الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 مايو 2023

الطعن 973 لسنة 25 ق جلسة 23 / 2 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 97 ص 634

جلسة 23 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

--------------------

(97)

الطعن رقم 973 لسنة 25 القضائية

1 - دعوى - دعوى الإلغاء - قبولها - التظلم قبل رفع الدعوى.
التنظيم المقرر بموجب المادتين 15، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1983 للتظلم من قرارات الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم لم يوجب على وجه الإلزام هذا التظلم قبل رفع الدعوى بطلب إلغاء القرار - المستفاد من هذا القانون أن قرار الجهة الإدارية المذكورة هو قرار نهائي - الطعن أمام القضاء ينصب على هذا القرار وليس على قرار لجنة التظلمات أو اللجنة الاستئنافية - أثر ذلك - سقوط الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم نهائية القرار - تطبيق.
2 - تراخيص - ترخيص البناء - الهدف منه.
القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء - ترخيص البناء في حقيقته إنما يستهدف أصلاً مطابقة مشروع البناء وتصميمه لأحكام واشتراطات تنظيم المباني ومخططات المدن وما يقترن بذلك من الأصول والقواعد الفنية - لا ينال الترخيص من حقوق ذوي الشأن المتعلقة بالملكية والتي لم يشرع الترخيص لإثباتها أو إقرارها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 23 من يونيه سنة 1979 أودع الأستاذ عبد السميع عوض المحامي عن الأستاذ/ محمد السيد المغربي المحامي بصفته وكيلاً عن ورثة المرحوم حسن إبراهيم سردينه وهم محمود حسن سردينه وعبد الفتاح حسن سردينه، ومحمد حسن سردينه، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 973 لسنة 25 القضائية ضد:
1 - محمد إبراهيم عبد المجيد.
2 - نجيه أحمد محمد إبراهيم.
3 - أحمد محمد إبراهيم (خصم متدخل منضماً للمطعون ضدهما).
4 - محافظة الإسكندرية.
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 6 من يونيه سنة 1979 في الدعوى رقم 389 لسنة 32 القضائية الذي قضى بقبول تدخل كل من محمود عبد الفتاح ومحمد حسن سردينه خصوماً منضمين إلى الإدارة وبقبول تدخل أحمد محمد إبراهيم خصماً منضماً إلى المدعين وبإلغاء قرار محافظ الإسكندرية الصادر في 14 من فبراير سنة 1978 بوقف ترخيص البناء رقم 501 لسنة 1977 ورقم 526 لسنة 1977 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة بالمصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لعدم نهائية القرار المطعون فيه وبعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة واحتياطياً بوقف الدعوى إلى حين الفصل في النزاع المدني في الدعاوى أرقام 1080 لسنة 1976، 2710، 2791 لسنة 1974، مع إلزام المطعون ضدهم في جميع الأحوال بالمصروفات.
وأعلن تقرير الطعن على الوجه الموضح بالأوراق وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7 من ديسمبر سنة 1981 ثم قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره جلسة 9 من يناير سنة 1982 حيث نظرته المحكمة على الوجه المبين بمحاضرها، وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 20/ 3/ 1978 أقام محمد إبراهيم عبد المجيد ونجيه أحمد محمد إبراهيم الدعوى رقم 389 لسنة 32 القضائية ضد:
1 - محافظ الإسكندرية.
2 - رئيس حي شرق الإسكندرية.
3 - مراقب عام حي شرق الإسكندرية.
4 - وزير الإسكان والتعمير.
وطلبات الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من محافظ الإسكندرية في 14/ 2/ 1978 بوقف ترخيصي البناء الصادرين لهما من حي شرق الإسكندرية برقم 501 لسنة 1977 ورقم 526 لسنة 1977 وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجاء في بيان الدعوى أنهما مستحكران لقطعة أرض مساحتها 577.17 م2 بجهة المندرة البحرية بطريق الجيش رقم 764 - تنظيم قسم المنتزه - من هيئة الأوقاف المالكة لها، وقد حصلا على ترخيصين من حي شرق الإسكندرية لإقامة مبان على هذه الأرض. الأول برقم 501 لسنة 1977 باسم المدعي الأول والثاني برقم 526 لسنة 1977 باسم أحمد محمد إبراهيم والد المدعية الثانية ووكيلها. وبناء على هذين الترخيصين حصل كل منهما على المواد التموينية اللازمة للبناء، وبعد أن شرعا في البناء بالفعل تقدمت عائلة سردينه التي تدعي ملكيتها للأرض بشكوى إلى حي شرق تطلب فيها وقف المباني بدعوى أن هناك مشروع إنشاء شارع يخترق أرض المدعيين وقامت لجنة من التنظيم بمعاينة الأرض وتبين لها تعذر إنشاء هذا الطريق وصرح للمدعيين بإتمام البناء، خاصة وأنه تم استبدال الحكر بموجب العقد المسجل برقم 4543/ 1977 شهر عقاري الإسكندرية وأصبح المدعيان بمقتضاه مالكين للأرض موضوع الترخيص، كما شكلت لجنة أخرى لبحث النزاع القائم على الملكية انتهت إلى أن المدعيين يمتلكان الأرض بموجب عقد صحيح وأن ترخيص البناء الصادر لهما سليم ولا يجوز للحي وقف البناء بدعوى وجود نزاع على الملكية بين هيئة الأوقاف وعائلة سردينه طالما لم يصدر حكم قطعي في هذا النزاع إلا أنه على أثر ما أفتى به مجلس الدولة من أنه من الملائم استمرار وقف الترخيص بالبناء على قطعة الأرض سالفة الذكر حتى يفصل نهائياً في النزاع المطروح على القضاء حول ملكية الأرض فقد أصدر محافظ الإسكندرية القرار المطعون فيه بتاريخ 14/ 2/ 1978 بوقف ترخيص البناء الصادرين لهما ونعى المدعيان على هذا القرار أنه خالف القانون وألحق بهما ضرراً بالغاً مما يخولهما طلب وقف تنفيذه وإلغائه.
وبجلسة التحضير المنعقدة في 25/ 5/ 1978 حضر الأستاذ محمد المغربي المحامي عن محمود وعبد الفتاح ومحمد حسن سردينه وطلب قبول تدخلهم تدخلاً انضمامياً إلى جهة الإدارة بوصفهم ملاكاً لقطعة الأرض الصادر بشأنها القرار المطعون فيه وبجلسة 8/ 6/ 1978 "تحضير" طلب اعتبار تدخلهم هجومياً كما طلب أصلياً عدم قبول الدعوى استناداً إلى عدم نهائية القرار المطعون فيه لعدم سلوك سبيل التظلم إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة رقم 15 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء قبل رفع الدعوى واحتياطياً وقف الدعوى لحين الفصل في النزاع المثار حول الملكية في الدعاوى أرقام 1080 لسنة 1976، 2710، 2791 لسنة 1974 مدني كلي الإسكندرية، إذ أن عائلة سردينه طالبي التدخل كانت تمتلك الأرض ثم قامت في عام 1934 بتأجيرها إلى الدكتور أحمد النقيب لإقامة "شاليه" عليها وقد قام ورثته بالتنازل عن عقد الإيجار إلى المدعين عام 1972 إلا أن هيئة الأوقاف ادعت ملكيتها للأرض وقامت باستبدالها إلى المدعيين بموجب العقد المشهر برقم 4543 لسنة 1977 شهر عقاري الإسكندرية وقد انتهى تقرير الخبير المنتدب في الدعوى المدنية إلى أن الأرض موضوع النزاع مملوكة لعائلة سردينه دون هيئة الأوقاف ومن ثم فإن تصرف الهيئة فيها بالبيع يكون تصرفاً من غير مالك ولا يسري عقدها بالتالي في حق المالك الأصلي، فضلاً عن أن المباني التي يزمع المدعيان أقامتها تسد شارعاً في التقسيم العرفي الذي أجرته عائلة سردينه لتلك الأرض. وأثناء نظر الدعوى دفع الحاضر عن طالبي التدخل بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعية الثانية لأن الترخيص رقم 526 لسنة 1977 لم يصدر باسمها وإنما باسم والدها أحمد محمد إبراهيم كما طلب الأخير قبول تدخله خصماً منضماً إلى المدعيين. وبجلسة 6 من ديسمبر 1978 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه تأسيساً على عدم توافر ركن الاستعجال في الطلب. وبجلسة 6 من يونيه سنة 1979 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذي قضى بقبول تدخل كل من محمود وعبد الفتاح ومحمد حسن سردينه خصوماً منضمين إلى الإدارة وبقبول تدخل أحمد محمد إبراهيم خصماً منضماً إلى المدعيين وبإلغاء قرار محافظ الإسكندرية الصادر في 14 من فبراير سنة 1978 بوقف ترخيصي البناء رقم 501/ 1977، رقم 526 لسنة 1977 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات. وأقامت قضاءها في طلب التدخل المبدى من محمود وعبد الفتاح ومحمد حسن سردينه على أن هذا التدخل هو في حقيقته تدخل انضمامي إلى الجهة الإدارية المدعى عليها إذ يهدف طالبو التدخل إلى المحافظة على الحقوق التي يدعونها باعتبارهم ملاكاً لأرض النزاع عن طريق تأييد الجهة الإدارية فيما اتجهت إليه من وقف ترخيصي البناء الصادرين للمدعيين ومن ثم فإن مصلحتهم تبدو ظاهرة في التدخل كخصوم منضمين إلى الإدارة في طلب رفض الدعوى وبالنسبة إلى طلب التدخل المبدى من أحمد محمد إبراهيم لقبوله خصماً منضماً إلى المدعيين، ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن مصلحته هو الآخر تبدو ظاهرة في التدخل كخصم منضم إلى المدعيين في طلب إلغاء القرار المطعون فيه باعتبار أن أحد الترخيصين الصادر في شأنهما هذا القرار قد صدر باسمه، وأسس الحكم قضاءه في الدفعين المتعلقين بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بالنسبة إلى المدعية الثانية ولعدم نهائية القرار المطعون فيه وفقاً لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 على حجية الحكم السابق صدوره في طلب وقف التنفيذ بقبول الدعوى شكلاً وما يتضمنه من قضاء قطعي ونهائي بالنسبة لما فصل فيه من مسائل فرعية تتعلق بأوضاع الدعوى الشكلية، وأضاف الحكم أن هذين الدفعين لا سند لهما من القانون، لأن للمدعية مصلحة شخصية ومباشرة قد مسها القرار المطعون فيه بوصفها مستحكرة للأرض وهو ما يكفي لقبول الدعوى، وليس من شأن عدم التظلم من القرار المطعون فيه وفقاً للمادة 15 من القانون رقم 106/ 1976 التأثير على نهائية هذا القرار أو ما يستتبع عدم قبول الدعوى - ثم تطرق الحكم المطعون فيه إلى الموضوع وذهب إلى أن المستفاد من المادة العاشرة من القانون رقم 106/ 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء أن القانون لا يستلزم في طلب رخصة البناء أن يكون موقعاً عليه من مالك الأرض التي ينصب عليها الطلب ما دام أن الترخيص يصرف على مسئولية مقدمه ولا يمس بحال حقوق ذوي الشأن المتعلقة بالأرض، وإذا كان هذا لا يغل يد جهة الإدارة عن رفض الترخيص ابتداء أو إلغاء ترخيص سبق لها منحه إذا ما ثبت لها أن طالب الترخيص أو صاحبه يتجرد من حق البناء على الأرض ويرجح عليه حق آخر أولى بالرعاية والتفضيل وأحق منه بالترخيص، إلا أنه لا يسوغ لجهة الإدارة على ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أن تبادر إلى إلغاء ترخيص بناء سبق لها إصداره بذريعة أن هناك اعتراضاً أمام جهة الترخيص بعدم إصداره، طالما أن عقد الملكية قائم ولم يصدر بإبطاله حكم من القضاء المدني صاحب الولاية ولم يرسخ للمعترض حق ثابت بتناقص مع هذا الترخيص ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الطعن بني على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وحاصل أسبابه:
أولاً: أنه من المسلم به في فقه القانون وأحكام القضاء أن التدخل في الدعوى إما أن يكون هجوميا أو انضمامياً، والتدخل الهجومي يجعل من طالبه خصماً أصلياً في الدعوى وبهذه الصفة فإنه يدعي لنفسه حقاً يطلب الحكم له به ولا يغير من هذه الصفة أن يكون الأثر المترتب على الحكم في طلباته منطوياً على ما يهدف إلى تحقيق الخصم الأصلي من رفع الدعوى.
ولما كان الطاعنون أصحاب مصلحة حقيقة في إلغاء قراري الترخيص المطعون فيهما باعتبارهم الملاك الحقيقيين للأرض التي صدر بشأنها هذين الترخيصين فإن أثر الحكم لا ينصرف إليهم فحسب بل ينطوي على مساس بملكيتهم الثابتة لتلك الأرض وبالتالي فهم ليسوا كما ذهب الحكم المطعون فيه خطأ ممن يقوم بهم وصف الخصوم المنضمين إلى الحكومة بل هم خصوم أصليون في النزاع وبهذه الصفة تقدموا بالعديد من الدفوع التي أغفلت المحكمة الرد عليها رغم أنها تنهي النزاع أمام القضاء الإداري.
ثانياً: أخطأ الحكم المطعون فيه إذ سكت عن التصدي للدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لعدم نهائية قراري الترخيص المطعون فيهما ذلك أن المادتين 15، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 أوضحتا سبيل التظلم من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، والمادة 19 حددت مدلول "النهائية" ومعناها بالنسبة إلى تلك القرارات بما يتعين معه الرجوع إلى أحكام هذا القانون في هذا الصدد دون سواه باعتباره قانون خاص فإذا لم يسلك صاحب الشأن سبيل اللجوء إلى اللجنتين المنصوص عليهما في المادتين سالفتي البيان انحسرت صفة النهائية عن القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وبالتالي امتنع على صاحب الشأن اللجوء إلى القضاء طعناً على القرار تأسيساً على أن اختصاص القضاء الإداري بالنسبة إلى الطعون التي ترفع بطلب إلغاء القرارات الإدارية قاصر طبقاً لصريح نص المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة على القرارات الإدارية النهائية دون سواها. ولا يغير من هذا النظر ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن قضاء المحكمة في طلب وقف التنفيذ حاز الحجية في هذا الخصوص، ذلك أن هذا القضاء فضلاً عن أنه لم يتناول الرد على ما أثير حول نهائية ذلك القرار، فإنه قد تصدى لبحث قرار لا يدخل أصلاً في ولاية القضاء الإداري لأن مجال التظلم منه أو النعي عليه منوط باللجنتين المنصوص عليهما في المادة 15، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه.
ثالثاً: أنه لما كان الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة هو من الدفوع الموضوعية التي ينعكس أثرها وجوباً على موضوع الحق ذاته، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الثانية لا صفة لها في الدعوى حيث لم يصدر أي ترخيص باسمها ومن ثم فإنها لا تعد بحال طرفاً في دعوى الإلغاء ويترتب على ذلك أن المطعون ضده الثالث لا يجوز قبول تدخله كخصم منضم لأن التدخل الانضمامي لا يكون إلا لمؤازرة خصم أصيل في الدعوى في طلباته خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
رابعاً: أن الطاعنين أثاروا أمام المحكمة المطعون في حكمها وقائع كان يتعين تمحيصها، وأهم هذه الوقائع وأظهرها ما يتعلق بملكية المطعون ضدهم للأرض التي صدر بشأنها الترخيصان المطعون عليهما وسند هذه الملكية، فعقد الملكية الذي تقدموا به للحصول على ترخيص البناء مطعون عليه بالتزوير وما زالت النيابة العامة تجري التحقيق في هذا الشأن كما أن ملكيتهم المدعاة لتلك الأرض ما زالت بدورها موضوع نزاع جدي أمام المحاكم الابتدائية في الدعاوى أرقام 1080 لسنة 1976، 2710، 1791 لسنة 1974 مدني كلي إسكندرية والتي قدم فيها الخبير المنتدب تقريره مؤيداً لحق الطاعنين في ملكية الأرض، وكان حريا بالمحكمة المطعون في حكمها مع هذه الوقائع أن توقف الدعوى إلى حين الفصل في النزاع المدني وفي الأمر الجنائي المتعلق بتزوير عقد ملكية المطعون ضدهما الأول والثانية.
ومن حيث إنه عن سبب الطعن الأول المتعلق باعتبار تدخل الطاعنين في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تدخلاً هجومياً وليس تدخلاً انضمامياً لجهة الإدارة كما ذهب الحكم المطعون فيه، فإن الفيصل في ذلك هو نص المادة 126 من قانون المرافعات التي تجري على أنه "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً لنفسه بطلب مرتبط الدعوى...." ولما كانت الدعوى المنظورة غايتها إلغاء القرار الصادر من محافظ الإسكندرية في 14/ 2/ 1978 بوقف ترخيصي البناء الصادرين من حي شرق الإسكندرية برقم 501، ورقم 526 لسنة 1977 لكي يتسنى للمدعيين إتمام البناء الصادر به هذان الترخيصان، وكان ورثة المرحوم حسن إبراهيم سردينه - الطاعنون - قد تدخلوا في هذه الدعوى طالبين الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى بشقيها واحتياطياً بوقف الفصل فيها حتى يبت القضاء المدني في الدعاوى التي أقاموها بشأن ملكيتهم للأرض الصادر بشأنها الترخيصان المذكوران ومن ثم يكون هؤلاء قد استهدفوا في الواقع بتدخلهم تأييد الخصم مصدر القرار المطعون فيه وهو جهة الإدارة بما يجعل تدخلهم في الدعوى تدخلاً انضمامياً لهذه الجهة، وليس تدخلاً هجومياً بالمعنى المقصود في القانون وعلى ذلك يغدو سبب الطعن المتعلق بذلك في غير محله.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى السبب الثاني الخاص بالدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سلوك سبيل التظلم من القرار المطعون فيه على نحو ما هو متبع بالنسبة للتظلم من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم طبقاً للمادتين 15، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء فإنه ولئن كانت إثارة هذا الدفع جائزة أمام هذه المحكمة رغم سابقة صدور حكم القضاء الإداري بالإسكندرية في الشق العاجل من الدعوى بقبولها شكلاً ولو لم يطعن فيه وذلك بحسبان أنه لا يصح أن يتغاير الحكم في مسألة أساسية مشتركة بين وجهي الخصومة المستعجل والموضوعي هي مسألة قبول الدعوى بما لا محل معه للاستناد إلى نهائية الحكم الصادر في الجانب المستعجل لغل يد المحكمة الإدارية العليا - وهي خاتمة المطاف في نظام التدرج القضائي لمحاكم مجلس الدولة - عن إعمال ولايتها في التعقيب على الحكم المطعون فيه إلا أنه في صدد هذه المنازعة لا وجه للدفع بعدم القبول المثار في الطعن بناء على أحكام المادتين 15، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل تعديلات القانون رقم 30 لسنة 1983 فقد سبق لهذه المحكمة أن قضت في الطعنين رقمي 2167 لسنة 27 ق، 834 لسنة 30 ق بجلسة 26 من يناير سنة 1985 بأن التنظيم المقرر بموجب هاتين المادتين للتظلم من قرارات الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم لم يوجب على وجه الإلزام هذا التظلم قبل رفع الدعوى بطلب إلغاء القرار وأن المستفاد من أحكام هذا القانون أن قرار الجهة الإدارية المذكور هو قرار نهائي بمعنى قابليته للتنفيذ فور صدوره والطعن أمام القضاء الإداري انصب على هذا القرار ذاته وليس على قرار لجنة التظلمات أو اللجنة الاستئنافية، وبناء على ذلك يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم نهائية القرار المطعون فيه غير سديد.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالسبب الثالث المبنى على عدم توفر شرط الصفة المتطلب لقبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثانية نجية أحمد محمد إبراهيم وما يترتب على ذلك من عدم جواز تدخل المطعون ضده الثالث خصماً منضماً في الدعوى إليها. فإن هذا الدفع بدوره غير صائب لما هو ثابت من الأوراق من أن المطعون ضدها المذكورة صاحبة شأن بالنسبة للأرض الصادر بشأنها الترخيصان موضوع القرار محل الطعن باعتبارها أحد أطراف عقد الاستبدال المشهر برقم 4543 في 29/ 9/ 1977 المتعلق بهذه الأرض وهو ما يكفي لتحقق صفتها ومصلحتها في الطعن على قرار وقف الترخيصين المشار إليهما على الرغم من عدم صدورهما باسمها.
ومن حيث إنه عن السبب الرابع المستند إلى منازعة الطاعنين في ملكية الأرض محل الترخيصين وأيضاً في سند ملكية المطعون ضدهم لها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه لهذا السبب لا أساس له من القانون وذلك أخذاً بالأسباب التي ساقها الحكم في هذا الصدد، يضاف إليها أن المؤدى الواضح لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 وعلى نحو ما سبق أن قضت هذه المحكمة في الطعن رقم 318 لسنة 27 القضائية بجلسة 14 من يناير سنة 1984 هو أن ترخيص البناء في حقيقته إنما يستهدف أصلاً مطابقة مشروع البناء وتصميمه لأحكام واشتراطات تنظيم المباني ومخططات المدن وما يقترن بذلك من الأصول والقواعد الفنية ولا ينال من حقوق ذوي الشأن المتعلقة بالملكية والتي لم يشرع الترخيص لإثباتها أو إقرارها.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في تأويل وتطبيق حكم القانون ومن ثم يضحى الطعن المقام بشأنه ولا وجه له حقيقاً بالرفض وإلزام الطاعنين من ثم المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين بالمصروفات.

