الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 13 مايو 2023

الطعن 310 لسنة 30 ق جلسة 11 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 9 ص 71

جلسة 11 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

-------------------

(9)
الطعن رقم 310 لسنة 30 القضائية

(أ) نقل. "نقل بحري". إثبات. "الإثبات بالكتابة". عقد. "عقد شكلي". بطلان.
عقد النقل البحري من العقود الرضائية. اشتراط الكتابة لإثباته استثناء من قاعدة جواز الإثبات بالبينة في المسائل التجارية. مشارطة إيجار السفينة وجوب تحريرها بالكتابة. م 90 من القانون البحري.
(ب) إثبات. "حجية الرسائل والبرقيات". "أوراق عرفية".
للرسائل والبرقيات حجية الورقة العرفية في الإثبات متى كانت الرسائل وأصل البرقيات موقعاً عليها من مرسلها.
(ج) عقد. "انعقاده". إثبات.
لا يلزم لانعقاد العقد إثبات الإيجاب والقبول في محرر واحد. جواز استخلاص ذلك من تسلسل البرقيات والمكاتبات المتبادلة بين الطرفين.

--------------------
1 - عقد النقل البحري ليس من العقود الشكلية فلا يبطل إذا لم يحرر بالكتابة وإنما هو من العقود الرضائية التي لا يجوز إثباتها إلا بالكتابة. وإذ تنص المادة 90 من القانون البحري على أن مشارطة إيجار السفينة - وتسمى سند الإيجار - يلزم أن تكون محررة بالكتابة فإن قصد الشارع من اشتراط الكتابة في هذا النص هو بيان الدليل الذي يقبل في إثبات مشارطة إيجار السفينة حتى تكون كغيرها من عقود النقل البحري التي تخضع لشرط الإثبات بالكتابة استثناء من قاعدة "جواز الإثبات بالبينة في المسائل التجارية".
2 - مؤدى نص المادة 396/ 1 و2 من القانون المدني أن الرسائل والبرقيات لها قيمة الورقة العرفية في الإثبات متى كانت هذه الرسائل وأصل تلك البرقيات موقعاً عليها من مرسلها. وقد قصد المشرع بهذا النص - على ما أفصح عنه في المذكرة الإيضاحية - أن يستجيب لحاجة التعامل بالرسائل والبرقيات وبوجه خاص في المسائل التجارية فأدرجها بين طرق الإثبات بالكتابة وجعل لها حجية الورقة العرفية للتسوية بينها في الحكم.
3 - لا يلزم لانعقاد العقد إثبات الإيجاب والقبول في محرر واحد. فإذا كان الحكم قد اعتمد في إثبات مشارطة إيجار السفينة على تسلسل البرقيات والمكاتبات المتبادلة بين الطرفين وما استخلصه من أن الإيجار قد صادفه قبول فإن الحكم في قضائه على أساس ثبوت مشارطة الإيجار لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام ضد الشركة الطاعنة الدعوى رقم 1110 لسنة 1955 تجاري كلي القاهرة طلب فيها الحكم بإلزام الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 1730 جنيهاً استرلينياً وخمسة شلنات أو ما يعادل هذا المبلغ بالعملة المصرية وقدره 1686 ج و750 م وقال بياناً للدعوى - إنه تم الاتفاق مع الشركة الطاعنة على أن تستأجر منه السفينة "الفريد" لتقوم بنقل شحنة من البصل من ميناء الإسكندرية إلى إحدى مواني الشاطئ الشرقي في المملكة المتحدة وحددت قيمة النولون بمبلغ 4000 جنيه استرليني يدفع مقدماً عند التوقيع على سندات الشحن، واتفق على أن يكون وصول السفينة إلى الإسكندرية خلال المدة من 12 إلى 30 مارس سنة 1954 وعلى أن يتم شحن البضاعة في ثلاثة أيام وأن يتم التفريغ بأسرع ما يمكن، وحددت غرامة التأخير في الشحن بواقع 120 جنيهاً استرلينياً عن اليوم الواحد، كما اتفق على تطبيق الشروط الأخرى التي تتضمنها مشارطة الإيجار "جنكون" التي عرضت نسخة منها عليه، وتم هذا الاتفاق بواسطة السمسار "أوجست بولتن" بهامبورج. واستطرد المطعون عليه يقول إنه أرسل مشارطة الإيجار بالشروط المتقدمة إلى الطاعنة للتوقيع عليها، ولكنها قامت بتحرير مشارطة جديدة يخالف بعض شروطها ما سبق الاتفاق عليه - من ذلك النص فيها على أن مدة الشحن والتفريغ تسعة أيام، وعلى أن يستخدم المستأجرون سمسارهم كوكيل بينما ينص الاتفاق على أن يعين أصحاب السفينة وكيلهم، وقد عدل المطعون عليه بدوره نصوص المشارطة إلى ما كانت عليه طبقاً للاتفاق وأعادها بعد التوقيع عليها للشركة الطاعنة فرفضت توقيعها وأبدت رغبتها في فسخها فلم تشحن البضاعة على السفينة التي وصلت إلى الإسكندرية في 13 مارس سنة 1954، واضطر الربان إزاء هذا الموقف إلى قبول شحن السفينة ببضاعة لشركة أخرى مقابل نولون إجمالي قدره 3350 جنيهاً استرلينياً فلحق المطعون عليه من جراء تصرف الشركة الطاعنة ضرر يقدر بمبلغ 650 جنيهاً استرلينياً هو الفرق بين قيمة النولون السابق الاتفاق عليه وقيمة النولون الذي تم الشحن بمقتضاه وبمبلغ 1080 جنيهاً استرلينياً وخمسة شلنات قيمة غرامة التأخير والوقت الضائع على السفينة أثناء رسوها بميناء الإسكندرية فيكون مجموع ذلك 1730 جنيهاً استرلينياً وخمسة شلنات وهو ما أقام به الدعوى - دفعت الشركة الطاعنة بأنه لم يتم الاتفاق على شروط الإيجار وأن موافقتها اقتصرت على مبدأ الشحن دون التفاصيل وأنه لما وصلتها المشارطة المعدلة من المطعون عليه أبرقت إلى السمسار "بولتن" بعدم موافقتها على التعديل الخاص بتعيين الوكيل - ومحكمة أول درجة قضت في 30/ 1/ 1958 برفض الدعوى - استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 409 لسنة 76 ق تجاري القاهرة ومحكمة الاستئناف قضت في 16/ 5/ 1960 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع إلى المطعون عليه مبلغ 1218 ج و750 م - طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 4/ 1/ 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها بطلب رفض الطعن - وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة لصدور قرار الإحالة وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون - ذلك أنه استخلص من المراسلات والبرقيات المتبادلة بين الطرفين أن العقد قد تم على إيجار السفينة بينما توجب المادة 90 من القانون البحري أن تكون مشارطة الإيجار محررة بالكتابة مما يترتب عليه ألا يلتزم الطرفان بالاتفاقات التي أسفرت عنها المفاوضات السابقة على تحرير المشارطة والتي تضمنتها المراسلات المتبادلة بينهما.
وحيث إن هذا النعي في غير محله - ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما قرره من "أن المستفاد من تسلسل البرقيات والمكاتبات المتبادلة بين الطرفين على النحو السالف بيانه والتي لم تنكر المستأنف ضدها (الطاعنة) ما قدمه المستأنف (المطعون عليه) منها أن العرض الذي عرضه (بولتن) مبيناً فيه جميع الشروط السابقة قد صادف قبولاً من المستأنف ضدها بالبرقية التي أرسلتها إليه في 24/ 2/ 1954 وأبدت فيها قبولها لجميع الشروط التي عرضها عليها وطلبت منه تعزيز الارتباط فوراً، وقد أرسل (بولتن) هذا التعزيز في نفس اليوم وبهذا تلاقت إرادتا الطرفين وانعقد العقد - أما عن عدول المستأنف ضدها (الطاعنة) بعد ذلك في برقيتها المؤرخة 25/ 2/ 1954 وطلبها التأجيل للرد حتى ظهر الخميس التالي فإنه فضلاً عن عدم قانونية هذا العدول بعد أن أرسلت ردها النهائي بالقبول... فإن المستأنف ضدها نفسها (الطاعنة) عادت في برقيتها وخطابها المؤرخين 26/ 2/ 1954 واعتذرت عما جاء ببرقيتها المؤرخة 25/ 2/ 1954 وأكدت مرة أخرى قبولها السابق وأبدت تمسكها بما كان قد تم الاتفاق عليه" - وهذا الذي قرره صحيح في القانون - ذلك أن عقد النقل البحري ليس من العقود الشكلية حتى يصح القول ببطلانه إذا لم يحرر بالكتابة - وإنما هو من العقود الرضائية التي لا يجوز إثباتها إلا بالكتابة وإذ تنص المادة 90 من القانون البحري على أن "مشارطة إيجار السفينة، وتسمى سند الإيجار، يلزم أن تكون محررة بالكتابة" - فإن قصد المشرع من اشتراط الكتابة في هذا النص هو بيان الدليل الذي يقبل في إثبات مشارطة إيجار السفينة حتى تكون كغيرها من عقود النقل البحري التي تخضع لشرط الإثبات بالكتابة استثناء من قاعدة جواز الإثبات بالبينة في المسائل التجارية. ولما كانت المادة 396 من القانون المدني تنص في فقرتيها الأولى والثانية على أنه "تكون للرسائل الموقع عليها قيمة الورقة العرفية من حيث الإثبات وتكون للبرقيات هذه القيمة أيضاً إذا كان أصلها المودع في مكتب التصدير موقعاً عليه من مرسلها وتعتبر البرقية مطابقة لأصلها حتى يقوم الدليل على عكس ذلك" وكان مؤدى هذا النص أن الرسائل والبرقيات لها قيمة الورقة العرفية في الإثبات متى كانت هذه الرسائل وأصل تلك البرقيات موقعاً عليها من مرسلها، وكان المشرع قد قصد بهذا النص - على ما أفصح عنه بالمذكرة الإيضاحية - أن يستجيب لحاجة التعامل بالرسائل والبرقيات وبوجه خاص في المسائل التجارية فأدرجها بين طرق الإثبات بالكتابة وجعل لها حجية الورقة العرفية للتسوية بينهما في الحكم - لما كان ذلك، وكانت القاعدة أنه لا يلزم لانعقاد العقد إثبات الإيجاب والقبول في محرر واحد، وكان الحكم قد اعتمد في إثبات مشارطة إيجار السفينة على تسلسل البرقيات والمكاتبات المتبادلة بين الطرفين والمقدمة من المطعون عليه ولم تنكرها الشركة الطاعنة، وعلى ما استخلصه منها من أن العرض الذي بين فيه السمسار "بولتن" جميع شروط التأجير قد صادف قبولاً من الشركة الطاعنة بالبرقية التي أرسلتها في 24/ 2/ 1954 وأبدت فيها قبولها لجميع الشروط التي عرضها عليها - لما كان ما تقدم، فإن الحكم في قضائه على أساس ثبوت مشارطة الإيجار - لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون - ذلك أنه أقام قضاءه بتمام عقد إيجار السفينة على أن الطرفين اتفقاً على المسائل الجوهرية فيه وعلى أن تعيين مندوب عن الطاعنة في ميناء الشحن يعد من المسائل التفصيلية التي احتفظ بها الطرفان للاتفاق عليها فيما
بعد - وفات الحكم أن جميع الشروط تعد شروطاً جوهرية وأن تعيين مندوب عن الطاعن في ميناء الشحن ليس من المسائل التفصيلية.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أورد في هذا الخصوص "أن هذه المحكمة ترى مع ذلك أن الاتفاق الذي تم بين طرفي الخصومة تناول فيما تناوله مسألة تعيين الوكيل وأنه تم بالنسبة لهذه المسألة على وجه يعطي لكل من الطرفين تعيين وكيل له في ميناء الشحن وعلى أن يقسم أجر الوكالة مناصفة على هذين الوكيلين" وبعد أن عرض الحكم للبرقيات والمكاتبات المتبادلة بين الطرفين عن شروط تأجير السفينة أورد ما يلي "إن إرادتي الطرفين تلاقتا على جميع شروط العقد ومن بينها الشرط الخاص بحق ملاك السفينة في تعيين وكيل عنهم في ميناء الشحن وأنه على الفرض الجدلي بعدم حصول اتفاق على هذا الشرط فإنه يعتبر شرطاً غير جوهري في عقد النقل البحري لا يمنع عدم الاتفاق عليه من انعقاده ما دام الطرفان لم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الاتفاق على هذا الشرط" ولما كان الحكم قد أقيم أساساً على أن الطرفين قد اتفقا على أن لملاك السفينة حق تعيين وكيل عنهم في ميناء الشحن فإنه لا جدوى بعد ذلك من مجادلة الحكم فيما بحثه على سبيل الافتراض من عدم الاتفاق على هذا الشرط - إذ يبقى الحكم محمولاً على أساس دعامته الأصلية مع استبعاد ما افترضه زائداً عن حاجة الدعوى، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب في غير محله.

