الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 7 يوليو 2023

الطعن 889 لسنة 7 ق جلسة 12 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 10 ص 87

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

-----------------

(10)

القضية رقم 889 لسنة 7 القضائية

(أ) تعليم حر. لجنة شئون التعليم الحر. اختصاص. 

القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة - اختصاص لجنة شئون التعليم الحر بالتنحية عن النظارة - مقصور على المدارس الحرة المجانية - أساس ذلك.
(ب) تعليم حر. تأديب. القانون رقم 583 لسنة 1955 

اختصاص مدير التربية والتعليم بالإشراف على المدارس الحرة لا يخوله تنحية نظار تلك المدارس أو مديريها بقرار منه.

(جـ) قرار إداري. "سببه". 

شرط حسن السمعة وطيب السيرة - تقدير توافر هذا الشرط - من الأمور التي تترخص فيها الإدارة - وجوب أن تكون النتيجة التي تصل إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من وقائع صحيحة منتجة في الدلالة على هذا المعنى.

---------------------
1 - أن القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة الذي صدر في ظله القراران المطعون فيهما قد نص في المادة 29 منه على اختصاصات لجنة شئون التعليم الحر - ومن بين هذه الاختصاصات (تنحية نظار المدارس في الحالات المنصوص عليها في المادة 47). وقد وردت المادة 47 المشار إليها في الباب الثاني من القانون - وهو باب خاص بالمدارس الحرة المجانية - ونصت في الفقرة الثانية منها على أنه (يجوز بقرار يصدر من لجنة شئون التعليم الحر بناء على اقتراح مدير التربية والتعليم بالمنطقة تنحية صاحب المدرسة من النظارة إذا رأت من الأسباب ما يبرر ذلك) ووفقاً لأحكام هذين النصين يقتصر اختصاص اللجنة بالتنحية عن النظارة على المدارس الحرة المجانية - دون المدارس التي تتقاضى مصروفات التي خصص لها القانون الباب الثالث منه ولم يرد فيه حكم مماثل لنص الفقرة الثانية من المادة 47.
2 - أنه ولئن كان القانون رقم 583 لسنة 1950 المشار إليه قد خول مدير التربية والتعليم بالمنطقة من الاختصاصات ما يكفل له الإشراف التام على المدارس الحرة الداخلة في حدود اختصاصه وأحكام الرقابة عليها وعلى العاملين فيها إلا أنه قد خلا من أي نص يخوله تنحية نظار تلك المدارس أو مديريها عن عملهم بقرار منه وأجاز أن توقع هذه التنحية كجزاء تأديبي يصدر به قرار من مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة 34 منه.
3 - أنه ولئن كان الأصل أن تقدير توافر شرط حسن السيرة والسمعة أو عدم توافره فيمن يعهد إليهم بالقيام على شئون التربية والتعليم من الأمور التي تترخص للإدارة فيها إلا أنه يتعين أن تكون النتيجة التي تصل إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من وقائع صحيحة منتجة في الدلالة على هذا المعنى. وإلا كان قرارها فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 20 من مايو سنة 1957 أقام السيد/ منير رزق الدعوى رقم 891 لسنة 11 القضائية ضد السيد وزير التربية والتعليم طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر في 14 من مايو سنة 1957 فيما تضمنه من تنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة وبإلغاء القرار المذكور وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه أنه أنشأ في سنة 1944 مدرسة الملائكة بشبرا. ومنذ ذلك التاريخ يقوم بتأدية رسالتها العلمية تحت إدارته على خير وجه إلى أن قام خلاف شخصي بينه وبين مدير عام المنطقة الشمالية سابقاً فبدأ بحرمان إحدى مدارسه من الإعانة بغير مبرر فأقام الدعوى رقم 303 لسنة 3 القضائية التي قضت فيها محكمة القضاء الإداري باستحقاقه للإعانة التي حرم منها. ثم عاد المدير المذكور إلى الكيد له فقرر إقصاء ناظرة إحدى مدارسه رغم صلاحيتها ورغم أنها شريكته في ملكية المدرسة فلم يسعهما إلا الالتجاء إلى القضاء الذي حكم بإلغاء القرار في الدعوى رقم 793 لسنة 7 القضائية. وانتهز المدير فرصة وجود لجنة فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي في أوائل سنة 1953 ودس عليه تقارير سرية زعم فيها أن هناك تحقيقاً يجرى معه. ولما كان هذا الناظر ليس موظفاً ولا اختصاص للجنة في شأنه فضلاً عن أنه ليس هناك ما يشينه فقد قررت اللجنة حفظ الموضوع وقيل أنها أوصت بإبعاده عن إدارة جميع المدارس الحرة. وذكر المدعي أنه عندما نما ذلك إلى علمه أقام الدعوى رقم 863 لسنة 7 القضائية طالباً وقف تنفيذ وإلغاء ذلك القرار ولكن الوزارة أنكرت صدور قرار ضده من لجنة التطهير ومن ثم حكمت المحكمة بانتهاء الخصومة. وفي نوفمبر سنة 1955 أوقفت الوزارة إعانة ثلاثة مدارس يملكها بحجة وجود حضانات بمصروفات ملحقة بمدارس ابتدائية أو إعدادية مجانية. وبالرغم من أن هذه الحالة ليس فيها مخالفة للقانون. ورغم أنه تعهد بإلغاء الحضانات ونقلها إلى أماكن أخرى إلا أن لجنة شئون التعليم الحر قررت في 4 من سبتمبر سنة 1956 الاستيلاء على تلك المدارس فأقام دعوى طالباً إلغاء هذا القرار لا زالت منظورة. ثم أوقفت الوزارة صرف إعانة الإيجار والتعويض عن المدرسة الرابعة الباقية له وهي مدرسة الملائكة اعتباراً من نوفمبر سنة 1956 دون أي سبب - ومضى المدعي يقول أنه في 12 من نوفمبر سنة 1956 تلقى كتاباً من المنطقة الشمالية يتضمن تكليفه بالتنازل فوراً عن ملكية مدرسة الملائكة الابتدائية بناء على قرار لجنة التطهير في سنة 1953 بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة. فرد على هذا الكتاب متمسكاً بما يسبق أن قررته الوزارة أمام المحكمة من عدم صدور قرار أصلاً من لجنة التطهير ضده ومبيناً أنه بفرض صدور هذا القرار فإنه لا يبيح إقصاءه عن مدرسته وفي 14 من مايو سنة 1957 استصدرت الوزارة قراراً من لجنة شئون التعليم الحر أبلغ إليه في 16 مايو سنة 1957 بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة تنفيذاً لتوصية لجنة التطهير في 6 من فبراير سنة 1953 - وذكر المدعي أن هذا القرار مخالف للقانون ومشوب بسوء استعمال السلطة وأنه يطلب إلغاءه للأسباب الآتية:
1 - أن توصية لجنة التطهير التي بني عليها القرار توصية باطلة لأنه ليس موظفاً من موظفي الدولة ولا زال يتقاضى مرتبه من بند الإعانات.
2 - وفي إنكار الوزارة لصدور قرار اللجنة عندما أقام الدعوى رقم 863 لسنة 7 القضائية تسليم ببطلانه.
3 - وأنه بغرض صدور القرار واختصاص اللجنة بإصداره فإن الأجل المحدد بالقانون رقم 181 لسنة 1952 الخاص بالفصل بغير الطريق التأديبي قد انقضى منذ أكثر من أربع سنوات. وما كان يسوغ أعماله بعد تلك المدة الطويلة.
4 - وأن قرار اللجنة بني على أساس تقرير من مدير المنطقة الشمالية سابقاً تضمن وجود تحقيقات خطيرة ضد المدعي. ولم تفحص اللجنة تلك التحقيقات. وقد أسفرت عن براءته من ارتكاب أية مخالفة.
5 - أن ما اشترطه قانون التعليم الحر رقم 583 لسنة 1955 هو ألا يكون قد صدر ضد الناظر حكم تأديبي. ولا يعتبر قرار لجنة التطهير حكماً تأديبياً.
6 - أن المنطقة الشمالية سبق أن استشارت السيد مستشار الرأي وإدارة الشئون القانونية في سنة 1953 في كيفية تنفيذ توصية لجنة التطهير فكان ردهما ألا يصح تنفيذها إلا بناء على قرار من مجلس التأديب.
7 - أنه يدل على بطلان توصية لجنة التطهير سكوت الوزارة حتى سنة 1957 واعتمادها المدعي ناظراً واستمرارها في صرف مرتبه من بند الإعانات طوال تلك السنوات.
8 - كما يدل على بطلان القرار المطعون فيه ما تضمنته تقارير المفتشين والسيد المدير المساعد للمنطقة عن أعمال المدعي كناظر للمدرسة قبل وبعد صدور قرار لجنة التطهير.
وأجابت الوزارة على الدعوى فيما تقدمت به من مذكرات. وقد تضمنت إحداها الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها لأن المدعي ليس من موظفي الفئة العالية كما أنه ليس موظفاً عن الداخلين في الهيئة بل من الموظفين المدرجين على بند الإعانات تطبيقاً لنص المادة الرابعة من القانون رقم 583 لسنة 1955 - وقالت الوزارة أنه لما كان المدعي صاحب وناظر مدرسة الملائكة بشبرا - وثبت من التحقيقات ارتكابه لمخالفات جسيمة. فقد قدم إلى لجنة التطهير المكونة طبقاً للقانون رقم 181 لسنة 1952 التي أوصت بأن تبعده الوزارة عن إدارة أية مدرسة حرة تابعة لها. ولذلك اقترح مدير التربية والتعليم على لجنة شئون التعليم الحر تنحيته عن النظارة وذلك أعمالاً لسلطة هذه اللجنة وفقاً لأحكام المادتين 19، 47 من قانون التعليم الحر. وقد اجتمعت اللجنة في 23 من ديسمبر سنة 1956 ورأت تأجيل البت في الموضوع لتقدم منطقة القاهرة الشمالية بياناً عما إذا كان المدعي قد ارتكب مخالفات جديدة بعد صدور توصية لجنة التطهير فقامت المنطقة بتشكيل لجنة لفحص أعمال المدعي في المدارس التي كان يملكها وفي مدرسة الملائكة التي كان لا يزال يملكها ويعمل ناظراً لها وأظهر الفحص أنه ارتكب ثلاثاً وعشرين مخالفة تكفي كل واحدة منها لعزله عن النظارة وحرمانه من إدارة أية مدرسة. فرأت لجنة التعليم الحر بجلسة 14 من مايو سنة 1957 نتيجة لهذه الأخطاء والمخالفات الموافقة على ما رآه مدير المنطقة الشمالية من تنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة بشبرا - أما ما رأته اللجنة من مراعاة توصية لجنة التطهير بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة فليس إلا توصية جديدة منها. وليس تنفيذاً لقرار لجنة التطهير ذلك لأن المادة السابعة من القانون رقم 583 لسنة 1955 بإحالتها في فقرتها الأولى على الفقرة الثانية من المادة الرابعة تشترك فيمن يدير مدرسة حرة أن يكون محمود السيرة حسن السمعة. كما تنص المادة الخامسة على أنه إذا فقد صاحب المدرسة أو من يديرها أحد الشروط المبينة في المادة الرابعة وجب أن تنتقل ملكيتها إلى آخر. ولما لم يكن القانون قد حدد الجهة التي تقضي بتوافر أو عدم توافر شرط حسن السمعة. فإن لجنة التعليم الحر نتيجة دراسة ما توافر أمامها من تحقيقات ومخالفات ارتكبها المدعي - رأت أنه فاقد لشرط حسن السمعة مما يوجب منعه من إدارة أية مدرسة في المستقبل. فهذا الشطر من القرار ليس إلا تقريراً بأن المدعي فاقد لشرط حسن السمعة مما يوجب التوصية بمنعه من إدارة مدرسة. وقد أعاد الوضع القائم عند صدور قرار لجنة التطهير في سنة 1953. ولم يضف إليه جديداً يمكن أن يوجه إليه الطعن وهو كتوصية ليس له صفة نهائية ولا تنفيذية أما قرار اللجنة ذو الصفة التنفيذية فهو القرار الصادر بتنحية المدعي عن إدارة مدرسة الملائكة أما ما أثاره المدعي في صحيفة دعواه وفي مذكرته من غبار حول تصرفات المختصين من موظفي الوزارة فلا يقوم على أساس ولم يقم عليه دليل.
وعقب المدعي على دفاع الوزارة مردداً ما تضمنته صحيفة دعواه وأضاف أنه ليس للجنة شئون التعليم الحر قانوناً حرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة إذ الحرمان من اختصاص مجلس التأديب وحده. وذكر أن الشروط الخاصة بصاحب المدرسة وناظرها المنصوص عليها في المادتين 4، 7 من القانون 583 لسنة 1955 متوافرة فيه. وإن لجنة شئون التعليم الحر لا يمكنها أن تنحى نظار المدارس الخاصة. وأنه قد ثبت أن الأسباب التي استندت إليها في شأنه وهمية مختلقة كما هو ثابت في التحقيقات.
وبجلسة 22 من أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري في طلب وقف التنفيذ برفضه. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طالباً الحكم بإلغائه وبوقف تنفيذ القرار الإداري الصادر في 14 من مايو سنة 1957 بالنسبة إلى شقه الخاص بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة - وبجلسة 5 من إبريل سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية العليا بقبول هذا الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1960 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعد اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها، وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي بالمصروفات. وقامت قضاءها برفض الدفع على أن المدعي إذا كان يحصل على إعانة من الوزارة من بند الإعلانات فإنما يحصل على ما يستحقه بوصفه صاحب المدرسة وناظرها. وذلك لا يجعله موظفاً تابعاً للوزارة بل يظل من الأفراد ويحق له على هذا الأساس المطالبة بإلغاء القرارات الإدارية التي تصدر في شأنه أمام محكمة القضاء الإداري - وأقامت قضاءها برفض الدعوى على أن حاصل نصوص القانون رقم 583 لسنة 1955 وعلى هدى ما حرص المشرع على إيضاحه صراحة في مذكرته الإيضاحية أن المشرع قصد أن تقوم العلاقة بين الوزارة وبين أصحاب المدارس الحرة والقائمين عليها على أساس من الثقة والاطمئنان بوصفهم قائمين على تربية النشئ لذلك حرص المشرع على اشتراط أن يكون صاحب المدرسة الحرة ومديرها ومدرسوها وموظفوها محمودي السيرة حسني السمعة وتترخص الوزارة وجهاتها الإدارية في تقدير شرط حسن السمعة حسبما يقوم لديها من مبررات بلا معقب عليها طالما كان قرارها في ذلك قائماً على أسباب جدية لها أصول ثابتة في الأوراق من غير عسف ولا انحراف. وقد ارتكب المدعي عدة مخالفات مالية وإدارية في المدارس التي كان يملكها ويتولى إدارتها مما أدى بلجنة التطهير التي عرض عليها أمره في سنة 1953 إلى أن توصي بتنحيته عن إدارة أية مدرسة حرة تابعة للوزارة وقد استمر رغم ذلك في ارتكاب مخالفات في إدارته لمدارسه المختلفة بعد ذلك على الوجه المبين بأسباب الحكم. وقد اتخذت المنطقة التعليمية ضده إجراءات مختلفة تبعاً لجسامتها وخطورتها وصلت في بعضها إلى حد الاستيلاء على بعض مدارسه أو إغلاقها إدارياً حتى لم يبق منها إلا مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين. موضوع الدعوى كما اكتفت المنطقة في بعض المخالفات بإنذاره أو بتكليفه برد المبالغ التي استولى عليها بغير حق. ورأت في بعضها إرسال التحقيقات الخاصة بها إلى النيابة الإدارية لإجراء شئونها فيها. ولما كان بعض هذه المخالفات يتعلق بالمدرسة الوحيدة التي بقيت له فقد طلبت المنطقة من لجنة شئون التعليم الحر في 12 من نوفمبر سنة 1956 تنحيته عن نظارة هذه المدرسة وفي الوقت ذاته كتبت إليه طالبة منه التنازل عن ملكيتها إلى من يراه متوافرة فيه الشروط على اعتبار أنه قد فقد شرط حسن السمعة لما قام لديها من أسباب نتيجة لتلك المخالفات والتحقيقات فأعملت في شأنه حكم المادة الخامسة من القانون أما سقوط هذا الشرط عنه كناظر المدرسة فقد أحالت الأمر فيه إلى لجنة شئون التعليم الحر التي قررت - بعد أن وقفت على ما جد حصوله منه حتى سنة 1957 تنحيته عن نظارة هذه المدرسة على أساس ما ثبت لديها من التحقيقات والجزاءات التي صدرت ضده والتي اعتبرت معها أنه فقد شرط حسن السمعة كناظر مدرسة حرة وهو الشرط الذي استوجبته المادة السابعة من القانون - أما طعن المدعي على القرار بأنه صدر على أساس قرار لجنة التطهير الصادر في 6 من يناير سنة 1953 ففي غير محله. إذ الثابت أن لجنة شئون التعليم الحر قد رفضت أن تتخذ قراراً فيما طلبته المنطقة على أساس تقرير لجنة التطهير أما نعي المدعي على القرار بأنه إذ قضى بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة يكون قد أوقع جزاء أشد من الجزاءات التي تضمنتها المادة 32 من القانون 583 لسنة 1955 ومما لا يجوز توقيعها إلا بقرار من مجلس التأديب وبأن لجنة شئون التعليم الحر لا تملك إلا تنحية نظار المدارس في الحالات المنصوص عليها في المادة 47 من القانون التي وردت في الباب الخاص بالمدارس الحرة المجانية - وكذلك نعيه على القرار بأنه بني على غير أصول تنتجه فقد عقبت عليه المحكمة بقولها أن فقدان شرط حسن السمعة يترتب عليه سقوط أهلية صاحب المنصب في المنصب المسند إليه ما دام هذا الشرط قد شرط توفره ابتداء ذلك أنه شرط للصلاحية مطلوب بقوة القانون دون حاجة إلى محاكمة تأديبية. ولا إلى جزاء تأديبي لأن المجال هنا وهو يقوم على الثقة والاطمئنان لا علاقة له بالمحاكمات التأديبية فيكفي لتقرير جهة الإدارة ذلك أن يقوم لديها من الأسباب الجدية ما يكفي لاقتناعها بفقدان شرط حسن السمعة. وأن تكون هذه الأسباب مستمدة من أصول ثابتة في الأوراق تنتجها والثابت أن المدعي ارتكب 23 مخالفة إدارية ومالية في المدرسة موضوع القرار المطعون فيه وفي مدارسه الأخرى التي استولت الوزارة على بعضها وأغلقت البعض الآخر إدارياً وأنها حققت كل هذه المخالفات وثبت لديها صحتها واكتفت في بعضها بإنذاره أو رد ما استولى عليه بغير حق ورأت أحالة بعضها إلى النيابة الإدارية. ولا يجد ما يلزمها قانوناً بانتظار النتيجة التي انتهت إليها النيابة الإدارية لتصدر قراراً لفقدان المدعي شرط حسن السمعة فضلاً عن أنه تبين من الاطلاع على التحقيقات التي قال المدعي أنها كانت تحت تصرف النيابة الإدارية ثبوت مسئوليته فالمخالفات المنسوبة إليه قائمة فعلاً وثابتة لدى الجهة الإدارية بالقدر الكافي لجعل القرار قائماً على أسباب جدية مستخلصة من أصول ثابتة في الأوراق ولا اعتداد بما يثيره من أن لجنة شئون التعليم الحر لا تختص بتنحية أصحاب المدارس الحرة ذات المصروفات وأن اختصاصها في هذا الشأن محدد بالحالات المنصوص عليها في المادة 47 وهي واردة في الباب الثاني من القانون والخاص بالمدارس الحرة المجانية. أما المدارس الحرة ذات المصروفات فقد خصها القانون بالباب الثالث منه ولم يرد فيه حكم مماثل. لا اعتداد بذلك لأن الآثار المترتبة على انتفاء الصلاحية بفقدان شرط حسن السمعة تقع بقوة القانون بالإضافة إلى أن قانون تنظيم المدارس الحرة قد خصص الباب الأول للأحكام العامة التي تشمل المدارس الحرة على اختلاف أنواعها وفيها الشروط الواجب توافرها في صاحب المدرسة الحرة وناظرها ومديرها وموظفيها وورود الحكم الخاص بأن للجنة شئون التعليم الحر سلطة تنحية صاحب المدرسة عن النظارة إذا قام من الأسباب ما يبرر ذلك في الفقرة الثانية من المادة 47 لا يمنع من انطباقه على أصحاب المدارس الحرة عموماً فإذا كانت هذه اللجنة قد أصدرت قرارها المطعون فيه بناء على وقائع مستمدة من أصول ثابتة في الأوراق تؤدي لفقدان المدعي شرطاً من شروط الصلاحية للقيام بالتعليم الحر فإن قرارها يكون مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً - أن الحكم قد سرد الوقائع سرداً غير صحيح إذ ذكر أن المدعي لا يشغل أية وظيفة من وظائف التربية والتعليم مع أنه كان يشغل وظيفة ناظر مدرسة الملائكة المجانية المعانة ويتقاضى مرتبه من الوزارة فهو موظف حكومي على بند الإعانات واستمر ناظراً لها حتى صدر القرار المطعون فيه ثم نقل ناظراً احتياطياً في تفتيش القسم السادس عشر بالمنطقة الشمالية التعليمية بعد ذلك القرار. ثم نقل إلى وظيفة رئيس لجنة تغذية من اللجان الخمسة بمنطقة القاهرة الوسطى ورؤساء هذه اللجان جميعاً من نظار المدارس - كما جاء بالحكم أنه لم يبق للمدعي من مدارسه إلا مدرسة الملائكة الابتدائية الحرة ذات المصروفات. مع أنه يملك مدارس كثيرة منها القسم الليلي بمدرسة الصلاح والقسم الليلي بشارع قطه رقم 1 وهو ناظر لهاتين المدرستين أيضاً وهما بمصروفات. وله مدارس حرة أخرى معانة وغير معانة بمناطق المنصورة وشبين الكوم التعليمية. بل وصرحت له منطقة القاهرة الوسطى التعليمية بفتح مدرسة جديدة في سنة 1959 هي مدرسة الناصر النموذجية بحدائق شبرا.
ثانياً - أن المدعي له صفتان:
(1) فهو بوصفة ناظراً لمدرسة الملائكة الابتدائية المجانية الداخلة في نطاق الإعانة يعتبر من موظفي الدولة الذين تنظمهم الفئة (ب) المنصوص عليها في المادة الثامنة من القرار رقم 512 لسنة 1956 ويجوز تنحيته عن نظارة مدرسته طبقاً للمادة 47 من القانون 583 لسنة 1955 إذا رأت لجنة شئون التعليم الحر لأسباب جدية ما يبرر ذلك.
2 - وبوصفه ناظراً للمدرستين الليليتين اللتين تتقاضيان مصروفات يعتبر من موظفي التعليم الحر الذين تشملهم الفئة ج من المادة الثامنة من القرار الوزاري المشار إليه فيخضع لأحكام التأديب المنصوص عليها في المادتين 31، 32 من القانون 583 لسنة 1955 - ولما كان هو الوحيد القائم على إدارة هاتين المدرستين فيكون هو الناظر وهو المدير ويكون حرمانه من الإدارة هو حرماناً له من النظارة. وهذا الحرمان عقوبة تأديبية في حكم المادة 32 من القانون وتوقيعها من اختصاص مجلس التأديب وحده. وقد تعدت الوزارة اختصاصها في توقيع هذه العقوبة وأوغلت بأن جعلت الحرمان مطلقاً غير موقوت. مع أن مجلس التأديب لا يملك إلا توقيع عقوبة الحرمان من النظارة لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات إلا أن يرى المجلس فصل الموظف مع حرمانه نهائياً من شغل الوظائف بالمدارس ومنها النظارة وهذا لا يكون إلا لأمور ماسة بالأخلاق أو الشرف أو الأمانة فيكون قرار الوزارة مشوباً بعيب اغتصاب السلطة. ولا ينال من ذلك أن يكون القرار قد صدر تنفيذاً لقرار لجنة شئون التعليم الحر. إذ أن هذه اللجنة لا تملك إلا تنحية نظار المدارس الحرة المجانية وفقاً لأحكام المادتين 21، 47 من القانون أما ما جاء بالحكم من أن الوزارة وجهاتها الإدارية القوامة على شئون التعليم الحر ومدارسه تترخص في تقدير شرط حسن السمعة وجوداً وعدما فمردود بأن ذلك كله عند الترخيص لصاحب المدرسة بافتتاح مدرسته أو التصريح للموظفين من نظار ومستخدمين ببدء عملهم. وبعد ذلك لا يجوز حرمانهم من عملهم القائمين به إلا بقرار من مجلس التأديب طبقاً للمادة 32 من القانون أما ما جاء بالحكم من أن المدعي فقط شرط حسن السمعة فمردود بأنه قد وقع الاختيار عليه ليكون رئيساً للجنة التغذية ورؤساء هذه اللجان يختارون من الموظفين موضع التقدير والثقة والأمانة كما رخصت له الوزارة في سنة 1959 بافتتاح مدرسة الناصر النموذجية وذلك بالإضافة إلى أن جميع التقارير المقدمة عنه سواء قبل أو بعد القرار المطعون فيه تشيد به وبحسن سمعته.
ثالثاً: فسر الحكم القرار الصادر بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة بأنه حرمان من ملكية هذه المدارس ولا أدل على أن هذا التفسير قد جاء خاطئاً من أن الوزارة لم تمس ملكيته لمدرسة الملائكة المجانية المعانة حق الآن ولا ملكيته لمدارسه الأخرى. وتفسير محكمة القضاء الإداري للقرار على الوجه المذكور معناه أنها فرضت عليه عقوبة لم يشملها القرار المطعون فيه. وقد سبق أن طلبت منه المنطقة الشمالية نقل ملكية مدرسة الملائكة ثم عادت وسحبت هذا الطلب.
رابعاً: أن ما جاء بالحكم من أن لجنة التطهير أصدرت قراراتها بناء على تحقيقات في مخالفات نسبت إلى المدعي وأن حاله لم ينصلح رغم ما اتخذ ضده من إجراءات وتحقيقات وجزاءات بعد لجنة التطهير. مردود بأنه لم يوضع عليه أي جزاء ولم يثبت ضده أي اتهام. والعقوبة الوحيدة التي وقعت عليه بعد صدور القرار المطعون فيه بسنة تقريباً هي خصم خمسة أيام من مرتبه لاتهامه على غير أساس بأنه تسبب في ضياع 127 طابع دمغة.
خامساً: أما الاتهامات التي تقدمت بها المنطقة الشمالية التعليمية إلى لجنة شئون التعليم الحر ضد المدعي وهي ثلاثاً وعشرون تهمة فإن المدعي كان فيها ضحية للانتقام الشخصي من المنطقة الشمالية بسبب تقديمه شكوى ضد السيد/ عوض الله عثمان مساعد المفتش الذي قدم تقارير مخالفة للوائح عن مدرسة الملائكة - فكان رده على تلك الشكوى هو توجيه الاتهامات المذكورة. وذكر أنه قدم لمحكمة القضاء الإداري صورة من كتابه للمنطقة وإلى المسئولين بالوزارة برده على هذه التهم تهمة تهمة. ولكن الحكم المطعون أغفل هذه الدفاع وقال أن رده على تلك الاتهامات هو:
1 - عن التهمة الأولى: وهي أنه استولى على 26 جنيهاً و200 مليم من متحصلات النشاط بمدرسة المعهد الفرنسي المشترك في العام الدراسي 1955/ 1956 واحتفظ بها لنفسه. واكتشف مفتش القسم هذه المخالفة فرد المبلغ في 20 من فبراير سنة 1956 إلى صندوق توفير البريد - ذكر المدعي أن الثابت من تحقيق النيابة الإدارية أن هذه المدرسة كانت تسمى باسم روضة المعهد الفرنسي وتغير اسمها بأمر المنطقة إلى مدرسة المعهد الفرنسي المشترك وفي يوم 18 من فبراير سنة 1956 طلب منه السيد/ عوض الله عثمان مساعد المفتش تغيير اسم المدرسة في دفتر التوفير. فنفذ ذلك بتقديم الدفتر إلى مكتب البريد لتغيره واستلم عنه إيصالاً مؤرخاً في 20 من فبراير سنة 1956 تضمن أن رصيد الدفتر 26 جنيهاً 200 مليم وفي اليوم التالي طلب مساعد المفتش الدفتر. فرد عليه بكتاب أرسل معه إيصال مكتب البريد. وقد احتفظ مساعد المفتش بالإيصال. ولما طالبه المدعي برده ليسترد به دفتر التوفير أخذ يسوف حتى أطلعت وكيلة النيابة الإدارية عليه وعلى الكتاب المشار إليه مقدمين من المنطقة في دعوى الاستيلاء بمجلس الدولة.
2 - عن التهمة الثانية: وهي أنه استولى على نقود النشاط المدرسي بدأت المدرسة في مستهل العام الدراسي 1956 - 1957 ولم يقم بتوريدها إلا عقب الاستيلاء على هذه المدرسة فاضطر إلى دفعه إلى ناظرة المدرسة - عقب عليها المدعي بقوله أن الثابت في تحقيق النيابة الإدارية أنه لم يستطع استلام دفتر التوفير الخاص بالمدرسة والسابق الإشارة إليه. ومن ثم فقد اضطر إلى أن يصرف على النشاط المدرسي من ماله ولما بدأ العام الدراسي التالي دون أن يصل إليه الإيصال لاستلام الدفتر تقدم بشكوى للمنطقة - وفي هذا الوقت جمعت سكرتيرة المدرسة في أول العام الدراسي بعض نقود النشاط - حوالي ثلاثة جنيهات - وسلمته إليه كأمانة بمقتضى إيصال حرره على ظهر دفتر الإيصالات (123 معارف) إلى أن يسترد دفتر التوفير ويضع المبلغ فيه، فلما صدر قرار بالاستيلاء على المدرسة في 4 من سبتمبر سنة 1956 سلم المبلغ إلى الناظرة وشطب توقيعه على الإيصال المأخوذ عليه. وقد اعترفت السكرتيرة والناظرة في التحقيق بكل ذلك.
3 - عن التهمة الثالثة: وهي عدم استيفاء الدمغة على استمارات التحاق التلاميذ بمدرسة المعهد الفرنسي المشترك ومدرسة المعهد الفرنسي للبنات - عقب عليها المدعي بقوله أن سكرتيرة مدرسة المعهد الفرنسي المشترك سلمته ثمن 127 ورقة دمغة لشرائها في اليوم السابق للاستيلاء بعد الظهر واشتراها فعلاً ووضعها في مكتبة بالمدرسة ليسلمها لها في صباح اليوم التالي ولكنه فوجئ في ذلك اليوم بالاستيلاء على المدرسة ومنعه من دخولها وتم الاستيلاء في غيبته مما ترتب عليه فقدان أشياء كثيرة فتقدم بشكوى إلى النيابة الإدارية - أما دمغة مدرسة المعهد الفرنسي للبنات والاعتراف الذي تنسبه المنطقة لناظرة المدرسة فلاً يعلم عنه شيئاً.
4 - عن التهمة الرابعة: وهي أنه وقع على الدفتر 123 معارف الخاص بتحصيل نقود النشاط بالمدرسة الفرنسية المشتركة بما يفيد تسلمه المبالغ المتحصلة ثم لما اضطر لتسليم الدفتر بعد الاستيلاء شطب توقيعه - عقب عليها المدعي بقوله أن الدفتر المذكور دائماً في عهدة سكرتيرة المدرسة، ولما سلمته السكرتيرة المبالغ التي حصلتها كتب إيصالاً على ظهر هذا الدفتر. ولما رد المبلغ إلى النظارة بعد الاستيلاء على المدرسة شطب توقيعه.
5 - عن التهمة الخامسة: وهي أنه حصل مبلغ 250 مليماً من تلميذ بمدرسة الملائكة واستخرج به إيصالاً من دفتر القسائم واحتفظ به لنفسه ولم يورده - عقب عليها المدعي بأن الذي استخرج الإيصال هو سكرتير المدرسة المعين من الوزارة في مايو سنة 1956 ولم يستطع توريد المبلغ لأن خزينة البريد لا تسلم قسائم التوريد بالمدارس إذا كانت قيمتها أقل من مائة قرش. ثم ورد المبلغ بعد ذلك. ولم يحقق معه في هذه التهمة خلافاً لما تذكره المنطقة.
6 - عن التهمة السادسة: وهي أنه لم يقم بتوريد مبلغ 4 جنيهات و296 مليماً ثمن كتب لم تصرف للتلاميذ ولم ترد لتوريدات المنطقة التي طلبت خصم المبلغ من الإعانة - عقب عليها المدعي بأن سكرتير المدرسة الذي عينته الوزارة هو الذي يستلم الكتب. وقد رجع السكرتير بالمتبقي منها إلى التوريدات لتسليمه فرفضت أكثر من مرة - ورحمة بالسكرتير قبل هو أن يخصم ثمنها من الإعانة.
7 - عن التهمة السابعة: وهي أنه لم يسدد قيمة الرسوم الإضافية المستحقة على بعض تلاميذ السنة الثانية الإعدادية التي كانت ملحقة بمدرسة الملائكة - عقب عليها المدعي بأنها تهمة مختلفة ولم يجر بشأنها أي تحقيق.
8 - عن التهمة الثامنة: وهي أنه استولى على مبلغ 492 جنيهاً و400 مليم متحصلة من مدرسة المعهد المنير الإعدادية والمودعة بدفتر توفير باسم مدرسة الأميرة فتحية النائب عنها المدعي لغاية 28 من مارس سنة 1956 ولم يمكن المفتش الإداري من الاطلاع على دفتر التوفير ولا مستندات الصرف - عقب عليها المدعي بقوله بأن الثابت من تحقيق النيابة الإدارية أن لجنة التقييم قد أطلعت على هذه المستندات في مارس سنة 1957 ووقعت على كل منها وكتبت حساب مستندات الصرف حتى تاريخ زيارتها في استمارة التقييم وكتب أن الباقي حتى يوم زيارتها هو مبلغ 95 جنيهاً و153 مليماً مودع بدفتر التوفير المشار إليه. كما ذكر المدعي أن المبلغ الباقي وهو 95 جنيهاً و153 مليماً قد صرف على النشاط المدرسي بعد زيارة اللجنة وأضيف مستندات صرفها إلى باقي مستندات الصرف واعتمدتها اللجنة ولكن كل هذه المستندات المعتمدة وغير المعتمدة اختفت بعد الاستيلاء على المدرسة ومنع هو من الاشتراك في عملية الجرد.
9 - عن التهمة التاسعة: وهي تعمد إخفاء المستندات المذكورة رغم أن السيدة نعمت سعد ناظرة المدرسة قررت في التحقيق أن سكرتيرة المدرسة جميلة نصر الله ظلت بالمدرسة ثلاثة أيام بعد الاستيلاء عليها. وأنها كلفتها بتسليم عهدتها ولكنها لم تفعل - عقب المدعي على هذه التهمة بأن المنطقة هي التي طردت السكرتيرة عند الاستيلاء حتى يمكنها تلفيق الاتهام.
10 - عن التهمة العاشرة: وهي أن مدرساً بمدرسة الملائكة اتهمه بأنه أنشأ مجموعات لتلاميذ المدرسة الابتدائية المجانية. وحصل منهم مبالغ نظير ذلك مخالفاً تعليمات الوزارة - عقب عليها المدعي بقوله أن النيابة الإدارية قد حققت هذه التهمة وثبت كذبها وعوقب المدرس المبلغ وأنه طلب تقديم ملف التحقيق ولكنه لم يقدم.
11 - عن التهمة الحادية عشرة: وهي أنه كان يعطل بالمدرسة الابتدائية وهو ناظرها في الأسبوع (الجمعة والأحد) وهو يعلم أن في ذلك مخالفة صريحة - عقب عليها المدعي بقوله أنه أخذ تصريحاً بذلك من مفتشة القسم - ولما ألغي هذا التصريح جعل المدرسة تعمل يوم الجمعة.
