الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 ديسمبر 2021

الطعن 14276 لسنة 80 ق جلسة 11 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 39 ص 232

جلسة 11 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ مصطفى محمد مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود محمد محيي الدين، عبد الباري عبد الحفيظ حسن نائبي رئيس المحكمة رضا إبراهيم كرم الدين وسعيد محمد البنداري.

---------------

(39)

الطعن 14276 لسنة 80 ق

(1 ، 2) إعلان "أوراق المحضرين وبياناتها: الخطأ في بيان الممثل للشخص الاعتباري". دعوى "الخصوم في الدعوى: أشخاص الخصومة". حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
(1) الخطأ في بيان الممثل للشخص الاعتباري أو إغفال هذا البيان. لا يؤثر في صحة اختصامه متى ذكر بصحيفة الدعوى اسمه المميز له. م115/ 3 مرافعات.

(2) ثبوت تضمن صحيفة الدعوى اسم الصحيفة المطعون ضدها كشخصية اعتبارية مستقلة باعتبارها المقصودة بالخصومة دون ممثلها القانوني. مؤداه. كفايته لصحة الاختصام. م 58 ق 96 لسنة 1996. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى استنادا لاختصام الممثل القانوني للصحيفة وعدم اختصام رئيس مجلس إدارة الصحيفة. خطأ ومخالفة للقانون.

-------------

1 - إن النص في الفقرة الثالثة من المادة "115" من قانون المرافعات يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أنه نظرا لتعدد صور الشخص الاعتباري العام وتنوعها ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها وما قد يحدث من إدماج بعضها أو تغير تبعيتها أو تعديل شخص من يمثلها فقد ارتأى المشرع تخفيفا عن المتقاضين ومنعا لتعثر خصوماتهم صحة اختصام الشخص الاعتباري متى ذكر في صحيفة الدعوى اسمه المميز له دون أن يؤثر في ذلك الخطأ في بيان ممثله أو إغفال هذا البيان كلية.

2 - إن مفاد نص المادة 58 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة أن لكل مؤسسة صحفية شخصية اعتبارية وممثلها رئيس مجلس إدارتها، وكان البين من صحيفة الدعوى أنها وجهت إلى صحيفة... - المطعون ضدها- كشخصية اعتبارية مستقلة عن شخص ممثلها القانوني باعتبارها المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها، فإن ذكر اسمها في صحيفة الدعوى يكون كافيا لصحتها دون النظر إلى ما وقع فيها من خطأ بإطلاق اختصام الممثل القانوني للصحيفة دون بيانه على وجه التحديد، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى على سند من أن التمثيل في الخصومة يجب أن يكون مقطوعا به وأن الدعوى لم توجه إلى رئيس مجلس إدارة الصحيفة وحجبه ذلك عن المضي في نظر الدعوى، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى... لسنة 2008 مدني الجيزة الابتدائية على المطعون ضده بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مليون جنيه تعويضا عن الأضرار الأدبية التي أصابته من جراء نشر مقال في جريدة... التي يمثلها بالعدد الصادر بتاريخ 21/ 12/ 2007 تضمن عبارات سب وقذف في حق الطاعن تنال من اعتباره وكرامته، وهو أحد الدعاة المعروفين. حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف... لسنة 125ق القاهرة "مأمورية الجيزة" وبتاريخ 22/ 6/ 2010 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعي به الطاعن بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه قضى بعدم قبول الدعوى تأسيسا على أن الخصومة لم توجه إلى رئيس مجلس إدارة الجريدة صاحب الصفة في تمثيلها في حين أنها من الأشخاص الاعتبارية العامة وتضمنت صحيفة الدعوى الابتدائية ذكر اسمها، وهو ما يكفي لصحة اختصامها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثالثة من المادة "115" من قانون المرافعات على أنه "وإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح أو بشخص اعتباري عام أو خاص فيكفي في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى "يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية- على أنه نظرا لتعدد صور الشخص الاعتباري العام وتنوعها ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها وما قد يحدث من إدماج بعضها أو تغير تبعيتها أو تعديل شخص من يمثلها فقد ارتأى المشرع تخفيفا عن المتقاضين ومنعا لتعثر خصوماتهم صحة اختصام الشخص الاعتباري متى ذكر في صحيفة الدعوى اسمه المميز له دون أن يؤثر في ذلك الخطأ في بيان ممثله أو إغفال هذا البيان كلية. لما كان ذلك، وكانت المادة 58 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة تنص على أن لكل مؤسسة صحفية شخصية اعتبارية وممثلها رئيس مجلس إدارتها وكان البين من صحيفة الدعوى أنها وجهت إلى صحيفة... -المطعون ضدها- كشخصية اعتبارية مستقلة عن شخص ممثلها القانوني باعتبارها المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها فإن ذكر اسمها في صحيفة الدعوى يكون كافيا لصحتها دون النظر إلى ما وقع فيها من خطأ بإطلاق اختصام الممثل القانوني للصحيفة دون بيانه على وجه التحديد، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى على سند من أن التمثيل في الخصومة يجب أن يكون مقطوعا به وأن الدعوى لم توجه إلى رئيس مجلس إدارة الصحيفة وحجبه ذلك عن المضي في نظر الدعوى، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.

الطعن 13015 لسنة 80 ق جلسة 27 / 1 / 2014 مكتب فني 65 ق 29 ص 176

جلسة 27 من يناير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ علي محمد علي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ نبيل أحمد صادق، د. حسن البدراوي، حسام هشام صادق نواب رئيس المحكمة وخالد السعدوني.

------------

(29)

الطعن 13015 لسنة 80 ق

(1) دعوى "شروط قبول الدعوى: جمعيات "الجمعية التعاونية للبترول".
عرض النزاع ابتداء على لجان التوفيق في المنازعات المنصوص عليها بالمادة الأولى ق 7 لسنة 2000. لازمه. أن يكون جميع أطرافه ممن عددتهم هذه المادة. المادتان 1، 11 من القانون المشار إليه.
(2) دعوى "شروط قبول الدعوى: جمعيات "الجمعية التعاونية للبترول".
الجمعية التعاونية للبترول. ماهيتها. شركة مساهمة من أشخاص القانون الخاص. أثره. عدم اعتبارها من بين الجهات التي حددها المشرع بالمادة الأولى ق 7 لسنة 2000. لازمه. عدم تطبيق نص م 11 من القانون سالف الذكر عليها.
(3) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود: سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقد".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير الشروط والعقود بما تراه دالا على حقيقة ما قصده العاقدان. عدم خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض مادامت الاعتبارات التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي وصلت إليها.
(4) حكم "عيوب التدليل: القصور في التسبيب: ما يعد كذلك".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري للخصم. قصور. مؤداه. بطلانه.
(5) عقد "زوال العقد: الفسخ الاتفاقي".
تضمن العقد التبادلي شرط فاسخ. مؤداه. وجب إعماله متى أخل أحد الخصوم بالتزاماته الناشئة عن العقد. الاستثناء. صدور سلوك من الطرف الآخر صراحة أو ضمنا ينبئ بتنازله عن إعمال الشرط. مثال.
----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها على أن ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة "وفي المادة الحادية عشرة منه على أنه "... لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول ..." مؤداه أنه إن لم يكن أطراف النزاع ممن عددتهم المادة الأولى من القانون سالف الذكر فلا يلزم عرض النزاع ابتداء على تلك اللجان.
2 - إن النص في المادة الأولى من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1963 في شأن تحويل الجمعية التعاونية للبترول بالقاهرة إلى شركة مساهمة على أن "استثناء من أحكام القانون رقم 26 لسنة 1954، والقانون رقم 317 لسنة 1956 المشار إليهما، تحول الجمعية التعاونية للبترول إلى شركة مساهمة يطلق عليها اسم (الجمعية التعاونية للبترول) تتبع المؤسسة المصرية العامة للبترول. ويصدر بالنظام الأساسي للشركة قرار من مجلس إدارة المؤسسة المذكورة" والنص في المادة الثالثة من ذات القانون على أن "يكون لحامل كل سهم من أسهم الجمعية سهم من أسهم الشركة الجديدة بنفس قيمته الاسمية" والنص في المادة السادسة من القانون المذكور على أن "يصرح بتداول الأسهم بمجرد إصدارها" يدل على أن الجمعية التعاونية للبترول قد غدت شركة مساهمة اطلق عليها اسم "الجمعية التعاونية للبترول" تتبع المؤسسة المصرية العامة للبترول - التي حلت محلها الهيئة المصرية العامة للبترول - ويصدر بنظامها الأساسي قرار من مجلس إدارتها، ويكون لحامل كل سهم من أسهم الجمعية سهم من أسهم الشركة الجديدة بنفس قيمته الاسمية، وعلى أن تحل هذه الشركة محل الجمعية السابقة في حقوقها والتزاماتها. ومن ثم فإن الجمعية التعاونية للبترول تعمل بوصفها شركة مساهمة من أشخاص القانون الخاص، ويتعلق نشاطها بتطبيق قواعد هذا القانون ومن ثم فإنها ليست من الجهات التي عناها المشرع بالمادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000، ويكون شرط تطبيق المادة الحادية عشر من القانون سالف الذكر غير متوفر.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير الشروط والعقود على وفق ما تراه من ظروف الدعوى وملابساتها دالا على حقيقة ما قصده العاقدان، فإذا رأت مدلولا معينا لشرط أو عقد، وبينت من حكمها كيف أفادت صيغة الشرط أو العقد ذلك المدلول فلا يصح الاعتراض عليها لدى محكمة النقض ما دامت الاعتبارات التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي وصلت إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في قضائه أن الطاعنة في الطعن الأول قد قامت بإدخال الطاعن في الطعن الثاني شريكا لها في الشركة وأسندت إليه مسئولية إدارتها وهو ما يعد تعديلا لأطراف العقد مما كان يستلزم الحصول على موافقة كتابية من المطعون ضدها وفقا للبند السابع عشر من العقد، ولما كان هذا الاستخلاص سائغا ولا خروج فيه عن عبارات البند سالف الذكر، فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع بغية الوصول إلى نتيجة مخالفة لما انتهى إليها الحكم، وهو مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم وكان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإن هذا الإغفال يعد قصورا في التسبيب يؤدي إلى بطلان الحكم.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا تضمن العقد التبادلي شرطا فاسخا صريحا فإنه يترتب إعماله إذا أخل أحد الخصوم بالالتزامات الناشئة عن هذا العقد إلا إذا صدر من سلوك الطرف الآخر ما ينبئ عن تنازله عن إعمال هذا الشرط سواء كان ذلك صراحة أو ضمنا. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الشركة الطاعنة في الطعن الأول قد تمسكت حال نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف بتنازل الشركة المطعون ضدها عن إعمال الشرط الفاسخ الصريح وذلك بقبولها مقابل الانتفاع الوارد في عقد التعهد بالعمولة محل المنازعة وذلك بعد إقامتها الدعوى أمام المحكمة الابتدائية وقدمت حافظة مستندات تضمنت الإيصالات الدالة على ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بإيراد هذا الدفاع والرد عليه بأسباب خاصة رغم أنه دفاع جوهري يترتب عليه - إن صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور في الأسباب المؤدى إلى بطلانه.

