الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 يوليو 2023

الطعن 1157 لسنة 9 ق جلسة 7 / 1 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 54 ص 537

جلسة 7 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ويوسف الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

---------------

(54)

القضية رقم 1157 لسنة 9 القضائية

(أ) دعوى. "الحكم فيها. حجية الأحكام". "الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع. حجيتها". 

الحكم باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه مؤقتاً والحكم بوقف التنفيذ الصادرين بالتطبيق للمادة 21 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 - مدى حجيتهما بالنسبة إلى ما فصلا فيه من مسائل فرعية قبل البت في موضوع الطلب - أساس ذلك قاعدة حجية الشيء المقضي تسمو على قواعد النظام العام.
(ب) المحكمة الإدارية العليا "الطعن أمامها". مرافعات.
نص المادة 404 من قانون المرافعات بشأن استئناف جميع الأحكام التي سبق صدروها تبعاً لاستئناف الحكم الصادر في الموضوع ما لم تكن قبلت صراحة - لا محل لإعمال هذا النص على الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
(ج) جزاء تأديبي. "سببه" 

عدم صحة بعض القرائن المسوقة للتدليل على سبب الجزاء لا يؤثر في سلامته أو قيامه على كامل سببه - متى كان في القرائن الأخرى ما يكفي للتدليل عليه.

----------------
1 - إن الحكم باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة لحين إلغاء القرار الصادر بالفصل بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 21 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959، شأنه شأن الحكم بوقف التنفيذ الوارد بالفقرة الأولى من هذه المادة وإن كان لا يقيد المحكمة عند نظر أصل هذا الطلب موضوعاً، إلا أنه يظل مع ذلك حكماً قطعياً له مقومات الأحكام وخصائصها، وينبني على ذلك أنه يحوز حجية الإحكام في خصوص موضوع الطلب ذاته، ولو أنه مؤقت بطبيعته طالما لم تتغير الظروف كما يجوز هذه الحجية من باب أولى بالنسبة لما فصلت المحكمة فيه من مسائل فرعية قبل البت في موضوع الطلب كالدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري أصلاً بنظر الدعوى لسبب يتعلق بالوظيفة إذ أن قضاء المحكمة في هذا ليس قطعياً فحسب بل هو نهائي وليس مؤقتاً. فيقيدها عند نظر طلب إلغائه، فما كان يجوز للمحكمة بحكمها الصادر في 22 من يناير سنة 1961 برفض الدفع بعدم الاختصاص لانتفاء الولاية أن تعود عند نظر طلب الإلغاء فتفصل في هذا الطلب من جديد لأن حكمها الأول كان قضاء نهائياً حائزاً لحجية الأحكام ثم قوة الشيء المحكوم به، ولو أنها قضت على خلاف ما قضت به أولاً لكان حكمها معيباً لمخالفته لحكم سابق حائز قوة الشيء المحكوم به أما وقد انتهت المحكمة في هذا الدفع إلى نفس النتيجة التي انتهى إليها حكمها الأول فإن الحكم المطعون فيه يتمخض في هذا الخصوص نافلة وتزيداً فمتى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يكون حجة فيما فصل فيه ويعتبر عنواناً للحقيقة حتى ولو كان قد تنكب وجه الصواب في مسائل تتصل بالنظام العام كرفض الدفع بعدم الاختصاص المتعلق بالوظيفة ذلك أن حجية الأمر المقضي تسمو على قواعد النظام العام فلا يصح إهدار تلك الحجية بمقولة إن الاختصاص المتعلق بالولاية يتصل بالنظام العام.
2 - ليس في قانون مجلس الدولة ولا في قانون المرافعات بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا نص مماثل لنص المادة 404 من قانون المرافعات الوارد بشأن استئناف الإحكام الذي يقضى بأن استئناف الحكم الصادر في الموضوع يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها ما لم تكن قبلت صراحة والذي ذهبت المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات في تبيانه إلى أن الاستئناف يتناول جميع الأحكام التي سبق صدورها ولو كانت قد صدرت لمصلحة المستأنف بحيث يجوز للمستأنف عليه أن يثير كل ما كان قد أبداه من دفوع ووجوه دفاع أمام محكمة الدرجة الأولى دون حاجة إلى استئناف الأحكام الصادرة برفضها قبل الفصل في الموضوع - لا محل لإعمال هذا النص الذي ورد في قانون المرافعات بشأن استئناف الأحكام إذ لا تتسع لحكمه حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا التي وردت في المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 وهي المقابلة للمادتين 425، 426 من قانون المرافعات بشأن الطعن بالنقض.
3 - إن فصل الطاعن إنما يستند في الواقع من الأمر على ما استخلصته النيابة العامة من التحقيقات التي أجرتها من أنه يتلاعب في صرف الدقيق الفاخر وبيعه لأشخاص غير مصرح لهم بصرفه من شونة البنك مما رأت معه النيابة العامة مجازاته إدارياً عما نسب إليه من تلاعب، فرأت إدارة البنك أن ما فرط منه على هذا النحو يشكل إخلالاً بالتزاماته الجوهرية المنصوص عليها في المادة 78 من قانون العمل وانتهت إلى فصله، وعلى ذلك يكون السبب الذي بني عليه الجزاء التأديبي هو وقوع تلاعب من الطاعن في صرف الدقيق. أما ما ساقته إدارة البنك في معرض دفاعها في سرد لبعض الوقائع التي كشف عنها فإنها لا تعدو أن تكون قرائن أو شواهد على وقوع هذا التلاعب الذي هو سبب القرار، من ثم فإنه لا يؤثر في سلامة الجزاء أو قيامه على كامل سببه أن تكون بعض هذه القرائن غير سليمة متى كان في القرائن الأخرى ما يكفي للتدليل على وقوع التلاعب من الطاعن وبذلك يكون غير سديد ما رمى به الحكم المطعون فيه من مخالفة القانون لعدم ثبوت هذه الوقائع بمقولة إن القرار لم يعد قائماً على كامل سببه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - على ما يبين من أوراق الطعن - تخلص في أن المدعي كان يعمل موظفاً ببنك التسليف الزراعي والتعاوني، وفي 14 من مايو سنة 1960 صدر قرار من المدير العام للبنك بفصله من وظيفته لإخلاله بالتزاماته الجوهرية استناداً إلى المادة 76 من قانون العمل.. فأقام الدعوى رقم 364 لسنة 7 القضائية ضد البنك أمام المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة طالباً الحكم مؤقتاً باستمرار صرف مرتبه، فدفع البنك بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى على أساس أن البنك شركة مساهمة ولا يعتبر موظفوه من الموظفين العموميين، وبجلسة 22 من يناير سنة 1961 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات وبصحيفة مودعة سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة في 11 من سبتمبر 1960 أقام المدعي الدعوى 428 لسنة 7 القضائية ضد بنك التسليف الزراعي والتعاوني طالباً "الحكم بإلغاء القرار الصادر في 14 من مايو سنة 1960 من مدير بنك التسليف الزراعي والتعاوني بفصل المدعي من وظيفته وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام البنك بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة" وبجلسة 12 من يونيه قضت المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية الخاصة بشئون رياسة الجمهورية وأبقت الفصل في المصروفات وأمام المحكمة الأخيرة دفع البنك بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى. وبجلسة 17/ 3/ 1963 أصدرت المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية حكمها المطعون فيه والقاضي برفض الدفع بعدم الاختصاص وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.
وقال المدعي في بيان دعواه إنه كان يعمل أميناً لمخزن الدقيق والسكر بفرع بنك التسليف الزراعي والتعاوني بمدينة بنها وكان يتولى تسليم الدقيق الفاخر لأصحاب المخابز المقرر صرف الدقيق لهم كل حسب حصته. وفي يوم 18 من مايو 1959 قدم إليه ثلاثة من أصحاب المخابز لصرف حصصهم - على ما أثبت في حوافظ الصرف - محمد مرسي سلام الذي صرف جوالين، وغريب زلطة الذي صرف 22 جوالاً وعلي محمد نوار الذي صرف 11 جوالاً وقال إن الأخير استلم حصته وأن الأول وعد بالحضور مرة أخرى لاستلامها أما الثاني غريب زلطة فقد استلم عشرة أجولة وترك الباقي ريثما يعود لمرة أخرى ثم فوجئ بأحد مفتشي التموين يفد إلى فرع البنك ومعه عربة نقل تحمل خمسة عشر جوالاً من الدقيق الفاخر وأربعة أجولة من الفول يقودها المدعو فهمي محمود عيسى وقال إن مفتش التموين سأله عن الكميات التي قام بصرفها في هذا اليوم فذكر له أسماء أصحاب المخابز المشار إليهم والكميات التي صرفها لكل منهم وأطلعه على كشف التسليم وتوقيعات هؤلاء عليه بما يفيد الاستلام كما سأله عما إذا كان قد صرف دقيقاً لمن يدعى عبد الخالق الصيفي أو أن فهمي محمود عيسى قام ينقل هذا الدقيق على عربته فنفى ذلك أيضاً وأضاف أن غريب زلطة لم ينكر توقيعه بما يفيد استلامه 22 جوالاً من الدقيق وإن زعم بأنه لم يستلم غير 12 جوالاً فقط وقال إن غريب تردد في أقواله غير مرة وتناقض فيها وأنه أي المدعي حصل منه على إقرار يفيد شراءه الكمية بأكملها وقدم هذا الإقرار في التحقيق الذي أجري بمعرفة النيابة ولم ينكر غريب زلطة توقيعه على هذا الإقرار. وقال إن النيابة العامة لم تر في الأمر ما يشكل جريمة وأنه فوجئ بعد مدة بصدور قرار من مدير عام البنك بفصله إلا أنه لم يعرف على وجه التحديد حقيقة ما نسب إليه فأقام دعواه أمام المحكمة الإدارية طالباً إلغاء هذا القرار باعتبار أن بنك التسليف الزراعي التعاوني من المؤسسات العامة وأن موظفيه من الموظفين العموميين. وقد دفع بنك التسليف الزراعي بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى ارتكاناً على أن البنك لا يعدو أن يكون شركة من شركات القانون التجاري ولا يعد من المؤسسات العامة، وظاهرت هيئة المفوضين البنك في التمسك بالدفع بعدم الاختصاص لانعدام الولاية وذهبت إلى أنه لا يقدح في ذلك أنه سبق للمحكمة الإدارية لوزارة الخزانة أن قضت بصدد الطلب الوقتي باستمرار صرف المرتب - برفض الحكم بعدم الاختصاص لأن هذا الحكم قد صدر في دعوى مستعجلة وفي نزاع آخر وطلبات مغايرة فلا تتقيد المحكمة في دعوى الإلغاء بهذا الحكم ويتعين عليها أن تفصل في الدفع ومن حق البنك أن يردد هذا الدفع في كل منازعة وعلى المحكمة أن تفصل فيه في كل مرة يثار الدفع أمامها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه فيما يتعلق بالفصل في الدفع بعدم الاختصاص على أن للمحكمة أن تحكم بعدم الاختصاص المتعلق بالولاية من تلقاء نفسها وفي أية حالة كانت عليها الدعوى، وأن بنك التسليف الزراعي يعد - وفقاً للقواعد التي تحكمه من المؤسسات العامة لتوافر مقومات المؤسسة العامة فيه، فهو يقوم على مرفق عام هو مرفق التسليف الزراعي وكان إنشاؤه ثمرة تفكير الدولة وتوجيهها وبغيتها منه خدمة الاقتصاد الزراعي في بلد للزراعة فيه المقام الأول بين موارد الثروة القومية، وقد خولته الدولة سلطات وحقوق وامتيازات من نوع ما تخوله جهات الإدارة العامة كما أخضعته الدولة لإشرافها ورقابتها واتخذ هذا الإشراف مظاهر عدة في تشكيل الهيئات التي تتولى إدارته وفي رقابة وزير المالية على ما تصدره تلك الهيئات من قرارات وفي خضوعه لرقابة ديوان المحاسبة. ويضاف إلى ذلك أن الدولة بسطت عليه حماية مالية واسعة النطاق تمثلت في مساهمتها بنصف رأسماله وفي ضمانها للمصارف المساهمة فيه ربحاً قدره 5% وفي القروض الكبيرة التي تقدمها الحكومة للبنك على أن لا تستردها إلا عند تصفية البنك هذا فضلاً عن تمتعه بالشخصية الاعتبارية وأنه لا يغير من هذا النظر إنشاء البنك في شكل شركة مساهمة تساهم فيها الدولة بنصف أسهم رأس المال لأن هذا الشكل يعبر عن الوسيلة التي تم بها تحويل مرفق التسليف الزراعي عند تشكيله في صورة مشروع دون أن يرفع عن هذا المشروع وصف المؤسسة العامة ما دامت عناصرها والسمات المميزة لها متوافرة فيه وعلى الأخص إشراف الدولة ورقابتها سواء باختيار القائمين على المشروع الذي يدير المرفق أو بالتعقيب على ما يتخذونه من قرارات ثم حقوق السلطة العامة المخولة له. وأشار الحكم إلى أنه ليس ثمة ما يمنع من أن تتخذ المؤسسة العامة شكل شركة من شركات الاقتصاد المختلط كما هو الحال بالنسبة إلى بنك التسليف الزراعي والتعاوني.
وفيما يتعلق بالموضوع ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن فصل المدعي قد بني على أن المدعي قد أخل بالتزاماته الجوهرية المنصوص عليها في عقد العمل وأن إدارة البنك قد ذكرت في معرض التدليل على إخلال المدعي بالتزاماته الجوهرية أنه ارتكب ما يلي:
أولاً: أنه سلم إلى أحد أصحاب المخابز (غريب زلطه) عشرة أجولة من الدقيق الفاخر وقيد في دفاتره أنه باعه 22 جوالاً ليتصرف في الباقي لحسابه.
ثانياً: أنه صرف كميات من الدقيق لأشخاص ووقع بالاستلام عنهم أشخاص آخرون دون توكيل بالمخالفة للتعليمات.
ثالثاً: أنه صرف كميات دقيق بأسماء أصحاب المخابز ولم يوقعوا على كشوف الصرف بالاستلام.
رابعاً: أن توقيعات بعض أصحاب المخابز على حوافظ الصرف مغايرة وتختلف في كل مرة عن الأخرى.
خامساً: أنه صرف كميات من الدقيق لبعض أصحاب المخابز بالزيادة عن الكميات المقررة لهم أسبوعياً.
سادساً: أنه لم يلصق طوابع الدمغة على صور كشوف حوافظ الصرف بالرغم من وجود توقيعات عليها.
واستطرد الحكم المطعون فيه إلى أنه متى ثبت أن المدعي قد ارتكب مخالفة تشكل إخلالاً بالتزاماته الجوهرية فإن القرار الصادر بفصله يكون قراراً سليماً قائماً على سببه المبرر له، بمعنى أن انتفاء صحة بعض الوقائع المتقدمة التي نسبت إليه لا يؤثر على سلامة القرار. وقالت المحكمة إن ما نسب إلى المدعي من أنه سلم لغريب زلطة عشرة أجولة وقيد في دفاتره أنه باعه 22 جوالاً صحيح مما أدلى به غريب زلطة وما قرره فهمي محمود عيسى قائد عربة النقل ولأنه من غير المعقول أن يقوم غريب بدفع ثمن 22 جوالاً ثم لا يقوم بنقلها وأنه لا يقدح في ذلك أن يوقع غريب بما يفيد الاستلام بعد أن ثبت عدم إجادته القراءة والكتابة. وأما فيما يتعلق بما نسب إليه من صرف كميات دقيق لأشخاص وتوقيع آخرين منهم بالاستلام دون توكيل، وما نسب إليه من صرف كميات دقيق بأسماء أصحاب المخابز دون أن يوقعوا على كشوف الصرف بالاستلام فإنها ثابتة من إقرار المدعي كذلك فإن الثابت أنه لم يقم بلصق طوابع الدمغة على صور كشوف حوافظ الصرف. أما فيما يتعلق بما نسب إليه في رابعاً وخامساً فقد ذهبت المحكمة إلى عدم ثبوته وانتهت إلى القول بأنه يبين أن المدعي قد ارتكب المخالفات المشار إليها في أولاً وثانياً وثالثاً وسادساً التي نسبها إليه بنك التسليف وهي تكفي للقول بأن المدعي قد أخل بالتزاماته الجوهرية ويكون السبب الذي بني عليه قرار الفصل صحيحاً ويكون القرار قد صدر سليماً مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون إذ جانب ما استقر عليه قضاء المحكمة العليا في شأن كفاية السبب الذي يقوم عليه قرار الجزاء وإنه كان من المتعين على المحكمة وقد انتهى بحثها إلى بطلان واقعتين من الوقائع التي أقيم عليها قرار الجزاء أن تلغي القرار وتعيد الأمر إلى المدعى عليه ليعيد مجازاة الطاعن بما يتناسب والقدر الذي ثبت في حقه، كما أن الحكم أخطأ في الحكم على باقي المخالفات، فالمخالفة الأولى ينفضها أن غريب زلطة أقر كتابة بأنه دفع ثمن 22 جوالاً وتسلم منها عشرة ثم طلب تسليمه الاثنى عشر الباقية، وفيما يتعلق بالمخالفة الثانية فإن المدعي قدم إلى المحقق التوكيلات إلا أنه أثبت بعضها ولم يثبت البعض الآخر، وفيما يتعلق بالمخالفة الثالثة قدم المدعي إقرارات من التجار بما يفيد استلام كل منهم حصته من الدقيقة أما المخالفة السادسة الخاصة بعدم إلصاق طوابع الدمغة على صور حوافظ الصرف فإن المدعي غير ملزم بإلصاقها.
