الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 3 فبراير 2023

الطعن 19 لسنة 49 ق جلسة 24 / 11 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 أحوال شخصية ق 380 ص 2092

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الباجوري - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، محمود حسن رمضان، جلال الدين أنسي، واصل علاء الدين.

---------------

(380)
الطعن رقم 19 لسنة 49 القضائية "أحوال شخصية"

 (1)إثبات "البينة. الشهادة بالتسامع". أحوال شخصية.
الشهادة بالتسامع. جوازها في النسب استثناء. شروطها.
(2) حكم "حجية الحكم". خلف. إرث.
الحكم الصادر ضد المورث. حجيته على الوارث. شرطها. أن يكون الحق الذي يدعيه قد تلقاه عن المورث.
(3) وقف "النظر عليه". "وكالة ناظر الوقف عن المستحقين". وكالة. حكم "حجية الحكم".
الحكم الصادر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً له، ماساً باستحقاق مستحقين غير ماثلين في الخصومة. لا يعتبر حجة عليهم.

-------------
1 - إذ كان الأصل في الشهادة الإحاطة والتيقن، وكان فقهاء الحنفية وإن أجازوا الشهادة بالتسامع في مسائل منها ما هو بإجماع كالنسب، إلا أنهم لم يجيزوا للشاهد أن يشهد تسامعاً إلا إذا كان ما يشهد به أمراً متواتراً سمعه من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتواتر به الأخبار ويقع في قلبه صدقه أو يخبره به - بدون استشهاد - رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول فيصبح له نوع من العلم الميسر في حق المشهود به، وأن الشاهد إذا فسر للقاضي ردت شهادته ولا تقبل في جميع المواضع التي يجوز للشاهد أن يشهد فيها بالتسامع.
2 - إنه وإن كان الأصل أن تكون للحكم حجية الأمر المقضي قبل خلفاء كل من طرفيه، إلا أنه يتعين لمحاجة الوارث بالحكم الصادر ضد مورثه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحق الذي يدعيه قد تلقاه عن هذا المورث، فلا يكون الحكم الصادر في مواجهة المورث حجة على من يخلفه من وارث أو مشتر إذا استند هذا الخلف إلى سبب آخر غير التلقي من المورث.
3 - متى كان المقرر أن الحكم الصادر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف، ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة - لا يلزمهم ولا يعتبر حجة عليهم وكان المطعون عليهم عدا الأول لم يمثلوا بأشخاصهم في الدعوى المرفوعة ضد المطعون عليه الأول بصفته ناظراً على الوقف فإن الحكم الصادر فيها لا يكون حجة عليهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 274 لسنة 1975 أحوال "نفس" أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم ببطلان إعلام الوراثة الصادر من محكمة السيدة زينب بتاريخ 27 - 4 - 1965 في المادة رقم 587 لسنة 1964 وراثات، وقالت بياناً لها أن المرحومة......... مورثة المطعون عليهما الثاني والثالث "استصدرت إعلام الوراثة سالف الذكر بإثبات وفاة........ المستحق في وقف المرحومين....... وزوجته....... سنة 1981 وانحصار إرثه في زوجته....... وابنه منها...... ثم وفاة...... وانحصار إرثها في ابنها ثم وفاة الأخير سنة 1932 وانحصار إرثه في ابنه...... ثم وفاة...... وانحصار إرثه في بنتيه و...... ثم وفاة....... سنة 1958 وانحصار إرثها في ابنتها....... وشقيقتها....... "المطعون عليها الرابعة" في حين أن المرحومة....... توفيت عقيماً سنة 1911 على ما هو ثابت بالحكم الصادر من محكمة مصر الشرعية في الدعوى رقم 151 لسنة 24 - 1952، وآل استحقاقها في الوقف إلى.......، وإذ توفيت الأخيرة سنة 1952 وآل استحقاقها إليها فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد إجرائه قضت بتاريخ 1 - 5 - 1978 برفض الدعوى.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 115 لسنة 95 أحوال شخصية القاهرة وبتاريخ 22 - 1 - 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم لم يأخذ بشهادة شاهديها تأسيساً على أنهما لم يكونا بالغين وقت وفاة المشهود بوراثتها وأن شهادتهما سماعية ولم يتوافر فيها التواتر والاشتهار، في حين أنه يكفي شرعاً لقبول الشهادة أن يكون الشاهد بالغاً وقت أدائها ولو كان صبياً وقت حدوث الواقعة المشهود بها، وأن شهادة التسامع هي مما يقبل شرعاً كطريق من طرق الإثبات في دعاوى النسب هذا إلى أن الشاهدين وإن لم يذكرا تواتر ما شهدا به فقد كان يتعين على المحكمة إعمالاً لنص المادة 176 من لائحة المحاكم الشرعية سؤالهما عنه، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الأصل في الشهادة الإحاطة والتيقن وكان فقهاء الحنفية وإن أجازوا الشهادة بالتسامع في مسائل منها ما هو بإجماع كالنسب إلا أنهم لم يجيزوا للشاهد أن يشهد تسامعاً إلا إذا كان ما يشهد به أمراً متواتراً سمعه من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتواتر به الأخبار ويقع من قلبه صدقه، أو يخبره به - بدون استشهاد - رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول فيصبح له نوع من العلم الميسر في حق المشهود به، وأن الشاهد إذا فسر للقاضي ردت شهادته ولا تقبل في جميع المواضع التي يجوز للشاهد أن يشهد فيها بالتسامع. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن الشاهد الأول للطاعنة ذهب إلى أنه علم بوفاة المتوفاة عقيماً نقلاً عن والده، وأن الثاني أسند علمه بذلك إلى أنه كان يشاهدها من صغره تقيم بمنزل.......، وكان تحديد أولهما مصدر تسامع ما شهد به بهذا النحو - لا يتوافر به التواتر الذي لا يصح بغيره شرعاً اعتبار أقواله تسامعاً، فضلاً عن أنه ينبئ عن معنى التفسير ويكشف عن المصدر الذي استقى منه شهادته، وكان ما أورده الشاهد الثاني مصدراً لعلمه بعقم المتوفاة وهو رؤيته لها تقيم بمنزل........ لا يستقيم به التدليل على إحاطته بالمشهود به على سبيل اليقين القطع، فإن الحكم إذ رد شهادتهما ولم يعول عليها لا يكون قد خالف القانون، لما كان ما تقدم وكان الشاهدان فسروا شهادتهما بما جعلها غير مقبولة وبالتالي تنتفي كل جدوى من مطالبتهما ببيان ما أغفلاه من شهادتهما فإن النعي بعدم سؤال القاضي لهما عن مدى تواتر الواقعة المشهود بها يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت بحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 151 لسنة 24 مصر الشرعية ودلالته على وفاة المرحومة........ عقيماً، إلا أن الحكم أطرح تلك الحجية بدعوى أن المطعون عليهم لم يكونوا طرفاً فيه، في حين أن هذا الحكم صدر في دعوى مقامة من المرحوم...... مورث المطعون عليهم ولصالحه ضد وزارة الأوقاف باستحقاقه ثلث حصة في الوقف لوفاتها عقيماً، فيكون حجة عليهم باعتبارهم خلفاً عاماً للمذكور، وممثلين فيه كمستحقين في الوقف - بوزارة الأوقاف، هذا إلى أن ما ورد بالإشهاد محل التداعي، يناقض الثابت بأوراق رسمية إذ جاء به أن المرحوم....... توفى سنة 1918 بينما الثابت في المادة 694 لسنة 1940 وراثات الجمالية أنه توفى سنة 1940 وأنه كان على قيد الحياة طبقاً للثابت في الحكم رقم 151 لسنة 24 مصر الشرعية والمعلن عنه في 30 - 12 - 1925، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه وإن كان الأصل أن تكون للحكم حجية الأمر المقضي قبل خلفاء كل من طرفيه، إلا أنه يتعين لمحاجة الوارث بالحكم الصادر ضد مورثه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحق الذين يدعيه قد تلقاه عن هذا المورث، فلا يكون الحكم الصادر في مواجهة المورث حجة على من يخلفه من وارث أو مشتر إذا استند هذا الخلف إلى سبب آخر غير التلقي من المورث. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق، أن النزاع بين الطرفين يدور حول انتقال استحقاق... في الوقف طبقاً لشرط الواقف تبعاً لثبوت وفاتها عقيماً أو عن ذرية، فإن دعوى المطعون عليهم عدا الأول بأيلولة هذا الاستحقاق إليهم بصفتهم من ذريتها تكون عن حق آل إليهم بسبب غير التلقي عن مورثهم.......، ومن ثم لا يحاجوا بالحكم 151 لسنة 1924 رغم أن المورث المذكور أحد أطرافه، ولما كان المقرر أن الحكم الصادر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف، ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة - لا يلزمهم ولا يعتبر حجة عليهم فإن المطعون عليهم عدا الأول إذ لم يمثلوا بأشخاصهم في الدعوى سالفة البيان والمرفوعة ضد المطعون عليه الأول بصفته ناظراً على الوقف فإن الحكم الصادر فيها لا يكون حجة عليهم. لما كان ما سلف وكانت الطاعنة لا تدعي التلقي عن المرحوم......... فإنه لا تكون لها مصلحة في التحدي بعدم صحة ما أثبت بإعلام الوراثة موضوع الدعوى بشأن تحديد تاريخ وفاته ويكون النعي غير منتج في هذا الخصوص.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الخميس، 2 فبراير 2023

الطعن 42 لسنة 53 ق جلسة 9 /4 / 1985 مكتب فني 36 ج 1 أحوال شخصية ق 120 ص 573

جلسة 9 من إبريل سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: هاشم قراعة نائب رئيس المحكمة، مرزوق فكري، صلاح محمد أحمد وحسين محمد حسن.

--------------

(120)
الطعن رقم 42 لسنة 53 القضائية "أحوال شخصية"

(1،2 ) أحوال شخصية تفريق "التفريق للضرر". إثبات. "القرينة القانونية" "البينة". دفاع "دفاع جوهري".
(1) الزواج الجديد دون رضاء الزوجة التي في عصمة زوجها، يعد ضرراً مفترضاً بحكم القانون. جواز طلبها التطليق دون حاجة لإثباته م 6 مكرراً ق 25 لسنة 1929 المضافة بالقرار بقانون 44 لسنة 1979 للزوج إسقاط الضرر المفترض بإثبات رضا زوجته بزواجه الجديد.
 (2)طلب الزوج إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات رضا زوجته بزواجه الجديد. دفاع جوهري. عدم إجابة المحكمة له. قصور.

----------------
1 - النص في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 6 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 على أنه "ويعتبر إضراراً بالزوجة اقتران زوجها بأخرى بغير رضاها... ويسقط حق الزوجة في طلب التفريق بمضي سنة من تاريخ علمها بقيام السبب الموجب للضرر ما لم تكن قد رضيت بذلك صراحة أو ضمناً" مفاده أن المشرع قد أقام بهذا النص قرينة قانونية لصالح الزوجة التي في عصمة زوجها مؤداها أن اقترانه بأخرى بغير رضاها يعتبر إضراراً بها ويعفيها من إثبات هذا الضرر متى طلبت التفريق لأجله وإذا لم يقض القانون بعدم جواز نقض هذه القرينة فإن للزوج إسقاط دلالتها بإثبات رضا زوجته بزواجه الجديد وهو مما يجوز إثباته بالبينة.
2 - الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات رضا المطعون عليها بزواجه الجديد إلا أنه لم تجبه إلى هذا الطلب وصادرت بذلك حقه في إثبات هذا الدفاع الجوهري في الدعوى... فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب.... فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1318 لسنة 1981 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة للضرر. وقالت شرحاً لدعواها إنها زوجته بصحيح العقد وبتاريخ 29/ 6/ 1981 أخطرها بزواجه بأخرى تدعي...... وإذ تم هذا الزواج بغير رضاها مما يعتبر إضراراً بها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 6 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929، فقد أقامت الدعوى. وفي 14/ 2/ 1982 حكمت المحكمة بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 119 لسنة 99 ق القاهرة. وبتاريخ 8/ 3/ 1983 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات رضا المطعون عليها بزواجه الجديد إلا أن الحكم المطعون فيه التفت بغير تسبيب عن هذا الطلب واستخلص عدم رضا المطعون عليها بذلك الزواج من طلبها الطلاق بهذه الدعوى قبل مضي سنة من علمها به ورفضها الصلح معه وهو من الحكم استخلاص غير سائغ لا يؤدي إلى ما انتهى إليه في هذا الصدد مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان النص في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 6 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 على أنه "ويعتبر إضراراً بالزوجة اقتران زوجها بأخرى بغير رضاها... ويسقط حق الزوجة في طلب التفريق بمضي سنة من تاريخ علمها بقيام السبب الموجب للضرر ما لم تكن قد رضيت بذلك صراحة أو ضمناً" مفاده أن المشرع قد أقام بهذا النص قرينة قانونية لصالح الزوجة التي في عصمة زوجها مؤداها أن اقترانه بأخرى بغير رضاها يعتبر إضراراً بها ويعفيها من إثبات هذا الضرر متى طلبت التفريق لأجله وإذ لم يقض القانون بعدم جواز نقض هذه القرينة فإن للزوج إسقاط دلالتها بإثبات رضا زوجته بزواجه الجديد وهو مما يجوز إثباته بالبينة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع وإن كانت غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ما يطلبونه من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه وإذا كان ردها غير سائغ فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات رضا المطعون عليها بزواجه الجديد إلا أنها لم تجبه إلى هذا الطلب وصادرت بذلك حقه في إثبات هذا الدفاع الجوهري في الدعوى واكتفى الحكم في التدليل على انتفاء ذلك الرضا بطلب المطعون عليها التطليق قبل مضي سنة من تاريخ علمها بذلك الزواج ورفضها الصلح مع الطاعن، وكان هذا من الحكم استدلالاً غير سائغ لا يؤدي إلى ما استخلصه منه في هذا الخصوص ولا يرد على دفاع الطاعن بما يؤدي إلى نفيه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثاني من أسباب الطعن.

الطعن 93 لسنة 55 ق جلسة 19 / 1 / 1988 مكتب فني 39 ج 1 أحوال شخصية ق 27 ص 114

جلسة 19 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ مرزوق فكري - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ صلاح محمد أحمد - نائب رئيس المحكمة، أحمد نصر الجندي، حسين محمد حسن ومصطفى حسيب.

