الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 9 مايو 2022

الطعن 10906 لسنة 76 ق جلسة 16 / 4 / 2015 مكتب فني 66 ق 86 ص 564

جلسة 16 من أبريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي د. مدحت محمد سعد الدين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ علي مصطفى معوض، هاني فوزي شومان نائبي رئيس المحكمة، وائل صلاح الدين قنديل وأيمن عبد القادر العدوي.
----------

(86)
الطعن رقم 10906 لسنة 76 القضائية

(1 ، 2) مسئولية "مسئولية حراسة الأشياء: مسئولية مالك المصنع والآلة على أساسين كحارس عليها وكمتبوع مسئول عن أعمال تابعيه".
(1) مالك المصنع والآلة. مسئوليته كحارس على الآلة وكمتبوع عن أعمال تابعيه في تركيبها وتشغيلها. علة ذلك.
(2) مسئولية حارس الشيء. قيامها على أساس خطأ مفترض وقوعه من الحارس. تحققها. سيطرته الفعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا. درؤها عن الحارس. سبيله. إثبات أن وقوع الضرر كان بسبب القوة القاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
(3 ، 4) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في تكييف الدعوى".
(3) دعوى التعويض عن المسئولية. للمحكمة من تلقاء نفسها أن تحدد الأساس القانوني الصحيح للدعوى. لا يعد ذلك تغييرا للسبب فيها.
(4) قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن بالتعويض تأسيساً على أنه لم يثبت سبب انفجار الزجاجة- محدثة إصابة نجلته- إنتاج المطعون ضده الأول بصفته. خطأ. علة ذلك. الأخير هو المكلف بإثبات انتفاء مسئوليته بالسبب الأجنبي أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.

-----------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن المسئولية الشيئية ومسئولية المتبوع من أنظمة المسئولية التقصيرية يكمل كل منها الآخر، وليس في القانون ما يمنع من أن تتحقق مسئولية مالك المصنع والآلة على الأساسين معا، فالآلة تعتبر في حراسة مالكها ولو أسند تركيبها وتشغيلها إلى تابعين له، ومن ثم يسأل كمتبوع عن أخطاء تابعيه، فضلا عن مسئوليته كحارس على الآلة عما تلحقه من ضرر بالغير.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- إذ كان مؤدى ذلك أن هذا النوع من المسئولية (حراسة الأشياء) قوامه الخطأ المفترض الذي يتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي أو الاعتباري على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه، ومن ثم لا تدرأ عن الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وإنما ترتفع هذه المسئولية إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه بأن يكون الفعل خارجا عن الشيء، فلا يكون متصلا بداخليته أو تكوينه أو راجعا إلى قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى يتعين عليها من تلقاء نفسها أن تحدد الأساس الصحيح للمسئولية التي استند إليها المضرور في طلب التعويض، وأن تتقصى الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها.

4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى تأسيسا على أن الطاعن قد أخفق في إثبات سبب انفجار الزجاجة مع أن المطعون ضده الأول هو المكلف بإثبات أن مسئوليته تنتفي بالسبب الأجنبي أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه بالقصور في التسبيب.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن بصفته وليا طبيعيا على ابنته المجني عليها أقام على الشركة المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم .... لسنة 2003 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بمبلغ 600.000 جنيه تعويضا عن إصابتها نتيجة انفجار زجاجة "....." من إنتاج الشركة مما أدى إلى استئصال عينها اليسرى، وتحرر عن ذلك المحضر رقم .... لسنة 2002 عوارض مركز إمبابة، ومن ثم فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد سماع شاهدي الطاعن أدخلت الشركة باقي المطعون ضدهم بتاريخ 27/ 2/ 2005 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدهم بالتعويض الذي قدرته بالتضامن. استأنفت الشركة المطعون ضدها الثانية هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 9 ق القاهرة، كما استأنفه الطاعن بصفته أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم .... لسنة 9ق, واستأنفته الشركة المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم .... لسنة 9ق، والشركة المطعون ضدها الأخيرة بالاستئناف رقم .... لسنة 9ق. ضمت المحكمة الاستئنافات الأربعة، وبتاريخ 26/ 4/ 2006 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة مشورة- فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن إصابة نجلته التي تخلف عنها عاهة مستديمة تتمثل في استئصال عينها اليسرى نشأت عن انفجار زجاجة البيبسي التي أنتجها المطعون ضده الأول بصفته، وقد أثبت الطبيب الشرعي أن هذه الإصابة حدثت وفق التصوير الذي جاء بأقوال الشهود وألحقت أضرارا بابنته المجني عليها مما يثبت مسئولية الشركة عنها، غير أن الحكم المطعون فيه ألغى حكم أول درجة وقضى برفض الدعوى مستندا إلى إخفاق الطاعن في إثبات سبب انفجار الزجاجة، ومن ثم ركن الخطأ الذي تتحقق به مسئولية المطعون ضده الأول، مع أن هذا الخطأ من العيوب الفنية التي يقع عبء نفيها على الشركة المطعون ضدها الأولى، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- فإن المسئولية الشيئية ومسئولية المتبوع من أنظمة المسئولية التقصيرية يكمل كل منها الآخر، وليس في القانون ما يمنع من أن تتحقق مسئولية مالك المصنع والآلة على الأساسين معا، فالآلة تعتبر في حراسة مالكها ولو كمتبوع عن أخطاء تابعيه، فضلا عن مسئوليته كحارس على الآلة عما تلحقه من ضرر بالغير، وكان مؤدى ذلك أن هذا النوع من المسئولية قوامه الخطأ المفترض الذي يتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي أو الاعتباري على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه، ومن ثم لا تدرأ عن الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما، وإنما ترتفع هذه المسئولية إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه بأن يكون الفعل خارجا عن الشيء، فلا يكون متصلا بداخليته أو تكوينه أو راجعا إلى قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير. لما كان ذلك، وكان المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى يتعين عليها من تلقاء نفسها أن تحدد الأساس الصحيح للمسئولية التي استند إليها المضرور في طلب التعويض، وأن تتقصى الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى تأسيسا على أن الطاعن قد أخفق في إثبات سبب انفجار الزجاجة مع أن المطعون ضده الأول هو المكلف بإثبات أن مسئوليته تنتفي بالسبب الأجنبي أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، فإنه يكون معيبا لخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويوجب نقضه.

الطعن 10711 لسنة 76 ق جلسة 14 / 4 / 2015 مكتب فني 66 ق 85 ص 559

جلسة 14 من أبريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ حامد ذکي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أشرف محمود أبو يوسف، رضا إبراهيم کرم الدين نائب رئيس المحكمة سعيد محمد البنداري وعبد المجيد محمود عبد المجيد.
---------------

(85)
الطعن رقم 10711 لسنة 76 القضائية

(1 - 5) تأمينات اجتماعية "إصابة العمل"، تعويض "الخطأ الموجب للتعويض: تحديده". حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمسئولية التقصيرية والتعويض عنها".
(1) رجوع المضرور بالتعويض على صاحب العمل. مناطه. ثبوت أن إصابة العمل أو الوفاة نشأت عن خطا شخصي من جانبه يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض. م 68 ق 79 لسنة 1975.
(2) استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.
(3) تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. امتداد الرقابة إلى تقدير الوقائع والظروف المؤثرة في استخلاص الخطأ.
(4) فساد الحكم في الاستدلال. ماهيته.
(5) تمسك الطاعن بصفته بانتفاء الخطأ الشخصي الذي أدى إلى إصابة المطعون ضده أثناء العمل. قضاء الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة بثبوت خطا الطاعن بصفته استنادا إلى أقوال شاهدي المطعون ضده من تقاعس الطاعن عن الإنفاق على علاجه بعد الإصابة. خلو تقرير الطب الشرعي مما يدل على أن فقد إبصار عين المطعون ضده اليسرى كان ناجما عن التقاعس في العلاج بعد إصابة العمل. فساد وقصور.

---------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن نص المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 مفاده أن مناط رجوع المضرور بالتعويض على صاحب العمل أو الوفاة قد نشأت عن خطأ شخص من جانبه يرتب مسئولية الذاتية عن هذا التعويض.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط بأن تبين استخلاصها سائغا ومستندا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي تخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض التي تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التي ثبت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبت لديها.

5 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن بصفته قد تمسك أمام محكمة الموضوع بانتفاء خطاء الشخصي الذي أدى إلى إصابة المطعون ضده، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت خطأ الطاعن بصفته وألزمه بالتعويض المحكوم به استنادا إلى ما ورد بأقوال شاهدي المطعون ضده من أن الطاعن قد تقاعس عن الإنفاق على علاجه بعد إصابته، مع أن ذلك - بفرض صحته - لا ينهض دليلا على خطأ الطاعن الشخصي في معنى المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي سالف الإشارة إليها، لا سيما وأن تقرير الطبيب الشرعي الذي ندبته المحكمة قد خلا مما يدل على أن فقد إبصار عين المطعون ضده اليسرى كان ناجما عن التقاعس عن العلاج بعد الإصابة، فمن ثم يكون ما استخلصه الحكم غير سائغ، ولا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، مما يعيبه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم ... لسنة 2001 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائتي ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا عما حاق به من أضرار بسبب نكول الطاعن عن مساعدته بعد إصابته أثناء عمله لديه، مما تسبب في فقد البصر بالعين اليسرى. أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، واستمعت لأقوال الشهود، وبعد أن أودع الخبير الذي ندبته المحكمة تقريره حكمت بالتعويض الذي قدرته. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة 9 ق، واستأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم ... لسنة 91 ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فرأت أنه جدير بالنظر بعد استبعاد السبب الأول لعدم قبوله، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه وفقا للمادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 لا يجوز للعامل المصاب مطالبة رب العمل بتعويض عن الإصابات التي حدثت أثناء العمل إلا إذا كانت قد نشأت عن خطئه الشخصي، وقد تمسك أمام محكمة الموضوع بانتفاء الخطأ في جانبه، وإذ ألزمه الحكم المطعون فيه بالتعويض دون أن يقوم دليل في الأوراق على ثبوت خطأ من جانبه، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سيد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 على أنه "لا يجوز للمصاب أو المستحقين عنه التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التي تستحق عن الإصابة طبقا لأي قانون آخر ... كما لا يجوز لهم ذلك أيضا بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ من جانبه "مفاده أن مناط رجوع المضرور بالتعويض على صاحب العمل أن يثبت أن إصابة العمل أو الوفاة قد نشأت عن خطأ شخص من جانبه يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض، وأنه ولئن كان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تبين استخلاصها سائغا ومستندا من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى، وأن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطا أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض التي تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه، وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التي ثبتت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن بصفته قد تمسك أمام محكمة الموضوع بانتفاء خطأه الشخصي الذي أدى إلى إصابة المطعون ضده، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت خطأ الطاعن بصفته وألزمه بالتعويض المحكوم به استنادا إلى ما ورد بأقوال شاهدي المطعون ضده من أن الطاعن قد تقاعس عن الإنفاق على علاجه بعد إصابته، مع أن ذلك - بفرض صحته - لا ينهض دليلا على خطأ الطاعن الشخصي في معنى المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي سالف الإشارة إليها، لا سيما وأن تقرير الطبيب الشرعي الذي ندبته المحكمة قد خلا مما يدل على أن فقد إبصار عين المطعون ضده اليسرى كان ناجماً عن التقاعس عن العلاج بعد الإصابة، فمن ثم يكون ما استخلصه الحكم غير سائغ ولا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، مما يعيبه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.

الطعن 5713 لسنة 76 ق جلسة 28 / 4 / 2015 مكتب فني 66 ق 98 ص 648

جلسة 28 من أبريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ حامد زكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أشرف محمود أبو يوسف، رضا إبراهيم كرم الدين، مجدي محمد عبد الرحيم نواب رئيس المحكمة وسعيد محمد البنداري.
---------------

(98)
الطعن رقم 5713 لسنة 76 القضائية

(1 ، 2) محاماة "تقادم حقوق الموكل المترتبة على عقد الوكالة". وكالة "انتهاء الوكالة: تقادم مطالبة المحامي برد الأوراق والمطالبة بالأتعاب".
(1) تقادم حق الموكل في مطالبة محاميه برد الأوراق والمستندات والحقوق المترتبة على عقد الوكالة بمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء وكالته له م 91 ق 17 لسنة 1983. مقتضاه. انتهاء وكالة المحامي بإتمام العمل الموكل إليه طبقا للقواعد العامة. م 714 مدني. انحسار الوكالة بانتهاء المحامي للعمل الموكل فيه، أثره. حق المحامي في المطالبة بالأتعاب التي لم يتحصل عليها وحق الموكل في استرداد الأوراق والمستندات التي لم يتسلمها منه.
(2) تمسك الطاعن بسقوط حق المطعون ضده الأول في المطالبة برد عقد البيع موضوع الدعوى لمضي أكثر من خمس سنوات على انتهاء وكالته بانتهاء العمل الذي وكل فيه. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دفاع الطاعن استنادا لخلو الأوراق مما يدل على إلغاء التوكيل الصادر له أو التنازل عنه دون البحث في انقضاء تلك الوكالة بانتهاء العمل الذي وكل فيه المحامي واحتساب سريان التقادم المسقط من تاريخ الحكم الصادر في الدعوى الموكل فيها. خطأ وقصور.

----------------

1 - مفاد النص في المادة 91 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 يدل على أن كافة حقوق الموكل المترتبة على عقد الوكالة قبل محاميه تتقادم بمضي خمس سنوات تبدأ من تاريخ انتهاء هذه الوكالة، ولما كان سريان هذا التقادم لا يبدأ إلا من تاريخ انتهاء هذه الوكالة، وكان المشرع لم يورد في قانون المحاماة نصا خاصا لانتهاء وكالة المحامي، فإنه يتعين الرجوع في ذلك للقواعد العامة الواردة في القانون المدني، فتنقضي وكالة المحامي بأسباب انقضاء الوكالة، وأخصها ما نصت عليه المادة 714 من القانون المدني من أنها تنتهي الوكالة بإتمام العمل الموكل فيه، لأنه بعد انتهاء العمل لا يصبح للوكالة محل تقوم عليه، ولا يبقى إلا حق المحامي في الأتعاب التي لم يقبضها وحق الموكل في استرداد الأوراق والمستندات التي لم يتسلمها بعد.

2 - إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضده الأول في المطالبة برد العقد موضوع الدعوى تأسيسا على أن وكالة الطاعن عنه لا زالت قائمة لخلو الأوراق مما يدل على إلغاء التوكيل أو التنازل عنه، وحجبه ذلك عن الرد على ما تمسك به الطاعن من أن تلك الوكالة قد انقضت بانتهاء العمل الذي كان موكلا فيه، وأنه اعتبارا من تاريخ انتهاء هذا العمل - وهو صدور الحكم في دعوى صحة التوقيع – يبدأ سريان التقادم المسقط لحقه في رفع دعواه الماثلة، فإنه يكون - فضلا عن خطئه في تطبيق القانون - قد ران عليه القصور المبطل.

-----------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضدها الثانية الدعوي رقم ... لسنة 2004 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بتسليمه أصل عقد البيع الابتدائي المؤرخ 29/6/1994 وبإلزامهما متضامنين بأن يؤديا له غرامة تهديدية قدرها 500 جنيه عن اليوم الواحد منذ صدور الحكم بالتسليم، وقال بيانا لذلك إنه سلم الطاعن العقد سالف البيان لرفع دعوى بصحة توقيع المطعون ضدها الثانية عليه إلا أنه امتنع عن رده إليه بعد صدور تلك الحكم وسلمه للمطعون ضدها الثانية البائعة له، ومن ثم أقام الدعوى، ومحكمة أول درجة ألزمت الطاعن بأن يرد للمطعون ضده الأول العقد سالف الذكر وألزمته بغرامة تهديدية قدرها 10 جنيهات عن كل يوم يتأخر فيه عن تنفيذ الحكم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 9 ق القاهرة، وفيه قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - فرأت أنه جدير بالنظر بالنسبة لباقي أسباب الطعن بعد استبعاد السبب الأول منه لعدم قبوله، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وبيانا لذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون ضده الأول في المطالبة برد عقد البيع المؤرخ 9/6/1994 استنادا لنص المادة 91 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 لمضى ما يزيد عن خمس سنوات على انتهاء وكالته عنه بانتهاء العمل الذي كان موكلا فيه بصدور حكم في دعوى صحة التوقيع بتاريخ 28/8/1994، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض هذا الدفع بقالة إن هذه الوكالة لا زالت قائمة لخلو الأوراق مما يدل على إلغاء التوكيل والتنازل عنه، على الرغم من أن وكالة المحامي تنقضي بأسباب انقضاء الوكالة، ومن بينها انتهاء العمل الموكل فيه وفقا لنص المادة 714 من القانون المدني، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان النص في المادة 91 من قانون: المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أن "يسقط حق الموكل في مطالبة محاميه برد الأوراق والمستندات والحقوق المترتبة على عقد الوكالة بمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء وكالته وتنقطع هذه المدة بالمطالبة بها بكتاب موصي عليه "يدل على أن كافة حقوق الموكل المترتبة على عقد الوكالة قبل محاميه تتقادم بمضي خمس سنوات تبدأ من تاريخ انتهاء هذه الوكالة، ولما كان سريان هذا التقادم لا يبدأ إلا من تاريخ انتهاء هذه الوكالة، وكان المشرع لم يورد في قانون المحاماة نصا خاصا لانتهاء وكالة المحامي، فإنه يتعين الرجوع في ذلك للقواعد العامة الواردة في القانون المدني، فتنقضي وكالة المحامي بأسباب انقضاء الوكالة، وأخصها ما نصت عليه المادة 714 من القانون المدني من أنه تنتهي الوكالة بإتمام العمل الموكل فيه، لأنه بعد انتهاء العمل لا يصبح للوكالة محل تقوم عليه، ولا يبقى إلا حق المحامي في الأتعاب التي لم يقبضها وحق الموكل في استرداد الأوراق والمستندات التي لم يتسلمها بعد، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضده الأول في المطالبة برد العقد موضوع الدعوى تأسيسا على أن وكالة الطاعن عنه لا زالت قائمة لخلو الأوراق مما يدل على إلغاء التوكيل أو التنازل عنه، وحجبه ذلك عن الرد على ما تمسك به الطاعن من أن تلك الوكالة قد انقضت بانتهاء العمل الذي كان موكلا فيه، وأنه اعتبارا من تاريخ انتهاء هذا العمل - وهو صدور الحكم في دعوى صحة التوقيع – يبدأ سريان التقادم المسقط لحقه في رفع دعواه الماثلة، فإنه يكون - فضلا عن خطئه في تطبيق القانون - قد ران عليه القصور المبطل بما يوجب نقضه.

الطعن 5000 لسنة 78 ق جلسة 28 / 4 / 2015 مكتب فني 66 ق 99 ص 652

جلسة 28 من أبريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد القاضي، صلاح عصمت، شحاته إبراهيم نواب رئيس المحكمة وأحمد العزب.
----------------

(99)
الطعن رقم 5000 لسنة 78 القضائية

(1 ، 2) نقض "الخصوم في الطعن بالنقض".
(1) الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2) الاختصام في الطعن بالنقض. عدم جوازه لمن لم يكن خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشيء ليس خصما حقيقيا. مؤداه. عدم قبول اختصامه في الطعن بالنقض. اختصام المطعون ضدهما أمام درجتي التقاضي دون توجيه طلبات منهما أو إليهما. أثره. عدم قبول اختصامهما في الطعن بالنقض
(3 - 5) تحكيم "حكم التحكيم: حجيته" "تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي".
(3) نص المادتين الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية. مفاده. اعتراف كل دولة منضمة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقا لقواعد المرافعات المتبعة فيها ما لم يثبت المحكوم ضده توفر إحدى الحالات الخمس الواردة على سبيل الحصر في المادة 1/5 من الاتفاقية أو يتبين لقاضي التنفيذ أنه لا يجوز الالتجاء إلى التحكيم أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام. م 5 فقرة 2 من الاتفاقية.
(4) حكم المحكمين. اكتسابه قوة الأمر المقضي طالما بقي قائما. ليس للقاضي عند الأمر بتنفيذه التحقق من عدالته أو صحة قضائه في الموضوع لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد.
(5) إخلال حكم التحكيم الأجنبي بحق الطاعنة في الدفاع وإهداره مبدأ المواجهة. لا يندرج ضمن حالات عدم تنفيذ حكم التحكيم أو رفض دعوى المطالبة بتنفيذه.
(6) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب غير المنتج".
انتهاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه للنتيجة الصحيحة. النعي فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة. غير منتج. لمحكمة النقض تصحيح ما شابها من خطأ دون أن تنقضه.
(7) تحكيم "اتفاق التحكيم : ماهيته".
اتفاق التحكيم. ماهيته. م 10 من ق التحكيم. حق المتعاقدين في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع. جواز الاتفاق على أن يتم بالخارج على يد غير مصريين. علة ذلك.
(8 - 10) تحكيم "تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي".
(8) انضمام مصر إلى اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشأن أحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها.
اعتبار الاتفاقية قانونا واجب التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات. م 301 مرافعات.
خلو الاتفاقية من النص على عدم جواز الأمر بتنفيذ حكم المحكمين الأجنبي إلا بعد التحقق من عدم اختصاص المحاكم بنظر المنازعة التي صدر فيها. أثره. عدم إعمال الحكم نص المادة 1/298 من قانون المرافعات. لا مخالفة.
(9) حكم المحكمين الأجنبي المطلوب تنفيذه في دولة القاضي. افتراض صدوره استنادا إلى اتفاق تحكيمي توفرت له مقومات وجوده وصحته. أثره. وقوع عبء إثبات انعدام هذا الاتفاق أو عدم صحته على عاتق من يطلب تنفيذ الحكم ضده. المرجع في ذلك - عدا الادعاء بانعدام أهلية أطراف الاتفاق - إلى القانون الذي اختاره الأطراف ليحكم اتفاقهم على التحكيم أو ليحكم العقد الأصلي الوارد اتفاق التحكيم في إطاره أو إلى قانون البلد الذي صدر فيه الحكم عند عدم وجود هذا الاختيار وفقا لقاعدة إسناد موحدة دوليا. م 5/1 أمن اتفاقية نيويورك لعام 1958 التي انضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959.(10) اعتماد اتفاق التحكيم ومباشرة إجراءاته وصيرورة الحكم الصادر فيه والمطلوب الأمر بتنفيذه داخل مصر واجب النفاذ وفقا للقانون السعودي، عدم مخالفته للنظام العام والآداب في مصر. تمسك الطاعنة بعدم جواز تنفيذه. عدم تقديمها الدليل على ذلك. مؤداه. الاعتداد بوجود اتفاق التحكيم وصحة إجراءاته.
(11) نقض "الحكم في الطعن: سلطة محكمة النقض".
قصور الحكم في الإفصاح عن سنده القانوني أو إغفاله الرد على دفاع قانوني للخصوم. لا يبطله. لمحكمة النقض أن تستكمل هذا القصور متى كان الحكم صحيحا في نتيجته. حقها في تكييف الوقائع الثابتة فيه اعتمادا على ما حصلته محكمة الموضوع.

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفي أن يكون المطعون عليه طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون خصما حقيقيا وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو طلبات إليه، وأنه بقي على منازعته معه ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم لصالحه.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وأن الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشيء لا يكون خصما حقيقيا ولا يقبل اختصامه في الطعن. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهما الثاني والثالث قد تم اختصامهما أمام درجتي التقاضي دون أن توجه إليهما أو منهما طلبات ولم يحكم لهما أو عليهما بشيء، ومن ثم فإنه لا يقبل اختصامهما في الطعن بالنقض، ويكون الطعن بالنسبة لهما غير مقبول.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص المادتين الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية - والتي انضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959 الصادر بتاريخ 2 من فبراير سنة 1959 وأصبحت تشريعا نافذا بها اعتبارا من 8 من يونيه سنة 1959 - اعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقا لقواعد المرافعات المتبعة فيها والتي يحددها القانون الداخلي، ما لم يثبت المحكوم ضده في دعوي تنفيذ حكم التحكيم توفر إحدى الحالات الخمس الواردة على سبيل الحصر في المادة الخامسة فقرة أولى من الاتفاقية وهي: (أ) نقص أهلية أطراف اتفاق التحكيم أو عدم صحة انعقاده. (ب) عدم إعلانه إعلان صحيحا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو استحالة تقديمه دفاعه لسبب آخر. (ج) مجاوزة الحكم في قضائه حدود اتفاق أو شرط التحكيم. (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءاته لاتفاق الطرفين أو القانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق. (هـ) صيرورة الحكم غير ملزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه، أو تبين لقاضي التنفيذ - طبقا للفقرة الثانية من المادة المشار إليها - أنه لا يجوز قانونا الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع، أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن أحكام المحكمين شأنها شأن أحكام القضاء، تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها، وتبقى هذه الحجية طالما بقى قائما، ومن ثم لا يملك القاضي عند الأمر بتنفيذها التحقق من عدالتها أو صحة قضائها في الموضوع، لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد.

5 - إذ كان دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي بإخلال حكم التحكيم المطلوب تنفيذه "حكم المحكمين الأجنبي" بحقها في الدفاع وإهداره مبدأ المواجهة لاستناده إلى تقارير الخبرة وشهادة الشهود التي تمت في غيبتها بمعرفة هيئة تحكيم سابقة قضي يبطلان تشكيلها - وأيا كان وجه الرأي فيه - لا يندرج ضمن أي من الحالات التي تسوغ إجابتها إلى طلب عدم تنفيذ الحكم أو تبرر رفض القاضي لدعوى المطالبة بالتنفيذ.

6 - إذ خلص الحكم الابتدائي مؤيدا بالحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة (عدم اندراج إخلال حكم التحكيم بحق الطاعنة في الدفاع ضمن أي من الحالات التي تسوغ إجابتها إلى طلب عدم تنفيذ الحكم)، فإن تعييبه فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة - بشأن تطبيق اتفاقية تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول الجامعة العربية على موضوع الدعوى - يكون غير منتج، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما شاب تلك الأسباب من خطا دون أن تنقضه، وكان النعي على النحو المتقدم لا يستند على أساس قانوني صحيح، فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعرض لهذا الدفاع، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن مفاد النص في المادة (10) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع تختص به المحاكم أصلا، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة في كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين، كما أن المشرع لم يأت في نصوص القوانين بما يمنع من أن يكون التحكيم في الخارج على يد أشخاص غير مصريين، لأن حكمة تشريع التحكيم تتحصر في أن طرفي الخصومة يريدان بمحض إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو بصلح يقبلان شروطه، فرضاء طرفي الخصومة ضروري إذ إن إرادة الخصوم هي التي تنشئ التحكيم.

8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذ كانت المادة 301 من قانون المرافعات - والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية - تقضي بأنه إذا وجدت معاهدة بين مصر وغيرها من الدول بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية، فإنه يتعين إعمال أحكام هذه المعاهدات، وكانت مصر قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية بقرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة اعتبارا من 8 من يونيه سنة 1959، ومن ثم فإنها تكون قانونا من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكانت الاتفاقية المشار إليها لم تتضمن نصا يقابل ما جرى به نص المادة 1/298 من قانون المرافعات من أنه لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، فإنه لا على الحكم المطعون فيه عدم إعماله هذا النص.

9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذ كان النص في المادة 1/5 (أ) من اتفاقية نيويورك سالفة البيان (الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها) على أنه "لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على أن أطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية ( أي اتفاق التحكيم ) كانوا طبقا للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح وفقا للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم"، يدل على أن الاتفاقية افترضت في حكم المحكمين الأجنبي المطلوب تنفيذه في دولة القاضي صدوره استنادا إلى اتفاق تحكيمي توفرت له مقومات وجوده وصحته، فأقامت بذلك قرينة قانونية من شأنها نقل عبء إثبات كل أدعاء بانعدام هذا الاتفاق أو عدم صحته إلى عاتق من يطلب تنفيذ الحكم ضده، وجعلت المرجع في ذلك - عدا الادعاء بانعدام أهلية أطرافه - إلى القانون الذي اختاره الأطراف ليحكم اتفاقهم على التحكيم ذاته - أو ليحكم العقد الأصلي الوارد اتفاق التحكيم في إطاره - أو إلى قانون البلد الذي صدر فيه الحكم عند عدم وجود هذا الاختيار، وفقا لقاعدة إسناد موحدة دوليا تكفل لهذا القانون وحده - دون غيره - الاختصاص بحكم الاتفاق التحكيمي في كل ما يتصل بالشروط الموضوعية اللازمة لوجوده وصحته وترتيبه لآثاره - فيما خلا الأهلية -.

10 - إذ كان الثابت في الأوراق أن حكم التحكيم المطلوب الأمر بتنفيذه صادر من هيئة تحكيم بناء على وثيقة تحكيم مؤرخة 24/7/1408 هجرية الموافق 12 من مارس سنة 1988 موقعة بين طرفيها تضمنت طلباتهما وأسماء المحكمين، ونص في البند الثاني عشر منها على إخضاعها لنظام التحكيم السعودي الصادر به المرسوم الملكي رقم 46/3 بتاريخ 12/7/1403 هجرية، وتم اعتماد وثيقة التحكيم من الجهة القضائية المختصة في المملكة العربية السعودية، وأبدت الطاعنة دفاعها أمام هيئة التحكيم، ثم طعنت في الحكم الصادر منها حتى أضحى نهائيا واجب النفاذ وفقا للقانون السعودي، وهو لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب في مصر، وإذ تمسكت الطاعنة بعدم جواز تنفيذ حكم المحكمين موضوع التداعي بمقولة بطلان وانعدام وثيقة التحكيم وانعدام أهليتها وقت إبرامها وبطلان تشكيل هيئة التحكيم وعدم اختصاص المحكمين ومخالفة إجراءات التحكيم لنظام التحكيم السعودي، بيد أنها لم تقدم الدليل على انعدام أهليتها، كما لم تقدم الدليل على قانون نظام التحكيم السعودي المشار إليه حتى تتبين المحكمة على هدى من قواعده مدى صحة هذا الادعاء وخلافا للأصل الذي يفترض في حكم المحكمين الأجنبي صدوره استنادا إلى اتفاق تحكيمي تتوفر له مقومات وجوده وصحته قانونا، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - وهو في سبيله للتحقق من موجبات إصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين موضوع التداعي - قد خلص إلى الاعتداد بوجود الاتفاق على التحكيم وصحة إجراءاته، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون في نتيجته.

11 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يبطله (لا يبطل الحكم) مجرد القصور في الإفصاح عن سنده من القانون أو إغفال الرد على دفاع قانوني للخصوم، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك، كما لها أن تعطي الوقائع الثابتة فيه كيفها القانوني الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها.

---------------

الوقائع

حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 2002 مدني شمال القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الأمر بتنفيذ حكم المحكمين الصادر من هيئة التحكيم المنعقدة بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في القضية التحكيمية رقم .../.../2 ق لعام 1413 هجرية بتاريخ 19 من رمضان سنة 1419 هجرية الموافق 6 من يناير سنة 1999 ميلادية، والمعدل بالحكم الصادر من الدائرة التجارية التاسعة بديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية في القضيتين رقمي ...،... لعام 1413 هجرية بتاريخ 29/8/1421 هجرية والقاضي بعد تعديله بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضده الأول مبلغ ثلاثين مليونا وثلاثمائة وواحد وثمانين ألفا وثمانمائة وواحد وثمانين ريالا سعوديا وثمان وخمسين هللة ووضع الصيغة التنفيذية عليه، وقال بيانا لذلك إنه تكونت بينه وبين الطاعنة شركة ذات مسئولية محدودة وفقا لنظام الشركات السعودي، واتفق الطرفان بالبند 33 من عقد الشركة على إحالة أي خلاف بينهما حول تفسير العقد أو تطبيقه إلى التحكيم، وإذ أساءت الطاعنة إدارة الشركة فالتجأ إلى التحكيم وأصدرت هيئة التحكيم حكمها واستوفي طرق الطعن المقررة في القانون السعودي وأضحى نهائية واجب النفاذ، ونظرا لما يستلزمه تنفيذ هذا الحكم على الطاعنة وأموالها بمصر من استصدار امر بالتنفيذ وفق أحكام قانون المرافعات، فقد أقام الدعوى للحكم بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 17 من نوفمبر سنة 2003 حكمت محكمة أول درجة بإجابة المطعون ضده الأول لطلبه، استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي ... ، ... لسنة 7 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول قضت بتاريخ 5 من فبراير سنة 2008 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدئ من النيابة والمطعون ضده الثالث بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما، فهو في محله، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي أن يكون المطعون عليه طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون خصما حقيقيا وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو طلبات إليه وأنه بقي على منازعته معه ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم لصالحه، كما وأنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه وأن الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشيء لا يكون خصما حقيقيا ولا يقبل اختصامه في الطعن. لما كان ذلك،
وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهما الثاني والثالث قد تم اختصامهما أمام درجتي التقاضي دون أن توجه إليهما أو منهما طلبات ولم يحكم لهما أو عليهما بشيء، ومن ثم فإنه لا يقبل اختصامهما في الطعن بالنقض، ويكون الطعن بالنسبة لهما غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبين تنعي الطاعنة بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بعدم توفر شروط إصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم موضوع الدعوى طبقا للمادة الخامسة فقرة (1) ب من اتفاقية نيويورك الخاصة بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها الواجبة التطبيق على موضوع النزاع والتي انضمت إليها مصر وأصبحت تشريعا نافذا بموجب القرار بقانون رقم 171 لسنة 1959، وذلك للإخلال بحقها في الدفاع وإهدار مبدأ المواجهة لاستناد حكم التحكيم المطلوب تنفيذه إلى تقارير الخبرة وشهادة الشهود والإجراءات التي تمت في غيبتها بمعرفة هيئة تحكيم سابقة قضي ببطلان تشكيلها بمقتضي حكم محكمة تدقيق القضايا بديوان المظالم بالسعودية، إلا أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تكييف دفاعها القانوني بأن اعتبره منصبة على أسباب تؤدي إلى بطلان حكم التحكيم، فأعرض عن بحثه وطبق اتفاقية تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول الجامعة العربية والتي انضمت إليها مصر بالقانون رقم 29 لسنة 1954 - دون اتفاقية نيويورك - بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه لما كان مؤدي نص المادتين الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية - والتي انضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959 الصادر بتاريخ 2 من فبراير سنة 1959 وأصبحت تشريعا نافذا بها اعتبارا من 8 من يونيه سنة 1959 - اعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقا لقواعد المرافعات المتبعة فيها والتي يحددها القانون الداخلي، ما لم يثبت المحكوم ضده في دعوي تنفيذ حكم التحكيم توفر إحدى الحالات الخمس الواردة على سبيل الحصر في المادة الخامسة فقرة أولى من الاتفاقية وهي: (أ) نقص أهلية أطراف اتفاق التحكيم أو عدم صحة انعقاده. (ب) عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو استحالة تقديمه دفاعه لسبب أخر. (ج) مجاوزة الحكم في قضائه حدود أتفاق أو شرط التحكيم. (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءاته لاتفاق الطرفين أو لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق. (هـ) صيرورة الحكم غير ملزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه، أو تبين لقاضي التنفيذ - طبقا للفقرة الثانية من المادة المشار إليها - أنه لا يجوز قانون الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام، وكانت أحكام المحكمين شأنها شأن أحكام القضاء، تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها، وتبقى هذه الحجية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - طالما بقى قائما، ومن ثم لا يملك القاضي عند الأمر بتنفيذها التحقق من عدالتها أو صحة قضائها في الموضوع، لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي بإخلال حكم التحكيم المطلوب تنفيذه بحقها في الدفاع وإهداره مبدأ المواجهة لاستناده إلى تقارير الخبرة وشهادة الشهود التي تمت في غيبتها بمعرفة هيئة تحكيم سابقة قضي ببطلان تشكيلها - وأيا كان وجه الرأي فيه - لا يندرج ضمن أي من الحالات التي تسوغ إجابتها إلى طلب عدم تنفيذ الحكم أو تبرر رفض القاضي الدعوى المطالبة بالتنفيذ، وإذ خلص الحكم الابتدائي مؤيدا بالحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة، فإن تعييبه فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة - بشأن تطبيق اتفاقية تنفيذ الأحكام المعقودة بين دول الجامعة العربية على موضوع الدعوى - يكون غير منتج، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما شاب تلك الأسباب من خطأ دون أن تنقضه، وكان النعي على النحو المتقدم لا يستند على أساس قانوني صحيح فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعرض لهذا الدفاع، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأسباب من شأنها أن تؤدي إلى رفض الأمر بتنفيذ حكم التحكيم موضوع الدعوى، وهي عدم جواز الأمر بتنفيذه لانعقاد الاختصاص النوعي والمكاني للقضاء المصري، وبطلان وانعدام وثيقة التحكيم لعدم تمتع الشركة الطاعنة بأهلية التصرف طبقا للقانونين السعودي والمصري وقت إبرامها، وعدم اختصاص المحكمين الذين أصدروا حكم التحكيم، وبطلان تشكيل هيئة التحكيم لعدم تعيين المحكمين على الوجه الصحيح قانونا طبقا لإرادة واتفاق الطرفين ومخالفة إجراءات التحكيم لنظام التحكيم السعودي، ومخالفة حكم التحكيم للنظام العام في مصر لعدم تحرير وثيقة تحكيم جديدة بعد إلغاء ديوان المظالم السعودي لوثيقة التحكيم الأولى، وأن الحكم المأمور بتنفيذه يعتبر في شق منه صادرا من محكمة دولة أجنبية وليس حكم محكمين أجنبي بما يمنع تنفيذه في مصر لاختصاص القضاء المصري بنظر موضوع النزاع عملا بالمادة 298 من قانون المرافعات، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد على هذه الأسباب الجوهرية التي ساقتها لرفض الأمر بالتنفيذ مكتفيا بالإحالة إلى حكم أول درجة والذي لم يتناول بدوره الرد عليها، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في جملته غير سديد، ذلك بأن المادة (10) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 تنص على أن "اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية"، ومفاد هذا النص تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع تختص به المحاكم أصلا، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وان كان يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة في كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين، كما أن المشرع لم يأت في نصوص القوانين بما يمنع من أن يكون التحكيم في الخارج على يد أشخاص غير مصريين، لأن حكمة تشريع التحكيم تنحصر في أن طرفي الخصومة يريدان بمحض إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو بصلح يقبلان شروطه، فرضاء طرفي الخصومة ضروري، إذ إن إرادة الخصوم هي التي تنشئ التحكيم، وكانت المادة 301 من قانون المرافعات - والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية - تقضي بأنه إذا وجدت معاهدة بين مصر وغيرها من الدول بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية، فإنه يتعين إعمال أحكام هذه المعاهدات، وكانت مصر قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية بقرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة اعتبارا من 8 من يونيه سنة 1959، ومن ثم فإنها تكون قانون من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكانت الاتفاقية المشار إليها لم تتضمن نصا يقابل ما جرى به نص المادة 1/298 من قانون المرافعات من أنه لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر فإنه لا على الحكم المطعون فيه عدم إعماله هذا النص، وإذ كان النص في المادة 1/5 (أ) من اتفاقية نيويورك سالفة البيان على أنه "لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على أن أطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية (أي اتفاق التحكيم) كانوا طبقا لقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح وفقا للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم"، يدل على أن الاتفاقية افترضت في حكم المحكمين الأجنبي المطلوب تنفيذه في دولة القاضي صدوره استنادا إلى اتفاق تحكيمي توفرت له مقومات وجوده وصحته، فأقامت بذلك قرينة قانونية من شأنها نقل عبء إثبات كل ادعاء بانعدام هذا الاتفاق أو عدم صحته إلى عاتق من يطلب تنفيذ الحكم ضده، وجعلت المرجع في ذلك - عدا الادعاء بانعدام أهلية أطرافه - إلى القانون الذي اختاره الأطراف ليحكم اتفاقهم على التحكيم ذاته - أو ليحكم العقد الأصلي الوارد اتفاق التحكيم في إطاره - أو إلى قانون البلد الذي صدر فيه الحكم عند عدم وجود هذا الاختيار، وفقا لقاعدة إسناد موحدة دوليا تكفل لهذا القانون وحده - دون غيره - الاختصاص بحكم الاتفاق التحكيمي في كل ما يتصل بالشروط الموضوعية اللازمة لوجوده وصحته وترتيبه لأثاره - فيما خلا الأهلية -. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن حكم التحكيم المطلوب الأمر بتنفيذه صادر من هيئة تحكيم بناء على وثيقة تحكيم مؤرخة 24/7/1408 هجرية الموافق 12 من مارس سنة 1988 موقعة بين طرفيها تضمنت طلباتهما وأسماء المحكمين، ونص في البند الثاني عشر منها على إخضاعها لنظام التحكيم السعودي الصادر به المرسوم الملكي رقم 46/3 بتاريخ 12/7/1403 هجرية، وتم اعتماد وثيقة التحكيم من الجهة القضائية المختصة في المملكة العربية السعودية، وأبدت الطاعنة دفاعها أمام هيئة التحكيم، ثم طعنت في الحكم الصادر منها حتى أضحى نهائيا واجب النفاذ وفقا للقانون السعودي، وهو لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب في مصر، واذ تمسكت الطاعنة بعدم جواز تنفيذ حكم المحكمين موضوع التداعي بمقولة بطلان وانعدام وثيقة التحكيم وانعدام أهليتها وقت إبرامها وبطلان تشكيل هيئة التحكيم وعدم اختصاص المحكمين ومخالفة إجراءات التحكيم لنظام التحكيم السعودي، بيد أنها لم تقدم الدليل على انعدام أهليتها، كما لم تقدم الدليل على قانون نظام التحكيم السعودي المشار إليه حتى تتبين المحكمة على هدى من قواعده مدي صحة هذا الادعاء وخلافا للأصل الذي يفترض في حكم المحكمين الأجنبي صدوره استنادا إلى اتفاق تحكيمي تتوفر له مقومات وجوده وصحته قانونا، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - وهو في سبيله للتحقق من موجبات إصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين موضوع التداعي - قد خلص إلى الاعتداد بوجود الاتفاق على التحكيم وصحة إجراءاته، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون في نتيجته، ولا يبطله مجرد القصور في الإفصاح عن سنده من القانون أو إغفال الرد على دفاع قانوني للخصوم، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك، كما لها أن تعطي الوقائع الثابتة فيه كيفها القانوني الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها، ويكون النعي بما ورد بهذا السبب على غير أساس.

الطعن 3222 لسنة 83 ق جلسة 28 / 4 / 2015 مكتب فني 66 ق 100 ص 665

جلسة 28 من أبريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد القاضي، صلاح عصمت، شحاتة إبراهيم نواب رئيس المحكمة وإبراهيم الشلقاني.
--------------

(100)
الطعن رقم 3222 لسنة 83 القضائية

(1 ، 2) رهن "رهن المحل التجاري". محل تجاري.
(1) احتفاظ الدائن المرتهن بالامتياز المقرر على رهن المحال التجارية. شرطه. القيد في السجل الخاص المعد لذلك وتجديده. عدم التجديد. أثره. سقوط القيد وانعدام أثره. ثبوت الحق المضمون بالرهن بموجب حكم قضائي. لا يغني عن اتخاذ إجراءات القيد المقررة قانونا. المادتين 11/1، 2، 23 ق 11 لسنة 1940. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ.
(2) عدم تجديد البنك المطعون ضده قيد رهونه التجارية سند الدعوى خلال المدة المقررة قانونا. أثره. اعتبارها لاغية. وجوب القضاء بشطبها. م 27 ق 11 لسنة 1940.

----------------

1 - مفاد النص في المادتين 11/1، 2،23 من القانون رقم 11 لسنة 1940 - بشأن بيع ورهن المحال التجارية - يدل على أن القيد شرط لاحتفاظ الدائن المرتهن بالامتياز الذي يخوله استيفاء حقه من ثمن المال المرهون بالأولوية على غيره من دائني التاجر الراهن لمدة خمس سنوات من وقت إجرائه، وقد أوجب القانون تجديده خلالها - ولا يغني عنه أن يكون الحق المضمون بالرهن ثابتة بحكم قضائي - فإذا لم يجدد خلالها ترتب على ذلك سقوط القيد وانعدام أثره، وهو ما يعيد مركز الدائن المرتهن إلى ما كان عليه قبل إجراء القيد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيما ذهب إليه من عدم أحقية الطاعن في طلب شطب الرهون لعدم سداد الدين الثابت في ذمته قبل البنك المطعون ضده - المرتهن - وقضي تبعا لذلك برفض الدعوى، فإنه يكون معيبا (بالخطأ في تطبيق القانون).

2 - إذ كان الثابت في الأوراق أن البنك المطعون ضده لم يجدد قيد رهونه التجارية الواردة بصحيفة الدعوى خلال المدة المقررة بنص المادة 23 من القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، ومن ثم أصبحت تلك القيود لاغية، ويتعين القضاء يشطبها عملا بالفقرة الأولى من المادة رقم 27 من ذات القانون.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم ... لسنة 4 ق اقتصادية القاهرة على المطعون ضدهم بطلب الحكم "بمحو وشطب الرهون التجارية الواردة بصحيفة الدعوى واعتبارها غير موجودة لعدم تجديدها في المواعيد المنصوص عليها في المادة 23 من قانون بيع المحال التجارية ورهنها رقم 11 لسنة 1940، مع إلزام المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير بتسليمه شهادة من واقع السجل التجاري رقم ... بمكتب الجيزة والسجل التجاري رقم ... مكتب القاهرة خالية من القيود الواردة بهما تنفيذا للحكم"، وقال بيانا لها إن الشركة التي يمثلها - شركة توصية بسيطة - مسجلة بمكتبي السجل التجاري بمحافظتي القاهرة والجيزة بالرقمين سالفي البيان، وأنه في غضون الفترة من سنة 1974 وحتى 1991 جرت تعاملات تجارية بينها وبين البنك المطعون ضده الأول نتج عنها عقود رهن تجاري قيد بعضها بمكتب السجل التجاري بالقاهرة والبعض الآخر بمكتب السجل التجاري بالجيزة، ونظرا لعدم قيام البنك بتجديد قيد تلك الرهون خلال الميعاد المنصوص عليه قانونا وذلك منذ أكثر من خمسة عشر عاما، فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 26 من ديسمبر سنة 2012 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره أمام هذه المحكمة، وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قضى برفض الدعوى لخلو أوراقها مما يفيد سداده للدين المضمون بالرهون والثابت في ذمته بموجب الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1994 شمال القاهرة الابتدائية، وبالمخالفة لصريح نص المادة 23 من القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد، ذلك بأن مفاد نص المادة 11/1، 2 من القانون رقم 11 لسنة 1940 بشأن بيع ورهن المحال التجارية أنه يشهر عقد رهنها بقيده في سجل خاص بمكتب السجل التجاري بالمحافظة التي يقع في دائرتها المحل التجاري، والنص في المادة 23 من ذات القانون على أن "يكفل القيد حفظ الامتياز لمدة خمس سنوات من تاريخه، كما أنه يؤمن فوائد الدين لمدة سنتين بامتياز له نفس المرتبة التي للدين الأصلي، ويعتبر القيد لاغيا إذا لم يجدد خلال المدة السابقة. "يدل على أن القيد شرط لاحتفاظ الدائن المرتهن بالامتياز الذي يخوله استيفاء حقه من ثمن المال المرهون بالأولوية على غيره من دائني التاجر الراهن لمدة خمس سنوات من وقت إجرائه، وقد أوجب القانون تجديده خلالها - ولا يغني عنه أن يكون الحق المضمون بالرهن ثابتا بحكم قضائي - فإذا لم يجدد خلالها ترتب على ذلك سقوط القيد وانعدام أثره، وهو ما يعيد مركز الدائن المرتهن إلى ما كان عليه قبل إجراء القيد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيما ذهب إليه من عدم أحقية الطاعن في طلب شطب الرهون لعدم سداه الدين الثابت في ذمته قبل البنك المطعون ضده - المرتهن - وقضي تبعا لذلك برفض الدعوى فإنه يكون معيبا، مما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع متعين الفصل فيه وفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008، ولما تقدم، وكان الثابت في الأوراق أن البنك المطعون ضده لم يجدد قيد رهونه التجارية الواردة بصحيفة الدعوى خلال المدة المقررة بنص المادة 23 من القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، ومن ثم أصبحت تلك القيود لاغية، ويتعين القضاء بشطبها عملا بالفقرة الأولى من المادة رقم 27 من ذات القانون.