ومن حيث إن البنك حول إلى مؤسسة عامة بمقتضى القانون رقم 105 لسنة 1964 باسم المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني فقد حلت المؤسسة محله في الخصومة ودفع الحاضر عنها بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى على أساس أن بنك التسليف كان إلى أن تم تحويله بالقانون المشار إليه شركة تجارية خاضعة لأحكام القانون التجاري، وأيدت هيئة المفوضين هذا الدفع، وقد أجاب المدعي بأن ذلك يصطدم بحجية حكم نهائي لم يطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا وهو الحكم الذي صدر من المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة في الطلب المستعجل والذي قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص.
وعقبت المؤسسة على ذلك بقولها إن البنك لم يكن يملك الطعن في الحكم المشار إليه بعد أن صدر القضاء في الطلب المستعجل وفي الموضوع لصالحه لانقضاء مصلحته في هذا الطعن هذا فضلاً عن أن الطعن في الحكم من جانب المدعي ينقل النزاع برمته إلى المحكمة العليا التي يكون لها أن تتعرض للاختصاص، وفيما يتعلق بالموضوع قالت المؤسسة إنه لا وجه للنعي على الحكم بمخالفة القانون بمقولة إنه أن ثبوت بطلان بعض أسباب القرار موجب لإلغائه ذلك أن المخالفة المنسوبة إلى المدعي واحدة وسببها واحد وإن تعددت مظاهره، فالمخالفة المنسوبة إليه هي التلاعب فيما في عهدته من الدقيق، أما وسيلة التلاعب فيكفي التحقق من إحدى الوسائل حتى تثبت وقوع المخالفة قي حقه، فإذا تيقنت المحكمة من وقوع التلاعب لأربعة أسباب فإن هذا كاف لثبوت المخالفة.
ومن حيث إنه مهما يكن النظر الصحيح في شأن اختصاص القضاء الإداري بنظر طلب إلغاء قرار الفصل المقدم من المدعي في الدعوى الراهنة فإن الفصل في سند هذا الاختصاص وهو من أمور النظام العام ينبغي أن يتقيد بواقع ماثل في ظروف الدعوى لا مناص من إدخاله في الاعتبار وتغليبه على أي أمر آخر ذلك أن ثمة حكمها صادراً قبل الفصل في الموضوع برفض الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبات هذا الحكم نهائياً وحائزاً حجية الأحكام بل وقوة الأمر المقضي مما لا معدى معه من النزول عليه وبالتزام مقتضاه.
ومن حيث إنه يساند ما تقدم أن الحكم باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة لحين إلغاء القرار الصادر بالفصل بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 21 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959، شأنه شأن الحكم بوقف التنفيذ الوارد بالفقرة الأولى من هذه المادة، وإن كان لا يقيد المحكمة عند نظر أصل هذا الطلب موضوعاً، إلا أنه يظل مع ذلك حكماً قطعياً له مقومات الإحكام وخصائصها وينبني على ذلك أنه يحوز حجية الأحكام في خصوص موضوع الطلب ذاته ولو أنه مؤقت بطبيعته طالما لم تتغير الظروف، كما يحوز هذه الحجية من باب أولى بالنسبة لما فصلت المحكمة فيه من مسائل فرعية قبل البت في موضوع الطلب كالدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري أصلاً بنظر الدعوى لسبب يتعلق بالوظيفة إذ قضاء المحكمة في هذا ليس قطعياً فحسب بل هو نهائي وليس مؤقتاً، فيقيدها عند نظر طلب إلغائه، فما كان يجوز للمحكمة الإدارية - والحالة هذه - بعد أن فصلت بحكمها الصادر في 22 من يناير 1961 برفض الدفع بعدم الاختصاص لانتفاء الولاية أن تعود عن نظر طلب الإلغاء فتفصل في هذا الطلب من جديد لأن حكمها الأول كان قضاء نهائياً حائزاً لحجية الأحكام ثم قوة الشيء المحكوم به، ولو أنها قضت على خلاف ما قضت به أولاً لكان حكمها معيباً لمخالفته لحكم سابق حائز قوة الشيء المحكوم به أما وقد انتهت المحكمة في هذا الدفع إلى نفس النتيجة التي انتهى إليها حكمها الأول فإن الحكم المطعون فيه يتمخض في هذا الخصوص نافلة وتزيداً فمتى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يكون حجة فيما فصل فيه ويعتبر عنواناً للحقيقة حتى ولو كان قد تنكب وجه الصواب في مسائل تتصل بالنظام العام كرفض الدفع بعدم الاختصاص المتعلق بالوظيفة ذلك أن حجية الأمر المقضي تسمو على قواعد النظام العام فلا يصح إهدار تلك الحجية بمقولة إن الاختصاص المتعلق بالولاية يتصل بالنظام العام.
ومن حيث إنه لا ينال من حجية الحكم الصادر من المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم الاختصاص أن يكون ممتنعاً على الطرف الآخر الطعن فيه لصدور الحكم في الموضوع لصالحه متى كان القانون هو الذي أغلق باب الطعن لانعدام المصلحة كذلك فإنه ليس في قانون مجلس الدولة ولا في قانون المرافعات بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا نص مماثل لنص المادة 404 من قانون المرافعات الوارد بشأن استئناف الأحكام الذي تقضى بأن استئناف الحكم الصادر في الموضوع يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها ما لم تكن قبلت صراحة والذي ذهبت المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات في تبيانه إلى أن الاستئناف يتناول جميع الأحكام التي سبق صدورها ولو كانت قد صدرت لمصلحة المستأنف بحيث يجوز للمستأنف عليه أن يثير كل ما كان قد أبداه من دفوع ووجوه أمام محكمة الدرجة الأولى دون حاجة إلى استئناف الأحكام الصادرة برفضها قبل الفصل في الموضوع - لا محل لإعمال هذا النص الذي ورد في قانون المرافعات بشأن استئناف الأحكام إذ لا تتسع لحكمه حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا التي وردت في المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 وهي المقابلة للمادتين 425 و426 من قانون المرافعات بشأن الطعن بالنقض.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أنه إزاء سبق صدور حكم المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء الولاية يكون ممتنعاً نظر الدفع لسبق الفصل فيه، وذلك مهما يكن الرأي في سلامة هذا الدفع.
ومن حيث إن الوقائع التي انتهت بفصل الطاعن من الخدمة تخلص - على ما استظهرته تحقيقات النيابة العامة في الشكوى رقم 26 لسنة 1960 إداري بندر بنها ومحاضر التحقيقات الإدارية في أن السيد/ محمد يونس مفتش تموين بنها شاهد يوم 18 من مايو سنة 1959 عربة نقل يقودها على الطريق السائق فهمي محمود عيسى محملة بخمسة عشر جوالاً في الدقيق الفاخر وجوالين من الفول، وبسؤاله عن مصدر هذا الدقيق قال إنه نقله من شونة بنك التسليف الزراعي والتعاوني ببنها لحساب شخص يدعى عبد الخالق الصيفي الذي كلفه بنقلها من مخزن البنك ببنها إلى بلدته سبك الثلاثاء وإذا كان صرف الدقيق الفاخر غير مصرح به إلا للتجار المسجلة أسماؤهم بالبنك، فقد ساق قائد العربة إلى مخزن الدقيق الذي يتولى العمل فيه محمد حسانين عبد الله "الطاعن" وتبين من الاطلاع على الأوراق وحوافظ الصرف أن عبد الخالق الصيفي ليس من بين الأشخاص المصرح لهم بصرف الدقيق كما تبين أن - الطاعن أثبت أنه لم يصرف في هذا اليوم دقيقاً إلا لثلاثة أشخاص هم محمد مرسي سلام وقد أثبت أنه ابتاع جوالين، وغريب زلطه وقد أثبت أنه اشترى اثنين وعشرين جوالاً، ومحمد نوار الذي اشترى أحد عشر جوالاً وبسؤال قائد العربة فهمي محمود عيسى قال إن عبد الخالق الصيفي كلفه بنقل خمسة عشر جوالاً من الدقيق الفاخر من مخزن البنك إلى بلدته فتوجه معه إلى الشونة، وهناك دفع عبد الخالق إلى الطاعن ثمن ما اشتراه ثم صرح له بنقل الأجولة فحملها على العربة وخرجا سوياً إلى حيث عرجا على متجر التاجر غريب مصطفى السخن فاشترى عبد الخالق جوالين من الفول وحملهما على العربة أيضاً، ومضى هو في طريقه حيث لقيه مفتش التموين وسأله عن وجهته فأعلمه بما حدث وبمواجهة الطاعن وعبد الخالق الصيفي بذلك أنكرا واقعة صرف الدقيق من الأول إلى الثاني وكذلك أنكر عبد الخالق الصيفي شراءه فولاً من غريب السخن إلا أن غريب أكد حضور فهمي محمود عيسى وعبد الخالق الصيفي يوم الحادث إلى متجره وشراء الثاني جوالين من الفول وقال إن الأول حملهما على عربته. وقال الطاعن إنه لم يبع دقيقاً فاخراً في يومه إلا للثلاثة الذين سبق ذكرهم وزاد أن غريب زلطه دفع ثمن اثنين وعشرين جوالاً ونقل عشرة منهم وترك الباقي رثيما يعود لنقله وأن محمد مرسي سلام دفع ثمن جوالين ولم ينقلهما أما محمد نوار فقد دفع الثمن ونقل الأجولة وأن الثلاثة وقعوا على حوافظ الصرف بما يفيد الشراء ودفع الثمن. وبسؤال غريب زلطه أنكر على الطاعن أنه ابتاع 22 جوالاً وقال إن كل ما اشتراه ودفع ثمنه 12 جوالاً فقط وأنه كان قد وقع على الدفاتر إلا أنه لم يقرأ ما وقع عليه لعدم إلمامه بالقراءة والكتابة إلماماً كافياً وأضاف أن الطاعن يتلاعب في الدقيق ويتصرف في المقادير الزائدة في السوق السوداء حيث يباع الدقيق الفاخر بأسعار باهظة وفي 21 من مايو سنة 1960 قدم الطاعن للمحقق إقراراً مذيلاً بتوقيع غريب زلطه يؤيد فيه دفاع الطاعن وبمواجهة غريب بهذا الإقرار قال إن الطاعن ولفيف من زملائه الحوا عليه في توقيع هذا الإقرار درءاً للاتهام عن الطاعن فلم يسعه غير توقيعه مجاملة لهم وأكد مرة أخرى أنه لم يدفع غير ثمن 12 جوالاً فقط وأن العربة التي كانت محملة بهذه الأجولة لم تزايل الشونة بسبب قدوم مفتش التموين ولم يتم صرف هذه الكمية إليه إلا في 21 من مايو 1960.
وانتهت النيابة العامة من التحقيق إلى إحالة الأوراق إلى البنك للنظر في أمر الطاعن إدارياً استناداً إلى أنه وإن كان لا يمكن القول بوقوع تزوير على وجه قاطع إلا أن المستفاد من التحقق أن أمين الشونة محمد حسانين عبد الله يتلاعب بهذا النوع من الدقيق ويبيعه إلى أشخاص غير مصرح لهم بصرفه من شونة بنك التسليف الأمر الذي يستوجب مؤاخذته إدارياً عما هو منسوب إليه من تلاعب في الدقيق وقد استتبع ذلك فحص أعمال الطاعن وإجراء تحقيق إداري تبين منه أنه يقوم بصرف كميات من الدقيق بأسماء أصحاب مخابز المقرر صرف الدقيق لهم دون أن يوقعوا على كشوف الصرف بما يفيد الاستلام وأنه يقوم بصرف كميات دقيق بأسماء أشخاص ويوقع بالاستلام عنهم أشخاص آخرون دون توكيل به ونوه المحقق عند استجوابه إلى أن ذلك يفتح للطاعن الباب للتلاعب في صرف الدقيق. وفي 5 مايو 1960 أصدر السيد مدير عام البنك قراراً بفصل الطاعن بالتطبيق للمادة 76 من قانون العمل الموحد والتي تجيز لرب العمل فصل العامل دون إخطار ودون تعويض أو مكافأة إذا أخل بالتزاماته الجوهرية المنصوص عليها في العمل وفي 8 من مايو 1960 أخطر الطاعن بموجب إخطار بإنهاء رابطة العمل "بقرار السيد مدير عام البنك بفصله تطبيقاً للمادة 76 من قانون العمل".
ومن حيث إن ما نسب إلى الطاعن من التلاعب في صرف الدقيق مدلول عليه من ضبط خمسة عشر جوالاً من الدقيق محملة على عربة نقل يقودها فهمي محمود عيسى الذي قرر في أعقاب ضبطه بأنه ينقل الدقيق لحساب تاجر يدعى عبد الخالق الصيفي وأنه نقل الدقيق من مخزن فرع البنك بمدينة بنها الذي يعمل الطاعن أميناً له، وأن عبد الخالق الصيفي دفع أمامه ثمن الدقيق إلى الطاعن الذي صرح له بنقله إلى العربة.
ومن حيث إنه ليس في أقوال قائد عربة النقل ما يثير الشك، فهو قد أدلى بهذه الأقوال فور ضبطه ويؤيدها أنه من محترفي النقل وليس تاجراً وأنه لم يقم أدنى دليل على أن ثمة ما يدعوه إلى الكيد لأي من الطرفين أو التجني عليهما، يساند ذلك ما شهد به غريب السخن من قدوم عبد الخالق الصيفي وقائد عربة النقل إلى متجره يوم الحادث وشراء الأول جوالين من الفول حملهما قائد العربة على عربته في حين أنكر عبد الخالق الصيفي كل شيء مما يرجع صدق رواية فهمي محمود عيسى. يضاف إلى ذلك ما شهد به غريب زلطه من أن الطاعن دأب على الاحتفاظ لنفسه بكميات من الدقيق المقررة لأصحاب المخابز والاتجار بها في السوق السوداء وما أكده من أنه لم يدفع يوم الحادث إلى الطاعن غير ثمن 12 جوالاً فقط لا 22 على نحو زعم الطاعن، ولا يزعزع من شهادته أنه وقع باستلام 22 جوالاً أو أنه وقع إقراراً يؤيد دفاع الطاعن، بعد أن تبين أنه غير ملم بالقراءة والكتابة ولما أبداه من أن الطاعن وزملاءه تكاثروا عليه بعد أن أدلى بأقواله في التحقيق ورجوه في أن يوقع هذا الإقرار درءاً لمسئولية الطاعن فلم يسعه إلا توقيعه مجاملة لهم إذ لا مرية في أن توقيع الشاهد لهذا الإقرار ينم بذاته عن الظروف التي أشار إليها والتي دعته إلى التوقيع ويكشف عن زيف دفاع الطاعن. ليس هذا فحسب بل أن محمد سعيد نوار قد شهد هو الآخر بأن الطاعن سعى إليه يطلب توقيعه على استلام أحد عشر جوالاً زاعماً بأن والد سعيد النوار كان قد حصل منه على هذه الأجولة في يوم سابق. فإذا أضيف إلى ذلك ما كشف عنه فحص أعمال الطاعن وما أقر به من أنه يقوم بصرف كميات من الدقيق بأسماء أشخاص ويوقع بالاستلام عنهم آخرون دون توكيل كما يثبت صرف كميات لبعض التجار دون توقيع منهم - دل ذلك في مجموعه على صحة ما عزى إليه من تلاعب في صرف الدقيق، الأمر الذي يشكل إخلالاً بالتزاماته الجوهرية على نحو ما ذهب الحكم المطعون فيه ويجعل قرار الفصل قائماً على سببه المبرر له.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن فصل الطاعن إنما يستند في الواقع من الأمر على ما استخلصته النيابة العامة من التحقيقات التي أجرتها من أنه يتلاعب في صرف الدقيق الفاخر ويبيعه لأشخاص غير مصرح لهم بصرفه من شونة البنك مما رأت معه النيابة العامة مجازاته إدارياً عما نسب إليه من تلاعب، فرأت إدارة البنك أن ما فرط منه على هذا النحو يشكل إخلالاً بالتزاماته الجوهرية المنصوص عليها في المادة 78 من قانون العمل وانتهت إلى فصله، وعلى ذلك يكون السبب الذي بني عليه الجزاء التأديبي هو وقوع تلاعب من الطاعن في صرف الدقيق، أما ما ساقته إدارة البنك في معرض دفاعها من سرد لبعض الوقائع التي كشف عنها فحص أعماله فإنها لا تعدو أن تكون قرائن أو شواهد على وقوع هذا التلاعب الذي هو سبب القرار، ومن ثم فإنه لا يؤثر في سلامة الجزاء أو قيامه على كامل سببه أن تكون بعض هذه القرائن غير سليمة متى كان في القرائن الأخرى ما يكفي للتدليل على وقوع التلاعب من الطاعن وبذلك يكون غير سديد ما رمى به الحكم المطعون فيه من مخالفة القانون لعدم ثبوت هذه الوقائع بمقولة إن القرار لم يعد قائماً على كامل سببه.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الطعن يكون غير قائم على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه من رفض الدعوى.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 419 لسنة 9 ق جلسة 7 / 1 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 53 ص 533

