جلسة 23 من فبراير سنة 1961
برياسة السيد محمود عياد
نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وأحمد
زكي محمد المستشارين.
-----------------
(21)
الطعن رقم 526 لسنة 26
القضائية
إعلان: "بيانات
أوراق المحضرين" "اشتمال أصل الورقة المعلنة على ذكر سبب الامتناع"
"تكملة النقض في بيانات ورقة الإعلان".
وجوب اشتمال أصل الورقة
المعلنة على ذكر سبب الامتناع. المادة 10/ 5 مرافعات. مثال... عدم جواز تكملة
النقص في بيانات ورقة الإعلان بأي دليل آخر مستعد من غير الورقة ذاتها مهما بلغت
قوة الدليل. مثال...
-------------------
أوجبت المادة 10/ 5 من
قانون المرافعات أن تشتمل الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها إما على توقيع من
سلمت إليه صورة الورقة على الأصل أو إثبات امتناعه وسببه، فإذا كان الواضح من
الحكم المطعون فيه أن واقعة تسليم الصورة إلى المخاطب معه ثابتة في أصل إعلان أمر
الأداء وأن هذا الأصل وإن ذكر فيه امتناعه عن التوقيع إلا أنه قد خلا من ذكر سبب
الامتناع، فإن ما أثبته المحضر على النحو المتقدم لا يكفي لتوافر ما يشترطه
القانون من وجوب اشتمال أصل الورقة المعلنة على ذكر سبب الامتناع - وإذ جرى الحكم
المطعون فيه على استظهار سبب امتناع المخاطب معه عن التوقيف بما قرره شاهدا
المطعون عليها - مع أنه لا يجوز تكملة هذا النقص في بيانات ورقة الإعلان بأي دليل
آخر مستمد من غير الورقة ذاتها مهما بلغت قوة هذا الدليل، فإن هذا الإعلان يكون
باطلاً عملاً بالمادة 24 من قانون المرافعات، وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه قد
خالف القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى
أوضاعه الشكلية.
حيث إن وقائع النزاع
تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليها
استصدرت في 10 من أكتوبر سنة 1953 أمراً بتوقيع الحجز التحفظي ضد الطاعن المستأجر
لأطيانها الزراعية في سنة 1953 وقد توقع الحجز التحفظي في 9 نوفمبر سنة 1953
بالعين المؤجرة بمنشأة عبد القادر على الأدوات الزراعية والمحاصيل وعين عبد الشافي
محمد يوسف وعبد الله محمد يوسف حارسين وذكر المحضر في محضره أنه سوف يعلن المدعى
عليه - الطاعن - بمحل إقامته بمصر الجديدة. وقد أردفت المطعون عليها ذلك باستصدار
أمر في 24 نوفمبر سنة 1953 بالأداء وبإلزام الطاعن بأن يدفع إليها مبلغ 4448 ج
و500 م إيجار سنة 1953 الزراعية والمصروفات وصحة الحجز التحفظي - عارض الطاعن في
أمر الأداء المذكور في الدعوى رقم 3704 سنة 1954 كلي القاهرة تأسيساً على أن الأمر
قد صدر في 24 نوفمبر سنة 1953 ولم يعلن إليه بعد فيكون قد سقط وكأنه لم يكن لمضي
أكثر من ستة أشهر دون إعلان (م 856 مرافعات) كما أسسه على وفائه بكل ما في ذمته.
ولم تحضر المطعون عليها في هذه المعارضة وأصدرت محكمة القاهرة حكمها في 30 أكتوبر
سنة 1945 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع باعتبار كل من الأمر المعارض فيه وأمر
الحجز المتوقع في 9 من نوفمبر سنة 1953 كأن لم يكن وألزمت المعارض ضدها - المطعون
عليها - بالمصروفات. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة
وقيد الاستئناف في جدولها برقم 1178 سنة 71 ق وطلبت إلغاء الحكم المستأنف وتأييد
أمر الأداء مع إلزام المستأنف عليه - الطاعن - بكافة المصروفات. واستندت في
استئنافها إلى أنها أعلنت أمر الأداء وأمر الحجز ومحضره إلى الطاعن في 5 من ديسمبر
سنة 1953 مراعية في ذلك المواعيد المبينة في المادة 858 مرافعات وتم هذا الإعلان
في موطن المستأنف عليه - الطاعن - بمنشأة عبد القادر مخاطباً مع تابعه أحمد عبد
الدايم ولذلك تكون المعارضة في أمر الأداء الحاصلة في 27 من سبتمبر سنة 1959 مقدمة
بعد الميعاد وهو خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان الأمر (م 855 مرافعات) ودفع الطاعن
بأنه لم يكن له موطن بمنشأة عبد القادر في تاريخ الإعلان كما أنكر أن أحمد عبد
الدايم الذي خاطبه المحضر هو تابع له ولذلك أصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 31 من
ديسمبر سنة 1955 تمهيدياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف ضده - الطاعن
- بكافة الطرق القانونية أنه هجر موطنه المؤقت بمنشأة عبد القادر قبل 5 من ديسمبر
سنة 1953 وإن أحمد عبد الدايم الوارد اسمه بإعلان أمر الأداء كان تابعاً للمستأنفة
- المطعون عليها - ولتنفي هذه الأخيرة ذلك بذات الطرق. وبعد أن تنفذ الحكم بسماع
شهود الطرفين إثباتاً ونفياً قضت محكمة الاستئناف في 29 من مايو سنة 1956 بإلغاء
الحكم المستأنف وبعدم قبول المعارضة في أمر الأداء المعارض فيه شكلاً لرفعها بعد
الميعاد واعتبار أمر الأداء بمثابة حكم حضوري وبإلزام المستأنف ضده - الطاعن -
بمصروفات الدرجتين - وأسست قضاءها على ترجيحها لشهادة شاهدي المطعون عليها وعلى ما
ثبت بأصل إعلان أمر الأداء من أن أحمد عبد الدايم تابع الطاعن استلم الصورة، وما
ثبت بذيل ذلك الإعلان من أن المحضر أعلن الطاعن في شخص تابعه المذكور بصورة من محضر
الحجز التحفظي المتوقع في 9 من نوفمبر سنة 1953 وأنه يتبين من الاطلاع على ذلك
المحضر أنه أشير فيه الأمر الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية في 10 من أكتوبر
سنة 1953 وبذلك تكون هذه العبارات كافية للدلالة على ثبوت إعلان محضر الحجز والأمر
الذي صدر به في ذات تاريخ إعلان أمر الأداء، وقد قرر الطاعن بالطعن بالنقض في هذا
الحكم بتقرير مؤرخ 18 من ديسمبر سنة 1956 وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على
دائرة فحص الطعون بجلسة 25 من مايو سنة 1960 ولم يحضر فيها الطاعن وصممت النيابة
على مذكرتها بطلب نقض الحكم - وقد أعلن الطاعن تقرير الطعن مؤشراً عليه بقرار
الإحالة إلى المطعون عليها في 8 من يونيو سنة 1960 ثم أودع في 14 من يونيه سنة
1960 أصل ورقة إعلان الطعن ومذكرة شارحة ولم ترد المطعون عليها. وقدمت النيابة مذكرة
تكميلية أشارت فيها إلى صحة الإجراءات وأحالت فيها إلى رأيها السابق وقد حدد
أخيراً لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 26 من يناير سنة 1961 وفيها صممت النيابة
على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن
في السبب الأول أن محكمة الاستئناف أقامت قضاءها بصحة إعلان أمر الأداء على أن
المحضر خاطب أحمد عبد الدايم تابع الطاعن الذي تسلم صورة الإعلان مستندة في ذلك
إلى أقوال شاهدي المطعون عليها مهدرة واقعة امتناع المخاطب معه عن التوقيع
بالاستلام بمقولة إن عدم توقيعه لا يقدح في صحة الإعلان قانوناً مع أن المادة
العاشرة من قانون المرافعات صريحة في وجوب إثبات اسم من سلمت إليه صورة الإعلان
وتوقيعه على الأصل أو إثبات امتناعه وسببه - ومؤدى ذلك أن الدليل القانوني الوحيد
على تسلم صورة الإعلان هو توقيع المستلم على الأصل أو إثبات امتناعه عن التوقيع
وسببه - وإذ عول الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من صحة إعلان أمر الأداء على ما
ذكره شاهدا المطعون عليها في خصوص سبب الامتناع فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه أقام قضاءه على ترجيح أقوال شاهدي المطعون عليها وتتحصل شهادتهما كما أوردها
الحكم في أن المحضر جاء مع شيخ البلد إلى العزبة - وسأل عن الطاعن فوجه مسافراً
وسأل عمن ينوب عنه في استلام الإعلان فأجابه هو وشيخ البلد إن أحمد عبد الدايم هو
الذي ينوب عن الطاعن وعندئذ عرض المحضر الإعلان على أحمد عبد الدايم فقال إنه لا
يستلمه نم الطاعن نبه عليه بعدم استلام أوراق من قبل الحكومة واستفسر المحضر من
أحمد عبد الدايم عن ميعاد حضور الطاعن فأجابه بأنه سيحضر في آخر النهار وفي أعقاب
ذلك قال أحمد عبد الدايم للمحضر "قد أقبل المساء واستلم منك الإعلان دون أن
أمضي عليه" وعلى الأثر تسلم أحمد عبد الدايم الإعلان من المحضر ووقع عليه
الشاهد وشيخ البلد، وأن الطاعن كان في ذلك الوقت مقيماً بالعزبة في استراحة محمود
عبد القادر وبعد أن أورد الحكم المطعون فيه شهادة الشاهدين على الوجه المتقدم قابل
بينها وبين أقوال شهود الطاعن وانتهى إلى ترجيح شاهدي المطعون عليها وعلل هذا
الترجيح بقوله "إن واقعة تسليم صورة الإعلان إلى أحمد عبد الدايم ثابتة في
أصل إعلان أمر الأداء المقدم والمؤرخ في 5 من ديسمبر سنة 1953" ثم قال الحكم
المطعون فيه بعد ذلك ما يلي "وحيث أنه أخذا بأقوال شاهدي المستأنفة التي
عززتها البيانات الواردة بإعلان أمر الأداء المؤرخ 5 من ديسمبر سنة 1953 يكون ذلك
الأمر قد أعلن للمستأنف ضده بموطن له إذ ذاك - منشأة عبد القادر - مخاطباً مع
تابعه أحمد عبد الدايم المقيم معه لغيابه وهو الذي تسلم صورة الإعلان وامتنع عن
توقيع الأصل للسبب الذي ذكره شاهدا المستأنفة ومن ثم يكون هذا الإعلان قد تم وفقاً
للقانون ولا شائبة فيه" - وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه غير صحيح في
القانون - ذلك إن المادة 10/ 5 من قانون المرافعات قد أوجبت أن تشتمل الأوراق التي
يقوم المحضرون بإعلانها إما على توقيع من سلمت إليه صورة الورقة على الأصل أو
إثبات امتناعه وسببه. ولما كان الواضح من الحكم المطعون فيه أن واقعة تسليم الصورة
إلى أحمد عبد الدايم ثابتة في أصل إعلان أمر الأداء على ما سبق بيانه وإن هذا
الأصل وإن ذكر فيه امتناع المخاطب معه عن التوقيع إلا أنه قد خلا من ذكر سبب
الامتناع - فإن ما أثبته المحضر على النحو المتقدم لا يكفي لتوافر ما يشترطه
القانون من وجوب اشتمال أصل الورقة المعلنة على ذكر سبب الامتناع - وإذ جرى الحكم
المطعون فيه على استظهار سبب امتناع المخاطب معه عن التوقيع بما قرره شاهدا
المطعون عليها مع أنه لا يجوز تكملة هذا النقض في بيانات ورقة الإعلان بأي دليل
آخر مستمد من غير الورقة ذاتها مهما بلغتا قوة الدليل فإنه يكون قد خالف القانون
ويكون الإعلان باطلاً عملاً بالمادة 24 مرافعات مما يتعين معه نقض الحكم بغير حاجة
لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الدعوى صالحة
للحكم فيها بعد إذ تقرر بطلان إعلان أمر الأداء ولما سبق بيانه يتعين تأييد الحكم
المستأنف.