الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 فبراير 2022

الطعن 3313 لسنة 89 ق جلسة 23 / 2 / 2020 مكتب فني 71 ق 40 ص 298

جلسة ٢٣ من فبراير سنة ٢٠٢٠
برئاسة السيد المستشار / عبد الجواد موسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حاتم كمال ، راغب عطية و د . عاصم رمضان نواب رئيس المحكمة و أحمد رفعـت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(40)
الطعن 3313 لسنة 89 ق
(١ - ٣) خبرة " سلطة محكمة الموضوع في تقدير عمل الخبير " " بطلان تقرير الخبير" .
(١) بطلان أعمال الخبير . نسبي . الاعتراض علي شخص الخبير أو علي عمله . وجوب إبدائه أمام الخبير أو لدي محكمة الموضوع في الوقت المناسب . عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . علة ذلك .
(٢) التمسك ببطلان تقرير الخبير . عدم أبدائه من صاحب المصلحة قبل التعرض للموضوع . مقتضاه . سقوط الحق في التمسك بالبطلان .
(٣) تمسك الطاعنة ببطلان تقرير الخبير لخلوه من توقيع الخبراء المنتدبين بعد تعرضها لموضوع الدعوى . غير مقبول . علة ذلك .
(٤ - ٦) محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة والدفاع في الدعوى " " سلطتها بالنسبة لتقدير عمل الخبير وطلب ندب لجنة ثلاثية " .
(٤) محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها تقرير الخبير .
(٥) تقرير الخبير . من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى . خضوعه لتقدير محكمة الموضوع . أخذها بتقريره محمولًا على أسبابه . مفاده . أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه . عدم الاستجابة لطلب ندب لجنة ثلاثية . لا عيب .
(٦) لا تثريب على المحكمة إغفال دفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح . " مثال : بشأن سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى " .
(٧ - ٩) رهن " الرهن الحيازي " . بيع " بيع الأشياء المرهونة " .
(٧) تجاهل الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعنة بعدم استحقاق البنك المطعون ضده المطالبة بالدين لاتخاذه إجراءات نزع ملكية العقارات المرهونة لصالحه . لا عيب . علة ذلك .
(٨) الرهن الحيازي . لا يمنع الدائن من الرجوع على المدين وفق إجراءات التقاضي العادية .
(٩) رهن الطاعنة وحدات عقارية ضمانًا للتسهيلات الممنوحة لها . عدم اعتباره وفاء منها للمديونية . مؤداه . للبنك اتخاذ إجراءات بيع الوحدات المرهونة واستيفاء دينه ومطالبتها بالمديونية المترتبة في ذمتها. تجاهل الحكم المطعون فيه الرد على دفاعها بخصم قيمة الوحدات المرهونة من حساب التسهيلات . لا عيب . علة ذلك .
(١٠ - ١٧) بنوك " عمليات البنوك : الحساب الجاري ، التسهيلات الائتمانية : القرض المصرفي " . تقادم " التقادم المسقط " . عقد " بعض أنواع العقود : عقد القرض ، أركان العقد وشرط انعقاده : سلطان الإرادة " . فوائد " فوائد العمليات المصرفية " " الفوائد في مجال الائتمان العقاري " .
(١٠) عقد القرض الذي يبرمه البنك . اعتباره عملًا تجاريًا بالنسبة له . عدم اندراجه في عداد الأوراق التجارية . أثره . خضوع الدعاوى المتعلقة به للتقادم الطويل .
(١١) الالتزام المدني أو التجاري . الأصل تقادمه بمضي خمس عشرة سنة . م ٣٧٤ ق مدني . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفضه الدفع بالتقادم استنادًا للمادة ٦٨ ق التجارة . صحيح . علة ذلك .
(١٢) الحساب الجاري . ماهيته . وجود معاملات متبادلة بين طرفيه بحيث تكون مدفوعات أحدهما مقرونة بمدفوعات الآخر لا تسوى كل منها إلا بطريق المقاصة . المقصود بتبادل المدفوعات . قيام كل من الطرفين بدور الدافع والقابض . سماح البنك لعميله أن يرد حساب القرض على دفعات . أثره . عدم اعتبار الحساب جاريًا . علة ذلك . تخلف شرط تبادل المدفوعات .
(١٣) العلاقة بين البنوك وعملائها . خضوعها لمبدأ سلطان الإرادة . مؤداه . تحديد حقوق طرفيه بالشروط الواردة بالعقد ما لم تكن مخالفة للنظام العام .
(١٤) القروض التي تعقدها المصارف اعتبارها بالنسبة للمصرف المُقرض عملًا تجاريًا بطبيعته وبالنسبة للمقترض كذلك مهما كانت صفة المقترض وأيًا كان الغرض الذى خصص له القرض . مؤداه . خروج هذه القروض عن نطاق الحظر الوارد في م ٢٣٢ مدنى . خضوعها للقواعد والعادات التجارية .
(١٥) استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية . مناطه . الترخيص لمجلس إدارة البنك المركزي في تحديد أسعار الخصم والفائدة الدائنة التي يجوز لـه تخويل البنك الدائن رفع سعر الفائدة المتفق عليه . م ٧ ق ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ . مؤداه . عدم اشتراط الحصول على موافقة جديدة من المدين . علة ذلك . تلاقى إرادة طرفي عقد القرض على تعيين سعر الفائدة بما يحدده البنك المركزي .
(١٦) جريان العادة في مجال الائتمان العقاري على حساب الفائدة على متجمد الفوائد وتجاوز مجموعها لأصل القرض .
(١٧) العقود موضوع التداعي عقود قروض . مؤداه . سريان الفوائد الاتفاقية بشأنها دون القانونية . احتساب الفائدة الاتفاقية على متجمد الفوائد وإن تجاوز مجموعها لأصل القرض . النعي على الحكم المطعون فيه بعدم تطبيق الفائدة القانونية . على غير أساس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن بطلان أعمال الخبير هو بطلان نسبي تحكم به المحكمة بناء على طلب من له مصلحة من الخصوم ، إذ إنه ليس متعلقًا بالنظام العام فإن بدا لأحد الخصوم الاعتراض على شخص الخبير أو عمله يتعين إبداؤه عند مباشرة الخبير عمله فإن فاته ذلك فعليه أن يبديه لدى محكمة الموضوع في الوقت المناسب فإن أغفل ذلك فلا يجديه الطعن به أمام محكمة النقض باعتباره سببًا جديدًا .
٢- إذ كان تقرير الخبير باطلًا فيجب على صاحب المصلحة أن يتمسك بهذا البطلان صراحة وبوضوح قبل التعرض للموضوع وإلا سقط حقه في التمسك بالبطلان .
٣- إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة بعد إيداع تقرير لجنة الخبراء لم تطعن مباشرة ببطلان التقرير إذ خلت المذكرات المقدمة منها بجلسة ٢/٦/٢٠١٣ ، ١٠/٦/٢٠١٧ ، ٨/١٠/٢٠١٧ من ثمة طعن عليه بالبطلان وقصرت دفاعها فيها بالطعن بالتزوير على سندات الصرف المقدمة من البنك وعدم اختصاص المحكمة نوعيًا بنظر الدعوى وسقوط الحق بالتقادم وندب لجنة محاسبية من الهيئة العامة للرقابة على البنوك، كما طلبت أجلًا للتسوية مع البنك ، ولا ينال من ذلك ما أوردته بمذكرتها المقدمة بجلسة ٢٤/١/٢٠١٨ - بعد التعرض لموضوع الدعوى - من قاله بطلان تقرير الخبير لخلوه من توقيع الخبراء المنتدبين عليه وإذ التفتت محكمة الموضوع عن هذا الطلب فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون غير مقبول باعتباره سببًا جديدًا لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
٤- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها ومنها تقرير الخبير .
٥- تقرير الخبير لا يعدو أن يكون عنصرًا من عناصر الإثبات الواقعية التي تخضع لتقديرها " محكمة الموضوع " وليس في القانون ما يلزم الخبير بأداء عمله على وجه محدد وأنه متى رأت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فلا تكون ملزمة بالرد استقلالًا على المطاعن الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولًا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد فيها ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير ولا عليها حينئذ إن لم تستجب لطلب ندب لجنة ثلاثية أخرى من الخبراء متى رأت في تقرير الخبرة السابق ندبها وفى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها .
٦- لا على المحكمة إن أغفلت الرد على دفاع لا يستند إلى أساس قانونى صحيح . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه استنادًا إلى تقرير لجنة الخبراء المنتدبة في الدعوى والذى خلص إلى أن الطاعنة حصلت على القروض محل التداعي من البنك المطعون ضده وقامت بالتوقيع على عقود تلك القروض موضوع التداعي بما تتضمنه من شروط ولم تطعن على توقيعها على تلك العقود بثمة مطعن ينال منها وأنه إزاء تعثر الطاعنة في السداد في المواعيد المحددة لأقساط تلك القروض أصدر البنك قرارًا بتسوية المديونية في ٣١/٣/٢٠٠٧ ولم تلتزم الطاعنة بتنفيذ التسوية كاملًا ومن ثم لا تعتد بها المحكمة . ثم خلص الخبير إلى أن الرصيد المدين في ٥/٤/٢٠١٢ على أساس عدم الاعتداد بقرار التسوية لعدم تنفيذه بالكامل من قبل الطاعنة واحتساب فوائد ضمن الأقساط حتى نهايتها واحتساب عوائد تأخير حتى ٥/٤/٢٠١٢ مبلغ ١٠٥٢٥٩٨٩٣.٤٤ جنيه بعد حساب ما تم سداده حتى هذا التاريخ الأخير وهو ما قضت به المحكمة استنادًا إلى النتيجة التي خلص إليها هذا التقرير وبصحة الأسس التي أقيم عليها ، وإذ كان هذا الذى خلص إليه الحكم في حدود سلطته التقديرية سائغًا وله مرده الثابت بالأوراق وفيه الرد المسقط لكافة الحجج التي ساقتها الطاعنة نعيًا عليه ولا على المحكمة إن هي التفتت عن طلبها ندب لجنة ثلاثية أخرى من الخبراء بعد أن اطمأنت إلى التقرير المقدم في الدعوى ووجدت فيه ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فيها ويضحى النعي مجرد مجادلة في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى بمنأى عن رقابة هذه المحكمة وكان لا يغير ما تقدم ما أثارته الطاعنة من نعى بالتفات محكمة الموضوع بالرد على دفاعها بتقديم حافظة كمبيالات تحوى ٨٠٦ كمبيالات مقدمة للتحصيل إذ لم تقدم رفق طعنها صورة رسمية مبلغة لمحكمة النقض من حوافظ إيداع الكمبيالات – سند نعيها – وفق ما تقضى به المادة ٢٥٥ من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم ٧٦ لسنة ٢٠٠٧ حتى تتحقق المحكمة من صحة نعيها على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ولا يغنى عن ذلك تقديمها لصورة مستوفاة من حافظة مستندات مقدمة أمام محكمة الموضوع بما يجعل نعيها في هذا الشأن - فضلًا عما تقدم – عاريًا عن الدليل ومن ثم غير مقبول .
٧- لا يعيب الحكم إن لم يرد على دفاع الطاعنة بشأن قيام البنك المطعون ضده باتخاذ إجراءات نزع ملكية العقارات المرهونة لصالحه ومن ثم لا يحق له المطالبة بالدين .
٨- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن وجود الرهن لا يمنع من الرجوع على المدين وفق إجراءات التقاضي العادية .
٩- لما كان رهن الطاعنة بعض الوحدات العقارية بالمشروع ما هو إلا ضمان للتسهيلات التي حصلت عليها من البنك المطعون ضده ولا يعتبر ذلك وفاء منها بالمديونية التي تتمخض عن التسهيلات ولا يحق للبنك الاستيلاء على هذا الضمان وعليه أن يتخذ إجراءات بيع الوحدات المرهونة واستيفاء دينه من حصيلة التنفيذ كما له أن يطالبها بالمديونية المترتبة في ذمتها ومن ثم فلا على الحكم إن لم يرد على دفاع الطاعنة بخصم قيمة الوحدات المرهونة من حساب التسهيلات إذ هو دفاع لا يستند إلى أساس قانونى سليم ويضحى الطعن في جملته على غير أساس .
١٠- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه وإن كان عقد القرض الذى يبرمه البنك يعتبر عملًا تجاريًا أيًا كانت صفة المقترض وأيًا كان الغرض الذى خصص القرض من أجله ، إلا أنه لا يندرج في عداد الأوراق التجارية التي يحكمها قانون الصرف ، والتي يتداولها التجار فيما بينهم تداول النقد في معاملاتهم التجارية ومن ثم تخضع الدعاوى المتعلقة به للتقادم الطويل .
١١- الأصل - على ما جرى به قضاء محكمة النقض – في الالتزام مدنيًا كان أو تجاريًا أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقًا لنص المادة ٣٧٤ من القانون المدني ، ومن ثم تخضع الدعوى المتعلقة به للتقادم الطويل وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر كما خلص صحيحًا إلى رفض الدفع بالتقادم استنادًا لنص المادة ٦٨ من قانون التجارة مقررًا أن الحق المطالب به يخضع للتقادم العادي فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة .
١٢- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن الحساب الجاري هو الحساب الذى يتضمن وجود معاملات متبادلة أي متصلة بين طرفيه يعتبر فيها كل منهما مدينًا أحيانًا ودائنًا أحيانًا أخرى وتكون هذه العمليات متشابكة يتخلل بعضها بعضًا بحيث تكون مدفوعات كل من الطرفين مقرونة بمدفوعات من الطرف الآخر لا تسوى كل منهما على حدة بل تتحول إلى مجرد مفردات في الحساب تسوى بطريق المقاصة في داخله وعلى ذلك فإن أهم خصائص الحساب الجاري هو تبادل المدفوعات وتعدد العمليات التي تدخل الحساب والمقصود بتبادل المدفوعات أن يكون قصد الطرفين أن يدخل الحساب مدفوعات كل منها دائنًا وأحيانًا مدينًا أي أن يقوم كل من الطرفين بدور الدافع أحيانًا ودور القابض أحيانًا أخرى ، وعليه فإذا كان غذاء الحساب قرضًا من البنك لعميله وسمح للأخير أن يرده على دفعات في الحساب المفتوح بينهما فلا يعد حسابًا جاريًا لتخلف شرط تبادل المدفوعات إحدى خصائص الحساب الجاري .
١٣- العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع لمبدأ سلطان الإرادة الذى يقضى بأن العبرة في تحديد حقوق طرفي العقد هو بما حواه من نصوص بما مؤداه احترام كل منهما للشروط الواردة فيه ما لم تكن مخالفة للنظام العام .
١٤- لا أثر لمجاوزة الفوائد لرأس المال ، ذلك أن القروض التي تعقدها المصارف تعتبر بالنسبة للمصرف المقرض عملًا تجاريًا بطبيعته ، وهى كذلك بالنسبة للمقترض مهما كانت صفته والغرض الذى خصص له القرض ، ولذا فإن هذه القروض تخرج عن نطاق الحظر المنصوص عليه في المادة ٢٣٢ من القانون المدني وتخضع للقواعد والعادات التجارية التي تتيح تقاضى فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة الفوائد لرأس المال .
١٥- إن كان المشرع قد حرم بنص المادة ٢٢٧ من القانون المدني زيادة سعر الفائدة على الحد الأقصى إلا أن المشرع خرج على هذه القاعدة في عمليات البنوك فأجاز في المادة السابعة فقرة ( د) من القانون ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي قبل تعديلها بالقانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٩٢ وبعد تعديلها لمجلس إدارة البنك تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة خلافًا لمبدأ سلطان الإرادة فإن النص في العقود التي تبرم مع العملاء على تخويل البنك رخصه رفع سعر الفائدة المتفق عليها دون حاجة لموافقة مجددة من المدين وذلك طبقًا لما يصدره البنك المركزي من قرارات ثم قيام البنك المقرض بتعاطي هذه الرخصة ليس معناه أن تعديل سعر الفائدة بالزيادة في هذه الحالة راجع إلى محض إرادة البنك وحده بل هو نتيجة لتلاقى كامل إرادة طرفي القرض على تعيين سعر الفائدة بما يحدده البنك المركزي وفقًا لما يجد من عموم متغيرات الظروف الاقتصادية من حد أقصى لأسعار الفائدة الدائنة والمدينة .
١٦- جرت العادة في مجال الائتمان العقاري على حساب الفائدة على متجمد الفوائد وتجاوز مجموعها لأصل القرض .
١٧- إذ كان الثابت بالأوراق أن العقود موضوع التداعي هي عقود قرض وليست حسابات جارية ومن ثم تسرى بشأنها الفوائد الاتفاقية دون الفائدة القانونية وتحتسب الفائدة الاتفاقية على متجمد الفوائد وأن تجاوز مجموعها لأصل القرض ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بعدم تطبيقه الفوائد القانونية يكون على غير أساس .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر / حاتم كمال " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى التي قيدت أخيرًا برقم ١٨١ لسنة ١ ق أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة الإسكندرية الاقتصادية على البنك المطعون ضده الأول بطلب الحكم بندب خبير في الدعوى تمهيدًا لتصفية الحساب بينهما على سند أنها حصلت من البنك على تسهيلات ائتمانية بفائدة مركبة وقرض برهن عقاري وقامت بسداد مبالغ كبيرة من المديونية إلا أنها فوجئت بأن البنك خالف العرف المصرفي وقام بفتح حساب دائن سدد فيه الإيداعات والمتحصلات من أموال الطاعنة دون أن يقوم بقيد أي فوائد عليها لصالحها أو باستنزال قيمتها من الحساب المدين وقام بحساب فائدة مقطوعة على قيمة كل قرض من القروض الأربعة أرقام ١٣٠٣٠٧ ، ١٣٠٣٩٨ ، ١٣٠٧٧٧ ، ١٣٠٩٨٠ بطريقة مخالفة لتعليمات البنك المركزي وقانون الصرف كما قام بضم القروض في قرض واحد برقم ١٣٠٧٠٧ واحتسب فوائد على التسهيلات خلال فترة السماح التي منحها للطاعنة فأقامت دعواها . ندبت المحكمة خبيرًا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره أقام البنك دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدى له مبلغ ٧٨٣٣٦٧٥٦.٧١ جنيه وبتاريخ ١٦/١/٢٠١١ عدلت الطاعنة طلباتها في الدعوى بطلب الحكم ببراءة ذمتها من ديون البنك وإلزامه بأن يرد إليها ما تقاضاه زائدًا علي دينه . ندبت المحكمة لجنة ثلاثية من الخبراء وبعد أن أودعت تقريرها قدم البنك إعلانًا بتعديل الطلب العارض المبدى منه بإلزام الطاعنة بأن تؤدى للبنك مبلغ ١٠٥٢٥٩٨٩٣.٤٤ جنيه . طعنت الطاعنة بالتزوير على المستندات المقدمة من البنك ندبت المحكمة قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وبعد أن أودع الخبير المنتدب في الدعوى تقريره حكمت بتاريخ ٩/٧/٢٠١٧ برفض الطعن بالتزوير وبتاريخ ٢٢/١٢/٢٠١٨ قضت المحكمة أولًا : في الدعوى الفرعية بإلزام الطاعنة بأن تؤدى للبنك مبلغ ١٠٥٢٥٩٨٩٣.٤٤ جنيه حتى ٥/٤/٢٠١٢ وما يستجد من عوائد بواقع ١٨% على مبلغ٤١٨٨٣٣٣٩.١ جنيه وعائد ١٥.٥% على مبلغ ٦٣٣٧٦٥٥٤.٣٣ جنيه من تاريخ ٦/٤/٢٠١٢ حتى تمام السداد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات . ثانيًا : في الدعوى الأصلية برفضها ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن . وإذ عُرِضَ الطعن على المحكمة منعقدة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين الأول من ثمانية أوجه والثاني من ستة أوجه حاصل ما تنعاه الطاعنة بالوجه الأول والشق الثاني من الوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك تقول إن الحكم عول في قضائه على ما انتهى إليه تقرير لجنة الخبراء المنتدبة في الدعوى رغم بطلانه لعدم توقيعه من أعضاء اللجنة وخلوه من دليل على أن الخبراء الذين باشروا المأمورية هم ذاتهم من أبدوا رأيهم الفني بالتقرير فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن بطلان أعمال الخبير هو بطلان نسبي تحكم به المحكمة بناء على طلب من له مصلحة من الخصوم ، إذ إنه ليس متعلقًا بالنظام العام فإن بدا لأحد الخصوم الاعتراض على شخص الخبير أو عمله يتعين إبداؤه عند مباشرة الخبير عمله فإن فاته ذلك فعليه أن يبديه لدى محكمة الموضوع في الوقت المناسب فإن أغفل ذلك فلا يجديه الطعن به أمام محكمة النقض باعتباره سببًا جديدًا ، وإذ كان تقرير الخبير باطلًا فيجب على صاحب المصلحة أن يتمسك بهذا البطلان صراحة وبوضوح قبل التعرض للموضوع وإلا سقط حقه في التمسك بالبطلان . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة بعد إيداع تقرير لجنة الخبراء لم تطعن مباشرة ببطلان التقرير إذ خلت المذكرات المقدمة منها بجلسة ٢/٦/٢٠١٣ ، ١٠/٦/٢٠١٧ ، ٨/١٠/٢٠١٧ من ثمة طعن عليه بالبطلان وقصرت دفاعها فيها بالطعن بالتزوير على سندات الصرف المقدمة من البنك وعدم اختصاص المحكمة نوعيًا بنظر الدعوى وسقوط الحق بالتقادم وندب لجنة محاسبية من الهيئة العامة للرقابة على البنوك ، كما طلبت أجلًا للتسوية مع البنك ، ولا ينال من ذلك ما أوردته بمذكرتها المقدمة بجلسة ٢٤/١/٢٠١٨ - بعد التعرض لموضوع الدعوى - من قاله بطلان تقرير الخبير لخلوه من توقيع الخبراء المنتدبين عليه وإذ التفتت محكمة الموضوع عن هذا الطلب فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون غير مقبول باعتباره سببًا جديدًا لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالسبب الأول عدا الوجه السادس والسابع والثامن وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت ببطلان تقرير لجنة الخبراء المنتدبة في الدعوى لمخالفة الحكم التمهيدي الصادر في الدعوى بندب اللجنة لعدم تنفيذ ما أسند إليها من أعمال ومنها بحث المستندات المقدمة من الطاعنة التي تثبت سدادها لمبالغ تجاوز المديونية المطالب بها واستندت في تقريرها على ما قدمه البنك من أوراق مصطنعة ولم تبحث قيمة المنصرف فعليًا من القرض موضوع التداعي ولم تبحث القيمة الحقيقة للعقارات المقدمة من الطاعنة فضلًا عن نفيها وجود أي أوراق تجارية مقدمة للتحصيل على الرغم من تقديم الطاعنة عدد ٨٠٦ كمبيالات ولم يتم احتساب قيمة المحصل منها ولم تدرج بحسابات القروض موضوع التداعي وأن الحكم عول في قضائه على تقرير لجنة الخبراء والتفت عن طلبها ندب لجنة أخرى من الخبراء لبحث اعتراضاتها كما تمسكت بخطأ اللجنة في احتساب فوائد على القروض موضوع الدعوى كما قدمت بيانًا بالمسدد نقدًا عن مشروعي زيزينيا والهانوفيل وبيانًا بإجمالي القروض والفوائد التي تم احتسابها حتى عام ٢٠٠٧ كما قدمت لمحكمة الموضوع الشهادات أرقام ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٦٧ الصادرة من مكتب التأشير الهامشي بالإسكندرية التابع لمصلحة الشهر العقاري للتدليل على قيام البنك باتخاذ إجراءات نزع ملكية العقارات المرهونة لصالحه ومن ثم لا يحق له المطالبة بالدين كما قدمت صورة من الحكم الصادر في الدعوى رقم ٥٩ لسنة ٧ ق وشهادة صادرة من محكمة النقض بما تم في الطعن رقم ١٢٤١٣ لسنة ٨٦ ق المقام طعنًا على الحكم المذكور وإذ قضى الحكم المطعون فيه عليها بالمديونية دون الرد على ما تمسكت به من دفاع على النحو السالف بيانه رغم جوهريته فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في جملته غير مقبول ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها ومنها تقرير الخبير الذى لا يعدو أن يكون عنصرًا من عناصر الإثبات الواقعية التي تخضع لتقديرها وليس في القانون ما يلزم الخبير بأداء عمله على وجه محدد وأنه متى رأت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فلا تكون ملزمة بالرد استقلالًا على المطاعن الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولًا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد فيها ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير ولا عليها حينئذ إن لم تستجب لطلب ندب لجنة ثلاثية أخرى من الخبراء متى رأت في تقرير الخبرة السابق ندبها وفى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها ولا على المحكمة إن أغفلت الرد على دفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه استنادًا إلى تقرير لجنة الخبراء المنتدبة في الدعوى والذى خلص إلى أن الطاعنة حصلت على القروض محل التداعي من البنك المطعون ضده وقامت بالتوقيع على عقود تلك القروض موضوع التداعي بما تتضمنه من شروط ولم تطعن على توقيعها على تلك العقود بثمة مطعن ينال منها وأنه إزاء تعثر الطاعنة في السداد في المواعيد المحددة لأقساط تلك القروض أصدر البنك قرارًا بتسوية المديونية في ٣١/٣/٢٠٠٧ ولم تلتزم الطاعنة بتنفيذ التسوية كاملًا ومن ثم لا تعتد بها المحكمة . ثم خلص الخبير إلى أن الرصيد المدين في ٥/٤/٢٠١٢ على أساس عدم الاعتداد بقرار التسوية لعدم تنفيذه بالكامل من قبل الطاعنة واحتساب فوائد ضمن الأقساط حتى نهايتها واحتساب عوائد تأخير حتى ٥/٤/٢٠١٢ مبلغ ١٠٥٢٥٩٨٩٣.٤٤ جنيه بعد حساب ما تم سداده حتى هذا التاريخ الأخير وهو ما قضت به المحكمة استنادًا إلى النتيجة التي خلص إليها هذا التقرير وبصحة الأسس التي أقيم عليها ، وإذ كان هذا الذى خلص إليه الحكم في حدود سلطته التقديرية سائغًا وله مرده الثابت بالأوراق وفيه الرد المسقط لكافة الحجج التي ساقتها الطاعنة نعيًا عليه ولا على المحكمة إن هي التفتت عن طلبها ندب لجنة ثلاثية أخرى من الخبراء بعد أن اطمأنت إلى التقرير المقدم في الدعوى ووجدت فيه ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فيها ويضحى النعي مجرد مجادلة في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى بمنأى عن رقابة هذه المحكمة وكان لا يغير ما تقدم ما أثارته الطاعنة من نعي بالتفات محكمة الموضوع بالرد على دفاعها بتقديم حافظة كمبيالات تحوى ٨٠٦ كمبيالات مقدمة للتحصيل إذ لم تقدم رفق طعنها صورة رسمية مبلغة لمحكمة النقض من حوافظ إيداع الكمبيالات – سند نعيها – وفق ما تقضى به المادة ٢٥٥ من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم ٧٦ لسنة ٢٠٠٧ حتى تتحقق المحكمة من صحة نعيها على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ولا يغنى عن ذلك تقديمها لصورة مستوفاة من حافظة مستندات مقدمة أمام محكمة الموضوع بما يجعل نعيها في هذا الشأن - فضلًا عما تقدم – عاريًا عن الدليل ومن ثم غير مقبول . كما لا يعيب الحكم إن لم يرد على دفاع الطاعنة بشأن قيام البنك المطعون ضده باتخاذ إجراءات نزع ملكية العقارات المرهونة لصالحه ومن ثم لا يحق له المطالبة بالدين إذ إن المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن وجود الرهن لا يمنع من الرجوع على المدين وفق إجراءات التقاضي العادية ولما كان رهن الطاعنة بعض الوحدات العقارية بالمشروع ما هو إلا ضمان للتسهيلات التي حصلت عليها من البنك المطعون ضده ولا يعتبر ذلك وفاء منها بالمديونية التي تتمخض عن التسهيلات ولا يحق للبنك الاستيلاء على هذا الضمان وعليه أن يتخذ إجراءات بيع الوحدات المرهونة واستيفاء دينه من حصيلة التنفيذ كما له أن يطالبها بالمديونية المترتبة في ذمتها ومن ثم فلا على الحكم إن لم يرد على دفاع الطاعنة بخصم قيمة الوحدات المرهونة من حساب التسهيلات إذ هو دفاع لا يستند إلى أساس قانوني سليم ويضحى الطعن في جملته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه السادس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ تمسكت بسقوط حق البنك المطعون ضده بالتقادم المنصوص عليه في المادة ٦٨ من قانون التجارة نظرًا لإقامته دعواه بعد مضى أكثر من سبع سنوات من تاريخ استحقاق أول قسط من القرض بتاريخ ٣١/١٢/٢٠٠٠ حتى ٣١/١٢/٢٠٠٧ إلا أن الحكم بنى قضاءه برفض هذا الدفع على سند من عدم اكتمال مدة التقادم الطويل المنصوص عليه بالمادة ٣٧٤ من القانون المدني بالرغم من عدم انطباق أحكام تلك المادة على واقعة الدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان عقد القرض الذى يبرمه البنك يعتبر عملًا تجاريًا أيًا كانت صفة المقترض وأيًا كان الغرض الذى خصص القرض من أجله، إلا أنه لا يندرج في عداد الأوراق التجارية التي يحكمها قانون الصرف ، والتي يتداولها التجار فيما بينهم تداول النقد في معاملاتهم التجارية ومن ثم تخضع الدعاوى المتعلقة به للتقادم الطويل إذ الأصل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – في الالتزام مدنيًا كان أو تجاريًا أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقًا لنص المادة ٣٧٤ من القانون المدني ، ومن ثم تخضع الدعوى المتعلقة به للتقادم الطويل وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر كما خلص صحيحًا إلى رفض الدفع بالتقادم استنادًا لنص المادة ٦٨ من قانون التجارة مقررًا أن الحق المطالب به يخضع للتقادم العادي فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه السابع والثامن من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ طبق القواعد والعادات التجارية على عقود القرض محتسبًا فائدة مركبة مقدراها ١٨% على مبلغ ٤١٨٨٣٣٣٩.١ جنيه وفائدة مركبة مقدراها ١٥.٥% على مبلغ ٦٣٣٧٦٥٥٤.٣٣ جنيه في حين أن المشرع حظر الاتفاق على سعر أكثر من ٧% وحرم تقاضى فوائد على متجمد الفوائد وأنه بعد قفل الحساب الجاري يصبح الدين عاديًا وتطبق عليه الفائدة القانونية مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله – ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الحساب الجاري هو الحساب الذى يتضمن وجود معاملات متبادلة أي متصلة بين طرفيه يعتبر فيها كل منهما مدينًا أحيانًا ودائنًا أحيانًا أخرى وتكون هذه العمليات متشابكة يتخلل بعضها بعضًا بحيث تكون مدفوعات كل من الطرفين مقرونة بمدفوعات من الطرف الآخر لا تسوى كل منهما على حدة بل تتحول إلى مجرد مفردات في الحساب تسوى بطريق المقاصة في داخله وعلى ذلك فإن أهم خصائص الحساب الجاري هو تبادل المدفوعات وتعدد العمليات التي تدخل الحساب والمقصود بتبادل المدفوعات أن يكون قصد الطرفين أن يدخل الحساب مدفوعات كل منها دائنًا وأحيانًا مدينًا أي أن يقوم كل من الطرفين بدور الدافع أحيانًا ودور القابض أحيانًا أخرى ، وعليه فإذا كان غذاء الحساب قرضًا من البنك لعميله وسمح للأخير أن يرده على دفعات في الحساب المفتوح بينهما فلا يعد حسابًا جاريًا لتخلف شرط تبادل المدفوعات إحدى خصائص الحساب الجاري . وأن العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع لمبدأ سلطان الإرادة الذى يقضى بأن العبرة في تحديد حقوق طرفي العقد هو بما حواه من نصوص بما مؤداه احترام كل منهما للشروط الواردة فيه ما لم تكن مخالفة للنظام العام ، كما أنه لا أثر لمجاوزة الفوائد لرأس المال ، ذلك أن القروض التي تعقدها المصارف تعتبر بالنسبة للمصرف المقرض عملًا تجاريًا بطبيعته ، وهى كذلك بالنسبة للمقترض مهما كانت صفته والغرض الذى خصص له القرض ، ولذا فإن هذه القروض تخرج عن نطاق الحظر المنصوص عليه في المادة ٢٣٢ من القانون المدني وتخضع للقواعد والعادات التجارية التي تتيح تقاضى فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة الفوائد لرأس المال وأنه وإن كان المشرع قد حرم بنص المادة ٢٢٧ من القانون المدني زيادة سعر الفائدة على الحد الأقصى إلا أن المشرع خرج على هذه القاعدة في عمليات البنوك فأجاز في المادة السابعة فقرة (د) من القانون ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي قبل تعديلها بالقانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٩٢ وبعد تعديلها لمجلس إدارة البنك تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة خلافًا لمبدأ سلطان الإرادة فإن النص في العقود التي تبرم مع العملاء على تخويل البنك رخصه رفع سعر الفائدة المتفق عليها دون حاجة لموافقة مجددة من المدين وذلك طبقًا لما يصدره البنك المركزي من قرارات ثم قيام البنك المقرض بتعاطي هذه الرخصة ليس معناه أن تعديل سعر الفائدة بالزيادة في هذه الحالة راجع إلى محض إرادة البنك وحده بل هو نتيجة لتلاقى كامل إرادة طرفي القرض على تعيين سعر الفائدة بما يحدده البنك المركزي وفقًا لما يجد من عموم متغيرات الظروف الاقتصادية من حد أقصى لأسعار الفائدة الدائنة والمدينة وقد جرت العادة في مجال الائتمان العقاري على حساب الفائدة على متجمد الفوائد وتجاوز مجموعها لأصل القرض . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن العقود موضوع التداعي هي عقود قرض وليست حسابات جارية ومن ثم تسرى بشأنها الفوائد الاتفاقية دون الفائدة القانونية وتحتسب الفائدة الاتفاقية على متجمد الفوائد وأن تجاوز مجموعها لأصل القرض ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بعدم تطبيقه الفوائد القانونية يكون على غير أساس .
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .

الاثنين، 7 فبراير 2022

الطعن 17689 لسنة 89 ق جلسة 10 / 3 / 2020 مكتب فني 71 ق 55 ص 429

جلسة ١٠ من مارس سنة ٢٠٢٠
برئاسة السيـد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي ، د. مصطفى سالمان وصلاح عصمت نواب رئيس المحكمة وياسر بهاءالدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(55)
الطعن 17689 لسنة 89 ق
(١-١٠) إثبات " حجية المحررات الإلكترونية: ماهيتها ". دعوى " شروط قبول الدعوى: الصفة في الدعوى " "نظر الدعوى أمام المحكمة: إجراءات نظر الدعوى: الدفاع فيها "محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص توافر الصفة والمصلحة في الدعوى " " سلطتها في تقدير عمل الخبير " " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الإثبات: إجراءات الإثبات : إعادة المأمورية إلى الخبير " . خبرة " تقدير عمل الخبير ". نقض " أسباب الطعن بالنقض: أسباب قانونية يخالطها واقع ".
(١) الصفة في الدعوى . مقصودها. صلاحية طرفيها في توجيه الطلبات منه أو إليه. مقتضاه. وجود علاقة قانونية بينهما وتعلق الطلبات بمضمون الحق فيها. علة ذلك. صاحب الصفة هو نفسه صاحب الحق أو المركز القانوني.
(٢) حجية العقود في الإثبات. مصدرها التوقيع وحده. خلوها منه. مؤداه. فقدها لأى حجية. صلاحيتها كمبدأ ثبوت بالكتابة. شرطه. كتابتها بخطه.
(٣) توقيع العقد سند الدعوى من ممثل الشركة المطعون ضدها الثانية واقترانه باسم الشركة وعنوانها الثابت بالسجل التجاري وخلوه من أي توقيع لممثل الشركة الأجنبية المطعون ضدها الأولى الذي تتمسك الشركة الطاعنة بأنه صاحب الصفة في الدعوى لأنه هو الطرف الثابت بدباجة العقد. امتلاك المطعون ضدها الأولى ٩٩% من أسهم المطعون ضدها الثانية وعدم اعتراض الطاعنة على هذا التوقيع في أي مرحلة. مؤداه. المطعون ضدها الثانية هي الطرف الحقيقي المتعاقد مع الطاعنة. أثره. توافر الصفة لها في الدعوى. علة ذلك. العبرة بالتوقيع وحدة في تحديد الطرف المتعاقد وبالصفة التي وقع بها حتى ولو اختلف مع ما ورد في ديباجة العقد.
(٤) انتهاء الحكم إلى نتيجة صحيحة. لا يعيبه ما شابه من خطأ في أسبابه المؤدية لهذه النتيجة. لمحكمة النقض أن تصححها دون أن تنقضه .
(٥) حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات. مصدرها ثبوت نسبتها إلى صاحبها. مناطه. توافر الضوابط الفنية والتقنية لتحديد مصدر وتاريخ الكتابة وسيطرة منشئها على الوسائط المستخدمة لإنشائها من خلال نظام حفظ إلكتروني مستقل غير خاضع لسيطرته. المواد ١، ١٥، ١٨ ق ١٥ لسنة ٢٠٠٤ بشأن تنظيم التوقيع الإلكتروني وبإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، م ٨ من لائحته التنفيذية. علة ذلك. مواكبة التطور التكنولوجي العالمي في المعاملات القانونية وما ترتبه من آثار. مؤداه. عدم اقتصار المحرر على ما هو مكتوب على نوع معين من الدعامات فلا يُشترط فيه الكتابة على ورق بالمفهوم التقليدي وتذييله بتوقيع بخط اليد. أثره. قبول كل الدعامات ورقية كانت أو إلكترونية أو أيًا كانت مادة صنعها في الإثبات. أمثلة. م الأولى(ز) من اتفاقية مدة التقادم البيع الدولي للبضائع بنيويورك ١٩٧٤ بصيغتها المعدلة بروتوكول ١٩٨٠، م ١٣ من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع فيينا ١٩٨٠، م الرابعة من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية نيويورك ٢٠٠٥، م الأولى/١٧ من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كليًا أو جزئيًا نيويورك ٢٠٠٨ "قواعد روتردام".
(٦) البريد الإلكتروني. ماهيته. وسيلة لتبادل الرسائل عبر الأجهزة الإلكترونية عن طريق شبكة المعلومات الدولية لتصل لمستقبلها في وقت معاصر أو بعد برهة من إرسالها ويمكن له طباعة مستخرج منها أياً كانت مشتملاتها. للقاضي عند التعاقد من خلالها استخلاص واقعتي الإيجاب والقبول دون حاجة لإفراغها في ورقة موقعة من طرفيها. علة ذلك. أصول تلك الرسائل محفوظة لدى أطرافها داخل الجهاز الإلكتروني لكل منهم وكذلك بمخزنها الرئيسي داخل شبكة الإنترنت في خادمات الحواسب للشركات مزودة الخدمة. مؤداه. عند جحد صورها الضوئية لا يملك مستقبلها أن يقدم أصلها فمستخرجاتها نسخًا ورقية خالية من توقيع طرفيها. أثره. اكتسابها حجية في الإثبات مساوية لتلك المفرغة ورقياً والمذيلة بتوقيع. شرطة. توافر الضوابط المحددة بق تنظيم التوقيع الإلكتروني ولائحته التنفيذية التي تستهدف التيقن من جهة إنشائها أو إرسالها وجهة استلامها وعدم التدخل والتلاعب بها للإيهام بصحتها. لازمة. من ينكرها عليه الادعاء بالتزوير لكونها عصية على مجرد الجحد.
(٧) محكمة الموضوع. عدم التزامها بلفت نظر الخصوم إلى مقتضيات دفاعهم أو تكليفهم بإثباته أو تقديم المستندات الدالة عليه . علة ذلك .
(٨) تمسك الشركة المطعون ضدها بمستخرجات من البريد الإلكتروني المرسل منها للشركة الطاعنة والتي جحدتها بمقولة إنها صوراً ضوئية. عدم تقديمها الدليل على سلوكها طريق الادعاء بتزويرها أمام محكمة الموضوع طبقاً م ٤٩ إثبات وعدم مطابقتها للشروط والضوابط المتطلبة بالقانون لصحة المحررات والبيانات الإلكترونية. النعي على الحكم التفاته عن هذا الدفع. على غير أساس. علة ذلك. هذه المستخرجات تفريغًا لما احتواه البريد الإلكتروني وليس لها أصل ورقى بالمعنى التقليدي مكتوب ومحفوظ لدى مرسلها وهى بمنأى عن مجرد الجحد.
(٩) محكمة الموضوع لها السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها تقرير الخبير. عدم التزامها بالرد استقلالا على دفاع الخصوم طالما أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط له .
(١٠) قضاء الحكم المطعون فيه للشركة المطعون ضدها في الدعوى الفرعية بقيمة المبلغ المستحق لها قبل الشركة الطاعنة والتعويض ورفض الدعوى الأصلية على ما خلص إليه من تقرير لجنة الخبراء من ثبوت إخلال الطاعنة بالتزاماتها التعاقدية. تعييب هذا الاستخلاص جدل موضوعي غير جائز أمام محكمة النقض. نعى الطاعنة ببطلان تقرير لجنة الخبراء لمغايرة الهيئة الواردة بمحضر أعمال إحدى الجلسات للهيئة التي أعدت التقرير. على غير أساس. علة ذلك. تحديد شخص الخبير من الأمور الموكلة للجهة المنتدبة طالما لم تحدد المحكمة أسماء معينة للخبراء بأشخاصهم في حكمها الصادر بندب لجنة الخبراء.
ـــــــــــــــــــــــــــ
١-المقرر في قضاء محكمة النقض أن الصفة في الدعوى هي صلاحية كل من طرفيها في توجيه الطلب منه أو إليه، ومن ثم فهي تقتضي وجود علاقة قانونية بينها ( بينهما ) والطلبات المطروحة في الدعوى وتتعلق بمضمون الحق فيها، باعتبار أن صاحب الصفة هو نفسه صاحب الحق أو المركز القانوني المدعى به أو المعتدى عليه.
٢- المقرر في قضاء محكمة النقض أن العقود تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع وحده الذي يوضع عادة في آخرها فإن خلت من توقيع أحد العاقدين فلا تكون لها أية حجية قِبله، بل إنها لا تصلح مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ضده إلا إذا كانت مكتوبة بخطه.
٣- إذ كان البين من الصورة الرسمية من ترجمة العقد سند التداعي المؤرخ ٢٥ /٨/ ٢٠٠٨ المرفقة بملف الدعوى الاقتصادية – والذى أمرت المحكمة بضمه تحقيقًا لوجه الطعن – والمقدمة من الشركة الطاعنة أمام محكمة الموضوع، وكذا من صورته المحررة باللغة الإنجليزية أن هذا العقد ولئن أُثبت في ديباجته أنه محرر بين الشركة الأخيرة والشركة المطعون ضدها الأولى (أولسن لافواه كولابوريتيف OLC) والكائن مقرها الرئيسي بمدينة دينفر بولاية كولورادو الأمريكية، ويمثلها في مصر المهندس الاستشاري ماجد الشيخ المدير الرئيسي والمدير الإقليمي للشركة في الشرق الأوسط، والعنوان ٤ شارع عبد الحكيم الرفاعي – مدينة نصر، القاهرة، إلا أن الثابت من الاطلاع على صفحته الأخيرة أنه ممهور بتوقيع يُقرأ Maged Medhat El- Sheikh, for and behalf of Ohlson Lavoie Egypt أي ماجد مدحت الشيخ -وقد بين صفته في التوقيع تحت عبارة- "لصالح وبالنيابة عن شركة أولسن لافواه مصر"، وفى ذات الوقت فقد خلا ذلك العقد -في أي موضع منه- من توقيع هيرفى ريتشارد لافوى الذي تتمسك الطاعنة بأنه وحده صاحب الصفة في تمثيل المطعون ضدها الأولى والتوقيع عنها، الأمر الذي تكون معه الشركة المطعون ضدها الثانية (أولسن لافواه مصر) - ويمثلها ماجد مدحت محمود الشيخ - هي الطرف الحقيقي المتعاقد مع الشركة الطاعنة، التي لم تعترض في أية مرحلة من المراحل، بداية من توقيع العقد أو خلال مراحل التقاضي، على توقيعه المقترن بوضوح باسم شركة (أولسن لافواه مصر) أو على دلالة وجود اسم هذه الشركة المصرية مقترنة بالتوقيع على العقد، والذى بغيره لا تكون ثمة حجية لهذا العقد من الأساس، ولا يغير من ذلك اختلاف اسم الطرف المتعاقد الوارد في ديباجة العقد طالما جاء العقد خلوًا من توقيع لهذا الطرف، فهو والعدم كالسواء، إذ العبرة في تحديد الطرف المتعاقد هي بمن وقع على العقد متصفًا بالصفة التي وقع بها، باعتبار أن هذا التوقيع هو المصدر القانوني الوحيد الذي يُكسب ورقة العقد العرفية حجيتها وقيمتها في الإثبات، كما أن العنوان المثبت في العقد سالف البيان هو ذاته عنوان مقر الشركة المطعون ضدها الثانية وفقًا لما هو ثابت بالسجل التجاري للشركة بما لا يدع معه مجالًا للشك في كونها الطرف الحقيقي المتعاقد، لا سيما وأن الشركة الأجنبية المطعون ضدها الأولى -وعلى ما هو ثابت بالمستندات وما أثبته الحكم المطعون فيه بأسبابه- تمتلك ٩٩% من حصص الشركة المصرية المطعون ضدها الثانية، وبالتالي تتوافر لهذه الشركة الأخيرة (أولسن لافواه مصر) الصفة في الدعوى.
٤- إذ انتهى الحكم المطعون فيه في قضائه إلى توافر صفتها (المطعون ضدها الثانية) في إقامة الدعوى الفرعية فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ومن ثم فلا يعيبه ما شابه من خطأ في أسبابه المؤدية لهذه النتيجة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ وأن ترده إلى الأساس السليم دون حاجة لنقض الحكم، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
٥- إن المشرع في المواد ١، ١٥، ١٨ من القانون رقم ١٥ لسنة ٢٠٠٤ بشأن تنظيم التوقيع الإلكتروني وبإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، وفى المادة ٨ من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، كان حريصًا على أن تتحقق حجية الإثبات المقررة للكتابة الإلكترونية والمحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية لمنشئها، إذا توافرت الضوابط الفنية والتقنية من حيث ‌أن يكون متاحًا فنيًا تحديد وقت وتاريخ إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية، من خلال نظام حفظ إلكتروني مستقل وغير خاضع لسيطرة منشئ هذه الكتابة أو تلك المحررات، أو لسيطرة المعنى بها. وأن يكون متاحًا فنيًا تحديد مصدر إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية ودرجة سيطرة مُنشئها على هذا المصدر وعلى الوسائط المستخدمة في إنشائها. وهو ما يدل على أن المشرع ارتأى مواكبة التطور التكنولوجي العالمي في المعاملات المدنية والتجارية والإدارية عن طريق تنظيمها ووضع ضوابط لها من أجل ترتيب آثارها القانونية، مدركًا المفهوم الحقيقي للمحرر وأنه لا يوجد في الأصل ما يقصر معناه على ما هو مكتوب على نوع معين من الدعامات Support سواء كانت ورقًا أم غير ذلك. وأنه ولئن كانت الكتابة على الورق هي الأصل الغالب، إلا أن المحرر لم يكن في أي وقت مقصورًا على ما هو مكتوب على ورق وحده، وكل ما يتطلبه المشرع للإثبات هو ثبوت نسبة المحرر إلى صاحبه، فلا ارتباط قانونًا بين فكرة الكتابة والورق، ولذلك لا يُشترط أن تكون الكتابة على ورق بالمفهوم التقليدي ومذيلة بتوقيع بخط اليد، وهو ما يوجب قبول كل الدعامات الأخرى – ورقية كانت أو إلكترونية أو أيًا كانت مادة صنعها – في الإثبات. ومن ذلك ما نصت عليه المادة الأولى(ز) من اتفاقية مدة التقادم في البيع الدولي للبضائع (نيويورك، ١٩٧٤) بصيغتها المعدلة بالبروتوكول المعدِل للاتفاقية (بروتوكول عام ١٩٨٠) على أنه " في هذه الاتفاقية:... (ز) تشمل "الكتابة" البرقية والتلكس". وما نصت عليه المادة ١٣ من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع (فيينا، ١٩٨٠) من أنه: " يشمل مصطلح "كتابة"، في حكم هذه الاتفاقية، الرسائل البرقية والتلكس". وما نصت عليه المادة الرابعة من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية (نيويورك، ٢٠٠٥) من أنه " أ- يقصد بتعبير الخطاب: أي بيان أو إعلان أو مطلب أو إشعار أو طلب، بما في ذلك أى عرض وقبول عرض يتعين على الأطراف توجيهه، أو تختار توجيهه في سياق تكوين العقد أو تنفيذه. ب- يقصد بتعبير الخطاب الإلكتروني: أي خطاب توجهه الأطراف بواسطة رسائل بيانات. ج– يقصد بتعبير رسالة البيانات: المعلومات المنشأة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسائل إلكترونية أو مغناطيسية أو بصرية أو بوسائل مشابهة تشمل –على سبيل المثال لا الحصر– التبادل الإلكتروني للبيانات أو البريد الإلكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي". وأنه وفق التعريف الذي أوردته الفِقرة (١٧) من المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كليًا أو جزئيًا (نيويورك ٢٠٠٨) ("قواعد روتردام")، فإن مصطلح الخطاب أو الرسالة الإلكترونية electronic communication " يعنى المعلومات المعدة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسيلة إلكترونية أو بصرية أو رقمية أو بوسيلة مشابهة، بما يؤدى إلى جعل المعلومات الواردة في الخطاب ميسورة المنال بحيث يمكن الرجوع إليها لاحقًا".
٦- إن البريد الإلكتروني electronic mail (e-mail) هو وسيلة لتبادل الرسائل الإلكترونية بين الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية من أجهزة كمبيوتر أو هواتف محمولة أو غيرها، تتميز بوصول الرسائل إلى المرسل إليهم في وقت معاصر لإرسالها من مُرسِلها أو بعد برهة وجيزة، عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) أيًا كانت وسيلة طباعة مستخرج منها في مكان تلقى الرسالة، وسواء اشتملت هذه الرسائل على مستندات أو ملفات مرفقة attachments أم لا. ولقد أجازت القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية للقاضي استخلاص واقعتي الإيجاب والقبول -في حالة التعاقد الإلكتروني- من واقع تلك الرسائل الإلكترونية دون حاجة لأن تكون مفرغة كتابيًا في ورقة موقعة من طرفيها، ذلك أن هذه الرسائل يتم تبادلها عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، ولذلك فإن أصول تلك الرسائل -مفهومة على أنها بيانات المستند أو المحرر الإلكتروني- تظل محفوظة لدى أطرافها -مهما تعددوا- المُرسِل والمُرسَل إليهم داخل الجهاز الإلكتروني لكل منهم، فضلًا عن وجودها بمخزنها الرئيسي داخل شبكة الإنترنت في خادمات الحواسب Servers للشركات مزودة خدمة البريد الإلكتروني للجمهور. وفى كل الأحوال، فإنه في حالة جحد الصور الضوئية، فلا يملك مُرسِل رسالة البريد الإلكتروني أن يقدم أصل المستند أو المحرر الإلكتروني، ذلك أن كل مستخرجات الأجهزة الإلكترونية، لا تعدو أن تكون نسخًا ورقية مطبوعة خالية من توقيع طرفيها، ومن ثم فإن المشرع وحرصًا منه على عدم إهدار حقوق المتعاملين من خلال تلك الوسائل الإلكترونية الحديثة حال عدم امتلاكهم لإثباتات مادية على تلك المعاملات، قد وضع بقانون تنظيم التوقيع الإلكتروني ولائحته التنفيذية الضوابط التي تستهدف التيقن من جهة إنشاء أو إرسال المستندات والمحررات الإلكترونية وجهة أو جهات استلامها وعدم التدخل البشرى والتلاعب بها للإيهام بصحتها، وهو ما قد يستلزم في بعض الحالات الاستعانة بالخبرات الفنية المتخصصة في هذا المجال، فإذا ما توافرت هذه الشروط والضوابط فإن الرسائل المتبادلة بطريق البريد الإلكتروني، تكتسب حجية في الإثبات تتساوى مع تلك المفرغة ورقيًا والمذيلة بتوقيع كتابي، فلا يحول دون قبول الرسالة الإلكترونية كدليل إثبات مجرد أنها جاءت في شكل إلكتروني، ولهذا فإنها تكون عصية على مجرد جحد الخصم لمستخرجاتها وتمسكه بتقديم أصلها؛ إذ إن ذلك المستخرج ما هو إلا تفريغ لما احتواه البريد الإلكتروني، أو الوسيلة الإلكترونية محل التعامل، ولا يبقى أمام من ينكرها من سبيل إلا طريق وحيد هو المبادرة إلى الادعاء بالتزوير وفق الإجراءات المقررة قانونًا تمهيدًا للاستعانة بالخبرة الفنية في هذا الخصوص.
٧- المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بلفت نظر الخصوم إلى مقتضيات دفاعهم أو تكليفهم بإثباته أو تقديم المستندات الدالة عليه، إذ إن الأمر في ذلك كله موكول إليهم. إذ أنه لا يعيب الحكم الالتفات عن دفاع لا يستند إلى أساس قانوني سليم.
٨- إذ كان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها قدمت أمام لجنة الخبراء مستخرجات من البريد الإلكتروني المرسل منها للشركة الطاعنة وتمسكت بدلالاتها، إلا أن الشركة الطاعنة قد اكتفت بجحدها بمقولة إنها صور ضوئية لا قيمة لها في الإثبات إلا بتقديم أصلها، على الرغم من أن هذه المستخرجات في حقيقة الأمر ليست إلا تفريغًا لما احتواه البريد الإلكتروني على النحو السالف بيانه، وليس لها أصل ورقى بالمعنى التقليدي مكتوب ومحفوظ لدى مرسلها، وبذلك تكون بمنأى عن مجرد الجحد، ولا سبيل للنيل من صحتها إلا بالتمسك بعدم استلام البريد الإلكتروني ابتداءً من جهة الإرسال، أو التمسك بحصول العبث في بياناته بعد استلامه، والمبادرة إلى سلوك طريق الادعاء بتزويرها وبعدم مطابقتها للشروط والضوابط المتطلبة بالقانون لصحة المحررات والبيانات الإلكترونية وهو ما خلت منه الأوراق من جانب الطاعنة، لما هو مقرر من أنه يجب على مدعى التزوير أن يسلك في الادعاء به الأوضاع المنصوص عليها في المادة ٤٩ من قانون الإثبات وما بعدها - كي ينتج الادعاء أثره القانوني دون الوقوف على إذن من المحكمة بذلك. وكان لا يغير من هذا النظر ما تثيره الشركة الطاعنة من أن المطعون ضدها لم ترسل لها أي رسائل عبر البريد الإلكتروني الخاص بها، ذلك أنها لم تدع سبق تمسكها بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، كما لم تعقد المقارنة اللازمة بين عنوان بريدها الإلكتروني المعتمد وبين عنوان البريد الإلكتروني الذي وُجهت إليه الرسائل التي أرسلتها إليها المطعون ضدها، ومن ثم فلا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن دفاع لم يقدم الخصم دليله، ويكون النعي عليه بما سلف على غير أساس.
٩-المقرر في قضاء محكمة النقض أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والأخذ بما تطمئن إليه منها وتقدير عمل الخبير والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها متى اطمأنت إلى سلامة أبحاثه وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله. وانها غير مكلفة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالًا على كل وجه أو قول ما دام في قيام الحقيقة التي أوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
١٠-إذ كان الحكم المطعون فيه بعد ما تبين له من استجواب أعضاء لجنة الخبراء الذين باشروا المأمورية أن عدم توقيع أحدهم على ورقة من أوراق التقرير كان على سبيل السهو وأنهم قاموا بمباشرة المأمورية وإعداد التقرير مجتمعين، قد خلص من تقرير لجنة الخبراء المقدم في الدعوى، والذى اطمأن إليه وأخذ به محمولًا على أسبابه، إلى ثبوت إخلال الشركة الطاعنة بالتزاماتها التعاقدية مع الشركة المطعون ضدها الثانية (المدعية فرعيًا) وذلك بتعيينها استشاريًا للأعمال الكهروميكانيكية بالمخالفة لبنود التعاقد دون الرجوع إلى الشركة المطعون ضدها، وأن الأخطاء التي قامت بها الأخيرة أثناء تنفيذ المشروع هي من الأمور الواردة أثناء مرحلة التصميم الأولى للمشروع، ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض دعوى الشركة الطاعنة وبإلزام الأخيرة في الدعوى الفرعية بأن تؤدى للشركة المطعون ضدها الثانية مبلغًا مقداره ٩٧٧‚٨١٣‚٣ جنيه قيمة المستحق للشركة المطعون ضدها الثانية لما قامت به من أعمال للشركة الطاعنة بعد خصم المبلغ الذي تسلمته من الأخيرة على النحو الذي انتهت إليه اللجنة بتقريرها، ومبلغ مليون جنيها تعويضًا ماديًا وأدبيًا، وهو استخلاص سائغ له أصل ثابت بالأوراق ويكفى لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، فإن ما تثيره الشركة الطاعنة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلًا فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ولا ينال من ذلك ما تنعاه الشركة الطاعنة ببطلان تقرير لجنة الخبراء لمغايرة الهيئة الواردة بمحضر أعمال اللجنة بجلسة ٢٦/٥/٢٠١٢ للهيئة التي أعدت التقرير إذ إنه قد جاء على غير أساس، باعتبار أن تحديد شخص الخبير من الأمور الموكلة للجهة المنتدبة، لا سيما وأن المحكمة لم تحدد أسماء معينة للخبراء بأشخاصهم في حكمها التمهيدي الصادر بندب لجنة الخبراء، ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ ياسر بهاء الدين، والمرافعة والمداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الأولى الدعوى التي صار قيدها برقم ٣٨١ لسنة ٣ق اقتصادية القاهرة بطلب الحكم بإلزامها أن ترد لها مبلغ ٠٠٠,٥٥٠ جنيه وتعويض مادى وأدبى قدره عشرة ملايين جنيه، وبيانًا لذلك قالت إنها اتفقت مع الشركة المطعون ضدها الأولى بموجب عقد مؤرخ ٢٥/٨/٢٠٠٨ على أن تقوم الأخيرة بأداء أعمال تطوير وتصميم وإدارة الأعمال الإنشائية وغير ذلك من الأعمال الهندسية في المشروع المملوك لها والمسمى "......." مقابل أجر متفق عليه خلال مدة زمنية محددة، وقد تقاضت الشركة المطعون ضدها الأولى المبلغ المطالب برده كمقدم للأعمال، إلا إنها تقاعست عن تنفيذ التزاماتها مما سبب للطاعنة أضرارًا مادية وأدبية، ومن ثم كانت الدعوى. ادعت الشركة المطعون ضدها الثانية فرعيًا بطلب الحكم – وفق طلباتها الختامية – برفض الدعوى الأصلية وفى الدعوى الفرعية بإلزام الشركة الطاعنة أن تؤدى لها مبلغ ٩٧٧‚٨١٣‚٣ جنيه قيمة مستحقاتها لديها والتعويض الذي تقدره المحكمة عما أصابها من أضرار مادية وأدبية من جراء إخلال الطاعنة بالتزاماتها التعاقدية. ندبت المحكمة لجنة ثلاثية من الخبراء وبعد أن أودعت تقريرها قضت بتاريخ ٨/٧/٢٠١٩ (أولًا) في الدعوى الأصلية برفضها. (ثانيًا) في الدعوى الفرعية بإلزام الشركة الطاعنة أن تؤدى للشركة المطعون ضدها الثانية مبلغ ٩٧٧‚٨١٣‚٣ جنيه ومبلغ مليون جنيهًا تعويضًا ماديًا وأدبيًا. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعَى بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بالدفع بعدم قبول الدعوى الفرعية المقامة من الشركة المطعون ضدها الثانية لرفعها من غير ذى صفة استنادًا إلى أن العقد سند التداعي محرر بينها والشركة الأجنبية المطعون ضدها الأولى ....... في حين أن الدعوى الفرعية مقامة من الشركة المطعون ضدها الثانية ....... وهي شركة مصرية ذات مسئولية محدودة وليست فرعًا ولا مكتب تمثيل للشركة المطعون ضدها الأولى وفقًا للسجل التجاري الخاص بها وبطاقتها الضريبية، كما أن سند وكالة ممثلها ....... قد خلا من بيان وجود وكالة صادرة له من الشركة المطعون ضدها الأولى والتي يمثلها قانونًا هيرفي ريتشارد لافوى وفقًا للشهادة الرسمية المقدمة منها، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وانتهى إلى رفض دفعها بمقولة أن الشركة المطعون ضدها الثانية ما هي إلا فرع للشركة المطعون ضدها الأولى، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الصفة في الدعوى هي صلاحية كل من طرفيها في توجيه الطلب منه أو إليه، ومن ثم فهى تقتضى وجود علاقة قانونية بينها والطلبات المطروحة في الدعوى وتتعلق بمضمون الحق فيها، باعتبار أن صاحب الصفة هو نفسه صاحب الحق أو المركز القانوني المدعى به أو المعتدى عليه. وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقود تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع وحده الذي يوضع عادة في آخرها فإن خلت من توقيع أحد العاقدين فلا تكون لها أية حجية قِبله، بل إنها لا تصلح مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ضده إلا إذا كانت مكتوبة بخطه. لما كان ذلك، وكان البين من الصورة الرسمية من ترجمة العقد سند التداعي المؤرخ ٢٥/٨/٢٠٠٨ المرفقة بملف الدعوى الاقتصادية – والذى أمرت المحكمة بضمه تحقيقًا لوجه الطعن – والمقدمة من الشركة الطاعنة أمام محكمة الموضوع، وكذا من صورته المحررة باللغة الإنجليزية أن هذا العقد ولئن أُثبت في ديباجته أنه محرر بين الشركة الأخيرة والشركة المطعون ضدها الأولى..... والكائن مقرها الرئيسي بمدينة دينفر بولاية كولورادو الأمريكية، ويمثلها في مصر المهندس الاستشاري ماجد الشيخ المدير الرئيسي والمدير الإقليمي للشركة في الشرق الأوسط، والعنوان ...... القاهرة، إلا أن الثابت من الاطلاع على صفحته الأخيرة أنه ممهور بتوقيع يُقرأ ...... أي ...... -وقد بين صفته في التوقيع تحت عبارة- "لصالح وبالنيابة عن ..... وفى ذات الوقت فقد خلا ذلك العقد -في أي موضع منه- من توقيع ...... الذي تتمسك الطاعنة بأنه وحده صاحب الصفة في تمثيل المطعون ضدها الأولى والتوقيع عنها، الأمر الذي تكون معه الشركة المطعون ضدها الثانية (......) - ويمثلها ...... - هي الطرف الحقيقي المتعاقد مع الشركة الطاعنة، التي لم تعترض في أية مرحلة من المراحل، بداية من توقيع العقد أو خلال مراحل التقاضي، على توقيعه المقترن بوضوح باسم شركة (........) أو على دلالة وجود اسم هذه الشركة المصرية مقترنة بالتوقيع على العقد، والذى بغيره لا تكون ثمة حجية لهذا العقد من الأساس، ولا يغير من ذلك اختلاف اسم الطرف المتعاقد الوارد في ديباجة العقد طالما جاء العقد خلوًا من توقيع لهذا الطرف، فهو والعدم كالسواء، إذ العبرة في تحديد الطرف المتعاقد هي بمن وقع على العقد متصفًا بالصفة التي وقع بها، باعتبار أن هذا التوقيع هو المصدر القانوني الوحيد الذي يُكسب ورقة العقد العرفية حجيتها وقيمتها في الإثبات، كما أن العنوان المثبت في العقد سالف البيان هو ذاته عنوان مقر الشركة المطعون ضدها الثانية وفقًا لما هو ثابت بالسجل التجاري للشركة بما لا يدع معه مجالًا للشك في كونها الطرف الحقيقي المتعاقد، لا سيما وأن الشركة الأجنبية المطعون ضدها الأولى -وعلى ما هو ثابت بالمستندات وما أثبته الحكم المطعون فيه بأسبابه- تمتلك ٩٩% من حصص الشركة المصرية المطعون ضدها الثانية، وبالتالي تتوافر لهذه الشركة الأخيرة (.........) الصفة في الدعوى. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه في قضائه إلى توافر صفتها في إقامة الدعوى الفرعية فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ومن ثم فلا يعيبه ما شابه من خطأ في أسبابه المؤدية لهذه النتيجة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ وأن ترده إلى الأساس السليم دون حاجة لنقض الحكم، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعَى بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك تقول إنها قد تمسكت أمام لجنة الخبراء ومحكمة الموضوع بجحد جميع الصور الضوئية للرسائل المرسلة عبر البريد الإلكتروني المقدمة من الشركة المطعون ضدها وأن الشركة الأخيرة لم ترسل لها أية رسائل على البريد الإلكتروني الخاص بالشركة، ومع ذلك فقد التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع وعول على تقرير لجنة الخبراء المنتدبة في قضائه رغم ابتنائه على صور ضوئية لرسائل بريد إلكتروني مجحودة منها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المشرع في المواد ١، ١٥، ١٨ من القانون رقم ١٥ لسنة ٢٠٠٤ بشأن تنظيم التوقيع الإلكتروني وبإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، وفى المادة ٨ من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، كان حريصًا على أن تتحقق حجية الإثبات المقررة للكتابة الإلكترونية والمحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية لمنشئها، إذا توافرت الضوابط الفنية والتقنية من حيث أن يكون متاحًا فنيًا تحديد وقت وتاريخ إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية، من خلال نظام حفظ إلكتروني مستقل وغير خاضع لسيطرة منشئ هذه الكتابة أو تلك المحررات، أو لسيطرة المعنى بها. وأن يكون متاحًا فنيًا تحديد مصدر إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية ودرجة سيطرة مُنشئها على هذا المصدر وعلى الوسائط المستخدمة في إنشائها. وهو ما يدل على أن المشرع ارتأى مواكبة التطور التكنولوجي العالمي في المعاملات المدنية والتجارية والإدارية عن طريق تنظيمها ووضع ضوابط لها من أجل ترتيب آثارها القانونية، مدركًا المفهوم الحقيقي للمحرر وأنه لا يوجد في الأصل ما يقصر معناه على ما هو مكتوب على نوع معين من الدعامات Support سواء كانت ورقًا أم غير ذلك. وأنه ولئن كانت الكتابة على الورق هي الأصل الغالب، إلا أن المحرر لم يكن في أي وقت مقصورًا على ما هو مكتوب على ورق وحده، وكل ما يتطلبه المشرع للإثبات هو ثبوت نسبة المحرر إلى صاحبه، فلا ارتباط قانونًا بين فكرة الكتابة والورق، ولذلك لا يُشترط أن تكون الكتابة على ورق بالمفهوم التقليدي ومذيلة بتوقيع بخط اليد، وهو ما يوجب قبول كل الدعامات الأخرى – ورقية كانت أو إلكترونية أو أيًا كانت مادة صنعها – في الإثبات. ومن ذلك ما نصت عليه المادة الأولى(ز) من اتفاقية مدة التقادم في البيع الدولي للبضائع (نيويورك، ١٩٧٤) بصيغتها المعدلة بالبروتوكول المعدِل للاتفاقية (بروتوكول عام ١٩٨٠) على أنه " في هذه الاتفاقية:... (ز) تشمل "الكتابة" البرقية والتلكس". وما نصت عليه المادة ١٣ من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع (فيينا، ١٩٨٠) من أنه: " يشمل مصطلح "كتابة"، في حكم هذه الاتفاقية، الرسائل البرقية والتلكس". وما نصت عليه المادة الرابعة من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية (نيويورك، ٢٠٠٥) من أنه " أ- يقصد بتعبير الخطاب: أي بيان أو إعلان أو مطلب أو إشعار أو طلب، بما في ذلك أي عرض وقبول عرض يتعين على الأطراف توجيهه، أو تختار توجيهه في سياق تكوين العقد أو تنفيذه. ب- يقصد بتعبير الخطاب الإلكتروني: أي خطاب توجهه الأطراف بواسطة رسائل بيانات. ج– يقصد بتعبير رسالة البيانات: المعلومات المنشأة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسائل إلكترونية أو مغناطيسية أو بصرية أو بوسائل مشابهة تشمل –على سبيل المثال لا الحصر– التبادل الإلكتروني للبيانات أو البريد الإلكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي". وأنه وفق التعريف الذي أوردته الفِقرة (١٧) من المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كليًا أو جزئيًا (نيويورك ٢٠٠٨) ("قواعد روتردام")، فإن مصطلح الخطاب أو الرسالة الإلكترونية electronic communication " يعنى المعلومات المعدة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسيلة إلكترونية أو بصرية أو رقمية أو بوسيلة مشابهة، بما يؤدى إلى جعل المعلومات الواردة في الخطاب ميسورة المنال بحيث يمكن الرجوع إليها لاحقًا". وبهذه المثابة فإن البريد الإلكتروني electronic mail (e-mail) هو وسيلة لتبادل الرسائل الإلكترونية بين الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية من أجهزة كمبيوتر أو هواتف محمولة أو غيرها، تتميز بوصول الرسائل إلى المرسل إليهم في وقت معاصر لإرسالها من مُرسِلها أو بعد برهة وجيزة، عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) أيًا كانت وسيلة طباعة مستخرج منها في مكان تلقى الرسالة، وسواء اشتملت هذه الرسائل على مستندات أو ملفات مرفقة attachments أم لا. ولقد أجازت القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية للقاضي استخلاص واقعتي الإيجاب والقبول -في حالة التعاقد الإلكتروني- من واقع تلك الرسائل الإلكترونية دون حاجة لأن تكون مفرغة كتابيًا في ورقة موقعة من طرفيها، ذلك أن هذه الرسائل يتم تبادلها عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، ولذلك فإن أصول تلك الرسائل -مفهومة على أنها بيانات المستند أو المحرر الإلكتروني- تظل محفوظة لدى أطرافها -مهما تعددوا- المُرسِل والمُرسَل إليهم داخل الجهاز الإلكتروني لكل منهم، فضلًا عن وجودها بمخزنها الرئيسي داخل شبكة الإنترنت في خادمات الحواسب Servers للشركات مزودة خدمة البريد الإلكتروني للجمهور. وفى كل الأحوال، فإنه في حالة جحد الصور الضوئية، فلا يملك مُرسِل رسالة البريد الإلكتروني أن يقدم أصل المستند أو المحرر الإلكتروني، ذلك أن كل مستخرجات الأجهزة الإلكترونية، لا تعدو أن تكون نسخًا ورقية مطبوعة خالية من توقيع طرفيها، ومن ثم فإن المشرع وحرصًا منه على عدم إهدار حقوق المتعاملين من خلال تلك الوسائل الإلكترونية الحديثة حال عدم امتلاكهم لإثباتات مادية على تلك المعاملات، قد وضع بقانون تنظيم التوقيع الإلكتروني ولائحته التنفيذية الضوابط التي تستهدف التيقن من جهة إنشاء أو إرسال المستندات والمحررات الإلكترونية وجهة أو جهات استلامها وعدم التدخل البشرى والتلاعب بها للإيهام بصحتها، وهو ما قد يستلزم في بعض الحالات الاستعانة بالخبرات الفنية المتخصصة في هذا المجال، فإذا ما توافرت هذه الشروط والضوابط فإن الرسائل المتبادلة بطريق البريد الإلكتروني، تكتسب حجية في الإثبات تتساوى مع تلك المفرغة ورقيًا والمذيلة بتوقيع كتابي، فلا يحول دون قبول الرسالة الإلكترونية كدليل إثبات مجرد أنها جاءت في شكل إلكتروني، ولهذا فإنها تكون عصية على مجرد جحد الخصم لمستخرجاتها وتمسكه بتقديم أصلها؛ إذ إن ذلك المستخرج ما هو إلا تفريغ لما احتواه البريد الإلكتروني، أو الوسيلة الإلكترونية محل التعامل، ولا يبقى أمام من ينكرها من سبيل إلا طريق وحيد هو المبادرة إلى الادعاء بالتزوير وفق الإجراءات المقررة قانونًا تمهيدًا للاستعانة بالخبرة الفنية في هذا الخصوص.
وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بلفت نظر الخصوم إلى مقتضيات دفاعهم أو تكليفهم بإثباته أو تقديم المستندات الدالة عليه، إذ إن الأمر في ذلك كله موكول إليهم، وأنه لا يعيب الحكم الالتفات عن دفاع لا يستند إلى أساس قانوني سليم.
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها قدمت أمام لجنة الخبراء مستخرجات من البريد الإلكتروني المرسل منها للشركة الطاعنة وتمسكت بدلالاتها، إلا أن الشركة الطاعنة قد اكتفت بجحدها بمقولة إنها صور ضوئية لا قيمة لها في الإثبات إلا بتقديم أصلها، على الرغم من أن هذه المستخرجات في حقيقة الأمر ليست إلا تفريغًا لما احتواه البريد الإلكتروني على النحو السالف بيانه، وليس لها أصل ورقى بالمعنى التقليدي مكتوب ومحفوظ لدى مرسلها، وبذلك تكون بمنأى عن مجرد الجحد، ولا سبيل للنيل من صحتها إلا بالتمسك بعدم استلام البريد الإلكتروني ابتداءً من جهة الإرسال، أو التمسك بحصول العبث في بياناته بعد استلامه، والمبادرة إلى سلوك طريق الادعاء بتزويرها وبعدم مطابقتها للشروط والضوابط المتطلبة بالقانون لصحة المحررات والبيانات الإلكترونية وهو ما خلت منه الأوراق من جانب الطاعنة، لما هو مقرر من أنه يجب على مدعى التزوير أن يسلك في الادعاء به الأوضاع المنصوص عليها في المادة ٤٩ من قانون الإثبات وما بعدها - كي ينتج الادعاء أثره القانوني دون الوقوف على إذن من المحكمة بذلك. وكان لا يغير من هذا النظر ما تثيره الشركة الطاعنة من أن المطعون ضدها لم ترسل لها أي رسائل عبر البريد الإلكتروني الخاص بها، ذلك أنها لم تدع سبق تمسكها بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، كما لم تعقد المقارنة اللازمة بين عنوان بريدها الإلكتروني المعتمد وبين عنوان البريد الإلكتروني الذي وُجهت إليه الرسائل التي أرسلتها إليها المطعون ضدها، ومن ثم فلا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن دفاع لم يقدم الخصم دليله، ويكون النعي عليه بما سلف على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعَى بالوجه الثالث من السبب الأول وبالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان تقرير لجنة الخبراء لمغايرة الهيئة الواردة بمحضر أعمال اللجنة بجلسة ٢٦/٥/٢٠١٢ للهيئة التي أعدت التقرير، ولعدم توقيع الصفحة رقم ٢١ من تقرير اللجنة إلا من عضو واحد فقط من أعضاء اللجنة، إلا أن الحكم بالرغم من ذلك عول في قضائه على ذلك التقرير المعيب والتفتت عن مستنداتها التي تثبت أحقيتها في دعواها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والأخذ بما تطمئن إليه منها وتقدير عمل الخبير والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها متى اطمأنت إلى سلامة أبحاثه وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله، وأنها غير مكلفة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالًا على كل وجه أو قول ما دام في قيام الحقيقة التي أوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد ما تبين له من استجواب أعضاء لجنة الخبراء الذين باشروا المأمورية أن عدم توقيع أحدهم على ورقة من أوراق التقرير كان على سبيل السهو وأنهم قاموا بمباشرة المأمورية وإعداد التقرير مجتمعين، قد خلص من تقرير لجنة الخبراء المقدم في الدعوى، والذى اطمأن إليه وأخذ به محمولًا على أسبابه، إلى ثبوت إخلال الشركة الطاعنة بالتزاماتها التعاقدية مع الشركة المطعون ضدها الثانية (المدعية فرعيًا) وذلك بتعيينها استشاريًا للأعمال الكهروميكانيكية بالمخالفة لبنود التعاقد دون الرجوع إلى الشركة المطعون ضدها، وأن الأخطاء التي قامت بها الأخيرة أثناء تنفيذ المشروع هي من الأمور الواردة أثناء مرحلة التصميم الأولى للمشروع، ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض دعوى الشركة الطاعنة وبإلزام الأخيرة في الدعوى الفرعية بأن تؤدى للشركة المطعون ضدها الثانية مبلغًا مقداره ٩٧٧‚٨١٣‚٣ جنيه قيمة المستحق للشركة المطعون ضدها الثانية لما قامت به من أعمال للشركة الطاعنة بعد خصم المبلغ الذي تسلمته من الأخيرة على النحو الذي انتهت إليه اللجنة بتقريرها، ومبلغ مليون جنيها تعويضًا ماديًا وأدبيًا، وهو استخلاص سائغ له أصل ثابت بالأوراق ويكفى لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، فإن ما تثيره الشركة الطاعنة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلًا فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ولا ينال من ذلك ما تنعاه الشركة الطاعنة ببطلان تقرير لجنة الخبراء لمغايرة الهيئة الواردة بمحضر أعمال اللجنة بجلسة ٢٦/٥/٢٠١٢ للهيئة التي أعدت التقرير إذ إنه قد جاء على غير أساس، باعتبار أن تحديد شخص الخبير من الأمور الموكلة للجهة المنتدبة، لا سيما وأن المحكمة لم تحدد أسماء معينة للخبراء بأشخاصهم في حكمها التمهيدي الصادر بندب لجنة الخبراء، ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس.
ولِما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 18309 لسنة 89 ق جلسة 27 / 10 / 2020 مكتب فني 71 ق 108 ص 779

جلسة ٢٧ من أكتوبر سنة ٢٠٢٠
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوى ود. مصطفى سالمان وياسر بهاءالدين نواب رئيس المحكمة ومحمد على سلامة
--------------------
(108)
الطعن 18309 لسنة 89 ق 
(١-١٦) تحكيم " اتفاق التحكيم : إجراءات التحكيم " " هيئة التحكيم : اختيار المحكمين : تمثيل الأطراف أمام هيئات التحكيم " " حكم التحكيم : بطلانه : المحكمة المختصة بدعوى بطلانه " " حالاته ". اتفاقيات" اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨: النطاق الجغرافى"٠ عقد ٠قانون "منع التناقض إضرارًا بالغير: من سعى في نقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه: الإستوبل". محاماه . نظام عام.
(١) استمرار أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام ق التحكيم مما يجوز الاتفاق على مخالفته . عدم تقديمة اعتراضًا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عنـد عدم الاتفاق . مؤداه . اعتباره نزولًا منه عن حقه في الاعتراض. المادتان ٨ ،١١ ق التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ . علة ذلك . حماية إجراءات التحكيم من إساءة استغلال أحد أطراف النزاع.
(٢) عدم تقديم الطاعنة ما يفيد تمسكها أمام هيئة التحكيم ببطلان اتفاق التحكيم لإبرامه من نائب رئيس مجلس إدارتها بدلًا من عضو مجلس الإدارة المُنتدب مع علمها بوجود المخالفة التي تدعيها واستمرارها في إجراءات التحكيم . مؤداه . اعتباره نزولًا عن حقها في إثارة هذا الاعتراض فيما بعد . البطلان المتعلق بهذه الحالة نسبى مقرر لمصلحة الخصوم . مقتضاه . جواز النزول عنه صراحة أو ضمنًا. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دفع الشركة الطاعنة في هذا الخصوص . صحيح .
(٣) ليس للمخطئ أن يُلقى بتبعة خطئه غشًا كان ذلك أو تقصيرًا على سواه أو أن يستفيد من خطئه في مواجهة غيره ولو كان هذا الغير بدوره مخطئًا.
(٤) القاعدة العالمية "منع التناقض إضرارًا بالغير" المعروفة بقاعدة "من سعى في نقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه" أو "الإستوبل" . مفادها . الطرف الذي يتسبب بفعله في حدوث مخالفة لاتفاق التحكيم أو لقانون التحكيم أو لأى قانون آخر لا يسعه بعد أن تعامل معه الطرف الآخر اعتمادًا على صحة ما بدر عنه أن ينقض ما تم على يديه . غياب نص تشريعي صريح يقرر للقاعدة . مقتضاه . جواز تطبيق القاضي بموجب م ١(٢) من ق المدني . معيار تطبيق هذه القاعدة . قاعدة عامة. شرطة . صدور عن طرف ما قول أو فعل أو امتناع يتعارض وسلوك سابق لذات الطرف وأن يكون من شأن ذلك التعارض إلحاق الضرر بالطرف الآخر الذي تعامل مع الطرف الأول اعتمادًا على صحة ما صدر عنه من سلوك سابق . نطاقها. ليس مقصورًا على مجال التحكيم بل يمتد لسائر المعاملات الأخرى. للقاضي سلطة تقدير مدى توافر موجبات إعمال هذه القاعدة طبقًا لظروف كل دعوى .
(٥) القواعد الخاصة بتمثيل الأطراف أمام هيئات التحكيم . لا تتعلق بالنظام العام . ق التحكيم الحالي . قانونًا خاصًا في شأن كل ما يخص التحكيم . اختلافه عن القانون السابق في فلسفته وأسسه ومفاهيمه . خلوه من النص على وجوب مثول وكلاء أو ممثلين عن الأطراف أمام هيئات التحكيم ومن اشتراط أن يكون طلب التحكيم وسائر الأوراق الخاصة بإجراءات خصومة التحكيم موقعة من محامٍ . مقتضاه . عدم ورود أي قيد على حرية الأطراف في تمثيل أنفسهم أو في توكيل من يمثلهم أمام هيئات التحكيم ولو كانوا من غير المحامين أو من المحامين الأجانب الذين يُعدون في نظر قانون المحاماة من غير المحامين خلافًا لما هو معمول به أمام قضاء الدولة ونظام التحكيم القائم وقت صدور ق المحاماة عام ١٩٨٣ . علة ذلك.
(٦) الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم . حق للأطراف . لازمه . تهيئة فرصة متكافئة وكاملة لكل منهما لعرض دعواه وحق كل طرف في شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته. المواد ٢٥، ٢٦، ٣٣ (١) ق التحكيم.
(٧) قانون التحكيم . لا يشترط اختيار المُحَكَمين من جنس أو جنسية أو من مهنة بعينها كالمحاماة. لازمه . عدم اشتراط ذلك في حق ممثلي الأطراف . توكيل المحتكمون لغير المحامين . مُقتضاه . تمثيلهم في المنازعات ذات الجوانب الفنية المعقدة وخاصةً إذا ما كان مقطع النزاع ينطوي على مسائل فنية أكثر منها قانونية.
(٨) اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨. مناطها . البعد تدريجيًا بالتحكيم عن فكرة التوطين والارتباط بإقليم جغرافي بعينه . مؤداه . عدم ارتباط مفهوم المقر القانوني كفكرة مجردة بالمكان الفعلي لعقد جلسات التحكيم . مثال . جواز الاعتماد على المحامين الأجانب لتمثيل الأطراف في دعاوى التحكيم التي يكون مقرها القانوني في مصر دون أن يستلزم ذلك عقد أى من جلسات التحكيم داخل الإقليم المصري . علة ذلك.
(٩) حالات بطلان حكم التحكيم . ورودها على سبيل الحصر م ٥٣ ق التحكيم . مؤداه. عدم جواز الطعن لسبب آخر . ليس من بينها البطلان لتمثيل طرف من غير المحامين.
(١٠) نظام التحكيم الحالي مؤسسيًا أو غير مؤسسي وطنيًا أو دوليًا . لا محل بشأنه لإعمال المادة ٣ من قانون المحاماة لعام ١٩٨٣. مؤداه . حق المحتكمين في حرية اختيار ممثليهم أو وكلائهم ينبع من قانون التحكيم ذاته . أثره . لا يتوقف على اختيارهم لقواعد تحكيم تنص صراحة على إمكانية تعيينهم لغير المحامين كممثلين عنهم . لازمه . اتفاق الأطراف على قواعد إجرائية تسمح بذلك تأكيدًا لما جاء به قانون التحكيم . مثال . اتفاق الطرفان على إخضاع إجراءات التحكيم لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي والتي تجيز اختيار كل طرف شخصًا أو أكثر للنيابة عنه أو لمساعدته دون اشتراط أن يكونوا من المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصرية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح . علة ذلك.
(١١) المُحَكَم . يختاره الخصوم لتوافر خبرته بالمسـائل المماثلة لموضوع النزاع محل التحكيم . لازمه . انعكاس خبرات أعضاء هيئة التحكيم على الحكم الصادر منهم.
(١٢) حكم هيئة التحكيم . لا يصح أن يوصم بالبطلان لافتراض أن قضاءها أقيم وفقًا للعلم الشخصي لأحد أعضائها . افتراض يفتقر إلى الدليل ويتعارض مع الأصل المفترض من أن تشكيل هيئة التحكيم تم باتفاق الطرفين باختيار المُحَكَمين المؤهلين والمناسبين للفصل في النزاع . مثال .
(١٣) ثبوت تمام المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم وصدوره بإجماع الآراء. لازمه . أن الإجراءات قد روعيت . مؤداه . عدم جواز دحض ما أثبته الحُكم من تمام المداولة والاطلاع على الأوراق إلا بطريق الطعن بالتزوير.
(١٤) حكم التحكيم . رفع الدعوى ببطلانه في الأحوال التي أوردتها المادة ٥٣ ق التحكيم . مؤداه . عدم جواز الطعن عليه للخطأ في فهم الواقع أو في تطبيق القانون أو مخالفته.
(١٥) دعوى بطلان حكم التحكيم . ليست طعنًا عليه بالاستئناف . مؤداه . لا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم . مؤداه . ليس لقاضى دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير مدى ملاءمته أو مراقبة حُسن تقدير المحكمين .علة ذلك .
(١٦) تعييب الشركة الطاعنة لحكم التحكيم فيما يخص عدم ندب هيئة التحكيم لخبير هندسي لبحث الأمور الفنية في الدعوى . خروجه عن حالات البطلان المنصوص عليها حصرًا في المادة ٥٣ من قانون التحكيم . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح.
ــــــــــــــــــــــــ
١ــإذ كان النص في المادة ١١ من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ على أنه " لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه ..."، إلا أن المقرر في قضاء محكمة النقض، عملًا بالمادة ٨ من ذات القانون، أنه إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضًا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عنـد عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولًا منه عن حقه في الاعتراض. إذ تنحاز هذه القاعدة إلى حماية إجراءات التحكيم من إساءة استغلال أحد أطراف النزاع، وهو عادةً الطرف الخاسر، لحق من الحقوق التي يجوز النزول عنها بهدف إبطال حكم التحكيم لاحقًا.
٢ــإذ كانت الطاعنة لم تقدم ما يفيد تمسكها أمام هيئة التحكيم ببطلان اتفاق التحكيم لإبرامه من نائب رئيس مجلس إدارتها بدلًا من عضو مجلس الإدارة المُنتدب، مع علمها بوجود المخالفة التي تدعيها واستمرارها في إجراءات التحكيم على الرغم من ذلك، فإنها تكون قد نزلت عن حقها في إثارة هذا الاعتراض فيما بعد، لا سيما وأن البطلان المتعلق بهذه الحالة هو بطلان نسبى مقرر لمصلحة الخصوم مما يجوز النزول عنه صراحة أو ضمنًا. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دفع الشركة الطاعنة في هذا الخصوص على سند من عدم تمسكها بهذا الدفع –مع قدرتها على ذلك- أمام هيئة التحكيم المختصة بالفصل في الدفوع الخاصة ببطلان اتفاق التحكيم، فإن الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
٣ــ بفرض تمسك الطاعنة بهذا الاعتراض ( ببطلان اتفاق التحكيم لإبرامه من نائب رئيس مجلس إدارتها بدلًا من عضو مجلس الإدارة المُنتدب ) خلال الميعاد المبين بالمادة ٨ من قانون التحكيم، فإن تمسكها ما كان ليغير من مصير هذا النعي؛ ذلك بأنه من المستقر عليه أنه ليس للمخطئ أن يُلقى بتبعة خطئه، غشًا كان ذلك أو تقصيرًا، على سواه أو أن يستفيد من خطئه في مواجهة غيره، ولو كان هذا الغير بدوره مخطئً.
٤ــ الطرف الذي يتسبب بفعله في حدوث مخالفة لاتفاق التحكيم أو لقانون التحكيم أو لأى قانون آخر لا يسعه – بعد أن تعامل معه الطرف الآخر اعتمادًا على صحة ما بدر عنه– أن ينقض ما تم على يديه، تطبيقًا للقاعدة العالمية المستمدة من القانون الروماني non concedit venire contra factum proprium أى "منع التناقض إضرارًا بالغير"، وهو ما بات معروفًا بقاعدة "من سعى في نقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه" أو الإستوبل estoppel. وعلى الرغم من غياب نص تشريعي صريح يقرر هذه القاعدة، إلا أنه يجوز للقاضي تطبيقها بموجب المادة ١(٢) من القانون المدني والتي تنص على أنه " فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى العرف، فإذا لم يوجد، فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم توجد، فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة". ومعيار تطبيق هذه القاعدة تحقق شرطين: الأول، أن يصدر عن طرف ما قول أو فعل أو امتناع يتعارض وسلوك سابق لذات الطرف؛ والثاني، أن يكون من شأن ذلك التعارض إلحاق الضرر بالطرف الآخر الذي تعامل مع الطرف الأول اعتمادًا على صحة ما صدر عنه من سلوك سابق. وباعتبار أن قاعدة "منع التعارض إضرارًا بالغير" قاعدة عامة، فإن نطاق تطبيقها ليس مقصورًا على مجال التحكيم، بل يمكن أن يمتد لسائر المعاملات الأخرى. وللقاضي سلطة تقدير مدى توافر موجبات إعمال هذه القاعدة طبقًا لظروف كل دعوى بحسب الأحوال.
٥ــ المقرر في قضاء محكمة النقض أن القواعد الخاصة بتمثيل الأطراف أمام هيئات التحكيم لا تتعلق بالنظام العام. ولا يغير من ذلك ما تنص عليه المادة ٣(١) من قانون المحاماة رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ من اعتبار " الحضور عن ذوى الشأن أمام المحاكم وهيئات التحكيم ..." من أعمال المحاماة المقصورة على المحامين، ذلك أن نظام التحكيم القائم وقت صدور قانون المحاماة عام ١٩٨٣، والذى كان يشير إليه المشرع آنذاك، هو ذلك الوارد بالباب الثالث من الكتاب الثالث (المواد ٥٠١-٥١٣) من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨. أما قانون التحكيم الحالي والصادر عام ١٩٩٤ -والذى يختلف تمام الاختلاف عن القانون السابق في فلسفته وأسسه ومفاهيمه- فلم يرد به أو بشأنه أي قيد على حرية الأطراف في تمثيل أنفسهم أمام هيئات التحكيم أو في توكيل من يمثلهم أمامها ولو كانوا من غير المحامين، أو من المحامين الأجانب الذين يُعدون –فى نظر قانون المحاماة– من غير المحامين. هذا إلى أن قانون التحكيم لعام ١٩٩٤ يُعد قانونًا خاصًا في شأن كل ما يخص التحكيم، وقد خلا هذا القانون من النص على وجوب مثول وكلاء أو ممثلين عن الأطراف أمام هيئات التحكيم، كما خلا من اشتراط أن يكون طلب التحكيم وسائر الأوراق الخاصة بإجراءات خصومة التحكيم موقعة من محامٍ، خلافًا لما هو معمول به أمام قضاء الدولة.
٦ــ تنص المواد ٢٥، ٢٦، ٣٣(١) من قانون التحكيم على حق الأطراف في الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم، ووجوب تهيئة فرصة متكافئة وكاملة لكل منهما لعرض دعواه، وحق كل طرف في شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته.

٧ــ إذا كان قانون التحكيم لا يشترط اختيار المُحَكَمين من جنس أو جنسية أو من مهنة بعينها كالمحاماة (مادة ١٦) ، فمن باب أولى عدم اشتراط ذلك في حق ممثلي الأطراف. ولذلك فقد يؤثر المحتكمون توكيل غير المحامين لتمثيلهم في المنازعات ذات الجوانب الفنية المعقدة وخاصةً إذا ما كان مقطع النزاع ينطوي على مسائل فنية أكثر منها قانونية.
٨ - التحكيم أخذ يبعد تدريجيًا عن فكرة التوطين localization، أي ارتباط التحكيم بشكل وثيق بإقليم جغرافي بعينه، بعد اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨. وفى ظل العولمة التي طالت مجال المحاماة، بات من الشائع الاعتماد على المحامين الأجانب لتمثيل الأطراف في دعاوى التحكيم التي يكون مقرها القانوني في مصر، دون أن يستلزم ذلك عقد أي من جلسات التحكيم داخل الإقليم المصري، لعدم ارتباط مفهوم المقر القانوني كفكرة مجردة seat of arbitration بالمكان الفعلي لعقد جلسات التحكيم venue، لا سيما مع ازدياد الإقبال على عقد جلسات التحكيم بواسطة وسائل الاتصال الحديثة virtual hearings.
٩ - تحديد أسباب بطلان أحكام التحكيم وورودها على سبيل الحصر في المادة ٥٣ من قانون التحكيم، مؤداه أنه لا يجوز الطعن بالبطلان في دعوى التحكيم لسبب آخر خلاف الأسباب التي أوردتها هذه المادة، والتي ليس من بينها البطلان لتمثيل طرف من غير المحامين.
١٠ــلا محل لإعمال المادة ٣ من قانون المحاماة لعام ١٩٨٣ في إطار نظام التحكيم الحالي مؤسسيًا كان أو غير مؤسسي، وطنيًا كان أو دوليًا. وأن حق المحتكمين في حرية اختيار ممثليهم أو وكلائهم إنما ينبع من قانون التحكيم ذاته، ولا يتوقف على اختيارهم لقواعد تحكيم تنص صراحة على إمكانية تعيينهم لغير المحامين كممثلين عنهم. فإذا اتفقوا على قواعد إجرائية تسمح بذلك، فليس اتفاقهم هذا إلا تأكيدًا لما جاء به قانون التحكيم، كما هي الحال في الدعوى الماثلة حيث اتفق الطرفان على إخضاع إجراءات التحكيم لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي والتي تنص في المادة ٥(١) منها على أنه يجوز أن يختار كل طرف شخصًا أو أكثر للنيابة عنه أو لمساعدته، دون اشتراط أن يكون ممثلو المحتكمين من المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصرية. لما كان ذلك، و كان الحكم المطعون فيه قد رفض دفع الشركة الطاعنة في هذا الخصوص ملتزمًا ذات النظر، وكانت هى التي اختارت أحد المهندسين الاستشاريين للنيابة عنها ومساعدتها وتقديم خطة دفاعها وفقًا لما قدرته باعتباره الأصلح لها، كما أنها لم تدعِ أن هيئة التحكيم تسببت على أى نحو في حرمانها من فرصة تعيين محامٍ لتقديم دفاعها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب، يضحى على غير أساس.
١١ــ المقرر في قضاء محكمة النقض أن المُحَكَم يختاره الخصوم بالدرجة الأولى لتوافر خبرته بالمسـائل المماثلة لموضوع النزاع محل التحكيم ومن الطبيعي أن تنعكس خبرات أعضاء هيئة التحكيم على الحكم الصادر منهم.
١٢ــ لا يصح أن يوصَم حكم هيئة التحكيم بالبطلان لمجرد افتراض أن قضاءها أقيم وفقًا للعلم الشخصي لأحد أعضائها باعتبار أنه وحده من المهندسين في حين أن رئيس الهيئة والعضو الآخر من رجال القانون من غير أصحاب الخبرات الهندسية، وهو افتراض يفتقر إلى الدليل من ناحية، ويتعارض مع الأصل المفترض من أن تشكيل هيئة التحكيم تم باتفاق الطرفين ووفقًا لإرادتهما الحرة باختيار المُحَكَمين المؤهلين والمناسبين للفصل في النزاع.
١٣ــ إذ كان الثابت من الترجمة الرسمية المُقدمة من حكم التحكيم أنه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم وصدوره بإجماع الآراء، وكان الأصل أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز دحض ما أثبته الحُكم من تمام المداولة والاطلاع على الأوراق إلا بطريق الطعن بالتزوير وهو ما لم تفعله الشركة الطاعنة، ومن ثم فلا يُقبل منها ما تثيره في هذا الشأن.
١٤ــ المقرر في قضاء محكمة النقض أنه لا يجوز الطعن بالبطلان في دعوى التحكيم لسبب آخر خلاف ما أورده نص المادة ٥٣ من قانون التحكيم، فلا يجوز الطعن عليه للخطأ في فهم الواقع أو في تطبيق القانون أو مخالفته.
١٥ــ دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم، وليس لقاضى دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير مدى ملاءمته أو مراقبة حُسن تقدير المحكمين، باعتبار أن دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف.
١٦ــإذ كان تعييب الشركة الطاعنة لحكم التحكيم فيما يخص عدم ندب هيئة التحكيم لخبير هندسي لبحث الأمور الفنية في الدعوى يخرج عن حالات البطلان المنصوص عليها حصرًا في المادة ٥٣ من قانون التحكيم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في معرض رفضه لما أثارته الشركة الطاعنة في هذا الخصوص فإن النعي عليه بما ورد بهذا السبب يضحى على غير أساس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
فى يوم ٢٦/٨/٢٠١٩ طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ ٧/٧/٢٠١٩ في الدعوى رقم ٥٧ لسنة ١٣٥ق، وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع بنقض الحكـم المطعون فيه والإحالة.
وفي اليوم نفسه أودعت الطاعنة مذكرة شارحة وحافظة بمستنداته.
وفي ١٠/٩/٢٠١٩ أُعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن.
وفي ٢٣/٩/٢٠١٩ أودعت المطعون ضدها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلًا وفى الموضوع برفضه.
وبجلسة ٢٣ /٦/ ٢٠٢٠ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة ١٣/ ١٠/ ٢٠٢٠ سٌمِعت المرافعة أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضـر الجلسة حيث صممت النيابة العامة عـلى ما جاء بمذكرتها، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم بجلسة اليوم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ ياسر بهاء الدين والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم ٥٧ لسنة ١٣٥ق أمام محكمة استئناف القاهرة بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ ٢٠/٢/٢٠١٨ في الدعوى التحكيمية المقيدة برقم ٩١٤ لسنة ٢٠١٣ بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. وبيانًا لذلك قالت إن المطعون ضدها لجأت إلى التحكيم إعمالًا للشرط الوارد في البند رقم ١٦ من عقد المقاولة من الباطن المؤرخ ١٩/٤/٢٠٠٤ والذى بموجبه أسندت الشركة الطاعنة إليها وأُخرى مشروع إنشاء مصنع لمعالجة مياه الصرف الصحي بسعة ٨٠٠٠٠ متر مكعب في اليوم بمنطقة القطامية بمحافظة القاهرة، السابق إسناده للشركة الطاعنة من هيئة مدينة القاهرة الجديدة وفقًا للشروط الواردة بذلك العقد، وأن الشركة الطاعنة تقاعست عن تنفيذ التزاماتها بموجب ذلك العقد فلجأت -المطعون ضدها- إلى التحكيم وصدر لصالحها الحكم المشار إليه. وبتاريخ ٧/٧/٢٠١٩ قضت المحكمة برفض دعوى البطلان. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلًا وفى الموضوع برفضه. عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعَى الشركة الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه رفض دفعها ببطلان اتفاق التحكيم لإبرامه من نائب رئيس مجلس إدارتها رغم أن صاحب الصفة والأهلية في تمثيلها هو عضو مجلس الإدارة المُنتدب عملًا بالمادة ٢٣ من القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ بشأن شركات قطاع الأعمال العام، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كان النص في المادة ١١ من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ على أنه " لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه ..."، إلا أن المقرر في قضاء هذه المحكمة، عملًا بالمادة ٨ من ذات القانون، أنه إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضًا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عنـد عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولًا منه عن حقه في الاعتراض. إذ تنحاز هذه القاعدة إلى حماية إجراءات التحكيم من إساءة استغلال أحد أطراف النزاع، وهو عادةً الطرف الخاسر، لحق من الحقوق التي يجوز النزول عنها بهدف إبطال حكم التحكيم لاحقًا. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تقدم ما يفيد تمسكها أمام هيئة التحكيم ببطلان اتفاق التحكيم لإبرامه من نائب رئيس مجلس إدارتها بدلًا من عضو مجلس الإدارة المُنتدب، مع علمها بوجود المخالفة التي تدعيها واستمرارها في إجراءات التحكيم على الرغم من ذلك، فإنها تكون قد نزلت عن حقها في إثارة هذا الاعتراض فيما بعد، لا سيما وأن البطلان المتعلق بهذه الحالة هو بطلان نسبى مقرر لمصلحة الخصوم مما يجوز النزول عنه صراحة أو ضمنًا. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دفع الشركة الطاعنة في هذا الخصوص على سند من عدم تمسكها بهذا الدفع –مع قدرتها على ذلك- أمام هيئة التحكيم المختصة بالفصل في الدفوع الخاصة ببطلان اتفاق التحكيم، فإن الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
هذا فضلًا عن أنه وبفرض تمسك الطاعنة بهذا الاعتراض خلال الميعاد المبين بالمادة ٨ من قانون التحكيم، فإن تمسكها ما كان ليغير من مصير هذا النعي؛ ذلك بأنه من المستقر عليه أنه ليس للمخطئ أن يُلقى بتبعة خطئه، غشًا كان ذلك أو تقصيرًا، على سواه أو أن يستفيد من خطئه في مواجهة غيره، ولو كان هذا الغير بدوره مخطئًا. كما أن الطرف الذي يتسبب بفعله في حدوث مخالفة لاتفاق التحكيم أو لقانون التحكيم أو لأى قانون آخر لا يسعه –بعد أن تعامل معه الطرف الآخر اعتمادًا على صحة ما بدر عنه– أن ينقض ما تم على يديه، تطبيقًا للقاعدة العالمية المستمدة من القانون الروماني non concedit venire contra factum proprium أي "منع التناقض إضرارًا بالغير"، وهو ما بات معروفًا بقاعدة "من سعى في نقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه" أو الإستوبل estoppel. وعلى الرغم من غياب نص تشريعي صريح يقرر هذه القاعدة، إلا أنه يجوز للقاضي تطبيقها بموجب المادة ١(٢) من القانون المدني والتي تنص على أنه " فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى العرف، فإذا لم يوجد، فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم توجد، فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة". ومعيار تطبيق هذه القاعدة تحقق شرطين: الأول، أن يصدر عن طرف ما قول أو فعل أو امتناع يتعارض وسلوك سابق لذات الطرف؛ والثاني، أن يكون من شأن ذلك التعارض إلحاق الضرر بالطرف الآخر الذي تعامل مع الطرف الأول اعتمادًا على صحة ما صدر عنه من سلوك سابق. وباعتبار أن قاعدة "منع التعارض إضرارًا بالغير" قاعدة عامة، فإن نطاق تطبيقها ليس مقصورًا على مجال التحكيم، بل يمكن أن يمتد لسائر المعاملات الأخرى. وللقاضي سلطة تقدير مدى توافر موجبات إعمال هذه القاعدة طبقًا لظروف كل دعوى بحسب الأحوال.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعَى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفى بيان ذلك تقول إنها دفعت ببطلان الهيكل الإجرائي للخصومة التحكيمية لأن من باشر الدفاع عنها أمام هيئة التحكيم كان أحد المهندسين الاستشاريين ولم يكن أحد المحامين عملًا بالقاعدة الآمرة المتعلقة بالنظام العام المنصوص عليها بالمادة ٣ من قانون المحاماة رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣، وهو ما كان على هيئة التحكيم أن ترفضه باعتباره أمرًا ضروريًا لتحقيق العدالة، غير أن الحكم المطعون فيه رفض دفعها على سند من أن قواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي تجيز تمثيل الأطراف من غير المحامين، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القواعد الخاصة بتمثيل الأطراف أمام هيئات التحكيم لا تتعلق بالنظام العام. ولا يغير من ذلك ما تنص عليه المادة ٣(١) من قانون المحاماة رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ من اعتبار " الحضور عن ذوى الشأن أمام المحاكم وهيئات التحكيم ..." من أعمال المحاماة المقصورة على المحامين، ذلك أن نظام التحكيم القائم وقت صدور قانون المحاماة عام ١٩٨٣، والذى كان يشير إليه المشرع آنذاك، هو ذلك الوارد بالباب الثالث من الكتاب الثالث (المواد ٥٠١-٥١٣) من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨. أما قانون التحكيم الحالي والصادر عام ١٩٩٤ -والذى يختلف تمام الاختلاف عن القانون السابق في فلسفته وأسسه ومفاهيمه- فلم يرد به أو بشأنه أى قيد على حرية الأطراف في تمثيل أنفسهم أمام هيئات التحكيم أو في توكيل من يمثلهم أمامها ولو كانوا من غير المحامين، أو من المحامين الأجانب الذين يُعدون – في نظر قانون المحاماة– من غير المحامين. هذا إلى أن قانون التحكيم لعام ١٩٩٤ يُعد قانونًا خاصًا في شأن كل ما يخص التحكيم، وقد خلا هذا القانون من النص على وجوب مثول وكلاء أو ممثلين عن الأطراف أمام هيئات التحكيم، كما خلا من اشتراط أن يكون طلب التحكيم وسائر الأوراق الخاصة بإجراءات خصومة التحكيم موقعة من محامٍ، خلافًا لما هو معمول به أمام قضاء الدولة. كما تنص المواد ٢٥، ٢٦، ٣٣ (١) من قانون التحكيم على حق الأطراف في الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم، ووجوب تهيئة فرصة متكافئة وكاملة لكل منهما لعرض دعواه، وحق كل طرف في شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته. وإذا كان قانون التحكيم لا يشترط اختيار المُحَكَمين من جنس أو جنسية أو من مهنة بعينها كالمحاماة (مادة ١٦)، فمن باب أولى عدم اشتراط ذلك في حق ممثلي الأطراف. ولذلك فقد يؤثر المحتكمون توكيل غير المحامين لتمثيلهم في المنازعات ذات الجوانب الفنية المعقدة وخاصةً إذا ما كان مقطع النزاع ينطوي على مسائل فنية أكثر منها قانونية. ويؤكد النظر المتقدم، أن التحكيم أخذ يبعد تدريجيًا عن فكرة التوطين localization، أي ارتباط التحكيم بشكل وثيق بإقليم جغرافي بعينه، بعد اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨. وفي ظل العولمة التي طالت مجال المحاماة، بات من الشائع الاعتماد على المحامين الأجانب لتمثيل الأطراف في دعاوى التحكيم التي يكون مقرها القانوني في مصر، دون أن يستلزم ذلك عقد أي من جلسات التحكيم داخل الإقليم المصري، لعدم ارتباط مفهوم المقر القانوني كفكرة مجردة seat of arbitration بالمكان الفعلي لعقد جلسات التحكيم venue، لا سيما مع ازدياد الإقبال على عقد جلسات التحكيم بواسطة وسائل الاتصال الحديثة virtual hearings. يُضاف إلى ما تقدم، أن تحديد أسباب بطلان أحكام التحكيم وورودها على سبيل الحصر في المادة ٥٣ من قانون التحكيم، مؤداه أنه لا يجوز الطعن بالبطلان في دعوى التحكيم لسبب آخر خلاف الأسباب التي أوردتها هذه المادة، والتي ليس من بينها البطلان لتمثيل طرف من غير المحامين. ومؤدى ما سلف ولازمه، هو أنه لا محل لإعمال المادة ٣ من قانون المحاماة لعام ١٩٨٣ في إطار نظام التحكيم الحالي مؤسسيًا كان أو غير مؤسسي، وطنيًا كان أو دوليًا. وأن حق المحتكمين في حرية اختيار ممثليهم أو وكلائهم إنما ينبع من قانون التحكيم ذاته، ولا يتوقف على اختيارهم لقواعد تحكيم تنص صراحة على إمكانية تعيينهم لغير المحامين كممثلين عنهم. فإذا اتفقوا على قواعد إجرائية تسمح بذلك، فليس اتفاقهم هذا إلا تأكيدًا لما جاء به قانون التحكيم، كما هي الحال في الدعوى الماثلة حيث اتفق الطرفان على إخضاع إجراءات التحكيم لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي والتي تنص في المادة ٥(١) منها على أنه يجوز أن يختار كل طرف شخصًا أو أكثر للنيابة عنه أو لمساعدته، دون اشتراط أن يكون ممثلو المحتكمين من المحامين المقيدين بجداول نقابة المحامين المصرية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض دفع الشركة الطاعنة في هذا الخصوص ملتزمًا ذات النظر، وكانت هى التي اختارت أحد المهندسين الاستشاريين للنيابة عنها ومساعدتها وتقديم خطة دفاعها وفقًا لما قدرته باعتباره الأصلح لها، كما أنها لم تدعِ أن هيئة التحكيم تسببت على أى نحو في حرمانها من فرصة تعيين محامٍ لتقديم دفاعها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب، يضحى على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعَى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، ذلك أنه رفـض دفعها ببطـلان عمـل هيئة التحكيم لقضـائها بالعلم الشخصي لأحد المُحَكَمين -المهندس ... ...- الذي يملك وحده الخبرة الهندسية والدراية الفنية التي تمكنه من فهم موضوع الدعوى، دون مشاركة حقيقية في المداولة من العضوين الآخرين أصحاب الخبرة القانونية فقط، وبغير ندب خبير هندسي للوقوف على المسائل الفنية الهندسية الغالبة على موضوع النزاع، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المُحَكَم يختاره الخصوم بالدرجة الأولى لتوافر خبرته بالمسـائل المماثلة لموضوع النزاع محل التحكيم ومن الطبيعي أن تنعكس خبرات أعضاء هيئة التحكيم على الحكم الصادر منهم، ومن ثم فلا يصح أن يوصَم حكم هيئة التحكيم بالبطلان لمجرد افتراض أن قضاءها أقيم وفقًا للعلم الشخصي لأحد أعضائها باعتبار أنه وحده من المهندسين في حين أن رئيس الهيئة والعضو الآخر من رجال القانون من غير أصحاب الخبرات الهندسية، وهو افتراض يفتقر إلى الدليل من ناحية، ويتعارض مع الأصل المفترض من أن تشكيل هيئة التحكيم تم باتفاق الطرفين ووفقًا لإرادتهما الحرة باختيار المُحَكَمين المؤهلين والمناسبين للفصل في النزاع. وكان الثابت من الترجمة الرسمية المُقدمة من حكم التحكيم أنه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم وصدوره بإجماع الآراء، وكان الأصل أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز دحض ما أثبته الحُكم من تمام المداولة والاطلاع على الأوراق إلا بطريق الطعن بالتزوير وهو ما لم تفعله الشركة الطاعنة، ومن ثم فلا يُقبل منها ما تثيره في هذا الشأن. وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة -وعلى ما سلف بيانه- أنه لا يجوز الطعن بالبطلان في دعوى التحكيم لسبب آخر خلاف ما أورده نص المادة ٥٣ من قانون التحكيم، فلا يجوز الطعن عليه للخطأ في فهم الواقع أو في تطبيق القانون أو مخالفته، ذلك أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم، وليس لقاضى دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير مدى ملاءمته أو مراقبة حُسن تقدير المحكمين، باعتبار أن دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف. لما كان ذلك، وكان تعييب الشركة الطاعنة لحكم التحكيم فيما يخص عدم ندب هيئة التحكيم لخبير هندسي لبحث الأمور الفنية في الدعوى يخرج عن حالات البطلان المنصوص عليها حصرًا في المادة ٥٣ من قانون التحكيم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في معرض رفضه لما أثارته الشركة الطاعنة في هذا الخصوص فإن النعي عليه بما ورد بهذا السبب يضحى على غير أساس.
ولِما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 14025 لسنة 82 ق جلسة 22 / 11 / 2020 مكتب فني 71 ق 119 ص 875

جلسة ٢٢ من نوفمبر سنة ٢٠٢٠
برئاسة السيد المستشار / عبد الجواد موسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عامر عبد الرحيم، خالد سليمان، د. عاصم رمضان وأحمد رفعت نواب رئيس المحكمة.
------------------
(119)
الطعن 14025 لسنة 82 ق
(١ - ٣) أوراق تجارية " تداول الأوراق التجارية : التظهير " . التزام " الالتزام الصرفي "
(١) إنشاء الورقة التجارية أو تظهيرها لتكون أداة وفاء لدين سابق . مؤداه . نشوء التزام صرفي جديد إلى جانب الالتزام الأصلي . أثره . خضوع الأخير للقواعد العامة والالتزام الصرفي لقواعد الصرف .
(٢) حلول ميعاد استحقاق الورقة التجارية قبل الالتزام الأصلي . مؤداه . لحاملها المطالبة بقيمتها محتكمًا لقواعد دعوى الصرف . لازمه . نظر المحكمة لها على هذا الأساس وامتناع نظرها لها على أساس أنها دعوى مطالبة بالدين الأصلي .
(٣) إقامة الدعوى بالمطالبة بقيمة الكمبيالة . مؤداه . خضوعها لقواعد الصرف . قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن بالمبلغ المقضي به مغيراً سبب الدعوى باعتبارها دعوى عادية . مخالفة للقانون .
ـــــــــــــــــــــــــــ
١- إنشاء الورقة التجارية - كالكمبيالة – أو تظهيرها لتكون أداة وفاء لدين سابق يترتب عليه نشوء التزام جديد في ذمة المدين هو الالتزام الصرفي ، ونشوء هذا الالتزام لا يستتبع انقضاء الدين الأصلي ، وإنما يوجد الالتزامان جنبا إلى جنب ، ويخضع الالتزام الأصلي للقواعد العامة في حين يخضع الالتزام الصرفي لقواعد الصرف .
٢- إذ حل ميعاد استحقاق الورقة التجارية قبل حلول ميعاد استحقاق الالتزام الأصلي ، كان لحامل الورقة التجارية أن يطالب بقيمتها محتكماً إلى قواعد دعوى الصرف ، فإذا ما أقام دعواه – على هذا النحو – امتنع على محكمة الموضوع أن تغير سبب الدعوى وتنظرها على أساس أنها دعوى مطالبة بالدين الأصلي.
٣- إذ كان الحكم المطعون فيه قد غير سبب الدعوى وقضى بإلزام الطاعن بالمبلغ المقضي به على سند من أقوال شاهدي المطعون ضده الثاني بأن سالف الذكر سلم الطاعن بضاعة بقيمة المبلغ المطالب به باعتبارها دعوى عادية وليست دعوى صرف ، رغم أن الدعوى قد أقيمت ابتداءً بالمطالبة بقيمة الكمبيالة ، ومن ثم تخضع لقواعد دعوى الصرف ، فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيبه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / د . عاصم رمضان " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة ، وبعد المداولة .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن واقعات الطعن – على يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني – بعد أن رفض طلبه باستصدار أمر أداء بإلزام الطاعن بأن يؤدى له مبلغ مقداره مائة وخمسون الف جنيه والفوائد – أقام الدعوى رقم ..... لسنة ٢٠٠٨ تجارى شمال القاهرة ، على سند من أنه قد حرر له كمبيالة بذلك المبلغ وإزاء عدم سداد قيمتها في الميعاد أنذره ، وإذ لم يستجب أقام الدعوى بجلسة ٢٦/١١/٢٠١٠ حكمت المحكمة بقبول الطعن بالتزوير وبرد وبطلان الكمبيالة وتداولت الدعوى مرة أخرى بالجلسات وحكمت برفض الدعوى . استأنف المطعون ضده الثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة ١٥ ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي حكمت بجلسة ٢٦/٦/٢٠١٢ بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بالمبلغ المطالب به ، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم . وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفى بيانه يقول إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزامه بالمقضي به على سند من أقوال شاهدي المطعون ضده الثاني رغم أن الحكم الابتدائي قضى برد وبطلان الكمبيالة سند المطالبة ملتفتاً عما أبداه من دفاع وما قدمه من مستندات تثبت براءة ذمته فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أن إنشاء الورقة التجارية كالكمبيالة – أو تظهيرها لتكون أداة وفاء لدين سابق يترتب عليه نشوء التزام جديد في ذمة المدين هو التزام الصرفي ، ونشوء هذا الالتزام لا يستتبع انقضاء الدين الأصلي ، وإنما يوجد الالتزامان جنبا إلى جنب ، ويخضع الالتزام الأصلي للقواعد العامة في حين يخضع الالتزام الصرفي لقواعد الصرف ، فإذا حل ميعاد استحقاق الورقة التجارية قبل حلول ميعاد استحقاق الالتزام الأصلي ، كان لحامل الورقة التجارية أن يطالب بقيمتها محتكماً إلى قواعد دعوى الصرف ، فإذا ما أقام دعواه – على هذا النحو – امتنع على محكمة الموضوع أن تغير سبب الدعوى وتنظرها على أساس أنها دعوى مطالبة بالدين الأصلي ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بالمبلغ المقضي به على سند من أقوال شاهدي المطعون ضده الثاني بأن سالف الذكر سلم الطاعن بضاعة بقيمة المبلغ المطالب به باعتبارها دعوى عادية وليس دعوى صرف ، رغم أن الدعوى قد أقيمت ابتداءً بالمطالبة بقيمة الكمبيالة ومن ثم تخضع لقواعد دعوى الصرف مغيرا سبب الدعوى ، فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما تقدم فإنه يتعين بتأييد الحكم المستأنف .

الطعن 36 لسنة 79 ق جلسة 21 / 1 / 2020 مكتب فني 71 ق 18 ص 145

جلسة ٢١ من يناير سنة ٢٠٢٠ م
برئاسة السيد المستشار/ معتز أحمد مبروك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/محمد بدر عزت نائب رئيس المحكمة هشام عز الدين، محمد فاروق و إيهاب طنطاوي
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(18)
الطعن 36 لسنة 79 ق
(١ـ ٤) أشخاص اعتبارية " وحدات الحكم المحلي: تبعية إدارة الرقابة والإشراف على المحال الصناعية وإصدار التراخيص والأمن الصناعي للوحدات المحلية "
(١) اكتساب إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية . مؤداه . تمتعها بكافة مميزات وأهلية الشخصية القانونية وفق حدود وقواعد سند إنشائها . مقتضاه . وجوب مخاطبتها في مواجهة نائبها القانوني طبقاً لذلك السند . أثره . عدم جواز الاحتجاج ضدها بأية إجراءات أو تصرفات توجه لغير ذلك النائب . المادتان ٥٢ ، ٥٣ مدني.
(٢) وحدات الحكم المحلي . استقلال كل منها بشخصية اعتبارية وذمة مالية خاصة بها وممثل قانوني لها . مقتضاه . رئيس الوحدة المحلية صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قِبل الغير والقضاء فيما يدخل في اختصاصه قانوناً . لا ينال من ذلك منح القانون الشخصية الاعتبارية للمحافظة والتمثيل القانوني عنها للمحافظ . المادتان ١ ، ٤ ق الحكم المحلي رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩ المعدل.
(٣) الوحدات المحلية . اختصاصها بتطبيق وتنفيذ القوانين واللوائح المتعلقة بتراخيص المحال الصناعية والتجارية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة . م ٧ اللائحة التنفيذية لق الحكم المحلي.
(٤) ثبوت حدوث الواقعة محل المطالبة بالتعويض بدائرة الوحدة المحلية التي يمثلها الطاعن الثاني بصفته رئيسها . مؤداه . تمثيله لها أمام القضاء وفي مواجهة الغير باعتبار أن إدارة الرقابة والإشراف على المحال الصناعية وإصدار التراخيص والأمن الصناعي تابعة له . أثره . انتفاء صفة الطاعن الأول بصفته كمحافظ . قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للطاعن الأول بصفته . مخالفة للقانون وخطأ.
(٥) محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمسئولية التقصيرية والتعويض عنها" .
محكمة الموضوع . استقلالها باستخلاص الخطأ الموجب لمسئولية جهة الإدارة وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر دون رقابة محكمة النقض . شرطه . إقامة قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(٦-٧) مسئولية "المسئولية التقصيرية: السبب المنتج الفعال: مسئولية رئيس الوحدة المحلية عن إهمال تابعية موظفي إدارة الرقابة والإشراف على المحال الصناعية وإصدار التراخيص والأمن الصناعي".
(٦) رابطة السببية في المسئولية التقصيرية . قيامها على الخطأ المنتج للضرر. ماهيته . ما كانت مساهمته لازمة في إحداث الضرر ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ آخر . تعدد الأخطاء المنتجة للضرر . اعتبارها أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً ولا ينفرد بتحملها الخطأ الأكبر وحده . استغراق الخطأ الأشد غيره من الأخطاء المستقلة . شرطه . كفايته لإحداث النتيجة بالصورة التي تمت بها مستغنياً بذاته عن مساهمة الأخطاء الأخرى.
(٧) قضاء الحكم المطعون فيه بمسئولية الطاعن الثاني بصفته رئيس الوحدة المحلية عن إهمال تابعيه موظفي قسم التراخيص والأمن الصناعي في الرقابة والإشراف على المحل الصناعي مما نتج عنه انفجار أنبوب الغاز المتسبب في وفاة مورث المطعون ضدها ولتوافر ربطة السببية بين الخطأ والضرر . م ١٧٤ مدني . صحيح . النعي بأن خطأ المجني عليه هو السبب المنتج الفعال في إحداث الضرر . على غير أساس . علة ذلك.
(٨) تعويض "تعيين عناصر الضرر" "تقدير التعويض: سلطة محكمة الموضوع في تقديره".
التعويض عن الضرر . استقلال قاضي الموضوع بتقديره . تعيين العناصر الضرر والتي تدخل في حساب التعويض . من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض .. قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض دون بيان عناصر الضرر التي أدخلها في حسابه عند تقديره . قصور .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادتين ٥٢ ، ٥٣ من القانون المدني يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يُعبر عنها نائبها وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات فضلاً عن أهليتها للتقاضي وذلك وفقاً للقواعد وفي الحدود المقررة لسند إنشائها، ويتعين بالتالي أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري في مواجهة النائب القانوني عنه الذي يحدده سند إنشائه بحيث لا يُحاج بأية إجراءات أو تصرفات قانونية توجه إلى غيره .
٢- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد النص في المادتين الأولى والرابعة من قانون الحكم المحلي الصادر برقم ٤٣ لسنة۱۹۷۹المعدل بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٨١م أن المشرع جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات ، ولكل منها ذمة مالية خاصة بها، وحدد الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثيل الوحدة المحلية أمام القضاء، مما مقتضاه أن رئيس الوحدة المحلية يكون هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قبل الغير وأمام القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقاً لأحكام القانون، ولا ينال من ذلك منح القانون الشخصية الاعتبارية لوحدة المحافظة والتمثيل القانوني عنها للمحافظ إذ إنه لا يسلب رئيس الوحدة المحلية سلطاته التي منحه القانون إياها، ولا يعني السماح للمحافظ بالاشتراك مع الممثل القانوني للوحدات المحلية الأخرى في النيابة عنها أمام القضاء في مواجهة الغير.
٣- إن مفاد نص المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٧٠٧ لسنة ١٩٧٩ المعدل بالقرار رقم ٣١٤ لسنة ١٩٨٢ بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الحكم المحلي أنه تباشر الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها الأمور الآتية : .... تطبيق وتنفيذ القوانين واللوائح المتعلقة بتراخيص المحال الصناعية والتجارية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة .
٤- إذ كان الثابت بالأوراق أن الحادث محل المطالبة بالتعويض ( انفجار أنبوب غاز ) قد وقع بدائرة الوحدة المحلية لمركز ومدينة رشيد فإن رئيسها هو وحده صاحب الصفة - دون غيره - في تمثيل وحدته المحلية في هذا النزاع أمام القضاء وفي مواجهة الغير باعتبار أن إدارة الرقابة والإشراف على المحال الصناعية وإصدار التراخيص والأمن الصناعي تابعون له، ولما كان الطاعنان بصفتيهما قد تمسكا أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للطاعن الأول بصفته ( محافظ البحيرة ) ، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع وألزمهما بالتعويض على قالة إن قسم التراخيص والأمن الصناعي تابعان للطاعنيْن بصفتيهما، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه .
٥- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص الخطأ الموجب لمسئولية جهة الإدارة وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله .
٦- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن رابطة السببية في المسئولية التقصيرية تقوم على الخطأ المنتج للضرر، وكان الخطأ المنتج هو ما كانت مساهمته لازمة في إحداث الضرر ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ آخر، فإذا ما تعددت الأخطاء اعتبرت أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً ولا ينفرد بتحملها الخطأ الأكبر وحده، ذلك أنه مهما كانت جسامه الخطأ الأشد فإنه لا يستغرق غيره من الأخطاء المستقلة إلا إذا كان كافياً لإحداث النتيجة بالصورة التي تمت بها مستغنياً بذاته عن مساهمة الأخطاء الأخرى.
٧- إذ كانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية خلصت إلى مفاد المادتين ٢ ، ١٢ من القانون رقم ٤٥٣ لسنة ١٩٩٤ المعدل بشأن المحال الصناعية والتجارية أنه أناط بجهة الإدارة التي يمثلها الطاعن الثاني مسئولية الرقابة والإشراف على المحال الصناعية عن طريق موظفي قسم التراخيص والأمن الصناعي وضبط المخالف منها وغلقه أو وقفه إدارياً بموجب قرار واجب النفاذ ، وأن امتناع من لهم حق الضبطية القضائية من موظفي التراخيص والأمن الصناعي التابعين للطاعن الثاني بصفته يعتبر خطأ يترتب عليه المسئولية، ومن ثم فإن الطاعن الثاني مسئول عن أعمال تابعيه عملاً بالمادة ١٧٤ من القانون المدني، وكان هذا الخطأ المتمثل في الإهمال في الرقابة والإشراف نتج عنه الانفجار الذي تسبب في وفاه مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها، وتوافرت رابطة السببية بين الخطأ والضرر، وإذ لو لا خطأ قسم التراخيص والأمن الصناعي وإهمالهم في أداء واجباتهم ما كان الضرر الذي أصاب مورث المطعون ضدها، ورتبت على ذلك قضاءها بإلزام الطاعن الثاني بصفته بالتعويض الذي قدرته، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون بعد أن بين الحكم المطعون فيه الخطأ الجسيم الذي وقع من جهة الإدارة ، ورابطة السببية بين هذا الخطأ التقصيري الذي وقع من تابعي الطاعن الثاني بصفته وما أصاب مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها، وكان هذا الخطأ منتج للضرر ولازم في إحداثه ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ مستأجر المحل، وإنما تعتبر أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً، ولا ينفرد بتحملها خطأ مستأجر المحل وحده مهما كانت جسامته، لأنه لا يستغرق خطأ تابعي الطاعن الثاني إذ إن تلك الأخطاء ساهمت مجتمعة في إحداث النتيجة في الصورة التي تمت بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه (أن خطأ المجني عليه هو السبب المنتج الفعال في إحداث الضرر) يكون على غير أساس .
٨- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان تقدير التعويض عن الضرر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض . إذ كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأنه مع مراعاة الظروف الملابسة والمضرورين، وقضى بالتعويض المادي والأدبي والموروث الذي قدره دون أن يبين عناصر الضرر التي أدخلها الحكم في حسابه عند تقدير التعويض، فإنه يكون مشوباً بالقصور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكـمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ محمـد فاروق، والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعن فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها أقامت على الطاعنيْن بصفتيهما الدعوى رقم ...... لسنة ٢٠٠٤ محكمة دمنهور الابتدائية " مأمورية رشيد " بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا لها مبلغ مليون جنيهٍ تعويضاً مادياً وأدبياً وما يستحقونه من تعويض موروث عن وفاة مورثهما إثر انفجار أنبوب غاز بأحد المحلات الخاضعة لرقابة الطاعنيْن . حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بحكم استأنفته المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها برقم ١٧٠٦ لسنة ٦١ ق الإسكندرية " مأمورية دمنهور" . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنيْن بالتعويض الذي قدرته . طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرِضَ الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد ينعي الطاعنان بالوجه الأول منه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بإلزامهما بالتعويض رغم انتفاء صفة الطاعن الأول في النزاع لوقوع الحادث بمدينة رشيد التابعة للطاعن الثاني باعتباره الممثل القانوني لها، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادتين ٥٢ ، ٥٣ من القانون المدني يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يُعبر عنها نائبها وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات فضلاً عن أهليتها للتقاضي وذلك وفقاً للقواعد وفي الحدود المقررة لسند إنشائها، ويتعين بالتالي أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري في مواجهة النائب القانوني عنه الذي يحدده سند إنشائه بحيث لا يُحاج بأية إجراءات أو تصرفات قانونية توجه إلى غيره، وكان النص في المادة الأولى من قانون الحكم المحلي الصادر برقم ٤٣ لسنة۱۹۷۹ المعدل بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٨١ على أن " وحدات الحكم المحلي هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ، ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية "، وأن النص في المادة الرابعة من ذات القانون على أن" يُمثل المحافظة محافظها كما يُمثل كل وحدة من وحدات الحكم المحلي الأخرى رئيسها وذلك أمام القضاء وفي مواجهة الغير " فإن مفاد ذلك أن المشرع جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات، ولكل منها ذمة مالية خاصة بها، وحدد الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثيل الوحدة المحلية أمام القضاء، مما مقتضاه أن رئيس الوحدة المحلية يكون هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قبل الغير وأمام القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقاً لأحكام القانون، ولا ينال من ذلك منح القانون الشخصية الاعتبارية لوحدة المحافظة والتمثيل القانوني عنها للمحافظ إذ إنه لا يسلب رئيس الوحدة المحلية سلطاته التي منحه القانون إياها، ولا يعني السماح للمحافظ بالاشتراك مع الممثل القانوني للوحدات المحلية الأخرى في النيابة عنها أمام القضاء في مواجهة الغير. لما كان مفاد نص المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٧٠٧ لسنة ١٩٧٩ المعدل بالقرار رقم ٣١٤ لسنة ١٩٨٢ بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الحكم المحلي أن تباشر الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها الأمور الآتية .... تطبيق وتنفيذ القوانين واللوائح المتعلقة بتراخيص المحال الصناعية والتجارية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ... ، وكان الثابت بالأوراق أن الحادث محل المطالبة بالتعويض قد وقع بدائرة الوحدة المحلية لمركز ومدينة رشيد فإن رئيسها هو وحده صاحب الصفة - دون غيره - في تمثيل وحدته المحلية في هذا النزاع أمام القضاء وفي مواجهة الغير باعتبار أن إدارة الرقابة والإشراف على المحال الصناعية وإصدار التراخيص والأمن الصناعي تابعون له، ولما كان الطاعنان بصفتيهما قد تمسكا أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للطاعن الأول بصفته، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع وألزمهما بالتعويض على قالة إن قسم التراخيص والأمن الصناعي تابعان للطاعنيْن بصفتيهما، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، بما يوجب نقضه جزئياً فيما قضى به من إلزام الطاعن الأول بصفته بالتعويض المقضي به.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بالتعويض رغم انتفاء خطأ قسم التراخيص والأمن الصناعي، وانقطاع رابطة السببية بين الخطأ والضرر، وأن السبب المنتج الفعال الذي أدى إلى وفاة مورث المطعون ضدها هو خطأ الغير - مستأجر محل الحديد - الذي وقع به انفجار أنبوب الغاز وفقاً لما ثبت بمحضر الحادث وتقرير الدفاع المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك النظر والتفت عن ذلك الدفاع، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص الخطأ الموجب لمسئولية جهة الإدارة وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولما كانت رابطة السببية في المسئولية التقصيرية تقوم على الخطأ المنتج للضرر، وكان الخطأ المنتج هو ما كانت مساهمته لازمة في إحداث الضرر ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ آخر، فإذا ما تعددت الأخطاء اعتبرت أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً ولا ينفرد بتحملها الخطأ الأكبر وحده، ذلك أن - قضاء هذه المحكمة - جرى على أنه مهما كانت جسامه الخطأ الأشد فإنه لا يستغرق غيره من الأخطاء المستقلة إلا إذا كان كافياً لإحداث النتيجة بالصورة التي تمت بها مستغنياً بذاته عن مساهمة الأخطاء الأخرى . لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية خلصت إلى مفاد المادتين ٢ ، ١٢ من القانون رقم ٤٥٣ لسنة ١٩٩٤ المعدل بشأن المحال الصناعية والتجارية أنه أناط بجهة الإدارة التي يمثلها الطاعن الثاني مسئولية الرقابة والإشراف على المحال الصناعية عن طريق موظفي قسم التراخيص والأمن الصناعي وضبط المخالف منها وغلقه أو وقفه إدارياً بموجب قرار واجب النفاذ ، وأن امتناع من لهم حق الضبطية القضائية من موظفي التراخيص والأمن الصناعي التابعين للطاعن الثاني بصفته يعتبر خطأ يترتب عليه المسئولية، ومن ثم فإن الطاعن الثاني مسئول عن أعمال تابعيه عملاً بالمادة ١٧٤ من القانون المدني، وكان هذا الخطأ المتمثل في الإهمال في الرقابة والإشراف نتج عنه الانفجار الذي تسبب في وفاه مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها، وتوافرت رابطة السببية بين الخطأ والضرر، وإذ لو لا خطأ قسم التراخيص والأمن الصناعي وإهمالهم في أداء واجباتهم ما كان الضرر الذي أصاب مورث المطعون ضدها، ورتبت على ذلك قضاءها بإلزام الطاعن الثاني بصفته بالتعويض الذي قدرته، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون بعد أن بين الحكم المطعون فيه الخطأ الجسيم الذي وقع من جهة الإدارة ، ورابطة السببية بين هذا الخطأ التقصيري الذي وقع من تابعي الطاعن الثاني بصفته وما أصاب مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها، وكان هذا الخطأ منتج للضرر ولازم في إحداثه ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ مستأجر المحل، وإنما تعتبر أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً، ولا ينفرد بتحملها خطأ مستأجر المحل وحده مهما كانت جسامته، لأنه لا يستغرق خطأ تابعي الطاعن الثاني إذ إن تلك الأخطاء ساهمت مجتمعة في إحداث النتيجة في الصورة التي تمت بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث من سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بالتعويض دون أن يبين عناصر الضرر التي أدخلها في حساب التعويض، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه ولئن كان تقدير التعويض عن الضرر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأنه مع مراعاة الظروف الملابسة والمضرورين، وقضى بالتعويض المادي والأدبي والموروث الذي قدره دون أن يبين عناصر الضرر التي أدخلها الحكم في حسابه عند تقدير التعويض، فإنه يكون مشوباً بالقصور، بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص.

الطعن 18219 لسنة 83 ق جلسة 6 / 1 / 2020 مكتب فني 71 ق 11 ص 92

جلسة ٦ من يناير سنة ٢٠٢٠
برئاسة السيد القاضي / يحيى جلال نائب رئيس المحكمـة وعضوية السادة القضـاة / مجدي مصطفى، وائل رفاعي، رفعت هيبـة وياسر فتح الله العكازي" نواب رئيس المحـكمة "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(11)
الطعن 18219 لسنة 83 ق
(١ــ٣) إثبات " طرق الإثبات : اليمين الحاسمة : حجيتها " . طعن " الأحكام الغير جائز الطعن فيها : الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة " . محكمة الموضوع " سلطتها بشأن اليمين الحاسمة " .
(١) اكتساب الحكم الصادر بناءً على اليمين الحاسمة قوة الأمر المقضي المانعة من الطعن فيه . شرطه . التزام القاضي بحجيتها فيما انصبت عليه وحسمته . إهداره حجيتها وعدم إعماله أثرها . أثره . قابلية حكمه للطعن فيه . علة ذلك . مخالفة الحكم المطعون فيه حجية اليمين الحاسمة التي حلفها الطاعن وعدم الحكم بمقتضاها . مؤداه . قابليته للطعن فيه . م ١١٧ إثبات .
(٢) اليمين الحاسمة المستوفية شرائطها . إخراجها الدعوى من سلطان القضاء . أثره . وجوب التزام القاضي بتوجيهها والحكم بمقتضاها . علة ذلك . المادتان ١١٤ ، ١١٧ إثبات .
(٣) ثبوت إيراد الحكم المطعون فيه بمدوناته حلف الطاعن اليمين الحاسمة المقضي بتوجيهها إليه . لازمه . وجوب القضاء لصالحه . إهداره حجيتها بمنطوقه مرتبًا على حلفها أثرَ النكولِ عنها . مخالفة للقانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- إنَّ النصَ في المادة ١١٧ من قانون الإثبات على أنَّه " لا يجوز للخصم أن يُثْبِتَ كذبَ اليمين بعد أن يؤديَها الخصمُ الذي وجهت إليه أو ردت عليه .... " يدل على أنَّ ثبوت قوة الأمر المقضي للحكم الصادر بناءً على اليمين الحاسمة التي استوفت شرائطها ، بحيث لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن في الأحكام ، رهينٌ بالتزام القاضي بحجية اليمين ، فيما انصبت عليه وحسمته ، فإنْ أهدر حجيتها ولم يعملْ أثرها ، كان حكمُه قابلًا للطعن فيه ، باعتبار أنَّ هذه الحجية ، هي علة اكتساب الحكم الصادر بناءً على اليمين الحاسمة قوةَ الأمر المقضي وتمنعُ الطعن فيه . وإذ خالف الحكمُ المطعونُ فيه حجية اليمين الحاسمة التي حلفها الطاعن ، ولم يحكم بمقتضاها ، فإنَّه يكون قابــلًا للطعن فيه .
٢- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنَّ مؤدى نص المادتين ١١٤ ، ١١٧ من قانون الإثبات أنَّ اليمين الحاسمة التي استوفت شرائطها ، تُخرج الدعوى من سلطان القضاء ، فلا يملك القاضي إلَّا أنْ يُوَجِّهَهَا ويحكمَ بمقتضاها ، ذلك أنَّ المشرع قد حرمه من كل سلطة تقديـريـة في هذا الشأن ، فلا يملك إلَّا أنْ يقضيَ في الدعوى على مقتضى الحلف أو النكول .
٣- إذ كان الحكمُ المطعونُ فيه بعـد أنْ أورد بمدوناته ، أنَّ الطاعنَ قد حلف اليمينَ الحاسمةَ التي قضى الحكم الصادر بتاريخ .... بتوجيهها إليه ، بأنه لم يتسلم من المطعون ضده المبلغَ المطالبَ به ، بما كان يوجب أن يقضي لصالح الطاعن ، إلَّا أنه عاد وأهدر حجيةَ اليمينِ الحاسمة في منطوقه ، ورتَّبَ على حلفِها أثرَ النكولِ عنها ، مما يعيبـه بمخالفة القانون والتناقض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي / رفعت هيبة " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة ، وبعد المداولة .

حيث إنَّ الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أنَّ الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم ٤٧٣٦ لسنة ٢٠١٠ مدني كلي الإسكندرية ، بطلب إلزامه بأداء مبلغ ٢٥٩٩٢٦ جنيه ، على سند أنَّه يداينه بهذا المبلغ بموجب خمسة شيكات بنكية . ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات ، بحكمٍ استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم ١٢٥٢ لسنة ٦٨ ق الإسكندرية ، وجه المطعونُ ضده للطاعن اليمين الحاسمة ، بأنه لم يتسلم مبلغ المطالبة كاملًا ، وبعد أنْ حلفها الطاعنُ ، حكمت المحكمة بتاريخ ١٨/٩/٢٠١٣ بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى . طعن الطاعنُ على هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابةُ مذكرةً أبدت فيها الرأي أصليًّا بعدم جواز الطعن واحتياطيًّا بنقض الحكم المطعون فيه . وإذ عُرض الطعنُ على هذه المحكمة ، في غرفة مشورة ، حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث إنَّ النيابة دفعت بعدم جواز نظر الطعن ، لصدور الحكم المطعون فيه ، بناءً على اليمين الحاسمة .
وحيث إنَّ هذا الدفع غيرُ سديدٍ ، ذلك بأنَّ النصَ في المادة ١١٧ من قانون الإثبات على أنَّه " لا يجوز للخصم أن يُثْبِتَ كذبَ اليمين بعد أن يؤديَها الخصمُ الذي وجهت إليه أو ردت عليه ..... " يدل على أنَّ ثبوت قوة الأمر المقضي للحكم الصادر بناءً على اليمين الحاسمة التي استوفت شرائطها ، بحيث لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن في الأحكام ، رهينٌ بالتزام القاضي بحجية اليمين ، فيما انصبت عليه وحسمته ، فإنْ أهدر حجيتها ولم يعملْ أثرها ، كان حكمُه قابلًا للطعــن فيـــه ، باعتبار أنَّ هذه الحجية ، هي علة اكتساب الحكم الصادر بناءً على اليمين الحاسمة قوةَ الأمر المقضي وتمنعُ الطعن فيه . وإذ خالف الحكمُ المطعونُ فيه حجية اليمين الحاسمة التي حلفها الطاعن ، ولم يحكم بمقتضاها ، فإنَّه يكون قابلًا للطعن فيه .
وحيث إنَّ الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إنَّ الطعن أقيم على سببٍ واحدٍ ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه بالتناقض بين أسبابه ومنطوقه ، إذ أورد بأسبابه بخسران المطعون ضده استئنافه أثر حلف الطاعن اليمين الحاسمة ، إلَّا أنَّه انتهى في منطوقه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الأخير ، مما يعيبه ، ويستوجب نقضه .
وحيث إنَّ هذا النعي في محله ، ذلك بأنَّ مؤدى نص المادتين ١١٤ ، ١١٧ من قانون الإثبات أنَّ اليمين الحاسمة التي استوفت شرائطها ، تُخرج الدعوى من سلطان القضاء ، فلا يملك القاضي إلَّا أنْ يُوَجِّهَهَا ويحكمَ بمقتضاها ، ذلك أنَّ المشرع قد حرمه من كل سلطة تقديرية في هذا الشأن ، فلا يملك إلَّا أنْ يقضيَ في الدعوى على مقتضى الحلف أو النكول . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكمُ المطعونُ فيه بعـد أنْ أورد بمدوناته ، أنَّ الطاعنَ قد حلف اليمينَ الحاسمةَ التي قضى الحكم الصادر بتاريخ ٢٢/٥/٢٠١٣ بتوجيهها إليه ، بأنه لم يتسلم من المطعون ضده المبلغَ المطالبَ به ، بما كان يوجب أن يقضي لصالح الطاعن ، إلَّا أنه عاد وأهدر حجيةَ اليمينِ الحاسمة في منطوقه ، ورتَّبَ على حلفِها أثرَ النكولِ عنها ، مما يعيبـه بمخالفة القانون والتناقض، بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالحٌ للفصل فيه ، ولِما تقدم ، يتعين تأييد الحكم المستأنف .