جلسة 7 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

----------------

(53)

القضية رقم 419 لسنة 9 القضائية

مسئولية. "أركان مسئولية الإدارة".
فصل الموظف لعدم اللياقة الطبية قبل استنفاده عدد مرات الكشف الطبي - لا تتحقق معه مسئولية الإدارة إلا حيث يتأكد للقاضي أن احتمال النجاح كان كبيراً - يقدر القاضي إلى أي مدى كان الأمل قوياً في ذلك النجاح.

----------------
إن كل ما يمكن نسبته إلى الوزارة من تقصير هي أنها فوتت على المدعي فرصة إعادة الكشف الطبي عليه مرتين آخريين كان يحتمل فيهما نجاحه أو رسوبه وغني عن البيان أنه لا تتحقق المسئولية في هذه الحالة إلا حيث يتأكد للقاضي أن احتمال النجاح كان كبيراً فهو يقدر إلى أي مدى كان الأمل قوياً في ذلك النجاح المزعوم أما إذا اتضح على العكس أن المرض الذي كان سبباً في رسوب المدعي في الكشف الأول هو من الأمراض التي لا شفاء منها فإن الوزارة لا تكون قد أضاعت عليه عندئذ فرصة في النجاح في الكشف الطبي وتنتفي بذلك مسئوليتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن - المدعي أقام الدعوى رقم 49 لسنة 8 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 29/ 10/ 1960 ذكر فيها أنه بعد أن حصل على شهادة معهد المعلمين الخاص بقنا سنة 1954 عين في وظيفة مدرس بمنطقة سوهاج التعليمية خصماً من بند الإعانات وبمناسبة ترشيحه للتعيين على إحدى الوظائف الدائمة كشف عليه طبياً أمام القومسيون المحلي فاتضح أن عنده لغطاً عضوياً متوالياً بالقلب وكان أن سارعت الوزارة إلى إصدار قرار بفصله مع أنه كان يجب عليها أن تعرضه قبل اتخاذ هذا القرار على القومسيون الطبي العام باعتباره وحدة الجهة المختصة بتقرير عدم اللياقة الطبية الموجب لإنهاء الخدمة، ومن ثم يكون القرار المذكور قد صدر مخالفاً القانون ويحق له أن يطالب بإلزام الوزارة بأن تدفع له كتعويض عن الأضرار التي أصابته نتيجة له مبلغ 500 جنيه والمصروفات وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي كان يشغل وظيفة مدرس بمدرسة رفلة جرجس للبنات التابعة لمنطقة سوهاج التعليمية خصماً على بند الإعانات، ولدواعي تتصل بتنظيم الميزانية تقرر إنهاء هذا البند وتعيين المقيدين عليه على درجات بالميزانية وبناء عليه صدر القرار رقم 52 في 25/ 12/ 1956 بتعيين المدعي على إحدى الدرجات السابعة الفنية على أن تستوفى مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ التعيين وذلك استناداً إلى أحكام القانون رقم 193 لسنة 1955 التي تجيز تعيين المدرسين اللازمين لحاجة الوزارة على أن تستوفى مسوغات تعيينهم خلال تسعة شهور من تاريخ التعيين وإلا اعتبر المدرس المعين مفصولاً، ولما كان المدعي قد رسب في الكشف الطبي إذ اتضح أن عنده لغطاً متوالياً وهو من أمراض القلب التي تجعله غير لائق للدخول في الخدمة فقد أصدرت الوزارة في 24/ 9/ 1957 أي في نهاية هذه الستة شهور قراراً بفصله من الخدمة لعدم استيفائه مسوغات التعيين خلال تلك المدة، هذا وغير صحيح ما يقوله المدعي من أنه كان يتعين عرضه على القومسيون الطبي العام قبل فصله ذلك أن القومسيون المحلي هو وحده المختص بإجراء الكشف الطبي على المرشحين لوظائف دائمة أو مؤقتة متى كان التعيين في المحافظة التي بها القومسيون وهذا طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 18/ 7/ 1955 وإذا كان ذلك فإن الوزارة تكون قد تصرفت على وفق أحكام القانون، ولم ترتكب أي خطأ يبين مسئوليتها وتكون دعوى المدعي غير قائمة على أساس من القانون مستوجبة الرفض. وبجلسة 10/ 1/ 1963 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها في الدعوى قاضياً بإلزام الوزارة بأن تدفع للمدعي مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض عن القرار الصادر بفصله والمصروفات المناسبة وأقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كان القومسيون المحلي هو المختص فعلاً كما تقول الوزارة بالكشف على المرشحين للتعيين في المحافظة التي بها القومسيون طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18/ 7/ 1955 وأنها إذا أحالت المدعي للكشف الطبي إلى هذا القومسيون لا تكون قد ارتكبت أي خطأ إلا أنها قد ارتكبت خطأ من نوع آخر هو أنها حرمته من حقه الثابت بالمادة 25 من لائحة القومسيونات التي تعطي المرشح للتعيين الحق في إعادة الكشف الطبي عليه دفعتين آخريين إذا لم يجز درجة اللياقة الطبية المطلوبة في الدفعة الأولى وإذ تسرعت وفصلت المدعي اعتماداً على نتيجة أول كشف قبل أن يستنفد الدفعتين الآخريين فإن قرارها الصادر في هذا الشأن يكون مخالفاً للقانون وهو ما يشكل ركن الخطأ في جانبها ويستوجب مسئوليتها عن الضرر الذي أصاب المدعي نتيجة هذا القرار. وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم بمخالفة القانون وقالت بياناً لذلك إن القرار الصادر بفصل المدعي قد صدر تنفيذاً للقانون رقم 193 لسنة 1955 الذي ينص على أنه استثناء من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لوزارة التربية والتعليم تعيين المدرسين اللازمين للمدارس الابتدائية والإعدادية وما في مستواهما على أن تستوفى مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ تعيين كل منهم وإلا اعتبر مفصولاً. والثابت أن المطعون ضده عين بالقرار رقم 52 في 25/ 12/ 1956 بالتطبيق لأحكام هذا القانون ونظراً لعدم استيفائه مسوغات تعيينه خلال التسعة أشهر المحددة به صدر في 24/ 9/ 1956 أي في نهاية هذه الفترة قرار بفصله لأنه يعتبر بفوات هذه المهلة دون استيفاء المسوغات مفصولاً بقوة القانون والوزارة لم تفعل سوى أنها أعملت في شأنه أحكام القانون وليس في هذا ما يبرر مسئوليتها، ولا وجه لتحميل الوزارة مسئولية عدم استيفاء المدعي مرات الكشف الطبي إذ أنه فضلاً عن أن مرضه لا يرجى له شفاء فإنه هو وليست الوزارة الذي تقاعس عن استعمال حقه في عرض نفسه على القومسيون عدد المرات المسموح بها خلال الفترة المشار إليها فلا يلومن إلا نفسه ولا محل بالتالي لنسبة أي خطأ في جانب الوزارة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن كل ما يمكن نسبته إلى الوزارة من تقصير هي أنها فوتت على المدعي فرصة إعادة الكشف الطبي عليه مرتين أخريين كان يحتمل فيها نجاحه أو رسوبه وغني عن البيان أنه لا تتحقق المسئولية في هذه الحالة إلا حيث يتأكد للقاضي أن احتمال النجاح كان كبيراً فهو يقدر إلى أي مدى كان الأمل قوياً في ذلك النجاح المزعوم أما إذا اتضح على العكس أن المرض الذي كان سبباً في رسوب المدعي في الكشف الأول هو من الأمراض التي لا شفاء منها فإن الوزارة لا تكون قد أضاعت عليه عندئذ أي فرصة في النجاح في الكشف الطبي وتنتفي بذلك مسئوليتها، ولما كان الثابت أنه حين أعيد الكشف على المدعي طبياً في 22/ 8/ 1963 أمام القومسيون الطبي بمناسبة النظر في تعيينه طبقاً لشروط اللياقة الصحية المخففة التي صدر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 2293 لسنة 1962 بأحكام اللياقة الصحية للتعيين في الوظائف العامة تبين أنه مصاب بلغط انبساطي وانقباض على صمام اليثرال وهو ذات المرض الذي كان سبباً في رسوبه أول مرة وأنه لولا أن هذا المرض لم يعد طبقاً لقرار رئيس الجمهورية المشار إليه مانعاً من اللياقة الصحية، لما حاز درجة اللياقة الصحية المتطلبة للتعيين، إذا كان ذلك هو الثابت فإن الوزارة إذ فصلته في سنة 1957 لعدم استيفائه - خلال الفترة المحددة لاستيفاء مسوغات التعيين طبقاً للقانون رقم 163 لسنة 1955 - شرط اللياقة الصحية بسبب إصابته بهذا المرض كان وقتذاك مانعاً من التوظف طبقاً للائحة القومسيونات الطبية القائمة آنذاك وقبل أن تنتظر نتيجة الكشف الطبي عليه في دفعتين آخريين، لا يكون قد فوتت عليه أي فرصة للنجاح في الكشف الطبي وفي استيفاء شرط اللياقة الصحية المتطلب كمسوغ ضمن مسوغات التعيين إذ أنه كان سيسقط لو أعيد الكشف عليه لا محالة وكان لا محيص من فصله وبذلك تنتفي مسئولية الوزارة بانتفاء أي خطأ يمكن نسبته إليها، وتكون دعوى المدعي غير قائمة والحالة هذه على أساس سليم من القانون مستوجبة الرفض وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 336 لسنة 9 ق جلسة 7 / 1 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 52 ص 530

جلسة 7 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

------------------

(52)

القضية رقم 336 لسنة 9 القضائية

موظف. "نهاية الخدمة. فصل".
اتهام الموظف في جريمة جنائية - للإدارة أن تقدر بحسب ظروف الواقعة وملابساتها إذا كان من الملائم أن تنتظر نتيجة الفصل في المحاكمة الجنائية أو أن الأمر يتطلب تدخلاً سريعاً دون ترقب نتيجة هذه المحاكمة. أساس ذلك. اختلاف الوضع بين المجالين الإداري والجنائي.

--------------------
إن اتهام الموظف في جريمة وبالذات في مثل الجريمة التي اتهم فيها المدعي والقبض عليه متلبساً بارتكابها هو أخطر ما يمكن أن يعيب الوظيفة العامة ويضر بصالحها وعلى الإدارة في هذه الحالة أن تسارع إلى التدخل فتتخذ بمقتضى السلطة المخولة لها قانوناً من الإجراءات والقرارات ما تراه واجباً لمواجهة الموقف وتقدر بحسب ظروف الواقعة وملابساتها إذا كان من الملائم أن تنتظر نتيجة الفصل في المحاكمة الجنائية أو أن الأمر يتطلب تدخلاً سريعاً دون ترقب نتيجة هذه المحاكمة وهي وحدها التي تقدر ملاءمة ذلك، فليس ثمة إلزام عليها بضرورة انتظار المحاكمة ونتيجتها، وذلك كله مرده إلى أصل مقرر هو اختلاف الوضع بين المجالين الإداري والجنائي وما استتبعه من استقلال الجريمة الإدارية عن الجريمة الجنائية، لاختلاف قوام كل من الجريمتين وتغاير الغاية من الجزاء في كل منهما، فهو في الأولى مقرر لحماية الوظيفة العامة أما في الثانية فهو قصاص من المجرم لحماية المجتمع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 82 لسنة 9 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 20/ 1/ 1962 ذكر فيها أنه بتاريخ 1/ 6/ 1961 صدر قرار إداري بفصله من عمله كشيخ حارة كوم غراب التابعة لقسم مصر القديمة وذلك لاتهامه في الجناية رقم 301 لسنة 1961 أمن الدولة العليا، وإنه ولئن كان القبض عليه في هذه الجناية من شأنه أن يوقفه عن عمله إلا أنه كان على الوزارة بعد أن أفرج عنه أن تعيده إلى عمله وتنتظر حتى يفصل فيها وتثبت إدانته لا أن تسارع إلى فصله بمجرد اتهامه والقبض عليه، ولذلك أقام الدعوى الراهنة للحكم بإلغاء هذا القرار وصرف راتبه من تاريخ صدوره حتى الحكم في الدعوى ومع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي اتهم في الجناية رقم 301 لسنة 1961 أمن الدولة العليا بأخذ مبلغ من أحد المواطنين كرشوة وقبض عليه متلبساً بارتكاب الجريمة وصدر أمر النيابة بحبسه حبساً مطلقاً وقد أوقف عن عمله من تاريخ القبض عليه ثم صدر القرار بفصله في 13/ 6/ 1961 وبجلسة 31/ 12/ 1962 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها في الدعوى قاضياً "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 1/ 6/ 1961 بفصل المدعي ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها بإلغاء قرار الفصل على أن المدعي لم يثبت عليه ارتكاب أمر يستوجب عزله ما دام لم يصدر في الجناية المتهم فيها حكم قضائي بإدانته وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم تأسيساً على أن اتهام المدعي بهذه الجريمة يكون في ذاته جريمة تأديبية تقدر الإدارة مدى خطورتها ويسوغ تدخلها إن هي قدرت وهي المسئولة عن رعاية الأمن العام واستقامة حفظه أن الأمر يتطلب إقصاءه عن وظيفته ولا وجه للطعن على القرار الصادر منها في هذا الشأن. وأثناء نظر الطعن أمام هيئة فحص الطعون بجلستها المنعقدة في 26/ 11/ 1966 والتي قدرت فيها إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا قرر المدعي أنه صدر عليه الحكم في تلك الجناية بالسجن ثلاث سنوات وأنه قد نفذ هذا الحكم.
ومن حيث إن اتهام الموظف في جريمة بالذات في مثل الجريمة التي اتهم فيها المدعي والقبض عليه متلبساً بارتكابها هو أخطر ما يمكن أن يعيب الوظيفة العامة ويضر بصالحها وعلى الإدارة في هذه الحالة أن تسارع إلى التدخل لتتخذ بمقتضى السلطة المخولة لها قانوناً من الإجراءات أو القرارات ما تراه واجباً لمواجهة الموقف وتقدر بحسب ظروف الواقعة وملابساتها إذا كان من الملائم أن تنتظر نتيجة الفصل في المحاكمة الجنائية، أو أن الأمر يتطلب تدخلاً سريعاً دون ترقب نتيجة هذه المحاكمة وهي وحدها التي تقدر ملاءمة ذلك فليس ثمت إلزام عليها بضرورة انتظار المحاكمة ونتيجتها، ذلك كله مرده إلى أصل مقرر هو اختلاف الوضع بين الجانبين الإداري والجنائي وما استتبعه من استقلال الجريمة الإدارية عن الجريمة الجنائية، لاختلاف قوام كل من الجريمتين وتغاير الغاية من الجزاء في كل منهما، فهو في الأولى مقرر لحماية الوظيفة العامة أما في الثانية فهو قصاص من المجرم لحماية المجتمع ومن ثم فإن الإدارة إذا قدرت أن المدعي لم يعد بعد اتهامه بالرشوة وضبطه بارتكاب الجريمة متلبساً والقبض عليه فيها وتقديمه للمحاكمة إذا قدرت واستخلصت من كل هذه الملابسات أنه لم يعد أميناً على وظيفته وجديراً بها وأن بقاءه فيها وهو من رجال الأمن أصبح يشكل خطراً على هيبتها وكرامتها مما يتحتم معه إقصاؤه عنها، وأصدرت - دون انتظار للمحاكمة الجنائية واستناداً إلى السلطة المخولة لها قانوناً والتي تبيح لها فصل مشايخ الحارات إدارياً - قراراً بفصله، فإنه تأسيساً على ما تقدم لا يعيب القرار الصادر منها في هذا الشأن أنه صدر قبل صدور الحكم الجنائي وإذ وضح مما تقدم سرده في معرض بيان وقائع الدعوى أن هذا القرار إنما يستند إلى أسباب جدية مستمدة من أصول ثابتة لا وجه للتشكيك فيها، فإنه يكون قد صدر سليماً من كل وجوهه، ومطابقاً لأحكام القانون، ويكون طلب المدعي إلغاؤه غير قائم والحالة هذه على أي أساس من القانون مستوجب الرفض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

السبت، 8 يوليو 2023

الطعن 1534 لسنة 7 ق جلسة 1 / 1 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 51 ص 522

جلسة أول يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

-------------------

(51)

القضية رقم 1534 لسنة 7 القضائية

(أ) المحكمة الإدارية العليا. "الطعن أمامها. التقرير بالطعن. بطلانه" خطأ مادي.
الخطأ المادي الواقع في التقرير بالطعن في شخص المختصم فيه - لا يعيب إجراءات الطعن ولا يفضي إلى بطلانها - متى تبينت المحكمة من الظروف والملابسات أن الأمر لا يعدو خطأ مادياً كتابياً بحتاً قابلاً للتصحيح ومتى تم تصحيحه فعلاً - مثال (1).
(ب) موظف. "تعيين". "أقدمية".
النص في قرار التعيين الصادر قبل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن يكون التعيين اعتباراً من تاريخ تسلم العمل - نشوء المركز القانوني وتحديد الأقدمية في الدرجة من التاريخ المذكور.