الطعن 3250 لسنة 27 ق جلسة 19 / 2 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 96 ص 630

جلسة 19 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد محمود - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار وعلي محمد حسن - المستشارين.

--------------------

(96)

الطعن رقم 3250 لسنة 27 القضائية

عقد إداري - التعهد بالدراسة وخدمة الحكومة.
المادة 11 من القانون رقم 92 لسنة 1975 بشأن النظام الأساسي للكليات العسكرية والمادة 24 من قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع رقم 14 لسنة 1976 بإصدار اللائحة الداخلية للكلية الحربية - التزام الطالب برد النفقات الدراسية في حالة الاستقالة هو التزام أصلي يستند إلى نص القانون - التزام ولي الأمر برد النفقات ليس التزاماً أصلياً وإنما هو التزام تبعي يكفل به ولي الأمر الطالب في التزامه برد النفقات - سريان أحكام الكفالة التي توجب على الدائن أن يرجع بدينه على المدين الأصلي قبل الرجوع على الكفيل - يجوز للكفيل أن يدفع بالتجريد في حالة الرجوع عليه أولاً - لا يغير من ذلك ورود التزام ولي الأمر في الإقرار مجرداً من صفته ككفيل - أساس ذلك: صفته ككفيل واضحة من سبب الالتزام والغرض منه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق الثامن عشر من شهر أغسطس سنة 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الدفاع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد برقم 3250 لسنة 27 قضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 21/ 6/ 1981 في الدعوى رقم 207 لسنة 34 قضائية، القاضي بإلزام المدعى عليه الأول بصفته مديناً أصلياً والمدعى عليه الثاني بوصفه كفيلاً بأن يؤديا للمدعي مبلغ 956 مليم و637 جنيه والفوائد القانونية المقررة على هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة في 7/ 11/ 1979 حتى تمام السداد، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والحكم بإلزام المطعون ضدهما بالتضامن بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغ 956 مليم و637 جنيه والفوائد القانونية المقررة على هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد مع إلزامهما بالمصروفات والأتعاب، وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما في 28/ 9/ 1981 وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه للأسباب التي ارتأتها إلى قبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) جلسة 2/ 1/ 1984 وتدوول الطعن أمامها بعد ذلك في الجلسات على النحو المبين في المحاضر إلى أن قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة المذكورة التي قررت بجلسة 1/ 12/ 1984 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 11/ 12/ 1984 وفيها قررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 8/ 1/ 1985 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما تبين من الأوراق - تخلص في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 207 لسنة 34 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري في 7/ 11/ 1979، وطلب فيها إلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 956 مليم و637 جنيه والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة حتى تاريخ السداد مع المصروفات والأتعاب.
وقال شرحاً لدعواه أنه في 7/ 11/ 1977 التحق المدعى عليه الأول كطالب بالكلية الحربية وتعهد هو وولي أمره كتابة بالتزامهما برد مصاريف الدراسة إلى الكلية في حالة الاستقالة أو الفصل لسبب غير عدم اللياقة الصحة أو استنفاد مرات الرسوب، وتقدم المدعى عليه الأول بطلب التمس فيه قبول استقالته من الكلية لعدم مقدرته على تحمل الحياة العسكرية فووفق على استقالته، وقد تكلفت وزارة الدفاع مبلغ 956 مليم و637 جنيه أنفقتها على الطالب أثناء الدراسة ولذا يكون هو وضامنه ملتزمين بالتضامن برد هذا المبلغ وفوائده. وبجلسة 21/ 6/ 1981 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وقد أسست المحكمة قضاءها على أن التزام المدعى عليهما برد المبلغ المطلوب يستند إلى نص المادة 11 من القانون رقم 92 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكليات العسكرية والمادة 24 من اللائحة الداخلية للكلية الحربية وذلك بسبب قبول استقالته التي تقدم بها باختياره. أما بالنسبة للتضامن فإنه لا يفترض وفقاً لحكم المادة 279 مدني ولا يفيد التعهد المعطى من المدعى عليه الثاني أنه ملتزم برد النفقات المشار إليها على وجه التضامن مع المدعى عليه الأول، ومن ثم يتعين إلزام المدعى عليه الأول برد المبلغ بصفته مديناً أصلياً والثاني بصفته كفيلاً.
ومن حيث إن الطعن المائل يقوم على أن الحكم المطعون فيه وأن أصحاب الحق في رفض طلب التضامن بين المطعون ضدهما إلا أنه أخطأ في تكييف التزام المطعون ضدهما بموجب التعهد الموقع منهما واعتباره من قبيل الكفالة لأن حقيقة الالتزام أنه تضامني، فبينما التزام الطالب مصدره القانون الذي يقضي برد النفقات، فإن التزام ولي أمره مصدره التعهد الذي وقعه ومن ثم يكون كل منهما مسئولاً عن الدين على سبيل التضامم ويتعين بالتالي تعديل الحكم المطعون فيه لإلزامهما بالتضامم بأداء المبلغ المحكوم به.
ومن حيث إن المادة 11 من القانون رقم 92 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكليات العسكرية تنص على أنه "يجوز قبول استقالة الطالب بعد موافقة مجلس الكلية، ويلزم الطالب بسداد النفقات الفعلية التي تكلفها أثناء المدة التي قضاها بالكلية حتى تاريخ تقديم استقالته" وتنص المادة 24 من قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع رقم 14 لسنة 1976 بإصدار اللائحة الداخلية للكلية الحربية على أنه "يشترط فيمن يتقدم للالتحاق بالكلية: ........ أن يقدم إقراراً كتابياً موقعاً منه ومن ولي أمره بأن يرد للكلية التكاليف التي تكلفتها أثناء دراسته وذلك في حالة استقالته أو فصله لسبب غير اللياقة الطبية أو استنفاذ مرات الرسوب.....".
ومن حيث إنه يبين من أحكام المادتين المشار إليهما أن التزام الطالب رد النفقات الدراسية في حالة الاستقالة هو التزام أصلي يستند إلى نص القانون، أما التزام ولي أمره برد النفقات المذكورة فهو يستند إلى الإقرار الذي وقعه مع الطالب عند التحاقه بالكلية وهذا الالتزام وفقاً للتكييف القانوني الصحيح، وبالنظر إلى سببه والغرض المستهدف منه، ليس التزاماً أصلياً، وإنما هو التزام تبعي يكفل به ولي الأمر الطالب في التزامه برد النفقات ومن ثم تسري عليه أحكام الكفالة التي توجب على الدائن أن يرجع بدينه على المدين الأصلي قبل الرجوع على الكفيل وتجيز للكفيل أن يدفع بالتجريد في حالة الرجوع عليه أولاً، ولا يغير من ذلك ورود التزام ولي الأمر في الإقرار مجرداً من صفته ككفيل لأن هذه الصفة واضحة من سبب الالتزام والغرض منه، والعبرة في التفسير بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، كما لا يغير مما تقدم كون التزام الطالب والتزام ولي أمره متضاممين، فالتضامم لا يستلزم حتماً التضامن وقد أشارت إلى ذلك المادة 792 مدني التي حددت مسئولية الكفلاء عند تعددهم دون المساس بما تخولهم الكفالة من الحق في الدفع بالتجريد إذا لم يرجع الدائن على المدين أولاً.
ومن حيث إنه وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى إلزام المطعون ضدهما برد النفقات الدراسية الأول بوصفه مدنياً أصلياً والثاني بوصفه كفيلاً، فإنه يكون متفقاً وصحيح حكم القانون في هذا الشأن، ويتعين لذلك الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات طبقاً للمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

الأربعاء، 24 مايو 2023

الطعن 264 لسنة 24 ق جلسة 19 / 2 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 95 ص 626

جلسة 19 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار وعلي محمد حسن وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

-------------------

(95)

الطعن رقم 264 لسنة 24 القضائية

إصلاح زراعي - اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي - الإجراءات أمامها.
يجب أن يحضر مع القاضي في الجلسات وفي جميع إجراءات الإثبات كاتب يحرر المحضر ويوقعه مع القاضي - إذا لم يوقع محضر الجلسة على النحو الذي حدده المشرع كان هذا الإجراء باطلاً - الأثر المترتب على ذلك: لا يسوغ الاستناد إلى هذا الإجراء الباطل أو الاحتجاج به في مواجهة ذوي الشأن كدليل إثبات ضدهم - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 18/ 3/ 1978 أودع الأستاذ رياض عبد الحافظ عمرو المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين تقرير الطعن الماثل في قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الصادر بجلسة 18/ 1/ 1978 والقاضي برفض الاعتراض رقم 516 لسنة 1974، وطلب الطاعنون للأسباب الواردة في تقرير طعنهم الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع إلزام المطعون ضدهما الأول والثاني بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تم إعلان الطعن إلى كل من المطعون ضدهم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعن انتهت فيه إلى أنه بالنسبة للمطعون ضده الثاني بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة وفيما يتعلق بباقي المطعون ضدهم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الطاعنين بالمصروفات.
وتداول نظر الطعن بجلسات دائرة فحص الطعون (الدائرة الثالثة) على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 4 من يونيو سنة 1980 حكمت الدائرة بإجماع الآراء برفض طلب وقف التنفيذ وألزمت الطاعنين مصروفات هذا الطلب، وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 14/ 10/ 1980. وبعد إذ أحيل الطعن إلى هذه المحكمة تداول بجلساتها على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1984 تقرر حجزه للحكم بجلسة 5/ 2/ 1985 وبها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بالنسبة لاختصام الطاعنين لوزير الزراعة في الطعن، فإنه نظراً لأن المنازعة مما يتعلق بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، هي هيئة عامة تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة يمثلها رئيس مجلس إدارتها، فمن ثم فإنه لا وجه لاختصام وزير الزراعة الذي لا شأن له بالمنازعة، ومن ثم يكون الطعن بالنسبة له قد أقيم على غير ذي صفة مما يتعين الحكم بعدم قبوله بالنسبة له.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يتضح من الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين كانوا قد أقاموا الاعتراض رقم 516 لسنة 1974 أمام اللجنة القضائية طالبين استبعاد المساحة - س 12 ط 35 ف الواقعة في حوض دفان قطعة رقم 423 بزمام ناحية بني منصور مركز كفر صقر محافظة الشرقية من القدر المستولى عليه لدى المرحومة وداد إبراهيم محمد الجيار مورثة المطعون ضدهم الأربعة الآخرين، تنفيذاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969، واستندوا في ذلك إلى وضع يدهم على الأرض المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل العمل بالقانون المشار إليه.
وقد دفعت الهيئة بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه حيث سبق أن أقام الطاعن الأخير الاعتراض رقم 381 لسنة 1971 أمام اللجنة القضائية طالباً استبعاد ذات المساحة استناداً إلى عقد بيع عرفي مؤرخ 10/ 8/ 1967 وأن اللجنة قد قضت بجلسة 12/ 6/ 1974 برفض الاعتراض لعدم ثبوت تاريخ العقد قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969.
وبجلسة 12/ 5/ 1976 قررت اللجنة ندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة الشرقية ليعهد إلى أحد خبرائه المختصين الانتقال إلى أرض النزاع لمعاينتها على الطبيعة وبيان مساحتها وموقعها وحدودها مع تحقيق وضع اليد عليها (مدته وسببه) وما إذا كان الطاعنون يضعون اليد عليها بصفة هادئة وظاهرة ومستمرة وبنية التملك.
وقد باشر الخبير مهمته وأعد تقريراً انتهى فيه إلى أن أرض النزاع مساحتها 19 فداناً شائعة في مسطح 12 ط 35 فدان بحوض دفان رقم 1 قسم ثان وثالث زمام ناحية بني منصور مركز كفر صقر، وأن هذه المساحة مبيعة من المرحومة وداد الجيار إلى الطاعنين بموجب عقد عرفي مؤرخ 10/ 8/ 1967، وإن الاستلام تم في 22/ 3/ 1975، وأن وضع يد الطاعنين كمشترين يرجع إلى سنة 1967، وسبق أن أقيم في شأنها الاعتراض رقم 318 لسنة 1971 لاستبعادها من الاستيلاء إلا أنه قد تقرر رفض الاعتراض.
وبجلسة 18/ 1/ 1978 أصدرت اللجنة قرارها المطعون فيه برفض الاعتراض مستندة في ذلك إلى عدم استكمال وضع اليد للمدة المكسبة للملكية.
ولما كان هذا القرار لم يصادف قبولاً لدى الطاعنين، فقد أقاموا طعنهم الماثل، وكان من بين ما استندوا إليه أنهم لم يخطروا بإيداع تقرير الخبير ومن ثم فلم يحضروا أمام اللجنة القضائية لإبداء رأيهم فيه وهو الأمر الذي يترتب عليه بطلان قرار اللجنة، وقالوا أنه لا وجه لما ذهب إليه تقرير مفوض الدولة من أنهم قد أتيحت لهم فرصة الاطلاع على تقرير الخبير حيث تقرر بجلسة 29/ 6/ 1977 التأجيل بناء على طلب الحاضر عنهم لجلسة 21/ 12/ 1977 للاطلاع على تقرير الخبير، ثم تأجل الاعتراض بعد ذلك إلى جلسة 4/ 1/ 1978 قبل حجزه للحكم بجلسة 18/ 1/ 1978 وذلك لأن الثابت أن محاضر هذه الجلسات لم توقع سواء من رئيس اللجنة أو سكرتيرها.
ومن حيث إنه عما أبدته الهيئة المطعون ضدها من دفع بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه في الاعتراض رقم 318 لسنة 1971 فثابت أن هذا الاعتراض السابق كان يقوم على أساس طلب استبعاد المساحة محل المنازعة استناداً إلى الاعتداد بعقد البيع العرفي المؤرخ 10/ 8/ 1967 لثبوت تاريخه قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 في 23/ 7/ 1969 وقد رفضت اللجنة هذا الاعتراض لعدم ثبوت تاريخ العقد قبل العمل بالقانون، أما السبب الذي يستند إليه الطاعنون في الاعتراض محل الطعن فإنه يقوم على أساس أن الطاعنين قد تملكوا المساحة المشار إليها بوضع اليد بالتقادم الطويل. ومن هذا يبين اختلاف السببين واستقلال كل منهما عن الآخر وإذا كان المسلم أنه يتعين للحكم بعدم جواز نظر الدعوى الاتحاد في الخصوم والمحل والسبب، وذلك نظراً لأن الطاعنين يستندون في طعنهم الماثل إلى سبب جديد هو التملك بوضع اليد، وهذا ما يختلف عن السبب الذي قام عليه القرار النهائي السابق صدوره من اللجنة في الاعتراض السابق، وهو عدم ثبوت تاريخ العقد العرفي قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969، لذلك يتضح عدم قيام دفع الهيئة بعدم جواز نظر الاعتراض على أساس سليم من القانون متعين رفضه.
ومن حيث إنه عما نعاه الطاعنون على قرار اللجنة من بطلان بسبب عدم توقيع رئيس اللجنة وسكرتيرها بمحاضر الجلسات التالية لإيداع تقرير الخبير، مما لا يصح معه الاستناد إلى هذه المحاضر كدليل على تمكين الطاعنين من الاطلاع على تقرير الخبير وإبداء دفاعهم، فبالاطلاع على محاضر الجلسات المشار إليها تبين صحة ما استند إليه الطاعنون من عدم توقيع محاضر الجلسات سواء من رئيس اللجنة أو سكرتيرها.
ومن حيث إن قانون المرافعات الواجب الرجوع إلى أحكامه إعمالاً لنص المادة 13 مكرراً من أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي معدلاً بالقانون رقم 69 لسنة 1971 قد نص على أنه "يجب أن يحضر مع القاضي في الجلسات وفي جميع إجراءات الإثبات كانت يحرر المحضر ويوقعه مع القاضي وإلا كان العمل باطلاً".
ومن حيث إن الذي يبين من هذا النص أن المشرع قد أوجب توقيع محضر الجلسة من كل من القاضي وسكرتير الجلسة، وحدد صراحة الجزاء على مخالفة ذلك فقرر البطلان. وعلى هذا الوجه فإذا لم يوقع محضر الجلسة على النحو الذي حدده المشرع كان هذا الإجراء باطلاً وبالتالي فإنه لا يسوغ الاستناد على هذا الإجراء الباطل والاحتجاج به في مواجهة ذوي الشأن كدليل إثبات ضدهم.
ومن حيث إنه لما كان ذلك، وكان الثابت أن محضر جلسات الاعتراض التالية لإيداع الخبير لتقريره لم توقع سواء من رئيس اللجنة أو سكرتيرها فمن ثم فإنه لا يسوغ الاعتداد بهذا المحضر كدليل على تمكين الطاعنين من الاطلاع على تقرير الخبير وبالتالي كدليل على إتاحة الفرصة لهم لإبداء دفاعهم، الأمر الذي يكون قرار اللجنة والحالة هذه قد جاء باطلاً مما يتعين معه الحكم بإلغائه، وإعادة الاعتراض إلى اللجنة القضائية للفصل فيه من جديد.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإعادة الاعتراض إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي للفصل فيه مجدداً وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.

الطعنان 1616 ، 1706 لسنة 28 ق جلسة 17 / 2 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 94 ص 619

جلسة 17 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي ومحمد يسري زين العابدين والدكتور محمد عبد السلام مخلص وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين - المستشارين.

------------------

(94)

الطعنان رقما 1616 و1706 لسنة 28 القضائية

عاملون مدينون بالدولة - تسوية حالة - مؤهل دراسي - تقييمه - شهادة التربية النسوية الغير مسبوقة بشهادة إتمام الدراسة الابتدائية.
المادتان 5، 7 من قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1975 - شهادة الابتدائية القديمة تعادل شهادة الإعدادية وتقييمها من الشهادات أقل من المتوسطة، أما الفئة 180/ 360 فهي لحملة الشهادات الدراسية المتوسطة التي توقف منحها وكانت مدة الدراسة اللازمة للحصول عليها ثلاث سنوات دراسية على الأقل بعد الحصول على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها - شهادة التربية النسوية وهي من الشهادات التي توقف منحها وكانت مدة الدراسة بها ثلاث سنوات إذا لم تكن مسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها تعادل الشهادة الابتدائية القديمة ذاتها ولا تزيد عليها - إعمالاً للسلطة المخولة للوزير المختص بالتنمية الإدارية ببيان المؤهلات الدراسية فقد أصدر القرار رقم 83 لسنة 1975 بتقييم المؤهلات الدراسية نفاذاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 ونص في المادة السابعة من هذا القرار على أن تعتمد الشهادات والمؤهلات الدراسية المتوسطة الآتي ذكرها فيما يلي والتي توقف منحها وكانت مدة الدراسة اللازمة للحصول عليها ثلاث سنوات دراسية على الأقل بعد الحصول على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها للتعيين في وظائف الفئة (180/ 360)... (33) شهادة مدرسة التربية النسوية المسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها، ثم نصت المادة الثامنة من ذات القرار على أن تعتمد الشهادات والمؤهلات الدراسية أقل من المتوسطة.. الآتي ذكرها للتعيين في وظائف الفئة (162/ 360)... (35) شهادة مدرسة التربية النسوية غير المسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها - وبصدور هذا القرار فقد استعمل الوزير المختص اختصاصاته وحدد الفئات المالية لكل منها - لا يغير من ذلك صدور القرار رقم 1 لسنة 1976 لأنه ألغي بالقرار رقم 4 لسنة 1976 - نتيجة ذلك - أن تحديد وزير التنمية الإدارية للمستوى المالي لهذا المؤهل قد استقر بمقتضى قراره رقم 83 لسنة 1975 - شهادة التربية النسوية غير المسبوقة بشهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها هي مؤهل أقل من المتوسط - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 11 من أغسطس سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن محافظ الدقهلية ووزير التربية والتعليم ووكيل الوزارة لمديرية التربية والتعليم بمحافظة الدقهلية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1616 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 27 من يونيه سنة 1982 في الدعوى رقم 400 لسنة 3 القضائية المقامة من فرحانة شادوفه ضد الطاعنين والذي قضى بأحقية المدعية في تسوية حالتها بالجدول الثاني المرفق بالقانون رقم 11 لسنة 1975 ابتداء من تاريخ تعيينها وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبتاريخ 25 من أغسطس سنة 1982 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1706 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 27 من يونيه سنة 1982 سالف الذكر - وطلبت الهيئة الطاعنة - لما أبانته من أسباب في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بالنسبة للطعن رقم 1616 لسنة 28 القضائية وإلزام المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 10 من ديسمبر سنة 1984 وفيها قررت الدائرة ضم الطعن رقم 1706 لسنة 28 القضائية إلى الطعن رقم 1616 لسنة 28 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد وحكمت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدها مصروفات هذا الطلب وقررت إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث تحدد لنظرهما أمامها جلسة 3 من فبراير سنة 1985 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن كلا الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 18 من مايو سنة 1981 أقامت فرحانة شادوفه الدعوى رقم 400 لسنة 3 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة ضد محافظ الدقهلية ووزير التربية والتعليم ووكيل الوزارة لمديرية التربية والتعليم بمحافظة الدقهلية طالبة الحكم بتسوية حالتها وفقاً للجدول الثاني المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1975 ابتداء من تاريخ تعيينها بوزارة التربية والتعليم مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقالت شرحاً للدعوى أنها حاصلة على شهادة التربية النسوية سنة 1948 وعينت بوزارة التربية والتعليم بهذا المؤهل وتدرجت في الوظائف، وعند تسوية حالتها إعمالاً للقانون رقم 11 لسنة 1975 طبق عليها الجدول الرابع المرافق له في حين أن مؤهلها ورد في قرير وزير التنمية الإدارية رقم 83 لسنة 1985 مقيماً بالفئة 180/ 360 منذ بدء التعيين إذا كان مسبوقاً بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها وأنها حاصلة على شهادة التعليم الأولي قبل التحاقها بمدرسة التربية النسوية - وقد انتهت وزارة التربية والتعليم إلى معادلة شهادة التعليم الأولي مع شهادة الابتدائية القديمة، واستطردت إلى القول بأن عدد سنوات الدراسة في مدارس التربية النسوية واحدة بالنسبة لجميع المقبولات سواء من حصل منهن على شهادة الابتدائية القديمة أو من أجري له امتحان مسابقة للقبول تعادل شهادة الابتدائية ومن ثم يحق لها اعتبار مؤهلها من المؤهلات المتوسطة وبالتالي تسوية حالتها إعمالاً للجدول الثاني المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1975.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة أوضحت بها أن نص المادتين 7 و8 من قرار وزير التنمية الإدارية رقم 83 لسنة 1975 فد فرق بين شهادة مدرسة التربية النسوية المسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها وغير المسبوقة بها، واعتبر الأولى مؤهلاً متوسطاً يعين حامله على الفئة 180/ 360 واعتبر الثانية مؤهلاً أقل من المتوسط يعين حامله على الفئة 162/ 360 وهي تفرقة كانت قائمة في ظل أحكام القانون رقم 210 لسنة1951، والمدعية أقرت بأنها حاصلة على شهادة التربية النسوية غير المسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها ومن ثم ينطبق عليها الجدول الرابع المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1975 وهو ما قامت الجهة الإدارية بتطبيقه صحيحاً على حالتها، وأضافت الجهة الإدارية بأنه بالنسبة إلى قول المدعية أن شهادة التعليم الأولي معادلة للشهادة الابتدائية القديمة طبقاً لقرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1976 والكتاب الدوري رقم 1 لسنة 1976 فإن هذا القرار وذلك الكتاب قد تم سحبهما بمقتضى قرار وزير التنمية الإدارية رقم 4 لسنة 1976 والكتاب الدوري رقم 11 لسنة 1976 وعليه فقد عاد الوضع إلى ما كان عليه في المادتين 7 و8 من قرار وزير التنمية الإدارية رقم 83 لسنة 1975.
وبجلسة 27 من يونيه سنة 1982 حكمت المحكمة بأحقية المدعية في تسوية حالتها بالجدول الثاني المرفق بالقانون رقم 11 لسنة 1975 ابتداء من تاريخ تعيينها وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات - وأقامت قضاءها على أن المقصود بالتعادل بالنسبة للشهادات المتوسطة التي توقف منحها وكانت مدة الدراسة بها ثلاث سنوات مسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها هو الحصول على شهادات أو دراسات أخرى كبدائل للالتحاق بالدراسة التي انتهت بالحصول على المؤهل محل التقييم، وعليه تعتبر هذه الشهادات أو الدراسات الأخرى بديلة لشهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة، وبالتالي يتساوى حملة المؤهل النهائي في المعاملة المالية المقررة له مع من كانوا حاصلين على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو أية دراسات أخرى تعتبر بديلاً عنها للالتحاق بالدراسة التي انتهت بالحصول على المؤهل، كما أن المشرع أخذ بذات المعيار عند إصدار القانون رقم 135 لسنة 1980 بعلاج الآثار المترتبة على تطبيق القانون رقم 83 لسنة 1973.
ومن حيث إن الطعنين يقومان على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أنه وإن كان قد صدر قرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1976 الذي صدر تنفيذاً له الكتاب الدوري رقم 1 لسنة 1976 ونص على صلاحية الشهادات والمؤهلات الدراسية التي توقف منحها وكانت مدة الدراسة اللازمة للحصول عليها ثلاث سنوات على الأقل بعد الحصول على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها للتقييم في الفئة الثامنة 180/ 360 وكانت لجنة تقييم المستوى المالي للمؤهلات الدراسية قد رأت أن المقصود بالتعادل أية دراسات أخرى تعتبر كبدائل للالتحاق بالدراسة التي انتهت بالحصول على المؤهل محل التقييم، غير أنه بعد ذلك صدر قرار وزير التنمية الإدارية رقم 4 لسنة 1976 بسحب قراره رقم 1 لسنة 1976 فيما نصت عليه المادة الثالثة من اعتماد الشهادات والمؤهلات الدراسية المتوسطة التي توقف منحها للتعيين في وظائف الفئة 180/ 360 وذلك على أساس أن الدراسة السابقة عليها لا تعتبر معادلة للشهادة الابتدائية القديمة، وصدر تنفيذاً لذلك الكتاب الدوري رقم 11 لسنة 1976 فعاد الوضع إلى ما كان بالقرار رقم 83 لسنة 1975 من التفرقة بين شهادة التربية النسوية المسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها والمحدد لها الفئة 180/ 360 وبين شهادة التربية النسوية غير المسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها والمحدد لها الفئة 162/ 360 (المادتان 7 و8 من قرار وزير التنمية الإدارية رقم 83 لسنة 1975) كما أنه لا اختصاص للجنة تقييم المستوى المالي للمؤهلات الدراسية المنصوص عليها في المادة 8 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة ذلك أن المختص هو وزير التنمية الإدارية إعمالاً لحكم المادة 7 من القانون رقم 11 لسنة 1975.
ومن حيث إن قانون الإصلاح الوظيفي الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1975 نص في المادة الخامسة منه على أن يحدد المستوى المالي والأقدمية للحاصلين على المؤهلات الدراسية على النحو الآتي:
( أ ) الفئة 162/ 360 لحملة الشهادات أقل من المتوسطة (شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة وشهادة إتمام الدراسة الإعدادية أو ما يعادلها).
(ب).........
(جـ) الفئة 180/ 360 لحملة الشهادات الدراسية المتوسطة التي توقف منحها، وكانت مدة الدراسة اللازمة للحصول عليها ثلاث سنوات دراسية على الأقل بعد الحصول على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها".
ونص في المادة السابعة على أنه "مع مراعاة أحكام المادة 12 من هذا القانون يصدر ببيان المؤهلات الدراسية المشار إليها مع بيان مستواها المالي ومدة الأقدمية الإضافية المقررة لها وذلك طبقاً للقواعد المنصوص عليها في المادتين 5 و6 قرار من الوزير المختص بالتنمية الإدارية بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 58 لسنة 1971 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة" - وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن مفاد هذين النصين أن شهادة الابتدائية القديمة تعادل شهادة الإعدادية - وتقييمهما من الشهادات أقل من المتوسطة، وحدد مستواهما المالي في الفئة 162/ 360 - أما الفئة 180/ 360 فهي لحملة الشهادات الدراسية المتوسطة التي توقف منحها وكانت مدة الدراسة اللازمة للحصول عليها ثلاث سنوات دراسية على الأقل بعد الحصول على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها، وبمعنى آخر فإن شهادة التربية النسوية وهي من الشهادات التي توقف منحها وكانت مدة الدراسة بها ثلاث سنوات إذا لم تكن مسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها تعادل الشهادة الابتدائية القديمة ذاتها ولا تزيد عليها.
ومن حيث إن الوزير المختص بالتنمية الإدارية له وحده دون غيره بيان المؤهلات الدراسية المشار إليها مع بيان مستواها المالي وذلك بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 58 لسنة 1971 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة فقد أصدر القرار رقم 83 لسنة 1975 بتقييم المؤهلات الدراسية نفاذاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 ونصت المادة السابعة من هذا القرار على أن تعتمد الشهادات والمؤهلات الدراسية المتوسطة الآتي ذكرها فيما يلي والتي توقف منحها وكانت مدة الدراسة اللازمة للحصول عليها ثلاث سنوات دراسية على الأقل بعد الحصول على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها للتعيين في وظائف الفئة (180/ 360).. (33) شهادة مدرسة التربية النسوية المسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها". ثم جاءت المادة الثامنة من ذات القرار ونصت على أن "تعتمد الشهادات والمؤهلات الدراسية أقل من المتوسطة (شهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة وشهادة إتمام الدراسة الإعدادية أو ما يعادلها) الآتي ذكرها فيما يلي للتعيين في وظائف الفئة (162/ 360)... (35) شهادة مدرسة التربية النسوية غير المسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها" - وبصدور هذا القرار فقد استعمل الوزير المختص بالتنمية الإدارية اختصاصه الوارد في أحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 بالنسبة لتقييم المؤهلات المتوسطة والأقل من المتوسطة وحدد الفئات المالية لكل منها في الشكل وبالأوضاع التي استلزمها القانون.
ومن حيث إنه بتاريخ 2 من فبراير سنة 1976 أصدر الوزير المختص بالتنمية الإدارية القرار رقم 1 لسنة 1976 بتقييم المؤهلات الدراسية ونص في المادة الثالثة منه على أن "تعتمد الشهادات والمؤهلات الدراسية المتوسطة التي توقف منحها والآتي ذكرها فيما يلي للتعيين في وظائف الفئة 180/ 360... (8) شهادة التربية النسوية - وبتاريخ 22 من مارس سنة 1976 أصدر وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء والمتابعة والتنمية الإدارية قراراً لاحقاً برقم 4 لسنة 1976 سحب بمقتضاه أحكام المادة الثالثة من القرار رقم 1 لسنة 1976 المشار إليه الأمر الذي يجعل تقييم شهادة التربية النسوية الوارد في القرار رقم 1 لسنة 1976 كأن لم يكن.
ومن حيث إنه وبالبناء على ما تقدم يحدد وضع هذا المؤهل على ما كان عليه بالقرار رقم 83 لسنة 1975 ومؤداه التفرقة بين شهادة التربية النسوية الغير مسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها ويعين أصحابها في الفئة المالية 162/ 360 وبين شهادة التربية النسوية المسبوقة بشهادة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها ويعين أصحابها في الفئة المالية 180/ 360، وبالتالي يطبق على الأول أحكام الجدول الرابع المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1975، أما الثانية فيطبق عليها أحكام الجدول الثاني.
ومن حيث إن تحديد وزير التنمية الإدارية للمستوى المالي لهذا المؤهل قد استقر بمقتضى قراره رقم 83 لسنة 1975 فإن شهادة التربية النسوية غير المسبوقة بشهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها هي مؤهل أقل من المتوسط يعين أصحابها في وظائف الفئة 162/ 360 ويعاملون بمقتضى أحكام الجدول الرابع المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1975 - وغنى عن البيان أن شهادة التعليم الأولي أو امتحان القبول أمام مدرسة التربية النسوية لا تعادلان شهادة إتمام الدراسة الابتدائية فليس لهما تقييم مالي صادر من الجهة المنوط بها هذا التقييم في ظل أحكام القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة.
ومن حيث إنه تبعاً لذلك فإن الجهة الإدارية تكون قد طبقت صحيح حكم القانون على المدعية بتسوية حالتها وفقاً لأحكام الجدول الرابع المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1975 باعتبارها من حملة المؤهلات أقل من المتوسطة لحصولها على شهادة التربية النسوية غير المسبوقة بشهادة إتمام الدراسة الابتدائية القديمة أو ما يعادلها، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير هذا النظر - مخالفاً حكم القانون حقيقاً بالإلغاء وتكون الدعوى على غير سند من القانون واجبة الرفض مع إلزام المدعية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة، بقبول الطعنين، شكلاً، وفي موضوعهما، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعية المصروفات.

الطعنان 1134 ، 1558 لسنة 28 ق جلسة 17 / 2 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 93 ص 615

جلسة 17 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي ومحمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وأحمد إبراهيم عبد العزيز - المستشارين.

-----------------

(93)

الطعنان رقما 1134 و1558 لسنة 28 القضائية

مجلس الدولة - أعضاؤه - تحديد أقدمية من يعينون من الخارج.
مفاد نص المادة 85 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، أن تحديد أقدمية من يعينون من خارج المجلس من المسائل الخاضعة لسلطة مجلس الدولة التقديرية مع موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية بلا معقب عليه في هذا الخصوص ما دام أن قراره الصادر في هذا الشأن خلا من عيب إساءة استعمال السلطة - يجوز للمجلس إعمالا للسلطة الجوازية المخولة له تحديد أقدميتهم من تاريخ تعيينهم في الدرجات المماثلة لوظائف مجلس الدولة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 30 من مايو سنة 1982 أودع السيد ( أ ) قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1134 لسنة 28 القضائية طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 605 لسنة 1980 الصادر في 1/ 12/ 1980 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة نائب بمجلس الدولة بترتيب أقدمية سابق على السيد (ب) وما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 3 من أغسطس سنة 1982 أودع السيد ( أ ) قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1558 لسنة 28 القضائية طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 605 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة نائب وما يترتب على ذلك من آثار. وبإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 367 لسنة 1982 فيما تضمنه من عدم تعديل أقدميته وفي وظيفة مندوب بالقرار الجمهوري رقم 416 لسنة 1980 ليكون سابقاً على السيد (ب) في وظيفة نائب بالقرار الجمهوري رقم 605 لسنة 1985 ليكون سابقاً على زميله المذكور وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 605 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة نائب بمجلس الدولة بترتيب أقدمية سابقة على زميله السيد/ (ب) وإلغاء القرار الجمهوري رقم 367 لسنة 1982 فيما تضمنه من عدم تعديل أقدمية الطاعن في وظيفة مندوب بمجلس الدولة ليكون سابقاً على زميله المذكور.
وعين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 6 من يناير سنة 1985 وفيها قررت ضم الطعن رقم 1558 لسنة 28 القضائية إلى الطعن رقم 1134 لسنة 28 ق ليصدر فيهما حكم واحد. وبتلك الجلسة تقرر إصدار الحكم في الطعنين بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن السيد/ الأستاذ الطاعن أقام طعنيه الماثلين طالباً الحكم بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 367 لسنة 1982 فيما تضمنه من عدم تعديل أقدميته في وظيفة مندوب بقرار رئيس الجمهورية رقم 416 لسنة 1980 ليكون سابقاً على زميله السيد/ (ب) وبإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 605 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة نائب بترتيب أقدمية سابق على زميله المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه أنه عين بوظيفة مندوب مساعد بقرار رئيس الجمهورية رقم 416 لسنة 1980 فطعن على هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 67 لسنة 27 القضائية.
وبجلسة 3/ 4/ 1982 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم تعيين الطاعن في وظيفة مندوب بمجلس الدولة وما يترتب على ذلك من آثار.
ولما كان هذا الحكم قد كشف عن مركز في كونه معيناً في وظيفة مندوب اعتباراً من 3/ 8/ 1980 تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 416 لسنة 1980 فمن ثم ينفتح أمامه ميعاد الطعن على قرار رئيس الجمهورية رقم 605 لسنة 1980 فيما تضمنه من عدم ترقيته إلى وظيفة نائب، كما أن هذا الحكم وإن لم يفصل في مسألة ترتيب أقدميته بين زملائه المعينين بالقرار سالف الذكر في وظيفة مندوب إلا أن هذا الحكم أوضح في حيثياته عن أسبقيته عن زملائه ومنهم السيد/ (ب) وبناء عليه تقدم بتظلم لرئيس المجلس بتاريخ 14/ 4/ 1982 غير أنه لم يتلق ما يفيد إجابته إلى تظلمه. وقد صدر بعد ذلك قرار رئيس الجمهورية رقم 367 لسنة 1982 بتعديل أقدمية المدعي في وظيفة مندوب ليكون تالياً للسيد/ (جـ) آخر المعينين في وظيفة مندوب بالقرار رقم 416 لسنة 1980 ورد أقدميته في وظيفة نائب إلى 1/ 10/ 1981 تاريخ موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية على تعيين زملائه في هذه الوظيفة بالقرار الجمهوري رقم 597 لسنة 1981 على أن يكون تالياً في ترتيب الأقدمية للسيد/ (جـ).
ورد مجلس الدولة على الطعنين بأن أمر تحديد أقدمية السيد/ الأستاذ الطاعن عرض على اللجنة الخماسية بجلستها المنعقدة بتاريخ 23/ 5/ 1982 فحددت أقدمية سيادته إعمالاً لسلطتها التقديرية في هذا الشأن وذلك في حدود الضوابط التي نص عليها القانون واعتبارات المصلحة العامة وقد صدر القرار الجمهوري رقم 367 لسنة 1982 بتاريخ 13/ 7/ 1982 متضمناً تعديل أقدمية المدعي في وظيفة مندوب ورد أقدميته في وظيفة نائب إلى 1/ 10/ 1981 تاريخ موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية على تعيين زملائه في هذه الوظيفة وتحديد أقدميته بين زملائه.
ومن حيث إن الطاعن سبق أن أقام الطعن رقم 67 لسنة 27 القضائية أمام المحكمة الإدارية العليا طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 416 لسنة 1980 فيما تضمنه من تعيينه في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وبأحقيته في التعيين بوظيفة مندوب ضمن زملائه الذين عينوا بالمجلس بالقرار الجمهوري سالف الذكر وفي الترتيب المستحق له وفقاً للقواعد التي استنها مجلس الدولة في هذا الشأن.
وبجلسة 3/ 4/ 1982 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم تعيين الطاعن في وظيفة مندوب بمجلس الدولة وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم.
وجاء بأسباب هذا الحكم أن القرار الجمهوري رقم 416 لسنة 1980 الصادر في 3/ 8/ 1980 قد خالف القانون فيما تضمنه من عدم تعيين المدعي في وظيفة مندوب بالمجلس اكتفاء بتعيينه في وظيفة مندوب مساعد ارتكاناً على قرار غير ذي أثر صادر من المدعي ويتعين لذلك الحكم بإلغاء القرار الجمهوري سالف الذكر فيما تضمنه من عدم تعيين المدعي في وظيفة مندوب بمجلس الدولة من 3/ 8/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار ولا يعتبر هذا الحكم قضاء في مسألة ترتيب أقدمية المدعي بين زملائه المعينين بالقرار المذكور في وظيفة مندوب لأن ذلك يخضع للسلطة التقديرية المنصوص عليها في المادة 85 من القانون رقم 47 لسنة 1972 لمجلس الدولة بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية ولا تملك هذه المحكمة إلا سلطة الرقابة القانونية عليها بعد إعمالها في حق المدعي.
ومن حيث إن مؤدى هذا النص أن تحديد أقدمية من يعينون من خارج المجلس من المسائل الخاضعة لسلطة مجلس الدولة التقديرية بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية بلا معقب عليه في هذا الخصوص ما دام أن قراره الصادر في هذا الشأن خلا من عيب إساءة استعمال السلطة. ما لم ير المجلس إعمالاً للسلطة الجوازية المخولة له تحديد أقدميتهم من تاريخ تعيينهم في الدرجات المماثلة لوظائف مجلس الدولة. وهو ما قضى به الحكم الصادر لصالح المدعي في الطعن رقم 67 لسنة 27 القضائية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مجلس الدولة حدد أقدمية المدعي في وظيفة مندوب باعتباره آخر المندوبين المعينين في هذه الوظيفة بمقتضى القرار الجمهوري رقم 605 لسنة 1980 وذلك إعمالاً للسلطة التقديرية المخولة له في المادة 85 من القانون تنفيذاً للحكم الصادر لصالحه في الطعن رقم 67 لسنة 27 القضائية وقد خلت الأوراق مما يفيد أن مجلس الدولة أساء استعمال سلطته عندما حدد أقدمية المدعي على هذا الحكم وتبعاً لذلك يكون طلب المدعي تعديل أقدميته في وظيفة مندوب ليكون سابقاً على زميله السيد/ (ب) وإلغاء القرار الجمهوري رقم 605 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة نائب بترتيب أقدمية سابقة على زميله المذكور على غير سند من أحكام القانون، مما يتعين معه الحكم بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً.

