الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 أبريل 2022

الطعن 1003 لسنة 42 ق جلسة 11 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 307 ص 1363

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح، وعضوية السادة المستشارين: محمود عباس العمراوي، وسعد الدين عطية، وإبراهيم أحمد الديواني، ومصطفي محمود الأسيوطي.

------------------

(307)
الطعن رقم 1003 لسنة 42 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". تفتيش. مواد مخدرة. بطلان.
استبعاد الدليل المستمد من واقعة الضبط. نتيجة عدم اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات في خصوصها. وعدم الاعتداد به في الإثبات. لا يمنع المحكمة من الأخذ بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عن تلك الواقعة.

اكتفاء الحكم في تبرئة المتهم بالاستناد على بطلان واقعة ضبط بعض المواد المخدرة مع المتهم عندما توجهت القوة إلى محله لتفتيشه نفاذاً لأمر النيابة، لعدم اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات في خصوص هذه الواقعة. دون أن يعرض الحكم لما تضمنته مدوناته من أن تفتيش مسكن المتهم قد أسفر عن ضبط بعض آخر من المواد المخدرة ويقول كلمته فيه أو يبين مدي صلته بالإجراء الأول. قصور.

-------------------
متي كان الحكم قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن رئيس قسم مكافحة المخدرات كلف مساعدة بالتوجه إلى كشك المطعون ضده بصحبة شرطيين سريين للتحفظ عليه لحين حضوره تنفيذاً لأمر النيابة العامة الصادر بتفتيشه، وما أن بلغ أولئك مقصدهم حتى حاول المطعون ضده إلقاء لفافة ضبطها أحد الشرطيين وتبين أنها تحوى مخدراً، وعقب ذلك تم تفتيش مسكن المطعون ضده حيث أسفر التفتيش عن العثور على لفافة مخبأه بردهة المنزل تبين من التحليل إنها تحوى مخدر الحشيش. ثم أنتهي الحكم إلى تبرئة المطعون ضده بقوله-: "وحيث إن المحكمة وهى تستعرض الوقائع - على صورتها أنفة البيان - تري أن السيد رئيس القسم، وهو الذي حصل على إذن النيابة، وقد قرر الانتقال فعلاً إلى كشك ومنزل المتهم كان الجدير به أن يقوم بهذا الواجب بدلاً من أن يعهد به إلى مساعد وشرطيين قال المتهم عن الأخيرين في معرض الدفاع عن نفسه، أنه بينه وبينهما شكاوي كثيرة يحتفظ معه بأرقامها. ولم ينكر الشرطي...... هذا القول، وإنما قرر أنه لم يسأل فيها، وحيث إن المحكمة تري أن هذا التصوير إنما قصد به خلق حالة التلبس وهو أمر لا يطمئن وجدانها ويكون محل شك كبير وتري من أجل ذلك القضاء ببراءة المتهم...... "لما كان ذلك, وكان عدم اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات في خصوص واقعة ضبط اللفافة الأولي وإن اقتضي استبعاد الدليل المستمد منها وعدم الاعتداد به في الإثبات، إلا أنه ليس من شأن ذلك أن يمنع المحكمة من الأخذ بعناصر الإثبات الأخرى التي قد تري من وقائع الدعوى وظروفها أنها مستقلة عن تلك الواقعة وقائمة بذاتها , ولما كان من بين ما أثبته الحكم أن تفتيشاً أجرى لمسكن المطعون ضده بموجب إذن النيابة العامة وتحت إشراف ضابطين من مكتب مكافحة المخدرات، وأن هذا التفتيش أسفر عن ضبط قطعة أخري من المواد المخدرة، وكانت المحكمة قد قضت بتبرئة المطعون ضده دون أن تعرض لهذا الدليل وتقول كلمتها فيه أو تبين مدي صلته بالإجراء الذي لم تطمئن إليه - فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 26 يناير سنة 1971 بدائرة قسم الفيوم محافظتها: أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة (حشيشاً وأفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك في 3 مايو سنة 1971، ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضورياً بتاريخ 16 أكتوبر سنة 1971 عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 30 من قانون العقوبات ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما نتعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضي ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جواهر مخدرة قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه بني قضاءه على أن السيد رئيس قسم مكافحة المخدرات لم يتول بنفسه الإجراءات التي أسفرت عن ضبط المخدر الذي حاول المطعون ضده إلقاءه تاركاً الأمر لمعاونيه، وذلك دون أن تعرض المحكمة للدليل المستمد مما أسفر عنه تفتيش منزل المطعون ضده بعد ذلك حيث ضبط قدر آخر من المواد المخدرة وهو إجراء مستقل تمام الاستقلال عن واقعة الضبط الأولى المقول ببطلانها، وفى إغفال المحكمة لهذا الدليل وعدم إدلائها برأيها فيه ما ينئ عن أنها أصدرت حكمها دون أن تحيط بظروف الدعوى مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى - كما استبانتها المحكمة من أقوال شهود الإثبات - بما مؤداه أن السيد رئيس قسم مكافحة المخدرات كلف مساعده بالتوجه إلى كشك المطعون ضده بصحبه شرطيين سريين للتحفظ عليه لحين حضوره تنفيذاً لأمر النيابة العامة الصادر بتفتيشه، وما أن بلغ أولئك مقصدهم حتى حاول المطعون ضده إلقاء لفافة ضبطها أحد الشرطيين وتبين أنها تحوي مخدراً (أفيون وحشيش)، وعقب ذلك تم تفتيش مسكن المطعون ضده حيث أسفر التفتيش عن العثور على لفافة مخبأه بردهة المنزل تبين من التحليل أنها تحوي مخدر الحشيش. ثم انتهي الحكم إلى تبرئة المطعون ضده بقوله: "وحيث إن المحكمة وهي تستعرض الوقائع - على صورتها أنفة البيان - ترى أن السيد رئيس القسم, وهو الذي حصل على إذن النيابة، وقد قرر الانتقال فعلاً إلى كشك ومنزل المتهم كان الجدير به أن يقوم بهذا الواجب بدلاً من أن يعهد به إلى مساعد وشرطيين قال المتهم عن الأخيرين في معرض الدفاع عن نفسه أنه بينه وبينهما شكاوى كثيرة يحتفظ معه بأرقامها, ولم ينكر الشرطي....... هذا القول، وإنما قرر أنه لم يسأل فيها، وحيث أن المحكمة تري أن هذا التصوير إنما قصد به خلق حالة التلبس وهو أمر لا يطمئن وجدانها ويكون محل شك كبير وتري من أجل ذلك القضاء ببراءة المتهم......... " لما كان ذلك, وكان عدم اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات في خصوص واقعة ضبط اللفافة الأولى - على ما أورده الحكم الطعون فيه - وإن اقتضي استبعاد الدليل المستمد منها وعدم الاعتداد به في الإثبات، إلا أنه ليس من شأن ذلك أن يمنع المحكمة من الأخذ بعناصر الإثبات الأخرى التي قد تري من وقائع الدعوى وظروفها أنها مستقلة عن تلك الواقعة وقائمة بذاتها. ولما كان من بين ما أثبته الحكم أن تفتيشاً أجري لمسكن المطعون ضده بموجب إذن النيابة العامة وتحت إشراف ضابطين من مكتب مكافحة المخدرات، وأن هذا التفتيش أسفر عن ضبط قطعة أخرى من المواد المخدرة، وكانت المحكمة قد قضت بتبرئة المطعون ضده دون أن تعرض لهذا الدليل وتقول كلمتها فيه أو تبين مدي صلته بالإجراء الذي لم تطمئن إليه. لما كان ما تقدم, فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما تثيره الطاعنة في طعنها.

الطعن 1117 لسنة 42 ق جلسة 11 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 308 ص 1367

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح، وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوي، وإبراهيم الديواني، ومصطفى الأسيوطي, وعبد الحميد الشربيني.

--------------

(308)
الطعن رقم 1117 لسنة 42 القضائية

(أ ) استجواب. تحقيق. مأمور الضبط القضائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعارة.
الاستجواب المحظور قانوناً على غير سلطة التحقيق. هو مجابهة المتهم بالأدلة ومناقشته تفصيلاً كمياً يفندها أو يعترف إن شاء.
تسجيل مأمور الضبط ما يبديه المتهم أمامه من أقوال واعتراف في حق نفسه وغيره من المتهمين. لا يعد استجواباً ولا يخرج عن اختصاصه.
(ب) دفوع. "الصفة في الدفع". "المصلحة في الدفع". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا صفة لغير من وقع في حقه إجراء ما أن يدفع ببطلانه. ولو كان يستفيد منه. علة ذلك: تحقق المصلحة في الدفع لا حق لوجود الصفة فيه.
(جـ) إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعارة.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه المتهم في مذكرته المقدمة في فترة حجز القضية للحكم. أو الرد عليه. سواء قدم المذكرة بتصريح من المحكمة أو بغير تصريح. ما دام لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إغفال باب المرافعة في الدعوى.
(د) دفوع. "الدفع ببطلان إذن التفتيش". "الدفع ببطلان الضبط والتفتيش". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". استدلال. تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". تحقيق حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. دفاع موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى حصول الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن. رداً عليه. تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن. تستقل به محكمة الموضوع بلا معقب.
(هـ) تحقيق. "إجراءاته". "بطلانه". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خلو التحقيق الابتدائي من مواجهة المتهم بالشهود وبباقي المتهمين. لا يبطله. للمتهم في هذه الحالة التمسك لدي محكمة الموضوع بما في التحقيق الابتدائي من نقص.
(و) حكم. "بياناته. بيانات التسبيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان حكم الإدانة في صدره. المواد التي طبقها وأخذه بحكم محكمة أول درجة الذي أشار صراحة إلى المواد المطبقة. كفايته.

--------------------
1 - إن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كميا يفندها إن كان منكراً للتهمة أو يعترف بها إن شاء الاعتراف. وإذ كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما أثبته مأمور الضبط القضائي في محضر ضبط الواقعة من أقوال المتهمات بما فيهن الطاعنة نفسها لا يعدو أن يكون تسجيلاً لما أبدينه أمامه واعتراف من اعترفت منهن في حقها وحق غيرها من المتهمات في نطاق أدلائها بأقوالها مما لا يعد استجواباً ولا يخرج عن حدود ما نيط بمأمور الضبط القضائي فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون سديداً.
2 - لا صفة لغير من وقع في حقه إجراء ما، أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفع لا حق لوجود الصفة فيه، ومن ثم فإنه ليس للطاعنة أن تثير الدفع ببطلان ما أثبته مأمور الضبط القضائي من أقوال باقي المتهمات في الدعوى.
3 - من المقرر أن المحكمة متى أمرت بإقفال باب المرافعة في الدعوى وحجزتها للحكم، فهي بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه في مذكرته التي يقدمها في فترة حجز القضية للحكم أو الرد عليه سواء قدمها بتصريح منها أو بغير تصريح ما دام هو لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى. ولما كان يبين من الاطلاع على أوراق الطعن والمفردات المضمومة إليها أن الطاعنة لم تطلب ضم دفتر تحركات سيارات مكتب الآداب إلا في المذكرة التي قدمتها إلى المحكمة الاستئنافية بعد حجز الدعوى للحكم، فلا تثريب على المحكمة إذا هي لم تستجب لهذا الطلب أو ترد عليه.
4 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها - كما أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفعين بقوله "إن إذن النيابة بتفتيش مسكن المتهمة صدر عقب تحريات جدية قام بها ضابط الواقعة بنفسه سابقة للإذن المذكور كما يبين ذلك من الاطلاع على الأوراق فمحضر التحريات محرر في الساعة العاشرة صباحاً بينما صدر إذن النيابة في الساعة الأولى بعد ظهر نفس اليوم ولم يوجب القانون ميعاداً يسبق فيه محضر التحريات إذن النيابة الصادر بالتفتيش والقبض.... " وكان ما رد به الحكم على الدفعيين سالفى الذكر سائغاً لإطراحها فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - إن خلو التحقيق الابتدائي من مواجهة الطاعنة بالشاهد وبباقي المتهمات لا يترتب عليه بطلانه، بل يكون لها أن تتمسك لدي محكمة الموضوع بما قد يكون في هذا التحقيق من نقص حتى تقدره المحكمة وهى على بينة من أمره، كما هو الشأن في سائر أدلة الدعوى. ولما كانت الطاعنة قد اقتصرت على الدفع ببطلان التحقيق الابتدائي دون أن تطلب من المحكمة مواجهتها بباقي المتهمات أو بشاهد الإثبات وكان ما انتهي إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفع سديداً في القانون, فإن ما تثيره في هذا الصدد لا يكون له محل.
6 - إن ما تنعاه الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى المواد التي طبقها عندما قضي بالإدانة مردود بأن المحكمة بينت هذه المواد في صدر حكمها وأخذت بما جاء بأسباب حكم محكمة أول درجة الذي تضمن إشارة صريحة إلى المواد التي طبقت.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وأخريات بأنهن في يوم 18 مارس سنة 1972 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة المتهمة الأولي (الطاعنة): (أولاً) أدارت المكان المبين بالمحضر لممارسة الدعارة على النحو المبين بالأوراق (ثانياً) سهلت دعارة المتهمتين الثانية والثالثة بأن قدمت الثانية إلى...... لارتكاب الفحشاء معها وقدمت الثالثة للرجال لذات الغرض (ثالثاً) استغلت بغاء المتهمتين الثانية والثالثة على النحو المبين بالأوراق. المتهمتين الثانية والثالثة: اعتادتا ممارسة الدعارة مع الرجال لقاء أجر دون تمييز. المتهمة الرابعة: تواجدت في مكان للدعارة واشتغلت فيه مع علمها بذلك. وطلبت عقابهن بالمواد 1/ 1 أ و 6/ 1 ب و8/ 1 و9/ ج و10 و13 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة جنح الآداب قضت بتاريخ 4 أبريل سنة 1972 عملاً بمواد الاتهام حضورياً للأولى وحضورياً اعتبارياً للباقين بحبس المتهمة الأولى ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريمها ثلاثمائة جنيهاً وإغلاق الشقة ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود بها (ثانياً) بحبس كل من المتهمتين الثانية والثالثة ستة أشهر مع الشغل وكفالة 500 قرش لكل لوقف التنفيذ وتغريم كل منهما خمسين جنيهاً (ثالثاً) بحبس المتهمة الرابعة شهراً مع الشغل وكفالة مائة قرش لوقف التنفيذ. فاستأنفت المتهمة الأولى (الطاعنة). ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بتاريخ 24 يونيه سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجرائم إدارة محل للدعارة وتسهيل دعارة المتهمتين الثانية والثالثة في الدعوى واستغلال بغائهما قد شابه خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وانطوي على فساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعنة دفعت ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بتفتيشها لعدم استناده إلى تحريات جدية، غير أن الحكم أطرح هذا الدفع لأسباب غير سائغة، كما أن الطاعنة طلبت - في سبيل تحقيق دفع آخر لها ببطلان التفتيش لإجرائه قبل صدور الإذن به - ضم دفتر تحركات سيارات مكتب الآداب، إلا أن المحكمة لم تجبها إلى طلبها والتفتت في حكمها عن الرد عليه، هذا فضلاً عن أن الطاعنة دفعت أيضاً ببطلان الدليل المستمد من أقوال المتهمات في محضر جمع الاستدلالات لأنها جاءت وليد إجراء باطل فقد قام محرر المحضر - بغر حق - باستجواب المتهمات ولم يقم بإجراء مواجهة بينهن، غير أن الحكم عول على هذا الدليل وأغفل إيراد الدفع أو الرد عليه كما خلا التحقيق الابتدائي من إجراء مواجهة الطاعنة بالشاهد وبباقي المتهمات, وأغفل الحكم - بيان نص القانون الذي أنزل بموجبه العقاب على الطاعنة - وبذا جاء معيباً بما يستوجب نقضه. وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها كما تحدث عن الدفع ببطلان التفتيش لإجرائه قبل صدور الإذن به ورد على الدفعيين بقوله: " إن إذن النيابة بتفتيش مسكن المتهمة صدر عقب تحريات جدية قام بها ضابط الواقعة بنفسه سابقة للإذن المذكور، كما يبين ذلك من الاطلاع على الأوراق، فمحضر التحريات محرر في الساعة العاشرة صباحاً بينما صدر إذن النيابة في الساعة الأولي بعد ظهر نفس اليوم ولم يوجب القانون ميعاداً يسبق فيه محضر التحريات إذن النيابة الصادر بالتفتيش والقبض... " لما كان ذلك, وكان ما رد به الحكم على الدفعين سالفي الذكر سائغاً وكافياً لإطراحهما، ذلك بأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون كما أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها, وإذ كان من المقرر أن المحكمة متى أمرت بإقفال باب المرافعة في الدعوى وحجزتها للحكم فهي بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الطاعن في مذكرته التي يقدمها في فترة حجز القضية للحكم أو الرد عليه سواء قدمها بتصريح منها أو بغير تصريح ما دام هو لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى, وكان يبين من الاطلاع على أوراق الطعن والمفردات المضمومة إليها أن الطاعنة لم تطلب ضم دفتر تحركات سيارات مكتب الآداب إلا في المذكرة التي قدمتها إلى المحكمة الاستئنافية بعد حجز الدعوى للحكم، فلا تثريب على المحكمة إذا هي لم تستجب لهذا الطلب أو ترد عليه. لما كان ذلك, وكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان استجواب المتهمات والدليل المستمد منه بقوله "إن ما قام به محرر المحضر إنما هو جميع استدلالات وليس استجواباً بالمعني الذي رمى إليه القانون, إذ أن النيابة العامة هي التي قامت بعد ذلك بإجراء التحقيق مع المتهمة المستأنفة (الطاعنة) والمتهمات الأخريات" وكان ما انتهي إليه الحكم يتفق وصحيح القانون, ذلك بأن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كما يفندها إن كان منكراً للتهمة أو يعترف بها إن شاء الاعتراف, وإذ كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما أثبته مأمور الضبط القضائي في محضر ضبط الواقعة من أقوال المتهمات بما فيهن الطاعنة نفسها لا يعدو أن يكون تسجيلاً لما أبدينه أمامه واعترف من اعترفت منهن في حقها وحق غيرها من المتهمات في نطاق إدلائها بأقوالها مما لا يعد استجواباً ولا يخرج عن حدود ما نيط بمأمور الضبط القضائي, فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون سديداً. هذا فضلاً عن أنه ليس للطاعنة أن تثير الدفع ببطلان ما أثبته مأمور الضبط القضائي من أقوال باقي المتهمات في الدعوى, إذ لا صفة لغير من وقع في حقه إجراء ما في أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه, لأن تحقق المصلحة في الدفع لا حق لوجود الصفة فيه. لما كان ذلك,
وكان خلو التحقيق الابتدائي من مواجهة الطاعنة بالشاهد وبباقي المتهمات لا يترتب عليه بطلانه بل يكون لها أن تتمسك لدي محكمة الموضوع بما قد يكون في هذا التحقيق من نقص حتى تقدره المحكمة وهى على بينة من أمره كما هو الشأن في سائر أدلة الدعوى وكانت الطاعنة قد اقتصرت على الدفع ببطلان التحقيق الابتدائي دون أن تطلب من المحكمة مواجهتها بباقي المتهمات أو بشاهد الإثبات وكان ما انتهي إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفع سديداً في القانون, فإن ما تثيره في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان ما تنعاه الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى المواد التي طبقها عندما قضي بالإدانة مردود بأن المحكمة بينت هذه المواد في صدر حكمها وأخذت بما جاء بحكم محكمة أول درجة من أسباب وقد تضمن هذا الحكم الأخير إشارة صريحة إلى المواد التي طبقت. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1006 لسنة 42 ق جلسة 17 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 309 ص 1374

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وحسن الشربيني، ومحمود عطيفة. وطه دنانة.

-------------------

(309)
الطعن رقم 1006 لسنة 42 القضائية

(أ) تأميم. موظفون عموميون. إجراءات. دعوي جنائية. "تحريكها". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
الموظفون والمستخدمون في الشركات المؤممة لا يعتبرون في حكم الموظفين أو المستخدمين العموميين في انطباق الحصانة المقررة بالفقرة الثالثة من المادة 63 إجراءات عليهم. تعليل ذلك.
قضاء الحكم المطعون فيه بانعطاف تلك الحماية عليهم بتأييده لحكم محكمة أول درجة القاضي بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. خطأ في تطبيق القانون.
(ب) محكمة استئنافية. استئناف. موظفون عموميون.
على المحكمة الاستئنافية أن تقضي بإلغاء حكم محكمة أول درجة الذي قضي خطأ بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها من غير ذي صفه وأن تقضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وإعادة القضية لمحكمة أول درجة للفصل في الموضوع حتى لا تفوت على المتهم إحدى درجتي التقاضي. المادة 419/ 2 إجراءات.

-----------------
1 - جري قضاء محكمة النقض بأن المشروعات المؤممة تأميماً كلياً التي كانت تتمتع بالشخصية المعنوية لا تفقد الشخصية المستقلة عن شخصية الدولة نتيجة للتأميم، وتلك قاعدة عامة التزمها المشرع المصري في كل ما أجري من تأميم رأي أن يحتفظ فيه للمشروع المؤمم بشخصيته القانونية. ويتضح الأخذ بهذا المبدأ فيما تنص عليه المادة الرابعة من القانون رقم 117 لسنة 1961 من أن تظل الشركات والبنوك المؤممة محتفظة بشكلها القانوني واستمرار ممارستها لنشاطها مع إخضاعه لإشراف الجهة الإدارية التي يري إلحاقه بها. ولا شك أن القانون رقم 72 لسنة 1963 الذي أممت بمقتضاه شركة النصر لتعبئة الزجاجات تجمعه مع القانون الأول وحدة الروح والهدف، ولهذا أشار إليه صراحة في صدره وأحكامه لا تتضمن ما يؤدي إلى زوال شخصية المشروع المؤمم نتيجة للتأميم بل الإبقاء على نظامها القانوني السابق فيما لا يتعارض مع التأميم, وقد أفصح الشارع عن اتجاهه إلى عدم اعتبار موظفي وعمال مثل تلك الشركات من الموظفين العامين بما كان عليه نص المادة الأولى من لائحة نظام موظفي الدولة وعمال الشركات التي تتبع المؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 سنة 1961 من سريان قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية على موظفي وعمال هذه الشركات واعتبار هذا النظام جزءاً متمماً لعقد العمل, وقد عاد المشرع إلى تأكيد هذا الحكم بإيراده إياه في المادة الأولى من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية 3546 سنة 1963 التي حلت محل اللائحة السابقة وامتد سريان أحكامها بالنسبة إلى العاملين بالمؤسسات العامة بمقتضي القرار الجمهوري رقم 800 سنة 1963 بإصدار نظام العاملين بالمؤسسات العامة والذي حل محله فيما بعد القرار الجمهوري رقم 3309 سنة 1966 بنظام العاملين بالقطاع العام الصادر تنفيذاً للقانون رقم 32 سنة 1966 في شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام. وكلما رأي الشارع اعتبار العاملين بالشركات في حكم الموظفين العامين في موطن ما أورد به نصاً كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والتسبب بالخطأ الجسيم في إلحاق ضر جسيم بالأموال وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني قانون العقوبات حين أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلى المادة 111 من قانون العقوبات فقرة مستحدثة نصت على أنه يعد في حكم الموظفين العموميين في تطبيق نصوص الجرائم المشار إليها مستخدمو الشركات التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت، فجعل هؤلاء العاملين في حكم أولئك الموظفين العامين في هذا المجال المعين فحسب دون سواه، فلا يجاوزه إلى مجال الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فيما أسبغته من حماية خاصة على الموظف أو المستخدم العام. لما كان ما تقدم، فإن المطعون ضدهما في علاقتهما بالشركة لا يكونان قد اكتسبا صفة الموظف أو المستخدم العام وبالتالي لا تنطبق عليهما الحصانة المقررة بالفقرة الثالثة من المادة 63 المشار إليها، ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهي إلى اعتبارهما من الموظفين أو المستخدمين العموميين ورتب على ذلك انعطاف تلك الحماية عليهما بتأييده لحكم محكمة أول درجة القاضي بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها من غير ذي صفة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهي إلى اعتبار المطعون ضدهما (الموظفين بشركة مؤممة) من الموظفين أو المستخدمين العموميين، ورتب على ذلك انعطاف الحماية المقررة بالفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية عليهما بتأييده لحكم محكمة أول درجة القاضي بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها من غير ذي صفة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وإذ كان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضي في الاستئناف المرفوع إليها عن حكم محكمة أول درجة بإلغائه ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في الموضوع حتى لا تفوت إحدى درجتي التقاضي على المتهمين، وذلك طبقاً لنص المادة 419/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه والقضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية لمحكمة أول درجة للفصل في الموضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 26/ 5/ 1969 بدائرة قسم الفيوم، المتهم الأول: باع مثلجات غير مطابقة للشروط المقررة قانوناً. المتهم الثاني: صنع مثلجات من مواد مغشوشة غير طازجة وصالحة للاستهلاك المحلي لانخفاض نسبة السكر بها عن الحد المقرر. وطلب معاقبتهما بالمواد 2 و3 و7 من القانون رقم 257 لسنة 1956 والمواد 3 و11 و4 من قرار وزير الصحة. ومحكمة الفيوم الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 2/ 2/ 1971 بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة الفيوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 20/ 10/ 1971 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضي في استئنافها بتأييد الحكم المستأنف فيما قضي به من عدم جواز نظر الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه على أن المطعون ضدهما من الموظفين أو المستخدمين العموميين بشركة النصر لتعبئة الزجاجات، مما كان يتعين معه طبقاً للمادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية أن ترفع الدعوى عليهما من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة لا من أحد وكلاء النائب العام، في حين أنهما لا يعدان في صحيح القانون من الموظفين أو المستخدمين العموميين، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على أنها رفعت بقرار من وكيل النيابة الذي لا يملك ذلك وفقاً لنص المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية لما هو ثابت من أوراق الدعوى أن المطعون ضده الأول يعمل مديراً لفرع شركة النصر لتعبئة الزجاجات وأن المطعون ضده الثاني يعمل كيميائياً بالشركة المذكورة وهى إحدى شركات المؤسسة المصرية العامة للصناعات الغذائية، مما كان يتعين معه أن ترفع الدعوى على المتهمين ممن نصت عليهم المادة المشار إليها، وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم - حسبما جري به قضاء هذه المحكمة - غير سديد في القانون، ذلك بأن المشروعات المؤممة تأميماً كلياً التي كانت تتمتع بالشخصية المعنوية لا يفقد الشخصية المستقلة عن شخصية الدولة نتيجة للتأميم، وتلك قاعدة عامة التزمها المشرع المصري في كل ما أجري من تأميم رأي أن يحتفظ فيه للمشروع المؤمم بشخصيته القانونية. ويتضح الأخذ بهذا المبدأ فيما تنص عليه المادة الرابعة من القانون رقم 117 لسنة 1961 من أن تظل الشركات والبنوك المؤممة محتفظة بشكلها القانوني واستمرار ممارستها لنشاطها مع إخضاعه لإشراف الجهة الإدارية التي يرى إلحاقه بها. ولا شك أن القانون رقم 72 لسنة 1963 الذي أممت بمقتضاه شركة النصر لتعبئة الزجاجات تجمعه مع القانون الأول وحدة الروح والهدف، ولهذا أشار إليه صراحة في صدره, وأحكامه لا تتضمن ما يؤدي إلى زوال شخصية المشروع المؤمم نتيجة للتأميم, بل الإبقاء على نظامها القانوني السابق من حيث خضوعها للقانون الخاص فيما لا يتعارض مع التأميم, وقد أفصح الشارع عن اتجاهه إلى عدم اعتبار موظفي وعمال مثل تلك الشركات من الموظفين العامين بما كان عليه نص المادة الأولى من لائحة نظام موظفي الدولة وعمال الشركات التي تتبع المؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 سنة 1961 من سريان قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية على موظفي وعمال هذه الشركات واعتبار هذا النظام جزءاً متمماً لعقد العمل, وقد عاد المشرع إلى تأكيد هذا الحكم بإيراده إياه في المادة الأولى من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية 3546 سنة 1962 التي حلت محل اللائحة السابقة وامتد سريان أحكامها بالنسبة إلى العاملين بالمؤسسات العامة بمقتضي القرار الجمهوري رقم 800 سنة 1963 بإصدار نظام العاملين بالمؤسسات العامة والذي حل محله فيما بعد القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 بنظام العاملين بالقطاع العام الصادر تنفيذاً للقانون رقم 32 لسنة 1966 في شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام. وكلما رأى الشارع اعتبار العاملين بالشركات في حكم الموظفين العامين في موطن ما أود به نصاً, كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والتسبب بالخطأ الجسيم في إلحاق ضرر جسيم بالأموال وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني بقانون العقوبات حين أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلى المادة 111 من قانون العقوبات فقرة مستحدثة نصت على أنه يعد في حكم الموظفين العموميين في تطبيق نصوص الجرائم المشار إليها مستخدمو الشركات التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت، فجعل هؤلاء العاملين في حكم أولئك الموظفين العامين في هذا المجال المعين فحسب دون سواه، فلا تجاوزه إلى مجال الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فيما أسبغته من حماية خاصة على الموظف أو المستخدم العام. لما كان ما تقدم، فإن المطعون ضدهما في علاقتهما بالشركة لا يكونان قد اكتسبا صفة الموظف أو المستخدم العام وبالتالي لا تنطبق عليهما الحصانة المقررة بالفقرة الثالثة من المادة 63 المشار إليها، ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهي إلى اعتبارهما من الموظفين أو المستخدمين العموميين, ورتب على ذلك انعطاف تلك الحماية عليهما بتأييد لحكم محكمة أول درجة القاضي بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها من غير ذي صفة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك, وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضي في الاستئناف المرفوع إليها عن حكم محكمة أول درجة بإلغائه ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في الموضوع حتى لا تفوت إحدى درجتي التقاضي على المتهمين، وذلك طبقاً لنص المادة 419/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهى لم تفعل, فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه والقضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في الموضوع.

الخميس، 21 أبريل 2022

الطعن 1007 لسنة 42 ق جلسة 17 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 310 ص 1380

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وحسن الشربيني، ومحمود عطيفة, ومحمد عادل مرزوق.

--------------------

(310)
الطعن رقم 1007 لسنة 42 القضائية

قتل خطأ. إصابة خطأ. عقوبة. محكمة النقض. "سلطتها". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
عقوبة جريمة القتل الخطأ التي ينشأ عنها وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص الحبس وجوباً الذي لا تقل مدته عن سنة ولا تزيد على سبع سنوات. الفقرة الثالثة من المادة 238 عقوبات المعدلة بالقانون 120 لسنة 1962هي أشد من عقوبة الحبس المقررة لجريمة الإصابة الخطأ طبقاً للفقرة الثالثة من المادة 244عقوبات.
إدانة الحكم المطعون فيه للمتهم واكتفاؤه بتغريمه خمسين جنيهاً عن جريمتي القتل الخطأ لأكثر من ثلاثة أشخاص والإصابة الخطأ لأكثر من ثلاثة أشخاص. خطأ في تطبيق القانون يوجب النقض والتصحيح. تقدير محكمة النقض للعقوبة في التصحيح.

------------------
لما كانت العقوبة المقررة لجريمة القتل الخطأ إذا نشأ عنها وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 238 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 120 لسنة 1962 هي الحبس وجوباً الذي لا تقل مدته عن سنة ولا تزيد على سبع سنوات وهي أشد من عقوبة الحبس المقررة لجريمة الإصابة الخطأ طبقاً للفقرة الثالثة من المادة 244 من قانون العقوبات فإن الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده بجريمتي قتل الخطأ لأكثر من ثلاثة أشخاص والإصابة الخطأ لأكثر من ثلاثة أشخاص وقضى بتعديل الحكم المستأنف واكتفى بتغريم المطعون ضده خمسين جنيهاً عنهما، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون والمحكمة وهى تقدر العقوبة تقضي بحبس المطعون ضده سنة واحدة مع الشغل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 28/ 12/ 1966 بدائرة مركز سمنود: (أولاً) تسبب خطأ في وفاة...... وآخرين وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن تراخي في استبدال كمرة خشبية متآكلة يستند إليها سقف الطابق السفلي ويعلوها جدار يضاعف من الثقل الواقع عيها رغم وضوح ما بها من تلف وتآكل ولم يقم جداراً أو ركائز تحتها لتدعيمها كما أحجم عن ترميم جدران المنزل الداخلية بعد أن علم بتشققها فأدي ذلك لانفصام الكمرة الخشبية وانهيار المنزل على القاطنين به فحدثت إصابات المجني عليهم المذكورين على نحو ما ثبت بالتقارير الطبية المرفقة والتي نجمت عنها وفاتهم. (ثانياً) تسبب خطأ في إصابة...... وآخرين بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه على النحو المبين سالفاً مما أدي لانهيار المنزل عليهم ومن ثم حدثت إصاباتهم. (ثالثاً) أقام حظيرة مواشي بغير ترخيص من الجهة المختصة، وطلبت معاقبته بالمواد 238/ 3 و244/ 3 من قانون العقوبات و1 و2 و17 و18/ 3 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 379 لسنة 1956 والجدول الملحق، ومحكمة جنح مركز سمنود الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 5/ 5/ 1970 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنتين مع الشغل عن التهمتين الأولى والثانية وكفالة 15 جنيهاً لإيقاف التنفيذ. وتغريمه جنيه عن التهمة الثالثة والإزالة. فاستأنف، ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 8/ 11/ 1971 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى تغريم المتهم50 جنيهاً عن التهمتين الأولي والثانية وتأييده بالنسبة إلى التهمة الثالثة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمتي القتل الخطأ لأكثر من ثلاثة أشخاص والإصابة الخطأ لأكثر من ثلاثة أشخاص وقضي بتعديل الحكم الابتدائي الصادر بحبسه مع الشغل سنتين إلى تغريمه خمسين جنيهاً عنهما قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن العقوبة المقررة للجريمة الأولى - باعتبارها أشد الجريمتين طبقاً للمادة 238/ 3 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 هي الحبس مدة لا تقل عن سنة وجوباً.
وحيث إنه لما كانت العقوبة المقررة لجريمة القتل الخطأ إذا نشأ عنها وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 238 من وقانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 هي الحبس وجوباً الذي لا تقل مدته عن سنة ولا تزيد على سبع سنوات, وهي أشد من عقوبة الحبس المقررة لجريمة الإصابة الخطأ طبقاً للفقرة الثالثة من المادة 244 من قانون العقوبات, فإن الحكم المطعون إذ دان المطعون ضده بجريمتي القتل الخطأ لأكثر من ثلاثة أشخاص والإصابة الخطأ لأكثر من ثلاثة أشخاص وقضى بتعديل الحكم المستأنف واكتفى بتغريم المطعون ضده خمسين جنيهاً عنهما، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون, والمحكمة وهي تقدر العقوبة تقضي بحبس المطعون ضده سنة واحدة مع الشغل.

الطعن 1012 لسنة 42 ق جلسة 17 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 311 ص 1383

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وحسن الشربيني، ومحمود عطيفة, ومحمد عبد المجيد سلامة.

--------------

(311)
الطعن رقم 1012 لسنة 42 القضائية

مسئولية جنائية. إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع.. "سلطتها في تقدير الدليل". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "موانع العقاب. الجنون والعاهة العقلية". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المرض النفسي لا يؤثر في سلامة العقل وصحة الإدراك. تتوافر معه المسئولية الجنائية. سلطة المحكمة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى. وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع الفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها. هي غير ملزمة بإعادة المهمة إلى ذات الخبير أو بإعادة مناقشته ما دام استنادها إلى الرأي الذي استندت إليه هو استناد سليم لا يجافي العقل والقانون.
مثال لتسبيب سائغ في إطراح الدفاع بانعدام المسئولية لحالة عقلية.

----------------
متى كان ما أورده الحكم يستقيم به إطراح دفاع الطاعن (من أنه كان يعانى من حالة عقلية تفقده الإدراك والإحساس وتجعله غير مسئول عن الفعل المسند إليه) ذلك بأنه انتهي في قضاء سليم لا مخالفة فيه للقانون إلى أن نوع المرض الذي يدعيه الطاعن (المرض النفسي) - على فرض ثبوته - لا يؤثر في سلامة عقله وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه. وكان من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها، وأنها الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها وهى في ذلك ليست ملزمة بإعادة المهمة إلى ذات الخبير أو بإعادة مناقشته ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافي المنطق والقانون وهو الأمر الذي لم يخطئ الحكم المطعون فيه تقديره، وكانت المحكمة قد كونت عقيدتها مما اطمأنت إليه من أدلة وعناصر في الدعوى سائغة ولها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان تقدير أدلة الدعوى من أطلاقاتها فإن جميع ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير ذلك الأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 18/ 5/ 1969 بناحية مركز الصف محافظة الجيزة: قتل........ عمداً بأن انهال على رأسها ضرباً بفأس قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك بتاريخ 7/ 4/ 1971. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً بتاريخ 31/ 10/ 1971 عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض إلخ...


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد انطوي على إخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال ذلك بأن المحكمة لم تستجب لما طلبه المدافع عنه من إحالته مرة أخري للطبيب الذي أوقع الكشف عليه للوقوف على ما إذا كان يعد مسئولاً عن عمله وقت ارتكابه للحادث, كما رفضت استدعاء الطبيب المذكور لمناقشته في هذا الأمر الجوهري معتمدة في ذلك على تقريره الذي كشف عن حالة الطاعن إبان إقامته بالمستشفى - وليس وقت ارتكابه للحادث - فضلاً عما نطقت به أوراق الدعوى والشهادات الطبية المقدمة من الطاعن من أنه كان يعاني من حالة عقلية تفقده الإدراك والإحساس مما تجعله غير مسئول عن الفعل المسند إليه وذهبت المحكمة في رفضها لطلب الطاعن مذهباً لم تستعن فيه برأي أهل الخبرة حيث قالت بأنه كان يعاني مرضاً نفسياً وهو غير المرض العقلي ولا يعد سبباً من أسباب انعدام المسئولية الجنائية وهى بذلك تكون قد استباحت المحظور لأنها شقت طريقاً لا تستطيع ولوجه بغير الاستعانة بالدليل الفني وكل ذلك يعيب قضاءها بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه الأدلة السائغة المؤدية لما رتبه عليها حصل دفاع الطاعن الذي أورده بوجه طعنه واطرحه في قوله: "وحيث إن المحكمة تطرح ما تمسك به الدفاع من أن المتهم غير مسئول عما ارتكبه تأسيساً على أنه مصاب بالصرع وبمرض نفسي لما هو مستقر قانوناً من أن فيصل التفرقة بين المرض العقلي والمرض النفسي إنما هو انعدام الشعور والإدراك الذي هو من خصائص المرض الأول دون الأخير ومن ثم فإن أثر المرض الأول في المسئولية يعدمها بنص القانون في حين أن المرض الثاني لا يؤثر فيها قانوناً هذا فضلاً عن أن المرض النفسي إذا بلغ المرحلة التي بمقتضاها ينعدم به الشعور والإدراك فإنه يخرج من عداد الأمراض النفسية ويندرج في قائمة الأمراض العقلية لما هو مقرر من أن الحالات النفسية ليست في الأصل من حالات موانع العقاب كالجنون والعاهة في العقل اللذين يجعلان الجاني فاقد الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة وفقاً للقانون, فالتشريع الجنائي المصري لم يسو بين المرض العقلي الذي يعدم الإدراك والتميز وبين الأمراض التي تصيب النفس ذلك أن قانون العقوبات قد نص في المادة 62 على أنه لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل إما لجنون أو عاهة في العقل وبالتالي فإن هاتين الحالتين اللتين أشارت إليهما هذه المادة دون غيرها ورتبت عليهما الإعفاء من العقاب هما اللتان يجعلان المصاب بهما وقت ارتكاب الجريمة فاقداً للشعور والإدراك في عمله وقد جري القضاء في تفسير هذا النص على أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الدكتور......... مدير عام دار الاستشفاء للصحة العقلية أن المتهم لا يعاني من مرض عقلي وأنه يعي ما يقول ويعقل ولم تظهر عليه أي أعراض عقلية طوال مدة تواجده بالمستشفى في المدة من 25/ 5/ 1969 إلى 12/ 7/ 1969 ويعتبر مسئولاً عن أعماله في الحادث المنسوب إليه موضوع هذه القضية وتضمن التقرير فوق ذلك عن الحالة الجسيمة أن النبض 80 والضغط 120/ 80 وأن الجهاز العصبي سليم وأن القلب والرئتين سليمان وأن المخ وجد طبيعياً بعد الفحص الكهربائي. وكما تضمن أن المتهم كان ينام نوماً طبيعياً ويأكل بصورة طبيعية وكان يتحدث بطلاقة أمام الممرضين كما كان سليماً في إجاباته إلا عند ما سئل عن الأمراض العقلية فبدأ يتكلم عنها ليظهر مرضه لما كان ذلك, وكان التقرير شمل فحص حالة المتهم عن مدة لاحقة لارتكاب الجريمة إلا أنه قطع من خلال فحصه له أنه لا يعاني أي مرض عقلي وأن جهازه العصبي سليم وأن المخ طبيعي، وكان ثابتاً من أقوال المتهم في التحقيقات أنه اعترف بالجريمة وحدد أسلوب ارتكابها ووقته وسبب ارتكابه لها كما أنه ذكر لشيخ الخفراء عندما وصل إليه عقب ارتكاب الحادث عبارة " قتلتها وبيتي أتخرب وخلاص" وهى تدل في وضوح عن أن المتهم وقت ارتكابه للحادث كان متفهما لما وقع ومتحققاً من الأثر المترتب عليه. لما كان ما تقدم فإن المتهم لا يكون وقت ارتكابه للحادث مصاباً بمرض عقلي وأن الحالة النفسية التي قيل بوجودها لم تفقده الشعور والإدراك وبالتالي فإنها لا تؤثر في مسئوليته الجنائية ولا تعد سبباً لانعدام تلك المسئولية. وإذا كان تقرير مدير عام دار الاستشفاء للصحة العقلية قد قطع بأن المتهم غير مصاب بأي مرض عقلي كما قطع بأن جهازه العصبي سليم وأن المخ وجد طبيعياً فإنه لا محل بعد ذلك لمسايرة الدفاع فيما طلبه من إعادة عرض المتهم على الطبيب الذي أوقع الكشف عليه لأن التقرير انتهي إلى أنه مسئول عن الجريمة التي نسبت إليه تأسيساً على ما سجله في تقريره عن حالته في الفترة التي مكث فيها بدار الاستشفاء هذا فضلاً عما استخلصته المحكمة من أقوال المتهم في التحقيقات وأقوال شيح الخفراء من أن المتهم كان مدركاً لفعله وللأثر الذي سيترتب عليه وليس هذا فحسب بل إن الدفاع أشار إلى المرض النفسي وسبقت الإشارة إلى ما استقر من أن الجنون والعاهة في العقل هما وحدهما ما تنعدم بهما المسئولية الجنائية. وحيث أنه بالإضافة إلى كل ما تقدم، فإن الثابت مما جري في مرحلة الإحالة أن الحاضر مع المتهم ذكر أن المتهم يعالج بمستشفى بهمان بحلوان وطلب أجلاً لضم تقرير مستشفى بهمان، وأحيلت الدعوى أمام مستشار الإحالة ولم يقدم الدفاع هذا التقرير في مرحلة الإحالة وأمام المحكمة, هذا إلى أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير آخر في الدعوى أو بإعادة المتهم ليعرض على الخبير الأول بعد أن وضحت لها الدعوى وفى نطاق ما هو مقرر من أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع وأن المحكمة لا تلتزم بالالتجاء إلى أهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية التي يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها وقد ثبت مما سجلته المحكمة في هذا الحكم من مصادره المستقاة من تقرير دار الاستشفاء وأقوال المتهم وشيخ الخفراء في التحقيقات أن المتهم غير مصاب بمرض عقلي وأن الحالة النفسية التي قيل بوجودها على ما ورد بالشهادات المقدمة منه لا تفقده الشعور والإدراك وأن مظاهر السلبية ورفض الإجابة لما يوجه إليه من أسئلة أو التزام عدم المعرفة بأي شيء سواء أثناء وجوده بالمستشفى أو أمام المحكمة بجلسة المرافعة على ما هو ثابت بمحضر الجلسة لا تنبئ بذاتها عن أنه مصاب بمرض عقلي، وإنما كان من جانبه تظاهر لعلة بتلك المظاهر يبدو وكأنه مصاب بمرض عقلي، الأمر الذي استبعده التقرير الطبي ومن بعده المحكمة وبالتالي فإن المتهم يكون مسئولاً مسئولية كاملة عن الجريمة المسندة إليه", وما أورده الحكم فيما سلف يستقيم به إطراح دفاع الطاعن الذي أثاره بوجه طعنه ذلك بأنه انتهي في قضاء سليم لا مخالفة فيه للقانون إلى أن نوع المرض الذي يدعيه الطاعن - على فرض ثبوته - لا يؤثر في سلامة عقله وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها، وإنها الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها, وهى في ذلك ليست ملزمة بإعادة المهمة إلى ذات الخبير أو بإعادة مناقشته ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافي المنطق والقانون وهو الأمر الذي لم يخطئ الحكم المطعون فيه تقديره، وكانت المحكمة قد كونت عقيدتها مما اطمأنت إليه من أدلة وعناصر في الدعوى سائغة ولها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان تقدير أدلة الدعوى من إطلاقاتها فإن جميع ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير تلك الأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1120 لسنة 42 ق جلسة 17 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 312 ص 1389

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وحسن الشربيني، ومحمود عطيفه. وطه دنانه.

--------------

(312)
الطعن رقم 1120 لسنة 42 القضائية

(أ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لمحكمة الموضوع الإعراض عن ما يبدي من أوجه دفاع متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى مع بيان العلة.
مثال لإطراح الحكم طلب الدفاع بإحالة الطاعن للطبيب الشرعي لمعرفة ما إذا كان يستطيع طعن المجني عليها وهو مبتور الذراع الأيسر.
(ب) تعويض. دعوى مدنية. نقض. "حالات الطعن. مخالفة القانون".
قضاء المحكمة للمدعية بالحقوق المدنية بالمبلغ المطلوب على سبيل التعويض المؤقت مع إنها ادعت بذلك المبلغ على سبيل التعويض الشامل. قضاء من تلقاء نفسها بما لم يطلب منها. مخالفة للقانون. تستوجب نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه يجعل مبلغ التعويض المقضي به نهائياً.

----------------
1 - من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه، إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى، فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعن بوجه طعنه - بقاله الإخلال بحق الدفاع من أن المحكمة لم تستجب لما طلبه المدافع عنه خاصاً بإحالته إلى الطبيب الشرعي لمعرفة ما إذا كان يستطيع - وذراعه الأيسر مبتور - طعن المجني عليها في المكان وبالطريقة التي صورتها وأطرحه في قوله "ولا تري المحكمة إجابة الدفاع إلى هذا الطلب إذ أن المتهم سليم الذراع الأيمن ولم تذكر المجني عليها أن المتهم ضربها بالذراع الأيسر, وبتر الذراع الأيسر لا ينفي قيام المتهم بالضرب بالذراع الأيمن وقد أبدي هذا الدفاع من باب التسويف في الفصل في القضية". وبذلك يكون منعي الطاعن في هذا المنحى غير سديد.
2 - إذا كانت المحكمة قد قضت للمدعية بالحقوق المدنية بمبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع ما هو ثابت من الأوراق إنها قد ادعت بذلك المبلغ على سبيل التعويض الشامل فإن المحكمة تكون قد قضت من تلقاء نفسها بما لم يطلب منها وتكون بذلك قد خالفت القانون وهذا يعيب حكمها بما يستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل مبلغ التعويض المقضي به نهائياً.


الوقائع

اتهمت النيابة الطاعن بأنه في يوم 13/ 11/ 1969 بدائرة مركز كفر الزيات محافظة الغربية: أحدث عمداً بـ.......... الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة هي استئصال الطحال. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بمواد الإحالة، فقرر ذلك في 12/ 10/ 1970 وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ 250 جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً بتاريخ 28/ 2/ 1972 عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات و10 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث إصابة نشأت عنها عاهة مستديمة قد شابه قصور في التسبيب وانطوي على الإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون ذلك بأن المحكمة لم تستجب لما طلبه المدافع عنه خاصاً بإحالة الطاعن إلى الطبيب الشرعي لمعرفة ما إذا كان يستطيع - وذراعه الأيسر مبتور - طعن المجني عليها في المكان وبالطريقة التي صورتها، وذهبت في اطراحها لهذا الطلب مذهباً غير سائغ إذ قررت أن بتر الذراع الأيسر لا يمنع الطاعن من مقارفة جرمه، في حين أن هذا الذي قالت به المحكمة لم يثبت فنياً، كما أنها قعدت عن تحقيق كيفية حدوث إصابة المجني عليها وموقف المعتدي منها، هذا وقد خالفت المحكمة القانون حين قضت بما طلبته المدعية بالحقوق المدنية على سبيل التعويض المؤقت في حين أن الطلب كان شاملاً، وكل أولئك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث العاهة المستديمة التي دان الطاعن بها والأدلة السائغة على ثبوتها في حقه عرض لما يثيره بوجه طعنه بقاله الإخلال بحق الدفاع وأطرحه في قوله "ولا تري المحكمة إجابة الدفاع إلى هذا الطلب إذ أن المتهم سليم الذراع الأيمن ولم تذكر المجني عليها أن المتهم ضربها بالذراع الأيسر وبتر الذراع الأيسر لا ينفي قيام المتهم بالضرب بالذراع الأيمن وقد أبدي هذا الدفاع من باب التسويف في الفصل في القضية". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه، إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة وهو ما أوضحته في حكمها بما يستقيم به إطراح ذلك الدفاع وبذلك يكون منعي الطاعن في هذا المنحى غير سديد. لما كان ذلك, وكانت المحكمة قد قضت للمدعية بالحقوق المدنية بمبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع ما هو ثابت من الأوراق إنها قد ادعت بذلك المبلغ على سبيل التعويض الشامل, فإن المحكمة تكون قد قضت من تلقاء نفسها بما لم يطلب منها وتكون بذلك قد خالفت القانون وهذا يعيب حكمها بما يستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل مبلغ التعويض المقضي به نهائياً.

الطعن 1243 لسنة 42 ق جلسة 17 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 313 ص 1393

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وحسن الشربيني، ومحمود عطيفة. ومحمد عبد المجيد سلامة.

-----------------

(313)
الطعن رقم 1243 لسنة 42 القضائية

وصف التهمة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تكييف الدعوى". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". قتل خطأ. قتل عمد.
تغيير المحكمة في التهمة من قتل عمد إلى قتل خطأ ليس مجرد تغيير في الوصف تملك إجراءه عملاً بالمادة 308 إجراءات. هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على واقعة جديدة هي واقعة القتل الخطأ. وجوب لفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل وإلا كان الحكم مشوباً بالبطلان. لا يؤثر في ذلك تضمن مرافعة الدفاع أن الواقعة قتل خطأ لصدور ذلك منه دون أن يكون على بينة من عناصر الإهمال التي قالت المحكمة بتوافرها ودانته بها حتى يرد عليها.

----------------
التغيير الذي تجريه المحكمة في التهمة من قتل عمد إلى قتل خطأ ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن في أمر الإحالة مما تملك المحكمة إجراءه بغير تعديل في التهمة عملاً بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية وإنما هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن واردة في أمر الإحالة وهى واقعة القتل الخطأ مما يتعين معه على المحكمة أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل وهى إذ لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالبطلان. ولا يؤثر في ذلك أن يكون الدفاع قال في مرافعته "إن القضية ليست قضية قتل عمد كما وصفت وأن المتهم بعيد كل البعد عن القتل العمد بل يعتبر قتل خطأ". لأن هذا القول صدر منه دون أن يكون على بينة من عناصر الإهمال التي قالت المحكمة بتوافرها ودانته بها حتى يرد عليها. ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 14/ 12/ 1968 بدائرة مركز أبو حمص محافظة البحيرة: قتل....... عمداً بأن أطلق عليه من بندقيته عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. وادعي..... و...... مدنياً قبل المتهم بمبلغ 250 جنيهاً والمصاريف. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً بتاريخ 7/ 2/ 1972 عملاً بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامه بأن يدفع إلى المدعين بالحق المدني مبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وذلك بعد أن عدلت المحكمة وصف التهمة من قتل عمد إلى قتل خطأ. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بطلاناً في الإجراءات أثر في الحكم وإخلالاً بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة أسندت إليه تهمة جديدة لم ترد في أمر الإحالة بأن دانته عن تهمة قتل المجني عليه خطأ بدلاً من تهمة القتل العمد الموجهة إليه من النيابة العامة وجرت المرافعة على أساسها، دون أن تنبه الدفاع إلى هذا التعديل مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه قتل........ عمداً بأن أطلق عليه من بندقيته عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وطلبت النيابة العامة معاقبته وفقاً للمادة 234/ 1 من قانون العقوبات، وانتهي الحكم المطعون فيه إلى إدانة الطاعن بأنه تسبب بغير قصد ولا تعمد في موت المجني عليه وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه وعدم احترازه في تصويبه بأن أطلق مقذوفاً نارياً من بندقية قاصداً تفريق الشجار فأصاب المجني عليه عن غير قصد منه وأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته الأمر المنطبق على المادة 238/ 1 من قانون العقوبات، ودانت المحكمة الطاعن بهذا الوصف دون أن تلفت نظر الدفاع إلى المرافعة على أساسه. لما كان ذلك، وكان هذا التعديل ينطوي على نسبة الإهمال إلى الطاعن وهو عنصر جديد لم يرد في أمر الإحالة ويتميز عن ركن العمد الذي أقيمت على أساسه الدعوى الجنائية، وكان هذا التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة من قتل عمد إلى قتل خطأ ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن في أمر الإحالة مما تملك المحكمة إجراؤه بغير تعديل في التهمة عملاً بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية وإنما هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن واردة في أمر الإحالة وهى واقعة القتل الخطأ مما كان يتعين معه على المحكمة أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل وهى إذ لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالبطلان ولا يؤثر في ذلك أن يكون الدفاع قال في مرافعته "إن القضية ليست قضية قتل عمد كما وصفت وأن المتهم بعيد كل البعد عن القتل العمد بل يعتبر قتل خطأ". لأن هذا القول صدر منه دون أن يكون على بينة من عناصر الإهمال التي قالت المحكمة بتوافرها ودانته بها حتى يرد عليها. ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.