----------------
1 - إن السيد وزير الخزانة لم يكن له أي شأن في أية مرحلة من مراحل المنازعة الراهنة وأن الطاعن لم يختصم فيها إلا وزارة التربية والتعليم، وأن هذه المنازعة لا تتحصل موضوعاً إلا بوزارة التربية والتعليم، وأن الحكم المطعون فيه إذ صدر في 21 من يناير سنة 1960. إنما تصدر ضد وزارة التربية والتعليم. وأن الطاعن عندما قدم في 19 من مارس سنة 1960 إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة طلباً لإعفائه من رسوم هذا الطعن قيد في جدولها تحت رقم 97 لسنة 6 القضائية إنما قدم هذا الطلب ضد وزارة التربية والتعليم، وأن قرار اللجنة المذكورة قد صدر في 16 من يوليه 1961. بقبول الطلب ضد وزارة التربية والتعليم لما كان الأمر كذلك - فإن ذكر السيد وزير الخزانة في تقرير الطعن الذي أودعه الطاعن في 29 من يوليه 1961. لا يعدو أن يكون خطأ مادياً كتابياً بحتاً. وهو ظاهر الوضوح مما تقدم من الظروف والملابسات. ومردود على وجهه الصحيح بما جاء بتقرير الطعن من بيان وقائع المنازعة وأسباب الطعن. ومن ثم فهو لا يعيب إجراءات الطعن، ولا يفضي إلى بطلانها، ولا يحجب عن الخصومة في الطعن الخصم الحقيقي المعنى بهذا الطعن وهو في الخصوصية المطروحة بملابساتها قابل للتصحيح في أي وقت، وقد قام الطاعن بالفعل بهذا التصحيح بإعلانه السيد وزير التربية والتعليم في 16 من إبريل سنة 1964. ولما كان طلب المساعدة القضائية، وكذا إيداع عريضة الطعن قلم كتاب المحكمة بعد صدور قرار الإعفاء قد تم كلاهما خلال الميعاد القانوني وفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية القاطع لميعاد الطعن، فإن الطعن يكون والحالة هذه قد استوفى أوضاعه الشكلية، ويكون الدفع المبدى من الحكومة بعدم قبوله على أساس غير سليم من القانون متعيناً القضاء برفضه.
2 - لا وجه لما يتحدى به الطاعن المذكور من أن أقدميته في الدرجة السادسة ينبغي أن ترجع إلى 10 من ديسمبر سنة 1947. تاريخ قرار تعيينه بمقولة إنه لا اعتداد بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1947. لأنه تاريخ تسلمه العمل. لا وجه لذلك لأن قرار تعيينه - وقد صدر قبل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951. بشأن نظام موظفي الدولة - قد نص في صلبه على أن تعيينه في الوظيفة وبالماهية والدرجة وحالة القيد المبينة قرين اسمه يكون اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل. وعلى هذا يكون قرار التعيين ذاته الذي يستمد منه المدعي مركزه القانوني في الوظيفة والدرجة قد أفصح عن أن هذا المركز لم ينشأ إلا من تاريخ تسلمه العمل. فلا يكون ثمة وجه للاحتجاج، على الأقل في ظل القوانين واللوائح التي كانت سارية المفعول وقتذاك بأن هذا المركز القانوني قد نشأ قبل ذلك من تاريخ صدور قرار التعيين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة:
( أ ) عن قبول الطعن:
من حيث إن الحاضر عن الحكومة دفع بعدم قبول الطعن لرفعه ضد السيد وزير الخزانة الذي لم يصدر الحكم المطعون فيه في مواجهته، ولأن التصحيح اللاحق الحاصل بعد الميعاد لا يصحح الطعن ضد السيد وزير التربية والتعليم. الذي صدر الحكم في مواجهته لأن الطعن لا يعتبر مرفوعاً في الميعاد إلا إذا تم إيداع تقرير الطعن مستوفياً الشكل القانوني في هذا الميعاد.
ومن حيث إن الطاعن رد على هذا الدفع بأن ما ورد بتقرير الطعن من ذكر السيد وزير الخزانة بدلاً من السيد وزير التربية والتعليم ليس إلا خطأ مادياً فلا يترتب عليه أي أثر.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن السيد وزير الخزانة لم يكن له أي شأن في أية مرحلة من مراحل المنازعة الراهنة وأن الطاعن لم يختصم فيها إلا وزارة التربية والتعليم، وأن هذه المنازعة لا تتصل موضوعاً إلا بوزارة التربية والتعليم، وأن الحكم المطعون فيه إذ صدر في 21 من يناير سنة 1960. إنما صدر ضد وزارة التربية والتعليم. وأن الطاعن عندما قدم في 21 من مارس سنة 1960. إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة طلباً لإعفائه من رسوم هذا الطعن قيد في جدولها تحت رقم 97 لسنة 6 القضائية إنما قدم هذا الطلب ضد وزارة التربية والتعليم، وأن قرار اللجنة المذكورة قد صدر في 16 من يوليه سنة 1961. بقبول الطلب ضد وزارة التربية والتعليم لما كان الأمر كذلك - فإن ذكر السيد وزير الخزانة في تقرير الطعن الذي أودعه الطاعن في 29 من يوليه 1961. لا يعدو أن يكون خطأ مادياً كتابياً بحتاً. وهو ظاهر الوضوح مما تقدم من الظروف والملابسات. ومردود على وجهه الصحيح بما جاء بتقرير الطعن من بيان وقائع المنازعات وأسباب الطعن. ومن ثم فهو لا يعيب إجراءات الطعن، ولا يفضي إلى بطلانها، ولا يحجب عن الخصومة في الطعن الخصم الحقيقي المعنى بهذا الطعن وهو في الخصوصية المطروحة بملابساتها قابل للتصحيح في أي وقت، وقد قام الطاعن بالفعل بهذا التصحيح بإعلانه السيد وزير التربية والتعليم في 16 من إبريل سنة 1964. ولما كان طلب المساعدة القضائية، وكذا إيداع عريضة الطعن قلم كتاب المحكمة بعد صدور قرار الإعفاء قد تم كلاهما خلال الميعاد القانوني وفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية القاطع لميعاد الطعن، فإن الطعن يكون والحالة هذه قد استوفى أوضاعه الشكلية، ويكون الدفع المبدى من الحكومة بعدم قبوله على أساس غير سليم من القانون متعيناً القضاء برفضه.
(ب) عن الموضوع:
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي قدم في 29 من سبتمبر سنة 1953. إلى اللجنة القضائية لوزارة المعارف العمومية وقتذاك تظلماً قيد في جداولها تحت رقم 11763 لسنة 1 القضائية طلب فيه "معاملته أسوة بزملائه مع منحه الدرجة الخامسة من مارس سنة 1952. وهو آخر تاريخ رقي فيه زملاؤه مع منحه أول مربوط الدرجة كما عومل من تخرج معه وبعده في الجامعة" وقال إنه تخرج في كلية الآداب عام 1945 وفي معهد التربية العالي للمعلمين عام 1947. وعين مدرساً للغة الفرنسية بمدرسة المنيا الثانوية في 15 من ديسمبر سنة 1947. وأن زملاءه الذين تخرجوا معه في الجامعة عام 1945. ومن تخرجوا بعده عام 1946. قد رقوا إلى الدرجة الخامسة من زمن بعيد كما رقي كذلك إلى هذه الدرجة زملاؤه الذين تخرجوا معه في معهد التربية العالي والذين عينوا لغاية 12 من ديسمبر سنة 1947. الأمر الذي يجعله على حق في طلباته. وقد أجابت الوزارة عن هذا التظلم بأن حركتي الترقيات اللتين أجريا في نوفمبر سنة 1951 ومارس سنة 1952. قد رقي فيهما بالأقدمية المطلقة إلى الدرجة الخامسة الفنية من ترجع أقدميتهم في الدرجة السادسة إلى 13 من ديسمبر سنة 1947. ولما كانت أقدمية المدعي في الدرجة السادسة ترجع إلى 15 من ديسمبر سنة 1947 فإن الدور لم يدركه. وقد أحيل التظلم المذكور إلى المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم فقضت في جلسة 22 من ديسمبر سنة 1955 بإحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص بالتطبيق للمادتين 13، 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بتنظيم مجلس الدولة، حيث قيدت الدعوى في جدول محكمة القضاء الإداري تحت رقم 692 لسنة 10 القضائية وقد انتهى المدعي إلى طلب الحكم باستحقاقه صرف الفروق المالية على أساس ترقيته إلى الدرجة الخامسة وذلك اعتباراً من أول فبراير سنة 1952. مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وإلزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب. وتوجز أسانيده في طلبه هذا في أن أقدميته في الدرجة السادسة يجب أن تبدأ من 10 من ديسمبر سنة 1947 تاريخ تعيينه لا من 15 من ديسمبر سنة 1947 تاريخ تسلمه العمل وأنه إذا سويت أقدميته على هذا النحو فإن الدور يدركه في الترقية وأنه حتى لو كانت أقدميته في الدرجة السادسة ترجع إلى 15 من ديسمبر سنة 1947 فقد كان من الواجب ترقيته إلى الدرجة الخامسة في حركة مارس سنة 1952 لأن الوزارة قد رقت في هذه الحركة زملاءاً له أحدث منهم السادة الفونس حبيب مسعود واميل جورج منضو ومحمد تهامي عبد العزيز بخيت ونادي محمد متولي. وذكر أنه وإن كان قد رقي إلى الدرجة الخامسة في ديسمبر سنة 1953 ثم صدر القرار رقم 297 في 16 من فبراير سنة 1956 برد أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول أكتوبر سنة 1951 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 636 لسنة 1955 الصادر في 21 من ديسمبر سنة 1955. دون صرف فروق مالية، إلا أن دعواه مبنية على طعن في قرار محدد صادر قبل القانون رقم 636 لسنة 1955 ومصلحته فيها واضحة هي صرف الفروق المالية التي قال إنها مستحقة له من أول فبراير سنة 1952. ويتحصل دفاع الوزارة في أن أقدمية السيد/ الفونس حبيب مسعود في الدرجة السادسة ترجع إلى 6 من فبراير سنة 1947 وأن أقدمية السيد/ اميل جورج منضو في الدرجة المذكورة ترجع إلى 9 من ديسمبر سنة 1947. وأن أقدمية السيد/ محمد التهامي عبد العزيز بخيت في هذه الدرجة ترجع إلى أول ديسمبر سنة 1947. وأن أقدمية السيد/ نادي محمد سيد متولي في الدرجة ذاتها ترجع إلى 17 من نوفمبر سنة 1947. هذا على حين أن أقدمية المدعي ترجع في الدرجة السادسة إلى 15 من ديسمبر سنة 1947 تاريخ تسلمه العمل بالوزارة طبقاً للقواعد المعمول بها وقتذاك إذ كانت قرارات التعيين تصدر معلقاً نفاذها على تسلم العمل. أما ما يستند إليه المدعي من أن تاريخ تعيينه يتحدد بتاريخ قرار التعيين وليس بتاريخ تسلم العمل فهو مقصور على القرارات الصادرة في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951. ولما كان الدور في الترقية في الحركة المطعون بها قد وصل إلى من ترجع أقدميتهم في الدرجة السادسة إلى 13 من ديسمبر سنة 1947 فإنه لم يدرك المدعي وفي جلسة 21 من يناير سنة 1960 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه هو القرار رقم 10537 الصادر في 31 من يناير سنة 1952. وإنه "وقد ثبت أن المطعون في ترقيتهم ترجع أقدميتهم في الدرجة السادسة إلى 6 من نوفمبر سنة 1947، 17 من نوفمبر سنة 1947. وأول ديسمبر سنة 1947، 9 من ديسمبر سنة 1947 فإنه يكونون أقدم من المدعي الذي ترجع أقدميته إلى 15 من ديسمبر سنة 1947 قبل تعديلها بمقتضى قانون المعادلات الدراسية الصادر في 22 من يوليه سنة 1953 ولا يكون المدعي محقاً في الطعن في قرار الترقية إلى الدرجة الخامسة الصادر في 31 من يناير سنة 1952 اعتباراً من أول يناير سنة 1952.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن السيد/ التونسي حبيب مسعود أحد المرقين في القرار المطعون فيه ترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 3 من أكتوبر سنة 1948. وأن السيد/ محمد التهامي عبد العزيز بخيت أحد المرقين أيضاً في القرار المذكور. قد عين في 4 من أكتوبر سنة 1948. وتسلم العمل في 29 من أكتوبر سنة 1948. وأن السيد/ نادي محمد سيد متولي أحد المرقين كذلك في القرار ذاته قد عين في 10 من يوليه سنة 1948. وتسلم العمل في 30 من أكتوبر سنة 1948. وأنه من ذلك يبين أن الطاعن أقدم من كثير من المطعون في ترقيتهم. وإذا كانت الوزارة قد رقت في القرار المطعون فيه رقم 10537 في 31 من يناير 1952. من ترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 13 من ديسمبر سنة 1947. فإن أقدمية الطاعن في الدرجة السادسة ترجع إلى 10 من ديسمبر سنة 1947. تاريخ قرار تعيينه ولا اعتداد بتسلمه العمل في 15 من ديسمبر سنة 1947. لأن تسلم العمل واقعة مادية لها آثارها في قبض المرتب ولا تأثير لها في أقدمية الدرجة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد وزير المعارف وقتذاك أصدر في 31 من يناير سنة 1952 القرار رقم 10537 بترقية 17 موظفاً من الدرجة السادسة إلى الدرجة الخامسة بالأقدمية المطلقة بناء على ما اقترحته لجنة الترقيات التي كانت قد اجتمعت في 27 من يناير سنة 1952. وقررت أن تشمل هذه الترقية من لا تجاوز أقدميتهم في الدرجة السادسة تاريخ 13 من ديسمبر سنة 1947 الحاصلين على دبلوم معهد التربية العالي والعالمية مع الإجازة ولما كانت أقدمية المدعي في الدرجة السادسة وقت صدور القرار المذكور كما هو ثابت من ملف خدمته ترجع إلى 15 من ديسمبر سنة 1947. فإن الدور لم يكن يدركه في تلك الترقية ومن ثم فإن طعنه في القرار المشار إليه يكون على أساس غير سليم من القانون.
ولا وجه لما تحدى به الطاعن المذكور من أن أقدميته في الدرجة السادسة ينبغي أن ترجع إلى 10 من ديسمبر سنة 1947. تاريخ قرار تعيينه بمقولة إنه لا اعتداد بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1947. لأنه تاريخ تسلمه العمل. لا وجه لذلك لأن قرار تعيينه - وقد صدر قبل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - قد نص في صلبه على أن تعيينه في الوظيفة وبالماهية والدرجة وحالة القيد المبينة قرين اسمه يكون اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل. وعلى هذا يكون قرار التعيين ذاته الذي يستمد منه المدعي مركزه القانوني في الوظيفة والدرجة قد أفصح عن أن هذا المركز لم ينشأ إلا من تاريخ تسلمه العمل. فلا يكون ثمة وجه للاحتجاج، على الأقل في ظل القوانين واللوائح التي كانت سارية المفعول وقتذاك، بأن هذا المركز القانوني قد نشأ قبل ذلك من تاريخ صدور قرار التعيين. كما أنه ليس صحيحاً ما يزعمه المدعي من أن المطعون في ترقيتهم الذين ذكر أسماءهم في تقرير الطعن كانوا وقت صدور القرار المطعون فيه أحدث منه في أقدميته الدرجة السادسة ذلك أن الثابت من الأوراق أنه ولئن كان تاريخ تعيينهم لاحقاً في تاريخ تعيين المدعي إلا أن حالتهم كانت قد سويت بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945. فأصبحت أقدميتهم في الدرجة السادسة وقت صدور القرار المطعون فيه - كما أثبتها الحكم المطعون فيه - سابقة على تاريخ 13 من ديسمبر سنة 1947. وبالتالي سابقة لأقدمية المدعي في الدرجة المذكورة.
ومن حيث إنه لما تقدم يبين أن الحكم المطعون فيه صحيح فيما انتهى إليه من نتيجة، وأن الطعن لا يقوم على أساس سليم من القانون ومن ثم يتعين القضاء برفضه وبإلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الطعن وبقبوله شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.


(1) راجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في القضية رقم 1070 لسنة 8 ق بجلسة 25/ 4/ 1965 والمنشور بالمجموعة السنة العاشرة المبدأ 113 ص 1160.

الطعن 1127 لسنة 7 ق جلسة 1 / 1 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 50 ص 515

جلسة أول يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

-----------------

(50)

القضية رقم 1127 لسنة 7 القضائية

موظف "معاش. التثبيت بالمعاش". رجال التعليم الأولى. (1)
تتحقق شروط التثبيت بالمعاش طبقاً لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943 و5 من مارس سنة 1945 وكتاب وزارة المالية الدوري رقم 78/ 1/ 22 مؤقت المؤرخ 20 من فبراير سنة 1947 بكون المدعي من رجال التعليم الأولى القديم ومثبتاً في مجلس مديرية المنيا حتى تاريخ نقله إلى وزارة التربية والتعليم واشتراكه في صندوق الادخار - لا وجه للتحدي بنص المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاصة بالمعاشات - لا وجه كانت للتحدي بنص المادة الرابعة من القانون رقم 331 لسنة 1953 التي تنهي عن تثبيت أي موظف من الموظفين المدنيين الموجودين بخدمة الحكومة عند العمل بهذا القانون - أساس ذلك.

-----------------
إن المدعي كان من رجال التعليم الأولى القديم، وأنه كان مثبتاً في مجلس مديرية المنيا حتى تاريخ نقله إلى وزارة التربية والتعليم كما كان مشتركاً في صندوق الادخار ومن ثم فهو قد استوفى شرائط التثبيت طبقاً لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945 وكتاب وزارة المالية الدوري رقم 78/ 1/ 22 مؤقت، المؤرخ 10 من فبراير سنة 1947، وعليه يكون التثبيت - والحالة هذه - كما سبق أن قضت هذه المحكمة من حقه ما دام قد استوفى شرائطه في هذا الخصوص. ولا وجه لتحدي الوزارة بنص المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية. ذلك أن نص هذه المادة إنما يتناول حكم الموظف الذي كان قد ترك الخدمة وقبض مكافأته ثم عاد إلى الخدمة ثانية وطلب حساب مدة خدمته السابقة في تسوية ما يستحقه من معاش أو مكافأة عن مدة خدمته الجديدة. إذ يتعين عليه - بالتطبيق لحكم المادة المذكورة - لحساب مدة خدمته السابقة رد المكافأة بأكملها التي كان قد قبضها في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ عودته أو على أقساط شهرية بشرط أن يقدم طلباً كتابياً بذلك في خلال شهر من التاريخ المذكور فإذا فصل من الخدمة أو توفى قبل رد مبلغ المكافأة بتمامه، فإنه لحساب مدة الخدمة السابقة في تسوية المعاش أو المكافأة يتعين عليه أو على المستحقين عنه رد المكافأة في ميعاد ستة أشهر من تاريخ تقاعده أو وفاته. وغني عن البيان أن التزام الميعاد المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر لرد المكافأة لا ينبغي أن يكون إلا في الحالة التي أوردتها، وهي حالة حساب مدة خدمة سابقة في المعاش أو المكافأة لموظف مفروض أنه أعيد إلى الخدمة، وأنه في مدة خدمته الجديدة في حالة حساب مدة خدمته السابقة، في تسوية ما يستحقه من معاش مثبت بالفعل بالمعاش، وأن الميعاد المذكور لا يكون ملزماً في غير هذه الحالة. بيد أن الفارق واضح بين الحالة المذكورة وبين حالة الموظف الذي تنازعه الحكومة في أصل حقه في المعاش ذلك أن الموظف في حالة المنازعة في أصل حقه في المعاش لم يثبت بعد بالمعاش. فلا يسوغ بداهة أن تحمل منازعته على محمل طلب حساب مدة خدمة سابقة في المعاش. ومن ثم لا يجري حكم المادة سالفة الذكر على حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش لأنها من جهة ليست الحالة التي تحكمها ولأن إنزال حكمها عليها من جهة أخرى غير ممكن. وإذ الميعاد المقرر لرد المكافأة بالتطبيق لحكم المادة المشار إليها يبدأ إما من تاريخ العودة إلى الخدمة، وليس ثمة عودة في حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش وإما من تاريخ التقاعد أو الوفاة وليس ثمة مكافأة يمكن أن تكون قد قبضت قبل التقاعد أو الوفاة في حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش حتى يمكن أن ترد خلال الميعاد المذكور إذ أنها إنما تصرف بعد التقاعد أو الوفاة وقد تقبض المكافأة - في هذه الحالة بعد انقضاء الميعاد المشار إليه فالفرض في إعمال حكم المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929، والقواعد المنصوص عليها فيها، وهي التي وردت في الباب السابع من هذا المرسوم بقانون الذي عنوانه "أصحاب المعاشات والموظفون والمستخدمون السابقون الذين يعودون إلى الخدمة." هو أن يكون الموظف أو المستخدم قد ترك الخدمة ثم أعيد إليها، وليست هذه حالة المدعي.
ولا وجه للتحدي بنص المادة 4 من القانون رقم 331 لسنة 1953، التي تنهي الإدارة عن تثبيت أي موظف من الموظفين المدنيين الموجودين بخدمة الحكومة عند العمل بأحكام القانون المذكور في أول يوليه سنة 1953، ولو كان معاملاً بقوانين أو قواعد تنظيمية سابقة تجيز تثبيته ذلك أن المفهوم الواضح لنص هذه المادة هو تعلق حكمها بحالات التثبيت التي تترخص فيها جهة الإدارة وتعمل فيها سلطتها التقديرية. وهذا على حين أن التثبيت الذي شرعته أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945 لا تترخص فيه الجهة الإدارية متى استوفى الموظف شرائطه وقد استوفاها المدعي كما سلف البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن قدم في 24 من فبراير سنة 1960 أي في خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه الذي صدر في 26 من ديسمبر سنة 1959 طلباً إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة قيد في جدولها تحت رقم 62 لسنة 6 القضائية لإعفائه من رسوم هذا الطعن، فصدر قرار اللجنة المذكورة في 25 من فبراير سنة 1961، بقبول طلبه، وأنه أودع تقرير الطعن في 25 من إبريل سنة 1961، أي قبل إنقضاء ستين يوماً منذ تاريخ صدور قرار اللجنة المشار إليها. ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر المساعدة القضائية القاطع لميعاد رفع الطعن.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 417 لسنة 6 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 15 من يناير سنة 1959، طلب فيها الحكم "بأحقيته في التثبيت بالمعاش تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وبسط أسانيد دعواه ذاكراً أنه حصل على شهادة الكفاءة للتعليم الأولى في سنة 1914، وعين بخدمة مجالس المديريات اعتباراً من أول إبريل سنة 1915، في وظيفة مدرس بالمدارس الأولية، ثم أخذ يتقلب في وظائف التعليم الأولى القديم بمجالس المديريات من مدرس إلى ناظر حتى صدر القانون رقم 108 لسنة 1950، بضم مدارس التعليم الأولى التي كانت تديرها مجالس المديريات إلى وزارة التربية والتعليم فنقل إلى خدمة الوزارة المذكورة. وقد انتهت خدمته في 19 من يوليه سنة 1956، بيد أن الوزارة المشار إليها لم تربط له معاشاً وإنما صرفت له ما يستحق في صناديق التأمين والادخار، هذا على حين أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945. قد تضمنا قاعدة عامة تجرى على نحو حتمي كلما توافرت شرائطها. ومن مقتضاها أن يعتبر مثبتاً دون كشف طبي من نقل من موظفي مدارس مجالس المديريات إلى الحكومة قبل أو بعد أكتوبر سنة 1936، متى كان مشتركاً في صندوق الادخار الذي أنشئ في سنة 1929 والذي كان الاشتراك فيه مقصوراً على الموظفين الدائمين. وفي جلسة 12 من ديسمبر سنة 1959 دفع الحاضر عن الوزارة بعدم قبول الدعوى شكلاً تأسيساً على نصوص المواد 6، 39، 40 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929، وفي جلسة 26 من ديسمبر سنة 1959، قضت المحكمة الإدارية "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أن منشور وزارة المالية رقم 2 لسنة 1939 يشترط للتثبيت وجوب قضاء الموظف في وظيفته على ربط وظيفة دائمة ست سنوات قبل 29 من يناير سنة 1935، وأن المدعي لم يقض في التعليم الأولى مدة ست سنوات قبل التاريخ المذكور وأنه ومن ثم لا تنطبق عليه أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945، كما أنه لا يفيد من قرارات مجلس الوزراء التي صدرت في شأن تثبيت موظفي الدولة عادة لأن التثبيت طبقاً لهذه القرارات جوازي لجهة الإدارة - هذا فضلاً عن أن المطالبة به أصبحت طبقاً للمادة 4 من القانون رقم 331 لسنة 1953، غير ذات موضوع.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي عين بالتعليم الأولى القديم منذ سنة 1915، وأنه أمضى فترة الاختبار على ما يرام، فهو مثبت في مجلس المديرية حتى تاريخ نقله إلى وزارة التربية والتعليم وأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945، قد قضى بتسوية حالة موظفي مجالس المديريات الذين ضموا إلى الحكومة قبل أكتوبر سنة 1936، أو بعده سواء أكان التعيين بصفة فردية أو بضم مدارسهم إلى الحكومة، وذلك من حيث التثبيت وحساب مدد الخدمة السابقة في المجالس كاملة في المعاش والاحتفاظ بالحالة التي كانوا عليها.
ومن حيث إن وزارة التربية والتعليم عقبت على الطعن بطلب الحكم برفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأسست هذا الطلب على أنه كان واجباً على الطاعن لكي يطلب التثبيت بالمعاش إن كان له ثمة حق فيه أن يراعي الميعاد المنصوص عليه في المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929، لرد المكافأة - وأنه لا يعفيه من ذلك تأخير الوزارة في البت في الموضوع. وهو قد قبض المكافأة في 11 من سبتمبر سنة 1958، ولكنه لم يقم بردها في هذا الميعاد. فيكون حقه في طلب التثبيت بالمعاش قد سقط. هذا فضلاً عن أن المادة 4 من القانون رقم 331 لسنة 1953، تنص على أنه لا يجوز تثبيت أي موظف من الموظفين الحاليين غير المثبتين وفضلاً على أن الطاعن من رجال التعليم الزراعي الذين لا يفيدون من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أنه حاصل على شهادة الكفاءة للتعليم الأولى في سنة 1914، وأنه عين معلماً بمدرسة العدوة الأولية التابعة لمجلس مديرية المنيا اعتباراً من أول إبريل سنة 1915، ثم رقي رئيساً لهذه المدرسة اعتباراً من أول إبريل سنة 1917. وقد صدر قرار مجلس مديرية المنيا بتثبيته رئيساً للمدرسة المذكورة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1917، وظل يشغل وظيفة رئيس بالمدارس الأولية التابعة لمجلس مديرية المنيا إلى أن نقل مدرساً بمدرسة مغاغة الابتدائية التابعة للمجلس المذكور - اعتباراً من 16 من سبتمبر سنة 1925، ثم قرر المجلس تثبيته في وظيفة مدرس بمدرسة الفشن الابتدائية اعتباراً من أول مايو سنة 1927، ونقل بعد ذلك رئيساً لمدرسة البرقي الأولية اعتباراً من 17 من مايو سنة 1930، وظل يشغل وظيفة رئيس بالمدارس الأولية التابعة لمجلس المديرية حتى نقل إلى وزارة التربية والتعليم اعتباراً من أول مارس سنة 1951، تنفيذاً للقانون رقم 108 لسنة 1950 وكان قد اشترك في صندوق الادخار اعتباراً من أول مايو سنة 1929.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المدعي كان من رجال التعليم الأولى القديم، وأنه كان مثبتاً في مجلس مديرية المنيا حتى تاريخ نقله إلى وزارة التربية والتعليم كما كان مشتركاً في صندوق الادخار. ومن ثم فهو قد استوفى شرائط التثبيت طبقاً لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945. وكتاب المالية الدوري رقم 78/ 1/ 22 مؤقت، المؤرخ 10 من فبراير سنة 1947. وعليه يكون التثبيت - والحالة هذه - كما سبق أن قضت هذه المحكمة من حقه ما دام قد استوفى شرائطه في هذه الخصوص. ولا وجه لتحدي الوزارة بنص المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية. ذلك أن نص هذه المادة إنما يتناول حكم الموظف الذي كان قد ترك الخدمة وقبض مكافأة ثم عاد إلى الخدمة ثانية وطلب حساب مدة خدمته السابقة في تسوية ما يستحقه من معاش أو مكافأة عن مدة خدمته الجديدة. إذ يتعين عليه - بالتطبيق لحكم المادة المذكورة - لحساب مدة خدمته السابقة رد المكافأة بأكملها التي كان قد قبضها في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ عودته أو على أقساط شهرية بشرط أن يقدم طلباً كتابياً بذلك في خلال شهر من التاريخ المذكور فإذا فصل من الخدمة أو توفى قبل رد مبلغ المكافأة بتمامه، فإنه لحساب مدة الخدمة السابقة في تسوية المعاش أو المكافأة يتعين عليه أو على المستحقين عنه رد المكافأة في ميعاد ستة أشهر من تاريخ تقاعده أو وفاته. وغني عن البيان أن التزام الميعاد المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر لرد المكافأة لا ينبغي أن يكون في الحالة التي أوردتها، وهي حالة حساب مدة خدمة سابقة في المعاش أو المكافأة لموظف مفروض أنه أعيد إلى الخدمة، وأنه في مدة خدمته الجديدة - في حالة حساب مدة خدمته السابقة، في تسوية ما يستحقه من معاش - مثبت بالفعل بالمعاش، وأن الميعاد المذكور لا يكون ملزماً في غير هذه الحالة. بيد أن الفارق أصبح بين الحالة المذكورة وبين حالة الموظف الذي تنازعه الحكومة في أصل حقه في المعاش. ذلك أن الموظف في حالة المنازعة في أصل حقه في المعاش لم يثبت بعد بالمعاش. فلا يسوغ بداهة أن تجعل منازعته على محمل طلب حساب مدة خدمة سابقة في المعاش. ومن ثم لا يجرى حكم المادة سالفة الذكر على حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش لأنها من جهة ليست الحالة التي تحكمها ولأن إنزال حكمها عليها من جهة أخرى غير ممكن. وإذ الميعاد المقرر لرد المكافأة بالتطبيق لحكم المادة المشار إليها يبدأ إما من تاريخ العودة إلى الخدمة، وليس ثمة عودة إلى الخدمة في حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش وإما من تاريخ التقاعد أو الوفاة وليس ثمة مكافأة يمكن أن تكون قد قبضت قبل التقاعد أو الوفاة في حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش حتى يمكن أن ترد خلال الميعاد المذكور إذ إنها إنما تصرف بعد التقاعد أو الوفاة بل وقد تقبض المكافأة - في هذه الحالة بعد انقضاء الميعاد المشار إليه فالفرض في إعمال حكم المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929. والمواعيد المنصوص عليها فيها، وهي التي وردت في الباب السابع من هذا المرسوم بقانون الذي عنوانه "أصحاب المعاشات والموظفون والمستخدمون السابقون الذين يعودون إلى الخدمة" هو أن يكون الموظف والمستخدم قد ترك الخدمة ثم أعيد إليها، وليست هذه حالة المدعي. وإنما الميعاد الذي يجرى حكمه في حالة المنازعة في أصل الحق في المعاش المستحق له هو الميعاد الذي نصت عليه المادة 6 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 المذكور بعد تعديلها بالقانون رقم 545 لسنة 1953 وقد راعى المدعي هذا الميعاد إذ قبض مكافأته في 11 من سبتمبر سنة 1958. وأقام الدعوى في 15 من يناير سنة 1959. بما يجعلها مقبولة خلافاً لما ذهبت إليه الحكومة. كما أنه لا وجه للتحدي بنص المادة 4 من القانون رقم 331 لسنة 1953. التي تنهي الإدارة عن تثبيت أي موظف من الموظفين المدنيين الموجودين بخدمة الحكومة عند العمل بأحكام القانون المذكور في أول يوليه 1953. ولو كان معاملاً بقوانين أو قواعد تنظيمية سابقة تجيز تثبيته ذلك أن المفهوم الواضح لنص هذه المادة هو تعلق حكمها بحالات التثبيت التي تترخص فيها جهة الإدارة وتعمل فيها سلطتها التقديرية. هذا على حين أن التثبيت الذي شرعته أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945 لا ترخص فيه الجهة الإدارية متى استوفى الموظف شرائطه وقد استوفاها المدعي كما سلف البيان.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون الدعوى على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه، إذ أخذ بغير هذا النظر، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه القضاء بإلغائه وبقبول الدعوى وباستحقاق المدعي للتثبيت بالمعاش بالتطبيق لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وباستحقاق المدعي للتثبيت بالمعاش بالتطبيق لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليه سنة 1943، 5 من مارس سنة 1945. وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.