الطعن 289 لسنة 30 ق جلسة 11 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 8 ص 65

جلسة 11 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، واميل جبران، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

--------------------

(8)
الطعن رقم 289 لسنة 30 القضائية

(أ) حوالة "عدم نفاذ الحوالة". "أثره". تحكيم "أثر شروط التحكيم".
عدم الاعتداد بعقد البيع المحال من المشتري لآخر لكونه ليس طرفاً فيه ولم تتم حوالته إليه طبقاً للقانون. آثار هذا العقد فيما تضمنه - بما في ذلك شرط التحكيم - اقتصارها على طرفيه. لا تمتد إلى رجوع المحال له على المحيل بما دفعه له. رفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم بدعوى الرجوع وعدم سريان شرط التحكيم على هذه المنازعة. صحيح في القانون.
(ب) حوالة "التزام المحيل بالضمان". فوائد. "بدء سريان الفوائد".
رجوع المحال له بالضمان على المحيل. التزام المحيل برد ما استولى عليه من الفوائد والمصروفات ولو وجد اتفاق يخالف ذلك. هذا الحكم مغاير لحكم المادة 226 مدني قضاء الحكم المحال له بالفوائد من تاريخ دفعه مبلغ الحوالة للمحيل - لا من تاريخ المطالبة القضائية - لا خطأ.

------------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم الاعتداد بعقد البيع المحال من الطاعن (المشتري) للمطعون عليه الأول (المحال له) لأن الأخير لم يكن طرفاً فيه ولم تتم حوالته إليه طبقاً للقانون فإن أثره في جميع ما تضمنه - بما في ذلك شرط التحكيم - لا يتعدى طرفي هذا العقد إلى المنازعة القائمة بين الطاعن والمطعون عليه الأول في خصوص رجوع الأخير بما دفعه للطاعن وذلك تأسيساً على عدم نفاذ عقد الحوالة، وإذا كان الحكم قد قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم وبعدم سريان شرط التحكيم على هذه المنازعة فإنه يكون قد انتهى صحيحاً في القانون.
2 - إذ نصت المادة 310 من القانون المدني على أنه "إذا رجع المحال له بالضمان على المحيل... فلا يلزم المحيل إلا برد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات ولو وجد اتفاق يخالف ذلك" فإن قصد المشرع من هذا النص هو تحديد أقصى ما يرجع به المحال له على المحيل من تعويض عند تحقق الضمان. وهذا الحكم يغاير الحكم الوارد بالمادة 226 من القانون المدني الذي يجري سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إذا كان موضوع الالتزام مبلغاً من النقود تأخر المدين في الوفاء به ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعمل حكم المادة 226 من القانون المدني، وقضى للمحال له بالفوائد من تاريخ دفعه مبلغ الحوالة للطاعن وهو المحيل فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 151 سنة 1958 تجاري كلي طنطا ضد الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث بطلب الحكم (أولاً) بفسخ عقد البيع المؤرخ 21/ 7/ 1958 والاتفاق المحرر بظاهره بتاريخ 15/ 8/ 1958 - وببطلان السند البالغ قيمته 3700 ج والمستحق الأداء في 30/ 10/ 1958 واعتباره كأن لم يكن (ثانياً) إلزام الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث متضامنين بدفع مبلغ 2000 ج كتعويض (ثالثاً) إلزام الطاعن بدفع مبلغ 3700 جنيهاً وفوائده بواقع 5% من أول نوفمبر سنة 1958 حتى تمام الوفاء وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ في 21/ 7/ 1958 باع المطعون عليهما الثاني والثالث للطاعن مائة طن من السمسم بسعر الطن 73 جنيهاً على أن يتم تسليمها في شهري أكتوبر ونوفمبر سنة 1958، وقد حرر الطاعن شيكاً بمبلغ 3000 جنيه على البنك العثماني المصري لصالح البائعين كجزء من الثمن على أن يدفع الباقي بعد وصول بوليصة شحن البضاعة، وباتفاق مؤرخ في 15/ 8/ 1958 حول الطاعن إلى المطعون عليه الأول عقد البيع نظير الثمن المبين به مضافاً إليه مبلغ 700 جنيه وحرر المطعون عليه الأول سنداً لأمر الطاعن بمبلغ 3700 جنيه قيمة العربون والزيادة في الثمن يستحق الدفع في 30/ 10/ 1958. وأضاف المطعون ضده الأول أنه في 20/ 9/ 1958 أخطر المطعون ضدهما الثاني والثالث بهذه الحوالة منبهاً عليهما بإرسال البضاعة إليه بطنطا ثم عاد ونبه عليهما وعلى الطاعن بإنذارين رسميين بإرسال كمية السمسم وإلا كانوا جميعاً مسئولين عما يلحقه من الأضرار، كما حذر الطاعن من استخدام السند المستحق في 30/ 10/ 1958، إلا أن هذا الأخير قدم هذا السند إلى بنك القاهرة لتحصيله مما اضطره للوفاء بقيمته حرصاً على سمعته التجارية. وإذ لم يردوا على إنذاره ولم يسلموه البضاعة فقد انتهى إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان. دفع الطاعن الدعوى بعدة دفوع من بينها عدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى تأسيساً على أن عقد 21/ 7/ 1958 نص فيه على أن التحكيم هو السبيل لفض أي نزاع يثور بشأن العقد، وطلب رفض الدعوى موضوعاً، وفي 27/ 4/ 1959 حكمت المحكمة برفض الدفوع وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه الأول مبلغ 3700 ج وفوائده بواقع 5% ابتداء من أول نوفمبر سنة 1958 وبرفض ما عدا ذلك - استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 41 سنة 9 ق تجاري استئناف طنطا طالباً إلغاءه والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى وصمم على طلباته أمام محكمة أول درجة دفعاً وموضوعاً، كما استأنفه المطعون ضده الأول وقيد استئنافه برقم 42 سنة 9 ق تجاري استئناف طنطا طالباً تعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث متضامنين بمبلغ 2000 ج كتعويض زيادة عما قضى به لصالحه، وضمت المحكمة الاستئنافين، وحكمت فيهما في 28/ 4/ 1960 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 28/ 5/ 1960 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21/ 12/ 1963 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أسباب ثلاثة ينعى الطاعن على الحكم في السبب الأول منها مخالفة القانون والقصور في التسبيب في وجوه ثلاثة (الأول) أنه أسس قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم على أن أحد البائعين المختصمين في الدعوى وهو أحمد حسنين عبد الجواد (المطعون ضده الثاني) لم يوقع على عقد البيع بما تضمنه من شرط التحكيم، ولم يرد الحكم على دفاع الطاعن الثابت بمذكرته من أن إخراج المطعون ضده الثاني من الدعوى لا يمحو الخصومة بين الأطراف الذين ارتبطوا بالعقد والتزموا بأحكامه وهم المطعون ضده الثالث باعتباره بائعاً والطاعن بوصفه مشترياً والمطعون ضده الأول بوصفه محالاً إليه. (والثاني) مسخ الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه عبارة العقد الخاصة بالتحكيم، إذ قرر أن الالتجاء إلى التحكيم لا يكون إلا بالنسبة للنزاع الذي يثور أثناء تنفيذ العقد وبسبب تنفيذه، في حين أن عبارة العقد صريحة في أن التحكيم يشمل كل خلاف بين المشتري والبائعين لأي سبب كان. هذا على أنه بفرض الأخذ بالتحديد الذي أورده الحكم المطعون فيه لما يدخل في نطاق التحكيم وأن طلب التعويض يخرج عنه فإن الطلب الأصلي وهو الفسخ مع إلزام الطاعن بمبلغ 3700 ج يبقى خاضعاً لشرط التحكيم، وليس هناك ما يمنع من إعمال هذا الشرط بالنسبة لبعض الطلبات دون الأخرى. (والثالث) قرر الحكم أن المطعون عليه الثالث لطفي السيد محمد وقع وحده على عقد البيع بصفته الشخصية لا بوصفه شريكاً متضامناً مع المطعون ضده الثاني أحمد حسنين عبد الجواد، وهذا الذي قرره الحكم يخالف ما هو ثابت بالعقد إذ هو مصدر بعبارة "البائعان أحمد حسنين عبد الجواد وشريكه لطفي السيد محمد التاجران بطما" على أن اعتبار لطفي السيد محمد هو البائع لا تأثير له في وجوب إعمال شرط التحكيم لأن لكل شريك الحق في التوقيع عن الشركة منفرداً.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه حصل من الواقع المعروض عليه أن المطعون ضده الثالث لم يقبل الحوالة وأن المطعون ضده الثاني لم يوقع على عقد البيع وخلص من ذلك إلى أن الحوالة غير نافذة في حقهما وحكم بفسخها وأنها بذلك أصبحت غير نافذة أيضاً في حق المطعون ضده الأول لاستحالة تنفيذها وقضي لهذا الأخير بمبلغ 3700 ج الذي كان قد دفعه إلى الطاعن - ولم يتعرض الحكم لعقد البيع المؤرخ 21/ 7/ 1958 والمتضمن شرط التحكيم، ورفض ما طلبه المطعون عليه الأول من فسخ هذا العقد تأسيساً على أنه لا مصلحة له في هذا الطلب لأنه لم يكن طرفاً في العقد. ولما كان مفاد هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه هو عدم الاعتداد بعقد البيع السالف الذكر بالنسبة للمطعون عليه الأول لأنه لم يكن طرفاً فيه ولم تتم حوالته إليه طبقاً للقانون، وبالتالي فإن أثره في جميع ما تضمنه بما في ذلك شرط التحكيم لا يتعدى طرفي هذا العقد إلى المنازعة القائمة بين الطاعن والمطعون عليه الأول في خصوص المبلغ الذي كان هذا الأخير قد دفعه إلى الطاعن ويطلب رده منه تأسيساً على عدم نفاذ عقد الحوالة - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم وبعدم سريان شرط التحكيم فإنه يكون قد انتهى صحيحاً في القانون، ومن ثم فإن النعي عليه بالقصور يكون غير منتج، ولا يؤثر في سلامته ما عسى أن يكون قد حواه من تقريرات خاطئة.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته للثابت بالأوراق، وفي ذلك يقول إن الحكم الابتدائي قرر أن المطعون ضدهما الثاني والثالث - البائعين - لم يقبلا حوالة الدين الثابت في ذمتهما لصالح المشتري ورتب على ذلك فسخ الحوالة برمتها ما ورد منها على الحق أو على الدين وقد جاء بمذكرة الطاعن المقدمة إلى محكمة الاستئناف إن الثابت أن المحال إليه قد أبلغ الحوالة إلى البائعين فتكون نافذة في حقهما إلا أن الحكم المطعون فيه قرر - متابعته للحكم الابتدائي - أن المطعون ضده الثالث لم يقبل الحوالة، وذلك على خلاف ما أورده الطاعن في مذكرته وما هو ثابت بأوراق الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن عدم أخذ الحكم المطعون فيه بما أورده الطاعن من دفاع في مذكرته لا ينطوي على مخالفة الثابت بالأوراق - وإذ لم يبين الطاعن باقي الأوراق التي ينعى بمخالفة الحكم لما هو ثابت بها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بفائدة 5% عن مبلغ 3700 جنيه من تاريخ دفعها للطاعن وهو تاريخ سابق لرفع الدعوى، مؤسساً قضاءه في ذلك على المادة 310 من القانون المدني رغم أنه لم يرد بها أن الفوائد تستحق عن مدة سابقة على تاريخ رفع الدعوى مما يتعين معه الرجوع إلى القاعدة العامة المقررة بالمادة 226 مدني التي تمنع من الحكم بالفوائد إلا من تاريخ المطالبة القضائية إلا إذ وجد نص على غير ذلك.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 310 من القانون المدني وقد وردت في شأن حوالة الحق ونصت على أنه "إذا رجع المحال له بالضمان على المحيل طبقاً للمادتين السابقتين فلا يلزم المحيل إلا برد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات، ولو وجد اتفاق يخالف ذلك" فإن قصد المشرع من هذا النص تحديد أقصى ما يرجع به المحال له على المحيل من تعويض عند تحقق الضمان، وهذا الحكم يغاير الحكم الوارد بالمادة 226 مدني الذي يجري سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إذا كان موضوع الالتزام مبلغاً من النقود تأخر المدين في الوفاء به، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعمل حكم المادة 226 مدني على واقعة النزاع وقضى بالفوائد من تاريخ دفع المبلغ للطاعن وهو المحيل فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

الطعن 208 لسنة 31 ق جلسة 6 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 7 ص 55

جلسة 6 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.

------------------

(7)
الطعن رقم 208 لسنة 31 القضائية

(أ) إثبات. "الإثبات بالبينة". "المانع المادي أو الأدبي". محكمة الموضوع.
تقدير قيام المانع الأدبي أو المادي من الحصول على دليل كتابي يستقل به قاضي الموضوع. تحصيل الحكم بأسباب سائغة قيام مانع مادي حال دون الحصول على دليل كتابي على انقضاء الالتزام. إثبات هذا الانقضاء بالبينة والقرائن. جائز قانوناً.
(ب) إثبات "الإثبات باليمين". "اليمين المتممة".
الدليل الناقص الذي يكمل باليمين المتممة. عدم اشتراط أن يكون كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة. جواز أن يكون بينة أو قرائن يرى فيها القاضي مجرد مبدأ ثبوت عادي.