---------------

(27)
الطعن رقم 93 لسنة 55 ق أحوال شخصية

 (1)أحوال شخصية لغير المسلمين "دعوى الأحوال الشخصية: الإثبات".
حكم "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". استئناف "الأحكام الغير جائز استئنافها". الحكم بإلزام المطعون ضدهما بتقديم عقد زواجهما. حكم يتعلق بدليل من أدلة الإثبات في دعوى بطلان عقد الزواج ولا تنتهي به الخصومة فيها. مؤدى ذلك عدم جواز استئنافه استقلالاً. م 212 من قانون المرافعات.
 (2)محكمة الموضوع "مسائل الإثبات". إثبات " تقدير أدلة الدعوى".
عدم تقديم الطاعن صورة العقد الذي لم يقدم المطعون ضدهما أصله بعد إلزامهما بذلك. أثره. سلطة محكمة الموضوع في الأخذ أو عدم الأخذ بقوله في هذا السند. م 24 إثبات.
 (3)نقض "السبب الغير منتج".
إقامة الحكم على دعامة كافية لحمل قضائه. النعي على ما استطرد إليه في أسبابه تزيداً ويستقيم الحكم بدونه غير منتج.
(4) أحوال شخصية لغير المسلمين "دعوى الأحوال الشخصية: الإثبات". إثبات "البينة".
الإجراءات الشكلية للإثبات في مواد الأحوال الشخصية. خضوعها لقانون الإثبات. تخلف الخصم عن إحضار شاهده أو تكليفه بالحضور في الجلسة المحددة لبدء التحقيق وفي الجلسة التالية رغم إلزامه من المحكمة بذلك. أثره. سقوط حقه في الاستشهاد به. علة ذلك. م 76 من قانون الإثبات.
 (5)أحوال شخصية لغير المسلمين "بطلان الزواج". إثبات "البينة".
جواز إثبات حصول الطلاق طبقاً للشريعة الإسلامية بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البينة.
(6) محكمة الموضوع "تقدير أقوال الشهود" إثبات "البينة".
تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع ولا معقب عليه في تكوين عقيدته مما يدلي به شهود أحد الطرفين ما دام لم يخرج في ذلك عما تحتمله أقوالهم.

--------------
1 - الحكم الصادر في الدعوى رقم 382 لسنة 79 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة بإلزام المطعون ضدهما بتقديم عقد زاوجهما باعتباره مستنداً منتجاً في الدعوى رقم 599 لسنة 1978 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة ببطلان عقد زواج المطعون ضدها الأولى يتعلق بدليل من أدلة الإثبات في الدعوى الأخيرة ولا تنتهي به الخصومة فيها فلا يجوز استئنافه استقلالاً طبقاً لحكم المادة 212 من قانون المرافعات.
2 - إذ لم يقدم الطاعن صورة من عقد زواج المطعون ضدهما فيكون جوازياً لمحكمة الموضوع أن تأخذ أو لا تأخذ بقوله في موضوع هذا المستند وذلك طبقاً لنص المادة 24 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، وإذ رأت محكمة الاستئناف - حدود سلطتها التقديرية - الالتفات عما قاله الطاعن في هذا الخصوص، فإن لا تثريب عليها فيما ارتأته من إحالة الدعوى إلى التحقيق.
3 - الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على سند مما استخلص من بينة المطعون ضدها الأولى من أنها عند زواجها بشقيقه في 14/ 1/ 1971 لم تكن زوجة للمطعون ضده الثاني الذي طلقت منه طلاقاً بائناً سنة 1961 وإذ كان هذا من الحكم دعامة كافية لحمل قضائه فإن النعي عليها بما أورده تزيداً بشأن الإقرارين المنسوبين للمطعون ضده الثاني بحصول الطلاق منه - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
4 - إذ كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإجراءات الشكلية للإثبات في مواد الأحوال الشخصية تخضع للقواعد المقررة في قانون المرافعات. وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 76 من قانون الإثبات الذي حل محل قانون المرافعات في تنظيم الأحكام الإجرائية للإثبات على أنه "إذا لم يحضر الخصم شاهده أو لم يكلفه بالحضور في الجلسة المحددة قررت المحكمة أو القاضي المنتدب إلزامه بإحضاره أو تكليفه بالحضور لجلسة أخرى ما دام الميعاد المحدد للتحقيق لم ينقض فإذا لم يفعل سقط الحق في الاستشهاد به يدل على أن المشرع هدف إلى عدم تمكين الخصوم من إطالة أمد التقاضي عن طريق تعمد استغراق مدة التحقيق كاملة دون مقتضى فأوجب على المحكمة أو القاضي المنتدب للتحقيق إذا لم يحضر الخصم شاهديه بالجلسة المحددة لبدء التحقيق أو لم يكلفه بالحضور فيها أن يلزمه بذلك مع تحديد جلسة تالية ما دام أجل التحقيق قائماً فإذا لم ينفذ الخصم ما التزم به سقط حقه في الاستشهاد به وهو جزاء يتقرر بغض النظر عن انتهاء أجل التحقيق أو بقائه ممتداً. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن مثل بوكيل عنه بجلسة 19/ 3/ 1985 أمام قاضي التحقيق الذي منحه أجلاً لجلسة 21/ 3/ 1985 لإحضار شهوده كطلبه، فإنه لا على القاضي المنتدب إذا رأى عدم قيام عذر لدى الطاعن في عدم إعلانه شهوده لهذه الجلسة ولم يستجب إلى طلبه التأجيل لمدة ثانية وأحال الدعوى إلى المرافعة ويكون النعي على غير أساس.
5 - الشريعة الإسلامية التي تحكم الزوجية التي كانت قائمة بين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الثاني - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 25 لسنة 1929 - تجيز إثبات حصول الطلاق بجميع طرق الإثبات الشرعية بما في ذلك البين، وهو ما ينفي عن الحكم المطعون فيه الخطأ في إحالته الدعوى إلى التحقيق لإثبات انحلال تلك الزوجية بالطلاق قبل الزواج الثاني للمطعون ضدها الأولى من شقيق الطاعن.
6 - تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع ولا معقب عليه في تكوين عقيدته مما يدلي به شهود أحد الطرفين ما دام لم يخرج في ذلك عما تحتمله أقوالهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 599 لسنة 1978 أحوال شخصية جنوب القاهرة عن المطعون ضدها للحكم ببطلان عقد زواجها من شقيقه المرحوم......... بتاريخ 14/ 1/ 1977 تأسيساً على أنها كانت في هذا التاريخ زوجة للمطعون ضده الثاني....... كما أقام الطاعن الدعوى رقم 382 لسنة 1979 - أحوال شخصية جنوب القاهرة ضد المطعون ضدها وعميد كلية الآداب بجامعة القاهرة للحكم بإلزام الأولين بتقديم عقد زواجهما وبإلزام الأخير بتقديم صورة رسمية من شهادة ميلاد الطالب...... ابن المطعون ضدهما، وقال بياناً لذلك أن المستندين المطلوب تقديمهما منتجان في الدعوى التي أمامها رقم 599 لسنة 1978 المشار إليها بطلب بطلان عقد زواج شقيقه من المطعون ضدها الأولى، لأنها في تاريخ هذا الزواج كانت زوجة للمطعون ضده الثاني. ضمت المحكمة الدعوى الثانية إلى الأولى وفي 29/ 11/ 1979 حكمت بإلزام المطعون ضدهما بتقديم عقد زواجهما وفي 21/ 3/ 1981 أحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن المطعون ضدها الأولى في تاريخ زواجها من شقيقه كان زوجة للمطعون ضده الثاني وفي 13/ 2/ 1982 حكمت ببطلان عقد زواج شقيق الطاعن من المطعون ضدها الأولى. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 121 لسنة 99 ق القاهرة، وفي 29/ 4/ 1984 حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها الأولى أنها لم تكن مرتبطة بزوجية قائمة في تاريخ زواج شقيق الطاعن منها وبعد أن استمعت المحكمة إلى شاهديها حكمت في 23/ 5/ 1985 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثاني والشق الأول من الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من ثلاثة أوجه:
أولاها: أن لكل من الدعوى رقم 599 لسنة 1978 أحوال شخصية جنوب القاهرة و382 لسنة 1979 أحوال شخصية جنوب القاهرة كيانها الذاتي المستقل عن الأخرى. وإذ صدر الحكم في ثانيهما بجلسة 29/ 11/ 1979 بإلزام المطعون ضدهما بتقديم وثيقة زواجهما ولم تستأنفه المطعون ضدها الأولى إلا في 15/ 3/ 1982 على الحكم الصادر في الدعوى رقم 599 لسنة 1978 رغم إعلانها به في 11/ 2/ 1980 فإنه كان يتعين بفوات ميعاد الاستئناف الحكم بسقوط الحق فيه. وثانيها: أنه بصيرورة الحكم الصادر في الدعوى رقم 382 لسنة 1979 أحوال شخصية جنوب القاهرة نهائياً بعد الطعن عليه بالاستئناف في الميعاد فإنه كان يتعين الأخذ بقوله في شأن شكل وموضوع المحرر المقضي بإلزام المطعون ضدهما بتقديمه دون إحالة الدعوى إلى التحقيق. ثالثها: أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه على إقرارين عرفيين لا يحاج بهما لأنه لم يكن طرفاً فيهما.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود. ذلك أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 382 لسنة 1979 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة بإلزام المطعون ضدهما بتقديم عقد زاوجهما باعتباره مستنداً منتجاً في الدعوى رقم 599 لسنة 1978 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة ببطلان عقد زواج المطعون ضدها الأولى من شقيق الطاعن هو حكم يتعلق بدليل من أدلة الإثبات في الدعوى الأخيرة ولا تنتهي به الخصومة فيها فلا يجوز استئنافه طبقاً لحكم المادة 212 من قانون المرافعات. والنعي في وجهه الثاني مردود بأن الطاعن لم يقدم صورة من عقد زواج المطعون ضدهما فيكون جوازياً لمحكمة الموضوع أن تأخذ أو لا تأخذ بقوله في موضوع هذا السند وذلك طبقاً لنص المادة 24 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968. وإذ رأت محكمة الاستئناف - في حدود سلطتها التقديرية - الالتفات عما قاله الطاعن في هذا الخصوص، فإنه لا تثريب عليها فيما ارتأته من إحالة الدعوى إلى التحقيق. والنعي في وجهه الثالث. غير مقبول ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على سند مما استخلصه من بينة المطعون ضدها الأولى من أنها عند زواجها بشقيقه في 14/ 1/ 1971 لم تكن زوجة للمطعون ضده الثاني الذي طلقت منه طلاقاً بائناً في سنة 1961. وإذا كان هذا من الحكم دعامة كافية لحمل قضائه فإن النعي عليها بما أورده تزيداً بشأن الإقرارين المنسوبين للمطعون ضده الثاني بحصول الطلاق منه - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الثالث وبالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع من وجهين أولاهما: أنه دفع بصورية الإقرارين المنسوب صدورهما من المطعون ضده الثاني دون أن يتناوله الحكم المطعون فيه وهو دفاع جوهري من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وثانياً: أن محكمة الاستئناف أحالت الدعوى من التحقيق إلى المرافعة دون أن تستجيب إلى طلبه بمنحه أجلاً لإحضار شهوده - رغم أن أجل التحقيق كان ما زال ممتداً.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردوده ذلك أنه لما كان ما ورد بالحكم المطعون فيه عن الإقرارين المنسوبين للمطعون ضده الثاني - وعلى ما ورد بالرد على الوجه الثالث من النص السابق - تزيداً غير لازم لحمل قضائه فإن النعي بعدم تحقيق دفاع الطاعن بصورية هذين الإقرارين يكون غير منتج. والنعي في وجهه الثاني. في غير محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإجراءات الشكلية للإثبات في مواد الأحوال الشخصية تخضع للقواعد المقررة في قانون المرافعات. وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 76 من قانون الإثبات الذي حل محل قانون المرافعات في تنظيم الأحكام الإجرائية للإثبات على أنه "إذا لم يحضر الخصم شاهده أو لم يكلفه بالحضور في الجلسة المحددة قررت المحكمة أو القاضي المنتدب إلزامه بإحضاره أو تكليفه بالحضور لجلسة أخرى ما دام الميعاد المحدد للتحقيق لم ينقض فإذا لم يفعل سقط الحق في الاستشهاد به" يدل على أن المشرع هدف إلى عدم تمكين الخصوم من إطالة أمور التقاضي عن طريق تعمد استغراق مدة التحقيق كاملة دون مقتض فأوجب على المحكمة أو القاضي المنتدب للتحقيق إذا لم يحضر الخصم شاهده بالجلسة المحددة لبدء التحقيق أو لم يكلفه بالحضور فيها أن يلزمه بذلك مع تحديد جلسة تالية ما دام أجل التحقيق قائماً فإذا لم ينفذ الخصم ما التزم به سقط حقه في الاستشهاد به وهو جزاء يتقرر بغض النظر عن انتهاء أجل التحقيق أو بقائه ممتداً. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن مثل بوكيل عنه بجلسة 19/ 3/ 1985 أمام قاضي التحقيق الذي منحه أجلاً لجلسة 21/ 3/ 1985 لإحضار شهوده كطلبه. فإنه لا على القاضي المنتدب إذ رأى عدم قيام عذر لدى الطاعن في عدم إعلانه شهوده لهذه الجلسة ولم يستجب إلى طلبه التأجيل لمدة ثانية وأحال الدعوى إلى المرافعة ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الثالث من السبب الثالث وبالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الزوجية القائمة مانع من موانع الزواج في جميع الشرائع المسيحية ولا يصح الزواج الثاني ما لم يثبت بطلان الزواج الأول أو انحلاله على وجه يقيني وبطريق قانوني وهي مسألة لا يؤخذ فيه بالظن أو أقوال الشهود. وإذ أحالت محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق واستندت في حكمها المطعون فيه إلى شهادة شاهدي المطعون ضدها الأولى رغم تضارب أقوالهما وأخذت بالظن في قولهما بانحلال الزواج بينها وبين المطعون ضده الثاني قبل زواجها بشقيق الطاعن فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الشريعة الإسلامية التي تحكم الزوجية التي كانت قائمة بين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الثاني - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 25 لسنة 1929 - تجيز إثبات حصول الطلاق بجميع طرق الإثبات الشرعية بما في ذلك البينة، وهو ما ينفي عن الحكم المطعون فيه الخطأ في إحالته الدعوى إلى التحقيق لإثبات انحلال تلك الزوجية بالطلاق قبل الزواج الثاني للمطعون ضدها الأولى من شقيق الطاعن. لما كان ذلك وكان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع ولا معقب عليه في تكوين عقيدته مما يدلي به شهود أحد الطرفين ما دام لم يخرج في ذلك عما تحتمله أقوالهم. وكان البين من محضر التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف إن اتفقت أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى على انفصام عرى الزوجية بينها وبين المطعون ضده الثاني بالطلاق البائن قبل زواجها من شقيق الطاعن بعدة سنوات ولم تكن مرتبطة بزوجية قائمة عند هذا الزواج. فإن المجادلة في اطمئنان المحكمة إلى هذه النية والأخذ بما استخلصته منها سنداً لقضائها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. ويكون النعي برمته على غير أساس.

الطعن 12 لسنة 56 ق جلسة 15 / 3 / 1988 مكتب فني 39 ج 1 أحوال شخصية ق 81 ص 395

جلسة 15 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ مرزوق فكري - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح محمد أحمد - نائب رئيس المحكمة، أحمد نصر الجندي، حسين محمد حسن ومصطفى حسيب عباس محمود.

----------------

(81)
الطعن رقم 12 لسنة 56 ق "أحوال شخصية"

(1، 2) إثبات "البينة". أحوال شخصية، دعوى الأحوال الشخصية: الإثبات.
 (1)وجوب أن يثبت بمحضر التحقيق نص الأقوال والإجابات التي يدلي بها الشاهد أمام المحكمة دون التصرف فيها بالتلخيص أو بالاختصار. المادتان 91، 93 من قانون الإثبات. علة ذلك. عدم إثبات أقوال الشاهد بمحضر التحقيق. مؤداه. وجوب استبعاد شهادته وعدم التعويل عليها عند تقدير أقوال الشهود.
(2) سماع القاضي المحقق بينة المدعية في دعوى التطليق للضرر وهي شهادة رجل وامرأتين. عدم إثباته بالمحضر أقوال الشاهدة الثانية والاكتفاء بالقول بأنها قررت ما قررته الشاهدة الأولى. مؤداه. عدم الاعتداد بهذه الشهادة في حساب نصاب البينة الشرعية. علة ذلك.
 (3)أحوال شخصية. إثبات. البينة.
البينة في خصوص التطليق للضرر. وجوب أن تكون من رجلين أو رجل وامرأتين.

--------------
1 - 2 - مفاد نص المادتين 91، 93 من قانون الإثبات يدل على أن المشرع أوجب أن يثبت بمحضر التحقيق نص الأقوال والإجابات التي يدلي بها الشاهد أمام المحكمة دون التصرف فيها بالتخليص أو بالاختصار لتكون هذه الشهادة المدونة بالمحضر مطروحة تحت نظر الخصوم لمناقشتها وتحت بصر المحكمة لتقول كلمتها فيها عند الفصل في الدعوى ولتمكين المحكمة الأعلى درجة الرجوع إليها عند الحاجة إلى إعمال رقابتها على صحة استخلاص الواقع من أقوال الشهود والالتزام بما يؤدي إليه مدلولها ومن ثم فإن عدم إثبات أقوال الشاهد بمحضر التحقيق من شأنه أن تتخلف به الغاية التي هدف إليها المشرع من تدوينها بهذا المحضر ويترتب عليه وجوب استبعاده شهادته وعدم التعويل عليها عند تقدير أقوال الشهود.
3 - البينة في خصوص التطليق للضرر - وفق مذهب الحنفية - من رجلين عدلين أو رجل وامرأتين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1076 لسنة 1982 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة ضد الطاعن للحكم بتطليقها عليه للضرر. وقالت بياناً لدعواها أنها زوجته ومدخولته بصحيح العقد الشرعي وإذ استبان لها أنه حاد الطبع ويدمن شرب الخمر وتعدى عليها بالضرب والسب مما تضررت منه واستحال معه دوام العشرة بينهما فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود المطعون عليها حكمت في 25/ 11/ 1984 بتطليقها على الطاعن طلقة بائنة استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 571 لسنة 101 ق القاهرة وبتاريخ 7/ 11/ 1985 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت الرأي فيها برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن محكمة أول درجة أقامت قضاءها بثبوت الضرر الموجب للتفريق على سند مما شهد به شهود المطعون عليها في التحقيق الذي سمعت فيه بينتها في حين أن هذا التحقيق جاء مخالفاً لقانون الإثبات الذي يوجب إثبات نص أقوال الشهود بالمحضر إذ لم يدون به سوى أقوال رجل وامرأة واحدة وخلا من إثبات أقوال الشاهدة الثانية واكتفى القاضي المحقق بالقول بأنها قررت بما قررته الأولى مما يوجب بطلان شهادتها ويترتب عليه عدم اكتمال نصاب البينة الشرعية ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتد بالبينة المشار إليها وقضى بالتطليق على سند منها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله ذلك أنه لما كان المشرع قد فرق في الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بين الدليل وإجراءات الدليل في مسائل الأحوال الشخصية فأخضع إجراءات الإثبات كبيان الوقائع وكيفية التحقيق وسماع الشهود وغير ذلك من الإجراءات الشكلية لقانون المرافعات وكان النص في المادة 91 من قانون الإثبات الذي حل محل قانون المرافعات في تنظيم الأحكام الإجرائية للإثبات على أن تثبت إجابات الشهود في المحضر ثم تتلى على الشاهد ويوقعها بعد تصحيح ما يسري لزوم تصحيحه منها وإذا امتنع عن التوقيع ذكر ذلك وسببه في المحضر، وفي المادة 93 منه على أن "يشمل محضر التحقيق على البيانات الآتية (أ).... (ب)..... (جـ)..... (د) ما يبديه الشهود وذكر تحليفهم اليمين. (هـ) الأسئلة الموجهة إليهم ومن يتولى توجيهها وما نشأ عن ذلك من المسائل العارضة ونص إجابة الشاهد عن كل سؤال (و) توقيع الشاهد على إجابته بعد إثبات تلاوتها وملاحظاته عليها (ز)....... (ح)......" يدل على أن المشرع أوجب أن يثبت بمحضر التحقيق نص الأقوال والإجابات التي يدلي بها الشاهد أمام المحكمة دون التصرف فيها بالتلخيص أو بالاختصار لتكون هذه الشهادة المدونة بالمحضر مطروحة تحت نظر الخصوم لمناقشتها وتحت بصر المحكمة لتقول كلمتها فيها عند الفصل في الدعوى ولتمكين المحكمة الأعلى درجة الرجوع إليها عند الحاجة إلى إعمال رقابتها على صحة استخلاص الواقع من أقوال الشهود والالتزام بما يؤدي إليه مدلولها ومن ثم فإن عدم إثبات أقوال الشاهد بمحضر التحقيق من شأنه أن تتخلف به الغاية التي هدف إليها المشرع من تدوينها بهذا المحضر ويترتب عليه وجوب استبعاده شهادته وعدم التعويل عليها عند تقدير أقوال الشهود. لما كان ذلك وكان البين من محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن القاضي المحقق سمع بينة المطعون عليها وهي شهادة رجل وامرأتين إلا أنه لم يثبت بالمحضر أقوال الشاهدة الثانية...... واكتفى بالقول بأنها قررت بما قررته الشهادة الأولى وهو ما لا يصلح سنداً لإثبات شهادتها بالمحضر وتقدير دلالتها شرعاً ولا يتحقق به غرض المشرع من إجراءات الإثبات التي حتمت تدوين الشهادة بالمحضر وكانت المرأة الثانية لم يثبت لها شهادة بمحضر التحقيق على النحو الذي استلزمه قانون الإثبات فلا يعتد بها في حساب نصاب البينة الشرعية وكانت البينة في خصوص التطليق للضرر وفق مذهب الحنفية من رجلين عدلين أو رجل وامرأتين ومن ثم يكون نصاب البينة غير مكتمل شرعاً إذ لا يبقى منها - بعد استبعاد شهادة المرأة الثانية إلا شطرها المتمثل في أقوال رجل وامرأة واحدة ولما كان الحكم المطعون فيه قد عول على البينة المشار إليها في قضائه بتأييد الحكم الابتدائي بالتطليق فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 200 لسنة 17 ق جلسة 7 / 4 / 1949 مج عمر المدنية ج 5 ق 405 ص 750

جلسة 7 من أبريل سنة 1949

برياسة حضرة محمد المفتي الجزايرلي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: أحمد حلمي بك ومحمد عزمي بك وعبد العزيز محمد بك ومحمد على رشدي بك المستشارين.

------------

(405)
القضية رقم 200 سنة 17 القضائية

إثبات. يمين حاسمة.

الحق في توجيهها متى توافرت شروطها مهما كانت قيمة النزاع ولو كان الغرض إثبات ما يخالف عقداً مكتوباً ولو رسمياً. التعسف في طلب توجيه اليمين. ما ليس من معناه.

-----------
اليمين الحاسمة ملك الخصم له أن يوجهها متى توافرت شروطها مهما كانت قيمة النزاع ولو كان الغرض منها إثبات ما يخالف عقداً مكتوباً ولو رسمياً، إلا فيما لا يجوز الطعن فيه (من العقد الرسمي) إلا بالتزوير. ومن ثم يكون متعيناً على القاضي أن يجيب طلب توجيهها إلا إذا بان له أن طالبها متعسف في طلبه. والقول بأن طلب توجيه اليمين غير جدى لتناقض طالبه في دفاعه ليس من شأنه أن يفيد أنه كان متعسفاً في توجيهها، ومن ثم لا يصح أن يكون ذلك سبباً للحكم برفض توجيه اليمين.


المحكمة

ومن حيث إنه (الطعن) بنى على سببين محصل أولهما أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب الطاعن توجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون عليه بأنه دفع له مبلغ 2100 ج من الثمن الذى ذكر في عقدي البيع المؤرخين 10 و15 يناير سنة 1943 بأن الطاعن قد استلمه تأسيساً على أنه لا يحق للطاعن قانوناً أن يوجه اليمين على ما يخالف الثابت كتابة في العقدين المذكورين وعلى أن هذه اليمين ليست جدية لأن الطاعن تناقض تناقضاً بيناً في دعواه عن هذا المبلغ فبعد أن قرر لدى محكمة الدرجة الأولى أنه لم يقبضه عاد وقرر في مذكرته لمحكمة الاستئناف أنه أبقى هذا المبلغ لدى المطعون عليه كضمان تحت يده يرجع به على الطاعن إذا عادت إليه الأطيان من مغتصبيها ولم ينفذ شروط البيع وكضمان آخر له نظراً لما كان سينفقه على القضايا التي كانت مرفوعة أو سترفع بشأن هذه الأطيان - إذ قضى الحكم بذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون الخ الخ.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب توجيه اليمين الحاسمة للمطعون عليه على أساسين: أولا - أنه اتضح من مراجعة البند الثاني من عقد 10 من يناير سنة 1943 والبند الرابع من العقد الرسمي المؤرخ 15 من يناير سنة 1943 اعتراف الطاعن بأنه استلم مبلغ 2100 جنيه من المطعون عليه، وإذ كان هذا هو الثابت كتابة بين الطرفين فليس للطاعن الحق قانوناً في القول بأنه لم يتسلم المبلغ المذكور وليس له بالتالي أن يوجه اليمين الحاسمة لهذا الثابت كتابة في العقدين المذكورين. وثانياً - أن الطاعن نفسه لم يستقر على رأى فيما يختص بدعواه عن هذا المبلغ، فبعد أن قرر طوال النزاع أمام محكمة الدرجة الأولى بأنه لم يستلمه إطلاقاً عاد وقال في مذكرته أمام هذه المحكمة بأن المطعون عليه استبقى المبلغ كضمان تحت يده يرجع به على الطاعن إذا عادت له الأطيان من المغتصبين ولم ينفذ شروط البيع، وأيضاً كضمان آخر تحت يده نظراً لما كان سيقوم به من الصرف على القضايا التي كانت مرفوعة والتي كانت سترفع، وترى المحكمة إزاء هذا التناقض البين أن طلب توجيه اليمين غير جدى.
ومن حيث إن اليمين الحاسمة ملك الخصم له أن يوجهها متى توافرت شروطها مهما كانت قيمة النزاع ولو كان الغرض منها إثبات ما يخالف عقداً مكتوباً ولو رسمياً إلا فيما لا يجوز الطعن فيه إلا بالتزوير. ومن ثم يكون متعيناً على القاضي أن يجيب طلب توجيهها إلا إذا بان له أن طالبها متعسف في طلبه.
ومن حيث إنه متى كان ذلك مقرراً فإن الأساس الأول الذى أقيم عليه الحكم المطعون فيه أساس خاطئ. أما عن الأساس الآخر فإن ما استند إليه الحكم للقول بتناقض الطاعن ليس من شأنه أن يفيد أن الطاعن كان متعسفاً في توجيه اليمين.

الطعن 542 لسنة 47 ق جلسة 8 / 1 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 27 ص 132

جلسة 8 من يناير سنة 1981 مدني

برئاسة السيد المستشار/ نائب رئيس المحكمة حسن السنباطي، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، أحمد ضياء عبد الرازق، سعد حسين بدر، علي محمد عبد الفتاح.

----------------

(27)
الطعن رقم 542 لسنة 47 القضائية

 (1)محاماة "تأديب المحامين".
قرار مجلس تأديب المحامين. شرط نفاذه أن يصير نهائياً. طعن المحامي على قرار منعه من مزاولة المهنة. أثره.
 (2)شفعة "إيداع الثمن" حكم "عيوب التدليل" "ما يعد قصوراً".
إيداع الثمن الحقيقي قيد على حق الشفعة وجوب إعماله في أضيق الحدود. ملحقات. الثمن لا يمتد لها هذا القيد.
 (3)شفعة.
النزول الضمني عن الشفعة. المقصود به. المساومة حول التنازل عن حق الشفعة دون شراء الشفيع للعقار المشفوع فيه. لا تفيد النزول عن حق الشفعة.

------------------
1 - إذ ثبت للمحكمة من الاطلاع على ملف تأديب المحامين رقم 1 لسنة 1963 أن القرار الصادر فيه بمنع الأستاذ....... المحامي من مزاولة المهنة ثلاث سنوات طعن عليه من المحامي الصادر ضده ولم يصبح نهائياً بعد وبالتالي لا يكون هذا القرار نافذاً لعدم نهائيته عملاً بمفهوم نص المادة 160 من قانون المحامين رقم 61 لسنة 1968 ومن ثم يكون للمحامي الصادر ضده القرار المذكور حق التوقيع على صحيفة الطعن بالنقض.
2 - لا على الحكم المطعون فيه إن اكتفى - عند الرد على الدفع بعدم إيداع الشفيع لملحقات الثمن - بالقول بأن الشفيع قد أودع كامل الثمن ولم يتعرض للملحقات إذ جرى قضاء هذه المحكمة بعد العمل بالقانون المدني الحالي على تقرير أن الشارع قد تعمد إغفال ملحقات الثمن فيما يجب إيداعه اكتفاء منه بتقييد حق الشفعة بإيداع الثمن الحقيقي فحسب مما يجب معه إعمال هذا القيد في أضيق الحدود فلا ينسحب إلى الملحقات التي لم يرد بها تكليف في القانون.
3 - من القرار في قضاء هذه المحكمة أن النزول الضمني عن الشفعة يفترض فيه حصول البيع ثم صدور عمل أو تصرف من الشفيع بعد ذلك يفيد الرغبة عن استعمال حق الشفعة وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطته الموضوعية بأسباب سائغة من أقوال الشهود أو المساومة كانت حول التنازل عن حق الشفعة وليس المساومة على شراء الشفيع للعقار المشفوع فيه من المشتريات وانتهى صحيحاً إلى تكييف مثل هذه المساومة بأنها لا تفيد النزول عن حق الشفعة وفقاً للمادة 1948 من القانون المدني وقضى للشفيع (المطعون عليه الأول) بطلباته فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم - عدا الأول - باعوا إلى الطاعنات الثلاث كامل أرض ومباني العقار رقم 6 شارع الحصن بالجيزة بعقد بيع مشهر برقم 2106 سنة 1975 الجيزة في 9 يوليو سنة 1975، ولما علم المطعون عليه الأول بهذا البيع - وهو جار لهذه العقارات - أعلن رغبته في أخذه بالشفعة بموجب إنذار رسمي وجهه إلى البائعين والمشتريات في 2 و5 أغسطس سنة 1975 وأودع القيمة المبينة بعقد البيع المسجل وقدره 188433.650 جنيه بخزانة المحكمة بتاريخ 27 أغسطس 1975 ثم أقام في اليوم التالي الدعوى رقم 2140 سنة 1975 مدني كلي الجيزة ضد كل من الطاعنات والمطعون عليهم من الثاني إلى الرابع طالباً الحكم بأحقيته في أخذ عقار النزاع بالشفعة وما يترتب على ذلك من آثار والتسليم دفعت الطاعنات الدعوى أمام محكمة أول درجة بدفوع أربعة أولها الدفع ببطلان إنذار إعلان الرغبة في أخذ العقار بالشفعة وإعلانه بعد مضي أكثر من 15 يوماً من تاريخ علم الشفيع بالبيع، وثانيهما بسقوط حق المطعون عليه الأول في الأخذ بالشفعة لعدم عرض وإيداع الثمن وملحقاته الثابتة بعقد البيع الرسمي، وثالثهما بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد المواعيد المقررة قانوناً، ورابعها بسقوط حق المطعون عليه الأول في الشفعة لحصول تنازل عنها عملاً بالمادة 948/ 1 من القانون المدني وبتاريخ 29 أبريل سنة 1976 حكمت المحكمة برفض الدفوع الثلاثة الأول وقبل الفصل في الدفع بسقوط الحق في الأخذ بالشفعة للتنازل بالإحالة على التحقيق لتثبت الطاعنات أن الشفيع قد نزل عن حقه في الأخذ بالشفعة - وبعد سماع أقوال شهود كل من الطاعنات والمطعون عليه الأول قضت محكمة أول درجة بتاريخ 27 يونيه سنة 1976 بسقوط حق المطعون عليه الأول في أخذ العقار المشفوع فيه بالشفعة.
استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 3091 سنة 93 ق القاهرة وبتاريخ 22 مارس سنة 1977 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف (المطعون عليه الأول) في أخذ العقار بالشفعة مع كل ما يترتب على ذلك قانوناً من آثار التسليم لقاء ثمن قدره 1884433.650 جنيه والملحقات وقدرها 13332.405 جنيه.
طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وأثناء نظر طلب وقف تنفيذه بتاريخ 7 يونيه 1977 دفع المطعون عليه الأول ببطلان الطعن على أساس أن صحيفته وقع عليها الأستاذ فاروق صادق المحامي الممنوع من مزاولة مهنة المحاماة ابتداء من 4 يناير سنة 1977 بموجب قرار صادر من مجلس التأديب في دعوى التأديب المحامين رقم 1 لسنة 1963. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون عليه الأول ببطلان الطعن في غير محله ذلك أنه قد ثبت للمحكمة الاطلاع على ملف تأديب المحامين رقم 1 لسنة 1963 أن القرار الصادر فيه بمنع الأستاذ فاروق صادق المحامي من مزاولة المهنة لمدة ثلاث سنوات طعن عليه من المحامي الصادر ضده ولم يصبح نهائياً بعد وبالتالي لا يكون هذا القرار نافذاً لعدم نهائيته عملاً بمفهوم نص المادة 160 من قانون المحاماة رقم 61 سنة 1968 ومن ثم يكون للمحامي الصادر ضده القرار المذكور حق التوقيع على صحيفة الطعن بالنقض ويتعين رفض الدفع ببطلان الطعن المبدى من المطعون عليه الأول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني في صحيفته على أربعة أسباب وأضيف إليها سبب خاص بمحضر جلسة 6 يوليو سنة 1977 تنعى به الطاعنات على الحكم المطعون فيه لإغفاله تناول الدفوع الثلاثة الأولى المبداة منهن أمام محكمة أول درجة والمحكوم برفضها بالحكم الصادر من تلك المحكمة بتاريخ 29 أبريل 1976 رغم أنها دفوع متعلقة بالنظام العام لا يجوز التنازل عنها ويمكن التمسك بها في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة النقض ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف أولاً نص المادة 233 من قانون المرافعات التي توجب على المحكمة أن تنظر في الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى كما خالف ثانياً قاعدة التقاضي على درجتين المتعلقة بالنظام العام بما يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان يجوز لأي من الخصوم أن يثير في الطعن ولو لأول مرة أمام محكمة النقض ما يتعلق بالنظام العام عملاً بنص المادة 253/ 2 من قانون المرافعات إلا أنه لما كان البين من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض في أسبابه الواقعية إلى هذه الدفوع الثلاثة انتهى في ختام أسبابه إلى القول بأنه "وقد توافرت في المستأنف شروط الشفيع..... ولم يثبت أن البائعين أو المشتريات قد قاموا بإنذاره بحصول البيع ومن ثم فإن قيامه بإنذار إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة الموجه إلى البائعين والمشتريات على يد محضر في 2، 5 أغسطس سنة 1975 ثم قيامه بإيداع الثمن الوارد بالعقد بتاريخ 27 أغسطس سنة 1975 بخزينة محكمة الجيزة الابتدائية الكائنة بدائرتها العقار المشفوع فيه ثم قيامه بعد ذلك بقيد دعوى الشفعة في 28 يوليو سنة 1975 كل ذلك يثبت حق في أخذ العقار المبيع بالشفعة" الأمر الذي يبين فيه أن ذلك الحكم قد رد على الدفعين الأول والثالث بتقريره أن إعلان الرغبة ورفع الدعوى قد تما في المواعيد التي حددها القانون، أما الدفع الثاني وهو عدم إيداع الملحقات فلا على الحكم المطعون فيه إن اكتفى بالقول بأن الشفيع قد أودع كامل الثمن ولم يتعرض للملحقات وإذ جرى قضاء هذه المحكمة بعد العمل بالقانون المدني الحالي على تقرير أن الشارع قد تعمد إغفال ملحقات الثمن فيما يجب إيداعه اكتفاء بتقييد حق الشفعة بإيداع الثمن الحقيقي فحسب مما يجب معه إعمال هذا القيد في أضيق الحدود فلا ينسحب إلى الملحقات التي لم يرد بها تكليف في القانون - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف الأحكام الآمرة الواردة بنص المادة 233 مرافعات أو قاعدة التقاضي على درجتين ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الأول والثالث أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في البيان ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك قالت الطاعنات أن دفاعهن أمام درجتي التقاضي كان يتضمن القول بتنازل المطعون عليه الأول ضمناً عن حقه في الشفعة بقبول مبدأ المساومة في شراء العقار المشفوع فيه وما به من منقولات منهن وارتضائه ذلك وترك دعوى الشفعة لقاء مبلغ أربعين ألف جنيه لو لا الخلاف على صياغة عبارات التنازل عن حق الشفعة وإذ قال الحكم المطعون فيه إنهن نسبن إلى المطعون عليه الأول تنازله الصريح عن الأخذ بالشفعة فإنه يكون فضلاً عن فهمه الخاطئ لدفاعهن مشوباً بعيب القصور ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن تناول في أسبابه أقوال شهود الطرفين استخلص منها الآتي: "أنه لا يمكن القول إن هناك مساومة يستفاد منها رضاء الشفيع ضمناً بالبيع للمشتريات والنزول ضمناً عن حق الشفعة وأن المساومة التي يستفاد منها ذلك هي المساومة على شراء العقار المشفوع فيه من المشتريات، أما المساومة بشأن النزول عن حق الشفعة فلا يفيد الرضا بالبيع ولا يستفاد منها ضمناً النزول عن حق الشفعة.." مما مفاده أن الحكم قد ألم بدفاع الطاعنات الخاص بالتنازل الضمني عن حق الشفعة وتناوله بفهم صحيح ورد عليه من أوراق الدعوى رداً كافياً بما ينفي عنه في هذا الشأن القصور والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والرابع القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والتناقض في الأسباب ومخالفة الفانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنات إنهن أبدين بمذكرة دفاعهن أمام محكمة الاستئناف دفاعاً جوهرياً حاصله أن الشفيع ساومهن في شراء العقار المشفوع فيه وما به من منقولات وأنه أقر بذلك بالسبب الخامس من أسباب استئنافه وهو الأمر الذي يعتبر تنازلاً عن حقه في الشفعة ولما كان الحكم المطعون فيه قد نفى حصول هذه الواقعة فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق وشابه القصور في التسبيب وإذ كان الحكم قد استخلص من أقوال الشهود أن ثمة مساومة تمت بين الشفيع والمشتريات حول التنازل عن حق الشفعة لقاء مبلغ أربعين ألف جنيه ثم عاد وقرر بانتفاء النزول الضمني من الشفيع عن حقه في الشفعة مما يعتبر تناقضاً من الحكم في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن البين من مطالعة صحيفة الاستئناف المقدم صورة رسمية منها أن المطعون عليه الأول قد أورد بالسبب الخامس من أسباب استئنافه. "أنه لو سايرنا محكمة أول درجة في رأيها الخاطئ فإن تنازل الشفيع عن حقه في الشفعة لا يتم إلا بقبض المبلغ فعلاً لأن التنازل باعتراف المحكمة مقابل قبض هذا المبلغ ولم يعلم أحد بأن الشفيع قبض المبلغ بل إنه كما يستخلص من أوراق الدعوى وشهادة شهود الطرفين كان يرفض مبدأ المساومة على التنازل عن دعوى الشفعة مهما دفعت المشتريات من مقابل" وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الصدد ما نصه "وحيث إنه يبين من أقوال شاهدي المستأنف عليهن الرابعة والخامسة والسادسة (الطاعنات) ومن أقوال الشاهد الثاني للمستأنف (المطعون عليه الأول) أنه كانت هناك مفاوضات بين المستأنف وبين وكيل المشتريات بشأن تنازله عن الشفعة وبشأن مقدار المقابل النقدي لهذا التنازل ولم يعلم أحد من الشهود إثباتاً ونفياً أن المستأنف كان يساوم على شراء العقار المشفوع فيه من المشتريات. بل كانت المساومة بشأن التنازل عن حق الشفعة يؤكد ذلك الصلح المقدم من المشتريات والذي لم يتم التوقيع عليه من أي من الطرفين قد تضمن التنازل عن حق الشفعة لقاء مبلغ أربعين ألف جنيه ولم يتضمن الاتفاق على شراء العقار المشفوع فيه من المشتريات.
وحيث إنه متى اتضح ذلك فلا يمكن القول بأن هناك مساومة يستفاد منها رضاء الشفيع ضمناً بالبيع للمشتريات والنزول ضمناً عن حق الشفعة.... ومن ثم فلم يثبت للمحكمة أن المستأنف (المطعون عليه الأول) قد صدر منه عمل يفيد حتماً تنازله عن حق الشفعة كما لم تقدم المشتريات دليلاً كتابياً على تنازله الصريح عن هذا الحق" وكان هذا من الحكم كافياً لحمل قضائه وفيه الرد على كافة ما أبدته الطاعنات من أوجه دفاع بعد الموازنة بين الأدلة والأخذ بدليل معين ومن ثم يكون النعي عليه بالتناقض والقصور ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال لا أساس له، ولما كان من القرار في قضاء هذه المحكمة أن النزول الضمني عن الشفعة يفترض فيه حصول البيع ثم صدور عمل أو تصرف من الشفيع بعد ذلك يفيد الرغبة عن استعمال حق الشفعة وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطته الموضوعية بأسباب سائغة من أقوال الشهود أن المساومة كانت حول التنازل عن حق الشفعة وليس المساومة على شراء الشفيع للعقار المشفوع فيه من المشتريات وانتهت صحيحاً إلى تكييف مثل هذه المساومة بأنها لا تفيد النزول عن حق الشفعة وفقاً للمادة 948 ف 2 من القانون المدني وقضى للشفيع (المطعون عليه الأول) بطلباته فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.