الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 يونيو 2023

الطعن 299 لسنة 36 ق جلسة 9 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 41 ص 254

جلسة 9 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

--------------

(41)
الطعن رقم 299 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "الخصومة في الطعن".
عدم جواز اختصام من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه.
(ب) تنفيذ عقاري. "تبليغ التقرير بزيادة العشر". بطلان. حكم. "الأحكام الجائز الطعن فيها".
ورود حالات الطعن بالمعارضة أو بالاستئناف في حكم مرسى المزاد على سبيل الحصر في قانون المرافعات السابق. منها أن يكون ثمة عيب قد شاب إجراءات المزايدة وجوب قيام قلم الكتاب بتبليغ محضر التقرير بزيادة العشر لذوي الشأن ومنهم الراسي عليه المزاد الأول. ضرورة التحقق قبل إجراء المزايدة من حصول هذا التبليغ.
(ج) تنفيذ عقاري. "قاضي البيوع".
لا على المحكمة إن هي لم تستجب لطلب تأجيل المزايدة ما دام لم يشفع بما يبرره.
(د) تنفيذ عقاري. "تنبيه نزع الملكية ومشتملاته". بطلان.
وجوب بيان العقار الذي يجرى عليه التنفيذ ومساحته في تنبيه نزع الملكية وقائمة شروط البيع والإعلان عن البيع. إغفال هذا البيان أو الخطأ فيه لا يرتب البطلان في ظل قانون المرافعات السابق إذا كانت البيانات الأخرى المتعلقة بالعقار تكشف عن حقيقته، وينتفي بها التشكيك فيه.

-----------------
1 - الخصومة في الطعن لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً بعضهم لبعض في النزاع الذي فصل فيه، وإذ كان يبن من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما الثامن والتاسع لم يختصما في هذا النزاع، فإن الطعن ضدهما بالنقض يكون غير مقبول.
2 - أوردت المادة 692 من قانون المرافعات السابق - الذي يحكم واقعة النزاع - على سبيل الحصر الحالات التي يجوز فيها الطعن بالمعارضة أو بالاستئناف في حكم مرسى المزاد، ومنها أن يكون ثمة عيب قد شاب إجراءات المزايدة، وقضت المادة 679 من ذلك القانون بأن يقوم قلم كتاب المحكمة التي يجرى أمامها البيع بتبليغ محضر التقرير بزيادة العشر لذوي الشأن، ومنه الراسي عليه المزاد الأول في خلال الخمسة أيام التالية لانقضاء ميعاد التقرير بها، ومؤدى هذين النصين مرتبطاً بما تقضي به المادة 682 من نفس القانون أن تجرى المزايدة بعد التحقق من حصول هذا التبليغ. وإذ كان البين من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحضر التقرير بزيادة العشر أن المطعون عليه الثاني وهو الراسي عليه المزاد الأول الذي قرر بزيادة العشر قد أعلن بذلك المحضر وفق ما جاء بالحكم المطعون فيه، وهو ما ينتفي معه وجود عيب في إجراءات المزايدة في هذا الخصوص يبطل حكم مرسى المزاد، وكان الثابت من الاطلاع على محضر الجلسة التي رسا فيها مزاد العقار موضوع النزاع أن أحداً ممن حضروا تلك الجلسة ومن بينهم الطاعن (المدين) لم يعترض على الإجراءات السابقة عليها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وبمخالفة الثابت في الأوراق يكون على غير أساس.
3 - إذا كان المطعون عليه الثاني (الراسي عليه المزاد الأول) قد تقدم بطلب تأجيل المزايدة، ولم يشفع طلبه بما يبرره، فإن مؤدى ذلك وإزاء ما هو ثابت من أن الإجراءات قد تمت أمام قاضي البيوع مطابقة للقانون، ألا تقوم حاجة بالمحكمة إلى الاستجابة للطلب المشار إليه.
4 - إنه وإن أوجب المشرع في المواد 610/ 2، 630/ 3، 653/ 2 من قانون المرافعات السابق بيان العقار الذي يجرى عليه التنفيذ ومساحته في تنبيه نزع الملكية وقائمة شروط البيع والإعلان عن البيع، ورتب على إغفال هذا البيان بطلان إجراءات التنفيذ، وذلك بالفقرة الأخيرة من المادة 610 وبالمواد 634، 658، 681 من القانون المتقدم الذكر، إلا أن هذا البطلان لا يتحقق إذا كانت البيانات الأخرى المتعلقة بالعقار، والواردة في هذه الأوراق تكشف عن حقيقته، وينتفي بها التشكيك فيه، وإذ كان يبن من الحكم المطعون فيه أنه عرض للخطأ في مساحة العقار موضوع البيع والذي يثره الطاعن (المدين) بسبب النعي، وانتهى إلى أن البيانات الأخرى مما تكشف عن حقيقة العقار، وتنفي أي شك فيه. وتدحض ما يثيره الطاعن بشأن الخطأ الذي تضمنته نشرة البيع. وكان هذا الذي قرره الحكم صحيحاً في القانون ويكفي لحمل قضائه. فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بناء على الإجراءات التي اتخذتها المطعون عليها الأولى في القضية رقم 30 لسنة 1964 مدني كلي المنصورة لنزع ملكية الطاعن من عقار مرهون لها رهناً رسمياً في دين لها عليه رسا مزاد ذلك العقار في 18 من إبريل سنة 1965 على المطعون عليه الثاني الذي قرر بأن الشراء لحساب المطعون عليهما الثالث والرابعة، وبعد زيادة العشر من جانب المطعون عليه الخامس الذي قرر بأن الشراء لحساب المطعون عليه السابع صدر الحكم برسو المزاد عليه في 9 نوفمبر سنة 1965. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 263 لسنة 17 ق، وبتاريخ 10 من إبريل سنة 1966 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثامن والتاسع وأبدت رأيها في الموضوع برفض الطعن وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة صحيح ذلك أنه لما كانت الخصومة في الطعن لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً بعضهم لبعض في النزاع الذي فصل فيه، وكان يبن من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما الثامن والتاسع لم يختصما في هذا النزاع، فإن الطعن ضدهما بالنقض يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهم السبعة الأولين.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن محضر التقرير بزيادة العشر لم يبلغ للراسي عليه المزاد بما يعد عيباً في الإجراءات يبطل حكم مرسى المزاد الصادر في 9 نوفمبر سنة 1965 ويجيز استئنافه، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن التقرير بزيادة العشر قد أبلغ للراسي عليه المزاد الأول في أول مايو سنة 1965 وأنه حضر جلسة المزايدة ولم يبد اعتراضاً على الإجراءات، هذا في حين أن الراسي عليه المزاد الأول لم يبلغ في هذا التاريخ بل إن الأوراق خالية مما يفيد إبلاغه، وإذ كان حضور المطعون عليه جلسة المزايدة وطلبه تأجيلها لا يعني التسليم منه بصحة الإجراءات، وكان الحكم لم يفصح عن السبب الذي دعا إلى عدم الاستجابة إلى طلب التأجيل المشار إليه ويحق للطاعن باعتباره المدين صاحب المصلحة الأولى في صحة الإجراءات إبداء دفوعه بشأنها، فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون وبمخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 692 من قانون المرافعات السابق - الذي يحكم واقعة النزاع - قد أوردت على سبيل الحصر الحالات التي يجوز فيها الطعن بالمعارضة أو بالاستئناف في حكم مرسى المزاد ومنها أن يكون ثمة عيب قد شاب إجراءات المزايدة، وكانت المادة 679 من ذلك القانون تقضي بأن يقوم قلم كتاب المحكمة التي يجرى أمامها البيع بتبليغ محضر التقرير بزيادة العشر لذوي الشأن ومنهم الراسي عليه المزاد الأول في خلال الخمسة أيام التالية لانقضاء ميعاد التقرير بها، ولئن كان مؤدى هذين النصين مرتبطين بما تقضي به المادة 682 من نفس القانون أنه تجرى المزايدة بعد التحقق من حصول هذا التبليغ، إلا أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه واجه ما يبديه الطاعن بسبب النعي في قوله "وتم إبلاغ المستأنف عليه الثاني (المطعون عليه الثاني وهو الراسي عليه المزاد الأول) ومن قرر بالشراء لحسابهم المستأنف عليهما الثالث والرابعة (المطعون عليهما الثالث والرابعة) وذلك بتاريخ أول مايو سنة 1965، بل لقد حضر المستأنف عليه الثاني بجلسة 9 نوفمبر سنة 1965 التي تم فيها المزاد بعد التقرير بزيادة العشر، وعلى أية حال فإن أحداً من الراسي عليه المزاد أو من قرر بأن الشراء لصالحهم لم يطعن على الإجراءات بشيء في هذا الخصوص" ولما كان البين من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحضر التقرير بزيادة العشر والمودعة بحافظة المطعون عليه السابع أن المطعون عليه الثاني وهو الراسي عليه المزاد الأول الذي قرر بزيادة العشر قد أعلن بذلك المحضر يوم أول مايو سنة 1965 وفق ما جاء بالحكم المطعون فيه وهو ما ينتفي معه وجود عيب في إجراءات المزايدة في هذا الخصوص يبطل حكم مرسى المزاد، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة 9 فبراير سنة 1965 في القضية رقم 30 لسنة 1964 بيوع كلي المنصورة التي رسا فيها مزاد العقار موضوع النزاع أن أحداً ممن حضروا تلك الجلسة ومن بينهم الطاعن لم يعترض على الإجراءات السابقة عليها، وأن المطعون عليه الثاني وإن تقدم بطلب تأجيل المزايدة إلا أنه لم يشفع طلبه بما يبرره، فإن مؤدى ذلك وإزاء ما هو ثابت مما حصله الحكم المطعون فيه من مدونات حكم مرسى المزاد على النحو السالف بيانه - من أن هذه الإجراءات قد تمت أمام قاضي البيوع مطابقة للقانون ألا تقوم حاجة بالمحكمة إلى الاستجابة للطلب المشار إليه. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وبمخالفة الثابت في الأوراق على النحو الذي يثيره الطاعن بسبب النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن نشرة بيع العقار موضوع النزاع قد تضمنت خطأ في مساحته وأن من شأن هذا الخطأ أن ينقص عدد المزايدين فيه بما يؤدي إلى بخس ثمنه وأن محكمة البيوع قضت رغم ذلك بإيقاع البيع، وهو عيب في إجراءات المزايدة يجيز استئناف حكم مرسى المزاد، غير أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز استئناف ذلك الحكم قولاً منه بأن الخطأ المشار إليه غير مؤثر فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن أوجب المشرع في المواد 610/ 2، 630/ 3، 653/ 2 من قانون المرافعات السابق بيان العقار الذي يجرى عليه التنفيذ ومساحته في تنبيه نزع الملكية وقائمة شروط البيع والإعلان عن البيع ورتب على إغفال هذا البيان بطلان إجراءات التنفيذ وذلك بالفقرة الأخيرة من المادة 610 وبالمواد 634، 658، 681 من القانون المتقدم الذكر، إلا أنه لما كان هذا البطلان لا يتحقق إذا كانت البيانات الأخرى المتعلقة بالعقار، والواردة في هذه الأوراق تكشف عن حقيقته وينتفي بها التشكيك فيه، وكان يبن من مدونات حكم مرسى المزاد الصادر في 9 نوفمبر سنة 1965 أنه عرض للخطأ في مساحة العقار موضوع البيع والذي يثيره الطاعن بسبب النعي فيما أورده من أن مقرر الزيادة بالعشر قد أشار إلى أنه قد ورد في تنبيه نزع الملكية أن مساحة العقار 372.75 م2 في حين أن حقيقتها 732.75 م2 وأنه سيتخذ الإجراءات في الشهر العقاري لتصحيح ذلك الخطأ الناشئ عن السهو، وطلب من المحكمة تصحيحه على ضوء المساحة الحقيقة للعقار بالقراريط وهي 21 قيراطاً وعشرة أسهم وسبعا السهم من 14 قيراطاً في العقار المشار إليه والتي تدخل ضمن الحدود والمعالم الموضحة بتنبيه نزع الملكية وقائمة شروط البيع، وكان الحكم المطعون فيه قد أجاب على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص بقوله "إنه وإن كانت مساحة العقار قد ظهرت بأقل من القيمة الحقيقية وذلك في تنبيه نزع الملكية وقائمة شروط البيع ونشراته إلا أن بيانات العقار الأخرى دلت على حقيقته، فقد تضمنت موقعه وحدوده وأحوال كل حد ومقدار الحصة المعروضة للمزايدة منسوبة إلى كامل العقار مما يكشف عن أن ثمة خطأ مادياً بحتاً وقع في مسطحه" وكان هذا الذي أورده الحكم وانتهى إليه قد استند فيه إلى البيانات التي أشار إليها مما يكشف عن حقيقة العقار موضوع البيع وينفي أي شك فيها ويدحض ما يثيره الطاعن بشأن الخطأ الذي تضمنته نشرة البيع، وكان هذا الذي قرره الحكم صحيحاً في القانون ويكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن حكم مرسى المزاد الذي أصدره قاضي البيوع أغفل الرد على دفوعه التي أبداها في جلسة المزايدة غير أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن محاضر الجلسات خالية من أي دفع وذلك على خلاف الحقيقة الثابتة في الأوراق، وفاته أنه كان على قاضي البيوع أن يتحقق من أن إجراءات المزايدة قد تمت صحيحة حتى يتسنى له أن ينزل عليها حكم القانون، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق وبالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من محاضر جلسات القضية رقم 30 لسنة 1964 بيوع كلي المنصورة أن الطاعن لم يبد دفاعاً أمام قاضي البيوع، وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه نقلاً عن حكم مرسى المزاد الصادر في 9 نوفمبر سنة 1965 أن إجراءات البيوع قد تمت مطابقة للقانون فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق وبالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 52 لسنة 27 ق جلسة 29 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 رجال قضاء ق 9 ص 449

جلسة 29 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وأحمد زكي، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وأميل جبران، وأحمد حسنين موافي، وقطب عبد الحميد فراج.

-----------------

(9)
الطلب رقم 52 لسنة 27 ق "رجال القضاء"

(أ) اختصاص. "اختصاص محكمة النقض بهيئة جمعية عمومية". قضاء المحاكم الشرعية الملغاة. "الدعاوى اللاحقة على الإلغاء". إحالة. نقض.
إلحاق رجال القضاء الشرعي بالمحاكم الوطنية منذ أول يناير سنة 1956. يجري عليهم ما يجري على رجال القضاء والنيابة العامة من أحكام مقررة في شأنهم. اختصاص محكمة النقض بالفصل في طلباتهم. الدعاوى اللاحقة لهذا التاريخ لا تدخل في اختصاص القضاء الإداري. إحالة جهة القضاء الإداري تلك الدعاوى إلى محكمة النقض. إحالة باطلة قانوناً. عدم تقديم الطلب بمحكمة النقض وفقاً للمادة 429 مرافعات. عدم قبوله شكلاً.
(ب) إحالة. "أحوال جوازها ووجوبها". "أثر الحكم بالإحالة".
اقتصار سلطة الإحالة وفقاً للمادة 135 مرافعات على حالات عدم الاختصاص الملحي أو النوعي. لا تمتد هذه السلطة التي يكون مرجع عدم الاختصاص انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص. إيجاب المادة 135 مرافعات المعدلة بالقانون 100 لسنة 1962 الإحالة بعد أن كانت جوازيه. لا وجوب للإحالة إلا في الأحوال التي تصبح فيها الإحالة قانوناً. إلزام المحكمة المحال إليها بنظر الدعوى إنما يكون بين محاكم الجهة القضائية الواحدة.