-----------------
1 - تقدير قيام المانع المادي أو الأدبي من الحصول على دليل كتابي في الأحوال التي يتطلب فيها القانون هذا الدليل هو من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع (1) متى كان قد بين في حكمه الظروف التي اعتبرها مانعة وكان هذا الاعتبار معقولاً ومتى انتهى الحكم صحيحاً إلى قيام مانع مادي حال دون الحصول على دليل كتابي على انقضاء الدين فإن إثبات هذا الانقضاء بالبينة والقرائن يكون جائزاً قانوناً.
2 - لا يشترط في الدليل الناقص الذي يكمل باليمين المتممة أن يكون كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة بل يصح أن يكون بينة أو قرائن يرى فيها القاضي مجرد مبدأ ثبوت عادي وإن كان يجعل الإدعاء قريب الاحتمال إلا أنه غير كاف بمجرده لتكوين دليل كامل يقنعه فيستكمله باليمين المتممة ومن ثم فلا تثريب على محكمة الاستئناف إذا هي عمدت إلى تكملة القرائن التي تجمعت لديها باليمين المتممة وإذا هي رأت بعد حلف هذه اليمين أن الدليل قد اكتمل لديها على انقضاء الدين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن استصدر أمر أداء ضد المطعون ضدهما الأولى والثاني بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 700 ج والمصروفات ومبلغ ثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وذلك استناداً إلى سند مؤرخ في 13 من أغسطس سنة 1957 مستحق الوفاء في أول أكتوبر سنة 1957 وموقع عليه من المطعون ضدهما المذكورين بما يفيد مديونيتهما للطاعن بهذا المبلغ بالتضامن ولما أعلن هذا الأمر للمطعون ضدها الأولى عارضت فيه بالمعارضة رقم 813 سنة 1960 كلي الإسكندرية وطلبت إلغاءه وقالت في بيان معارضتها إنها كانت شريكة للمطعون ضده الثاني - وهو ابن الطاعن - في عملية مقاولة بناء عمارة لإحدى السيدات وقد أودعت هذه السيدة على ذمتها هي وشريكها مبلغ 3952 ج و231 م خزانة المحكمة. ولما حكم بأحقيتهما لهذا المبلغ عهدا إلى المطعون ضده الثالث بصفته محامياً وهو زوج ابنة الطاعن - بقبضه وقد تسلمه بحضورها هي والمطعون ضده الثاني والطاعن والأستإذ ريمون جرجوره المحامي ثم توجهوا جميعاً إلى مكتب المطعون ضده الثالث وتمت المحاسبة بينها وبين شريكها بحضوره هو والطاعن وتم الاتفاق على أن تقوم هي (المطعون ضدها الأولى) بوفاء دين عليهما قيمته 700 ج للأستإذ ريمون جرجوره والسيدة علية عزيز على أن يقوم شريكها المطعون ضده الثاني بوفاء والده الطاعن بدينه ووافق الطاعن على هذا الاتفاق ثم انتهز فرصة انشغالها بأداء الدين الذي تعهدت بسداده للدائنين الآخرين ولإذ بالفرار هو وابنه المطعون ضده الثاني دون أن يسلمها سند الدين أو يحرر لها مخالصة عنه مما دعاها إلى الاستغاثة بشرطة النجدة فلما رأى المطعون ضده الثالث انفعالها من تصرف الطاعن ورغبة منه في تهدئة روعها حرر لها إقراراً وقعه بإمضائه يتضمن سدادها قيمة الدين المستحق عليها للطاعن - وأثناء نظر المعارضة أدخلت المطعون ضدها الأولى في الدعوى المطعون ضده الثالث ضامناً لها في الدعوى ليحكم عليه بما عساه أن يحكم به عليها - وبتاريخ 22 من يونيه سنة 1960 حكمت المحكمة برفض المعارضة وبتأييد أمر الأداء المعارض فيه رقم 13 سنة 1960 مدني كلي إسكندرية بجميع أجزائه ومشتملاته وبرفض دعوى الضمان وإلزام المعارضة (المطعون ضدها الأولى) بمصاريف الدعويين. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 501 سنة 16 ق وطلبت إلغاءه والحكم لها بطلباتها السابق بيانها. وبتاريخ 25 من فبراير سنة 1961 قضت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بتوجيه اليمين المتممة إلى المطعون ضدها الأولى بالصيغة الآتية "أقسم بالله العظيم أن الأستإذ ميخائيل اسطفانوس (المطعون ضده الثالث) احتجز من قيمة الوديعة التي تولى صرفها نيابة عني وعن شريكي (المطعون ضده الثاني) مبلغ السبعمائة جنيه قيمة دين الطاعن وأن هذا الأخير استلم هذا المبلغ وأن ذمتي بريئة من هذا الدين" وبعد أن حلفتها حكمت المحكمة بتاريخ 25 من مارس سنة 1961 (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب إلغاء أمر الأداء وبإلغائه واعتباره كأن لم يكن وما ترتب عليه من حجوزات ورفض دعوى المستأنف عليه الأول (الطاعن) وإلزامه المصروفات عن الدرجتين وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة (ثانياً) برفض الاستئناف عن الشق الخاص بدعوى الضمان وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفضها وأسست المحكمة قضاءها بإلغاء أمر الأداء على ما أوردته من قرائن رأت فيها أنها بمثابة دليل غير مكتمل على واقعة السداد التي حال دون إثباتها بالكتابة مانع مادي وقد أكملت هذا الدليل باليمين المتممة التي وجهتها إلى المطعون ضدها الأولى وحلفتها - وبتاريخ 22 من إبريل سنة 1961 طعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 9 من ديسمبر سنة 1965 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول وبالشق الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون بإهداره قواعد الإثبات ذلك أنه على الرغم من أن دين الطاعن ثابت بسند كتابي وتزيد قيمته على النصاب الجائز إثباته بالبينة والقرائن فإن الحكم المطعون فيه ارتكن في إثبات انقضائه على القرائن التي ساقها مخالفاً بذلك نص المادة 400 من القانون المدني التي لا تجيز إثبات وجود الدين أو انقضائه بالبينة وبالتالي بالقرائن - إذا زادت قيمته على عشرة جنيهات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه استخلص من حضور الدائن (الطاعن) وقت حصول الاتفاق بين المدينين (المطعون ضدهما الأولى والثاني) على أن يقوم المطعون ضده الثاني بإيفاء الطاعن كل دينه في نظير أن تقوم المطعون ضدها الأولى بوفاء دين آخر مستحق عليهما لدائنين آخرين ومساو في قيمته لدين الطاعن - استخلص الحكم من حضور الطاعن وقت حصول هذا الاتفاق وعدم اعتراضه عليه ومن علاقة الأبوة التي تربطه بالمطعون ضده الثاني أنه قبل استيفاء دينه بالكيفية التي تم الاتفاق عليها ورأى الحكم في امتناع الطاعن عن تسليم سند الدين أو مخالصة بقيمته وهربه مع ابنه المطعون ضده الثاني بمجرد تأكدهما من وفاء المطعون ضدها بما تعهدت به بموجب ذلك الاتفاق مما دعاها للاستغاثة بشرطة النجدة، رأى الحكم في هذه الظروف مانعاً مادياً حال دون حصول المطعون ضدها الأولى على دليل كتابي يثبت انقضاء دين الطاعن بالكيفية المتقدم ذكرها والتي وافق عليها. ولما كان ما رآه الحكم من قيام هذا المانع مستساغاً وكان تقدير المانع من الحصول على دليل كتابي في الأحوال التي يتطلب فيها القانون هذا الدليل هو من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان قد بين في حكمه الظروف التي اعتبرها مانعة وكان هذا الاعتبار معقولاً - وإذ كانت المادة 403 من القانون المدني تجيز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي كما تقضي المادة 407 بجواز الإثبات القرائن في جميع الأحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بالبينة لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند على القرائن في إثبات انقضاء دين الطاعن وذلك بعد أن ثبت له قيام المانع من الحصول على كتابة فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن القرائن التي استخلص منها الحكم انقضاء دينه ليس من شأنها أن تؤدي إلى ما استخلصه الحكم منها إذ أن وجود قرابة بينه وبين المطعون ضدهما الثاني والثالث لا يتأثر بها الالتزام المحرر به سند كتابي موقع عليه من المدينين كما أن الإقرار الصادر من المطعون ضده الثالث بانقضاء هذا الالتزام لا يعتبر حجة على الطاعن حتى ولو كان المقر قريبه كذلك فإن استناد الحكم إلى حضور الطاعن وقت إجراء المحاسبة بين المدينين على مبلغ الوديعة الذي قبضه محاميها المطعون ضده الثالث نيابة عنهما واستكتاب هذين المدينين إيصالاً باستلام كل منهما نصيبه في هذا المبلغ وإقرار المطعون ضده الثالث بقيام المطعون ضدها الأولى بسداد نصيبها في دين الطاعن هذه القرائن التي ربط بينها الحكم واتخذ منها دليلاً على انقضاء دين الطاعن ليس من شأنها أن تفيد هذا الانقضاء لأن الطاعن لا شأن له بالوديعة التي صرفها محامي مدينيه كما لا شأن له بالمحاسبة التي تمت بينهما وبالمقاصة التي اتفقا عليها فجميع هذه الوقائع منحصرة الأثر في علاقتهما ببعضهما وعلاقتهما بوكيلهما المطعون ضده الثالث ولا يتعدى أثرها إلى الطاعن ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه علاوة على ما شابه من فساد في الاستدلال على النحو السالف بيانه فإنه خالف الثابت في الأوراق حين أسند إليه أنه لم يعترض على الاتفاق الذي أبرمه ولده المطعون ضده الثاني مع المطعون ضدها الأولى ذلك أن المطعون ضده الثالث قرر في جميع أقواله أن موقف الطاعن من هذا الاتفاق كان موقفاً سلبياً ولم يقل إنه لم يعترض عليه وإذا كان الحكم قد استمد واقعة عدم اعتراض الطاعن على ذلك الاتفاق من أقوال المطعون ضدها الأولى فإن هذه الأقوال ما كان يصح الاعتماد عليها لتجردها من الدليل على صحتها كما أن الحكم إذ اعتبر مجرد حضور الطاعن في مجلس الاتفاق دليلاً على موافقته عليه يكون مشوباً بفساد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه استند في القول ببراءة ذمة المطعون ضدها الأولى من دين الطاعن على ما ساقه من قرائن تتحصل في أن الطاعن تربطه صلة الأبوة بالمطعون ضده الثاني وصلة المصاهرة بالمطعون ضده الثالث وأن المدينين (المطعون ضدهما الأولى والثاني) اتفقا على أن يعهدا إلى المطعون ضده الثالث وهو زوج شقيقة ثانيهما باتخاذ إجراءات صرف قيمة الوديعة المستحقة لهما وأن هذه الوديعة قد صرفت بمعرفة المطعون ضده الثالث وبحضور جميع الخصوم بما فيهم الطاعن ثم انتقل جميع الأطراف إلى مكتب المطعون ضده الثالث حيث أجرى الأخير توزيع قيمة الوديعة بعد إجراء المحاسبة وخصم قيمة المطلوبات على الشركة التي كانت قائمة بين المطعون ضدهما الأولين المدينين ومن هذه المطلوبات دين الطاعن وأتعاب المحامي المطعون ضده الثالث عن إجراءات صرف الوديعة ودين الأستاذ جرجورة وأن المطعون ضده الثالث استكتب المطعون ضدها الأولى إقراراً باستلامها نصيبها في قيمة الوديعة ثم انصرف الطاعن فجأة مع ابنه المطعون ضده الثاني بعد أن طلبت المطعون ضدها الأولى شرطة النجدة لامتناع الطاعن عن تسليمها سند المديونية أو مخالصة باستيفائه دينه وأن المطعون ضده الثالث أقر للمطعون ضدها الأولى كتابة بقيامها بسداد نصيبها في دين الطاعن وبعد أن سردت المحكمة هذه الوقائع قالت إنها ترى فيها دليلاً غير مكتمل على واقعة السداد التي حال دون إثباتها بالكتابة مانع مادي وأنها لذلك ترى أن تستكمل هذا الدليل باليمين المتممة التي وجهتها إلى المطعون ضدها الأولى بالصيغة المبينة في الوقائع وإذ حلفتها رأت المحكمة أن الدليل على انقضاء دين الطاعن قبل المطعون ضدها الأولى قد اكتمل ولما كانت المحكمة خلافاً لما يزعم الطاعن لم تعتبر إقرار المطعون ضده الثالث حجة على الطاعن بل إنها اتخذت من هذا الإقرار مجرد قرينة أضافتها إلى قرائن أخرى ثم استكملتها باليمين المتممة. وإذ كانت القرائن التي استندت إليها المحكمة من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتبته عليها من اعتبارها دليلاً غير مكتمل على انقضاء دين الطاعن قبل المطعون ضدها الأولى وكانت المحكمة قد استخلصت من حضور الطاعن الاتفاق الذي تم بين المدينين على كيفية الوفاء له بدينه ومما قاله المطعون ضده الثالث من أن موقف الطاعن من هذا الاتفاق كان موقفاً سلبياً استخلصت المحكمة من ذلك أن الطاعن لم يعترض على هذا الاتفاق وهو استخلاص سائغ ومبني على مقدمات تؤدى إليه ولها أصلها في الأوراق، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بفساد الاستدلال وبمخالفة الثابت في الأوراق يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في الشق الثاني من السبب الثالث وفي السبب الرابع وفي الشق الثاني من السبب الخامس الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم خالف المادة 41 من القانون المدني التي تشترط لجواز توجيه اليمين المتممة ألا يكون في الدعوى دليل كامل وألا تكون الدعوى خالية من أي دليل وإذ كان دين الطاعن ثابتاً بالكتابة وكانت الدعوى خلواً من أي دليل كتابي على التخالص المدعى به كما أنه ليس فيها مبدأ ثبوت بالكتابة فإن توجيه اليمين المتممة يكون مخالفاً للقانون هذا إلى أن الطاعن قد اعترض على توجيه اليمين بالصيغة التي وجهتها بها المحكمة بثلاثة اعتراضات (الأول) أن صيغة اليمين مخالفة لما هو ثابت بالأوراق من أن المطعون ضدها الأولى الموجه إليها اليمين أبانت في عريضة استئنافها أن الدين سدد نتيجة محاسبة في حين أن اليمين انصبت على أن الدائن استلم دينه نقداً. (الثاني) أن اليمين باطلة لأنها تستند إلى المخالصة المعطاة من الأستاذ ميخائيل اسطفانوس (المطعون ضده الثالث) وهذه المخالصة لا يمكن اعتبارها حجة على الطاعن لأن موقعها ليس وكيلاً عنه. (الثالث) أن اليمين المتممة وجهت على خلاف ما يقضي به القانون من عدم جواز إثبات ما يخالف الثابت بالكتابة إلا بكتابة مثلها. وقد رد الحكم المطعون فيه على الاعتراض الأول رداً قاصراً وغير صحيح إذ قرر أن الوفاء نتيجة حتمية وطبيعية لحصول المحاسبة هذا في حين أن هذه المحاسبة وقد تمت بين المدينين فإن أثرها يكون مقصوراً عليهما ولا يتعداهما إلى الطاعن إلا إذا ثبت أنه قبل هذا الوضع وهذا القبول لا دليل عليه في الأوراق إلا أقوال المطعون ضدها الأولى ومن ثم فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ صرف أثر المحاسبة إلى الطاعن. كذلك فقد جاء رده على الاعتراضين الآخرين منطوياً على مخالفة لنص المادة 415 من القانون المدني والتي لا تجيز توجيه هذه اليمين لإثبات انقضاء دين ثابت بالكتابة وتزيد قيمته على عشرة جنيهات كما لا يجوز إثبات هذا الانقضاء بقرائن تستكمل بتلك اليمين.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كان الحكم قد انتهى صحيحاً على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول إلى قيام مانع مادي حال دون حصول المطعون ضدها الأولى على دليل كتابي على انقضاء دين الطاعن فإن إثبات هذا الانقضاء بالبينة والقرائن يكون جائزاً قانوناً وفي هذه الحالة لا يشترط أن يكون الدليل الناقص الذي يكمل باليمين المتممة كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة بل يصح أن يكون بينة أو قرائن يرى فيها القاضي مجرد مبدأ ثبوت عادي وإن كان يجعل الادعاء قريب الاحتمال إلا أنه غير كاف بمجرده لتكوين دليل كامل يقنعه فيستكمله باليمين المتممة ومن ثم فلا تثريب على محكمة الاستئناف إذا هي عمدت إلى تكملة القرائن التي تجمعت لديها باليمين المتممة وإذا هي رأت بعد حلف المطعون ضدها الأولى لهذه اليمين أن الدليل قد اكتمل لديها على انقضاء دين الطاعن قبل هذه المدينة. أما ما اعترض به الطاعن على صيغة اليمين فإن الحكم المطعون فيه رد على هذه الاعتراضات بقوله: وحيث إن المحكمة قد أطرحت جميع الاعتراضات التي أثارها المستأنف عليهم ذلك أن ما قرره المستأنف عليه الأول (الطاعن) من أن صيغة اليمين جاءت على خلاف الثابت من أن السداد حصل عن محاسبة فهو قول ظاهر الفساد ومردود وذلك لأنه فيما ورد من سرد الوقائع الرد الكافي إذ أبانت المحكمة أن محاسبة قد تمت وشملت جميع أطراف النزاع وأن هذه المحاسبة كان قوامها المستأنف عليهم الثلاثة (الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث) وآخر هو الأستاذ جرجورة وأن المستأنف عليه الثالث وكان قد قبض قيمة الوديعة نيابة عن المستأنفة وشريكها وقام بتوزيع قيمتها على مستحقيها بعد إجراء هذه المحاسبة وصيغة اليمين المتممة لا تناهض الثابت في الأوراق ولا تنفي قيام المحاسبة خاصة أن الوفاء هو نتيجة حتمية وطبيعية لحصول المحاسبة أما الاعتراضين الثاني والثالث من اعتراضات المستأنف عليه الأول فمردودان كذلك بأن المحكمة قد استعملت حقها الذي تستمده من أحكام المادة 415 من القانون المدني واعتبرت القرائن القائمة في الدعوى والتي لم يقم دليل على دحضها أو إنكارها بمثابة دليل غير مكتمل ووجهت اليمين المتممة في حدود سلطانها. ولما كان الطاعن قد أقر أمام المحكمة الابتدائية بأنه حضر الاتفاق الذي حصل بين المدينين والمحاسبة التي جرت بينهما وقد استخلصت المحكمة من حضوره وعدم اعتراضه على هذا الاتفاق أنه ارتضاه ضمناً وقبل أن يستوفي دينه بالطريقة التي تم الاتفاق عليها وكان استخلاص المحكمة لقبول الطاعن الضمني لهذا الاتفاق هو استخلاص موضوعي سائغ على ما تقدم ذكره وكان الطاعن لا ينازع في سبب الطعن في أن من شأن هذا الاتفاق أن يؤدي إلى انقضاء دينه قبل المطعون ضدها الأولى لو ثبت أنه قبل الوضع الذي تم الاتفاق عليه وإنما حصر منازعته في إنكار صدور هذا القبول منه فإن هذه المنازعة لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ومتى كان مؤدى قبول الطاعن لذلك الاتفاق اقتضاء دينه قبل المطعون ضدها الأولى وبراءة ذمتها من هذا الدين فإن محكمة الاستئناف إذ وجهت إليها اليمين المتممة بالصيغة التي وجهتها لا تكون قد خالفت الثابت في الأوراق لأنه فضلاً عن أن الاتفاق الذي انقضى به الدين يقضي بأن الطاعن يستوفي كل دينه من ابنه المطعون ضده الأول فإن خطأ الحكم في التعبير بالوفاء بدلاً من الانقضاء لا يؤثر على سلامته أما عن الاعتراضين الثاني والثالث اللذين أبداهما الطاعن على توجيه اليمين فإن رد الحكم عليهما صحيح لما تقدم ذكره من جواز أن يكون الدليل الناقص الذي يكمل باليمين قرائن في صورة هذه الدعوى ومن أن الحكم لم يعتبر المخالصة الصادرة من المطعون ضده الثالث حجة على الطاعن بل مجرد قرينة.
وحيث إن الطاعن ينعى في الشق الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في القانون ذلك أنه لم يقطع برأي في بيان الوسيلة القانونية التي اقتنع بأن الوفاء تم بها وبرئت بها ذمة المطعون ضدها الأولى إذ هو قد تخبط في هذا الشأن بطريقة تدل على أنه لم يستقر على رأي معين فلم يبين كيف استوفى الطاعن دينه وممن استوفاه وما هي الطريقة التي تم الوفاء بها وإذا كانت المحكمة قد رأت أن الطاعن قد استوفى دينه بطريقة المقاصة ما دام أنه قد حضر الاتفاق ولم يعترض عليه فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون لأنه لم يكن لها أن تقضي بالمقاصة بغير أن تبحث شروط الديون التي شملتها المقاصة وبخاصة شرط خلوها من النزاع وبغير أن تبين أثر اتفاق الخصوم على هذه المقاصة وما إذا كان الطاعن طرفاً في هذا الاتفاق وما إذا كان يكفي قبوله الشفوي لهذا الاتفاق أو يجب أن يكون قبوله له كتابة وإذ أغفل الحكم بحث ذلك كله فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد قبل ما تم الاتفاق عليه بين المدينين من أن يستوفي كل دينه من ابنه المطعون ضده الثاني في نظير أن تقوم المطعون ضدها الأولى بوفاء دين عليهما لدائنين آخرين وقد قامت بالوفاء بما تعهدت به فإن ذمتها تكون قد برئت من دين الطاعن بمقتضى ذلك الاتفاق الذي وافق عليه وكان هذا حسب الحكم لتسبيب قضائه برفض دعوى الطاعن بمطالبتها بهذا الدين ومن ثم يكون النعي على الحكم لتردده بين الوفاء والمقاصة عند بيان الطريقة التي انقضى بها الدين قبل المطعون ضدها الأولى وبرئت بها ذمتها منه غير منتج ما دامت أنها قد برئت على كل حال بمقتضى الاتفاق المشار إليه.
وحيث إنه مما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً نقضه.


