها أصلاً هي الإنذار ثم صححت إلى اللوم فإن ذلك لا يعتبر تصحيحاً لخطأ مادي وإنما هو تعديل وتغيير في العقوبة المحكوم بها ذلك لأن كلتا العقوبتين تختلفان من حيث الطبيعة والآثار المترتبة على كل منهما. ومن ثم فإن التعديل الذي أجرته المحكمة يكون باطلاً وعديم الأثر. (والثاني) أن الاتهام قام على أن المخالفات المنسوبة إلى الطاعن ترتب عليها المساس بحق مالي للدولة وقد نفى الحكم المطعون فيه هذا الوصف عن تلك المخالفات وكانت النتيجة الطبيعة لذلك أن تقضي المحكمة ببراءة الطاعن لا بإدانته وإذ قضت بالإدانة فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون (والثالث) أن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً في التسبيب مخلاً بحق الدفاع إخلالاً جوهرياً ذلك لأن المحكمة أغفلت دفاع الطاعن الذي يتحصل في أن مسئوليته كمهندس مشرف على العملية مقصورة على الناحيتين الفنية والهندسية أما المستخلص النهائي فهو من صميم أعمال المراجعة والمحاسبة التي يسأل عنها قسما العقود والحسابات غير أن المحكمة أدانت الطاعن دون أن تبين سندها في ذلك.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول من الطعن فإنه وإن كانت المحكمة تستنفد ولايتها بالنسبة إلى النزاع بإصدار قضائها فيه فلا يجوز لها العدول عما قضت به كما لا يجوز لها تعديل ذلك القضاء أو إحداث إضافة إليه غير أنه ترد على هذه القاعدة استثناءات منها أن المشرع أجاز للمحكمة أن تتولى تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية كتابية أو حسابية بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم (المادة 364 ق قانون المرافعات) ولكي يمكن الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتصحيح الخطأ المادي الواقع في منطوقه يجب أن يكون لهذا الخطأ المادي أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح في نظر المحكمة بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الصحيح الثابت فيه حتى لا يكون التصحيح ذريعة للرجوع عن الحكم والمساس بحجيته.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه ومسودته أن المحكمة للظروف التي استظهرتها رأت أن توقع على المخالفين أدنى العقوبات فذكرت في أسباب حكمها.
"ومن حيث إنه لم يترتب على المخالفات المسندة إلى المخالفين إضرار بالخزانة العامة الأمر الذي ترى معه هذه المحكمة النزول بالعقوبات إلى حدها الأدنى المقرر لمن كان في درجتهم". وكانت المحكمة قد أوردت في صدر الحكم أسماء المخالفين والدرجة المالية التي يشغلها كل منهم ومن ضمنهم الطاعن فقد ذكر أمام اسمه العبارة الآتية "المهندس من الدرجة الثالثة طبقاً للقانون 46/ 1964 - بمجلس مدينة طنطا". ثم حكمت المحكمة بمجازاة الطاعن بالإنذار، وبعد ذلك أصدرت قراراً بتصحيح الخطأ المادي في منطوق الحكم بأن تستبدل بكلمة "الإنذار" كلمة "اللوم".
ومن حيث إنه يتضح من ذلك أن المحكمة قد أفصحت في أسباب حكمها قبل التصحيح بعبارات صريحة قاطعة عن أنها قصدت مجازاة الطاعن بأدنى العقوبات المقررة لمن كان في درجته ولما كانت أدنى العقوبات المقررة هي عقوبة اللوم طبقاً لنص المادة 61 من القانون 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين بالدولة فإن ما أثبتته المحكمة في منطوق الحكم من مجازاة الطاعن بالإنذار لا يعدو في ضوء الظروف المتقدمة أن يكون من قبيل الأخطاء الكتابية المحضة التي تملك المحكمة تصحيحها بقرار منها طبقاً لنص المادة 364 واقعات دون أن يعتبر هذا العمل من جانبها بمثابة تعديل أو تغيير في الحكم الذي أصدرته، ولذلك يكون هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثاني عن الطعن فإنه على غير أساس أيضاً ذلك لأنه ولئن كانت المحكمة التأديبية قد ذكرت في أسباب حكمها أنه لم يترتب على المخالفات المسندة إلى الطاعن إضرار بالخزانة العامة إلا أن هذا لا ينفي أن طبيعة المخالفة الثانية التي كانت مسندة إلى الطاعن من شأنها المساس بحقوق الدولة المالية فلم تقصد المحكمة التأديبية أن تغير في وصف التهمة وإنما قصدت إلى إبراز الأسباب التي من أجلها خفضت العقوبة عن المخالف، وحتى ولو كان الأمر غير ذلك أخذاً بقول الطاعن من أن المحكمة التأديبية قصدت أن تنفي تلك الصفة عن التهم التي استندت إليها فإن ذلك لا يعني بحكم اللزوم القضاء ببراءته إذا ما استظهرت المحكمة التأديبية من وقائع الموضوع أن الطاعن قد ارتكب المخالفات المسندة إليه.
ومن حيث إن أحكام المحاكم التأديبية هي أحكام نهائية لا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحوال المنصوص عليها في المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959، فإذا انتفى قيام حالة من هذه الأحوال وكان الحكم مستنداً إلى وقائع صحيحة قائمة لها أصول ثابتة في الأوراق كيفها تكييفاً قانونياً سليماً واستخلص منها نتيجة سائغة تبرر اقتناعه الذي بني عليه قضاءه فلا محل للتعقيب عليه باستئناف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى المحكمة التي أصدرت الحكم من دلائل وبيانات وقرائن وأحوال إثباتاً أو نفياً في خصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب في توقيع الجزاء أو التدخل في تقرير خطورة السبب وما يمكن ترتيبه عليه من آثار أو فيما استخلصته من هذه الدلائل والبيانات وقرائن الأحوال وما كونت منه عقيدتها أو اقتناعها.
ومن حيث إنه لم تقم بالحكم المطعون فيه حالة من حالات الطعن المنصوص عليها في المادة 15 من قانون مجلس الدولة كما أن المحكمة التأديبية بنت اقتناعها بإدانة الطاعن على الأسباب التي استخلصتها من عناصر سليمة لها أصل ثابت في الأوراق والتي ساقتها المحكمة له حسب دفاع الطاعن مفصلة إياها على نحو كاف لتبرير مذهبها في الرأي الذي انتهت إليه والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية ليست ملزمة بأن تتعقب دفاع الطاعن في وقائعه وجزئياته للرد على كل منها ما دامت قد أبرزت إجمالاً الحجج التي كونت منها عقيدتها مطرحة بذلك ضمناً الأسانيد التي قام عليها دفاعه، مما يتعين معه رفض الوجه الثالث من الطعن لسلامة الحكم المطعون فيه من أي قصور مخل يمكن أن يكون سبباً لإبطاله.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس من القانون متعيناً الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.

الطعن 820 لسنة 11 ق جلسة 28 / 1 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 58 ص 572

جلسة 28 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

----------------

(58)

القضية رقم 820 لسنة 11 القضائية

موظف. "تعيين. فترة الاختبار". "فصل".
تقدير صلاحية الموظف تحت الاختبار متروك للسلطة التي تملك التعيين - لها وحدها تقدير صلاحيته للوظيفة من عدمه - استنادها في هذا التقدير إلى أية عناصر تستمد منها قرارها بلا معقب عليها ما دام قرارها يجئ خالياً من إساءة استعمال السلطة - لا يعيب قرار فصل الموظف لعدم الصلاحية خلال فترة الاختبار عدم سبق إخطاره بتقرير الثلاثة شهور الأولى إذا كان بدرجة ضعيف في العمل والإنتاج حسبما قرره منشور داخلي بقصد تنظيم العمل - أساس ذلك - مخالفة مثل هذه التوجيهات الداخلية لا تغل يد الرئيس عن ممارسة سلطاته متى قامت الدواعي وتحققت الأسباب المبررة لتدخله وإعمال سلطاته المخولة قانوناً.

----------------
إن المرد في تقدير صلاحية الموظف المعين تحت الاختبار هو للسلطة التي تملك التعيين، فلها وحدها حق تقدير مدى صلاحيته للوظيفة العامة استناداً إلى أية عناصر تستمد منها قرارها وهي تستقل بهذا التقدير بلا معقب عليها ما دام قرارها يجئ خالياً من إساءة استعمال السلطة، وواضح مما تقدم أن المدعي قد ثبت عدم صلاحيته للبقاء في الخدمة وأنه بناء على التقرير المقدم عنه من رئيسه أصدر السيد مدير عام الهيئة بمقتضى السلطة المخولة له قانوناً القرار المطعون فيه بفصله من الخدمة لعدم الصلاحية وقد خلت الأوراق من أية واقعة يمكن أن تقوم قرينة على إساءة استعمال السلطة ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر سليماً مطابقاً للقانون ولا يعيبه أن المدعي لم يخطر بتقرير الثلاثة شهور الأولى إذا كان بدرجة ضعيف في العمل والإنتاج وذلك طبقاً للمنشور الداخلي الصادر في 27/ 10/ 1963 بقصد تنظيم سير العمل ذلك أن مخالفة مثل هذه التوجيهات الداخلية التي يضعها الرؤساء لمرؤوسيهم لا يمكن أن تغل يد الرئيس عن ممارسة سلطاته متى قامت الدواعي وتحققت الأسباب المبررة لتدخله وإعمال سلطاته المخولة له قانوناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 398 لسنة 11 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية بعريضة أودعت سكرتيرية تلك المحكمة في 19/ 5/ 1964 ذكر فيها أنه التحق بخدمة هيئة بريد الإسكندرية في 26/ 12/ 1956 بوظيفة موزع بريد وبتاريخ 13/ 5/ 1964 صدر قرار بفصله من الخدمة بمقولة إنه لم يعد صالحاً للبقاء فيها، ولما كان هذا السبب الذي تذرعت به الهيئة لفصله من الخدمة غير صحيح فإن القرار الصادر بذلك يكون قد صدر باطلاً ومخالفاً للقانون ومشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة، ولما لم تجد تظلماته نفعاً فقد أقام هذه الدعوى طالباً إلغاء القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقد ردت هيئة البريد على الدعوى بمذكرة دفعت فيها أولاً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني إذ أن القرار المطعون فيه صدر في 5/ 1/ 1964. وتظلم منه المدعي في 9/ 1/ 1964. فكان متعيناً عليه إقامة الدعوى خلال مائة وعشرين يوماً من هذا التاريخ أي خلال ستين يوماً من تاريخ مضي ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تتلق رداً عليه والتي تنتهي في 8/ 5/ 1964 ولكنه لم يودع عريضة دعواه إلا في 19/ 5/ 1964. وبذلك يكون قد فوت على نفسه الميعاد القانوني المقرر لإقامة الدعوى ويكون الدفع بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد في محله وأنه لا يغير من هذه النتيجة أن يتقدم المدعي بتظلم آخر في 24/ 2/ 1964 لأن العبرة في حساب المواعيد هي بالتظلم الأول وبالنسبة للموضوع أوضحت أن المدعي التحق بخدمة الهيئة في 29/ 12/ 1956 بوظيفة مؤقتة من الدرجة التاسعة بدل المجند محمود محمد السقا، وبتاريخ 13/ 2/ 1963 صدر القرار رقم 243 بتعيينه في وظيفة من المرتبة الخامسة المتوسطة تحت الاختبار وفصل من وظيفته المؤقتة اعتباراً من ذلك التاريخ، ولما لم تثبت صلاحيته للبقاء في الوظيفة الدائمة خلال فترة الاختبار عرضت مذكرة بشأنه لفصله من الخدمة لعدم الصلاحية واعتمدها السيد/ المدير العام في 5/ 1/ 1964 - فلا وجه بعد إذ ثبت عدم صلاحية المدعي للخدمة خلال تلك الفترة للنعي على القرار الصادر بفصله بمخالفة القانون ويكون طلب إلغائه غير قائم والحالة هذه على أساس سليم من القانون متعين الرفض وبجلسة 10/ 5/ 1965 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها في الدعوى قاضياً "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الإدارة بمصروفات الدعوى ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر في 5/ 1/ 1964 وأبرقت الإدارة العامة لهيئة البريد إلى منطقة بريد الإسكندرية التي يتبعها المدعي لإبعاده عن العمل فقامت هذه الجهة الأخيرة بتنفيذ ذلك في 6/ 1/ 1964 وأراد المدعي أن يعرف سبب إبعاده عن عمله وليس من شك في أن هذا الاستفسار لا يفيد علمه بالقرار الصادر بفصله فلا يكون له بالتالي، أي أثر في افتتاح مواعيد الطعن، إنما يكون المعول عليه في هذا الشأن هو التظلم الذي قدمه في 24/ 2/ 1964. بعد أن علم بمضمون القرار المطعون فيه وهو إذ أقام دعواه في الميعاد محسوباً من هذا التاريخ يكون الدفع بعدم قبولها في غير محله متعين الرفض. بالنسبة للموضوع فقد أسست قضاءها على أن المادة العاشرة من القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 بنظام موظفي هيئة البريد تنص على أنه "فيما عدا الوظائف التي يتم التعيين فيها بقرار رئيس الجمهورية يكون التعيين لأول مرة في وظائف المرتبة الرابعة من الوظائف العالية. والثالثة والرابعة والخامسة من الوظائف المتوسطة لمدة سنة تحت الاختبار يجوز مدها سنة أخرى يثبت بعدها الموظف إذا تبين من التقرير المقدم عنه صلاحيته لأداء أعمال الوظيفة وإلا فصل من الخدمة بقرار من مدير عام الهيئة، وإنه إعمالاً لحكم هذه المادة وضعت الهيئة قواعد ترسم الضوابط التي تحدد على أساسها هذه الصلاحية وهي التي نظمتها تعليمات الهيئة الواردة في منشورها رقم 4/ 54 - 1/ 5 الصادر في 27/ 10/ 1963 ومقتضاها إنه إذا وضع عن الموظف تقرير ضعيف لمدة ثلاثة أشهر متوالية في عنصر العمل والإنتاج يخطر الموظف بذلك ويعتبر هذا بمثابة إنذار له فإذا حصل بعد ذلك على درجة ضعيف في العنصر ذاته خلال أي شهر من الشهور الباقية من فترة الاختبار يفصل من الخدمة فوراً لعدم الصلاحية، ولا ريب في أن على الإدارة - بعد إذ وضعت هذه القواعد أن تلتزم بها، وينبني على ذلك أن القرار الذي يصدر بفصل موظف معين تحت الاختبار دون مراعاة تلك القواعد هو قرار مخالف للقانون، وإذ كان الثابت أن المدعي وإن حصل على تقدير ضعيف في بعض فروع عنصر العمل والإنتاج خلال الشهور الأربعة السابقة على فصله إلا أن الإدارة لم تخطره بهذه التقارير على مقتضى الأحكام الواردة بالمنشور المشار إليه وسارعت إلى فصله من الخدمة لعدم الصلاحية قبل إخطاره بالتقارير على النحو السابق مما يعيب القرار الصادر منها بعيب مخالفة القانون ويكون طلب المدعي الحكم بإلغائه قائماً على أساس سليم من القانون. ويتعين إجابته إليه وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وقالت في بيان ذلك إن الطلب الذي تقدم به المطعون ضده في 9 يناير سنة 1964 والذي اعتبرته المحكمة استفساراً لا يرقى إلى مرتبة التظلم فلا تنفتح به مواعيد الطعن، هو في حقيقته وتكييفه القانوني تظلم يبدأ من تاريخه حساب مواعيد رفع دعوى الإلغاء، ولما كان الثابت من الأوراق أن الدعوى لم ترفع إلا في 19/ 5/ 1964 فإنها تكون قد رفعت بعد الميعاد ويكون الدفع بعدم قبولها في محله، وبالنسبة للموضوع فإن القواعد التي تضمنها المنشور سالف الذكر لا تعدو أن تكون مجرد توجيهات، لا يمكن أن ترقى إلى مرتبة القرار الجمهوري - رقم 2191 لسنة 1959 "بنظام موظفي هيئة البريد أو أن تخالف أحكامه، وطبقاً لأحكام المادة العاشرة منه لا يثبت الموظف المعين تحت الاختبار إلا إذا تبين من التقرير المقدم عنه صلاحيته لأداء أعمال الوظيفة وإلا فصل من الخدمة وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلافاً لهذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وقامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه تبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه بتاريخ 26/ 12/ 1956. التحق كموزع بخدمة هيئة البريد بمنطقة الإسكندرية بوظيفة مؤقتة (بدل مجند) ثم صدر القرار الإداري رقم 243 في 13 فبراير سنة 1963 بتعيينه تحت الاختبار بوظيفة من المرتبة الخامسة وبتاريخ 23/ 11/ 1963 رفع السيد رئيس قلم التوزيع مذكرة إلى السيد مدير المنطقة أشار فيها إلى أن هذا الموظف وقعت عليه عدة جزاءات خلال فترة خدمته المؤقتة كما أنه حصل على تقريرين بدرجة ضعيف خلال تلك الفترة عن عامي 1960، 1962 وأنه عندما طولب باستلام تقريره الأخير رفض استلامه فأرسل إليه بطريق البريد المسجل ولكنه رفض أيضاً استلامه وأعيد ثانية إلى المنطقة وذكر السيد رئيس قلم التوزيع في مذكرته هذه أنه كان يأمل بعد أن عين المدعي على وظيفة دائمة في 13/ 2/ 1963 أن يسلك سلوكاً حسناً وأن يغير من شأنه غير أنه استمر في استهتاره مما أدى إلى توقيع جزاءات أخرى عليه خلال فترة اختباره وأصبح وجوده يشكل خطراً على سلامة العمل بالقسم وطلب من أجل ذلك إصدار قرارا بإنهاء فترة اختباره بفصله من الخدمة وكان بعد أن مرت هذه المذكرة بمراحلها المختلفة أن وافق السيد المهندس مدير عام هيئة البريد في 5/ 1/ 1964 على فصله من الخدمة لعدم الصلاحية، وأبعد عن العمل اعتباراً من ظهر اليوم التالي 5/ 1/ 1964 ثم صدر في 13/ 1/ 1964 القرار التنفيذي رقم 81 متضمناً فصله لثبوت عدم صلاحيته للبقاء في الخدمة وذلك اعتباراً من 5/ 1/ 1964 (تاريخ اعتماد السيد المدير العام المذكرة المرفوعة بفصله).
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فإن الثابت من الأوراق أنه على أثر إبعاد المدعي من وظيفته تقدم في 9 يناير سنة 1964 بطلب إلى السيد مراقب عام هيئة بريد الإسكندرية يستعلم فيه عن الأسباب التي أدت إلى وقفه عن العمل، وبعد أن علم أنه فصل من الخدمة تظلم في 24/ 2/ 1964 ولما لم يتلق رداً على تظلمه أقام الدعوى في 19/ 5/ 1964 وواضح من ذلك أنه ليس ثمة دليل على أن المدعي علم بالقرار الصادر بفصله قبل تظلمه منه في 24/ 2/ 1964 فمن هذا التاريخ فقط يحاسب على مواعيد رفع الدعوى، إذ أن التاريخ الذي تحقق فيه علمه بالقرار الذي كان سبباً في الحيلولة بينه وبين عمله والذي يستطيع بعده أن يحدد طريقه من الطعن أو عدم الطعن فيه وإذ أقام الدعوى في ميعادها محسوباً من هذا التاريخ فإنه يكون قد أقامها في الميعاد ويكون الدفع بعدم القبول في غير محله مستوجب الرفض عن الموضوع.
ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع الدعوى فإن المرد في تقدير صلاحية الموظف المعين تحت الاختبار هو للسلطة التي تملك التعيين، فلها وحدها حق تقدير صلاحيته للوظيفة من عدمه وذلك بالاستناد إلى أية عناصر تستمد منها قرارها وهي تستقل بهذا التقرير بلا معقب عليها ما دام قرارها يجئ خالياً من إساءة استعمال السلطة، وواضح مما تقدم أن المدعي قد ثبتت عدم صلاحيته للبقاء في الخدمة وأنه بناء على التقرير المقدم عنه من رئيسه أصدر السيد مدير عام الهيئة بمقتضى السلطة المخولة له قانوناً القرار المطعون فيه بفصله من الخدمة لعدم الصلاحية وقد خلت الأوراق من أية واقعة يمكن أن تقوم قرينة على إساءة استعمال السلطة ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر سليماً مطابقاً للقانون، ولا يعيبه أن المدعي لم يخطر بتقرير الثلاثة شهور الأولى إذا كان بدرجة ضعيف في العمل والإنتاج وذلك طبقاً للمنشور الداخلي الصادر في 27/ 10/ 1963 بقصد تنظيم سير العمل ذلك أنه فضلاً عن أن مخالفة مثل هذه التوجيهات الداخلية التي يضعها الرؤساء لمرؤوسيهم لا يمكن أن تغل يد الرئيس عن ممارسة سلطاته متى قامت الدواعي وتحققت الأسباب المبررة لتدخله وإعمال سلطاته المخولة له قانوناً فإن الثابت أن عدم صلاحية المدعي للبقاء في الخدمة وهي الحالة الواقعية التي انبنى عليها صدور القرار بفصله قامت واكتملت لها مقوماتها قبل أن توضع هذه التوجيهات التي صدرت بعد تعيين المدعي بأكثر من ثمانية شهور - موضع التنفيذ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنه إذا كان الغرض من إخطار الموظف بضعفه في العمل هو تقصيره بأمره وإنذاره بأن يصلح من شأنه، فإن المدعي قد وقعت عليه عدة جزاءات ومع ذلك لم يتخذ منها نذيراً وتبصرة له في إصلاح ذات نفسه وظل سادراً في ضعف إنتاجه وقلة عنايته بالعمل. بالإضافة إلى أن فصله لم يكن مرده فقط إلى ضعفه في العنصر المشار إليه، وإنما كان بحسب ما هو ظاهر في الأوراق نتيجة بحث شامل لحالته ولجميع العناصر التي يجب توافرها في الموظف للبقاء في الخدمة ومع ملاحظة أنه رسب في نتيجة التدريب وبناء على ذلك كله يكون القرار المطعون فيه قد صدر ولا مخالفة فيه للقانون وقائماً على سببه المبرر له مستمداً من أصول ثابتة في الأوراق مبرءاً حسبما سلف القول من عيب إساءة استعمال السلطة ويكون طلب المدعي القضاء بإلغائه غير قائم والحالة هذه على أساس من القانون متعيناً رفضه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك إلغاؤه ورفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعون 510 لسنة 9 & 800 لسنة 11 ق & 273 لسنة 12 ق جلسة 21 / 1 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 57 ص 562

