جلسة 23 من فبراير سنة 1985
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.
--------------------
(97)
الطعن رقم 973 لسنة 25 القضائية
1 - دعوى - دعوى الإلغاء - قبولها - التظلم قبل رفع الدعوى.
التنظيم المقرر بموجب المادتين 15، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1983 للتظلم من قرارات الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم لم يوجب على وجه الإلزام هذا التظلم قبل رفع الدعوى بطلب إلغاء القرار - المستفاد من هذا القانون أن قرار الجهة الإدارية المذكورة هو قرار نهائي - الطعن أمام القضاء ينصب على هذا القرار وليس على قرار لجنة التظلمات أو اللجنة الاستئنافية - أثر ذلك - سقوط الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم نهائية القرار - تطبيق.
2 - تراخيص - ترخيص البناء - الهدف منه.
القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء - ترخيص البناء في حقيقته إنما يستهدف أصلاً مطابقة مشروع البناء وتصميمه لأحكام واشتراطات تنظيم المباني ومخططات المدن وما يقترن بذلك من الأصول والقواعد الفنية - لا ينال الترخيص من حقوق ذوي الشأن المتعلقة بالملكية والتي لم يشرع الترخيص لإثباتها أو إقرارها - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 23 من يونيه سنة 1979 أودع الأستاذ عبد السميع عوض المحامي عن الأستاذ/ محمد السيد المغربي المحامي بصفته وكيلاً عن ورثة المرحوم حسن إبراهيم سردينه وهم محمود حسن سردينه وعبد الفتاح حسن سردينه، ومحمد حسن سردينه، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 973 لسنة 25 القضائية ضد:
1 - محمد إبراهيم عبد المجيد.
2 - نجيه أحمد محمد إبراهيم.
3 - أحمد محمد إبراهيم (خصم متدخل منضماً للمطعون ضدهما).
4 - محافظة الإسكندرية.
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 6 من يونيه سنة 1979 في الدعوى رقم 389 لسنة 32 القضائية الذي قضى بقبول تدخل كل من محمود عبد الفتاح ومحمد حسن سردينه خصوماً منضمين إلى الإدارة وبقبول تدخل أحمد محمد إبراهيم خصماً منضماً إلى المدعين وبإلغاء قرار محافظ الإسكندرية الصادر في 14 من فبراير سنة 1978 بوقف ترخيص البناء رقم 501 لسنة 1977 ورقم 526 لسنة 1977 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة بالمصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لعدم نهائية القرار المطعون فيه وبعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة واحتياطياً بوقف الدعوى إلى حين الفصل في النزاع المدني في الدعاوى أرقام 1080 لسنة 1976، 2710، 2791 لسنة 1974، مع إلزام المطعون ضدهم في جميع الأحوال بالمصروفات.
وأعلن تقرير الطعن على الوجه الموضح بالأوراق وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7 من ديسمبر سنة 1981 ثم قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره جلسة 9 من يناير سنة 1982 حيث نظرته المحكمة على الوجه المبين بمحاضرها، وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 20/ 3/ 1978 أقام محمد إبراهيم عبد المجيد ونجيه أحمد محمد إبراهيم الدعوى رقم 389 لسنة 32 القضائية ضد:
1 - محافظ الإسكندرية.
2 - رئيس حي شرق الإسكندرية.
3 - مراقب عام حي شرق الإسكندرية.
4 - وزير الإسكان والتعمير.