12 - عن التهمة الثانية عشرة: وهي عدم استعماله دفاتر غياب وحضور وتأخر التلاميذ من أول العام الدراسي 1956 - 1957 حتى يوم 26 من ديسمبر سنة 1956 مهملاً بذلك التعليمات - عقب المدعى عليها بأن الذي اتهمه بذلك السيد عوض الله عثمان وأن هذه التهمة قد حققها المفتش الأول وثبت عدم صحتها.
13 - عن التهمة الثالثة عشرة: وهي أن تحقيق المفتش المساعد قد تضمن أن المدعي أدار مقصفاً لحسابه بمدرسة الملائكة تحت إشراف أحد الخدم دون مراقبة صحية متجاهلاً التعليمات - عقب عليها المدعي بأن هذا المفتش المساعد هو السيد عوض الله عثمان وبأن المفتش الإداري الأول أثبت عدم صحة هذا الاتهام وطلب في تقريره نقل مدارس المدعي من التفتيش الموجود به السيد عوض الله عثمان.
14 - عن التهمة الرابعة عشرة: وهي أنه أجر جزءاً من المدرسة المستولى عليها سكناً خاصاً عقب صدوره أمر الاستيلاء مباشرة متعمداً تعطيل تنفيذه - عقب عليها المدعي بقوله بأن الجزء الذي أجره هو مكان الحضانة التي تقرر إغلاقها وهو منفصل تمام الانفصال عن المدرسة.
15 - عن التهمة الخامسة عشرة: وهي أنه صرح في محضر البوليس عند الاستيلاء على مدارسه أنه يؤثر مصلحته المادية على كل مصلحة - عقب عليها المدعي بقوله أن فيها تحريفاً كبيراً لأنه لم يقل أكثر من أنه يجب أن يحافظ على أمواله حينما طلب اشتراكه في لجنة الجرد.
16 - عن التهمة السادسة عشرة: وهي أنه كان يستولى على جزء من مرتبات الموظفين الذين كانوا يعملون في مدارسه - عقب عليها بأنها اتهام غريب غير مستساغ منطقاً وعقلاً وأنه يتحدى المنطقة أن تثبت ذلك.
17 - عن التهمة السابعة عشرة: وهي أنه كان يحصل على مائة مليم ثمناً لاستمارة اللحاق بينما ثمنها المحدد هو خمسون مليماً محتفظاً بالفرق لنفسه - عقب عليها المدعي بقوله أنه لا صلة له بجمع ثمن الاستمارات - إذ أن كل سكرتير مختص بمدرسته. وأنه لم يجر تحقيق في ذلك.
18 - عن التهمة الثامنة عشرة: وهي أنه قام باقتطاع أجزاء عن المدارس المجانية التي تدفع له الوزارة عنها إيجاراً كاملاً. وأنشأ مدارس خاصة بمصروفات داخل المدارس المجانية - عقب عليها المدعي بقوله أن ما حدث هو أنه أنشأ حضانات مجاورة للمدارس ذات المصروفات وبني لها مرافق خاصة. ولم يتقاض عن هذه الحضانات مليماً من الوزارة كإيجار. وكانت هذه الحضانات معتمدة من المنطقة والوزارة.
19 - عن التهمة التاسعة عشرة: وهي أنه كان يلزم ناظرة المدرسة والمدرسات المعينات من قبل الوزارة بالإشراف والتدريس في هذه المدارس الخاصة - عقب عليها المدعي بقوله بأنه يحتكم في هذه التهمة إلى ملفات المدارس الخاصة إذ ثابت فيها أن لكل مدرسة ناظرتها ومدرساتها.
20 - عن التهمة العشرين: وهي أنه كان يأمر بقبول الأطفال دون السن القانونية في مدارسه المجانية - عقب عليها المدعي بقوله أنها تهمة لا ظل لها من الواقع. وأنه لا دخل له وهو صاحب المدرسة في مثل هذه الأمور التي هي من صميم عمل الناظر المعين من الحكومة.
21 - عن التهمة الحادية والعشرين: وهي أنه كتب للوزارة والمنطقة مراراً بأنه ألغى الحضانات وطلب صرف الإعانات التي أوقفتها الوزارة بسبب ما ارتكبه من مخالفات. ولما حققت المنطقة ادعاءه اتضح أنه لم يقم بتنفيذ ما قرره كما اعترف في محضر الشرطة بأن الحضانات لم تلغ إلا في يوم 4 من سبتمبر سنة 1956 وهو يوم الاستيلاء - وقد عقب المدعي على هذه التهمة بقوله بأنه يبين من التحقيق الإداري في هذا الشأن أن اللجنة المشكلة لهذا الغرض قالت عن فصول الحضانات التي قرر هو غلقها - أن هذه الفصول كانت مستعملة حضانة حتى آخر العام الماضي. ولم تقل أنها ما زالت تستعمل حتى الآن حضانات.
22 - عن التهمة الثانية والعشرين: وهي أنه نقل قسماً ليلياً يملكه بمدرسة الصلاح الابتدائية بشبرا إلى مكان آخر دون أن يخطر المنطقة وأنذر بسبب هذه المخالفة عقب عليها المدعي بقوله أنها تهمة غير صحيحة فلم ينقل هذا القسم من مكانه حتى الآن وأن الذي حدث أن الدراسة بهذا القسم أوقفت لحاجته إلى ترميم واضطر الطالب لنقله مدة الترميم إلى القسم الليلي بشارع قطة في فترة صباحية بعد أن أخطر المنطقة.
23 - عن المخالفة الثالثة والعشرين: وهي أنه خالف القانون لتشغيله فترة نهارية بمبنى القسم الليلي (جامعة شبرا الليلية) بشارع قطة/ 1 دون ترخيص - عقب عليها المدعي بأنها تكملة للاتهام السابق وأنه أخطر المنطقة بعد النقل مباشرة. ثم عاد بالقسم المذكور إلى مدرسة الصلاح بعد إتمام الترميمات.
وانتهى المدعي في تقرير طعنه إلى القول بأنه كان مجنياً عليه في معظم هذه الاتهامات وأن بعضها مختلق تماماً ولم تثر في أي تحقيق وأنه كان ضحية للانتقام الشخصي من المنطقة الشمالية.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن الوزارة قد عقبت على هذا الطعن وعلى تقرير هيئة المفوضين بمذكرتين قالت في أولاهما أن القرار المطعون فيه قد صدر من جهة تملك إصداره بحكم القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن المدارس الحرة إذ ناطت المادة 47 منه بلجنة التعليم الحر تنحية صاحب المدرسة الحرة المجانية عن النظارة إذا رأت من الأسباب ما يبرر ذلك فيكون القرار الصادر من هذه اللجنة بإبعاد المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة وهي من المدارس المجانية قد صدر من جهة تملك إصداره - ولئن كانت هذه اللجنة قد أوصت بإبعاد الطاعن عن إدارة جميع المدارس الحرة فإنه يحق للمنطقة التعليمية وهي السلطة القائمة على أمر تنفيذ القانون المشار إليه بالنسبة للمدارس التي تقع في دائرة اختصاصها أن تتبنى هذه التوصية فتستعمل سلطتها في التنفيذ المباشر فتبعد الناظر الذي يفتقد شرط الصلاحية لتولي هذه الوظيفة - وأضافت أن جهة الإدارة تترخص في تقدير توافر شروط الصلاحية ومنها شرط حسن السيرة والسمعة فيمن يعهد إليهم بإدارة المدارس الحرة بلا معقب عليها. وأن قرارها قد قام على أسباب جدية لها أصول ثابتة في الأوراق - وبعد أن تحدثت عما ارتكبه المدعي من مخالفات - انتهت في هذه المذكرة إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - أما المذكرة الثانية فقد انتهت فيها الوزارة إلى طلب الحكم أصلياً برفض الطعن واحتياطياً بعدم قبول الدعوى بشأن الطعن في قرار لجنة التعليم الحر في شقه الخاص بإبعاد المدعي عن أية مدرسة حرة وذكرت أن المدعي قصر طعنه على القرار الصادر من لجنة التعليم الحر في 14 من مايو سنة 1957 بشقيه الخاص أولهما بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية المجانية، وثانيهما بشأن أبعاده عن إدارة أية مدرسة حرة والشق الأول صادر من اللجنة المذكورة بالاستناد للسلطة المخولة لها بموجب المادة 47 من القانون رقم 583 لسنة 1955 والشق الثاني لا يعدو أن يكون توصية أو رأياً استشارياً - والطعن لا يوجه إلا إلى قرار إداري نهائي لا إلى توصية أو رأي استشاري. فالطعن في هذه التوصية لا ينصرف إلى قرار المنطقة الذي تبناها وأسبغ عليها ثوب القرار الإداري النهائي. وأنه لذلك فإن الوزارة تدفع بعدم قبول الدعوى بشأن الطعن في قرار لجنة شئون التعليم الحر لانعدام محل الطعن وهو القرار الإداري النهائي ولأنه من جهة أخرى فإن قرار المنطقة بأبعاد الطاعن عن إدارة المدارس قد أصبح حصيناً من الإلغاء بفوات مواعيد الطعن فيه. إذ أن منطقة القاهرة الشمالية قد أخطرته بقرارها المذكور في 16 من مايو سنة 1957 ولم يطعن فيه حتى الآن ثم تحدثت الوزارة عن سلطة لجنة شئون التعليم الحر التقديرية الواسعة وذكرت أنه يندرج في هذه السلطة التحقق من استمرار توافر شروط الصلاحية ومنها شرط حسن السمعة فيمن يعين ناظراً لمدرسة حرة. وتنحية من يفقد هذا الشرط. وأن معيار حسن السمعة يدق بصدد القائمين على تربية النشئ. وأنه يكفي لتحقق سوء السمعة قيام شبهات قوية تلقي ظلالاً من الشك - وقالت أنه يكشف عن فساد ذمة المدعي استيلاؤه على أموال خاصة بالنشاط المدرسي ورسوم الدمغة وحصوله على المال الحرام بكل الطرق التي كشف عنها تقرير المنطقة التعليمية الشمالية وهي الجهة التي ناط بها القانون الإشراف على مرفق التعليم وكشف المخالفات وتقويم الانحرافات - وأشارت إلى صدور قرار بمجازاة المدعي بخصم خمسة أيام من مرتبه مع إلزامه بدفع ثمن 127 ورقة دمغة خاصة بطلبات إلحاق المستجدين بمدرسة المعهد الفرنسي المشتركة. كما أشارت إلى غير ذلك من المخالفات التي نسبت إليه وانتهت إلى القول أن قرار لجنة التعليم الحر قد استمد من وقائع لها أصول ثابتة في الأوراق تنتجه. ومن ثم يكون مطابقاً للقانون لا عسف فيه ولا انحراف.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي كان يقوم بنشاط واسع في مجال التعليم الحر وأنه في 6 من يناير سنة 1953 عرض أمره على إحدى لجان التطهير المنشأة بمقتضى المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 فأوصت بأن تبعده الوزارة عن إدارة مدرسة حرة تابعة لها. ثم في 12 من نوفمبر سنة 1956 أرسل إليه مدير التربية والتعليم بمنطقة القاهرة الشمالية كتاباً جاء فيه أنه (بناء على قرار لجنة التطهير سنة 1953 - القاضي بحرمانكم من إدارة جميع المدارس الحرة - يقتضي التنازل فوراً عن ملكية مدرسة الملائكة الابتدائية إلى من ترون من ذوي الأهلية وتنطبق عليه الشروط الواردة بالقانون رقم 583 لسنة 1955 والقرار الوزاري رقم 512 لسنة 1956) - وفي ذات التاريخ طلب مدير التربية والتعليم من لجنة شئون التعليم الحر إصدار قرار بتنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية بناء على قرار لجنة التطهير بالتوصية بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة - وعرض الأمر على اللجنة بجلستها المنعقدة في 22 من ديسمبر سنة 1956 فقررت إحالته إلى أحد أعضائها لبحثه على أن تسأل منطقة القاهرة الشمالية لبيان ما إذا كان المذكور قد ارتكب مخالفات بعد قرار لجنة التطهير المشار إليه وما هي هذه المخالفات - وقدمت المنطقة إلى اللجنة مذكرة مؤرخة في 27 من إبريل سنة 1957 نسبت فيها إلى المدعي ثلاثاً وعشرين مخالفة - وبجلسة 14 من مايو سنة 1957 قررت اللجنة (موافقة المنطقة إلى ما طلبته من تنحية السيد منير رزق عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين بشبرا وذلك تطبيقاً لأحكام المادة 47 من القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة. مع مراعاة تنفيذ توصية لجنة التطهير سنة 1953 بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة) - وفي 16 من مايو سنة 1957 أرسل مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية بالقاهرة إلى المدعي كتاباً نصه: قررت الوزارة تنحيتكم عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين كما قررت حرمانكم من إدارة جميع المدارس الحرة تنفيذاً لتوصية لجنة التطهير الصادر في 6/ 1/ 1953) - وبصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 20 من مايو سنة 1957 أقام المدعي دعواه طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر في 14 من مايو سنة 1957 فيما تضمنه من تنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة.
ومن حيث إنه ولئن كان قرار لجنة شئون التعليم الحر الصادر في 14 من مايو سنة 1957 قد اقتصر على تنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية - مع الإشارة بتنفيذ توصية لجنة التطهير بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة - إلا أن المنطقة الشمالية في كتابها المرسل إليه في 16 من مايو سنة 1957 - قد أفصحت على أنها اتخذت قراراً بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة أي أنه في تاريخ إقامة المدعي لدعواه كان هناك فعلاً قراران بتنحيته عن العمل بالمدارس الحرة - أحدهما صادر من لجنة شئون التعليم الحر بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة والآخر من مدير التربية والتعليم بالمنطقة المذكورة بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة.
ومن حيث إن تحديد المدعي لطلباته في صحيفة الدعوى بوقف تنفيذ وإلغاء (القرار الصادر في 14 من مايو سنة 1957 فيما تضمنه من تنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة) - إنما كان حسبما هو مستفاد من الأوراق على أساس فهمه خطأ أن هذين القرارين (التنحية والحرمان) قد صدر بهما قرار واحد من لجنة شئون التعليم الحر - ذلك الفهم الذي استخلصه من كتاب المنطقة التعليمية المؤرخ في 16 من مايو سنة 1957 ومن علمه السابق بأن أمره كان معروضاً على تلك اللجنة - ولئن كان المدعي قد حدد طلباته على الوجه المذكور إلا أنه لا شك في أنه قد استهدف بها إلغاء أي قرار سابق على إقامة الدعوى محله حرمانه من نظارة أو إدارة المدارس المشار إليها جميعها - وإذ تبين بعد ذلك أن تنحيته وحرمانه قد صدر بهما قراران من جهتين مختلفين لا قرار واحد - فإنه لا مراء في أن دعواه المقامة بالطلبات المذكورة ضد الوزارة التي تتبعها هاتان الجهتان تنصرف إلى هذين القرارين معاً - لما كان طعنه بالنسبة إلى حرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة قد انصب - لا على توصية اللجنة بهذا الحرمان - بل على القرار الصادر به - كما أنه قد أقام الدعوى قبل انقضاء الميعاد المحدد لطلبات الإلغاء فإن دعواه تكون مقبولة ويكون الدفع بعدم قبولها بالنسبة إلى الطعن في حرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة غير قائم على أساس سليم مما يتعين معه رفضه.
ومن حيث إنه في 27 من مايو سنة 1957 أرسل إلى مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية كتاباً إلى المدعي في شأن تنحيته عن العمل بمدارسه طالباً منه بيان اسم من حل محله في إدارة مؤسساته الحرة الثلاث وهي مدرسة الملائكة - والقسم الليلي بشارع قطه - والقسم الليلي بمدرسة الصلاح. والمستفاد من هذا الكتاب أن قرار حرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة قد شمل المدرستين الليليتين المذكورتين وهما حسبما بان من الأوراق من المدارس الحرة التي تتقاضى مصروفات.
ومن حيث إن القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة الذي صدر في ظله القراران المطعون فيهما قد نص في المادة 29 منه على اختصاصات لجنة شئون التعليم الحر - ومن بين هذه الاختصاصات (تنحية نظار المدارس في الحالات المنصوص عليها في المادة 47). وقد وردت المادة 47 المشار إليها في الباب الثاني من القانون - وهو باب خاص بالمدارس الحرة المجانية - ونصت في الفقرة الثانية منها على أنه (يجوز بقرار يصدر عن لجنة شئون التعليم الحر بناء على اقتراح مدير التربية والتعليم بالمنطقة تنحية صاحب المدرسة عن النظارة إذا رأت من الأسباب ما يبرر ذلك). ووفقاً لأحكام هذين النصين يقتصر اختصاص اللجنة بالتنحية عن النظارة على المدارس الحرة المجانية - دون المدارس التي تتقاضي مصروفات التي خصص لها القانون الباب الثالث منه ولم يرد فيه حكم مماثل لنص الفقرة الثانية من المادة 47.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين مدرسة حرة مجانية - فإن تنحية صاحبها عن نظارتها متى قام السبب المبرر لذلك يكون من اختصاص اللجنة المشار إليها. وإذ اقتصر قرار اللجنة على تنحية المدعي عن نظارة تلك المدرسة بناء على الاقتراح المقدم لها من مدير التربية والتعليم المختص - فإنه لا يكون هناك وجه للنعي عليه بأنه مشوب بعيب عدم الاختصاص. أما ما أشارت به اللجنة من تلقاء نفسها - من مراعاة توصية لجنة التطهير بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة. بما في ذلك بطبيعة الحال المدارس التي تتقاضى مصروفات - فإنه لا ينطوي حسبما ذهبت إليه الوزارة يحق على قرار إداري - ولا يعدو في الواقع من الأمر أن يكون رأياً أو توجيها للجهة ذات الاختصاص لاتخاذ ما تراه من قرارات في هذا الشأن.