--------------
1 - إذا قام الطالب (قاض شرعي) طلبه أمام محكمة القضاء الإداري بعد أول يناير سنة 1956 - تاريخ إلغاء المحاكم الشرعية - أي بعد أن ألحق بالمحاكم الوطنية وأصبح يجري عليه ما يجري على رجال القضاء والنيابة العامة من أحكام مقررة في شأنهم ومن ذلك ما نصت عليه المادة 23 من قانون نظام القضاء التي تقضي باختصاص محكمة النقض - دون غيرها - منعقدة بهيئة جمعية عمومية بالفصل في طلبات رجال القضاء والنيابة المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب وفي الطلبات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم، فإن الطالب يكون قد رفع دعواه إلى محكمة لا ولاية لها بنظرها مما يتعين معه على تلك المحكمة أن تقف عند حد الحكم بعدم الاختصاص فإن جاوزت ذلك إلى القضاء بإحالة الدعوى إلى محكمة النقض فإن هذه الإحالة تكون باطلة قانوناً. وإذا لم يقدم الطلب إلى محكمة النقض - في هذه الصورة - بالأوضاع المقررة في المادة 429 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 23 سالفة الذكر فإنه يكون غير مقبول شكلاً.
2 - تقتصر سلطة القضاء في الإحالة إلى محكمة أخرى عملاً بالمادة 135 من قانون المرافعات على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية واحدة ولا تمتد إلى المسائل التي يكون مرجع عدم الاختصاص فيها انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص. وقد اقتصر التعديل الذي أدخله القانون رقم 100 لسنة 1962 على نص تلك المادة على جعل القضاء بالإحالة واجباً على المحكمة بعد أن كان أمراً جوازياً لها. وبديهي أن القضاء بهذه الإحالة لا يكون واجباً على المحكمة إلا في الأحوال التي تصح فيها الإحالة قانوناً، أما ما قرره القانون رقم 100 لسنة 1962 من إلزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها فإن ذلك إنما يكون بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية الواحدة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق تتحصل في أنه في 22 من أبريل سنة 1956 أقام الطالب وهو قاضى بالمحاكم الوطنية الدعوى رقم 1296 سنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزارة العدل وطلب الحكم له بصرف المبلغ الذي خصمته هذه الوزارة بدون وجه حق من إعانة غلاء المعيشة وقدره سبعون جنيهاً في المدة من 18/ 9/ 1948 إلى آخر يونيه سنة 1954 وصرف فروق شهري يوليه وأغسطس بواقع الشهر 2 ج و850 م وهو ما خصمته الوزارة بغير حق في كل من هذين الشهرين مضافاً إلى ذلك مبلغ 25 ج على سبيل التعويض وقال في بيان دعواه أنه بتاريخ 25 من مارس سنة 1954 صدر له حكم من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1223 لسنة 6 قضائية يقضي باستحقاقه للدرجة السادسة براتب قدره 12 ج من تاريخ تعيينه كاتباً بالمحاكم الشرعية في 10 من مارس سنة 1945 بدلاً من الدرجة السابعة التي عين عليها مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك. وقد أصدرت الوزارة قرارها رقم 3769 في 29/ 6/ 1954 بتسوية حالته على أساس هذا الحكم وتنفيذاً لهذا القرار حررت محكمة سوهاج الكلية الشرعية التي كان يعمل المدعي موظفاً بها استمارة بالفروق المالية المستحقة له وذلك من واقع دفاترها ودفاتر محكمة أسيوط الكلية الشرعية التي اشتغل فيها المدعي من سنة 1946 إلى سنة 1953 وبلغت الفروق المستحقة له 298 ج و848 م فرق ماهية 140 ج و685 م فرق إعانة غلاء المعيشة وعند مراجعة التسوية بالوزارة خصمت بغير حق مبلغ سبعين جنيهاً من الفروق المحرر بها الاستمارة بحجة أن الخصم كان من إعانة غلاء المعيشة لوجود فروق بين الثابت صرفه بدفاتر الوزارة والمقيد بدفاتر المحكمة وأنه لما كانت الوزارة قد أخطأت في خصم المبلغ المذكور كما أخطأت في خصم مبلغ 2 ج و850 م من راتبه عن كل من شهري يوليه وأغسطس سنة 1954 فقد أقام دعواه طالباً استرداد هذه المبالغ مع التعويض الذي قدره بمبلغ 25 ج ولدي نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري دفعت وزارة العدل بعدم اختصاص تلك المحكمة بنظر الدعوى استناداً إلى أن المدعي من رجال القضاء وأن المادة 23 من القانون رقم 147 لسنة 1949 بنظام القضاء تجعل الاختصاص بنظر هذه الطلبات لمحكمة النقض دون غيرها منعقدة بهيئة جمعية عمومية ورد المدعي على هذا الدفع بأنه وإن كان قاضياً عند رفع هذه الدعوى إلا أنه لم يكن كذلك عندما ثار النزاع بينه وبين وزارة العدل وأن الطلبات المرفوع بها الدعوى لا تدخل ضمن الطلبات الوارد ذكرها في المادة 23 من القانون رقم 147 لسنة 1949 إذ أن النزاع في الدعوى إنما يتعلق بتسوية قضى بها حكم نهائي وأرادت الوزارة أن تفسره تفسيراً خاطئاً فلجأ إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتفسير ما قصدته به وأضاف أن القانون 100 لسنة 1962 يلزم المحكمة المحال إليها الدعوى بقبولها والفصل فيها.
وبتاريخ 28 من أكتوبر سنة 1957 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة النقض تطبيقاً للقانون رقم 240 لسنة 1955 مؤسسة قضاءها على أن الدعوى ليست دعوى تفسير وإنما هي منازعة مبتدأه في شأن مقدار إعانة غلاء المعيشة التي يستحقها المدعي في نطاق أحكام قرارات مجلس الوزراء في هذا الخصوص وتثبيتها على أساس ماهيته الفعلية في 30/ 11/ 1950 وأنه لما كان المدعي قد اعتبر من رجال القضاء بحكم نص المادة 8 من القانون 624 لسنة 1955 فإنه يسري عليه أحكام القانون رقم 240 لسنة 1955 بتعديل المادة 23 من القانون رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء ويقضى هذا التعديل بتخويل محكمة النقض دون غيرها منعقدة بهيئة جمعية عمومية سلطة الفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال القضاء والنيابة أو لورثتهم وإن القانون 240 لسنة 1955 يعتبر من قوانين المرافعات المنظمة للاختصاص المتعلق بالولاية فيسرى بأثر مباشر على المنازعات التي لم يكن قد فصل فيها قبل تاريخ العمل به وذلك عملاً بالمادة الأولى من قانون المرافعات ولدى نظر الطلب أمام هذه المحكمة بعد إحالته إليها دفعت وزارة العدل بعدم قبوله شكلاً لرفعه بغير الطريق القانوني استناداً إلى أنه لا ولاية لغير محكمة النقض في جميع المنازعات المتعلقة بشئون القضاء وأن الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى محكمة النقض غير جائزة وأنه إذا كان الطاعن لم يتقدم بتظلمه إلى محكمة النقض بالأوضاع التي كانت مقررة بالمادة 429 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 23 من قانون نظام القضاء فإن طلبه يكون غير مقبول ورد الطالب على هذا الدفع بأن محكمة القضاء الإداري كانت مختصة بنظر طلبه عند رفعه إليها فضلاً عن أن المادة 135 مرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 تلزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها وقدمت النيابة مذكرة انضمت فيها إلى الوزارة في الدفع مقررة أن سلطة القضاء في الإحالة طبقاً للمادة 135 مرافعات تقتصر على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية واحدة ولا تمتد إلى المسائل التي يكون مرجع عدم الاختصاص فيها انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص وأضافت النيابة أنه إذا صح أن رفع الطعن على قرار الإلغاء إلى محكمة غير مختصة يترتب عليه قطع ميعاد رفع الدعوى بطلب الإلغاء إلا أن هذا الأثر يزول بصدور حكم عدم الاختصاص. ولما كان الطالب لم يطعن على القرار خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور ذلك الحكم فإن الميعاد يكون قد انقضى بالنسبة إليه وأنه على تقدير أنه اعتبر من رجال القضاء الوطني اعتباراً من أول يناير سنة 1956 بنص القانون فإن الميعاد يكون قد انقضى أيضاً لأنه لم يرفع طعنه على القرار في الميعاد الذي يبدأ من تاريخ نفاذ ذلك القانون.
وحيث إنه لما كانت دعوى الطاعن لا تعتبر كما يزعم دعوى بطلب تفسير حكم محكمة القضاء الإداري وإنما هي كما انتهت تلك المحكمة في حكمها بحجة منازعة مبتدأه خاصة بتسوية إعانة غلاء المعيشة مما يدخل في الطلبات الخاصة بالمرتبات المنصوص عليها في المادة 23 من قانون نظام القضاء المعدل بالقانون رقم 240 لسنة 1955 ولما كانت هذه المادة تقضي باختصاص محكمة النقض دون غيرها منعقدة بهيئة جمعية عمومية بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء قرارات مجلس الوزراء والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب وفي الطلبات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم وكان الطالب قد أقام دعواه هذه أمام محكمة القضاء الإداري في 22 أبريل سنة 1956 أي بعد أن ألحق بالمحاكم الوطنية وأصبح يجري عليه ما يجري على رجال القضاء والنيابة العامة من أحكام مقررة في شأنهم وذلك عملاً بنص المادة الثامنة من القانون رقم 624 لسنة 1955 ومن بين تلك الأحكام حكم المادة 23 سالف الذكر فإنه كان يتعين عليه أن يرفع هذه الدعوى إلى محكمة النقض وإذ رفعها إلى محكمة القضاء الإداري فإنه يكون قد رفعها إلى محكمة لا ولاية لها بنظرها وكان لذلك يتعين على تلك المحكمة أن تقف عند الحكم بعدم الاختصاص أما وقد جاوزت ذلك إلى الفضاء بإحالة الدعوى إلى محكمة النقض فإن هذه الإحالة تكون باطلة وذلك أنه يبين من المادة 135 من قانون المرافعات والمذكرة التفسيرية لذلك القانون أن سلطة القضاء في الإحالة إلى محكمة أخرى إنما تقتصر على حالات عدم الاختصاص المحلي أو النوعي بين المحاكم التي تتبع جهة قضائية واحدة ولا تمتد إلى المسائل التي يكون مرجع عدم الاختصاص فيها انتفاء الوظيفة القضائية إلا بنص خاص وقد اقتصر التعديل الذي أدخله القانون رقم 100 لسنة 1962 على نص تلك المادة على جعل القضاء بالإحالة واجباً على المحكمة بعد أن كان أمراً جوازياً لها وبديهي أن القضاء بهذه الإحالة لا يكون واجباً على المحكمة إلا في الأحوال التي تصح فيها الإحالة قانوناً. أما ما قرره القانون رقم 100 لسنة 1962 من إلزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها فإن ذلك إنما يكون بين المحاكم التي تتبع جهة قضاء واحد. لما كان ذلك، وكان الطلب لم يقدم إلى هذه المحكمة بالأوضاع المقررة في المادة 429 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 23 من قانون نظام القضاء فإن الطلب يكون غير مقبول شكلاً.

الطعن 1598 لسنة 30 ق جلسة 27 / 7 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 166 ص 1640

جلسة 27 من يوليو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

--------------------

(166)

الطعن رقم 1598 لسنة 30 القضائية

دعوى - عوارض سير الدعوى - انتهاء الخصومة في الدعوى - (دعوى الإلغاء) (قرار إداري) سلطة المحكمة في وقف تنفيذ القرار الإداري مشتقة من سلطة الإلغاء 