-----------

الوقائع

حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين - في أن الشركة المطعون ضدها في الطعن رقم 13015 لسنة 80 ق أقامت الدعوى رقم .... لسنة 2006 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الشركة الطاعنة في ذات الطعن بطلب فسخ عقد تعهد بالعمولة المؤرخ 29/ 6/ 2005 وتسليم محطة التعاون لخدمة وتموين السيارات محله بمشتملاتها وإلزامها بأداء مليون جنيه تعويضا عن عدم تسليمها المحطة وذلك على سند من أنه تحرر بين المطعون ضدها والطاعنة عقد بموجبه تعيرها المطعون ضدها المحطة المذكورة وقد تضمن العقد شرطا صريحا فاسخا يحظر عليها التنازل عن العقد أو تحويله للغير أو تأجير كل أو جزء من المحطة إلا بموافقة كتابية من المطعون ضدها ولما كانت الطاعنة قد قامت بتعديل الشركة وتغيير المدير المسئول دون موافقة المطعون ضدها، الأمر الذي يتحقق معه الشرط الصريح الفاسخ، ومن ثم أقامت الدعوى. وجهت الطاعنة طلبا عارضا للمطعون ضدها بإلزامها بالتعامل مع الشركة حسب تعديلها في شخص ممثلها الجديد ومسماها الجديد - الطاعن في الطعن رقم 14312 لسنة 80 ق - على سند من أنها أخطرتها بتعديل الشركة واستمرت في التعامل معها بعد ذلك. تدخل الطاعن في الطعن الأخير انضماميا للطاعنة في رفض الدعوى وطلب إلزام المطعون ضدها بأن تؤدي له مليون جنيه تعويضا. بتاريخ 25 نوفمبر 2006 قضت المحكمة برفض الطلبين العارضين وبفسخ عقد التعهد بالعمولة المؤرخ 29/ 6/ 2005 وإلزام الطاعنة في الطعن الأول بتسليم العين محل العقد للمطعون ضدها وإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 10000 جنيه تعويضا ماديا وأدبيا. استأنفت الطاعنة في الطعن الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 123 ق القاهرة بتاريخ 15 يونيو 2010 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة (... بصفتها) في هذا الحكم بطريق النقض برقم 13015 لسنة 80 ق، كما طعن فيه بذات الطريق الخصم المتدخل برقم 14312 لسنة 80 ق، وأودعت النيابة مذكرة في الطعنين أبدت فيها الرأي برفضهما، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - وحددت المحكمة جلسة لنظرهما، وفيها أمرت بضم الطعن الثاني إلى الأول، والتزمت النيابة رأيها.

---------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، إذ أطرح ما تمسكت به من عدم قبول الدعوى لعدم لجوء المطعون ضدها للجان التوفيق في المنازعات وفقا للقانون رقم 7 لسنة 2000 مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها على أن ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة" وفي المادة الحادية عشرة منه على أنه "... لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول ..." مؤداه أنه إن لم يكن أطراف النزاع ممن عددتهم المادة الأولى من القانون سالف الذكر فلا يلزم عرض النزاع ابتداء على تلك اللجان. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الأولى من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1963 في شأن تحويل الجمعية التعاونية للبترول بالقاهرة إلى شركة مساهمة على أن "استثناء من أحكام القانون رقم 26 لسنة 1954، والقانون رقم 317 لسنة 1956 المشار إليهما، تحول الجمعية التعاونية للبترول إلى شركة مساهمة يطلق عليها اسم (الجمعية التعاونية للبترول) تتبع المؤسسة المصرية العامة للبترول. ويصدر بالنظام الأساسي للشركة قرار من مجلس إدارة المؤسسة المذكورة" والنص في المادة الثالثة من ذات القانون على أن "يكون لحامل كل سهم من أسهم الجمعية سهم من أسهم الشركة الجديدة بنفس قيمته الاسمية" والنص في المادة السادسة من القانون المذكور على أن "يصرح بتداول الأسهم بمجرد إصدارها" يدل على أن الجمعية التعاونية للبترول قد غدت شركة مساهمة أطلق عليها اسم "الجمعية التعاونية للبترول" تتبع المؤسسة المصرية العامة للبترول - التي حلت محلها الهيئة المصرية العامة للبترول - ويصدر بنظامها الأساسي قرار من مجلس إدارتها، ويكون لحامل كل سهم من أسهم الجمعية سهم من أسهم الشركة الجديدة بنفس قيمته الاسمية، وعلى أن تحل هذه الشركة محل الجمعية السابقة في حقوقها والتزاماتها، ومن ثم فإن الجمعية التعاونية للبترول تعمل بوصفها شركة مساهمة من أشخاص القانون الخاص، ويتعلق نشاطها بتطبيق قواعد هذا القانون، ومن ثم فإنها ليست من الجهات التي عناها المشرع بالمادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000، ويكون شرط تطبيق المادة الحادية عشر من القانون سالف الذكر غير متوفر، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ اعتبر تعديل عقد الشركة هو تحويل لعقد التعهد دون اتفاق بين طرفيه يتحقق به الحظر الوارد بالبند رقم 17 من العقد وأعمل مقتضاه، في حين أن ما تم هو إدخال شريك جديد في الشركة وأسند إليه إدارتها وهو ما لا يستلزم موافقة المطعون ضدها، ومن ثم لا يعد إخلالا بالبند المذكور، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير الشروط والعقود على وفق ما تراه من ظروف الدعوى وملابساتها دالا على حقيقة ما قصده العاقدان، فإذا رأت مدلولا معينا لشرط أو عقد، وبينت من حكمها كيف أفادت صيغة الشرط أو العقد ذلك المدلول فلا يصح الاعتراض عليها لدى محكمة النقض ما دامت الاعتبارات التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي وصلت إليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في قضائه أن الطاعنة في الطعن الأول قد قامت بإدخال الطاعن في الطعن الثاني شريكا لها في الشركة وأسندت إليه مسئولية إدارتها وهو ما يعد تعديلا لأطراف العقد مما كان يستلزم الحصول على موافقة كتابية من المطعون ضدها وفقا للبند السابع عشر من العقد، ولما كان هذا الاستخلاص سائغا ولا خروج فيه عن عبارات البند سالف الذكر، فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع بغية الوصول إلى نتيجة مخالفة لما انتهى إليها الحكم، وهو مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، إذ أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة في الطعن الأول من تنازل الشركة المطعون ضدها عن حقها في إعمال الشرط الفاسخ الصريح الوارد بالعقد موضوع الدعوى وذلك بقبول الأجرة المستحقة عن استغلال المحطة بعد إقامة الدعوى، وقدمت تدليلا لذلك حافظة مستندات طويت على إيصالات نسبتها إلى المطعون ضدها إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بإيراد هذا الدفاع والرد عليه رغم أنه دفاع جوهري يتغير بالرد عليه وجه الرأي في الدعوى، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
حيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم وكان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن هذا الإغفال يعد قصورا في التسبيب يؤدي إلى بطلان الحكم. لما كان ذلك، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا تضمن العقد التبادلي شرطا فاسخا صريحا فإنه يترتب إعماله إذا أخل أحد الخصوم بالالتزامات الناشئة عن هذا العقد إلا إذا صدر من سلوك الطرف الآخر ما ينبئ عن تنازله عن إعمال هذا الشرط سواء كان ذلك صراحة أو ضمنا. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الشركة الطاعنة في الطعن الأول قد تمسكت حال نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف بتنازل الشركة المطعون ضدها عن إعمال الشرط الفاسخ الصريح وذلك بقبولها مقابل الانتفاع الوارد في عقد التعهد بالعمولة محل المنازعة وذلك بعد إقامتها الدعوى أمام المحكمة الابتدائية، وقدمت حافظة مستندات تضمنت الإيصالات الدالة على ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بإيراد هذا الدفاع والرد عليه بأسباب خاصة رغم أنه دفاع جوهري يترتب عليه - إن صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور في الأسباب المؤدى إلى بطلانه مما يتعين نقضه.

الاختصاص ودعوى الضمان للأستاذ مرقس أفندي فهمي المحامي

مجلة المحاماة - العدد السادس
السنة الأولى - أول ديسمبر سنة 1920

المباحث القانونية والتشريعية
الاختصاص ودعوى الضمان
للأستاذ مرقس أفندي فهمي المحامي
أيزول الاختصاص الأهلي باختصام ضامن أجنب

