جلسة 19 من مارس سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ سمير فايزي عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصمد محمد هريدي، محمد مأمون سليمان وعبد
الناصر عبد اللاه فراج نواب رئيس المحكمة وصلاح الدين فتحي الخولي.
------------------
(47)
الطعن 2316 لسنة 73 ق
(1) محكمة
الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة
المقدمة فيها. خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض. اطراحها للأدلة والأوراق
والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون تدوين أسباب ذلك. قصور.
(2 ، 3) حكم "عيوب التدليل: الفساد في
الاستدلال" "بطلان الحكم وانعدامه: ما يؤدي إلى بطلان الحكم".
(2) الفساد في الاستدلال. ماهيته.
(3) بناء الحكم على واقعة لا سند لها في الأوراق أو مستندة إلى مصدر موجود
ولكنه مناقض لها. أثره. بطلان الحكم.
(4 - 7) التزام "انتقال الالتزام: حوالة
الحق". إيجار "القواعد العامة في الإيجار: سريان عقد الإيجار في حق
المالك الجديد: حوالة عقد الإيجار.
(4) حوالة عقد الإيجار. مفادها. استمرار عقد الإيجار بين المشتري المحال
له والمستأجر المحال عليه. للأخير التمسك بذات الدفوع التي كانت له قبل المؤجر وقت
نفاذ الحوالة في حقه. مؤداه. للمستأجر التمسك بعدم جواز إثبات صورية العقد المكتوب
أو أحد بنوده إلا بورقة الضد.
(5) عقد الإيجار. سريانه في حق المالك الجديد ولو لم يكن له تاريخ ثابت
بوجه رسمي سابق على انتقال الملكية إليه. م 30 ق 49 لسنة 1977.
(6) اكتساب حق عيني على شيء. التزام من استخلفه بما تعاقد عليه السلف.
شرطه. م 146 مدني.
(7) ثبوت أن عقدي الإيجار محل النزاع قد أبرما بين الملاك السابقين وبين
الطاعنين في ظل قانون إيجار الأماكن قبل شراء المطعون ضده الأول للعقار وحوالة
العقدين إليه. مؤداه علمه بتاريخ العقدين وقت الشراء مستمدا حقه من عقد الحوالة
الذي لا ينشئ له التزاما جديدا في ذمة الطاعنين. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد
الحكم الابتدائي بصورية تاريخ عقدي الإيجار سالفي البيان لما استند إليه من أقوال
شاهدي المطعون ضده الأول من أن المستأجر السابق للمحلين كان يضع اليد عليهما حتى
تاريخ لاحق لإبرام عقدي الطاعنين ملتفتا عن الدفع بعدم جواز إثبات الصورية بين
المتعاقدين بالبينة فيما يخالف الكتابة وعدم تقديم المطعون ضده الأول الدليل على
وقوع غش بين المحيلين والمحال إليهم. خطأ وفساد.
------------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة
التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وتقديرها وترجيح
بعضها على البعض الآخر، إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي
تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون، بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديما
صحيحا من الأدلة والأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها
بأسباب خاصة ما يبرر هذا الاطراح وإلا كان حكمها قاصرا.
2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن أسباب
الحكم تعتبر مشوبة بفساد الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق
ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية
للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين
هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة
بناء على تلك العناصر التي تثبت لديها.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه إذا
كان الحكم قد بني على واقعة لا سند لها في أوراق الدعوى أو مستندة إلى مصدر موجود
ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلا استخلاص تلك الواقعة
منه كان الحكم باطلا.
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد
النص في المادة 312 من القانون المدني يدل على استمرار عقد الإجارة بين المشتري
(المحال له) والمستأجر (المحال عليه) بأن يقوم الأول مقام المؤجر (المحيل) بذات
حقوق الإجارة وواجباتها، ويخول المستأجر التمسك بذات الدفوع التي كان له أن يتمسك
بها قبل المؤجر (المحيل) وقت نفاذ الحوالة في حقه، ومن بينها عدم جواز إثبات صورية
العقد المكتوب أو أحد بنوده إلا بورقة الضد.
5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد
النص في المادة 30 من القانون رقم 49 لسنة 1977- في شأن إيجار وبيع الأماكن وتنظيم
العلاقة بين المؤجر والمستأجر- يدل على أن عقود الإيجار الصادرة من المالك السابق
تسري في حق المالك الجديد ولو لم يكن لهذه العقود تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على
انتقال الملكية إليه، وأن هذه العقود والتي تسري في مواجهة المالك الجديد هي تلك
العقود القائمة في مواجهة المالك السابق.
6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مؤدى ما
نصت عليه المادة 146 من القانون المدني أن من اكتسب ممن يستخلفه حقا عينيا على شيء
معين يلتزم بما تعاقد عليه السلف متعلقا بهذا الشيء متى كان هذا التعاقد سابقا على
انتقال هذا الحق العيني إليه، وكان ما يرتبه العقد السابق من حقوق أو التزامات من
مستلزمات الشيء، وكان الخلف يعلم بها وقت انتقال الحق إليه، وتعتبر الالتزامات من
مستلزمات الشيء إذا كانت محددة له بأن تفرض عليه قيودا أو تضيق من نطاقه.
7 - إذ كان البين من الواقع المطروح بالأوراق
أن عقدي الإيجار محل النزاع قد أبرما بين الملاك السابقين وبين الطاعنين بتاريخ
1995/12/1 وتم إثبات تاريخهما بالشهر العقاري في يومي 1998/8/29 و1998/11/12 قبل
شراء المطعون ضده الأول للعقار بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 2000/2/14 المقترن
بحوالة العقدين له في ذات تاريخ إبرام عقد البيع، بما مؤداه علمه بتاريخ عقدي
الإيجار في ذات وقت التعاقد على الشراء، فضلا على أنه يستأجر شقة بذات العقار من
الملاك السابقين ويستعملها عيادة طبية، وأنه كان يتولى تحصيل أجرة وحدات العقار
نيابة عن الملاك السابقين، وهو ما لم ينكره أو ينازع في دفاع الطاعنين بشأنه، وكان
المطعون ضده الأول يستمد حقه في مقاضاة الطاعنين من عقد الحوالة الذي لا ينشئ له
التزاما جديدا في ذمة الطاعنين بل ينتقل إليه الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقدي
الإيجار بجميع مقوماتهما وخصائصهما ويظل العقدان محكومين بذات القانون اللذان نشأ
في ظله، لأنه ليس له من الحقوق إلا ما كان لسلفه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون
فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما أنتهى إليه من صورية تاريخ عقدي
الإيجار المؤرخين 1995/12/1 على ما أورده بأسبابه من اطمئنانه إلى أقوال شاهدي
المطعون ضده الأول فيما قرراه من أن المستأجر السابق للمحلين كان يضع اليد عليهما
حتى سنة 1998 ولم يتركهما إلا في ذلك التاريخ، وأحال إلى أسباب الحكم الابتدائي
الذي أقام قضاءه على ما أأستخلصه من تقرير الخبير ومن محضر الجنحة رقم ... لسنة
1998 جنح أبو قرقاص أن المستأجر السابق (...) كان يضع يده على المحلين ويستعملهما
مكتب سياحيا حتى عام 1998، ورتب على ذلك الحكم بصورية تاريخ عقدي الإيجار المؤرخين
1995/12/1 والتفت عن الدفع المبدي من الطاعنين والمطعون ضدهم (البائعين) بعدم جواز
إثبات الصورية بين المتعاقدين بالبينة فيما يخالف الكتابة، ومعرضا عن تحقيق دفاع
الطاعنين بأن المستأجر السابق المشار إليه قد أنهى علاقته الإيجارية عن محلى
النزاع في 1995/11/29 على النحو الوارد بإقراره المؤرخ 2001/4/24 المودع ملف
الدعوى، وهو ما تمسك به المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخيرة في صحيفة استئنافهم
المنضم رقم ... لسنة 38 ق، فضلا عن عدم التلازم بين تاريخ إبرام عقد الإيجار
وتاريخ أستلام الطاعنين للمحلين، وكان المطعون ضده الأول لم يقدم دليل على وقوع غش
أو تدليس بين المؤجرين المحيلين والمستأجرين المحال عليهم، بما يعيب الحكم المطعون
فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ويوجب نقضه.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-
تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين والمطعون ضدهم من الثاني إلى
الأخيرة الدعوى رقم ... لسنة 2000 أمام محكمة المنيا الابتدائية بطلب الحكم بصورية
تاريخ عقدي الإيجار المؤرخين 1995/12/1، وقال في بيان ذلك إن الطاعنين يستأجرون
محلين بالعقار المبين بالصحيفة وعقدي الإيجار المذكورين، وأنه بموجب عقد بيع مؤرخ
2000/2/14 اشترى العقار من المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخيرة، وقد حولوا له جميع
عقود الإيجار الخاصة بوحدات العقار المؤجرة، ومن بينها عقدي الإيجار المؤرخين
1995/12/1 المتضمن أحدهما استئجار الطاعنين الأول والثاني محلا لتجارة الأحذية
وإصلاحها، ويستأجر الطاعن الثالث والرابعة محلا بموجب العقد الثاني للتجارة وإصلاح
الأحذية، وقد أنذر الطاعنين وباقي المستأجرين على يد محضر بحوالة عقود الإيجار،
وعقب ذلك نما إلى علمه أن المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخيرة قد اتفقوا مع
الطاعنين على إرجاع تاريخ عقدي الإيجار إلى 1995/12/1 ليستفيد الطاعنون من
الامتداد القانوني لعقدي الإيجار رغم أن تاريخ إبرامهما الحقيقي كان في نهاية شهر
مارس سنة 1998 أثناء التفاوض على شراء العقار وقبل إبرام عقد البيع تحايلا على
أحكام القانون 4 لسنة 1996، بما يدل على صورية تاريخ عقدي الإيجار المؤرخين في
1995/12/1، ومن ثم فقد أقام الدعوى. وجه الطاعنون دعوى فرعية بطلب الحكم بنفاذ
عقدي الإيجار في مواجهة المطعون ضدهم جميعا بالتاريخ الوارد بهما في 1995/12/1.
ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره حكمت في الدعوى الأصلية بإثبات
صورية تاريخ عقدي الإيجار المؤرخين 1995/12/1، وفي الدعوى الفرعية برفضها. استأنف
الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 38ق بني سويف مأمورية المنيا، كما
استأنفه المطعون ضدهم من الثاني وحتى الأخيرة بالاستئناف رقم ... لسنة 38ق أمام
ذات المحكمة. ضمت المحكمة الاستئنافين وحكمت بإحالتهما إلى التحقيق، وبعد سماع
شهود الطرفين قضت بتاريخ 2003/9/2 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعن
الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديرا بالنظر، وحددت
جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن
مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع
بدرجتيها بدفاع حاصله أن حوالة الحق لا تنشئ التزاما جديدا في ذمة المدين، وإنما
تنقل الالتزام الثابت أصلا في ذمته من دائن إلى دائن آخر باعتبار أن هذا الالتزام
حق للدائن المحيل وينتقل بها الالتزام ذاته بجميع مقوماته وخصائصه، وينبني على ذلك
أن يظل الالتزام بعد حوالته محكوما بذات القانون الذي نشأ في ظله من حيث طبيعته
وصفاته وإثباته وقابليته للحوالة والشروط اللازمة لذلك، فإذا صدر قانون يغير من
هذه الأحكام فلا يسري على هذا الالتزام إلا في نطاق ما يستحدثه من قواعد آمرة تتصل
بالنظام العام، وأنه لا يجوز للمحال له إثبات صورية التاريخين المدونين بعقدي
الإيجار له عن الدكانين محل التداعي إلا بالكتابة شأنه في ذلك شأن المحيلين، وأن
عقدي الإيجار المؤرخين في 1995/12/1 قد أبرما بينهم وبين المطعون ضدهم من الثاني
للأخيرة قبل تصرف الأخيرين في العقار للمطعون ضده الأول بالبيع بموجب العقد المؤرخ
2000/2/14 وتمت حوالة العقدين له نفاذا لعقد البيع، وأن المطعون ضده الأول يستأجر
بذات العقار شقة ويستعملها عيادة طبية قبل أن يشتري العقار، كما كان يتولى تحصيل
الأجرة من مستأجري وحدات العقار لصالح البائعين المقيمين بالقاهرة ويعلم بإبرام
وشروط عقدي الإيجار المؤرخين 1995/12/1 قبل حوالتهما له، فضلا عن أن العقدين ثابتا
التاريخ في 1998/8/29 و1998/11/12 قبل شرائه العقار وحوالتهما إليه، كما أنه لا
تلازم بين تاريخ إبرام العقدين وتاريخ استلامهم للمحلين، وأن نص المادة 146 من
القانون المدني قد جرى على أنه إذا أنشأ العقد التزامات وحقوق شخصية تتصل بشيء
انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في
الوقت الذي ينتقل فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته، وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت
انتقال الشيء إليه، وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بقضاء الحكم المطعون فيه
بصورية تاريخ عقدي الإيجار المؤرخين 1995/12/1 وبرفض الدعوى الفرعية على ما أورده
بأسبابه من أن المستأجر السابق ظل يضع يده على المحلين حتى عام 1998 ويستعملهما
مكتبا سياحيا معتدا في ذلك بتحرير جنحة له برقم ... لسنة 1998 أبو قرقاص بشأن
نشاطه فيهما، وبأقوال شاهدي المطعون ضده، وتقرير خبير الدعوى ومهدرا الثابت
بالعقدين وما ورد بمستنداتهم المؤيدة لدفاعهم ومنها إقرار المستأجر السابق/ ...
بأنه أنهى عقد الإيجار وسلم المحلين لورثة المؤجر منذ 1995/11/29 وجحده صور
إيصالات سداد الأجرة المقدمة من المطعون ضده الأول لخدمة دعواه، كما أهدر الحكم ما
تمسك به الطاعنون من إقرار المطعون ضده الأول في عقد البيع بصحة كافة عقود الإيجار
ومن بينها عقدي الإيجار سند الدعوى، ومن مطالبته لهم بالأجرة وزيادتها القانونية التي
لا تنطبق على عقود الإيجار المبرمة في ظل القانون 4 لسنة 1996 مما يعيب الحكم
المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة-
أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من
الأدلة المقدمة فيها وتقديرها وترجيح بعضها على البعض الآخر، إلا أنها تخضع لرقابة
محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون، بحيث لا
يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديما صحيحا من الأدلة والأوراق والمستندات
المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الاطراح
وإلا كان حكمها قاصرا، وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بفساد الاستدلال إذا انطوت على
عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير
صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي
تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة
التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي تثبت لديها، ومن المقرر-
أيضا- أنه إذا كان الحكم قد بني على واقعة لا سند لها في أوراق الدعوى أو مستندة
إلى مصدر موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلا استخلاص
تلك الواقعة منه كان الحكم باطلا، ومن المقرر- أيضا- أن النص في المادة 312 من
القانون المدني على أنه "للمدين أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي كان له
أن يتمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه، كما يجوز له أن يتمسك بالدفوع
المستمدة من عقد الحوالة" يدل على استمرار عقد الإجارة بين المشتري (المحال
له) والمستأجر (المحال عليه) بأن يقوم الأول مقام المؤجر (المحيل) بذات حقوق
الإجارة وواجباتها، ويخول المستأجر التمسك بذات الدفوع التي كان له أن يتمسك بها
قبل المؤجر (المحيل) وقت نفاذ الحوالة في حقه، ومن بينها عدم جواز إثبات صورية
العقد المكتوب أو أحد بنوده إلا بورقة الضد، وأن النص في المادة 30 من القانون رقم
49 لسنة 1977- في شأن إيجار وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر-
على أنه "استثناء من حكم المادة 604 من القانون المدني تسري عقود الإيجار على
المالك الجديد ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على انتقال
الملكية" يدل على أن عقود الإيجار الصادرة من المالك السابق تسري في حق
المالك الجديد ولو لم يكن لهذه العقود تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على انتقال
الملكية إليه، وأن هذه العقود والتي تسري في مواجهة المالك الجديد هي تلك العقود
القائمة في مواجهة المالك السابق، وأن مؤدى ما نصت عليه المادة 146 من القانون
المدني أن من اكتسب ممن يستخلفه حقا عينيا على شيء معين يلتزم بما تعاقد عليه
السلف متعلقا بهذا الشيء متى كان هذا التعاقد سابقا على انتقال هذا الحق العيني
إليه، وكان ما يرتبه العقد السابق من حقوق أو التزامات من مستلزمات الشيء، وكان
الخلف يعلم بها وقت انتقال الحق إليه، وتعتبر الالتزامات من مستلزمات الشيء إذا
كانت محددة له بأن تفرض عليه قيودا أو تضيق من نطاقه. لما كان ذلك، وكان البين من
الواقع المطروح بالأوراق أن عقدي الإيجار محل النزاع قد أبرما بين الملاك السابقين
وبين الطاعنين بتاريخ 1995/12/1 وتم إثبات تاريخهما بالشهر العقاري في يومي
1998/8/29 و1998/11/12 قبل شراء المطعون ضده الأول للعقار بموجب عقد بيع ابتدائي
مؤرخ 2000/2/14 المقترن بحوالة العقدين له في ذات تاريخ إبرام عقد البيع، بما
مؤداه علمه بتاريخ عقدي الإيجار في ذات وقت التعاقد على الشراء، فضلا على أنه
يستأجر شقة بذات العقار من الملاك السابقين ويستعملها عيادة طبية، وأنه كان يتولى
تحصيل أجرة وحدات العقار نيابة عن الملاك السابقين، وهو ما لم ينكره أو ينازع في
دفاع الطاعنين بشأنه، وكان المطعون ضده الأول يستمد حقه في مقاضاة الطاعنين من عقد
الحوالة الذي لا ينشئ له التزاما جديدا في ذمة الطاعنين بل ينقل إليه الحقوق
والالتزامات الناشئة عن عقدي الإيجار بجميع مقوماتهما وخصائصهما ويظل العقدان
محكومين بذات القانون اللذان نشأ في ظله، لأنه ليس له من الحقوق إلا ما كان لسلفه.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما
انتهى إليه من صورية تاريخ عقدي الإيجار المؤرخين 1995/12/1 على ما أورده بأسبابه
من اطمئنانه إلى أقوال شاهدي المطعون ضده الأول فيما قرراه من أن المستأجر السابق
للمحلين كان يضع اليد عليهما حتى سنة 1998 ولم يتركهما إلا في ذلك التاريخ، وأحال
إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي أقام قضاءه على ما استخلصه من تقرير الخبير ومن
محضر الجنحة رقم ... لسنة 1998 جنح أبو قرقاص أن المستأجر السابق (...) كان يضع
يده على المحلين ويستعملهما مكتبا سياحيا حتى عام 1998، ورتب على ذلك الحكم بصورية
تاريخ عقدي الإيجار المؤرخين 1995/12/1 والتفت عن الدفع المبدي من الطاعنين
والمطعون ضدهم (البائعين) بعدم جواز إثبات الصورية بين المتعاقدين بالبينة فيما
يخالف الكتابة، ومعرضا عن تحقيق دفاع الطاعنين بأن المستأجر السابق المشار إليه قد
أنهى علاقته الإيجارية عن محلي النزاع في 1995/11/29 على النحو الوارد بإقراره
المؤرخ 2001/4/24 المودع ملف الدعوى، وهو ما تمسك به المطعون ضدهم من الثاني إلى
الأخيرة في صحيفة استئنافهم المنضم رقم ... لسنة 38ق، فضلا عن عدم التلازم بين
تاريخ إبرام عقدي الإيجار وتاريخ استلام الطاعنين للمحلين، وكان المطعون ضده الأول
لم يقدم دليلا على وقوع غش أو تدليس بين المؤجرين المحيلين والمستأجرين المحال
عليهم، بما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال
ويوجب نقضه.