- يشترط لقبول طلب وقف التنفيذ أن يكون ثمة قرار إداري نهائي موجود وقائم ومنتج لآثاره عند إقامة الدعوى - عدم وجود القرار قبل إقامة الدعوى يجعلها غير مقبولة - إذا وجد القرار عند إقامة الدعوى وزال أثناء نظرها بأن استجابت جهة الإدارة لطلب المدعي ففي هذه الحالة يكون ركن المحل قد زال وتصبح الدعوى غير ذات موضوع ويتعين الحكم بانتهاء الخصومة فيها - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 30 من إبريل سنة 1984 أودع السيد الأستاذ/ عبد الحليم حسن رمضان المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1598 لسنة 30 ق عليا ضد كل من السيدين: رئيس الجمهورية ووزير الداخلية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 17/ 4/ 1984 في الدعوى رقم 3498/ 38 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الطلب المستعجل برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصروفات هذا الطلب والأمر بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتقدم تقريراً بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة لتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول طلباته الواردة بعريضة الدعوى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات مع الأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبدون إعلان.
وقد أودع الأستاذ الدكتور/ فاروق عبد البر، مفوض الدولة لدى المحكمة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى في ختامه تأجيل نظر الطعن وتحديد ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر للطاعن لرفع دعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا وإبقاء الفصل في المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأمرت بإحالته إلى هذه المحكمة وعينت لنظره أمامها جلسة 13/ 10/ 1984 وتداولت المحكمة نظره بها وبالجلسات التالية وبجلسة 1/ 12/ 1984 دفع الطاعن بعدم دستورية القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983، ورأت المحكمة جدية الدفع، فقررت تأجيل نظر الطعن لجلسة 2/ 3/ 1985 وحددت ميعاداً غايته آخر يناير سنة 1985 حتى يقوم الطاعن برفع دعوى عدم دستورية القانون المشار إليه خلال هذا الميعاد وبجلسة 2/ 3/ 1985 قرر الحاضر عن الطاعن أنه قام برفع الدفع بعدم دستورية القانون رقم 38/ 72 وحددت جلسة 27/ 3/ 1985 لنظره فقررت المحكمة بذات الجلسة وقف الطعن. بجلسة 15/ 4/ 89 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 8 لسنة 7 قضائية دستورية، قاضياً بعدم قبول الدعوى وألزمت الحكومة المصروفات تأسيساً على أنه قد سبق لها أن قضت بتاريخ 16 من مايو سنة 1987 في الدعوى رقم 131/ 6 ق. دستورية، بعدم دستورية المادتين الخامسة مكرر والسادسة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 وأن قضاءها له حجية مطلقة حسمت الخصومة بشأن عدم دستورية هذين النصين حسماً قاطعاً مانعاً من نظر أي طعن يثور من جديد بشأنهما وبالتالي فإن المصلحة في الدعوى الماثلة بالنسبة للطعن عليهما تكون قد انتفت وبالتالي يتعين الحكم بعدم قبولها، ومن ثم استأنفت المحكمة نظر الطعن بجلسة 16/ 12/ 1989 وبالجلسات التالية، وعلى النحو الثابت بمحاضرها وقررت إصدار الحكم بجلسة 27/ 1/ 1990، وبها قررت إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 3/ 3/ 1990 وعلى هيئة مفوضي الدولة إعداد تقرير تكميلي في موضوع الطعن بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا وأودع الأستاذ المستشار/ عادل الشربيني، مفوض الدولة لدى المحكمة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة، ارتأى في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وإلزام وزارة الداخلية بالمصروفات، وتداولت المحكمة نظر الطعن بالجلسات التالية، على النحو الثابت بمحاضرها، وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة 2/ 3/ 1991، وبها قررت إعادة الطعن للمرافعة بناء على طلب الطاعن المؤرخ 14/ 2/ 1991 ثم تداولت نظره بتلك الجلسة وبالجلسات التالية، على النحو الثابت بمحاضرها، إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة 20/ 7/ 1991 حيث قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 27/ 7/ 1991، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطاعن قد وجه هذا الطعن إلى كل من السيدين وزير الداخلية ورئيس الجمهورية.
وحيث إن القرار المطعون فيه محل الدعوى التي طلب فيها الطاعن وقف تنفيذه وإلغائّه قد صدر من السيد وزير الداخلية وحده مستنداً إلى أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، والقانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب ولم يصدر القرار الطعين من السيد رئيس الجمهورية أو لم يصدق عليه أو يعتمد منه بناء على أية نصوص تقرر ذلك في الدستور أو القانون.
ومن حيث إن المادة (157) من الدستور تنص صراحة على أن الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته ويتولى رسم سياسة الوزارة في حدود السياسة العامة للدولة ويقوم بتنفيذها.
ولما كان الطاعن قد اختصم وزير الداخلية مصدر القرار والمسئول عنه قانوناً وسياسياً أمام القضاء وأمام مجلس الشعب طبقاً لأحكام المواد (126)، (128) من الدستور والتي تنص على أن الوزراء مسئولون أمام مجلس الشعب عن السياسة العامة للدولة وكل وزير مسئول عن أعمال وزارته.
ومن ثم فإنه لا شأن لغير وزير الداخلية بهذا النزاع.
ومن حيث إنه بمراعاة ما سلف بيانه فإن الطعن استوفى الأوضاع الشكلية المقررة لقبوله شكلاً في مواجهة السيد وزير الداخلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها - تتحصل في أنه بتاريخ 10/ 4/ 1984 أقام السيد الأستاذ/ عبد الحليم حسن رمضان الدعوى رقم 3498/ 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد كل من رئيس الجمهورية ووزير الداخلية، وطلب في ختام صحيفتها الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه شاملاً كافة آثاره، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار بكل ما ترتب عليه من آثار، وإلزام المدعى عليهما المصروفات. قال تبياناً لدعواه إنه بتاريخ 8/ 4/ 1984 أصدر وزير الداخلية قراراً بفتح باب الترشيح لانتخابات مجلس الشعب فيما بين المواطنين، وحدد القرار يوم السبت 14/ 4/ 1984 لفتح باب الترشيح ويوم 23/ 4/ 1984 ميعاداً لانتهاء قبول أوراق المرشحين وألزم القرار كل مرشح بتقديم صورة معتمدة من قائمة الحزب الذي ينتمي إليه مبيناً فيها إدراج اسمه بصفة أصلية أو احتياطية بين أسماء المرشحين من الحزب في قوائمه. ونعى المدعي على هذا القرار أنه أخل بأحكام المادتين الأولى والثانية من الدستور، فيما يقرر أنه من اتخاذ الديمقراطية أسلوباً للحكم والشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع وأخل بمبدأ تكافؤ الفرص لجميع المصريين المنصوص عليه في المادة (8) من الدستور، وبحق المواطنين في تولي الوظائف العامة وأداء الخدمة العامة والعمل العام، طبقاً لأحكام المادتين 13، 14 من الدستور، وافقدهم حق المساواة في جميع الحقوق والواجبات المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور، وصادر حقوقهم في الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي وفقاً لنص المادة (62) من الدستور، وانطوى على تمييز بينهم بسبب الرأي السياسي إذ قصر حق الترشيح على أعضاء الأحزاب السياسية فقط، بالمخالفة لنص المادتين (2)، (26) من الاتفاقية الدولة للحقوق المدنية والسياسية التي قررتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/ 12/ 1966 والتي وقعتها حكومة مصر في 4/ 8/ 1967 حيث حرم القرار المواطنين المستقلين من حقهم في الترشيح لعضوية مجلس الشعب.
وبجلسة 17/ 4/ 1984 صدر الحكم الطعين على أسباب توجز في أن القانون رقم (38) لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب معدلاً بالقانون رقم 114 لسنة 1983 تبنى نظام الانتخابات بالقائمة بدلاً من نظام الانتخاب الفردي، واعتبر القوائم الحزبية هي الأسلوب الوحيد لعمليتي الترشيح والانتخاب ثم جاء قرار وزير الداخلية رقم 293 لسنة 1984 مفصلاً ما أجمله القانون المذكور، فألزم كل مرشح بتقديم صورة معتمدة من قائمة الحزب الذي ينتمي إليه مبيناً فيها إدراج اسمه بصفة أصلية أو احتياطية، فيكون مشروعاً.
وإنه لا وجه للنعي عليه بعدم الدستورية لأن الدستور نص على قيام النظام السياسي على أساس تعدد الأحزاب، وهي القنوات الشرعية للمشاركة في النظام السياسي، ولا يقبل ممن لا ينتمي إلى أحد الأحزاب السياسية القائمة قانوناً المشاركة في النظام السياسي للبلاد، وأنه ليس بدعاً في التنظيم السياسي أن تكون القوائم الحزبية هي الطريق الوحيد إلى مقاعد مجلس الشعب فقد جرى العرف الدستوري والتشريعي على أن العضوية العاملة بالاتحاد الاشتراكي العربي هي الطريق الأوحد ليس فقط للذهاب إلى مجلس الأمة، ولكن (أيضاً) لتقلد بعض المناصب الخاصة (يقصد العامة) وذلك من مفهوم أن النظام السياسي في الدولة كان قائماً على صيغة تحالف قوى الشعب العاملة ضمن إطار الاتحاد الاشتراكي العربي وأنه لا وجه للقول بإخلال القرار المذكور بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، إذ إنه بعد أن نص الدستور عليها في المادتين 8، 40 منه أحال بالنسبة إلى حق المواطنين، في الانتخاب والترشيح إلى أحكام القانون، الذي نص في المادة خامساً مكرراً والفقرة الأولى من المادة السادسة منه على أن يكون الانتخاب بالقائمة الحزبية ومشترطاً أن يكون المرشح مدرجاً في إحدى هذه القوائم الحزبية، وجاء القرار المطعون فيه منفذاً له، ومقتصراً على مجرد تنفيذ الأحكام العامة والمجردة للشروط الواجب توافرها فيمن يتقدم للترشيح لانتخاب مجلس الشعب، وهي شروط القصد منها تنظيم ممارسة حق الترشيح دون انطوائه على تمييز فئة على أخرى من المواطنين بما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بينهم فضلاً عن أن النصوص التشريعية التي توسدها هذا القرار تدور في تلك المادتين (5)، (62) من الدستور.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم الطعين للدستور والقانون والخطأ في تطبيقها وتأويلها لأسباب موجزها أن صياغة النظام السياسي على أساس تعدد الأحزاب كسائر دساتير العالم الديمقراطي ليس معناه سلب حقوق المواطنين المستقلين عن الأحزاب السياسية في الترشيح والانتخاب وليس معناه أنه يرفض وجود المستقلين، ولكنه يرفض أن تكون الممارسة السياسية لحزب واحد، وأن إضفاء الحكم الطعين الشرعية على القرار المطعون فيه، فيما قرره من حرمان غير الحزبيين من حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب، برد إلى العرف الدستوري والتشريعي الذي جرى من قبل على جعل العضوية العاملة بالاتحاد الاشتراكي الطريق الأوحد لعضوية مجلس الأمة وتولي المناصب الخاصة (يقصد العامة) يبين الخطأ من ناحيتين:
الأولى: أن هذا العرف المزعوم لم يكن من العرف في شيء، وإنما كان نصوصاً دستورية ومواد تشريعية فرضها نظام الحكم الشمولي الذي كان يقوم على أساس الحزب الواحد الذي تخلصت منه مصر بإعلان دستورها الجديد.
والثانية: إنه ما كان يجوز للحكم الطعين أن يعطي الأشباه والأمثال فيما تحاكم به الطاعن لديه من نظام شاذ انقضى ولا يجوز التشبيه به ولا القياس عليه. وأن النظام السياسي القائم على أساس تعدد الأحزاب هو نظام جماهيري صرف يباشره المواطنون باستقلال أو من خلال الأحزاب السياسية التي هي جمعيات خاصة من أشخاص القانون الخاص، وليست من مؤسسات الحكم، وقد خلط الحكم الطعين بين النظام السياسي ونظام الحكم في فكره وأسبابه وقضائه. كذلك أخطأ الحكم الطعين حين ذهب إلى أن حقوق المواطنين في المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليها في المادتين (8)، (40) من الدستور، قيدتها أحكام المادة الخامسة منه إذ أن هذه الأخيرة إنما قيدت النظام السياسي بإطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور، ومنها مبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ المساواة أمام القانون. أما ما ذهب إليه الحكم الطعين من أن المادة (62) من الدستور قيدت حقوق المواطنين في الانتخاب والترشيح بما أنزل عليها القانون رقم 38 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 وذلك في عبارة: للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني فمردود بأن القانون لا يسلب الحقوق الدستورية المطلقة التي قررها الدستور، ولا يخل بها، ولا يقيدها، فإذا حاد عن ذلك كان غير دستوري، وبأن ما أشارت إليه المادة من أن مساهمة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، يفسد استدلال الحكم الطعين بما استدل عليه، حيث تبتر هذه المساهمة بأي نص في قانون أو لائحة يقضي بحرمان المواطن المستقل من حقه في الترشيح لعضوية مجلس الشعب، وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات السالف ذكرها.
ومن حيث إن الأساس في رقابة محاكم مجلس الدولة لمشروعية القرارات الإدارية سواء في دعاوى إلغاء هذه القرارات أم في دعاوى التعويض عنها، هو خضوع الدولة للقانون وحق كل مواطن في اللجوء إلى القضاء، ومنه محاكم مجلس الدولة، بحسبانها القاضي الطبيعي صاحب الولاية والاختصاص برقابة تلك المشروعية إلغاء وتعويضاً، وذلك بصريح مواد الدستور في المادة (64) منه التي تنص على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وفي المادة (68) منه التي حظرت تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء وفي المادة (172) التي نصت على اختصاص مجلس الدولة بالمنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
ومن حيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة إلغائها وفرع منها حيث إن مردهما معاً إلى الرقابة القانونية التي يبسطها القضاء الإداري على القرار الإداري في دعوى الإلغاء على أساس وزنه بميزان الدستور والقانون، وزناً مناطه مبدأ المشروعية وخضوع الدولة والإدارة للدستور والقانون، ومن ثم يتعين في طلب وقف تنفيذ أي قرار إداري أن يكون مقدماً في نطاق الدعوى بطلب إلغاء هذا القرار ومستنداً إليه بحسبانها خصومة محلها القرار الإداري ذاته استهدافاً لمراقبة مشروعيته على مقتضى صحيح أحكام الدستور والقانون واللوائح المنفذة له، لذلك فقد اضطرد قضاء هذه المحكمة على أنه يشترط لقبول تلك الدعوى ابتداء أن يكون ثمة قرار إداري نهائي موجود وقائم منتج لآثاره عند إقامة الدعوى، فإذا تخلف هذا الشرط بأن لم يوجد القرار الإداري أصلاً وابتداء أو وجد ثم زال قبل رفع الدعوى، سواء بسحبه أو بإلغاء من جانب جهة الإدارة أم بانتهاء فترة تأقيته دون أن ينفذ على أي وجه، وكانت الدعوى غير مقبولة، إذ لم تنصب على قرار إداري موجود وقائم ولم تصادف بذلك محلاً، أما إذا أقيمت دعوى الإلغاء مستندة إلى وجود هذا القرار الإداري النهائي وأصبحت لذلك مقبولة إلا أنه حدث أثناء نظر الدعوى أن زال هذا القرار لأي سبب كأن استجابت الجهة الإدارية إلى طلب المدعي بإلغائه صراحة أو ضمناً وبالتالي يكون بذلك قد زال ركن المحل في دعوى الإلغاء، وهو القرار الإداري محل الطعن في طلب الإلغاء وأضحت دعوى الإلغاء بشأنه غير ذات موضوع مما يتعين معه الحكم بانتهاء الخصومة فيها، لزوال محلها مع إلزام جهة الإدارة المصروفات دون أن يخل ذلك بحق صاحب الشأن في المطالبة بالتعويض عما يكون قد أصابه من أضرار من جراء هذا القرار غير المشرع إبان فترة وجوده وتنفيذه.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أنه سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بتاريخ 16 من مايو سنة 1987 في الدعوى رقم 131 لسنة 6 ق دستورية بعدم دستورية المادتين الخامسة مكرراً والسادسة فقرة ( أ ) من القانون رقم 38 لسنة 1973 بشأن مجلس الشعب، المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983، بما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، لو ظل قائماً، إلا أنه وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (46) بتاريخ 14/ 2/ 1987 بحل مجلس الشعب استناداً لأحكام المادة 136 من الدستور وهو المجلس الذي كان يستهدف الطاعن من طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه التقدم كفرد بطلب الترشيح لعضويته، ثم صدر القانون رقم (20) لسنة 1990 بإلغاء المادة الخامسة مكرراً التي قننت وفرضت الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة الحزبية وأدت إلى صدور القرار المطعون فيه على النحو الذي صدر به متضمناً حرمان المستقلين عن الأحزاب من حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب كما نص على تعديل نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من ذات القانون المشار إليه التي كانت تنص على أن يقدم المرشح طلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب كتابة إلى مديرية الأمن بالمحافظة التي يرشح في دائرتها مرفقاً به صورة معتمدة من قائمة الحزب الذي ينتمي إليه مثبتاً بها إدراجه فيها "وأصبحت تنص على أن: يقدم طلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب كتابة إلى مديرية الأمن بالمحافظة التي يرغب المرشح الترشيح في إحدى دوائرها الانتخابية... مما مفاده زوال القرار المطعون فيه حتماً بزوال ما ترتب عليه من مراكز وأوضاع قانونية تتعلق بالانتخاب بالقائمة الحزبية وذلك بعد أن تقرر تشريعياً العودة إلى نظام الانتخاب الفردي الذي أزال ما انبنى عليه طعن المدعي من عدم فتح الباب على مصراعيه لسائر المصريين الحائزين للشروط القانونية ممن ينتمون إلى الأحزاب أو يستقلون عنها في الترشيح لعضوية مجلس الشعب.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه أو حل مجلس الشعب الذي تم انتخاب أعضائه طبقاً للقرار فيه، عدل قانون مباشرة الحقوق السياسية متضمناً العودة إلى نظام الترشيح الفردي ومن ثم فإن المنازعة الماثلة تغدو في حقيقة الواقع وفي صحيح حكم القانون غير ذات موضوع ويتعين لذلك الحكم بانتهاء الخصومة في الطعن مثيل حل مجلس الشعب في 24/ 2/ 1987 الذي انتخب بناء على ما تضمنه القرار المطعون فيه وإذ إن الثابت أن المدعي قد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري تم هذا الطعن وقبل صدور القانون رقم 201 لسنة 1990 الذي ألغى نظام الانتخاب بالقائمة ومن ثم فإنه يتعين الحكم بإلزام الجهة الإدارية المصروفات عملاً بالمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً في مواجهة وزير الداخلية دون غيره وبانتهاء الخصومة فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

الطعن 4074 لسنة 32 ق جلسة 21 / 7 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 165 ص 1631

جلسة 21 من يوليو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز رجب - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ومحمود عادل محجوب الشربيني والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو - المستشارين.

