الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 مايو 2023

الطعن 347 لسنة 31 ق جلسة 1 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 67 ص 486

جلسة أول مارس سنة 1966

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: اميل جبران، وأحمد حسن هيكل، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

--------------

(67)
الطعن رقم 347 لسنة 31 القضائية

(أ) استئناف "الخصوم في الاستئناف". تجزئة. بطلان.
اختصام رئيس مكتب الشهر العقاري ليصدر الحكم في مواجهته دون توجيه طلبات إليه بالذات. عدم اعتباره خصماً حقيقياً في النزاع. بطلان الاستئناف بالنسبة له لا يتعداه إلى باقي الخصوم ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة.
(ب) بيع. دعوى. "دعوى صحة ونفاذ العقد". "نطاق الدعوى". تسجيل. صورية.
دعوى صحة ونفاذ العقد دعوى موضوعية. وتستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها. مقتضى ذلك أن يفصل القاضي في أمر صحة العقد. اتساع نطاق الدعوى لبحث كل ما يتعلق بوجود العقد أو انعدامه أو بصحته أو بطلانه وكذلك صوريته صورية مطلقة.
(ج) دعوى. "دعوى صحة العقد". صورية. قوة الأمر المقضي. إثبات.
القضاء السابق بصحة العقد يتضمن حتماً أنه عقد غير صوري وصحيح ومن شأنه نقل الملكية. اكتسابه قوة الأمر المقضي مانع للخصوم من العودة للمناقشة في هذه المسألة التي فصل فيها في دعوى تالية ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى.
(د) تسجيل. "المفاضلة بين محررات مشهرة في يوم واحد". "أثر تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد". دعوى.
السابق واللاحق في التسجيل يتعين حتماً - إن تما في يوم واحد - بأسبقية رقم التسجيل في دفتر الشهر. ملكية العقار لا تنتقل إلى المشتري إلا بتسجيل عقد البيع أو بتسجيل الحكم النهائي بإثبات التعاقد أو التأشير به على هامش تسجيل صحيفة الدعوى. الحق الذي قرره الحكم ينسحب إلى تاريخ تسجيل العريضة إذا كان قد تأشر بهذا الحكم دون أن يتأثر بتصرفات البائع المشهرة اللاحقة لهذا التاريخ.

---------------
1 - إذا كان الثابت أن الطاعن لم يختصم المطعون عليه الثالث وهو رئيس مكتب الشهر العقاري إلا ليصدر الحكم في مواجهته بشطب التسجيلات الموقعة على العين موضوع الدعوى دون أن يوجه إليه طلبات بالذات وكان مقتضى ذلك أن المطعون عليه الثالث لم يكن خصماً حقيقياً في النزاع وأن الدعوى تصح بغير اختصامه، فإن بطلان الاستئناف بالنسبة له لا يتعداه إلى الطاعن وباقي المطعون عليهم ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة.
2 - جرى قضاء محكمة النقض على أن دعوى صحة ونفاذ العقد دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه، وهي تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها، وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة العقد، ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب تتعلق بوجود العقد أو انعدامه أو بصحته أو بطلانه ومنها أنه صوري صورية مطلقة إذ من شأن هذه الصورية لو صحت أن يعتبر العقد ولا وجود له قانوناً فتحول دون الحكم بصحته ونفاذه (1).
3 - القضاء السابق بصحة العقد يتضمن حتماً أنه غير صوري وصحيح ومن شأنه نقل الملكية ومتى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأية دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها (2).
4 - إذ تقضي المواد 25 و28 و31 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري بأن كلاً من طلبات التسجيل ومشروعات المحررات والمحررات تثبت في دفاتر تعد لذلك بمأموريات ومكاتب الشهر العقاري حسب تواريخ وساعات تقديمها فإن في ذلك ما يفيد أن السابق واللاحق في التسجيل يتعين حتماً - إن تما في يوم واحد - بأسبقية رقم التسجيل في دفتر الشهر (3). وقد عنى المشرع بوضع هذا النظام ولم يترك الأمر فيه لمحض الصدفة نظراً لما يترتب على أسبقية التسجيل من أثر في المفاضلة بين المتنازعين على ملكية عقار واحد، ذلك أن مؤدى نصوص المواد 9 و15 و17 من القانون المذكور أن ملكية العقار لا تنتقل من البائع إلى المشتري إلا بتسجيل عقد البيع أو بتسجيل الحكم النهائي بإثبات التعاقد أو بالتأشير بذلك الحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى إذا كانت قد سجلت. وتسجيل هذه الصحيفة يحفظ لرافعها حقوقه من تاريخ حصوله حتى إذا ما حكم له بطلباته فإن الحق الذي قرره الحكم ينسحب إلى تاريخ تسجيل العريضة إذا كان قد تأشر بهذا الحكم طبقاً للقانون دون أن يتأثر بما يصدر من البائع من تصرفات أشهرت بعد هذا التاريخ (4).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 565 سنة 1956 كلي طنطا ضد المرحوم عباس إبراهيم الشيخ مورث الفريق الأول من المطعون عليهم وضد المطعون عليه الثاني وفي مواجهة المطعون عليه الثالث يطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى 17 ط و18 س الموضحة الحدود بصحيفة الدعوى وتسليم هذا القدر وشطب جميع التسجيلات الموقعة عليه، وبطلان عقد البيع المؤرخ أول يناير سنة 1953 الصادر من محمد عثمان إلى المرحوم عباس إبراهيم الشيخ - وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 7/ 3/ 1954 باعه المطعون عليه الثاني مصطفى إسماعيل أحمد قطعة أرض زراعية مساحتها 18 ط ظهر من عملية المساحة أنها 17 ط و18 س مقابل ثمن أداه له قدره 241 ج، وأنه رفع الدعوى رقم 344 سنة 1954 مدني السنطة بصحة هذا العقد وسجل صحيفة دعواه في 5/ 4/ 1954 برقم 2623 - وانتهت هذه الدعوى صلحاً وصدقت المحكمة على عقد الصلح وقام بشهر الحكم. وأضاف الطاعن أن المرحوم عباس إبراهيم الشيخ مورث الفريق الأول من المطعون عليهم حصل من محمد عثمان وكيل المطعون عليه الثاني بعد عزله من الوكالة على عقد بيع 1 ف 11 ط 20 س يدخل فيها القدر المبيع إلى الطاعن وأن هذا المورث رفع الدعوى رقم 263 سنة 1954 كلي طنطا بصحة ونفاذ عقده وسجل صحيفتها في نفس اليوم الذي سجل فيه الطاعن صحيفة دعواه ثم استصدار حكماً بصحة التعاقد الصادر إليه، وإذ كانت الملكية قد خلصت للطاعن بشهر الحكم فضلاً عن أن عقد البيع الصادر لمورث الفريق الأول من المطعون عليهم باطل لصوريته المطلقة ولصدوره من شخص لم تكن له صفة الوكالة وقت التعاقد فقد أقام الطاعن الدعوى الحالية للحكم له بطلباته. وتوفى المرحوم عباس إبراهيم الشيخ أثناء سير الدعوى وبعد أن حكم بانقطاع سير الخصومة عجلت الدعوى في مواجهة ورثته وهم الفريق الأول من المطعون عليهم - دفع الورثة الطلب الخاص ببطلان عقد البيع الصادر لمورثهم بعدم جواز نظره لسبق الفصل فيه في القضية رقم 263 سنة 1954 كلي طنطا تأسيساً على أن الطاعن كان قد تدخل خصماً ثالثاً في هذه الدعوى التي رفعها مورثهم بصحة ونفاذ عقده وطلب فيها بطلان هذا البيع لصدوره من وكيل المطعون عليه الثاني بعد عزله من الوكالة، ثم صدر الحكم بصحة ونفاذ هذا العقد وصار نهائياً بعدم استئنافه فتكون لهذا الحكم حجيته في مواجهة الطاعن، وفي الموضوع طلب الورثة رفض الدعوى لأن مورثهم كان أسبق في تسجيل صحيفة دعواه بصحة التعاقد إذ سجلها في يوم 5/ 4/ 1954 برقم 2622 بينما سجل الطاعن صحيفة دعواه برقم 2623 في نفس اليوم فيكون عقد الورثة مفضلاً على عقد الطاعن. وبتاريخ 22/ 12/ 1959 حكمت المحكمة برفض الدفع وتثبيت ملكية الطاعنة إلى 17 ط 18 س الموضحة الحدود بصحيفة الدعوى مع التسليم وشطب التسجيلات الموقعة عليها وذلك في مواجهة المطعون عليه الثالث. استأنف الفريق الأول من المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 138 سنة 10 ق طنطا طالبين الحكم بإلغائه ورفض الدعوى كما رفع الطاعن استئنافاً فرعياً قيد برقم 70 سنة 11 ق طنطا طالباً الحكم ببطلان عقد البيع الصادر لمورث الفريق الأول من المطعون عليهم لصوريته صورية مطلقة. دفع الطاعن ببطلان الاستئناف الأصلي لعدم قيام المستأنفين - الفريق الأول من المطعون عليهم - بإعلانه إلى المستأنف عليه الثالث - المطعون عليه الثالث - خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديم عريضة الاستئناف إلى قلم الكتاب ولأن أثر هذا البطلان يمتد إلى باقي المستأنف عليهم - الطاعن والمطعون عليه الثاني - لعدم قابلية موضوع الدعوى للتجزئة. ومحكمة الاستئناف قضت في 30/ 5/ 1961 ببطلان الاستئناف بالنسبة للمستأنف عليه الثالث - المطعون عليه الثالث - وبرفض الدفع ببطلان الاستئناف بالنسبة للمستأنف عليهما الأول والثاني - الطاعن والمطعون عليه الثاني - وبقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه الأول - الطاعن - بتثبيت ملكيته إلى القدر المتنازع عليه وبرفض الاستئناف الفرعي، وضمنت المحكمة أسباب حكمها القضاء بقبول الدفع بعدم جواز نظر الطلب الخاص ببطلان عقد البيع المؤرخ 1/ 2/ 1953 الصادر لمورث الفريق الأول من المطعون عليهم. وفي 27/ 6/ 1961 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 12/ 1/ 1965، وفيها صممت النيابة العامة على رأيها الذي ضمنته مذكرتها بطلب رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون إذ قضى ببطلان الاستئناف بالنسبة للمطعون عيه الثالث وحده لعدم إعلانه به خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديم العريضة إلى قلم الكتاب، في حين أن الحكم الابتدائي تضمن قضاء غير قابل للتجزئة وهو الخاص بشطب التسجيلات الموقعة على العين المتنازع عليها وكان يتعين لذلك أن يمتد أثر البطلان إلى باقي المستأنف عليهم - الطاعن والمطعون عليه الثاني - وإن كان سبب البطلان لا علاقة له بهم.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من تقريرات الحكم المطعون فيه أن المستأنف عليه الثالث - المطعون عليه الثالث - هو وحده الذي لم يعلن بالاستئناف إعلاناً صحيحاً خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديم عريضة الاستئناف إلى قلم الكتاب طبقاً لما كانت توجبه المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات التي رفع الاستئناف في ظلها، ولما كان الثابت أن الطاعن أقام دعواه ضد مورث الفريق الأول من المطعون عليهم وضد المطعون عليه الثاني للحكم بتثبيت ملكيته إلى 17 ط و18 س وبطلان عقد البيع الصادر إلى المورث ولم يختصم المطعون عليه الثالث وهو رئيس مكتب الشهر العقاري بطنطا إلا ليصدر الحكم في مواجهته بشطب التسجيلات الموقعة على هذه العين دون أن يوجه إليه طلبات بالذات، وكان مقتضى ذلك أن المطعون عليه الثالث لم يكن خصماً حقيقياً في النزاع وأن الدعوى تصح بغير اختصامه، لما كان ذلك، فإن بطلان الاستئناف بالنسبة للمطعون عليه الثالث لا يتعداه إلى الطاعن والمطعون عليه الثاني ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر - فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ قبل الدفع بعدم جواز نظر طلب البطلان لسابقة الفصل فيه بالدعوى رقم 263 سنة 1954 كلي طنطا التي رفعها مورث الفريق الأول من المطعون عليهم بصحة ونفاذ عقده، في حين أن الحكم الصادر في تلك الدعوى لم يفصل في ملكية العين موضوع النزاع بل ترك الفصل في المفاضلة بين العقد الصادر لمورث هؤلاء المطعون عليهم وعقد الطاعن إلى دعوى الملكية التي يرفعها أحد الطرفين على الآخر، فضلاً عن أن الطاعن طلب في الدعوى الحالية بطلان عقد المورث لصوريته وهو سبب جديد لم يكن معروضاً على المحكمة في الدعوى رقم 263 سنة 1954 كلي طنطا ولا يحول الحكم فيها دون طلب البطلان لهذا السبب الجديد في الدعوى الحالية.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الحكم الصادر في الدعوى الأولى رقم 263 سنة 1954 كلي طنطا التي تدخل فيها الطاعن قد حسم النزاع بينه وبين مورث الفريق الأول من المطعون عليهم في خصوص صحة البيع المؤرخ 1/ 1/ 1953 وقضى بصحته ونفاذه، وكانت دعوى صحة ونفاذ العقد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه، وهي تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها، وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة العقد ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب تتعلق بوجود العقد أو انعدامه وبصحته أو بطلانه، ومنها أنه صوري صورية مطلقة إذ من شأن هذه الصورية لو صحت أن يعتبر العقد ولا وجود له قانوناً فتحول دون الحكم بصحته ونفاذه؛ لما كان ذلك، فإن الحكم السابق - وهو حكم نهائي يحوز قوة الأمر المقضي في شأن صحة العقد - يمنع الخصوم أنفسهم من التنازع في هذه المسألة بالدعوى الحالية، ولا يغير من ذلك ما قاله الطاعن من أن الحكم السابق ترك الفصل في المفاضلة بين العقدين إلى دعوى تثبيت الملكية التي يرفعها أحد الطرفين على الآخر أو أن طلب البطلان في الدعوى الثانية يستند إلى سبب جديد هو صورية العقد، ذلك أن القضاء السابق بصحة العقد يتضمن حتماً أنه عقد غير صوري وصحيح ومن شأنه نقل الملكية، ولا يعدو أن يكون هذا القول من الطاعن من الأدلة الواقعية والحجج القانونية وهو وارد على ذات المسألة السابق الفصل فيها فلا يحوز قانوناً النظر فيه إذ أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأية دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه حجية الحكم السابق وقضى بقبول الدفع بعدم جواز الطلب الخاص ببطلان العقد المؤرخ 1/ 1/ 1953 الصادر لمورث الفريق الأول من المطعون عليهم لسبق الفصل فيه، فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن حاصل السبب الثالث خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون ذلك أنه قضى برفض دعوى الطاعن بتثبيت ملكيته إلى 17 ط و18 س تأسيساً على أن مورث الفريق الأول من المطعون عليهم كان أسبق في تسجيل صحيفة دعواه وأن الورثة قاموا بشهر الحكم الصادر فيها فتكون الملكية قد انتقلت إليهم ومن قبلهم إلى المورث منذ تاريخ تسجيل العريضة، في حين أن كلاً من المورث والطاعن قد سجل صحيفة دعواه في يوم واحد فيتعين أن تكون الأفضلية للأسبق في تسجيل الحكم وهو الطاعن لأنه وقد سجل الحكم الصادر له بصحة التعاقد فقد خلصت له الملكية بالنسبة للقدر الذي اشتراه ولم يبق هناك محل يقع عليه تسجيل الحكم الصادر للمورث.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المواد 25 و28 و31 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري الذي يحكم شهر التصرفات موضوع الدعوى إذ تقضي بأن كلاً من طلبات التسجيل ومشروعات المحررات والمحررات تثبت في دفاتر تعد لذلك بمأموريات ومكاتب الشهر العقاري على حسب تواريخ وساعات تقديمها فإن في ذلك ما يفيد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن السابق واللاحق في التسجيل يتعين حتماً بأسبقية الرقم في دفتر الشهر. وقد عنى المشرع بوضع هذا النظام ولم يترك الأمر فيه لمحض الصدفة نظراً لما يترتب على أسبقية التسجيل من أثر في المفاضلة بين المتنازعين على ملكية عقار واحد - ذلك أن مؤدى نصوص المواد 9 و15 و17 من هذا القانون أن ملكية العقار لا تنتقل من البائع إلى المشتري إلا بتسجيل عقد البيع أو بتسجيل الحكم النهائي بإثبات التعاقد أو بالتأشير بذلك الحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى إذا كانت قد سجلت، وتسجيل هذه الصحيفة يحفظ لرافعها حقوقه من تاريخ حصوله بحيث إنه متى حكم له بطلباته فإن الحق الذي قرره الحكم ينسحب إلى يوم تسجيل العريضة إذا كان قد تأشر بهذا الحكم طبقاً للقانون دون أن يتأثر بما يصدر من البائع من تصرفات أشهرت بعد هذا التاريخ، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجعل الأفضلية لعقد مورث الفريق الأول من المطعون عليهم لأنه كان أسبق في تسجيل صحيفة دعواه، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.


(1) راجع نقض 13 مايو سنة 1965 مجموعة المكتب الفني س 15 ص 577.
(2) راجع نقض 13/ 5/ 1965 مجموعة المكتب الفني لسنة 15 ص 577.
(3) راجع نقض مدني 15/ 5/ 1958 مجموعة المكتب الفني س 9 ص 494.
(4) وراجع نقض 15/ 2/ 1966 مجموعة المكتب الفني س 17 ص 295 في الطعن رقم 213 لسنة 31 ق.

الطعن 50 لسنة 32 ق جلسة 24 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 65 ص 467

جلسة 24 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.

---------------

(65)
الطعن رقم 50 لسنة 32 القضائية

(أ) دعوى. "الطلبات في الدعوى". "تعديل الطلبات".
للخصوم تعديل طلباتهم أثناء نظر الدعوى أو في مذكراتهم أثناء حجز القضية للحكم متى رخصت لهم المحكمة بتقديم المذكرات إلى أجل معين لما ينته بعد واطلع عليها الخصم وعلم بها. امتناع التعديل بعد قفل باب المرافعة الشفوية أو الكتابية. اعتباره مقفولاً بانتهاء الأجل المحدد لتقديم المذكرات.
(ب) التماس إعادة النظر. "أحواله".
الغش - كسبب للالتماس - هو الذي يقع ممن حكم لصالحه في الدعوى بناء عليه. يجب ألا تكون الوقائع المدعى بها سبق عرضها ومناقشتها أمام محكمة الموضوع.
(ج) التماس إعادة النظر. "أحواله".
الادعاء بمخالفة الحكم لائحة الرسوم وأحكام قانون الإصلاح الزراعي لا يصلح سبباً للالتماس.

----------------
1 - للخصوم أن يعدلوا طلباتهم أثناء نظر الدعوى وكذلك في مذكراتهم أثناء حجز القضية للحكم متى كانت المحكمة قد رخصت بتقديم مذكرات في أجل معين ولما ينته هذا الأجل وكان الخصم المقدم ضده الطلبات قد اطلع عليها وعلم بها إذ لا يمتنع على الخصوم تعديل الطلبات إلا بعد قفل باب المرافعة - شفوية كانت أو كتابية - وهو لا يعد مقفولاً في حالة الترخيص للخصوم بتقديم مذكرات في فترة حجز القضية للحكم إلا بانتهاء الأجل الذي حددته المحكمة لتقديم المذكرات فيه.
2 - الغش الذي يبنى عليه الالتماس طبقاً للمادة 417 من قانون المرافعات هو الذي يقع ممن حكم لصالحه في الدعوى بناء عليه ولم يتح للمحكمة أن تتحرز عند أخذها به بسبب عدم قيام المحكوم عليه بدحضه وتنويرها في حقيقة شأنه لجهله به أي أنه يشترط لتوافر الغش الذي يجيز الالتماس أن لا تكون الوقائع المدعى بها سبق عرضها ومناقشتها أمام محكمة الموضوع. فإذا كان الثابت بالحكم أن الكشف الرسمي قوام الغش المدعى به قد سبق تقديمه من المطعون ضده في مواجهة الطاعن أمام محكمة الموضوع قبل إصدار حكمها الملتمس فيه وأن الطاعن قد عرض لهذا المستند وقام بمناقشته وكان العدول عن تعديل الطلبات لا يعتبر غشاً متى تم وفقاً للقانون فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم وقوع غش من المطعون عليه أثر في الحكم لم يخالف القانون.
3 - الادعاء بمخالفة الحكم لائحة الرسوم وأحكام قانون الإصلاح الزراعي لا يصلح سبباً لالتماس إعادة النظر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن وآخرين الدعوى رقم 265 سنة 1957 كلي بنها طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي الصادر له من الطاعن والمؤرخ 16 من ديسمبر سنة 1953 بالنسبة لخمسة أفدنة شيوعاً في خمسة عشر فداناً المبينة بالعريضة لقاء ثمن مقداره 350 ج للفدان الواحد - وأثناء سير الدعوى قرر الطاعن الادعاء بتزوير عقد البيع المذكور وبعد أن قامت المحكمة بتحقيق شواهد التزوير التي قبلتها قضت في 6 من مايو سنة 1959 برفض الادعاء بالتزوير وبصحة ونفاذ عقد البيع المشار إليه فاستأنف الطاعن هذا الحكم - بالاستئناف رقم 1004 سنة 76 ق أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء له برد وبطلان عقد البيع المدعي بتزويره وبرفض دعوى المطعون ضده - وبتاريخ 27 من فبراير سنة 1960 قضت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن بكافة طرق الإثبات ما يدعيه من تزوير العقد ولينفي المطعون ضده ذلك بذات الطرق - وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين أمرت باستجواب المطعون ضده وحددت لذلك جلسة 16 من إبريل سنة 1961 - وإذ قدم المطعون ضده في تلك الجلسة كشفاً رسمياً بما يملكه في البلدة التي تقع بها أطيان النزاع فقد عدلت المحكمة عن الاستجواب لما رأته من أن الدعوى لم تعد في حاجة إليه بعد تقديم هذا المستند كما عدل المطعون ضده طلباته في تلك الجلسة إلى صحة توقيع البائع له على عقد البيع موضوع الدعوى وقد قررت المحكمة حجز القضية للحكم لأربعة أسابيع وصرحت للطرفين بتبادل المذكرات في ثلاثة أسابيع والمدة مناصفة فقدم المطعون ضده مذكرته في الميعاد الممنوح له مؤشراً عليها من خصمه بما يفيد اطلاعه عليها وفيها عاد المطعون ضده إلى طلب القضاء له بطلباته الأصلية التي كان قد أبداها أمام محكمة أول درجة - وبتاريخ 14 من مايو سنة 1961 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف - فرفع الطاعن عن هذا الحكم التماساً قيد برقم 1485 سنة 78 ق أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً قبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم الملتمس فيه والحكم برد وبطلان العقد المؤرخ 16 من ديسمبر سنة 1953 مع إلزام الملتمس ضده بالمصروفات - وبنى التماسه على سببين - الأول - أن محكمة الاستئناف قضت للملتمس ضده بأكثر من طلباته ذلك أنه طلب في جلسة المرافعة الختامية القضاء له بصحة توقيع البائع على العقد موضوع الدعوى غير أن المحكمة قضت بصحة ونفاذ العقد المذكور - والثاني - أن المطعون ضده أدخل الغش على المحكمة واستعمل طرقاً احتيالية كان من شأنها تضليل المحكمة وإيقاعها في الخطأ - وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1961 قضت المحكمة بقبول الالتماس شكلاً وبعدم جواز قبول التماس إعادة النظر في الحكم الصادر في القضية رقم 1004 سنة 76 ق استئناف القاهرة وألزمت المتلمس "الطاعن" بغرامة قدرها أربعة جنيهات والمصروفات - فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على هذه الدائرة بجلسة 3 من فبراير سنة 1966 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وهو رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك أنه قضى بعدم جواز الالتماس مع أنه جائز لأن الحكم موضوع الالتماس قضى للمطعون ضده بأكثر مما طلبه ومما استقرت عليه أوضاع النزاع في جلسة المرافعة الختامية إذ أن المطعون ضده عدل طلباته في تلك الجلسة إلى طلب صحة توقيع البائع على عقد البيع موضوع الدعوى وقد قررت المحكمة حجز القضية للحكم لأربعة أسابيع ورخصت للخصوم في تقديم مذكرات في الثلاثة أسابيع الأولى وجعلت المدة مناصفة إلا أن المطعون ضده قدم مذكرة عاد فيها إلى طلباته الأصلية التي أبداها أمام محكمة أول درجة وهي الحكم بصحة التعاقد فقبلت محكمة الاستئناف هذه الطلبات المعدلة وقضت بها قولاً منها بأن التقرير بحجز الدعوى للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات هو استمرار للمرافعة فيها حتى ينتهي الأجل المضروب لتقديم المذكرات من الطرفين في الخصومة وما دام الأجل المحدد لتقديم المذكرات لم ينقض فإن لذي الشأن في الخصومة أن يعدل طلباته - ويرى الطاعن أن ما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص غير صحيح في القانون ذلك أن ترخيص المحكمة للخصوم في تقديم مذكرات في الأجل الذي حجزت فيه القضية للحكم لا يجيز لأي من الخصمين أن يستغل هذه الرخصة ليفاجئ خصمه بطلبات جديدة بعد أن تهيأت القضية للحكم فيها وإذ كان المطعون ضده قد عدل طلباته في مذكرته التي قدمها في فترة حجز القضية للحكم وقضت محكمة الاستئناف له بحكمها الملتمس فيه بالطلبات المعدلة فإنها تكون قد حكمت له بأكثر مما طلب ويكون ذلك الالتماس جائزاً هذا إلى أن قضاء الحكم المطعون فيه يتعارض مع لائحة الرسوم إذ كان على المطعون ضده أن يدفع رسوماً جديدة إن أراد الرجوع إلى طلباته الأصلية ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى بعدم جواز الالتماس فقد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بعدم قبول هذا الوجه من وجهي الالتماس إلى أن التصريح بتقديم مذكرات في ميعاد معين يبيح لأي الخصمين أن يعدل طلباته وما دام أن المطعون ضده قد عاد في مذكرته التي قدمها - في الميعاد المحدد له - إلى طلباته الأصلية وأشر الطاعن على هذه المذكرة بتسلمها فإن المحكمة الاستئنافية إذ أجابت المطعون ضده إلى هذه الطلبات لا تكون قد حكمت له بأكثر مما طلب - وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أن للخصوم أن يعدلوا طلباتهم أثناء نظر الدعوى وكذلك في مذكراتهم أثناء حجز القضية للحكم متى كانت المحكمة قد رخصت بتقديم مذكرات في أجل معين ولما ينته هذا الأجل وكان الخصم المقدمة ضده الطلبات قد اطلع عليها وعلم بها إذ لا يمتنع على الخصوم تعديل طلباتهم إلا بعد قفل باب المرافعة ولا يعد باب المرافعة مقفولاً في حالة الترخيص للخصوم بتقديم مذكرات في فترة حجز القضية للحكم إلا بانتهاء الأجل الذي حددته المحكمة للخصم ليقدم مذكرته فيه لأنه لا يقفل إلا إذا انتهت المرافعة فعلاً شفوية كانت أو كتابية - على أن للخصم الذي وجهت إليه الطلبات المعدلة في فترة حجز القضية للحكم الحق في أن يطلب من المحكمة فتح باب المرافعة أو مد أجل الحكم للرد على هذه الطلبات إن كان الميعاد المحدد لتقديم مذكرته قد انتهى - لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدع أنه طلب من المحكمة هذا الطلب فلم تجبه إليه فإن النعي على هذا السبب يكون على غير أساس - أما ما ينعاه الطاعن من أن الحكم قد خالف لائحة الرسوم فمردود بأن هذا النعي علاوة على أنه لم يكن من أسباب الالتماس التي قدمها فإنه لا يصلح سبباً لالتماس إعادة النظر.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه قضى بعدم قبول وجه الالتماس المبني على وقوع غش من الخصم أثر في الحكم الملتمس فيه مع أن المطعون ضده أدخل الغش على المحكمة أثناء نظر الاستئناف وكان من شأن ذلك التأثير في حكمها إذ بعد أن أمرت باستجواب المطعون ضده قدم لها مستنداً في موضوع الاستجواب وعندما اعترض عليه "الطاعن" عدل طلباته من صحة ونفاذ عقد البيع إلى صحة توقيع البائع عليه وبناء على ذلك لم يواصل الطاعن اعتراضه على هذا المستند لأن الدعوى لم تكن بحاجة إلى دحضه بعد أن عدل المطعون ضده طلباته - إلا أن هذا الأخير عاد في مذكرته الختامية وتمسك بطلباته الأصلية على أساس أن الحكم بصحة التوقيع يستوي مع الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع من حيث أثر التسجيل واستشهد في ذلك بقضاء لمحكمة النقض لا يصح الاستشهاد به في هذا المجال - غير أن محكمة الاستئناف لم تنتبه إلى هذا الغش وقضت في موضوع الاستئناف بناء عليه - وأضاف الطاعن أن المطعون ضده يملك أكثر من عشرة أفدنة فلا يجوز له شراء أي أرض من أراضي الإصلاح الزراعي لمخالفة ذلك لأحكام قانون الإصلاح الزراعي المتعلقة بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الغش الذي يبنى عليه الالتماس طبقاً للمادة 417 من قانون المرافعات هو الذي يقع ممن حكم لصالحه في الدعوى بناء عليه ولم يتح للمحكمة أن تتحرز عند أخذها به بسبب عدم قيام المحكوم عليه بدحضه وتنويرها في حقيقة شأنه لجهله به أي أنه يشترط لتوافر الغش الذي يجيز الالتماس أن لا تكون الوقائع المدعى بها سبق عرضها ومناقشتها أمام محكمة الموضوع. وإذن فمتى كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الكشف الرسمي قوام الغش المدعى به قد سبق تقديمه من المطعون ضده في مواجهة الطاعن أمام محكمة الموضوع قبل إصدار حكمها الملتمس فيه وأن الطاعن قد عرض لهذا المستند وقام بمناقشته على ما هو ثابت من محضر جلسة 16/ 4/ 1961 المودعة صورته الرسمية بملف الطعن وكان العدول عن تعديل الطلبات لا يعتبر غشاً لحصوله وفقاً للقانون على ما سبق الرد به على السبب الأول - فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم وقوع غش من المطعون عليه أثر في الحكم لم يخالف القانون - أما ينعاه الطاعن خاصاً بمخالفة أحكام قانون الإصلاح الزراعي فإنه لم يكن من أسباب الالتماس التي قدمها علاوة على أنه لا يصلح سبباً لالتماس إعادة النظر.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 40 لسنة 32 ق جلسة 24 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 64 ص 459

جلسة 24 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وسليم راشد أبو زيد.

-----------------

(64)
الطعن رقم 40 لسنة 32 القضائية

(أ) نزع الملكية للمنفعة العامة. "مرسوم نزع الملكية".
اقتصار مرسوم نزع الملكية - طبقاً للقانون رقم 5 لسنة 1907 - بتقرير المنفعة العامة للعقارات اللازمة للمشروع الذي نزعت الملكية من أجله. عدم صدوره ضد شخص معين.
(ب) نزع الملكية للمنفعة العامة. "الإجراءات التالية لمرسوم نزع الملكية".
الإجراءات بعد صدور مرسوم نزع الملكية ونشره. قيام الإدارة بإعلان صورة منه إلى كل من أصحاب الملك أو واضعي اليد وإخطار طالب نزع الملكية وذوي الشأن باليوم المحدد للممارسة على قيمة الثمن وتكليفهم بالحضور بخطابات مسجلة.
(ج) اختصاص. "اختصاص ولائي". نزع الملكية للمنفعة العامة. "طلب إبطال مرسوم نزع الملكية".
طلب إبطال مرسوم نزع الملكية ذاته واستصدار مرسوم آخر جديد وتقدير قيمة العقار المنزوع ملكيته وقت صدور المرسوم الجديد. طلب خارج عن ولاية المحاكم.