الطعن رقم 12 لسنة 38 ق دستورية عليا "دستورية " جلسة 13 / 5 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر مـن مايو سنة 2023م، الموافق الثالث والعشرين من شوال سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 38 قضائية دستورية، بعد أن أحالت المحكمة التأديبية بالبحيرة، بحكمها الصادر بجلسة 26/ 12/ 2015، ملف الدعوى رقم 100 لسنة 20 قضائية.

المقامة من
النيابة الإدارية
ضد
1 - رأفت عبدالتواب عبد العاطي قناوي
2- عاصــــم سامـــي السيد الصاوي
3- أسامـــة عبدالله علي كريـم

---------------------
" الإجـراءات "
بتاريخ السادس والعشرين من فبراير سنة 2016، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقـم 100 لسنة 20 قضائية، بعد أن قضت المحكمة التأديبية بالبحيرة، بجلسة 26/ 12/ 2015، بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية نصوص المواد (43 و44 و45و47 و48و50) من اللائحة التنفيذية للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 774 لسنة1976، والمادة (46) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

------------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن النيابة الإدارية قدمت كلاً من :1- ...... الصراف بالمعهد الطبي القومي بدمنهور. 2- ..... الطبيب المقيـم بقسم المسـالـك البولية. 3- ...... رئيس قسم المسالك البولية، بالمعهد ذاته، إلى المحكمة التأديبية بالبحيرة، طالبة محاكمتهم عن المخالفات المنسوبة إليهم بتقرير الاتهام. وأثناء تداول الدعوى قدم المحال الثالث مذكرة، دفع فيها ببطلان قرار إحالته للمحكمة التأديبية، لكونه يشغل وظيفة استشاري وهي تعادل وظيفة أستاذ جامعي، وأن إحالته تمت بالمخالفة للمادة (43) من اللائحة التنفيذية للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 774 لسنة 1976. وقد تراءى لمحكمة الموضوع أن نصوص المواد (43 و44 و45و47 و48و50) الواردة في الفصل الرابع المعنون التأديب من تلك اللائحة، بما قررته من عقد الاختصاص إلى مجلس التأديب المنصوص عليه بالمادة (47) منها، بتأديب أعضاء الهيئة السالفة الذكر، تشكل انتقاصًا من الاختصاص المعقود لمجلس الدولة بموجب المادة (190) من الدستور، الذي صار بعد العمل بالدستور الحالي، صاحب الولاية العامة بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية، وبالتالي أصبحت مجالس التأديب تمثل اعتداءً على اختصاص محجوز دستوريًّا للمحاكم التأديبية بمجلس الدولة، كما أن نص المادة (43) من اللائحة ذاتها، وكذلك المادة (46) من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه، يشكلان تعديًّا على اختصاص هيئة النيابة الإدارية المنصوص عليه بالمادة (197) من الدستور، لما يمثلاه من حجب هيئة النيابة الإدارية عن ممارسة اختصاصها بإحالة أعضاء الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية إلى قاضيهم الطبيعي بمجلس الدولة، حال خضوعهم للمساءلة التأديبية، وذلك بالمخالفة لنصوص المواد (94 و96 و97 و184 و185 و186 و187 و190 و197) من الدستور.
وحيث إن المادة (43) من اللائحة التنفيذية للهيئة العامة للمستشفيات التعليمية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية السالف الذكر، قد نصت على أن " تباشر النيابة الإدارية التحقيق فيما ينسب إلى أعضاء الهيئة وذلك بتكليف من رئيس المجلس وتقدم إليه تقريرًا بنتيجة تحقيقها.
ولرئيس المجلس بعد الاطلاع على التقرير أن يحفظ التحقيق أو يأمر بإحالة العضو المحقق معه إلى مجلس التأديب إذا رأى محلاً لذلك أو أن يكتفي بتوقيع عقوبة عليه في حدود ما تقرره المادة (51).
ونصت المادة (44) على أن لرئيس المجلس أن يوقف أي عضو من أعضاء الهيئة عن عمله احتياطيًّا إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك، ويكون الوقف لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر ولا يجوز مدها إلا بقرار من مجلس التأديب.
ويترتب على وقف عضو الهيئة عن عمله وقف صرف ربع مرتبه ابتداء من تاريخ الوقف ما لم يقرر مجلس التأديب صرف كامل المرتب، وإذا لم يرفع الأمر إلى مجلس التأديب خلال شهر من تاريخ الوقف يصرف كامل المرتب إلى أن يقرر المجلس غير ذلك.
وإذا تقرر حفظ التحقيق أو حُكم بالبراءة أو وُقعت عقوبـة التنبيه صـرف ما يكون قد أوقف من المرتب، أما إذا وُقعت عقوبة أشد فيتبع في شأن ما أوقف صرفه من المرتب ما تقرره بشأنه السلطة التي وقعت العقوبة.
ونصت المادة (45) على أن يعلن رئيس المجلس عضو الهيئة المحال إلى مجلس التأديب ببيان التهم الموجهة إليه وصورة من تقرير التحقيق، وذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول قبل الجلسة المعينة للمحاكمة بعشرين يومًا على الأقل.
ونصت المادة (47) على أن تكون مساءلة جميع أعضاء الهيئة أمام مجلس تأديب يشكل من:
(أ) أحد عمداء كليات الطب رئيسًا
(ب) مستشار مجلس الدولة
(ج) أحد الاستشاريين بالهيئة يعينه مجلس إدارة الهيئة سنويًا أعضاء
ومع مراعاة حكم المادة (43) في شأن التحقيق والإحالة إلى مجلس التأديب تسري بالنسبة إلى المساءلة أمام مجلس التأديب القواعد الخاصة بالمحاكمة أمام المحاكم التأديبية المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة.
ونصت (48) على أن تكون جلسات مجلس التأديب سرية.
ويحضر عضو الهيئة أمام المجلس وله أن يقدم دفاعه كتابة، وللمجلس الحق في طلب حضور العضو وإذا لم يحضر جاز الحكم في غيبته بعد التحقق من إعلانه.
ونصت المادة (50) على أن تنقضي الدعوى التأديبية باستقالة العضو وقبول مجلس إدارة الهيئة لها وموافقة رئيس المجلس، وذلك فيما عـدا الحـالات التي نصت عليها القوانين واللوائـح الخاصة بالمخالفـات الماليـة. ولا تأثير للدعوى التأديبية على الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الناشئتين عن ذات الواقعة.
كما تنص المادة (46) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على أنه لا تسري أحكام هذا القانون على الموظفين الذين ينظم التحقيق معهم وتأديبهم قوانين خاصة.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى فى شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن نطاق الدعوى الدستورية وإن تحدد أصلاً بالنصوص القانونية التي أحالتها محكمة الموضوع، إلا أن هذا النطاق يتسع كذلك لتلك النصوص التي ترتبط ارتباطًا عضويًّا بحكم اللزوم العقلي بالنصوص المحالة، والتي يتعذر فصلها عنها، وكان ضمها إليها كافلاً للأغراض التي توختها محكمة الإحالة.
لما كان ما تقدم، وكانت محكمة الموضوع قد أحالت المواد (43 و44 و45و47 و48و50) من اللائحة التنفيذية للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 774 لسنة 1976، على سند من أن تلك النصوص الواردة في الفصل الرابع التأديب من اللائحة السالفة البيان، تشكل في مجموعها نظامًا تأديبيًّا موازيًّا، حلت بمقتضاه بديلاً عن المحاكم التأديبية بمجلس الدولة بالمخالفة لنصوص الدستور، فإن نطاق الدعوى المعروضة يمتد لنصوص المواد (46 و49 و51) من تلك اللائحة، ذلك أن تلك النصوص جميعها تتضمن أحكامًا ترتبط ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة بالتنظيم الشامل الذي وضعه المشرع اللائحي لنظام تأديب أعضاء تلك الهيئة، إذ نصت المادة (46) على أن لعضو الهيئة المحال إلى مجلس التأديب الاطلاع على التحقيقات التي أجريت وذلك في الأيام التي يعينها له رئيس المجلس.
ونصت المادة (49) على أن الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على أعضاء الهيئة هى: (1) التنبيه. (2) اللوم. (3) اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة أو تأخير التعيين في الوظيفة الأعلى أو ما في حكمها لمدة سنتين على الأكثر. (4) العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.
وكل فعل يزري بشرف عضو الهيئة أو من شأنه أن يمس نزاهته أو فيه مخالفة لنص المادة (41) يكون جزاؤه العزل.
كما نصت المادة (51) على أن لرئيس المجلس توقيع عقوبتي التنبيه واللوم المنصوص عليهـمــا في المادة (49) على أعضاء الهيئة الذين يخلون بواجباتهم أو بمقتضيات وظائفهم وذلك بعد سماع أقوالهم وتحقيق دفاعهم ويكون قراره في ذلك مسببًا ونهائيًّا.
وعلى رئيس لجنة إدارة المستشفى التعليمي ومدير المعهد التخصصي أن يبلغ رئيس المجلس بكل ما يقـع مـن أعضـاء الهيئـة من إخلال بواجباتهـم أو بمقتضيات وظائفهم.
لما كان ما تقدم، وكانت المسألة الدستورية المثارة بحكم الإحالة، تتصل بولاية تأديب أعضاء الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، ومن ثم فإن الفصل في دستورية نظام التأديب الوارد بنصوص المواد ( من 43 حتى 51) من اللائحة السالفة الذكر يكون له انعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة فيها، وولاية محكمة الموضوع بالفصل فيها، الأمر الذي تتوافر معه المصلحة في الفصل في دستورية تلك النصوص. ولا ينال من ذلك، إلغاء تلك اللائحة بموجب المادة (104) من قرار رئيس الجمهورية رقم 460 لسنة 2017 بإعادة تنظيم الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية. إذ جرى قضاء هذه المحكمة على أن إلغاء النص التشريعي لا يحول دون النظر والفصل في دستوريته، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية أنها تسري على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين القانونيتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت آثارها في ظل أي من القاعدتين - القديمة والجديدة - تخضع لأحكامها، فما نشأ منها وترتبت آثاره في ظل القاعدة القديمة - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - يظل خاضعًا لها، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره في ظل القاعدة الجديدة، يخضع لتلك القاعدة وحدها، ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى المعروضة تكون متحققة بالنسبة للنصوص المذكورة في النطاق المتقدم.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 69 لسنة 1973 في شأن نظام الباحثين العلميين في المؤسسات العلمية، تنص على أن تسري أحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، على المؤسسات العلمية المحددة بالجدول المرفق وذلك في حدود وطبقًا للقواعد الواردة في المواد التالية.
ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية بعد العرض على مجلس الوزراء إضافة جهات أخرى إلى هذه المؤسسات العلمية بشرط أن تكون الجهات المضافة من العاملة في المجال الذي تختص به الجامعات أو مجال البحث العلمي، وأن تكون أنظمة العاملين في هذه الجهات متفقة مع القواعد الأساسية المقررة لوظائف أعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة لها المنصوص عليها في القانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه.
وتنص المادة (2) من القانون ذاته على أن تصدر بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ما يعرضه الوزير المختص وعلى ما يقترحه المجلس الخاص بالمؤسسة العلمية الخاضعة لأحكام هذا القانون اللائحة التنفيذية لها.
وتشتمل هذه اللائحة على القواعد المنظمة لما يلي:
(أ) الهيكل التنظيمي العام وتحديد المجالس والقيادات المسئولة بما يتناسب مع طبيعة النشاط الذي تختص به المؤسسة.
(ب) القواعد التي تسري على المؤسسة من بين الأحكام الواردة بنصوص القانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه وتحديد السلطات والاختصاصات الواردة بهذه النصوص والمخولة للمجالس والقيادات المسئولة بالمؤسسة العلمية وتوزيعها طبقًا للهيكل التنظيمي لها.
(ج) التسميات الخاصة بالوظائف العلمية في المؤسسة وتعادل وظائفها مع الوظائف الواردة بجدول المرتبات والمكافآت الملحق بالقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه.
وتسري فيما لم يرد فيه نص في هذه اللوائح التنفيذية على شاغلي الوظائف العلمية القواعد الواردة في القانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه، وتسري على غيرهم من العاملين الأحكام المقررة في القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة.
ونصت المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية رقم 1002 لسنة 1975 بإنشاء الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية على أن تنشأ هيئة عامة تسمى الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية تتبع وزير الصحة ويكون مقرها مدينة القاهرة، وتعتبر من المؤسسات العلمية في تطبيق أحكام القانون رقم 69 لسنة 1973 في شأن نظام الباحثين العلميين في المؤسسات العلمية.
كما نصت المادة (13) من القرار ذاته على أن تصدر بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ما يعرضه وزير الصحة وعلى ما يقترحه مجلس إدارة الهيئة اللائحة التنفيذية للهيئة، وتتضمن القواعد المشار إليها في المادة (2) من القانون رقم 69 لسنة 1973 المشار إليه.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، ينص في المادة (109) منه على أن تكون مساءلة جميع أعضاء هيئة التدريس أمام مجلس تأديب يشكل من .................
ومع مراعاة حكم المادة (105) في شأن التحقيق والإحالة إلى مجلس التأديب تسري بالنسبة إلى المساءلة أمام مجلس التأديب القواعد الخاصة بالمحاكمة أمام المحاكم التأديبية المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة.
وحيث إن مفاد النصوص التشريعية المتقدم بيانها، أن تقرير الاختصاص بتأديب الباحثين العلميين في المؤسسات العلمية - ومنهم شاغلو الوظائف العلمية بالهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية - قد حدده القانون رقم 69 لسنة 1973 السالف البيان، الذي أحال بالفقرة الأخيرة من المادة (2) منه، إلى القواعد الواردة في قانون تنظيم الجامعات المار ذكره، فيما لم يرد به نص في اللائحة التنفيذية للهيئة المشار إليها، والتي ناط بها تفصيل القواعد المنظمة للمسائل التي حددتها البنود (أ، ب ، ج) من المادة (2) من القانون رقم 69 لسنة 1973، المار بيانه، دون غيرها، وإذ خلت هذه البنود من إسناد تنظيم المساءلة التأديبية لشاغلي الوظائف العلمية بتلك الهيئة إلى لائحتها التنفيذية، فإن مؤدى ذلك أن يكون تأديبهم موسدًا إلى قانون تنظيم الجامعات المحال إليه، وليس إلى أداة تشريعية أدنى منه. ولا يعزب عن النظر، أن دستور سنة 1971 - الذي صدرت اللائحة التنفيذية المحال نصوصها خلال العمل بأحكامه - وإن نص في مادته (146) على أن يصدر رئيس الجمهورية القرارات اللازمة لإنشاء وتنظيم المرافق والمصالح العامة؛ إلا أنه في الأحوال التي يتساند فيها إنشاء المرافق والمصالح العامة إلى قانون يتضمن تنظيمًا لتأديب العاملين بالمرفق، فإن هذه الولاية تضحى اختصاصًا استئثاريًّا محجوزًا للقانون، تلتزمه ولا تخرج عليه الأعمال التشريعية الصادرة من رئيس الجمهورية لتنفيذ ذلك القانون - أيًّا كانت طبيعتها ومضمونها - إعمالاً منها لحكم المادة (144) من دستور 1971.
وحيث إنه من المقرر - على ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - أن التحقق من استيفاء النصوص القانونية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، ذلك أن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية هي من مقوماتها، لا تقوم إلا بها، ولا يكتمل بنيانها أصلاً في غيابها، وبالتالي تفقد بتخلفها وجودها كقاعدة قانونية تتوافـر لهـا خاصية الإلزام.
ولا كذلك عيوبها الموضوعية، إذ يفترض بحثها - ومناطها مخالفة النصوص القانونية المطعون عليها لقاعدة في الدستور من زاوية محتواها أو مضمونها - أن تكـون هـذه النصوص مستوفية لأوضاعهـا الشكلية، ذلك أن المطاعـن الشكلية - وبالنظر إلى طبيعتها - لا يتصور أن يكون تحريها وقوفًا على حقيقتها، تاليًا للنظر في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على المحكمة الدستورية العليا أن تتقصاها - من تلقاء نفسها - بلوغًا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها منحصرًا في المطاعن الموضوعية دون سواها، منصرفًا إليها وحدها، ولا يحول قضاء هذه المحكمة برفض المطاعن الشكلية دون إثارة مناع موضوعية يُدَّعى قيامها بهذه النصوص ذاتها، وذلك خلافًا للطعون الموضوعية، ومن ثم يكون الفصل في التعارض المدعى به بين نص قانوني ومضمون قاعدة في الدستور، بمثابة قضاء ضمني باستيفاء النص المطعون فيه للأوضاع الشكلية التي يتطلبها الدستور فيه ومانعًا من العودة لبحثها.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية - سواء في ذلك المتعلقة بالشروط التي يفرضها الدستور لمباشرة الاختصاص بإصدارها في غيبة السلطة التشريعية أو بتفويض منها أو ما كان منها متعلقًا باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها حال انعقاد السلطة التشريعية - إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها.
متى كان ذلك، وكانت النصوص المحالة، والنصوص التي امتد إليها نطاق الدعوى المعروضة، قد وردت باللائحة التنفيذية للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 774 لسنة 1976، وعُمل بها من تاريخ نشرها، ومن ثم فإن التحقق من استيفاء هذه النصوص للأوضاع الشكلية المتطلبة لإقرارها يكون على ضوء دستور 1971، المعمول به في تاريخ صدورها.
وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في اللوائح التنفيذية التي تصـدر وفقًا لنص المـادة (144) مـن دستور 1971، أنها تُفصّل ما ورد إجمالاً في نصوص القانون، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وأن الغرض من صدور اللائحة التنفيذية للقانون يتعين أن ينحصر في إتمام القانون، أي وضع القواعد والتفاصيل اللازمة لتنفيذه مع الإبقاء على حدوده الأصلية بلا أدنى مساس، ودون أن تنطوي على تعديل أو إلغاء لأحكامه، أو أن تضيف إليه أحكامًا تبعده عن روح التشريع، فيجاوز بذلك مُصدرها الاختصاص الدستوري المخول له متعديًا على السلطة التشريعية. كما أن من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساسًا على إعمال القوانين وتنفيذها، غير أنه استثناء من هذا الأصل وتحقيقًا لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها في حالات محددة بأعمال تدخل في نطاق الأعمال التشريعية، من ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة (144) من دستور 1971 على أن يصدر رئيس الجمهوريـة اللوائح اللازمـة لتنفيـذ القوانيـن، بما ليس فيه تعديـل أو تعطيل لهـا أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها، ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه. ومن ثم لا يدخل في اختصاصها ذلك توليها ابتداء تنظيم مسائل خلا القانون من بيان الإطار العام الذي يحكمها، وإلا كان ذلك تشريعًا لأحكام جديدة لا يمكن إسنادها إلى القانون، وليست تفصيلاً لأحكام أوردها المشرع في القانون إجمالاً، بما يخرج اللائحة - عندئذ - عن الحدود التي عينها الدستور.
لما كان ما تقدم، وكانت المادة (2) من القانون رقم 69 لسنة 1973 السالفة الذكر، قد فوضت رئيس الجمهورية في إصدار اللوائح التنفيذية للمؤسسات العلمية، وحددت للقرار الجمهوري الموضوعات التي يضع القواعد المنظمة لها في تلك اللائحة، ولم يكن تأديب شاغلي الوظائف العلمية بتلك المؤسسات من بينها - بحسبانه من الموضوعات التي يتعين أن يكون القانون أداة تنظيمها بحسب الأصل، على نحو ما سلف - فمن ثم فإن النصوص المتعلقة بتأديب أعضاء الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، الواردة باللائحة التنفيذية لتلك الهيئة والصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 774 لسنة 1976 - والمحددة نطاقًا على ما سلف بيانه - تكون قد صدرت مجاوزة حدود التفويض الممنوح لها، إذ إنها لم تفصل أحكامًا أوردها المشرع إجمالاً في القانون رقم 69 لسنة 1973 السالف الذكر، وإنما استحدثت نصوصًا جديدة لا يمكن إسنادها إلى ذلك القانون، خارجة عن الحدود التي رسمتها المادة (144) من دستور 1971 للوائح التنفيذية، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستوريتها.
وحيث إنه عن النعي على نص المادة (46) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية السالف الذكر من تعدٍ على اختصاص هيئة النيابة الإدارية المنصوص عليه بالمادة (197) من الدستور القائم، فلما كانت المحكمة قد انتهت إلى عدم دستورية نصوص المواد المنظمة للتأديب الواردة باللائحة التنفيذية للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية على النحو السالف الذكر، وخضوع شاغلي الوظائف العلمية بالهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد العلمية في شأن مساءلتهم تأديبيًا إلى قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 الذى خلت نصوصه من خضوع المخاطبين بأحكامه لولاية النيابة الإدارية. ومن ثم، فإن إبطال نص قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المشار إليه، لن يكون له انعكاس على الطلبات في الدعوى الموضوعية. الأمر الذي تنتفي معه المصلحة في الطعن عليه، ولزامه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نصوص المواد (43 و44 و45 و46 و47 و48 و49 و50 و51) من اللائحة التنفيذية للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 774 لسنة 1976.

الطعن 431 لسنة 31 ق جلسة 5 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 107 ص 797

جلسة 5 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

----------------

(107)
الطعن رقم 431 لسنة 31 القضائية

(أ) حكم. "بيانات الحكم". بطلان.
الترتيب الوارد في المادة 349 من قانون المرافعات بشأن بيانات الحكم. ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به البطلان. جواز إيراد الأدلة الواقعية والحجج القانونية في ثنايا أسباب الحكم.
(ب) عقد. "فسخ العقد". "إعذار". التزام. "التنفيذ العيني". تعويض.
لا ضرورة للإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن وغير مجد بفعل المدين. اعتبار الحكم الأخطاء الفنية التي وقع فيها المقاول مما لا يمكن تداركه. لا محل لإعذار المدين بالتنفيذ العيني.
(ج) كفالة. "الكفالة التضامنية". "التزام الكفيل المتضامن". "نطاقه".
فقد الكفيل المتضامن بعض المزايا المقررة للكفيل العادي التي لا تتفق مع فكرة التضامن. التزام الكفيل المتضامن التزام تابع يتحدد نطاقه بموضوع الالتزام في وقت عقد الكفالة.