-------------------

(165)

الطعن رقم 4074 لسنة 32 القضائية

جامعة - أعضاء هيئة التدريس - التعيين في وظيفة أستاذ - ضرورة العرض على مجلس الجامعة 

- القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 - نظم المشرع الشروط التي يجب توافرها فيمن يعين في وظيفة أستاذ بالجامعة والجهات ذات الشأن في التحقق منها والجهة صاحبة الاختصاص في إصدار قرار التعيين والموافقة عليه - هذه المراحل مرتبة ترتيباً تشريعياً لتصل في النهاية إلى قرار التعيين - هذه المراحل قصد منها تحقيق العدالة والضمانات الأساسية لمن يعين في هذه الوظيفة أو يرفض تعيينه - يتعين عدم إغفال أي مرحلة من هذه المراحل - أساس ذلك: يترتب على إغفال أي مرحلة إهدار للضمانات التي قررها المشرع للتعيين في هذه الوظائف - لمجلس الجامعة بما له من سلطة تقديرية أن يأخذ بالنتيجة التي انتهت إليها هذه الجهات أو يطرحها ما دام قد ترخص في مباشرة سلطته في الحدود التي تحكمها المصلحة العامة - نتيجة ذلك: يعتبر عدم عرض توصية مجلس المعهد بعدم الصلاحية للتعيين على مجلس الجامعة لاتخاذ ما يراه في شأن التعيين باعتباره صاحب الاختصاص في تقدير الصلاحية من عدمه إجراء غير مشروع لصدوره من غير مختص - القضاء بإلغاء القرار السلبي بامتناع مجلس المعهد عن عرض أمر التعيين في وظيفة أستاذ بالمعهد على مجلس الجامعة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 29/ 7/ 1989 أودع الأستاذ/ صلاح أحمد الذينى المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعن قيد برقم 4074 لسنة 32 قضائية عليا عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 600 لسنة 40 قضائية بجلسة 1/ 6/ 1989 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً مع إلزام المدعي المصروفات - وقد طلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه والقضاء بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تعيينه في وظيفة أستاذ وإلزام المطعون ضدهم بتعويض قدره مائة وخمسين ألف جنيه والمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت للأسباب القائم عليها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء قرار معهد التخطيط العمراني بجامعة القاهرة فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترشيح للتعيين في وظيفة أستاذ عمارة بالمعهد مع إلزام الجامعة التعويض عن ذلك والمصروفات. ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن قررت الدائرة بجلسة 14/ 1/ 1991 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" لنظره بجلسة 24/ 2/ 1991 حيث نظرت هذه الدائرة الطعن على النحو الثابت بالمحاضر وطلب الحاضر عن الدولة إخراج وزير التعليم العالي من الطعن بلا مصروفات، وقررت المحكمة بعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة 30/ 6/ 1991 مع مذكرات خلال أسبوعين حيث قدمت جامعة القاهرة مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن بشقيه، وقررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة ثم أعيد الطعن للمرافعة لنفس الجلسة لتغير تشكيل الهيئة وفي آخرها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تحمل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 600 لسنة 40 قضائية بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 6/ 11/ 1985 طالباً الحكم أصلياً: بأحقيته في التعيين في وظيفة أستاذ معهد التخطيط العمراني بجامعة القاهرة واحتياطياً بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه على سبيل التعويض وكذلك المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه بأن معهد التخطيط العمراني التابع لجامعة القاهرة أعلن بتاريخ 6/ 10/ 1982 عن حاجته لشغل بعض وظائف أعضاء هيئة التدريس ومن بينها وظيفة أستاذ عمارة بالمعهد ولاستيفائه الاشتراطات المطلوبة لشغل هذه الوظيفة تقدم لشغلها مرفقاً بطلبة أبحاثه التي وافقت عليها لجنة فحص الطلبات ولجنة فحص الإنتاج العلمي حيث أرسلت قرارها إلى المعهد في 20/ 5/ 1985 إلا أن المعهد لم يتخذ إجراءات تعيينه بالوظيفة المذكورة وفوت عليه فرصته في التعاقد مع كلية العلوم التطبيقية والهندسة التابعة لجامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية الأمر الذي ترتب عليه إصابته بأضرار مادية وأدبية مما دعاه إلى إقامة الدعوى طالباً الحكم له بطلباته.
وبجلسة 1/ 6/ 1987 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً مع إلزام المدعي المصروفات، وشيدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن معهد التخطيط العمراني أعلن عن حاجته لشغل بعض الوظائف في تخصصات معينة ومن بينها الهندسة المعمارية وأن المدعي تقدم لشغل وظيفة أستاذ عمارة وأحيلت أبحاثه إلى اللجنة الدائمة لفحص الإنتاج العلمي التي انتهت من تقريرها عام 1985، وبعرض هذا التقرير على مجلس القسم المختص رأى أن أعمال المدعي تصميمها في مجال تاريخ العمارة الإسلامية بينما التخصص المطلوب هو (هندسة معمارية - تصميم معماري) وبذلك لا يتوافر في حقه التخصص المطلوب في الإعلان بما يتفق والمواد التي يقوم المعهد بتدريسها، وبعرض الأمر على مجلس المعهد رأى عدم توافق تخصص المدعي مع التخصص المطلوب في الإعلان، وانتهت المحكمة إلى أنه لا إلزام على الجامعة باستكمال إجراءات التعيين الأمر الذي يجعل الدعوى بغير سند، وانتهت المحكمة إلى رفض الطلب الاحتياطي بالتعويض لانتفاء ركن الخطأ في جانب الإدارة، ويقوم الطعن على الحكم على أساس مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ الثابت أن الطاعن تقدم لشغل وظيفة أستاذ بمعهد التخطيط العمراني بجامعة القاهرة وتوافرت فيه الاشتراطات المتطلبة في القانون 49 لسنة 1972 لشغل هذه الوظيفة، وكذلك الاشتراطات الفنية حيث إن اللجنة المختصة بفحص الإنتاج العلمي قررت أن له نشاط وفير وجاد وأنه أضاف جديداً بأبحاثه القيمة في العمارة تؤهله لمنحه لقب أستاذ عمارة بمعهد التخطيط العمراني، وهذه اللجنة العلمية هي وحدها المختصة بتقرير الصلاحية الفنية للمرشح علمياً، أما عميد الكلية فليس له دخل في هذا التقرير الفني، وكذلك مجلس الكلية أو الجامعة إذ أن لهم فقط سلطة التثبت من توافر باقي الاشتراطات المحددة في القانون أو الإعلان أو لائحة المعهد. فإذا ما رأى عميد المعهد عدم صلاحية الطاعن لشغل الوظيفة من الناحية الفنية فإن قراره في هذه الحالة يكون صادراً من غير مختص ووقع باطلاً. ويكون الحكم وقد أخذ بغير هذا النظر خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن المادة 65 من القانون رقم 49 لسنة 1979 بشأن تنظيم الجامعات تنص على أن (يعين رئيس الجامعة أعضاء هيئة التدريس بناء على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية أو المعهد ومجلس القسم المختص، ويكون التعيين من تاريخ موافقة مجلس الجامعة).
وتنص المادة 66 على أنه يشترط فيمن يعين عضواً في هيئة التدريس ما يأتي:
(1) أن يكون حاصلاً على درجة الدكتوراه أو ما يعادلها من إحدى الجامعات المصرية في مادة تؤهله لشغل الوظيفة...).
وتنص المادة 70 من ذات القانون على أن (أولاً) مع مراعاة حكم المادة 66 يشترط في من يعين أستاذاً ما يأتي:
(1) أن يكون قد شغل وظيفة أستاذ مساعد مدة خمس سنوات على الأقل في إحدى الجامعات الخاضعة لهذا القانون أو في معهد علمي من طبقتها.
(2) أن يكون قد قام في مادته وهو أستاذ مساعد بإجراء بحوث مبتكرة ونشرها أو إجراء أعمال إنشائية ممتازة لشغل مركز الأستاذية.
وتنص المادة 73 من القانون المشار إليه على أن (تتولى لجان علمية دائمة فحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة والأساتذة المساعدين أو الحصول على ألقابها العلمية... وتقدم كل لجنة تقريراً مفصلاً ومسبباً تقيم فيه الإنتاج العلمي للمتقدمين وما إذا كان يؤهلهم لشغل الوظيفة أو اللقب العلمي مع ترتيبهم عند التعدد بحسب الأفضلية في الكفاءة العلمية...
(وتنظم اللائحة التنفيذية أعمال هذه اللجان......).
وقد وضعت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1972 الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 تنظيماً متكاملاً لسير العمل بهذه اللجان، كما صدر تنفيذاً لهذه اللائحة قرار من وزير التعليم العالي رقم 115 لسنة 1976 بشأن الإجراءات المنظمة لسير العمل بهذه اللجان العلمية الدائمة.
وتنص المادة 54 من اللائحة التنفيذية سالفة الذكر على أن (يحيل عميد الكلية تقرير اللجنة العلمية عن المرشحين إلى القسم المختص للنظر في الترشيح ثم تعرض على مجلس الكلية ومجلس الجامعة).
ومن حيث إنه يبين من نصوص قانون الجامعات ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له على النحو السابق عرضه أن الشروط التي يجب توافرها فيمن يعين أستاذاً بالجامعة، والجهات ذات الشأن في التحقق منها، وكذلك الجهة صاحبة الاختصاص في إصدار قرار التعيين ووجه اتصالها بالمراحل السابقة وأهمها تقييم الإنتاج العلمي للمرشح واقتراح التعيين والموافقة عليه، وجميعها مراحل مرتبة تشريعياً لتصل في النهاية إلى قرار التعيين، وهي مراحل قصد منها تحقيق العدالة والضمانات الأساسية لمن يعين في هذه الوظيفة أو يرفض تعيينه وعليه يتعين عدم إغفال أي مرحلة من هذه المراحل وإلا ترتب على هذا الإغفال إهدار للضمانات التي قررها المشرع للتعيين في هذه الوظائف.
ومن حيث إن المشرع حدد أداه التعيين في وظيفة أستاذ بالجامعة بأن تكون بقرار من رئيس الجامعة بناء على طلب مجلس الجامعة وبعد أخذ رأي مجلس الكلية ومجلس القسم المختص وجعل التعيين في هذه الوظيفة اعتباراً من تاريخ موافقة مجلس الجامعة، وأن التقرير الذي تضعه اللجان العلمية الدائمة عن كفاية المرشح من الناحية الفنية وكذلك الرأي الذي يبديه كل من مجلس القسم المختص ومجلس الكلية لا تعدو أن تكون عناصر للتقدير يستهدي بها مجلس الجامعة في اختيار المرشح الأصلح للتعين في ضوء ما تنتهي إليه الجهات المذكورة بشأن مدى توافر الأهلية العلمية في المرشح، ولمجلس الجامعة بما له من سلطة تقديرية في هذا الخصوص أن يأخذ بالنتيجة التي انتهت إليها هذه الجهات أو يطرحها ما دام قد ترخص في مباشرة سلطته في الحدود التي تحكمها المصلحة العامة إعمالاً لنص القانون وما تهيأ له من القدرة على وزن الكفايات العلمية بميزانها الصحيح باعتباره يضم النخبة الممتازة من العلماء ويأخذ بما يطمئن إليه وجدانه وما يتفق وضرورة مناقشة الآراء العلمية وإجراء الموازنة والترجيح بينها، وذلك أن مجلس الجامعة وهو يمارس هذا الاختصاص ليس بالضرورة ملتزماً بما انتهت إليه الجهات سالفة الذكر.
ومن حيث إنه بالتطبيق لما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن معهد التخطيط العمراني بجامعة القاهرة قد أعلن بتاريخ 6/ 10/ 1982 عن حاجته لشغل بعض وظائف أعضاء هيئة التدريس ومن بينها وظيفة أستاذ بقسم الهندسة المعمارية، وأن الطاعن تقدم بطلب لشغل هذه الوظيفة مرفقاً به الأبحاث العلمية الخاصة به، وقد أفاد عميد المعهد أن الطاعن مستوف لشروط التعيين لوظيفة أستاذ وأوصى لعرض أبحاثه على اللجنة العلمية المختصة بفحص الإنتاج العلمي، والتي انتهت إلى أن المتقدم له نشاط وفير وجاد وقد أضاف جديداً بأبحاثه القيمة في العمارة الإسلامية مما يجعله جديراً بالحصول على لقب أستاذ عمارة عن جدارة واستحقاق وقد أرسلت اللجنة المذكورة تقريرها إلى عميد المعهد الذي أحاله إلى مجلس المعهد الذي رأى أن تخصص الطاعن هو عمارة وآثار إسلامية وهو غير التخصيص المعلن عنه وهو الهندسة المعمارية تصميم معماري ولم يتوافر في شأنه التخصص المعلن عنه، وتوقف الأمر عند هذا الحد حيث لم تعرض توصية مجلس المعهد على مجلس الجامعة لاتخاذ ما يراه في هذا الشأن باعتباره صاحب الاختصاص في تقدير الصلاحية من عدمها.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن الإجراءات بالنسبة لتعيين الطاعن قد توقفت قبل العرض على مجلس الجامعة وبالتالي يمثل ذلك إخلالاً بالضمانة التي قررها المشرع للتعيين في هذه الوظائف وهي ضرورة استكمال مراحل التعيين على النحو المحدد قانوناً، ويكون ما صدر عن مجلس المعهد من عدم صلاحية الطاعن للتعيين بوظيفة أستاذ بمعهد التخطيط العمراني دون العرض على مجلس الجامعة غير مشروع لصدوره من غير مختص، ويتعين لذلك إلغاء القرار السلبي بامتناع مجلس المعهد عن عرض أمر تعيين الطاعن بوظيفة أستاذ بالمعهد على مجلس الجامعة باعتباره صاحب الاختصاص في هذا الشأن، ويكون مقتضى ذلك ولازمه أن ما تم من إجراءات سابقة على عدم العرض على مجلس الجامعة صحيحاً ويتم عرض ما انتهى إليه مجلس المعهد وما سبقه من رأي اللجنة العلمية الدائمة بالنسبة للطاعن على مجلس الجامعة ليتخذ ما يراه في هذا الشأن.
ومن حيث إن الطاعن قد أجابته المحكمة إلى طلبه الأصلي فإنه لا محل لبحث الطلب الاحتياطي الخاص بالتعويض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر فإنه يتعين إلغائه والقضاء بما انتهت إليه المحكمة على النحو السابق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وفي موضوعها بإلغاء القرار السلبي بامتناع معهد التخطيط العمراني بجامعة القاهرة عن عرض تعيين المدعي بوظيفة أستاذ بالمعهد على مجلس الجامعة على النحو الموضح بالأسباب، وألزمت المعهد المصروفات عن الدرجتين.

