الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 مارس 2023

الطعن 3597 لسنة 46 ق جلسة 26 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 95 ص 668

(95)
جلسة 26 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم, ود. محمد كمال الدين منير أحمد, ومحمد أحمد محمود محمد. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

--------------

الطعن رقم 3597 لسنة 46 قضائيا. عليا:

( أ ) دعوى - شرط المصلحة - لا ترابط بين شرط المصلحة وسقوط الحق المطالب به بالتقادم.
الربط بين شرط المصلحة وسقوط الحق في استرداد ما تم تحصيله بالتقادم الثلاثي هو ربط فاسد وفي غير موضعه - أساس ذلك: أن المصلحة أمر يتعلق بشكل الدعوى, في حين أن التقادم ينصب على الموضوع - تطبيق.
(ب) دعوى - الدفوع في الدعوى - الدفع بتقادم الضرائب والرسوم ليس متعلقًا بالنظام العام - أثر ذلك:
عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة الطعن - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 1/ 3/ 2000، أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين, قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن - قيد برقم 3597 لسنة 46 قضائية عليا - في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا - دائرة المنوفية - في الدعوى رقم 1383 لسنة 1 ق بجلسة 4/ 1/ 2000، والقاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا أصليًا: بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد, واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/ 10/ 2002، وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات, وإبان فترة حجز الطعن للحكم بجلسة 7/ 4/ 2003 قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع انتهت في ختامها إلى الطلبات الواردة بصحيفة الطعن، بالإضافة إلى طلب الحكم - على سبيل الاحتياط - بسقوط حق المدعين في المطالبة برد ما سبق تحصيله منهم من رسوم بالتقادم الثلاثي, وبجلسة 7/ 4/ 2003 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 10/ 5/ 2003.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات, حيث قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات طويت على صورة شهادتي وفاة خاصتين بالمطعون ضدهما الثاني والرابع, كما قدم صحيفة معلنة باختصام ورثة كل منهما, وبجلسة 11/ 12/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/ 2/ 2005، وصرحت بتقديم مذكرات في شهر, ومضى هذا الأجل دون أن يقدم أي من الطرفين أية مذكرات.
وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 15/ 3/ 1992 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 1383 لسنة 1 ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا/ دائرة المنوفية بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير الحكم المحلي رقم 239 لسنة 1971 بفرض رسوم محلية على الجرارات الزراعية الخاصة بهم ووقف تحصيلها مع رد ما سبق تحصيله منهم، وما يترتب على ذلك من آثار، وذلك للأسباب المبينة بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 4/ 1/ 2000 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن مجلس مدينة قويسنا أصدر القرار المطعون فيه بفرض رسوم محلية استنادًا إلى قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971، وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 36 لسنة 18 قضائية بجلسة 3/ 1/ 1988 بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية المشار إليه، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر معدومًا لاستناده إلى أساس معدوم بحكم المحكمة الدستورية.
بيد أن هذا القضاء لم يلقَ قبولاً من الجهة الإدارية فأقامت طعنها الماثل تنعي فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه، وذلك على سند من القول بأن القرار المطعون فيه وهو قرار مجلس مدينة قويسنا تم تنفيذه قِبل المدعين عام 1982، وبذلك يكونون قد علموا به يقينًا في هذا التاريخ، ومع ذلك لم يقوموا برفع دعواهم إلا في 15/ 3/ 1992 بعد مرور عشر سنوات، مما يجعل الدعوى غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد، كما أن القرار المطعون فيه قد زال من الوجود القانوني بناءً على الحكم القاضي بعدم دستورية القرار رقم 239 لسنة 1971، ولم يعد منتجًا لأي أثر أو مؤثرًا في أية مصلحة للمطعون ضدهم منذ تاريخ نشر ذلك الحكم، وبالتالي يكون شرط المصلحة قد زال بعد رفع الدعوى وقبل الحكم فيها، مما كان يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، إلى جانب أن حق المطعون ضدهم في استرداد ما دفع من مبالغ قد سقط بالتقادم قبل صدور الحكم بعدم الدستورية، ومن ثم يكون القضاء بالإلغاء غير مجدٍ وغير منتج لوجود مانع قانوني من الاسترداد وهو التقادم، مما تزول معه المصلحة في طلب الإلغاء.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن والقائم على عدم قبول الدعوى المطعون على حكمها شكلاً لرفعها بعد الميعاد: فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن القرار الصادر من مجلس مدينة قويسنا بفرض رسم محلي على الجرارات الزراعية وماكينات الري المملوكة للمدعين - وهو القرار المعني حقيقة بالطعن عليه - قد استند إلى قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بفرض رسوم محلية، وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 36 لسنة 18 ق بجلسة 3/ 1/ 1988 بعدم دستورية هذا القرار. وكان من المقرر قانونًا أن الحكم بعدم الدستورية يعدم النص منذ ولادته فلا تقوم له قائمة ولا يجوز تطبيقه، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد لحقه عوار شديد يجعله قرارًا معدومًا لا تلحقه أية حصانة، ويحق لصاحب الشأن الطعن فيه في أي وقت دون التقيد بميعاد باعتباره مجرد عقبة مادية، وعليه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الدعوى شكلاً دون النظر إلى ميعاد رفع دعوى الإلغاء، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ولا مطعن عليه، الأمر الذي يضحى معه هذا الوجه من أوجه الطعن على الحكم في غير محله ولا يعتد به.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من الطعن والمتمثل في النعي بعدم قبول الدعوى لزوال مصلحة المدعين (المطعون ضدهم) في رفعها: فإن البين من ثنايا هذا الدفع أن الجهة الإدارية الطاعنة تربط ربطًا لا ينفك بين شرط المصلحة وسقوط حق المطعون ضدهم في استرداد ما تم تحصيله منهم بالتقادم الثلاثي، وهو ربط فاسد وفي غير موضعه، إذ إن المصلحة أمر يتعلق بشكل الدعوى، في حين أن التقادم بنصب على الموضوع، ومن جهة أخرى فإن إلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، لا ينسحب فحسب على الماضي وإنما ينسحب - أيضًا - على المستقبل فلا يجوز لجهة الإدارة إذا ما قضى بإلغاء القرار محل الطعن أن تعود إلى تطبيقه على صاحب الشأن بعد ذلك، ولا جدال في أن للمدعين - من هذا المنطلق - مصلحة ظاهرة في طلب إلغاء القرار المطعون فيه، ولا يغير من ذلك القول بأن هذا القرار قد زال من الوجود القانوني بصدور حكم المحكمة الدستورية المشار إليه، ولم يعد للمدعين مصلحة في إلغائه، فقد تتمسك جهة الإدارة بهذا القرار في مواجهة المدعين على أساس أن القضاء بعدم الدستورية قد انصب على قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971، ولم يتناول القرار المطعون فيه بصفة خاصة، فيظل بذلك القرار المطعون فيه سيفًا مسلطًا على المدعين يهدد مصالحهم الشخصية، وبالتالي يحق لهم الطعن عليه بوصفه عقبة مادية ينبغي إزاحتها، ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس من القانون ولا يلتفت إليه.
ومن حيث إنه عن السبب الأخير من الطعن والمتمثل في الدفع بسقوط حق المطعون ضدهم في الاسترداد بالتقادم؛ فإنه لما كانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن جهة الإدارة قد دفعت بسقوط الحق بالتقادم أمام محكمة أول درجة، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدفع المتعلق بتقادم الضرائب والرسوم ليس متعلقًا بالنظام العام، ومن ثم فإنه لا وجه للنعي على الحكم بمخالفة القانون في هذا الصدد.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإن الطعن الماثل يكون قد أقيم على غير أساس سليم من الواقع أو القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

الطعن 12021 لسنة 47 ق جلسة 24 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 94 ص 659

(94)
جلسة 24 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ منصور حسن علي غربي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إدوارد غالب سيفين عبده, وإبراهيم على إبراهيم عبد الله, ومحمد لطفي عبد الباقي جوده, وعبد العزيز أحمد حسن محروس نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ خالد سيد مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحي عبد الغني جوده أمين السر

---------------

الطعن رقم 12021 لسنة 47 قضائية. عليا:

موظف - طوائف خاصة - مندوبو وزارة المالية - حظر تقاضي مكافآت.
طبقًا للمادة (46) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وقرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992، فالمكافآت المقررة كمقابل للجهود غير العادية التي يبذلها العامل هي نوع من التعويض عن تلك الجهود، وبالتالي فهي رهينة بتأدية هذه الأعمال فعلاً، وكذلك الأمر بالنسبة للأجور الإضافية التي لا تصرف إلا لمن يقوم بالعمل فعلاً في أوقات وساعات إضافية يجب أن تبلغ قدرًا محددًا.
المشرع حظر على ممثلي وزارة المالية لدى وحدات الجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية وغيرها من الجهات التي يوجد بها تمثيل لوزارة المالية تقاضي أية مبالغ من هذه الجهات كمكافأة تشجيعية أو تعويض عن جهود غير عادية أو حوافز أو أية مبالغ نقدية أو مزايا عينية – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 23/ 9/ 2001 أودع الأستاذ/ عصمت عبد الحفيظ الطاهري (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 12021 لسنة 47 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الثانية) بجلسة 25/ 7/ 2001 في الدعوى رقم 1694 لسنة 8 ق، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وأحقيته في صرف مستحقاته.
وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بأحقية الطاعن في صرف مستحقاته على النحو المبين بالأسباب وإلزام المطعون ضدهم بصفتهم المصروفات.
ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بعد إحالته إليها من الدائرة الثامنة (فحص)، وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث أودع الطاعن بجلسة 24/ 6/ 2004 حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية لحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 8250 لسنة 47 ق عليا، وبجلسة 30/ 12/ 2004 أودع حافظة مستندات طويت على ذات المستند، وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 3/ 2/ 2005، وبجلسة الحكم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 17/ 2/ 2005 لإتمام المداولة، وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 25/ 6/ 1997 أقام الطاعن الدعوى رقم 1694 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط طالبًا الحكم بقبول دعواه شكلاً وفي الموضوع.
أولاً: بإلزام المدعى عليه الثاني في مواجهة المدعى عليه الأول بأن يؤدي له مقابل جهود غير عادية بنسبة 50% من المرتب شهريًا اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 حتى 1/ 2/ 1997.
ثانيًا: بإلزام المدعى عليه الثالث في مواجهة المدعى عليه الأول بأن يؤدي له المقابل المقرر لأدائه العمل بنسبة 30% من المرتب شهريًا اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 وحتى تاريخه، مع صرف الحوافز والمكافآت التي تم صرفها للعاملين بالمشروع خلال هذه الفترة مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات.
وقال - شرحًا لدعواه - إنه يعمل مدير حسابات ديوان عام محافظة أسيوط، وبتاريخ 10/ 10/ 1990 صدر قرار محافظ أسيوط رقم 1131 لسنة 1990 بتعيينه عضواً بالجهاز المالي المنشأ بقرار المحافظ رقم 22 لسنة 1984 التابع للمجلس الأعلى للمشروعات، وكان يباشر عمله في هذا الجهاز في غير أوقات العمل الرسمية مقابل صرف 50% من المرتب شهريًا كجهود غير عادية، كما كلف بالعمل مديرًا لحسابات المجلس الأعلى للمشروعات في غير أوقات العمل الرسمية مقابل 30% من المرتب شهريًا ومديرًا لحسابات مشروع العبارات في غير أوقات العمل الرسمية مقابل 30% من المرتب شهريًا، بالإضافة إلى ما يُصرف من حوافز ومكافآت للعاملين بالمشروع، واستمر صرف الطاعن لهذه المستحقات حتى 30/ 6/ 1992، ثم أوقف الصرف اعتبارًا من 1/ 7/ 1992، استنادًا إلى قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 بحظر تقاضي مندوبي وزارة المالية من الجهات التي يعملون بها كممثلين للوزارة أية مكافآت أو حوافز اعتبارًا من 1/ 7/ 1992، رغم أن القواعد التي تضمنها القرار المشار إليه لا تنطبق عليه؛ لأن ما كُلف به من أعمال كان بصفة شخصية وفي غير أوقات العمل الرسمية ولا يعتبر امتدادًا لعمله الأصلي.
وبجلسة 25/ 7/ 2001 حكمت محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الثانية) بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعي المصروفات.
وأقامت قضاءها على أن قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 قد حظر حظرًا تامًا على ممثلي وزارة المالية لدى وحدات الجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية تقاضي أية مبالغ من الجهات التي يمثلون وزارة المالية بها تحت أي مسمى، وأناط بوزير المالية وضع القواعد التي تكفل تعويضهم وإثابتهم عن الأعمال والجهود التي يؤدونها لدى هذه الجهات على النحو الذي قرره القانون. ولما كان المدعي يعمل في وظيفة مدير حسابات ديوان عام محافظة أسيوط ويتبع وزارة المالية، وقد تم تكليفه عضوًا باللجنة المالية التابعة للمجلس الأعلى للمشروعات مقابل 50% من مرتبه كمقابل عن الجهود غير العادية، وكلف بالعمل مديرًا لحسابات المجلس الأعلى للمشروعات في غير أوقات العمل الرسمية مقابل 30% من مرتبه شهريًا وكلف بالعمل مديرًا لحسابات مشروع العبارات وكان يصرف مستحقاته حتى 30/ 6/ 1992 وأوقف الصرف اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 تاريخ صدور قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 الذي حظر تقاضي ممثلي وزارة المالية أي مبالغ من الجهات التي يمثلون وزارة المالية بها.
ولما كان المدعي يعمل لدى هذين المشروعين بصفته ممثلاً لوزارة المالية فإن مسلك الجهة الإدارية يكون متفقًا وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوبًا بمخالفة القانون والقصور في التسبيب لما يلي:
1 - كافة المستندات تقطع بأن تكليف الطاعن بالقيام بالأعمال موضوع الدعوى في غير أوقات العمل الرسمية ولدى جهات غير الجهة الممثل لديها وتخرج عن نطاق وظيفته باعتباره ممثلاً لوزارة المالية.
2 - تكليف الطاعن بالقيام بعمل مدير حسابات مشروع العبارات تم بعد موافقة المديرية المالية على قيامه بهذا العمل ولو كان هذا العمل يدخل ضمن وظيفته الأصلية لتم تكليفه به دون حاجة إلى أخذ موافقة المديرية المالية، الأمر الذي يبين منه أن قيام الطاعن بهذا العمل كان بناءً على تصريح له من السلطة المختصة.
3 - وافق وزير المالية في 22/ 5/ 1999 على ما انتهى إليه رأي المستشار القانوني من أن الأعمال التي يؤديها ممثل وزارة المالية لدى الجهة الإدارية خارج نطاق وظيفته الأصلية تتحمل الجهة المستفيدة بالتكاليف ويخرج ذلك من نطاق الحظر الوارد بقرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 وقد أشارت مذكرة المستشار القانوني لوزارة المالية إلى مجموعة من المهام التي كلف بها مديرو وكلاء الحسابات بالمحافظات ومن بينها مشروع مواقف السيارات ومشروع حسابات المحاجر وهي مماثلة للمشروعين موضوع الدعوى.
4 - تضمن كتاب المديرية المالية رقم 1930 بتاريخ 5/ 7/ 2000 لمحافظة أسيوط أن وزير المالية قد وافق على ندب مدير حسابات المحافظة في هذا الوقت للعمل كمدير حسابات مشروع العبارات النهرية في غير أوقات العمل الرسمية وإثابته من تاريخ ندبه من ميزانية مشروع العبارات النهرية وهو المشروع نفسه الذي كان الطاعن مكلفًا بالقيام بأعمال مدير الحسابات له في غير أوقات العمل الرسمية، الأمر الذي يقطع بأن وزارة المالية تسلم بأن العمل بالمشروعين موضوع الدعوى هو خارج نطاق الوظيفة الأصلية لمدير الحسابات وبعيد عن وظيفته.
5 - إذا كانت المادة الأولى من قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 تحظر على ممثلي وزارة المالية تقاضي أية مبالغ من الجهات الممثلين لها فقد ألزمت المادة الثانية من ذات القرار وزارة المالية بتعويضهم عن هذه الأعمال والثابت أن مستحقات الطاعن تم وقفها ولم تقم وزارة المالية بتعويضه.
6 - أغفل الحكم الإشارة إلى نص المادة الثالثة من قرار وزير المالية المذكور والتي نصت على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة لا يجوز للعاملين بوزارة المالية المشاركة بهذه الصفة في عضوية مجالس الإدارات أو الجمعيات العمومية أو الاشتراك في لجان وأية أعمال خارج نطاق وظائفهم إلا بموافقة وزير المالية أو من يفوضه ....". ولما كانت الأعمال التي أسندت إلى الطاعن خارج نطاق وظيفته وبموافقة وزارة المالية فإنه يستحق صرف مقابل أدائه لهذه الأعمال وهو ما أقرت بصحته وزارة المالية بكتابها رقم 5498 في 29/ 7/ 2000 بالموافقة على ندب مدير الحسابات بديوان عام المحافظة في هذا الوقت للعمل مديرًا لحسابات مشروع العبارات وإثابته من ميزانية هذا المشروع، وهو العمل نفسه الذي سبق أن قام به الطاعن.
ومن حيث إن المادة (46) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن "يستحق شاغل الوظيفة مقابلاً عن الجهود غير العادية والأعمال الإضافية التي يكلف بها من الجهة المختصة وذلك طبقًا للنظام الذي تضعه السلطة المختصة، ويبين ذلك النظام الحدود القصوى لما يجوز أن يتقاضاه العامل من مبالغ في هذه الأحوال".
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المكافآت المقررة كمقابل للجهود غير العادية التي يبذلها العامل هي نوع من التعويض عن تلك الجهود وبالتالي فهي رهينة بتأدية هذه الأعمال فعلاً، ولهذا فإن مناط استحقاقها هو الأداء الفعلي للعمل إما في غير أوقات العمل الرسمية بالإضافة إلى أدائه في أوقاته أو على وجه يتسم بالتميز، وكذلك الأمر بالنسبة للأجور الإضافية التي لا تُصرف إلا لمن يقوم بالعمل فعلاً في أوقات وساعات إضافية يجب أن تبلغ قدرًا محددًا.
ومن حيث إنه بتاريخ 29/ 6/ 1992 صدر قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 بحظر تقاضي مندوبي وزارة المالية في الجهات المختلفة أي مبالغ من هذه الجهات، وقد نصت المادة الأولى منه على أن "يحظر حظرًا تامًا على العاملين بقطاعات الحسابات والمديريات المالية والحسابات الختامية والموازنة والتمويل، وعلى ممثلي وزارة المالية من هذه القطاعات لدى وحدات الجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات الخدمية والهيئات الاقتصادية وصناديق التمويل والحسابات الخاصة وشركات قطاع الأعمال وغيرها من الجهات التي يوجد بها تمثيل لوزارة المالية تقاضي أية مبالغ من هذه الجهات كمكافأة تشجيعية أو تعويض عن جهود غير عادية أو حوافز أو أية مبالغ نقدية أو مزايا عينية تحت أي مسمى".
ونصت المادة الثانية من ذات القرار على أن "تنظم بقرار يصدر من وزير المالية قواعد إثابة العاملين المشار إليهم في المادة السابقة وفقًا للقانون".
ونصت المادة الثالثة من القرار على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة لا يجوز للعاملين بوزارة المالية المشاركة بهذه الصفة في عضوية مجالس الإدارات أو الجمعيات العمومية أو الاشتراك في لجان أو القيام بأية أعمال خارج نطاق وظائفهم إلا بموافقة وزير المالية أو من يفوضه".
ونصت المادة الرابعة من القرار المشار إليه على أن "يلغى كل ما يخالف هذا القرار ويُعمل به اعتبارًا من 1/ 7/ 1992".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع قد حظر حظرًا تامًا على ممثلي وزارة المالية لدى وحدات الجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية وغيرها من الجهات التي يوجد بها تمثيل لوزارة المالية تقاضي أية مبالغ من هذه الجهات كمكافآت تشجيعية أو تعويض عن جهود عادية أو حوافز أو أية مبالغ نقدية أو مزايا عينية تحت أي مسمى، وأناط بوزير المالية وضع القواعد التي تكفل إثابتهم وتعويضهم عن الأعمال والجهود التي يؤدونها لدى هذه الجهات على النحو الذي قرره القانون وذلك نظرًا لما يؤديه ممثلو وزارة المالية لدى هذه الجهات من دور رقابي على تصرفاتها من الناحية المالية وحرصًا على نزاهة عملهم وبعدًا بهم عن الشبهات وكفالة استقلالهم وعدم تأثرهم بقيادات هذه الجهات.
كما تضمن قرار وزير المالية سالف الإشارة إليه في المادة الثالثة منه حظراً مؤداه عدم جواز مشاركة ممثلي وزارة المالية بهذه الصفة في عضوية مجالس الإدارات أو الجمعيات العمومية أو الاشتراك في لجان أو القيام بأية أعمال خارج نطاق وظائفهم إلا بموافقة وزير المالية أو من يفوضه.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن كان يعمل في وظيفة مراقب الحسابات بديوان عام محافظة أسيوط، وقد صدر قرار محافظ أسيوط رقم 1131 لسنة 1990 بضمه للجهاز المالي التابع للأمانة العامة للمجلس الأعلى للمشروعات خلفًا لزميله/ ....... الذي نقل إلى الضرائب العامة بأسيوط مقابل صرف 50% من المرتب شهريًا كجهود غير عادية لكل من أعضاء اللجنة القانونية واللجنة المالية وكلف مديرًا لحسابات المجلس الأعلى للمشروعات اعتبارًا من 16/ 9/ 1990 في غير أوقات العمل الرسمية مقابل 30% من مرتبه شهريًا، كما كلف بالعمل مديرًا لحسابات مشروع العبارات اعتبارًا من 1/ 1/ 1992 في غير أوقات العمل الرسمية مقابل 30% من مرتبه، بالإضافة إلى ما يُصرف من حوافز ومكافآت للعاملين بالمشروع إلا أنه اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 أوقف صرف مستحقاته استنادًا لقرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 سالف الإشارة إليه.
ومن حيث إن الثابت أن الطاعن قد تم ضمه للجهاز المالي التابع للأمانة العامة للمجلس الأعلى للمشروعات بموجب قرار محافظ أسيوط رقم 1311 لسنة 1990 قبل صدور قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 واستمرت جهة الإدارة في تكليفه بالقيام بالأعمال المنوطة به بهذا الجهاز بعد صدور قرار وزير المالية المشار إليه رغم الحظر الذي أورده هذا القرار الأخير فإن هذا المسلك وإن كان يمثل مخالفة لأحكام قرار وزير المالية سالف الإشارة إليه من قبل جهة الإدارة والطاعن على سواء إلا أن ذلك لا يمثل مانعًا يحول بين الطاعن وبين استئدائه للمبالغ المالية المستحقة له عن الأعمال التي تم تكليفه بها وقام بإنجازها، ومن ثم تكون مطالبة الطاعن بصرف المبالغ المستحقة له عن الأعمال التي أداها للجهاز المالي التابع للأمانة العامة للمجلس الأعلى للمشروعات بمحافظة أسيوط قائمة على سند صحيح من الواقع والقانون.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن الطاعن قد كلف بالعمل مديرًا لحسابات مشروع العبارات، وقد وافقت المديرية المالية بأسيوط على هذا التكليف، ومن ثم يكون للطاعن الحق في صرف المبالغ المستحقة له عن الأعمال التي أداها لهذا المشروع.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم فإنه يتعين القضاء بأحقية الطاعن في صرف المبالغ المستحقة له عن الأعمال التي كلف بالقيام بها وذلك اعتبارًا من تاريخ إيقاف صرف هذه المستحقات في 1/7 / 1992 حتى تاريخ انتهاء تكليفه بالقيام بهذه الأعمال.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون خليقًا بالإلغاء، ويغدو الطعن فيه قائمًا على سند صحيح من القانون.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية الطاعن في صرف المبالغ المستحقة له عن الأعمال التي تم تكليفه بها وذلك اعتبارًا من 1/ 7/ 1992 حتى تاريخ انتهاء تكليفه بالقيام بهذه الأعمال، وألزمت جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي.

الطعن 8123 لسنة 47 ق جلسة 24 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 93 ص 651

(93)
جلسة 24 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ منصور حسن علي غربي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إدوارد غالب سيفين عبده, وإبراهيم على إبراهيم عبد الله, ومحمد لطفي عبد الباقي جوده, وعبد العزيز أحمد حسن محروس نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ خالد سيد مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحي عبد الغني جوده أمين السر

-----------------

الطعن رقم 8123 لسنة 47 قضائية. عليا:

أ- موظف - عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - للوزير سلطة توقيع الجزاء التأديبي على العاملين بفروع الوزارة داخل نطاق المحافظة.
سلطة الوزير في توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين بوزارته مقررة بنص ولا تحجبها سلطة المحافظ بالنسبة للعاملين بفروع الوزارة داخل نطاق المحافظة - أساس ذلك:- للوزير سلطة التأديب على جميع العاملين بوزارته بحكم منصبه، حيث يحتل من وزارته وجميع المرافق التابعة لها موقع القمة، بما يترتب على ذلك من انعقاد مسئوليته عن حسن سيرها، فلا يستقيم والأمر كذلك غل يده عن سلطة الأمر بإجراء تحقيق فيما قد يثور بشأن إحدى الجهات التابعة لوزارته أو العاملين بها وإلا كانت مسئوليته بلا سلطة.
وإذا كان ذلك بالنسبة لسلطة الأمر بالتحقيق فإن هذه المسئولية تقتضي من باب أولى تقرير سلطة التأديب للوزير بوزارته - تطبيق.
ب- موظف - عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - القرار التأديبي يجب أن يقوم على سبب يبرره.
القرار التأديبي يجب أن يقوم على سبب يبرره بحيث يقوم على حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخل جهة الإدارة بتوقيع الجزاء وأن رقابة القضاء لصحة الحالة الواقعية أو القانونية تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهت إليها جهة الإدارة مستخلصة استخلاصًا سائغًا من أصول تنتجها، ماديًا وقانونيًا، فإذا كانت منتزعة من غير أصول، أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها غير صحيح كان القرار فاقدًا لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفًا للقانون، أما إذا كانت النتيجة التي انتهت إليها الإدارة مستخلصة استخلاصًا سائغًا من أصول تنتجها كان قرارها متفقًا وصحيح حكم القانون – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 24/ 5/ 2001 أودع الأستاذ/ عبد الفتاح المليجي (المحامي) نائبًا عن الأستاذ/ فهمي عبد اللطيف أحمد (المحامي) - بصفته وكيلاً عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 8123 لسنة 47 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بجلسة 25/ 3/ 2001 في الطعن رقم 104 لسنة 42 ق والذي قضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 954 لسنة 1999 الصادر في 14/ 6/ 1996 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم أجر ستين يومًا من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية.
وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم ستين يومًا من أجره مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ونُظر الطعن أمام الدائرتين السابعة والثامنة (فحص) إلى أن أحيل إلى هذه الدائرة، وتدوول أمامها وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث أودع الحاضر عن الحكومة بجلسة 11/ 11/ 2004 حافظة مستندات طويت على التحقيقات التي أجريت مع الطاعن.
وبجلسة 13/ 1/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 17/ 2/ 2005، وبجلسة الحكم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 8/ 11/ 1999 أقام الطاعن الطعن التأديبي رقم 104 لسنة 42 ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية طالبًا الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 954 لسنة 1999، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحًا لطعنه: إنه يشغل وظيفة مدرس أول لمادة العلوم بمدرسة الفتوح الإسلامية بإدارة العامرية التعليمية، وبتاريخ 4/ 8/ 1999 فوجئ بصدور القرار رقم 954 لسنة 1999 بمجازاته بخصم شهرين من راتبه فتظلم منه ولم يتلقَ ردًا على تظلمه.
ونعى على القرار المطعون فيه مخالفته للواقع والقانون، حيث لم يرتكب ثمة خطأ يستوجب عقابه بهذه العقوبة الشديدة، خاصة وأنه لم يوقع عليه جزاء طوال مدة خدمته التي بلغت ثمانية عشر عامًا، كما لم يقدم ضده أي بلاغ بالتعدي بالضرب أو التلفظ بألفاظ خارجة مع أي تلميذ، كما أن الشكوى المقدمة ضده من ولي التلميذة/ ...... هي شكوى كيدية ومدبرة من ناظرة المدرسة بالاتفاق مع مدير عام إدارة العامرية التعليمية لابتزازه والحصول منه على رشوة، وقد تم إبلاغ الرقابة الإدارية وتسجيل المحادثات واعترف المدير العام بأنه هو والناظرة اللذين قاما بتحرير الشكوى لولي أمر التلميذة المذكورة.
وأضاف الطاعن أن القرار المطعون فيه صدر مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة حيث قصد به التنكيل بالطاعن.
وبجلسة 25/ 3/ 2001 حكمت المحكمة التأديبية بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا.
وأقامت قضاءها على أن ما نُسب إلى الطاعن من قيامه بالاعتداء بالضرب والألفاظ على تلاميذ فصلي 4/ 1 و4/ 3 بمدرسة الفتوح الإسلامية التابعة لإدارة العامرية التعليمية بالإسكندرية ثابت في حقه وهو ما يمثل إخلالاً بواجبات وظيفته ومخالفة التعليمات التي تحظر استخدام أساليب العقاب البدني ضد التلاميذ، ومن ثم يكون القرار الصادر بمجازاته قد صادف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال لما يلي:
1 - صدر القرار المطعون فيه من وزير التربية والتعليم، في حين أن الاختصاص بتوقيع الجزاء معقود لمحافظ الإسكندرية بصفته السلطة المختصة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مشوبًا بعيب عدم الاختصاص خليقًا بالإلغاء.
2 - المخالفة المنسوبة إلى الطاعن لا أساس لها من الواقع، حيث لم يقم الطاعن بالتدريس لفصل 4/ 2 طوال مدة خدمته بالمدرسة، ولم يتم تقديم أي بلاغ ضده بالتعدي بالضرب أو التلفظ بألفاظ خارجة طوال مدة خدمته التي بلغت ثمانية عشر عامًا، كما أن الشكوى التي قدمت ضده من ولي أمر التلميذة/...... هي شكوى كيدية ومدبرة مع ناظرة المدرسة ومدير عام إدارة العامرية التعليمية لابتزاز الطاعن والحصول منه على رشوة وقد أبلغ الطاعن هيئة الرقابة الإدارية وتم تسجيل المحادثات التي تمت بينه وبين ناظرة المدرسة واعترف المدير العام في التسجيلات باشتراكه مع الناظرة في تحرير الشكوى لولي أمر التلميذة المذكورة، فضلاً على أن الجزاء المطعون فيه شابه الغلو والإسراف في الشدة دون مراعاة التدرج في العقاب.
ومن حيث إنه عن الاختصاص بإصدار القرار المطعون فيه، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفاد نص المادة الثانية والمادة (82) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة أن للوزير سلطة التأديب على جميع العاملين بوزارته بحكم منصبه وكونه الرئيس الأعلى للعاملين بالوزارة؛ حيث يحتل من وزارته وجميع المرافق التابعة لها القمة بما يترتب على ذلك من انعقاد مسئوليته عن حسن سيرها، فلا يستقيم والأمر كذلك غل يده عن سلطة الأمر بإجراء تحقيق فيما قد يثور بشأن إحدى الجهات التابعة لوزارته أو العاملين بها وإلا كانت مسئوليته بلا سلطة.
وإذا كان ذلك بالنسبة لسلطة الأمر بالتحقيق فإن هذه المسئولية تقتضي من باب أولى تقرير سلطة التأديب للوزير بوزارته، وقد نصت المادة (157) من الدستور على أن الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته.
ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة (27) مكررًا (1) من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 على أن "يكون المحافظ رئيسًا لجميع العاملين المدنيين في نطاق المحافظة في الجهات التي نقلت اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية ويمارس بالنسبة لهم جميع اختصاصات الوزير ..." ذلك أنه إذا كان قانون الإدارة المحلية قد خول المحافظ جميع السلطات التنفيذية المقررة للوزارة بمقتضى القوانين واللوائح بالنسبة للعاملين في نطاق محافظته في الجهات التي نقلت اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية بما في ذلك الاختصاص التأديبي إلا أنه لم ينص صراحة على إسقاط ولاية التأديب عن الوزير، حيث لم ينص على إلغاء اختصاص الوزير التأديبي المقرر بقانون العاملين المدنيين بالدولة ولم ينص على قصر سلطة التأديب بالنسبة للعاملين بفروع الوزارات بالمحافظات على المحافظ وحده.
كما أنه لا يسوغ القول بأن هناك إلغاءً ضمنيًا لهذا الاختصاص؛ حيث تأكد تقريره بالقانون رقم 115 لسنة 1983 الذي عدل المادة (82) من القانون رقم 47 لسنة 1978 وهو قانون لاحق لقانون الإدارة المحلية، ومن ثم فلا يجوز القول بإلغاء سلطة الوزير في التأديب بحجة قيام ازدواج في الاختصاص ذلك أنه متى كانت سلطة الوزير في التأديب على جميع العاملين في الوزارة وسلطة المحافظ في التأديب على العاملين بفروع الوزارات في نطاق المحافظة كلاهما مقررة بنص القانون، فإن هذا الازدواج يجد سنده ومصدره في النصوص القانونية القائمة التي قررت هذا الاختصاص.
ولا يجوز القول أن سلطة أحدهما تحجب سلطة الآخر، إذ لا يمكن ترجيح أحد الاختصاصين على الآخر أو حجب أحدهما للآخر والقاعدة أن إعمال النص خير من إهماله.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، ولما كانت سلطة الوزير في توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين بوزارته مقررة بالنص لا تحجبها سلطة المحافظ بالنسبة للعاملين بفروع الوزارة داخل نطاق المحافظة على النحو المقدم وكان الثابت أن الطاعن من العاملين بمديرية التربية والتعليم بمحافظة الإسكندرية، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه الصادر من وزير التربية والتعليم بمجازاته يكون قد صدر من السلطة المختصة بإصداره ويكون هذا القرار سليمًا من هذه الناحية.
ويتعين التعرض لمدى مشروعية القرار الطعين من ناحية أركانه الأخرى التي يجب أن تتوافر فيه.
ومن حيث إنه عن موضوع القرار المطعون فيه فالثابت بالأوراق أنه قد انبنى على ما نُسب إلى الطاعن من أنه بوصفه مدرسًا أول بمدرسة الفتوح الإسلامية بإدارة العامرية التعليمية بالإسكندرية خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وسلك مسلكًا لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة؛ حيث اعتاد الاعتداء بالضرب بقسوة على تلاميذ فصل 4/ 1 و4/ 3 أثناء تعامله معهم والتلفظ بألفاظ خارجة على حدود الآداب العامة بصفة متكررة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن القرار التأديبي يجب أن يقوم على سبب يبرره بحيث يقوم على حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخل جهة الإدارة بتوقيع الجزاء وأن رقابة القضاء لصحة الحالة الواقعية أو القانونية تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذ كانت النتيجة التي انتهت إليها جهة الإدارة مستخلصة استخلاصًا سائغًا من أصول تنتجها ماديًا وقانونيًا، فإذا كانت منتزعة من غير أصول أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها غير صحيح كان القرار فاقدًا لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفًا للقانون، أما إذا كانت النتيجة التي انتهت إليها جهة الإدارة مستخلصة استخلاصًا سائغًا من أصول تنتجها كان قرارها متفقًا وصحيح حكم القانون.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن سبب القرار التأديبي - بوجه عام - هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه، فإذا توافر لدى جهة الإدارة المختصة الاقتناع بأن الموظف سلك سلوكًا معيبًا ينطوي على الإخلال بكرامة وظيفته أو بالثقة الواجب توافرها فيمن يقوم بأعبائها وكان اقتناعها هذا لوجه المصلحة العامة مجردًا عن الميل أو الهوى وأقامت قراراها بإدانة سلوك الموظف على وقائع صحيحة وثابتة في عيون الأوراق إلى النتيجة التي خلصت إليها؛ كان قرارها في هذا الشأن قائمًا على سببه مطابقًا للقانون.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة التحقيقات التي أجرتها الإدارة العامة للشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم في القضية رقم 2606 لسنة 1999 أن ما نُسب إلى الطاعن وسيق سببًا لمجازاته بالقرار المطعون فيه من اعتياده الاعتداء بالضرب بقسوة على التلاميذ وتلفظه بألفاظ خارجة على حدود الآداب العامة بصفة متكررة ثابت في حقه بشهادة التلميذات اللاتي قررن صحة ذلك بالتحقيقات، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر قائمًا على سند صحيح من الواقع والقانون بمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما ذهب إليه الطاعن في عريضة طعنه من أن الجزاء المطعون فيه قد شابه الغلو والإسراف في الشدة دون مراعاة التدرج في العقاب، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الغلو المحظور على جهة الإدارة هو عدم التناسب البتة بين الخطأ البسيط الذي لا يستأهل سوى الإنذار أو الخصم من الراتب وبين الجزاء المفرط في الشدة كالفصل من الخدمة الذي تركب فيه الجهة الإدارية متن الشطط بقصد الانتقام من العامل أو التخلص منه بما يخرجها عن الغاية من توقيع الجزاء وهو حسن سير المرافق العامة حيث يضطر العاملون إلى الإقلاع عن أداء واجبات وظائفهم على الوجه المرضي خوفًا وجزعًا من توقيع الجزاءات الظالمة التي تستهدف التخلص منهم أو التنكيل بهم وبهذه المثابة يخرج الجزاء عن نطاق التقرير الخاضع لسلطات الإدارة إلى اختراق دائرة الشرعية التي تحيط بفكرة الجزاء التأديبي والهدف من توقيعه، الأمر الذي يوجب على القاضي الإداري أن يتدخل ليرد الجهة الإدارية إلى حظيرة القانون في دائرة سلطتها التقديرية المرخص بها قانونًا، فإذا مارست الإدارة سلطتها التقديرية داخل تلك الدائرة فلا يسوغ للقضاء أن يتعقبها عند تقدير خطورة الذنب أو تحديد الجزاء المناسب من بين أنواع الجزاءات المختلفة أو درجاتها.
ولما كان ما أتاه الطاعن بوصفه معلمًا ومربيًا يمثل سلوكًا معيبًا ينطوي على الإخلال بكرامة وظيفته وبالثقة الواجب توافرها فيه فإن القرار المطعون فيه يكون - والحال كذلك - قائمًا على سببه مطابقاً للقانون، ويغدو النعي عليه بالغلو والإسراف في الشدة في غير محله ويكون الطعن فيه فاقدًا سنده من القانون خليقًا بالرفض.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويغدو الطعن فيه غير قائم على سند صحيح من القانون خليقًا بالرفض.


فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا.

الطعن 7625 لسنة 48 ق جلسة 23 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 92 ص 641

(92)
جلسة 23 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامي أحمد محمد الصباغ, وعبد الله عامر إبراهيم, ومحمد البهنساوي محمد, وحسن عبد الحميد البرعي. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد مفوض الدولة
وحضور السيد/ عصام سعد ياسين أمين السر

الطعن رقم 7625 لسنة 48 قضائية عليا:

مبان - منشآت الكهرباء - القيود الواردة على ملكية الأفراد الخاصة لصالح هذه المنشآت.
المشرع رغبةً منه في قيام قطاع مشروعات الكهرباء بالأهداف المرغوبة منها، وحمايةً لتلك المشروعات مما يعترضها من مبانٍ وأشجار وعوائق ألزم مالك العقار أو واضع اليد عليه بأية صفة كانت بأن يتحمل فوقه إذا كان مبنيًا وفوقه وتحته إذا كان أرضًا زراعية أو فضاء مرور أسلاك الخطوط الهوائية أو الكابلات الأرضية المعدة للإنارة العامة أو لنقل الكهرباء وتوزيع القوى الكهربائية. كما ألزم المشرع مالك العقار أو حائزه بتحمل جميع أعمال أو صيانة هذه الأسلاك أو الكابلات وإذا كان العقار مبنيًا فلا يجوز للجهة القائمة بوضع الأسلاك والكابلات تمريرها إلا خارج الحوائط أو الواجهات أو فوق الأسقف أو الأسطح بأسلوب يمكن معه الوصول إليها من الخارج ودون اختراق لأجزاء العقار المخصصة للسكن وبطريقة لا تعرض سلامة الغير للخطر. ومنح المشرع طبقًا لأحكام القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء منطقة أو مديرية الكهرباء الحق في أن تطلب من الملاك أصحاب الحقوق سالفة الذكر قطع وتهذيب الأشجار أو إزالة المباني والعوائق التي تعترض منشآت الكهرباء والتي ينشأ عن وجودها أو حركتها أو سقوطها إضرار بهذه المنشآت، وذلك في حدود المسافات الموضحة بالقانون سالف الذكر على أن يصدر القرار في هذه الحالة من المحافظ المختص بعد العرض على اللجنة المشكلة لهذا الغرض في كل محافظة والتي يكون من اختصاصها التثبت بأن هذه الأشجار وتلك المباني وهذه العوائق تهدد منشآت الكهرباء، وأنه يترتب على وجود هذه المباني أو حركة تلك الأشجار أو سقوطها على مسافة أقل من المسافة المطلوبة قانونًا إضرار بمنشآت الكهرباء على أن يعوض أصحاب هذه الحقوق تعويضًا عادلاً عن هذه الإزالة - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 30/ 4/ 2002 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 7625 لسنة 48 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 1571 لسنة 20 ق بجلسة 3/ 3/ 2002، والقاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم - في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة به - تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام المحكمة الإدارية العليا دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة السادسة موضوع لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحددت جلسة 4/ 11/ 2003 لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السادسة فحص طعون)، وبها قررت تأجيل نظره لجلسة 3/ 2/ 2004 للاطلاع والتعقيب، ونظرًا لأن هذا اليوم قد وافق يوم عطلة رسمية فقد تقرر تأجيل نظر الطعن إداريًا لجلسة 6/ 4/ 2004، وبها قدمت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات، وبهذه الجلسة قررت المحكمة تأجيل نظره لجلسة 15/ 6/ 2004 وعلى السكرتارية إخطار المطعون ضده، وبهذه الجلسة حضر الأستاذ/............ بصفته وكيلاً عن المطعون ضده الأصيل (الأستاذ الدكتور/ ........) بموجب التوكيل الرسمي الخاص محضر تصديق رقم 1389/ ك لسنة 2004 بتاريخ 5/ 6/ 2004 مكتب توفيق فارسكور الصادر له من السيد/ محمد عبد المتعال عبد المجيد بطاقة عائلية رقم 19723 لسنة 1974 بندر دمياط بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ الدكتور/ .......... (المطعون ضده الأصيل) بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 2490 ب لسنة 2004 توثيق مكتب 6 أكتوبر، وطلب المحامي المذكور حجز الطعن للحكم، وعليه قررت المحكمة إصدار الحكم لجلسة 3/ 7/ 2004 ومذكرات خلال أسبوع، وخلال هذا الأجل وبتاريخ 20/ 6/ 2004 قدم الأستاذ/ محمد السيد الشريف (المحامي) لدى النقض والإدارية العليا بفارسكور دمياط) مذكرة بدفاع المطعون ضده السيد محمد السيد البدوي بصفته وكيلاً عن المطعون ضده الأصيل الأستاذ الدكتور/......... طلب في ختامها - وللأسباب الواردة بها - الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا، وبالجلسة سالفة الذكر المنعقدة بتاريخ 3/ 7/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة السادسة موضوع لنظره أمامها بجلسة 13/ 10/ 2004، وعلى قلم الكتاب إخطار الطرفين.
وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا الدائرة السادسة موضوع بجلسة 13/ 10/ 2004، وبها حضر الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامي عن الأستاذ/ محمد السيد الشريف (المحامي) بصفته وكيلاً عن المطعون ضده. كما حضر محامي الدولة، وبهذه الجلسة قررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 15/ 12/ 2004، وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات لمن يشاء من الطرفين، وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 23/ 2/ 2005، وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات لمن يشاء من الطرفين في خلال ثلاثة أسابيع، وقد مضى هذا الأجل دون أن يقدم الطرفان شيئًا.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
حيث إن الطاعنين بصفاتهم يطلبون الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن المسلم به أن الفصل في موضوع الطعن يغني عن الفصل في طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تخلص حسبما يبين من الأوراق - في أن السيد/ السيد محمد السيد البدوي بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ الدكتور/..........، كان قد أقام الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها ابتداءً أمام محكمة فارسكور الجزئية بتاريخ 6/ 1/ 1998، وطلب في ختام عريضتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من رئيس مجلس مدينة فارسكور برقم 743 لسنة 1997 بإزالة البناء المملوك لموكله والذي هو عبارة عن سور بارتفاع 2 متر بداخله غرفة بقرية ميت الشيوخ التابعة للوحدة المحلية لقرية الصعيدية والكائن أسفل خط الكهرباء الضغط الفائق الجمالية/ دمياط جهد 220 ك ف وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونعى المدعي بصفته على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لصدوره بغير سبب يبرره؛ وذلك لأن البناء الخاص بموكله الصادر بشأنه هذا القرار مقام قبل إنشاء خطوط الكهرباء وأن موكله قدم للمحاكمة الجنائية بتهمة البناء تحت خطوط الضغط فائق الجهد بالمخالفة للقانون رقم 63 لسنة 1974 وتعديلاته بشأن منشآت قطاع الكهرباء وذلك بالجنحة رقم 266 لسنة 1997 جنح فارسكور؛ حيث قضت فيها بجلسة 16/ 2/ 1997 ببراءته من هذه التهمة تأسيسًا على أن البناء المقام تحت خطوط الضغط فائق الجهد تم إنشاؤه قبل وضع هذه الخطوط، وعليه يكون قرار الإزالة المطعون فيه قد صدر على غير سبب من الواقع والقانون، ويمثل تعديًا على ملك موكله الذي يحميه القانون والدستور، الأمر الذي حدا به بصفته إلى إقامة هذه الدعوى للحكم له بطلباته الواردة في قيام عريضتها.
وحكمت المحكمة الجزئية سالفة الذكر بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للاختصاص.
وورد ملف الدعوى إلى المحكمة المذكورة وقيد بجدولها العام برقم 1571 لسنة 20 ق، وتدوولت أمامها الدعوى حيث قررت إحالتها إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في شقيها، وعليه أعدت الهيئة تقريرًا ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بالمصروفات.
وبجلسة 3/ 3/ 2002 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة حكمها المطعون فيه والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن موكل المدعي أقام البناء الخاص به والصادر بشأنه القرار المطعون فيه في تاريخ سابق على مد خطوط الكهرباء وذلك على النحو الثابت بحكم محكمة فارسكور في الجنحة رقم 11742 لسنة 1996 جنح فارسكور والذي قضى ببراءة موكله من تهمة البناء أسفل خطوط كهرباء الضغط العالي وذلك تأسيسًا على أن البناء مقام قبل إنشاء تلك الخطوط، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، وبناءً عليه خلصت المحكمة إلى قضائها سالف الذكر.
ونظرًا لأن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الجهة الإدارية فقد طعنت عليه بالطعن الراهن ناعيةً عليه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره، وذلك على أساس أن الجهة الإدارية لم تصدر القرار المطعون فيه على أساس أن وضع البناء المملوك - لموكل المطعون ضده - تحت خطوط الضغط فائق الجهد في المسافة الواقعة بين البرج رقم 90 والبرج رقم 91 بناحية ميت الشيوخ التابعة للوحدة المحلية بالعبيدية مركز فارسكور محافظة دمياط يشكل خطورة على مالك هذا البناء وأسرته والمواطنين الذين يدخلونه وذلك وفقًا لما انتهت إليه اللجنة الفنية المشكلة بموجب قرار محافظ دمياط بالقرار رقم 210 لسنة 1997، ولذلك أصدر رئيس مجلس فارسكور بصفته مفوضًا من جانب محافظ دمياط بالقرار 57 لسنة 1995 بتفويض رؤساء الوحدات المحلية للمراكز والمدن بالمحافظة بإزالة التعديات على خطوط الكهرباء بمحافظة دمياط أصدر رئيس مجلس المدينة المذكورة القرار رقم 473 لسنة 1997 بإزالة بناء موكل المطعون ضده وذلك وفقًا للسلطة المخولة للمحافظ بموجب المادة (6) من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء. وقد تضمن القرار المطعون فيه في مادته الثانية على أن يتم تقدير التعويض اللازم مقابل إزالة هذا البناء بمعرفة هيئة كهرباء مصر وتخطر لجنة التعويضات بمنطقة كهرباء وسط الدلتا بطلخا لتقدير التعويض مع إخطار المالك، وعليه يكون قرار الإزالة المطعون فيه قد صدر وفقًا للسلطة المخولة لمحافظ دمياط بموجب المواد (1، 7، 22) من القانون سالف الذكر معدلاً بالقانون رقم 204 لسنة 1991، الأمر الذي يكون معه هذا القرار قد صدر مطابقًا للقانون وبالتالي يضحى طلب إلغائه فاقدًا سنده خليقًا بالرفض.
واختتم الطاعنون بصفاتهم تقرير الطعن بطلباتهم سالفة البيان.
ومن حيث إن القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء معدلاً القانون رقم 204 لسنة 1991 ينص في المادة (2) منه على أن "يلتزم مالك العقار أو واضع اليد عليه بأن يتحمل فوقه إذا كان مبنيًا وفوقه أو تحته إذا كان أرضيًا مرور أسلاك الخطوط الهوائية أو الكابلات الأرضية المعدة للإنارة العامة أو النقل وتوزيع القوى الكهربائية، كما يلتزم بأن يقبل تنفيذ جميع الأعمال اللازمة لوضع أو صيانة هذه الأسلاك أو الكابلات. على أنه إذا كان العقار مبنيًا فلا يجوز وضع الأسلاك أو الكابلات إلا خارج الحوائط أو الواجهات أو فوق الأسقف أو الأسطح بكيفية يمكن معها الوصول إليها من الخارج أو بطريقة سليمة دون اختراق أجزاء العقار المخصص للسكن وبطريقة لا تعرض سلامة الغير للخطر".
وتنص المادة (6) من هذا القانون على أنه "مع عدم الإخلال بنص المادة (22) لمنطقة أو مديرية الكهرباء المختصة أن تطلب من الملاك أصحاب الحقوق قطع وتهذيب الأشجار أو إزالة المباني أو العوائق التي تعرض المنشآت المشار إليها في المادة (1) والتي ينشأ عن وجودها أو حركتها أو سقوطها إضرار بهذه المنشآت، وذلك في حدود المسافات الموضحة فيما يلي، مقاسه من محور المساس بالنسبة إلى الخطوط الهوائية والكابلات:
أ - خمسة وعشرون مترًا في حالة الخطوط الهوائية للجهود الفائقة.
ب - ثلاثة عشر مترًا في حالة الخطوط الهوائية للجهود العالية والمتوسطة.
ج - خمسة أمتار في حالة كابلات الجهود العالية.
د - متران في حالة كابلات الجهود المتوسطة والمنخفضة.
وتنص المادة (22) من القانون سالف الذكر على أنه "إذا ترتب على مخالفة الحظر المنصوص عليه في المادة (3) خطر داهم يصدر المحافظ المختص قرارًا مسببًا بإزالة المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف وذلك بعد ثبوت وقوعها والخطر الناتج عنها بمعرفة اللجنة المشكلة لهذا الغرض في كل محافظة على الوجه المبين في اللائحة التنفيذية".
ومن حيث إنه يستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرع رغبةً منه في قيام قطاع مشروعات الكهرباء التي ينظمها القانون سالف الذكر بالأهداف المرغوبة منها وحمايةً لتلك المشروعات مما يعترضها من مبانٍ وأشجار وعوائق، فقد قضى المشرع في المادة (2) من هذا القانون بأن يلتزم مالك العقار أو واضع اليد عليه بأية صفة كانت بأن يتحمل فوقه إذا كان مبنيًا وفوقه وتحته إذا كانت أرضًا زراعية أو فضاء مرور أسلاك الخطوط الهوائية أو الكابلات الأرضية المعدة للإنارة العامة لنقل الكهرباء وتوزيع القوى الكهربائية. كما ألزم المشرع مالك العقار أو حائزه بتحمل جميع أعمال أو صيانة هذه الأسلاك أو الكابلات، وإذا كان العقار مبنيًا فلا يجوز للجهة القائمة بوضع الأسلاك والكابلات إلا خارج الحوائط أو الواجهات أو فوق الأسقف أو الأسطح بأسلوب يمكن معه الوصول إليها من الخارج ودون اختراق لأجزاء العقار المخصصة للسكن وبطريقة لا تعرض سلامة الغير للخطر. كما منح المشرع في المادة (6) من القانون سالف الذكر منطقة أو مديرية الكهرباء الحق في أن تطلب من الملاك أصحاب الحقوق سالفة الذكر قطع وتهذيب الأشجار أو إزالة المباني أو العوائق التي تعترض منشآت قطاع الكهرباء المشار إليها في المادة (1) من هذا القانون والتي ينشأ عن وجودها أو حركتها أو سقوطها إضرار بهذه المنشآت، وذلك في حدود المسافات الموضحة فيما يلي، مقاسه من محور المساس بالنسبة إلى الخطوط الهوائية والكابلات:
أ - خمسة وعشرون مترًا في حالة الخطوط الهوائية للجهود الفائقة.
ب - ثلاثة عشر مترًا في حالة الخطوط الهوائية للجهود العالية والمتوسطة.
ج - خمسة أمتار في حالة كابلات الجهود العالية.
د - متران في حالة كابلات الجهود المتوسطة والمنخفضة، على أن يصدر القرار في هذه الحالة من المحافظ المختص بعد العرض على اللجنة المشكلة لهذا الغرض في كل محافظة على الوجه الذي حددته اللائحة التنفيذية لهذا القانون والتي يكون من اختصاصها التثبت بأن هذه الأشجار وتلك المباني وهذه العوائق تهدد من منشآت قطاع الكهرباء، وأنه يترتب على وجود تلك المباني أو حركة تلك الأشجار أو سقوطها على مسافة أقل من المسافة المحددة بالبنود (أ، ب، ج، د) من المادة (6) من ذات القانون إضرار بمنشآت الكهرباء، على أن يعوض أصحاب هذه الحقوق تعويضًا عادلاً عن هذه الإزالة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن موكل المطعون ضده كان قد أقام سورًا بارتفاع مترين وبداخله غرفة صغيرة على قطعة أرض مملوكة له بناحية ميت الشيوخ التابعة للوحدة المحلية بالعبيدية مركز فارسكور محافظة دمياط، وذلك أسفل خط الضغط الفائق الجهد الجمالية/ دمياط جهد 220 ك ف، في المسافة بين برجي الكهرباء رقمي 90، 91، وعليه حررت ضده الجهة الإدارية محضر المخالفة رقم 11742 لسنة 1996، وقيدت الواقعة برقم 266 لسنة 1997 جنح فارسكور.
وبجلسة 16/ 2/ 1997 قضي ببراءته من هذه التهمة وذلك على أساس أن البناء مقام قبل إنشاء خط الكهرباء سالف الذكر، وقد صار هذا الحكم نهائيًا بعدم الطعن عليه وأمام هذا الوضع واحترامًا من جانب الجهة الإدارية الطاعنة لحجية هذا الحكم بالبراءة فقد طلبت منطقة كهرباء وسط الدلتا من الوحدة المحلية بفارسكور إصدار قرار بإزالة هذا البناء، وذلك لأنه يشكل بوجوده أسفل خط الضغط الفائق الجهد بين برجي الكهرباء سالفي الذكر تهديد أمن وحياة مالك هذا العقار وغيره من المواطنين بالخطر، وعليه عرض الأمر على اللجنة الفنية المشكلة لهذا الغرض بمحافظة دمياط بموجب قرار المحافظ رقم 210 لسنة 1997 التي انتهت إلى ضرورة إزالة هذا البناء، لأنه بوضعه أسفل خط الضغط الفائق الجهد الجمالية/ دمياط جهد 220 ك فولت يهدد أمن ملاكه ومن يتردد أسفله بالخطر على حياته وبناء عليه أصدر رئيس مجلس مدينة فارسكور بناء على التفويض الصادر له من محافظ دمياط بالقرار رقم 57 لسنة 1995 بتفويض رؤساء الوحدات المحلية للمراكز والمدن بالمحافظة القرار رقم 473 لسنة 1997 متضمنًا في مادته الأولى إزالة منزل المواطن ......، لكونه يمثل خطورة على المواطنين لوجوده أسفل خط الضغط الفائق الجمالية/ دمياط جهد 220 ك ف في المسافة ما بين البرجين رقمي 90، 91 كما تضمن في مادته الثانية على أن يتم تقدير التعويض اللازم بمعرفة هيئة كهرباء مصر وتخطر لجنة التعويضات بمنطقة كهرباء وسط الدلتا بطلخا لتقدير التعويض وإخطار المواطن المذكور، وعليه فإن قرار الإزالة سالف الذكر المطعون فيه قد أصدرته الجهة الإدارية الطاعنة استنادًا إلى نص المادة (6) من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء معدلاً بالقانون رقم 204 لسنة 1991 وقائمًا على سببه المبرر له قانونًا وذلك حفاظًا على أرواح المواطنين، ولم يقدم المطعون ضده بصفته عكس ذلك، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر مطابقًا للقانون، وبالتالي يضحى طلب إلغائه فاقدًا سنده خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بغير ذلك، فمن ثم فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون خليقًا بالإلغاء والقضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن المطعون ضده بصفته قد خسر الطعن، فمن ثم حق إلزامه المصروفات عن درجتي التقاضي وفقًا لحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.

الطعن 9813 لسنة 47 ق جلسة 23 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 91 ص 634

(91)
جلسة 23 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامي أحمد محمد الصباغ, وعبد الله عامر إبراهيم, ومصطفى محمد عبد المعطي, وحسن عبد الحميد البرعي. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين أمين السر

-----------------

الطعن رقم 9813 لسنة 47 قضائية. عليا:

بعثات - اللجنة العليا للبعثات - اختصاصها.
القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم شئون الإجازات الدراسية والمنح.
ناط المشرع باللجنة العليا للبعثات الاختصاص برسم سياسة البعثات وتخطيطها وتحديد الغاية منها في ضوء احتياجات البلاد، وتقوم اللجنة التنفيذية ببحث الاحتياجات من حيث المواد المطلوب دراستها والمرشحون لها وإعداد مشروع الموازنة وعرض كل ذلك على اللجنة العليا للبعثات بالأسلوب وبالطريقة التي تراها اللجنة التنفيذية بعد تحديد نوع البعثة والشروط اللازمة بعد استطلاع رأي الجهة الموفدة مما يعني أن تلك اللجان هي التي تحدد نوع البعثة وشروطها ومواعيدها ومواد التخصص إلى غير ذلك من شروط وإجراءات في ضوء الاحتياجات الفعلية للبعثة ومدى التجاوز عن بعض الشروط وإجراء المفاضلة بين المتقدمين في ضوء تلك الضوابط ولا يخضع اختيارها للتعقيب من قبل الجهة التي يتبعها الموفد في البعثة - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 18/ 7/ 2001 أودعت الأستاذة/ أميرة شفيق حسن (المحامية) بصفتها وكيلة عن رئيس جامعة عين شمس تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الدائرة الثانية في الدعويين رقمي 11886، 12831 لسنة 54 ق بجلسة 20/ 5/ 2001 والذي قضى بقبول الدعويين شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلبت في ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدها الأولى المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن بدائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا إلى أن تقرر إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع بتلك المحكمة والتي نظرته على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم 23/ 2/ 2005 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
وحيث تخلص وقائع المنازعة في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 11886 لسنة 54 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالبة في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي لكلية طب الأسنان جامعة عين شمس بامتناعها عن اعتماد خطة الدراسة المقدمة منها وختمها بخاتم شعار الجمهورية مع إلزام المدعى عليهم بدفع التعويض المناسب وما يترتب على ذلك من آثار والمصروفات، وذلك على سند من القول بأنها تعمل مدرس مساعد بكلية طب الأسنان جامعة عين شمس وقد أعلنت الإدارة العامة للبعثات بوزارة التعليم العالي عن فتح باب التقدم للبعثات الخارجية للسنة الثالثة من الخطة الخمسية الرابعة - 97/ 98 - 2001/ 2002 والبعثات الشاغرة من خطة 97/ 98/ 1999 المنظمة لخطة 99/ 2000 - وتقدمت بالأوراق المطلوبة وعرضت تلك الأوراق على اللجنة العلمية المختصة للبعثات للسنة الثالثة 99/ 2000 التي قررت ترشيحها بصفة أصلية لبعثة خارجية بأمريكا للحصول على درجة الدكتوراه واعتمدت نتيجة الترشيح من وزير التعليم العالي، كما أبدت لجنة التظلمات ترشيحها وتقدمت لكلية طب الأسنان التي تعمل بها للموافقة على البعثة، ووقع رئيس قسم طب الفم وعلاج اللثة والأشعة والتشخيص بما يفيد الموافقة لكن المسئولين بقسم خواص المادة بالكلية رفضوا اعتماد الموافقة وأصروا على تزكية المرشح الاحتياطي - ....... - رغم أنها حاصلة على الماجستير وزميلها المرشح الاحتياطي لم يحصل عليه مما يعيب القرار المطعون فيه بإساءة استعمال السلطة والانحراف بها وتغي غير الصالح العام.
وبتاريخ 27/ 8/ 2000 أودعت - أيضًا - عريضة الدعوى رقم 12831 لسنة 54 ق قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالبة في ختامها وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بامتناع جامعة عين شمس عن الموافقة على إيفادها للحصول على البعثة 4/ 3/ 65 لدراسة الدكتوراه بالولايات المتحدة في ضوء الموافقات سالفة الذكر واعتماد وزير التعليم العالي وما يترتب على ذلك من آثار أخصها اعتماد خطة الدراسة المقدمة منها والتصريح لها بالسفر.
ونظرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الشق العاجل من الدعويين إلى أن قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 14/ 1/ 2001 ضم الدعويين للارتباط وبجلسة 20/ 5/ 2001 أصدرت فيها الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها بعد استعراض بعض نصوص القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية على أن المشرع ناط باللجنة العليا للبعثات الاختصاص برسم سياسة البعثات وتخطيطها وتحديد الغرض منها في ضوء احتياجات الدولة من هذه البعثات وعهد إلى اللجنة التنفيذية ببحث احتياجات الإقليم من هذه البعثات من حيث المواد المطلوب دراستها والمعينين لها وبعد الإعلان عن البعثات التي تقرر اللجنة العليا إيفادها بالأسلوب والطريقة التي تقدرها اللجنة التنفيذية وفي المواعيد التي تحددها مع بيان نوع البعثة وشروط التقدم إليها ... وللجنة التنفيذية عند الضرورة التجاوز عن بعض هذه الشروط وتبلغ اللجنة العليا بالشروط التي قررت التجاوز عنها، كما خول المشرع اللجنة التنفيذية الاختصاص باختيار طلاب البعثات بعد المفاضلة بينهم، وفي ضوء ذلك تم ترشيح المدعية بصفة أصلية للبعثة المذكورة واعتمد وزير التعليم العالي ترشيحات اللجان العلمية وتظلم المرشح الاحتياطي للبعثة المذكورة ورفض تظلمه ومن ثم فقد أصبح ترشيح المدعية نهائيًا وصادرًا من اللجان المختصة، وكان يتعين على كلية طب الأسنان التي تعمل بها اعتماد خطة البحث المقدمة منها وإنهاء كافة الإجراءات تمهيدًا لسفرها إلا أنها امتنعت عن ذلك مؤثرة تفضيل المرشح الاحتياطي مما يفيد أن القرار المطعون فيه غير قائم بحسب الظاهر من الأوراق على سند من القانون ويتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، كما أن في تنفيذه حرمان المدعية من البعثة وفي ذلك إصابة لها بأضرار يتعذر تداركها، مما يتعين معه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ولم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الجامعة الطاعنة فأقامت هذا الطعن ناعية الحكم المطعون فيه بأن التقدم للبعثة تم بناء على خطاب مزور من أمينة الكلية ودون اتباع لإجراءات موافقة القسم ومجلس الكلية، وكذا عدم توافر شروط التخصص في المدعى عليها لأنها تشغل تخصص إكلينيكي. والبعثة تخصص أكاديمي، وقد لاحظ القسم ومجلس الكلية ذلك عندما تقدمت للكلية لاعتماد خطة الدراسة وبذلك يكون تخصصها لا علاقة له بالتخصص المطلوب للبعثة ولا يجوز لها التسجيل في فرع خواص المواد مما دعا الكلية إلى عدم الموافقة على خطة الدراسة المقدمة منها للبعثة.
من حيث إن المادة (4) من القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم الإجازات الدراسية والمنح تنص على أن "تختص اللجنة العليا للبعثات برسم سياسيات البعثات وتخطيطها وتحديد الغاية منها في ضوء احتياجات البلاد".
وتنص المادة (6) من هذا القانون على أن "تختص اللجنة التنفيذية بتقصي احتياجات الأقاليم الفعلية من البعثات من حيث المواد وعدد المبعوثين ومشروع الميزانية اللازمة وعرض ذلك على اللجنة العليا للبعثات".
وتنص المادة (9) من ذلك القانون على أن "تعلن اللجنة... عن البعثات التي تقرر اللجنة العليا إيفادها بالطريقة التي تقدرها اللجنة التنفيذية وفي الموعد الذي تعينه مع بيان نوع البعثة وشروط التقدم إليها، وتقدم الطلبات باسم مدير إدارة البعثات على الاستمارة الخاصة بذلك".
وتنص المادة (10) من القانون المشار إليه على أن "تقتصر البعثات العلمية والبعثات العملية على الحاصلين على مرتبة جيد جدًا على الأقل أو ما يعادلها في المادة المراد التخصص فيها والمواد الأساسية المرتبطة بها، وتعين اللجنة التنفيذية... بعد استطلاع رأي اللجنة الموفدة الشهادة والدرجة العلمية اللازمة للتقدم لكل بعثة ومادة التخصص والمواد الأساسية المرتبطة بها وللجنة التنفيذية عند الضرورة التجاوز عن بعض هذه الشروط وفي هذه الحالة تبلغ اللجنة العليا بالشروط التي تقرر التجاوز عنها كما أن لها أن تضع الشروط الخاصة بالبعثات العلمية".
وتنص المادة (13) من القانون المذكورة على أن "تتولى اللجنة التنفيذية .. اختبار طلاب البعثات بعد المفاضلة بينهم وكذلك تحديد مدة البعثة".
ومن حيث إن المشرع بموجب النصوص سالفة الذكر ناط باللجنة العليا للبعثات الاختصاص برسم سياسة البعثات وتخطيطها وتحديد الغاية منها في ضوء احتياجات البلاد من هذه البعثات وأن تقوم اللجنة التنفيذية ببحث الاحتياجات من حيث المواد المطلوب دراستها والمرشحين لها وإعداد مشروع الموازنة وعرض كل ذلك على اللجنة العليا للبعثات بالأسلوب وبالطريقة التي تراها اللجنة التنفيذية بعد تحديد نوع البعثة والشروط اللازمة بعد استطلاع رأي اللجنة الموفدة مما يعني أن تلك اللجان هي التي تحدد نوع البعثة وشروطها ومواعيدها ومواد التخصص إلى غير ذلك من شروط وإجراءات في ضوء الاحتياجات الفعلية للبعثة، ومدى التجاوز عن بعض الشروط وإجراء المفاضلة بين المتقدمين في ضوء تلك الضوابط ويكون اختيارها غير خاضع للتعقيب عليه من قبل الجهة التي يتبعها الموفد في البعثة.
ومن حيث إنه في ضوء ذلك ولما كان البادي من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضدها تقدمت للبعثة رقم 4/ 3/ 65 بناء على استمارة معتمدة من كلية طب الأسنان وجامعة عين شمس وعرضت الأوراق على اللجنة العلمية بإدارة البعثات الخارجية للسنة الثالثة 99/ 2000 من الخطة الخمسية، وتم قبول أوراقها وترشيحها بصفة أصلية للبعثة المذكورة..... بصفة احتياطية وتظلم هذا الأخير عن ذلك الاختيار وانتهى بحث التظلم من اللجنة العليا إلى رفض التظلم واعتمد وزير التعليم العالي قرار اللجنة العليا للبعثات بتاريخ 24/ 2/ 2000 ومن ثم فإن ترشيح المطعون ضدها للبعثة سالفة الذكر قد أصبح نهائيًا وكان على الكلية التي تعمل بها اتخاذ الإجراءات اللازمة لاعتماد خطة الدراسة المقدمة منها وفقًا للثابت لديها وإنهاء سفرها للبعثة التي تقرر إيفادها لها بقرار نهائي ويكون امتناعها عن ذلك غير قائم وبحسب الظاهر من الأوراق على أساس من صحيح القانون ويتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، كما أن في تنفيذ ذلك القرار حرمان للمطعون ضدها من السفر للبعثة وفي ذلك إصابة لها بأضرار يتعذر تداركها مما يتوفر معه ركن الاستعجال أيضًا مما يكون معه طلب وقف تنفيذ ذلك القرار موافقًا صحيح القانون من المتعين القضاء به، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون قد صادف صواب القانون من المتعين رفض هذا الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات طبقًا لحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الجامعة الطاعنة المصروفات.

الطعن 2754 لسنة 43 ق جلسة 23 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 90 ص 620

(90)
جلسة 23 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامي أحمد محمد الصباغ, وعبد الله عامر إبراهيم, ومحمد البهنساوي محمد, وحسن عبد الحميد البرعي نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار م./ سعيد عبد الستار محمد مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين سكرتير المحكمة

---------------

الطعن رقم 2754 لسنة 43 قضائية. عليا:

آثار - جميع الآثار من الأموال العامة عدا ما كان وقفًا - أثر ذلك: إزالة أية تعديات عليها بالطريق الإداري.
طبقًا لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1983 في شأن حماية الآثار، فإن جميع الآثار من الأموال العامة عدا ما كان وقفًا - أثر ذلك: أنه لا يسوغ حيازتها أو تملكها أو التصرف فيها إلا في الحدود وبالشروط التي نظمها القانون، وحظر المشرع اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا القانون في 12/ 8/ 1983 حيازة أي أثر، ومنح الهيئة الحق في إخلاء المواقع الأثرية أو أي أرض أو بناء ذي قيمة تاريخية من شاغليها سواء كانوا من الأفراد أو الهيئات، كلما كانت هناك ضرورة لذلك ومقابل تعويض عادل، وخول رئيس مجلس إدارة الهيئة - التي حل محلها المجلس الأعلى للآثار وصار وزير الثقافة رئيسًا لمجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار - ودون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء سلطة إزالة أي تعد على موقع أثري أو عقار أثري بالطريق الإداري - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 26/ 3/ 1997 أودعت الأستاذة/ أمال فؤاد البياض - المحامية المقبولة للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفتها نائبة عن السيد/ وزير الثقافة - بصفته رئيس المجلس الأعلى للآثار - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم عاليه في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة "الدائرة ح" في الدعويين رقمي 1990 لسنة 49 ق، و4760 لسنة 50 ق. بجلسة 28/ 1/ 1997، والذي قضى بقبول الدعويين شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن - بصفته في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالته إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي أولاً: بصفة أصلية بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ثانيًا: واحتياطيًا وقبل الفصل في موضوع الطعن بإحالته إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لمعاينة موقع التعدي ووقوعه على الأرض الخاصة بمسجد السويدي الأثري المسجل أثر برقم 318 أثر، وأن العقار محل التعدي مغاير تمامًا لوقف سيدي الجلالي، مع حفظ كافة حقوق المجلس الأعلى للآثار، وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد جلسة 6/ 12/ 1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 9/ 4/ 2000، ثم تداولت نظره حتى أصدرت بجلسة 4/ 7/ 2001 حكمًا تمهيديًا قضى بندب مكتب خبراء وزارة العدل "جنوب القاهرة" ليندب بدوره أحد خبرائه المتخصصين، تكون مهمته الاطلاع على أوراق الطعن والانتقال إلى موقع النزاع لمعاينته وتحديد موقعه وتاريخ بنائه، وما إذا كان على أرض أثرية أو مجاورًا لها مع إخطار المطعون ضده، وبهذه الجلسة قدم الحاضر عن المطعون ضده مذكرة بدفاعه صمم فيها - ولما ورد بها من أسباب - على الحكم برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وبالجلسة ذاتها قررت المحكمة حجز الطعن للحكم لجلسة 23/ 5/ 2005، وصرحت بالاطلاع والرد على المذكرة المقدمة وذلك خلال أربعة أسابيع، وخلال هذا الأجل.
وبتاريخ 9/ 12/ 2004 قدم المجلس الأعلى للآثار مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
حيث إن الطاعن بصفته يطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من سائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 1990 لسنة 49 ق. أمام محكمة القضاء الإداري "الدائرة ح"، طلب في ختام عريضتها الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من هيئة الآثار فيما تضمنه من إزالة التعدي الواقع منه على الحديقة الملحقة بمسجد السويدي، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي - شرحًا لدعواه - إنه بتاريخ 16/ 11/ 1994 فوجئ بإحدى موظفات هيئة الآثار المصرية بصحبة بعض رجال الشرطة يشرعون في تنفيذ قرار صادر عن هيئة الآثار بإخلاء عقار ملك المدعي وآخرين وإزالته باعتباره يمثل تعديًا واقعًا على أرض يدعي أنها أثر بحسبان أن المبنى تم بناؤه على الحديقة الملحقة بمسجد السويدي المقيد أثرًا، على حين أن هذا المبنى من العقارات ملك ورثة المرحوم/...... المدعي طبقًا لحجة الوقف رقم 502 لسنة 1171هـ، الأمر الذي يشكل معه هذا القرار انتهاكًا صريحًا للقانون وإجحافًا بحقوق المدعي وغيره من ورثة الواقف مشوبًا بعيب مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة، الأمر الذي حدا به إلى إقامة هذه الدعوى ناعيًا على القرار المطعون فيه عدم إعلانه بالقرار الطعين ورفض جهة الإدارة إطلاعه عليه، فضلاً عن أنه جاء معدومًا مجهلاً لعدم تعيين أو تحديد العقار محل التنفيذ، إذ أن العقار رقم 8 شارع السويدي ومعه عقارات أخرى تدخل جميعها ضمن وقف الأخير ..... الموقوف على السيدة/ ...... وذريتها من بعدها ومنهم المدعي وآخرون وذلك بموجب إشهاد الوقف رقم 502 لسنة 1171هـ وبذلك أصبحوا ملاكًا لأعيان هذا الوقف على النحو المنصوص عليه في القانون رقم 180 لسنة 1952، وأن الحديقة المقصودة بالقرار المطعون فيه تابعة للعقار رقم 8 شارع السويدي وهي تعد مدخلاً للعقار كما تعد المنفذ الوحيد للوصول إلى ضريح ...... الوارد في حجة الوقف وبالتالي فهي ليست تابعة أو ملحقة بالمسجد الأثري، إذ إن موقع الوقف كما بينته الحجة يقع ما بين مسجد السويدي الأثري وريع علي كتخدا، وأنه يقع بين المسجد المذكور والعقار محل القرار المطعون فيه عقاران آخران مما لا يعقل معه أن يكون جزءًا تابعًا للمسجد، فضلاً عن أن العقار الذي يتعلق به القرار المطعون فيه وهو رقم 8 شارع السويدي تمت إزالته وإقامة هذا العقار على أرضه وذلك منذ ما يزيد على أربعين عامًا ويقوم المدعي بسداد الضرائب العقارية عنه وهو مكون من أربعة أدوار ولو كانت الحديقة المزعوم أنها أثر لما تمكن من البناء عليها بالمخالفة للمادة (20) من القانون رقم 117 لسنة 1983 الخاص بحماية الآثار، كما أنه لو كان عقار المنازعة أثرًا حسب زعم الجهة الإدارية - لاتخذت ضده الإجراءات القانونية المنصوص عليها قانونًا. أضف لما تقدم فقد قامت وزارة الأوقاف بالتنازل عن النظارة على أعيان الوقف سالف الذكر إلى المرحوم/ ..... باعتباره أحد ورثة الواقف المستحقين في هذا الوقف بمقتضى الحكم الصادر بالدعوى رقم 645 لسنة 1954 الأمر الذي يقطع بامتلاكه هو وآخرون لعقار النزاع ملكية خاصة لا يجوز الادعاء بما يخالفها.
كما سبق أن فرضت الحراسة القضائية على أعيان هذا الوقف بسبب الخلاف بين ورثة الواقف، وتم تعيين مورثة المرحوم/...... حارسًا قضائيًا عليهما بمقتضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 7359 لسنة 1974 مستعجل القاهرة، الأمر الذي يقطع بأن هذه العقارات ومنها عقار النزاع من أعيان الوقف سالف الذكر، ولا يمكن اعتبارًا هذا العقار أموالاً عامة آثار لعدم اتخاذ الإجراءات القانونية التي نصت عليها المادة (6) من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار لإصباغ صفة المال العام عليه، وبناءً على ما تقدم خلص المدعي إلى طلباته المرفوعة بها دعواه سالفة الذكر.
وبتاريخ 26/ 1/ 1995، أقام المدعي (المطعون ضده) الدعوى رقم 633/ 1995 مستعجل القاهرة بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة طالبًا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ إجراءات الهدم التي تقوم بها هيئة الآثار للعقار رقم 8 شارع السويدي من شارع القبوة مصر القديمة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وحيث تدوول نظرها أمام هذه المحكمة، وبجلستها المنعقدة بتاريخ 18/ 1/ 1996 قضت بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص لنظرها بجلسة 29/ 6/ 1996 مع إبقاء الفصل في المصروفات.
ونفاذًا لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة لتقيد بجدولها بالرقم 4760/ 50 ق. وتدوول نظرها أمام المحكمة بجلسات المرافعة على النحو الثابت بالمحاضر.
وبجلسة 21/ 1/ 1997 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 4760/ 50 ق. إلى الدعوى رقم 1990/ 49 ق. وبجلسة 28/ 1/ 1997، أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بقبول الدعويين شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة حكمها الطعين على أساس توافر ركن الجدية والاستعجال المتطلبين للقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وعن ركن الجدية استعرضت المحكمة المواد (4)، (5)، (6)، (8)، (15)، (17)، (29) من القانون رقم 117 لسنة 1983 في شأن حماية الآثار، وكذا قرار رئيس الجمهورية رقم 82 لسنة 1994 بإنشاء المجلس الأعلى للآثار، لتخلص إلى أن المستفاد من هذه النصوص، أن المشرع في مجال الاهتمام بالآثار المصرية والعمل على حمايتها اعتبر جميع المباني المسجلة بمقتضى قرارات أوامر سابقة كأثر من المباني الأثرية. وأوجب على كل من يشغل بناءً تاريخيًا أو موقعًا أثريًا أن يحافظ عليه من التلف، وناط بهيئة الآثار المصرية "المجلس الأعلى للآثار حاليًا" وحدها دون سواها الإشراف على جميع ما يتعلق بشئون الآثار في متاحفها ومخازنها وفي المواقع والمناطق الأثرية والتاريخية ولو عثر عليها بطريق المصادفة واعتبر المشرع جميع الآثار من الأموال العامة عدا ما كان وقفًا، بما لا يسوغ بعد حيازتها أو تملكها أو التصرف فيها إلا في الحدود وبالشروط التي نظمها القانون. وحظر المشرع اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا القانون في 12/ 8/ 1983 حيازة أي أثر، ومنح الهيئة الحق في إخلاء المواقع الأثرية أو أي أرض أو بناء ذي قيمة تاريخية من شاغليها سواء كانوا من الأفراد أو الهيئات كلما كانت هناك ضرورة لذلك ومقابل تعويض عادل.
وخوَّل رئيس مجلس إدارة الهيئة بناءً على قرار من اللجنة الدائمة للآثار ودون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء سلطة إزالة أي تعدٍ على موقع أثري أو عقار أثري بالطريق الإداري، على أن تتولى هيئة الآثار الحفاظ على الآثار والمتاحف والمخازن والمواقع الأثرية والمباني التاريخية وحراستها عن طريق شرطة الآثار والحراس الخصوصيين المعتمدين فيها، وأنه بصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 82 لسنة 1994 المشار إليه ألغيت هيئة الآثار المصرية وحل محلها المجلس الأعلى للآثار باعتباره هيئة عامة قومية وصار وزير الثقافة رئيسًا لمجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار بمقتضى المادة الرابعة من ذات القرار وله كافة سلطاته وصلاحياته الواردة بالقانون رقم 171 لسنة 1983 المشار إليها فإن كان البادي من الأوراق أن القرار الطعين صادر من الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية بجلسته المنعقدة في 22/ 6/ 1994 بإزالة ما يعتقد أنه تعد واقع من المدعي على حدود مسجد حسن السويدي الأثري الكائن بشارع السويدي قسم شرطة مصر القديمة، وذلك بأنه مبنى مكون من ثلاثة طوابق كان يستعمل مدرسة ابتدائية والآن مغلق.
وذلك دون تفويض من وزير الثقافة الذي أصبح رئيسًا لمجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 82 لسنة 1994 سالف الإشارة وله اختصاصات رئيس مجلس إدارة الهيئة المنصوص عليها بالقانون رقم 117 لسنة 1983 في شأن حماية الآثار.
هذا فضلاً عن أن المبنى محل النزاع لم يرد ضمن القرار الوزاري رقم 10357 لسنة 1951 بشأن تسجيل مسجد السويدي ضمن الآثار الإسلامية تحت رقم 318 الذي ارتكنت إليه الهيئة في إصدار قرارها الطعين، ولم يتقرر اعتباره أثرًا بأي إدارة قانونية في تاريخ لاحق، ولم يتقرر كذلك ترتيب حق ارتفاق عليه كما لم يتقرر للمدعي أي تعويض مع أنه يضع يده على هذا العقار موقع النزاع باعتباره مالكًا له بمقتضى حجة الوقف رقم 502 لسنة 1171هـ وباعتباره أحد ورثة مستحقي الوقف حسبما يتضح من حكم الحراسة رقم 7359 لسنة 1974 مستعجل القاهرة الصادر لصالح مورث المدعي والذي لم تقدم فيه الجهة الإدارية، فمن ثم يغدو القرار الطعين بحسب الظاهر بالأوراق صادرًا عن سلطة غير مختصة منطويًا على مساس بالملكية الخاصة في غير الأحوال التي رسمها القانون مما يصمه بمخالفة القانون ويجعله مرجح الإلغاء عند نظر الموضوع، الأمر الذي يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه.
فإن كان قد توافر لهذا الطلب ركن الاستعجال لما في تنفيذه من طرد للمدعي من مسكنه في ظل أزمة إسكان طاحنة وتشريده هو وأسرته وغيرهم بالعراء سيما أن في ذلك مساسًا بملكيته الخاصة التي كفلها الدستور وهو ما يترتب عليه أضرار متعذرة التدارك، فمن ثم - والحال هذه - وقد توافر لطلب وقف تنفيذه هذا القرار ركناه، فيتعين القضاء به وبناءً عليه خلصت المحكمة إلى قضائها سالف الذكر، ولما كان هذا القضاء لم يلقَ قبولاً لدى الطاعن، فقد أقام طعنه الماثل تأسيسًا على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وذلك على التفصيل الآتي:
أولاً: القرار المطعون فيه صادر من الجهة المختصة بإصداره، وهو السيد أمين عام المجلس الأعلى للآثار وذلك بموجب التفويض الممنوح له بالقرار الوزاري رقم 76/ 1994 وقرار وزير الثقافة الرئيس للمجلس الأعلى للآثار رقم 88/ 1994 الذي نص على تفويض أمين عام المجلس الأعلى للآثار في تمثيل رئيس مجلس إدارة المجلس أمام القضاء وفي صلاته بالغير بناءً على "م / 8/ 5" من القرار الجمهوري رقم 82/ 1994 الذي نص على منصب أمين عام المجلس والذي يتولى مباشرة الاختصاصات التي يعهد بها إليه المجلس أو رئيسه ومن ثم يكون القرار الطعين صادرًا عن مختص.
ثانيًا: المبنى محل المنازعة يمثل تعديًا قائمًا على حديقة مسجد السويدي الأثري المسجل ضمن الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة تحت رقم 318 أثرًا بموجب قرار وزير المعارف العمومية رقم 10357/ 1951 والحرم المخصص لهذا المسجد الأثري بحيث تعتبر هذه الحديقة جزءًا لا يتجزأ من هذا المسجد الأثري وتعتبر من ملحقاته، ومن ثم تعد الحديقة أرضًا أثرية من ملحقات ومكملات المسجد تخضع لحكم المادة (17) من القانون رقم 215 لسنة 1951 في شأن حماية الآثار الذي صدر في ظله قرار تسجيل هذا الأثر.
حيث قررت مادته الأولى على أن يترتب على تسجيل الأثر العقاري عدم جواز هدمه أو نقله أو تجديده أو ترميمه أو تغييره بغير ترخيص من وزير المعارف، وللمصلحة المختصة مباشرة ما تراه لازمًا من أعمال الصيانة في أي وقت على نفقتها.
ولا يجوز ترتيب أي حقوق ارتفاق تعاقدية على هذا العقار، كما لا يجوز اكتساب أي حق عليه بالتقادم فضلاً عن عدم جواز نزع ملكية الأراضي أو العقارات التي بها أثر للمنفعة العامة إلا بعد موافقة وزير المعارف العمومية وهي ذات الأحكام التي رتبها القانون على حال تسجيل الأثر العقاري وإعلان المالك بذلك بحيث إنه إن أجرى صاحب الشأن أي عمل من الأعمال بغير ترخيص، كان للهيئة إعادة الحال إلى ما كانت عليه وذلك على نفقة المخالف مع عدم الإخلال بالحق في التعويض وعدم الإخلال بالعقوبات المقررة قانونًا.
فإن كان المطعون ضده قام بالبناء على حديقة مسجد السويدي الأثري المسجل برقم 318 أثرًا بدون موافقة وزير المعارف "الثقافة" وبدون موافقة اللجنة المنصوص عليها قانونًا وتحت إشراف مصلحة الآثار وهيئة الآثار، فمن ثم يعد متعديًا مما يستوجب إزالة المبنى، هذا علاوة على تجاوزه الحرم المخصص لهذا الأثر وهو بمساحة 2.5م2 من جميع النواحي، والبين من واقع الخريطة المساحية أن هذه الحديقة محل التداعي تقع خلف العقارين 6، 8 المشار إليهما في الملف، حيث قام المطعون ضده بإغلاق فتحة الباب المؤدي لهذه الحديقة ولضريح سيدي محمد الجلالي الذي يقع هو الآخر داخل حدود حرم المسجد الأثري، بحيث يكون المطعون ضده بهذا الخصوص هو المتحكم الآن في الباب الذي يربط المسجد بحديقته المقام عليها التعدي، وهذا الباب يعد المدخل الوحيد الذي يصل المسجد بالواجهة الجنوبية الغربية من الخارج وبغلقه يصبح من المتعذر بل من المستحيل الوصول لهذه الواجهة للقيام بأعمال الترميم الخاصة بالمسجد أو حتى المرور.
والحق أن أسرة المطعون ضده لها تاريخ طويل في التعدي على سبيل وكتاب مسجد السويدي الأثري؛ حيث سبق لهيئة الآثار إصدار القرار رقم 1003 في 3/ 9/ 1989 بإزالة التعدي الواقع منهم على السبيل المذكور.
وهذا التعدي ثابت بواقع الكشف المستخرج من سجلات مصلحة الضرائب العقارية الذي يبين منه أن الملك رقم 6 شارع السويدي مكلف باسم وقف...... نظارة..... وهو عبارة عن منزل واجهة مشرفة حده القبلي الملك رقم 4 وحده البحري الملك رقم 8 مكون من ثلاثة أدوار ومنزل متخرب وأرض فضاء، وبجرد 1965 استجد بالأرض الفضاء منزل بواجهة شرقية عبارة عن دور أرضي فقط وحوش سماوي به وخاصة واستجد بالملك غرف بالدور الأرضي واستجد دوران ثان وثالث، بكل وحدة غرفتان وكلها مستغلة مدرسة ابتدائية، فإذا كان المطعون ضده قد أقام البناء على حديقة مسجد السويدي الأثري دون موافقة الجهات المختصة طبقًا لأحكام القانون رقم 215 لسنة 1951 الذي يعتبر التعدي واجب الإزالة وهو المقرر بحق القانون رقم 117 لسنة 1983 الذي وفق مقتضاه ناط بالمجلس الأعلى للآثار سلطة الإشراف على جميع ما يتعلق بشئون الآثار في متاحفها ومخازنها والمواقع والمناطق الأثرية والتاريخية فإن كان التعدي واقعًا على حديقة مسجد السويدي الأثري وهو ضمن الأوقاف الخيرية المعتبرة أموالاً عامًا، فمن ثم يعتبر إزالة التعدي حقًا مشروعًا قانونًا للمجلس الأعلى للآثار حسبما تقضي به المواد (21)، (22) من قانون الآثار رقم 117 لسنة 1983م.
ثالثًا: المبنى محل الحكم الطعين ليس هو العقار رقم 6 أو العقار رقم 8 بشارع السويدي وإنما هو تعد مقام على الحديقة الخاصة بمسجد السويدي الأثري، وحيث إن ما قام على باطل فهو باطل، فإن المطعون ضده لا يستحق تعويضًا عن الإزالة لتعديه وهو أمر مكفول للمجلس الأعلى للآثار.
وإن كان الثابت من واقع الأوراق أن محل إقامة المطعون ضده هو العقار رقم 6 شارع السويدي فإن هذا يدحض ما ورد بالحكم من قيام حال الاستعجال لأنه لن يترتب على تنفيذ القرار أي نتائج يتعذر التدارك من تلك التي عددها الحكم وهي تشريد المطعون ضده وأسرته.
ومن كل هذا يتأكد مشروعية القرار الطعين وقيامه مؤسسًا على أسبابه الصحيحة.
وبناءً عليه خلص الطاعن إلى طلباته سالفة الذكر الواردة بتقرير الطعن.
ومن حيث إن قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 ينص على أن "يعتبر أثرًا كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ والعصور التاريخية حتى ما قبل مائة عام متى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنة المعاصرة لها".
وتنص المادة (3) من القانون سالف الذكر على أنه "يجوز بقرار من رئيس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة أن يعتبر أي عقار أو منقول ذا قيمة تاريخية أو علمية أو دينية أو فنية أو أدبية أثرًا متى كانت للدولة مصلحة قومية في حفظه وصيانته وذلك دون التقيد بالحد الزمني الوارد بالمادة السابقة، ويتم تسجيله وفقًا لأحكام هذا القانون".
وتنص المادة (4) من ذات القانون على أن "تعتبر مباني أثرية المباني التي اعتبرت كذلك وسجلت بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة .....".
وتنص المادة (6) من القانون سالف الذكر على أن "تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة - عدا ما كان وقفًا - ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات المنفذة له".
وتنص المادة (12) من القانون المشار إليه على أن "يتم تسجيل الأثر بقرار من الوزير المختص بشئون الثقافة بناءً على اقتراح مجلس إدارة الهيئة ويعلن القرار الصادر بتسجيل الأثر العقاري إلى مالكه أو المكلف باسمه بالطريق الإداري، وينشر في الوقائع المصرية ويؤشر بذلك على هامش تسجيل العقار في الشهر العقاري".
وتنص المادة (17) من القانون ذاته على أنه "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون أو غيره من القوانين يجوز لرئيس مجلس إدارة الهيئة بناءً على قرار من اللجنة الدائمة للآثار ودون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء أن يقرر إزالة أي تعد على موقع أثري أو عقار أثري بالطريق الإداري، وتتولى شرطة الآثار المختصة تنفيذ قرار الإزالة، ويلزم المخالف بإعادة الوضع إلى ما كان عليه وإلا جاز للهيئة أن تقوم بتنفيذ ذلك على نفقته".
وتنص المادة (20) من ذات القانون على أن "لا يجوز منح رخص للبناء في الموقع أو الأراضي الأثرية ويحظر على الغير إقامة منشآت أو مدافن أو سق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة فيها أو في المنافع العامة للآثار أو الأراضي الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة".
كما لا يجوز غرس أشجار بها أو قطعها أو رفع أنقاض منها أو أخذ أتربة أو أسمدة أو رمال أو إجراء غير ذلك من الأعمال التي يترتب عليها تغيير في معالم هذه المواقع والأراضي إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها، ويسري حكم الفقرة السابقة على الأراضي المتاخمة التي تقع خارج نطاق المواقع المشار إليها في الفقرة السابقة التي تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلو مترات في المناطق المأهولة أو لمسافة تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر في غيرها من المناطق.
وتنص المادة (22) من القانون ذاته على أنه "للجهة المختصة - بعد أخذ موافقة الهيئة - الترخيص بالبناء في الأماكن المتاخمة للمواقع الأثرية داخل المناطق المأهولة.
وعلى الجهة المختصة أن تضمن الترخيص الشروط التي ترى الهيئة أنها تكفل إقامة المبنى على وجه ملائم لا يطغى على الأثر أو يفسد مظهره ويضمن له حرمًا مناسبًا مع مراعاة المحيط الأثري والتاريخي والمواصفات التي تضمن حمايته، وعلى الهيئة أن تبدي رأيها في طلب الترخيص خلال ستين يومًا من تاريخ تقديمه إليها وإلا اعتبر فوات هذه المدة قرارًا بالرفض".
ومن حيث إنه يستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرع حدد المنقولات والعقارات التي تعتبر أثرًا واعتبر منها المباني التي اعتبرت كذلك وسجلت بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بالقانون رقم 117 لسنة 1983، واعتبر المشرع أن هيئة الآثار المصرية ومن بعدها المجلس الأعلى للآثار بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 82 لسنة 1994 هي المختصة بالإشراف على ما يتعلق بشئون الآثار في متاحفها ومخازنها وفي المواقع والمناطق الأثرية والتاريخية واعتبر المشرع جميع الآثار من الأموال العامة - عدا ما كان منها وقفًا - وبسط المشرع على تلك الأموال حمايته باعتبارها من الآثار وذلك بأن حظر تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في القانون رقم 215 لسنة 1951 لحماية الآثار الملغي ومن بعده رقم 117 لسنة 1983 بقانون حماية الآثار والقرارات المنفذة لهما، وقضى المشرع بأن يتم تسجيل الأثر بقرار من الوزير المختص بشئون الثقافة بناءً على اقتراح مجلس إدارة الهيئة المصرية للآثار. ومن أوجه حماية المشرع للآثار، فقد حظر على الجهات الإدارية المختصة منح رخص للبناء في المواقع أو الأراضي الأثرية، كما حظر إقامة أية منشآت في تلك المواقع والأراضي أو في المنافع العامة للآثار والمواقع والأراضي التي اعتبرت حرمًا لها وكذا الأراضي الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة لتلك المواقع والأراضي الأثرية، وعلاوة على ما تقدم فقد حظر المشرع البناء في الأماكن المتاخمة للمواقع الأثرية داخل المناطق المأهولة بالسكان إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك بعد موافقة الهيئة العامة للآثار المصرية، على أن تُضمن الجهة المختصة بشئون التنظيم ذلك الترخيص الشروط التي تراها الهيئة سالفة الذكر أنها تكفل إقامة المباني على وجه ملائم بحيث لا يطغى على الأثر أو يفسد مظهره ويترك له حرمًا مناسبًا، وإلزام المشرع الهيئة العامة للآثار المصرية أن تبدي رأيها في طلب الترخيص للبناء في الأماكن المتاخمة للمواقع الأثرية داخل المناطق المأهولة بالسكان خلال ستين يومًا من تاريخ تقديمه إليها، وفي حالة فوات هذا الميعاد دون موافقة من الهيئة يعد بمثابة قرار برفض هذا الطلب.
وينبغي على ذلك أنه إذا ما قام صاحب الشأن بالبناء في الأماكن المتاخمة للمواقع الأثرية داخل المناطق المأهولة بالسكان دون الحصول على موافقة الهيئة المذكورة أو دون الحصول على ترخيص بالبناء في تلك المناطق متضمنًا موافقة تلك الهيئة أو بالمخالفة للشروط التي وضعتها للبناء في هذه المناطق فإن هذا البناء يكون مقامًا بالتعدي على حرم الأثر؛ وبالتالي يحق لوزير الثقافة بصفته رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية، ومن بعده وزير الثقافة بصفته رئيس المجلس الأعلى للآثار المصرية المنشأ بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 82 لسنة 1994 المعمول به اعتبارًا من 11/ 3/ 1994، ودون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء، أن يصدر قرارًا بإزالة هذا التعدي بالطريق الإداري.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مسجد السويدي والحديقة الملحقة به الكائن بشارع السويدي قسم شرطة مصر القديمة محافظة القاهرة مسجل أثرًا ضمن الآثار الإسلامية 318 بموجب قرار وزير المعارف العمومية رقم 10357 لسنة 1951 المنشور في الوقائع المصرية بالعدد 115 بتاريخ 17/ 12/ 1951 وأن لهذا المسجد حرمًا قدره 2.5 متر؛ وبذلك فإن هذا المسجد والحديقة الملحقة به والحرم الخاص به تعتبر عقارات أثرية عملاً بحكم المواد (4)، (2)، (1) ويبين من تقرير الخبير المودع في الطعن والذي انتدبته المحكمة والذي تتخذه المحكمة سندًا لحكمها أن المطعون ضده يملك قطعة الأرض رقم 6 المتاخمة لهذا الأثر، وأنه قام بإنشاء مبنى مكون من ثلاثة أدوار متعديًا على حرم المسجد الأثري سالف الذكر، وبذلك يكون هذا المبنى بحالته الراهنة يشكل مخالفة لحكم المادتين (20)، (22) من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 التي تحظر على ملاك العقارات المتاخمة للمواقع الأثرية في المناطق المأهولة بالسكان القيام بأي عمل من أعمال البناء إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة بعد موافقة هيئة الآثار المصرية ومن بعدها المجلس الأعلى للآثار، وبناءً على ذلك أصدر الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار القرار رقم 2764 لسنة 1994 متضمنًا إزالة هذا التعدي "القرار المطعون فيه" استنادًا إلى موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية بجلستها المنعقدة بتاريخ 23/ 6/ 1994 واستنادًا إلى التفويض الصادر إليه من وزير الثقافة باعتباره رئيس المجلس الأعلى للآثار بالقرارين رقمي "76 لسنة 1994، و88 لسنة 1994"، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر - بحسب الظاهر من الأوراق - مطابقًا للقانون غير مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب إلغائه الأمر الذي ينفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه مما يتعين معه الحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار سالف الذكر وذلك دون حاجة لاستظهار ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بغير ذلك فإنه يكون قد صدر مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المطعون ضده يكون بذلك قد خسر الطعن، فمن ثم حق إلزامه مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات.

الطعن 4823 لسنة 47 ق جلسة 19 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 89 ص 615

(89)
جلسة 19 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وحسن سلامة أحمد محمود, وأحمد عبد الحميد حسن عبود, ومحمد أحمد محمود محمد. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

---------------

الطعن رقم 4823 لسنة 47 قضائية. عليا:

فوائد قانونية - لا مجال لتطبيقها في إطار علاقة الحكومة بموظفيها.
إن المادة (226) من القانون المدني - التي تقضي بإلزام المدين بدفع فوائد قانونية بواقع 4% على المبالغ التي يتأخر في الوفاء بها للدائن إذا كان المبلغ محل الالتزام معلوم المقدار وقت الطلب - قد وضعت لتحكم في الأصل الروابط العقدية المدنية، وأنه ليس ثمة ما يمنع من تطبيقها في نطاق الروابط العقدية الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الالتزامات إلا أنه لا وجه لتطبيقها في علاقة الحكومة بموظفيها - أساس ذلك: أن هذه العلاقة قانونية نظامية تحكمها القوانين واللوائح وأن القضاء الإداري ليس ملزمًا بتطبيق النصوص المدنية على روابط القانون العام إلا إذا وجد نص يقضي بذلك أو رأى أن تطبيقها يتلاءم مع طبيعة تلك الروابط، وليس مما يتلاءم مع طبيعة هذه الروابط إلزام الموظف بفوائد عن مبالغ صرفت له بداءة على أنها مرتب مستحق له قانونًا ثم تبين عدم أحقيته فيها فالتزم بردها وتأخر في هذا الرد وذلك أخذًا في الاعتبار ما جرى عليه القضاء الإداري بالمقابلة لذلك من عدم التزام الحكومة بفوائد مبالغ المرتبات والبدلات التي يحكم بها قضائيًا بالتطبيق لأحكام القوانين واللوائح متى تأخرت الجهة الإدارية في صرفها لمن يستحق من العاملين - تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 17 من فبراير سنة 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن - قيد برقم 4823 لسنة 47 قضائية عليا - في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام جهة الإدارة برد المبالغ التي سبق تحصيلها من المدعي طبقًا لأحكام القانون رقم 229 لسنة 1989 المشار إليه عن الفترة من عام 1991 حتى عام 1994 مضافًا إليها فوائد تأخيرية بواقع 4% اعتبارًا من 27/ 9/ 1994 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى الأصلية بشأن هذا الطلب وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 4/ 2003 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/ 7/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى - موضوع لنظره بجلسة 16/ 10/ 2004.
ونظرت المحكمة الطعن بالجلسة المذكورة ثم بجلسة 4/ 12/ 2004 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 19/ 2/ 2005 وصرحت بتقديم مذكرات في شهر، ومضى هذا الأجل دون أن يقدم أي من الطرفين شيئًا.
وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 27/ 9/ 1994 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 4790 لسنة 22 ق أمام المحكمة الإدارية بطنطا، طالبًا الحكم بإلزام الجهة الإدارية برد مبلغ 892.70 جنيهًا مصريًا إليه وفوائده القانونية بنسبة 4% من تاريخ رفع الدعوى مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزامها بالمصروفات، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بعريضة الدعوى.
وبجلسة 14/ 6/ 1997 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمدينة طنطا للاختصاص مع إبقاء الفصل في المصروفات، فوردت الدعوى إلى تلك المحكمة وقيدت بجدولها العام برقم 5737 لسنة 4 ق، ثم أُحيلت إلى دائرة القضاء الإداري بالمنوفية للاختصاص المحلي، وقيدت بجدولها العام برقم 3592 لسنة 1 ق.
وبجلسة 19/ 12/ 2000 أصدرت هذه الأخيرة حكمها المطعون فيه بإلزام الجهة الإدارية برد المبلغ المطالب به وفوائده القانونية بواقع 4% اعتبارًا من تاريخ رفع الدعوى في 27/ 9/ 1994، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة المدعى عليها قامت بتحصيل مبالغ مالية من المدعي كضريبة على مرتبات العاملين بالخارج تنفيذًا لأحكام القانون رقم 229 لسنة 1989 ولائحته التنفيذية بلغ مقدارها 892.70 جنيهًا مصريًا عن الفترة من عام 1991 حتى عام 1994، ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في الدعوى رقم 43 لسنة 13 قضائية بجلسة 23/ 12/ 1993 بعدم دستورية هذا القانون، وهو ما ينسحب على جميع الوقائع والعلاقات السابقة على الحكم بعدم الدستورية باعتباره حكمًا كاشفًا، ومن ثم فإن تحصيل المبالغ المشار إليها كضريبة على مرتب المدعي باعتباره من العاملين المصريين بالخارج يضحى على غير سند مما يتعين معه القضاء بإلزام جهة الإدارة برد هذه المبالغ إلى المدعي وكذلك الفوائد التأخيرية بواقع 4% من تاريخ رفع الدعوى طبقًا لأحكام المادة (226) من القانون المدني، باعتبار أن هذه الأحكام من الأصول العامة في الالتزامات وتسري على الروابط الإدارية أيًا كان مصدرها.
إلا أن الحكم المذكور لم يلق قبولاً من الجهة الإدارية المدعى عليها فأقامت طعنها الماثل تنعي فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن جهة الإدارة لا شأن لها بما يشوب القانون من عيب عدم الدستورية، لأن اختصاصها مقيد بتنفيذ القانون، وإذا ما قضى بعدم دستورية نص فإنها تمتنع عن تطبيقه فور نشر الحكم القاضي بعدم دستوريته، وبالتالي لا يجوز إلزامها بدفع فوائد قانونية لمجرد التأخير في رد المبالغ المحصلة، وحسب العامل استرداد ما دفعه كضريبة طبقًا للقانون رقم 229 لسنة 1989 المقضي بعدم دستوريته، حيث إن هذه الفوائد تدفع كتعويض من المدين إلى الدائن وخير تعويض هو استرداد العامل للمبالغ المحصلة منه ولا يستحق أكثر من ذلك، وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه لا وجه لتطبيق المادة (226) من القانون المدني على روابط القانون العام ومنها علاقة الموظف بجهة عمله.
ومن حيث إن البين من أسباب الطعن ودفاع الجهة الإدارية الطاعنة، أن النعي على الحكم الطعين، ينصب على ما قضى به من استحقاق المطعون ضده للفوائد القانونية عن المبلغ محل الدعوى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المادة (226) من القانون المدني - التي تقضي بإلزام المدين بدفع فوائد قانونية بواقع 4% على المبالغ التي يتأخر في الوفاء بها للدائن إذا كان المبلغ محل الالتزام معلوم المقدار وقت الطلب - قد وضعت لتحكم في الأصل الروابط العقدية المدنية، وأنه ليس ثمة ما يمنع من تطبيقها في نطاق الروابط العقدية الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الالتزامات إلا أنه لا وجه لتطبيقها في علاقة الحكومة بموظفيها إذ إنها علاقة قانونية نظامية تحكمها القوانين واللوائح وأن القضاء الإداري ليس ملزمًا بتطبيق النصوص المدنية على روابط القانون العام إلا إذا وجد نص يقضي بذلك أو رأى أن تطبيقها يتلاءم مع طبيعة تلك الروابط وليس ما يتلاءم مع طبيعة هذه الروابط إلزام الموظف بفوائد عن مبالغ صرفت له بداءة على أنها مرتب مستحق له قانونًا ثم تبين عدم أحقيته فيها فالتزم بردها وتأخر في هذا الرد وذلك أخذاً في الاعتبار ما جرى عليه القضاء الإداري بالمقابلة لذلك من عدم التزام الحكومة بفوائد مبالغ المرتبات والبدلات التي يحكم بها قضائيًا بالتطبيق لأحكام القوانين واللوائح متى تأخرت الجهة الإدارية في صرفها لمن يستحقها من العاملين.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ذلك، فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من فوائد قانونية للمطعون ضده عن المبالغ التي قام بسدادها كضريبة على مرتبات العاملين بالخارج استناداً إلى أحكام المادة (226) من القانون المدني، يكون والحالة هذه قد جاء مخالفًا لصحيح حكم القانون، وهو ما تقضي معه المحكمة بتعديل الحكم وذلك بحذف عبارة "مضافًا إليها فوائد تأخيرية بواقع 4% (أربعة في المائة) اعتبارًا من 27/ 9/ 1994" من منطوقه وما يتصل بها من أسباب.
ولا يغير من ذلك أن يكون أصل المبالغ المقضي بها للمطعون ضده، دفعت كضريبة على مرتبه عن العمل بالخارج وليس بالداخل، إذ إنها في الحالتين تدور في تلك العلاقة التنظيمية التي تربطه بجهة الإدارة، ولولا هذه العلاقة ما حصلت منه تلك الضريبة.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام جهة الإدارة برد المبالغ التي سبق تحصيلها من المدعي طبقًا لأحكام القانون رقم 229 لسنة 1989 المشار إليه عن الفترة من عام 1991 حتى عام 1994 وألزمت المطعون ضده المصروفات.

الطعن 11961 لسنة 46 ق جلسة 19 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 88 ص 610

(88)
جلسة 19 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم, وحسن سلامة أحمد محمود, وأحمد عبد الحميد حسن عبود نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

--------------

الطعن رقم 11961 لسنة 46 قضائية. عليا:

اختصاص - ما يخرج عن الاختصاص الولائي لمجلس الدولة - طلب التعويض عن قرارات لجنة القيد بنقابة المحامين.
المشرع أولى محكمة النقض ومحكمة استئناف القاهرة اختصاصًا عامًا وشاملاً بنظر الطعون التي حددها فيما يصدر من أجهزة نقابة المحامين ولجانها من قرارات يجوز الطعن فيها - مؤدى ذلك: القرارات التي تصدر من لجنة قيد المحامين بالجدول العام أو الجداول الأخرى سواء كانت برفض طلب القيد أو بإجابته أو قرار احتساب أو عدم احتساب مدة عمل كمدة نظيرة لمدة العمل بالمحاماة وكذا قرار نقل قيد المحامي إلى جدول غير المشتغلين تخرج عن الاختصاص الولائي المعقود لمحاكم مجلس الدولة - طلبات التعويض عن هذه القرارات تلحق بهذه القرارات من حيث الجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى - أساس ذلك:- عدم تقطيع أوصال المنازعة وباعتبار أن الجهة التي تفصل في مدى مشروعية القرار هي الأقدر على تقدير التعويض عنه من عدمه - الأخذ بغير ذلك يؤدي إلى فقدان التجانس بين أحكام التشريع الواحد ويكون مدعاة للتناقض في الأحكام – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 19/ 9/ 2000 أودع الأستاذ صبري عبد الصادق على, المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1196/ 46 ق. ع في الحكم المشار إليه والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعًا وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وموضوعًا بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي إليه مبلغًا وقدره 100.000 مائة ألف جنيه) تعويضًا عما أصاب الطاعن من أضرار أدبية وصحية مع المصروفات والأتعاب, وقد جرى إعلان تقرير الطعن على ما هو موضح بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي للطاعن مبلغ التعويض الذي تقدره هيئة المحكمة عن الأضرار التي لحقت به من جراء إصدار نقابة المحامين لقرار إلغاء حساب مدة العمل النظير بتاريخ 4/ 3/ 1987 وقرار نقل الطاعن إلى جدول غير المشتغلين اعتبارًا من 15/ 8/ 1988, وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/ 3/ 2004, وبجلسة 4/ 7/ 2004 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلساتها حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 30/ 9/ 1997 طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي إليه مبلغًا مقداره مائة ألف جنيه تعويضًا عما أصابه من أضرار مادية ومعنوية وصحية والمصروفات، وقال شرحًا للدعوى أنه يعمل بشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير وتدرج في الوظائف القانونية بها حتى رقي مديرًا لإدارة القضايا بالشركة وقيد بنقابة المحامين بالنقض في 22/ 6/ 1980 وتقدم بطلب للنقابة باعتبار المدة من 20/ 12/ 1966 حتى 31/ 7/ 1968 مدة عمل نظيرة فصدر قرار لجنة قبول المحامين باعتبار المدة من 4/ 8/ 1969 مدة نظيرة وقد طعن على قرار اللجنة أمام محكمة الاستئناف بالطعن رقم 10746/ 105 من الدائرة 47 مدني طبقًا لقانون المحاماة حيث قضت بجلسة 29/ 6/ 1993 ببطلان قرار لجنة القيد واعتباره كأن لم يكن وذلك بعد فوات الوقت للمنافسة على منصب مدير عام الشئون القانونية بالشركة وعين بوظيفة مدير عام شئون عاملين ثم أخطرت الشركة النقابة بقرار نقله من الإدارة القانونية حيث أصدرت لجنة القيد بالنقابة قرارًا بنقله إلى جدول غير المشتغلين بالمخالفة لنص المادة (14) من قانون المحاماة وقد طعن على هذا القرار أمام محكمة النقض الدائرة الجنائية فأصدرت حكمها في الطعن رقم 2354/ 1993 بإلغاء القرار المطعون فيه وبإعادة قيد اسمه بجدول المحامين المشتغلين اعتبارًا من 15/ 8/ 1988 وأن القرارين المطعون فيهما قد أصاباه بأضرار مادية وأدبية وصحية على النحو الوارد بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 28/ 5/ 2000 صدر الحكم المطعون فيه برفض الدعوى للأسباب الواردة بالحكم وتحيل إليه منعًا للتكرار.
ومن حيث إن مبنى الطعن عدم صلاحية الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لصدوره بناء على معلومات الهيئة الشخصية فضلاً عن القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وإهدار حق الدفاع على النحو الوارد تفصيلاً بتقرير الطعن وتحيل إليه.
ومن حيث إنه من المسلم به في الفقه والقضاء أن الاختصاص الولائي يعتبر من النظام العام، ويكون مطروحًا دائمًا على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضي فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعون المقدمة من طالب القيد في جداول نقابة المحامين على مختلف مستوياتها أمام المحاكم الابتدائية والاستئناف والنقض "الدائرة الجنائية" طبقًا لأحكام المواد (73) و(77) و(80) من القانون رقم 61 لسنة 1968 ولمحكمة استئناف القاهرة طبقًا لأحكام المادتين (33) و (36) من القانون رقم 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة وطبقًا للمادة (44) من القانون الأخير تختص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض بنظر الطعون في قرارات نقل قيد المحامي إلى جدول غير المشتغلين، ويبين من استقراء سائر أحكام ونصوص القانونين المذكورين، أن المشرع أولى محكمة النقض ومحكمة استئناف القاهرة اختصاصًا عامًا وشاملاً بنظر الطعون التي حددها فيما يصدر من أجهزة النقابة ولجانها من قرارات يجوز الطعن فيها، الأمر الذي مفاده أن القرارات التي تصدر من لجنة قيد المحامين بالجدول العام أو الجداول الأخرى سواء كانت برفض طلب القيد أو بإجابته أو قرار احتساب أو عدم احتساب مدة عمل كمدة نظيرة لمدة العمل بالمحاماة، وكذا قرار نقل قيد المحامي إلى جدول غير المشتغلين كل هذه القرارات تخرج عن الاختصاص الولائي المعقود لمحاكم مجلس الدولة، ولما كانت طلبات التعويض عن هذه القرارات تلحق بهذه القرارات من حيث الجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى وذلك لعدم تقطيع أوصال المنازعة وباعتبار أن الجهة التي تفصل في مدى مشروعية القرار هي الأقدر على تقدير التعويض عنه من عدمه وإلا أدى الأخذ بغير ذلك إلى فقدان التجانس بين أحكام التشريع الواحد وكان مدعاة للتناقض في الأحكام.
ومن حيث إنه إعمالاً لما تقدم، ولما كانت المنازعة الماثلة تدور حول تعويض الطاعن عن قرار لجنة القيد بنقابة المحامين بعدم احتساب مدة عمل نظيرة ومن ثم قيده بالجدول المناسب لمدة عمله بالمحاماة وقرار نقله للقيد بجدول غير المشتغلين، وقد سبق للطاعن أن طعن على القرار الأول أمام محكمة استئناف القاهرة، وعلى القرار الثاني أمام الدائرة الجنائية بمحكمة النقض على النحو السالف بيانه ومن ثم يخرج الفصل في طلب التعويض عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة وينعقد لمحكمة استئناف القاهرة عن القرار الأول وللدائرة الجنائية بمحكمة النقض عن القرار الثاني مما كان ينبغي على محكمة القضاء الإداري ألا تتصدى لنظر هذا الموضوع بحسبانه خارجًا عن ولايتها ويتعين بالتالي القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه لمخالفته للقانون والقضاء مجددًا بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمتي استئناف القاهرة والنقض لاختصاص كل منهما بنظر أحد الطلبين مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة ومحكمة النقض (الدائرة الجنائية) للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات.