جلسة 26 من يناير سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ موسى محمد مرجان "نائب رئيس المحكمة"
وعضوية السادة القضاة/ أحمد صلاح الدين وجدي، عثمان مكرم توفيق، حسام حسين الديب،
وعبد المنعم إبراهيم الشهاوي "نواب رئيس المحكمة".
------------------
(1)
الطعن 268 لسنة 84 ق "رجال قضاء"
(1 ، 2) مجلس القضاء الأعلى "تشكيل مجلس
القضاء الأعلى" "بعض اختصاصات مجلس القضاء الأعلى".
(1) مجلس القضاء الأعلى. تشكيله من كبار رجال
القضاء واختصاصاته وفقا للمادتين 77 مكررا (1) ومكررا (2) ق السلطة القضائية
المضافة بق 35 لسنة 1984. عله ذلك. تمكينه من فرض هيمنته على كافة شئون القضاة
ورجال النيابة العامة من تعيين وترقية ونقل وندب وغيرها من الشئون المبينة في
القانون تأكيدا لاستقلال السلطة القضائية.
(2) تفويض المشرع مجلس القضاء الأعلى لوضع
قواعد في شأن تفصيلات المسائل الداخلة في اختصاصه. ارتقاؤها إلى مصاف القواعد
القانونية الحاكمة لتلك المسائل وتطبيقها بصفة مجردة على ما يستجد من وقائع. عله
ذلك. إرساء قواعد على أسس ثابتة تطبق على الحكام والمحكومين. م77 مكررا (4)ق
السلطة القضائية المضافة بق 35 لسنة 1984.
(3) حكم "تسبيب الأحكام".
وجوب اشتمال الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية والاستئنافية على
الأسباب التي بنيت عليها. م176 مرافعات. مقتضاه. بيان الحكم موضوع الدعوى وطلبات
الخصوم وسندهم فيها وما استخلص ثبوته من الوقائع وطريقة ذلك الثبوت وما طبقه من
قواعد قانونية. مقصوده. حمل القضاة على بذل الجهد في تمحيص القضايا وصيرورة
أحكامهم موافقة للقانون. أثره. خضوع الأحكام وتسبيبها لرقابة محكمة النقض في
الحدود المبينة في القانون. التقصير في ذلك. مؤداه. بطلان الحكم.
(4) دعوى" الدفاع فيها: الدفاع الجوهري".
إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم مؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها.
أثره. بطلان الحكم وقصور في أسبابه الواقعية.
(5) تعيين "إعادة التعيين".
تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بتوافر الشروط اللازمة لإعادة تعيينه
في القضاء وفق القواعد التي أقرها مجلس القضاء الأعلى بجلسته في 3 من فبراير سنة
2003 وعدم خضوعه للقواعد التي أقرها بجلسة 15 من يوليو سنة 2013 لإخلالها بمبدأ
المساواة بينه ونظرائه بالجهات القضائية الأخرى. دفاع جوهري. عدم بحث محكمة
الموضوع له وفحصه وتمحيصه وعدم تكليفها المطعون ضدهم بتقديم قراري مجلس القضاء
الأعلى بشأن ضوابط إعادة التعيين وما لحقه من تعديل. قصور مبطل.
----------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادتين 77 مكررا (1)،
77 مكررا (2) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المضافة بالقانون رقم 35
لسنة 1984 يدل- وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 35 لسنة 1984،
وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأنه- على أنه تأكيدا لاستقلال القضاء
فقد رئي إنشاء "مجلس القضاء الأعلى" يشكل بكامله من كبار رجال القضاء
أنفسهم لتكون له الهيمنة على شئون القضاة ورجال النيابة العامة من تعيين وترقية
ونقل وندب وغير ذلك من الشئون المبينة في القانون، ذلك أن من أهم دعائم استقلال
القضاء أن يقوم القضاء ذاته على شئون رجاله دون مشاركة أو تدخل من سلطة أخرى،
فأصبح القضاء متفردا بتصريف شئون رجاله على النحو الذي يحقق الاستقلال الكامل للسلطة
القضائية.
2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في
المادة 77 مكررا (4) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المضافة بالقانون
رقم 35 لسنة 1984 يدل- وعلى ما ورد بتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية (لذلك
القانون)- على أن المشرع فوض مجلس القضاء الأعلى لوضع قواعد في شأن تفصيلات
المسائل الداخلة في اختصاصه ليرتقي بهذه القواعد- وفق المبادئ الدستورية المعمول
بها في شأن التفويض إلى مصاف القانون بمعناه العام وتصبح هذه القواعد إطارا حاكما
لتلك التفصيلات وتطبق بصفة مجردة على ما يستجد من وقائع، ذلك أنه وإذا كان من أسمى
مهام الدولة في العصر الحديث بث الطمأنينة في نفوس المواطنين وتأمينهم على حقوقهم
بالاحتكام إلى سيادة القانون وإرساء قواعد على أسس ثابتة تطبق على الحكام
والمحكومين، فإن ذلك بالنسبة للمسائل التي تدخل في اختصاص مجلس القضاء الأعلى أولى
وأوجب لتوفير المزيد من الضمانات التي تكفل للقاضي اطمئنانه واستقلاله وترسي قواعد
العدالة على أسس وطيدة ثابتة.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن المشرع
أوجب في المادة 176 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على المحاكم الابتدائية
ومحاكم الاستئناف أن تكون أحكامها مشتملة على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت
باطلة، وإذ أوجب ذلك لم يكن قصده منه استتمام الأحكام من حيث الشكل بل حمل القضاة
على بذل الجهد في تمحيص القضايا لتجيء أحكامهم ناطقة بعدالتها وموافقتها للقانون،
ثم إنه أوكد وجوب تسبيب الأحكام على هذا المعنى بإخضاعه إياها لمراقبة محكمة النقض
في الحدود المبينة بالقانون، تلك المراقبة التي لا تتحقق إلا إذا كانت الأحكام مسببة
تسبيبا واضحا كافيا، إذ بغير ذلك يستطيع قاضي الموضوع أن يجهل طريق هذه المراقبة
على محكمة النقض بأن يكتفي بذكر أسباب مجملة أو غامضة أو ناقصة أو أسباب مخلوط
فيها بين ما يشتغل هو بتحقيقه والحكم فيه من ناحية الموضوع وبين ما تراقبه فيه
محكمة النقض من ناحية القانون، لذلك كان واجبا على قاضي الموضوع أن يبين في حكمه
موضوع الدعوى وطلبات الخصوم وسند كل منهم، وأن يذكر ما استخلص ثبوته من الوقائع
وطريق هذا الثبوت وما الذي طبقه من القواعد القانونية، فإذا هو قصر في ذلك كان
حكمه باطلا وتعين نقضه.
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن إغفال
الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا
ومؤثرا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في أسباب
الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان
عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا
ما رأته متسما بالجدية مضت في فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان
حكمها قاصرا.
5 - إذ كان البين من صحيفة افتتاح الدعوى
ومذكرة الطاعن المقدمة أمام محكمة الموضوع بجلسة 26 من يناير 2014 تمسكه بتوافر
الشروط اللازمة لإعادة تعيينه بالقضاء وفق القواعد التي أقرها مجلس القضاء الأعلى
بجلسته المنعقدة في 3 من فبراير 2003، واعتصم بعدم خضوعه للقواعد الجديدة التي
أقرها المجلس في 15 من يوليو 2013، ذلك أن إعمال هذه القواعد الأخيرة في حقه يرتب
إخلالا بمبدأ المساواة بينه ونظرائه في الجهات القضائية الأخرى، وكان البين من
مذكرة دفاع المطعون ضدهم المقدمة أمام محكمة الموضوع بجلسة 28 من نوفمبر 2013
تمسكهم بأن سبب رفض طلب الطاعن إعادة تعيينه في القضاء إعمال القواعد الجديدة في
حقه وتعديل الضوابط السابقة، وإذ لم تكلف محكمة الموضوع نائب الدولة بتقديم سند
رده- صورة قرار مجلس القضاء الأعلى بضوابط إعادة التعيين وما لحقه من تعديل- لتطرح
دلالته على بساط البحث وتقسطه حقه من الفحص والتمحيص وذلك بعد أن قدم الطاعن كتاب
أمين عام مجلس القضاء الأعلى الذي يفيد رفض المجلس إعطائه ما صرحت به محكمة
الموضوع من استخراج صورة من قرار المجلس المشار إليه، ولم تفطن إلى أن نكول المجلس
عن تقديم هذا المستند الذي تحت يده بغير مبرر ينشئ قرينة لصالح خصمه بصحة ما
يدعيه، وأغفل الحكم المطعون فيه بحث دفاع الطاعن في هذا الشأن ولم يعن ببحث أثره
في الدعوى، واكتفى بعبارة عامة مرسلة بمقولة "... أنه لا يجدي الطاعن استعراض
قواعد مجلس القضاء الأعلى طالما أن سلطة تقدير انطباقها من إطلاقات هذا المجلس
...." رغم أن مشروعية هذا التقدير تخضع لرقابة القضاء في ظل مبدأ سيادة
القانون، فإنه يكون قد عابه القصور المبطل مما يوجب نقضه، وحيث إن موضوع الدعوى
رقم ..... لسنة 130ق القاهرة "رجال القضاء غير صالح للفصل فيه، ولما تقدم،
يتعين إحالتها إلى محكمة الموضوع ليتناضل الخصوم فيها ولكي لا يفوت عليهم درجة
التقاضي الوحيدة.
------------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-
تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى ........ لسنة 130ق استئناف القاهرة "دائرة
رجال القضاء" على المطعون ضدهم بصفاتهم بطلب الحكم بإلغاء قراري مجلس القضاء
الأعلى الصادرين بتاريخي 21، 28 من أغسطس 2013 برفض إعادة تعيين الطاعن في وظيفة
رئيس محكمة استئناف، وقال بيانا لدعواه إنه كان يشغل وظيفة رئيس محكمة استئناف قبل
تكليفه بقرار المجلس العسكري رقم .... لسنة 2011 محافظا لبني سويف ثم بالقرار
الجمهوري رقم .... لسنة 2013 محافظا للإسكندرية، وانتهى تكليفه بهذا العمل القومي
بتاريخ 13 من أغسطس 2013، فتقدم إلى مجلس القضاء الأعلى بطلب إعادة تعيينه، وقد
توافرت في حقه الشروط والضوابط التي أقرها المجلس بتاريخ 3/2/2003 لإعادة التعيين
في القضاء، إلا أنه فوجئ برفض طلبه فتظلم أمام ذات المجلس الذي رفض تظلمه، ومن ثم
فقد أقام الدعوى، بتاريخ 26 من مارس 2014 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعن الطاعن في
هذا الحكم بطريق النقض، وأودع المطعون ضدهم بصفاتهم مذكرة طلبوا فيها رفض الطعن،
وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة
في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن
لمجلس القضاء الأعلى سلطة تقدير مدى صلاحية الطاعن للعودة لشغل وظيفة القضاء، في
حين أن مسألة الصلاحية لم تكن مسألة أساسية مطروحة على المحكمة إذ اقتصر دفاع نائب
الدولة- الحاضر عن المطعون ضدهم بصفاتهم- على أن سبب رفض إعادة تعيين الطاعن يرجع
إلى إصدار مجلس القضاء الأعلى بجلسته المنعقدة في 15 من يوليو 2013 تعديل لقواعد
إعادة التعيين في الوظائف القضائية السابق إقرارها بجلسة 3 من فبراير 2003، وأن
هذا التعديل منع إعادة تعيين من سبق له شغل منصب وزير أو محافظ. فضلا عن أن الحكم
المطعون فيه أغفل دفاع الطاعن المتمثل فيما ترتب على إعمال التعديل المشار إليه من
إخلال بمبدأ المساواة مع النظراء في الجهات القضائية الأخرى، الأمر الذي يعيبه بما
يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 77 مكررا (1) من قانون
السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المضافة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 على أن
"يشكل مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيس محكمة النقض وبعضوية كل من
......." وفي المادة 77 مكررا (2) من هذا القانون على أن "يختص مجلس
القضاء الأعلى بنظر كل ما يتعلق بتعيين وترقية ونقل وندب وإعارة رجال القضاء
والنيابة العامة وكذلك سائر شئونهم على النحو المبين في هذا القانون ...."
يدل- وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 35 لسنة 1984، وتقرير
لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأنه- على أنه تأكيدا لاستقلال القضاء فقد رئي
إنشاء "مجلس القضاء الأعلى" يشكل بكامله من كبار رجال القضاء أنفسهم
لتكون له الهيمنة على شئون القضاة ورجال النيابة العامة من تعيين وترقية ونقل وندب
وغير ذلك من الشئون المبينة في القانون، ذلك أن من أهم دعائم استقلال القضاء أن
يقوم القضاء ذاته على شئون رجاله دون مشاركة أو تدخل من سلطة أخرى، فأصبح القضاء
متفردا بتصريف شئون رجاله على النحو الذي يحقق الاستقلال الكامل للسلطة القضائية،
والنص في المادة 77 مكررا (4) من القانون سالف الذكر على أن "يضع المجلس
لائحة بالقواعد التي يسير عليها في مباشرة اختصاصه ...." يدل- وعلى ما ورد
بتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية سالف الذكر- على أن المشرع فوض مجلس
القضاء الأعلى لوضع قواعد في شأن تفصيلات المسائل الداخلة في اختصاصه ليرتقي بهذه
القواعد- وفق المبادئ الدستورية المعمول بها في شأن التفويض- إلى مصاف القانون
بمعناه العام وتصبح هذه القواعد إطارا حاكما لتلك التفصيلات وتطبق بصفة مجردة على
ما يستجد من وقائع، ذلك أنه وإذا كان من أسمى مهام الدولة في العصر الحديث بث
الطمأنينة في نفوس المواطنين وتأمينهم على حقوقهم بالاحتكام إلى سيادة القانون
وإرساء قواعد على أسس ثابتة تطبق على الحكام والمحكومين، فإن ذلك بالنسبة للمسائل
التي تدخل في اختصاص مجلس القضاء الأعلى أولى وأوجب لتوفير المزيد من الضمانات
التي تكفل للقاضي اطمئنانه واستقلاله وترسي قواعد العدالة على أسس وطيدة ثابتة،
وكان من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن المشرع أوجب في المادة 176 من قانون
المرافعات المدنية والتجارية على المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف أن تكون
أحكامها مشتملة على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة، وإذ أوجب ذلك لم يكن
قصده منه استتمام الأحكام من حيث الشكل بل حمل القضاة على بذل الجهد في تمحيص
القضايا لتجيء أحكامهم ناطقة بعدالتها وموافقتها للقانون، ثم إنه أوكد وجوب تسبيب
الأحكام على هذا المعنى بإخضاعه إياها لمراقبة محكمة النقض في الحدود المبينة
بالقانون، تلك المراقبة التي لا تتحقق إلا إذا كانت الأحكام مسببة تسبيبا واضحا
كافيا، إذ بغير ذلك يستطيع قاضي الموضوع أن يجهل طريق هذه المراقبة على محكمة
النقض بأن يكتفي بذكر أسباب مجملة أو غامضة أو ناقصة أو أسباب مخلوط فيها بين ما
يشتغل هو بتحقيقه والحكم فيه من ناحية الموضوع وبين ما تراقبه فيه محكمة النقض من
ناحية القانون، لذلك كان واجبا على قاضي الموضوع أن يبين في حكمه موضوع الدعوى
وطلبات الخصوم وسند كل منهم، وأن يذكر ما استخلص ثبوته من الوقائع وطريق هذا
الثبوت وما الذي طبقه من القواعد القانونية، فإذا هو قصر في ذلك كان حكمه باطلا
وتعين نقضه، ومن المقرر أيضا أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه
بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهت إليها
المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه،
ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن
كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسما بالجدية مضت في فحصه
لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرا. لما كان ذلك، وكان
البين من صحيفة افتتاح الدعوى ومذكرة الطاعن المقدمة أمام محكمة الموضوع بجلسة 26
من يناير 2014 تمسكه بتوافر الشروط اللازمة لإعادة تعيينه بالقضاء وفق القواعد
التي أقرها مجلس القضاء الأعلى بجلسته المنعقدة في 3 من فبراير 2003، واعتصم بعدم
خضوعه للقواعد الجديدة التي أقرها المجلس في 15 من يوليو 2013، ذلك أن إعمال هذه
القواعد الأخيرة في حقه يرتب إخلالا بمبدأ المساواة بينه ونظرائه في الجهات
القضائية الأخرى، وكان البين من مذكرة دفاع المطعون ضدهم المقدمة أمام محكمة
الموضوع بجلسة 28 من نوفمبر 2013 تمسكهم بأن سبب رفض طلب الطاعن إعادة تعيينه في
القضاء إعمال القواعد الجديدة في حقه وتعديل الضوابط السابقة، وإذ لم تكلف محكمة
الموضوع نائب الدولة بتقديم سند رده- صورة قرار مجلس القضاء الأعلى بضوابط إعادة
التعيين وما لحقه من تعديل- لتطرح دلالته على بساط البحث وتقسطه حقه من الفحص
والتمحيص وذلك بعد أن قدم الطاعن كتاب أمين عام مجلس القضاء الأعلى الذي يفيد رفض
المجلس إعطائه ما صرحت به محكمة الموضوع من استخراج صورة من قرار المجلس المشار
إليه، ولم تفطن إلى أن نكول المجلس عن تقديم هذا المستند الذي تحت يده بغير مبرر
ينشئ قرينة لصالح خصمه بصحة ما يدعيه، وأغفل الحكم المطعون فيه بحث دفاع الطاعن في
هذا الشأن ولم يعن ببحث أثره في الدعوى، واكتفى بعبارة عامة مرسلة بمقولة
"... أنه لا يجدي الطاعن استعراض قواعد مجلس القضاء الأعلى طالما أن سلطة
تقدير انطباقها من إطلاقات هذا المجلس ...." رغم أن مشروعية هذا التقدير تخضع
لرقابة القضاء في ظل مبدأ سيادة القانون، فإنه يكون قد عابه القصور المبطل مما
يوجب نقضه.
وحيث إن موضوع الدعوى رقم ..... لسنة 130 ق القاهرة "رجال
القضاء" غير صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين إحالتها إلى محكمة الموضوع
ليتناضل الخصوم فيها ولكي لا يفوت عليهم درجة التقاضي الوحيدة.