الطعن 303 لسنة 36 ق جلسة 2 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 40 ص 244

جلسة 2 من مارس سنة 1971

برئاسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

----------------

(40)
الطعن رقم 303 لسنة 36 القضائية

(أ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة". إثبات.
سلطة محكمة الموضوع في تفسير المستندات واستخلاص الأدلة منها ما دام استخلاصها سائغاً.
(ب) إصلاح زراعي. "الاستيلاء". بيع، إيجار. حكم. "تسبيب الحكم".
الأراضي الخاضعة للاستيلاء طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي بعد تعديله بالقانون رقم 127 لسنة 1961. التزام واضع اليد عليها بزراعتها مقابل دفع سبعة أمثال الضريبة سنوياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي حتى تقوم هذه الهيئة باستلامها فعلاً. ذلك لا ينفي حصول الاستيلاء. عدم رد الحكم على دفاع الخصم في هذا الخصوص. لا عيب.
(جـ) اختصاص. "اختصاص ولائي". إصلاح زراعي. "اختصاص اللجان القضائية للإصلاح الزراعي".
تحقيق ثبوت تاريخ تصرفات المالك قبل 25/ 7/ 1961 الواردة على الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء وفقاً للإقرار المقدم منه. الاختصاص به للجان القضائية.
(د) إصلاح زراعي. "الاستيلاء". "عدم الاعتداد بتصرفات المالك". بيع.
عدم ثبوت تاريخ البيع قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي. أثره. اعتبار المتصرف فيه باقياً على ملك البائع فيما يختص بتطبيق أحكام الاستيلاء.
(هـ) بيع. "انفساخ العقد". عقد. التزام. "تحمل تبعة الاستحالة". إصلاح زارعي.
انفساخ عقد البيع من تلقاء نفسه بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبي، عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد. تبعة الاستحالة على المدين بالالتزام. استيلاء الإصلاح الزراعي على العين المبيعة لدى البائع. سبب أجنبي لا يعفي البائع من رد الثمن. استمرار المشتري في وضع يده على الأرض المستولى عليها مقابل دفع سبعة أمثال الضريبة سنوياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي حتى تقوم باستلامها فعلاً لا ينفي استحالة تنفيذ البائع لالتزامه بنقل الملكية.

-----------------
1 - لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير المستندات المقدمة لها، واستخلاص الأدلة منها، ما دام استخلاصها سائغاً.
2 - لا ينفي حصول استيلاء جهة الإصلاح الزراعي على القدر المبيع (باعتباره زائداً عن الحد الأقصى لملكية البائع) ما تمسك به الطاعن (البائع) من استمرار هذا القدر في حيازة المطعون عليه (المشتري) ذلك أنه طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل قانون الإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون رقم 185 لسنة 1961 يتعين على واضع اليد على الأرض المستولى عليها، سواء كان هو المستولى لديه أو غيره أن يستمر في وضع يده عليها، ويعتبر مكلفاً بزراعتها مقابل دفع سبعة أمثال الضريبة سنوياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي حتى تقوم هذه الهيئة باستلامها فعلاً، وقد نص المشرع على ذلك حسبما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 185 لسنة 1961 حرصاً على مصلحة الإنتاج القومي، لأن الهيئة المذكورة لن يتيسر لها استلام جميع الأراضي الخاضعة للاستيلاء طبقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بصفة فعلية قبل بداية السنة الزراعية 1961 - 1962 لاستغلالها بزراعتها على الذمة أو بتأجيرها. وإذ كان ذلك فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم رده على دفاع الطاعن بهذا الخصوص تدليلاً على عدم حصول استيلاء على الأرض المبيعة.
3 - تحقيق ثبوت تاريخ تصرفات المالك قبل 25/ 7/ 1961 الواردة على الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء وفقاً للإقرار المقدم منه تطبيقاً لقانون الإصلاح الزراعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - ممتنع على المحاكم بنص المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952، وتختص به اللجان القضائية المنصوص عليها في تلك المادة دون غيرها.
4 - جهة الإصلاح الزراعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) - إنما تستمد حقها في الاستيلاء على ما يزيد عن القدر المسموح بتملكه قانوناً من البائع نفسه إذا كان البيع غير ثابت التاريخ قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي، وذلك على أساس أن البائع هو الذي زادت ملكيته وقت العمل بقانون الإصلاح الزراعي عن هذا القدر، وأن الاستيلاء الذي تقوم به جهة الإصلاح الزراعي إنما يستهدف البائع للحد من ملكيته الزائدة عن الحد المسموح بتملكه قانوناً.
5 - عقد البيع ينفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدني بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبي، ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، ويتحمل تبعة الاستحالة في هذه الحالة المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه، عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين، فإذا أثبت الحكم المطعون فيه أن التزام الطاعن بنقل ملكية العين المبيعة قد صار مستحيلاً بسبب الاستيلاء عليها لديه تنفيذاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل قانون الإصلاح الزراعي، فإنه يكون بذلك قد أثبت أن استحالة تنفيذ هذا الالتزام ترجع إلى سبب أجنبي. وإذ كان وقوع الاستحالة لهذا السبب الأجنبي لا يعفي الطاعن من رد الثمن الذي قبضه، بل إن هذا الثمن واجب رده في جميع الأحوال التي يفسخ فيها العقد أو ينفسخ بحكم القانون، وذلك بالتطبيق لحكم المادة 160 من القانون المدني، ويقع الغرم على الطاعن نتيجة تحمله التبعة في انقضاء التزامه الذي استحال عليه تنفيذه، وكان لا ينفي هذه الاستحالة أن المطعون عليه استمر يضع اليد على القدر المبيع، ذلك أن واضع اليد على الأراضي المستولى عليها يستمر - بحكم القانون - في وضع يده عليها، ويعتبر مكلفاً بزراعتها مقابل دفع سبعة أمثال الضريبة سنوياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي حتى تقوم هذه الهيئة باستلامها فعلاً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن برد الثمن تأسيساً على انفساخ العقد لاستحالة تنفيذ الطاعن التزامه بنقل الملكية، يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون غير منتج دفاع الطاعن بأن المطعون عليه هو الذي أهمل في تسجيل عقده أو في التقدم إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي للاعتداد بهذا العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 61 سنة 1965 مدني الفيوم الابتدائية ضد الطاعن طلب فيها الحكم بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 21/ 1/ 1961 المبرم بينهما وإلزامه بأن يرد إليه مبلغ 800 جنيه. وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد البيع المشار إليه اشترى من الطاعن أرضاً زراعية مساحتها 12 س 4 ف بثمن قدره 800 جنيه، وأنه على الرغم من قبض الطاعن للثمن فإنه لم يقم باتخاذ الإجراءات اللازمة لتسجيل العقد حتى صدر القانون رقم 127 سنة 1961 الذي حدد الملكية الزراعية بما لا يزيد على مائة فدان، وإذ كان الطاعن من الملاك الخاضعين لهذا القانون ولم يدرج في إقرار الملكية القدر المبيع ضمن المائة فدان التي احتفظ بها لنفسه فقد استولت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على القدر المذكور وترتب على ذلك استحالة تنفيذ الطاعن التزامه بنقل الملكية وانفساخ عقد البيع المبرم بينهما، وإذ يلتزم الطاعن برد الثمن كأثر لانفساخ العقد فقد أنذره بذلك في 7/ 9/ 1964 ثم أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 30/ 11/ 1965 حكمت محكمة أول درجة بطلبات المطعون عليه وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 6 سنة 2 ق مدني بني سويف، ودفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان استناداً إلى أن المطعون عليه لم يتقدم إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي قبل أن يرفع دعواه للاعتداد بعقده، وأثناء نظر الاستئناف طلب الطاعن إلغاء وصف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف، وبتاريخ 13/ 4/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وضمنت أسباب حكمها أن الفصل في طلب إلغاء وصف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف أصبح غير منتج بعد أن انتهت إلى تأييد قضائه في الموضوع، كما رفضت الدفع بعدم القبول. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند فيما قرره من حصول استيلاء من جهة الإصلاح الزراعي على الأرض موضوع النزاع، إلى أن الطاعن قد سلم بذلك في إنذاره الذي أرسله إلى المطعون عليه بتاريخ 22/ 9/ 1964، وإلى أنه لم يدرج هذا القدر في إقراره ضمن الأطيان التي احتفظ بها لنفسه بل أدرجة ضمن الأطيان التي تركها للاستيلاء، وإلى أن الطرفين قد اتفقت كلمتهما على حصول الاستيلاء في حين أن ما ورد بالإنذار سالف الذكر لا يعد إقراراً منه بالاستيلاء على الأرض المبيعة، أما بالنسبة لما تضمنه إقرار الملكية فلا يدل بذاته على حصول الاستيلاء، هذا إلى أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد اتفاق الطرفين على ذلك بل إن دفاع الطاعن في الدعوى كان يقوم على عدم حصول هذا الاستيلاء، قد استدل على ذلك بأن المطعون عليه استمر يضع اليد على القدر المبيع، غير أن الحكم قرر رغم ذلك بحصول الاستيلاء على الأطيان المبيعة دون أن يحقق دفاع الطاعن سالف الذكر، وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بحصول الاستيلاء على الأرض التي باعها الطاعن إلى المطعون عليه على ما قرره من "أما النعي على الحكم المستأنف فيما أورده من اتفاق الطرفين على أن الأرض المبيعة للمستأنف عليه - المطعون عليه - قد استولى عليها الإصلاح الزراعي فمردود بأن الثابت من الإقرار المقدم من المستأنف - الطاعن - للهيئة العامة للإصلاح الزراعي تنفيذاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 والمودع ضمن حافظته رقم 7 دوسيه أمام محكمة أول درجة أن الأرض موضوع النزاع قد أدرجها بالجدول رقم 2 ضمن الأرض التي تركها للاستيلاء كما أورد ضمن بيانات وجه تلك الحافظة ما يأتي: كشف عن الأطيان التي حصل الاستيلاء عليها ومبين به الأطيان التي تصرف فيها المستأنف قبل يوم 25/ 7/ 1961 ومن بينها الأطيان موضوع الدعوى، هذا بالإضافة إلى ما أورده المستأنف في الإنذار الموجه منه للمستأنف عليه بتاريخ 22/ 9/ 1964 والذي يستفاد منه التسليم بواقعه استيلاء الإصلاح الزراعي على تلك الأرض استيلاءً ابتدائياً، وطلبه من المستأنف عليه إقامة اعتراض أمام اللجنة القضائية وإلا كان متسبباً في تثبيت استيلاء الإصلاح على القدر المبيع إليه". ولما كان لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير المستندات المقدمة لها، واستخلاص الأدلة منها، ما دام استخلاصها سائغاً، وكان يبين من الاطلاع على الإنذار المؤرخ 22/ 9/ 1964 أن الطاعن أرسله إلى المطعون عليه رداً على إنذار سبق أن وجهه إليه المطعون عليه وأثبت الطاعن في إنذاره المشار إليه أن المطعون عليه هو الذي قصر في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسجيل عقده "وأنه وكان يتعين عليه أن يتقدم إلى إدارة الاستيلاء وإلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي ليعترض على استيلاء جهة الإصلاح الزراعي على ما بيع إليه قبل صدور القانون رقم 127 سنة 1961 ولكنه لم يفعل، ومع هذا فإن باب الاعتراض مازال مفتوحاً فإن هو لم يتقدم باعتراضه يكون هو المتسبب في تثبيت استيلاء جهة الإصلاح الزراعي على القدر المبيع"، وكان الحكم قد استخلص من هذه العبارة أن الطاعن يسلم بواقعة الاستيلاء على الأرض المبيعة إلى المطعون عليه وأن مقتضى ذلك أنه لا خلاف بين الطرفين في هذا الخصوص، فإنه يكون قد فسر الإنذار تفسيراً سائغًا بما تحتمله عبارته مما يدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع في تفسير المستندات. لما كان ذلك وكان الحكم قد أضاف في سبيل التدليل على حصول الاستيلاء أن الطاعن لم يحتفظ في إقراره بالقدر المبيع ضمن المائة فدان التي اختارها لنفسه باعتبارها الحد الأقصى الجائز له تملكه كما استند الحكم إلى ما ورد في بيانات وجه الحافظة التي قدمها الطاعن إلى محكمة أول درجة وبداخلها إقرار الملكية، وكانت هذه الأسباب سائغة وتؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ولا مخالفة فيها للثابت بالأوراق. وإذ لا ينفي حصول الاستيلاء على القدر المبيع ما تمسك به الطاعن من استمرار هذا القدر في حيازة المطعون عليه، ذلك أنه طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 المعدلة بالقانون رقم 185 لسنة 1961 يتعين على واضع اليد على الأراضي المستولى عليها سواء كان هو المستولى لديه أن غيره أن يستمر في وضع يده عليها ويعتبر مكلفاً بزراعتها مقابل دفع سبعة أمثال الضريبة سنوياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي حتى تقوم هذه الهيئة باستلامها فعلاً، وقد نص المشرع على ذلك حسبما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 185 لسنة 1961 "حرصاً على مصلحة الإنتاج القومي لأن الهيئة المذكورة لن يتيسر لها استلام جميع الأراضي الخاضعة للاستيلاء طبقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بصفة فعلية قبل بداية السنة الزراعية 1961 - 1962 لاستغلالها بزراعتها على الذمة أو بتأجيرها" ولما كان ما تقدم فإنه لا يعيب الحكم عدم رده على دفاع الطاعن بهذا الخصوص تدليلاً على عدم حصول استيلاء على الأرض المبيعة ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني يتحصل في أن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، ويقول الطاعن في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع الذي أبداه بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وبإلزام الطاعن بأن يرد إلى المطعون عليه الثمن الذي قبضه تأسيساً على أن عقد البيع المبرم بين الطرفين لم يثبت تاريخه حتى صدر القانون رقم 127 لسنة 1961، وأنه قد استحال على الطاعن تنفيذ التزامه بنقل الملكية إلى المطعون عليه لاستيلاء جهة الإصلاح الزراعي على الأرض المبيعة، هذا في حين أن العقد أبرم بتاريخ 21/ 1/ 1961 قبل صدور القانون سالف الذكر وأثبته الطاعن في إقرار الملكية الذي قدمه ووضع المطعون عيه اليد على القدر المبيع دون أن تتعرض له إدارة الاستيلاء وهو ما يدل على أن البائع قد نفذ التزامه بنقل الملكية. هذا إلى أن المطعون عليه لم يتخذ أي إجراء لتسجيل العقد ولم يتقدم إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بطلب الاعتداد بعقده. هذه اللجنة هي التي تختص بتحقيق ثبوت تاريخ هذا العقد قبل صدور القانون رقم 127 لسنة 1961 وهو ما يترتب عليه القول بوجود الاستحالة في تنفيذ الطاعن التزامه بنقل الملكية أو عدم وجودها، وطالما لم يصدر قرار من اللجنة في هذا الخصوص فإن الدعوى تكون قد رفعت قبل الأوان.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان تحقيق ثبوت تاريخ تصرفات المالك قبل 25/ 7/ 1961 الواردة على الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء وفقاً للإقرار المقدم منه تطبيقاً لقانون الإصلاح الزراعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ممتنعاً على المحاكم بنص المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952، وتختص به اللجان القضائية المنصوص عليها في تلك المادة دون غيرها، إلا أن الحكم المطعون فيه قد أثبت وعلى ما سلف البيان في الرد على السببين السابقين أن الأرض المبيعة قد تم الاستيلاء عليها تنفيذاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 ولما كانت جهة الإصلاح الزراعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما تستمد حقها في الاستيلاء على ما يزيد عن القدر المسموح بتملكه قانوناً من البائع نفسه إذا كان البيع غير ثابت التاريخ قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي، وذلك على أساس أن البائع هو الذي زادت ملكيته وقت العمل بقانون الإصلاح الزراعي عن هذا القدر، وأن الاستيلاء الذي قامت به جهة الإصلاح الزراعي إنما يستهدف البائع للحد من ملكيته الزائدة عن الحد المسموح بتملكه قانوناً، وكان عقد البيع ينفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدني بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبي ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، ويتحمل تبعة الاستحالة في هذه الحالة المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أن التزام الطاعن بنقل ملكية العين المبيعة قد صار مستحيلاً بسبب الاستيلاء عليها لديه تنفيذاً للقانون رقم 127 لسنة 1961، فإنه يكون بذلك قد أثبت أن استحالة تنفيذ هذا الالتزام ترجع إلى سبب أجنبي. وإذ كان وقوع الاستحالة لهذا السبب الأجنبي لا يعفي الطاعن من رد الثمن الذي قبضه، بل إن هذا الثمن واجب رده في جميع الأحوال التي يفسخ فيها العقد أو ينفسخ بحكم القانون وذلك بالتطبيق لحكم المادة 160 من القانون المدني ويقع الغرم على الطاعن نتيجة تحمله التبعة في انقضاء التزامه الذي استحال عليه تنفيذه، وكان لا ينفي هذه الاستحالة أن المطعون عليه استمر يضع اليد على القدر المبيع، ذلك أنه وعلى ما سلف بيانه في الرد على السببين السابقين يستمر وضع اليد على الأراضي المستولى عليها في وضع يده ويعتبر مكلفاً بزراعتها مقابل دفع سبعة أمثال الضريبة سنوياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي حتى تقوم هذه الهيئة باستلامها فعلاً. لما كان ما تقدم فإنه يكون غير منتج دفاع الطاعن بأن المطعون عليه هو الذي أهمل في تسجيل عقده أو في التقدم إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي للاعتداد بهذا العقد، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن برد الثمن تأسيساً على انفساخ العقد لاستحالة تنفيذ الطاعن التزامه بنقل الملكية فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ويقول الطاعن في بيان ذلك إن الحكم قرر أن الفصل في طلب إلغاء وصف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف أصبح غير منتج بعد أن انتهى إلى تأييد ذلك الحكم في قضائه في الموضوع، هذا في حين أن ما فصل فيه الحكم المستأنف ليس من الحالات التي نص القانون على شمول الحكم الصادر فيها بالنفاذ المعجل وجوباً أو جوازاً، وإذ كان الطعن مرجح الكسب وسوف تحال الدعوى بعد نقض الحكم إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها، فإن مصلحته تكون قائمة في طلب إلغاء وصف النفاذ.
وحيث إنه لما كانت الأسباب التي استند إليها الطاعن في طعنه على غير أساس وذلك على ما سلف بيانه فصار الطعن متعين الرفض، فإن النعي بهذا السبب يصبح غير منتج.


(1) نقض 22/ 2/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19. ص 345.
(2) نقض 1/ 2/ 1966 مجموعة المكتب الفني. س 17. ص 205.

الطعن 5436 لسنة 86 ق جلسة 30 / 5 / 2022 مكتب فنى 73 هيئة عامة ق 3 ص 36

جلسة ٣٠ من مايو سنة ٢٠٢٣
برئاسة السيد القاضي/ محمد عيد محجوب " رئيس محكمة النقض " وعضوية السادة القضاة/ محمود سعيد محمود، عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، عاطف عبد الجليل الأعصر، رفعت أحمد فهمي العزب، نبيل أحمد صادق، محمد أحمد أبو الليل، سمير حسن حسين، صلاح الدين محمود مجاهد، د. مصطفى محمد سالمان ود. محمد عصام الترساوي " نواب رئيس المحكمة ".
----------------------
(3)
الطعن رقم ٥٤٣٦ لسنة ٨٦ القضائية " هيئة عامة "
( 1 ) قانون " القوانين الموضوعية والإجرائية ".
التشريعات الموضوعية والإجرائية. ماهيتهما. قانون المرافعات. تميز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة دون الإغراق في الشكليات بما يتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير.
( 2 ) دعوى " شروط اختصام ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى ".
الخصومة. انعقادها فقط بين الأحياء وإلا كانت معدومة. المتوفى قبل رفع الدعوى. جواز تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثته بإجراءات جديدة تتحقق بها المواجهة في الخصومة. شرطه. اتخاذ تلك الإجراءات في ذات درجة التقاضي ومراعاة المواعيد المقررة للخصومة الجديدة المستقلة بذاتها والمرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها. انتهاء الهيئة العامة إلى ما تقدم والعدول عن المبدأ المخالف لذلك.
------------------
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه فإن سبيل تحقيقه يكون من خلال التشريعات الإجرائية؛ إذ إنها الأداة والطريق للوصول إليه، ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات، وإذ كان قانون المرافعات هو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية، وتمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة، لذلك فقد حرص المشرع فيه على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الخصومة لا تقوم ابتداءً إلا بين طرفين من الأحياء فلا تنعقد أصلًا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة إلا أنه وتيسيرًا على الخصوم وتحقيقًا لموجبات سير العدالة وهو ما يستتبع معه جواز اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها. لما كان ما تقدم، وكانت بعض أحكام دوائر المحكمة قد ذهبت إلى عدم جواز تصحيح شكل الخصومة وتجديد الإجراء الباطل باختصام ورثة المتوفى واعتبار الخصومة منعدمة لوفاة مورثه، فقد رأت الهيئة وبالأغلبية المنصوص عليها في الفِقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية المشار إليه آنفًا؛ العدول عن هذا المبدأ والاعتداد بالمبدأ الذي ورد بأحكام الاتجاه الثاني (بجواز تصحيح الإجراء المتعلق بتصحيح شكل الخصومة باختصام ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى وأمام ذات الدرجة الواحدة) وفقًا للأسباب الواردة سلفًا.
------------------
الهيئة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك الطاعن أقام على مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم.... لسنة.... ق القاهرة الاقتصادية الاستئنافية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بأداء مبلغ 14,695,801 " أربعة عشر مليونًا وستمائة وخمسة وتسعين ألفًا وثمانمائة وجنيه واحد "، ومبلغ 24,697,739,98 " أربعة وعشرين مليونًا وستمائة وسبعة وتسعين ألفًا وسبعمائة وتسعة وثلاثين جنيهًا وثمانية وتسعين قرشًا " حتى 30/8/2015 بخلاف ما يستجد من عائد مركب بواقع 12,25% سنويًا، وعمولة 1,5% تحتسب على الحد الأعلى للرصيد المدين خلال كل شهر حتى تمام السداد والمصاريف، وعائد تأخير بواقع 14,25% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، على سند من أن الشركة المطعون ضدها الأولى حصلت بموجب عقدي اعتماد بحساب جارٍ من البنك الطاعن على مبلغ أربعة ملايين جنيه بضمان باقي المطعون ضدهم، والتي نشأت عنها المديونية المطالب بها. بتاريخ 9/2/2016 قضت المحكمة أولًا: بانعدام الخصومة بالنسبة لمورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع، ثانيًا: بإلزام باقي المطعون ضدهم بالتضامن بأداء مبلغ 3,083,240,11 "ثلاثة ملايين جنيه وثلاثة وثمانين ألفًا ومائتين وأربعين جنيهًا وأحد عشر قرشًا" سنويًّا من تاريخ 13/10/2015 وحتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عُرِضَ الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية في غرفة مشورة والتي رأت أنه جدير بالنظر فأحالته إلى هذه المحكمة والتي حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وإذ تباينت الأحكام الصادرة من محكمة النقض حول مسألة قبول أو رفض طلب تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثة المتوفى الذي ثبتت وفاته قبل رفعها، والتحقق من انعدام الخصومة من عدمه لا سيما إذا ما كانت أمام ذات درجة التقاضي الواحدة وتعذر علم المدعي أو جهله بحالة الوفاة قبل رفعها.
وذهبت بعض دوائر هذه المحكمة في أحكامها إلى عدم جواز تصحيح شكل الخصومة أو إدخال ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى؛ لأن الخصومة ولدت منعدمة.
واستندت في ذلك إلى أن الأصل أن تقوم الخصومة بين طرفيها من الأحياء مدَّعٍ أو مدعى عليه، فلا تنعقد إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة ولا ترتب أثرًا ولا يصححها إجراء لاحق، وعلى من يريد عقد خصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم حتى تأخذ الخصومة مجراها القانوني الصحيح.
كما ذهبت بعض الدوائر الأخرى في أحكامها إلى عدم إعمال أحكام الانعدام، وذلك بقبول طلب تصحيح شكل الدعوى واختصام ورثة الخصم المتوفى – أمام ذات درجة التقاضي الواحدة - الذي ثبتت وفاته قبل رفع الدعوى بموجب صحيفة جديدة مستوفية كافة شرائطها القانونية وفي الميعاد المقرر قانونًا وتحقق الغاية من الإجراء بهذا التصحيح والتقليل من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة الإجراءات واكتمالها على أسباب بطلانها.
وإزاء هذا الاختلاف قررت الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة بجلستها المنعقدة بتاريخ 3 من مايو سنة 2023 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها عملًا بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل للفصل في هذا الاختلاف وإقرار المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الثاني والعدول عن المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الأول.
وإذ حددت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها جلسة 23 من مايو سنة 2023 لنظر الطعن، وأودعت النيابة العامة لدى محكمة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى الأخذ بالمبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الثاني بجواز تصحيح الإجراء المتعلق بتصحيح شكل الخصومة باختصام ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى وأمام ذات الدرجة الواحدة، وقد تداولت الهيئة في المسألة المعروضة عليها من الدائرة المُحِيلَة، وقد التزمت النيابة رأيها، وقررت الهيئة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
لما كانت التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه؛ فإن سبيل تحقيقه يكون من خلال التشريعات الإجرائية؛ إذ إنها الأداة والطريق للوصول إليه؛ ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات، وإذ كان قانون المرافعات هو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية، وتمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة، لذلك فقد حرص المشرع فيه على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير، ولما كان من المقرر أن الخصومة لا تقوم ابتداءً إلا بين طرفين من الأحياء فلا تنعقد أصلًا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة إلا أنه وتيسيرًا على الخصوم وتحقيقًا لموجبات سير العدالة وهو ما يستتبع معه جواز اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها. لما كان ما تقدم، وكانت بعض أحكام دوائر المحكمة قد ذهبت إلى عدم جواز تصحيح شكل الخصومة وتجديد الإجراء الباطل باختصام ورثة المتوفى واعتبار الخصومة منعدمة لوفاة مورثه فقد رأت الهيئة - وبالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية المشار إليه آنفًا - العدول عن هذا المبدأ والاعتداد بالمبدأ الذي ورد بأحكام الاتجاه الثاني وفقًا للأسباب الواردة سلفًا، ومن ثم فإن الهيئة وبعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تُعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه وفقًا لما سبق وطبقًا لأحكام القانون.

الطعن 298 لسنة 36 ق جلسة 2 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 39 ص 239

جلسة 2 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(39)
الطعن رقم 298 لسنة 36 القضائية

(أ) تقادم. "تقادم مسقط". حكم "الطعن في الحكم". استئناف "الأحكام غير الجائز استئنافها" دعوى.
القضاء برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم. عدم انتهاء الخصومة كلها أو بعضها عدم جواز الطعن فيه إلا مع الحكم الصادر في الموضوع. م 378 مرافعات سابق.
(ب) استئناف. "نطاق الاستئناف". دعوى.
محكمة الاستئناف ملزمة بالفصل في كافة الدفوع التي تمسك بها المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة. قضاء الحكم المستأنف برفضها واستغناء المستأنف عليه عن استئنافه بصدور الحكم في الدعوى لصالحه غير مانع من اعتبارها مطروحة في الاستئناف ما لم يثبت التنازل عنها صراحة أو ضمناً.
(جـ) حكم. "عيوب التدليل". "التناقض". "ما لا يعد كذلك" تقادم.
قبول الدفع بالتقادم. قضاء في أصل الدعوى. أثره. انقضاء الالتزام ولازمه رفض الدعوى. تضمين الأسباب قبول الدفع بالتقادم والقضاء في المنطوق برفض الدعوى. لا تناقض.

----------------
1 - تقضي المادة 378 من قانون المرافعات السابق بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع، ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع. وإذ كان الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية والذي قضى برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم لم تنته به الخصومة كلها أو شق منها، فإنه لا يجوز الطعن فيه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - إلا مع الحكم الصادر في الموضوع.
2 - يترتب على الاستئناف نقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع، وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف، حتى ما كان منها قد صدر برفضه حكم مستقل من محكمة أول درجة. وأعفاه عن استئنافه صدور الحكم في الدعوى لمصلحته، وعلى المحكمة أن تفصل فيها إلا إذا تنازل المستأنف عليه عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً. وإذ كان الثابت مما حصله الحكم المطعون فيه أن المستأنف عليه لم يتخل عن الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم، بل تمسك به صراحة، فإنه يعتبر مطروحاً على محكمة الاستئناف.
3 - الحكم بقبول الدفع بالتقادم هو قضاء في أصل الدعوى ينقضي به الالتزام، ولازم ذلك هو القضاء برفض الدعوى. ومن ثم فلا تناقض بين ما انتهى إليه الحكم في أسبابه من قبول الدفع بالتقادم. وبين قضائه في منطوقه بتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 66 سنة 1964 تجار ي كلي الفيوم وطلب فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ أربعمائة جنيه، وقال بياناً لها إن الوكالة المتحدة للشرق بالإسكندرية التي يمثلها المطعون ضده الأول باعته بتاريخ 18/ 9/ 1959 بوساطة مندوبها بالفيوم "المطعون ضده الثاني" 503 بطارية مبينة الأوصاف بالعريضة لقاء ثمن مقداره 519 جنيهاً و120 مليماً غير أنه اكتشف بعد أن استلمها وتصرف بالبيع في بعض منها أن 312 بطارية تالفة فأعادها إلى الوكالة المتحدة بالإسكندرية التي تعهدت له بأن ترسل إليه بدلاً منها عدداً مماثلاً من البطاريات السليمة عند ورود بضائع لها من الخارج وإلا ردت إليه ثمنها ومقداره 321 جنيهاً و360 مليماً، وإذ لم تقم بتنفيذ ما تعهدت به، فقد أقام هذه الدعوى للحكم له بالمبلغ المطالب به، منه 321 جنيهاً و360 مليماً ثمن البطاريات المرتدة والباقي وقدره 87 جنيهاً و640 ملياً كتعويض عما فاته من ربح وما لحقه من خسارة. أنكر المطعون ضده الأول على الطاعن دعواه قولاً منه بأن الوكالة المتحدة للشرق قد توقف نشاطها منذ سنة 1958، كما دفع بسقوط الدعوى بالتقادم لمضي أكثر من سنة من وقت تسليم البطاريات المبيعة وذلك على فرض حصول التعاقد المدعى به. وبتاريخ 31/ 3/ 1965 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بالسقوط وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن دعواه بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت في 27/ 10/ 1965 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 سنة 1 ق بني سويف "مأمورية الفيوم" ومحكمة الاستئناف قضت في 13/ 4/ 1966 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى في الدعوى على أساس إنها دعوى ضمان للعيب الخفي الذي وجد بالبطاريات المبيعة وهي تسقط بالتقادم بمضي سنة من وقت التسليم، هذا في حين أن المحكمة الابتدائية كانت قد أصدرت بتاريخ 31/ 1/ 1965 حكماً قضى برفض الدفع بسقوط الدعوى وبإحالتها إلى التحقيق ليثبت الطاعن مدعاه بكافة الطرق، وأقامت قضاءها برفض الدفع على أن الدعوى ليست دعوى ضمان للعيب الخفي وإنما هي دعوى أقامها المشتري لمطالبة البائع بتنفيذ التزاماته، وسارت الدعوى على هذا الأساس إلى أن قضت المحكمة برفضها بعد أن سمعت أقوال شهود الطرفين، وعلى الرغم من أن الطاعن قد استأنف الحكم الأخير الصادر في الموضوع ولم يكن الدفع بالسقوط مثاراً أمام محكمة الاستئناف إذ أصبح الحكم الذي قضى برفضه نهائياً لأن المطعون ضده لم يستأنفه، فإن محكمة الاستئناف عرضت لهذا الدفع وقضت بقبوله على أساس أن الدعوى هي دعوى ضمان لعيب خفي لحقها السقوط وعاودت بذلك البحث في أمر قضي فيه نهائياً بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم فيه، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 378 من قانون المرافعات السابق تقضي بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، وكان الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 31/ 1/ 1965 والذي قضى برفض الدفع بالسقوط لم تنته به الخصومة كلها أو في شق منها فإنه لا يجوز الطعن فيه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا مع الحكم الصادر في الموضوع، وإذ يترتب على الاستئناف نقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع أو أوجه دفاع، وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف، حتى ما كان منها قد صدر برفضه حكم مستقل من محكمة أول درجة ثم أعفاه عن استئنافه صدور الحكم في الدعوى لمصلحته، وعلى المحكمة أن تفصل فيها إلا إذا تنازل المستأنف عليه عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً. لما كان ذلك وكان الثابت مما حصله الحكم المطعون فيه أن المستأنف عليه لم يتخل عن هذا الدفع محكمة الاستئناف بل تمسك به صراحة فإنه يعتبر مطروحاً عليها، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه التناقض والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم وقع في تناقض بين أسبابه ومنطوقة، ذلك أنه على الرغم من أنه اقتصر في أسبابه على مناقشة الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم وانتهى إلى قبوله، فإنه قضى في منطوقه برفض الدعوى وهو ما يعيبه بالتناقض، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يرد على أسباب الاستئناف التي تناولت الموضوع بل اكتفى بسردها دون أن يقول كلمته فيها مما يجعله مشوباً بالقصور.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير صحيح، ذلك أنه لما كان الحكم بقبول الدفع بالتقادم هو قضاء في أصل الدعوى ينقضي به الالتزام فإن لازم ذلك هو القضاء برفض الدعوى، ومن ثم فلا تناقض بين ما انتهى إليه الحكم في أسبابه من قبول الدفع بالتقادم ومن قضائه في منطوقه بتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض الدعوى، والنعي في شقه الثاني غير منتج إذ أن الحكم لم يكن بحاجة بعد قبوله بسقوط الدعوى بالتقادم للتعرض إلى أسباب الاستئناف لتعلقها بالموضوع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 10/ 2/ 1970 مجموعة المكتب الفني. السنة 21. ص 271.

الطعن 109 لسنة 26 ق جلسة 29 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 رجال قضاء ق 8 ص 444

جلسة 29 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وأميل جبران، وأحمد حسنين موافي، وقطب عبد الحميد فراج.

--------------

(8)
الطلب رقم 109 لسنة 26 ق "رجال القضاء"

(أ) اختصاص "اختصاص محكمة النقض بهيئة جمعية عمومية". "قضاة المحاكم الشرعية الملغاة".
قضاة المحاكم الشرعية الملغاة بمختلف درجاتهم أعضاء بالمحاكم ابتداء من أول يناير سنة 1956. اختصاص محكمة النقض دون غيرها بالفصل في طلبات رجال القضاء الشرعي منذ ذلك التاريخ. لم يعد مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، مختصاً بهذه الطلبات.
(ب) إحالة "الإحالة بحكم القانون". "الدعاوى السابقة على إلغاء المحاكم الشرعية". اختصاص.
سلب ولاية مجلس الدولة بالنسبة لرجال القضاء الشرعي منذ أول يناير سنة 1956 مؤدى ذلك انتقال الدعاوى الخاصة بهم التي كانت قائمة أمام جهة القضاء الإداري إلى محكمة النقض لم يتضمن القانون ما يفيد قصد المشرع إلى انتهاء تلك الدعاوى بالحكم فيها بعدم اختصاص. جواز الإحالة إلى هذه الحالة.
(ج) إحالة. "الإحالة من القضاء الإداري إلى محكمة النقض". "أحوال جوازها".
سلطة المحكمة في الإحالة استناداً للمادة 135 مرافعات لا تمتد إلى الأحوال التي يرجع عدم الاختصاص فيها إلى انتفاء الوظيفة القضائية. بطلان الإحالة في هذه الأحوال. هذه القاعدة لا تنطبق على الإحالة من القضاء الإداري إلى محكمة النقض نفاذاً لانتقال الولاية إلى محكمة النقض بحكم القانون. الإحالة في الصورة الأخيرة لا تستند إلى المادة 135 مرافعات.

---------------
1 - يعتبر قضاة المحاكم الشرعية الملغاة بمختلف درجاتهم أعضاء بالمحاكم ابتداء من أول يناير سنة 1956(1) ومن ثم تسري بالنسبة لهم ما نصت عليه المادة 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم 240 لسنة 1955 من اختصاص محكمة النقض دون غيرها منعقدة بهيئة جمعية عمومية بالفصل في أي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب وفي الطلبات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم. ومؤدى ذلك أن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري لم يعد مختصاً بالفصل في طلبات رجال القضاء الشرعي، كما كان الأمر قبل إلغاء المحاكم الشرعية أسوة بسائر الموظفين العموميين.
2 - سلب ولاية مجلس الدولة بالنسبة لرجال القضاء الشرعي ابتداء من تاريخ أو يناير سنة 1956 تاريخ العمل بالقانون رقم 462 و624 لسنة 1955 وانتقالها لمحكمة النقض بهيئة جمعية عمومية، ينبني عليه حتماً أن تنتقل دعاوى رجال القضاء الشرعي التي كانت قائمة أمام جهة القضاء الإداري بمجلس الدولة إلى محكمة النقض وإن أغفل القانونان المشار إليهما النص على ذلك إذ لم يتضمناً ما يفيد أن المشرع قد قصد إلى أن تنتهي تلك الدعاوى بالحكم فيها بعدم الاختصاص.
3 - لئن كانت سلطة المحكمة في الإحالة طبقاً للمادة 135 من قانون المرافعات لا تمتد إلى الأحوال التي يكون مرجع عدم الاختصاص فيها إلى انتفاء الوظيفة القضائية مما ينبني عليه أن تكون الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى محكمة النقض باطلة قانوناً، إلا أن هذه القاعدة لا تنطبق على إحالة الدعاوى من محكمة القضاء الإداري إلى محكمة النقض نفاذاً لما اقتضاه القانون رقم 624 لسنة 1955 من سلب ولاية محكمة القضاء الإداري على الدعوى وانتقال هذه الولاية إلى محكمة النقض ذلك أن الإحالة في هذه الصورة ليست تطبيقاً لنص المادة 135 قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الأستاذ محمد عبد الرحيم سلطان - تقدم إلى المحكمة الإدارية لوزارة العدل بطلب الحكم بأحقيته في احتساب مدة خدمته السابقة على تثبيته ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش مقابل سداد متأخر الاحتياطي عنها وقيد هذا الطلب برقم 28 سنة 1 قضائية. وفي 8/ 9/ 1954 حكمت المحكمة بأحقية المدعي في احتساب مدة خدمته السابقة على تثبيته ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش مقابل أداء متأخر الاحتياطي عنها. وطعنت وزارة العدل في هذا الحكم أمام محكمة القضاء الإداري طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون عليه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقيد هذا الطعن برقم 38 سنة 2 ق، وأثناء سير الدعوى صدر القانون رقم 240 لسنة 1955 وبمقتضاه عدلت المادة 23 من القانون رقم 147 لسنة 1949 بنظام القضاء. وفي 25/ 6/ 1956 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى مع إحالتها إلى محكمة النقض وأبقت الفصل في المصروفات، وأحيل الطعن إلى محكمة النقض وقيد برقم 109 سنة 26 ق رجال قضاء، وأمام هذه المحكمة دفعت وزارة العدل بعدم جواز الإحالة وبعدم قبول الطلب شكلاً لرفعه بغير الطريق القانوني وطلبت النيابة العامة الحكم بعدم قبول الطلب.
وحيث إن وزارة العدل دفعت بعدم جواز إحالة الدعوى من محكمة القضاء الإداري إلى محكمة النقض لأن الإحالة من محكمة إلى أخرى لا تكون إلا في حالات عدم الاختصاص النوعي أو المحلي.
وحيث إن القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية نص في المادة التاسعة منه على أنه "ابتداء من أول يناير سنة 1956 يلحق قضاة المحاكم الشرعية على اختلاف درجاتهم بالمحاكم الوطنية أو نيابات الأحوال الشخصية أو الإدارات الفنية بالوزارة وذلك بقرار يصدر من وزير العدل - ويصدر قانون خاص بتنظيم شئون رجال القضاء الشرعي المنقولين إلى المحاكم الوطنية" وقد صدر القانون المشار إليه برقم 624 لسنة 1955 ونص في المادة الأولى منه على أنه يقصد برجال القضاء الشرعي في تطبيق أحكامه قضاة المحاكم الشرعية الملغاة بمختلف درجاتهم والموظفون القضائيون بتلك المحاكم، كما نص في المادة الثانية على أن قضاة المحاكم الشرعية بمختلف درجاتهم - يعتبرون ابتداء من أول يناير سنة 1956 أعضاء بالمحاكم، وبعد أن أورد بعض الأحكام الخاصة بهم في شأن تحديد مرتباتهم وعلاواتهم ونقلهم وعدم قابليتهم للعزل نص في المادة الثانية على أنه فيما عدا ما تقدم من أحكام تجرى على رجال القضاء الشرعي سائر الأحكام المقررة في شأن رجال القضاء والنيابة العامة - ولما كان من بين الأحكام المقررة في شأن هؤلاء ما تقضي به المادة 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 المعدلة بالقانون رقم 240 لسنة 1955 من اختصاص محكمة النقض دون غيرها منعقدة بهيئة جمعية عمومية بالفصل في أي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب وفي الطلبات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم ولورثتهم - وكان مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري هو المختص دون غيره بالفصل في طلبات رجال القضاء الشرعي التي تكون من هذا القبيل أسوة بسائر الموظفين العمومين، فإن مؤدى النصوص المتقدمة سلب هذه الولاية عنه بالنسبة لرجال القضاء الشرعي ابتداء من أول يناير سنة 1956 تاريخ العمل بالقانونين رقمي 462 و624 لسنة 1955 وانتقالها لمحكمة النقض بهيئة جمعية عمومية، وهو ما ينبني عليه حتماً وبمجرد نفاذ هذين القانونين أن تنتقل دعاوى رجال القضاء الشرعي التي كانت قائمة أمام جهة القضاء الإداري بمجلس الدولة إلى محكمة النقض وإذا كانت القوانين التي من شأنها إخراج دعاوى معينة من ولاية جهة قضاء وإدخالها في ولاية جهة أخرى تتضمن - في الغالب الأعم - أحكاماً وقتية بإحالة تلك الدعاوى من الجهة التي زالت عنها الولاية إلى الجهة التي أصبحت صاحبة الولاية بالنظر فيها طبقاً للقانون الجديد وهو ما لم تتضمنه أحكام القانون رقم 624 لسنة 1955 إلا أن هذا الإغفال غير مقصود إذ ليس في نصوص هذا القانون ولا في نصوص القانون رقم 462 لسنة 1955 ما يفيد أن المشرع قد قصد إلى أن تنتهي الدعاوى التي كانت قائمة أمام جهة القضاء الإداري بالحكم فيها بعدم الاختصاص كما أنه لا وجه لافتراض هذا القصد مع ما ينطوي عليه من تحميل المدعي عبء رفع دعوى جديدة مبتدأه أمام محكمة النقض في حين أنه لم يخطئ واتجه بدعواه إلى المحكمة المختصة.
وحيث إنه لا محل لما تقول به الوزارة من أن سلطة المحكمة في الإحالة طبقاً للمادة 135 من قانون المرافعات التي لا تمتد إلى الأحوال التي يكون مرجع عدم الاختصاص فيها انتفاء الوظيفة القضائية وأنه كان يتعين على محكمة القضاء الإداري أن تقف بقضائها عند الحكم بعدم الاختصاص وإذ هي جاوزت ذلك إلى القضاء بالإحالة إلى محكمة النقض فإن هذه الإحالة تكون باطلة - لا محل لهذا القول إذ أن إحالة الدعوى الحالية من محكمة القضاء الإداري إلى محكمة النقض لم تكن إعمالاً لنص المادة 135 من قانون المرافعات وإنما نفاذاً لما اقتضاه تطبيق القانون رقم 624 لسنة 1955 من سلب ولاية محكمة القضاء الإداري على الدعوى وانتقال هذه الولاية إلى محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم فإن إحالة هذه الدعوى من محكمة القضاء الإداري إلى هذه المحكمة تكون قد تمت صحيحة منتجة لآثارها ومن ثم يتعين رفض الدفع ببطلان هذه الإحالة - ولما كانت وزارة العدل قد اقتصرت في دفاعها على إبداء هذا الدفع ويتعين تمكينها من إبداء ما لديها من أوجه دفاع أخرى في الموضوع على أن تبدى النيابة العامة بعد ذلك رأيها.


(1) م 9 من القانون رقم 462 لسنة 1955 و م 1 و2 ق 624 لسنة 1955.

الطعن 1904 لسنة 36 ق جلسة 20 / 7 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 164 ص 1622

جلسة 20 من يوليو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

----------------

(164)

الطعن رقم 1904 لسنة 36 القضائية

اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - المنازعات الإدارية - المنازعة في إدراج بيانات بصحيفة الحالة الجنائية - (سلطة تقديرية) (صحيفة الحالة الجنائية) (عمد ومشايخ).
صحيفة الحالة الجنائية تمس حالة الشخص فيما يتعلق بأفعاله وسوابقه الجنائية، وهي تمثل جانباً أساسياً من جوانب حالته كمواطن في مواجهة الدولة وأجهزتها، وتعتبر مرآة لسمعته حسناً أو سوءاً تبعاً لما دون بها وذلك في شتى مجالات حياته وممارسته لحقوقه العامة والخاصة في المجتمع، وهي واجبة التقديم للجهة الإدارية المختصة عند الترشيح لوظيفة ما أو لعضوية مجلس الشعب أو لأحد المجالس المحلية أو للحصول على ترخيص بحمل سلاح أو لغير ذلك من مجالات الحياة التي لا تقع تحت حصر - تعلق صحيفة الحالة الجنائية في المنازعة الماثلة بحالة عمدة بمناسبة ترشيحه لوظيفة العمدية لا يقتصر على هذا الترشيح وحده وإنما ينصرف لحالته الجنائية كمواطن ومن ثم فإن المنازعة في إدراج بيانات بتلك الصحيفة هي منازعة إدارية تدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري - أساس ذلك: - إن سلطة الإدارة في إدراج تلك البيانات ليست سلطة تقديرية بل هي سلطة مقيدة بما حدده القانون ولا يعدو عمل الإدارة أن يكون تنفيذاً له دون حاجة لبحث مدى توافر القرار الإداري فيها من عدمه - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 23 من إبريل سنة 1990 أودع الأستاذ/ رجب محمد سلمان المحامي، بصفته وكيلاً عن السيد/..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1904/ 36 ق عليا ضد وزير الداخلية ومدير عام مصلحة الأدلة الجنائية ومدير أمن محافظة المنوفية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 27/ 2/ 1990 في الدعوى رقم 245/ 44 ق التي كانت مقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم، والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية بطنطا.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه في كامل أجزائه ومنطوقه والحكم بطلبات الطاعن المبينة بصحيفة الطاعن وإعادة القضية لنظرها مجدداً أمام إحدى دوائر محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وأودع السيد الأستاذ المستشار/ علي رضا مفوض الدولة لدى المحكمة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى فيه لأسبابه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإعادتها إليها لتقضي في موضوعها، مع إبقاء الفصل في المصروفات وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة، حيث عينت لنظره أمامها جلسة 18/ 5/ 1991 وتداولت المحكمة نظره بها وبالجلسة التالية، واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن، على النحو الثابت بالمحضر، وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة 29/ 6/ 1991 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 20/ 7/ 1991 لإتمام المداولة وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطاعن قد أقام هذا الطعن مختصماً وزير الداخلية ومدير مصلحة الأدلة الجنائية ومحافظ المنوفية، من حيث إن وزير الداخلية هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارة الداخلية وفقاً لصريح ما نصت عليه المادة (157) من الدستور من أن الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته ويتولى رسم سياسة الوزارة في حدود السياسة العامة للدولة، ويقوم بتنفيذها، ومن ثم فإنه إذا اختصم ولا يوجد قانوناً أية شخصية اعتبارية مستقلة لمصلحة الأدلة الجنائية عن الوزارة التي يمثلها الوزير فلا محل لاختصامها، وحيث إنه لم ينص في قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية على أن تتولى المحليات مستقلة عن الإدارة المركزية أمر البت والفحص والتقرير لصحف الأحوال الجنائية للمواطنين الذين يقيمون في دائرتها وإنما تقوم بذلك فروع المصلحة المذكورة بالمحافظات، تابعة وخاضعة لوزير الداخلية فمن ثم، لا يكون ثمة سند من القانون لاختصام غير الوزير في هذا الطعن أو في المنازعة المتعلقة به على نحو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في المنازعات المماثلة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى الأوضاع الشكلية المقررة لنظره فيما يتعلق بوزير الداخلية وحده.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراقها. تتحصل في أنه بتاريخ 16/ 10/ 1989 أقام السيد/..... الدعوى رقم 245/ 44 ق أمام محكمة القضاء الإداري، وطلب في ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من المطعون ضده الثاني بشأن الطاعن الذي قرر بإدراج بيانات عن حكم مزعوم صادر من الجناية رقم 10690 لسنة 1959 جنايات الوايلي المقيدة برقم 1101 لسنة 1960 كلي شمال القاهرة وبرقم 611 لسنة 1959 أمن دولة عليا في صحيفة الحالة الجنائية للمدعي، وذلك بتاريخ 26/ 9/ 1989 وبعد فوات 14 عاماً من صدور الحكم، قال شارحاً دعواه إنه بتاريخ 2/ 11/ 1988 تقدم بطلب ترشيح نفسه لشغل منصب العمدة، بناحية المنشأة الجديدة مركز الباجور محافظة المنوفية وقبل طلبه، إلا أن منافسه طعن على قبول أوراقه أمام المحكمة الإدارية بطنطا بموجب الطعن رقم 638/ 17 ق الذي لا زال متداولاً بالجلسات، واستناداً إلى أن الطاعن لا يتمتع بحسن السمعة لاتهامه في جناية مخلة بالشرف والأمانة، كما تقدم منافسه إلى مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية بشكوى مفادها أن المدعي قدم ضمن أوراقه الخاصة بالترشيح لمنصب العمدية صحيفة حالة جنائية خالية من السوابق وذلك بالرغم من سابقة صدور الحكم ضده في القضية رقم 10690 لسنة 1959 جنايات الوايلي بالسجن لمدة ثلاث سنوات ورد مبلغ 2258 جنيه وغرامة مماثلة ولم يتم تنفيذ الحكم لعدم القبض عليه، وانتهى أمر تلك الشكوى إلى صدور القرار المطعون فيه وبجلسة 27/ 2/ 1990 صدر الحكم الطعين على أسباب محصلها أن حقيقة ما يطلبه المدعي هو الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بإدراج سابقة الحكم عليه في جناية بصحيفة الحالة الجنائية للمذكور، المقدمة ضمن مستنداته اللازمة للترشيح لمنصب العمدية، وما يترتب على ذلك من آثار، الأمر الذي يتعلق بتعلله بتعيينه بوظيفة عمدة، المعادلة للمستوى الوظيفي الثالث مما تختص المحكمة الإدارية بالفصل فيه طبقاً للمادة 14 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم الطعين القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، واستناداً إلى أنه ليس المقصود بهذه الدعوى التصدي لوظيفة العمدية، وأن حقيقة النزاع هي الطعن على قرار إداري نهائي صادر من جهة إدارية. هي مصلحة الأدلة الجنائية. بإدراج بيانات الحكم الجنائي سالف البيان في صحيفة الحالة الجنائية للطاعن، على غير صحيح الواقع والقانون.
ومن حيث إنه يتعين الإشارة - ابتداء - إلى أنه ولئن كان إدراج بيانات صحيفة الحالة الجنائية بمعرفة الجهة الإدارية المختصة، لا تقوم على أساس من السلطة التقديرية التي تباشرها الجهة الإدارية المختصة في تحديد ما تدرجه وما لا تدرجه في هذه الصحيفة، وإنما تلتزم الجهة الإدارية المختصة بإدراج بيانات صحيفة الحالة الجنائية وفقاً لما يحدده القانون وفي الشكل الذي رسمه مع اللوائح، إذ لا يعدوا عملها أن يكون التنفيذ له باعتبار ذلك عملاً مادياً تنفيذاً لما يقضي به القانون، دون إرادة ولا تقدير لهذه الجهة الإدارية المختصة في اتخاذه أو عدم اتخاذه ومن ثم فإن المنازعة الماثلة وأياً كان الرأي في مدى انتفاء القرار الإداري فيها لا يمكن أن تخرج عن كونها منازعة من المنازعات الإدارية التي يدور النزاع فيها حول مدى صحة الوقائع التي تدرج في صحيفة الحالة الجنائية ومدى سلامة تطبيق القانون الذي يستمد المواطن حقه بشأن ما يدرج وما لا يدرج من الوقائع الجنائية اللصيقة بحالته كفرد وكإنسان من القانون مباشرة وليس التي تندرج في عموم الولاية المخولة لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بمقتضى المادة 172 من الدستور وكذلك البند الرابع عشر من المادة العاشرة من قانون تنظيم مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن المادة (13) من قانون مجلس الدولة المشار إليه تنص على أن تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في المسائل المنصوص عليها في المادة (10) عدا ما تختص به المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية، كما تختص بالطعون وبالفصل في الطعون التي ترفع إليها عن الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية....... "وتنص المادة 12 على أن "تختص المحاكم الإدارية:
1) بالفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً من المادة (10) متى كانت متعلقة بالموظفين العموميين من المستوى الثاني والمستوى الثالث، ومن يعادلهم وفي طلبات التعويض.
2) بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لمن ذكروا في البند السابق أو لورثتهم.
3) بالفصل في المنازعات الواردة في البند الحادي عشر من المادة (10) متى كانت قيمة المنازعة لا تجاوز خمسمائة جنيه (كما حددت المادة (15) من القانون اختصاص المحاكم التأديبية بالدعاوى والطعون التأديبية.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من مواد قانون مجلس الدولة المشار إليه أن محكمة القضاء الإداري هي بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى لمجلس الدولة صاحبة الولاية العامة بسائر المنازعات التي أنيط بمحاكم مجلس الدولة ولاية الفصل فيها بمقتضى المادة العاشرة المشار إليها، إلا ما استثني منها بالمادة (13) من القانون أنيط بالمحاكم الإدارية وبالمادة (15) أنيط بالمحاكم التأديبية.
ومن حيث إن مناط اختصاص المحكمة الإدارية بالمنازعة الراهنة أو عدم اختصاصها بها واندراجها في الاختصاص المنوط بمحكمة القضاء الإداري وفقاً لأحكام قانون مجلس الدولة سالف الذكر هو بمدى تعلقها أو بعدم تعلقها بوظيفة العمدة، التي تندرج جميع المنازعات المتعلقة بها في اختصاص المحكمة الإدارية، طبقاً لنص المادة (14) من قانون مجلس الدولة المشار إليه.
ومن حيث إنه ولئن أثير النزاع ابتداء أمام المحكمة الإدارية بمناسبة الطعن في قبول أوراق الطاعن للترشيح لوظيفة العمدية لعدم استيفائه شروط حسن السمعة، وتقدم منافسه بالشكوى إلى جهة الإدارة المختصة مما أسفر عن إدراج سابقتين في صحيفة الحالة الجنائية للطاعن ومن ثم فإن هذه المنازعة في مدى صحة إدراج السوابق في صحيفة الحالة الجنائية للطاعن لا شك أنها تمثل مسألة أولية جوهرية في المنازعة الخاصة بالترشيح في العمدية، والأصل أن المحكمة المختصة بموضوع الدعوى تختص بصفة عامة بالفصل في المنازعات الأولية المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة إذ كان هذا النزاع غير جوهري ولا يتعلق بوجود أو نشوء المركز القانوني الذي يمثل المنازعة الأولى ومدى انطباق ذلك مع حقيقة الواقع وصحيح حكم القانون ما لم تكن لتلك المنازعة الأولية ذاتية خاصة تجعل ارتباطها بالمنازعة الأصلية ارتباطاً غير مقصور على موضوعها بحيث تقوم المنازعة في المسائل الأولية كمنازعة إدارية مستقلة لما لها من كيان ذاتي يؤثر بذاته مستقلاً عن أية منازعة أخرى في تحديد عدد من المراكز القانونية لمن تتصل به المنازعة أو لغيره من ذوي الشأن ولا يكون ثمة شك أو جدل في هذه الكينونة الذاتية المستمدة للمنازعة الأولية أن تشكل بحسب موضوعاً وأسبابها موضوعها لاختصاص محدد لمحكمة أخرى داخل نطاق محاكم مجلس الدولة والقضاء الإداري وبصفة خاصة إذا كان هذا الاختصاص قد أنيط بمحكمة أخرى من محاكم مجلس الدولة أعلى درجة من تلك التي تفصل في النزاع الأصلي وتختص بنظره.
ومن حيث إن صحيفة الحالة الجنائية إنما تمس حالة الشخص فيما يتعلق بأفعاله وسوابقه الجنائية وهي تمثل جانباً أساسياً من جوانب حالته كمواطن في مواجهة الدولة وأجهزتها، كما تعتبر مرآة لسمعته، حسناً أو سوءاً بحسب ما هو مدون بها وذلك في شتى مجالات حياته وممارسته لحقوقه العامة والخاصة في المجتمع فهي واجبة التقديم للجهة الإدارية المختصة الترشيح لوظيفة ما أو لعضوية مجلس الشعب أو لأحد المجالس المحلية أو للحصول على ترخيص بحمل سلاح، أو بغير ذلك من مجالات الحياة التي لا تقع تحت حصر، ومن ثم بصحيفة الحالة الجنائية المتعلقة بحالة الفرد الجنائية كمواطن بين غيره من المصريين أما تعلقها في المنازعة الراهنة بحالته بمناسبة الترشيح لوظيفة العمدية، فهو تعلق ليس مقصوراً على الترشيح للعمدية لما للمنازعة في الحالة الجنائية من ذاتية وكينونة تتعلق بالحالة الجنائية للمواطن التي يقوم عليها تحديد المراكز القانونية الذاتية له طوال حياته فضلاً عن أن هذه المنازعة الذي يندرج في اختصاص محكمة القضاء الإداري عملاً بنص المادتين (10)، (13) من قانون مجلس الدولة المشار إليه وهي محكمة استئنافية بالنسبة للمحاكم الإدارية فيما تختص به من منازعات وفقاً للقانون رقم 47 لسنة 72 م (13) من القانون، وإذ انتهى قضاء الحكم الطعين إلى غير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، مما يتعين معه القضاء بإلغائه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها وحيث إن الحكم في الاختصاص لا ينهي الخصومة ومن ثم فإنه يتعين إبقاء الفصل في المصروفات، عملاً بأحكام المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ضد وزير الداخلية وحده، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، واختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى، وأمرت بإعادتها إليها للفصل في موضوعها بهيئة أخرى، وأبقت الفصل في المصروفات.