جلسة 30 يوليو سنة 1983
برئاسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس
المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يحيى العموري نائب رئيس المحكمة، أحمد كمال سالم،
سعد بدر وجرجس اسحق.
-----------------
(297)
الطعن 2051 لسنة 51 ق
(1) حكم " حجية الحكم ". إثبات .
نظام عام .
الحقيقة القضائية . قرينة على الحقيقة الواقعية . أثر ذلك . ذات حجية مطلقة إذا تعلقت بمصلحة المجتمع وحجية نسبية
إذا تعلقت بمصالح الأفراد .
(2 ، 3) أحوال شخصية " الولاية على
المال : طلب الحجر". أهلية .
(2) النزاع في مواد الولاية
علي المال ـ ليس خصومة حقيقية ـ انطواؤه علي حسبة . علة ذلك .
(3) طلب الحجر ـ ماهيته ـ الحكم الصادر بشأن
حجيته .
-----------------
1 - الحقيقة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية وينحصر أثر
هذه القرينة في تخويل الخصوم حق التمسك بها وللمحاكم حق إثارتها من تلقاء نفسها ،
كما يتوقف مداها - من حيث كونها مطلقة أو نسبية - على طبيعة نوع وموضوع المسألة التي قامت عليها تلك الحقيقة
ومدى تعلقها بالنظام العام وبمصلحة المجتمع العامة أو بصالح الأفراد الخاصة ، كأن
كانت متعلقة بمصلحة عامة أو كان من شأنها تقرير مراكز قانونية في المجتمع وإذ كانت
سلطة المحكمة في شأنها غير مقيدة بإرادة الخصوم ولا مرهونة بما يقدمونه من أدلة ..
فإن حجيتها تكون مطلقة قبل الناس
كافة أما إذا كانت متعلقة بمصلحة الأفراد الخاصة أو حقوقهم الذاتية ومرهونة بالتالي
بإرادة الخصوم وما يقدمونه من أدلة فإن حجيتها تكون نسبية وقاصرة على أطرافها دون
سواهم .
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النزاع في مواد الولاية على المال ينطوي في حقيقته على معنى الحسبة حفاظاً على
أموال ناقصي الأهلية وعديمها وليس بخصومة حقيقية .
3 - طلب الحجر لعارض من عوارض الأهلية يستهدف
مصلحة خاصة ومصالح عامة ترجع كلها إلى حفظ
مال من لا يستطيع المحافظة على ماله فهو بهذه المثابة طلب شخصي لصيق بإنسان على
قيد الحياة وهو المطلوب الحجر عليه أو تستدعى حالته تدابير معينة لحمايته من نفسه
ومن الغير وذلك بغرض القوامة عليه وإخضاعه لإشراف محكمة الولاية على المال
بإجراءات توجه إلى شخص المطلوب الحجر عليه ولذلك ناطت المادة 969 من قانون
المرافعات بالنيابة العامة رعاية مصالحه والتحفظ على أمواله والإشراف على إدارتها
... لما كان ذلك فإن الحكم الذى يصدر في دعوى الحجر من محكمة الولاية على المال
تكون له حجية مطلقة قبل الكافة .
----------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن
تتحصل في أن المطعون ضدهم – عدا الأخير، أقاموا الدعويين رقمي 1495 و2694 سنة 1973
مدني كلي شمال القاهرة ضد الطاعنين والمطعون ضده الأخير بطلب الحكم ببطلان
المحررات المبينة بصحيفتي الدعويين والصادرة من
الموروث والمرحوم .... إلى الطاعنين. وقالوا في بيان ذلك أن المورث المذكور كان
يعاني منذ عام 1967 وحتى وفاته من حالة ذهنية متدهورة مما حدا باثنين منهم إلى
تقديم طلب توقيع الحجر عليه للعته قيد رقم 209 سنة 1967 أحوال كلي مصر الجديدة غير
أنه قضى برفضه وتأيد الحكم استئنافيا بتاريخ 11/4/1972 في الاستئناف رقم 41 سنة
1984 ق أحوال شخصية القاهرة وإذ توفى المورث بعد ذلك في /1973 وكانت تلك التصرفات
التي أجراها للطاعنين باطلة لصدورها منه وهو في حالة عته وغفلة فضلا عن صوريتها
فقد أقاموا مدعاهم. ضمت محكمة الدرجة الأولى الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد ثم أحالتهما
للتحقيق ليثبت المطعون ضدهم الستة الأول – بكافة طرق الإثبات القانونية إن المورث
كان في حالة عته أو غفلة وقت صدور التصرفات موضوع التداعي وبعد سماع الشهود حكمت
المحكمة في الدعوى الأولى رقم 1495 سنة 1973 ببطلان عقد البيع المسجل رقم 865 سنة
1972 الجيزة الصادر من المورث إلى الطاعن الثاني – وفي الدعوى الثانية رقم 2694
سنة 1973 ببطلان العقود المسجلة بأرقام 6549 سنة 1962، 6991 سنة 62، 363 سنة 63،
3067 سنة 63 القاهرة 7096 سنة 1964، 3810 سنة 1966 الشرقية والعقد العرفي المحرر
في 27/9/1969 والصادرة من
المورث إلى الطاعنين وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعنون هذا الحكم
بالاستئناف رقم 3531 سنة 1969 ق القاهرة. وبتاريخ 21/6/1980 أحالت محكمة الاستئناف
الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم الستة الأول أن المورث كان في الوقت الذي
أبرم فيه التصرفات موضوع التداعي منعدم التمييز لإصابته بحالة عته شيخوخي وإن هذه
الحالة كانت شائعة وقت التعاقد وإن المتصرف إليهم كانوا على علم وبينة من قيام
حالة العته بالمورث، وبعد أن استمعت المحكمة للشهود عادت وقضت في 24/3/1981 بإحالة
الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم الستة الأول بأن تصرفات المورث جميعها
صورية صورية مطلقة وسببت أضرارا بحقهم في الميراث. وبعد إجراء التحقيق حكمت بجلسة
20/6/1981 بإلغاء الحكم المستأنف فيما يقضي به من بطلان العقد المسجل رقم 1796 سنة
1954 الزقازيق بتاريخ 9/9/1954 وبرفض الدعوى رقم 2694 سنة 1973 مدني كلي شمال القاهرة
في هذا الشق وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق
النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه
المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها صرحت المحكمة لمحامي الخصوم والنيابة
بتقديم مذكرات تكميلية وبعد إيداعها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من
أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم اعتبر أن حجية الحكم
رقم 41 سنة 48 ق أحوال شخصية القاهرة القاضي نهائيا برفض طلب توقيع الحجر على
المورث هي حجية قاصرة على طالبتي الحجر في الدعوى المذكورة فقط وهما ..... و..... دون
أن يتعداهما إلى باقي المطعون ضدهم لأنهم ليسوا خصوما في طلب الحجر المذكور في حين
أن المقرر في أحكام القانون المصري والشريعة الإسلامية أن دعوى الحجر هي من دعاوى
الحسبة وهي دعوى عامة كالدعوى الجنائية تباشرها النيابة العامة بوصفها ممثلة
للمجتمع كما ناط بها القانون القيام بكافة الإجراءات الواجبة في هذا الشأن من
تحقيق وتحفظ على الأموال ورفع الدعوى والطعن في الحكم الذي يصدر فيها ومن ثم فإن
النيابة تعتبر هي الخصم الأساسي والرئيسي في الدعوى دون طالب الحجر الذي لا يعد
خصما للمدعي لأنه لا يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتي قبله،
وإذ كان ذلك وكانت محكمة الولاية على المال هي المختصة أصلا بالفصل في هذه الدعوى
فإن حكمها سواء كان قاضيا بفرض الحجر أو برفض طلبه له حجية مطلقة قبل الكافة وذلك
باعتبار أن النيابة العامة هي الخصم الذي يمثل المجتمع بأسره واستهداء بما نصت
عليه المادة 218 من قانون المرافعات من أنه فيما عدا الأحكام الخاصة بالطعون التي ترفع من النيابة العامة لا يفيد من الطعن إلا من
رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، هذا فضلا عن أن مسائل الأهلية والحالة
الشخصية يقتضي وجوب اعتباره وحدة واحدة لا تنقسم ولا تتجزأ، لما كان ذلك فإن الحكم
رقم 41 لسنة 84 ق أحوال شخصية القاهرة القاضي نهائيا في 11/ 4/ 1972 بانتفاء حالة
العته عن المورث وعدم قيامها لديه وباكتمال أهليته في التاريخ المذكور وبرفض طلب
الحجر عليه لهذا السبب والمقيد رقم 209 سنة 1967 أحوال كلي مصر الجديدة – تكون حجية مطلقة في هذا الصدد قبل الكافة يحول دون
إعادة طرح هذه المسألة من جديد، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يعتد
بتلك الحجية وقضى على
خلاف الحكم السابق بقيامها لديه سنة 1961 حتى وفاته فإنه يكون معيبا بما يستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه لما كانت حجية الأحكام – وعلى نحو
ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لكل من المادتين 405 من القانون المدني والملغاة
و101 من قانون الإثبات تقوم على أساس قرينة قانونية قاطعة مفادها أن حكم القاضي هو
عنوان الحقيقة بما فرضه المشرع فيه من حجية مطلقة لا يجوز
معها إعادة طرح النزاع من جديد أو قبول إثبات ما يخالفه وذلك رعاية لحسن سير
العدالة وضمانا للاستقرار واتقاء تأييد المنازعات أو وقوع التعارض بين الأحكام وهي أمور
متعلقة بالنظام العام بل وتسمو على اعتباراته، ومؤدى ذلك أن الحقيقة القضائية
قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية ويقتصر أثر هذه القرينة في تخويل الخصوم حق
التمسك بها وللمحاكم حق إثارتها من تلقاء نفسها، كما يتوقف مداها – من حيث كونها مطلقة أو نسبية
– على طبيعة ونوع وموضوع المسألة التي أقامت عليها تلك الحقيقة ومدى تعلقها
بالنظام العام ومصلحة المجتمع العامة أو بمصالح الأفراد الخاصة، فإن كانت متعلقة
بمصالح عامة أو كان من شأنها تقرير مراكز قانونية في المجتمع وكانت سلطة المحكمة
في شأنها غير مقيدة بإرادة الخصوم ولا مرهونة بما يقدمونه من أدلة – وذلك كالمسائل
الجنائية أو مسائل الأحوال الشخصية أو التي تأبى طبيعتها إلا أن تكون عامة – فإن
حجيتها تكون مطلقة وقبل الناس
كافة – أما إذا كانت متعلقة بمصلحة الأفراد الخاصة أو حقوقهم الذاتية ومرهونة
بالتالي بإرادة الخصوم وما يقدمونه من أدلة فإن حجيتها تكون نسبية وقاصرة على
أطرافها دون سواهم – وإذ كان ذلك وكانت مسائل الأحوال الشخصية وهي مجموعة متميزة
من الصفات الطبيعية أو العائلية للشخص والتي رتب القانون عليها أثرا في حياته
الاجتماعية ككونه إنسانا ذكرا أو أنثى وكونه زوجا أو أرملة أو مطلقا وكونه أبا
وابنا وكونه كامل الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون وباعتبار أنها تقوم
على تقرير مراكز قانونية أو حالات أو صفات معينة يرتب عليها القانون أثرا في حياة
الأشخاص الاجتماعية ومن ثم فقد أحاطها المشرع بإجراءات وضمانات خاصة من بينها وجوب
تمثيل النيابة العامة فيها بوصفها نائبه عن المجتمع وبالتالي فإن الأحكام الصادرة فيها تكون لها بهذه المثابة حجية مطلقة قبل الكافة، وذلك دون التفات لما إذا كانت تلك الأحكام مقررة أو منشئة لما تضمنته من حقوق إذ أن الحقيقة القضائية في مسائل
الأحوال، كالأهلية والزواج والبنوة والاسم والجنسية – سواء كانت صادرة إيجابا
بالقبول أو سلبيا بالرفض – لا يعدو كما سلف البيان – أن تكون تقريرا بمركز قانوني
أو حالة أو صفة تتميز في ذاتها بالوحدة والإطلاق وعدم القابلية للتجزئة وترتب
بدورها أثارا من شأنها تحديد وضع الشخص في المجتمع مما لازمه أن تكون هذه الآثار
واحدة ومطلقة وعامة قبل الكافة ومسلما بها منهم، لما كان ذلك وكان من المقرر أيضا – وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة – أن النزاع في مواد الولاية على المال ينطوي في حقيقته على معنى
الحسبة حفاظا على أموال ناقصي الأهلية وعديمها وليس بخصومة حقيقية وكان طلب الحجر
لعارض من عوارض الأهلية يستهدف مصلحة خاصة ومصالح عامة ترجع كلها إلى حفظ مال من لا يستطيع المحافظة على ما له فهو بهذه المناسبة طلب
شخصي لصيق بإنسان على قيد الحياة هو المطلوب الحجر عليه إذ تستدعي حالته اتخاذ
تدابير معينة لحمايته من نفسه ومن الغير وذلك بفرض القوامة عليه وإخضاعه لإشراف
محكمة الولاية على المال بإجراءات توجه إلى شخص المطلوب الحجر عليه ولذلك ناطت
المادة 969 من قانون المرافعات بالنيابة العامة عليه رعاية مصالحه والتحفظ على
أمواله والإشراف على إدارتها وخولت لها في هذا السبيل سلطة التحقيق في حالة المطلوب الحجر عليه وقيام أسباب
الحجر التي حددها القانون واقتراح التدابير التي ترى اتخاذها للحفاظ على أمواله
مما مفاده أن النيابة العامة تعد هي الخصم الأساسي والرئيسي في دعوى الحجر بوصفها
ممثلة للمجتمع – وإنه إذا كان القانون قد أجاز لأي من الأقارب أو الأشخاص طلب
توقيع الحجر والحضور في إجراءاته والطعن في حكمه باعتبار أنها دعوى حسبة على ما
سلف بيانه – فإن ذلك لا يعني أنه يعد طرفا في دعوى الحجر ولا خصما للمطلوب الحجر
عليه إذ أنه لا يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتي قبله ومن
ثم يبقى المدعى عليه وحده هو المقصود بالحماية وصاحب الحق في الدعوى وبالتالي
فإنها تتوقف على وجوده وتنقضي بوفاته. لما كان ذلك فإن الحكم الذي يصدر في دعوى
الحجر من محكمة الولاية على المال تكون له حجية مطلقة قبل الكافة أيا كان
وجه قضائه سواء بإجابة الطلب – أي بتقريرها عارض الأهلية لدى المدعى عليه وبتوقيع
الحجر – أو سلبا برفض الطلب – أي بنفي عارض الأهلية عن المدعى عليه وباكتمال
أهليته – وذلك لأنه ينطوي في الحالتين على تقرير مركز قانوني يتحدد به وضع المدعى
عليه في المجتمع وحالة رتب عليها القانون أثارا معينة في حياته وصفة تتميز بالوحدة
والإطلاق بما يقتضي أن تكون قائمة في مواجهة الكافة،
وأن يكون مسلما بها منهم ومن ثم تكون للحكم بهذه المثابة – فضلا عن كون النيابة
العامة هي الخصم الأساسي في الدعوى بوصفها ممثلة للمجتمع – حجية مطلقة، لما كان ما تقدم وكان البين من مطالعة الحكم النهائي رقم 41
سنة 84 ق أحوال شخصية القاهرة الصادر بتاريخ 11/ 4/ 1972 أن كلا من المطعون ضدها
الثانية والثالثة قدمتا للنيابة العامة طلبا للتوقيع الحجر على والدهما المرحوم
..... للعته والسفه وهو ما قيدت به الدعوى رقم 209 ق سنة 67 أحوال كلي مصر الجديدة
– وبتاريخ 2/ 12/ 1967 قضت محكمة الدرجة الأولى برفض طلب الحجر تأسيسا على ما ثبت
للمحكمة من التقارير الطبية المقدمة ومن مناقشتها للمدعى عليه شخصيا من انتفاء
حالة العته لديه فضلا عن أنه لم يخرج فيما تصرف فيه من أمواله على مقتضى العقل
والشرع ولا تنم تصرفاته عن إصابته بالسفه أو الغفلة، وإذ استأنف المطعون ضدهما هذا
الحكم فقد قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف لما ساقته على ذلك من أسباب
قطعت فيها بانتفاء حالة العته عن المورث بقولها "وترى
المحكمة من تقرير مدير إدارة الاستشفاء للصحة العقلية والمؤرخ 13/ 11/ 1967 ومن تقرير
كبير الأطباء الشرعيين المؤرخ 4/ 10/ 1971 ومن تقرير الدكتور ...... المرفق
بالتقرير الأخير أن المستأنف عليه سليم في قواه العقلية وأنه لم يطرأ عليه بما
يمكن معه أن يوهم بالعته وإنه يتمتع بحالة صحية مناسبة طيبة وإنه ذو حجة وليس به
جنه وترى المحكمة أن مناقشة المستأنف عليه شخصيا بمعرفتها وكذلك بواسطة الأطباء
المنتدبين قد أسفرت عن إجابات سليمة وليس في تصرف المستأنف عليه لبعض أولاده في
بعض أمواله بعوض أو بغير عوض ما ينبئ عن قيام حالة السفه لديه وترى المحكمة أن
تصرفات المستأنف عليه والواردة بتحقيقات النيابة وفي أقواله أمام الأطباء
المنتدبين لا تنم عن أن تلك التصرفات تخالف مقتضى العقل والشرع.
ومؤدى ذلك أن الحكم قطع بانتفاء حالة العته لدى المورث وباكتمال
أهليته من واقع الفحوص الطبية والخبرة الفنية والمناقشة الشخصية خلال الفترة من
تاريخ تقديم طلب الحجر في 1967 وحتى صدور الحكم في 11/ 4/ 1972. لما كان ذلك وكان
البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهم الستة الأول أقاموا الدعويين
رقمي 1499 سنة 1973، 2694 سنة 1973 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم ببطلان
التصرفات الصادرة من المورث إلى الطاعنتين والمبينة بصحيفتي الدعويين تأسيسا على أن
المورث كان منذ عام 1967 وحتى وفاته في 28/ 1/ 1973 يعاني من حالة ذهنية متدهورة
وأن المدعيتين ..... و..... طلبتا الحجر عليه للعته وقضى برفض الطلب، وكان
الطاعنون قد واجهوا هاتين الدعويين بالتمسك بما للحكم النهائي رقم 41 سنة 84 ق
أحوال شخصية القاهرة السالف ذكره، من حجية مطلقة في شأن
اكتمال أهلية المورث وانتفاء حالة العته لديه، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن
الاعتداد بهذه الحجية بمقولة
أنها حجية نسبية قاصرة على أطراف الخصومة في طلب الحجر – وهما المطعون ضدهما
الثانية والثالثة – ولا تتعداهما إلى الغير، لما كان ذلك فإن الحكم يكون – في هذا
الخصوص – قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة
للتعرض لباقي أسباب الطعن.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.