(1) راجع نقض 16/ 11/ 1961 بمجموعة المكتب الفني س 12 ص 680 ونقض 12/ 4/ 1962 س 13 ص 455.

الطعن 410 لسنة 31 ق جلسة 5 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 6 ص 51

جلسة 5 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

----------------

(6)
الطعن رقم 410 لسنة 31 القضائية

عمل. "انتهاء عقد العمل". "مكافأة نهاية الخدمة".
انتهاء عقد العمل المحدد المدة أو إلغاء صاحب العمل للعقد غير المحدد المدة. مكافأة العامل عن مدة خدمته. احتسابها على أساس أجر نصف شهر عن الخمس سنوات الأولى وأجر شهر عن كل سنة تالية. م 73 من القانون 91 لسنة 1959.

----------------
بالرجوع إلى القانون رقم 91 لسنة 1959 يبين أنه نص في المادة 73 منه على أنه "إذا انتهت مدة عقد العمل المحدد المدة أو كان الإلغاء صادراً من جانب صاحب العمل في العقود غير المحددة المدة وجب عليه أن يؤدي إلى العامل مكافأة عن مدة خدمته تحسب على أساس أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية وذلك مع عدم الإخلال بالحقوق التي اكتسبها العامل بمقتضى القوانين الملغاة". وإذ كان الطاعن من العمال المعينين بالماهية الشهرية وتحسب مكافأة مدة خدمته على أساس أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية، وقدر الحكم المطعون فيه مكافأة بمرتب عشرة أيام عن كل سنة من الخمس سنوات الأولى وخمسة عشر يوماً عن باقي السنوات، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عزيز رزق الله دوس أقام الدعوى رقم 1389 سنة 1960 الإسكندرية الابتدائية ضد خريستو سفرا وغلي بصفته مديراً لمصنع بافرة لورق السجاير وقال شرحاً لها إنه التحق بخدمة المصنع في 1/ 11/ 1946 واستمر إلى 9/ 8/ 1959 حيث فوجئ بفصله، وإذ كان هذا الفصل بغير مبرر ونتيجة لفت نظر المسئولين في المصنع إلى بعض مخالفات ارتكبوها وقد وصل أجره الشهري إلى 38 ج و250 م بخلاف المكافأة السنوية وقدرها 42 ج و800 م ويستحق في ذمة المدعى عليه بصفته مبلغ 5637 ج و34 م منه 5000 ج كتعويض عن فصله و460 ج و200 م مكافأة مدة الخدمة و42 ج و800 م مقابل مهلة الإنذار و29 ج و690 م مقابل أيام العطلة السنوية و92 ج و660 م مقابل الادخار المستقطع من مرتبه و11 ج و413 م أجر لم يقبضه فقد انتهى إلى طلب الحكم له به. وبتاريخ 18/ 10/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطلبات من الثالث إلى الأخير (ثانياً) وقبل الفصل في موضوع الطلبين الأولين بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الثبوت القانونية أن المدعى عليه قد فصله بدون مبرر قانوني ودون أن يدفع له مكافأة مدة الخدمة ومقدار ما بلغه أجره. وبعد أن سمعت شهود الطرفين عادت وبتاريخ 31/ 5/ 1961 فحكمت حضورياً بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ ستمائة وثلاثة جنيهات ومائة مليم والمصروفات المناسبة ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وأعفت المدعي من باقي المصروفات وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. واستأنف عزيز رزق الله هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً تعديله بالنسبة للمكافأة والتعويض والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 361 سنة 17 ق، كما استأنفه خريستو سفر أوغلي طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 391 سنة 17 ق. وقررت المحكمة ضم الاستئنافين، وبتاريخ 7/ 11/ 1961 حكمت بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الشركة بأن تدفع إلى عزيز رزق الله دوس مبلغ 237 ج و183 م والمصروفات المناسبة عن الدرجتين وأمرت بالمقاصة في الأتعاب وأعفت عزيز رزق الله دوس من المصروفات. وطعن عزيز رزق الله في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في تقرير الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه قبول الطعن مع إلزام الطاعن بالمصاريف والأتعاب وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الطاعن كان يتقاضى أجراً شهرياً واعتبره الحكم المطعون فيه من عمال المياومة ورتب على ذلك أن احتسب مكافأته على أساس أجر عشرة أيام عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وخمسة عشر يوماً عن كل سنة من السنوات التالية، وهذا من الحكم خطأ في تطبيق المادة 73 من القانون رقم 91 لسنة 1959 وهي تسوي بين عمال المياومة وعمال المشاهرة وتوجب احتساب المكافأة على أساس أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بالرجوع إلى القانون رقم 91 لسنة 1959 - وهو الذي يحكم واقعة النزاع - يبين أنه نص في المادة 73 منه على أنه "إذا انتهت مدة عقد العمل المحدد المدة أو كان الإلغاء صادراً من جانب صاحب العمل في العقود غير المحددة المدة وجب عليه أن يؤدي إلى العامل مكافأة عن مدة خدمته تحسب على أساس أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية وذلك مع عدم الإخلال بالحقوق التي اكتسبها العمال بمقتضى القوانين الملغاة ويستحق العامل مكافأة عن كسور السنة بنسبة ما قضاه منها في العمل" وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعن من العمال المعينين بالماهية الشهرية وتحسب مكافأة مدة خدمته على أساس أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية، وقد خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقدر المكافأة بمرتب عشرة أيام عن كل سنة من الخمس سنوات الأولى وخمسة عشر يوماً عن باقي السنوات، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

الطعن 322 لسنة 30 ق جلسة 5 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 5 ص 48

جلسة 5 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

----------------

(5)
الطعن رقم 322 لسنة 30 القضائية

ضرائب. "الضريبة على المهن غير التجارية". "وعاء الضريبة". "تقدير وعاء الضريبة".
عدم وجود حسابات منتظمة مؤيدة بالمستندات. تقدير المصروفات جزافاً بخمس الإيرادات. م 73/ 2 ق 14 لسنة 1939.