1 - فقه محكمة الاستئناف:
يحسن أن نأتي في صدر البحث برأي محكمة الاستئناف في هذا الموضوع، تصفحنا المجموعة الرسمية، من أول عهدها إلى اليوم، فوجدنا أن هذا النزاع حكمت فيه محكمة الاستئناف خمس مرات.
ففي أربعة أحكام صدرت من دوائر مختلفة بين سنة 1897 وسنة 1910 تقرر صراحةً أن مخاصمة ضامن أجنبي لدى المحكمة المختلطة لا يمكن أن يكون من شأنه عدم اختصاص المحكمة الأهلية بالقضاء فيما رُفع إليها من قبل وكان داخلاً ضمن اختصاصها.
هذه نصوص الأحكام منقولة بالحرف:
أول يونيو سنة 99 مجموعة سنة أولى صفحة 102:
(عدم اختصاص المحكمة بدعوى الضمان لا يغير شيئًا من اختصاصها بالدعوى الأصلية، فإن كان الخصوم في الدعوى الأصلية من رعايا الحكومة المحلية، وأدخل بعضهم في الدعوى أجنبيًا بصفته ضامنًا فلا يترتب على دعوى الضمان هذه عدم اختصاص المحكمة بالدعوى الأصلية وتبقى مختصة بالنظر فيها دون دعوى الضمان).
15 إبريل سنة 1906 مجموعة سنة 8 عدد أول يناير سنة 1907:
وحيث إن دعوى الضمان المرفوعة من الدسوقي حسين ضد عبد الرحمن أفندي سعادة هي من الدعاوى التبعية ولكون عبد الرحمن أفندي ليس من رعايا الحكومة المحلية فالمحاكم الأهلية غير مختصة بها.
وحيث إن عدم الاختصاص بالنظر في الدعوى التبعية لا يؤثر على الاختصاص بالنظر في الدعوى الأصلية.
19 مارس سنة 1910 مجموعة سنة 11 عدد (117):
ثانيًا: أن الادعاء بوجود صالح لأجنبي في نفس موضوع الدعوى لا يكفي لاعتبار المحاكم الأهلية غير مختصة بنظر الدعوى المرفوعة أمامها.
ثالثًا: أن المادة (136) مرافعات المتعلقة بطلب إحالة الدعوى على محكمة أخرى لا تنطبق إلا في حالة طلب إحالة الدعوى من محكمة أهلية على محكمة أهلية أخرى لا من محكمة أهلية على محكمة مختلطة.
أما الحكم الرابع فمشار إليه في المجموعة هكذا:
(راجع حكم محكمة الاستئناف في 11 فبراير سنة 1897 القضاء سنة رابعة صفحة 174).
ويلاحظ أن واقعة النزاع في هذا الحكم كما هو مبين فيه: أن الخصوم كانوا يتنازعون ملكية قطن وثمنه، فرفع أجنبي دعوى لدى المحكمة المختلطة يدعي ملكية هذا القطن نفسه لأنه اشتراه فالنزاع كان واحدًا ومتعلقًا بعين معينة.
ومع هذا قررت المحكمة أن اختصاصها يبقى ثابتًا لا يهمها في ذلك ما ستحكم به المحكمة المختلطة في نفس الملكية المطروح أمامها الفصل فيها.
أما الحكم الخامس فصادر في 30 مايو سنة 1910 وهو في قضائه صواب، وإن كانت نظريته القانونية لا سند لها.
واقعة الحكم كما يظهر من نصه: أن مجلسًا أجنبيًا قرر بنقل عظام ميت، فنفذ عمال البطريكخانة أمره فرفع أهل المتوفى دعوى على البطريكخانة وقرروا في صحيفة الدعوى أن الذي ارتكب العمل الموجب للمسؤولية إنما هو ذلك المجلس الأجنبي (كذا في وقائع الحكم) غير أنهم يطالبون البطريكاخنة وحدها بالتعويض.
كان لا بد أن يقوم في نفس المطلع على الدعوى اعتراض قوي فإنه لا يجوز عدلاً ولا قانونًا أن يعترف من وقعت عليه الجنحة أو شبهها أن مرتكبها الأصلي والمسؤول عنها هو زيد ثم يتركه ويختصم بكرًا بسببها.
قالت محكمة الاستئناف في حكمها إنه مع اعتراف المدعي بأن الذي خالف القانون وارتكب الواقعة المطلوب تعويضها هو أجنبي خاضع لقضاء المحكمة المختلطة، فيجب أن تقام الدعوى عليه لأنه الخصم الحقيقي فيها واستنتجت من هذا أن المحكمة الأهلية غير مختصة.
والذي يدقق النظر ويريد أن يعطي هذه الواقعة حكمها الصحيح من حيث المبادئ يرى أن القضاء في هذا المقام كان يجب أن يكون بعدم القبول لأن اعتراف المدعي بأن من اعتدى عليه أجنبي يقتضي أن الخصومة موجهة باعتراف صاحبها ضد غير المسؤول فيها فعدم القبول كان أقرب لقواعد القانون.
غير أن الواقعة استفزت شعور القاضي والشعور يندفع بصاحبه في الحال فلما أراد أن يترجم عن هذا الشعور العادل أخطأ الترجمة فوضع كلمة عدم الاختصاص في محل عدم القبول وقد سهل على القاضي هذه الترجمة أن الدفاع الذي يهيئ دراسة الوقائع وتطبيقها على القانون كان مفرغًا في صيغة عدم الاختصاص فتمشى القاضي معه وصدر الحكم منطبقًا على وجدانه الصحيح في واقعته.
ومهما يكن من الأمر فإن الحكم - فضلاً عن تعلقه بهذه الحادثة وتأثره بالطبع بظروفها - صريح في أن هذه مسألة يترك للمحاكم تقديرها ولسنا نرى أن مسائل الاختصاص المتعلقة بالنظام مما يترك للقاضي التقدير فيها، فيقول تارة باختصاصه وتارة بعدمه على حسب الوقائع وتقلباتها.
وسواء كان المذهب صحيحًا أو غير صحيح فإن صريح الحكم أنه لم يضع مذهبًا على إطلاقه لكنه أراد أن يقول إن من الوقائع ما يستدعي عدم قبول الخصومة ضد الوطني وحده والواقعة المعينة فيه كانت بلا شك تقتضي ذلك، والفرق بين عدم الاختصاص وبين عدم القبول فرق دقيق قد يتسامح فيه ما دام الحكم في جملته منطبقًا على العدل، وهو كل ما يريده القاضي ويسعى إلى تحقيقه.
يستنتج من هذا أن فقه محكمة الاستئناف يقضي في أحكامه أن دعوى الضمان على أجنبي لا تؤثر في اختصاص المحكمة الأهلية بحال من الأحوال.
2 - مبادئ ونصوص:
نشير باختصار إلى المبادئ التي لا نزاع فيها لنرفع الشبهة، ولا يبقى للشك مجالاً:
أولاً: أن القانون صريح في نصوصه، لا يعرف من أسباب عدم الاختصاص إلا سببين، فإما عدم اختصاص لشخصية الخصوم وإما عدم اختصاص لنوع القضية وأهميتها.
وفيما عدا هذين النوعين فلا يعرف أحد قاعدة أخرى يسند إليها اختصاص المحاكم.
ومن البديهي أن مسائل عدم الاختصاص من أهم ما يرتبط بالنظام العام فلا يجوز للخصوم أن يضيفوا إلى نص القانون نصوصًا أخرى، ولا للمحاكم أن تفترض من أسباب عدم الاختصاص أسبابًا لم يقررها القانون، فيكون منها تقديم دعوى ضمان ضد أجنبي.
ثانيًا: أن إدخال الضامن دفاع، فإذا كان من شأنه تغيير الاختصاص فمركز هذا في النظر القانوني أن مصلحة المدعى عليه الخاصة، وطريقة دفاعه - قد تولد سببًا ثالثًا لعدم الاختصاص غير الأسباب التي وضعها الشارع. ولسنا نعلم ولا يعلم أحد على ما نظن أن مصلحة الدفاع كما يعتقدها أو يتوهمها صاحب الشأن يصح أن تؤثر على اختصاص المحكمة فتصدمه بعد أن كان ثابتًا في ذاته.
ثالثًا: أن المرافعة عقد قضائي يلزم للقاضي وللخصوم معًا، فإذا كان الحق المتنازع عليه من اختصاص القاضي، وكان الخصوم خاضعين لقضائه فقد تمت بذلك أركان التعاقد القضائي وتعين على القاضي أن يحكم وإلا فهو ممتنع، ولا وصف لعمله غير هذا.
رابعًا: أن اختصاص المحكمة يتعين عند رفع الدعوى وفي ساعة إعلانها، وكل ما يطرأ بعد هذا الإعلان من أعمال الخصوم مهما كان نوعه لا يغير هذا الاختصاص، فلو أن نفس المدعى عليه غير تبعيته الشخصية، فإن الدعوى التي رُفعت عليه تظل منظورة أمام المحكمة الأصلية حتى يفصل فيها نهائيًا.
كذلك الأمر في إجراءات الدفاع فإن المدعى عليه لا يستطيع لمجرد إرادته أن يقول إن دفاعي يقلب موضوع الدعوى وينقله من مركزه القانوني إلى مركز جديد واختصاص جديد.
خامسًا: أن دعوى الضمان ملحقة بالدعوى الأصلية وليس من المعقول أن يصبح الملحق أصلاً والأصل ملحقًا، فيقال إن تصرف المدعى عليه في الدفاع يخرج الدعوى من اختصاص قاضيها ويقتضي إحالتها على قاضٍ لا نزاع في أنه كان غير مختص لو لم يقدم هذا الدفاع الجديد.
سادسًا: أن القانون صريح، جعل لحالة إدخال الضامن نصًا غير نص عدم الاختصاص وهذا تفريق بين الأمرين بطريقة واضحة لا تقبل الجدل، فالدفع بعدم الاختصاص بسبب إدخال ضامن خروج عن نصوص القانون الصريحة وخلط بين أحكامها.
سابعًا: أن قاعدة إدخال ضامن في نفس الدعوى المرفوعة ليست من الكليات الأصلية التي تتوقف عليها ولاية القاضي، ولا هي من شروط تكوين العقد القضائي الملزم للقاضي أن يحكم في الخصومة التي رفعت لديه بحيث إذا لم يدخل الضامن كان العقد القضائي ناقصًا وولاية القاضي منقوصة - بل هي استثناء للقاعدة الأصلية الكلية التي تكون الخصومة بقيامها بين مدعٍ ومدعى عليه، وهي ميزة أُعطيت للمدعى عليه بشروط خاصة أهمها أن تكون المحكمة التي يراد رفع دعوى الضمان لديها مختصة بنظر هذه الدعوى بذاتها، إذا رفعت أمامها كدعوى مستقلة فإذا لم تتوفر بشروط دعوى الضمان وكانت المحكمة غير مختصة بها فلا يقدح هذا في صحة الدعوى الأصلية وإلزام القاضي بأن يحكم فيها.