ومن حيث إنه ولئن كان القانون رقم 583 لسنة 1955 المشار إليه قد خول مدير التربية والتعليم بالمنطقة من الاختصاصات ما يكفل له الإشراف التام على المدارس الحرة الداخلة في حدود اختصاصه وأحكام الرقابة عليها وعلى العاملين فيها إلا أنه قد خلا من أي نص يخوله تنحية نظار تلك المدارس أو مديريها عن عملهم بقرار منه - وأجاز أن توقع هذه التنحية كجزاء تأديبي يصدر به قرار من مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة 34 منه إذ من بين الجزاءات التي يجوز لهذا المجلس توقيعها على موظفي المدارس الحرة غير المعينين على درجات وفقاً لأحكام المادة 32: (التنزيل عن وظيفة النظارة - الحرمان المؤقت من الاشتغال بالنظارة لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات - الحرمان من الاشتغال بوظائف التعليم لمدة لا تزيد على ثلاثة سنوات - الفصل - الفصل مع الحرمان النهائي من شغل الوظائف بالمدارس. ولا توقع العقوبة الأخيرة إلا لأمور ماسة بالأخلاق أو الشرف أو الأمانة.
ومن حيث إنه لذلك فإن مدير المنطقة التعليمية الشمالية إذ أصدر قرار بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة يكون قد خرج عن حدود اختصاصه المحدد في القانون ويكون هذا القرار مشوباً بعيب عدم الاختصاص.
ومن حيث إن السبب الذي قام عليه حرمان المدعي من نظارة إحدى مدارسه ومن إدارة باقيها هو حسبما تنطق به الأوراق وحسبما أفصحت عنه الوزارة في دفاعها فقده لأحد الشروط الواجب توافرها وفقاً لأحكام المادتين والرابعة والسابعة من القانون رقم 583 لسنة 1955 في صاحب المدرسة الحرة وفيمن يديرها وهو أن يكون محمود السيرة حسن السمعة - وقد استخلصت قيام هذا السبب من الوقائع التي تضمنتها مذكرة المنطقة الشمالية التعليمية المؤرخة في 27 من إبريل سنة 1954 والتي عرضت على لجنة شئون التعليم الحر بجلستها المنعقدة في 14 من مايو سنة 1957.
ومن حيث إن حسن السمعة وطيب السيرة عبارة عن مجموعة من الصفات يتحلى بها الشخص وتوحي بالثقة فيه وتدعو إلى الاطمئنان إليه وإلى تصرفاته وهو على هذا النحو صدى لتصرفات الشخص وأفعاله.
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل أن تقدير توافر شرط حسن السيرة والسمعة أو عدم توافره فيمن يعهد إليهم بالقيام على شئون التربية والتعليم من الأمور التي تترخص الإدارة فيها إلا أنه يتعين أن تكون النتيجة التي تصل إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من وقائع صحيحة منتجة في الدلالة على هذا المعنى. وإلا كان قرارها فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن كلاً من لجنة شئون التعليم الحر والمنطقة التعليمية الشمالية قد بنت ما انتهت إليه في شأن فقدان المدعي للشرط المذكور على ما جاء بالمذكرة السابق الإشارة إليها من ارتكابه ثلاثاً وعشرين مخالفة. فإنه في مجال الحكم على مدى سلامة ما انتهت إليه يتعين بحث مدى صحة الوقائع التي قامت عليها هذه التهم وما إذا كانت قد صدرت عن المدعي تصرفات يمكن أن يستخلص منها استخلاصاً سائغاً أنه سيىء السمعة غير محمود السيرة. أو أنه ليس في هذه التصرفات ما من شأنه أن يؤدي إلى هذه النتيجة.
ومن حيث إنه من بين الاتهامات التي وجهت إليه ما تناوله تحقيق النيابة الإدارية وهي التهم الأربع الأولى والتهمتان الثامنة والتاسعة.
ومن حيث إن التهم الأولى والثانية والرابعة تتحصل في أن المدعي:
(1) استولى على مبلغ 26 جنيهاً و200 مليم من متحصلات النشاط بمدرسة المعهد الفرنسي المشترك في العام الدراسي 1955 - 1956 واحتفظ به لنفسه حتى كشفت المخالفة وكلف برد المبلغ فقام برده في 20 من فبراير سنة 1956.
(2) وأنه استولى على نقود النشاط بذات المدرسة في مستهل العام الدراسي 1956 - 1957 ولم يقم بتوريدها إلا بعد الاستيلاء على المدرسة.
(3) وأنه وقع على الدفتر رقم 123 معارف الخاص بتحصيل نقود النشاط بذات المدرسة بما يفيد استلامه المبالغ المتحصلة. ولما اضطر لتسليم الدفتر بعد الاستيلاء شطب توقيعه.
ومن حيث إن المستفاد من تحقيق النيابة الإدارية لهذه الوقائع.
أولاً: أنه بالنسبة إلى الواقعة الأولى تبين أن مبلغ الـ 26 جنيهاً و200 مليم كان مودعاً بدفتر توفير المدرسة الذي كان قد قدم إلى مكتب البريد في 27 من فبراير سنة 1957 لتغيير اسم صاحبه من (روضة المعهد الفرنسي) إلى الاسم الجديد للمدرسة وهو (المعهد الفرنسي المشترك). كما قرر المفتش الإداري عضو لجنة التقييم أنه راجع عملية النشاط المدرسي إيراداً ومنصرفاً أثناء عملية التقييم وراجع المستندات والدفاتر في العام الدراسي 1955 - 1956 فتبين له أن ما حصل هو حوالي مبلغ 26 جنيه وبضعة مليمات وأن المقيد بالدفاتر بموجب المستندات يزيد على ما حصل بحوالي ثلاثة جنيها تحملها المدعي.
ثانياً: أن مبلغ النشاط المدرسي الخاص بالعام الدراسي 1956 - 1957 وقدره 3 جنيهات و800 مليم كانت سكرتيرة المدرسة قد حصلته في المدة من 25 من أغسطس إلى 4 من سبتمبر سنة 1956 وسلمته إلى المدعي ليقوم بتوريده إلى صندوق التوفير. إلا أن ذلك تعذر عليه لأن دفتر التوفير كان لازال لدى مكتب البريد لتغيير اسم صاحبه - وبعد الاستيلاء على المدرسة رد المدعي هذا المبلغ إلى ناظرتها.
ثالثاً: أن سكرتيرة المدرسة لما سلمت المبلغ المذكور إلى المدعي وقع بما يفيد استلامه على ظهر الإيصالات بالدفتر رقم 123. فلما أعاد المبلغ إلى الناظرة شطب توقيعه - وقد انتهت النيابة الإدارية إلى أنها ترى حفظ الموضوع ووفق على اقتراحها (ملف النيابة الإدارية رقم 268/ 1 سنة 1957) وواضح مما انتهى إليه التحقيق أن التهم الثلاث المشار إليها لم تكن قائمة على أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمة السابعة ومحصلها وجود استمارات التحاق بالمعهد الفرنسي المشترك غير مستوفاة لرسم الدمغة - فإن المستفاد من تحقيق النيابة الإدارية أنه قبل استيلاء الوزارة على هذه المدرسة كان العمل يجري على أن يقوم المدعي باستحضار أوراق الدمغة ويسلمها إلى السكرتيرة بالقدر الذي تسلمه ثمنه. وأنه في بداية العام الدراسي 1956/ 1957 سلمته السكرتيرة ثمن أوراق الدمغة لاستحضارها كالمعتاد وقرر المدعي أنه أحضرها فعلاً وأودعها بمكتب الناظرة ثم حدث الاستيلاء على المدرسة. وثم استلامها بإجراءات غير سليمة دون أن يمكن من الاشتراك فيها. فلم يعثر على تلك الأوراق - وأنه ولئن كانت النيابة الإدارية قد انتهت إلى مسئولية المدعي عن عدم استيفاء بعض طلبات الالتحاق بالمدرسة لرسم الدمغة - ولئن كان قد جوزي عن هذه الواقعة بخصم خمسة أيام من مرتبه - إلا أنه ليس في الأوراق ما يمكن أن يستخلص منه أنه قصد الاستيلاء على ثمن أوراق الدمغة بل كل ما يمكن أن ينسب إليه هو أنه تأخر في استيفاء رسم الدمغة على بعض طلبات الالتحاق حتى فوجئ بالاستيلاء على المدرسة (ملف النيابة الإدارية رقم 267/ 1 سنة 1957).
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمتين الثامنة والتاسعة ومحصلهما أنه استولى على مبلغ 493 جنيهاً و400 مليم متحصل من مدرسة العهد المنير الإعدادية للبنات والمودعة بدفتر توفير باسم مدرسة الأميرة فتحية ولم يمكن المفتش الإداري المختص من الاطلاع على دفتر التوفير ولا مستندات الصرف وتعمد إخفاء المستندات المذكورة - فإن المستفاد من تحقيق النيابة الإدارية أنه ثابت بمحضر لجنة تقييم المدرسة في أغسطس سنة 1956 ومما أوضحه المفتش الإداري المختص أن مستندات صرف هذا المبلغ كانت موجودة وأطلع عليها المفتش عضو اللجنة ووقع عليها وعلى المستندات كما وجد أن حساب النشاط المدرسي مضبوط ووافقت المنطقة في 8 من أغسطس سنة 1957 على صرف المبلغ الذي ثبت صرفه وقدره 495 جنيهاً و597 مليم وبناء على ذلك انتهت النيابة الإدارية إلى اقتراح حفظ الموضوع ووفق على اقتراحها. كما أن المستفاد من التحقيق أيضاً أن المراقبة القضائية بديوان المحاسبة طلبت تحديد المسئولية في الإهمال الذي وقع من لجنة الاستيلاء عند استيلائها على المدرسة في 10 من سبتمبر سنة 1956 وذلك لأنها منعت السكرتيرة من الدخول ولم تطالبها بتسليم ما بعهدتها من مستندات وأوراق ودفاتر. كما أنها لم تستدع صاحب المدرسة لحضور عملية الاستلام مما ترتب عليه تعذر تحديد المسئولية بالنسبة لواقعة فقد المستندات الخاصة بنقود النشاط المدرسي عن العام الدراسي 1955/ 1956 وقد انتهت النيابة الإدارية في مذكرتها بنتيجة تحقيقها في هذا الشأن إلى اقتراح لفت نظر السيدة نعمت سعد لطف الله ناظرة مدرسة العهد المنير لأنها في المدة من 20 من أغسطس سنة 1956 إلى 11 من سبتمبر سنة 1956 قد خرجت على مقتضى الواجب بإهمالها في عملها الذي ترتب على عدم العثور على مستندات صرف النشاط بالمدرسة عام 1955/ 1956 عند الاستيلاء عليها وتعذر تحديد المسئولية في هذا الشأن (ملفاً النيابة الإدارية رقما 266/ 1 سنة 1957) وواضح مما انتهى إليه التحقيق أن هاتين التهمتين بدورهما لا تقومان على أساس سليم.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالتهم الأخرى فإن أحديهما وهي التهمة السابعة عشرة كانت محل تحقيق إداري في سنة 1952 - وبعضها كان محل مكاتبات تبودلت بين المدعي بين المنطقة التعليمية وهي التهم السادسة والثانية والعشرون والثالثة والعشرون ومنها ما أشار إليه تقرير أحد المفتشين الإداريين ومنها ما لم تقدم الوزارة ما يدل على وقوعه من المدعي.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمة السابعة عشرة ومحصلها أن المدعي كان يحصل على مائة مليم ثمناً لاستمارة الالتحاق بالمدرسة بينما الثمن المحدد لها خمسون مليماً فإن المدعي قد عقب عليها في أقواله في التحقيق الإداري الذي أجري في نوفمبر سنة 1952 مبيناً أن سكرتيرة المدرسة كانت تحصل بالإضافة إلى ثمن الاستمارة ثمن دوسيه ومظروف كبير لحفظ أوراق الطالب وكانت تخير ولي الأمر بين إحضار الدوسيه والمظروف وبين دفع ثمنهما. وليس في الأوراق ما يفيد أن هذا التحقيق قد انتهى إلى أدانته أو إدانة السكرتيرة (صفحة 147، 148 من ملف خدمة المدعي).
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمة السادسة وهي تتحصل في أنه لم يقم بتوريد مبلغ 4 جنيهات و296 مليم ثمن كتب لم تصرف للتلاميذ ولم ترد إلى المنطقة فإن الثابت من الأوراق أن المدعي أرسل كتاباً إلى المنطقة التعليمية في 2 من نوفمبر سنة 1955 بين فيه أن سكرتير المدرسة قد تردد على المنطقة طالباً رد تلك الكتب ولكن طلبه لم يقبل - واقترح في هذا الكتاب إما أن تسترد المنطقة الكتب وإما أن تخصم ثمنها من الإعانة المستحقة له - ومؤشر على هذا الكتاب في 10 من نوفمبر سنة 1955 بما يفيد موافقة المنطقة عليه (صفحة 27 من ملف مدرسة الملائكة) وبذلك تكون هذه التهمة على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين ومحصلهما أنه نقل قسماً ليلياً بشبرا إلى مكان آخر دون أن يخطر المنطقة وأنه خالف قانون التعليم الحر وأنذر لتشغيله فترة نهائية بمبنى القسم الليلي - فإن المستفاد من الأوراق أنه في 22 من يناير سنة 1957 أرسل المدعي كتاباً إلى مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية يخطره فيه أنه اضطر إلى نقل قسم البنات بمدرسة الصلاح للبنات مؤقتاً إلى فترة مسائية بمكان البنين بشارع قطة لأن مبنى مدرسة الصلاح في حاجة إلى ترميم. وأن الحال سيعود إلى ما كان عليه بمجرد الانتهاء من الإصلاحات (صفحة 131 من ملف مدرسة الملائكة) وقد قام مهندس المنطقة بمعاينة مدرسة الصلاح في 12 من مارس سنة 1957 ووقف على ما هي بحاجة إليه من إصلاح (صفحة 148 من ذات الملف) ولئن كانت المنطقة قد رأت في تصرف المدعي مخالفة للقانون إلا أنه ليس فيه ما يستخلص منه مساس بسمعته أو سيرته.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهم التي أشار إليها أحد المفتشين المساعدين بمنطقة القاهرة الشمالية في تقريره المؤرخ في 6 من يناير سنة 1957 وهي أنه كان يعطل المدرسة الابتدائية يومين في الأسبوع وظل فترة لا يستعمل دفاتر غياب وحضور التلاميذ وإدارته مقصفاً لحسابه (صفحة 290 من ملف مدرسة الملائكة) فبالإضافة إلى أن المدعي قد عقب عليها في تقرير طعنه بأنها قد حققت وثبت عدم صحتها - فإن هذه التهم متعلقة بإدارته لمدرسة الملائكة وقد أودع بملف الدعوى عدة تقارير عن التفتيش على هذه المدرسة منها اثنان أحدهما عن سنة 1955/ 1956 والآخر عن سنة 1957 وقد تضمن أولهما أن المدعي يشرف على جميع أعمال المدرسة الفنية والإدارية إشرافاً حازماً وان التقرير العام (جيد جداً) وجاء في ثانيهما وهو محرر في 7، 8، 9 من مايو سنة 1957 أن المدعي جاد في عمله مخلص لواجبه وأن صلته بالمدرسة والأهالي طيبة وأن التقدير العام (جيد) فليس من المستساغ اعتبار التهم المشار إليها المتعلقة بإدارته للمدرسة المذكورة والتي لم يكن لها صدى على حسن إدارته لها ماسة بسمعته وسيرته.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى باقي التهم الموجه إلى المدعي فإنه بالإضافة إلى أنه عقب عليها في تقرير طعنه نافياً لها. فإنه ليس فيما أودعته الوزارة من أوراق ما يساندها.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن تحقيقات النيابة الإدارية في أخطر التهم التي نسبتها المنطقة التعليمية إلى المدعي - وهي المتعلقة باستيلائه على أموال بعض المدارس وإخفاء مستنداتها قد أسفرت عن عدم قيام هذه التهم على أساس سليم كما أنه ليس فيما أسفرت عنه الاتهامات الأخرى ما يمكن أن يستخلص منه استخلاصاً سائغاً أن المدعي فاقد لشرط السمعة الحسنة والسيرة الحميدة.
ومن حيث إنه لذلك. وإذا استخلصت الجهة الإدارية فقدانه لهذا الشرط من الاتهامات المذكورة - فإن استخلاصها يكون غير سائغ من أصول لا تنتجه ويكون القراران الصادران بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة باقي المدارس الحرة تأسيساً على فقدانه الشرط المذكور - باطلين لعدم قيامهما على سبب صحيح يبررهما - وذلك بالإضافة إلى أن ثاني هذين القرارين وهو الصادر من مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية مشوب بعيب عدم الاختصاص حسبما سبق البيان.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم ويكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب قد خالف القانون ويتعين إلغاؤه والقضاء بإلغاء القرارين سالفي الذكر مع إلزام الحكومة المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر بتنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين والقرار الصادر بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة. وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 1207 لسنة 7 ق جلسة 6 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 9 ص 79

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

-----------------

(9)

القضية رقم 1207 لسنة 7 القضائية

(أ) دعوى. ”الحكم فيها. أسباب بطلان الأحكام" نظام عام.
توقيع مسودة الحكم المشتملة على منطوقه من عضوين في دائرة ثلاثية يترتب عليه بطلان الحكم بطلاناً يتعلق بالنظام العام - أساس ذلك وأثره.
(ب) موظف "مدة خدمة سابقة" 

قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 - شرط اتحاد طبيعة العمل السابق مع طبيعية العمل الجديد - لا يتوفر بين وظيفة محاسب ومراجع ووظيفة مدرس مواد اجتماعية - أساس ذلك.
(جـ) موظف "ترقية". كادر سنة 1939 

- ضم مدة خدمة سابقة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 20 أغسطس سنة 1950 - لا يجوز الاستناد إليها في الطعن في قرار الترقية الصادر في 30/ 9/ 1950 والذي نص فيه على سريان الترقية من أول أغسطس سنة 1950 - أساس ذلك.

-----------------
1 - أن الثابت أن مسودة الحكم المشتملة على منطوقه لم توقع إلا من اثنين من أعضاء الدائرة بمحكمة القضاء الإداري الثلاثية، ومن ثم فإن الحكم يكون قد صدر باطلاً طبقاً لنص المادة 246 من قانون المرافعات المدنية والتجارية. والبطلان في هذه الحالة بطلان لا يقبل التصحيح لانطوائه على إهدار لضمانات جوهرية لذوي الشأن من المتقاضين، إذ توقيع الحكم هو الدليل الوحيد على صدوره من القضاة الذين سمعوا المرافعة وتداولوا فيه الذين من حق المتقاضي أن يعرفهم، وبهذه المثابة يكون البطلان أمراً متعلقاً بالنظام العام تتحراه المحكمة بحكم وظيفتها وتحكم به من تلقاء نفسها دون حاجه إلى الدفع به.
2 - إن وظيفة المدرس حسبما جرى بذلك قضاء هذه المحكمة تتطلب بطبيعتها فيمن يضطلع بها قدرات فنية وسيطرة على الناشئة واستعداداً على مستوى معين وتأهيلاً تربوياً خاصاً وهو مما لا يتوافر في عمل المراجع والمحاسب. ومن ثم فإن شرط اتحاد طبيعية العمل السابق مع طبيعية العمل الجديد وهو الشرط الذي استلزمه قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 يكون غير متحقق في شأن المدعي الذي لا يفيد تبعاً لذلك من أحكام هذا القرار لاسيما أن التماثل في الطبيعة أنما هو متطلب في العمل السابق والعمل الجديد، لا العمل الذي يسند إلى الشخص بعد ذلك.
3 - لئن كانت القرارات الخاصة بحركة الترقيات إلى الدرجة الخامسة التي يطالب المدعي بإلغائها فيما تضمنته من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة قد صدرت في 30 من سبتمبر سنة 1950 أي بعد 20 من أغسطس سنة 1950 تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء الذي أنشأ له الحق في إرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 17 من يناير سنة 1944 إلا أنه يبين من أوراق الدعوي أن القرارات المشار إليها قد نص فيها على اعتبار الترقية التي تضمنتها سارية من أول أغسطس سنة 1950 على أن تصرف علاوات الترقية من أول سبتمبر سنة 1950 بما لا يدع مجالاً لشبهه في خصوص انصراف قصد مصدرها إلى إسناد نفاذها إلى تاريخ سابق على تاريخ صدورها وهو أمر أجازته أحكام كادر سنة 1939 الصادر تنفيذاً له منشور وزارة المالية رقم 4 لسنة 39 ملف رقم ف 234 - 2/ 14 الذي يقضي في البند الثالث من باب الترقيات الوارد به بأن "الترقيات تبتدئ من تاريخ القرار الصادر بها أو من التاريخ المنصوص علية فيه بشرط ألا يكون سابقاً لأول الشهر الذي يصدر فيه هذا القرار ولا تجاوز أول الشهر الذي يلي تاريخ القرار". هذا بالإضافة إلى أن حركة الترقيات الصادرة بها القرارات المطعون فيها إنما تمت بالاستناد إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 27 أغسطس سنة 1950 الذي قضي باعتبار الترقيات التي تتم في شهر سبتمبر سنة 1950 كأنها تمت في شهر أغسطس سنة 1950 وبمنح الماهية القانونية لمن كانوا يستحقون الترقية في شهر أغسطس سنة 1950 من أول سبتمبر سنة 1950 ومن ثم فلا حاجه لإهدار التاريخ الذي نص عليه لنفاذ هذه القرارات أو عدم الاعتداد به نعياً عليه برجعية الأثر طالما أنه يجد سنده فيما تقدم من نصوص فضلاً عن كونه لا ينطوي على المساس بمراكز قانونية اكتسبت في ظل قرارات ترقية أخرى صدرت في قترة الرجعية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 5 من مايو سنة 1960 وأن الطاعن تقدم إلى لجنة المساعدة القضائية لإعفائه من رسوم هذا الطعن في 4 من يوليه سنة 1960 أي في خلال ميعاد الستين يوماً المقرر للطعن، وأن قرار اللجنة بإعفائه صدر بجلسة 2 من إبريل سنة 1961 فأقام طعنة بإيداع عريضته قلم كتاب هذه المحكمة في 21 من مايو سنة 1961، أي في الميعاد القانوني، وفقاً لما جرى عليه قضاؤها في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية القاطع لميعاد رفع الطعن.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى الراهنة ضد وزارة التربية والتعليم بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 10 من أغسطس سنة 1959 طالباً الحكم: "بتعديل أقدميته في الدرجة الخامسة بالكادر الفني العالي بردها إلى أول أغسطس سنة 1950 بدلاً من 31 من مارس سنة 1954 وإلغاء القرار الصادر بتاريخ 25 من أغسطس سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة الفنية العالية مع ما يترتب على ذلك من آثار إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال شرحاً لدعواه أنه حصل في عام 1943 على بكالوريوس التجارة شعبة المحاسبة، والتحق بوظيفة محاسب ومراجع بمكتب البلاد المحتلة في 11 من يناير سنة 1944، واستقال منها في 5 من فبراير سنة 1947 ثم عين في وظيفة مدرس بوزارة التربية والتعليم من الدرجة السادسة الفنية العالمية اعتباراً من 12 من فبراير سنة 1947، وطلب فور تعيينه ضم مدة خدمته السابقة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 في مايو سنة 1947 بيد أن الوزارة رفضت طلبه لاختلاف عمله السابق في طبيعته عن عمل المدرس، ثم أصدرت في 12 من فبراير سنة 1958 قراراً بضم مدة خدمته السابقة إلى أقدميته في الدرجة السادسة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 وأرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 17 من يناير سنة 1944. وفي 31 من مارس سنة 1954 رقي إلى الدرجة الخامسة. ولما كانت الوزارة قد أجرت حركة ترقيات إلى الدرجة الخامسة نفذت اعتباراً من أول أغسطس سنة 1950 رقي بموجبها كل من ترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى أول أكتوبر سنة 1944 فإنها إذ تخطته في الترقية إلى هذه الدرجة بمن هم أحدث منه في أقدمية الدرجة السادسة تكون قد خالفت القانون وأضاف أنه برد أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول أغسطس سنة 1950 يكون أحق بالترقية ممن شملهم القرار الصادر في 25 من أغسطس سنة 1955 بترقية كل من ترجع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول أغسطس سنة 1950 وذكر أن علمه بهذه القرارات لم يتحقق إلا في إبريل سنة 1959 وأنه تظلم منها إلى الوزير في 10 من مايو سنة 1959 وبجلسة من 5 مايو سنة 1960 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه قاضياً برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات، واستندت في قضائها إلى أن المدعي لا يفيد من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 مايو سنة 1947 لاختلاف طبيعة عمل المحاسب في مكتب البلاد المحتلة عن طبيعة العمل الذي التحق به بوزارة التربية والتعليم وهو تدريس اللغة الإنجليزية بصفه خاصة وعن عمل المدرس بصفه عامة وهو العمل الذي يقوم أصلاً على أساس تربوي ومستوى فني معين. وأضافت المحكمة أنها لا تقر التسوية التي أجرتها الوزارة بضم مدة خدمة المدعي السابقة وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 لأنه ولئن كان هذا القرار لم يتضمن نصاً يستلزم اتحاد طبيعة العملين السابق واللاحق، إلا أنه يتعين تقرير مثل هذا الشرط. ولما كانت الترقية إلى الدرجة الخامسة منذ أول أغسطس سنة 1950 قد شملت المستخدمين حتى سنة 1944 الذين لا تجاوز أقدميتهم في الدرجة السادسة أول أكتوبر سنة 1944 فإن المدعي يكون غير محق في طلبة الأول وبالتالي غير محق في طلبة الثاني.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب حين رفض تسوية حاله الطاعن على مقتضى أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بحجة اختلاف طبيعة العمل، وحين ذهب إلى القول بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 يشترط لجواز ضم مدة الخدمة السابقة وجوب اتحاد طبيعة العمل السابق واللاحق، كما أخطأ إذ أغفل بحث مدى إفادة الطاعن من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أغسطس سنة 1950.
ومن حيث إنه قد استبان لهذه المحكمة من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه صدر من "هيئة الترقيات والتعيينات" إحدى دوائر محكمة القضاء الإداري الثلاثية المشكلة طبقاً للفقرة الرابعة من المادة الرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة برئاسة السيد المستشار حسن السيد أيوب وعضوية السيدين محمد نيازي وخليل شنياره المستشارين. وقد حضر ثلاثتهم جلسة 10 من مارس سنة 1960 التي تقر فيها حجز الدعوى للنطق بالحكم بعد سماعهم المرافعة فيها. إلا أن مسودة الحكم المشتملة على منطوقه لم توقع إلا من اثنين من أعضاء الدائرة لمحكمة القضاء الإداري الثلاثية، ومن ثم فإن الحكم يكون قد صدر باطلاً لنص المادة 346 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، والبطلان في هذه الحالة بطلان لا يقبل التصحيح لانطوائه على إهدار لضمانات جوهرية لذوي الشأن من المتقاضين، إذ توقيع الحكم هو الدليل الوحيد على صدوره من القضاء الذين سمعوا المرافعة وتداولوا فيه والذين من حق المتقاضي أن يعرفهم، وبهذه المثابة يكون البطلان أمراً متعلقاً بالنظام العام تتحراه المحكمة بحكم وظيفتها وتحكم به من تلقاء نفسها دون حاجه إلى الدفع به.
ومن حيث إن الطعن في الحكم من جانب ذوي الشأن يفتح الباب أمام المحكمة الإدارية العليا بوصفها قمة التنظيم القضائي في المنازعات الإدارية، لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ولتسلط رقابتها عليه بأكمله متصدية له في كل من شكله وموضوعه لاستظهار ما إذا كان قضاؤه يطابق القانون أو لا يطابقه لتعلق الأمر بمشروعية أو عدم مشروعية القرار موضوع المنازعة ومحل الحكم.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الدعوى ينحصر في استجلاء مدى أحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة بمكتب البلاد المحتلة بوصفها مدة خدمة حكومية إلى مدة خدمته الحالية بوزارة التربية والتعليم بالتطبيق لأحكام قرارات مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 و20 أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950، وما يترتب على هذا الضم - إن كان له فيه وجه حق - ومن تحديد لمركزه القانوني في أقدمية الدرجة السادسة يطوع له التزاحم في الترقية إلى الدرجة الخامسة والدرجة الرابعة بالأقدمية مع من رقوا إلى هاتين الدرجتين.
ومن حيث إن وظيفة محاسب مراجع التي كان يشغلها المدعي إبان عمله بمكتب البلاد المحتلة في الفترة من 11 يناير سنة 1944 حتى 5 من فبراير سنة 1947 لا تكسبه خبرة في وظيفة مدرس مواد اجتماعية التي باشر عملها إثر تعيينه بمدرسة الغردقة الابتدائية حتى تاريخ نقله إلى مدرسة شبين الكوم الابتدائية بأمر النقل رقم 136 في 29 من سبتمبر سنة 1948 إذ لم تسند إليه وظيفة مدرس مواد تجارية إلا بأمر النقل رقم 14 في 29 من أغسطس سنة 1955، وذلك أن وظيفة المدرس حسبما جرى بذلك قضاء هذه المحكمة تتطلب بطبيعتها فيمن يضطلع بها قدرات فنية وسيطرة على الناشئة واستعداداً على مستوى معين وتأهيلاً تربوياً خاصاً وهو ما لا يتوافر في عمل المراجع والمحاسب. ومن ثم فإن شرط اتحاد طبيعة العمل السابق مع طبيعة العمل الجديد وهو الشرط الذي استلزمه قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 يكون غير متحقق في شأن المدعي الذي لا يفيد تبعاً لذلك من أحكام هذا القرار لا سيما أن التماثل في الطبيعة إنما هو متطلب في العمل السابق والعمل الجديد، لا العمل الذي يسند إلى الشخص بعد ذلك.
ومن حيث إنه في 20 من أغسطس سنة 1950 أصدر مجلس الوزراء قراراً يقضي بحساب مدة الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة دون أيه زيادة في المرتب، وذلك بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية سواء كانت تلك المدة قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل على أن يسرى ذلك في شأن حملة المؤهلات الدراسة الذين وضعوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم قبل 9 من ديسمبر سنة 1944، وكذلك الذين وضعوا أو يوضعون على تلك الدرجات بعد هذا التاريخ واشترط للإفادة من أحكامه أن لا يكون السبب في انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك وأن لا تزيد مدة ترك العمل على خمس سنوات.
ومن حيث إنه على مقتضى قرار مجلس الوزراء المتقدم ذكره يكون من حق المدعي حساب مدة الخدمة الحكومية التي قضاها بمكتب البلاد المحتلة على غير درجة في المدة من 11 من يناير سنة 1944 حتى 5 من فبراير سنة 1947 أياً كانت طبيعتها في أقدمية الدرجة السادسة المقررة لمؤهله والتي وضع عليها 12 من فبراير سنة 1947 عند تعيينه مدرساً بوزارة التربية والتعليم وهو ما أجرته الجهة الإدارية بحق في شأنه عندما أصدرت قرارها رقم 142 في 12 من يناير سنة 1958 بإرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 17 من يناير سنة 1944 بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 الذي جاء مؤكداً لقراره آنف الذكر الصادر في 20 أغسطس سنة 1950.
من حيث إنه ولئن كانت القرارات الخاصة بحركة الترقيات إلى الدرجة الخامسة التي يطالب المدعي بإلغائها فيما تضمنته من تخطيه من الترقية إلى هذه الدرجة قد صدرت في 30 من ديسمبر سنة 1950 أي بعد 20 من أغسطس سنة 1950 تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء الذي أنشأ له الحق في إرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 17 من يناير سنة 1944 إلا أنه يبين من أوراق الدعوى أن القرارات المشار إليها قد نص فيها على اعتبار الترقية التي تضمنتها سارية من أول أغسطس سنة 1950 على أن تصرف علاوات الترقية من أول سبتمبر سنة 1950 مما لا يدع مجالاً لشبهة في خصوص انصراف قصد مصدرها إلى إسناد نفاذها إلى تاريخ سابق على تاريخ صدورها وهو أمر أجازته أحكام كادر سنة 1939 الصادر تنفيذاً له منشور وزارة المالية رقم 4 لسنة 1939 ملف رقم ف 234 - 2/ 14 الذي يقضي في البند الثالث من باب الترقيات الوارد به بأن "الترقيات تبتدئ من تاريخ القرار الصادر بها أو من التاريخ المنصوص عليه فيه بشرط ألا يكون سابقاً لأول الشهر الذي يصدر فيه القرار ولا يتجاوز أول الشهر الذي يلي تاريخ القرار" هذا بالإضافة إلى أن حركة الترقيات الصادرة بها القرارات المطعون فيها إنما تمت بالاستناد إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 27 من أغسطس سنة 1950 الذي قضى باعتبار الترقيات التي تتم في شهر سبتمبر سنة 1950 كأنها تمت في شهر أغسطس سنة 1950 وبمنح الماهية القانونية لمن كانوا يستحقون الترقية في شهر أغسطس سنة 1950 ومن أول سبتمبر سنة 1950 ومن ثم فلا وجه لإهدار التاريخ الذي نص عليه لنفاذ هذه القرارات أو عدم الاعتداد به نعياً عليه برجعية الأثر طالما أنه يجد سنده فيما تقدم من نصوص فضلاً عن كونه لا ينطوي على المساس بمراكز قانونية اكتسبت في ظل قرارات ترقية أخرى صدرت في فترة الرجعية الأمر الذي لا يتحقق في خصوص المدعي.
ومن حيث إن اقدمية المدعي في الدرجة السادسة، وفقاً للقواعد المنظمة لتحديد الأقدمية السارية في أول أغسطس سنة 1950 تاريخ نفاذ القرارات المطعون فيها، كانت ترجع إلى 12 من فبراير سنة 1947 بينما شملت هذه القرارات بالترقية إلى الدرجة الخامسة كل من ترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى أول أكتوبر سنة 1944 ومن ثم فإن طلب المدعي إلغاءها يكون فاقد السند متعيناً الحكم برفضه.
ومن حيث إن أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة قد استقرت على الوجه السابق بيانه في 30 من مارس سنة 1954 ومن ثم فإنها لا تسعفه في الترقية إلى الدرجة الرابعة التي صدر بها القرار رقم 276 في 25 من يوليه سنة 1955 الذي شمل بالترقية كل من ترجع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول أغسطس سنة 1950 وفي الدرجة السادسة إلى 17 من ديسمبر سنة 1941.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون المدعي على غير حق في دعواه، ويكون الطعن والحالة هذه غير قائم على أساس سليم من القانون، وإذا انتهت المحكمة إلى بطلان الحكم المطعون فيه وتصدت لموضوع الدعوى، فإنه يتعين القضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه ببطلان الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 703 لسنة 7 ق جلسة 6 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 8 ص 75

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

-----------------

(8)

القضية رقم 703 لسنة 7 القضائية

عمال "عمال إدارة النقل العام بالإسكندرية". 

كادر عمال النقل العام لمدينة الإسكندرية - النص فيه على تسوية حالة العمال المعينين قبل 1/ 5/ 1945 وعلى أن تتخذ الأجور المبينة به أساساًًً للتدرج بالعلاوات من بدء التعيين - المقصود بعبارة "بدء التعيين" هو تاريخ العمل بالإدارة عقب الاستيلاء على المرفق في أول يناير سنة 1929 - أساس ذلك.

----------------
لئن كان يبين من مطالعة أحكام كادر إدارة النقل العام لمنطقة الإسكندرية أنه لم يتضمن النص على اتخاذ تاريخ أول يناير سنة 1929 بداية لتسوية حالة عمالها، حسبما جاء في عريضة الطعن، بل على العكس من ذلك، نص في صدره على تسوية حالة العمال المعينين قبل أول مايو سنة 1945 وعلى اتخاذ الأجور المبينة به أساساً للتدرج بالعلاوات "من بدء التعيين" إلا أنه قصد بهذه العبارة "بدء التعيين بالعمل في الإدارة" عقب الاستيلاء على مرفق ترام الرمل في أول يناير سنة 1929، وأية ذلك تسوية حالة العمال الذين كانت لهم مدد خدمة سابقة في الشركة المذكورة من ذلك التاريخ، وقد أوضح مجلس إدارة المرفق - واضع الكادر - هذا القصد بقراره التفسيري الصادر في 2 من فبراير سنة 1961 الذي وافق فيه على اعتبار التاريخ المشار إليه أساساً لبدء تدرج أجور العمال والذين انضموا إلى الإدارة فيه وكانت لهم مدد خدمة سابقة بالشركة، كما أكد فيه اعتبار هذه القاعدة من القواعد الأساسية التي تراعى عند تطبيق الكادر في 14 من فبراير سنة 1951.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه وقد صدر بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1960، فإن ميعاد الطعن فيه ينتهي يوم 27 من يناير سنة 1961، ولما كان هذا اليوم قد صادف يوم عطلة رسمية (يوم جمعة) فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل يليه وفقاً لنص المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إن عريضة الطعن أودعت قلم كتاب هذه المحكمة يوم السبت 28 من يناير سنة 1961 فإن إيداعها يكون قد تم في الميعاد ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون عليه، عين في وظيفة كمساري بشركة ترام الإسكندرية اعتباراً من 6 من فبراير سنة 1923 ثم عين في أول إبريل سنة 1946 في إدارة النقل العام لمنطقة الإسكندرية، وبعد أن صدر كادر عمال هذه الإدارة سويت حالته في الدرجة 200/ 500 مليم بأول مربوطها من أول يوليو سنة 1929 بعد مضي ستة شهور من أول يناير سنة 1929 وهو تاريخ الاستيلاء على شركة ترام الرمل الذي اتخذته الإدارة بداية لتسوية حالة العاملين بها - ودرج أجره بالعلاوات المقررة ومقدارها 20 مليماً كل سنتين مع مراعاة شهر مايو، فوصل إلى 380 مليماً يومياً في مايو سنة 1948 ولم يحصل على العلاوة المستحقة في مايو سنة 1950 إذ كان قد أسند إليه عمل خفيف بسبب مرضه خلال المدة من فبراير سنة 1949 حتى مارس سنة 1951 وكان أجره يزيد على نهاية مربوط درجة هذا العمل، ولما شفي عاد إلى عمله الأول وحصل على علاوته من مايو سنة 1952 فوصل أجره إلى 480 مليماً في مايو سنة 1958. وقد أقام الدعوى رقم 738 لسنة 6 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية مطالباً بتسوية حالته من تاريخ استحقاقه التثبيت في 6 من أغسطس سنة 1923 - بعد مضي ستة شهور من التحاقه بالخدمة فحصل على الحكم المطعون فيه الذي بني على أن المذكور يستحق تسوية حالته من تاريخ تعيينه في 6 من فبراير سنة 1923 وتثبيته بعد مضي ستة شهور - من هذا التاريخ بالتطبيق لأحكام كادر عمال إدارة النقل العام لمنطقة الإسكندرية حرف (ب).
ومن حيث إن الطعن في هذا الحكم مؤسس على أنه استند في قضائه بتسوية حالة المطعون عليه من تاريخ التحاقه بالخدمة إلى خلو كادر عمال إدارة النقل العام لمنطقة الإسكندرية من قاعدة توجب اتخاذ أول يناير سنة 1929 أساساً لتسوية حالة العمال الذين التحقوا بالخدمة قبل ذلك التاريخ ومنهم المطعون عليه وإلى أن هذه القاعدة إنما وردت ضمن القواعد التنفيذية الصادر بها قرار من مدير عام الإدارة، لبيان كيفية تنفيذ قرار مجلس الإدارة الصادر في 13 من نوفمبر سنة 1954 في شأن المفتشين والنظار وهذا مردود بأن الكادر المذكور قد تضمن نصاً صريحاً على كيفية تسوية حالة العمال الذين التحقوا بخدمة المرفق قبل أول مايو سنة 1945 وقضى بأن تكون هذه التسوية على حسب الوظائف التي يشغلها من سويت حالته ابتداء من تاريخ الالتحاق بالخدمة، مع مراعاة اعتبار أول يناير سنة 1929 أساساً للذين سبق التحاقهم بالخدمة قبل ذلك التاريخ طبقاً لما اتبع في تسوية حالة جميع عمال الإدارة عند تطبيق الكادر، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذا لم يعمل أحكام النصوص التي تضمنها الكادر المشار إليه.
ومن حيث إنه ولئن كان يبين من مطالعة أحكام كادر عمال إدارة النقل العام لمنطقة الإسكندرية أنه لم يتضمن النص على اتخاذ تاريخ أول يناير سنة 1929 بداية لتسوية حالة عمالها، حسبما جاء في عريضة الطعن، بل على العكس من ذلك، نص في صدره على تسوية حالة العمال المعينين قبل أول مايو سنة 1945 وعلى اتخاذ الأجور المبينة به أساساً للتدرج بالعلاوات "من بدء التعيين" إلا أنه قصد بهذه العبارة "بدء التعيين بالعمل في الإدارة" عقب الاستيلاء على مرفق ترام الرمل في أول يناير سنة 1929، وآية ذلك تسوية حالة العمال الذين كانت لهم مدد عمل سابقة في الشركة المذكورة من ذلك التاريخ، وقد أوضح مجلس إدارة المرفق - واضع الكادر - هذا القصد بقراره التفسيري الصادر في 2 من فبراير سنة 1961 الذي وافق فيه على اعتبار التاريخ المشار إليه أساساً لبدء تدرج أجور العمال الذين انضموا إلى الإدارة فيه وكانت لهم مدد خدمة سابقة بالشركة، كما أكد فيه اعتبار هذه القاعدة من القواعد الأساسية التي تراعى عند تطبيق الكادر في 14 من فبراير سنة 1951.
ومن حيث إن المطعون عليه إنما عين بالإدارة في أول إبريل سنة 1946 ومن ثم فقد كان المفروض أن تسوى حالته وفق أحكام الكادر من تاريخ تعيينه هذا، ولكن الإدارة رجعت بهذه التسوية إلى أول يناير سنة 1929 فحصل بهذه التسوية السخية على أكثر من حقه وعلى الرغم من ذلك فقد طالب، بالانفراد دون سائر عمال الإدارة - بحساب مدة عمله في الشركة السابقة على أول يناير سنة 1929 في تسوية حالته على خلاف أحكام الكادر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بإعادة تسوية حالة المدعي على الأساس الذي طلبه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تفسيره وتطبيقه مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 19 لسنة 10 ق جلسة 5 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 7 ص 65

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

---------------------

(7)

القضية رقم 19 لسنة 10 القضائية

(أ) موظف "تأديب" الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي. 

مديرية التحرير. قرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 باللائحة الداخلية للهيئة المذكورة - نصه على اختصاص مدير عام الهيئة بتأديب الموظفين غير شاغلي الوظائف الرئيسية - مباشرة هذا الاختصاص - لا تتوقف على صدور لوائح التوظف من الجهة المختصة - أساس ذلك.
(ب) موظف "تأديب". نيابة إدارية. الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي. 

القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة - سلطة رئيس الجمهورية في استثناء بعض المؤسسات والهيئات من أحكامه - تخوله من باب أولى أن يستثنيها من تطبيق بعض أحكامه - قد يكون قرار الاستثناء صريحاً - أو ضمنياً وفي الحالة الأخيرة يجب أن يحمل القرار الدليل القاطع على أعمال سلطة الاستثناء - مثال.

----------------
1- إن مفاد نصوص قرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 باللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي أن مدير عام الهيئة يختص بمباشرة الاختصاصات المنصوص عليها في المادة 13 من اللائحة الداخلية ومن ضمنها تأديب الموظفين من غير شاغلي الوظائف الرئيسية.
وأنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن مباشرة اختصاص تأديب الموظفين منوط بصدور لوائح التوظف من الجهة المختصة بذلك، وأنه لما كانت تلك القواعد لم تصدر بعد فلا يجوز للمدير العام مباشرة ذلك الاختصاص - لا وجه لذلك لأنه وفقاً لنص المادة 13 من قانون المؤسسات العامة رقم 32 لسنة 1957 لا تسري على موظفي المؤسسات العامة أحكام قانون الوظائف العامة إلا فيما لم يرد به نص خاص في قرار إنشاء المؤسسة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة فإذا وجد النص كان واجب الإعمال بغض النظر عما ينص عليه قانون التوظف، أما إذا لم يوجد النص فيرجع إلي الأحكام التي تضمنها ذلك القانون. وإذ نصت اللائحة الداخلية المشار إليها في المادة 13 فقرة سادساً منها على اختصاص مدير عام الهيئة بتأديب الموظفين من غير شاغلي الوظائف الرئيسة فإن هذا النص يكون نافذاً وينعقد اختصاص التأديب بموجبه لمدير عام الهيئة حتى ولو لم يصدر مجلس الإدارة لوائح التوظف الخاصة بموظفي المؤسسة إذ يرجع في شأنها إلى أحكام قانون الوظائف العامة وفقاً لنص المادة 13 من قانون المؤسسات العامة.
2- أنه وإن كان الأصل أن تسري أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة الذين يحصلون على مرتبات تجاوز خمسة عشر جنيهاً شهرياً عملاً بأحكام المواد 1، 2، 3، 4 من القانون 19 لسنة 1959 المشار إليه، إلا أن الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون أجازت لرئيس الجمهورية الاستثناء من هذا الحكم فنصت على ما يأتي "مع عدم الإخلال بحق الجهة التي يتبعها الموظف في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تسري أحكام المواد 3 إلى 11، 14، 17 من القانون 117 لسنة 1958 المشار إليه على (1) موظفي المؤسسات والهيئات العامة، ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية استثناء بعض المؤسسات والهيئات العامة المشار إليها من تطبيق هذا القانون" وليس من شك في أن رئيس الجمهورية كما يملك أن يستثني بعض المؤسسات والهيئات من تطبيق سائر أحكام القانون عليها، يملك أن يستثنى بعض تلك الجهات لاعتبارات خاصة من تطبيق بعض أحكام القانون عليها دون البعض الآخر، لأن من يملك الأكثر يملك الأقل، وكما يمكن أن يكون القرار الصادر من رئيس الجمهورية باستعمال تلك السلطة صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً لأن القانون لم يشترط في القرار أن يصدر في شكل معين وإنما يجب في هذه الحالة أن يحمل القرار الدليل القاطع على أن رئيس الجمهورية قصد إعمال السلطة التي خولها له القانون في استثناء بعض المؤسسات من تطبيق أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية كما لو صدر القرار بعد نفاذ القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه وعهد ببعض الاختصاصات المخولة للمحكمة التأديبية إلي جهة إدارية أخرى أو غير ذلك من النصوص التي تقطع بأن قصد رئيس الجمهورية قد انصرف إلى استثناء إحدى الجهات من تطبيق أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 عليها كلياً أو جزئياً.


المحكمة

ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 94 لسنة 9 القضائية ضد وزير الإصلاح الزراعي والهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي لدى المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة في 8 فبراير سنة 1962 طالباً الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 1253 لسنة 1961 الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1961 القاضي بفصله من الخدمة مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 27 من إبريل سنة 1961 عثر البوليس على بقرتين قادمتين من اتجاه مديرية التحرير فأبلغ الجهات الإدارية المختصة التي شكلت عدة لجان لجرد عهدة مزارع مديرية التحرير من الأبقار، وأسفر الجرد عن وجود عجز مقداره عشرون بقرة في مزرعة "المائة فدان" التي يعمل المدعي رئيساً لها، فأجري تحقيق إداري في الموضوع وتقرر وقف المدعي عن العمل بتاريخ 15 من مايو سنة 1961 ثم أصدر مدير عام الهيئة قراراً في 15 من أكتوبر سنة 1961 بفصله من الخدمة، فتظلم المدعي من هذا القرار ولما لم يتلق رداً على تظلمه أقام الدعوى بطلب إلغاء قرار الفصل، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفة القانون لصدروه من غير مختص ذلك لأنه يشغل وظيفة دائمة فتختص المحاكم التأديبية بمحاكمته طبقاً لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة، كما أن القرار لم يقم على أسباب تبرره فالتهم التي نسبت إليه والتي استند إليها قرار الفصل ليست صحيحة ذلك لأن المدعي طالما جأر بالشكوى إلى رؤسائه طالباً إنشاء سور من المباني حول الأماكن التي تحفظ فيها أبقار المزرعة لأنها بحالتها لا تمنع من ذلك، وقد سبق وتسربت المواشي أكثر من مرة، أما ما قيل في التحقيق من أنه لم يكلف نفسه عناء القيام بجرد فعلي لمواشي المزرعة وإنما كان يكتفي بإجراء جرد مستندي لها فإنها أقوال غير صحيحة إذ كان يقوم في نهاية كل شهر بجرد محتويات المزرعة بمعاونة باقي الموظفين ومن في عهدتهم الأبقار وهم من المؤمن عليهم مما ينفي عنه أي إهمال في أداء أعمال وظيفته ويجعل القرار المطعون فيه فاقداً لركن السبب.
ومن حيث إن الجهة الإدارية أجابت على الدعوى بأن التحقيقات الإدارية التي أجريت في الموضوع عقب اكتشاف العجز أسفرت عن مسئولية المدعي عن فقد هذا العدد الكبير من الأبقار فقد اعترف بخطئه كما اعترف أنه لم يقم بإجراء الجرد الفعلي لموجودات المزرعة وإنما كان يقوم بعمل جرد مستندي فقط دون أن يطابقه على الطبيعة بالمخالفة للتعليمات التي توجب إجراء جرد حقيقي في مواعيد دورية كما أنه لم يكن يشترك في عمليات الجرد معتمداً في ذلك على نقته بالملاحظين.
ومن حيث إن المفوض قدم تقريراً انتهى فيه إلى طلب الحكم برفض الدعوى مستنداً في ذلك إلى أن القرار المطعون فيه صدر من الجهة المختصة بذلك قانوناً كما أنه مستند إلى أسباب صحيحة تبرره.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية بجلسة أول سبتمبر سنة 1963 حكمت بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بفصل المدعي من الخدمة مع ما يترتب على ذلك من أثار وألزمت الجهة الإدارية لمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وأقامت قضاءها على أساس أنه وإن كانت المادة 13 فقرة سادساً من اللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 2270 سنة 1960 والتي تسري على موظفي هيئة مديرية التحرير ومن بينهم المدعي نتيجة لإدماج هذه الهيئة في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأرضي بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 1403 سنة 1957 - إذا كانت تلك المادة تخول مدير عام الهيئة الحق في تعيين الموظفين في غير الوظائف الرئيسية وترقيتهم ونقلهم وإنهاء خدمتهم إلا أنها قيدته في ذلك بالقواعد والنظم التي يضعها مجلس إدارة الهيئة وتصدر بقرار رئيس الجمهورية إعمالاً لنص المادة الأولى من اللائحة، وإذ كان مجلس إدارة الهيئة لم يصدر بعد اللائحة التي تتضمن هذا النظام فإنه لا تكون هناك لائحة أو قواعد خاصة بعمل بها في شأن موظفي الهيئة وموظفي مديرية التحرير ويتعين لذلك الرجوع إلى القواعد العامة في هذا الخصوص وهي لا تسعف في القول بأن مدير الهيئة يملك إصدار قرار بفصل الموظفين وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر ممن لا يملك إصداره قانوناً ويكون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن المشرع لم يعلق نفاذ الإحكام التي تضمنتها اللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي على إصدار لائحة بنظام موظفي الهيئة ولذلك تكون الأحكام الواردة باللائحة الداخلية التي تحدد الجهات المختصة بالتأديب هي الأحكام الواجبة التطبيق بجانب الأحكام العامة الأخرى المنصوص عليها بقانون نظام موظفي الدولة فيما لم تتضمنه من أحكام إعمالاً لنص المادة 13 من قانون المؤسسات العامة فيختص مدير عام الهيئة بإصدار قرارات فصل الموظفين بعد اتباع القواعد العامة المنصوص عليها في قانون التوظف وهي لا تخرج عن إجراء تحقيق بشأن الواقعة المنسوبة إلى الموظف وتحقيق دفاعه قبل توقيع الجزاء عليه. وإذ ثبت من التحقيقات مسئولية المطعون عليه عن المخالفات التي نسبت إليه ثم صدر القرار المطعون فيه من مدير عام الهيئة فمن ثم فإنه يكون مطابقاً للقانون. وأضافت إدارة القضايا في مذكراتها الشارحة أنه بالنسبة إلى ما أثاره المدعي من اختصاص المحاكم التأديبية بمحاكمته إعمالاً لأحكام القانون 19 لسنة 1959 المشار إليه فإنه قول على غير أساس، ذلك لأن قرار رئيس الجمهورية العربية رقم 2270 سنة 1960 بإصدار اللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي، وقد صدر بعد نفاذ القانون المشار إليه يعتبر بمثابة استثناء من أحكامه فيما يتعلق بتحديد السلطة المختصة بتأديب الموظفين، تم وفقاً لنص المادة الأولى من القانون، ذلك لأن الاستثناء كما يكون صرحياً يجوز أن يكون ضمنياً بتخويل اختصاص المحاكم التأديبية أي جهة إدارية.
ومن حيث إنه يبين من تقصي القواعد التنظيمية التي كانت سارية على موظفي مديرية التحرير في تاريخ صدور القرار المطعون فيه وتتمثل في اللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 2770 سنة 1960 والتي عمل بها اعتباراً من تاريخ نشرها بالجريدة الرسمية 31 من ديسمبر سنة 1960، أن المادة الأولى من قرار الإصدار تنص على ما يأتي "يعمل باللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي المرافقة لهذا القرار" ونصت المادة الثانية على أن "تلغى اللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي المؤرخة 25 من أكتوبر سنة 1955 وكل قرار يخالف أحكام اللائحة المرافقة" ونصت المادة الأولى من اللائحة المرافقة على أن "يتولى مجلس الإدارة وله على الأخص ما يأتي:
إصدار القرارات المنظمة للشئون المالية والإدارية والفنية للهيئة وبوجه خاص نظام موظفيها وعمالها وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وإنهاء خدمتهم والأجور والمرتبات والمكافآت التي تمنح لهم أو لغيرهم ممن يندبون أو يعارون إليها على أن تصدر هذه النظم بقرار من رئيس الجمهورية". ونصت المادة 12 على ما يأتي" يتولى مدير عام الهيئة إدارتها وتصرف أمورها ويختص بما يأتي:
تعيين الموظفين في غير الوظائف الرئيسية وترقيتهم ونقلهم ومنحهم العلاوات وتأديبهم وإنهاء خدمتهم وفقاً للنظم التي يقررها مجلس الإدارة.
من حيث إن مفاد هذه النصوص أن مدير عام الهيئة يختص بمباشرة الاختصاصات المنصوص عليها في المادة 12 من اللائحة الداخلية ومن ضمنها تأديب الموظفين من غير شاغلي الوظائف الرئيسة.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن مباشرة اختصاص تأديب الموظفين منوطة بصدور لوائح التوظيف من الجهة المختصة بذلك، وأنه لما كانت تلك القواعد لم تصدر بعد فلا يجوز للمدير العام مباشرة ذلك الاختصاص - لا وجه لذلك - لأنه وفقاً لنص المادة 13 من قانون المؤسسات العامة رقم 32 سنة 1957 لا تسري على موظفي المؤسسات العامة أحكام قانون الوظائف العامة إلا فيما لم يرد به نص خاص في قرار إنشاء المؤسسة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارية فإذا وجد النص كان واجب الإعمال بغض النظر عما ينص عليه قانون التوظف، أما إذا لم يوجد فيرجع إلى الإحكام التي تضمنها ذلك القانون. وإذ نصت اللائحة الداخلية المشار إليها في المادة 13 فقرة سادساً منها على اختصاص مدير عام الهيئة بتأديب الموظفين من غير شاغلي الوظائف الرئيسة فإن هذا النص يكون نافذاً وينعقد اختصاص التأديب بموجبه لمدير عام الهيئة حتى ولو لم يصدر مجلس الإدارة لوائح التوظف الخاصة بموظفي المؤسسة إذ يرجع في شأنها إلى أحكام قانون الوظائف العامة وفقاً لنص المادة 13 من قانون المؤسسات العامة.
ومن حيث إنه وإن كان الأصل أن تسري أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة بما يستتبع القول باختصاص المحاكم التأديبية بمحاكمة موظفي المؤسسات العامة الذين يحصلون على مرتبات تجاوز خمسة عشر جنيهاً شهرياً عملاً بأحكام المواد 1، 2، 3، 4 من القانون 19 سنة 1959 المشار إليه، إلا أن الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون أجازت لرئيس الجمهورية الاستثناء من هذا الحكم فنصت على ما يأتي: "مع عدم الإخلال بحق الإدارة التي يتبعها الموظف في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تسري أحكام المواد 3 إلى 11، 14، 17 من القانون رقم 117 سنة 1958 المشار إليه على (1) موظفي المؤسسات والهيئات العامة، ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية استثناء بعض المؤسسات والهيئات العامة المشار إليها من تطبيق هذا القانون". وليس من شك في أن رئيس الجمهورية كما يملك أن يستثني بعض المؤسسات والهيئات من تطبيق سائر أحكام القانون عليها، يملك أن يستثني بعض تلك الجهات لاعتبارات خاصة من تطبيق بعض أحكام القانون عليها دون البعض الآخر، لأن من يملك الأكثر يملك الأقل، وكما يمكن أن يكون القرار الصادر من رئيس الجمهورية باستعمال تلك السلطة صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً لأن القانون لم يشترط في القرار أن يصدر في شكل معين وإنما يجب في هذه الحالة أن يحمل القرار الدليل القاطع على أن رئيس الجمهورية قصد إعمال السلطة التي خولها القانون في استثناء بعض المؤسسات من تطبيق أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية كما لو صدر القرار بعد نفاذ القانون 19 لسنة 1959 المشار إليه وعهد ببعض الاختصاصات المخولة للمحكمة التأديبية إلى جهة إدارية أخرى أو غير ذلك من النصوص التي تقطع بأن قصد رئيس الجمهورية قد انصرف إلى استثناء إحدى الجهات من تطبيق أحكام القانون 19 لسنة 1959 عليها كلياً أو جزئياً.
ومن حيث إنه بالنسبة لقرار رئيس الجمهورية رقم 2270 سنة 1960 باللائحة الداخلية للهيئة العامة لاستصلاح الأراضي فقد صدر في 18 من ديسمبر سنة 1960 أي بعد نفاذ القانون 19 لسنة 1959 المشار إليه ونصت المادة 13 فقرة 6 من اللائحة المرافقة له على أن يختص مدير عام الهيئة بتأديب الموظفين من غير شاغلي الوظائف الرئيسية وإنهاء خدمتهم، ولما كان النص يتضمن خروجاً على أحكام القانون 19 لسنة 1959 فيما يتعلق بالموظفين الذين يتقاضون مرتبات تزيد على خمسة عشر جنيهاً شهرياً ممن كانت المحاكم التأديبية تختص أصلاً بمحاكمتهم ثم عهد القرار بهذا الاختصاص لمدير عام الهيئة فمن ثم فإن رئيس الجمهورية يكون قد أفصح بما لا يدع مجالاً للشك في أنه قصد استعمال السلطة التي خولها له القانون 19 لسنة 1959 المشار إليه في استثناء موظفي الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي من بعض أحكام القانون وتكون الجهة المختصة بمحاكمة الموظفين من غير شاغلي الوظائف الرئيسية هي مدير عام الهيئة ولو تجاوزات مرتبات هؤلاء الخمسة عشر جنيهاً شهرياً.
ومن حيث إنه لما كان المدعي يشغل وظيفة ناظر زراعة في الدرجة من 15 جنيه إلى 25 جنيهاً. وهي من غير الوظائف الرئيسية المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 11 من اللائحة المرافقة للقرار الجمهوري رقم 2270 سنة 1960 فمن ثم يختص مدير عام الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي بإصدار قرار فصله وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون متعيناً الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى موضوع الدعوى فإن القرار التأديبي كأي قرار إداري آخر يجب أن يقوم على سبب يبرره فلاً تتدخل الإدارة لتوقيع الجزاء إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخلها وللقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانوني.
ومن حيث إن قرار الفصل المطعون فيه بني على ثبوت التهم الآتية في حق المطعون عليه:
أولاً: أهمل في الإشراف على المزرعة التي يعمل رئيساً عليها ولم يحكم الرقابة على العاملين فيها ولم يضع النظم السليمة التي تكفل حسن سير العمل بها والمحافظة على أموال الدولة مما ترتب عليه فقد 20 بقرة.
ثانياً: بالرغم من أن التعليمات تقضي بوجوب إجراء جرد فعلي في كل شهر وإحصائية أسبوعية للتأكد من سلامة العهد فإنه لم يكن يجرد المزرعة جرداً فعلياً واعترف أنه كان يقوم بجرد الموجودات جرداً مستندياً معتمداً على ثقته بالملاحظين.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق والتحقيقات المودعة ملف الطاعن أنه عقب اكتشاف العجز بالمزرعة التي يعمل المدعي رئيساً لها أجري تحقيق إداري بمعرفة أحد محققي إدارة الشئون القانونية والتحقيقات وكشف عن أن العمل كان يجري في المزرعة على أن يسلم أمين العهدة حيوانات المزرعة إلى الخفراء ليلاً لحراستها في أماكن مبيتها ثم يتسلمها منهم صباح اليوم التالي ويذهب بها مع العمال إلى المراعي خارج نطاق المزرعة ثم يعيدها إلى الخفراء مساء، وكان التسليم والتسلم يتم كل مرة دون عدد وبغير طريقة سليمة، وبالرغم من أن المدعي كان يعلم بأن تلك الطريقة غير سليمة ويترتب عليها عدم إمكان اكتشاف العجز عند حدوثه أو تحديد المسئولية عنه إذا حصل فإنه لم يضع النظم السليمة التي تكفل المحافظة على أموال الدولة هذا بالرغم من أن عمل المدعي ينحصر في مراقبة المزرعة ووضع النظم السليمة التي تكفل حسن سير العمل بها، كما أنه لم يكن يقوم بإجراء جرد فعلي بصفة دورية لموجودات المزرعة وحيواناتها مما ترتب عليه اكتشاف عجز في الأبقار لا يعرف تاريخ حدوثه.
ومن حيث إن هذه المخالفات ثبتت في حق المطعون عليه من شهادة السيد/ مرعي عبد اللطيف مندوب مدير الإنتاج والمبيعات بمديرية التحرير، فقد شهد بأن تعليمات الإدارة توجب إجراء جرد فعلي لحيوانات المزرعة بصفة دورية ثم تقارن النتيجة بالأرصدة للتأكد من سلامة العهد وأن المطعون عليه مسئول بصفة شخصية عن محاضر الجرد لأنه ينفرد بالتوقيع عليها كما أنه وإن كانت المواشي في عهدة الملاحظ وهو أمين عليها إلا أنه كان يقوم بتسليمها للخفراء ليلاً ثم يتسلمها منهم صباحاً ويذهب بها إلى المرعى ثم يعيد تسليمها إليهم ليلاً وكان يجب على رئيس المزرعة باعتباره المسئول عن المزرعة فنياً وإدارياً أن يضع النظم الكفيلة بضبط عملية التسليم والتسلم حتى يمكن اكتشاف أي عجز في تاريخ حدوثه "ص 50 وما بعدها" كما ثبت إهمال المطعون عليه باعترافه في التحقيقات، فقد قرر أن النظام المتبع في التسليم والتسلم بين الملاحظ والخفراء لا يتم بالعدد وأنه لم يضع نظاماً لضبط هذه العملية وأن الجرد كان يتم شهرياً إلا أنه لا يمكنه الجزم بصحة العدد الوارد في المحاضر نظراً لأن الملاحظين أصحاب العهدة هم الذين كانوا يتولون العدد وأضاف أنه لا يمكنه أن يجزم بصحة الجرد الذي تم في يومي 30 من مارس سنة 1961 و24 من إبريل سنة 1961، وإذا كان قد وقع على هذه المحاضر فكان ذلك لثقته في الملاحظين المسئولين عن العهدة.
ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره المدعي من أن واقعة تسرب الأبقار نتجت عن عدم إقامة أسوار حول المزرعة كما حصل في مرات سابقة ذلك لأنه مع فرص ثبوت هذه الواقعة فإنه ليس من شأنها أن تؤثر على ما ثبت في حقه من إهمال وخروج على مقتضى الواجب في أداء أعماله ويضاف إلى ذلك أن عمال المزرعة وخفرائها شهدوا في التحقيقات بتعذر تسرب الحيوانات ليلاً كما أنه ثبت أن وقائع التسرب التي أشار إليها المطعون عليه إنما حدثت نتيجة حوادث عارضة وتم تجميع الحيوانات التي تسربت ولم يفقد منها شيء.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن القرار المطعون فيه قد استمد كيانه من أصول صحيحة وعناصر لها وجود في الأوراق تؤدى مادياً وقانونياً إلى النتيجة التي انتهت إليها جهة الإدارة في شأن المطعون عليه والتي استخلصتها من الوقائع والدلائل الثابتة في حقه استخلاصاً سائغاً وقدرت الجزاء التأديبي الذي رأت تناسبه مع خطورة الفعل المسند إليه بما لا إخلال فيه بتحقيق الملائمة بين الذنب والجزاء فمن ثم يكون قرارها قد قام على سببه المبرر له قانوناً لذلك فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار فصل المطعون عليه من الخدمة والحكم برفض الدعوى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 11 لسنة 10 ق جلسة 5 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 6 ص 55

جلسة 5 من نوفمبر سنه 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر الدين المستشارين.

-----------------

(6)

القضية رقم 11 لسنة 10 القضائية

(أ) موظف "انتهاء الخدمة. أسبابها. الحكم في جريمة مخلة بالشرف".
لم يحدد القانون الجرائم المخلة بالشرف تحديداً جامعاً مانعاً - تعريفها - هي التي ترجع إلي ضعف في الخلق وانحراف في الطبع - مثال - جريمة إصدار شيك بدون رصيد (1).

(ب) موظف "انتهاء الخدمة. أسبابها. حكم نهائي في جريمة مخلة بالشرف" القانون رقم 210 لسنه 1951 

- انتهاء خدمة الموظف بحكم القانون - لا يغير من ذلك شمول الحكم الجنائي بوقف التنفيذ ما دام أن المحكمة أمرت بوقف تنفيذ العقوبة ولم تأمر توقف تنفيذ الآثار المترتبة على الحكم.
(ج) تشريع "نفاذه". موظف "انتهاء الخدمة" القانون رقم 46 لسنة 1964 في شأن العاملين المدنيين بالدولة 

- نصه على أن يكون الفصل جوازياً للوزير في حاله الحكم مع وقف التنفيذ - عدم سريان أحكامه متى ثبت أن الحكم قد صدر قبل العمل به (2).

------------------
1 - تكفل المشرع في قانون العقوبات بتحديد الجنايات في وضوح وجلاء. إما الجرائم المخلة بالشرف فلم تحدد في هذا القانون أو في سواه تحديداً جامعاً مانعاً كما كان شأنه بالنسبة للجنايات، على أن المتفق عليه أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلي ضعف في الخلق وانحراف في الطبع. والشخص إذا انحدر إلي هذا المستوى الأخلاقي لا يكون أهلاً لتولي المناصب العامة التي تقتضي فيمن يتولاها إن يكون متحلياً بالأمانة والنزاهة والشرف واستقامة الخلق ولما كانت جريمة إصدار شيك بلا رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات هي - كجريمة النصب - تقتضي الالتجاء إلي الكذب كوسيلة لسلب مال الغير فهي لذلك لا تصدر إلا عن انحراف في الطبع وضعه في النفس، ومن ثم فإنها تكون في ضوء التعريف - سالف الذكر - مخلة بالشرف.
2 - أن الطاعن - وقد حكم عليه بالعقوبة في جريمة إعطاء شيك بلا رصيد وأصبح هذا الحكم نهائياً - فأنه يقوم في شأنه سبب من أسباب انتهاء الخدمة المنصوص عليها في المادة 107 المنوه عنها ويتعين لذلك فصله من الخدمة بحكم القانون، دون حاجه إلي محاكمة تأديبية، ولا بغير من ذلك إن المحكمة الجنائية قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمده معينة - وذلك للظروف التي ارتأتها ومنها قيام الطاعن بسداد قيمة الشيكات أثناء المحاكمة - ذلك لأنه تبين من الاطلاع على هذا الحكم أن المحكمة قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة فقط ولم تحكم بوقف تنفيذ الآثار المترتبة على هذا الحكم، وعلي ذلك فإن هذا الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنع من ترتيب الآثار المترتبة على الحكم، سواء أكانت آثارا جنائية أم مدنيه أم إدارية.
3- لئن كان قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنه 1964 قد جعل الفصل جوازياً للسيد الوزير في حالة الحكم بوقف التنفيذ - إلا أن هذا القانون لا يسرى على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به وقد صدر الحكم على الطاعن في تلك الجريمة المخلة بالشرف قبل العمل بالقانون المذكور، وفضلاً عن ذلك فإن أمر مقصور على جهة الإدارة أما القضاء فعليه أن ينزل حكم الفصل استناداً إلي الأصل المنصوص عليه في حاله صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في إن الطاعن السيد/ عبد العزيز محمد علي أقام الدعوى رقم 124 لسنة 6 القضائية بصحيفة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة والاقتصاد والتخطيط والصناعة والزراعة والتموين في 14 من ديسمبر سنه 1961 ضد وزارة الخزانة ومصلحه الضرائب طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال - شرحاً لدعواه - أنه ألمت به ظروف طارئة استدعته إلي الاقتراض من أحد زملائه بالمصلحة وحرر له ستة شيكات بمبلغ خمسين جنيهاً - هو قيمة المبلغ المقترض وفوائده - تسحب من بنك سوارس المحول عليه راتبه. ثم طلب قرضاً من هذا البنك لسداد دينه فرفض، فسعى لدى بنك الجمهورية فوافق بشرط تحويل راتبه فحوله إليه وأخطر المقرض بذلك طالباً إليه تغيير مكان سحب الشيكات إلي بنك الجمهورية فتعلل بان الشيكات ليست معه وبأن الزمالة تحول دون الأضرار بزميله في العمل. وحدث أن شجر خلاف بينه وبين أحد أقارب المقترض ترتب عليه أن حصل هذا الأخير من بنك سوارس على تأشيرة بعدم وجود رصيد للساحب به وأبلغ النيابة العامة التي أحالته إلي المحاكمة الجنائية في القضية رقم 3260 لسنه 1959 جنح السيدة. فقضت المحكمة بجلسة 23 من يناير سنه 1961 بحبسه شهراً. فاستأنف فقضت المحكمة الاستئنافيه بتأييد الحكم المطعون فيه مع إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات فطعن في هذا الحكم أمام محكمة النقض ولما يفصل في هذا الطعن، وفي 31 من يوليه سنه 1961 أبلغ بالقرار الوزاري رقم 53 لسنة 1961 بفصله من الخدمة اعتباراً من 23 من يناير سنة 1961 تطبيقاً لنص المادة 107 من قانون التوظف على اعتبار أن الجريمة التي حكم بها عليه مخلة بالشرف، فتظلم في 19 من أغسطس سنة 1961 ولما لم يصله رد أقام هذه الدعوى، وينعى على قرار فصله أنه صدر بلا مبرر ولا سند من القانون بمقولة إن جريمة إصدار شيك بدون رصيد لا تدل بذاتها على انحراف في السلوك ومن ثم فإنها لا تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف إذ هي لا تكون كذلك إلا إذا صاحبتها طرق احتيالية وأن ركن الاحتيال من واقع أسباب الحكم الجنائي غير متوفرة فيه لأن ما أتاه ليس نصباً بدليل أنه كان له رصيد في بنك الجمهورية وامتنع المقرض عن تحويل مكان السحب إليه وبدليل أنه لم ينحرف بطبعه ولم يكن به ضعف في الخلق أدى به لاجتناب الفضيلة مما استوجب احتقاره في المجتمع أو عدم ائتمانه على المصلحة العامة وأضاف المدعي أنه لا يحوز للجهة الإدارية أن تفصله تلقائياً بمجرد صدور الحكم الجنائي بل كان يجب التحقق من توافر جريمة النصب لأن القاضي الجنائي لم يتوقع أن يترتب على حكمه إقصاء موظف أمضى في خدمه الدولة بسلوك حسن أكثر من ثلاثين عاماً ثم يختلف مع المستفيد من الشيك فيتنازعان في مكان السحب فيؤدي إلى أن يتمكن المستفيد بسوء نيته إلي إقصاء موظف عن وظيفته.
وطلبت مصلحة الضرائب رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصرفات ومقابل أتعاب المحاماة واستندت في ذلك أن قرار فصل المدعي صدر سليماً طبقاً لحكم المادة 107 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 لأن واقعه إمضاء شيك بدون رصيد بسوء نية يعتبر عملاً مخلاً بالشرف وأن الحكم بإيقاف التنفيذ لا يتعدى الآثار الجنائية ولا يجوز مد أثر الإيقاف ليشمل الناحية الإدارية وقدمت حافظة مستندات أرفقت بها صورة من الحكم الجنائي الاستئنافي وملف خدمة المدعي.
ثم قدم المدعي حافظة مستندات ومذكرة ردد فيها ما جاء بصحيفة الدعوى وأضاف إليه أن بعض أحكام المحاكم التأديبية قضت بأن جريمة إصدار شيك بلا رصيد لا تعتبر مخلة بالشرف إلا إذا خالطتها طرق احتيالية أدت بها إلى صفه النصب، وأنه يلزم بحث كل حالة على حدة لاستظهار ما يصاحبها من ظروف وملابسات ومن ثم فلاً يسرى عليها بصفة مطلقة حكم المادة 107 سالفة الذكر بل ينعقد النظر في شأن توافر حكم هذه المادة للجهة التأديبية المختصة، كما ذكر المدعي في مذكرته أن إيقاف الحكم يضع المحكوم عليه في موضع البريء أو على الأقل في صف من رد إليهم اعتبارهم - وأن الحكم ضده - وقد كان مع الإيقاف لظروفه ولأنه قام بسداد قيمة الشيك - فإنه يستنبط منه أسلوب الرحمة الذي أخذته به محكمة الجنح وهو الأسلوب الذي يرجو أن تأخذه به المحكمة الإدارية.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الدعوى انتهت فيه إلي أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وبإلزام رافعها المصروفات. واستندت في ذلك إلي نفس الأسباب التي استندت إليها الحكومة في ردها على الدعوى.
قدم المدعي مذكرتين بالتعقيب على تقرير هيئه المفوضين أوضح فيهما تاريخ جريمة إصدار شيك بلا رصيد ومصدرها التشريعي، وانتهى إلي القول بأن هذه الجريمة، وبصفه عامة، لا يمكن أن تعتبر مخلة بالشرف لأنها جريمة خاصة قصد بها المشرع - لاعتبارات اقتصادية بعيد الصلة عن الأخلاق والشرف - تمكين الشيك كي يغدو أداة للوفاء بديلاً عن النقود، وأن العلاقة بينه وبين زميله المستفيد من الشيك هي علاقة مديونية، والاستدانة ليست مخلة بالشرف إذا كانت لسبب مشروع لا يمت إلي الوظيفة بصلة، كما أن المستفيد كان يعلم، عند تحرير الشيكات، أنه ليس له رصيد في البنك المسحوب عليه مما يجعله شريكاً بالتحريض على الجريمة، ثم ردد المدعي ما جاء بدفاعه السابق وانتهى إلي التصميم على طلباته، وقدم حافظتين بمستنداته.
وبجلسة 27 من إبريل سنه 1963 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات، وأقامت قضاءها - بعد أن أوردت نص المادة 107 من قانون نظام الموظفين رقم 210 لسنه 1951، الذي كان سارياً حينذاك - على أن مقتضى هذا النص أنه إذا حكم على موظف في جناية أو في أي جريمة مخلة بالشرف، ولو كانت جنحه، فالفصل يقع بقوة القانون. وأنه لما كانت الجريمة التي فصل بسببها المدعي - وهي جريمة إصدار شيك بدون رصيد - هي جريمة مخلة بالشرف - فإن قرار فصله يكون قد صدر سليماً ومطابقاً للقانون، واستندت المحكمة، في القول بأن هذه الجريمة مخلة بالشرف، إلى أن قصد المشرع من العقاب عليها - بنص المادة 337 من قانون العقوبات - هو حماية الشيك باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات. وأن سوء النية في هذه الجريمة يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود رصيد مقابل له في تاريخ إصداره.. وأن المشرع وقد أورد المادة 337 من قانون العقوبات في الباب العاشر منه الخاص بالنصب وخيانة الأمانة وعاقب على هذه الجريمة بذات عقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 336 من القانون المذكور - فإنه يكون قد أوضح عن قصده باعتبار هذه الجريمة من جرائم النصب وخيانة الأمانة وهي جريمة لا شك في أنها مخلة بالشرف.. وأنه فضلاً عن ذلك فإن المشرع قد نص في المادة 49 من قانون العقوبات على أن تعتبر السرقة والنصب وخيانة الأمانة جنحاً متماثلة في العود وأن التفسير الراجح أن هذا التعداد هو على سبيل التمثيل لا الحصر فإذا الحق المشرع جريمة النصب وخيانة الأمانة بالسرقة، فإنه أنما اعتبر أن جميع الجرائم الواردة تحت باب النصب وخيانة الأمانة - ومنها جريمة إصدار شيك بدون رصيد - متماثلة مع السرقة في العود لاتفاقها كلها في الطبيعة وهذا التماثل يقتضي بحكم طبائع الأشياء أن يكون لجريمة إصدار شيك بدون رصيد نفس الأثر الماس بالنزاهة والشرف الذي لجريمة السرقة.
وقد طعن المدعي في هذا الحكم طالباً قبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبالتالي إلغاء القرار الصادر بفصله من العمل وما يترتب على ذلك من آثار. أو إعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية للفصل فيها من جديد مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات والأتعاب. وبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد صدر مبنياً على خطأ في تفسير القانون كما أنه أخل بحقه في الدفاع. وقال في بيان السبب الأول أن جريمة إصدار شيك بدون رصيد ليست مخلة بالشرف واستند في ذلك إلى نفس الأسباب التي استند إليها في عريضة دعواه وفي المذكرات المقدمة منه، وأضاف إليها أن الجرائم المخلة بالشرف هي التي تجرع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع يدفعان بالشخص إلى اجتناب الفضائل واقتراف الكبائر التي توجب احتقاره ولا يؤتمن معها على المصلحة العامة خشيه أن يضحي بها في سبيل مصالحه الخاصة لتحقيق شهواته فتنحسر عنه صفه الموظف العام وتنعدم صلاحيته للوظيفة بقوة القانون وأنه بتطبيق هذا الضابط على الجريمة التي أدين فيها يبين أنه لا يمكن أن تعتبر مخلة بالشرف بالمعنى السابق إيضاحه لأنه لم يقصد اغتيال المستفيد من الشيك. أما عن سبب الطعن الثاني - وهو الإخلال بحق الدفاع - فقد أسسه المدعي على أن المحكمة في حكمها المطعون فيه لم ترد على نقط الدفاع القانونية التي وردت بمذكراته الأمر الذي يؤدي إلى قصور في التسبيب.
ثم قدم المدعي مذكرة ردد فيها دفاعه السابق وأضاف إليه أن مجرد تحرير شيك وعدم وجود رصيد يكفي للوفاء به - رغم أنه يعتبر سلوكاً غير قويم إلا أنه لا يسئ إلى سلوك الموظف الوظيفي أو ينعكس عليه أو يؤثر في حسن سمعته بالقدر الذي يؤدي إلى فقده عنصر الصلاحية لتولي الوظائف العامة وأنه بتطبيق ذلك على الدعوى الحالية يبين أنه لم يفعل ما يعتبر مخلاً بالشرف ولم يفسر سلوكه عن نزوع إلى اغتيال مال الدائن أو خداعه بشيك وهمي أو خداعه بمظاهر غير صادقه بل أنه كان في ظروف تنم عن صدقه ورغبته في الوفاء وليس في سلوكه ما يتنافى مع واجبات الوظيفة ولاعتبارات الشرف والأمانة التي يجب أن تتوافر في الموظف. ثم أشار المدعي إلى أن قانون العاملين المدنين رقم 46 لسنة 1964 قد نص على أن تنتهي خدمة العامل عند الحكم عليه بعقوبة جنائية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ويكون الفصل جوازياً للوزير المختص إذا كان الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام رافعه المصروفات استناداً إلى أن جريمة إصدار شيك بلا رصيد من الجرائم المخلة بالشرف وأن الحكم بوقف التنفيذ لا يمنع من إنزال حكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
عقب المدعي على تقرير هيئة مفوضي الدولة بمذكرة ثم أعقبها أخيراً بمذكرتين وقد لخص فيها دفاعه السابق على ما سبق بيانه وأضاف إليه أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد اتجه إلى أنه إذا حكم بوقف تنفيذ العقوبة فلاً يترتب عليه الفصل وأنه لا مجال للنظر فيما إذا كان وقف التنفيذ شاملاً للآثار الجنائية أم غير شامل لها بمقولة أن العزل في هذه الحالة لا يترتب كأثر جنائي بل كأثر إداري ولا ولاية للقضاء الجنائي في أن يشمل التنفيذ بإيقاف الآثار الإدارية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة السيدة الوطنية قد قضت بجلسة 2 من يناير سنة 1961 في الجنحة رقم 3260 سنة 1959 بحبس الطاعن - السيد/ عبد العزيز محمد علي - شهراً مع الشغل وكفالة مائة قرش لإيقاف التنفيذ وألزمته أن يدفع للمدعي المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية المناسبة لهذا المبلغ ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصرفات جنائية. وذلك لما ثبت لديها من أنه قد أصدر شيكين للسيد/ مراد يوسف لمعي على بنك سوارس فرع القاهرة بلا مقابل وفاء لهما وقد عاقبته لذلك بمقتضى المادة 337 من قانون العقوبات. وقد استأنف الطاعن هذا الحكم وفي 10 من مايو سنة 161 قضي في الاستئناف بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثالث سنوات. وألزمت المتهم بالمصروفات المدنية. وجاء في أسباب هذا الحكم أن الحكم المستأنف جاء سليماً صحيحاً في تقديره للعقاب بما يتعين معه تأييده غير أن المحكمة ترى نظراً لظروف الواقعة ولما يستشعر في غضونها من أن المتهم لن يعود إلي ارتكاب جرم مماثل ولأنه قام بسداد قيمة الشيك إيقاف لتنفيذ العقوبة على مقتضى المادة 55 من قانون العقوبات. وقد قرر الطاعن بجلسة 26 من مارس سنة 1966 أن محكمة النقض قد قضت برفض الطعن الذي كان رفعه عن الحكم الجنائي الصادر ضده. وفي 11 من يوليه سنه 1961 أصدرت مصلحه الضرائب التي كان يعمل بها الطاعن قراراً فصله من الخدمة بالتطبيق لحكم المادة 107 من قانون نظام الموظفين رقم 210 لسنة 1951 الذي كان سارياً حينذاك.
ومن حيث إن هذه المادة قد نصت على أن تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب التي عددتها ومنها السبب الذي ذكرته الفقرة الثامنة منها وهي الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف. ويستفاد من هذا النص أن الجرائم ليست كلها سواء من حيث أثرها على رابطه التوظف التي تربط الموظف بالحكومة فمنها ما يستتبع ارتكابها والحكم بالإدانة فيها فصم هذه الرابطة، وينتظم هذا النوع الجنايات كافة وكذا الجرائم المخلة بالشرف، ومنها ما لا يستتبع هذه النتيجة بحكم القانون وهو ما عدا ذلك من الجرائم. وقد تكفل المشرع في قانون العقوبات بتحديد الجنايات في وضوح وجلاء. أما الجرائم المخلة بالشرف فلم يحددها في هذا القانون أو في سواه تحديد جامعاً مانعاً كما كان شأنه بالنسبة للجنايات. على أن المتفق عليه أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع. والشخص إذا انحدر إلى هذا المستوى الأخلاقي لا يكون أهلاً لتولي المناصب العامة التي تقتضي فيمن يتولاها أن يكون متحلياً بالأمانة والنزاهة والشرف واستقامة الخلق. ولما كانت جريمة إصدار شيك بلا رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات هي - كجريمة النصب - تقتضي الالتجاء إلى الكذب كوسيلة لسلب مال الغير فهي لذلك لا تصدر إلا عن انحراف في الطبع وضعف في النفس ومن ثم فإنها تكون، في ضوء التعريف سالف الذكر، مخلة بالشرف. وسبق لهذه المحكمة أن قضت بأن هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف. بمدلوله المعني بالفقرة الثانية من المادة 107 السابق الإشارة إليها وذلك لمساسها بسمعة الموظف وذمته وتأثيرها على الثقة في أمانته ونزاهة معاملاته إذ أنها تتطلب قصداً جنائياً خاصاً يقوم على توافر سوء النية وقصد الإضرار بالمجني عليه حتى أن الشارع ألحقها في المادة 337 من قانون العقوبات بجريمة النصب وعاقب عليها بذات العقوبة التي قررها في المادة 336 منه لجريمة النصب وأن الحكم على الموظف بالعقوبة في جريمة هكذا شأنها مما يؤثر في صلاحيته لتولي الوظيفة العامة أو الاستمرار فيها. إذ ينعكس صداها على هيبة الوظيفة وكرامتها واعتبارها.
ومن حيث إن الطاعن - وقد حكم عليه بالعقوبة في جريمة إعطاء شيك بلا رصيد وأصبح هذا الحكم نهائياً وقد أقر بأن محكمة النقض قد حكمت برفض الطعن الذي قدمه في هذا الحكم حسبما تقدم - فإنه يقوم في شأنه سبب من أسباب انتهاء الخدمة المنصوص عليها في المادة 107 المنوه عنها ويتعين لذلك فصله من الخدمة بحكم القانون دون حاجة إلي محاكمة تأديبية. ولا يغير من ذلك أن المحكمة الجنائية قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة معينة - وذلك للظروف المخففة التي ارتأتها ومنها قيام الطاعن بسداد قيمة الشيكات أثناء المحاكمة - ذلك لأنه تبين من الاطلاع على هذا الحكم أن المحكمة قد أمرت بوقف تنفيذ العقوبة فقط ولم تحكم بوقف تنفيذ الآثار المترتبة على هذا الحكم. وعلى ذلك فإن هذا الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنع من ترتيب الآثار المترتبة على الحكم سواء أكانت أثاراً جنائية أم مدنية أم إدارية، ومن الآثار الإدارية التي تترتب على الحكم في جريمة مخلة بالشرف ما نصت عليه الفقرة 8 من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر من إنهاء خدمة الموظف فور الحكم عليه في هذه الجريمة. ولا وجه لما أثاره الطاعن - من أن قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنة 1964 قد جعل الفصل جوازياً للسيد الوزير في حالة الحكم مع وقف تنفيذ - لأن هذا القانون لا يسري على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به وقد صدر الحكم على الطاعن في تلك الجريمة المخلة بالشرف قبل العمل بالقانون المذكور. وفضلاً عن ذلك فإن هذا أمر مقصور على جهة الإدارة. أما القضاء فعليه أن ينزل حكم الفصل استناداً إلى الأصل المنصوص عليه في حالة صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف.
ومن حيث إنه لا صحة لما ذهب إليه الطاعن - من أن جريمة إصدار شيك بلا رصيد لا تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف إلا إذا صاحبتها طرق احتيالية - ذلك لأن المادة 337 من قانون العقوبات تقضي بأن يحكم بالعقوبات الخاصة بجريمة النصب على كل من أعطى بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك أو سحب بعد إعطاء الشيك كل الرصيد أو بعضه بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك، أو أمر المسحوب عليه الشيك بعدم الدفع ويبين من هذا النص أن المشرع قد اعتبر الحالات التي عددها في هذه المادة، والتي تتوافر فيها أركان الجريمة، من قبيل الوسائل الاحتيالية التي تهدد قيمة الشيك باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات.
ومن حيث إنه لا يقبل من الطاعن أمام القضاء الإداري أن يناقش المعاملة التي حرر من أجلها الشيك أو البواعث التي دفعته إلى تحريره أو علم المستفيد بعدم وجود رصيد، ما دام أن الحكم الجنائي الصادر بإدانته قد اكتسب حجية نهائية وأصبح لذلك مقيداً لجهات القضاء الأخرى في خصوص ما قضى به ما دام أن إنهاء الخدمة هو أثر لازم له.
ومن حيث إنه، لما تقدم، يكون القرار الصادر بفصل الطاعن من وظيفته - للحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف مع وقف تنفيذ العقوبة - قد صدر صحيحاً متفقاً وأحكام القانون ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضي برفض دعواه بإلغاء هذا القرار، يكون قد أصاب الحق في قضائه وبالتالي يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون، ولا وجه لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - من أنه أخل بحق الدفاع لأنه لم يرد على كل نقاط دفاعه - ذلك لأنه، فضلاً عن أن المحكمة ليست ملزمة بتقصي كافة أوجه دفاع المدعي والرد عليها - فإن الحكم المطعون فيه قد بني على أسباب صحيحة فيها الرد الكافي على دفاع المدعي.
ومن حيث إنه لذلك يتعين القضاء بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.


(1) بمثل هذا المبدأ قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 1762 لسنة 7 ق بجلسة 29/ 12/ 1962 المنشور بمجموعة السنة الثامنة - المبدأ 33 ص 353، وفي حكمها الصادر في القضية رقم 574 لسنة 11 ق بجلسة 31/ 12/ 1966.
(2) يمثل هذا المبدأ قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 1413 لسنة 7 ق بجلسة 24/ 4/ 1965 المنشور بمجموعة السنة العاشرة - المبدأ 110 ص 1113، وفي حكمها الصادر في القضية رقم 574 لسنة 11 ق بجلسة 31/ 12/ 1966.