وطلبات الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من محافظ الإسكندرية في 14/ 2/ 1978 بوقف ترخيصي البناء الصادرين لهما من حي شرق الإسكندرية برقم 501 لسنة 1977 ورقم 526 لسنة 1977 وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجاء في بيان الدعوى أنهما مستحكران لقطعة أرض مساحتها 577.17 م2 بجهة المندرة البحرية بطريق الجيش رقم 764 - تنظيم قسم المنتزه - من هيئة الأوقاف المالكة لها، وقد حصلا على ترخيصين من حي شرق الإسكندرية لإقامة مبان على هذه الأرض. الأول برقم 501 لسنة 1977 باسم المدعي الأول والثاني برقم 526 لسنة 1977 باسم أحمد محمد إبراهيم والد المدعية الثانية ووكيلها. وبناء على هذين الترخيصين حصل كل منهما على المواد التموينية اللازمة للبناء، وبعد أن شرعا في البناء بالفعل تقدمت عائلة سردينه التي تدعي ملكيتها للأرض بشكوى إلى حي شرق تطلب فيها وقف المباني بدعوى أن هناك مشروع إنشاء شارع يخترق أرض المدعيين وقامت لجنة من التنظيم بمعاينة الأرض وتبين لها تعذر إنشاء هذا الطريق وصرح للمدعيين بإتمام البناء، خاصة وأنه تم استبدال الحكر بموجب العقد المسجل برقم 4543/ 1977 شهر عقاري الإسكندرية وأصبح المدعيان بمقتضاه مالكين للأرض موضوع الترخيص، كما شكلت لجنة أخرى لبحث النزاع القائم على الملكية انتهت إلى أن المدعيين يمتلكان الأرض بموجب عقد صحيح وأن ترخيص البناء الصادر لهما سليم ولا يجوز للحي وقف البناء بدعوى وجود نزاع على الملكية بين هيئة الأوقاف وعائلة سردينه طالما لم يصدر حكم قطعي في هذا النزاع إلا أنه على أثر ما أفتى به مجلس الدولة من أنه من الملائم استمرار وقف الترخيص بالبناء على قطعة الأرض سالفة الذكر حتى يفصل نهائياً في النزاع المطروح على القضاء حول ملكية الأرض فقد أصدر محافظ الإسكندرية القرار المطعون فيه بتاريخ 14/ 2/ 1978 بوقف ترخيص البناء الصادرين لهما ونعى المدعيان على هذا القرار أنه خالف القانون وألحق بهما ضرراً بالغاً مما يخولهما طلب وقف تنفيذه وإلغائه.
وبجلسة التحضير المنعقدة في 25/ 5/ 1978 حضر الأستاذ محمد المغربي المحامي عن محمود وعبد الفتاح ومحمد حسن سردينه وطلب قبول تدخلهم تدخلاً انضمامياً إلى جهة الإدارة بوصفهم ملاكاً لقطعة الأرض الصادر بشأنها القرار المطعون فيه وبجلسة 8/ 6/ 1978 "تحضير" طلب اعتبار تدخلهم هجومياً كما طلب أصلياً عدم قبول الدعوى استناداً إلى عدم نهائية القرار المطعون فيه لعدم سلوك سبيل التظلم إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة رقم 15 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء قبل رفع الدعوى واحتياطياً وقف الدعوى لحين الفصل في النزاع المثار حول الملكية في الدعاوى أرقام 1080 لسنة 1976، 2710، 2791 لسنة 1974 مدني كلي الإسكندرية، إذ أن عائلة سردينه طالبي التدخل كانت تمتلك الأرض ثم قامت في عام 1934 بتأجيرها إلى الدكتور أحمد النقيب لإقامة "شاليه" عليها وقد قام ورثته بالتنازل عن عقد الإيجار إلى المدعين عام 1972 إلا أن هيئة الأوقاف ادعت ملكيتها للأرض وقامت باستبدالها إلى المدعيين بموجب العقد المشهر برقم 4543 لسنة 1977 شهر عقاري الإسكندرية وقد انتهى تقرير الخبير المنتدب في الدعوى المدنية إلى أن الأرض موضوع النزاع مملوكة لعائلة سردينه دون هيئة الأوقاف ومن ثم فإن تصرف الهيئة فيها بالبيع يكون تصرفاً من غير مالك ولا يسري عقدها بالتالي في حق المالك الأصلي، فضلاً عن أن المباني التي يزمع المدعيان أقامتها تسد شارعاً في التقسيم العرفي الذي أجرته عائلة سردينه لتلك الأرض. وأثناء نظر الدعوى دفع الحاضر عن طالبي التدخل بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعية الثانية لأن الترخيص رقم 526 لسنة 1977 لم يصدر باسمها وإنما باسم والدها أحمد محمد إبراهيم كما طلب الأخير قبول تدخله خصماً منضماً إلى المدعيين. وبجلسة 6 من ديسمبر 1978 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه تأسيساً على عدم توافر ركن الاستعجال في الطلب. وبجلسة 6 من يونيه سنة 1979 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذي قضى بقبول تدخل كل من محمود وعبد الفتاح ومحمد حسن سردينه خصوماً منضمين إلى الإدارة وبقبول تدخل أحمد محمد إبراهيم خصماً منضماً إلى المدعيين وبإلغاء قرار محافظ الإسكندرية الصادر في 14 من فبراير سنة 1978 بوقف ترخيصي البناء رقم 501/ 1977، رقم 526 لسنة 1977 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات. وأقامت قضاءها في طلب التدخل المبدى من محمود وعبد الفتاح ومحمد حسن سردينه على أن هذا التدخل هو في حقيقته تدخل انضمامي إلى الجهة الإدارية المدعى عليها إذ يهدف طالبو التدخل إلى المحافظة على الحقوق التي يدعونها باعتبارهم ملاكاً لأرض النزاع عن طريق تأييد الجهة الإدارية فيما اتجهت إليه من وقف ترخيصي البناء الصادرين للمدعيين ومن ثم فإن مصلحتهم تبدو ظاهرة في التدخل كخصوم منضمين إلى الإدارة في طلب رفض الدعوى وبالنسبة إلى طلب التدخل المبدى من أحمد محمد إبراهيم لقبوله خصماً منضماً إلى المدعيين، ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن مصلحته هو الآخر تبدو ظاهرة في التدخل كخصم منضم إلى المدعيين في طلب إلغاء القرار المطعون فيه باعتبار أن أحد الترخيصين الصادر في شأنهما هذا القرار قد صدر باسمه، وأسس الحكم قضاءه في الدفعين المتعلقين بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بالنسبة إلى المدعية الثانية ولعدم نهائية القرار المطعون فيه وفقاً لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 على حجية الحكم السابق صدوره في طلب وقف التنفيذ بقبول الدعوى شكلاً وما يتضمنه من قضاء قطعي ونهائي بالنسبة لما فصل فيه من مسائل فرعية تتعلق بأوضاع الدعوى الشكلية، وأضاف الحكم أن هذين الدفعين لا سند لهما من القانون، لأن للمدعية مصلحة شخصية ومباشرة قد مسها القرار المطعون فيه بوصفها مستحكرة للأرض وهو ما يكفي لقبول الدعوى، وليس من شأن عدم التظلم من القرار المطعون فيه وفقاً للمادة 15 من القانون رقم 106/ 1976 التأثير على نهائية هذا القرار أو ما يستتبع عدم قبول الدعوى - ثم تطرق الحكم المطعون فيه إلى الموضوع وذهب إلى أن المستفاد من المادة العاشرة من القانون رقم 106/ 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء أن القانون لا يستلزم في طلب رخصة البناء أن يكون موقعاً عليه من مالك الأرض التي ينصب عليها الطلب ما دام أن الترخيص يصرف على مسئولية مقدمه ولا يمس بحال حقوق ذوي الشأن المتعلقة بالأرض، وإذا كان هذا لا يغل يد جهة الإدارة عن رفض الترخيص ابتداء أو إلغاء ترخيص سبق لها منحه إذا ما ثبت لها أن طالب الترخيص أو صاحبه يتجرد من حق البناء على الأرض ويرجح عليه حق آخر أولى بالرعاية والتفضيل وأحق منه بالترخيص، إلا أنه لا يسوغ لجهة الإدارة على ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أن تبادر إلى إلغاء ترخيص بناء سبق لها إصداره بذريعة أن هناك اعتراضاً أمام جهة الترخيص بعدم إصداره، طالما أن عقد الملكية قائم ولم يصدر بإبطاله حكم من القضاء المدني صاحب الولاية ولم يرسخ للمعترض حق ثابت بتناقص مع هذا الترخيص ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الطعن بني على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وحاصل أسبابه:
أولاً: أنه من المسلم به في فقه القانون وأحكام القضاء أن التدخل في الدعوى إما أن يكون هجوميا أو انضمامياً، والتدخل الهجومي يجعل من طالبه خصماً أصلياً في الدعوى وبهذه الصفة فإنه يدعي لنفسه حقاً يطلب الحكم له به ولا يغير من هذه الصفة أن يكون الأثر المترتب على الحكم في طلباته منطوياً على ما يهدف إلى تحقيق الخصم الأصلي من رفع الدعوى.
ولما كان الطاعنون أصحاب مصلحة حقيقة في إلغاء قراري الترخيص المطعون فيهما باعتبارهم الملاك الحقيقيين للأرض التي صدر بشأنها هذين الترخيصين فإن أثر الحكم لا ينصرف إليهم فحسب بل ينطوي على مساس بملكيتهم الثابتة لتلك الأرض وبالتالي فهم ليسوا كما ذهب الحكم المطعون فيه خطأ ممن يقوم بهم وصف الخصوم المنضمين إلى الحكومة بل هم خصوم أصليون في النزاع وبهذه الصفة تقدموا بالعديد من الدفوع التي أغفلت المحكمة الرد عليها رغم أنها تنهي النزاع أمام القضاء الإداري.
ثانياً: أخطأ الحكم المطعون فيه إذ سكت عن التصدي للدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لعدم نهائية قراري الترخيص المطعون فيهما ذلك أن المادتين 15، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 أوضحتا سبيل التظلم من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، والمادة 19 حددت مدلول "النهائية" ومعناها بالنسبة إلى تلك القرارات بما يتعين معه الرجوع إلى أحكام هذا القانون في هذا الصدد دون سواه باعتباره قانون خاص فإذا لم يسلك صاحب الشأن سبيل اللجوء إلى اللجنتين المنصوص عليهما في المادتين سالفتي البيان انحسرت صفة النهائية عن القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وبالتالي امتنع على صاحب الشأن اللجوء إلى القضاء طعناً على القرار تأسيساً على أن اختصاص القضاء الإداري بالنسبة إلى الطعون التي ترفع بطلب إلغاء القرارات الإدارية قاصر طبقاً لصريح نص المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة على القرارات الإدارية النهائية دون سواها. ولا يغير من هذا النظر ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن قضاء المحكمة في طلب وقف التنفيذ حاز الحجية في هذا الخصوص، ذلك أن هذا القضاء فضلاً عن أنه لم يتناول الرد على ما أثير حول نهائية ذلك القرار، فإنه قد تصدى لبحث قرار لا يدخل أصلاً في ولاية القضاء الإداري لأن مجال التظلم منه أو النعي عليه منوط باللجنتين المنصوص عليهما في المادة 15، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه.
ثالثاً: أنه لما كان الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة هو من الدفوع الموضوعية التي ينعكس أثرها وجوباً على موضوع الحق ذاته، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الثانية لا صفة لها في الدعوى حيث لم يصدر أي ترخيص باسمها ومن ثم فإنها لا تعد بحال طرفاً في دعوى الإلغاء ويترتب على ذلك أن المطعون ضده الثالث لا يجوز قبول تدخله كخصم منضم لأن التدخل الانضمامي لا يكون إلا لمؤازرة خصم أصيل في الدعوى في طلباته خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
رابعاً: أن الطاعنين أثاروا أمام المحكمة المطعون في حكمها وقائع كان يتعين تمحيصها، وأهم هذه الوقائع وأظهرها ما يتعلق بملكية المطعون ضدهم للأرض التي صدر بشأنها الترخيصان المطعون عليهما وسند هذه الملكية، فعقد الملكية الذي تقدموا به للحصول على ترخيص البناء مطعون عليه بالتزوير وما زالت النيابة العامة تجري التحقيق في هذا الشأن كما أن ملكيتهم المدعاة لتلك الأرض ما زالت بدورها موضوع نزاع جدي أمام المحاكم الابتدائية في الدعاوى أرقام 1080 لسنة 1976، 2710، 1791 لسنة 1974 مدني كلي إسكندرية والتي قدم فيها الخبير المنتدب تقريره مؤيداً لحق الطاعنين في ملكية الأرض، وكان حريا بالمحكمة المطعون في حكمها مع هذه الوقائع أن توقف الدعوى إلى حين الفصل في النزاع المدني وفي الأمر الجنائي المتعلق بتزوير عقد ملكية المطعون ضدهما الأول والثانية.
ومن حيث إنه عن سبب الطعن الأول المتعلق باعتبار تدخل الطاعنين في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تدخلاً هجومياً وليس تدخلاً انضمامياً لجهة الإدارة كما ذهب الحكم المطعون فيه، فإن الفيصل في ذلك هو نص المادة 126 من قانون المرافعات التي تجري على أنه "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً لنفسه بطلب مرتبط الدعوى...." ولما كانت الدعوى المنظورة غايتها إلغاء القرار الصادر من محافظ الإسكندرية في 14/ 2/ 1978 بوقف ترخيصي البناء الصادرين من حي شرق الإسكندرية برقم 501، ورقم 526 لسنة 1977 لكي يتسنى للمدعيين إتمام البناء الصادر به هذان الترخيصان، وكان ورثة المرحوم حسن إبراهيم سردينه - الطاعنون - قد تدخلوا في هذه الدعوى طالبين الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى بشقيها واحتياطياً بوقف الفصل فيها حتى يبت القضاء المدني في الدعاوى التي أقاموها بشأن ملكيتهم للأرض الصادر بشأنها الترخيصان المذكوران ومن ثم يكون هؤلاء قد استهدفوا في الواقع بتدخلهم تأييد الخصم مصدر القرار المطعون فيه وهو جهة الإدارة بما يجعل تدخلهم في الدعوى تدخلاً انضمامياً لهذه الجهة، وليس تدخلاً هجومياً بالمعنى المقصود في القانون وعلى ذلك يغدو سبب الطعن المتعلق بذلك في غير محله.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى السبب الثاني الخاص بالدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سلوك سبيل التظلم من القرار المطعون فيه على نحو ما هو متبع بالنسبة للتظلم من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم طبقاً للمادتين 15، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء فإنه ولئن كانت إثارة هذا الدفع جائزة أمام هذه المحكمة رغم سابقة صدور حكم القضاء الإداري بالإسكندرية في الشق العاجل من الدعوى بقبولها شكلاً ولو لم يطعن فيه وذلك بحسبان أنه لا يصح أن يتغاير الحكم في مسألة أساسية مشتركة بين وجهي الخصومة المستعجل والموضوعي هي مسألة قبول الدعوى بما لا محل معه للاستناد إلى نهائية الحكم الصادر في الجانب المستعجل لغل يد المحكمة الإدارية العليا - وهي خاتمة المطاف في نظام التدرج القضائي لمحاكم مجلس الدولة - عن إعمال ولايتها في التعقيب على الحكم المطعون فيه إلا أنه في صدد هذه المنازعة لا وجه للدفع بعدم القبول المثار في الطعن بناء على أحكام المادتين 15، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل تعديلات القانون رقم 30 لسنة 1983 فقد سبق لهذه المحكمة أن قضت في الطعنين رقمي 2167 لسنة 27 ق، 834 لسنة 30 ق بجلسة 26 من يناير سنة 1985 بأن التنظيم المقرر بموجب هاتين المادتين للتظلم من قرارات الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم لم يوجب على وجه الإلزام هذا التظلم قبل رفع الدعوى بطلب إلغاء القرار وأن المستفاد من أحكام هذا القانون أن قرار الجهة الإدارية المذكور هو قرار نهائي بمعنى قابليته للتنفيذ فور صدوره والطعن أمام القضاء الإداري انصب على هذا القرار ذاته وليس على قرار لجنة التظلمات أو اللجنة الاستئنافية، وبناء على ذلك يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم نهائية القرار المطعون فيه غير سديد.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالسبب الثالث المبنى على عدم توفر شرط الصفة المتطلب لقبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثانية نجية أحمد محمد إبراهيم وما يترتب على ذلك من عدم جواز تدخل المطعون ضده الثالث خصماً منضماً في الدعوى إليها. فإن هذا الدفع بدوره غير صائب لما هو ثابت من الأوراق من أن المطعون ضدها المذكورة صاحبة شأن بالنسبة للأرض الصادر بشأنها الترخيصان موضوع القرار محل الطعن باعتبارها أحد أطراف عقد الاستبدال المشهر برقم 4543 في 29/ 9/ 1977 المتعلق بهذه الأرض وهو ما يكفي لتحقق صفتها ومصلحتها في الطعن على قرار وقف الترخيصين المشار إليهما على الرغم من عدم صدورهما باسمها.
ومن حيث إنه عن السبب الرابع المستند إلى منازعة الطاعنين في ملكية الأرض محل الترخيصين وأيضاً في سند ملكية المطعون ضدهم لها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه لهذا السبب لا أساس له من القانون وذلك أخذاً بالأسباب التي ساقها الحكم في هذا الصدد، يضاف إليها أن المؤدى الواضح لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 وعلى نحو ما سبق أن قضت هذه المحكمة في الطعن رقم 318 لسنة 27 القضائية بجلسة 14 من يناير سنة 1984 هو أن ترخيص البناء في حقيقته إنما يستهدف أصلاً مطابقة مشروع البناء وتصميمه لأحكام واشتراطات تنظيم المباني ومخططات المدن وما يقترن بذلك من الأصول والقواعد الفنية ولا ينال من حقوق ذوي الشأن المتعلقة بالملكية والتي لم يشرع الترخيص لإثباتها أو إقرارها.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في تأويل وتطبيق حكم القانون ومن ثم يضحى الطعن المقام بشأنه ولا وجه له حقيقاً بالرفض وإلزام الطاعنين من ثم المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين بالمصروفات.