ثامنًا: أن دعوى الضمان إنما هي دخول خصم ثالث قهرًا عنه والقانون صريح (مادة 295) في أن دخول الخصم الثالث لا يجوز بحال من الأحوال أن يكون سببًا في تأجيل الفصل في الدعوى - فمن باب أولى لا يمكن أن يكون سببًا للتقرير بعدم الاختصاص ولا بالإيقاف ما دامت الدعوى بحدودها الأصلية داخلة ضمن اختصاص المحكمة.
تاسعًا: أن القانون كله صراحة في أن دعوى الضمان لا تعطي مدعيها أكثر من طلب ميعاد لإدخال الضامن، وللمحكمة أن تعطي الميعاد أو ترفضه ولها أن لا تؤخر الدعوى الأصلية أو لا تؤخر الفصل فيها (مواد 140 - 143 - 144) وللمحكمة مع قيام دعوى الضمان أن تحكم في الدعوى الأصلية بحكم مستقل، ثم تحكم في دعوى الضمان مستقلة أيضًا (مادة 145).
ولا معنى للقول بأن من مستلزمات الضمان أن يكون الفصل فيه مع الدعوى الأصلية بحكم واحد، وأن هذا التلازم واجب إلى حد إعدام ولاية القاضي وإخراج القضية من سلطته إذا قام مانع قانوني يحول بينه وبين النظر في قضية الضمان.
وغريب جدًا أن يعطي القانون للقاضي السلطة المطلقة في أن لا يهتم لدعوى الضمان أصلاً، حتى ولو كان مختصًا بنظرها وأن لا يؤخر الفصل في الدعوى الأصلية بسببها وذلك بمحض اختياره وإرادته، ثم إذا ظهر أن هذا التصرف نفسه مفروض عليه من طريق القانون حرصًا على قواعد الاختصاص - كان تصرفه معيبًا واعتبر القاضي في خضوعه للقانون وتنفيذه قد تعدى اختصاصه وتجاوز سلطاته.
لا نظن أن هذا جدل صحيح يستوقف من يتحرى القانون ويريد أن يقف عند مبادئه ونصوصه.
عاشرًا: أن القانون نص صراحةً (مادة 147) - على حالة إدخال الضامن أمام محكمة غير مختصة في الأصل بنظر القضية ضده - فقرر أن المحافظة على قواعد الاختصاص من ألزم واجبات القاضي فلا يجوز للخصوم أن يحتالوا على تغييرها فإذا ظهر للقاضي أن دعوى الضمان حيلة لجلب الضامن أمام محكمة غير مختصة ترك دعوى الضمان (للمحكمة المختصة بها) وحكم في الدعوى الأصلية وحدها.
تلك قواعد القانون الكلية ومبادئه ونصوصه الصريحة.
ولسنا ندري كيف يجد من يقول بأن الدعوى الأصلية يجب أن تتسع دعوى الضمان، سندًا من القانون أو مبادئه العامة، بل لا ندري كيف يصح أن تكون هذه المسألة من المسائل الخلافية بين أهل القانون.
3 - العلم والعمل في القانون الأفرنسي:
مواد الضمان عندنا منقولة من القانون الأفرنسي حرفًا بحرف.
أجمع العلماء عندهم إجماعًا لا خلاف فيه على أن دعوى الضمان ملحقة على الدوام بالدعوى الأصلية، ولا يمكن أن ينعكس الحال فتجذب هي الدعوى الأصلية وتغير اختصاص القاضي المختص أصلاً بالدعوى.
هناك مسألة الأجانب كما هي عندنا لا تختص المحاكم الأفرنسية بنظر ما شجر بينهم من النزاع لكنها تختص بالنزاع القائم بين أفرنسي وأجنبي فإذا رفع الأفرنسي دعواه على أجنبي فأراد هذا أن يدخل ضامنًا أجنبيًا في الدعوى، فالمحكمة لا يهمها من دعوى الضمان شيء، ولا تناثر بها ولا تقف عن الفصل في الدعوى الأصلية لعدم اختصاصها بدعوى الضمان.
قد يقوم في الوهم أن هذا قياس مع الفارق لأن القضاء الأفرنسي ليس منه سلطة مختصة بالفصل في الدعاوى المختلطة كما هو شأننا، ولكن هذا الاعتراض غير وجيه لمن يتأمل فإن دعوى الضمان موضوعها أن المدعى عليه الأصلي يطلب أن يحل محله في الخصومة خصم آخر هو أولى بالدفاع عن الحق المتنازع عليه ضد المدعي، فالخصومة في الواقع باقية بن الأفرنسي المدعي وبين مدعى عليه أجنبي هو الضامن، فالمحكمة الأفرنسية مختصة بالفصل في الدعويين على اعتبار أنهما في الواقع أصبحا دعوى واحدة يحكم فيها بحكم واحد.
لكن الذي حال بين هذا مبدأ أساسي في دعوى الضمان وهو أن دعوى الضمان لا يجوز قبولها ضمن الدعوى الأصلية إلا إذا كان من الجائز قبولها أمام نفس المحكمة لو أنها رُفعت مستقلة فينظر أولاً إلى دعوى الضمان على حدتها وكأنها دعوى مستقلة ثم تعطي حكمها على هذا الاعتبار، فإذا كانت من اختصاص القاضي المنظورة أمامه الدعوى الأصلية جاز الكلام في ضمنها إلى النزاع، وإذا لم تكن في ذاتها من اختصاصه، كان من المحال اعتبارها دعوى ضمان، فلا تضم إلى الدعوى الأصلية ولا توقف الفصل فيها بحال من الأحوال.
هذا هو المبدأ الصحيح الذي يجب القياس عليه عندنا كما أخذ أساسًا عندهم، وهو مستفاد صراحةً من حكم المادة (147) وقد بحثناها فلا نعود إليها هنا.
على أن هذا القياس ليس وحيدًا في مقامنا فإنهم بحثوا أيضًا حالة عدم اختصاص المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الأصلية بدعوى الضمان باعتبار أن دعوى الضامن من اختصاص محكمة أفرنسية أخرى، وهذه هي حالتنا لأن المحكمة المختلطة محكمة مصرية.
كان رأيهم الإجماعي أيضًا أنه إذا كانت دعوى الضمان بصفتها دعوى مستقلة من اختصاص محكمة أفرنسية غير التي رُفعت أمامها الدعوى الأصلية فإن هذا لا يؤثر على الدعوى الأصلية بشيء ولا يوقفها ولا يقتضي عدم الاختصاص فيها، بل يجب أن تسير الدعوى الأصلية وحدها ويجب أن تفصل فيها المحكمة التي رُفعت إليها ما دامت أنها مختصة بها أصلاً، وللمدعى عليه أن يتخذ إجراءاته في دعوى الضمان أو الرجوع أمام محكمة أخرى ولا أهمية في هذا لاحتمال التناقض بين الحكمين.
قد يكون الدين تجاريًا بالنسبة لأحد المدينين ومدنيًا بالنسبة للثاني وبالنسبة للضامن فتقرر أن الدعوى التجارية المنظورة أمام محكمة تجارية لا تخرج من اختصاص تلك المحكمة لأن المدعى عليه أُدخل ضامنًا أمام محكمة مدنية إنما الواجب أن تحكم المحكمة التجارية بما ترى ضد المدعى عليه ثم تحكم المحكمة المدنية في دعوى الضمان بما ترى أيضًا (داللوز جزء (23) صفحة (155) نوتة (385) و(395) و(398) و(399)).
وما منعهم في تقرير هذا الرأي والإجماع عليه احتمال أن تحكم المحكمة التجارية بصحة الدين، ثم تحكم المحكمة المدنية بأن هذا الدين باطل للغش أو للتزوير أو لأي سبب من الأسباب المبطلة له، فما كان احتمال الخلاف بين القضائين سببًا لإعدام سلطة المحكمة التي رُفعت أمامها الدعوى.
قد يحصل عندنا كما يحصل عندهم أن يكون النزاع في الدعوى الأصلية أمام محكمة جزئية، لكن دعوى الضمان تقتضي البحث في عقد لا يجوز الفصل فيه إلا للمحكمة الكلية، وقضاء المحكمة الكلية في هذا المقام أعم من قضاء الجزئي، ومع هذا لا يجوز أصلاً أن تكون دعوى الضمان سببًا لإعدام اختصاص المحكمة الجزئية أو لتعطيل سلطتها فتوقف الحكم في الدعوى الأصلية وهي مختصة بها، فلا يهمها أن المدعى عليه رأى في دفاعه أن يرفع دعوى ضمان على خصم ثالث لا يمكن المرافعة ضده إلا أمام المحكمة الكلية.
كذلك الحال إذا كان المدعى عليه في دعوى الضمان له امتياز شخصي فلا يجوز محاكمته إلا أمام محكمة خاصة كالأجانب عندنا، وكبعض الموظفين عندهم (المحضرون وغيرهم) فإن دعوى الضمان في مثل هذه الحالة لا تضم إلى الدعوى الأصلية ولا تؤثر على اختصاص القاضي ولا توقف الفصل في الدعوى (داللوز جزء (23) صفحة (159) فقرة (395)).
بناءً على هذا فمن الواضح الجلي أن دعوى الضمان تأتي ملحقة للدعوى الأصلية باعتبارها فرعًا تابعًا لها ولا تلحق بها إلا إذا كانت في ذاتها من اختصاص المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الأصلية.
أما أنها تعتبر أصلاً جديدًا، وتأخذ معها الدعوى الأصلية على أنها فرع ملحق بها فذلك مخالف للقانون والتدليل الفعلي ولم يقل به عالم ولا محكمة.
ونعيد أن القانون صريح جدًا في هذا فإنه بحث دعوى الضمان في فصل عنوانه (في الدفع بطلب الميعاد)، وهذا تصريح لا ينازع فيه أحد بأن دعوى الضمان لا أثر لها أكثر من طلب ميعاد، وطلب الميعاد اعتراف واضح بالاختصاص وتأكيد له فمن التناقض أخذ الضمان سببًا لعدم الاختصاص والفرار من وجه القاضي.

مجلة المحاماة - العدد السابع
السنة الأولى - أول يناير سنة 1921

دعوى الضمان
محل في دعوى الفسخ للعيب الخفي

1 - شرط دعوى الضمان:
الشرط الأساسي في دعوى الضمان أن تكون متعلقة بموضوع الدعوى الأصلية تعلقًا تامًا واقعيًا وقانونيًا معًا، بحيث أن تكون مسؤولية الضامن المراد إدخاله في الدعوى مبنية على نفس الواقعة التي قامت عليها مسؤولية المدعى عليه في الدعوى الأصلية، وعلى نفس الرابطة القانونية التي كانت سببًا للدعوى الأصلية أيضًا.
بهذا وبه فقط تقوم وحدة الخصومة في الدعويين الأصلية والفرعية، ويخشى من التناقض فيحسن الضم إذا رأت المحكمة ذلك حسنًا، لأن الأمر موكول على كل حال للقاضي.
لذلك تقرر بالإجماع علمًا وعملاً، وألفت النظر إلى كلمة بالإجماع، أنه إذا كان موضوع الدعوى الأصلية يتناول عقدًا خاصًا، ودعوى الضمان تتناول عقدًا آخر، فلا محل لضم الدعويين.
ويجب الحكم في الدعوى الأصلية وحدها بلا إمهال ولا تأجيل.
أجمعوا على أن هذا واجب حتى ولو كانت دعوى الضمان مؤسسة على نفس الواقعة المتنازع عليها في الدعوى الأصلية لأن الاتحاد في الواقعة لا يكفي للضم إذا كان كل من الدعويين مبنية على عقدين مختلفين.
لا يعترض على هذا أن الضمان في حالة النزاع في الملك يسند إلى عقد خاص يختلف عن العقد الذي يتمسك به من ينازع في الملكية لأن الملكية والحقوق العينية هي الحقوق الوحيدة التي يحتج بها على الكافة، فهي واقعة على العقار مباشرةً، ويحتج بها على كل إنسان، فالرابطة القانونية قائمة بين مدعي الملك وبين كل من ينازع فيه مباشرةً نظرًا لأصل الحق وحكمه، فشروط الضمان في هذه الحالة متوافرة على الدوام.
يقول أصحاب البنديكت فرانسيز جزء (34) صـ 360 نوتة (49) (شرط دعوى الضمان أن تكون الواقعة المسندة إليها هي نفسها المبنية عليها الدعوى الأصلية وهذه هي الحكمة التي دعت الشارع لتقرير دعوى الضمان اجتنابًا للتناقض بين الأحكام إذا حكم في كل من الدعويين بحكم مستقل).
(بناءً على هذا فليست دعوى الضمان كل دعوى رجوع تنتهي بمسؤولية خصم غير حاضر في الخصومة الأصلية ليعرض على من يحكم عليه فيها بل يجب أن تكون دعوى الرجوع هذه ترتبط بالدعوى الأصلية ارتباطًا جوهريًا لازمًا فتكون فرعًا ضروريًا من ذلك الأصل الموجود) - أحكام كثيرة.
نوتة (5): وبعبارة أخرى أن دعوى الرجوع على خصم خارج عن الخصومة بما قُضي أو يحتمل القضاء به على المدعى عليها فيها ليست على الدوام دعوى ضمان.
نوتة (51): إنما ميزة دعوى الضمان يجوز إفراغها في الصيغة الآتية:
أن المدخل في الدعوى يأخذ مقام المدعى عليه الأصلي ليتحمل مسؤولية تعهد التزم به أو ليعارض في تلك المسؤولية.
نوتة (64): ومن البديهي أنه لا يوجد أي ارتباط وتلازم إذا كانت الدعوى الأصلية مبنية على جنحة أو شبه جنحة كحادثة أضرت بالمدعي مثلاً وكانت دعوى الضمان مبنية على عقد.
(أحكام عديدة في سنة 1890 و91 و92 و93 و97 و98 و99).
نوتة (65): الدعوى المرفوعة على الفاعل أو المسؤول مدنيًا عن حادثة والدعوى المرفوعة من هؤلاء ضد شركة التأمين وإن اتحدت فيهما الواقعة التي نشأت عنها المسؤولية (كالعيب في العقار في حادثتنا) إلا أنهما غير متحدتين في السبب القانوني (نفس الأحكام).
نوتة (66): وبناءً على هذا فإن الدعويين المذكورتين لا ارتباط بينهما ويجب الفصل في كل منهما مستقلة (نفس الأحكام).
نوتة (67): وبناءً على هذا أيضًا فلا تضامن بين دعوى التعويض المرفوعة من العامل ضد صاحب العمل المسؤول وبين دعوى هذا الأخير ضد شركة التأمين فإن كلاً من هاتين الدعويين دعوى مستقلة يفصل فيها على حدة فلا يجوز للمالك إدخال شركة التأمين في الدعوى الأصلية المرفوعة عليه (نفس الأحكام).
إذا أخذنا هذه المبادئ وأردنا تطبيقها على دعوى الفسخ للعيب الخفي فلا تترد في الحكم بأن دعوى الرجوع الموجهة على البائع الأصلي لا يمكن أن تكون من دعاوى الضمان التي يجب ارتباطها بالدعوى الأصلية ليحكم فيها بحكم واحد ذلك لأن الرابطة القانونية بين الخصمين في الدعوى الأصلية غير الرابطة القانونية بين الخصمين في دعوى الرجوع فإن المدعي والمدعى عليه أمام المحكمة الأهلية في دعوى الفسخ بسبب العيب الخفي إنما يتنازعان في العقد المبرم بينهما وخصومتهما قاصرة عليه لا تتعداه.
أما هذا المدعى عليه فإنه إذا أراد مخاصمة بائعه السابق على اعتبار أنه خدعه أيضًا في عقده فإنما هو ينازعه في ذلك العقد ولا دخل لصاحب الخصومة الأصلية فيه بوجه من الوجوه.
صحيح أن العقار واحد وأن العيب الذي فيه واقعة واحدة غير أن وحدة الواقعة كما علمنا لا تكفي لتوحيد النزاع لأن العيب الخفي في العقار لا يمنع من التصرف فيه منعًا مطلقًا يشمل كل إنسان بل قد يشتريه هذا ولا يشتريه غيره ولكل بيع ثمن والعيب هنا أمر نسبي يختلف باختلاف الأشخاص وتقديراتهم ويختلف على الخصوص باختلاف الثمن الذي ورد في العقد فما بيع بعشرة على عيبه يجوز أن يكون البيع فيه صحيحًا نافذًا ولكن إذا بيع نفس هذا العقار بعشرين فبيعه يقبل الفسخ.
لا تلازم إذًا بين العقدين ولا بين الخصومتين لا في الواقع ولا في القانون، فالقول بعدم جواز الحكم في العقد الحاصل بين وطنيين، وهو وحده المطلوب فسخه بدون بطلان العقد السابق عليه الحاصل بين المدعى عليه والأجنبي إنما هو تحكم في الواقع وفي أحكام القانون.
2 - جوهر دعوى العيب الخفي:
يجرنا هذا إلى بيان جوهر دعوى الفسخ للعيب الخفي فقد يفهم البعض أنها دعوى عينية إذا تعلقت بعقار ويخرج من هذا إلى أن دعوى رجوع المدعى عليه في العيب الخفي على بائعه الأسبق هو رجوع بحق عيني فهي من دعاوى الضمان التي يجب الفصل فيها مع الدعوى الأصلية.
ذلك خطأ فإن الحقوق العينية محددة على سبيل الحصر فلا تقبل المزيد فهي الملك وحق الانتفاع وحق الارتفاق والرهن والحبس وفيما عدا هذا فلا يوجد حق عيني آخر ولا يملك المفسر أو القاضي أن يعتبر أي حق من الحقوق عينيًا على سبيل القياس والأخذ بالمشابهات.
من الواضح أن دعوى فسخ العقود للعيب الخفي لا تتناول النزاع في حق الملكية ولا في أي حق من الحقوق المتفرعة عنهما، إنما ينحصر موضوعها في طلب فسخ عقد على اعتبار أنه التزام شخصي وتعهد قانوني، فيراد بالدعوى إعدام هذا التعهد ورفع التكاليف التي تقررت بمقتضاه بصرف النظر عن موضوع الحقوق التي تؤدي إليها في نتيجتها الأخيرة.
لهذا فإن دعاوى بطلان العقود للغش أو للخطأ أو للإكراه كلها من الدعاوى الشخصية وإن تعلقت بعقار أو بحقوق عينية.
يقول لوران في هذا الموضوع (جزء 24 – صـ 272): (ليست دعوى العيب الخفي دعوى ضمان لأن الضمان معناه الدفاع عن حق الملكية إذا أنكرها ثالث،
أما في حالة العيب الخفي فبديهي أن المسألة بعيدة عن طلب الدفاع عن ملكية البيع، إذ ما دام أن في العقار عيبًا فإن المشتري يطلب إما الفسخ وإما تنقيص الثمن ومعنى هذا أن الدعوى موضوعها أن البائع لم ينفذ عقده.
المبدأ هنا هو مبدأ فسخ العقود، وإن تشابه الأمر في الحالتين فلكل حالة حكم وهما مختلفان اختلافًا واضحًا.
إنما دعوى العيب الخفي تشبه دعوى بطلان العقود للخطأ في صفة المبيع... إلخ).
وبعد أن استرسل المؤلف في شرحه في العيب الخفي والضمان، قال في صـ 283:
(لا يوجد أي ارتباط بين دعوى الفسخ بسبب العيب الخفي وبين دعوى المسؤولية الموجهة من المدعى عليه في الخصومة الأصلية ضد المقاول الذي بنى العقار، وإن كانت واقعة العيب هو المسؤول عنها).
وقد قال في شرحه هذه الحادثة إن فكرة المحامي الذي قدم هذا الدفاع خصبة في اختراع وجوه الخصومة لكنها أسباب بعيدة عن القانون ومبادئه.
ظاهر بداهةً أن هذه الحالة تنطبق على حالة إدخال البائع الأسبق ضامنًا لأن مركزه هو بنفسه مركز المقاول بل المسؤولية على المقاول الذي بنى أشد وأظهر من مسؤولية البائع، وقد وضح أن المسؤولية في جميع دعاوى الفسخ للعيب الخفي شخصية لا عينية.
ومع هذا فإن إيقاف الحق بالشخصي أو بالعيني لا يؤثر على الاختصاص بشيء فيما يتعلق بدعوى الضمان.
على أن الفروق بين موضوع الدعوى المنظورة أمام المحكمة المختلطة وبين الموضوع المنظور أمام المختلط كبيرة لا تخفى:
أولاً: أن المدعي في دعوى الفسخ أمام المحكمة الأهلية لا ينكر على البائع الأسبق ملكيته ولا أي حق من حقوقه على العقار فالقول بأنه خصم للبائع الأسبق الأجنبي وأن النزاع قائم بينهما إنما هو قول ينقضه الواقع.
ثانيًا: أن دعوى الفسخ بسبب العيب المنظورة أمام المحكمة الأهلية يجب أن تكون خاصة بالعقد الأخير الحاصل بين الوطنيين دون العقد الأسبق لأنها لا تتعداه.
ثالثًا: أن هذه الدعوى باعتبار أن موضوعها طلب بطلان عقد لخطأ المشتري في صفة المبيع هي دعوى شخصية علاقتها قائمة بين هذا المشتري الذي أخطأ وبين بائعه.
رابعًا: أن خطأ من اشترى العقار لا يقتضي حتمًا وبالذات خطأ كل المشترين والبائعين التابعين وإن أخطأ أحدهما، فإن هذا الخطأ شخصي لا يجمع بين شخصين لم يتعاقدا بل لم يتحادثا فلا يمكن لمشترٍ أن يقول لبائع أسبق قد أخطأت في تعاقدي معك فلي حق الفسخ.
خامسًا: أن علاقة الغش بين متعاقدين هي بطبيعة الحال علاقة شخصية لا تتعدى شخصًا لم يتعاقد، فلا معنى أبدًا لدعوى الضمان هنا.
3 - استحالة دعوى الضمان:
إن هذه الخصومة بحدودها لو أحيلت فعلاً إلى المحكمة المختلطة لكان حكم القانون أن يقف المدعي أمام البائع الأسبق موقف جمود وسكوت لا يستطيع أن يوجه ضده خصومة.
ذلك لأنه إذا أراد أن يطلب فسخ عقد حصل بينهما فإنه لا يجد عقدًا من هذا القبيل.
وإذا أراد أن يحل محل بائعه لطلب باسمه فسخ العقد الحاصل بينه وبين الأجنبي فيحول دون ذلك أن الدعوى موضوعها خديعة أو خطأ وهي دعوى شخصية صرفة فمن المحال أن يدعي المشتري الأخير أن العقد الذي لم يحضره ولا يعلم ساعته كان المشتري فيه مخطئًا مغشوشًا.
وأخيرًا فإنه من المحال أن تتوجه دعوى الضمان توجيهًا صحيحًا ضد البائع الأصلي، وأن تبقى دعوى الفسخ الأصلية بسبب العيب الخفي معطلة بلا حكم.
ذلك لأن المدعى عليه الأصلي إذا أقام خصومته ضد بائعه الأجنبي فإن هذه الخصومة لا يمكن توجيهها عليه إلا إذا ادعى أن في العقار عيبًا خفيًا يستوجب فسخ العقد، وفي مجرد توجيه الدعوى على هذا الشكل اعتراف بأن في العقار عيبًا واعتراف بصحة دعوى الفسخ فهو تسليم بدعوى المدعي أمام المحكمة الأهلية، فلا هو دفاع فيها، ولا إنكار لها، فطلب المدعى عليه الحكم بعدم الاختصاص أو لعدم الفصل في الدعوى لأنه يعترف بموضوعها، ويريد بناءً على اعترافه بها مخاصمة أجنبي فيه من الغرابة والشذوذ ما هو ظاهر.
بناءً على هذا فإن مواقف الخصومة في المختلط سواء كان للمدعي في الدعوى الأصلية أمام المحكمة الأهلية أو لمدعي الضمان كلها مواقف استحالة قانونية وفعلية معًا، وليس من نتيجة إحالة الدعوى إلى المحكمة المختلطة من طريق عدم الاختصاص سوى مصادرة الدعوى في توجيهاتها القضائية المحكمية وامتناع محكمة عن الحكم في قضية لا نزاع في أنها من اختصاصها.



متى تسقط الفوائد والأجرة والحكر ونحوها المحكوم بها؟ أحمد منيب

مجلة المحاماة - العدد الثامن
السنة الخامسة - مايو سنة 1925

متى تسقط الفوائد والأجرة والحكر ونحوها المحكوم بها؟

القاعدة العامة في فرنسا (مادة (2262) مدني) أن كافة الحقوق والتعهدات والديون والدعاوى يسقط الحق في المطالبة بها بمضي 30 سنة، وفي مصر بمرور 15 سنة هلالية (مادة (208) مدني أهلي و(272) مدني مختلط أخذًا عن الشريعة الإسلامية الغراء - عدم جواز سماع الدعوى حسب اصطلاح الفقهاء) ما عدا المستثنيات التي منها:
1 - أتعاب المحامين والمهندسين والأطباء وثمن المبيعات لغير التجار وأجور المعلمين ومؤدبي الأطفال ومرتبات المستخدمين... إلخ ورسوم أقلام الكتاب والمحضرين ((209) و(210) مدني أهلي - (273) و(274) مدني مختلط و(2272) و(2273) و(2274) مدني فرنسي) فإنها تسقط بمضي 360 يومًا بشرط حلف اليمين - ما لم يوجد اتفاق كتابي صريح أو ضمني أو إنكار لذات الحق كما سيأتي في مقال آخر.
2 - ملكية الشيء المسروق أو الضائع يسقط الحق في المطالبة بها بمضي 3 سنوات ((86) مدني أهلي و(115) مدني مختلط و(2779) مدني فرنسي) - بدون حلف يمين.
3 - الكمبيالات والسندات التجارية وأوامر الدفع والتحويل (دون باقي الأعمال التجارية) تسقط بمضي 5 سنوات من تاريخ استحقاقها أو البروتستو أو آخر عمل – بشرط حلف المدين اليمين ((194) تجاري أهلي و(201) تجاري مختلط و(189) تجاري فرنسي).
4 - الفوائد والمرتبات والأجور والأحكار... إلخ أي كل ما يستحق دفعه سنويًا أو لأقل من سنة يسقط بمضي 5 سنوات بدون حلف يمين (مادة (211) مدني أهلي و(275) مدني مختلط و(2277) مدني فرنسي).
والبحث في هذا المقال يدور حول النقط الآتية:
أولاً: ماذا تشمل المادة (211) مدني أهلي؟
تشمل ما يأتي:
1 - جميع أنواع الفوائد سواء عن التأخير في الدفع - أو مقابل الانتفاع بالقرض... إلخ:
- المسيو دوهلس نبذة (186).
- الدكتور محمد بك كامل مرسي كتاب الملكية والحقوق العينية صحيفة (417).
- والتون جزء (2) صحيفة (525) و(527).
2 - كافة أجور الأراضي والمنازل ونحوها.
3 - الحكر: الاستئناف الأهلي 7 يناير سنة 1908 مجلة الحقوق سنة 18 صحيفة (345).
4 - الأموال الأميرية بالنسبة للمالك لا الحكومة.
5 - المعاشات بأنواعها.
6 - النفقات.
7 - المكافآت التي تُعطَى للمستخدمين العموميين أو للخصوصيين بصفة معاش دوري.
8 - كل ما يُدفع سنويًا أو في دور أقل من سنة كاشتراكات المجلات والجرائد.
ثانيًا: هل يجوز للمدين مع اعترافه صراحةً أو ضمنًا بعدم الدفع التمسك بسقوط الحق بمضي خمس سنوات؟
- نعم - لأن هذه المادة (211 مدني أهلي) وما يقابلها في فرنسا (2277 مدني) قد جعلت لمنع وقوع المدين في الخراب بتراكم فوائد سنين كثيرة عليه - لا للسبب (مادة (209) مدني أهلي) الخاص بسقوط أتعاب الطبيب بسنة (أو سنتين في فرنسا مادة (2722) مدني) وهو أن العادة عدم أخذ إيصال بذلك أو عدم المحافظة عليه:
- الاستئناف المختلط 3 يناير سنة 1895 (مجلة القضاء والتشريع المختلط جزء (7) صحيفة (73)).
- محكمة بني سويف 2 يونيه سنة 1914 (مجلة الحقوق جزء (31) صحيفة (212)).
- الدكتور محمد بك كامل مرسي: الملكية والحقوق العينية صحيفة (417).
ثالثًا: هل تسري هذه المادة (211 أهلي) على ريع الاغتصاب؟
لا – لأن المادة جعلت:
أولاً: لوقاية المدين حسن النية من الخراب.
ثانيًا: لأنها خاصة بأحوال يستحق فيها الإيجار أو الفائدة أو الحكر أو المرتب... إلخ في أقساط سنوية أو أجزاء من سنة من جهة وكان يجوز للدائن المطالبة بها في أي وقت بعد الاستحقاق من جهة أخرى خلافًا لحالة المدين المغتصب.
وثالثًا: لأنها كلها مبنية على تعهدات أو اتفاقات خلافًا لحالة الريع حيث أساسها جنحة أو شبه جنحة.
- الاستئناف المختلط 20 مايو سنة 1897 (مجلة القضاء والتشريع المختلطة جزء (9) صحيفة (357)) ومجموعة أحكام العشر سنين الأولى المختلطة حكم رقم (3394).
- الاستئناف الأهلي 27 مارس سنة 1912 (المجموعة الرسمية الأهلية سنة 13 صحيفة (187)).
- الاستئناف الأهلي 16 يونية سنة 1914 (مجلة الشرائع سنة أولى صحيفة (252)).
- الاستئناف الأهلي 15 يونية سنة 1915 (مجلة الشرائع سنة ثانية صحيفة (308)).
- الاستئناف الأهلي 26 يناير سنة 1916 (مجلة الشرائع سنة ثالثة صحيفة (370)).
- داللوز مدني (مادة (2277) نبذة (213)، (214)، (215)، (216)).
ولكن الرحمة قد تغلبت على محكمة الاستئناف الأهلية فقضت مرة (وكأنها تقول الرحمة فوق العدل) بسقوط ريع الاغتصاب بمرور خمس سنوات مخالفة غرض القانون. – راجع الاستئناف الأهلي 22 ديسمبر سنة 1910 المجموعة الرسمية 12 حكم رقم (50) ومجموعة حضرة حمدي بك السيد الأولى صحيفة (119) حكم رقم (636).
رابعًا: هل تنطبق المادة (211) المذكورة على المطالبة قبل الحكم فقط أم على حالة صدور الحكم بذلك أيضًا.
وبعبارة أوضح متى تسقط الفوائد والأجور ونحوها المحكوم بها؟
جميع المحاكم والشراح متفقون قديمًا وحديثًا على أن الحكم بأصل الحق أو الدين حتى لو كان مما يسقط الحق في المطالبة به بسنة (بمصر) أو بسنتين (في فرنسا) قبل الحكم - يجعل هذا الدين تابعًا للقاعدة العامة في السقوط أي المدة الطويلة (30 سنة في فرنسا و15 سنة بمصر).
ولكن بما أن الفوائد والأجور والأحكار والنفقات والمرتبات والاشتراكات ونحوها مما يتراكم بالسكوت عن المطالبة به وبذا يصبح المدين مهددًا بالخراب خلافًا لحالة الحكم عليه بأتعاب طبيب أو محامٍ أو ما شاكل ذلك فإن أصل الدين لا ينمو – فقد أراد الشارع الفرنسي عند تحضيره المادة (2277) مدني حماية المدين من الوقوع في الدمار بسكوت الدائن لسببٍ ما عن المطالبة بفوائده أو بإيجاره أو نفقته... إلخ، سواء كان ذلك قبل رفع الدعوى – أو بعد رفعها والسكوت عن الاستمرار فيها مدة طويلة أو بعد الحكم بالفائدة ونحوها.
غير أن المحاكم الفرنسية قد أخطأت في أول الأمر في تفسير المادة (2277) مدني بأن فرقت بين حالتي المطالبة قبل الحكم وبعده فقضت بأن المطالبة قبل الحكم تسقط بخمس سنوات وبعد الحكم تسقط بثلاثين سنة (أو 15 سنة بمصر) متمسكة بظاهر ألفاظ المادة (2277) (المقابلة للمادة (211) أهلي و(275) مختلط) زاعمة أن الحكم بمبلغ وفوائده يدمج الحقين في بعضهما ويجعلهما كتلة واحدة يسري عليها السقوط العام بالمدة الطويلة (30 سنة هنالك و15 سنة هنا).
وأخيرًا قد أدركت المحاكم والشراح في فرنسا هذا الخطأ فعدلت عن التفرقة بين الحالتين كما يقول العلامة بودري لاكنتنري في كتابه شرح القانون المدني المطول جزء (25) (الخاص بسقوط الحقوق De la prescription) صحيفة (516) نبذة (785) (a peu près abandonnèe en doctrine et en jurisprudence) للأسباب الآتية:
1 - لأن الحكمة من تقصير مدة السقوط في المطالبة بالفوائد هي نشل المدين من الخراب بتراكم فوائد عشرات من السنين عليه - وهذا موجود في حالة المطالبة بالحق ذاته أو الحكم به فعلاً فيجب طبعًا وعقلاً أن تكون النتيجة واحدة

(Deux situations identiques se sauraient être régies d’une maniére différente).

2 - لأن روح القانون وغرض الشارع واضح وعلى الأخص من مراجعة محاضر تحضير القانون المدني الفرنسي من أنه لا يريد التفرقة بين الحالتين لأن المدين مهدد بالخراب في كلتيهما - والدائن مهمل من جهة أخرى في الصورتين.
3 - أن الحكم بمبلغ وفوائده هو في الواقع حكم بأصل الدين (يسقط بالمدة الطويلة) وحكم بجزء تبعي وهو الفوائد (تسقط بخمس سنوات).
4 - لا شيء يمنع الدائن قانونًا من التنفيذ بالفوائد كلما أراد لأنه غير ملزم بالحجز وفاءً لجميع مطلوبه وملحقاته في آنٍ واحد.
5 - (ويرى شخصي الضعيف) أن سقوط حق الدائن في المطالبة بفوائد المدة الزائدة على خمس سنوات لا يضره ضررًا بليغًا لأن له والحالة هذه الحق:
أولاً: في أصل دينه.
ثانيًا: في فوائد خمس سنوات من آخر عمل يقطع المدة.
وعلى هذا الرأي:
- دالوز: التعليقات الجديدة على القانون المدني (طبعة 1907) جزء (4) صحيفة (1965) نبذة (95) و(96) و(97) و(98).
- أوبري ورو طبعة (4) جزء (8) صحيفة (434).
- لوران - مدني - جزء (32) صحيفة (471) نبذة (448).
- بلانيول جزء (2) صحيفة (195) نبذة (639).
- فينيه Fenet محاضر تحضير القانون المدني الفرنسي جزء (15) صحيفة (298) و(299).
- المسيو دوهلس المستشار بمحكمة الاستئناف الأهلية سابقًا جزء (3) صحيفة (374).
- الدكتور محمد بك كامل مرسي الملكية والحقوق العينية صحيفة (417).
وقد حكمت محكمة الاستئناف المختلطة في 28 مارس سنة 1923 (مجلة القضاء والتشريع المختلطة سنة 1922 - 1923 أي جزء (35) صحيفة (324)) بما يأتي:

(La déeision de justice qui condamne au paiement d’un capital et des intérêts sans capitaliser les intérêt leur laisse leurs caractêres d’arriérages payables périodiquement ou par termes en les rendant ainsi sujets à la prescription quinquennale..)

أي أن الحكم بمبلغ وفوائده (بدون تجميد الفوائد) لا يسلب هذه الفوائد صفة (المتأخرات والملحقات الواجب دفعها دوريًا أو على أقساط – وبالتالي لا يمنع من سقوطها بمضي خمس سنوات).
وقد حكمت محكمة الاستئناف الأهلية بتاريخ 6 مايو سنة 1925 (في الاستئناف نمرة (423) سنة 42 قضائية (المرفوع مني شخصيًا ضد حضرة الدكتور حسين أفندي همت بصفاته)) بالدائرة المدنية رياسة سعادة محمد بك مصطفى وبعضوية حضرتي صاحبي العزة شاكر بك أحمد المستشار ومحمد بك نور القاضي المنتدب - بسقوط الحق في الفوائد المحكوم بها بمرور خمس سنوات عليها من آخر عمل.

أحمد منيب
المحامي بالمحاكم المختلطة والاستئناف الأهلي والشرعي


مسؤولية الحكومة عن أعمال الخفراء نصيف زكي

مجلة المحاماة - العدد السابع
السنة الخامسة - إبريل سنة 1925

بحث قانوني
في مسؤولية الحكومة عن أعمال الخفراء
أي قانون يجب تطبيقه
الخلاف بين دوائر محكمة الاستئناف العالي
رأي محكمة النقض الأخير

كثر الخلاف بين دوائر القضاء في مسؤولية الحكومة عن أعمال الخفراء، وقد طرحت أمام محكمة النقض والإبرام المصرية الوقائع الآتية:
استلم خفير سلاحه ليلاً من دار العمدة وذهب إلى محل خفارته، ثم ترك دركه إلى محل آخر بعيد عن دركه ليشرب وقد وضع مقذوفًا في البندقية حينئذٍ، وعند عودته وقبل أن يصل إلى دائرة خفارته لاحظ أشخاصًا يتكلمون في الطريق، فناداهم وكانت بندقيته معمرة، وقد بدت من الخفير حركة عن رعونة وعدم تبصر كانت سببًا في انطلاق العيار فأودت بحياة أحد الواقفين:
- فهل الخفير مسؤول جنائيًا عن الوفاة؟
- وهل الحكومة مسؤولة مدنيًا؟
لقد دفعت الحكومة الدعوى بما يأتي:
1 - لم تقع الحادثة في درك الخفير ولا في أثناء تأدية وظيفته.
2 - أن وضع الخفير المقذوف في البندقية كان لسبب غير متعلق بأعمال الخفارة، بل كان وضع المقذوف مخالفًا للتعليمات الصريحة الصادرة إليه.
3 - أن التشريع الخاص بمسؤولية الخفراء مستمد من القانون الصادر في سنة 1884 وهذا لا يجعل الحكومة مسؤولة مطلقًا في حالة خطأ الخفير.
4 - أن القانون الصادر في سنة 1909 المعروف بلائحة الخفراء لم يمس المبادئ العامة المبينة في القانون السابق وإنما وضع لبيان طريقة انتخاب الخفراء وطريقة محاكمتهم ولم يذكر في مواده إلغاء القانون السابق.
5 - أن الحكومة باعتبارها سلطة عامة لها حق الإشراف على ما يتعلق بالنظام العام ليست مسؤولة عن خطأ الخفراء.
6 - أن الحادثة على كل حال وقعت في غير درك الخفير، وفضلاً عن هذا فقد خالف الخفير الأوامر الملقاة عليه - والقانون المدني ينص على أن مسؤولية السيد عن أعمال خدمته تترتب متى كانت أثناء تأدية وظائفهم.
وقررت محكمة جنايات أسيوط رئاسة حضرة صاحب العزة عطية بك حسني بتاريخ 11 أغسطس سنة 1923 نمرة (452) المبدأ الآتي:
الحكومة غير مسؤولة لأن الخفير طبقًا للتعليمات مكلف بالبقاء في دركه المعين في المدة المقررة له ليلاً، ومكلف بأن لا يبرح منه إلا بإذن في أحوال معينة، وأن لا يحمل بندقية معمرة إلا في ظروف خاصة، فإذا لم يتبع هذه التعليمات الصريحة وخرج عن حدودها وارتكب أمرًا ما في نقطة أخرى كان هو المسؤول وحده جنائيًا ومدنيًا وكان هذا نافيًا لكل مسؤولية تقع على الحكومة لمخالفته أوامرها وعدم اتباعه لوائحها، لأن المسؤولية المدنية مفروض فيها ليس فقط سوء اختيار السيد لخادمه بل خضوع الخادم لتنفيذ أوامر سيده فيما يتعلق بالطريقة التي يؤدي بها أعمال وظيفته وبدون ذلك لا تكون هناك مسؤولية على الحكومة لأن ما ارتكبه المتهم كان خارجًا عن أعمال وظيفته.
وقد ارتكنت المحكمة على ما جاء بكتاب بودري لاكنتري جزء (4) صـ (617) بند (912).
وقد دار البحث أمام محكمة النقض في تقرير المسؤولية المدنية على النقطتين التاليتين:
أولاً: أي قانون يجب تطبيقه في مثل هذه الحوادث، هل القانون العام أو القانون الخاص فإن كان الثاني فأي قانون هو المعمول به؟ هل هو قانون سنة 1884 أو قانون سنة 1909؟
ثانيًا: هل الحكومة مسؤولة مدنيًا في مثل هذه الحالة، وهل تطورت قواعد المسؤولية المدنية اليوم في القضاء بحيث يجب أن يوفق بين الآراء القديمة والحديثة.

عن القانون الواجب التطبيق

إن قانون سنة 1884 الذي يجعل أهل الخفير ومشايخ البلدة متضامنين في المسؤولية التي تترتب على أعمال الخفراء قد أصبح بلا جدال معطلاً في كل نصوصه lettre, morte سواء من جهة العمل أو من جهة الإلغاء الضمني لصدور قانون ولوائح أخرى في موضوعه تتنافى بصراحة في معناها مع القواعد والإجراءات المرسومة فيه - فطريقة تعيين الخفراء وطريقة عزلهم ومحاكماتهم والإشراف على تعليمهم كل هذا يختلف بالمرة في قانون الخفر الصادر في سنة 1909 عن القانون القديم.
وقد حكمت محكمة طنطا الابتدائية في 18 إبريل سنة 1922 الحكم المنشور في المحاماة السنة الثالثة صـ 79 رئاسة حضرة صاحب العزة لبيب بك عطية بهذا المبدأ.
وقررت محكمة الاستئناف العليا في 17 يناير سنة 1922 دائرة سعادة الوكيل أنه بصرف النظر عن البحث فيما إذا كان هذا القانون معطلاً أو غير معطل فإنه لا يجوز تطبيقه إلا على الخفراء المعينين طبقًا لأحكامه أي المعينين من سنة 1884 لغاية سنة 1909، أما القانون نمرة (19) الصادر في 13 يوليو سنة 1909 فواضح فيه المبادئ الآتية:
1 - يعين الخفراء بنظام التطوع وتنتخب الحكومة الخفراء - انظر المواد من 1 - 5 بخلاف القانون الصادر سنة 1884 فإن مجلس القرية المكون من العمدة والمشايخ والمأذون ينتخب شيخ الخفراء والخفراء ويتحتم على من وقع عليه الاختيار القبول بطريق الإجبار وإلا يُسجن - قابل المادة (1) - (4) من القانون الجديد والمادة (65) من القديم.
2 - لا يقدم الخفراء بحسب النظام الحالي ضمانًا ماليًا بل كل الضمان هو حسن الاختيار والتعليم والإشراف عليهم والجزاء بخلاف القانون الصادر في سنة 1884 فيلزم الخفير ووالده وأهله متضامنين بتقديم الضمان المالي عن الخفير ومن يتأخر من أهله وأقاربه عن تحرير الضمانة يجازى بالسجن فضلاً عن كونه يعد ضامنًا غارمًا بمقتضى القانون وإن لم يقدم الضمان - انظر المادة (66) من القانون القديم.
3 - الحكومة بحسب القانون الحالي تتولى تعليم الخفراء طبقًا للنظام العسكري ولها حق الإشراف المباشر طبقًا لهذا النظام.
4 - وتدفع لهم الحكومة المرتبات من خزائنها ولو لم تفِ الضريبة - انظر المادة (15) الفصل الخامس والمادة (78) وما يليها.
5 - للحكومة وحدها حق مجازاة الخفراء – الفصل السادس والمادة (21) من القانون وهي التي تعين لهم واجباتهم – المادة (26) من القانون.
ولما كان المعروف أن علاقة السيد بالخادم تتوفر متى كان السيد قد انتخب الخادم ومتى كان الخادم تابعًا له وله عليه سلطة الجزاء وليس أظهر في تعيين هذه العلاقة بين الحكومة والخفراء من القانون نمرة (19).
ولهذا يجب النظر إلى مسؤولية الحكومة عن أعمال الخفراء على ضوء هذا المبدأ مبدأ مسؤولية السيد عن أعمال خادمه طبقًا للقانون الحديث لا طبقًا لقانون سنة 1884.
وإذا تقرر هذا كانت المبادئ الآتية التي تقررت من كثير من المحاكم الابتدائية والاستئنافية مخالفة للقانون:
1 - ذكرت محكمة الزقازيق الابتدائية في حكمها الصادر في 21 يناير سنة 1912 (أن الخفراء ليسو في عداد موظفي الحكومة بالمعنى المراد في القانون المالي وباقي اللوائح المختصة بالموظفين لأن مجلس الخفراء المشكل من بعض سكان البلد هو الذي يعينهم ويقرر أجورهم ويوزعها عليهم بحسب مقدرة السكان ويفصل في المنازعات المتعلقة بهم والحكومة إنما تشرف على أعمال هذا المجلس من باب المساعدة فقط سعيًا وراء حفظ النظام واستتباب الأمن ومراعاة المصلحة العامة فلا مسؤولية عليها).
2 - وذكرت محكمة جنايات طنطا في حكمها الصادر بتاريخ 18 سبتمبر سنة 1919 أن الحكومة لا تكون ضامنة لتعويض الضرر الذي يحصل بسبب جناية ارتكبها أحد الخفراء ما دام أنها أخذت عند انتخابه كل الاحتياطات اللازمة لمعرفة أنه حسن السير فيتعين رفض الدعوى.
وليس اتخاذ الاحتياطات من شأنه سقوط المسؤولية إن كانت الجريمة وقعت في أثناء تأدية عمله أو بسبب عمله.
3 - وقد حكمت محكمة الزقازيق الابتدائية في 10 إبريل سنة 1920:
(أنه لا يمكن اعتبار الحكومة ولا مجلس المديرية مسؤولاً بمقتضى النصوص العامة للقانون المدني، لأن الخفراء ليسو في التبعية للحكومة أو المجلس كتابعية الخادم للمخدوم، لأن انتخابهم منوط بمجلس كل قرية ومرتباتهم تدفعها الأهالي ومجلس المديرية ليس له إلا الإشراف على العدد المقرر منه لكل بلدة ومرتباتهم وتوزيع رسوم الخفر على الأهالي والتصديق على ذلك من وزارة الداخلية).
4 - وقد تأيد هذا الحكم من محكمة الاستئناف العليا في 7 ديسمبر سنة 1921.
5 - وقضت محكمة الاستئناف العليا أيضًا في حكم آخر في سنة 1922:
(وحيث إنه لا مسؤولية على الحكومة في مثل هذه الحالة أيضًا لأنها إنما تتدخل في مسائل الخفر لما لها من الولاية العامة والرقابة على شؤون الأمن العام).
كل هذه الأحكام تضع أمامها نظريتين:
الأولى: ما في قانون سنة 1884 من أن مجلس البلدة هو الذي يعين الخفراء وأن مرتباتهم تدفعها الأهالي ولكن الرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة (2) من القانون نمرة (19) سنة 1909 ونصها صريح في أن (يعين خفراء البلاد بأمر المدير بناءً على طلب المأمور على الأورنيك نمرة (16) حفر ( أ ) بمصادقة وزارة الداخلية والمادة الرابعة من أن المدير هو الذي يرفت الخفراء) - وكذلك إلى آخر ما ذكرناه سابقًا.
وكيف لا نقطع بعد هذا أن الحكومة هي صاحبة الأمر والإشراف على الخفير ومتى كانت هي صاحبة الأمر وهو تابعها ترتبت على أثر هذه العلاقة القانونية.
ولا يمكن إسناد ما يخالف هذا الرأي إلى مبدأ قانوني واضح.
وأن مسؤولية الحكومة عن حفظ النظام واستتباب الأمن لا يخليها عن المسؤولية المدنية التي تترتب على خطأ موظفيها.
إذا تقرر هذا يجب أن نرجع إلى نظرية مسؤولية السيد عن أعمال خدمته ولدى تطبيقها في الخطأ والجرائم التي تقع من الخفراء.
إن المادة (152) مدني نصت على أن السيد يلزم بتعويض الضرر الناشئ للغير عن أفعال خدمه متى كان واقعًا منهم في حال تأدية وظيفتهم.
والخلاف بين الشراح قد استقر في السنين الأخيرة على معنى الجملة (متى كان واقعًا في حال تأدية وظيفتهم).
وهنا يجب البحث في معنى (حال تأدية وظيفتهم) وهل المقصود بها أن يكون الخادم ملازمًا للعمل ملتصقًا به حين ارتكاب الجريمة.
وكذلك بحث هل إذا أهمل الخادم الأوامر الصادرة إليه يترتب عليه مسؤولية السيد أيضًا؟
فالواقعة محل الخلاف: أن الخفير ترك دركه ليشرب ثم إنه أهمل في طريقه ووضع الظرف في البندقية وهو محرم عليه إلا في الأحوال المبينة في القانون وهذه ليست منها.
لقد ذكر المسيو سوردا في كتابه عن المسؤولية المدنية الجزء الثاني في الفقرتين (900)، (901) ما يأتي:



par l’effet même du principe d’oú elle part la responsabilité du commettant est limitée aux actes commis par le préposé dans l’exercice de ses fonctions,
car l’on ne peut présumer que le commettant ait donné à ses préposés l’ordre de délinquer dans des actes étrangers aux fonctions auxquelles il les emploie; dès lors il n’y a aucune relation entre son propre fait et le dommage causé. D’ailleurs en dehors de ces fonctions il n’y a plus d’ordre à donner, ni de surveillance à exercer, il n’aurait à cet égard ni autorité, ni intérêt.
Mais dés l’instant oú l’acte dommageable quel qu’il soit se rattache par un lien direct à l’objet de la fonction confiée au préposé et se produit dans l’exécution de cette fonction, le commetant en est responsable, peu importe que cet acte constitue un abus de la fonction, que les ordres du maître aient pu être même méconnus. Cour de cass 23 mars 1909 D, 1908 - 351.

وقد أورد المسيو سوردا أمثلة كثيرة على هذا:
- أن مالكًا أرسل أحد العمال ليقطع جذور الأشجار من قطعة أرض مملوكة إليه ومجاورة إلى غابة، ولكن هذا العامل عوضًا عن أن يقلع الجذور أشعل فيها النار حتى يسهل استئصالها فاتصلت النار بالغابة المجاورة.
- المالك مسؤول عن تعويض الضرر ولو أنه لم يأذن العامل مطلقًا في أن يشعل النار في الجذور.
- والمالك أيضًا مسؤول عن الحريق الذي يشتعل في مواد ملتهبة نشأت عن سيجارة كان يشربها العامل الذي استأجره هذا المالك ليشتغل بجوار هذه المواد الملتهبة.
- وكذلك مصلحة السكة الحديد مسؤولة عن الضرر الذي يلحق الغير عن جريمة تهريب البضاعة التي يرتكبها أحد مستخدمي المصلحة.
- وقد قضت المحكمة أيضًا بالتعويضات على السيد في حادثة ارتكب فيها الخادم خطأ غير متعلق بالعمل الذي يعمله ولا علاقة للسيد به، بل كل ما في الأمر وقعت الجريمة في الوقت الذي كان يعمل الخادم فيه عند سيده وذكرت المحكمة أنه ولو أن الخطأ الذي ارتكب لا علاقة له بالعمل

N’avait eu pour objet, ni pour but les fonctions du serviteur; il suffit qu’il s’y rattache d’une manière quelconque par des circonstances de temps, de lieu, et de service.

وأيضًا المسيو دي هيلتز في كتابه تحت كلمة responsabilité الفقرة (122) الجزء الرابع:

comme tous les préposés, les domestiques n’engagent, par leurs actes. la responsabilité de leurs maîtres que lorsqu'ils agissent dans l’exercice de leurs fonctions.
Cette condition ne se rapporte pas seulement au temps pendant lequel ils sont en service, c’est à diretant que dure leur engagement, mais encore au fait même qui doit être commis au moment où ils faisaient effectivement un acte de service.
Cependant l’acte dommageable même ne doit pas être un acte commandé par ce service, car il est probable que les maîtres ne veulent point que leurs domestiques fassent du mal à autrui, mais il faut cependant que l’acte se rattache à ce service d’une facon plus ou moins dirécte et étroite que les tribunaux ont à apprécier.

قد يقال إن مجرد خروج الخفير عن دركه عمل مخالف للتعليمات، وكذلك كونه عمر البندقية في غير الظروف المصرح بها، ولكن الجريمة لا تقع في الغالب إلا إذا أهمل الخادم اتباع التعليمات، والقول إن الخفير خالف التعليمات ليس كافيًا لإخلاء الحكومة ما دامت الجريمة ليست جريمة شخصية بين الخفير والمجني عليه مباشرةً.
وقد ذكر المسيو والتمن في كتابه عن المسؤولية:

The Egyptian code says “En exercant leurs fonctions’ the French code says “dans les fonctions dans lesquelles ils sont employés”
It is universally agreed that the liability of the commettant is not limited to cases where the damage was caused by doing in a careless unskilfull manner an act which the préposé was employed to do.
The liability is much wider than this. It is not essential that the wrong act should be in the performance of his fonctions. It is enough that it was on the occasion of the performance of the work and was connected with it. Dalloz supp. Resp. no 764 cass. 6 Août 1907 8 1908 - 1 – 281.
The act causing the damage must be connected with the prepose and not entirely foreign to him. But an act which is done in the abuse of the authority is in this sense, done in the course of the employment. D. 1908 – 1351.

إن عاملاً في أثناء عمله بمخزن فيه أشياء يسهل التهابها كان يشرب سيجارة فاحترقت، اعتبرت المحاكم الفرنسية صاحب العمل أو السيد مسؤولاً، وقالت إن جريمة الخادم مرتبطة ارتباطًا كافيًا بالعمل المكلف به من السيد.
أكثر من هذا:
لقد حكمت محكمة النقض بحكم منشور في دالوز D. 1909 5 75 والحكم صادر في 24 فبراير سنة 1909.
- سائق عربة سرق أشياء كانت مع راكب في العربة فاعتبر مالك العربة الذي يخدّم هذا السائق مسؤولاً.
والحكم الصادر في سنة 1917 ومنشور في صحيفة 133 Revue Trimestrielle عن مقاول تعهد بنقل براميل مملوءة من النبيذ من محل الشركة إلى الجمرك فقط، ولكن مدير الشركة طلب إلى رئيس العمال المباشر لهذا العمل مكان المقاول نقل أحد البراميل إلى البدروم مقابل pourboire خصوصي له وقد سقط البرميل على آخر فقتله وقضت المحكمة بمسؤولية شركة النقل

parce que cet acte se rattache à l’objet de la fonction confiée au préposé.

وأكثر من هذا قضت على دكتور تغيب عن عيادته وترك فيها طبيبًا آخر يباشر عمله وترك له أتومبيله وسائقه وهذا الدكتور المساعد خرج للرياضة بالأتومبيل يسوقه سائق الأتوموبيل الأصلي وداس رجلاً، وقد اعتبرت المحكمة الطبيب الأصلي مسؤولاً باعتباره سيدًا لهذا السائق، ولو أن الطبيب دافع في الدعوى بأن السائق في هذا الوقت يعمل تحت أمر الطبيب المساعد لا تحت أمره، وقد ذكر المسيو والتمن هذا الحكم في كتابه عن المسؤولية وحبذه قائلاً:

But the act of the chauffeur in taking out the substitute for a holiday was sufficent connected with his fonctions.

وفي إنكلترا

An accident was caused by the act of an omnibus driver who pulled his horses sharply across the road in order to obstruct a rival omnibus. It was held that it was no defence that the company had given special orders to him and to all drivers not to race with or obstrcut other omnibus case of Simpus and London Omnibus.

وقد قضت محكمة بني سويف الابتدائية بتاريخ 31 يناير سنة 1921 الحكم المنشور في المجموعة الرسمية ونصه (يُسأل السيد عن فعل خادمه وإن لم يقع هذا الفعل أثناء عمله إذا تبين أن بين الجريمة وبين علاقة السيد بخادمه ارتباط يقوم).
إن من الخطورة بمكان أن يقال إن العلاقة بين الخفير والحكومة ليست علاقة الخادم بالسيد - إن هذا القول فيه خطر كبير ويقلل ثقة الناس بأعمال الخفارة – وإنه ليس من العدل أن موظفًا يخرج من داره فيطلق عليه خفير عيارًا ناريًا عن رعونة وعدم تبصر فيُقضَى عليه وعلى بيت برمته.
لقد قضت محكمة النقض أخيرًا في حكمها الصادر في فبراير سنة 1925 على الخلاف في المبادئ السالفة.
وهذا هو الحكم:

محكمة النقض والإبرام

المشكلة علنًا تحت رئاسة حضرة صاحب المعالي أحمد طلعت باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات مستر برسيفال وكيل المحكمة والمستر كرشو وأحمد عرفان باشا وعلي سالم بك المستشارين ومحمود المرجوشي بك رئيس نيابة الاستئناف.
أصدرت الحكم الآتي:
في النقض والإبرام المقدم من الست حنة بنت خليل عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القاصرين ضد محمد جاد الرب خفير نظامي سكنه أبنوب ووزارة الداخلية الواردة بجدول المحكمة نمرة (704) سنة (41) قضائية.

المحكمة

بعد سماع أقوال النيابة العمومية والمرافعة الشفهية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونًا،
حيث إن طلب النقض صحيح شكلاً،
وحيث إنه ثابت أن الحادثة التي أصيب فيها المجني عليهما نشأت عن إهمال الخفير محمد جاد الرب الذي أطلق العيار الناري من بندقيته (الميري) ليلاً وكان في ذلك الوقت موجودًا في درك خفير آخر إذ أنه كان ترك دركه وذهب ليشرب بدلاً من بقائه في دركه لحراسته ولذا قضت عليه محكمة الجنايات بالحبس سنة مع الشغل وبدفع مبلغ 230 جنيهًا تعويضًا للمدعين بالحق المدني فالمسألة التي يتعين البحث فيها هي معرفة ما إذا كانت وزارة الداخلية مسؤولة مدنيًا بصفة ضامنة.
وحيث إن الوزارة تدفع المسؤولية مستندة إلى أسباب وهي:
أولاً: أن المسؤول عن أعمال الخفراء هو مجلس المديرية والأهالي أنفسهم.
وثانيًا: بفرض أن الخفراء يعتبرون من مستخدمي الحكومة فإن العلاقة بينها وبينهم ليست هي العلاقة القانونية بين السيد والخادم.
وثالثًا: لأن وقت الحادثة لم يكن الخفير يؤدي أعمال وظيفته وقد خالف تعليمات وأوامر الحكومة.
وحيث فيما يختص بالوجه الأول فإن الحكومة ترتكن على قانون سنة 1884 ولكن هذا القانون ليس نافذ المفعول الآن إلا فيما يتعلق بالخفراء الذين كانوا معينين في ذلك الوقت وأما نظام الخفراء الحالي فإنه خاضع لأحكام القانونين الصادرين في سنة 1909.
وبما أن وزارة الداخلية هي التي تصادق على تعيينهم وتدفع مرتباتهم ولها حق تأديبهم وتوقيع الجزاءات عليهم فليس هناك شك في أنها المسؤولة عن أعمالهم لا مجلس المديرية ولا الأهالي.
وحيث عن الوجه الثاني فإن الحكومة لم يمكنها إقامة الدليل على صحة ما تتمسك به من وجود فرق بين علاقتها مع الخفراء والعلاقة العادية بين السيد والخادم وفي هذه الحالة يجب تطبيق القواعد العامة الخاصة بالمسؤولية عن أعمال الغير.
وحيث عن الوجه الثالث فإنه من الثابت أن الحادثة وقعت بسبب à l’occasion تأدية الخفير لأعمال وظيفته ومن المبادئ المقررة التي جرى عليها القضاء المصري وفي فرنسا وإنكلترا أيضًا أن السيد مسؤول عن عمل خادمه ولو لم يكن الغرض من هذا العمل شؤون وظيفته ولكن بشرط أن يكون فعله مرتبطًا مباشرةً بالعمل الذي يقوم به. (راجع كتاب المسيو سوردا عن المسؤولية جزء ثانٍ فقرة (927) وحكم محكمة الاستئناف نانس 5 إبريل سنة 1873 دالوز 1874 - 2 - 252).
وحيث إنه فضلاً عن ذلك فإن السيد لا تزول مسؤوليته ولو كان الخادم قد ارتكب الفعل المسند إليه رغمًا من أوامر سيده.
راجع سوردا الجزء السابق ذكره فقرة (901) حكم نقض وإبرام فرنسا 23 مارس سنة 1907 دالوز 1908 - 1 - 315.
وحيث إن محكمة النقض والإبرام ترى بناءً على ما تقدم أن أوجه الدفاع التي تمسكت بها الحكومة وأخذت بها محكمة الجنايات بحكمها المطعون فيه ليست على أساس قانوني ولذا يتعين قبول النقض وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما يختص برفض طلب التعويض المرفوع ضد الوزارة وإلزام وزارة الداخلية بأن تدفع بالتضامن مع محمد جاد الرب المبلغ المحكوم به للمدعي بالحق المدني.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول النقض وتعديل الحكم المطعون فيه وإلزام وزارة الداخلية بأن تدفع بالتضامن مع محمد جاد الرب التعويض المحكوم به عليه للمدعين بالحق المدني مع المصاريف.
هذا ما حكمت به المحكمة بجلستها العلنية المنعقدة في يوم الاثنين 2 فبراير سنة 1925.
هذا ما عنَّ لنا في هذا الموضوع.


نصيف زكي
المحامي