[(1)] راجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في القضية رقم 1684 لسنة 6 القضائية بجلسة 10/ 6/ 1962 والمنشور بمجموعة السنة السابعة المبدأ 99 ص 1065.

الطعن 649 لسنة 9 ق جلسة 31 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 49 ص 505

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

-----------------

(49)

القضية رقم 649 لسنة 9 القضائية

(أ) جنسية. 

نص المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 على أن المرأة الأجنبية التي تتزوج من مصري تعتبر مصرية - الحكم ببطلان الزواج - من شأنه أن يعتبر عقد الزواج كأن لم يكن من تاريخ انعقاده فلا تعتبر الزوجة داخلة في الجنسية المصرية.
(ب) اختصاص قضائي "أحوال شخصية لغير المسلمين" جنسية. 

الحكم الصادر ببطلان عقد الزواج من الهيئة الروحية الكنسية الاستئنافية للأقباط الكاثوليك في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون رقم 462 رقم 1955 - صادر من جهة ليست لها ولاية القضاء ولا حجية له - أثر ذلك - أن يعتبر الاستئناف المرفوع عن الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة الروحية الكنسية الابتدائية لا زال مطروحاً على القضاء - لصاحب المصلحة أن يطلب إلى المجلس الملي إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة للفصل فيها - إلى أن يصدر الحكم يظل عقد الزواج صحيحاً ومكسباً الجنسية للزوجة الأجنبية.
(جـ) سفر للخارج. أحوال شخصية لغير المسلمين. 

نص المادة 21 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 على عدم جواز منح الزوجة جواز سفر إلا بموافقة كتابية من الزوج - سريان هذا الشرط على كل زوجة مصرية ما لم تكن خاضعة لنظام الزواج الكاثوليكي وحكم بالتفريق الجثماني بينها وبين الزوج.