------------------
طبقاً للفقرة الثانية من المادة 73 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - بعد تعديلها بالقانون رقم 146 لسنة 1950 - في حالة عدم وجود حسابات منتظمة مؤيدة بالمستندات تقدر المصروفات جزافاً بخمس الإيرادات (1). وإذ كان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه، وهو من الممولين الخاضعين للضريبة على أرباح المهن غير التجارية، لا يمسك حسابات ما، ويتعين لذلك تقدير مصروفاته جزافاً بخمس الإيرادات، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أنه لا محل لتقدير المصروفات جزافاً بخمس الإيرادات متى كانت المصروفات جميعها مؤيدة بالمستندات أو كان "بعضها مؤيداً بمستندات والبعض الآخر غير مؤيد بمستندات ولكنه مما تستلزمه مباشرة المهنة" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب قصر النيل قدرت أرباح الأستاذ فهمي إبراهيم المحامي بمبلغ 500 ج في كل من السنوات 1951 و1952 و1953 و1954 والمصروفات بواقع 20% منها، ولم يقبل هذه التقديرات وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن المختصة، وبتاريخ 25/ 5/ 1959 أصدرت اللجنة قرارها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، ومن ثم فقد أقام الدعوى رقم 78 سنة 1959 تجاري القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالباً إلغاءه واعتبار صافي أرباحه بالمبالغ الآتية 266 ج و500 م و268 ج و239 ج و184 ج على التوالي مع إلزام المصلحة بالمصاريف والأتعاب، مؤسساً دعواه على أنه وإن كان يوافق المصلحة على تقدير إيراداته إلا أنه يخالفها فيما جرت عليه من تقدير المصروفات جزافاً وبواقع 20% منها ويطلب احتسابها من واقع المستندات المقدمة والمؤيدة لها، وبتاريخ 11/ 1/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة المطعون فيه وباعتماد المصروفات في سني النزاع 1951 و1952 و1953 و1954 بالمبالغ الآتية على التوالي 233 ج و500 م و232 ج و261 ج و316 ج وبأن صافي أرباح الطاعن في السنوات نفسها هي 266 ج و500 م و268 ج و239 ج و184 ج على التوالي وألزمت المطعون ضدها بالمصروفات. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 110 سنة 77 ق. وبتاريخ 19/ 5/ 1960 حكمت المحكمة علناً وحضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت مصلحة الضرائب مصاريف الاستئناف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على تقدير مصروفات المطعون عليه في سنوات النزاع تقديراً فعلياً رغم عدم إمساكه دفاتر منتظمة مستنداً في ذلك إلى أن الأصل هو محاسبة الممول على أرباحه ومصروفاته الحقيقية وأنه متى كانت المصروفات جميعها مؤيدة بالمستندات أو كان بعضها مؤيداً بمستندات والبعض الآخر غير مؤيد ولكن مما تستلزمه مباشرة المهنة فإنه يجب الأخذ بها وإن جاوزت خمس الإيراد، وما جرى عليه الحكم من ذلك خطأ ومخالفة للقانون، إذ الثابت في الدعوى أن المطعون عليه لا يمسك دفاتر تضبط حساباته وهو من الممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير وطبقاً للفقرة الثانية من المادة 73 من القانون رقم 14 لسنة 1939 يتعين تقدير مصروفاته جزافياً بخمس الإيرادات.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه طبقاً للفقرة الثانية من المادة 73 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - بعد تعديلها بالقانون رقم 146 لسنة 1950 وهي التي تحكم واقعة الدعوى "في حالة عدم وجود حسابات منتظمة مؤيدة بالمستندات تقدر المصروفات جزافياً بخمس الإيراد" وإذ كان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه - وهو من الممولين الخاضعين للضريبة على أرباح المهن غير التجارية لا يمسك حسابات ما، ويتعين لذلك تقدير مصروفاته جزافاً بخمس الإيرادات، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أنه لا محل لتقدير المصروفات جزافاً بخمس الإيرادات متى كانت المصروفات جميعها مؤيدة بالمستندات أو كان "بعضها مؤيداً بمستندات والبعض الآخر غير مؤيد بمستندات ولكنه مما تستلزمه مباشرة المهنة"، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.


(1) نقض 2 يونيه سنة 1965 الطعن رقم 132 لسنة 30 ق السنة 16 ق 106 ص 661.

الطعن 318 لسنة 30 ق جلسة 5 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 4 ص 41

جلسة 5 من يناير سنة 1966

برياسية السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

-------------------

(4)
الطعن رقم 318 لسنة 30 القضائية

(أ، ب) ضرائب. "الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية". "احتياطي هبوط الأسعار".
(أ) احتياطي هبوط الأسعار وخصمه من وعاء الضريبة الخاصة على الربح الاستثنائي. الغرض منه. تغطية ما هو محتمل عند عودة الحالة الاقتصادية إلى مجراها العادي. عدم قصر استعماله على فترة الاثنى عشر شهراً التالية لإلغائها. م 7. ق 60 لسنة 1941 وم 1، 2. ق 60 لسنة 1950.
(ب) احتياطي هبوط الأسعار. مناطه. أن تستدعي طبيعة العمل تخصيص تلك المبالغ لتكوين الاحتياطي المذكور. علته. مقابلة ما يحتمل حدوثه من هبوط في قيمة البضاعة المشتراة أو المنتجة من أول يناير سنة 1940 إلى تاريخ انتهاء العمل بالضريبة الاستثنائية لا الآلات وقطع الغيار الغير معدة للتداول والمعتبرة من الأصول الثابتة التي يرد عليها حكم الاستهلاك المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 7 من القانون رقم 60 لسنة 1941.

------------------
1 - مؤدى المادة السابعة من القانون رقم 60 لسنة 1941 وما ورد في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون والمادتين الأولى والثانية من القانون رقم 60 لسنة 1950 بإلغاء الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الشارع أجاز للممولين تكوين احتياطي خاص لمواجهة هبوط الأسعار يخصم من وعاء الضريبة الخاصة على الربح الاستثنائي ورخص في استعماله متى تحقق هذا الهبوط لتغطية ما هو محتمل عند عودة الحالة الاقتصادية إلى مجراها العادي، ولم يجعل استعماله قاصراً على فترة الاثنى عشر شهراً التالية لإلغاء الضريبة الخاصة المستحقة على الربح الاستثنائي (1)، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على قصر حق الطاعن في استعمال احتياطي هبوط الأسعار على فترة الاثنى عشر شهراً التالية لصدور القانون رقم 60 لسنة 1950 أي الفترة من أول يناير سنة 1950 إلى آخر ديسمبر سنة 1950 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
2 - النص في الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 60 لسنة 1941 بفرض ضريبة على الأرباح الاستثنائية على أنه يجوز الترخيص للممول بأن يخصم من الربح الاستثنائي "المبالغ المخصصة لتكوين مال احتياطي خاص لتغطية ما هو محتمل عند عودة الحالة الاقتصادية إلى مجراها العادي من هبوط قيمة ما اشترى منذ أول يناير سنة 1950 وذلك إذا كانت طبيعة العمل الذي تقوم عليه المنشأة أو التجارة مما يستدعي تخصيص تلك المبالغ لتكوين الاحتياطي المذكور" إنما أراد به الشارع مقابلة ما يحتمل حدوثه من هبوط في قيمة البضاعة المشتراة أو المنتجة من أول يناير سنة 1940 إلى تاريخ انتهاء العمل بالضريبة الاستثنائية، لا الآلات وقطع الغيار الغير معدة للتداول وتعتبر من الأصول الثابتة ويرد عليها حكم الاستهلاك المنصوص عليه في الفقرة الثانية منها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة المحلات الصناعية للحرير والقطن احتجزت من أرباحها في المدة من سنة 1945 إلى سنة 1948 مبلغ 39162 ج و374 م احتياطي لتغطية هبوط أسعار البضائع والآلات والماكينات وقطع الغيار طبقاً للقانون رقم 60 لسنة 1941 بفرض ضريبة على الأرباح الاستثنائية، ولما صدر القانون رقم 60 لسنة 1950 بإلغاء هذه الضريبة قامت مأمورية الضرائب المختصة بتسوية الضريبة على هذا الاحتياطي الذي لم يستعمل خلال الاثنى عشر شهراً التالية لصدوره، وإذ اعترضت الشركة وعرض الخلاف على لجنة الطعن وبتاريخ 29/ 3/ 1956 أصدرت اللجنة قرارها بالتصريح للشركة في استعمال احتياطي هبوط الأسعار المكون لديها في تغطية الهبوط الحادث في البضائع محل تجارتها والمتبقية لديها خلال فترة الاثنى عشر شهراً التالية لانتهاء التزامها بالضريبة الخاصة والتي تكون قد اشترتها خلال فترة سريان تلك الضريبة على أن تقدم لمأمورية الشركات المساهمة خلال شهر من تاريخ إعلانها بالقرار البيانات اللازمة لتحديد هذا الهبوط وإلا تم الربط طبقاً لما سارت عليه المأمورية، واستبعدت البضائع التي تعتبر أصولاً ثابتة من آلات وماكينات وقطع غيار اشترتها الشركة لاستعمالها الشخصي وليس لإعادة بيعها، فقد أقامت الدعوى رقم 294 سنة 1956 تجاري القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه وتقرير أحقيتها في استعمال احتياطي هبوط الأسعار في تغطية الخسائر أو الهبوط الذي يحدث في البضائع بكافة أنواعها بما فيها الآلات والماكينات وقطع الغيار التي اشتريت من أول يناير سنة 1940 إلى سنة 1950، كما أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 321 سنة 1956 تجاري القاهرة الابتدائية ضد الشركة بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه وقصر استعمال الاحتياطي على مواجهة الهبوط بالنسبة للبضائع المتبقية عند صدور القانون رقم 60 لسنة 1950 وعلى أن يتم استعماله في ظرف سنة تنتهي في آخر ديسمبر سنة 1950 وقررت المحكمة ضم الدعويين، وبتاريخ 23/ 2/ 1958 حكمت في موضوعهما (أولاً) برفض الطعن المقام من مصلحة الضرائب وبإلزامها بمصاريفه ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة (ثانياً) وبالنسبة لطعن الشركة بتعديل قرار اللجنة الصادر في 29/ 3/ 1956 وبتقرير أحقية الشركة في استعمال احتياطي هبوط الأسعار في تغطية الخسائر أو الهبوط الذي يحدث للبضائع المعتبرة من الأصول المتداولة التي اشتريت من أول يناير سنة 1940 حتى آخر سنة 1950 وتأييد القرار المطعون فيه فيما عدا ذلك وجعلت مصروفات هذا الطعن مناصفة بين المصلحة والشركة وألزمت المصلحة بمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنه - واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد هذا الاستئناف برقم 158 سنة 76 ق، وأثناء نظره رفعت الشركة استئنافاً فرعياً قيد برقم 200 سنة 77 ق طالبة إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم جواز استعمال احتياطي هبوط الأسعار لتغطية هبوط قيمة الآلات وقطع الغيار وتأييده فيما عدا ذلك. وبتاريخ 19/ 5/ 1960 حكمت المحكمة علناً وحضورياً بقبول الاستئنافين الأصلي والفرعي شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بالنسبة للاستئناف الأصلي المقام من مصلحة الضرائب بقبوله وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من قبول طعن شركة المحلات الصناعية للحرير والقطن وبعدم أحقية الشركة المذكورة في استعمال احتياطي هبوط الأسعار المجمع لديها إلا في تغطية الهبوط الذي حدث في البضائع المتداولة المتبقية عند صدور القانون رقم 60 لسنة 1950 وعلى أن تكون تلك التغطية قد تمت في خلال الاثنى عشر شهراً اللاحقة على القانون المذكور أي من أول يناير إلى آخر ديسمبر سنة 1950 مع إلزام الشركة بالمصاريف عن الدرجتين وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما (ثانياً) وبالنسبة للاستئناف الفرعي المقام من الشركة برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم أحقيتها في استخدام المال الاحتياطي لمواجهة هبوط الأسعار بالنسبة للآلات والماكينات وقطع الغيار وألزمتها بمصاريفه وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة لمصلحة الضرائب. وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعن وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ جرى في قضائه على قصر حق الشركة في استعمال احتياطي هبوط الأسعار على فترة الاثنى عشر شهراً التالية لإلغاء الضريبة الخاصة مستنداً في ذلك إلى أن الحالة الاقتصادية لا تعتبر أنها عادت إلى مجراها الطبيعي إلا بصدور القانون رقم 60 لسنة 1950 بإلغاء الضريبة على الأرباح الاستثنائية في حين أن تاريخ إلغاء هذه الضريبة لا علاقة له قانوناً بالظرف الزمني الذي عبر عنه المشرع في الفقرة الأولى من المادة السابعة بقوله "عند عودة الحالة الاقتصادية إلى مجراها العادي". وفي حين أن هدف الشارع من النص على استعمال احتياطي هبوط الأسعار عند عودة الحالة الاقتصادية إلى مجراها الطبيعي إنما هو تقرير حق الممول في استعمال الاحتياطي لمقابلة الهبوط إذا حصل في أي وقت خلال فترة سريان الضريبة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مؤدى المادة السابعة من القانون رقم 60 لسنة 1941 وما ورد في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون، والمادتان الأولى والثانية من القانون رقم 60 لسنة 1950 بإلغاء الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الشارع أجاز للممول تكوين احتياطي خاص لمواجهة هبوط الأسعار يخصم من وعاء الضريبة الخاصة على الربح الاستثنائي وأنه رخص في استعماله متى تحقق هذا الهبوط لتغطية ما هو محتمل عند عودة الحالة الاقتصادية إلى مجراها العادي، ولم يجعل استعماله قاصراً على فترة الاثنى عشر شهراً التالية لإلغاء الضريبة الخاصة المستحقة على الربح الاستثنائي وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على قصر حق الشركة في استعمال احتياطي هبوط الأسعار على فترة الاثنى عشر شهراً التالية لصدور القانون رقم 60 لسنة 1950 أي الفترة من أول يناير سنة 1950 لآخر ديسمبر سنة 1950 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم أحقية الشركة في استعمال احتياطي هبوط الأسعار لتغطية خسارتها من بيع بعض الماكينات والآلات وقطع الغيار مستنداً في ذلك إلى أنها من الأصول الثابتة وتحكمها الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون رقم 60 سنة 1941 الخاصة بالاستهلاك ولا يجوز الجمع بينهما وبين حكم الفقرة الأولى الخاصة باستعمال احتياطي هبوط الأسعار، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون وقصور يعيبه، إذ مؤدى المادة السابعة من القانون رقم 60 لسنة 1941 وما نصت عليه في الفقرة الأولى من أنه يجوز الترخيص للممول بأن يخصم من الربح الاستثنائي المبالغ "المخصصة لتكوين مال احتياطي خاص يعد لتغطية ما هو محتمل عند عودة الحالة الاقتصادية إلى مجراها العادي من هبوط قيمة ما اشترى منذ أول يناير سنة 1940" وما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون، أن تجرى التغطية لمقابلة كل هبوط يحصل في أي أصل من أصول المنشأة يكون قد اشترى من أول يناير سنة 1940 بغير تفرقة بين الثابت منها والمتداول، وما انتهى إليه الحكم من عدم جواز الجمع بين تغطية هبوط الأسعار وإجراء الاستهلاك يعوزه التسبيب القانوني الصحيح.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 60 لسنة 1941 بفرض ضريبة على الأرباح الاستثنائية، على أنه يجوز الترخيص للممول بأن يخصم من الربح الاستثنائي. "المبالغ المخصصة لتكوين مال احتياطي خاص لتغطية ما هو محتمل عند عودة الحالة الاقتصادية إلى مجراها العادي من هبوط قيمة ما اشترى منذ أول يناير سنة 1940 وذلك إذا كانت طبيعة العمل الذي تقوم عليه المنشأة أو التجارة مما يستدعي تخصيص تلك المبالغ لتكوين الاحتياطي المذكور" إنما أراد به الشارع مقابلة ما يحتمل حدوثه من هبوط في قيمة البضاعة المشتراة أو المنتجة من أول يناير سنة 1940 إلى تاريخ انتهاء العمل بالضريبة الاستثنائية، لا الآلات وقطع الغيار الغير معدة للتداول وتعتبر من الأصول الثابتة ويرد عليها حكم الاستهلاك المنصوص عليه في الفقرة الثانية منها، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أن "استئناف الشركة الذي يهدف إلى اعتبار الآلات والماكينات وقطع التغيير من الأصول المتداولة التي يمكن استخدام المال الاحتياطي بشأنها لمواجهة هبوط الأسعار على غير أساس إذ أن الشركة المستأنفة لا تتاجر في هذا النوع من الأصول بل إنها اشترته لاستعماله في الصناعة موضوع نشاطها ولذا فلها حق استقطاع قيمة ما يستهلك منها. أما إذا كانت قد باعت هذه الأصول فهذا لا يغير من طبيعتها الأصلية ولا في أن تلك الأصول كانت قد اشتريت لاستخدامها في الصناعة لا في التداول. يضاف إلى هذا أن القول بأن نص المادة السابعة من القانون رقم 60 لسنة 1941 قد جاء مطلقاً ولم يفرق بين أصول متداولة وأصول ثابتة فمردود بأن "روح التشريع" في هذا الصدد ليست في حاجة إلى شرح أو تأويل إذ أن المشرع قصد أن يحمي الممول من الخسارة أو هبوط الأسعار بالنسبة للبضاعة التي يشتريها لبيعها أو ليصنعها ثم يبيعها لا البضاعة التي تثبت في مصنعه ولا تستخدم إلا في هذه الصناعة - يضاف إلى ذلك أن لهذا النوع من الأصول الثابتة حكماً خاصاً انفردت به الفقرة الثانية من المادة السابعة سالفة الذكر يسمح للممول أن يستقطع بشأنها قيمة الاستهلاك محسوبة على نطاق واسع يتلاءم مع ربحه الاستثنائي وقد تصل هذه القيمة إلى 50% من ذلك الربح - ومن غير المستساغ أن يجمع الممول - بالنسبة لهذه الأصول الثابتة - بين حق استقطاع قيمة الاستهلاك على هذا النطاق الواسع وبين استعمال المال الاحتياطي لمواجهة هبوط الأسعار أيضاً إذ أنه لا بد لهذا الجمع - المخالف للمألوف - من نص خاص وهو غير موجود" - وهي تقريرات سائغة تكفي لحمله، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. ولما تقدم يتعين رفض هذا السبب.