جلسة 21 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

----------------

(57)

القضايا رقم 273 لسنة 12 القضائية ورقم 510 لسنة 9 القضائية ورقم 800 لسنة 11 القضائية

(أ) اختصاص. "اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري". موظف "نهاية الخدمة لعدم اللياقة الطبية". إحالته إلى القومسيون الطبي. قرار إداري.
القرار الصادر بإحالة الموظف إلى القومسيون الطبي العام للتحقق من لياقته الطبية لا يعتبر قراراً إدارياً ويخرج طلب إلغائه لذلك من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
(ب) موظف. "وقف عن العمل". إحالته إلى القومسيون الطبي.
المشرع حدد الحالات التي يجوز فيها وقف العامل على سبيل الحصر - ولا يجوز اللجوء إلى هذه الوسيلة لغير ما شرعت له - حتى بالنسبة لوقف موظف عن العمل لإجباره على عرض نفسه على الجهة الطبية المختصة.

----------------
1 - إنه ولئن كان حكم المادة 109 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي صدر القراران المطعون فيهما في ظله قد خول جهة الإدارة الحق في إحالة الموظف إلى القومسيون الطبي العام في أي وقت للتحقق من توافر شرط اللياقة الطبية فيه باعتبار أن تحقق هذه اللياقة من الشروط الجوهرية للتعيين في خدمة الحكومة كما أنها شرط للاستمرار فيها، إلا أن القرار الذي يصدر بالإحالة إلى الكشف الطبي لا يعتبر قراراً إدارياً نهائياً ذلك لأنه ليس من شأنه أن ينشئ مركزاً قانونياً للموظف أو يعدل في مركزه القانوني، وإنما هو قرار تمهيدي للقرار الذي سيصدر من جهة الإدارة بعد أن تفصح الهيئة الطبية المختصة عن رأيها في خصوص لياقة الموظف للخدمة أو عدم لياقته ولذلك فلا يدخل قرار الإحالة إلى الكشف الطبي ضمن القرارات التي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في طلب إلغائها.
2 - وفقاً للتنظيم الذي وضعه المشرع بالنسبة إلى الوقف عن العمل فلا يجوز أن يوقع على الموظف كعقوبة تأديبية إلا بموجب حكم من المحكمة التأديبية المختصة (مادة 84) ولا يجوز الوقف احتياطياً إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى مع الموظف قبل إحالته إلى المحاكمة التأديبية إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك (مادة 95) ولا يوجد في نصوص القانون ما يسوغ لجهة الإدارة اتخاذ هذا الإجراء الأخير لغرض آخر كمجرد الشك في أن الموظف فقد شرط اللياقة الطبية أو لإجباره على الإذعان لقرار أصدرته جهة الإدارة كما لو أحالت موظفاً إلى الكشف الطبي وامتنع عن تمكين الجهة الطبية المختصة من فحصه، وإنما يجب أن تلتزم جهة الإدارة الوسيلة التي نص عليها القانون والغرض الذي شرعت من أجله، وما دام المشرع قد أجاز الوقف الاحتياطي في أحوال معينة محددة على سبيل الحصر فلا يجوز لجهة الإدارة أن تلجأ إلى هذه الوسيلة في غير ما شرعت له وإلا كان ذلك خروجاً على حدود التنظيم الذي رسمه المشرع وإهدار الحكمة التي استهدفها من تخصيصه لكل حالة الإجراء الذي يناسبها.
وإذ كان الثابت من الاطلاع على الأوراق المرفقة بملف الطعون أن الطاعن أصيب بمرض عقلي منذ سنة 1959 استلزم عرضه على القومسيون الطبي العام عدة مرات لتقرير الإجازة لعلاجه ثم عمد الطاعن إلى عدم تمكين الجهة الطبية من فحصه منذ أواخر سنة 1960 - فأصدرت جهة الإدارة قرارها المطعون فيه بعد أن أوصت بذلك المحكمة التأديبية المختصة قاصدة من هذا القرار إجبار الطاعن على عرض نفسه على الجهة الطبية المختصة فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد أوقف الطاعن في غير الحالات التي يجوز فيها ذلك يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية لدى محكمة القضاء الإداري "هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي" طالباً الحكم (أولاً) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المعلن إليه بتاريخ 5 من يوليه سنة 1966 والمتضمن وقف صرف مرتبه اعتباراً من أول يوليه سنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار. (ثانياً) إلغاء القرار فيما تضمنه وقف صرف مرتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة المصروفات وأتعاب المحاماة. وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 4 من إبريل سنة 1962 قررت المحكمة التأديبية لوزارة الأشغال تأجيل القضية التي أقامتها النيابة الإدارية ضده لمحاكمته عن بعض المخالفات الإدارية إلى أجل غير مسمى وأشارت على جهة الإدارة في أسباب قرارها بأن تتخذ الإجراءات اللازمة لإجباره على الكشف الطبي لمعرفة مدى مسئوليته عن المخالفات المنسوبة إليه. وتنفيذاً لذلك أرسل وكيل الوزارة المساعدة لوزارة الري بتاريخ 26 من مايو سنة 1962 كتاباً إلى تفتيش ري الوجه البحري لتنفيذ ما أوصت به المحكمة التأديبية وذلك بالحيلولة بين المدعي ومباشرة مهام وظيفته والامتناع عن صرف مرتبه إلى أن يكشف عليه طبياً. ثم قام التفتيش بإعلان هذا القرار إليه في 5 من يوليه سنة 1962 وامتنع عن صرف مرتبه اعتباراً من أول شهر يوليه سنة 1962، ولما كان القرار المشار إليه مخالفاً للقانون لأنه في حقيقة الأمر قرار بوقفه عن العمل صدر من وكيل الوزارة المساعد وهو غير مختص بوقفه كما أن عدم توقيع الكشف الطبي عليه لا يبرر الامتناع عن صرف مرتبه فقد تظلم من القرار ولما لم تجبه الإدارة إلى تظلمه أقام الدعوى بطلب إلغاء ذلك القرار.
وقد دفعت إدارة قضايا الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى استناداً إلى أن اختصاص القضاء الإداري محدد في طلب إلغاء القرارات الإدارية النهائية، أما الإجراء الذي اتخذته جهة الإدارة فإنه إجراء مادي قصدت به إجبار المدعي لعرض نفسه على الكشف الطبي بعد أن أعيتها الحيل لإقناعه بذلك كما تعرضت مصلحة المرفق للخطر، ولم تقصد بهذا الإجراء إحداث أثر قانوني في مركز المدعي الوظيفي ولذلك فلا يعتبر هذا الإجراء قراراً نهائياً ولا يختص مجلس الدولة بالنظر في طلب إلغائه. ويضاف إلى ذلك أنه مع التسليم جدلاً بأنه قرار إداري نهائي فقد صدر تنفيذاً لما أمرت به المحكمة التأديبية فلا يجوز الطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري وإنما يطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا المختصة بالنظر في الطعون التي تقدم إليها في أحكام وقرارات المحاكم التأديبية وأما بالنسبة للموضوع فقالت الحكومة إن الوقف عن العمل شرع لحماية الوظيفة العامة ولا تتضمن مواد قانون التوظف الحالات الوحيدة التي يجوز فيها وقف الموظف عن العمل بل أن جهة الإدارة تختص إلى جانب ذلك بإصدار القرارات اللازمة لضمان سير المرافق العامة بانتظام وباضطراد، والإجراء الذي اتخذته جهة الإدارة قبل المدعي لا يخرج عن هذا النطاق، فهو إجراء اقتضته الضرورة ومصلحة المرفق بعد أن تبين لجهة الإدارة مدى الخطورة التي تترتب على ترك المدعي يمارس أعمال وظيفته. وبتاريخ 23 من يناير سنة 1963 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباستمرار صرف مرتب المدعي مؤقتاً، وأقامت قضاءها على أن الحيلولة بين المدعي وبين مباشرة أعمال وظيفته هو بمثابة قرار بوقفه عن العمل أفصحت به جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني وهو إجبار المدعي على عرض نفسه على الكشف الطبي حتى يمكن تلافي الأضرار التي قد تعود على المصلحة العامة بسبب قيام المدعي بأعمال لها حيويتها مع قيام الشك تمتعه بقواه العقلية، وهذا القرار لم يصدر بناء على قرار من المحكمة التأديبية لأن المحكمة قررت تأجيل الدعوى إلى أجل غير مسمى ولم تصدر قراراً بإحالة المدعي إلى الكشف الطبي، وإذا كانت المحكمة التأديبية قد رأت من واجبها أن تشير على جهة الإدارة باتخاذ الإجراءات اللازمة لإجبار المدعي على الكشف الطبي فإن هذا التوجيه غير ملزم للإدارة فإذا اتخذت إجراء في شأن تنفيذه فإن التصرف يكون منسوباً إليها ويجب أن تتوافر فيه الشروط والأوضاع التي حددها القانون، وعلى ذلك فإن النظر في طلب إلغاء القرار