-----------------
1 - إن المطعون عليها كانت إيطالية الجنسية تزوجت بمصري بتاريخ 29 من مارس سنة 1948 - ظل المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية الذي تنص المادة 14 منه على ما يأتي "المرأة الأجنبية التي تتزوج من مصري تعتبر مصرية ولا تفقد الجنسية المصرية عند انتهاء الزوجية إلا إذا جعلت إقامتها العادية في الخارج واستردت جنسيتها الأصلية عملاً بالقانون الخاص بهذه الجنسية..." ومن ثم فهي تعتبر مصرية ولا تفقد هذه الجنسية ما لم يقم سبب من الأسباب التي أشارت إليها المادة سالفة الذكر أو يقضي ببطلان الزواج من الجهة القضائية المختصة إذ من شأن الحكم ببطلان عقد الزواج أن يعتبر العقد كأن لم يكن من تاريخ انعقاده فلا تعتبر الزوجة داخلة في الجنسية المصرية لأن هذا الأثر لا يترتب إلا على الزواج الصحيح دون الزواج الباطل.
2 - لما كان الحكم الاستئنافي الصادر من الهيئة الروحية الكنسية الاستئنافية للأقباط الكاثوليك سنة 1956 أي في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية وإحالة الدعاوى التي تكون منظورة أمامها إلى المحاكم الوطنية فمن ثم فإن الحكم الاستئنافي يكون قد صدر من جهة لا ولاية لها في القضاء، ولا حجية له، ويعتبر الاستئناف المرفوع عن الحكم الابتدائي الصادر من المحكمة الروحية الكنسية الابتدائية لا زال مطروحاً على القضاء، ويجب إحالة الدعوى إلى المحكمة الوطنية المختصة للفصل فيه عملاً بالمادتين الأولى والثانية من القانون المشار إليه وهما تنصان على ما يأتي، مادة 1 - تلغى المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ابتداء من أول يناير سنة 1956 وتحال الدعاوى المنظورة أمامها لغاية 31 من ديسمبر سنة 1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرار النظر فيها وفقاً لأحكام قانون المرافعات وبدون رسوم جديدة مع مراعاة القواعد.
مادة 2 - تحال الدعاوى التي تكون منظورة أمام المحكمة العليا الشرعية أو أمام الدائرة الاستئنافية بالمجالس الملية إلى محكمة الاستئناف الوطنية التي تقع في دائرتها المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم المستأنف. وغني عن البيان أنه يجوز لصاحب المصلحة طرح ذلك الاستئناف على الجهة القضائية المختصة أو أن يطلب إلى المجلس الملي إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة للفصل فيها، وإلى أن يصدر الحكم في ذلك الاستئناف من الجهة القضائية المختصة يظل عقد الزواج صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية ومن ضمنها اعتبار المطعون عليها مصرية الجنسية.
وإن كانت المادة 21 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 فيما قضت به من عدم جواز منح الزوجة جواز سفر إلا بموافقة كتابية من الزوج تسري كأصل عام في حق كل زوجة مصرية وأساس ذلك أن الزوجة المصرية تلتزم قانوناً بالدخول في طاعة زوجها وتتبعه من حيث الإقامة ولا تتحلل من هذه الالتزامات إلا بالطلاق، إلا أنه لا يجوز إعمال هذا الحكم في حق الزوجة الكاثوليكية الديانة التي بحكم بالتفريق الجثماني بينها وبين زوجها، وذلك لأن النظام القانوني الذي تخضع له الروابط الزوجية لطوائف الكاثوليك يحرم الطلاق وإن كان يجيز لكل من الزوجين أن يحصل من الجهة القضائية المختصة على حكم بالتفريق الجثماني بين الزوجين، ويترتب على صدور هذا الحكم توقف الحياة المشتركة للزوجين من حيث المساكنة والمعايشة كما توقف جميع الالتزامات المترتبة على ذلك فيسقط واجب الرعاية والمعونة الأدبية بينهما ويفقد الزوج ولايته على زوجته وتستطيع الزوجة أن تحدد مسكنها وموطنها حيثما تريد استقلالاً عن منزل الزوجية ولا تلتزم بالدخول في طاعة زوجها.
3 - وإن كانت المادة 21 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 فيما قضت به من عدم جواز منح الزوجة جواز سفر إلا بموافقة كتابية من الزوج تسري كأصل عام في حق كل زوجة مصرية وأساس ذلك أن الزوجة المصرية تلتزم قانوناً بالدخول في طاعة زوجها وتتبعه من حيث الإقامة ولا تتحلل من هذه الالتزامات إلا بالطلاق، إلا أنه لا يجوز إعمال هذا الحكم في حق الزوجة الكاثوليكية الديانة التي يحكم بالتفريق الجسماني بينها وبين زوجها، ذلك لأن النظام القانوني الذي تخضع له الروابط الزوجية لطوائف الكاثوليك يحرم الطلاق وإن كان يجيز لكل من الزوجين أن يحصل من الجهة القضائية المختصة على حكم بالتفريق الجسماني بين الزوجين، ويترتب على صدور هذا الحكم توقف الحياة المشتركة للزوجين من حيث المساكنة والمعايشة كما توقف جميع الالتزامات المترتبة على ذلك فيسقط واجب الرعاية والمعونة الأدبية بينهما ويفقد الزوج ولايته على زوجته وتستطيع الزوجة أن تحدد مسكنها وموطنها حيثما تريد استقلالاً عن منزل الزوجية ولا تلتزم بالدخول في طاعة زوجها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 15 لسنة 16 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري "هيئة منازعات الأفراد والهيئات" بصحيفة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 5 من أكتوبر سنة 1961، طالبة الحكم بإلغاء قرار وزير الداخلية بالامتناع عن تسليمها جواز السفر الذي كانت تحمله مجدداً، وقالت شرحاً لدعواها إن مصلحة الجوازات والجنسية سحبت منها جواز السفر الخاص بها استناداً إلى أنها فقدت جنسيتها المصرية التي اكتسبتها بزواجها من السيد/ يوسف ميخائيل حنا، نتيجة لصدور حكم من المحكمة الروحية الكنسية للأقباط الكاثوليك ببطلان الزواج، وإذ كان حكم البطلان قد صدر من جهة لا ولاية لها بالفصل في القضايا بعد أن نقل القانون رقم 462 لسنة 1955 الاختصاص بقضايا الأحوال الشخصية لغير المسلمين إلى المحاكم الوطنية، وبالتالي فلا حجية له فقد تظلمت من القرار المطعون فيه إلا أن مصلحة الجوازات لم تجبها إلى طلبها فأقامت الدعوى لإلغاء ذلك القرار.
وقد دفعت إدارة قضايا الحكومة الدعوى بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد القانوني ذلك لأن المدعية علمت بالقرار منذ سحب جواز سفرها في 21 من ديسمبر سنة 1961 ولم تتظلم منه إلا بتاريخ 6 من إبريل سنة 1961 أي بعد الميعاد القانوني كما أنها لم ترفع الدعوى إلا في 5 من أكتوبر سنة 1961 أي بعد أكثر من أربعة أشهر منذ تاريخ التظلم، أما بالنسبة إلى الموضوع فقالت إدارة قضايا الحكومة أن المدعية دخلت الجنسية المصرية لزواجها من السيد/ يوسف ميخائيل حنا، وقد رفع المذكور دعوى أمام المحكمة الابتدائية للأقباط الكاثوليك بطلب الحكم ببطلان الزواج قضي فيه بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1955 بالبطلان ثم، استؤنف الحكم أمام المحكمة الروحية الكنسية للأقباط الكاثوليك فقضت هذه المحكمة بتاريخ 4 من يوليه سنة 1956 بتأييد الحكم المستأنف، وإذ كان من شأن حكم البطلان أن يعدم الزواج من تاريخ انعقاده فإنه يترتب على ذلك أن المدعية لم تدخل الجنسية المصرية في أي وقت من الأوقات، ولذلك فإنه عندما تقدمت المدعية إلى إدارة الجوازات طالبة تجديد جواز سفرها رفضت الإدارة ذلك وسحبت من المدعية جواز سفرها القديم، وأضافت إدارة قضايا الحكومة قائلة إنه إذا فرض وأن جنسية المدعية لم تتأثر بالحكم الصادر ببطلان الزواج فإنه لا يجوز تجديد جواز سفرها ما لم تحصل على موافقة زوجها طبقاً لنص المادة 21 من القرار الوزاري رقم 63 لسنة 1959 بتنفيذ بعض أحكام القانون 97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر وإذ لم تحصل المدعية على موافقة زوجها فإن دعواها تكون على غير أساس حقيقة بالرفض. وبجلسة 12 من فبراير سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها في الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية برفض تسليم المدعية جواز سفرها المصري رقم 1968 سجل سنة 1949 وتجديده وألزمت الحكومة بالمصروفات وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها بالنسبة إلى الدفع على أنه وإن كانت الإدارة قد انتهت إلى رفض طلب المدعية بعد دراسة استطالت حتى 17 من يناير سنة 1961 إلا أنه لا يوجد بالأوراق ما يفيد علم المدعية بهذا القرار ولا بالأسباب التي قام عليها علماً يقينياً، كما أن المدعية تقدمت بتظلم في 6 من إبريل سنة 1961 بينت فيه فساد الأساس الذي بنت عليه جهة الإدارة اعتبارها أجنبية وبعد أن استطلعت جهة الإدارة رأي إدارة الفتوى المختصة رأت معاملة المدعية على أساس أنها مصرية الجنسية، وعلى هذا الأساس يتعين عليها أن تحصل على موافقة زوجها، لإمكان منحها جواز سفر أو الحصول على حكم يجيز لها ذلك دون موافقة زوجها، وقد تأشر على الأوراق باستدعاء المدعية وتأشر على الورقة 81 من الملف بأنها حضرت وأحيطت علماً بذلك ومن ثم فإن الإدارة تكون قد عدلت عن قرارها الأول بسحب جواز السفر من المدعية لسقوط جنسيتها. بسبب بطلان زواجها، وإذا كانت الإدارة قد امتنعت عن تسليم المدعية جواز سفرها إلا أنها استندت في ذلك إلى أساس جديد هو اشتراط موافقة زوجها وإذ لم يثبت إعلان هذا القرار الأخير إلى المدعية في تاريخ معين تحسب فيه مواعيد رفع الدعوى فإن الدفع يكون على غير أساس. أما بالنسبة إلى موضوع الدعوى فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن المدعية اكتسبت الجنسية المصرية بزواجها من مصري في مارس سنة 1948 وإنها لا زالت محتفظة بهذه الجنسية، وعاملتها جهة الإدارة على هذا الأساس، ولما كانت المادة 13 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 تنص على أنه يكون منح زوجة من يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة جواز سفر أو إضافة اسمها إلى جواز سفر زوجها إذا كانت متمتعة أصلاً بالجنسية قبل الزواج أو اكتسبت جنسية زوجها، فمن ثم يكون من حق المدعية الحصول على جواز سفر خاص بها، وإذ كانت قد حصلت على جواز السفر فعلاً منذ سنة 1949 فيكون من حقها حمله ويتعين على جهة الإدارة تجديده كلما طلبت ذلك ويكون امتناع جهة الإدارة عن ذلك مخالفاً للقانون، أما المادة 21 من القرار التي تشترط لمنح الزوجة جواز السفر موافقة زوجها فلاً تنطبق على واقعة الدعوى لأن المدعية حصلت على جواز السفر قبل إصدار ذلك القرار ولا محل للخلط بين حق المدعية في حمل جواز سفرها المصري وبين التصريح لها بالسفر لاختلاف مجال كلا الأمرين عن الآخر، والمدعية لا تطلب لها التصريح بالسفر ومن ثم فلا محل لإثارة ذلك في خصوصية المنازعة.
ومن حيث إن مبنى الطعن بالنسبة إلى ميعاد رفع الدعوى أن الحكم المطعون فيه قام على أنه لا يوجد بالأوراق ما يفيد علم المطعون عليها بقرار الرفض وإلى أن جهة الإدارة عدلت عن قرارها الأول بسحب جواز السفر من المدعية بسقوط جنسيتها واستندت في الامتناع عن منحها جواز السفر إلى أساس جديد هو اشتراط موافقة الزوج، مع أن الثابت من الأوراق أن جواز سفر المطعون عليها، سحب منها بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1960 وقد اعترفت بذلك في صحيفة دعواها وأشر الموظف المختص بتاريخ 23 من يناير سنة 1961 بأنه أفهم المدعية أسباب القرار، كما أن هذا القرار ظل قائماً ولم تعدل عنه جهة الإدارة وإنما نشأ سبب جديد يؤيده، وقد استقر الفقه والقضاء على أنه إذا أمكن حمل القرار الإداري على وقائع جديدة غير تلك التي على أساسها صدر لكفى ذلك لصحته، وإذ صدر القرار المطعون فيه في 21 من ديسمبر سنة 1960 وأعلن إلى المطعون عليها في 23 من يناير سنة 1961 ولم تتظلم منه إلا في 6 من إبريل سنة 1961 وبعد أن فحصت جهة الإدارة التظلم وانتهت إلي رفض الطلب لأسباب جديدة أعلنت إلى المطعون عليها قبل يوم 19 من يوليه سنة 1961 على ما يتضح من مقارنة التواريخ المثبتة على الصفحة رقم 81 من الملف رقم 23/ 33/ 5083 المرافق لملف الطعن، ثم لم تقم الدعوى إلا في 5 من أكتوبر سنة 1961 فتكون الدعوى مرفوعة بعد الميعاد القانوني، أما بالنسبة إلى الموضوع فإنه بفرض أن الحكم الاستئنافي باطل لصدوره بعد إلغاء اختصاص المجالس المحلية إلا أن الحكم الابتدائي قرر بطلان الزواج وتظل لهذا الحكم حجيته الكاملة حتى تقضي الجهة القضائية المختصة بإلغائه، وبالإضافة إلى ذلك فإذا اعتبرت المطعون عليها مصرية الجنسية دون اعتداد بحكم بطلان الزواج. فإنه يجب عليها أن تتقدم بموافقة كتابية من زوجها طبقاً للمادة 21 من القرار الوزاري رقم 63 لسنة 1959 وإذ لم تتقدم بما يثبت ذلك فإن امتناع جهة الإدارة عن منحها الجواز يكون مستنداً إلى أسباب صحيحة ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول من الطعن المتعلق بميعاد رفع الدعوى فإنه يبين من الاطلاع على الأوراق المرفقة بملف الطعن أنه بعد أن رفضت جهة الإدارة تسليم المطعون عليها جواز السفر استناداً إلى القول بأنها لا تعتبر مصرية أخذاً بالأحكام المقدمة من زوج المطعون عليها والتي قضت ببطلان الزواج، أعلنت المطعون عليها بهذا القرار بتاريخ 23 من يناير سنة 1961 فتظلمت منه بتظلم رفعته إلى جهة الإدارة في 6 من إبريل سنة 1961 أي بعد فوات الميعاد القانوني، وبعد أن فحصت جهة الإدارة موضوع التظلم ورجعت في شأنه إلى رأي إدارة الفتوى المختصة واستبان لها مخالفة قرارها للقانون عدلت عنه ورأت معاملة المطعون عليها على أساس أنها مصرية الجنسية وتحررت بذلك مذكرة انتهى فيها مقدمها إلى هذا الرأي وإلى أنه يري تكليف المطعون عليها بتقديم ما يدل على موافقة زوجها على منحها جواز السفر أو الحصول على حكم يجيز لها السفر دون إذن زوجها بالتطبيق لنص المادة 21 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959، وقد ووفق على هذه المذكرة بتاريخ 4 من يوليه سنة 1961، بناء على ذلك تقرر استدعاء المطعون عليها لإعلانها بهذا القرار واستدعيت فعلاً بكتاب الإدارة المؤرخ 8 من يوليه سنة 1961 "رقم 80 ملف رقم 23/ 33/ 5083" وأشر الموظف المختص بأنه أفهمها بنتيجة فحص موضوعها ووقعت المطعون عليها على هذه الملاحظة، وإذا كانت هذه التأشيرة لا تحمل تاريخاً إلا أنه يبين من مراجعة التأشيرات الأخرى المثبتة على الصفحة رقم 81 ملف أن هذه التأشيرة قد أثبتت في تاريخ سابق على يوم 19 من يوليه سنة 1961 وهو تاريخ تأشيرة أخرى أشارت إلى بعض البيانات الواردة في الملاحظة التي وقعتها المطعون عليها.
ومن حيث إنه يتضح من ذلك أن ثمة قرارين صدرا في شأن الطلب المقدم من المطعون عليها أولهما أبلغ إليها بتاريخ 23 من يناير سنة 1961 وكان أساسه عدم جواز صرف جواز سفر إلى المطعون عليها لأنها لا تعتبر داخلة في جنسية الجمهورية العربية المتحدة بعد أن قضي ببطلان عقد زواجها والثاني صدر بتاريخ 5 يوليه سنة 1961 وكان مبناه أن المطعون عليها وإن كانت مصرية إلا أنه لا يجوز منحها جواز السفر الذي تقدمت بطلبه إلا بعد موافقة زوجها بالتطبيق لنص المادة 21 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 ولا تعتبر القرار الثاني تأكيداً للقرار الأول مما يستتبع القول بأن القرار الأول ظل قائماً ولم يلغ وإنما جدت أسباب جديدة تكفي للتمسك به، ذلك أن القرار الثاني منيت الصلة بالقرار الأول سواء من حيث الأساس القانوني أو الأسباب التي قام عليها كل منهما. ولما كان الطعن قد انصت على هذا القرار الأخير فلا تحسب مواعيد رفع الدعوى إلا بعد إعلان المطعون عليها بهذا القرار أو ثبوت علمها به علماً يقينياً نافياً للجهالة.
ومن حيث إنه وإن كان الموظف المختص قد أشر في أعلى الورقة 81 من الملف بأنه أفهم المطعون عليها بنتيجة فحص موضوعها وكان ذلك قبل يوم 19 من يوليه سنة 1961 على النحو السالف بيانه إلا أن المطعون عليها أنكرت في جلسة المرافعة أمام هذه المحكمة أن الموظف المذكور قد أعلنها بالقرار المطعون فيه في ذلك التاريخ وإنما أخطرها بأن موضوعها لا يزال قيد البحث وأنه سألها عن عنوان زوجها حتى يمكن إتمام بحث الموضوع واتخاذ قرار فيه. وإذ كان الثابت من الاطلاع على التأشيرة المشار إليها أن الموظف المذكور أثبت على الورقة 81 من الملف أنه أفهم صاحبة الشأن بنتيجة فحص موضوعها وأنه سألها عن عنوان زوجها فأفادته عنه ثم وقعت صاحبة الشأن على هذا البيان بغير اللغة العربية، ولما كان طلب عنوان الزوج يفيد بذاته بأن الموضوع لا زال قيد البحث ولم ينحسم بقرار نهائي مع أن مؤدى القرار المطعون فيه هو رفض منح جواز السفر ما لم تحصل المطعون عليها على موافقة زوجها أو على حكم يجيز لها السفر بدون موافقته فمن ثم فلا يعد توقيع المطعون عليها على ذلك البيان في الظروف المشار إليها دليلاً على علمها بالقرار الذي انتهت إليه جهة الإدارة في 5 من يوليه سنة 1961 وبمحتوياته علماً يقينياً نافياً للجهالة يمكن أن يحسب من تاريخه ميعاد رفع الدعوى، وعلى ذلك فإن الدفع بعدم قبول الدعوى يكون على غير أساس وإذ قضى الحكم المطعون فيه رفض الدفع فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثاني من الطعن المتعلق بالموضوع فإنه يبين من الاطلاع على الملف رقم 32/ 33/ 5083 أن المطعون عليها كانت إيطالية الجنسية تزوجت بمصري بتاريخ 29 من مارس سنة 1948 في ظل المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية الذي تنص المادة 14 منه على ما يأتي "المرأة الأجنبية التي تتزوج من مصري تعتبر مصرية ولا تفقد الجنسية المصرية عند انتهاء الزوجية إلا إذا جعلت إقامتها العادية في الخارج واستردت جنسيتها الأصلية عملاً بالقانون الخاص بهذه الجنسية.." ومن ثم فهي تعتبر مصرية ولا تفقد هذه الجنسية ما لم يقم سبب من الأسباب التي أشارت إليها المادة سالفة الذكر أو يقضي ببطلان الزواج من الجهة القضائية المختصة إذ من شأن الحكم ببطلان عقد الزواج أن يعتبر العقد كأن لم يكن من تاريخ انعقاده فلا تعتبر الزوجية داخلة في الجنسية المصرية لأن هذا الأثر لا يترتب إلا على الزواج الصحيح دون الزواج الباطل.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على صور الأحكام المرفقة بملف الطعن أن المحكمة الروحية الكنسية الابتدائية للأقساط الكاثوليك قضت بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1955 بناء على طلب الزوج ببطلان عقد زواج المطعون عليها واعتباره كأن لم يكن، وبتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1955 طعن محامي السر بالكنيسة في هذا الحكم بالاستئناف ثم صدر حكم من الهيئة الروحية الكنسية لاستئنافية للأقباط الكاثوليك بتاريخ 23 من يونيه سنة 1956 بتأييد الحكم المستأنف.
ومن حيث إنه لما كان الحكم الاستئنافي المشار إليه قد صدر بتاريخ 23 من يونيه سنة 1956 أي في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية وإحالة الدعاوى التي تكون منظورة أمامها المحاكم الوطنية فمن ثم فإن الحكم الاستئنافي يكون قد صدر من جهة لا ولاية لها في القضاء، ولا حجية له، ويعتبر الاستئناف المرفوع عن الحكم الابتدائي الصادر من المحكمة الروحية الكنسية الابتدائية لا زال مطروحاً على القضاء، ويجب إحالة الدعوى إلى المحكمة الوطنية المختصة للفصل فيه عملاً بالمادتين الأولى والثانية من القانون المشار إليه وهما تنصان على ما يأتي، مادة 1 - تلغى المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ابتداء من أول يناير سنة 1955 وتحال الدعاوى المنظورة أمامها لغاية 31 من ديسمبر سنة 1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرار النظر فيها وفقاً لأحكام قانون المرافعات وبدون رسوم جديدة مع مراعاة القواعد الآتية. مادة 2 - تحال الدعاوى التي تكون منظورة أمام المحكمة العليا الشرعية أو أمام الدائرة الاستئنافية بالمجالس الملية إلى محكمة الاستئناف الوطنية التي تقع في دائرتها المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم المستأنف. وغني عن البيان أنه يجوز لصاحب المصلحة طرح ذلك الاستئناف على الجهة القضائية المختصة أو أن يطلب إلى المجلس الملي إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة للفصل فيها، وإلى أن يصدر الحكم في ذلك الاستئناف من الجهة القضائية المختصة يظل عقد الزواج صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية ومن ضمنها اعتبار المطعون عليها مصرية الجنسية. وقد أعملت مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية هذا الرأي في شأن المطعون عليها فانتهت إلى معاملتها على أنها مصرية الجنسية إلى أن يصدر حكم من الجهة القضائية المختصة ببطلان عقد الزواج. ورفضت منحها جواز السفر الذي تطلبه ما لم تحصل على موافقة زوجها على هذا الطلب أو تستصدر حكماً يجيز لها السفر دون موافقته طبقاً للمادة 31 من قرار وزير الداخلية رقم 13 لسنة 1959 التي تنص على ما يأتي "لا يجوز منح الزوجة جواز سفر أو إضافتها إلى جواز سفر الزوج إلا بموافقة كتابية منه".
ومن حيث إنه وإن كانت المادة 21 سالفة الذكر تسري كأصل عام في حق كل زوجة مصرية وأساس ذلك أن الزوجة المصرية تلتزم قانوناً بالدخول في طاعة زوجها وتتبعه من حيث الإقامة ولا تتحلل من هذه الالتزامات إلا بالطلاق، إلا أنه لا يجوز إعمال هذا الحكم في حق الزوجة الكاثوليكية الديانة التي يحكم بالتفريق الجثماني بينها وبين زوجها، ذلك لأن النظام القانوني الذي تخضع له الروابط الزوجية لطوائف الكاثوليك يحرم الطلاق وإن كان يجيز لكل من الزوجين أن يحصل من الجهة القضائية المختصة على حكم بالتفريق الجثماني بين الزوجين، ويترتب على صدور هذا الحكم توقف الحياة المشتركة للزوجين من حيث المساكنة والمعايشة كما توقف جميع الالتزامات المترتبة على ذلك فيسقط واجب الرعاية والمعونة الأدبية بينهما ويفقد الزوج ولايته على زوجته وتستطيع الزوجة أن تحدد مسكنها وموطنها حيثما تريد استقلالاً عن منزل الزوجية ولا تلتزم بالدخول في طاعة زوجها.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على الملف رقم 23/ 33/ 5083 المشار إليه أنه صدر بتاريخ 14 من أغسطس سنة 1953 حكم بالتفريق الجثماني بين المطعون عليها وزوجها بناء على طلب الزوج، وقد أشير إلى هذا الحكم في دعوى البطلان التي أقامها زوج المطعون عليها كما يتضح من الأوراق الواردة من المجلس الملي "فمن ثم فإن امتناع جهة الإدارة عن إجابة المطعون عليها إلى طلبها وهو منحها جواز سفر إلا بموافقة كتابية من زوجها إعمالاً لظاهر نص المادة 21 من قرار وزير الداخلية المشار إليه وإغفالاً لحكمته ومناط تطبيقه يكون قراراً مخالفاً للقانون وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغائه فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه متعيناً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً ألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 1303 لسنة 8 ق جلسة 31 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 48 ص 494

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

------------------

(48)

القضية رقم 1303 لسنة 8 القضائية

(أ) عقد إداري. "محله". بطلان. نظام عام. 

يشترط في محل العقد أن يكون قابلاً للتعامل فيه - عدم قابلية الشيء محلاً للالتزام إذا كان التعامل فيه محظوراً قانوناً أو غير مشروع لمخالفته للنظام العام - مخالفة ذلك يترتب عليها بطلان العقد فلا ينعقد قانوناً ولا ينتج أثراً - لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
(ب) - عقد إداري "تعويض". مسئولية "خطأ مشترك".
إذا كان الضرر الذي لحق بالمتعاقد مع الإدارة أساسه خطأ مشترك وقع من الإدارة والمتعاقد - فللقاضي أن يقدر نصيب كل من المسئولين عن الخطأ في التعويض.

----------------
1 - يشترط في محل العقد - أياً كان العقد - أن يكون قابلاً للتعامل فيه ويكون الشيء غير قابل للتعامل فيه فلا يصلح محلاً للالتزام إذا كان التعامل فيه محظوراً قانوناً أو غير مشروع لمخالفته للنظام العام. وينبني على ذلك أن العقد يقع باطلاً فلاً ينعقد قانوناً ولا ينتج أثراً ويجور لكل ذي مصلحة أن يتمسك ببطلانه وللمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها ولا تصح إجازة العقد وإذا تقرر هذا البطلان فيعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد.
2 - إنه متى تقرر بطلان العقد بطلاناً مطلقاً على الوجه المتقدم فإن المؤسسة يصيبها كأثر حتمي لتقرير البطلان ضرر يتمثل في قيمة الأدوات التي قامت بتصنيعها والتي تبين أنها غير قابلة للتعامل وليس من سبيل إلى استردادها لمخالفتها لأحكام مرسوم الأوعية.
ومتى كان الضرر الذي أصاب المؤسسة جاء نتيجة خطأ كل من الإدارة والمؤسسة معاً فالفرض أن المؤسسة عليمة بأحكام مرسوم الأوعية علمها بالقانون الذي لا يعذر أحد بالجهل به، وكان من المتعين عليها والحالة هذه أن تتثبت من مطابقة ما تصنعه لأحكامه، ويتمثل خطأ الإدارة في كونها طرحت المناقصة على أساس عينة نموذجية مخالفة لأحكام مرسوم الأوعية مع ما يتوافر لديها من الإمكانيات الفنية التي تكفل لها الوقوف على حقيقة المواد الداخلية في تركيبها. وإذ كان الخطأ خطأ مشتركاً وكان للقاضي أن يقدر نصيب كل من المسئولين عن الخطأ في التعويض وفقاً لأحكام المادتين 169، 216 من القانون المدني فإن المحكمة تقدر التعويض المستحق للمؤسسة في ذمة الإدارة - بمراعاة مدى جسامة الخطأ الذي ارتكبه كل منهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - على ما يبين من أوراق الطعن - في أن مؤسسة الصناعات التجارية المصرية التي يمثلها السيد/ فرج موسى شماس أقامت الدعوى رقم 1228 لسنة 12 القضائية ضد السيدين وزير الحربية ومدير سلاح الأسلحة والمهمات بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 22 من سبتمبر سنة 1958 - وقالت في بيان دعواها إن سلاح الأسلحة والمهمات بوزارة الحربية طرح في مناقصة عامة عملية توريد أطقم من الشوك والسكاكين والملاعق ورسا عطاء هذه العملية على المؤسسة وتم التعاقد بينها وبين السلاح بموجب العقد رقم ق/ 4 ب في 23 من أكتوبر 1954 على توريد ثمانين ألف طقم طبقاً لعينة السلاح من حيث الشكل والخامة والتشغيل. فقامت المؤسسة بتنفيذ تعاقدها بتوريد الأطقم على دفعات فوردت الدفعة الأولى وكانت 5040 طقماً حازت القبول ثم وردت الدفعة الثانية وكانت 25125 طقماً حازت القبول أيضاً ثم قامت بإنتاج باقي الكمية وقامت فعلاً بتوريد 48576 طقماً كدفعة ثالثة وأخيرة، فقامت لجنة الفحص بالسلاح بفحص هذه الكمية الأخيرة وقررت في 13 من سبتمبر سنة 1955 سلامة التوريد وقبوله لمطابقته لعينة وشروط التعاقد، وقد اعتمد مدير السلاح هذا القرار في 15 من سبتمبر سنة 1955 وأرسل السلاح للمؤسسة إخطاراً في 19 من سبتمبر سنة 1955 بقبول التوريد وبضرورة إيفاد مندوب للقيام بعملية التسليم في بحر خمسة أيام من تاريخ الإخطار فتوجه مندوب المؤسسة إلى السلاح للقيام بعملية التسليم تنفيذاً للخطاب السابق الإشارة إليه لكنه فوجئ برفض الاستلام بمقولة إن بالبضاعة عيوباً فشكت المؤسسة عدة مرات متمسكة بقرار لجنة الفحص الذي يعتبر نهائياً بالتطبيق للمادة 43 من لائحة المناقصات والمزايدات ولكن السلاح لم يلتفت إلى هذه الشكاوى وانتهت المؤسسة إلى طلب الحكم بإلزام وزارة الحربية والسلاح بأن يدفعا على وجه التضامن ثمن الدفعة المذكورة ومقداره 5149 جنيهاً و56 مليماً عدا الفوائد القانونية من تاريخ الاستلام حتى تمام السداد.
عقبت وزارة الحربية على الدعوى بأن مدة التوريد كانت قد انتهت في 20 من يونيه سنة 1955 قبل أن تورد المؤسسة الأصناف المتعاقد عليها فقام السلاح بإخطارها بهذا التقصير وإنذارها فقامت بعد انتهاء التوريد بتوريد 5040 طقماً في 6 من يوليه سنة 1955 فقررت لجنة الفحص قبولها في 12 من يوليه سنة 1955 ثم قامت بتوريد 10008 طقم في 16 من يوليه 1955 فقررت اللجنة في 19 من يوليه سنة 1955 رفضها لرداءة التشغيل وسلمت هذه الدفعة المرفوضة إلى المؤسسة. ثم قامت بتوريد 16188 طقماً في 26 من يوليه سنة 1955 وقررت اللجنة في نفس التاريخ رفضها لمخالفتها للعينة لرداءة التشغيل وتسلمت المؤسسة هذه الدفعة المرفوضة أيضاً ثم قامت بتوريد 22500 طقم في 7 من أغسطس سنة 1955 فقررت اللجنة في 10 من أغسطس سنة 1955 رفضها لوجود بعض عيوب صناعية وعدم العناية بالتشطيب النهائي وتسلمت المؤسسة هذه الدفعة المرفوضة. ثم قامت بتوريد 25120 طقماً في 10 من أغسطس سنة 1955 قررت اللجنة في 23 من أغسطس سنة 1955 قبولها فتكون الكمية المرفوضة والتي أخطرت المؤسسة برفضها وسلمت إليها قد بلغت 48696 طقماً وتكون الكمية التي قبلتها الوزارة قد بلغت 20160 طقماً. وتقدمت المؤسسة بعد ذلك بعدة شكاوى تلتمس فيها النظر في قبول الأصناف المرفوضة ومنها الشكوى المؤرخة 16 من مايو سنة 1956 التي طلبت فيها قبول الأصناف بتخفيض سعرها من 106 مليمات للطقم إلى 99 مليماً ولم تر الجهات المختصة مانعاً من التوريد بتخفيض قدره 3% عن سعر آخر توريد. لكن الوزارة رأت قبل البت نهائياً في ذلك استطلاع رأي مصلحة الصحة الوقائية فيما إذا كان النقص في المواصفات الذي أوضحه المعمل الكيماوي يترتب عليه ضرر مع تحديد نسبة هذا الضرر فأجابت مصلحة الصحة الوقائية بأن التحليل الكيماوي أثبت أن نسبة الشوائب تبلغ حوالي عشرة أضعاف النسبة الجائز وجودها وأن نسبة النحاس تزيد 38 ضعفاً على النسبة المقررة وأنه قد يترتب على استعمال الأصناف تعريض المستهلك لأضرار صحية وعلى الأخص التسمم بالنحاس فأخطرت الوزارة المؤسسة برفض طلبها. ولما توالت شكاوى المؤسسة بعد ذلك كتبت الوزارة إلى إدارة الفتوى والتشريع تستطلع رأيها فأجابت بوجوب رفض الرسالة لمخالفتها للمواصفات المنصوص عليها في المرسوم الصادر في 3 من إبريل سنة 1946، وانتهت الوزارة إلى القول بأنها كانت محقة في قرارها برفض التوريد.
عقبت المؤسسة على دفاع الوزارة ناعية عليها أنها قصدت إلى الإيهام بأن الخلاف يتعلق ببضاعة رفضت بالطريق القانوني وأنها أغفلت الإشارة إلى الدفعة الأخيرة التي قدرها 48576 طقماً التي تم توريدها في 12 من سبتمبر سنة 1955 وحرر عنها المحضر رقم 306 وهذه الدفعة هي التي من أجلها رفعت الدعوى والواقع أن أصل هذا المحضر قد سلخ من ملف السلاح إلا أنه يوجد بالملف صورة هذا المحضر وتاريخها 12 من سبتمبر سنة 1955 وهو تاريخ لاحق لجميع تواريخ المحاضر الواردة بإجابة الوزارة. ومضت المؤسسة تقول إن هذه الكمية قد تسلمها السلاح في 12 من سبتمبر سنة 1955 وقرر بعد الفحص قبولها في 13 من سبتمبر سنة 1955 لمطابقتها لعينة وشروط التعاقد وصودق على هذا القرار من مدير السلاح وأرسل السلاح خطاباً إلى المؤسسة المدعية يفيد بقبول التوريد ويطلب منها إيفاد مندوب لتسليم البضاعة من الواردات إلى مخازن السلاح وعندما طلب المندوب تنفيذ ما جاء بالخطاب بدأ السلاح يحاول التنصل من قرار قبول البضاعة ولجأ إلى إجراءات لم تتخذ بحسن نية منها تحليل البضاعة وتجربة صلابتها واستشارة وزارة الصحة وانتهت المؤسسة إلى القول بأن القانون يحمي حقها طبقاً للبند 53 من المادة 43 من لائحة المناقصات والمزايدات الذي ينص على أنه لا رجوع في قرار لجنة الفحص بالقبول أو بالرفض بعد تصديق رئيس المصلحة هذا فضلاً عن أن المؤسسة قامت بالتوريد طبقاً لعينة السلاح النموذجية وأنها بذلك تكون قد أوفت بالتزاماتها طبقاً لعقد الاتفاق، وقد قررت معامل التحليل أن خامة البضاعة تماثل خامة العينة النموذجية المتعاقد على أساسها وإنها ما كان لها أن تفعل غير ما فعلت وإلا عرضت نفسها لمخالفة العقد.
أجابت الوزارة على تعقيب المؤسسة بأنها خالفت المواصفات الواردة بالمرسوم الصادر في 3 من إبريل سنة 1946 وأنه إذا صح أن التوريد قد تم حسب اتفاق معين فإنه إذا كان الأمر مقبولاً في القطاع الخاص فهو ليس بمقبول في القطاع العام لأن المصلحة العامة تحتم عدم قبول هذه الأصناف لاستعمالها في الجيش ما دامت ستعرض أفراده للتسميم وإذا كانت المؤسسة قد خالفت مرسوم 1946 ولم تراع الشروط الواردة فيه فعليها وحدها تقع تبعة رفض الأصناف الموردة.
علقت المؤسسة على إجابة الوزارة بأنه لا مجال في المطالبة بالحقوق بالتفرقة بين القطاع العام والقطاع الخاص وأنه لا يقبل أن يقال بأن الاتفاق المخالف للقانون يكون جائزاً بالنسبة للأفراد ولا يكون جائزاً بالنسبة للقطاع العام. وأنه لا يقبل أن يقال بأنه إذا أخطأ القطاع العام وهو المزود بالإمكانيات الهائلة فإن الغير هو الذي يتحمل المسئولية.
وبجلسة 22 من إبريل سنة 1962 قضت محكمة القضاء الإداري بإلزام الوزارة المدعى عليها بأن تدفع للمدعية 5149 جنيهاً، 56 مليماً والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22 من سبتمبر سنة 1958 حتى تمام الوفاء والمصروفات المناسبة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وأقامت قضاءها على أن المستفاد من البند 49 من المادة 137 من لائحة المخازن والمشتريات التي كانت سارية وقت إبرام العقد موضوع النزاع ومن المادتين 219، 221 من اللائحة المذكورة أن المشرع قد عهد إلى لجنة الفحص بمهمة فحص الأصناف الموردة والتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات والعينات المعتمدة وجعل قرارها في هذا الشأن بالقبول أو الرفض نهائياً بمجرد اعتماده من رئيس المصلحة. وأن الثابت هو أن لجنة الفحص قررت في 13 من سبتمبر سنة 1955 أن التوريد مقبول ومطابق للعينة وأن مدير السلاح اعتمد هذا القرار في 15 من سبتمبر سنة 1955 فأصبح القرار بذلك نهائياً لا يجوز العدول عنه هذا فضلاً عن أن التحليل الكيماوي أثبت مطابقة الأطقم الموردة للعينة المتعاقد عليها ولا تثريب على المؤسسة بعد ذلك إذا ثبت أن عينة السلاح النموذجية ذاتها غير مطابقة لمواصفات الألومنيوم المعد للأواني والأدوات المنزلية على نحو ما قررته المعامل الكيماوية فهذا أمر يتحمل السلاح وحده تبعته لأنه هو الذي اختار مواصفات العينة النموذجية وطلب التوريد وفقاً لها. وأنه لا مقنع في النعي على الأدوات الموردة بأنها مخالفة لأحكام المرسوم الصادر في 3 من إبريل سنة 1946 لأن هذا المرسوم لم يتضمن تحديد مواصفات خاصة بالأواني المصنوعة من الألومنيوم وليس في أحكام المرسوم المذكور ما يحدد حداً أقصى لنسبة النحاس في تركيب الأوعية التي يجوز دخوله في صناعتها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ استبعد المرسوم الصادر في 3 من إبريل سنة 1946 والتي تنص المادة السادسة منه على أنه لا يجوز أن يدخل في الأصناف المبينة بها مادة النحاس السامة. وقد أثبت التحليل الكيمائي وجود مادة النحاس بنسبة 7.6 في الأصناف الموردة وهي نسبة عالية جداً إذ أن النسبة المسموح بها هي 0.2%. كذلك فإن الحكم خالف الثابت في الأوراق لأن الفحص الذي قامت به لجنة الفصح كان فصحاً ظاهرياً وقد أوصى في نفس المحضر بإعادة الفحص مرة ثانية عند التسليم. ولا يمكن أن يقال أن الفحص الظاهري يعفي المورد من كل التزام حتى من الأشياء الخفية التي لا تظهر إلا بالتحليل الكيمائي. وإذا كان المورد واقعاً فعلاً تحت طائلة العقوبات الواردة في المرسوم الصادر في 3 من إبريل 1946 لمخالفته للمواصفات الواردة في المرسوم الصادر في 3 من إبريل سنة 1946 لمخالفته للمواصفات ولا يمكن بحال أن تقصد الوزارة مخالفة القانون إذا كانت العينة هي الأخرى مخالفة لمواصفات المرسوم المذكور، فهي قد اشترطت فقط أن يكون التوريد حسب العينة من حيث الخامة أي الألومنيوم ومن حيث الصلابة أي بقوة محدودة ومن حيث التشغيل أي بحجم ومقاسات معينة أما غير ذلك من شروط أخرى فهي متروكة للقانون العام وهو المرسوم المشار إليه.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً بالرأي القانوني ضمنته أن تطبيق مرسوم الأوعية يؤدي إلى القول بأن الأدوات محل التعاقد تصبح غير قابلة للتعامل ويكون العقد باطلاً لمخالفته للنظام العام لأن من المسلم به أنه لا يجوز مخالفة القوانين الجنائية باتفاقات خاصة. وأنه يترتب على بطلان العقد أن يرد كل من المتعاقدين ما تسلمه من الآخر دون تعويض إلا إذا ثبت في جانب المسئول خطأ ترتب عليه أضرار في جانب الطرف الآخر ففي هذه الحالة يجوز الحكم بالتعويض. ولما كان من المتعين على المطعون ضده أن يعلم بالمواصفات التي يشترطها مرسوم الأوعية في المواد موضوع التعاقد إذ لا يعذر أحد بجهله بالقانون كما أن الإدارة قد ارتكبت خطأ موجباً لمسئوليتها إذ طرحت المناقصة على أساس عينة نموذجية كانت من بادئ الأمر مخالفة لمواصفات الألمونيوم في حين أنها مزودة بالإمكانيات التي تمكنها من معرفة المواصفات الصحية التي ينبغي التعاقد عليها. وبذلك فإن كلاً من الطرفين يعتبر مسئولاً بقدر ما أحدث من ضرر وكان خطأ كل منهما سبباً لوقوع الضرر فإن المسئولية تكون بالتساوي بينهما بذلك تسأل الإدارة في مواجهة المطعون ضدها عن نصف الأضرار التي أصابتها.
ومن حيث إنه ولئن كان الثابت من الاطلاع على المحضر رقم 306 الخاص بالكمية المتنازع عليها أن لجنة الفحص قررت في 13 من سبتمبر سنة 1955 قبول توريد هذه الكمية لمطابقتها للعينة وشروط التعاقد وأن رئيس المصلحة (مدير الأسلحة والمهمات) قد اعتمد هذا القرار في 15 من سبتمبر سنة 1955 وأن الثابت أيضاً من الاطلاع على ملف العقد (مهمات ق/ 54/ 4) أن العينات التي أخذت للتحليل من الأدوات الموردة مطابقة للعينة النموذجية للسلاح والتي تم التعاقد على أساسها. إلا أن الثابت من الاطلاع على ملف العقد المشار إليه أن العينات أخذت للتحليل من الأدوات الموردة وكذلك العينة النموذجية للسلاح غير مطابقة لمواصفات الألومنيوم النفي المعد للأدوات المنزلية وأن اللجنة الاستشارية المستديمة بوزارة الصحة قررت بعد الاطلاع على نتائج التحليل ما يأتي: 1 - إن نسبة الشوائب تبلغ حوالي عشرة أضعاف النسبة التي يجب وجودها. 2 - إن نسبة النحاس تزيد 38 ضعفاً على النسبة المقررة إذ أنها ترتفع من 02% إلى 7.6%. 3 - إنه نظراً إلى أن نسبة الشوائب التي وجدت بكميات أكثر من الحد المقرر فإنه يجوز أن يترتب على استعمال الصنف تعريض المستهلك للأضرار الصحية وعلى رأسها التسمم بالنحاس.
ومن حيث إن المادة السادسة من القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع التدليس والغش نصت على أنه "يجوز بمرسوم حظر استعمال أوان أو أوعية أو أشياء مختلفة أو تنظيم استعمالها في تحضير ما يكون معداً للبيع من العقاقير الطبية والمواد الغذائية وغيرها، أو في صنعها أو وزنها أو تعبئتها.. أو طرحها للبيع أو بيعها.." ويعاقب على مخالفة أحكام المراسيم والقرارات المذكورة بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة (وهي الحبس مدة لا تجاوز سنة والغرامة التي لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تجاوز مائة أو بإحدى هاتين العقوبتين).
وتنفيذاً لهذا النص صدر في 3 من إبريل سنة 1946 مرسوم بشأن الأوعية التي تستعمل في المواد الغذائية ونص في مادته الأولى على أنه فيما يتعلق بتطبيق هذا المرسوم يقصد بالأوعية جميع الأواني والأجهزة والمواسير وغيرها من الأدوات التي تستعمل في طهي أو تحضير أو حفظ أو نقل تناول المواد الغذائية والمياه". ونصت المادة الثالثة على أنه يجب ألا يزيد مقدار الرصاص على 10% وأكسيد الزرنيخ عن 0.01% في تركيب:
(1)...........
(2)...........
(3) الأدوات التي من شأن استعمالها ملامسة الفم.
ونصت المادة السادسة على أنه "يجب أن تكون جميع الأواني والمواد التي تستعمل في طلائها خالية من المعادن السامة وأملاحها كالأنتمون واليوارنيوم والنحاس ومشتقات البانوجين وذلك فيما عدا ما نص عليه صراحة في هذا المرسوم".
ومن حيث إنه يبين من العرض لهذه النصوص أن الشوك والسكاكين والملاعق تدخل بحسب التعريف الوارد في المادة الأولى من مرسوم الأوعية في مدلول الأوعية المنصوص عليها في المادة السادسة من هذا المرسوم باعتبارها من الأدوات التي تستعمل في تناول المواد الغذائية ومن ثم فقد لزم بحسب حكم المادة السادسة أن تكون خالية من النحاس. ولما كانت الشوك والسكاكين والملاعق مثار النزاع تحتوي على نسبة من النحاس تبلغ 7.6% فإنها تكون مخالفة لحكم المادة السادسة المشار إليها. ولا حجة في الاستناد إلى المادة الثالثة من المرسوم للقول بأنها الواجبة التطبيق دون غيرها بمقولة إن هذه المادة هي التي نصت علي الأدوات التي من شأن استعمالها ملامسة الفم وأن هذه المادة لم تحظر دخول النحاس في تركيب الأدوات المذكورة وأوجبت فقط ألا يزيد مقدار الرصاص على 10% وأكسيد الزرنيخ على 01.% لا حجة في ذلك لأن نص المادة السادسة قد ورد عاماً شاملاً لجميع الأوعية بحسب تعريفها الوارد في المادة الأولى من المرسوم ومن بينها الأدوات التي تستعمل في تناول المواد الغذائية وهي تشمل من غير شك الشوك والسكاكين والملاعق على ما سلف البيان. أما عبارة "فيما عدا ما نص عليه صراحة في هذا المرسوم" الواردة في المادة السادسة فهي إنما تعني وجوب خلو الأوعية (بحسب التعريف الوارد في المادة الأولى من المعادن السامة عدا القدر من هذه المعادن التي تسمح المواد الأخرى من المرسوم صراحة بدخوله في تركيب بعض هذه الأوعية مثلما أجازته الفقرة الأخيرة من المادة التاسعة من استعمال النحاس في الهاون والميزان وما أجازته المادة الثالثة أيضاً من دخول الرصاص وأكسيد الزرنيخ بنسبة معينة في الأدوات التي تستعمل في تناول المواد الغذائية. ومن ثم فإن التطبيق السليم للمادتين الثالثة والسادسة من مرسوم الأوعية فيما يتعلق بالأدوات التي من شأن استعمالها ملامسة الفم هو وجوب خلوها من المعادن السامة وأملاحها ومنها النحاس عدا الرصاص بنسبة لا تجاوز 10% وأكسيد الزرنيخ بنسبة لا تزيد على 0.02%.
ومن حيث إن المادة الثانية من مرسوم الأوعية الصادر في 3 من إبريل سنة 1946 والذي يسري على واقعة الدعوى - قد أوجبت أن تكون الأوعية المشار إليها في المادة الأولى ومنها الأدوات التي تستعمل في تناول المواد الغذائية مستوفية للاشتراطات المقررة بهذا المرسوم ومن هذه الاشتراطات خلوها من النحاس وغيره من المواد السامة. وفرضت المادة السادسة من القانون رقم 45 لسنة 1941 العقوبة على صنع هذه الأدوات بالمخالفة لأحكام المرسوم أو تداولها.
ومن حيث إن الثابت من التحليل أن من شأن استعمال الأدوات محل العقد تعريض سلامة المستهلكين لخطر التسمم وهو أمر في ذاته مخالف للنظام العام فإن للنفس حرمة لا يجوز انتهاكها، وفضلاً عن ذلك فإن دخول النحاس في تركيب هذه الأدوات بالنسبة التي كشف عنها التحليل مخالف للنظام العام من جهة أخرى لمخالفته لأحكام أحد القوانين الجنائية والقوانين الجنائية تعتبر من النظام العام.
ومن حيث إنه يشترط في محل العقد - أياً كان العقد - أن يكون قابلاً للتعامل فيه ويكون الشيء غير قابل التعامل فيه فلا يصح محلاً للالتزام إذا كان التعامل فيه محظوراً قانوناً أو غير مشروع لمخالفته للنظام العام. وينبني على ذلك أن العقد يقطع باطلاً فلا ينعقد قانوناً ولا ينتج أثراً ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك ببطلانه وللمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها ولا تصح إجازة العقد وإذا تقرر هذا البطلان فيعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكانت الأدوات مثار النزاع غير قابلة للتعامل فيها بحكم القانون ولمخالفتها للنظام العام فإن عقد التوريد يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً ولا ينتج أثراً، ولا يجدي المؤسسة الموردة التحدي بأن الأدوات التي وردتها مطابقة للعينة النموذجية بعد إذ تبين أن محل العقد غير قابل للتعامل لعدم مشروعيته على ما مر. كذلك فإنه لا وجه للمجادلة في صلاحية الأدوات محل النزاع للاستعمال بمقولة إنه لم ينتج عن نظائرها أي تسمم في الماضي بعد أن ورد النص في مرسوم الأوعية على حظر استعمال النحاس في تركيب هذه الأدوات صريحاً خالياً من أي قيد. ولا محل لما طلبته المؤسسة في مذكرتها الختامية من الاستعانة بذوي الخبرة إزاء صراحة النصوص وعدم الشك في نتيجة التحليل.
ومن حيث إنه متى تقرر بطلان العقد بطلاناً مطلقاً على الوجه المتقدم فإن المؤسسة يصيبها كأثر حتمي لتقرير البطلان ضرر يتمثل في قيمة الأدوات التي قامت بتصنيعها والتي تبين أنها غير قابلة للتعامل وليس من سبيل إلى استردادها لمخالفتها لأحكام مرسوم الأوعية.
ومن حيث إن الضرر الذي أصاب المؤسسة جاء نتيجة خطأ كل من الإدارة والمؤسسة معاً، فالفرض أن المؤسسة عليمة بأحكام مرسوم الأوعية علمها بالقانون الذي لا يعذر أحد بالجهل به، وكان من المتعين عليها والحالة هذه أن تتثبت من مطابقة ما تصنعه لأحكامه، ويتمثل خطأ الإدارة في كونها طرحت المناقصة على أساس عينة نموذجية مخالفة لأحكام مرسوم الأوعية مع ما يتوافر لديها من الإمكانيات الفنية التي تكفل لها الوقوف على حقيقة المواد الداخلة في تركيبها. وإذ كان الخطأ خطأ مشتركاً وكان للقاضي أن يقدر نصيب كل من المسئولين عن الخطأ في التعويض وفقاً لحكم المادتين 169، 216 من القانون المدني فإن المحكمة تقدر التعويض المستحق للمؤسسة في ذمة الإدارة - بمراعاة مدى جسامة الخطأ الذي ارتكبه كل منهما - بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه مصري.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بإلزام الحكومة بأن تدفع للمؤسسة المدعية تعويضاً قدره ألف وخمسمائة جنيه وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة.