(1) نقض 7/ 7/ 1962. الطعن رقم 187 لسنة 27 ق والطعن رقم 47 لسنة 28 ق. السنة 13 ق 129، 131 ص 875، 883.

الطعن 241 لسنة 31 ق جلسة 4 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 3 ص 37

جلسة 4 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: اميل جبران، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

------------------

(3)
الطعن رقم 241 لسنة 31 القضائية

تقادم. "قطع التقادم". دعوى. "مطالبة قضائية". محاماة. "مجلس نقابة المحامين". وكالة. "تقدير أتعاب المحامي".
طلب تقدير أتعاب المحامي إلى مجلس نقابة المحامين في حالة عدم وجود الاتفاق الكتابي. إعلان بخصومة. مطالبة قضائية تقطع التقادم.

------------------
تقديم طلب تقدير الأتعاب إلى مجلس نقابة المحامين من المحامي أو الموكل عند الخلاف بينهما على قيمتها في حالة عدم وجود اتفاق كتابي عليها هو - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - إعلان بخصومة تترتب عليه آثار المطالبة القضائية ومنها قطع التقادم في مفهوم المادة 383 من القانون المدني وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر مهدراً الأثر القانوني المترتب على تقديم الطلب بتقدير الأتعاب إلى نقابة المحامين في قطع التقادم المنصوص عليه في المادة 376 من القانون المدني فإنه يكون قد خالف القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه وكل الطاعن ليباشر نيابة عنه الدعوى رقم 29 لسنة 1946 تجاري كلي الإسكندرية التي كان قد أقامها طعناً في قرار لجنة التقدير الصادر بتحديد أرباحه ورأسماله عن السنوات من 1939 إلى 1944، فباشرها الطاعن إلى أن حكم فيها بتاريخ 9/ 3/ 1953، وقام بإعلان الحكم إلى مصلحة الضرائب في 20/ 7/ 1954 ثم أرسل إليها كتاباً تاريخه 25/ 9/ 1955 يطالبها برد المبالغ التي حصلتها من المطعون عليه زيادة عما تستحقه طبقاً لقضاء هذا الحكم - وقد تقدم الطاعن بتاريخ 12/ 7/ 1959 إلى نقابة المحامين بالقاهرة طالباً تقدير الأتعاب التي يستحقها قبل المطعون عليه مقابل قيامه بمباشرة هذه القضية إذ لم يكن قد حرر بينهما اتفاق كتابي عن هذه الأتعاب، وقيد هذا الطلب برقم 176 لسنة 1959، وفي 21/ 2/ 1960 أصدر مجلس النقابة قراراً بتقدير مبلغ 350 جنيهاً أتعاباً للطاعن على المطعون عليه - تظلم المطعون عليه من هذا القرار أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بالتظلم رقم 534 لسنة 1960 وتمسك بأوجه دفاع موضوعية متعددة، ودفع بسقوط حق الطاعن في الأتعاب المطالب بها وقال في بيان هذا الدفع إن وكالة الطاعن عنه في القضية السابق الإشارة إليها انتهت بصدور الحكم فيها بتاريخ 9/ 3/ 1953 وإذ لم يتقدم الطاعن بطلب تقدير الأتعاب إلى نقابة المحامين إلا في شهر يوليه من سنة 1959 أي بعد مضي أكثر من خمس سنين على انتهاء الوكالة، فإن حقه في المطالبة بهذه الأتعاب يكون قد تقادم عملاً بالمادة 376 من القانون المدني - قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية في 30/ 11/ 1960 بإلغاء قرار نقابة المحامين المتظلم منه، وبرفض دعوى المتظلم ضده وأسست قضاءها على أن حق الطاعن في المطالبة بالأتعاب قد سقط بالتقادم لمضي خمس سنوات وأكثر بين يوم 2/ 8/ 1960 الذي أعلن فيه المطعون عليه بقرار تقدير الأتعاب الصادر من مجلس نقابة المحامين، ويوم 9/ 3/ 1953 الذي انتهت فيه وكالة الطاعن عن المطعون عليه بصدور الحكم في القضية التي كان موكلاً فيها، أو يوم 20/ 7/ 1954 الذي أعلن فيه هذا الحكم - بواسطة الطاعن - إلى مصلحة الضرائب، واعتبرت المحكمة أن تقديم طلب تقدير الأتعاب إلى نقابة المحامين لا ينقطع به التقادم - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 647 لسنة 16 ق الإسكندرية. وبتاريخ 2/ 4/ 1961 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 23/ 1/ 1965 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها المتضمنة طلب قبول الطعن ونقض الحكم، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وفي الجلسة التي حددت لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وخطئه في تطبيقه، ذلك أنه قرر أن مجلس نقابة المحامين ليست له الصفة القضائية التي تجعل التقدم إليه بطلب تقدير أتعاب المحامي قاطعاً للتقادم - مع إنه ليس أدل على توافر هذه الصفة لمجلس النقابة في هذا الخصوص من أن تقدير الأتعاب كان أصلاً من اختصاص المحاكم العادية، ولما صدر قانون المحاماة رقم 98 لسنة 1944 انتقل هذا الاختصاص إلى مجلس النقابة في حالة عدم وجود اتفاق كتابي على الأتعاب بين المحامي وموكله وأصبح التجاء المحامي إلى القضاء مباشرة في هذه الحالة للحصول على حكم بتقدير أتعابه غير مقبول - هذا إلى أن نصوص قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 - بما تضمنته من إجراءات طلب التقدير وقوته التنفيذية - صريحة في الدلالة على أن نقابة المحامين تنظر في هذا الطلب باعتبارها هيئة ذات اختصاص قضائي - ويرتب الطاعن على ذلك قوله إنه بفرض صحة ما قرره الحكم المطعون فيه من أن سريان التقادم يبدأ من يوم 20/ 7/ 1954 الذي أعلن فيه الحكم الصادر في الطعن الضرائبي رقم 29 لسنة 1946 تجاري كلي الإسكندرية إلى مصلحة الضرائب، فإن هذا التقادم ينقطع بتقديم طلب تقدير الأتعاب من الطاعن إلى نقابة المحامين في 12/ 7/ 1959 أي قبل مضي مدته.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أيد حكم محكمة أول درجة في قضائه بتقادم حق الطاعن في الأتعاب عملاً بالمادة 376 من القانون المدني واستند في ذلك إلى أن هذا التقادم - ومدته خمس سنين على ما هو منصوص عليه في هذه المادة - يبدأ سريانه من 20/ 7/ 1954 يوم أن أعلن الحكم الصادر في الطعن الضرائبي آنف الذكر إلى مصلحة الضرائب بواسطة الطاعن باعتباره محامي المطعون عليه الموكل عنه في هذا الطعن، وإلى أنه مضت من ذلك اليوم حتى يوم 2/ 8/ 1960 الذي أعلن فيه المطعون عليه بقرار تقدير الأتعاب الذي استصدره الطاعن من مجلس نقابة المحامين مدة تزيد بكثير على خمس سنين - وقد قرر الحكم في أسبابه "إن مجلس النقابة لا يتمتع بالصفة القضائية التي تجعل التقدم إليه بطلب أمر التقدير قاطعاً للتقادم وليس في القانون ما يسبغ على النقابة هذه الصفة القضائية" - وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون ذلك أن تقديم طلب تقدير الأتعاب إلى مجلس نقابة المحامين - من المحامي أو الموكل - عند الخلاف بينهما على قيمتها في حالة عدم وجود اتفاق كتابي عليها، هو - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إعلان بخصومة تترتب عليه آثار المطالبة القضائية ومنها قطع التقادم في مفهوم المادة 383 من القانون المدني - لما كان ذلك، وكان الحكم على ما سلف بيانه قد قرر أن مدة التقادم يبدأ سريانها من 20/ 7/ 1954 وأن التقادم يبقى سارياً من هذا التاريخ حتى يوم 2/ 8/ 1960 الذي أعلن فيه المطعون عليه بقرار تقدير الأتعاب الذي استصدره الطاعن من مجلس نقابة المحامين مهدراً الأثر القانوني المترتب على تقديم الطلب بتقدير الأتعاب إلى نقابة المحامين في 12/ 7/ 1959 أي قبل مضي خمس سنين من التاريخ الذي حدده الحكم لبدء سريان التقادم - فإن الحكم يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.