---------------
1 - الترتيب الوارد في المادة 349 من قانون المرافعات بشأن البيانات التي يجب أن تدون في الحكم - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به البطلان، فيجوز أن تورد المحكمة الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم التي تكفلت بالرد عليها.
2 - لا ضرورة للإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن وغير مجد بفعل المدين، وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الأخطاء الفنية التي وقع فيها المقاول مما لا يمكن تداركه فإن مفاد ذلك أن الالتزام المترتب على عقد المقاولة قد أصبح غير ممكن تنفيذه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفسخ العقد وبالتعويض دون سبق إعذار المدين بالتنفيذ العيني لا يكون قد خالف القانون.
3 - الكفيل المتضامن وإن كان يفقد بعض المزايا المقررة للكفيل العادي والتي لا تتفق أساساً مع فكرة التضامن، إلا أنه يظل ملتزماً التزاماً تابعاً يتحدد نطاقه - طبقاً للقواعد العامة - بموضوع الالتزام الأصلي في الوقت الذي عقدت فيه الكفالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 2873 سنة 1957 مدني كلي القاهرة على الطاعن والمطعون ضده الثاني قالت فيها إنه بمقتضى عقد مقاولة مؤرخ 6/ 8/ 1956 تعهد المطعون ضده الثاني بضمان وتضامن الطاعن ببناء منزل على قطعة أرض مملوكة لها وذلك طبقاً للشروط والمواصفات المبينة في العقد، وتسلم منها في مقابل ذلك مبلغ 1500 ج، وإذ لم يقم المقاول بتنفيذ هذه الشروط فقد أقامت ضده الدعوى رقم 1950 سنة 1957 مستعجل القاهرة بطلب إثبات الحالة وندبت المحكمة خبيراً انتهى في تقريره إلى أن الأعمال التي أتمها المطعون ضده الثاني غير مطابقة للأصول الفنية وأن قيمتها لا تتجاوز 580 ج. واستطردت المطعون ضدها الأولى تقول بأنها أنذرت الطاعن والمطعون ضده الثاني بتاريخ 18/ 5/ 1957 بسداد مبلغ 1557 ج و500 م من ذلك مبلغ 920 ج الباقي في ذمتهما ومبلغ 657 ج على سبيل التعويض، وأنه إزاء امتناعهما عن الوفاء، فقد طلبت في الدعوى الحالية الحكم بفسخ عقد المقاولة وبإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني بأن يدفعا لها متضامنين مبلغ 1557 ج و500 م وبتاريخ 5/ 12/ 1959 حكمت المحكمة الابتدائية بفسخ عقد المقاولة وبإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضدها الأولى مبلغ 1031 ج و642 م. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 228 سنة 77 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضده الثاني بالاستئناف رقم 174 سنة 77 ق القاهرة، وأمرت المحكمة بضم الاستئنافين وحكمت فيهما بجلسة 20/ 11/ 1961 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 20/ 12/ 1961، وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 22/ 2/ 1966 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل الأول منها في أن الحكم المطعون فيه جاء باطلاً لعدم استيفائه البيانات التي أوجبتها المادة 349 من قانون المرافعات، ويقول الطاعن في بيان ذلك إنه تمسك في مذكرته المقدمة بجلسة 21/ 3/ 1961 بأوجه دفاع جديدة وحجج قانونية غير التي وردت في صحيفة الاستئناف أشار فيها إلى أن عبارة الضمان الواردة بملحق العقد غير واضحة المعنى بما يقتضي تطبيق قواعد التفسير المقررة في القانون بشأنها، وأنه بفرض صحة هذا الضمان فإنه قاصر على الأعمال المبينة بهذا الملحق، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يشر في أسبابه إلى هذه المذكرة وما تضمنته من دفاع، ففوت بذلك عليه المصلحة التي قصد إليها الشارع من إيجاب أن يذكر في الحكم خلاصة ما استند إليه الخصوم من الأدلة الواقعية والحجج القانونية، وفي هذا ما يجعل الحكم باطلاً وفقاً للمادتين 25، 349 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان الحكم المطعون فيه لم يشر في تقريراته الواقعية إلى مذكرة الطاعن المقدمة بجلسة 21/ 3/ 1961 أمام محكمة الاستئناف، إلا أنه عرض في أسبابه إلى الخلاف القائم بين الطرفين بشأن تفسير عبارة الضمان الواردة بالملحق الثاني من عقد المقاولة، وخلص إلى اعتبار الطاعن ضامناً متضامناً مع المطعون ضده الثاني قبل المطعون ضدها الأولى، مستنداً في ذلك إلى أسباب ألمت بوجوه دفاع الطاعن في هذا الخصوص والرد عليها. ولما كان الترتيب الوارد في المادة 349 من قانون المرافعات بشأن البيانات التي يجب أن تدون في الحكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به البطلان، فيجوز أن تورد المحكمة الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم التي تكفلت بالرد عليها، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد شابه البطلان.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في الأوجه الثلاثة الأولى من السبب الثاني وفي الوجه الأول من السبب الثالث مخالفة القانون والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك في مذكرته المقدمة بجلسة 21/ 3/ 1961 أمام محكمة الاستئناف أن عبارة الضمان الواردة بملحق عقد المقاولة من أن المهندس (الطاعن) يعتبر ضامناً للمالكة (المطعون ضدها الأولى) والمقاول (المطعون ضده الثاني) هي عبارة غير واضحة المعنى ولا تكشف عن إرادة الطرفين لأنه إن صح اعتبار الطاعن بوصفه نائباً عن المالكة في تنفيذ التزاماتها المترتبة على عقد المقاولة - ضامناً لها فإنه لا يتصور أن يكون في الوقت ذاته ضامناً للمقاول في تنفيذ التزاماته قبل المالكية، وأن عدم وضوح هذه العبارة كان يقتضي استجلاء لقصد الطرفين بشأنها - تطبيق قواعد التفسير الواردة في المادة 150 من القانون المدني، وأنه بفرض اعتبار الطاعن ضامناً متضامناً مع المقاول قبل المالكة، فإن مسئوليته ما كانت لترد إلا على الأعمال الإضافية المشار إليها في الملحق الثاني من العقد الذي ذيلت به عبارة الضمان، دون الأعمال المبينة بالعقد الأصلي، هذا إلى أن الملحق المذكور قد جعل التزام المقاول بالأعمال المترتبة عليه معلقاً على شرط إخطاره من المالكة في ظرف ثلاثين يوماً من تاريخ العقد، وإذ لم يتم هذا الإخطار في الميعاد فقد أصبح التزام المقاول غير قائم، مما يستتبع حتماً اعتبار التزام الطاعن غير قائم، ولكن الحكم المطعون فيه لم يتناول بالبحث هذا الدفاع - وأخذ بالمعنى الحرفي لعبارة الضمان ولم يستبن منها إلا الجزء الخاص بضمان المهندس للمقاول دون أن يستوعب العبارة بأكملها، وأطلق الحكم هذا التفسير على العقد جميعه فاعتبر الطاعن ضامناً متضامناً مع المقاول في كافة شروطه ولم يقصر مسئوليته على الأعمال الواردة بملحق العقد، كما أغفل الحكم شرط الإخطار واعتبر الالتزام نافذاً بدونه.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما يأتي: "وحيث إنه عن الاستئناف رقم 128 سنة 77 ق القاهرة، فأسباب الاستئناف تدور كلها حول ضمانة تضامن المستأنف (الطاعن) للمقاول فبالاطلاع على عقد الاتفاق المؤرخ 6/ 8/ 1956 تبين أنه مكون من عقد يحتوي على ثلاث ورقات وملحق محرر مع العقد وفي تاريخه، وفي نهايته هذه العبارة "وهذا العقد يتبع في المسئولية القانونية المدة التي أقرها قانون الدولة، والمهندس (الطاعن) يعتبر ضامناً متضامناً عن المقاول والمالك، ويستفاد من ذلك بأنه اتفق على أن يكون المستأنف (الطاعن) ضامناً مع المقاول والمالك في جميع ما جاء بشروط العقد، فإن أخل المقاول بما التزم به من شروط العقد فهو ضامن متضامن معه في مسئولية هذا الإخلال، وإذا أخلت المالكة فهو ضامن متضامن معها في المسئولية، وقد تبين أن أحدهما وهو المقاول قد أخل بالتزاماته فيكون المستأنف (الطاعن) ضامناً متضامناً معه في هذا الإخلال، ولا يكون في هذا المجال اتحاد ذمة لأن الإخلال وقع من جانب واحد كما أن العقد وملحقه هما وحدة اتفاق، فإذا فسخ العقد وهو الأصل فسخ الملحق وقد سبق بيانه أن ضمانة تضامن المستأنف (الطاعن) جاء بعد العبارة الأخيرة من الملحق التي ذكر فيها كلمتي "وهذا العقد" فيستفاد من ذلك أن ضمانة تضامن المستأنف (الطاعن) كان عن جميع ما ورد بشروط العقد وملحقه". ولما كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود والمحررات بما تراه أوفى لمقصود المتعاقدين، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بما تفيده ظاهر عبارة الضمان الواردة في ملحق العقد، واعتبر لأسباب مقبولة عقلاً أن الطاعن ضامن متضامن مع المطعون ضده الثاني قبل المطعون ضدها الأولى في تنفيذ كافة الأعمال الواردة في عقد المقاولة وملحقه، وكانت هذه الأسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، فإنه بذلك يكون قد التزم حدود القانون في تفسير العقود، لما كان ذلك، وكان مقتضى ما قرره الحكم - من أن فسخ عقد المقاولة الأصلي يترتب عليه فسخ الاتفاق الملحق به - هو عدم الاعتداد بهذا الملحق وما تضمنه من شرط إخطار المالكة للمقاول بالقيام بالأعمال الإضافية المبينة به في ظرف ثلاثين يوماً من تاريخ التوقيع على العقد، لما كان ما تقدم، فإن هذا النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الرابع من السبب الثاني والوجه الثاني من السبب الثالث مخالفة القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 21/ 3/ 1961 بأنه بفرض اعتباره ملزماً بالتضامن مع المقاول، فقد كان على المالكة (المطعون ضدها الأولى) إعذاره لتنفيذ التزاماته عيناً طبقاً للمادة 157/ 1 مدني قبل أن تلجأ إلى فسخ العقد، ولكن الحكم المطعون فيه قضى بالفسخ دون سبق إعذاره بالتنفيذ العيني، أما الإنذار المشار إليه بأسباب الحكم والموجه من المطعون ضدها الأولى إلى الطاعن فقد كان بشأن مطالبتها بدفع المبلغ الذي قدره خبير إثبات الحالة ولم يكن موضوعه المطالبة بالتنفيذ العيني. وأضاف الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه بوصفه كفيلاً متضامناً تسري عليه الأحكام الخاصة بالمدينين المتضامنين، فلا تجوز مساءلته إلا عن فعله وبعد إعذاره شخصياً، ولكن الحكم المطعون فيه اعتبره مسئولاً في تنفيذ الالتزام عن فعل المقاول خلافاً لما تقضي به المادة 293 مدني.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه لا ضرورة للإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الأخطاء الفنية التي وقع فيها المقاول مما لا يمكن تداركها، وذلك استناداً إلى ما قرره من: "إن النقص في كمية الحديد التي قدرها المهندس في الميدة والأعمدة والأعمال المعيبة في صب رؤوس الآبار والسملات تضر بحالة البناء ولا يمكن الاطمئنان معها إلى تحمل الأساس ضغط الأدوار التي كان مفروضاً أن تتحملها طبقاً للرسومات وقد يدعو البناء إلى الانهيار كما وأن المقاول خرج بالبناء عن خط التنظيم وأن مهندس تنظيم قسم الجمالية أمر بأخذ التعهد الكتابي اللازم على المستأنف عليها (المطعون ضدها الأولى) بنقل الميدة البارزة عن خط التنظيم المعتمد بمقدار 30 سم وذلك بنقلها إلى الداخل" وكان هذا الذي قرره الحكم يفيد أن الالتزام المترتب على عقد المقاولة قد أصبح غير ممكن تنفيذه عيناً، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بفسخ العقد وبالتعويض دون سبق إعذار الطاعن بالتنفيذ العيني - لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور في التسبيب. والنعي مردود في شقه الثاني بأن الكفيل المتضامن وإن كان يفقد بعض المزايا المقررة للكفيل العادي والتي لا تتفق أساساً مع فكرة التضامن، إلا أنه يظل - على أي حال - ملزماً التزاماً تابعاً يتحدد نطاقه - طبقاً للقواعد العامة - بموضوع الالتزام الأصلي في الوقت الذي عقدت فيه الكفالة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بمساءلة الطاعن قبل المطعون ضدها الأولى عن إخلال المقاول بتنفيذ التزاماته باعتبار الطاعن كفيلاً متضامناً مع المقاول في التزاماته المترتبة على المقاولة في الوقت الذي عقدت فيه بتاريخ 6/ 8/ 1956 فإنه لا يكون قد خالف القانون، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.