----------------------
1 - مؤدى نص المادتين الأولى والثانية من قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 أن مرسوم نزع الملكية لا يصدر ضد شخص معين وإنما يقتصر على تقرير المنفعة العامة للعقارات اللازمة للمشروع الذي نزعت الملكية من أجله وأن أسماء ملاك الأراضي التي تقرر نزع ملكيتها إنما تذكر في كشف يلحق بهذا المرسوم.
2 - لا يقتضي القانون رقم 5 لسنة 1907 اتخاذ إجراءات بعد صدور مرسوم نزع الملكية ونشره سوى ما تقضي به المادتان الخامسة والسادسة من هذا القانون من قيام الإدارة بإعلان صورة من ذلك المرسوم إلى كل واحد من أصحاب الملك أو واضعي اليد وإخطار طالب نزع الملكية وذوي الشأن من أصحاب الأملاك باليوم الذي يحدد للممارسة على قيمة الثمن وتكليفهم بالحضور بخطابات مسجلة.
3 - طلب الطاعنين إبطال مرسوم نزع الملكية ذاته واستصدار مرسوم آخر جديد وتقدير قيمة عقارهما على أساس قيمته وقت صدور هذا المرسوم الجديد، طلب خارج عن ولاية المحاكم ويمتنع عليها نظره بحكم المادة 15 من قانون السلطة القضائية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - وفي حدود ما يتطلبه الفصل في هذا الطعن تتحصل في أنه بتاريخ 30 من مايو سنة 1949 صدر مرسوم بنزع ملكية العقارات اللازمة لمشروع إنشاء مبنى لإدارة تلغرافات وتليفونات الوجه البحري ولسنترال أوتوماتيكي جديد بطنطا ونشر هذا المرسوم في 25 من أغسطس سنة 1949 وكان من بين هذه العقارات قطعة أرض مساحتها 1255.12 متراً مربعاً في تكليف وقف أحمد المنشاوي نظارة السيد/ عنتر المنشاوي وقد قدرت الجهة طالبة نزع الملكية بواسطة لجنة فنية ندبتها لذلك قيمة هذه الأرض بمبلغ 7530 ج و720 م بواقع ستة جنيهات للمتر الواحد - وإذ ظهر لتلك الجهة أن الوقف المذكور كان قد تصرف فيها إلى الطاعنين بموجب إشهاد البدل المشهر في 7 من أكتوبر سنة 1949 فقد قامت الإدارة بتاريخ 26 من إبريل سنة 1950 بتسليمهما صورة من مرسوم نزع الملكية ثم أخطرتهما في 2 من أكتوبر سنة 1950 بخطابات مسجلة بالجلسة التي حددت للممارسة وإذ لم يحضروا في هذه الجلسة فقد أحيلت الأوراق إلى رئيس محكمة طنطا الابتدائية طبقاً لما كانت تقضي به المادة 9 من قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 الذي صدر في ظله مرسوم نزع الملكية وعين رئيس المحكمة خبيراً لتقدير قيمة الأرض المنزوع ملكيتها وقدم هذا الخبير تقريراً انتهى فيه إلى تقدير قيمة المتر المربع الواحد منها بمبلغ 12 ج وعلى هذا الأساس قدر التعويض المستحق عن نزع ملكية الأرض جميعها بمبلغ 15061 ج و440 م ولما أخطر المطعون ضدهم طالبوا نزع الملكية بهذا التقدير قاموا بتاريخ 7 من مايو سنة 1952 بإيداع هذا المبلغ خزانة المحكمة ثم طعنوا في عمل الخبير أمام محكمة طنطا الابتدائية بالدعوى رقم 666 سنة 1952 وطلبوا إلغاء تقديره فيما زاد على مبلغ 7530 ج و720 م الذي سبق أن عرضوه على ملاك الأرض المنزوع ملكيتها - وبعد أن ندبت المحكمة ثلاثة خبراء لتقدير قيمة هذه الأرض حكمت بتاريخ 27 من يونيه سنة 1956 بتأييد تقدير خبير رئاسة محكمة طنطا على أساس أن التعويض المستحق للطاعنين عن نزع الملكية هو مبلغ 15061 ج و440 م وقد استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 223 سنة 6 قضائية وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به زيادة على مبلغ 7530 ج و720 م - ولدى نظر هذا الاستئناف أقام الطاعنان بمذكرة قدماها بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1957 استئنافاً فرعياً قيد برقم 17 سنة 8 ق وطلبا الحكم أصلياً بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببطلان إجراءات نزع الملكية التي اتخذتها الحكومة على الأرض المملوكة لهما واحتياطياً تعديل الحكم المستأنف واعتبار قيمة المتر الواحد في هذه الأرض بمبلغ 25 ج وذلك بخلاف ما يخصهما في أرض الشارع الخصوصي الذي يفصل ملكهما عن ملك السيد/ حسنين علي عبد النبي الذي شمله أيضاً مرسوم نزع الملكية - وأسس الطاعنان طلبهما بطلان إجراءات نزع الملكية على أنها اتخذت ضد ناظر الوقف المالك الأصلي مع أن ملكية الأرض المنزوع ملكيتها كانت قد انتقلت إليهما في 7 من أكتوبر سنة 1948 قبل صدور مرسوم نزع الملكية وقد دفع المطعون ضدهم بعدم قبول هذا الاستئناف الفرعي لأن رافعيه (الطاعنين) قد قبلا تقدير خبير الرئاسة ولم يطعنا فيه وأنه ما دام الحكم الابتدائي قد اعتمد هذا التقدير الذي ارتضياه فلا يجوز لهما أن يستأنفا ذلك الحكم - وبتاريخ 2 من يونيه سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفع الذي أبداه المطعون ضدهم بعدم جواز الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعنين وبرفض الدفع المبدى من هؤلاء ببطلان إجراءات نزع الملكية وبقبول الاستئنافين شكلاً وقبل الفصل في موضوعهما بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتقدير قيمة عقار الطاعنين المنزوع ملكيته وذلك وقت صدور مرسوم نزع الملكية ولبيان ما إذا كانت أرض الشارع الفاصل بين هذا العقار وبين العقار الآخر الذي نزعت ملكيته من حسنين علي عبد النبي تدخل في مساحة هذين العقارين أو في مساحة أحدهما أم أن أرض الشارع المذكور متروكة من جهة الوقف المالك الأصلي للعقارين - لتكون شارعاً خاصاً لمنفعتهما وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت محكمة الاستئناف بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1961 (أولاً) في الاستئناف الفرعي رقم 17 سنة 8 ق المرفوع من الطاعنين برفضه وبإلزامهما بمصروفاته ومبلغ 500 ق مقابل أتعاب المحاماة (ثانياً) في الاستئناف رقم 223 سنة 6 ق المرفوع من المطعون ضدهم بتعديل الحكم المستأنف واعتباره قيمة قطعة الأرض الخاصة بالسيدين محمد القصراوي ومحمد حلمي (الطاعنين) مبلغ 7530 ج و720 م مع إلزامهما بالمصروفات المناسبة عن الدرجتين ومبلغ 500 ق مقابل أتعاب المحاماة وبتقرير تاريخه 25 يناير سنة 1962 طعن الطاعنان بطريق النقض في هذا الحكم وفي الحكم الصادر قبله من محكمة الاستئناف في 2 من يونيه سنة 1959 وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعنان في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف ببطلان إجراءات نزع الملكية التي باشرها المطعون ضدهم على الأرض المملوكة لهما لأن هذه الإجراءات اتخذت على أساس أن هذه الأرض مملوكة لوقف المنشاوي نظارة عنتر المنشاوي فصدر مرسوم نزع الملكية في 30 من مايو سنة 1949 ضد هذا الناظر وتتابعت إجراءات نزع الملكية التالية لهذا المرسوم ضده أيضاً وأنه إذ كان الثابت أن الطاعنين تملكا الأرض المنزوع ملكيتها بمقتضى إشهاد البدل الحاصل أمام محكمة طنطا الابتدائية الشرعية والمشهر في 7 من أكتوبر سنة 1948 بينما لم يصدر مرسوم نزع الملكية إلا في 30 من مايو سنة 1949 ونشر في 25 من أغسطس سنة 1949 فإن هذا المرسوم إذ صدر ضد عنتر المنشاوي بصفته ناظراً لوقف المنشاوي بعد انتقال الملكية للطاعنين يكون وجميع ما تلاه من إجراءات قد وقع باطلاً بالنسبة لهما - وقد رفضت محكمة الاستئناف دفاع الطاعنين في هذا الخصوص تأسيساً على ما قالته في حكمها الصادر في 2 من يونيه سنة 1959 من أن الطاعنين قد أعلنا بمرسوم نزع الملكية بتاريخ 26 من إبريل سنة 1950 وسلمت إليهما صورة منه بمحضر تسليم رسمي حرر في هذا التاريخ كما أخطرا بتاريخ 2 من أكتوبر سنة 1950 بالجلسة التي حددت للممارسة وأنهما لم يحضرا رغم إعلانهما بخطابات مسجلة - ويرى الطاعنان أن هذا الذي ارتكن إليه الحكم في قضائه خطأ في القانون إذ لا بد لنزع ملكية أي فرد جبراً من صدور مرسوم ضده بنزع الملكية أما تسليم الطاعنين صورة من المرسوم الصادر ضد غيرهما وإخطارهما بجلسة الممارسة وعدم حضورهما في تلك الجلسة فإن ذلك لا يصحح الإجراءات التي وقعت باطلة لأن أساس البطلان هو أن مرسوم نزع الملكية لم يصدر ضد الطاعنين وإنما ضد شخص آخر لم يكن وقت صدور المرسوم مالكاً للأرض المنزوع ملكيتها.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من نص المادتين الأولى والثانية من قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 الذي يحكم النزاع أن مرسوم نزع الملكية لا يصدر ضد شخص معين وإنما يقتصر على تقرير المنفعة العامة للعقارات اللازمة للمشروع الذي نزعت الملكية من أجله وأن أسماء ملاك الأراضي التي تقرر نزع ملكيتها إنما تذكر في كشف يلحق بهذا المرسوم وتقضي المادة الثانية بأنه إذا كانت العقارات مقيدة في المكلفة أو في جريدة عوائد الأملاك فإن أسماء الملاك الواجب ذكرها في هذا الكشف هي الأسماء الواردة في دفاتر المكلفة أو في جرائد عوائد الأملاك أما العقارات غير الواردة بالمكلفة ولا بجرائد عوائد الملاك فيكتفي ببيان أسماء واضعي اليد عليها ولما كان يبين من الكشف الملحق بمرسوم نزع الملكية الصادر في 30 من مايو سنة 1949 والذي نشر في 25 من أغسطس سنة 1949 أنه ذكر فيه أن قطعة الأرض محل النزاع واردة في تكليف وقف أحمد باشا المنشاوي رقم 924 حسب وارد المكلفة وكان الطاعنان لم يقدما لا لمحكمة الموضوع ولا لمحكمة النقض ما يثبت أن هذه الأرض لم تكن وقت صدور هذا المرسوم مكلفة باسم الوقف المذكور بل إنهما لم يثيرا منازعة في هذا الخصوص ولم يدعيا أبداً أن الأرض المنزوع ملكيتها كانت مكلفة باسمهما وكان الثابت أيضاً - على ما سجله الحكم المطعون فيه الصادر في 2 من يونيه سنة 1959 - أن جهة الإدارة أعلنت الطاعنين بصورة من هذا المرسوم وقد تسلما هذه الصورة بمحضر تسليم رسمي محرر في 26 من إبريل سنة 1950 كما أخطرتهما الإدارة بتاريخ 2 من أكتوبر سنة 1950 بتاريخ الجلسة التي حددت للممارسة وكلفتهما بالحضور فيها - ولم ينكر الطاعنان قيام الإدارة بهذين الإجراءين هذا إلى أنه عندما طعن المطعون ضدهم في تقرير خبير رئاسة محكمة طنطا أعلنوا الطاعنين بالدعوى التي رفعوها فإن إجراءات نزع الملكية تكون قد وجهت إليهما صحيحة ووفقاً لما ينص عليه قانون نزع الملكية إذ أن هذا القانون لا تقضي اتخاذ إجراءات بعد صدور مرسوم نزع الملكية ونشره سوى ما تقضي به المادة الخامسة من قيام الإدارة بإعلان صورة من هذا المرسوم إلى كل واحد من أصحاب الملك أو واضعي اليد وما تقضي به المادة السادسة من إخطار طالب نزع الملكية وذوي الشأن من أصحاب الأملاك باليوم الذي يحدد للممارسة على قيمة الثمن وتكليفهم بالحضور بخطابات مسجلة وإذ كان هذان الإجراءان قد تما صحيحين بالنسبة للطاعنين فإن طعنهما على إجراءات نزع الملكية التالية للمرسوم يكون غير صحيح أما عن طلب الطاعنين إبطال مرسوم نزع الملكية ذاته واستصدار مرسوم آخر جديد وتقدير قيمة عقارهما على أساس قيمته وقت صدور هذا المرسوم الجديد فإن هذا الطلب خارج قطعاً عن ولاية المحاكم وممنوع عليها نظره بحكم المادة 15 من قانون السلطة القضائية - لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون لرفضه دفاع الطاعنين في هذا الشأن لا يكون على أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الصادر في 26 من ديسمبر سنة 1961 مخالفة القانون ذلك أنه اعتبر أن أرض الشارع الذي كان قائماً بين ملكهما وبين ملك حسانين علي عبد النبي لا زالت مملوكة لوقف المنشاوي المالك الأصلي لعقارهما وعقار حسانين علي اللذين نزعت ملكيتهما وأن هذا الوقف ترك لهما فقط ومن باب التسامح الانتفاع بذلك الشارع ورتب الحكم على ذلك عدم أحقية الطاعنين لأخذ مقابل عن نصيبهما في أرض الشارع المذكور - ويرى الطاعنان أن هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه في هذا الخصوص خطأ في القانون إذ أنهما لم يقدما على شراء قطعة الأرض المنزوع ملكيتها إلا على أساس قيام هذا الشارع وسط ما اشتراه وما اشتراه جارهما حسانين علي عبد النبي وهذا الشارع كانت منفعته مقصورة على عقارهما وعقار جارهما المذكور مما يجعل ثمن أرض الشارع من حقهما وحق الجار أي شريك آخر.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 26 من ديسمبر سنة 1961 قد ورد به رداً على ما يثيره الطاعنان بهذا السبب "أن المحكمة تؤيد الخبير فيما انتهى إليه من أن مساحة الشارع الفاصل بين استبدال المستأنف عليه الأول "حسانين علي عبد النبي" والمستأنف عليهما الثالث والرابع "الطاعنين" لا يدخل في ملك أحد منهم بل كان هذا الشارع مملوكاً لوقف المنشاوي في تاريخ نزع الملكية الحاصل في 30 مايو سنة 1949 ومن ثم فلا يكون ثمن أرض الشارع من استحقاق أحد من المستبدلين بل هو من استحقاق وقف المنشاوي للأسباب المبينة بتقرير الخبير" وقال الحكم في موضع آخر رداً على ما أثاره الطاعنان من أحقيتهما في المطالبة بما يقابل انتفاعهما بالشارع في ثمن أرضه قال الحكم "إن حق انتفاع الطاعنين في أرض الشارع إنما كان من قبيل التسامح من الوقف ولا يؤثر في ملك الوقف له وقت صدور مرسوم نزع الملكية" وهذا الذي رد به الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص لا مخالفة فيه للقانون إذ أن محكمة الاستئناف قد استخلصت وفي حدود سلطتها الموضوعية أن أرض الشارع لا تدخل في ملكية الطاعنين لأنه لم يتناولها الاستبدال وأنها بقيت في ملك الوقف حتى تاريخ نزع الملكية وأن انتفاع الطاعنين بذلك الشارع كان على سبيل التسامح مما يجعل التعويض المستحق عن نزع ملكية أرض الشارع من حق الوقف دون الطاعنين ولما كان الحكم قد استند في استخلاصه لهذه النتيجة على الأسباب التي أوردها والأسباب المبينة بتقرير الخبير والتي أخذ بها الحكم فصارت بذلك جزء متمماً له وكان الطاعنان لم يقدما إلى محكمة النقض صورة من هذا التقرير كما لم ينعيا على أسباب الحكم في هذا الخصوص بالقصور فإن نعيها عليه بمخالفة القانون في هذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 18 لسنة 32 ق جلسة 24 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 63 ص 455

جلسة 24 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

--------------

(63)
الطعن رقم 18 لسنة 32 القضائية

حكم. "الطعن في الأحكام". استئناف. "ميعاد الاستئناف".
الأصل سريان ميعاد الطعن في حق المحكوم له والمحكوم عليه من تاريخ إعلان الحكم. يستثنى من ذلك ميعاد الطعن في الأحكام الغيابية. بدؤه من اليوم الذي تصبح فيه المعارضة غير مقبولة أو من اليوم الذي يحكم فيه باعتبارها كأن لم تكن. احتساب ميعاد الاستئناف على هذا الأساس. سريان حكم هذا الاستثناء بالنسبة لطرق الحكم الغيابي على السواء لعموم نص المادة 379/ 3 مرافعات.

-----------------
لئن كان الأصل في ميعاد الطعن أنه يسري في حق المحكوم له والمحكوم عليه من تاريخ إعلان الحكم المطعون فيه طبقاً لما هو مقرر في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 379 من قانون المرافعات إلا أن المشرع قد استثنى من هذا الأصل ميعاد الطعن في الأحكام الغيابية فنص في الفقرة الثالثة من تلك المادة على أن هذا الميعاد لا يبدأ إلا من اليوم الذي تصبح فيه المعارضة غير مقبولة أو من اليوم الذي يحكم فيه باعتبارها كأن لم تكن. فمن هذا اليوم فقط يبدأ احتساب ميعاد الاستئناف الذي يتحتم على كل من الطرفين عدم تجاوزه وإلا كان استئنافه مرفوعاً بعد الميعاد. وهذا الاستثناء يسري على طرفي الحكم الغيابي على السواء إذ جاء بصيغة عامة ومطلقة ولا يصح القول بقصر حكم الفقرة الثالثة سالفة الذكر على الخصم الذي يعتبر الحكم غيابياً بالنسبة إليه دون الخصم الحاضر وبدء ميعاد الطعن بالنسبة لهذا الأخير من تاريخ إعلان الحكم طبقاً لما تنص عليه الفقرتان السابقتان عليها وذلك لعموم وإطلاق نص الفقرة الثالثة فضلاً عن أن القول بتخصيص هذا الاستثناء وقصره على الخصم الغائب يؤدي إلى اختلاف ميعاد الطعن بالنسبة لطريق الطعن الواحد وهو ما حرص المشرع على تفاديه كما يفهم من إيراده نص الفقرة الثانية كما يؤدي إلى تقطيع أوصال القضية الواحدة وعرض موضوعها أمام محكمة الدرجة الأولى والثانية في وقت واحد وهو ما يجب تجنبه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 2810 سنة 1960 كلي القاهرة طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع إليه مبلغ 888 ج و962 م وفوائده القانونية بواقع 7 % سنوياً تضاف إلى الأصل شهرياً من أول أغسطس سنة 1960 حتى تمام الوفاء - وقد تخلف المطعون ضده عن الحضور رغم إعلانه - وفي 27 نوفمبر سنة 1960 قضت محكمة القاهرة الابتدائية غيابياً بإلزامه بأن يؤدي إلى البنك الطاعن مبلغ 808 ج و965 م وفوائده بواقع 7 % سنوياً ابتداء من 13 من إبريل سنة 1959 حتى تمام السداد. وقام الطاعن بإعلان هذا الحكم إلى المطعون ضده في 15 يناير سنة 1961 ثم رفع استئنافاً عنه بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة في 6 مارس سنة 1961 طلب فيها تعديل الحكم المستأنف في الشق المتعلق بالفوائد والحكم بإضافتها إلى الأصل شهرياً - وقيد هذا الاستئناف برقم 423 سنة 78 ق وفي 14 ديسمبر سنة 1961 قضت محكمة الاستئناف بسقوط حق المستأنف (الطاعن) في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد وذلك تأسيساً على أن الحكم المستأنف أعلن للمستأنف عليه (المطعون ضده) في 15 يناير سنة 1961 وأن الاستئناف لم يرفع إلا في 6 مارس سنة 1961 أي بعد الميعاد المحدد في المادة 402 من قانون المرافعات وهو أربعون يوماً. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ويقول في بيان ذلك إن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بسقوط حقه في الاستئناف على أن الحكم المستأنف قد أعلن للمطعون ضده في 15 من يناير سنة 1961 ولم يرفع البنك الطاعن استئنافه إلا في 6 من مارس سنة 1961 بعد انقضاء أكثر من أربعين يوماً على إعلان الحكم المستأنف - وهذا من الحكم خطأ في القانون إذ أنه احتسب بدء ميعاد الاستئناف من تاريخ إعلان الحكم المستأنف في حين أن الثابت أن هذا الحكم قد صدر غيابياً ضد المطعون ضده والقاعدة أن ميعاد الطعن بالاستئناف في الأحكام الغيابية إنما يبدأ من اليوم الذي تصبح فيه المعارضة في هذه الأحكام غير مقبولة أو من اليوم الذي يحكم فيه باعتبارها كأن لم تكن طبقاً لصريح نص الفقرة الأخيرة من المادة 379 مرافعات - ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن الحكم الابتدائي الغيابي قد أعلن للمطعون ضده في 15 من يناير سنة 1961 وانقضى موعد المعارضة فيه في 30 من يناير سنة 1961 فإن موعد استئناف هذا الحكم إنما يبدأ في 31 من يناير سنة 1961 ويظل مفتوحاً حتى 11 من مارس سنة 1961 - ولما كان البنك الطاعن قد أقام استئنافه في 6 من مارس سنة 1961 فإن استئنافه يكون في الميعاد ويكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه وإن كان الأصل في ميعاد الطعن أنه يسري في حق المحكوم له والمحكوم عليه من تاريخ إعلان الحكم المطعون فيه طبقاً لما هو مقرر في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 379 مرافعات إلا أن المشرع قد استثنى من هذا الأصل ميعاد الطعن في الأحكام الغيابية فنص في الفقرة الثالثة من تلك المادة على أن هذا الميعاد لا يبدأ إلا من اليوم الذي تصبح فيه المعارضة غير مقبولة أو من اليوم الذي يحكم فيه باعتبارها كأن لم تكن. وهذا الاستثناء يسري على طرفي الحكم الغيابي على السواء إذ جاء بصيغة عامة ومطلقة فقد ورد بالفقرة الثالثة المذكورة "ولا تبدأ مواعيد الطعن في الأحكام الغيابية إلا من اليوم الذي تصبح فيه المعارضة غير مقبولة أو من اليوم الذي يحكم فيه باعتبارها كأن لم تكن" ومن ثم فمن هذا اليوم فقط يبدأ احتساب ميعاد الاستئناف الذي يتحتم على كل من الطرفين عدم تجاوزه وإلا كان استئنافه مرفوعاً بعد الميعاد. ولا يصح القول بقصر حكم الفقرة الثالثة السالف الذكر على الخصم الذي يعتبر الحكم غيابياً بالنسبة إليه دون الخصم الحاضر وببدء ميعاد الطعن بالنسبة لهذا الأخير من تاريخ إعلان الحكم طبقاً لما تنص عليه الفقرتان السابقتان عليها ذلك أنه علاوة على ما سبق ذكره من إطلاق نص الفقرة الثالثة وعدم تخصيصه بخصم دون آخر وأن هذا النص هو استثناء وارد على القاعدة المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين عليها فإن القول بتخصيص هذا الاستثناء وقصره على الخصم الغائب يؤدي إلى اختلاف ميعاد الطعن بالنسبة لطريق الطعن الواحد وهو ما حرص المشرع على تفاديه كما يفهم من إيراده نص الفقرة الثانية كما يؤدي إلى تقطيع أوصال القضية الواحدة وعرض موضوعها أمام محكمتي الدرجة الأولى والثانية في وقت واحد وهو ما يجب تجنبه ما أمكن ذلك - لما كان هذا وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الابتدائي صدر غيابياً ضد المطعون ضده في 17 من نوفمبر سنة 1961 وقام البنك الطاعن بإعلانه لهذا الأخير في 15 من يناير سنة 1961 ثم استأنفه بالنسبة لما رفض من طلباته في 6 من مارس سنة 1961 فإن استئنافه يكون في الميعاد لأن هذا الميعاد لا يبدأ إلا من 31 يناير سنة 1961 وهو اليوم الذي أصبحت فيه المعارضة من جانب المطعون ضده غير مقبولة بانقضاء موعدها - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط حق الطاعن في الاستئناف فإنه يكون قد أخطأ في القانون بما يستوجب نقضه.

الطعن 12 لسنة 32 ق جلسة 24 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 62 ص 450

جلسة 24 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

---------------

(62)
الطعن رقم 12 لسنة 32 القضائية

بيع "بيع الأملاك الخاصة بالدولة". "انعقاده" عقد. "الإيجاب والقبول".
عدم تمام بيع الأملاك الخاصة بالدولة بين مصلحة الأملاك وطالب الشراء إلا بالتصديق عليه من وزارة المالية. هذا التصديق هو القبول بالبيع والإيجاب من راغب الشراء يكون بتقدمه للشراء على أساس سعر معين.

----------------
مفاد نصوص المادة السادسة من ديكريتو 3 فبراير سنة 1892 بشأن ضريبة ما يباع من أطيان الحكومة والمادتين 18، 19 من منشور نظارة المالية الصادر بتاريخ 21 أغسطس سنة 1902 أن التعاقد بشأن بيع الأملاك الخاصة بالدولة لا يتم بين مصلحة الأملاك وبين طالبي الشراء إلا بالتصديق عليه من وزارة المالية إذ أن هذا التصديق هو القبول بالبيع ممن يملكه. ولا يعتبر إعلان هذه المصلحة عن رغبتها في البيع ولا الإجراءات التي تقوم بها لهذا الغرض من مفاوضات مع راغبي الشراء وممارسة على الثمن إيجاباً من جانبها ذلك أن الإيجاب في هذه الحالة، إنما يكون من راغب الشراء بتقدمه للشراء على أساس سعر معين ولا يتم التعاقد إلا بقبول المصلحة بعد ذلك للبيع. وقد اشترطت النصوص المتقدمة أن يصدر التعبير بالقبول من وزارة المالية دون غيرها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مصلحة الأملاك الطاعنة رفعت على مورث المطعون ضدهم الدعوى رقم 76 سنة 1950 مدني كلي الزقازيق طلبت فيها الحكم بتثبيت ملكيتها إلى قطعة أرض مساحتها 724 متراً مربعاً موضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى ورفع يده عنها وإزالة ما عليها من غراس أو بناء خلال شهر من تاريخ صدور الحكم وإلا قامت بالإزالة بمصاريف من طرفها ترجع بها عليه مع إلزامه المصروفات والأتعاب وقالت في بيان دعواها إنها تملك قطعة الأرض سالفة الذكر بالمستندات التي أشارت إليها في صحيفة الدعوى وأنها سبق أن أقامت الدعوى رقم 467 سنة 1944 بذات الطلبات - وقد ضمت الدعويان لوحدة الموضوع وأثناء سيرهما توفى المدعى عليه (مورث المطعون ضدهم) فانقطع سير الخصومة ثم عجلت الطاعنة الدعوى ضد الورثة الذين انتهوا في دفاعهم إلى أنه لا حق للطاعنة في دعواها إذ أنها باعت أرض النزاع لمورثهم وحصلت منه نصف الثمن وقدره 420 ج و720 م بإيصال مؤرخ 13/ 3/ 1951 واتفقت معه على تقسيط النصف الباقي وحرر العقد بينهما من أصل واحد متضمناً هذا البيع وأرسل للمصلحة للتوقيع عليه ولم تسلمه للمورث ولذلك لا يجوز لها بوصفها بائعة أن تنقص ما تم من جهتها بإرادتها المنفردة وطلب المطعون ضدهم إلزام الطاعنة بتقديم هذا العقد - وبتاريخ 20/ 2/ 1957 قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة بتقديم العقد المحرر بينها وبين مورث المطعون ضدهم بشأن العين موضوع النزاع - ولما قررت الطاعنة أنه ليس هناك عقد بهذا الشأن قضت المحكمة بتاريخ 28/ 10/ 1957 بتوجيه يمين عدم العلم إلى النائب عنها قانوناً وقد أداها بجلسة 12/ 1/ 1958 ثم حكمت المحكمة في 19 من نوفمبر سنة 1958 (أولاً): بتثبيت ملكية مصلحة الأملاك (الطاعنة) للأرض البالغ مساحتها 724 متراً مربعاً المبينة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى ورفع يد المدعى عليهم (المطعون ضدهم) وإلزامهم المصروفات المناسبة لهذا الطلب من تركة مورثهم توفيق أحمد بغدادي و300 ق أتعاباً للمحاماة. (ثانياً) بإعادة القضية للمرافعة لنظر طلب الإزالة. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 12 سنة 2 ق وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة - وبتاريخ 5/ 12/ 1961 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليها (الطاعنة) وإلزامها بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وبتاريخ 4 من يناير سنة 1962 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت الرأي فيها بنقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 27 من يناير سنة 1966 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى الطاعنة في السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك تقول إن هذا الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على ما قرره من قيام تعاقد بين الطاعنة وبين مورث المطعون ضدهم ببيعها له قطعة الأرض موضوع النزاع ودلل الحكم على ذلك بالمفاوضات التي دارت بين المصلحة وبين مورث المطعون ضدهم حول بيع هذه القطعة وبتحديد المصلحة لمساحتها وتقديرها لثمنها وقيام مورث المطعون ضدهم بدفع مبلغ 420 ج و720 م باعتباره نصف الثمن المقدر لها وبالمكاتبات الإدارية الداخلية التي تبودلت بين فروع المصلحة الطاعنة عن هذا البيع في حين أن هذه كلها إجراءات تمهيدية للبيع الذي لا يتم ولا ينفذ إلا بالتصديق عليه من وزير المالية طبقاً لصريح نص المادة 18 من لائحة بيع الأملاك الأميرية الحرة الصادرة في سنة 1902 والذي يستلزم هذا التصديق عن كل بيع سواء حصل بالمزاد أو بعطاءات داخل مظاريف أو بالممارسة مما يفيد أن قبول المصلحة للبيع لا يتم إلا بحصول ذلك التصديق وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بالإجراءات المتقدمة للقول بتمام التعاقد بين الطاعنة ومورث المطعون ضدهم على بيعها له قطعة الأرض موضوع النزاع فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على ما قرره من أن الإيصال المؤرخ 13/ 3/ 1951 قد تضمن قيام مورث المطعون ضدهم بدفع مبلغ 420 ج و720 م للمصلحة الطاعنة باعتبار هذا المبلغ نصف ثمن الصفقة موضوع النزاع وأن هذا الإيصال يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة لصدوره من المصلحة المذكورة ولأنه يجعل الحق المدعى به قريب الاحتمال فيمكن تكملة هذا الدليل بالقرائن القضائية. ثم ذكر الحكم القرائن التي رآها مكملة لهذا الإيصال في الإثبات وانتهى إلى قوله "ومن حيث إنه يبين من عرض المصلحة المستأنف عليها (الطاعنة) الأرض المتنازع بشأنها على مورث المستأنفين (المطعون ضدهم) وقيام المورث بدفع معجل الثمن على أساس النصف حسبما يبين من الكتاب المؤرخ 27/ 11/ 1957 والمشار إليه آنفاً أن هناك إيجاباً قد صدر من المصلحة ببيع الأرض موضوع الدعوى إلى المورث وأن هذا الأخير قد قبل هذا العرض وأدى نصف الثمن المستحق فعلاً ومن ثم يكون البيع قد انعقد بين طرفي الخصومة بتوافر أركانه من رضاء ومبيع وثمن ولا يغير من ذلك كون البائعة جهة حكومية ذلك أن البيع بطريق الممارسة يخضع للقواعد العامة". ولما كان الديكريتو الصادر في 3 من فبراير سنة 1892 الخاص بضريبة ما يباع من أطيان الحكومة قد نص في المادة السادسة منه على "أن يكون بيع الأطيان بحسب الشروط والقيود المنصوص عليها في اللوائح والقرارات والمنشورات المتبعة الآن أو التي يصدرها ناظر المالية فيما بعد" وقد نصت المادة 18 من المنشور رقم 100 الصادر من نظارة المالية بتاريخ 21 من أغسطس سنة 1902 في شأن شروط وقيود بيع أملاك الميري الحرة على أن "كل بيع يلزم أن يتصدق عليه من نظارة المالية سواء كان قد حصل بالمزاد أو بواسطة عطاءات داخل مظاريف مختوم عليها أو بالممارسة ما عدا الحالة المختصة ببيع القطع الناتجة عن زوائد التنظيم التي لا يتجاوز مجموع الثمن المقدر لها عشرة جنيهات عن كل قطعة فهذه القطع هي فقط التي يجوز بيعها بدون تصديق النظارة - ويبلغ تصديق النظارة إلى المشترين بمعرفة المديريات والمحافظات ذات الشأن في الإعلانات التي يطلب منهم فيها سداد باقي الثمن وما يتبعه" - كما نصت المادة 19 من ذات المنشور على أنه "إذا رغب المشتري قبل التصديق من نظارة المالية على البيع سداد باقي الثمن وما يتبعه أو جزء منه يسوغ قبوله منه على سبيل الأمانة" ومفاد ما تقدم أن التعاقد بشأن بيع الأملاك الخاصة للدولة لا يتم بين المصلحة الطاعنة وبين طالبي الشراء إلا بالتصديق عليه من وزارة المالية إذ أن هذا التصديق هو القبول بالبيع ممن يملكه ولا يعتبر إعلان المصلحة عن رغبتها في البيع ولا الإجراءات التي تقوم بها لهذا الغرض من مفاوضات مع راغبي الشراء وممارسة على الثمن إيجاباً من جانبها كما ذهب الحكم المطعون فيه خطأ بل أن الإيجاب يكون في هذه الحالة من راغب الشراء بتقدمه للشراء على أساس سعر معين ولا يتم التعاقد بينه وبين المصلحة إلا بقبول المصلحة بعد ذلك للبيع وقد استلزمت النصوص المتقدمة في تعبير المصلحة عن إرادتها بالقبول أن يصدر من وزارة المالية دون غيرها - أما قبول المصلحة استلام المبلغ الذي دفعه المطعون ضده على اعتبار أنه جزء من الثمن الذي انتهت إليه الممارسة فإنه لا يعتبر قبولاً من المصلحة للتعاقد إذ نصت المادة التاسعة عشرة من المنشور سالف الذكر والذي صدر بالاستناد إلى السلطة المخولة لوزير المالية في ديكريتو 3 من فبراير سنة 1892 على أن قبول هذا المبلغ يكون على سبيل الأمانة ليس إلا - ولما كان الثابت والذي لا نزاع فيه أن وزارة المالية لم تصادق على بيع قطعة الأرض محل النزاع إلى مورث المطعون ضدهم فإن هذا البيع لا يكون قد انعقد بين المصلحة الطاعنة وبين مورث المطعون ضدهم ويكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر واعتبر أن البيع قد تم وأسس على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعنة مخطئاً في القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث وجه الطعن الآخر.

الطعن 386 لسنة 31 ق جلسة 24 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 61 ص 443

جلسة 24 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.

---------------

(61)
الطعن رقم 386 لسنة 31 القضائية

(أ) دعوى. "انقطاع سير الخصومة". بطلان.
بطلان الإجراءات المترتب على انقطاع سير الخصومة. بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايته وهم خلفاء المتوفى ومن يقومون مقام من فقد أهليته أو زالت صفته فلا يحق لغيرهم أن يحتج به.
(ب) عقد. "فسخ العقد". "الإعذار". بيع. "التزامات البائع". تفسير. محكمة الموضوع.
التزام البائع في عقد البيع بتطهير العين المبيعة من كافة ما عليها من الحقوق العينية والقيود. التزام مغاير لالتزام البائع بضمان الاستحقاق. تفسير محكمة الموضوع عبارة العقد بما لا يخرج عن مدلوله واعتبارها الالتزام بتطهير العين المبيعة التزاماً جوهرياً في مقصود المتعاقدين وقت التعاقد. قضاؤها بفسخ العقد لعدم وفاء البائع به رغم إعذاره لا مخالفة للقانون.

---------------
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن بطلان الإجراءات المترتب على انقطاع سير الخصومة هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايته تمكيناً له من الدفاع عن حقوقه وهم خلفاء المتوفى ومن يقومون مقام من فقد أهليته أو زالت صفته فلا يحق لغيرهم أن يحتج بهذا البطلان.
2 - إذا كانت محكمة الموضوع قد استندت في قضائها بفسخ عقد البيع إلى أن البائع قد التزم في ذات العقد بتطهير العين المبيعة من كافة ما عليها من الحقوق العينية والقيود واعتبرت هذا الالتزام من الالتزامات الجوهرية في مقصود المتعاقدين وقت التعاقد وأن عدم وفاء البائع به رغم إعذاره يسوغ فسخ العقد طبقاً للمادة 157/ 1 من القانون المدني، فإن محكمة الموضوع تكون قد مارست سلطتها الموضوعية في تفسير العقد بما لا يخرج عن مدلوله الظاهر وفي اعتبار الالتزام المنصوص عليه في العقد سالف الذكر التزاماً جوهرياً - وهو التزام غير التزام البائع بضمان الاستحقاق - كما أنها حين رتبت على الإخلال بهذا الالتزام وامتناع البائع عن الوفاء به بعد إعذاره فسخ العقد لا تكون قد خالفت القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما رفعا في 10 من فبراير سنة 1958 الدعوى رقم 144 سنة 1958 كلي طنطا على المرحوم أحمد حسن الفخراني مورث الطاعنين الأول والثانية وعلى الطاعن الثالث وطلبا الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 29 أكتوبر سنة 1956 والمسجل في 3 من ديسمبر سنة 1956 الصادر إليهما من ذلك المورث وبإلزامه بوصفه بائعاً وإلزام الطاعن الثالث بصفته ضامناً متضامناً بأن يدفعا لهما مبلغ 1478 ج قيمة الثمن ومصاريف التسجيل والتعويض - وقال المطعون ضدهما بياناً لدعواهما إنه بموجب العقد آنف الذكر باع لهما مورث الطاعنين الأولين 306 أمتار و10 س الموضحة بالصحيفة نظير ثمن قدره 918 ج قبضه البائع وقت تحرير العقد النهائي وتعهد في هذا العقد بشطب التسجيلات الموقعة على العين المبيعة وسداد ما عليها من الحقوق - ووقع الطاعن الثالث على العقد بصفته ضامناً للبائع ومتضامناً معه في تنفيذ هذا الالتزام وأنه إذ كان البائع قد قعد عن الوفاء بذلك الالتزام وظهر للمشترين أن العين المبيعة مثقلة بالحجوز العقارية والحقوق العينية وعليها تسجيلات لمصلحة دائنين كثيرين فقد وجها بتاريخ 3 من سبتمبر سنة 1957 إنذاراً رسمياً إلى كل من البائع والضامن بأن يقوما في ظرف شهرين من تاريخ إعلانهما بهذا الإنذار بتطهير العين المبيعة مما عليها من الحقوق العينية وشطب التسجيلات الموقعة عليها وإلا كانا ملزمين برد الثمن مع التعويضات. ولما لم يستجيبا لهذا الإنذار فقد رفع عليهما المطعون ضدهما هذه الدعوى بطلب فسخ العقد مع رد الثمن وأداء مصاريف تسجيل العقد والتعويض - وبجلسة 6 من أكتوبر سنة 1959 قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة البائع وقام المطعون ضدهما بتعجيل الدعوى بطلباتهما السابقة في مواجهة ورثة (الطاعنين الأول والثانية) والضامن - وبتاريخ 30 من مايو سنة 1960 حكمت المحكمة الابتدائية بفسخ عقد البيع موضوع الدعوى مع إلزام ورثة البائع بأن يدفعوا للمدعين من تركة مورثهما قيمة الثمن المدفوع وقدره 918 ج ومصاريف تسجيل العقد وقدرها 59 ج و580 م مع الفوائد بواقع 4 % من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 10 فبراير سنة 1958 والمصروفات المناسبة، 500 ق مقابل أتعاب المحاماة ورفضت المحكمة ما عدا ذلك من الطلبات. ولم يستأنف الطاعنان الأول والثانية المحكوم عليهما هذا الحكم وإنما استأنفه المطعون ضدهما المحكوم لهما بالاستئناف رقم 264 سنة 10 ق طنطا ونعيا على الحكم المستأنف إغفاله الحكم على الضامن (الطاعن الثالث) بما قضى به على ورثة البائع - وبتاريخ 20 من يونيه سنة 1961 حكمت محكمة استئناف طنطا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لورثة البائع المرحوم أحمد حسن الفخراني وبتعديله بالنسبة للمستأنف عليه الثالث إسماعيل عبد المجيد الطباخ (الطاعن الثالث) وإلزام هذا الأخير بأن يدفع للمستأنفين (المطعون ضدهما) بالتضامن مع الورثة المذكورين قيمة الثمن المدفوع وقدره 918 ج ومصاريف التسجيل وقدرها 59 ج و585 م مع الفوائد بواقع 4 % من تاريخ المطالبة الحاصلة في 10 فبراير سنة 1958 والمصروفات المناسبة عن الدرجتين ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - وبتقرير تاريخه 17 من يوليه سنة 1961 طعن الطاعنون وهم وارثا البائع والضامن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والثانية وبرفضه بالنسبة للطاعن الثالث ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 23 من مارس سنة 1965 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن النيابة العامة والمطعون ضدهما دفعا بعدم قبول الطعن من الطاعنين الأول والثانية لعدم منازعتهما للمطعون ضدهما في طلباتهما أمام محكمة الموضوع ولعدم استئنافهما الحكم الابتدائي الذي قضى الحكم المطعون فيه بتأييده بالنسبة إليهما.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أنه يبين من الأوراق ومن الوقائع المتقدم ذكرها أن الطاعنين الأول والثانية قد قبلا الحكم الابتدائي ولم يستأنفاه وإنما استأنفه فقط المطعون ضدهما المحكوم لهما وطلبا في استئنافهما أن يحكم لهما على الطاعن الثالث بما حكم لهما به على الطاعنين الأول والثانية وبطريق التضامن معهما ولم يوجه المطعون ضدهما رافعا الاستئناف طلبات ما إلى الطاعنين الأولين في الاستئناف - وقد قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة إلى هذين الطاعنين وعدله بالنسبة للطاعن الثالث فقط فألزمه بأن يؤدي بالتضامن مع الطاعنين الأولين ما ألزمهما به الحكم الابتدائي - ولما كان الحكم المطعون فيه لم يقض على الطاعنين الأول والثانية بشيء أكثر مما قضى به عليهما الحكم الابتدائي الذي قبلاه ولم يستأنفاه وكان هذان الطاعنان من جهة أخرى لم ينازعا المطعون ضدهما في طلباتهما لا أمام المحكمة الابتدائية ولا أمام محكمة الاستئناف بل ولم يحضرا أمام هاتين المحكمتين رغم إعذارهما قانوناً فإن الطعن بالنقض منهما على الحكم المطعون فيه يكون غير مقبول ولا يقدح في صحته هذا النظر أن الحكم المطعون فيه قضى بتضامنهما مع الطاعن الثالث في المحكوم به إذ لم يضرهما هذا القضاء في شيء لأن الحكم الابتدائي الذي قبلاه كان يقضي بإلزامهما وحدهما بهذا المحكوم به جميعه - كما أنه لا محل للقول بأن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنين الأول والثانية بمصروفات الاستئناف إذ أنه بفرض أن هذا الحكم قصد إلى إلزامهما بهذه المصروفات بالتضامن مع الضامن - الطاعن الثالث - فإن طعنهما بالنقض لم يتناول هذا الشق من الحكم المطعون فيه ولم تتعرض أسباب الطعن له ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والثانية.
وحيث إن الطعن بالنسبة للطاعن الثالث استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن مبني على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور ذلك أن الطاعن الثالث (الضامن) دفع أمام محكمة الاستئناف بجلسة 12 من يونيه سنة 1961 وفي مذكرته الختامية بانقطاع سير الخصومة لزوال صفة الطاعنين الأول والثانية بسبب صدور حكم بتاريخ أول نوفمبر سنة 1960 في الدعوى رقم 2 سنة 1959 كلي تجاري المنصورة بإشهار إفلاس مورثهما البائع المرحوم أحمد حسن الفخراني بعد موته وأنه بصدور هذا الحكم أصبح السنديك صاحب الصفة الوحيد في تمثيل البائع لكن محكمة الاستئناف لم تشر في حكمها إلى هذا الدفع ولم ترد عليه وحكمت في الدعوى رغم انقطاع الخصومة فيها وبذلك جاء حكمها مخالفاً للقانون ومشوباً بالقصور ولا يقدح في ذلك كون الاستئناف قد أعلن إلى الطاعنين في 23 أغسطس سنة 1960 قبل الحكم بإشهار إفلاس البائع إذ لا يجوز بعد هذا الحكم السير في دعوى ضد المفلس إلا في مواجهة وكيل الدائنين.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الثابت من الأوراق ومن الصورة الرسمية من محضر جلسة 12 يونيه سنة 1961 والصورة الرسمية لمذكرة الطاعن الثالث المقدمة إلى محكمة الاستئناف أن طلب انقطاع سير الخصومة لزوال صفة الطاعنين الأولين - ورثة البائع - بسبب صدور حكم في أول نوفمبر سنة 1960 بإشهار إفلاسه بعد موته - هذا الطلب قد أبدي من الطاعن الثالث وحده أما ورثة البائع فإنهم لم يحضروا في الاستئناف رغم إعذارهم قانوناً - وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن بطلان الإجراءات المترتب على انقطاع سير الخصومة هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايته تمكيناً له من الدفاع عن حقوقه وهم خلفاء المتوفى ومن يقومون مقام من فقد أهليته أو زالت صفته.. فلا يحق لغيرهم أن يحتج بهذا البطلان، وإذ كان الطاعن الثالث ليس ممن يقبل منهم الاحتجاج بالبطلان المترتب على زوال صفة الطاعنين الآخرين الذين قضي بعدم قبول طعنهما فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان للسبب المتقدم لا يكون مقبولاً من الطاعن الثالث كما أن نعيه على ذلك الحكم بالقصور لإغفاله الرد على طلبه انقطاع سير الخصومة لا يكون منتجاً.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب ذلك أن الطاعن الثالث تمسك في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بأن التسجيلات الموقعة على العين المبيعة قد شطبت بأحكام ومستندات مودعة لدى السنديك وفي محل البائع الذي وضعت الأختام عليه تنفيذاً لحكم إشهار الإفلاس وفي محكمة الأحوال الشخصية وقال الطاعن في مذكرته إنه لم يتمكن لذلك من تقديم هذه المستندات للمحكمة لكن الحكم المطعون فيه أغفل تحقيق هذا الدفاع ولم يرد عليه مما يشوبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الدفاع الذي يعيب الطاعن على الحكم المطعون فيه إغفال تحقيقه والرد عليه هو دفاع ساقه الطاعن أمام محكمة الاستئناف بغير دليل يؤيده فإنه لا على محكمة الاستئناف إذا هي التفتت عنه، ولا يعتبر إغفالها الرد على مثل هذا الدفاع قصوراً يبطل حكمها.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون ذلك أنه قضى بفسخ عقد البيع ورد الثمن استناداً إلى ما ورد في البند الخامس من هذا العقد الذي تعهد فيه البائع بسداد كافة الحقوق التي على العقار المبيع وشطب التسجيلات الموقعة عليه وما نص عليه في هذا البند من ضمان الطاعن الثالث للبائع وتضامنه معه في تنفيذ هذا الالتزام - هذا في حين أن التفسير القانوني الصحيح لهذا البند يؤدي إلى عدم جواز طلب فسخ البيع ورد الثمن إلا بعد ثبوت استحقاق أي دين لدائن صاحب حق عيني على العقار المبيع واتخاذه إجراءات على العقار للتنفيذ بهذا الدين وإذ كان المطعون ضدهما المشتريان لم يقدما لمحكمة الموضوع ما يدل على اتخاذ أي دائن إجراء على العين المبيعة وكان الثابت أن جميع الحقوق العينية المترتبة على هذه العين قد شطبت تسجيلاتها فعلاً عدا دين مصلحة الضرائب الذي ما زال محل نزاع بينهما وبين ورثة البائع فضلاً عن أنه دين احتمالي ومقدر تقديراً جزافياً فإن قضاء الحكم المطعون فيه بفسخ العقد ورد الثمن يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من عقد البيع المسجل المقدم بملف الطعن أن نص البند الخامس منه يجري على النحو الآتي: "تعهد البائع الطرف الأول بسداد كافة الحقوق التي على العقار المباع من طرفه خاصة وعمل شطب عمومي عنها جميعها بمصاريف على حسابه بحيث لو اتخذت إجراءات ضد العقار المباع فيكون هو المسئول ويقر الطرف الثالث (الطاعن الثالث) بأنه ضامن متضامن في هذا البيع والثمن وضامن متضامن مع البائع في تصفية كافة الحقوق العينية على العقار المباع وعمل شطب عنها وملزم بما يترتب نحو أي إجراء يتخذ ضد العقار المباع بهذا ضمان تضامن غروم وإلزام" - ولما كانت محكمة الموضوع قد استندت في قضائها بفسخ عقد البيع إلى أن البائع قد التزم بموجب هذا البند بتطهير العين المبيعة من كافة ما عليها من الحقوق العينية والقيود واعتبرت هذا الالتزام عن الالتزامات الجوهرية في مقصود المتعاقدين وقت التعاقد وأن عدم وفاء البائع به رغم إعذاره وإعذار الضامن أيضاً في 3 من سبتمبر سنة 1957 يسوغ فسخ العقد طبقاً للمادة 157/ 1 من القانون المدني التي تنص على أنه في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه - فإن محكمة الموضوع تكون قد مارست سلطتها الموضوعية في تفسير العقد بما لا يخرج عن مدلوله الظاهر وفي اعتبار الالتزام المنصوص عليه في البند الخامس المتقدم الذكر التزاماً جوهرياً - وهو التزام غير التزام البائع بضمان الاستحقاق - كما أنها حين رتبت على الإخلال بهذا الالتزام وامتناع البائع عن الوفاء به بعد إعذاره فسخ العقد لا تكون مخالفة للقانون. أما ما يدعيه الطاعن من سبق شطب التسجيلات والحقوق العينية المترتبة على العقار المبيع فإنه ينقضه ما أثبته الحكم الابتدائي في أسبابه من وجود قيود كثيرة على العقار المبيع لدائنين مختلفين ولم يقدم الطاعن أو ورثة البائع لمحكمة الموضوع الدليل على شطب شيء من تلك الحقوق ولا اعتداد بالمستندات المقدمة منهم لمحكمة النقض لعدم تقديم الدليل على سبق عرضها على محكمة الموضوع هذا إلى أن الطاعن مقر بأنه ما زال لمصلحة الضرائب حق عيني على العقار المبيع

الطعن 229 لسنة 31 ق جلسة 24 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 60 ص 434

جلسة 24 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

-----------------

(60)
الطعن رقم 229 لسنة 31 القضائية

(أ) نقض "الصفة في الطعن". محاماة.
تقديم المحامي المقرر بالطعن التوكيل الصادر إليه من الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنين. تصريح الأخيرين في توكيلهم للطاعن الأول بتوكيل محامين للطعن بالنقض نيابة عنهم. اعتبار الطعن مقرراً به ممن له صفة.
(ب) حكم. "منطوق الحكم".
عدم اقتصار منطوق الحكم على رفض الدعوى وقضاؤه بثبوت ملكية المدعى عليه وهو ما كان يجب ذكره في الأسباب. ليس ذلك قضاء بما لم يطلبه الخصوم، ولا أثر له على سلامة الحكم.
(ج) دعوى. "انقطاع سير الخصومة". بطلان.
بطلان الإجراءات المترتبة على انقطاع سير الخصومة بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايته وهم خلفاء المتوفى ومن قام مقام من فقد أهليته أو زالت صفته. ليس لغيرهم أن يحتج بهذا البطلان.
(د) محكمة الموضوع. تقادم. "تقادم مكسب".
تقدير أدلة الدعوى والوقائع المؤدية إلى كسب الملكية بمضي المدة الطويلة مما تستقل به محكمة الموضوع.

---------------
1 - إذا كان محامي الطاعن الذي قرر بالطعن أودع وقت التقرير به التوكيل الصادر إليه من الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنين وكان توكيل الأخيرين إلى الطاعن الأول يتسع للتصريح له في توكيل محامين للطعن بالنقض نيابة عنهم فإن الطعن بالنسبة لهم يكون مقرراً به من ذي صفة.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه لم يقتصر في منطوقه على إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط حق الوقف في الأرض محل النزاع بمضي المدة وعلى رفض الدعوى الموجهة قبله، بل ضمن هذا المنطوق النص على اعتبار الوقف مالكاً لما ثبتت ملكيته له وهو ما كان يجب ذكره في الأسباب فإن ذلك من الحكم لا يؤثر على سلامته ولا يعتبر منه قضاء للوقف بما لم يطلبه.
3 - بطلان الإجراءات المترتبة على انقطاع سير الخصومة، بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايته تمكيناً له من الدفاع عن حقوقه وهم خلفاء المتوفى ومن يقومون مقام من فقد أهليته أو زالت صفته فلا يحق لغيرهم أن يحتج بهذا البطلان.
4 - تقدير أدلة الدعوى والوقائع المؤدية إلى كسب الملكية بمضي المدة الطويلة هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى اعتمدت على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الأحكام المطعون فيها وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن ورثة علي حسن البدري (المطعون ضدهم عدا الأول) أقاموا الدعوى رقم 1857/ 162 سنة 32 قضائية أمام محكمة المنصورة الابتدائية المختلطة على الطاعنين ووقف الخانكي (المطعون ضده الأول) طالبين الحكم أصلياً بأن قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى لا تدخل ضمن أعيان وقف الخانكي - واحتياطياً وفيما إذا قضي بأن تلك الأرض كلها أو بعضها تدخل ضمن أعيان ذلك الوقف بفسخ عقد البيع المسجل في 9 من يونيه سنة 1935 برقم 176 مع إلزام ورثة كحيل "الطاعنين" برد الثمن والفوائد مع التضمينات وقالوا شرحاً لدعواهم إنه بمقتضى وذلك العقد اشترى مورثهم المرحوم علي حسن البدري من ورثة كحيل "الطاعنين" قطعة أرض كائنة بمدينة دمياط مساحتها 655.69 متراً مربعاً مبينة الحدود والمعالم بالعقد وبالصحيفة بثمن قدره 1771 ج و92 م وبعد أن أقاموا عليها منزلاً بلغت تكاليفه 10000 ج رفع وقف الخانكي ضدهم الدعوى رقم 74 سنة 1935 أمام محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية بطلب استحقاقه لتلك الأرض وقضت تلك المحكمة للوقف بطلباته ولهذا فقد رفعوا هذه الدعوى بطلباتهم السابقة وفي أول مايو سنة 1939 قضت محكمة المنصورة المختلطة برفض الدفع المقدم من وقف الخانكي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها وقبل الفصل في الموضوع بالانتقال إلى أرض النزاع بمصاحبة خبير يقوم بتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة لبيان ما إذا كانت أرض النزاع تدخل أولاً تدخل ضمن أعيان وقف الخانكي المبينة بحجته وفي 29 من مارس سنة 1943 قضت المحكمة بندب ثلاثة خبراء لأداء ذات المهمة وبعد أن قدم الخبراء الثلاثة تقريرهم قضت بجلسة 8 من فبراير سنة 1949 بالتصديق على تقرير الخبراء الثلاثة المودع بملف الدعوى وبسقوط حق وقف الخانكي بمضي المدة بالنسبة لأرض النزاع المبينة بصحيفة الدعوى فرفعت زليخة إبراهيم زهدي ناظرة الوقف الاستئناف رقم 97 سنة 1 ق أمام محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاء الحكم الصادر بجلسة أول مايو سنة 1939 والحكم الصادر بجلسة 8 من فبراير سنة 1949 والقضاء بعدم اختصاص المحكمة المختلطة بنظر الدعوى وفي الموضوع برفضها وأثناء سير الاستئناف تنازل وقف الخانكي عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة المختلطة بنظر الدعوى وقد توفيت الناظرة زليخة إبراهيم زهدي وحلت محلها في الاستئناف الناظرة سنية مصطفى زهدي التي ظلت توالي السير فيه حتى توفيت وحل محلها السيد/ محمد مصطفى زهدي الذي عينه القضاء المستعجل حارساً على أعيان الوقف بالحكم رقم 1790 سنة 1953 مدني مستعجل القاهرة وفي 30 يناير سنة 1960 دفع حسين علي البدري بانقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح فيها وفي 24 من مارس سنة 1960 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وبرفض الدفع المبدى من المطعون ضده حسين علي البدري بانقضاء الخصومة بخمس سنوات ثم قضت في 27 من يونيه سنة 1960 قبل الفصل في موضوع الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف عليهم "الطاعنون" وورثة علي حسن البدري المطعون ضدهم بكافة طرق الإثبات أن قسطنطين كحيل وورثته من بعده قد وضعوا اليد على العين موضوع النزاع وضع يد هادئ وبطريقة علنية ومستمرة لا غموض فيها بصفتهم ملاك لها مدة ثلاث وثلاثين سنة قبل رفع الدعوى الشرعية وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت بتاريخ 30 من مارس سنة 1961 في الدعوى الأصلية بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط حتى وقف مصطفى الخانكي بمضي المدة فيما يتعلق بقطعة الأرض موضوع النزاع وباعتباره مالكاً لما مقداره 272.98 متراً مربعاً شيوعاً في القطعة المذكورة باعتبارها أرضاً فضاء وأقامت قضاءها على أن الأرض موضوع النزاع تدخل في حجة وقف الخانكي إذ كان يشترك فيها بحق النصف مع وقف أوخى باش الذي تصرف فيها لورثة كحيل الطاعنين بحجة البدل المؤرخة أول رجب سنة 1258 هـ وأن هذا البدل لا يحتج به على وقف الخانكي وأن الثابت من تقرير الخبراء الثلاثة والذي تأخذ به المحكمة أن تلك الأرض مملوكة على الشيوع لوقف الخانكي وورثة كحيل يخص الوقف فيها 272.98 متراً مربعاً ويخص الورثة 382.98 متراً مربعاً وأن الورثة المذكورين عجزوا عن إثبات امتلاكهم لحصة الوقف بالتقادم المكسب وفي 29 من إبريل سنة 1961 طعن الطاعنون في الأحكام الثلاثة الصادرة في 24 من مارس سنة 1960 و27 من يونيه سنة 1960 و30 من مارس سنة 1961 بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض على دائرة الفحص فقررت بجلسة 22 فبراير سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض تلك الأحكام ودفع المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن ورأت النيابة في مذكرتها الثانية رفض هذا الدفع وتمسكت بما جاء في مذكرتها الأولى وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن المطعون ضده الأول دفع بعدم قبول الطعن من الطاعنات الثلاثة شيزير وفارود وماري كحيل للتقرير به من غير ذي صفة وقال شرحاً للدفع إن الدكتور حسن زكي الإبراشي المحامي قرر بالطعن بصفته وكيلاً عن السيد نيقولا هيجلند كحيل عن نفسه وبصفته وكيلاً عن شيزير كحيل وفارود كحيل وماري كحيل بالتوكيل رقم 15454 سنة 1958 عام القاهرة ولم يقدم وقت التقرير بالطعن التوكيل الصادر من هؤلاء إلى نيقولا هيجلند كحيل وبالتالي يكون الطعن منهن مقرراً به من غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أنه يبين من الاطلاع على الملف أن محامي الطاعنين الذي قرر بالطعن أودع وقت التقرير به التوكيل الصادر إليه من نيقولا هيجلند كحيل عن نفسه وبصفته وكيلاً عن الطاعنات الثلاثة شيزير وفارود وماري كحيل كما أودع بتاريخ 14 من مارس سنة 1964 صورة رسمية من التوكيل الرسمي الصادر من هؤلاء الطاعنات إلى الطاعن الأول نيقولا هيجلند كحيل في 6 من يناير سنة 1943 وهو تاريخ سابق على التقرير بالطعن ويبين منها أن التوكيل الصادر منهن إليه يتسع للتصريح له في توكيل المحامين للطعن بالنقض نيابة عنهن وبذلك يكون الطعن من هؤلاء الطاعنات مقرراً به من ذي صفة ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه والصادر في 30 من مارس سنة 1961 الخطأ في القانون وفي بيان ذلك قالوا إن ورثة علي حسن البدري "المطعون ضدهم" أقاموا الدعوى بطلب ملكية الأرض موضوع النزاع وكان وقف الخانكي مدعى عليه فيها واقتصر دفاعه على طلب رفضها ولم يطلب القضاء له بملكيتها ولكن الحكم المطعون فيه تجاوز طلبات الوقف وقضى بثبوت ملكيته للأرض موضوع النزاع وهو خطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن ورثة علي حسن البدري أقاموا الدعوى ضد وقف الخانكي المطعون ضده الأول وضد الطاعنين طالبين الحكم أصلياً بأن أرض النزاع لا تدخل كلها أو بعضها ضمن أعيان وقف الخانكي وكان هذا الوقف يطلب رفض الدعوى تأسيساً على أن الأرض مملوكة له ولما قضت محكمة الدرجة الأولى بسقوط حق وقف الخانكي في تلك الأرض بمضي ثلاث وثلاثين سنة استأنف الوقف هذا الحكم وتمسك بأن الأرض مملوكة له وتدخل ضمن أعيانه ولما كان الحكم في الاستئناف المرفوع من وقف الخانكي يقتضي الفصل في ملكية أرض النزاع وهل هي للوقف المذكور أم للطاعنين وقد انتهى الحكم على ما يبين من أسبابه إلى أن الوقف يملك جزء فيها وأن الطاعنين عجزوا عن إثبات اكتسابهم ملكية هذا الجزء بالتقادم الطويل فبقي على ملك الوقف، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقتصر في منطوقه على إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط حق وقف الخانكي بمضي المدة في الأرض محل النزاع وعلى رفض الدعوى بل ضمن هذا المنطوق النص على اعتبار الوقف مالكاً لما ثبتت ملكيته له وهو ما كان يجب ذكره في الأسباب فإن ذلك من الحكم لا يؤثر على سلامته ولا يعتبر منه قضاء للوقف بما لم يطلبه ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم الصادر بجلسة 24 من مارس سنة 1960 قد أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك قال الطاعنون إن الخصومة في الاستئناف كانت منقطعة بحكم المادة 294 مرافعات من يوم 14 من سبتمبر سنة 1952 وهو تاريخ صدور المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات وأيلولة ملكية أعيان الوقف إلى المستحقين كل بقدر حصته فزالت صفة ناظر الوقف في تمثيلهم منذ ذلك التاريخ أو في القليل منذ وفاة السيدة سنية إبراهيم زهدي في 28 من ديسمبر سنة 1952 وترتب على هذا الانقطاع بطلان الإجراءات التي تمت أثناءه وظلت الخصومة منقطعة لمدة تزيد على خمس سنوات دون أن يتخذ فيها أي إجراء صحيح وعلى هذا الأساس دفع حسين علي البدري "المطعون ضده" بانقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح فيها ورفضت المحكمة هذا الدفع استناداً إلى أن الدعوى سارت في طريقها منذ رفعها دون أن يصدر فيها حكم بالشطب أو بالوقف أو بالانقطاع ودون أن يطلب الحكم بانقطاع الخصومة وأن مدة التقادم لا تبدأ إلا من الوقت الذي يصدر فيه حكم بشطب الدعوى أو وقفها أو انقطاع السير فيها وهذا من الحكم خطأ في القانون إذ انقطاع الخصومة يحصل بقوة القانون وبغير حاجة إلى حكم به والإجراءات التي تتخذ أثناء الانقطاع تقع باطلة.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الذي أبدى الدفع بانقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات هو المطعون ضده حسين علي البدري وقد أسسه على أن الخصومة قد انقطعت بقوة القانون بسبب زوال صفة ناظر الوقف منذ صدور المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 في 14 من سبتمبر سنة 1952 أو في القليل من تاريخ وفاة الناظرة السيدة/ سنية إبراهيم زهدي في 28 من ديسمبر سنة 1952 وأن الإجراءات التي تمت في الاستئناف ابتداء من أحد هذين التاريخين قد وقعت باطلة وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن بطلان الإجراءات المترتب على انقطاع سير الخصومة هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايته تمكيناً له من الدفاع عن حقوقه وهم خلفاء المتوفى ومن يقومون مقام من فقد أهليته أو زالت صفته فلا يحق لغيرهم أن يحتج بهذا البطلان فإنه ما كان لحسين علي البدري أو للطاعنين أن يحتجوا بالبطلان الناشئ عن انقطاع سير الخصومة بسبب زوال صفة ممثل الوقف أو وفاته ولا يكون للطاعنين بالتالي أن يعيبوا على الحكم المطعون فيه اعتباره هذه الإجراءات صحيحة إذ أنها تعتبر صحيحة بالنسبة إليهم وترتيباً على ذلك فإن الدفع بانقطاع الخصومة المؤسس على بطلان تلك الإجراءات يكون منهار الأساس ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضي برفضه لم يخالف القانون.
حيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وفي بيان ذلك قال الطاعنون إنهم تمسكوا في مذكرتهم الختامية أمام محكمة الاستئناف بأن ملكية أرض النزاع آلت إليهم بالحجة الشرعية المؤرخة أول رجب سنة 1258 هـ وأن السيدة عائشة خاتون كانت تمثل في هذه الحجة وقفي أوضى باشى والخانكي وأن حجة وقف الخانكي صريحة في الإبقاء على ملكية وقف أوضى باشى لأرض النزاع وأن البدل الذي أجرته السيدة/ عائشة خاتون إلى الطاعنين صحيح وأن محمد حسيب الخانكي الناظر على وقف الخانكي صادق على حجة ملكيتهم في سنة 1276 وأنه لا يحق للنظار اللاحقين أن يتعرضوا للطاعنين في ملكيتهم لهذه الأرض وأن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا إلا بقوله إن حجة البدل المؤرخة أول رجب سنة 1258 هـ لا يحتج بها على وقف الخانكي دون أن يوضح السبب في عدم إمكان هذا الاحتجاج مما يجعل الحكم مشوباً بقصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون أنه رد على هذا الدفاع بقوله "وحيث إنه لا نزاع في أن الأرض موضوع النزاع داخلة في حجة الوقف الذي يمثله المستأنف (وقف الخانكي) إذ كان يشترك فيها بحق النصف مع وقف أوضى باشى الذي أعطاها لمورث ورثة كحيل بحجة البدل المؤرخة أول رجب سنة 1258 وأن هذا البدل لا يعتبر حجة على وقف الخانكي كما جاء في الحكم المستأنف بحق" وظاهر من هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه أنه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي في هذا الصدد ولما كان الطاعنون لم يقدموا صورة رسمية من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه عند رده على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص واكتفوا بتقديم صورة عرفية لا يعتد بها في إثبات الطعن فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم الصادر في 27 من يونيه 1960 والذي قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت ورثة البدري المطعون ضدهم وورثة كحيل الطاعنين أن قسطنطين كحيل وورثته من بعده قد وضعوا اليد على أرض النزاع مدة 33 سنة قبل رفع الدعوى الشرعية - قد أخطأ في القانون لأن وضع يد الطاعنين كان ثابتاً من التحقيق الذي أجرته الحكومة في سنة 1887 على أثر قيام نزاع بينها وبينهم على ملكية هذه الأرض ومن خريطة فك الزمام التي وضعت في سنة 1888 والتي ثبت منها أن أرض النزاع ملك لهم وفي حيازتهم وعليها مبان مملوكة لهم ومما أثبته الخبير في الدعوى رقم 265 سنة 31 ق من أن مورثهم كان يضع يده على تلك الأرض وقد أهدر الحكم كل هذه المستندات الرسمية وأجاز إثبات عكسها بالبينة كما أخطأ الحكم إذا سقط حجية خريطة فك الزمام التي وضعتها الحكومة لمجرد ادعاء المطعون ضده الأول بتزييفها دون أن يطعن عليها بالتزوير.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت الأوراق التي يستند إليها الطاعنون في سبب الطعن ليس لها حجية ملزمة أو قاطعة في إثبات وضع يدهم وكان تقدير أدلة الدعوى والوقائع المؤدية إلى كسب الملكية بمضي المدة الطويلة هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى اعتمدت على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وكانت الأدلة التي استند إليها الحكم المطعون فيه مستمدة من أوراق الدعوى ومستخلصة منها استخلاصاً سائغاً ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها فإن ما يثيره الطاعنون في شأن عدم كفاية هذه الأدلة وكفاية أدلتهم التي لم تأخذ بها المحكمة يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في الموازنة بين الأدلة التي يدلي بها الخصوم وتقدير كفايتها أو عدم كفايتها ومثل هذا الجدل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم الصادر في 27 يونيه سنة 1960 الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن نفس الواقف في وقف الخانكي سبق أن أقر لمورثهم إقراراً قضائياً بخروج أرض النزاع من وقف الخانكي فقد ذكر في الحجة الشرعية المؤرخة 17 شعبان سنة 1254 أنه ليس له ولا لوقفه أي حق على القطعة الواقعة بحري الجسر السلطاني الذي حل محله شارع اللوزي حسبما يبين من تقرير الخبراء وهو الشارع الذي تقع فيه حالياً أرض النزاع - لكن محكمة الاستئناف أهدرت هذا الإقرار وأحالت الدعوى إلى التحقيق وانتهت من هذا التحقيق إلى أن الوقف هو المالك وذلك على خلاف ما أقر به الواقف وبذلك جاء الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور ومخطئاً في القانون.
وحيث إنه لما كان الطاعنون لم يقدموا لمحكمة النقض دليلاً على تمسكهم بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع سوى صورة عرفية لمذكرة وهذه الصورة ما دامت غير رسمية فلا يعتد بها ولهذا فإن نعيهم بهذا السبب يكون عارياً من الدليل كما لا يجوز للطاعنين التحدي بهذا الدفاع الذي يخالطه واقع لأول مرة أمام محكمة النقض ما داموا لم يثبتوا سبق عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إنه لما تقدم يكون النعي برمته غير سديد.

الطعن 93 لسنة 31 ق جلسة 24 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 59 ص 425

جلسة 24 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

---------------

(59)
الطعن رقم 93 لسنة 31 القضائية

(أ) تقادم "بدء التقادم" ضرائب. رسوم. التزام "استرداد ما دفع بغير حق".
تقادم الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم المدفوعة بغير حق. بدؤه من يوم الدفع دون توقف على علم الممول بحقه في الرد. ذلك استثناء من القاعدة العامة المقررة في المادة 187 من القانون المدني.
(ب) تقادم. التقادم المسقط. "وقف التقادم".
الجهل بالحق في استرداد ما دفع بغير حق لا يمنع من سريان التقادم ولا يترتب عليه وقفه.
(ج) قانون "تنازع القوانين من حيث الزمان" تقادم. "بدء التقادم".
النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم. عدم سريانها على ما اكتمل من التقادم وفقاً للنصوص القديمة قبل العمل بالنصوص الجديدة. اكتمال مدة التقادم المنصوص عليه في المادة 377 مدني بالنسبة للمبالغ المطالب بردها قبل تاريخ العمل بالقانون 646 لسنة 1953 عدم سريان القانون المذكور على هذا التقادم.
(د) رسوم. "استحقاق الرسم". تقادم. "بدء التقادم".
رسم. استحقاقه على أساس الإنتاج الفعلي. عدم اعتباره من الرسوم السنوية. رسم حلج القطن. استقلال الرسم المستحق على كمية عن الرسم المستحق على كمية أخرى. المطالبة برد الرسم المدفوع عن إحدى الكميتين لا يقطع التقادم بالنسبة للرسم المدفوع على الكمية الأخرى.

----------------
1 - تقضي المادة 377 من القانون المدني بأنه "يتقادم بثلاث سنوات الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها" ومؤدى صريح هذا النص أن التقادم في هذه الحالة يبدأ من يوم دفع الرسوم المطالب بردها ودون توقف على علم الممول بحقه في الرد. وحكم هذه المادة يعتبر استثناء وارداً على القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 187 من القانون المدني والتي تقضي بأن سقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بثلاث سنوات يبدأ من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد.
2 - الجهل بالحق في استرداد ما دفع بغير حق لا يمنع من سريان التقادم ومن ثم فإن هذا الجهل لا يمكن أن يكون من الموانع التي يترتب عليها وقف التقادم بعد سريانه طبقاً للمادة 382 من القانون المدني.
3 - القاعدة بحسب مفهوم المادة 7 من القانون المدني أن النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم لا تسري على ما اكتمل من التقادم وفقاً للنصوص القديمة قبل العمل بالنصوص الجديدة فإذا كانت مدة التقادم - وفقاً للمادة 377/ 2 من القانون المدني قد اكتملت بالنسبة لجميع المبالغ المطالب بردها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 646 لسنة 1953 فلا يسري القانون المذكور على هذا التقادم وبالتالي فلا محل للاستناد إلى الحكم المستحدث الوارد في عجز المادة الثانية منه والذي يقضي ببدء التقادم من تاريخ إخطار الممول بحقه في الرد إذا ظهر هذا الحق بعد إجراءات اتخذتها الجهة التي قامت بالتحصيل.
4 - الرسم المفروض على أساس الإنتاج الفعلي يستحق للمجلس البلدي - وفقاً لقرار وزارة الصحة الصادر في 5 إبريل سنة 1949 - بمجرد حلج أية كمية من القطن وفي اليوم الذي يتم فيه حلجها ومن ثم فلا يعتبر هذا الرسم من الرسوم السنوية التي يبدأ سريان التقادم بالنسبة لها من نهاية السنة التي تستحق فيها طبقاً لما تنص عليه المادة 377 من القانون المدني. وإذ كان الرسم يستحق بمجرد حلج القطن فإن دين الرسم المستحق على حلج أية كمية من القطن يكون ديناً مستقلاً عن الرسم المستحق على كمية أخرى حلجت في يوم تال ومن ثم فإن المطالبة القضائية برد الرسم المدفوع عن إحدى الكميتين لا تقطع التقادم بالنسبة للرسم المدفوع عن الكمية الأخرى إذ ولو أن مصدر الرسم في الحالين هو القرار الوزاري القاضي بفرضه إلا أنهما لا يعتبران ديناً واحداً حتى يقال بأن المطالبة بجزء من هذا الدين تقطع التقادم بالنسبة لباقي المستحق منه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين بصفتهما حارسين قضائيين على محلج المرحوم جرجس عبد الشهيد أقاما في 30 من أكتوبر سنة 1955 الدعوى رقم 5168 سنة 1955 كلي القاهرة ضد المطعون ضدهما وطلبا فيها إلزامهما بأن يدفعا لهما مبلغ 1357 ج و280 م مع فوائده القانونية وقالا بياناً لدعواهما إنهما يديران محلج قطن لورثة المرحوم جرجس عبد الشهيد ببندر ببا وكانا منذ ديسمبر سنة 1946 يدفعان رسماً على المحلج على أساس المظهر الخارج قدره 220 جنيهاً سنوياً بواقع أربعة جنيهات عن كل دولاب إلا أنه صدر قرار من وزير الصحة في 5 من إبريل سنة 1949 بتحصيل الرسوم على المحالج على أساس الإنتاج الفعلي بواقع عشرة مليمات عن كل قنطار من القطن المحلوج وخمسة مليمات عن كل أردب من البذرة وقد نشر هذا القرار بالجريدة الرسمية في 28 من إبريل سنة 1949 ونص فيه على سريانه اعتباراً من أول مارس سنة 1949. وما أن نشر هذا القرار حتى بادر المطعون ضده الأول بتنفيذه بأثر رجعي ابتداء من أول مارس سنة 1949 فاعترض الطاعنان على ذلك ولما لم يجد اعتراضهما نفعاً فقد رفعا في 19 من إبريل سنة 1950 الدعوى رقم 1439 سنة 1950 كلي مصر ضد مجلس بلدي ببا وقالا فيها إن هذا المجلس اقتضى من المحلج رسمين أولهما الرسم القديم المقدر على أساس المظهر الخارجي وثانيهما الرسم الجديد المقدر على أساس الإنتاج الفعلي وتمسكا ببطلان الأثر الرجعي للقرار الصادر في 5 من إبريل سنة 1949 وطلبا نتيجة لذلك رد المبلغ المحصل بغير وجه حق وقدره عن شهور مارس وإبريل ومايو سنة 1949 - 457 ج و400 م وقد قضي لصالحهما نهائياً باسترداد مبلغ 237 ج و400 م وهو ما حصله المجلس البلدي منهما بغير حق في تلك الشهور الثلاثة وقد قطعت محكمة الاستئناف في أسباب حكمها الصادر في تلك الدعوى بتاريخ 6 إبريل سنة 1954 بأن الطاعنين لا يلزمان في السنة المالية الممتدة من أول مارس سنة 1949 حتى آخر فبراير سنة 1950 إلا بالرسوم على الأساس القديم وهو المظهر الخارجي المحدد على الدولاب وقدر هذه الرسوم 220 ج - ومضى الطاعنان في دعواهما قائلين أنهما لما كان المجلس قد حصل منهما رسوماً أخرى عن المدة من أول يونيه سنة 1949 حتى آخر فبراير سنة 1950 على أساس الإنتاج الفعلي وهو الأساس الذي قطعت محكمة الاستئناف في حكمها السابق بعدم انطباقه عليهما إلا اعتباراً من أول مارس سنة 1950 فقد رفعا هذه الدعوى بطلب رد هذه الرسوم التي دفعت منهما بغير حق والتي بلغ مجموعها 1357 ج و280 م - وبتاريخ 30 من يونيو سنة 1959 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بإلزام المدعى عليهما (المطعون ضدهما) بأن يدفعا للطاعنين مبلغ 1357 ج و181 م مع فوائده بواقع 4 % من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 30/ 10/ 1955 حتى تمام السداد - استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1150 سنة 77 ق وتمسكاً منه بتقادم حق الطاعنين في المطالبة برد الرسوم التي دفعت منهما بغير حق بمضي ثلاث سنوات من تاريخ دفعها طبقاً للمادة 377/ 2 من القانون المدني وقالا إن الطاعنين قد سددا الرسوم المطالب بردها بإيصالات آخرها بتاريخ 29/ 8/ 1950 ولم ترفع الدعوى المطالبة بها إلا في 30/ 10/ 1955 أي بعد فوات مدة التقادم المنصوص عليها قانوناً. وفي 19 من يناير سنة 1961 قضت محكمة استئناف القاهرة بقبول الدفع بالتقادم وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف ضدهما - فطعن الأخيران في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك قالا إنهما قد ردا أمام محكمة الاستئناف على دفاع المطعون ضدهما المؤسس على تقادم حقهما في المطالبة برد الرسوم المدفوعة بغير حق بمضي ثلاث سنوات طبقاً للمادة 377/ 2 من القانون المدني - بأن هذه المادة قد عدلت بالقانون رقم 646 سنة 1953 الذي نصت المادة الثانية منه على أن يبدأ سريان تقادم الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق من يوم دفعها إلا إذا ظهر الحق في طلب الرد بعد إجراءات اتخذتها الجهة التي قامت بالتحصيل فيبدأ التقادم من تاريخ إخطار الممول بحقه في الرد بموجب كتاب موصى عليه - وأن هذا النص قد جاء تطبيقاً للقواعد العامة الواردة في المادة 187 من القانون المدني التي تقضي بأن تقادم دعوى استرداد ما دفع بغير حق حتى لا يبدأ إلا من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد - وأنه لذلك فإن حق الطاعنين في استرداد ما دفعاه من الرسوم بغير حق لا يبدأ تقادمه إلا من وقت علمهما بهذا الحق وهو تاريخ الحكم الصادر لصالحهما في 6 من إبريل سنة 1954 في الاستئنافين رقمي 700 و711 سنة 70 ق وأنهما وقد رفعا دعواهما الحالية بطلب رد هذه الرسوم في 10 أكتوبر سنة 1955 فإن الدفع بالتقادم يكون على غير أساس - لكن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر بمقولة إنه لا محل للاستناد إلى نص المادة 187 من القانون المدني مع وجود قانون استثنائي خاص هو القانون رقم 646 سنة 1953 الذي يجب إعمال أحكامه دون سواها ومن بينها حكم المادة الثانية منه الذي يقضي بأن يبدأ سريان تقادم الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق من يوم دفعها - ويرى الطاعنان أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون إذ اعتبر القانون رقم 646 سنة 1953 قانوناً استثنائياً وأن الشارع خرج به على القواعد العامة المقررة في المادة 187 مدني فجعل بدء التقادم فيه من يوم دفع الرسوم أو الضرائب بصفة مطلقة وبغير قيد مع أن عجز المادة الثانية من ذلك القانون صريح في أن التقادم لا يبدأ إلا من تاريخ علم الدافع بحقه في الاسترداد وبعد إخطاره من الجهة التي قامت بالتحصيل بهذا الحق بخطاب موصى عليه وهذا الشطر من النص أهدره الحكم المطعون فيه وتغاضى عنه ولم يعن بالرد عليه مع ما له من أثر في الدعوى ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه علاوة على خطئه في القانون معيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان القانون رقم 646 لسنة 1953 قد نص على أن يعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وقد تم هذا النشر في 26 من ديسمبر سنة 1953 - وكانت القاعدة بحسب مفهوم المادة 7 من القانون المدني أن النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم لا تسري على ما اكتمل من التقادم وفقاً للنصوص القديمة قبل العمل بالنصوص الجديدة، وكانت المادة 377 من القانون المدني تقضي بأن "يتقادم بثلاث سنوات الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها" وهذا النص صريح بما لا يدع مجالاً للشك في أن التقادم في هذه الحالة يبدأ من يوم دفع الرسوم المطالب بردها ودون توقف على علم الممول بحقه في الرد، وحكم هذه المادة يعتبر استثناء وارداً على القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 187 من القانون المدني والتي تقضي بأن سقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بثلاث سنوات يبدأ من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد - لما كان ما تقدم، وكان آخر مبلغ من المبالغ المطالب بردها قد دفعه الطاعنان في 29 من أغسطس سنة 1950 فتكون مدة التقادم وفقاً للمادة 377/ 2 من القانون المدني قد اكتملت بالنسبة لجميع المبالغ المطالب بردها في 29 من أغسطس سنة 1953 قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 646 لسنة 1953 ومن ثم فلا يسري القانون المذكور على هذا التقادم وبالتالي فلا محل للاستناد إلى الحكم المستحدث الوارد في عجز المادة الثانية منه والذي يقضي ببدء التقادم من تاريخ إخطار الممول بحقه في الرد إذا ظهر هذا الحق بعد إجراءات اتخذتها الجهة التي قامت بالتحصيل - لما كان ما تقدم، وكان الطاعنان لم يرفعا دعواهما الحالية إلا في 30 من أكتوبر سنة 1955 فإن حقهما في المطالبة برد المبالغ التي دفعاها بغير حق يكون قد سقط بالتقادم ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة وبنى على ذلك قضاءه برفض الدعوى غير مخالف للقانون ويكون النعي على ما ورد في أسبابه في شأن القانون رقم 646 لسنة 1953 الذي لا ينطبق على النزاع غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون أيضاً والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بنص المادة 382 من القانون المدني التي تقضي بأن التقادم لا يسري طالما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً - وقالا بأنهما كانا يجهلان حق المحلج في استرداد بقية الرسوم المدفوعة منهما بغير حق وأن هذا الجهل موقف للتقادم إذ لم ينكشف لهما الحق في الاسترداد إلا بالحكم الاستئنافي الصادر لصالحهما في 6 من إبريل سنة 1954 فلا يجوز أن يسري التقادم في حقهما إلا من هذا التاريخ ولما كانت دعواهما باسترداد ما دفع بغير حق قد رفعت في 30 من أكتوبر سنة 1955 فإن مدة التقادم لم تكتمل وقت رفع الدعوى - لكن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بأن الجهل بحق الرد ليس من الأسباب المانعة قانوناً من المطالبة والموقفة لسريان مدة التقادم - وهذا من الحكم خطأ في القانون ذلك أن نص المادة 382 مدني جاء عاماً شاملاً وهو يقضي بوقف التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولا جدال في أن جهل الدائن بحقه يتعذر معه مطالبته به خصوصاً إذا لم يكن هذا الجهل ناشئاً عن إهمال أو تقصير منه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان مقتضى المادة 377/ 2 من القانون المدني التي تحكم التقادم في هذا النزاع أن سريان التقادم - كما تقدم ذكره - يبدأ من يوم دفع الرسوم المطالب بردها سواء كان الممول يعلم بحقه في الاسترداد أو لا يعلم، بمعنى أن الجهل بالحق في الاسترداد لا يمنع من سريان التقادم فإن هذا الجهل لا يمكن أن يكون بالتالي من الموانع التي يترتب عليها وقف التقادم بعد سريانه طبقاً للمادة 382 من القانون المدني ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر ورد على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص بأن جهلهما بحقهما في الرد ليس من الأسباب الموقفة لسريان مدة التقادم لأنه ليس من الأسباب المانعة قانوناً فإن النعي عليه في هذا السبب بمخالفة القانون والقصور يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومسخ الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا في ردهما على الدفع بتقادم الحق بأنهما وقد رفعا الدعوى الأولى رقم 1439 سنة 1950 كلي مصر بتاريخ 19 من إبريل سنة 1950 باسترداد بعض دينهما وهو الرسوم المسددة منهما بغير حق خلال شهور مارس وإبريل ومايو سنة 1949 فإن المطالبة القضائية برد بعض الرسوم المدفوعة بغير حق يعتبر قاطعاً لسريان التقادم بالنسبة لكامل هذه الرسوم المسددة خلال العام من مارس سنة 1949 حتى فبراير سنة 1950 لكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع تأسيساً على أنه لا صلة بين ما دفع في الفترة الأولى وما دفع في الفترة الثانية وإن كلا الدينين مستقل بذاته ولا ارتباط بينهما - وهذا الذي ذكره الحكم المطعون فيه من عدم وجود ارتباط بين الدينين ينطوي على مسخ للثابت بالأوراق ومخالفة للقانون إذ أن الارتباط وثيق بينهما بل هما في حقيقتهما دين واحد وهو دين الرسم المقرر على المحلج وفق قرار وزير الصحة القاضي بفرض رسم على المحلج على أساس الإنتاج الفعلي دون المظهر الخارجي وسواء تم دفع الرسم المذكور عن العام الممتد من أول مارس سنة 1949 حتى آخر فبراير سنة 1950 على دفعات كما حدث فعلاً أو دفع كله مرة واحدة فإن مجموع هذا الرسم دين واحد ومصدره واحد هو قرار وزير الصحة الصادر في 5/ 4/ 1949 وبذلك يكون رفع الدعوى باسترداد بعض الرسم المدفوع في عام 1949/ 1950 قاطعاً للتقادم بالنسبة لباقي الرسوم المدفوعة خلال هذا العام ولا يغير من وحدة هذا الرسم الذي مصدره قرار إداري واحد خاطئ أن يكون الاستحقاق متتابعاً أو أن يكون المحلج قد سدد الرسم على دفعات متلاحقة أو متعاقبة وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر ورفض الدفع بانقطاع التقادم لهذا السبب فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت المبالغ المطالب بردها قد حصلت من الطاعنين باعتبار أنها الرسم البلدي المستحق بمقتضى القرار الوزاري الصادر في 5 من إبريل سنة 1949 الذي يقضي بأن الرسم يحصل على أساس الإنتاج الفعلي بواقع عشرة مليمات عن قنطار القطن المحلوج وخمسة مليمات عن أردب البذرة فإن مؤدى ذلك أن هذا الرسم المفروض على أساس الإنتاج الفعلي يستحق للمجلس البلدي بمجرد حلج أية كمية من القطن وفي اليوم الذي يتم فيه حلجها وبواقع عشرة مليمات عن كل قنطار منها وخمسة مليمات عن كل أردب من البذرة ينتج عن عملية الحليج ومن ثم فلا يعتبر هذا الرسم من الرسوم السنوية التي يبدأ سريان التقادم بالنسبة لها من نهاية السنة التي تستحق فيها طبقاً لما تنص عليه المادة 377 من القانون المدني وإذ كان الرسم يستحق بمجرد حلج القطن فإن دين الرسم المستحق على حلج أية كمية من القطن يكون ديناً مستقلاً عن الرسم المستحق على كمية أخرى حلجت في يوم تال ومن ثم فإن المطالبة القضائية برد الرسم المدفوع عن إحدى الكميتين لا يقطع التقادم بالنسبة للرسم المدفوع عن الكمية الأخرى إذ ولو أن مصدر الرسم في الحالين هو القرار الوزاري القاضي بفرضه إلا إنهما لا يعتبران ديناً واحداً حتى يقال بأن المطالبة بجزء من هذا الدين تقطع التقادم بالنسبة لباقي المستحق منه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا مسخ الثابت في الأوراق.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 29 لسنة 32 ق جلسة 23 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 56 ص 401

جلسة 23 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

---------------

(56)
الطعن رقم 29 لسنة 32 القضائية

(أ) عمل. "انتهاء عقد العمل". "الأسباب الخاصة بفسخ العقد".
قواعد التأديب. عدم مراعاتها. فسخ عقد العمل لأحد الأسباب المنصوص عليها في القانون. جوازه.
(ب) عمل. "آثار عقد العمل". "سلطة رب العمل في تنظيم منشأته". "انتهاء عقد العمل". "الأسباب الخاصة بفسخ العقد".
سلطة رب العمل. تقدير كفاية العامل. وضعه في المكان الذي يصلح له. تكليفه بعمل آخر غير المتفق عليه لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً. نقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك. رفض العامل النقل. أثره. حق رب العمل في إنهاء العقد.

----------------
1 - عدم مراعاة قواعد التأديب لا يمنع - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - من فسخ عقد العمل وفصل العامل لأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 40 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952(1)، ومنها عدم قيام العامل بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل.
2 - من سلطة رب العمل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج (2)، ومن سلطته كذلك - طبقاً للمادة 19 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 وللفقرة الثانية من المادة 696 من القانون المدني - أن يكلف العامل عملاً آخر - غير المتفق عليه - لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً، وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك بحيث إذا رفض العامل النقل وسع صاحب العمل أن ينهي علاقة العمل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد/ أنطون خليل جبور أقام الدعوى رقم 1184 سنة 1958 عمال كلي الإسكندرية ضد بنك الجمهورية بطلب إلزامه بأن يدفع له 2326 ج و875 م وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بخدمة بنك يونيان بالإسكندرية في 17/ 2/ 1930 واستقال في يوم 20/ 10/ 1931 ثم عاد إلى الخدمة في 20/ 8/ 1938 واستمر إلى أن وضع البنك تحت الحراسة وتقدم بنك الجمهورية لشرائه في 18/ 4/ 1957 وقد اتخذ هذا الأخير سياسة جديدة للتخلص من موظفي بنك يونيان وبدأ يسيء معاملتهم حتى استقال عدد كبير منهم خلال ستة شهور من تاريخ الضم وقرر فصل المدعي في 31/ 10/ 1957 وإذ كان هذا الفصل تعسفياً ويستحق في ذمة البنك مبلغ 2326 ج و875 م منه 950 ج و885 م مكافأة نهاية الخدمة، 54 ج و466 م بدل إنذار، 14 ج و340 م ادخار، 1305 ج و184 م تعويضاً عن الفصل فقد انتهى إلى طلب الحكم له به ورد البنك بأنه لحاجة العمل ومقتضياته قرر نقل المدعي من فرعه بالإسكندرية إلى المركز الرئيسي بالقاهرة وامتنع عن تنفيذ قرار النقل فاضطر البنك إلى فصله لإخلاله بالتزاماته الجوهرية وبغير مكافأة ولا تعويض ولا بدل إنذار وطلب رفض الدعوى. وبتاريخ 29/ 11/ 1960 حكمت المحكمة بإلزام البنك بأن يدفع للمدعي أربعة عشر جنيهاً وثلاثمائة وأربعين مليماً والمصاريف المناسبة ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وأعفت المدعي من سائر المصاريف ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً تعديله والحكم له بباقي طلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 110 سنة 17 قضائية وبتاريخ 19/ 12/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأعفت المستأنف من المصروفات وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة - وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعن وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ لم يعول على ما تمسك به الطاعن من أن الفصل عقوبة تأديبية استلزم المشرع أن يسبقه تحقيق إداري وإلا كان باطلاً ولم يعن بتحقيق واقعة فصله بسبب الغياب وأنه تسلم عمله في 31/ 10/ 1957 في حين أن قواعد التأديب وجوبية ومن النظام العام ومما لا يجوز فصل العامل بغير مراعاتها وقرار الفصل لم يسبقه تحقيق إداري وهو بذلك يكون باطلاً ولا أثر له وفي حكم الإجراء التعسفي الجائر.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أن عدم مراعاة قواعد التأديب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنع من فسخ عقد العمل وفصل العامل لأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 40 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 - وهو الذي يحكم واقعة الدعوى - ومنها عدم قيام العامل بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن فصل الطاعن إنما كان بسبب إخلاله بالتزاماته الجوهرية فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعن تمسك في دفاعه لدى محكمة الموضوع بأن نقله من وظيفة رئيس إدارة قضايا البنك بالإسكندرية إلى وظيفة مترجم بالمركز الرئيسي بالقاهرة ينطوي على مخالفة للمادة 19 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 وهي لا تجيز لصاحب العمل أن يكلف العامل عملاً غير المتفق عليه أو يخرج عن القيود المشروطة في الاتفاق إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك، ورد الحكم المطعون فيه - والحكم الابتدائي معه - بأنه لا وجه للمحاجة بهذه المادة لعدم توافر شروطها مستنداً في ذلك إلى أنه ليس ثمة ما يدل على أن البنك اتفق مع الطاعن على أن يعمل رئيساً لقلم قضاياه بالإسكندرية دون غيره وأن وظيفة رئيس قلم القضايا بالإسكندرية لا تختلف في جوهرها مع وظيفة المترجم بالمركز الرئيسي - وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون على الواقع في الدعوى ومخالفة للحق والعدل إذ أن نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله بغير ما ذنب جناه يعد عملاً تعسفياً وفقاً للمادة 696 من القانون المدني متى كان الغرض منه إساءة العامل ونقل الطاعن من الإسكندرية التي ولد وعاش فيها مع عائلته والإطاحة به إلى بلد غير بلده ومن وظيفته كرئيس لقلم قضايا البنك بالإسكندرية وهي وظيفة رئيسية إلى وظيفة مترجم بالمركز الرئيسي وهي أقل ميزة وملاءمة وينطوي على إساءة له ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن من سلطة رب العمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج ومن سلطته كذلك - طبقاً للمادة 19 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 وللفقرة الثانية من المادة 696 من القانون المدني - أن يكلف العامل عملاً آخر - غير المتفق عليه - لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً، وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك بحيث إذا رفض العامل النقل وسعه أن ينهي علاقة العمل وإذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أنه على أثر انتقال ملكية بنك يونيان إلى بنك الجمهورية - ولمقتضيات العمل وضروراته أصدر هذا الأخير قراراً بنقل الطاعن إلى وظيفة مترجم بقسم قضاياه بالمركز الرئيسي بالقاهرة وهي لا تختلف في جوهرها عن وظيفته السابقة كرئيس لقلم قضاياه بالإسكندرية ولا تعتبر أقل ميزة أو ملاءمة إذ أن أعمال الترجمة من صميم العمل القضائي ولوازمه وامتنع عن تنفيذ هذا القرار وأصر على عدم تنفيذه رغم إنذاره بالفصل مع حرمانه من المكافأة والتعويض وجرى الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إليه في أسبابه على أنه لا وجه للمحاجة في هذا المقام بنص المادة 19 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 لانعدام شرائط انطباقه إذ "ليس ثمة ما يدل على أن البنك اتفق مع المدعي على أن يعمل رئيساً لقلم قضاياه بالإسكندرية دون غيرها، حتى يحرم عليه دعوته للعمل في غيرها" ولأنه "مع ذلك ومع الفرض الجدلي أن المدعي كان يعمل رئيساً لقلم قضايا البنك المدعى عليه بالإسكندرية فإن هذه الوظيفة لا تختلف في جوهرها عن وظيفة المترجم بمركز البنك وهي الإدارة الكبرى بالنسبة لفرع الإسكندرية الذي كان يعمل فيه المدعي خصوصاً إذا لم يمس المرتب وخصوصاً إذا كانت الترجمة وهي عمل مرموق في البنك وفي إدارة القضايا به خاصة من العناصر الرئيسية التي تقوم عليها هذه الإدارة". وأن "المدعي لم يستجب لدعوة البنك وهو في إبان نشأته وفي مرحلة انتقاله وهي مرحلة دقيقة بل عصيبة تبلغ القوة القاهرة التي أشار إليها المشرع في المادة 19" وأنه "غني عن الذكر أن العمل بالمركز الرئيسي يعتبر دائماً نهاية المطاف لكل موظف" ورتب على ذلك أن "المدعي يكون قد أخل بالتزاماته الجوهرية فيحق للبنك المدعى عليه أن يفصله طبقاً للمادة 40/ 6 من المرسوم بقانون المتقدم ذكره بلا إنذار ولا مكافأة ولا تعويض". وهي تقريرات قانونية وموضوعية سائغة، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الطاعن لم ينفذ أمر نقله إلى القاهرة في حين أن الثابت من المستندات المودعة ملف الدعوى أنه نفذ هذا الأمر إذ الثابت في تقرير مكتب العمل والتحقيقات التي أجراها أن محامي البنك حضر بتاريخ 27/ 10/ 1957 وقرر أن تعليمات البنك بالقاهرة تفيد أنه لم يصدر قرار بفصل الطاعن حتى الآن وفي 29/ 10/ 1957 قرر الطاعن أنه يسجل رغبته في تنفيذ قرار النقل وفي برقيته للبنك بتاريخ 31/ 10/ 1957 قال "احتج على عدم إجابتكم لطلبي بتاريخ اليوم. عدم صرف مرتبي لأكتوبر وعدم صرف مصاريف الانتقال. أحمل البنك المسئولية وأحتفظ بحقوقي". وهو في دفاعه أمام محكمة الاستئناف تمسك بأنه تسلم عمله يوم 31/ 10/ 1957 وبقي بالقاهرة حتى يوم 2/ 11/ 1957 ورغم ذلك أرسل إليه البنك خطاب فصله على عنوانه بالإسكندرية بعد انتفاء مبرره.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن الطاعن "وكان يشتغل مديراً للقضايا بفرع الإسكندرية كما يدعي وهو يعلم بالظروف المحيطة بمركز البنك بعد التصرف فيه إلى بنك الجمهورية ومدى الحاجة إلى معاونته كان الأولى به أن يقدم يد المساعدة لا أن يكون حجرة عثرة في سبيل قيام البنك بعمله الأساسي في قلم القضايا بالمركز الرئيسي وهو ترجمة المستندات والقضايا الموجودة بالبنك وكان الأولى أن ينفذ النقل وإن كان له حق يدعيه أن يطالب به إلا أنه قبل أن يعرف العمل الذي سيوكل إليه بدأ المساومة وإذ لم يستجب البنك إلى مطالبه امتنع عن تنفيذ أمر النقل الأمر الذي يعتبر على صواب إخلالاً بالتزاماته الجوهرية". وما أورده الحكم من أن الطاعن لم ينفذ أمر النقل، واقع يستقل به قاضي الموضوع ولم يقدم الطاعن ما ينفيه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 31/ 3/ 1965. الطعن رقم 159 لسنة 31 ق. السنة 16 ص 429.
(2) نقض 12/ 5/ 1965. الطعن رقم 333 لسنة 31 ق. السنة 16 ص 564.