(1) راجع نقض 8/ 6/ 1961 بمجموعة المكتب الفني س 12 ص 532 ونقض 18/ 3/ 1965 بمجموعة المكتب الفني س 16 ص 356.

الجمعة، 12 مايو 2023

الطعن 994 لسنة 36 ق جلسة 4/ 10/ 1966 مكتب فني 17 ج 3 ق 168 ص 911

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود العمراوي، ومحمود كامل عطيفه.

---------

(أ ، ب) شروع. سرقة.
(أ) الشروع في حكم المادة 45 عقوبات. ماهيته؟ لا يشترط لتحققه أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة. يكفي أن يأتي فعلا سابقا على تنفيذ الركن المادي لها ومؤديا إليه حالا. مثال في سرقة.

(ب) جريمة الشروع في السرقة. وجود المال فعلا. غير لازم لقيامها. ما دام أن نية الجاني قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة.

(ج ، د) تلبس. قبض. تفتيش. سرقة.
(ج) التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها. يكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه. متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكا.

 (د) قيام حالة التلبس بالجريمة نتيجة لاتفاق سابق بين المتهمين على ارتكاب جريمة السرقة، دون أن يكون للإجراءات التي اتخذها رجال الضبط دخل في قيامها. صحة القبض والتفتيش.

------------------

1 - الشروع في حكم المادة 45 من قانون العقوبات هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها. فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعاً في ارتكاب جريمة أن يأتي فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدياً إليه حالاً. ولما كان الثابت في الحكم أن الطاعنين الثلاثة الأول تسلقوا السور الخارجي للحديقة إلى داخل المنزل وبقى الطاعن الرابع بالسيارة في الطريق في انتظارهم حتى إتمام السرقة وأن الطاعن الثاني عالج الباب الداخلي بأدوات أحضرها لكسره إلى أن كسر بعض أجزائه، وأثبت الحكم أنهم كانوا ينوون سرقة محتويات المنزل، فإنهم يكونون بذلك قد دخلوا فعلاً في دور التنفيذ بخطوة من الخطوات المؤدية حالاً إلى ارتكاب السرقة التي اتفقوا على ارتكابها بحيث أصبح عدولهم بعد ذلك باختيارهم عن مقارفة الجريمة المقصودة بالذات أمراً غير متوقع، ويكون ما ارتكبوه سابقاً على ضبطهم شروعاً في جناية السرقة.

2 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الشروع في السرقة أن يوجد المال فعلاً، ما دام أن نية الجاني قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة.

3 - التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها، ويكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه، متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً.

4 - لما كانت حالة التلبس بالجريمة التي شاهدها رجال الضبط لم تكن وليدة الإجراءات التي اتخذوها - والتي اقتصرت على مجرد إثبات مضمون تحرياتهم والانتقال للمراقبة - بل وجدت هذه الحالة تنفيذاً لاتفاق سابق من الطاعنين على ارتكاب جريمة السرقة ولم تقع عملية الضبط إلا بعد إدراك وقوعها إدراكاً يقينياً بوجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة. فإن دفع الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش لإجرائه بدون إذن من النيابة وفي غير الحالات التي تجيز ذلك يكون على غير أساس.

------------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في ليلة 25/5/1962 بدائرة قسم الدقي محافظة الجيزة: (أولا) المتهمين جميعا - شرعوا في سرقة محتويات مسكن الدكتور ...... حالة كونهم يحملون أسلحة نارية ظاهرة ومخبأة بأن أجمعوا أمرهم على ارتكاب الحادث, واستقلوا سيارة المتهم الأخير وكان المتهمان الأول والثالث يحملان سلاحين ناريين (مسدسين) ودلفوا إلى حديقة المنزل وقام المتهم الثاني بمعالجة باب المنزل الداخلي حتى تمكن من فتحه وأوقف تنفيذ الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مفاجأتهم وقت ارتكاب السرقة وضبطهم قبل إتمامها. (ثانيا) المتهم الأول أيضا - (1) أحرز سلاحا ناريا مششخن الماسورة (مسدس) بدون ترخيص. (2) أحرز طلقة مما تعد ذخيرة للسلاح سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له بحيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للوصف والقيد الواردين بقرار الاتهام. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الجيزة دفع الحاضر مع المتهمين ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 21 فبراير سنة 1966 عملا بالمواد 45 و46 و316 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و6 و26/2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3 الملحق مع تطبيق المادتين 30 و32/2 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات. (ثانيا) ببراءة المتهم الثالث من تهمتي إحراز السلاح والذخيرة المسندتين إليه. (ثالثا) بمصادرة الأسلحة والذخائر والأدوات المضبوطة. وقد ردت على الدفع قائلة أنه في غير محله. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

----------------

المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وبطلان الإجراءات والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بجناية الشروع في السرقة من منزل مسكون في حين أن ضبطهم داخل الباب الخارجي لسكن المجني عليه - بفرض صحته - لا يعدو أن يكون من قبيل الأعمال التحضيرية مما لا يتوافر معه الركن المادي للشروع في السرقة وهو في واقعه على هذه الصورة لا يشكل إلا جنحة دخول عقار بقصد ارتكاب جريمة فيه الأمر المنطبق على المادة 369 من قانون العقوبات، ومع تمسك الدفاع بذلك فإن الحكم لم يعرض له بالتمحيص والرد. هذا إلى أن المحكمة غيرت وصف التهمة كما ورد بأمر الإحالة بأن نسبت إلى الطاعن الثاني كسر باب المنزل بقصد السرقة وهو ما لم يتضمنه ذلك الأمر دون لفت نظر الدفاع وخلصت إلى إدانة الطاعنين دون التحقق من وجود الأشياء المقول بالشروع في سرقتها، كذلك أطرح الحكم بأسباب غير سائغة دفع الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش لإجرائه بدون إذن من النيابة وفي غير الحالات التي تجيز ذلك، هذا فضلا عن تناقض الأسباب إذا أثبت الحكم في مدوناته حصول كسر في باب المنزل في حين أن ما نقله عن المعاينة التي أجرتها النيابة يشير إلى أن كسرا لم يتم وأن الأمر اقتصر على محاولة إحداثه. وأضاف الطاعن الأخير إلى ما تقدم أن الحكم لم يتضمن سؤاله بوصفه متهما عن اسمه ولقبه وسنه وصناعته ومحل إقامته ومولده مما يعتبر مخالفة لنص المادة 271 من قانون الإجراءات الجنائية، كما خلال الحكم من التدليل على إسهامه في ارتكاب الحادث أو استظهار الأفعال المادية التي اقترفها وبيان أن مقصده قد اتجه إلى مشاركة باقي الطاعنين في ارتكاب السرقة مع أن موقفه - وهو قائد السيارة الأجرة - لا يعدو أن يكون مؤجرا إياها لهم.

وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعنين عقدوا العزم على سرقة منزل المجني عليه واستقلوا سيارة الطاعن الرابع مزودين بآلات معدة للكسر وكان المتهم الأول يحمل سلاحا ناريا وما أن وصلوا في ليلة الحادث إلى المنزل حتى دخل الثلاثة الأول إلى داخل الحديقة من سورها الخارجي - وبقى الرابع في انتظارهم بالسيارة خارجها وعالج الطاعن الثاني الباب الداخلي محاولا كسره إلى أن كسر بعض أجزائه وأوقفت الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم والجريمة في حالة تلبس. ثم أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما أسفرت عنه المعاينة وما ثبت من تقرير فحص السلاح وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ثم خلص الحكم إلى إدانة الطاعنين على أساس أن الواقعة جناية شروع في سرقة وقعت منهم ليلا ومع حمل السلاح بالتطبيق للمواد 45 و46 و316 من قانون العقوبات. وما انتهى إليه الحكم من ذلك صحيح في القانون، ذلك أن الشروع في حكم المادة 45 من قانون العقوبات هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها. فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعا في ارتكاب جريمة أن يأتي فعلا سابقا على تنفيذ الركن المادي لها ومؤديا إليه حالا. لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم أن الطاعنين الثلاثة الأول تسلقوا السور الخارجي للحديقة إلى داخل المنزل وبقى الطاعن الرابع بالسيارة في الطريق في انتظارهم حتى إتمام السرقة وأن الطاعن الثاني عالج الباب الداخلي بأدوات أحضرها لكسره إلى أن كسر بعض أجزائه، وأثبت الحكم أنهم كانوا ينوون سرقة محتويات المنزل، فإنهم يكونون بذلك قد دخلوا فعلا في دور التنفيذ بخطوة من الخطوات المؤدية حالا إلى ارتكاب السرقة التي اتفقوا على ارتكابها بحيث أصبح عدولهم بعد ذلك باختيارهم عن مقارفة الجريمة المقصودة بالذات أمرا غير متوقع ويكون ما ارتكبوه سابقا على ضبطهم شروعا في جناية السرقة، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنون في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي دين بها الطاعنون هي بعينها التي أحيلت بها الدعوى والتي دارت عليها المرافعة وكانت مطروحة على بساط البحث، ذلك أن وصف التهمة بقرار الإحالة قد تضمن "أن المتهم الثاني قام بمعالجته باب المنزل الداخلي حتى تمكن من فتحه" وهو ما انتهت إليه المحكمة في وصفها للواقعة بقولها "وقام المتهم الثاني بكسر باب المنزل الداخلي بعتلة حتى تمكن من فتحه" تحصيلا منها وأخذا بأقوال شهود الإثبات وبما له معين صحيح من الأوراق، فإن ما يثيره الطاعنون من قالة الإخلال بحق الدفاع يكون على غير سند مادامت الواقعة المادية المقامة بها الدعوى هي بذاتها التي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قصد السرقة في حق الطاعنين من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها، وكان من المقرر أنه ليس بشرط في جريمة الشروع في السرقة أن يوجد المال فعلا - مادام أن نية الجاني قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "وبما أن هذا الدفع مردود بأن رجال الشرطة سالفي الذكر لم يكونوا في حاجة إلى استصدار إذن من النيابة لضبط المتهمين مادام الثابت من الأوراق أنهم ضبطوا المتهمين في حالة تلبس بالجريمة وشروع ظاهر في السرقة ودخولهم الفيلا ليلا يحملون الأسلحة المضبوطة معهم والمفك والعتلة اللذين استعملا في كسر الباب الداخلي على مشهد من رجال الشرطة الكامنين داخل حديقة الفيلا محل الحادث ولم يكن لرجال الشرطة دخل في خلق هذا الحادث أو التحريض عليه". وما أورده الحكم من ذلك صحيح في القانون، ذلك بأن حالة التلبس بالجريمة التي شاهدها رجال الضبط لم تكن وليدة الإجراءات التي اتخذوها والتي اقتصرت على مجرد إثبات مضمون تحرياتهم والانتقال للمراقبة، بل وجدت هذه الحالة تنفيذا لاتفاق سابق من الطاعنين على ارتكاب جريمة السرقة ولم تقع عملية الضبط إلا بعد إدراك وقوعها إدراكا يقينيا بوجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ويكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه متى كان الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكا، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون على غير أساس. ولما كان الحكم قد نقل من المعاينة التي أجرتها النيابة أن محاولة فتح الباب الداخلي انتهت بوجود آثار لكسر بالمصراع الذي به الترباس والمصراع المقابل له حتى ظهرت الأخشاب البيضاء الداخلية. وهو ما لا يتعارض مع ما انتهى إليه الحكم من قيام المتهم الثاني بكسر الباب. ومن ثم فلا محل لرمي الحكم بالتناقض في الأسباب. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن ما رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 271 منه هو من قبيل تنظيم سير الإجراءات في الجلسة، ولا يترتب البطلان على مخالفته. فضلا عن أن البين من محضر الجلسة وما اشتمل عليه الحكم من بيانات أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفق القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن الأخير بها واستخلص وجوده على مسرح الجريمة لشد أزر زملائه تنفيذا لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه وإسهامه في الواقعة استخلاصا سائغا من أقوال شهود الإثبات التي أوردها من أنه طاف أكثر من مره بالسيارة قيادته التي أقل بها باقي الطاعنين حول المسكن الذي قصدوا سرقته قبل أن يدخلوا إلى الحديقة بطريق التسور - ووقف بالسيارة بعد ذلك في انتظارهم حتى إتمام السرقة ثم حاول الهرب عند تحققه من وجود رجال القوة وضبط المتهمين، وخلص الحكم من ذلك إلى توافر قصده بالإسهام معهم في ارتكاب السرقة. لما كان ذلك، فلا محل لما يثيره الطاعن الرابع في هذا الخصوص.

وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

الطعن 369 لسنة 29 ق جلسة 26 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 هيئة عامة ق 3 ص 18

جلسة 26 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، واميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام، وعثمان زكريا عمر.

-------------------

(3)
الطعن رقم 369 لسنة 29 القضائية (1)

(أ) حكم "الطعن في الأحكام". "الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع".
مناط عدم جواز الطعن في الحكم وفقاً للمادة 378 مرافعات أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع. الحكم الذي يفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها يجوز الطعن فيه استقلالاً في المواعيد المحددة قانوناً وإلا ترتب على عدم مراعاتها سقوط الحق في الطعن.
(ب) حكم "الطعن في الأحكام". الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع "نقض" "ميعاد المطعن".
قضاء الحكم بأحقية الشفيع لثمار المبيع وبندب خبير لتقدير مقابل الريع. في شطره الأول حكم قطعي حسم النزاع في شق من الموضوع. جواز الطعن فيه بالنقض استقلالاً في الميعاد المنصوص عليه في المادتين 5 و6 من القانون رقم 57 لسنة 1959 وهو ثلاثون يوماً من تاريخ العمل به في 21 فبراير سنة 1959.
(ج) استئناف "نطاق الاستئناف" نقض. "نطاق النقض".
نص المادة 404 مرافعات على أن استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة. لا ينصرف هذا النص إلى الأحكام التي تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. حكم المادة 404 مرافعات خاص بالاستئناف. لا نظير له في الأحكام الخاصة بالنقض.

-----------------
1 - إذ نصت المادة 378 من قانون المرافعات على أن "الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء كانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات. إنما يجوز الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى وفي الأحكام الوقتية والمستعجلة قبل الحكم في الموضوع" فإنها بذلك تكون قد دلت على أن مناط عدم جواز الطعن هو أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع وبالتالي فإن الحكم الذي يفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها يخرج عن نطاق التحريم المقرر ويجوز الطعن فيه على استقلال طبقاً للقواعد العامة للطعن في الأحكام ذلك لأن البين من نص المادة 378 من قانون المرافعات سالفة الذكر أن الشارع قد فرق بين نوعين من الأحكام: أحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وأحكام صادرة في الموضوع، ولم يجز الطعن في الأولى على استقلال ولكن مع الحكم الصادر في الموضوع دون أن يعرض للثانية وتركها للقواعد العامة ومقتضاها هو الطعن في الأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها في المواعيد المحددة قانوناً وإلا ترتب على عدم مراعاتها سقوط الحق في الطعن.
2 - إذا كان الحكم الاستئنافي قد قضى بأحقية الشفيع لثمار المبيع من تاريخ إيداع الثمن في دعوى الشفعة وبندب خبير لتقدير مقابل الريع - فهو في شطره الأول - يعتبر حكماً قطعياً في شق من الموضوع كان مثار نزاع من الطرفين وأنهى الخصومة في شأنه وبالتالي فإن الطعن فيه بالنقض يكون على استقلال في الميعاد المنصوص عليه في المادتين 5 و6 من القانون رقم 57 لسنة 1959 وهو ثلاثون يوماً من تاريخ العمل به في 21 فبراير سنة 1959 وإذ تراخى الطاعن في الطعن في هذا الحكم حتى 25/ 5/ 1959 فقد سقط حقه في الطعن طبقاً للمادة 381 من قانون المرافعات.
3 - جرى قضاء محكمة النقض على أن المادة 404 من قانون المرافعات التي تقضي بأن "استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة"، إنما تنصرف إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها كما أن هذه المادة لم ترد في الفصل الأول من الباب الثاني عشر للأحكام العامة لطرق الطعن في الأحكام وإنما وردت في الفصل الثالث عشر الخاص بالاستئناف ولا نظير لها في الأحكام الخاصة بالنقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 517 سنة 1953 مدني كلي المنيا ضد الطاعن ومحمد مصطفى غيته بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 1841 ج و666 م، وقال شرحاً لدعواه إن الطاعن كان قد اشترى من آخرين 30 ف و16 ط و21 س شيوعاً في أطيان أخرى، وأنه شريك على الشيوع فيها وأعلن رغبته في أخذها بالشفعة بتاريخ 6 و8 من نوفمبر سنة 1949 وأودع الثمن خزانة المحكمة بتاريخ 15/ 11/ 1949 ورفع دعوى الشفعة. وبعد أن حكم لصالحه وتأيد الحكم استئنافياً بتاريخ 26/ 11/ 1951 واستلم الأطيان موضوع الدعوى أقام دعواه الحالية طالباً الحكم له بهذا المبلغ باعتباره مقابل ريع هذه الأطيان عن سنتي 1950 و1951 الزراعيتين بواقع ثلاثين جنيهاً سنوياً للفدان، مستنداً في ذلك إلى أن حكم الشفعة في القانون المدني مقرر للحق لا منشئ له ويترتب عليه استحقاق الشفيع للثمار من تاريخ إبداء الرغبة في الأخذ بالشفعة. وبتاريخ 19/ 11/ 1955 حكمت المحكمة برفض دعواه واستأنف هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد الاستئناف برقم 385 سنة 73 قضائية. وبتاريخ 15 يونيه سنة 1958 حكمت المحكمة "حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمستأنف عليه الثاني محمد مصطفى غيته (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمستأنف عليه الأول وبأحقية المستأنف في ريع الأطيان المحكوم بأحقيته في أخذها بالشفعة والبالغ مساحتها 30 ف و16 ط و21 س عن سنتي 1950 و1951 الزراعيتين (ثالثاً) وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الزراعي بمكتب الخبراء الحكومي بالمنيا للانتقال إلى الأطيان سابقة الذكر ومعاينتها وتقديم صافي الريع عنها". وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره عادت وبتاريخ 26/ 4/ 1959 وحكمت: "حضورياً بإلزام المستأنف عليه الأول بأن يدفع للمستأنف مبلغ 1227 ج و222 م - والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما". وبتاريخ 25 مايو سنة 1959 طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 واستندت في ذلك إلى المادة 378 من قانون المرافعات وطلبت رفض الطعن. وبجلسة 26 مارس سنة 1964 قررت الدائرة المدنية إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية حيث رأت العدول عن المبدأ الذي قررته إحدى دوائر المحكمة في الطعن رقم 38 سنة 30 قضائية أحوال شخصية في مجال تطبيق المادة 378 من قانون المرافعات، وطلب الطاعن رفض الدفع ونقض الحكم، وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية أحالت فيها على مذكرتها الأولى والتزمت رأيها السابق.
وحيث إن النيابة العامة تستند في الدفع بعدم قبول الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 والذي قضى في الشطر الثاني منه بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف (المطعون عليه) في الريع عن سنتي 1950 و1951 الزراعيتين إلى أن القضاء بالأحقية في الريع حكم في صميم موضوع النزاع بين الطرفين أنهى بصفة قطعية جزء أساسياً من الخصومة لا تملك المحكمة إعادة النظر فيه ويجوز الطعن فيه على استقلال عملاً بمفهوم المادة 378 من قانون المرافعات، وإذ فات الطاعن أن يطعن في هذا الحكم في الميعاد المحدد بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فإن طعنه في هذا الشطر من الحكم يكون غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن المادة 378 من قانون المرافعات وقد نصت على أن "الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء كانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات. إنما يجوز الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى وفي الأحكام الوقتية والمستعجلة قبل الحكم في الموضوع" - فإنها بذلك تكون قد دلت على أن مناط عدم جواز الطعن هو أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع، وبالتالي فإن الحكم الذي يفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها يخرج عن نطاق التحريم المقرر بها ويجوز الطعن فيه على استقلال طبقاً للقواعد العامة للطعن في الأحكام. وبالرجوع إلى الطعن رقم 38 سنة 30 قضائية أحوال شخصية وإلى المبدأ الذي قرره يبين أنه اتجه بقضائه في مجال تطبيق المادة 378 من قانون المرافعات إلى أن الأصل في الطعن أن يكون جملة واحدة عند صدور الحكم في الموضوع وأن للمحكوم عليه - على سبيل الرخصة - أن يطعن على استقلال في الأحكام التي تقبل الطعن فور صدورها دون انتظار الفصل في أصل الدعوى، واستند في ذلك إلى المادة 378 من قانون المرافعات والحكمة التي توخاها الشارع منها وهي - على ما يبين من المذكرة الإيضاحية - منع تقطيع أوصال القضية وتوزيعها على مختلف المحاكم. كما استند في تأييد هذا النظر إلى أن نص المادة 404 من قانون المرافعات على أن: "استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة" من مقتضاه أن الطعن في الحكم الصادر في الموضوع يشمل جميع الأحكام السابق صدورها في القضية مطلقة من أي قيد سوى سبق قبولها صراحة، وأن هذا النص وإن ورد في باب الاستئناف إلا أنه يفسر حكم المادة 378 من قانون المرافعات.
وحيث إن البين من نص المادة 378 من قانون المرافعات أن الشارع فرق بين نوعين من الأحكام: أحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وأحكام صادرة في الموضوع. ولم يجز الطعن في الأولى على استقلال ولكن مع الحكم الصادر في الموضوع دون أن يعرض للثانية وتركها للقواعد العامة ومقتضاها هو الطعن في الأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها في المواعيد القانونية، ويترتب على عدم مراعاة تلك المواعيد سقوط الحق في الطعن. وإذ كان ذلك، فإن ما اتجه إليه قضاء الطعن رقم 38 سنة 30 ق أحوال شخصية على الوجه المتقدم يكون في غير محله. ولا يغير من ذلك ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون من أن الحكمة من تحريم الطعن في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها هي عدم تقطيع أوصال القضية الواحدة إذ لا علاقة لذلك بالأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها. كما لا يجوز الاستناد إلى المادة 404 من قانون المرافعات إذ أن عبارتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما تنصرف إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. فضلاً عن أن هذه المادة لم ترد في الفصل الأول من الباب الثاني عشر المخصص للأحكام العامة لطرق الطعن في الأحكام، وإنما وردت في الفصل الثالث عشر الخاص بالاستئناف ولا نظير لها في الأحكام الخاصة بالنقض ومن ثم ترى الهيئة العامة العدول عن المبدأ المقرر بالطعن رقم 38 سنة 30 قضائية أحوال شخصية.
وحيث إن الثابت في الدعوى أنها مؤسسة على الأحقية في الثمار من تاريخ إيداع الثمن في دعوى الشفعة، وإذ كان الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 قد قضى - في الشطر الثاني منه - بأحقية الشفيع للريع من هذا التاريخ فإنه يكون قد بت في أساس الخصومة بين الطرفين وبهذه المثابة يعتبر حكماً قطعياً في شق من الموضوع كان مثار نزاع بينهما وأنهى الخصومة في شأنه وبالتالي فإن الطعن فيه بطريق النقض إنما يكون على استقلال في الميعاد المنصوص عليه في المادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 57 لسنة 1959 وهو ثلاثون يوماً من تاريخ العمل به في 21 فبراير سنة 1959، إلا أن الطاعن وقد تراخى في الطعن في هذا الحكم حتى 25/ 5/ 1959 فقد سقط حقه في الطعن طبقاً للمادة 381 من قانون المرافعات.
وحيث إن الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 بعد أن قضى في شقه الثاني بالأحقية في الثمار حصر الخصومة بعد ذلك في تحديد مقابل الريع وقضى في شطره الثالث بندب خبير لتقديره. أما الحكم الصادر بتاريخ 26/ 4/ 1959 فقد قضى بقيمة مقابل الريع أخذاً بما انتهى إليه الخبير في تقريره.
وحيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليه بالثمار دون أن يحدد مناط استحقاقها على أساس قانوني سليم، وخالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ جعل الثمار للشفيع على أساس أنها تعويض عن عدم الانتفاع بمبلغ الثمن المودع خزانة المحكمة، وإذ ذهب إلى أن قضاء محكمة النقض بتاريخ 31/ 10/ 1946 في شأن تاريخ تملك الشفيع للثمار على خلاف ما خلص إليه الحكم كان متأثراً بأحكام قانون الشفعة القديم.
وحيث إنه يبين من ذلك أن أسباب الطعن بجميع ما تضمنته موجهة إلى الشطر الثاني من الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 فحسب. والنعي بها وعلى ما سبق بيانه غير مقبول. وإذ خلا الطعن من بيان الأسباب التي بني عليها في خصوص الشق الباقي من الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 والحكم الصادر بتاريخ 26/ 4/ 1959 فإنه يكون باطلاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن.


(1) راجع نقض 8/ 1/ 1953 بمجموعة المكتب الفني س 4 ص 313 و26/ 2/ 1958 س 9 ص 120 و29/ 4/ 1965 س 16 في الطعن رقم 203 لسنة 30 ق.
(*) عدلت الهيئة العامة في هذا الطعن عن المبدأ المقرر في القضية رقم 38 لسنة 30 ق "أحوال شخصية".