المطعون فيه يدخل في اختصاص الإلغاء المقرر قانوناً لهذه المحكمة ويجوز طلب الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف المرتب استناداً إلى حكم المادتين 8، 21 من قانون مجلس الدولة. ولما كان القرار المطعون فيه ليس له سند من أحكام المواد 84، 95، 96 من قانون التوظف فمن ثم يكون الطلب بحسب الظاهر قائماً على أسباب جدية، وإذا لم يثبت أن للمدعي مورد رزق آخر خلاف مرتبه فإنه يتوافر في الطلب شرط الاستعجال ولذلك يتعين القضاء باستمرار صرف مرتب المدعي إلى أن يقضى في الدعوى الموضوعية وقد طعنت وزارة الري في هذا الحكم بعريضة طعن قيدت تحت رقم 510 لسنة 9 القضائية ويقوم طعنها على وجهين أولهما أن القضاء الإداري لا يختص بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لأنه ليس إلا إجراء تمهيدياً مؤقتاً وغير نهائي لجأت إليه جهة الإدارة حتى لا تتعرض مصلحة المرفق للخطر وعلى هذا الوجه فلا يختص القضاء الإداري بالنظر في طلب إلغاء هذا الإجراء أما الوجه الثاني فهو أن الوقف تم بناء على طلب النيابة الإدارية بمناسبة التحقيقات التي أجرتها لإثبات ما طلبته المحكمة التأديبية من التحقق من مدى مسئولية المطعون عليه عن المخالفات الإدارية التي كانت مطروحة عليها ويكون الوقف عن العمل قد تم إعمالاً لنص المادة 95 من قانون التوظف ويخرج النظر في طلب إلغائه من اختصاص القضاء باعتباره وقفاً احتياطياً، وأما بالنسبة إلى الموضوع فقالت الطاعنة إن القرار اتخذ تحقيقاً للمصلحة العامة ولا يتوافر في شأنه ركن الاستعجال.
وبعد أن تم تحضير الدعوى رقم 1303 لسنة 16 ق المشار إليها أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري فأصدرت حكماً بتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1965 برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وفي موضوعها برفضها وإلزام المدعى عليه بالمصروفات وأقامت قضاءها بالنسبة للدفع بعدم الاختصاص على نفس الأسباب التي استند إليها في حكم وقف التنفيذ، أما بالنسبة إلى الموضوع فقالت المحكمة إن القرار المطعون فيه لم يستند إلى أحكام الوقف المقررة في قانون التوظف بل استند إلي أن المدعي قد امتنع بعد الكشف عليه بتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1960 عن التوجه إلى القومسيون الطبي لإعادة الكشف عليه، ولما كانت التقارير الطبية الموقعة عليه في المرات السابقة تكشف عن أن المدعي كان مصاباً بمرض عقلي فإن منعه عن مباشرة أعمال وظيفته يكون أمراً ضرورياً اقتضاه الحرص على حسن سير المرفق وقد استنفذ المدعي إجازاته سواء بمرتب أو بغير مرتب ومن ثم يكون القرار المطعون فيه مطابقاً للقانون.
وقد طعن المهندس فوزي بنيامين تناغو في هذا الحكم بعريضة طعن قيدت تحت رقم 273 لسنة 12 القضائية نعى فيها على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون ذلك لأن المحكمة توسعت في تحديد طبيعة القرار المطعون فيه مع أن النزاع ينحصر في طلب إلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة الري المساعد بمنع المدعي من مزاولة عمله وبالامتناع عن صرف مرتبه، وبعبارة أخرى القرار الصادر بوقفه عن العمل ولقد نظم قانون التوظف في مواده 84، 95، 96 أحكام الوقف عن العمل كعقوبة تأديبية أو كإجراء احتياطي إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك ولا يدخل القرار موضوع الدعوى ضمن أحد النوعين وإذا صح أن الحالة التي وجد فيها المدعي تقتضي الإحالة إلى الاستيداع أو إبعاده عن أعمال وظيفته إلا أنها لا تجيز حرمانه من مرتبه، وإذا قضى الحكم المطعون فيه بخلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وبتاريخ 16 من إبريل سنة 1964 أصدرت وزارة الري قراراً آخر بتوقيع الكشف الطبي على المهندس المذكور حتى يمكن البت بصفة نهائية في أمر إحالته إلى الاستيداع أو بفصله من الخدمة وقد أقام المهندس المذكور الدعوى رقم 1437 لسنة 18 القضائية ضد وزارة الري طالباً إلغاء ذلك القرار لأنه يتضمن ضمناً منعه من العمل وحرمانه من مرتبه لحين الكشف عليه واستند في ذلك إلى نفس الأسباب التي استند إليها في الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية، وبتاريخ 12 من مايو سنة 1965 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لأن القرار المطعون فيه ليس قراراً إدارياً نهائياً وإنما هو قرار تمهيدي قصد به معرفة مدى مسئولية المدعي عن بعض المخالفات التي ارتكبها والمطروحة على المحكمة التأديبية المختصة وتنفيذاً للقرار الصادر منها بتاريخ 4 من إبريل سنة 1962 ومن ثم يكون مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري غير مختص بنظر الدعوى.
وقد طعن السيد المهندس المذكور في هذا الحكم بعريضة طعن قيدت تحت رقم 800 لسنة 11 قضائية نعى فيها على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون مستنداً في ذلك إلى أن القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلزامه بعرض نفسه على الجهة الطبية المختصة ينطوي على قرار بمنعه من مزاولة عمله ووقف صرف مرتبه وبهذه المثابة يعتبر قراراً إدارياً نهائياً من القرارات التي يختص مجلس الدولة بالنظر في طلب إلغائها. وقد أرادت وزارة الري بهذا القرار أن تتحلل من تنفيذ الحكم المستعجل الصادر في الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية والذي قضى بالاستمرار في صرف مرتبه إلى أن يقضى في دعوى الموضوع وعلى ذلك يكون قد صدر على خلاف حكم صادر لصالحه فهو مخالف للقانون.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريرين في الطعون الثلاثة انتهت في أولها إلى أن الطعن رقم 510 لسنة 9 القضائية التي أقامته الحكومة طعناً في الحكم الوقتي المستعجل الصادر في الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية سقط بصدور الحكم في موضوع تلك الدعوى والذي قضى برفضها, وأما بالنسبة إلى الطعن رقم 273 لسنة 12 القضائية الذي أقامه المهندس المذكور طعناً في الحكم الصادر برفض الدعوى فإن القرار المطعون فيه هو قرار وقف صدر على خلاف القواعد الخاصة بالوقف عن العمل التي تضمنها قانون نظام موظفي الدولة ومن ثم فهو مخالف للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى قد أخطأ في تطبيق القانون، وأما بالنسبة إلى الطعن رقم 800 لسنة 11 القضائية فرأت هيئة المفوضين رفضه موضوعاً.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن النقط القانونية مثار النزاع في الطعون الثلاثة هو معرفة ما إذا كان القضاء الإداري مختصاً بالنظر في طلبات الطاعن في الدعويين رقم 1303 لسنة 16 القضائية، ورقم 1437 لسنة 18 القضائية، وكذلك في تحديد الأحكام القانونية المنطبقة على النزاع.
ومن حيث إن جهة الإدارة أصدرت قرارين في شأن الطاعن صدر أولهما بتاريخ 26 من مايو سنة 1962 متضمناً إحالة الطاعن إلى القومسيون الطبي العام ومنعه من مباشرة أعمال وظيفته وعدم صرف مرتبه إليه وقد أقام الطاعن الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية بطلب إلغائه فيما تضمنه من حرمانه من مرتبه، والقرار الثاني صدر بتاريخ 16 من إبريل سنة 1964 متضمناً إحالة الطاعن إلى القومسيون الطبي العام ليبدي رأيه بصفة نهائية في حالة الطاعن الصحية حتى يمكن البت في أمره تمهيداً لإحالته إلى الاستيداع أو فصله من الخدمة وكذلك لتحديد مسئوليته عن بعض المخالفات الإدارية المنسوبة إليه والمطروحة على مجلس التأديب المختص وقد أقام الطاعن الدعوى رقم 1437 لسنة 18 القضائية بطلب إلغاء هذا القرار.
ومن حيث إنه ولئن كان حكم المادة 109 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي صدر القراران المطعون فيهما في ظله قد خولا جهة الإدارة الحق في إحالة الموظف إلى القومسيون الطبي العام في أي وقت للتحقق من توافر شرط اللياقة الطبية فيه باعتبار أن تحقق هذه اللياقة من الشروط الجوهرية للتعيين في خدمة الحكومة كما أنها شرط للاستمرار فيها، إلا أن القرار الذي يصدر بالإحالة إلى الكشف الطبي لا يعتبر قراراً إدارياً نهائياً ذلك لأنه ليس من شأنه أن ينشئ مركزاً قانونياً للموظف أو يعدل في مركزه القانوني، وإنما هو قرار تمهيدي للقرار الذي سيصدر من جهة الإدارة بعد أن تفصح الهيئة الطبية المختصة عن رأيها في خصوص لياقة الموظف للخدمة أو عدم لياقته ولذلك فلا يدخل قرار الإحالة إلى الكشف الطبي ضمن القرارات التي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في طلب إلغائها. وعلى هذا الأساس فإذا كان القرار الصادر بتاريخ 16 من إبريل سنة 1964 المشار إليه قد اقتصر على إحالة الطاعن إلى الكشف الطبي توطئة للتصرف في أمره على ضوء ما يظهر من نتيجة فحصه بمعرفة الجهة الطبية المختصة، ولا ينطوي على قرار آخر بالامتناع عن صرف مرتب الطاعن فمن ثم فإن طلب إلغائه يخرج عن اختصاص محكمة القضاء الإداري، ويكون الحكم المطعون إذ قضى بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن رقم 800 لسنة 11 القضائية على غير أساس حقيقاً بالرفض مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى القرار الصادر في 26 من مايو سنة 1962 موضوع الدعوى رقم 1303 لسنة 16 والطعنين رقم 510 لسنة 9 القضائية ورقم 273 لسنة 12القضائية، فقد تضمن إلى جانب إحالة الطاعن إلى الكشف الطبي منع الطاعن من مزاولة أعمال وظيفته وحرمانه من مرتبه، وإذا كانت الإحالة إلى الكشف الطبي لا تعتبر قراراً إدارياً نهائياً على النحو السالف بيانه إلا أن المنع من مزاولة أعمال الوظيفة والحرمان من مرتبها أياً كان سند جهة الإدارة في ذلك، هو في حقيقة الأمر قرار بالتوقف عن العمل يأخذ حكم القرار الإداري النهائي فتختص محكمة القضاء الإداري بالنظر في طلب إلغائه للأسباب التي أوردتها هذه المحكمة في حكميها الصادرين في الدعوى رقم 1303 لسنة 16 القضائية في شقيها المستعجل والموضوعي والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسباباً لحكمها ومن ثم يكون الدفع بعدم الاختصاص الذي أبدته الحكومة على غير أساس من القانون حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى موضوع الطعنين المشار إليهما فإنه يبين من تقصي أحكام قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظله والقانون 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة الذي ألغى القانون رقم 210 لسنة 1951 وحل محله. إن المشرع نظم أحكام الوظيفة العامة تنظيماً شاملاً واجه به كافة المواقف التي قد تصادفها جهة الإدارة في علاقتها بموظفيها بما يكفل لتلك الجهة باعتبارها المهيمنة على المرافق العامة من تحمل مسئوليتها نحو ضمان سير تلك المرافق بانتظام واطراد، وبموجب هذا التنظيم خول المشرع جهة الإدارة سلطات واسعة حيال الموظفين باعتبارهم عمال المرافق العامة، فهي تختص بسائر شئونهم الوظيفية من تعيين وترقية ومنح علاوات، ولها أن تقرر فصلهم من الخدمة سواء بالطريق التأديبي أو بالطريق غير التأديبي، كما يجوز لها إحالتهم إلى الاستيداع بسبب حالتهم الصحية أو لدواعي المصلحة العامة، ولها وقفه عن العمل مع ما يستتبعه الوقف من الحرمان من المرتب كله أو بعضه. وقد تضمنت النصوص التي خولت جهة الإدارة تلك السلطات تحديد الجهات المختصة باتخاذ تلك الإجراءات والضمانات الأساسية التي يتعين على الإدارة مراعاتها والتي قصد بها المشرع حماية مراكز الموظفين ورعاية حقوقهم. ووفقاً للتنظيم الذي وضعه المشرع بالنسبة إلى الوقف عن العمل فلا يجوز أن يوقع على الموظف كعقوبة تأديبية إلا بموجب حكم من المحكمة التأديبية المختصة (مادة 84) ولا يجوز الوقف احتياطياً إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى مع الموظف قبل إحالته إلى المحاكمة التأديبية إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك (مادة 95) ولا يوجد في نصوص القانون ما يسوغ لجهة الإدارة اتخاذ هذا الإجراء الأخير لغرض آخر كمجرد الشك في أن الموظف فقد شرط اللياقة الطبية أو لإجباره على الإذعان لقرار أصدرته جهة الإدارة كما لو أحالت موظفاً إلى الكشف الطبي وامتنع عن تمكين الجهة الطبية المختصة من فحصه، وإنما يجب أن تلتزم جهة الإدارة الوسيلة التي نص عليها القانون والغرض الذي شرعت من أجله، وما دام المشرع قد أجاز الوقف الاحتياطي في أحوال معينة محددة على سبيل الحصر فلا يجوز لجهة الإدارة أن تلجأ إلى هذه الوسيلة في غير ما شرعت له وإلا كان ذلك خروجاً على حدود التنظيم الذي رسمه المشرع وإهداراً للحكمة التي استهدفها من تخصيصه لكل حالة الإجراء الذي يناسبها.
ومن حيث إنه ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق المرفقة بملف الطعن أن الطاعن أصيب بمرض عقلي منذ سنة 1959 استلزم عرضه على القومسيون الطبي العام عدة مرات لتقرير الإجازة اللازمة لعلاجه ثم عمد الطاعن إلى عدم تمكين الجهة الطبية من فحصه منذ أواخر سنة 1960 فأصدرت جهة الإدارة قرارها المطعون فيه بعد أن أوصت بذلك المحكمة التأديبية المختصة قاصدة من هذا القرار إجبار الطاعن على عرض نفسه على الجهة الطبية المختصة فمن ثم فإن القرار المطعون فيه وقد أوقف الطاعن في غير الحالات التي يجوز فيها ذلك يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه لا وجه لما تثيره المطعون عليها من أن ذلك القرار صدر تنفيذاً لقرار المحكمة التأديبية فلا يجوز الطعن فيه إلا أمام المحكمة الإدارية العليا أو إن ذلك الإجراء قد أملته الضرورة ذلك لأنه بالنسبة إلى الاعتراض الأول فإنه مردود بأن التوصية التي ضمنتها المحكمة التأديبية أسباب قرارها ليست ملزمة لجهة الإدارة، فإذا وضعتها هذه الجهة موضع التنفيذ فإن قرارها يكون قراراً يجوز الطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري شأنه في ذلك شأن أي قرار إداري نهائي ولا ويجوز الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا. أما بالنسبة إلى الاعتراض الثاني المتعلق بحالة الضرورة فإنه على غير أساس ذلك لأن الإجراء الذي اتخذته جهة الإدارة لم يكن هو الوسيلة الوحيدة لاتقاء الضرر إذ كان يسوغ لجهة الإدارة أن تبلغ مجلس مراقبة الأمراض العقلية بحالة الطاعن لحجزه توصلاً لاستظهار حالته العقلية بصورة رسمية إذا ما تأكد لها أن حالته من شأنها الإخلال بالأمن أو بالنظام العام، أو أن تستصدر قراراً بفصله من الخدمة لدواعي الصالح العام أو تتخذ غير ذلك من الوسائل التي شرعها القانون دون ما إخلال بالضمانات الأصلية التي رتبها قانوني موظفي الدولة صوناً لأوضاعهم وحفاظاً على سكينتهم وطمأنينة ذويهم.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم فإن القرار المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون وإذ قضى الحكم الوقتي باستمرار صرف مرتب الطاعن بعد أن استظهر في أسبابه قيام حالة الاستعجال فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن رقم 510 لسنة 9 القضائية على غير أساس حقيقاً بالرفض، أما الحكم الصادر برفض الدعوى موضوعاً وهو مثار الطعن رقم 273 لسنة 12 القضائية فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعيناً إلغاؤه وإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الحكومة بالمصروفات في الدعويين.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن رقم 510 لسنة 9 القضائية ورقم 273 لسنة 12 القضائية ورقم 800 لسنة 11 القضائية شكلاً وفي الموضوع:
أولاً - بالنسبة إلى الطعن رقم 800 لسنة 11 القضائية برفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.
ثانياً - بالنسبة إلى الطعن رقم 510 لسنة 9 القضائية برفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.
ثالثاًَ - بالنسبة إلى الطعن رقم 273 لسنة 12 القضائية بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر بوقف المدعي عن العمل وما ترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 74 لسنة 8 ق جلسة 8 / 1 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 56 ص 556

جلسة 8 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

-----------------

(56)

القضية رقم 74 لسنة 8 القضائية

(أ) موظف. "معادلات دراسية". 

تضمن جدول الشهادات الأزهرية المرافق لقانون المعادلات الدراسية النص على تقدير الشهادة العالمية للكليات الأزهرية الثلاث: اللغة العربية والشريعة وأصول الدين بمبلغ 10 جنيهات و500 مليم في الدرجة السادسة وبمبلغ 12 جنيهاً في الدرجة السادسة لمن عين في وظائف فنية أو عين في وظائف التدريس في وزارة المعارف - عدم ورود تقدير صريح لشهادة العالمية مع إجازة القضاء الشرعي - كون المدعي حاصلاً على هذه الشهادة ومعيناً في وظيفة كاتب - يبرر تسوية حالته على أساس التقريب والقياس على حالة حامل إحدى الشهادات الثلاث المشار إليها الذي لا يشغل وظيفة فنية أو يقوم بأعمال التدريس في وزارة المعارف.
(ب) موظف. "مدة خدمة سابقة". 

شرط اتحاد طبيعة العمل السابق مع العمل الجديد - المقصود بهذا الشرط - أن يتماثل العملان وإن لم يتطابقا تطابقاً تاماً بحيث يؤدى ذلك إلى إفادة الموظف في عمله الجديد من الخبرة التي اكتسبها من عمله السابق - عمل المدرس - يقوم على تربية النشئ وتثقيفه وتهذيبه وتزويده بالمعلومات في مختلف ضروب المعرفة وتقويم كل انحراف أو اعوجاج - يختلف عن عمل الكاتب بالمحاكم الشرعية - انتفاء شرط اتحاد طبيعة العمل في هذه الحالة.

----------------
1 - إن جدول الشهادات الأزهرية المرافق لقانون المعادلات الدراسية تضمن النص على تقدير الشهادات العالمية للكليات الأزهرية الثلاث - اللغة العربية والشريعة وأصول الدين - بمبلغ 10 جنيهات و500 مليم في الدرجة السادسة عند التعين في وظيفة غير فنية وبمبلغ 12 جنيهاً في الدرجة السادسة لمن عين في وظائف فنية أو عين في وظائف التدريس في وزارة المعارف، ولم يرد به تقدير صريح لشهادة العالمية مع إجازة القضاء الشرعي، ولما كان المدعي وهو حاصل على الشهادة معيناً في وظيفة كاتب وهي وظيفة غير فنية وليست من وظائف التدريس فإن التسوية التي أجرتها الوزارة لحالته على أساس التقريب والقياس مطابقة لأحكام القانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب في تطبيق القانون عندما قضى بتأكيد قرار اللجنة القضائية في شقه الخاص بتسوية حالة المدعي في الدرجة السادسة بمرتب شهري قدره 12 جنيهاً شهرياً.
2 - إن المدعي كان معيناً في وزارة التربية والتعليم في وظيفة مدرس، ثم عين بعد ذلك في وزارة العدل في وظيفة كاتب، وعمل المدرس يقوم على تربية النشئ وتثقيفه وتهذيبه وتزويده بالمعلومات في مختلف ضروب المعرفة، وتقويم كل انحراف أو اعوجاج من أي نوع فيه، وتوجيه الوجهة الصالحة مستعيناً على ذلك بالنظريات والقواعد التربوية بينما يقوم عمل الكاتب بالمحاكم الشرعية الذي شغله المدعي بعد تعيينه بوزارة العدل على مباشرة إجراءات التقاضي والتدريب على الأعمال القانونية والقضائية التي تؤهله لتولي منصب القضاء فيما بعد، وواضح من هذا أن العملين لا يتحدان في طبيعتهما بل يختلفان ويتباعدان.
إن المقصود بشرط اتحاد طبيعة العمل الجديد هو أن يتماثل العملان وإن لم يكن معنى ذلك، أن يتطابقا تماماً من جميع الوجوه إلا أنه يجب أن يكون العملان، على شيء من التوافق. بحيث يؤدى ذلك إلى إفادة الموظف، في عمله الجديد من الخبرة التي اكتسبها من العمل السابق وتلك هي الحكمة التي حدت بالمشرع إلى وضع هذا الشرط ضمن الشروط الخاصة بحساب مدد العمل السابقة في مدة الخدمة الجديدة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه وقد صدر بجلسة 23 من أكتوبر سنة 1961 فإن ميعاد الطعن فيه، ينتهي يوم 22 من ديسمبر سنة 1961، إلا أنه لما كان هذا اليوم قد وافق يوم جمعة وهو عطلة رسمية فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل يليها وفقاً لنص المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إن تقرير الطعن، أودع قلم كتاب هذه المحكمة في يوم السبت الموافق 23 من ديسمبر سنة 1961 فإن إيداعه يكون قد تم في الميعاد القانوني ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه، حصل على شهادة العالمية مع إجازة القضاء الشرعي في سنة 1944 وعين في 26 من يناير سنة 1945 بوزارة التربية والتعليم، على الدرجة السادسة الفنية، في وظيفة مدرس، وأثناء عمله بهذه الوزارة، طلب من وزارة العدل، تعيينه بها، وقدم لها - بناء على طلبها - إقراراً مؤرخاً في 30 من سبتمبر سنة 1949 بقبوله التعيين بها في الدرجة الثامنة، وضمن هذا الإقرار طلباً بحساب مدة خدمته بوزارة - التربية والتعليم وضمها إلى مدة خدمته بوزارة العدل. وفي 3 من فبراير سنة 1950 - عين بوزارة العدل، بوظيفة كاتب، على الدرجة الثامنة بمرتب قدره 10 جنيهات في الشهر وفي 4 من يوليو 1953، تقدم بتظلم إلى اللجنة القضائية لوزارة العدل، طالب فيه بتسوية حالته في الدرجة السادسة بمرتب شهري قدره 15 جنيهاً اعتباراً من 2 من فبراير سنة 1950، وبحساب مدة خدمته بوزارة التربية والتعليم ضمن مدة خدمته بوزارة العدل، وباستحقاقه الدرجة الخامسة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقد قررت اللجنة بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1953 أحقية المتظلم في أن تسوى حالته، على أساس منحه الدرجة السادسة براتب شهري قدره 12 جنيهاً من بدء التعيين - في 2 من فبراير سنة 1950، وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371/ 1953 واحتساب مدة خدمته السابقة ضمن مدة خدمته الحالية وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، وما يترتب على ذلك من آثار. ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وقد أعلن هذا القرار إلى وزارة العدل، في 7 من نوفمبر سنة 1955، فأودعت إدارة قضايا الحكومة، نيابة عن السيد وزير العدل - بصفته - قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 26 من نوفمبر سنة 1955 عريضة طعن في هذا القرار، قيدت في جدولها برقم 444 لسنة 10 القضائية طالبة الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وذلك استناداً إلى أن المطعون عليه ليس من الموظفين الدائمين، الذين يفيدون من قانون المعادلات الدراسية وإلى أنه لا يفيد أيضاً من قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو 1947 في شأن حساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية، لتخلف شرطين من الشروط التي استوجب هذا القرار توفرها للإفادة منه، ذلك أن المطعون عليه، لم يقدم طلباً بضم مدة خدمته السابقة إلى مدة خدمته الحالية خلال الأجل المحدد لتقديم هذا الطلب من جهة فضلاً عن عدم اتحاد طبيعة العمل السابق والعمل اللاحق من جهة أخرى وبجلسة 23 من أكتوبر سنة 1961 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه "بقبول الطعن شكلاً" ورفضه موضوعاً وتأييد قرار اللجنة القضائية بشطبه وإلزام الحكومة بالمصروفات. وأقامت قضاءها، على أن الطاعن عليه حصل على مؤهله الدراسي والتحق بخدمة وزارة العدل، قبل العمل بقانون نظام موظفي الدولة ومن ثم يكون قد توفرت فيه شروط الإفادة من قانون المعادلات الدراسية وبالنسبة إلى حساب مدته السابقة في مدة خدمته اللاحقة، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الشروط المطلوبة في هذا الشأن متوفرة في المطعون عليه، لأن وإن كان قد عين بوزارة العدل على الدرجة الثامنة، إلا أنه استحق الدرجة السادسة من بدء تعيينه في وزارة العدل بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية وقد تحقق في مدتي خدمته شرط طبيعة اتحاد العمل إذ ليس المقصود بهذا الشرط، أن يتماثل العملان في الاختصاص، أو أن يتطابقا تطابقاً تاماً، وإنما يكفي أن يكون العمل السابق، على حسب الاستعداد فيه، والتأهيل له، متمثلاً في طبيعته مع العمل اللاحق، والحال أن العمل السابق للمطعون عليه كان عملاً فنياً فهو أشمل من عمله اللاحق - الذي هو عمل كتابي - كما توفر له أيضاً شرط تقديم طلب بحساب مدة خدمته في الميعاد، إذ أنه قدم طلباً بحسابها في 3 من سبتمبر 1949 فضلاً عن توفر سائر الشروط الأخرى المتطلبة لضم مدد الخدمة السابقة.
ومن حيث إن الطعن يقوم بالنسبة إلى الشق الخاص بتسوية حالته المطعون عليه بقانون المعادلات الدراسية، على أنه لم يرد في خصوص الشهادة الحاصل عليها المذكور - وهي شهادة العالمية مع إجازة القضاء الشرعي - نص صريح في الجدول الملحق بقانون المعادلات الدراسية، إذ وردت به الشهادة العالمية للكليات الثلاث - اللغة العربية - الشريعة - أصول الدين - مقدرة بمرتب قدره 10 جنيهات و500 مليم في الدرجة السادسة، عند التعيين في وظيفة غير فنية، كوظيفة المطعون عليه - وقدره 12 جنيهاً في الدرجة السادسة عند التعيين في وظيفة فنية، ويقوم الطعن فيما يتعلق بالشق الخاص بحساب مدة الخدمة السابقة، ضمن مدة الخدمة الجديدة، على أن المطعون عليه عين بوزارة العدل في 2 من فبراير سنة 1950، تعييناً جديداً، ولم يحرر الاستمارة رقم 103 ع. ح الخاصة ببيان مدد الخدمة السابقة والتي لا يغني عن تقديمها طلبه في 3 من سبتمبر سنة 1949، حساب مدة خدمته السابقة بوزارة التربية والتعليم، في مدة خدمته بوزارة العدل لأنه لم يكن وقتذاك معيناً بعد بوزارة العدل، هذا إلى أن عمله السابق لا يتفق في طبيعته مع عمله اللاحق.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة. ارتأت في تقريرها عن هذا الطعن "الحكم" بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه القضاء بأحقية المدعي، في ضم مدة خدمته السابقة، في وزارة التربية والتعليم، إلى مدة - خدمته بوزارة العدل، وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وإلزام الطرفين بالمصروفات وأسست رأيها على أن وزارة العدل قامت بتسوية حالة المطعون عليه في الدرجة السادسة بمرتب شهري 10 جنيهاً و599 مليم من تاريخ التحاقه بخدمتها وذلك وفق أحكام قانون المعادلات الدراسية عقب العمل بهذا القانون، وعلى توفر جميع الشروط التي يتطلبها قرار مجلس الوزراء - الصادر في 11 من مايو سنة 1947 لحساب مدة الخدمة السابقة في مدة خدمة المطعون عليه بوزارة العدل.
ومن حيث إنه يبين من ملف خدمة المدعي أن حالته سويت، تنفيذاً لقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 بقرار وزير العدل رقم 844 الصادر في 11 من مارس 1954، وأنه اعتبر بهذه التسوية معيناً على الدرجة السادسة بمرتب شهري قدره 10 جنيهات و500 مليم ابتداء من 2 من فبراير سنة 1950، ومنح العلاوات المقررة قانوناً تبعاً لذلك.
ومن حيث إن جدول الشهادات الأزهرية المرافق بقانون المعادلات الدراسية تضمن النص على تقدير الشهادة العالمية للكليات الأزهرية الثلاث - اللغة العربية والشريعة وأصول الدين، بمبلغ 10 جنيهات و500 مليم في الدرجة السادسة وبمبلغ 12 جنيهاً في الدرجة السادسة لمن عين في وظائف فنية أو عين في وظائف التدريس في وزارة المعارف، ولم يرد به تقدير صريح لشهادة العالمية مع إجازة القضاء الشرعي - ولما كان المدعي - وهو حاصل على هذه الشهادة الأخيرة معيناً في وظيفة كاتب، وهي وظيفة غير فنية وليست من وظائف التدريس فإن التسوية التي أجرتها الوزارة لحالته على أساس التقريب والقياس تكون مطابقة لأحكام القانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب في تطبيق القانون عندما قضى بتأييد قرار اللجنة القضائية في شقه الخاص بتسوية حالة المدعي في الدرجة السادسة بمرتب قدره 12 جنيهاً شهرياً.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو 1947 في شأن ضم مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية، وقد اشترط لحساب مدة الخدمة السابقة وجوب توفر شروط من بينها وجوب اتحاد طبيعة العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته.
ومن حيث إن المدعي كان معيناً في وزارة التربية والتعليم في وظيفة مدرس، ثم عين بعد ذلك في وزارة العدل في وظيفة كاتب، وعمل المدرس يقوم على تربية النشئ وتثقيفه وتهذيبه، وتزويده بالمعلومات في مختلف ضروب المعرفة، وتقويم كل انحراف أو اعوجاج، من أي نوع فيه، وتوجيهه الوجهة الصالحة مستعيناً على ذلك بالنظريات، والقواعد التربوية، بينما يقوم عمل الكاتب بالمحاكم الشرعية الذي شغله المدعي بعد تعيينه بوزارة العدل على مباشرة إجراءات التقاضي والتدريب على الأعمال القانونية والقضائية التي تؤهله لتولي منصب القضاء فيما بعد، وواضح من هذا أن العملين لا يتحدان في طبيعتهما، بل يختلفان ويتباعدان.
ومن حيث إن المقصود بشرط اتحاد طبيعة العمل السابق مع العمل الجديد هو أن يتماثل العملان وإن لم يكن معنى ذلك، أن يتطابقا تطابقاً تاماً من جميع الوجوه، إلا أنه يجب أن يكون العملان، على شيء من التوافق بحيث يؤدى ذلك إلى إفادة الموظف، في عمله الجديد من الخبرة التي اكتسبها من العمل السابق وتلك هي الحكمة التي حدت بالمشرع إلى وضع هذا الشرط ضمن الشروط الخاصة بحساب مدد العمل السابقة في مدد الخدمة الجديدة.
ومن حيث إنه مما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حين قضى بتأييد قرار اللجنة القضائية في شقه الخاص بحساب مدة خدمة المدعي السابقة ضمن مدة خدمته اللاحقة على الرغم من عدم اتحاد العملين في طبيعتهما. ومن حيث إنه لكل ما سلف إيراده يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى موضوع التظلم في كلا شقيها وإلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 205 لسنة 11 ق جلسة 7 / 1 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 55 ص 549

جلسة 7 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

----------------

(55)

القضية رقم 205 لسنة 11 القضائية

موظف. "تأديب. الجزاءات التأديبية". موظفو الهيئة العامة للسكك الحديدية. تشريع "أثره".
صدور الحكم التأديبي بعقوبة خفض الراتب - إلغاء هذه العقوبة بمقتضى تنظيم قانوني لاحق له - ليس له من أثر على الحكم - وجوب بحث سلامة تطبيق الحكم التأديبي للقانون على أساس القرارات والقواعد التنظيمية التي كان معمولاً بها عند صدوره دون غيرها (1).

----------------
لا حجة فيما ذهب إليه الطاعن في صحيفة طعنه - من أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون رقم 46 لسنة 1964 - إذ قضى بخفض أجره مع أن القانون المذكور لا ينص على عقوبة خفض الراتب - لا حجة في ذلك لأن الطاعن من موظفي الهيئة العامة للسكك الحديدية الذين يخضعون لأحكام القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 الخاص بنظام الموظفين بتلك الهيئة والقرار الجمهوري رقم 1640 لسنة 1960 المنفذ له والقرار الوزاري رقم 108 الصادر في 18 من ديسمبر سنة 1960 بلائحة الجزاءات بالنسبة لموظفي الهيئة. وقد تضمنت هذه القرارات عقوبة خفض المرتب باعتبارها من العقوبات الجائز توقيعها على العاملين بالهيئة المذكورة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع بالطاعن عقوبة خفض المرتب يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ولا مطعن عليه في هذا الشأن. ولا يغير من ذلك صدور القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966 - الذي نص على استمرار العمل بالقرارات المعمول بها حالياً في شئون العاملين بالهيئة العامة للسكك الحديدية وذلك فيما لا يتعارض مع أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964، ذلك أنه وإن كان توقيع عقوبة خفض الراتب يتعارض مع نصوص القانون المشار إليه، إلا أن القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966 ليس له من أثر على الحكم المطعون فيه الذي تبحث سلامة تطبيقه للقانون على أساس القرارات والقواعد التنظيمية التي كان معمول بها عند صدوره دون غيرها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن النيابة الإدارية أودعت في 2 من ديسمبر سنة 1963 سكرتيرية المحكمة التأديبية لوزارة المواصلات تقرير اتهام ضد الطاعن السيد/ فهمي شنودة يوسف وآخرين وأرفقت به مذكرة قالت فيها إنه في 25 من إبريل سنة 1963 قام القطار رقم 1446 بالجرار رقم 3220 من محطة مشطا قيادة السائق محمد عارف بدوي ومساعده محمد عبد اللطيف ومعهما الكمساري فهمي شنودة (الطاعن) وانفصلت بعض عربات القطار في الطريق دون أن يتنبه السائق واستمر القطار في طريقه حتى بلغ محطة طهطا فأرسلت هذه المحطة الأخيرة إشارة بذلك إلى المحطة التالية - وهي محطة الصوامعة - وإلى محطة مشطا ثم وصل القطار إلى محطة الصوامعة وتم تخزينه بها وأعيد الجرار مفرداً من محطة طهطا لاكتشاف الخط فوصل إلى مكان انفصال العربات حيث تبين سقوط العربات. ولما أبلغ الحادث إلى المختصين قام الونش من سوهاج إلى المكان المذكور فاصطدم بإحدى العربات الساقطة وتسبب هذا التصادم في سقوط عربتين أخريين من القطار كما سقطت عربة من قطار الونش وأصيب ميكانيكي الديزل الراكب بالونش بعدة إصابات. وقد قامت النيابة الإدارية بالتحقيق وانتهت إلى تقديم الطاعن وآخرين إلى المحاكمة التأديبية في الدعوى رقم 17 لسنة 6 قضائية وقد نسبت إلى الطاعن المخالفات الآتية:
1 - لم يقم بعمل الوقاية القانونية من الأمام للجزء المتخلف من القطار رقم 1446 وفقاً للبند 284 ألف من اللائحة العامة.
2 - أخطأ في إعطاء بيان الموقع الكيلو متري للحادث.
3 - لم يحصل سوى ثلاث كبسولات بدلاً من 12 كبسولة ولم يكن معه فانوس إشارة مما اضطره إلى رفع فانوس السبنسة الخلفي.
وبجلسة 6 من أكتوبر سنة 1964 قضت المحكمة التأديبية بمجازاة الطاعن بتخفيض أجره بمقدار قرشين يومياً عن المخالفة الأولى وبراءته من المخالفتين الأخيرتين. وأقامت قضاءها بإدانته في المخالفة الأولى على أن الثابت من اعترافه في التحقيق أنه خالف مقتضى الواجب عليه في عمله إذ لم يقم بعمل الوقاية القانونية من الأمام للجزء المتخلف من القطار وفقاً للبند 284 من اللائحة العامة وأنه لا يجديه المحاجة بأنه لم يتسلم سوى ثلاث كبسولات فقط لأن الثابت من ناحية أن كاتب التشغيل شهد بأن عهدة الطاعن من الكبسولات كانت تامة ولم يستطع إثبات عكس ذلك ومن ناحية أخرى كان باستطاعته عمل الوقاية المطلوبة من الأمام والخلف بالثلاث كبسولات التي أدعى أنها كانت في عهدته ولكنه لم يفعل كما لا يجديه التذرع بأن سائق الجرار الونش كان يسير بسرعة أكبر من السرعة القانونية مما تسبب في وقوع الحادث ذلك لأن إهماله كان له دخل كبير في وقوعه سواء أكان ذلك الجرار يسير بسرعة كبيرة أم بسرعة قانونية.
وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بصحيفة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 25 من يناير سنة 1965 طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قرره من مجازاته بخفض أجره بمقدار قرشين يومياً وما يترتب على ذلك من آثار والحكم له بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون للأسباب الآتية:
1 - إن القانون رقم 46 لسنة 1964 لا ينص على عقوبة خفض الراتب أو الأجر وأنه نظراً لأن قوانين الجزاءات ذات أثر فوري وتنطبق فور وقوعها على ما تصادفه من الوقائع ومن ثم فلا يجوز منذ صدور القانون المذكور تطبيق عقوبة تأديبية لا ينص عليها.
2 - إن التحقيقات المضمومة للملف ليست هي بذاتها التي أجريت معه لأنه وقع على أوراق التحقيق الذي أجري معه.
3 - إن حالة انفصال العربات شهدها السائق من الناحية الأمامية عندما عاد بالجرار كما شهدها الكمساري (الطاعن) من الناحية الخلفية ويجب على كل منهما أن يقوم بالتصرف المطلوب من جهته وأن الكمساري يكفيه أن يعمل الوقاية من ناحية وقد قام بذلك فعلاً فلم يعد في الإمكان نسبة الخطأ إليه لمخالفته نص البند 284 من اللائحة العامة فضلاً عن أنه قد قام بالوقاية من الأمام بفانوس السبنسة الأحمر.
4 - يعتبر الطاعن معذوراً بسبب عدم وجود أكثر من ثلاث كبسولات معه في تلك الليلة. وهذا الظرف لا يرجع إلى خطئه بل إلى خطأ المسئولين عن الصرف ويكفيه أنه طالب بصرف العهدة وأنه لم يكن له أن يمتنع عن العمل ليلة الحادث ويتسبب بذلك في تعطيل القطارات بحجة عدم استكمال عهدته من الكبسولات.
5 - إن الحادث إنما وقع لا بسبب عدم الوقاية المنسوبة للطاعن، وإنما بسبب سرعة سائق جرار الونش.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن بالمصروفات. واستندت في ذلك إلى أن البند 284 هو الواجب التطبيق وأن مخالفة هذا البند تتحقق بمجرد عدم عمل الوقاية الأمامية بالكبسولات حتى ولو لم يقع الحادث. وردت الهيئة على سبب الطعن الأول - الذي يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه لمقتضى الأثر الفوري لحكم القانون رقم 46 لسنة 1964 - بأن هذا القانون لا يسرى على العاملين بالهيئة العامة للسكك الحديدية لأنهم يخضعون لأحكام القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 والقرارات المكملة له وهي تنص على عقوبة خفض المرتب.
وقد عقب الطاعن على تقرير هيئة المفوضين بمذكرة قال فيها إنه قد صدر القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966 في 20 من سبتمبر سنة 1966 ناصاً على خضوع العاملين في الهيئة العامة للسكك الحديدية للقانون رقم 46 لسنة 1964 وأن المادة 3 منه - وإن كانت قد نصت على استمرار العمل باللوائح السابقة - إلا أنها قد اشترطت ألا يتعارض ذلك مع تطبيق القانون سالف الذكر. وأنه نظراً لأن الدعاوى التأديبية ذات طبيعة جزائية فإن القواعد العامة في القانون الجنائي والإجراءات الجنائية هي التي تطبق في هذا النوع من الدعاوى ولذلك فإن المتهم يفيد من صدور قاعدة أصلح أثناء المحاكمة وأضاف الطاعن أنه لم يهمل في السفر بدون عهدة كاملة من الكبسولات لأنه طالب بأن تصرف له العهدة فلم تصرف وانتهى الطاعن إلى التصميم على طلباته المبينة بصحيفة الطعن.
ثم قدمت الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. واستندت في ذلك إلى ما استند إليه الحكم المطعون وتقرير هيئة مفوضي الدولة وأضافت إليه أن القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966 عمل به من أول يوليو سنة 1966 ومن ثم فإنه لا يسرى على واقعة الدعوى بل يسرى عليها القرار الجمهوري الذي وقعت في ظله.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية قد أدانت الطاعن في التهمة الأولى المسندة إليه وبرأته من التهمتين الأخريين فطعن الطاعن وحده دون أن تطعن الحكومة. ومن ثم فإن الطعن يكون مقصوراً على التهمة الأولى.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية قد أصابت وجه الحق في قضائها - بإدانة الطاعن في هذه التهمة - للأسباب التي استندت إليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف إليها أن المادة 284 ألف من اللائحة العامة لسكك حديد مصر طبعة سنة 1962 قد نصت على أنه:
"إذا انفصل قطار أثناء مسيره على خط طوالي ولم يشعر السائق بذلك يجب على الكمساري الموجود بالجزء الخلفي من القطار أن يبذل قصارى جهده في إيقاف هذا الجزء في الحال.
"وعند إيقاف الجزء الخلفي يجب على الكمساري وقاية هذا الجزء من الأمام والخلف بالكبسول. بحيث تعمل الوقاية من الإمام أولاً" وهذا النص يفرض على الكمساري إجراء الوقاية من الأمام أولاً فإذا كان الكمساري الطاعن قد أجراها من الخلف فقط كما يزعم، فإنه يكون قد خالف صريح نص هذه المادة مما يستوجب مؤاخذته وقد أيد ذلك السيد مفتش الحركة المختص إذ قرر أن المسئول الأول عن الحادث هو الطاعن لعدم عمل الوقاية من الأمام حسب التعليمات (تراجع أقواله ص 11 من تحقيق النيابة الإدارية) ولا اعتداد بما ذكره الطاعن - من أنه قام بالوقاية من الأمام بالفانوس الأحمر الخاص بعربة السبنسة - ذلك لأن الإهمال في عمل الوقاية الأمامية بالكبسول تتحقق به مخالفة المادة 284 ألف سالفة الذكر فضلاً عن أن الثابت من التحقيقات أن ملاحظ الونش قد قرر أنه لم يشاهد الطاعن يعطي أي إشارة بالفانوس المذكور (تراجع أقواله ص 14 من تحقيق النيابة الإدارية).
ومن حيث إنه لا اعتداد كذلك بما ذكره الطاعن - من أن عودة الجرار إلى مكان الحادث يشترك السائق في مسئولية الوقاية - ذلك لأن الحادث هو انفصال الجزء الخلفي للقطار وفي هذه الحالة توجب المادة 284 ألف من اللائحة على كمساري القطار أن يتخذ الوقاية اللازمة بالكبسول من الأمام والخلف وعلى أن يبدأ بالوقاية من الأمام وإذ كان الثابت أن - الكمساري الطاعن قد أهمل في اتخاذ الوقاية بالكبسول من الأمام فإنه يكون، بلا أدنى شك، قد خالف حكم هذه المادة ولا يغير من ذلك عودة الجرار إلى مكان الحادث لاستكشاف الطريق.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهب إليه الطاعن في صحيفة طعنه - من أن الحكم المطعون فيه خالف القانون رقم 46 لسنة 1964 - إذ قضى بخفض أجره مع أن القانون المذكور لا ينص على عقوبة خفض الراتب - لا حجة في ذلك لأن الطاعن من موظفي الهيئة العامة للسكك الحديدية الذين يخضعون لأحكام القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 الخاص بنظام الموظفين بتلك الهيئة والقرار الجمهوري رقم 1640 لسنة 1960 المنفذ له والقرار الوزاري رقم 108 الصادر في 18 من ديسمبر سنة 1960 الخاص بلائحة الجزاءات لموظفي الهيئة. وقد تضمنت هذه القرارات عقوبة خفض المرتب باعتباره من العقوبات الجائز توقيعها على العاملين بالهيئة المذكورة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع بالطاعن عقوبة خفض المرتب يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ولا مطعن عليه في هذا الشأن. ولا يغير من ذلك صدور القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966 - الذي نص على استمرار العمل بالقرارات المعمول بها حالياً في شئون العاملين بالهيئة العامة للسكك الحديدية وذلك فيما لا يتعارض مع أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 - ذلك أنه - وإن كان توقيع عقوبة خفض الراتب يتعارض مع نصوص القانون المشار إليه - إلا أن القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966 ليس له من أثر على الحكم المطعون فيه الذي تبحث سلامة تطبيقه للقانون على أساس القرارات والقواعد التنظيمية التي كان معمولاً بها عند صدوره دون غيرها.
ومن حيث إنه لا وجه في النهاية لما ينعاه الطاعن على حكم المطعون فيه - من أنه قد اعتمد على غير التحقيقات الموقع عليهما منه - إذ الثابت من الاطلاع على هذه التحقيقات أنها هي التحقيقات الأصلية الموقع عليها من الطاعن. أما باقي أوجه الطعن فقد رد عليها الحكم المطعون فيه بما فيه الكفاية.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر صحيحاً متفقاً وأحكام القانون في قضائه بمجازاة الطاعن بخفض أجره بمقدار قرشين يومياً - ولا غلو فيه لأن - الجزاء يتناسب مع الذنب الإداري الذي اقترفه الطاعن إذ تسبب في سقوط عربتين من القطار المنفصل وعربة أخرى من قطار الونش. كما تسبب في إصابة أحد العاملين بهذا القطار الأخير. ومن ثم يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.


(1) انظر حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في القضية رقم 732 لسنة 8 ق بجلسة 28/ 12/ 1963 والمنشور بمجموعة السنة التاسعة - المبدأ 28 ص 316 - وحكمها الصادر في القضية رقم 514 لسنة 9 ق بجلسة 12/ 12/ 1964 والمنشور بمجموعة السنة العاشرة - المبدأ 22 ص 203.