الطعن 1206 لسنة 11 ق جلسة 24 / 12 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 47 ص 487

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

------------------

(47)

القضية رقم 1206 لسنة 11 القضائية

موظف. "تأديب. تحقيق". 

لا يشترط أن يحلف الشهود اليمين في التحقيق الذي يجريه رئيس المصلحة أو من ينيبه لذلك من موظفيها.

-----------------
إنه وإن كان القانون رقم 210 لسنة 1951، معدلاً بالقانون رقم 73 لسنة 1957، والذي كان سارياً حينذاك، قد نص في المادة 90 مكرراً على أن تكون الشهادة بعد حلف اليمين ونص بمثل ذلك القانون رقم 117 لسنة 1958 في المادة 7 - إلا أن هذا مقصور على التحقيق الذي يجريه مجلس التأديب في الحالة الأولى والنيابة الإدارية في الحالة الثانية - ولم يشترط القانون ذلك بالنسبة للتحقيق الإداري الذي يجريه رئيس المصلحة أو من ينيبه لذلك من موظفيها. وعلى ذلك فإن عدم قيام المحقق - وهو مدير المستشفى - بتحليف الشهود لا يترتب عليه بطلان شهادتهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعية السيدة/ ست أبوها حسين عثمان أقامت الدعوى رقم 226 لسنة 11 قضائية بصحيفة أودعتها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والأزهر والإسكان والمرافق والإدارة المحلية في 22 من فبراير سنة 1964 ضد السيد وزير الصحة والسيد محافظ القاهرة والسيد مدير منطقة القاهرة الطبية طالبة الحكم بإلغاء القرار رقم 785 سنة 1963 الصادر في 7 من يوليو سنة 1963 والمبلغ لها في 24 من ذات الشهر وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المعلن إليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت - شرحاً لدعواها إنه في يوم 10 من مايو سنة 1963 أثناء عملها بقسم الأمراض الباطنية "حريم" ورد للقسم عدة حالات تسمم فكلفت باستبدال ملابس الأفراد بملابس المستشفى وعندئذ فوجئت بوجود رجل يرقد على السرير المخصص للنساء ونظراً لمنافاة ذلك للآداب تحدثت في هذا الشأن مع الممرضة المختصة ولكنها فوجئت باعتداء أحد الأطباء عليها بالضرب والسب أمام المريضات والممرضات فشكت ذلك الطبيب النائب فاعتدى عليها. ولما أبلغت الأمر للسيد مدير المستشفى أمرها بمغادرة المستشفى على أن تعود في اليوم التالي ولما عادت علمت بوقفها عن العمل ثم أبلغت في 24 من يوليو سنة 1963 بصدور قرار بفصلها تأديبياً اعتباراً من تاريخ إيقافها عن العمل في 11 من مايو سنة 1963 فتظلمت من هذا القرار في 3 من أغسطس سنة 1963 ولم تتلق رداً فتقدمت بطلب لإعفائها من رسوم دعوى الإلغاء فتقرر رفضه في 5 من فبراير سنة 1964 ولذلك فقد أقامت هذه الدعوى.
وقد ردت وزارة الصحة على الدعوى بمذكرة قالت فيها إن المدعية تعمل شغالة بأجر يومي قدره 240 مليماً وقد أوقفت عن العمل اعتباراً من 11 من مايو سنة 1963 بسبب اعتدائها على الطبيب المقيم بالمستشفى بالسب وتماسكها معه وتمزيق ملابسه لحين الانتهاء من التحقيق. ثم أجري تحقيق سمعت فيه أقوال المدعية والطبيب والشهود وعرض الأمر على لجنة شئون العمال بالمحافظة بجلسة 19 من يونيه سنة 1962 فوافقت على فصل المدعية اعتباراً من تاريخ وقفها عن العمل واعتمد السيد المحافظ ذلك في 25 من ذات الشهر. وفي 13 من يوليو سنة 1963 صدر القرار التنفيذي رقم 785 بفصلها وأخطرت بذلك في 13 من نفس الشهر. وفي 18 من سبتمبر سنة 1963 أفصحت اللجنة المشار إليها بأن فصل المدعية كان بسبب اعتدائها على الدكتور حسن نشأت بالسب وتمزيق ملابسه. ثم قالت الوزارة إنه ثبت من التحقيق الذي أجري مع المدعية أنه في يوم 10 من مايو سنة 1963 ورد للمستشفى ما يقرب من 15 حالة تسمم غذائي كان أغلبهم من الأطفال وكان من بينهم سيدة ورجل أسعفوا جميعاً بمعرفة الدكتور حسن نشأت الطبيب المقيم بالمستشفى في قسم أمراض باطنية "حريم وأطفال" وقد اعترضت المدعية على وجود الرجل في القسم المذكور فطلب منها الطبيب الانصراف لمزاولة عملها إلا أنها خرجت على حدود الواجب الوظيفي واعتدت عليه بالألفاظ النابية وتماسكت معه ومزقت ملابسه. وأنه لا صحة لما ذكرته المدعية في التحقيق من أن الطبيب قد ضربها فقد نفى الشهود هذه الواقعة. وانتهت الوزارة إلى أن المدعية قد ارتكبت ذنباً إدارياً رأت جهة الإدارة مجازاتها عنه بالفصل بعد سماع أقوالها وتحقيق دفاعها وهذا الجزاء قد قام على سببه وليس فيه شيء من الغلو فهو لذلك قرار مشروع بعيد عن نطاق عدم المشروعية وطلبت لذلك رفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقدمت ملف خدمة المدعية.
ثم قدمت المدعية حافظة مستندات ومذكرة رددت فيها ما جاء بصحيفة الدعوى وأضافت إليه أنها خدعت وأخذ توقيعها على تحقيق لا تعلم عنه شيئاً وأنه لا يعقل أن تعتدي شغالة على طبيب وكل ما حدث أنها استنكرت وضع رجل في قسم النساء مما أثار غضب الطبيب وأن مدير المستشفى الذي قام بالتحقيق جامل الطبيب فكان من الواجب أن يعاد التحقيق أمام جهة محايدة وأنها تقدمت بعديد من الشكاوى في هذا الشأن ولكن لم يتخذ فيها أي إجراء وانتهت المدعية إلى التصميم على طلباتها الواردة بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 4 من يوليو سنة 1965 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار فصل المدعية من الخدمة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن توقيع العقوبة يكون بعد سماع أقوال الموظف وتحقيق دفاعه وهذا لا يعني فقد مجرد إفساح المجال أمامه للإدلاء بما عنده دفاعاً عن نفسه ونفياً لما أسند إليه بل كذلك سماع شهوده وأن القانون قد اشترط لصحة الشهادة قانوناً أن يحلف الشاهد اليمين طبقاً لما نصت عليه المادة 90 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 7 من القانون رقم 117 لسنة 1958 وأنه بتخلف هذا الشرط تكون الشهادة باطلة. وأنه يبين من الاطلاع على التحقيق الذي أجراه السيد مدير المستشفى أن الطبيب قد ذكر بشكواه ستة عشر شاهداً ولكن المحقق اكتفى بسؤال ثلاثة من بينهم الممرضة فاطمة يوسف التي قررت أنها لم تشاهد شيئاً ولكنها سمعت بالواقعة كما أن التحقيق لما يتضمن أقوال الدكتور محمد المرازقى الذي شاهد الواقعة. فضلاً عن أن التحقيق لم يتضمن أقوال الذين استشهدت بهم المدعية. كما أنها قد قررت أن بها إصابات واكتفى المحقق بإثبات ما لاحظه من وجود كدم بذراعها الأيسر دون أن يتناول هذه الواقعة بالتحقيق وأن هذا يضعف من التحقيق فضلاً عن أن الثلاث ممرضات اللاتي سئلن بالتحقيق لم يحلفن اليمين قبل الإدلاء بشهادتهن الأمر الذي يعدم كل قيمة قانونية لهذه الشهادة وبانهيارها يفقد التحقيق كيانه ولا يبقى منه سوى ما قرره الشاكي والمدعية ولا دليل على صدق أحدهما وكذب الآخر الأمر الذي يصبح معه قرار الفصل واجب الإلغاء وأن كان هذا لا يخل بحق جهة الإدارة في إعادة التحقيق فيما هو منسوب إلى المدعية وجمع الأدلة والأسانيد من مصادر اكتمل قيامها وصحتها قانوناً حتى يكون القرار الصادر بعد ذلك قائماً على سببه المستخلص من أدلة صحيحة.
وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم بصحيفة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في أول سبتمبر سنة 1965 طالبة الحكم بقبول طعنها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضدها مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبنت طعنها على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وقالت في بيان ذلك إن التحقيق الذي أجري مع المدعية كان تحقيقاً إدارياً سمع فيه المحقق - وهو مدير المستشفى - أقوال الطبيب المجني عليه والمدعية وأقوال ثلاث من زميلاتها اكتفى بها عن سماع أقوال باقي الشهود الذين استشهد بهم الطبيب لأن شهادتهم لا تخرج عن أقوال الثلاث المذكورات وأن المدعية اكتفت بنفي التهمة عن نفسها دون أن تستشهد في التحقيق بأي شاهد نفي مما لا يمكن معه القول بأنه تحقيق قاصر أخل بحق دفاع المدعية. وإنه بالنسبة لحلف اليمين فإن نص المادة 7 من القانون رقم 117 لسنة 1958 خاص بالتحقيق الذي تجربه النيابة الإدارية ولا يسري على التحقيق الإداري فضلاً عن أن القانون لم يرتب البطلان على مخالفة هذا الإجراء. ثم ذكرت الحكومة في صحيفة الطعن أنه وقد ثبت اعتداء المدعية على الطبيب دون أي مبرر، وهذا هو سبب قرار فصلها، كما اتضح سبق مجازاتها وأن لها سجلاً حافلاً بالمشاغبات والاعتداءات مما يفيد انحرافها انحرافاً بالغاً. وعدم صلاحيتها للبقاء في وظيفتها وأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرار فإنه يكون قد خالف التطبيق الصحيح للقانون.
عقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار فصل المدعية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزامها بالمصروفات. واستندت في ذلك إلى نفس أسباب الطعن.
ثم قدمت المدعية مذكرة رددت فيها دفاعها السابق وانتهت إلى طلب رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه مع إلزام الوزارة بالمصروفات والأتعاب.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الجهة الإدارية قد رأت فصل المدعية - الشغالة باليومية بمستشفى بولاق العام - لما نسب إليها من أنها قد اعتدت على السيد الدكتور حسن نشأت، الطبيب المقيم بذلك المستشفى، بالسب وتمزيق ملابسه. وقد سبق ذلك إجراء تحقيق بمعرفة السيد مدير المستشفى سمع فيه أقوال الطبيب المعتدى عليه وبعض من استشهد بهم كما سمع أقوال المدعية. ويبين من هذا التحقيق أن ما نسب إلى المدعية ثابت قبلها من أقوال ذلك الطبيب وأولئك الشهود. على ذلك فإن إدانة المدعية فيما نسب إليها تكون قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من الأوراق. ولا يغير من ذلك أن المحقق لم يحلف، من سمعهم من الشهود، اليمين إذ أنه - وإن كان القانون رقم 210 لسنة 1951، معدلاً بالقانون رقم 73 لسنة 1957، والذي كان سارياً حينذاك، قد نص في المادة 90 مكرراً على أن تكون الشهادة بعد حلف اليمين ونص بمثل ذلك القانون رقم 117 لسنة 1958 في المادة 7 - إلا أن هذا مقصور على التحقيق الذي يجربه مجلس التأديب في الحالة الأولى والنيابة الإدارية في الحالة الثانية - ولم يشترط القانون ذلك بالنسبة للتحقيق الإداري الذي يجريه رئيس المصلحة أو من ينيبه لذلك من موظفيها. وعلى ذلك فإن عدم قيام المحقق - وهو مدير المستشفى - بتحليف الشهود لا يترتب عليه بطلان شهادتهم. أما عن عدم سماعه إلا لشهادة ثلاثة فقط من ستة عشر شاهداً فإنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن هؤلاء الشهود إنما استشهد بهم الطبيب المعتدى عليه لإثبات واقعة اعتداء المدعية عليه ومن ثم فلا جناح على المحقق إذا ما اكتفى بسماع ثلاثة منهم فقط طالما أنه قد اطمأن إلى شهادتهم وأن أقوال باقي الشهود لا تخرج عن أقوال من سمعوا مما لا يستدعي الأمر إثباتها.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - من أن المدعية ذكرت شهوداً لم يتضمن التحقيق أقوال أي منهم مما يضعف هذا التحقيق - لا حجة في ذلك لأنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعية لم تستشهد بأحد وقت سماع أقوالها ولكنها بعد أن انتهى التحقيق قدمت شكوى قالت فيها إنها تستشهد بفاطمة شقرون وفاطمة يوسف والسيدة/ فتحية الممرضة وأهالي المرضى دون أن تحدد أياً من هؤلاء بالذات. والثابت من التحقيق أن الأولى والثانية - وهي فاطمة شقرون وفاطمة يوسف - قد شهدتا بما يؤيد الواقعة المنسوبة للمدعية ونفت الأولى ما قررته المدعية من اعتداء الطبيب عليها (تراجع أقوالهما بالصحفيتين الثانية والثالثة من التحقيق المذكور).. أما الثالثة - وهي السيدة/ فتحية الممرضة - فإن المدعية لم تبين اسمها بالكامل فضلاً عن ذلك فإن الثابت من مذكرة الطبيب المعتدى عليه والمقدمة للمحقق أن من بين من استشهد بهم، لتأييد واقعة اعتداء المدعية عليه، الممرضة فتحية صديق، يبدو أنها الممرضة التي تقصدها المدعية، وقد ذكر المحقق أن هذه الممرضة ممن سمع أقوالهم وتحقق له أن أقوالهم لا تخرج عن أقوال من سمع شهادتهم وأيدوا تلك الواقعة ومن ثم فليس صحيحاً القول بأن المحقق لم يسمع الشهود الذين ذكرتهم المدعية.
ومن حيث إنه عما قررت المدعية - من أن الطبيب قد اعتدى عليها بالضرب - فإنه ليس في الأوراق ما يؤيد هذه الواقعة بل أن الشاهدتين توحيده صالح وفاطمة شقرون قد نفياها نفياً باتاً على ما هو ثابت من أقوالهما بالتحقيق. ولا يغير من ذلك ما لاحظه المحقق من وجود كدم بذراع المدعية الأيسر ذلك لأنها ادعت أن الطبيب قد ضربها بقدمه والضرب بالقدم بطبيعة الحال، لا يصيب ذراع المدعية الأيسر.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تكييف الواقعة بما يجعلها من الذنوب الإدارية المستحقة للعقاب إنما مرجعه إلى تقدير جهة الإدارية ومبلغ انضباط هذا التكييف على الواقعة المنسوبة إلى الموظف من حيث الخروج على الواجب الوظيفي أو الإخلال بحسن السير والسلوك - ولا جدال في أن الاعتداء على الرؤساء وتحقيرهم يعد خروجاً على الواجب الوظيفي والإخلال بحسن السير والسلوك المستأهل للعقاب بوصفه ذنباً إدارياً. كما أن تقدير العقوبة للذنب الإداري الذي ثبت في حق الموظف هو أيضاً من سلطة الإدارة لا رقابة للقضاء فيه عليها إلا إذا اتسم بعدم الملاءمة الظاهرة أو لسوء استعمال السلطة.
ومن حيث إن الظاهر من ملابسات إصدار القرار المطعون فيه بأقصى العقوبة - وهي الفصل - إن الجهة الإدارية قد رأت أن تاريخ المدعية حافل بالجزاءات إذ يبين من الاطلاع على ملف خدمتها أنها قد جوزيت كثيراً لإهمالها وسوء سلوكها وإخلالها بالنظام وعدم إطاعتها الأوامر واعتدائها على الموظفين. فلا يمكن، والحالة هذه، القول بأن الجهة الإدارية قد أساءت استعمال سلطتها بفصل المدعية من الخدمة أو عدم وجود ملاءمة ظاهرة بين الذنب الذي اقترفته وبين العقاب الذي أنزل بها. وكل هذا مما يجعل قرار الفصل المطعون فيه بمنأى عن أي طعن.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن القرار المطعون فيه قد قام على سبب صحيح استخلص استخلاصاً سائغاً ومقبولاً ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بإلغائه، يكون غير سليم ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض دعوى المدعية مع إلزامها بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبل الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات.