الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 ديسمبر 2021

الطعن 120 لسنة 26 ق جلسة 30 / 3 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 38 ص 272

جلسة 30 من مارس سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، وفرج يوسف، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.

------------------

(38)
الطعن رقم 120 لسنة 26 القضائية

إعلان "الشخص الذي يوجه إليه الإعلان" "الإعلان في مواجهة النيابة".
عدم جواز إعلان الأوراق القضائية في النيابة إلا بعد القيام بالتحريات الكافية التي تلزم كل باحث مجد. مثال...

----------------
إعلان الأوراق القضائية في النيابة بدلاً من إعلانها لشخص أو في محل إقامة المعلن إليه إنما أجازه القانون على سبيل الاستثناء ولا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام طالب الإعلان بالتحريات الكافية التي تلزم كل باحث مجد للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه، وإذن فمتى كان الثابت أن المطعون عليه كان متخذاً له في الاستئناف محلاً مختاراً وأن الطاعنة ذكرت في تقرير الطعن محل إقامته وبعد أن صدر قررا الإحالة طلبت إعلان ورثته في عنوان لا أصل له في الأوراق ولما وردت بغير إعلان لجأت الطاعنة مباشرة إلى إعلانهم بالطعن في النيابة بحجة أنه غير معلوم لهم محل إقامة بالجمهورية - دون أن تبذل أي جهد في سبيل الاهتداء إلى محل إقامة المطلوب إعلانهم - فإن هذا الإعلان يكون قد وقع باطلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده كان يعمل فرازاً لدى الشركة الطاعنة وفي 4 من مايو سنة 1954 أخطرته هذه الشركة بالفصل بسبب اعتلال صحته وتقدمه في السن فلجأ إلى قاضي الأمور المستعجلة طالباً وقف تنفيذ قرار الفصل وقضى له بذلك وأغفل القاضي إحالة الموضوع إلى المحكمة المختصة فرفعت الشركة الدعوى رقم 1008 سنة 1954 كلي المنصورة طالبة الحكم بإنهاء وفسخ عقد العمل الفردي المبرم بينها وبين المطعون ضده في 16 إبريل سنة 1953 على أن تدفع هي له ما يستحقه من مكافأة وقدرها 249 ج و478 م وأقام المطعون ضده بدوره الدعوى رقم 1054 سنة 1954 كلي المنصورة ضد الشركة الطاعنة طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 4757 ج و998 م قيمة ما يستحقه من مكافأة وحصته في صندوق الادخار وتعويض عن فصله بغير مبرر وقررت المحكمة الابتدائية ضم الدعويين ثم قضت بتاريخ 30 مارس سنة 1955 - أولاً - في الدعوى رقم 1008 سنة 1954 باعتبار العقد المؤرخ 16 إبريل سنة 1953 منتهياً - ثانياً - في الدعوى 1054 سنة 1954 باعتبار مبدأ عمل المدعي لدى الشركة المدعى عليها هو أو يونيه سنة 1940 وبرفض طلب مرتب الخمسة أشهر المنتهية في مايو سنة 1955 والتعويض عن الفسخ بغير مبرر - ثالثاً - وقبل الفصل في باقي الطلبات في الدعويين بالإحالة إلى التحقيق لإثبات ونفي ما دون بمنطوق هذا الحكم وبتاريخ 15 يونيه سنة 1955 قضت المحكمة بإلزام الشركة المدعى عليها في الدعوى رقم 1054 سنة 1954 كلي المنصورة بأن تؤدي للمدعي مبلغ 838 ج و172 م والمصاريف المناسبة وفي الدعوى رقم 1008 سنة 1954 كلي المنصورة ببراءة ذمة الشركة المدعية فيما عدا المبلغ المذكور ورفع المطعون ضده استئنافاً عن حكم 30 مارس سنة 1955 قيد برقم 194 سنة 7 ق ثم استأنف حكم 15 يونيه سنة 1955 بالاستئناف رقم 255 سنة 7 ق كما رفعت الشركة بتاريخ 10 يوليه سنة 1955 استئنافاً عن الحكمين قيد برقم 254 سنة 7 ق وبتاريخ 9 من فبراير سنة 1956 قضت محكمة استئناف المنصورة - أولاً - بسقوط حق الشركة في الاستئناف المرفوع منها عن الحكم الصادر في 30 مارس سنة 1955 شكلاً وبقبول الاستئناف المرفوع منها عن الحكم الصادر في 15 يونيه سنة 1955 شكلاً - ثانياً - بقبول الاستئنافين المرفوعين عن هذين الحكمين من جورج جات المطعون ضده شكلاً. ثالثاً - في الموضوع برفض الاستئنافات الثلاثة. وتأييد الحكمين المستأنفين وإلزام كل من الطرفين بمصاريف استئنافه والمقاصة في أتعاب المحاماة - وفي 8 مارس سنة 1956 طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض طالبة نقضه والقضاء في استئنافها رقم 254 سنة 7 قضائية بقبوله شكلاً باعتباره استئنافاً فرعياً وبإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف المنصورة لنظر موضوع الاستئناف المذكور بكافة ما تضمنته صحيفته من طعن على الحكمين المستأنفين وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 21 من يونيه سنة 1960 إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 16 من مارس سنة 1961 وفيها صممت النيابة على الدفع الذي أبدته في مذكرتها الأخيرة بعدم قبول الطعن شكلاً لبطلان إعلان ورثة المطعون ضده بالطعن.
وحيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً لبطلان إعلان ورثة المطعون عليه بالطعن وذلك لعدم اشتمال ورقة الإعلان على بيان آخر موطن معلوم لهؤلاء الورثة أو لمورثهم في مصر أو في الخارج ولخلو الأوراق مما يدل على أن الطاعنة قامت بالتحري عن موطن الورثة قبل تسليم صورة الإعلان للنيابة.
وحيث إنه يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أن الطاعنة طلبت إعلان ورثة المطعون ضده وهم أرملته السيدة كوين جات والسيدة ماري كيتي جات بشارع السلطان سليم رقم 9 بملك الامشاطى المنصورة ولما ردت إليها الأوراق بغير إعلان وعليها إجابة من شيخ القسم تقيد عدم الاستدلال على المطلوب إعلانهما في العنوان المذكور وأنه لا يعلم لهما محل إقامة آخر قامت الطاعنة بإعلان هذين الوارثين في النيابة واقتصرت في ورقة الإعلان على ذكر أنهما غير معلوم لهما محل إقامة بالجمهورية العربية المتحدة ولما كان إعلان الأوراق القضائية في النيابة بدلاً من إعلانها لشخص أو في محل إقامة المعلن غليه إنما أجازه القانون على سبيل الاستثناء ولا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية التي تلزم كل باحث مجد للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه فلا يكفي أن ترد الورقة بغير إعلان ليسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائي وكان الثابت أن المطعون عليه كان متخذاً له في الاستئناف محلاً مختاراً هو مكتب محاميه الأستاذ أحمد عبد اللطيف بالمنصورة وأن الشركة الطاعنة ذكرت في تقرير الطعن أن محل إقامة المطعون عليه هو شارع صعب ملك عبد الغني الإمام بالمنصورة وبعد أن صدر قرار الإحالة طلبت الطاعنة إعلان ورثة المطعون عليه بشارع السلطان سليم رقم 9 بالمنصورة وهو عنوان لا أصل له في الأوراق ولما ردت الأوراق بغير إعلان لجأت الطاعنة مباشرة إلى إعلانهم بالطعن في النيابة بحجة أنه غير معلوم لهما محل إقامة بالجمهورية العربية المتحدة، وكانت الأوراق خلواًً مما يثبت أن الطاعنة بذلت أي جهد في سبيل الاهتداء إلى محل إقامة المطلوب إعلانهما قبل أن توجه الإعلان إليهما في النيابة فإن هذا الإعلان يكون قد وقع باطلاً وينبني على بطلانه عدم قبول الطعن شكلاً.

الطعن 363 لسنة 26 ق جلسة 30 / 3 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 40 ص 280

جلسة 26 من إبريل سنة 1962

برياسة السيد المستشار محمد متولى عتلم، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسى.

-----------------

(79)
الطعن رقم 363 لسنة 26 القضائية

نقل. "نقل الأشخاص". "الالتزام بسلامة الراكب". التزام "الخطأ العقدي" "الالتزام بتحقيق غاية". إثبات. مسئولية.
(أ، ب) عقد نقل الأشخاص يلقى على عاتق الناقل التزاما بضمان سلامة الراكب. التزام بتحقيق غاية. يكفى الراكب إثبات إصابته أثناء تنفيذ العقد ويعتبر هذا إثباتا لإخلال الناقل لالتزامه وقيام مسئوليته عن الضرر الناشئ عن الإصابة بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه. لا ترتفع هذه المسئولية إلا بالقوة القاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ من الغير لم يكن في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه، متى كان هذا الخطأ وحده هو سبب الضرر الحادث للراكب.

--------------
1 - إن عقد نقل الأشخاص يلقى على عاتق الناقل التزاما بضمان سلامة الراكب، بمعنى أن يكون ملتزما بتوصيله إلى الجهة المتفق عليها سليما، وهو التزام بتحقيق غاية بحيث إذا أصيب الراكب فانه يكفى أن يثبت أنه أصيب أثناء تنفيذ عقد النقل ويعتبر هذا منه إثباتا لعدم قيام الناقل بالتزامه، ومن ثم تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه.
2 - لا ترتفع مسئولية الناقل عن سلامة الراكب إلا إذا أثبت هو - أى الناقل - أن الضرر (الحاصل للراكب) قد نشأ عن قوة قاهرة أو عن خطأ من المضرور أو عن خطأ من الغير، على أنه يشترط في خطأ الغير الذى يعفى الناقل من المسئولية إعفاء كاملا ألا يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحده هو سبب الضرر. فاذا كانت الوقائع التي أوردها الحكم لا يبين منها أن مصلحة السكك الحديدية لم يكن في مقدورها توقع خطأ الغير (محاولة تهريب مواد متفجرة في القطارات وإلقائها) الذى سبب إصابة الراكب، أو منع هذا الخطأ، بل كان من الممكن توقعه وتفاديه باتخاذها الاحتياطات الكفيلة بمنع نقل المواد المتفجرة ومنع إلقائها، فان هذا الخطأ من الغير لا يعفى الناقل (مصلحة السكك الحديدية) من المسئولية إعفاء كليا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن - تتحصل في انه في 21 من أغسطس سنة 1950 حدث انفجار بقطار الركاب رقم 265 القادم من مرسى مطروح إلى الإسكندرية نتيجة إلقاء أحد الركاب بستة أجولة بها مواد متفجرة (جلجنيت) من القطار أثناء سيره فسقط أحدها تحت العجلات ومرت عليه فحدث الانفجار الذى أودى بحياة بنت المطعون عليهما التي كانت من بين ركاب ذلك القطار - فأقام المطعون عليهما الدعوى رقم 1036 سنة 1951 كلي الإسكندرية ضد الطاعنين وطلبا إلزامهما بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه تعويضا لهما عما أصابهما من أضرار نتيجة لخطأ الطاعنين الذى يتمثل في إهمال رجال السكة الحديدية في الإشراف على سلامة الركاب وفى العمل على منع نقل المواد المتفجرة في القطارات ولاسيما قطارات الركاب القادمة من الصحراء الغريبة لسابقة تهريب المواد المتفجرة بها وحدوث انفجارات فيها وقالا إن مسئولية مصلحة السكة الحديدية في هذه الحالة مسئولية تعاقدية تترتب على عقد النقل - وبتاريخ 18 من فبراير سنة 1953 حكمت المحكمة الابتدائية بالزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون عليهما مبلغ ألفى جنيه والمصروفات المناسبة فاستأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 189 الحكم بالاستئناف رقم 189 سنة 9 ق الإسكندرية وأسسا استئنافهما على ما كانا قد دفعا به أمام محكمة أول درجة من أنه لم يقع خطأ من جانبهما وأن الحادث وقع نتيجة خطأ من الغير وأن من شأن هذا الخطأ أن يرفع المسئولية عنهما سواء عرفت شخصية هذا الغير أو لم تعرف وبتاريخ 29 من فبراير سنة 1956 حكمت محكمة استئناف الإسكندرية بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنان في هذا الحكم الاستئنافي بطريق النقض وذلك بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة تاريخه 16 من يوليه سنة 1956 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21 من ديسمبر سنة 1960 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم وقررت دائرة الفحص في تلك الجلسة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات حدد لنظره أخيرا جلسة 29/ 3/ 1962 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه في سببين يتحصل أولهما في مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه قضى بمسئولية مصلحة السكة الحديدية عن الضرر رغم ما ثبت من أن هذا الضرر إنما ترتب على فعل الغير الذى ألقى بأجولة من المتفجرات من القطار وقد أسس الحكم قضاءه على أن المصلحة كان يمكنها تفادى الحادث لو أنها شددت الرقابة لمنع هذا الغير من إلقاء الأجولة ويقول الطاعنان إن المسئولية سواء كانت تعاقدية أو تقصيرية يجب أن يتوافر لقيامها ثلاثة أركان هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما وعلاقة السببية هذه تنتفى بوجود السبب الأجنبي وان الثابت هو أن مصرع ابنة المطعون عليهما قد نتج عن إلقاء أحد الركاب أجولة بها مادة متفجرة فانفجر أحدها وهذا هو السبب المباشر للحادث وهو خطأ من هذا الراكب الذى لم يعرف وليس من الضروري أن يكون الغير معروفا ما دام الدليل قد قام على أن الحادث كان من بين أسبابه خطأ صدر من شخص ثالث لم يعرف أما قول الحكم بأن المصلحة قد أخطأت فانه فضلا عن انه قول مرسل ملقى على عواهنه فانه بفرض حصول هذا الخطأ فليس هو السبب المباشر أو المنتج إذ لو أن المصلحة كانت قد عينت العديد من المفتشين كما قالت محكمة الموضوع فان ذلك لم يكن من المحتمل أن يمنع الحادث إذ ليس في وسع هؤلاء المفتشين ولا من سلطتهم تفتيش أمتعة الركاب لأن التفتيش لا يجوز إلا في الأحوال المعينة في القانون ولا يجوز الالتجاء إليه لاكتشاف الجرائم فالحكم المطعون فيه إذ قضى بالتعويض على أساس أن المصلحة لم تحاول منع الحادث ثم كيف هذا الامتناع بأنه خطأ مع أنه في الواقع ليس خطأ على الإطلاق ولو كان خطأ فانه خطأ عارض غير منتج تنتفي به علاقة السببية بين الخطأ والضرر - فان الحكم يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أنه "لا خلاف في أن تصوير الحادث هو أن أحد الركاب ألقى من القطار ستة أجولة جاءت خمسة منها بعيدة عن عجلات القطار وسقط السادس تحت القطار فمرت عليه العجلات فحصل الانفجار الذى أودى بحياة بنت المستأنف عليهما (المطعون عليهما) وحيث إنه من جهة مسئولية الناقل إزاء الراكب أهي مسئولية عقوبة أم مسئولية تقصيرية فقد أصبح من المفروغ منه الآن أن هذه المسئولية هي مسئولية عقدية ترتب على الناقل أن يوصل الراكب سليما وكل ما على الراكب أن يثبته هو أن الحادث وقع أثناء السفر دون أن يكلف إثبات سبب الحادث ولا علاقته بالسفر... إذ يعتبر الناقل متعهدا بنقل المسافر سليما وإلا اعتبر مسئولا مسئولية لا يرفعها عنه إلا أن يثبت أن الحادث يرجع إلى خطأ غير متوقع من المسافر أو من الغير أو إلى قوة قاهرة لا تتصل بمهمات النقل. وحيث إن مصلحة السكة الحديدية تعتمد في دفع المسئولية عنها على أن أحد الركاب قد ألقى جوالا به مواد متفجرة تحت عجلات القطار فمر عليها فحدث الانفجار الذى سبب الحادث... وحيث إنه من المشروط في خطأ الغير المعفى من المسئولية أن يكون غير متوقع ومن غير الممكن تفاديه. وحيث إن الواضح هنا أن الفعل الذى تسب عنه الحادث مباشرة هو إلقاء جوال به مواد متفجرة سقط تحت عجلات القطار وهذا الفعل متوقع الحصول قد احتملته لوائح السكة الحديدية فمنعته مقدما وحرمت على الركاب إلقاء شيء من القطار. والفعل أيضا كان من الممكن تفاديه لو أن عمال السكة الحديدية حاولوا أن يوقفوا هذا الراكب عن إلقاء الأجولة وظاهر أن إلقاءها لم يكن دفعة واحدة لأن هذا غير متصور ماديا وظاهر أيضا انه قد القيت خمسة قبل إلقاء الجوال الأخير الذى سقط تحت العجلات فسبب الحادث فلو أن أحدا من عمال السكة الحديدية أوقف الراكب عن سوء فعلته لما كان تمادى في الإلقاء حتى ألقى الجوال الأخير ولكن الظاهر من الأوراق انه لم يتعرض له أحد من عمال القطار فتمادى حتى القى الجوال الأخير.. وقد أسبغت القرارات على عمال المصلحة صفة الضبطية القضائية تمكينا لهم من مراقبة تنفيذ القرارات الخاصة بنظم السكة الحديدية ولا تستطيع المصلحة ان تتحلل من شرط عدم إمكان التفادي لقصور عدد عمالها عن إمكان مراقبة حركات الركاب ومنعهم عن الإتيان بعمل مخالف لأن قلة عدد العمال لا يمكن أن يندرج تحت شرط عدم إمكان التفادي وفى ظروف القضية لا يظهر أنه استحال على عمال المصلحة منع هذا الراكب من عملية الإلقاء لأنه لم يثبت أن أحدا منهم لاحظ فعلته أو حاول منعه فاستعصى عليه ذلك بل الثابت أنه لم يكن هناك أحد من عمال المصلحة حين قام هذا الراكب بإلقاء الأجولة ومن ثم فإن فعل الراكب هذا لا يمكن أن يندرج تحت خطأ الغير بشرائطه المطلوبة للإعفاء من المسئولية تلك المسئولية المشددة على أمين النقل" - وهذا الذى قرره الحكم وأقام عليه قضاءه صحيح في القانون ذلك أن عقد نقل الأشخاص يلقى على عاتق الناقل التزاما بضمان سلامة الراكب بمعنى أن يكون ملزما بأن يوصله إلى الجهة المتفق عليها سليما وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب فإنه يكفى أن يثبت أنه أصيب أثناء تنفيذ عقد النقل ويعتبر هذا منه إثباتا لعدم قيام الناقل بالتزامه فتقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ عن قوة قاهرة أو عن خطأ من الراكب المضرور أو خطأ من الغير ويشترط في خطأ الغير الذى يعفى الناقل من المسئولية إعفاء كاملا ألا يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحده هو الذى سبب الضرر للراكب ولما كانت الوقائع كما سجلتها محكمة الموضوع في حدود سلطتها الموضوعية لا يبين منها أن مصلحة السكة الحديدية لم يكن في مقدورها توقع خطأ الغير الذى سبب الانفجار ومنع هذا الخطأ بل إن محاولة تهريب المواد المتفجرة في القطار على النحو الذى فعله هذا الغير والذى أدى إلى الانفجار هو أمر كان في استطاعة المصلحة توقعه وبخاصة - كما قال الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - في القطارات القادمة من الصحراء حيث يتسع مجال تهريب المواد المتفجرة - كما كان في مقدور المصلحة أيضا تفادى عواقب هذا الفعل لو أنها اتخذت الاحتياطات الكفيلة بمنع نقل المواد المتفجرة في القطار ومنع إلقائها منه أثناء سيره ولا يهم ما قد تكبدها هذه الاحتياطات من مشقة ومال إذ طالما كان في الإمكان تفادى عواقب خطأ الغير بأية وسيلة فإن هذا الخطأ لا يعفى الناقل من المسئولية إعفاء كليا.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه في السبب الثاني التخاذل في التسبيب والقصور ذلك أنه استخلص نتائج من أسباب يستحيل عقلا أن تؤدى إليها فقد أقام الحكم قضاءه بمسئولية المصلحة على أن اللوائح تمنع الركاب من إلقاء أي شيء من القطار وكان من الممكن للمصلحة أن تتفادى ذلك لو كان عمالها قد أوقفوا هذا الراكب عن إلقاء الأجولة حالة أن مخالفة الراكب لهذا الحظر لا تدل إلا على أنه قد ارتكب خطأ بهذه المخالفة ولا تؤدى إلى تحميل المصلحة المسئولية عن هذا الخطأ أما قول الحكم بأنه كان في إمكان المصلحة منع وقوع هذا الخطأ فإنه قول غير مستساغ إذ لا يمكن للمصلحة أن تمنع المخالفات مهما شددت الرقابة ووضعت جنديا مع كل راكب والأخذ بقول الحكم في هذا الشأن يؤدى إلى أن تكون الحكومة مسئولة عن جميع الجرائم التى يرتكبها الأفراد.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن النتيجة التي انتهى إليها الحكم محمولة على أسباب قانونية وواقعية تؤدى إليها وليس في هذه الأسباب تخاذل أو قصود يعيبها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 534 لسنة 25 ق جلسة 30 / 3 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 42 ص 294

جلسة 30 من مارس سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، وفرج يوسف المستشارين.

-------------

(42)
الطعن رقم 534 لسنة 25 القضائية

التزام "مصادر الالتزام" "الإرادة المنفردة" "الوعد بجائزة".
عدم إيراد التقنين المدني الملغى نصاً يحكم الوعد بالجائزة باعتباره صورة من صور الالتزام الناشئ عن الإرادة المنفردة. رد الوعد إلى أحكام العقد التي توجب تلاقي القبول مع الإيجاب السابق عليه. لا خطأ.

----------
إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الوعد بالجائزة قد صدر من المطعون عليها بعد إدلاء الطاعن بمعلوماته وأن هذا الوعد يخضع في تكييفه للقانون المدني القديم الذي لا يعترف بالإرادة المنفردة باعتبارها منشئة للالتزام وأن ذلك يقتضي الرجوع إلى القواعد العامة لأحكام العقد التي توجب أن يتلاقى الإيجاب والقبول، لما كان ذلك وكان التقنين المدني الملغي لم يورد نصاً يحكم الوعد بالجائزة باعتباره صورة من صور الالتزام الناشئ عن الإرادة المنفردة ولم يكن من الممكن رد الوعد بالجائزة إلا إلى أحكام العقد التي توجب أن يتلاقى القبول مع الإيجاب السابق عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً إذ التزم هذا النظر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون عليها الدعوى رقم 139 سنة 1949 كلي القاهرة قال فيها إنه على إثر اغتيال المرحوم "أمين عثمان باشا" في مساء يوم 5 يناير سنة 1946 أعلن وزير الداخلية عن مكافأة قدرها خمسة آلاف جنيه لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى معرفة الجاني وشركائه في الجريمة وقد بادر هو إلى الإدلاء بشهادته التي أدت إلى القبض على الفاعل وهو "حسين توفيق أحمد" وكانت شهادته كما نوه الحكم الصادر من محكمة الجنايات - مفتاح القضية. ولذا طلب الحكم بإلزام المطعون عليها بأن تدفع له مبلغ خمسة آلاف جنيه قيمة المكافأة مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة والنفاذ. وبتاريخ 14 فبراير سنة 1952 قضت المحكمة للطاعن بطلباته مع قصر النفاذ على مبلغ ألف جنيه واستأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالقضية رقم 250 سنة 69 ق لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض دعوى المستأنف عليه - الطاعن - فيما زاد على مبلغ ألف جنيه وإلزامه المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 4 أبريل سنة 1953 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى مبلغ ألف جنيه بدلاً من الخمسة آلاف جنيه المحكوم بها ابتدائياً مع المصروفات المناسبة والمقاصة في أتعاب المحاماة. وأسست حكمها على أن الطاعن لا يستحق أصلاً المكافأة المعلن عنها لأنه أدلى بمعلوماته قبل صدور الوعد بالمكافأة ولم يكن قد علم بهذا الوعد ومن ثم لا ينعقد التزام الواعد قبله بالمكافأة لأن القبول لم يكن معاصراً أو لاحقاً للإيجاب تطبيقاً لأحكام القانون المدني القديم الذي نشأت في ظله واقعة الدعوى - ما المادة 162 من القانون المدني الجديد التي تقضي باستحقاق المكافأة التي يعلن عنها لكل من يدلي بالمعلومات الصادر بشأنها الوعد ولو لم يكن يعلم من أمر الوعد شيئاً فإنها لا تنطبق على واقعة الخصومة التي حصلت قبل التشريع المدني الجديد. هذا فضلاً عن أن استحقاق المكافأة بموجب النص المستحدث لا يتحقق إلا إذا كانت المعلومات التي تقدم بها الطاعن تؤدي بذاتها إلى الكشف عن الجاني أو كانت متضافرة مع معلومات غيره ممن تجمعه بهم رابطة الاتفاق والتعاون على تقديم المعلومات المؤدية إلى الغرض المطلوب. أما معلومات الطاعن فإنها لا تعدو أن تكون اشتباهاً في شخص الجاني الذي لولا تعرف شهود الحادث عليه لما ثبتت التهمة ولا علاقة بين الطاعن وبين هؤلاء الشهود. وما ذكرته المطعون عليها أمام المحكمة الابتدائية من أقوال عن أحقية الطاعن لجزء من المكافأة لا يعد إقراراً قضائياً بالمعنى المقصود قانوناً وبالرغم من ذلك فإن المطعون عليها حين استأنفت الحكم الابتدائي قصرت استئنافها على ما زاد عن مبلغ 1000 جنيه فيتعين الحكم بهذا المبلغ للطاعن. وبتاريخ 10 أكتوبر سنة 1955 قرر الطاعن بالطعن بالنقض في هذا الحكم طالباً نقضه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة مع إلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقدمت النيابة العامة مذكرة انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 13 أبريل سنة 1960 وفيها صدر القرار بإحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية وبتاريخ 2 مايو سنة 1960 أودع وكيل الطاعن صورة من تقرير الطعن مؤشراً عليها بقرار الإحالة ومعلنة للمطعون عليها في 27 أبريل سنة 1960 كما أودع مذكرة شارحة لأسباب الطعن وبتاريخ 18 مايو سنة 1960 أودع وكيل المطعون عليها مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ثم أودعت النيابة مذكرة صممت فيها على رأيها وأخيراً نظر الطعن أمام هذه الدائرة بجلسة 2 مارس سنة 1961.
ومن حيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تحصيل فهم الواقع في الدعوى ذلك أنه ركن إلى أن الإرادة المنفردة بإعلان الجائزة ليست مصدراً من مصادر الالتزام في ظل التقنين المدني القديم وأن الوعد بالجائزة يخضع للأحكام العامة المقررة للعقد ولا ينتج أثره إلا إذا صادف الإيجاب القبول في حين أن القضاء في ظل القانون المدني القديم قد أخذ بالإرادة المنفردة كمصدر للالتزام وأقر الوعد بالجائزة لاعتباره أمراً ملزماً وأن القانون المدني الجديد إنما قنن ما استقر عليه القضاء في ظل القانون القديم هذا فضلاً عن أنه قد ثبت من واقعة الدعوى أن الطاعن ظل يدلي بأقواله أمام النيابة إلى الساعة الخامسة من صباح يوم 6 يناير سنة 1946 أي إلى ما بعد ظهور الصحف التي نشرت الوعد بالجائزة مما يتعين معه اعتبار العقد إذا لزم هذا القول منعقداً وفد سلم الحكم نفسه بهذه الوقائع ولكنه أهدر مدلول الثابت بالأوراق بما قرره من أن القبول كان سابقاً على الإيجاب.
ومن حيث إن هذا النعي مردود - أولاً - بأن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أنه ثبت من دفاع طرفي الخصومة ومن أوراق الدعوى ومستنداتها أن الوعد بالجائزة صدر بعد أن أدلى الطاعن بمعلوماته وكان ذلك محمولاً على ما استخلصه من مذكرات الطاعن ومن تحقيقات النيابة وأوراق الدعوى ولما كان الطاعن لم يقدم صوراً رسمية من الأوراق التي ينعى على الحكم مخالفة الثابت فيها فإن النعي يكون عارياً عن الدليل. ومردود - ثانياً - بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما يخلص في أن الوعد بالجائزة قد صدر من المطعون عليها بعد إدلاء الطاعن بمعلوماته وأن هذا الوعد يخضع في تكييفه للقانون المدني القديم الذي لا يعترف بالإرادة المنفردة باعتبارها منشئة للالتزام وأن ذلك يقتضى الرجوع إلى القواعد العامة لأحكام العقد التي توجب أن يتلاقى الإيجاب والقبول. ولما كان التقنين المدني الملغى لم يورد نصاً يحكم الوعد بالجائزة باعتباره صورة من صور التزام ناشئ عن الإرادة المنفردة ولم يكن من الممكن رد الوعد بالجائزة إلا إلى أحكام العقد التي توجب أن يتلاقى القبول مع الإيجاب السابق عليه وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون صحيحاً.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ فهم الواقع وقضى على خلاف الثابت بالأوراق فيما قرره من أن أقوال الطاعن كانت مجرد شبهة لا تكفي وحدها في إدانة الجاني دون حاجة إلى أن تساندها باقي الأدلة في حين أن الثابت في التحقيقات وفي حكم محكمة الجنايات أن الطاعن هو أول من أدلى باسم المتهم الذي أعلنت الجائزة لمن يرشد عنه وهو الذي قال عنه هذا الحكم إنه كان مفتاح القضية وأن باقي الشهود لم يعينوا الجاني إلا بوصفه وأن هذا الوصف ينطبق على كثيرين فلم تكن أقوالهم لتؤدي إلى الاهتداء إليه.
ومن حيث إن النعي في هذا السبب غير منتج لما سبق بيانه في الرد على السبب الأول.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف مبدأ حياد القاضي إذ وصف دفاع المطعون عليها أمام المحكمة الابتدائية بأنه دفاع مضطرب مشوش وتجاهل تسليمها للطاعن بخمس المكافأة بمقولة إنها بهذا التسليم أخطأت التكييف القانوني في حين أن ما صدر منها هو إقرار قضائي ملزم ويتعين على المحكمة الأخذ به ما دام أن المقر لم يعدل عن إقراره لأي خطأ يدعيه وقد أدى خروج الحكم عن حياد القاضي إلى الخطأ في فهم الواقع كما أخطأ فيما قرره من أن الظروف المحيطة لم تكن تسمح للطاعن بالتعرف على ما يجرى خارج التحقيق خاصاً بصدور الوعد بالجائزة في حين أن الحكم لم يستند في ذلك إلى دليل من أوراق الدعوى.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد كيف الدعوى على وجهها الصحيح بما يقتضي عدم أحقية الطاعن في الجائزة وكانت المطعون عليها قد أقرت باستعدادها لأن تعطي الطاعن ألف جنيه وكان الحكم المطعون فيه قد أولى هذا الإقرار اعتباره واعتد به وجعله دعامة ما قضى به فإنه لا يكون للطاعن جدوى فيما ينعاه في هذا الخصوص ومردود في شقه الثاني بما رد به السبب الأول.
ومن حيث إن الطاعن ينعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون لأنه ألغى الحكم الابتدائي فيما قضى به من فوائد بمقولة إن الحق المقضى به محل نزاع في حين أن المبلغ محل الالتزام كان محدداً بالوعد بالجائزة فكان يتعين الحكم بالفوائد عنه من تاريخ المطالبة الرسمية على الأقل لأن الالتزام يقوم على مبلغ من النقود محدد المقدار ومستحق الأداء والقضاء به يعتبر مقرراً للحق لا منشئاً له.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن المادة 124 من القانون المدني القديم نصت على أنه "إذا كان المتعهد به عبارة عن مبلغ من الدراهم فتكون فوائده مستحقة من يوم المطالبة الرسمية فقط..." ومؤدى ذلك أنه يشترط لسريان الفوائد أن يكون المبلغ المطالب به محل التزام. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه على أن المطعون عليها غير ملزمة قبل الطاعن بوعدها بالجائزة وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم يؤدي إلى رفض الدعوى وأنه قد حال دون رفضها أن المطعون عليها قد قصرت استئنافها على ما زاد عن مبلغ ألف جنيه مما يخرج المبلغ المقضى به عن نطاق المادة 124 من القانون المدني القديم فإنه لا يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى في السبب الخامس على الحكم المطعون فيه أنه شرط لاستحقاق الجائزة أن يكون العمل المطلوب قد بلغ مرحلة الإتمام ومؤدياً في ذاته إلى النتيجة التي رمى إليها الواعد دون أن يبين ما يعنيه من هذا الإتمام حتى يكون الحكم على عمل الطاعن مؤسساً على قاعدة ثابتة خصوصاً وأن الطاعن قد أرشد عن الجاني وكانت أقواله في هذا الخصوص لا تحتاج من الأدلة ما يساندها وقد كانت بالغة مرحلة الإتمام طبقاً لصيغة الإعلان الصادر بالجائزة ومفادها "منح الجائزة لكل من يدلى بمعلومات تؤدي إلى معرفة الجاني" وقد كانت أقواله وافية بالغرض المطلوب إذ أدت إلى القبض على الجاني فوراً مما يجعل الحكم على غير مقتضى الواقع ومبنياً على استدلال غير سليم ومشوباً بالقصور فضلاً عن تناقضه في قضائه بالمبلغ المحكوم به رغم قوله بعدم التقيد بإقرار الحكومة بهذا المبلغ.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن ما قرره الحكم في هذا الشأن تزيد استطرد عليه في مقام اقتراض أن القانون المدني الجديد هو الواجب التطبيق وهذا التزيد لا يعيب الحكم.

الطعن 69 لسنة 26 ق جلسة 23 / 3 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 36 ص 265

جلسة 23 من مارس سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمد متولي عتلم، وفرج يوسف، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.

------------------

(36)
الطعن رقم 69 لسنة 26 القضائية

نزع ملكية "تقدير التعويض".
وجوب مراعاة قيمة الزيادة أو النقص في الجزء الذي لم تنزع ملكيته عند تقدير قيمة الجزء المنزوعة ملكيته.

--------------
وضع المشرع في المادتين 13، 14 من قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالقانون رقم 94 لسنة 1931 قواعد خاصة يجب التزامها في تقدير ثمن العقارات التي تنزع ملكيتها للمنافع العامة، فنص في المادة 13 على أن يقدر ثمن العقار في حالة نزع ملكيته بدون مراعاة زيادة القيمة الناشئة أو التي يمكن أن تنشأ من نزع الملكية أما إذا كان نزع الملكية قاصراً على جزء منه فيكون تقدير ثمن هذا الجزء باعتبار الفرق بين قيمة العقار جميعه وبين قيمة الجزء الباقي منه للمالك، ونص في المادة 14 على أنه إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية فيجب مراعاة هذه الزيادة أو هذا النقصان بحيث لا يجوز أن يزيد المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته في أي حال عن نصف القيمة التي يستحقها المالك. فإذا كان الحكم المطعون فيه لم يتبع في تقديره للجزء الذي نزعت ملكيته القواعد المتقدمة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه . (1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مجلس بلدي المحلة - الطاعن - نزع ملكية 29.58 متراً من عقار مملوك للمطعون ضدها مساحته 55 و141 متراً وقدر ثمن المتر من الجزء المنزوعة ملكيته بواقع 150 قرشاً ولم ترتض المطعون ضدها هذا التقدير ورفعت ضد الطاعن الدعوى رقم 222/ 117 كلي طنطا طالبة إلزامه بأن يدفع لها مبلغ 300 ج ثمناً للعقار المنزوعة ملكيته مع فوائد هذا المبلغ من تاريخ الاستيلاء لحين السداد وطلب الطاعن رفض الدعوى فيما زاد على مبلغ 44 ج و370 م - متمسكاً بتقديره السابق وفي 17 أبريل سنة 1953 ندبت المحكمة الابتدائية خبيراً لبيان المقدار المستولى عليه وثمنه في تاريخ صدور مرسوم نزع الملكية بدون مراعاة زيادة القيمة الناشئة من نزع الملكية وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في أول فبراير سنة 1955 بإلزام المدعى عليه - الطاعن - بأن يدفع للمدعية - المطعون ضدها - مبلغ 147 ج و90 م والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 48 سنة 5 ق وكان من بين ما بني عليه استئنافه أن الخبير الذي أخذت المحكمة الابتدائية بتقديره لم يراع في تقديره هذا مقابل الفائدة التي عادت على الباقي من عقار المطعون ضدها من توسيع الشارع وبتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1955 قضت محكمة استئناف طنطا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف - الطاعن - بأن يدفع إلى المستأنف عليها - المطعون عليها مبلغ 103 ج و530 م والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد - وبتاريخ 9 من فبراير سنة 1956 قرر الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت في 22 من يونيه سنة 1960 إحالته إلى هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 9 من مارس سنة 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وشابه القصور ذلك أنه قدر ثمن المتر من الأرض المنزوعة ملكيتها بمبلغ 350 قرشاً مقرراً أنه راعى في هذا التقدير أن باقي مباني المطعون ضدها قد ستفاد من توسيع الشارع ولم يتبع الحكم قواعد التقدير المنصوص عليها في المادتين 13 و14 من قانون نزع الملكية والتي تقضي بأنه إذا كان نزع الملكية قاصراً على جزء من العقار فيكون تقدير ثمن هذا الجزء باعتبار الفرق بين قيمة العقار جميعه وبين قيمة الجزء الباقي للمالك على أنه إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة فيجب مراعاة هذه الزيادة أو النقص - مما يقتضي أن يبين الحكم مقدار الزيادة وكيفية احتسابها واستظهار جميع عناصر التقدير حتى تستطيع محكمة النقض مراقبة ما إذا كان قد طبق أحكام القانون تطبيقاً صحيحاً من عدمه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المشرع قد وضع في المادتين 13 و14 من قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالقانون رقم 94 لسنة 1931 قواعد خاصة يجب التزامها في تقدير ثمن العقارات التي تنزع ملكيتها للمنافع العامة فنص في المادة 13 على أنه يقدر ثمن العقار في حالة نزع ملكيته بدون مراعاة زيادة القيم الناشئة أو التي يمكن أن تنشأ من نزع الملكية أما إذا كان نزع الملكية قاصراً على جزء منه فيكون تقدير ثمن هذا الجزء باعتبار الفرق بين قيمة العقار جميعه وبين قيمة الجزء الباقي منه للمالك ونص في المادة 14 على أنه إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية فيجب مراعاة هذه الزيادة أو هذا النقصان. ولكن المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته لا يجوز أن يزيد في أي حال عن نصف القيمة التي يستحقها المالك بحسب أحكام المادة السابقة ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قدر ثمن المتر في الجزء المنزوعة ملكيته بمبلغ ثلاثمائة وخمسين قرشاً أسس قضاءه على مجرد القول بأن "المحكمة ترى تقدير المتر في المساحة عليها بهذا المبلغ مراعية في ذلك أن المطعون عليها قدمت عقداً مسجلاً يتضمن أن ثمن المتر في هذه المنطقة يقدر بهذه القيمة كما أنها تراعى في هذا التقدير أيضاً أن المباني الباقية للمطعون عليها استفادت من توسيع الشارع" فإن هذا الحكم لا يكون قد اتبع في تقديره للجزء الذي نزعت ملكيته القواعد المتقدمة ويكون لذلك قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


 (1) ملاحظة: صدر حكم آخر بهذا المعنى بجلسة 31/ 3/ 1961 في الطعن رقم 43/ 26 ق.

الطعن 27 لسنة 26 ق جلسة 16 / 3 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 32 ص 249

جلسة 16 من مارس سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.

------------------

(32)
الطعن رقم 27 لسنة 26 القضائية

عمل "التوفيق والتحكيم في منازعات العمل" "تمثيل العمال". دعوى "تمثيل الخصوم فيها".
المادة 3 من القانون رقم 318/ 1952 مطلقة وصريحة في أن العمال المنتمين إلى نقابة يمثلهم في طلباتهم ومنازعاتهم رئيس نقابتهم دون تفصيل أو تخصيص.

----------------
جاءت المادة الثالثة من القانون رقم 318 لسنة 1952 مطلقة وصريحة في أن العمال المنتمين إلى نقابة يمثلهم في طلباتهم ومنازعاتهم رئيس نقابتهم دون تفصيل أو تخصيص. فإذا كان لطاعنون ينتمون إلى نقابة وكانت هذه النقابة لم تمثلهم في النزاع فإن القرار المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول النزاع شكلاً لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الأوراق في أن بعض مستخدمي شركة مياه القاهرة ممن يحملون شهادة كلية التجارة تقدموا بشكوى إلى مكتب العمل تتضمن أن نظام الشركة مجحف بهم لأنهم لا يحصلون على مرتبات تتناسب مع مؤهلاتهم وطلبوا أن ترفع الشركة مرتباتهم إلى مثل مرتبات زملائهم من موظفي الحكومة ولما لم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع أحاله إلى لجنة التوفيق التي أحالته أيضاً إلى هيئة التحكيم وقد دفعت الشركة المطعون عليها أمام الهيئة بعدم قبول النزاع شكلاً تأسيساً على أن الطاعنين وهم من مستخدمي الشركة أعضاء في نقابة مستخدمي الشركة وكان يجب تقديم الشكوى من رئيس النقابة التي ينتمون إليها بعد موافقة مجلس إدارتها وبتاريخ 31/ 10/ 1953 قررت هيئة التحكيم عدم قبول النزاع شكلاً وركنت في ذلك إلى أن المادة الثالثة من القانون رقم 318 سنة 1952 تحتم تقديم الطلب من النقابة وبتاريخ 31/ 12/ 1953 أودع الطاعنون عريضة الطعن بمحكمة القضاء الإداري، وفي 3 يناير سنة 1956 قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة النقض، وبعرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت إحالته إلى هذه الدائرة بعد أن طلبت النيابة العامة رفض الطعن، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
من حيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن القرار المطعون فيه خالف القانون من وجهين أولهما أن المادتين 2، 3 من القانون 318 لسنة 1952 عرضتا لحالة العمال المنتمين إلى نقابة، وحالة العمال غير المنتمين إلى نقابة، ففي الحالة الأولى إذا كان العمال جميعهم طرفاً في النزاع يقدم الطلب من رئيس النقابة وكذلك إذا كان فريق من العمال طرفاً في النزاع وكانت النقابة تؤيدهم، أما إذا كان النزاع مثاراً من فريق من العمال والنقابة تعارضه فيتعين اعتبار هذا الفريق من العمال في حكم غير المنتمين إلى نقابة والاكتفاء بتقديم الطلب من أغلبيتهم - ثانيهما - أن القرار المطعون فيه ذهب إلى أنه كان في إمكان المشتكين أن يعملوا على خلع النقابة التي تعارضهم وهذا مردود بأن المشتكين أقلية في خصوصية النزاع فلا يستطيعون ذلك.
وحيث إن هذا السبب مردود في وجهيه بما أقام عليه القرار قضاءه من أن المادة الثالثة من القانون 318 سنة 1952 جاءت مطلقة وصريحة لا تحتمل اللبس في أن العمال المنتمين للنقابة إنما يمثلهم في طلباتهم ومنازعاتهم رئيس نقابتهم دون تفصيل أو تخصيص فقد نصت على أنه إذا كان الطلب من العمال وجب تقديمه من رئيس النقابة التي ينتمون إليها فإن لم يكونوا منتمين إلى نقابة وجب أن يقدم من أغلبية العمال الذين لهم شأن في النزاع، ولعل الشارع يهدف من وراء ذلك إلى تنظيم صفوف العمال واحترام إرادة المجموع الذي تمثله النقابة وخضوع الأقلية لرأي الأغلبية محافظة على وحدتهم وخيرهم، ولما كان من المسلم به من جانب الطاعنين أنهم ينتمون إلى نقابة مستخدمي الشركة وأن النقابة لم تمثلهم في هذا النزاع فإن القرار المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون.

الطعن 651 لسنة 25 ق جلسة 2 / 3 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 24 ص 194

جلسة 2 من مارس سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد المستشارين.

-------------------

(24)
الطعن رقم 651 لسنة 25 القضائية

تنظيم "قرار الهدم لأيلولة البناء للسقوط". مسئولية "المسئولية التقصيرية".
مجرد صدور قرار من مصلحة التنظيم بهدم بناء لأيلولته للسقوط لا يلزم مالكه بهدمه. حقه في المنازعة في صحته أمام المحكمة المختصة حتى إذا ما صدر حكم بالهدم قام بتنفيذه وإلا صار تنفيذه جبراً على نفقته. المادتان 10 و14 من دكريتو 26/ 8/ 1889 معدل بالقانون 118/ 1948.

----------------
يبين من المادة العاشرة من دكريتو 26 من أغسطس سنة 1889 بخصوص أحكام مصلحة التنظيم والمادة الرابعة عشر منه المعدلتين بالقانون رقم 118 لسنة 1948 وما أفصحت عنه مذكرته التفسيرية أن مالك البناء الذي يصدر من السلطة القائمة على أعمال التنظيم قرار بهدم بنائه على اعتبار أنه آيل للسقوط لا يلزم بهدمه لمجرد صدور هذا القرار لأن هذا يتنافى مع حقه في الدفاع عن ملكه بالمنازعة في صحة هذا القرار أمام القضاء حتى إذا ما صدر من المحكمة المختصة حكم بالهدم قام بتنفيذ وإلا صار تنفيذه جبراً على نفقته - والقول بالتزام المالك باتخاذ التدابير الاحتياطية لمجرد صدور القرار ينطوي على تسليم بصحته وأيلولة البناء للسقوط. فإذا كان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنة بطلب نفقات التدابير التي اتخذتها لتدرأ بها عاقبة انهيار منزل المطعون عليها قد أقام قضاءه على هذا النظر وعلى أن حالة البناء لم تكن تقتضي اتخاذ هذه التدابير، وكان مؤدى ما تقدم نفي المسئولية التقصيرية عن المطعون عليها - فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون يكون في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
من حيث إن وقائع النزاع - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1085 سنة 1952 كلي الإسكندرية الابتدائية طالباً إلزام المطعون عليها بمبلغ 309 ج و602 م وقال شرحاً لدعواه إن مهندس التنظيم قرر في 15 من سبتمبر سنة 1946 هدم منزل المطعون عليها حتى سطح الأرض وأن مجلس التنظيم وافق على ذلك بقراره الصادر في 29 من سبتمبر سنة 1946 وأنها تسلمت صورة هذا القرار في 9 من ديسمبر سنة 1946 ولم تقم بالهدم. وأقيمت ضدها الدعوى العمومية التي حكم فيها نهائياً في الدعوى رقم 1790 سنة 1947 مخالفات مستأنفة الإسكندرية بالغرامة والهدم ونفذ هذا الحكم في أول سبتمبر سنة 1948 وأن مهندس التنظيم رأى أن المالكة لم تتخذ أي احتياط تدرأ به ما عساه أن يحدث لأفراد الجمهور فأقام في يوم تحرير محضره - 15 من سبتمبر سنة 1946 - حواجز حول العقار وعين خفيرين يتناوبان الحراسة ليلاً ونهاراً. وقد بلغت تكاليف هذه التدابير في المدة من 15 من سبتمبر سنة 1946 لغاية أول سبتمبر سنة 1948 المبلغ المطالب به. وبتاريخ 24 من فبراير سنة 1954 قضت المحكمة برفض الدعوى وأقامت قضاءها على أن تكييف الدعوى لا يخرج عن أحد سببين أحدهما الفضالة والآخر الإثراء بلا سبب. وكل من السببين غير متوافر الأركان. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 194 سنة 10 ق استئناف إسكندرية وركن في ذلك إلى المادتين 10 و14 من الدكريتو الصادر في 26 من أغسطس سنة 1889 بخصوص أحكام التنظيم والمعدلتين بالقانون رقم 118 سنة 1948. وبتاريخ 23 من أكتوبر سنة 1955 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف - وأسست قضاءها على أن القانون رتب على مخالفة تنفيذ قرار الهدم جزاء يتمثل في الغرامة والهدم. وأن النصوص القديمة والمستحدثة لم تلق على عاتق مالك البناء نفقات ما تقوم به السلطة من احتياطات وتدابير أن في تحميله إياها مصادرة لحق دفاعه عن نفسه. وأن دعوى الفضالة لا تساند المستأنف لأن ضرراً لم يلحق الغير من البناء. وإن بقاء البناء قائماً زهاء سنتين إلى أن أزيل تنفيذاً للحكم الجنائي يشير إلى أن تلك التدابير قد اتخذت تحت تأثير المبالغة في التقدير. وبتاريخ 14 من ديسمبر سنة 1955 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27 من أبريل سنة 1960 وصمم الطاعن على ما جاء بتقرير الطعن وطلبت النيابة رفضه استناداً إلى ما جاء بمذكرتها. وصدر قرار بإحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وبتاريخ 17 من مايو سنة 1960 أودع وكيل الطاعن صورة من تقرير الطعن مؤشراً عليها بقرار الإحالة ومعلنة للمطعون عليها في يوم 7 من مايو سنة 1960 كما أودع مذكرة شارحة، وأخيراً نظر الطعن بجلسة 9 من فبراير سنة 1961 حيث ترافع وكيل الطاعن وتمسك بطلباته وصممت النيابة على رأيها.
ومن حيث إن الطعن أقيم على سبب وحيد حاصلة أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على أن الأمر العالي الصادر في سنة 1889 بخصوص أحكام التنظيم والمعدل بالقانون رقم 118 سنة 1948 لا يحمل مالك البناء تبعات ما عسى أن تتخذه الإدارة من تدابير أو احتياطات تدرأ بها عاقبة انهيار منزل المطعون عليها. وأنه لا يجدي الطاعن في الرجوع على المطعون عليها بنفقات التدابير التي اتخذتها الاستناد إلى أحكام الفضالة أو أحكام الإثراء على حساب الغير لعدم توافر شروطها. وإن هذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه لا يتفق مع التكييف الصحيح المستمد من واقعة الدعوى ذلك أن سند الدعوى يقوم على المسئولية التقصيرية التي توافرت أركانها في حق المطعون عليها. فالخطأ من جانبها ماثل في إخلالها بالتزام قانوني يقتضيها أن تتخذ في صيانة منزلها الحيطة والتبصر المفروضين في الشخص العادي وإذ قعدت عن ذلك تكون قد أخطأت فسببت ضرراً الحق البلدية يتمثل في إرهاقها بتحميلها نفقات التدابير التي ما كانت لتتحملها لو أن المطعون عليها قد نفذت التزامها. ولما كان واجب قاضي الدعوى استخلاص الواقع فيها وإنزال حكم القانون عليه غير مقيد في ذلك برأي الخصوم وكان الحكم المطعون فيه لم يرد الدعوى إلى سندها الصحيح فإنه يكون مخالفاً للقانون.

ومن حيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة العاشرة من الدكريتو الصادر بتاريخ 26 أغسطس سنة 1889 بخصوص أحكام مصلحة التنظيم نصت على أن "كل بناء يتراءى لمصلحة التنظيم لزوم ترميمه حرصاً على الأمن العام أو نظراً لكونه آيلاً للسقوط ينبغي ترميمه أو هدمه في الميعاد الذي تحدده مع لذلك المصلحة المذكورة" ونصت المادة الرابعة عشر على أن "من يخالف المادة العاشرة يعاقب العقوبات المقررة في المادة 341 من قانون العقوبات الأهلي ذلك فضلاً عن هدم البناء" وقد عدلت هاتان المادتان بالقانون رقم 118 سنة 1948 فجرى نص المادة العاشرة على أن "كل بناءً سواء أكان واقعاً على حافة طريق عام أو خاص أم على غير حافة الطريق تقرر السلطة القائمة على أعمال التنظيم ضرورة ترميمه أو هدمه محافظة على الأمن العام أو على سلامة السكان لكونه آيلاً للسقوط يجب ترميمه أو هدمه خلال المدة التي تعينها لذلك السلطة المذكورة. ويجوز لهذه السلطة في أحوال الخطر الداهم إخلاء البناء إدارياً من السكان واتخاذ ما تراه لازماً من الاحتياطات والتدابير في مدة لا تقل عن أسبوع إلا في حالة تهديد البناء بالانهيار العاجل فيكون لها الحق في القيام بإخلائه فوراً وعليها أن تعلن أولي الشأن بالحضور أمام المحكمة لتحكم بصفة مستعجلة بالهدم بعد سماع أقوال الخصوم وعمل المعاينات والتحقيقات المستعجلة التي ترى ضرورة لها" ونصت المادة 14 معدلة على أن "كل مخالفة لأحكام المادة العاشرة يعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد على أسبوع وبغرامة لا تتجاوز مائة قرش أو بإحدى هاتين العقوبتين فضلاً عن الحكم بترميم المباني أو هدمها. فإذا لم يقم المالك بتنفيذ الحكم الصادر بالترميم أو الهدم جاز السلطة القائمة على أعمال التنظيم إجراء هذه الأعمال على نفقته" وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون "إنه من التعسف أن يحرم المالك بنص تشريعي من الالتجاء إلى القضاء لمناقشة السلطة القائمة على أعمال التنظيم الحساب عما أجرته في ملكه من أعمال... لاسيما وأن ذلك متعلق بحق الملكية الذي قدسه الدستور... وما دامت الضرورة تقدر بقدرها وكل ما هو مطلوب في أحوال الخطر العاجل هو درؤه عن السكان والمارة رؤى الاكتفاء بتخويل السلطة القائمة على أعمال التنظيم في مثل هذه الأحوال الحق في إخلاء العقار إدارياً من ساكنيه واتخاذ ما تراه من تدابير واحتياطات للمحافظة على الأمن العام".
ويبين من هذه النصوص وما أفصحت عنه المذكرة التفسيرية أن مالك البناء الذي يصدر من السلطة القائمة على التنظيم قرار بهدم بنائه على اعتبار أنه آيل للسقوط لا يلزم بهدمه لمجرد صدور القرار. لأن هذا يتنافى مع حقه في الدفاع عن ملكه بالمنازعة في صحة هذا القرار أمام القضاء حتى إذا ما صدر من المحكمة المختصة حكم بالهدم قام بتنفيذه وإلا صار تنفيذه جبراً على نفقته والقول بالتزام المالك باتخاذ التدابير الاحتياطية لمجرد صدور القرار ينطوي على تسليم بصحة القرار وبأيلولة البناء للسقوط. وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على هذا النظر وعلى أن حالة البناء لم تكن تقتضي اتخاذ هذه التدابير بقوله "إن بقاء المنزل قائماً زهاء سنتين ابتداءً من تاريخ قرار الهدم إلى أن أزيل تنفيذاً للحكم الجنائي يشير إلى أن تلك التدابير قد اتخذت تحت تأثير المبالغة في التقدير" ومؤدى ما تقدم نفى المسئولية التقصيرية عن المطعون عليها.
وحيث إنه لما تقدم يكون النعي في غير محله ويتعين رفض الطعن.

الطعن 9 لسنة 29 ق جلسة 23 / 2 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 أحوال شخصية ق 22 ص 186

جلسة 23 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وأحمد زكي محمد المستشارين.

----------------

(22)
الطعن رقم 9 لسنة 29 ق "أحوال شخصية"

 (أ، ب) وقف "عدم سماع الدعوى".
قاعدة الشريعة الإسلامية في الترك الموجب لعدم سماع دعوى الوقف بعد 33 سنة. مقتضاها أن الدعوى في شأن عين الوقف لا تسمع بعد مضي 33 سنة من اغتصاب الغير لها وإهمال الناظر المطالبة بها.
الدعاوى التي يمنع من سماعها مضي 33 سنة هي الدعاوى المتعلقة بعين الوقف. لا تدخل في مفهومها الدعاوى التي يرفعها المستحقون على الوقف بثبوت استحقاقهم فيه.

--------------
1 - النص في جميع لوائح المحاكم الشرعية على عدم سماع دعوى الوقف بعد ثلاث وثلاثين سنة هو تقنين لقاعدة أساسية دونت في كتب الوقف الإسلامي ومقتضاها أنه لو رفعت لدى القاضي الشرعي دعوى في شأن عين وقف بعد ثلاث وثلاثين سنة إلا يوماً واحداً من اغتصاب الغير لها وإهمال الناظر هذا الطلب فإنه يسمعها أما بعد مضي المدة المذكورة فإنه مأمور بعدم سماعها. وعلى ذلك جاءت نصوص المواد 587، 598، 600، 626، 624، 625، 627 من كتاب قانون العدل والإنصاف.
2 - الدعاوى التي يمنع من سماعها مضي ثلاث وثلاثين سنة هي الدعاوى المتعلقة بعين الوقف ولا تدخل في مفهومها الدعاوى التي يرفعها المستحقون على الوقف بثبوت استحقاقهم فيه إذ هي من قبيل دعوى الملك المطلق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 93 سنة 1956 القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه بطلب استحقاقهم لسبعة قراريط ونصف من أربعة وعشرين قيراطاً في الوقف المشار إليه بعريضة الدعوى وقالوا شرحاً لدعواهم إن الأمير مصطفى وقف الأعيان المبينة بكتاب وقفه على زوجته بهانة ثم من بعدها فعلى أولادها منه وعلى مصطفى الخازندار ثم من بعد مصطفى يكون نصيبه لأولاده بهانة ثم من بعد كل فعلى أولاده وذريته ونسله طبقة بعد طبقة وقد توفت بهانة كما توفى الواقف عن ولدهما محمد كما توفي مصطفى عقيماً وانحصر الوقف في محمد ابن الواقف وتوفي محمد عن أولاده مصطفى وإبراهيم وخديجة وزبيدة فخص كل منهما ستة قراريط ثم توفت زبيدة عن زينب ونعمت وتفيده وزكية فخص كلاً منهن قيراط ونصف القيراط كما توفى إبراهيم عن ولديه إسماعيل وأمينة فخص إسماعيل ثلاثة قراريط وبذلك يكون استحقاق المدعين سبعة قراريط ونصف القيراط وقد أقيم المطعون عليه ناظراً على الوقف. دفع المدعى عليه الدعوى بعدم السماع لمضي المدة المانعة لأن والدة الطاعنات توفيت سنة 1936 ولم ترفع الدعوى إلا في نوفمبر سنة 1955 وطلبت المدعيات رفض الدفع تأسيساً على أن دعوى الاستحقاق من صميم الوقف فلا يمنع رفعها إلا مضى ثلاث وثلاثين سنة طبقاً للمادة 375 من اللائحة الشرعية. وبتاريخ 30/ 12/ 1957 قضت المحكمة بعدم سماع الدعوى تأسيساً على أن دعوى الاستحقاق وهي نتيجة لشرط الواقف يمنع من سماعها مضي 15 سنة فقط كسائر دعاوى الحقوق والأملاك وإن المقصود بلفظ الوقف المذكور في المادة 375 هو الدعوى التي تنصب على أعيان الوقف وعقاراته والنزاع في ملكيتها. استأنف الطاعنون هذا الحكم وفي فبراير سنة 1959 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وقد طعنوا في الحكم الاستئنافي بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18/ 5/ 1960 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
ومن حيث أن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه إنه إذ قضى بعدم سماع الدعوى لمضي خمسة عشر عاماً قد خالف القانون ويقولون في بيان ذلك أن المادة 375 من اللائحة الشرعية قد استثنت من عدم السماع بمضي مدة الخمسة عشر عاماً دعاوى الإرث والوقف وإن دعاوى الوقف منها ما هو خاص بالاستحقاق ومنها ما هو خاص بالريع ومنها ما هو خاص بالأعيان الموقوفة، والدعوى بالريع تسقط بخمسة عشر عاماً، أما الدعوى بأصل الوقف ومنها دعوى الاستحقاق فيمنع من سماعها مضي ثلاث وثلاثين سنة وأن كل ما كانت تختص به من قضايا الوقف يكون بعمومه مستثنى من عدم السماع بمضي الخمس عشره سنة وخاضعاً لمدة الثلاث والثلاثين سنة لأن لفظ الوقف المشار إليه بالمادة 375 المذكورة لفظ عام لا يجوز تخصيصه بلا مخصص.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أحال في أسبابه إلى أسباب الحكم المستأنف، ويبين من الاطلاع على أسباب هذا الحكم أنه أقام قضاءه على أن المقصود بلفظ الوقف المذكور بالمادة 375 من اللائحة هو الدعوى التي تنصب على وقف عين ويطلب المدعي الحكم له بأن العقار وقف وليس ملكاً أما دعوى الاستحقاق التي هي نتيجة لتطبيق شرط الواقف فيمنع من سماعها مضي 15 سنة فقط كسائر دعاوى الحقوق والأملاك. وهذا الذي انتهى إليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون لأن المشرع إذ نص في جميع لوائح المحاكم الشرعية على عدم سماع دعوى الوقف بعد ثلاث وثلاثين سنة إنما قنن قاعدة أساسية دونت في كتب الوقف الإسلامي من عصور طويلة ومقتضى هذه القاعدة إنه لو رفعت لدى القاضي الشرعي دعوى في شأن عين وقف بعد ثلاث وثلاثين سنة إلا يوماً واحداً من اغتصاب الغير لها وإهمال الناظر هذا الطلب فإنه يسمعها أما بعد مضي المدة المذكورة فإنه مأمور بعدم السماع وعلى ذلك جاءت نصوص المواد 587، 598، 600، 626، 624، 625، 627، 629 من كتاب قانون العدل والإنصاف ومفهومها أن ناظر الوقف لو أهمل العين ثلاثين سنة ولم يضع أحد يده عليها في هذه المدة بل وضع شخص يده في السنين الثلاث الأخيرة المكملة للثلاث والثلاثين سنة فقط فإن ناظر الوقف يستطيع مع إهماله العين فعلاً ثلاثاً وثلاثين سنة أن يهب للمطالبة بها وعلى القاضي أن يسمع دعواه ما دام المدعى عليه لم يضع يده فعلاً سوى ثلاث سنين ويبين من ذلك أن الدعاوى التي يمنع من سماعها مضي ثلاث وثلاثين سنة هي الدعاوى المتعلقة بعين الوقف ولا تدخل في مفهومها الدعاوى التي يرفعها المستحقون على الوقف بثبوت استحقاقهم فيه إذ هي من قبيل دعوى الملك المطلق يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة 1660 من مجلة الأحكام العدلية من أنه لا تسمع دعوى الدين والملك وما لا يعود من الدعاوى إلى العامة ولا إلى أصل الوقف في العقارات الموقوفة كدعوى المقاطعة والتولية المشروطة والغلة بعد أن تركت خمس عشرة سنة، وما نصت عليه المادة 614 من قانون العدل والإنصاف من أنه لا تسمع الدعوى في استحقاق غلة الوقف بعد تركها بلا عذر شرعي مدة خمس عشرة سنة. أما يذهب إليه الطاعنون في سبب النعي من القول بالارتباط بين اختصاص المحاكم الشرعية بجميع القضايا المتعلقة بأصل الوقف والقواعد المقررة لسماع الدعوى فلا سند له من القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثاني قصور الحكم المطعون فيه وفي بيان ذلك يقولون: إن الدفع بعدم سماع الدعوى لمضي المدة مشروط بشروط ذكرت في المادة 375 من اللائحة وأنهم طلبوا في مذكراتهم المقدمة لمحكمة الاستئناف بحث مدى تحقق هذه الشروط فلم تسمع المحكمة لهم قولاً ولو فعلت لثبت إن أعذارهم مقبولة.
وحيث إن هذا النعي فضلاً عما يشوبه من تجهيل، عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعنون بملف الطعن صوراً رسمية من المذكرات المقول إنهم تمسكوا فيها بعدم توافر الشروط التي تتطلبها المادة 375 من اللائحة.