الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 ديسمبر 2021

بحث في نظام التسجيلات العقارية إلياس روفائيل عباشي

مجلة المحاماة - العدد الخامس
السنة الخامسة - فبراير سنة 1925

بحث
في نظام التسجيلات العقارية

في أواسط سنة 1923 صدر قانون أدخل بعض تعديلات على نظام تسجيل الحقوق العينية العقارية المتبع في المحاكم الأهلية وفي المحاكم المختلطة.
وقد كان هذا النظام لما له من المساس بالحركة المالية العقارية موضع عناية رجال مصر سنين عديدة يتألمون من نقصه حينًا ويبحثون فيما وصلت إليه مجهودات رجال باقي الديار الأوروبية حينًا آخر لعلهم يصلون إلى ما يهدي المتعاقدين ويريح بال غير المتعاقدين الذين يضطرون آجلاً أو عاجلاً إلى التقرب منهما والتعامل معهما.
ولعل الرجوع إلى أصل التشريع الذي ورثنا عنه هذا النظام وهو التشريع الفرنسي وإلى الأعمال التحضيرية التي شغلت مصر من سنة 1900 وما زالت تشغلها حتى الآن ينير لنا ذلك الإصلاح الذي أدخله قانون سنة 1923.
إن الفقه الفرنسي في أول عهده اتخذ تلك القاعدة التي كانت متبعة في القانون الروماني وجعلها دستورًا للمعاملات العقارية فقرر أن الأعيان العقارية لا تنتقل ملكيتها من مالك إلى آخر بمجرد التعاقد، بل إن إيجاب وقبول المتعاقدين على ذلك لا يولدان إلا التزامًا شخصيًا ولا يصبح ناقلاً للملكية إلا بتسليم الأعيان تسليمًا فعليًا إلى المشتري أو المتنازل له، وقد كان هذا التسليم الفعلي إعلامًا لغير المتعاقدين بانتقال الملكية لينصرف عن معاملة من كانت له الحيازة.
غير أنه على ممر الأعوام اضمحل شرط التسليم الفعلي هذا ورضي الفقه بأن يعترف بانتقال الملكية لمن يقرر في العقد بأنه استلم العقار ولو لم يتم له بعد التسليم الفعلي وأصبح الإقرار بحصول التسليم صيغة مدونة في كافة العقود حتى وصل الأمر أخيرًا إلى افتراضها إن سكت العقد عنها فانعدم بذلك المقصد الاسمي الذي كان سببًا في اشتراط التسليم الفعلي وضاع على الغير ما كان يتخذه بحق دليلاً على الملكية وكثر التعاقد في الظلام وضاعت حقوق العباد مما أضر بالحركة الاقتصادية أيما أضرار.
ولقد تنبهت المقاطعات الفرنسية الشمالية إلى ما وراء ضياع الثقة في المعاملات ودرأت هذا الخطر بما قررته من أن ملكية الأعيان لا تنتقل بالنسبة للغير وبالنسبة للمتعاقدين أنفسهم ما لم يحصل التعاقد في حضرة حاكم البلدة أو قضاتها ويسجل في دفاتر خصصتها لذلك وسار العمل على هذه القاعدة أعوامًا، حتى أصبحت من السنن التقليدية التي أخذ بها رجال الثورة الفرنسية في القانون الذي أصدروه في 11 بريمير من السنة السابعة من الثورة، وقد جاء في المادة (26) منه أن العقود الناقلة للملكية العقارية لا تعتبر نافذة على الغير إلا من تاريخ تسجيلها في الدفاتر المعدة لذلك، وهذا النص هو المتبع الآن وجاري العمل على مقتضاه في فرنسا وفي مصر.
أما دفاتر التسجيل المتبعة هنا وهناك فلا تؤدي إلى إعلام الغير باسم مالك العقار ليعامله وليصبح تعاقده صحيحًا وملزمًا للجميع وفي مأمن من مفاجأة لم تكن في الحسبان لأن العقود التي تقدم للتسجيل إنما تدون في تلك الدفاتر على اسم مالك العقار والشهادة التي تستخرج منها تشمل التصرفات الحاصلة من مالك العقار على كل ما يملك وما يرجوه الغير والحالة هذه إنما تاريخ حياة العين والتقلبات التي تكون مرت عليها وشتان بين شهادة متضمنة تاريخ حياة العين وشهادة تتضمن تاريخ حياة صاحبها إذ كثيرًا ما رأينا أن أطيانًا يحصل التصرف فيها ممن لا يملكها إلى آخر وهذا يتصرف فيها إلى ثالث فهذه التصرفات إذا اقترنت بوضع يد مدة خمس سنوات تجعل الملكية صحيحة لمن ابتاع الأطيان وهو سليم النية بعقد ثابت التاريخ رغم ورودها بدفاتر التسجيل تحت اسم مالكها الأصلي.
فماذا استفاد الغير من الوقوف على اسم صاحب العقار الأصلي بعد أن ضاع ملكه بالطريقة المتقدمة، لذلك أصبح الاطلاع على الدفاتر هذه غير قاطع في ملكية من يتعامل معه ويضطر المشتري والحالة هذه إلى الالتجاء إلى القاعدة التي كانت متبعة في عهد الرومانيين وفي العهد الأول للفقه الفرنسي وهي البحث عن صاحب الحيازة الفعلية، وقد لا يوفق إليه إلا من طريق التحقيق وسماع أقوال أهالي البلدة الواقعة فيها العين المرغوب مشتراها، ولا يخفى ما في هذا الإثبات من ضعف ومن مجاملة ومحاباة.
هذه حالة الالتزامات المتعلقة بالأعيان العقارية وهي عرضة لضياع حقوق المتعاقدين ومضعفة لثقة المعاملات وللحركة الاقتصادية المالية العامة، لذلك سعت حكومتنا السنية في إعادة الثقة إلي نصابها بإدخال دفاتر التسجيلات العقارية livres fonciers المتبعة في معظم البلاد الأوروبية.
ويرجع عهد هذا النظام إلى واضعه الأستاذ المصلح السير روبرت تورنس الذي كان مراقبًا لجمارك أستراليا فأمينًا لسجلات العقود العقارية بها، رأى جنابه أن سجلات العقود العقارية هذه تختلف اختلافًا كليًا عن سجلات العقود الخاصة بملكية السفن التي كان أمينًا عليها، فبينما هذه تسجل على اسم السفينة مع بيان التصرفات التي وقعت عليها والحقوق المقررة للغير تسجل عقود الأعيان العقارية على اسم صاحبها.
رأى جنابه هذا البون الشاسع بين الطريقتين كما تحقق من المصاعب التي تعترض طريقة تسجيل العقود العقارية، رأى كل ذلك وأيقن أن اتباع طريقة تسجيل العقود الخاصة بالسفن أقرب إلى الفائدة المطلوبة فاقترح إدخال هذا النظام على سجلات العقود العقارية، وقد تم له ما تمنى وأصبح سجل الميناء التابعة له السفينة يقابله سجل البلدة الواقعة في دائرتها الأعيان العقارية المراد تسجيلها، والأعيان هذه أصبحت عنوان صحيفة ذاك السجل كما كانت السفينة عنوان صحيفة السجل الخاص بها، وبالإجمال أصبحت السجلات العقارية معنونة بالعقار ومتضمنة تاريخ حياته وواقفة على التقلبات التي تكون مرت عليه، وأصبح المطلع على هذه السجلات عالمًا بما يقدم عليه من المعاملات، وانعدمت تلك المفاجأة التي كانت سببًا في ضياع ثقة المتعاقدين فلا غرابة أمام هذه الفوائد إذا رأينا معظم البلاد الأجنبية تنقل هذا النظام وتدخله في تشريعها، ولا غرابة أيضًا إذا رأينا هذا النظام موضع عناية رجال مصر الذين ما فتئوا أن حثوا على إدخاله في التشريع الأهلي والمختلط.
ولا يفوتنا في هذا المقام أن نسجل سرورنا لحكومتنا السنية التي لبت النداء وسعت سعيًا مشكورًا لدى الدول صاحبات الامتيازات إلى أن وصلت إلى تشكيل لجنة دولية أخذت في بحث هذا النظام من سنة 1902 إلى سنة 1908، ولما أن تشكلت لجنة إلغاء الامتيازات في مارس سنة 1917 خاضت في بحثه من جديد ووصلت إلى تقرير قواعد وانتدبت لجنة فرعية جعلها مجلس الوزراء لجنة أصلية، ورفعت هذه اللجنة تقريرها إليه وأبانت فيه القواعد التي وصلت إلى تقريره، وقد حاز قبول المجلس وصدق مبدئيًا على ما جاء به بجلسته المنعقدة في يوم 25 إبريل سنة 1922 وكنا نوع الاطلاع على هذا التقرير والتقارير التي سبقته والمذكرات التي تبادلتها وزارة الحقانية والجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف المختلطة بما أنها من الأعمال التحضيرية التي تهدي القاضي والمتقاضي إلى تذليل الصعوبات التي تصادف نظامًا لم يألفه الأهالي بعد، ولنا كبير الأمل في الاطلاع عليها على صفحات مجلة المحاماة الزاهرة بفضل مساعي رئاسة التحرير لتكون منارًا يرشدنا عما سكت عنه التشريع [(1)].
على أنه قد بلغنا أن اللجنة المذكورة أشارت في تقريرها إلى الصعوبات التي صادفتها فلم توفق إلى تعيين المركز القانوني للملكية العقارية نظرًا لنقص التشريع من جهة نفاذ بعض العقود على الغير دون تسجيلها وعدم وجود جزاء يحمل المتعاقدين على تسجيل ما لديهما من العقود المتروك تحريرها لمقدرة المتعاقدين وكثير منهم أميون ومن عدم ضمان صحة توقيعات المتعاقدين عليها التي كثر بسببها دعاوى إنكار التوقيع فكان من الطبيعي أن تفكر في طريقة تزيل بها هذه العيوب تمهيدًا لإدخال نظام التسجيلات العقارية فصدر القانون سنة 1923 سدًا للنقص.
على أن أول ما يستوقف الناظر إلى هذا القانون تلك القاعدة التي قررتها المادة الأولى منه وهي أن الحقوق العينية العقارية لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين المتعاقدين ولا بالنسبة للغير إلا بتسجيل العقود الخاصة بها فأصبح والحالة هذه الإيجاب والقبول لا يولدان سوى حق التزام شخصي ولا يؤديان إلى نقل الملكية أو تغييرها... إلخ إلا بالتسجيل وانعدم ذلك المبدأ الذي كان يعتبر التعاقد ناقلاً للملكية بالنسبة للمتعاقدين وغير ناقلها بالنسبة للغير.
ولا يفوتنا أن نشير إلى ما عانينا في ماضي أبحاثنا من المتاعب العديدة للوقوف على ذلك الغير الذي ذهب قضاء المحاكم الأهلية والمختلطة والفرنسية مذاهب شتى في تعيينه، وقد كفانا بحثًا بيان الأستاذ القدير عبد السلام بك زهني الذي أجاد فيه كما أجاد في غيره مما نتشرف بالإحالة إليه، لذلك كان لنا أن نرحب بحق بالقاعدة الجديدة التي أزالت عنا ما أثقل كواهلنا سنين عدة وراء السعي على ذلك الغير كما نرحب بها لأنها أسست الثقة العقارية على قواعد ثابتة إذ أصبح التسجيل ركنًا من أركان صحة نفاذ العقود العقارية على المتعاقدين قبل غيرهم.
أما العقود الواجبة التسجيل الوارد بيانها مطولاً في المادتين الأولى والثانية من هذا القانون فهي العقود العقارية الصادرة بين الأحياء.
وأما الحقوق العينية التي تقرر بطريق الوراثة والوصية فظلت نافذة على الغير دون تسجيل على أن اللجنة الدولية المشار إليها قد أوصت بالإشارة إليها في السجلات العقارية لإعلام الغير بها.
وأما الحقوق العينية العقارية التي يوقفها صاحبها على ذلك الشخص المعنوي جهة البر التي لا تنقطع فغير خاضعة لقواعد التسجيل هذه ومتروك تسجيلها بالسجل المعد لها بالمحكمة الشرعية الكائن بدائرتها العقار طبقًا للمادة (5) من قانون نمرة (33) سنة 1920 وهذا التسجيل لا يختلف عن النظام المتبع في أقلام التسجيل المختلط إذ لديها دفتر يسمى (المضبطة) وفيه تضبط الإشهادات كاملة النص ويمضيها المشهد والقاضي ودفتر آخر يسمى (السجل) تنقل فيه ملخصات المضبطة كما تثبت فيه الملخصات المرسلة من المحاكم الأخرى في الإشهادات المضبوطة فيها والمتعلقة بعقارات واقعة في دائرة المحكمة طبقًا للمادة (374) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ولكل من الدفترين (دفتر فهرست) تثبت فيه البيانات التي تمكنهما من البحث في أيهما.
على أن هذا التسجيل ولو أن فيه الضمان لحقوق الغير إلا أن توحيد التسجيلات في قلم واحد أمر مستحسن اقتصادًا للوقت وتسهيلاً للمعاملات بدلاً من أقلام التسجيلات الثلاثة الأهلية والمختلطة والشرعية.
على أن إنشاء الملكية وانتقالها وزوالها لا يأتي من طريق التعاقد فقط بل إن هناك أحكامًا منشئة ومغيرة لحق عيني عقاري كأحكام مرسي المزاد، والأحكام الصادرة في قضايا الشفعة وفي الدعاوى المقامة بشأن الطعن على عقود ناقلة للملكية والقاضية بإبطالها فشأنها شأن الحقوق العقارية من وجوب تسجيلها لكي تكون نافذة على المتخاصمين أنفسهم وقد كان يسجلها قلم الكتاب من تلقاء نفسه طبقًا للمواد (639) و(640) من القانون المدني الأهلي و(771) و(773) من القانون المدني المختلط والمادة (18) من قانون الشفعة الأهلي والمختلط وأما أمر التسجيل أصبح والحالة هذه من التزامات ذوي الشأن تحت جزاء عدم نفاذها على المتخاصمين أنفسهم فمسؤولية عدم تسجيلها تقع على من صدرت لمصلحته هذه الأحكام دون قلم الكتاب الذي رفع عن عاتقه ذلك العبء الذي تحمله سنين بضمانة الحكومة.
جاءت المادة الثانية متضمنة وجوب تسجيل الأحكام النهائية المقررة لحقوق الملكية أو الحقوق العينية العقارية على أن هذا الوجوب على إطلاق نصه لا يسري على ما يتعلق منها بحق عيني ناشئ عن الوصية أو الوراثة فبما أن هذه الحقوق نفسها غير خاضعة للتسجيل فيجب كذلك أن يكون الأمر بالنسبة للحكم الذي يصدر مؤيدًا لها، شأن الحكم في القسمة الحاصلة بالتراضي عن ميراث هو شأن عقد القسمة نفسه التي حصلت بالتراضي بين الورثة فلا يسجل.
وأما الأحكام المقررة لغير الحقوق المتقدمة فما كان منها مؤيد لحق عيني مسجل فلا محل لتسجيل الحكم لأنه تحصيل حاصل.
وأما القسمة التي تحصل عن شيوع حاصل بغير طريق الوراثة فلا بد من تسجيل عقدها وإذا صدر حكم بشأن نزاع في هذه القسمة فلا بد من تسجيله إذا لم يسبق تسجيل العقد.
أراد المشرع في هذا القانون أن يقضي على الدعاوى الكيدية وعلى الطرق الغير الشريفة التي يلجأ إليها كثير من المتخاصمين لإطالة أمد النزاع وعرقلة تنفيذ الأحكام ولقد رأينا خصومًا غير قليلين يتمادون في التفنن في هذا الاحتيال وفي إيجاد مشاكل عديدة يعوقون بها صاحب الحق الذي بذل من الصبر والوقت والمال ما بذله إلى أن وصل إلى تقرير حقه بحكم قضائي ويجد نفسه وقت تنفيذه أمام شخص يتصدى له بدعوى المشتري من خصمه بعقد تسجل أثناء النزاع وقد يتقوى هذا المدعي إذا آنس من صاحب الحكم ضعف إثبات التواطؤ بينه وبين خصمه بالأمس ويصبح الحكم الذي وصل إليه بعد طول عناء غير مجدٍ لأنه غير معتبر علمًا وقضاءً حجة على هذا المشتري الذي صار (غير) بتسجيل عقده.
إن نظرية الغير وعدم الاهتداء إلى إثبات طرق الاحتيال إنما يرجع سببها إلى ما يدعيه المشتري عن عدم علمه بالنزاع الذي كان قائمًا وقت المشتري لذلك أحسن القانون الجديد صنعًا بما قرره في المواد السابعة والعاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة منه من وجوب التسجيل أو التأشير على هامش سجل المحررات بما يقدم ضدها من دعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع فيها واستحقاق حق عيني والتسجيل أو التأشير بمنطوق الأحكام الصادرة فيها لكي تكون حجة على من ترتبت لهم حقوق وعلى أصحاب الديون العقارية ابتداءً من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها ولأجل أن تكون الدعاوى هذه حجة على الغير من ذوي الجنسية الأجنبية يجب أن يطلب صاحب الشأن قيد التسجيلات والتأشيرات المشار إليها آنفًا من أقلام التسجيل المختلط.
ولما كانت رغبة الشارع حصر كافة الحقوق العينية في دفاتر التسجيل لإعلام الغير بها قرر أنه لا يصح التمسك في وجه الغير بتحويل دين مضمون برهن عقاري أو بامتياز عقاري ولا التمسك بالحق الناشئ من حلول شخص محل الدائن في هذه الحقوق بحكم القانون أو بالاتفاق ولا التمسك كذلك بالتنازل عن ترتيب الرهن العقاري إلا إذا حصل التأشير بذلك بهامش التسجيل الأصلي ويتم التأشير بناءً على طلب المحول إليه أو الدائن المرتهن أو الذي حل محل الدائن السابق ويشتمل التأشير على تاريخ السند وصفته وعلى أسماء الطرفين وألقابهم وصناعاتهم ومحال إقامتهم وعلى بيان التسجيل الأصلي مع نمرته المسلسلة وتاريخ ورقم صحيفة السجل (المادة (13) من القانون المذكور) وبذلك أصبحت أحكام المواد (433) من قانون المرافعات الأهلي و(495) من القانون المختلط ملغية ولا يُعمل بها ما لم يكن التحويل مسجلاً.
إن القانون الذي أتينا على شرحه لم يترك نظام التسجيل على حاله بعد أن رأى الشارع أن طريقة نسخ العقود في دفاتر التسجيل دون بحث وحالتها تدعو إلى الأسف الشديد لترك تحريرها إلى مقدرة المتعاقدين ودون تذليل الصعوبات الجمة التي تصادف صاحب العقار إذا ما أراد تعيينه من واقع البيانات الواردة في عقده وقد أحصت لجنة التسجيلات العقارية المشار إليها في صدر هذا المقال - عقود بيع خاصة بأطيان واقعة في بلدتين اختارتهما عفوًا (بلدة كوم الأحمر مركز بني سويف وناحية أبو الغيط مركز قليوب) عن المدة من سنة 1876 إلى سنة 1917 بقصد الوقوف على نسبة العقود الواضحة فيها بيانات تؤدي إلى هذا التعيين - فأفضى فحص العقود هذه - التي بلغت في البلدتين معًا ما يقرب من الألف وتسعماية عقدًا - على أن أربعة في الماية منها أمكنها الوقوف على موقع العين المبيعة واثنين وعشرون في الماية لم يستدل على موقعها قاطبةً وأما الباقي فقد استدل على الحوض الواقعة فيه العين ولم يهتد على موقع القطعة في هذا الحوض.
فلا غرابة والحالة هذه إذا رأينا في القضايا العديدة يتناقض آل الخبرة في تعيين مركز المتخاصمين ومستنداتهم لا تؤدي إلا إلى هذا التضارب المعيب هذا فضلاً عما ثبت قضاءً من أن كثيرًا من العقود يطعن عليها بإنكار الإمضاءات الموقع عليها ولا يخفى ما وراء هذا الإنكار من الإجراءات القضائية (المواد (255) مرافعات أهلي وما بعدها و(294) مختلط وما بعدها) ومن ضعف الإثبات، فكان على الشارع أن يعدل عن طريقة التسجيل المتبعة فقرر أسوةً بالشارع الفرنسي في القانون الصادر في 24 يولية سنة 1921 بوجوب تقديم العقد من ثلاث أصول محررة بالمداد الأسود على ورق خاص يراجعها أقلام التسجيل على نفقة الطالب وإن تقدم العقد من نسخة واحدة فتصور هذه النسخة تصويرًا شمسيًا من نسختين بمعرفة مصلحة المساحة وتسلم إحداهما للطالب وتوضع النسخة الأصلية داخل ملف يحفظ بقلم الرهون ويحل محل دفاتر التسجيل الحالي بعد التصديق على الإمضاءات وأختام طرفي المتعاقدين وبعد بحث استيفاء البيانات الخاصة بموضوعها والمفيدة للدلالة على شخصية الطرفين وتعيين العقار بالذات وعلى الأخص أسماء الطرفين ومحلات إقامتهم وأسماء آبائهم وأجدادهم لآبائهم وبيان الناحية واسم ونمرة الحوض ونمرة القطعة إذا كانت واردة في قوائم فك الزمام وكذلك حدود ومساحة القطع بأدق بيان مستطاع وفي عقود البيع والبدل يذكر أصل الملكية واسم المالك السابق وتاريخ ونمرة تسجيل عقده إذا كان مسجلاً، وتسهيلاً لمراعاة هذه البيانات تقدم الحكومة لأرباب الشأن نماذج مطبوعة لأهم العقود التي ينص القانون بتسجيلها (المواد (3) و(5) و(6) في ذلك القانون).
إن المحررات الواجب تسجيلها بأقلام الرهون المختلط كان يقدمها أربابها إلى قلم الرهون التابع له العقار وكانوا يتحملون مشاق الانتقال من بلدتهم إلى مركز هذه الأقلام فتسهيلاً لهم أنشأت الحكومة مأموريات في كل من مديريات الغربية والشرقية والمنوفية وبني سويف والفيوم والمنيا وأسيوط وجرجا وقنا وجعلت اختصاصها استلام المحررات الواجبة التسجيل وتقدير رسومها واستلام طلبات الشهادات العقارية والتصديق على إمضاءات وأختام المتعاقدين وما تستلمه من العقود ترسله إلى قسم المساحة المحلي لمراجعة البيانات الخاصة بتعيين العقار والتأشير على خريطة فك الزمام بموقع العين بما يفيد التصرف فيها.
هذه هي التعديلات القيمة التي أعادت إلى العقود قوة إثباتها وإلى المتعاقدين مركزهم القانوني وإلى العقار المبيع تعيين موقعه وإلى الغير رفع جهالته فحق للجنة التسجيلات أن تسير في طريقها إلى أن تصل إلى إنشاء كتاب التسجيلات العقارية وهي في هذا السبيل مجدة وقد رأيناها في شبين الكوم تتعهد أعمال مسح الأراضي قطعةً قطعة ونقلها بحدودها ومواقعها إلى صحف السجلات الجديدة ووجدناها في طنطا تعاين الأعمال التي يعملها عمال مصلحة المساحة من هذا القبيل.


إلياس روفائيل عباشي
المحامي بقسم قضايا المالية

----------------
(1) نشرت مجلة (المحاماة) المذكرة الإيضاحية التي رفعتها وزارة الحقانية إلى مجلس الوزراء، وفيها خلاصة أبحاث اللجنة فلتراجع في العدد العاشر من السنة الثالثة صـ (457).

الطعن 2769 لسنة 80 ق جلسة 10 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 33 ص 203

جلسة 10 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ سيد محمود يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مجدي زين العابدين، زياد بشير، علاء الصاوي نواب رئيس المحكمة وأيمن كامل.

------------

(33)

الطعن 2769 لسنة 80 ق

(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية: عناصر المسئولية التقصيرية: الخطأ".
الخطأ التقصيري. ماهيته. إخلال بواجب قانوني عام مقترن بإدراك المخل بذلك الواجب.

(2) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية والتعويض عنها".
تكييف محكمة الموضوع للفعل أو الترك المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفيه. خضوعه لمحكمة النقض.

(3) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في استخلاص علاقة السببية".
عدم جواز دخول المساكن أو تفتيشها إلا في الحالات المقررة قانونا أو طلب المساعدة من الداخل. علة ذلك.

(4) مسئولية "المسئولية التقصيرية: عناصر المسئولية التقصيرية: الخطأ: تعدد الأخطاء: السبب المنتج الفعال: علاقة السببية بين الخطأ والضرر".
ركن السببية في المسئولية التقصيرية. قيامه على السبب الفعال المحدث للضرر دون السبب العارض الذي ليس من شأنه بطبيعته إحداث ذلك الضرر ولو كان قد أسهم مصادفة في إحداثه باقترانه بالسبب المنتج.

(5) محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية والتعويض عنها".
محكمة الموضوع. استقلالها باستخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر. شرطه. إيرادها الأسباب السائغة المؤدية إلى ما انتهت إليه.

(6) مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية التقصيرية: مسئولية الحكومة عن إدارة المرافق العامة" "عناصر المسئولية التقصيرية: الخطأ: تعدد الأخطاء".
تمسك الطاعن بصفته بانتفاء خطئه لعدم إخلاله بالتزاماته القانونية. علة ذلك. قضاء الحكم المطعون فيه بمسئوليته منفردا عما أصاب ورثة المتوفي من ضرر بالرغم من إقراره بخطأ شاغل المسكن المحول خفية لورشة تصنيع مفرقعات دون استظهاره لتوفر عناصر تلك المسئولية من عدمه ودليل ثبوتها في حقه. قصور ومخالفة للقانون.

-------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الخطأ التقصيري هو إخلال بواجب قانوني عام مقترن بإدراك المخل بهذا الواجب.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف الفعل أو الترك المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الخطأ عنه هو من المسائل التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض.

3 - إن الدساتير وأحكام قانون الإجراءات الجنائية قد أسبغت على المساكن حرمة خاصة فلم تجز دخولها أو تفتيشها إلا في الأحوال المبينة في القانون أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو ما شابه ذلك.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - إن ركن السببية في المسئولية التقصيرية لا يقوم إلا على السبب المنتج الفعال المحدث للضرر دون السبب العارض الذي ليس من شأنه بطبيعته إحداث مثل ذلك الضرر مهما كان قد أسهم مصادفة في إحداثه بأن كان مقترنا بالسبب المنتج.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تورد الأسباب السائغة لما انتهت إليه.

6 - إذ كان الطاعن بصفته قد تمسك بانتفاء خطئه لعدم إخلاله بأي التزامات قانونية ذلك أن القانون لا يجيز له مراقبة المسكن الخاص أو تفتيشه دون مسوغ قانوني مما ينفي تقصيره في هذا الشأن خاصة أنه لم يخطر بوجود أي مخالفة للقوانين واللوائح في ذلك المسكن الخاص الذي حوله صاحبه خفية إلى مصنع للألعاب النارية مما ينفي مسئوليته إلا أن الحكم المطعون فيه وإن أقر بوجود خطأ من شاغل المسكن سالف البيان بتحويله خفية إلى ورشة تصنيع المفرقعات دون ترخيص إلا أنه قضى بمسئولية الطاعن وحده عن ما لحق ورثة المتوفي من ضرر دون أن يستظهر وجه وما استدل به على ثبوت خطأ الطاعن بصفته أو بيان ما إذا كان قد أخل بأي التزامات قانونية من عدمه وما إذا كان ذلك الإخلال إن وجد يعد سببا فعالا ومنتجا في وقوع الضرر أو سببا عارضا من عدمه، مما يعيب الحكم المطعون فيه فوق قصوره بمخالفة القانون.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى ... لسنة 2005 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن بصفته وباقي المدعى عليهم - غير مختصمين في الطعن بالنقض - بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليهم مائة وخمسين ألف جنيه تعويضا عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية وموروثة نتيجة لوفاة مورثهم تحت أنقاض العقار الموضح بالصحيفة إثر انفجاره وتهدمه بسبب قيام مورث المدعى عليهما الأولين - وهو من قاطني العقار- بتحويل شقة بالدور الأرضي لمصنع للألعاب النارية دون ترخيص وفق الثابت من المحضر رقم .. لسنة 2003 منشأة ناصر مما يوفر مسئوليته عن تلك الأضرار، ومحكمة أول درجة حكمت بالتعويض الذي قدرته. استأنف المطعون ضدهم والطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئنافين ...،... لسنة 124ق القاهرة، وبعد أن ضمتهما المحكمة حكمت برفضهما. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أنه تمسك بأن قيام شاغلي الوحدة السكنية الموضحة بالصحيفة بتحويلها خفية إلى مصنع للألعاب النارية دون ترخيص بذلك من السلطات المختصة ينفي عنه الخطأ الموجب لمسئوليته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بمسئوليته عن الحادث- باعتباره خطأ مشتركا بينه وبين شاغلي تلك الوحدة- على سند من أنه كان يتعين عليه بواسطة تابعيه مراقبة استخدام العقار في الغرض المخصص له وغلق هذا المصنع دون أن يستظهر على نحو جلى السبب المنتج الفعال في وقوع الضرر أو يفطن إلى أن للمساكن حرمة خاصة لا تجيز له الدخول إليها سيما وأن أحدا من شاغلي العقار أو جيرانه لم يخطره بذلك النشاط المخالف، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الخطأ التقصيري- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- هو إخلال بواجب قانوني عام مقترن بإدراك المخل بهذا الواجب، وكان تكييف الفعل أو الترك المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الخطأ عنه هو من المسائل التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض، وإذ كانت الدساتير وأحكام قانون الإجراءات الجنائية قد أسبغت على المساكن حرمة خاصة فلم تجز دخولها أو تفتيشها إلا في الأحوال المبينة في القانون أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو ما شابه ذلك، وإذ كان ركن السببية في المسئولية التقصيرية لا يقوم إلا على السبب المنتج الفعال المحدث للضرر دون السبب العارض الذي ليس من شأنه بطبيعته إحداث مثل ذلك الضرر مهما كان قد أسهم مصادفة في إحداثه بأن كان مقترنا بالسبب المنتج، وأنه ولئن كان استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تورد الأسباب السائغة لما انتهت إليه، لما كان ذلك، وكان الطاعن بصفته قد تمسك بانتفاء خطئه لعدم إخلاله بأي التزامات قانونية ذلك أن القانون لا يجيز له مراقبة المسكن الخاص أو تفتيشه دون مسوغ قانوني مما ينفي تقصيره في هذا الشأن خاصة أنه لم يخطر بوجود أي مخالفة للقوانين واللوائح في ذلك المسكن الخاص الذي حوله صاحبه خفية إلى مصنع للألعاب النارية مما ينفي مسئوليته إلا أن الحكم المطعون فيه وإن أقر بوجود خطأ من شاغل المسكن سالف البيان بتحويله خفية إلى ورشة تصنيع المفرقعات دون ترخيص إلا أنه قضى بمسئولية الطاعن وحده عن ما لحق ورثة المتوفي من ضرر دون أن يستظهر وجه وما استدل به على ثبوت خطأ الطاعن بصفته أو بيان ما إذا كان قد أخل بأي التزامات قانونية من عدمه وما إذا كان ذلك الإخلال إن وجد يعد سببا فعالا ومنتجا في وقوع الضرر أو سببا عارضا من عدمه، مما يعيب الحكم المطعون فيه فوق قصوره بمخالفة القانون ويوجب نقضه.

القضية 246 لسنة 23 ق جلسة 27 / 8 / 2006 دستورية عليا مكتب فني 12 ج 1 دستورية ق 1 ص 35

جلسة 27 من اغسطس سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح والدكتور/ حنفي علي جبالي وماهر سامي يوسف والدكتور/ عادل عمر شريف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر

---------------

(1)

القضية 246 لسنة 23 ق "دستورية"

(1) دعوى دستورية – المصلحة الشخصية المباشرة - مناطها – عنصراها – حالات انتفاؤها.
شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي.

(2) دعوى دستورية – المصلحة الشخصية المباشرة – استمرارها.
لا يكفي توافر شرط المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية أو عند إحالتها إليها من محكمة الموضوع وإنما يتعين أن تظل هذه المصلحة قائمة حتى الفصل في الدعوى الدستورية.

--------------

1 - شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية, فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي, ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين أولهما: أن يقيم المدعي أو حكم الإحالة, وفي الحدود التي اختصم فيها النص المطعون فيه, الدليل على أن ضررا واقعيا, اقتصاديا أو غيره قد لحق بالمدعي به مباشرا, منفصلا عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور, مستقلا بالعناصر التي يقوم عليها, ممكنا تصوره ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره, وثانيهما: أن يكون الضرر عائدا إلى النص المطعون فيه, وليس ضررا متوهما أو منتحلا أو مجهلا, فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلا على من ادعى مخالفته للدستور, أو كان من غير المخاطبين بأحكامه, أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه, دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة, وذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية, عما كان عليه قبلها.

2 - لا يكفي توافر شرط المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية أو عند إحالتها إليها من محكمة الموضوع وإنما يتعين أن تظل هذه المصلحة قائمة حتى الفصل في الدعوى الدستورية, فإذا زالت المصلحة بعد رفع الدعوى وقبل الفصل فيها فلا سبيل إلى التطرق إلى موضوعها.

------------

الوقائع

حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد قدمت الطاعن إلى محكمة جنح بندر الجيزة بوصف أنه بتاريخ 13/3/1999، أعطى المدعى عليه الخامس شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلبت عقابه بالمادتين (336، 337) من قانون العقوبات وذلك في الجنحة رقم 2714 لسنة 2000 بندر الجيزة. وبتاريخ 20/5/2000 حكمت المحكمة غيابياً بمعاقبته بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ مع إلزامه بتعويض مؤقت، عارض في هذا الحكم وأثناء نظر المعارضة دفع المدعي بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة الأولى والمادة الثالثة من مواد إصدار قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 والمادتين (336، 337) عقوبات، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعـوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.

بتاريخ 19/9/2001 أودع المدعي قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا صحيفة الدعوى طالبا الحكم بعدم دستورية الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الأولى والمادة الثالثة من مواد إصدار قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 والمادتين (336، 337) من قانون العقوبات.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

وحيث إنه من المقرر أن شرط المصلحة المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين، أولهما قيام الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق بالمدعي، والثاني أن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه.

وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنـه لا يكفي توافر شرط المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية أو عند إحالتها إليها من محكمة الموضوع، وإنما يتعين أن تظل هذه المصلحة قائمة حتى الفصل في الدعوى الدستورية، بحيث إذا زالت المصلحة بعد رفع الدعوى وقبل الفصل فيها فلا سبيل إلى التطرق إلى موضوعها.

وحيث إن المدعي قد دفع بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة الأولى والمادة الثالثة من مواد إصدار قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 فيما تضمنته من إرجاء لإلغاء نص المادة (337) من قانون العقوبات، وإرجاء العمل بالأحكام الخاصة بالشيك حتى أول أكتوبر سنة 2000، واستمرار خضوع الشيك لأحكام القانون المعمول به وقت إصداره متى كان ثابت التاريخ قبل أول أكتوبر سنة 2001 والقانون رقم 168 لسنة 2000 باستمرار الإرجاء سنة أخرى لما في ذلك من تعطيل وإهدار لقاعدة رجعية القانون الأصلح للمتهم والتي تعد تأصيلاً للمبدأ الدستوري المنصوص عليه في المادتين (41، 66) من الدستور. ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة إنما يتحدد - وفقاً للمصلحة فيها - فيما ورد بالفقرة الثانية من المادة الأولى وعجز الفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد الإصدار المشار إليها.

وحيث إن إرجاء العمل بالأحكام المشار إليها في مواد إصدار قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 قد تعرض للتعديل لأكثر من مرة آخرها القانون رقم 158 لسنة 2003 الذي نص في المادة الأولى منه على أن:

"تستبدل عبارة" أول أكتوبر سنة 2005 "بعبارة" أول أكتوبر سنة 2003" الواردة بكل من نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة، ونص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من ذات القانون.

كما تستبدل عبارة (المادتين 535، 536) بعبارة (المادة 536) الواردة في الفقرة الثانية من المادة الثالثة المشار إليها، وعبارة (أول أكتوبر سنة 2006) بعبارة (أول أكتوبر سنة 2004) الواردة بنص الفقرة الثالثة من المادة ذاتها".

وتنص المادة الثالثة من ذات القانون على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره". وقد نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية في العدد رقـم 27 في الثالث من يوليو سنة 2003.

وحيث إن مفاد ما تقدم أنه اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2005 فإن قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بما حواه من أحكام جديدة خاصة بالشيك، سيما البيانات التي اشترطت المـادة (473) منه توافرها في الورقة كي تعتبر شيكاً، وكذلك العقوبات التي رصدها القانون لمن يصدر شيكاً ليس له مقابل قائم وقابل للسحب، أضحى نافذاً ويتعين على محكمة الموضوع إنزال حكمه على الواقعة المتهم فيها الطاعن، إذا كانت هذه الأحكـام الجديدة تعتبر قانوناً أصلح لـه، ومن ثم وبزوال العقبة القانونية المتمثلة في تأجيل العمل بأحكام الشيك في قانون التجارة الجديد لم يعد للطاعن مصلحة ترجى من الفصل في الدعوى الدستورية الماثلة، ويتعين بالتالي الحكم بعدم قبولها.

فلهــــذه الأسبــــاب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

استثمار أموال القصر والمحجور عليهم وودائع المحاكم الأهلية والشرعية إميل بولاد

مجلة المحاماة - العدد الرابع
السنة الخامسة - يناير سنة 1925

استثمار أموال القصر والمحجور عليهم
وودائع المحاكم الأهلية والشرعية
اقتراح
مقدم لوزارتي الحقانية والمالية

من مبادئ الرقي العصري في السياسة المالية وجوب استثمار الأموال المدخرة وعدم جمودها في الخزائن.
وإذا حسن ذلك في أموال من كان مطلق التصرف فأحرى أن يراعى في أموال عديم الأهلية.
لذلك فإنا نشكر لإدارة المجالس الحسبية سعيها في حمل الأوصياء والقوام على استثمار أموال محجوريهم بشراء سندات مالية للحكومة ذات فائدة مضمونة أو بشراء عقارات ذات إيراد أو بتسليفها بالفائدة القانونية بتأمين عقاري صحيح.
على أنه من المحقق أنه يصعب على بعض الأوصياء والقوام سلوك هذا السبيل بسبب عقبات أو موانع شخصية أو مركزية فيترتب على ذلك جمود المال الكثير بدون ثمرة لأصحابه زمنًا طويلاً.
وقد تحقق لي أن متوسط مجموع المبالغ الجامدة في خزائن المجالس الحسبية يبلغ سنويًا نحو أربعمائة ألف جنيه، ومتوسط ما في أيدي الأوصياء والقوام يبلغ حوالي مائتي ألف جنيه فتكون الجملة ستمائة ألف جنيه ليس من حسن السياسة تركها عديمة الثمرة.
وقد طرأ على فكري اقتراح في معالجة هذه الحالة عرضته منذ شهر مارس الماضي على وزارة الحقانية وآثرت نشره ليبحثه رجال القانون ورجال المالية من الوجهتين الحقوقية والاقتصادية عسى أن يخرج من بحثه ممحصًا ذا فائدة للمصلحة العامة.
أما العلاج الذي أقترحه فهو أن تشتري الحكومة بقيمة متوسط المبالغ المودعة لديها ولدى الأوصياء الذين يلزمون بتسليمها ما لديهم، أعني بقيمة الستمائة ألف جنيه سندات مالية من سندات الدين المصري الموحد أو الدين الممتاز ذات فائدة تبلغ الآن حوالي خمسة ونصف بالماية أو ما يقرب من هذه النسبة، وتحفظ الحكومة هذه السندات لديها على ذمة أصحاب الودائع من عديمي الأهلية بحيث تكون هذه السندات مملوكة في الواقع لأصحاب الودائع التي دفعت في ثمنها، ويعتبر أصحاب الودائع شركاء في شركة محاصة مدنية رأس مالها الستمائة ألف جنيه التي اشتريت بها السندات، ويحق لهم اقتسام أرباحها التي تبلغ بواقع 5.5 بالماية 33000 جنيهًا فإذا توزعت هذه الأرباح على رأس المال أصاب كل مائة غرش من رأس المال خمسة غروش ونصف وهي غلة قل أن تعطيها أفضل الأطيان.
على أني أرى أن لا يعطى صاحب الوديعة ربحًا يزيد عن أربعة في الماية من قيمة ماله وأن تحفظ الحكومة ما يزيد من ريع السندات نظير مصاريف إدارتها لهذا العمل وأن لا يحاسب صاحب الوديعة على نصيبه من الربح إلا منذ بدء الشهر التالي لإيداعه أمواله وحتى نهاية الشهر السابق لتاريخ سحبه الوديعة على مثال ما هو جارٍ في ودائع صندوق التوفير بالبوستة.
وأرى في الأربعة بالمائة فائدة جليلة تفضل ما يُعطَى من الفائدة من السندات إذا اشتراها وكيل صاحب الوديعة مباشرةً لأن المشتري يضيع عليه زمن لحين الشراء ويبذل مصاريف كثيرة في الشراء والبيع ويخاطر في تحمل بعض الخسارة إذا نزلت قيمة السندات وقت البيع أما الحكومة فإنها إذا اشترت السندات فهي تدين ذاتها وهي لا تضطر لبيعها في وقت من الأوقات، هذا فضلاً عن أنه لا يصح أن تتوقع الحكومة هبوط أسعار سنداتها وإلا كانت عديمة الثقة بمكانتها المالية.
وليس في إعطاء الفائدة غبن على الحكومة لأن المادة (493) من القانون الأهلي المدني أوجبت على حافظ الوديعة أن يرد محصولها وفوائدها، فدفع الفائدة لأصحاب الودائع حق شرعي لهم في ذمتها لأنها هي تتقاضى فائدة عن تلك الودائع من البنك الأهلي حيث مودعة جميع أموالها الجامدة.
وقد يصح تطبيق هذا الاقتراح ليس فقط على أموال القصر المحجور عليهم، بل أيضًا على الأموال المودعة في خزائن المحاكم الأهلية حيث تبقى الشهور بل السنين الطويلة بدون أن يستفيد منها أصحابها بينما تأخذ عنها الحكومة رسم إيداع قدره واحد بالماية وتتقاضى الحكومة فائدة تذكر عن إيداعها بالبنك الأهلي [(1)].
ويصح أيضًا تطبيق هذه القاعدة في ودائع المحاكم الشرعية حيث يوجد عشرات بل مئات الآلاف الجنيهات محفوظة لذمة شراء عقارات لأوقاف أهلية فتبقى جامدة عاطلة الزمن الطويل لما يعترض قبول البدل من العقبات الكثيرة.
وأرى أخيرًا أنه إذا لم ترضَ الحكومة القيام بهذه العملية فيصح أن يوكل بها لبنك مصر الذي لا يرفضها لما فيها من الفائدة الأكيدة فضلاً عما فيها من الخدمة الوطنية التي أنشئ من أجلها ذلك المصرف الوطني.
وأرجو أن لا يقوم على الطريقة المقترحة اعتراض شرعي يحول دون إمكان تنفيذ الاقتراح بحجة تحريم الشرع الإسلامي التعامل بالفوائد فإن الأمر محلل شرعًا بشركة المحاصة التي ذكرتها آنفًا فضلاً عن أن هناك فتاوى مشهورة تجعل الأمر ميسورًا شرعًا ولا تعتبر فائدة السندات من الربا المحرم.
وفي سائر الأحوال فإننا اليوم في عصر جديد يقضي بضرورة استثمار الأموال المخزونة فإذا ما جارينا الرقي الغربي في ذلك كان جمودنًا سببًا في ثبوت تغلب الغرب علينا في مضمار التجارة والصناعة الذي يحركهما المال غير الجامد، ولا نجني من نهضتنا السياسية فائدة تذكر إذ نرى أنفسنا مثقلين بالدين المطلوب للغرب فتذهب فيه ثروة بلادنا وثمرة جهودنا.
إذًا يخلق بنا أن نتنبه فنسير إلى الأمام في تلك النهضة المباركة التي تقدمنا فيها رجال بنك مصر بالأعمال المالية والتجارية والصناعية فكانوا لنا قدوة حسنة وأظهروا للغربيين مثلاً صالحًا لما يرجى أن يأتيه الشرقيون من العمل النافع.


إميل بولاد
المحامي


[(1)] إن المحاكم المختلطة تتناول على ودائعها بالبنك الأهلي فائدة سنوية قدرها ثلاثة بالماية تعطي اثنين منها لأرباب الودائع.

الاختصاص بالنظر في المنازعات الخاصة بالمساقي والمصارف الخصوصية ين جهة الإدارة ومصلحة الري وبين الحاكم

مجلة المحاماة - العدد الثالث
السنة الخامسة - ديسمبر سنة 1924

بحث قانوني
في الاختصاص بالنظر في المنازعات الخاصة بالمساقي والمصارف الخصوصية بين جهة الإدارة ومصلحة الري وبين الحاكم

قبل العمل بالأمر العالي الصادر في 22 فبراير سنة 1894 المشتمل على لائحة الترع والجسور، كانت المحاكم الأهلية مختصة بالنظر فيما يقع بين الأهالي من المنازعات المتعلقة بالمساقي والمصارف الخصوصية، باعتبار كونها من المنازعات المدنية العادية، سواء أكانت الدعوى تتعلق بطلب إنشاء حق الارتفاق المنصوص عليه في المادة (33) من القانون المدني، أو من الدعاوى المتعلقة بالانتفاع بالمياه (فقرة ثانية من المادة (26) من قانون المرافعات) أو من الدعاوى المتعلقة بالمنازعة في وضع اليد على المسقى أو المصرف (فقرة ثالثة من المادة المذكورة).
وفي هذه الحالة الأخيرة إذا كانت الدعوى المتعلقة بالنزاع في وضع اليد، مبنية على فعل صادر من المدعى عليه مضت عليه سنة فأكثر، يكون الاختصاص للمحكمة الابتدائية بدل المحكمة الجزئية طبقًا للمادة (31) مرافعات.
ولما صدرت لائحة الترع والجسور المشار إليها جاء بين أحكامها نصوص خاصة بحقوق الارتفاق المتعلقة بالمساقي والمصارف الخصوصية (المواد (6) و(8) و(9) و(15)) وتضمنت المادة (19) بيان الإجراءات التي تتبع في الشكاوى الخاصة بردم المسقى أو المصرف أو تدمير جسورهما... إلخ.
ومع أن هذه النصوص تخول جهة الإدارة ومصلحة الري الفصل في تلك الأمور، فإن بعض الناس كان يرفع دعواه عنها إلى المحاكم باعتبار كونها صاحبة الاختصاص الأصلي، وقد اختلفت آراء المحاكم في هذا الموضوع لغاية سنة 1923، فبعضها (وهي الأقل) كانت تحكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لأنها أصبحت من اختصاص الإدارة ومصلحة الري، وأكثرها كانت تقضي بعكس ذلك، معتبرة أن نصوص لائحة الترع والجسور لا تسلب المحاكم اختصاصها بنظر الدعاوى التي من هذا القبيل.
غير أن المحاكم ثبتت في العهد الأخير على مبدأ عدم اختصاصها (يراجع الحكم المدرج بصحيفة (197) من مجلة القضاء سنة 1899 والأحكام المنشورة في المجموعة الرسمية بصحف (52) سنة 1906 و(266) سنة 1913 و(44) سنة 1922 و(184) سنة 1923 والحكم المنشور في مجلة المحاماة بصحيفة (935) سنة 1924).
وحيث كان اعتقادي أن الحق في جانب الفريق الذي يرى أن الاختصاص في هذه المسائل مشترك بين المحاكم وبين الإدارة ومصلحة الري، تبعًا لاختيار أرباب الدعاوى، وكانت هذه المنازعات من الأمور الكثيرة الوقوع بين طوائف المزارعين وملاك الأطيان ومستأجريها، ويهم أصحاب الشأن فيها ووكلاءهم معرفة حقيقة الاختصاص بها، قد أردت طرح هذا الموضوع على بساط البحث في المجلة، مدليًا بأدلتي على صحة رأي فيه لتناوله أقلام الباحثين من رجال القانون.
وقد اخترت لبحثي من نصوص تلك اللائحة، النص الأكثر استعمالاً لكثرة المنازعات التي يطبق عليها (وهو نص المادة (19)) ويمكن القياس على هذا البحث فيما يتعلق بباقي نصوص اللائحة المذكورة.
1 - إن الحق المخول للمدير ورجال مصلحة الري في تلك المادة لم يكن مقررًا بصفة كونه اختصاصًا وحيدًا لهؤلاء الموظفين الإداريين دون سواهم، كما يظهر من منطوق النص وهو (إذا قدمت للمدير شكوى... إلخ) ولم يقل الشارع مثلاً: يختص المدير ورجال مصلحة الري بالنظر والفصل في المنازعات التي تقع بين أصحاب الأراضي... إلخ.
فصيغة النص تجعل اختصاص هؤلاء الموظفين الإداريين، تابعًا لرغبة صاحب الشأن إذا قدم شكواه إليهم، ولا تمنعه من أن يتبع الطريق العادي برفع دعواه إلى المحاكم طبقًا لنصوص قوانينها التي هي الأصل في كل المنازعات المدنية، ولم تبطلها لائحة الترع والجسور.
2 - ليس بغريب أن يخول الشارع المصري الاختصاص في هذا الموضوع إلى سلطتين مختلفتين (القضائية والإدارية) ليختار صاحب الدعوى أيهما يرفع إليها دعواه، نعم إن الشارع وضع الطريقة الإدارية باعتبار كونها أقصر زمنًا وأقل نفقةً، ولكنه لاحظ أن يُبقي الطريقة القضائية لاحتمال أن البعض يفضل استعمالها للوصول إلى حقه، لما في النظام القضائي من الضمانات أكثر من الطريقة الإدارية، ولذلك لم يمس النصوص القانونية المتعلقة باختصاص المحاكم بإلغاء أو تعديل.
3 - هذا الاشتراك في الاختصاص ليس هو الوحيد في تشريعنا، حيث رغمًا عن كون المحاكم الشرعية مختصة قديمًا بقضايا النفقة وكذلك باقي الهيئات الدينية التي لها سلطة القضاء في الأحوال الشخصية، قد ورد في القانون المدني الأهلي نصوص تتعلق بالنفقة بين الأصول والفروع والأزواج (المواد من (155) إلى (157)) وهذه النصوص تختص بتنفيذها المحاكم الأهلية طبعًا.

مناقشة أسباب الأحكام التي قضت بعدم اختصاص المحاكم

1 - أهم هذه الأسباب أن المادة (42) من الأمر العالي الشامل للائحة الترع والجسور قضت بإلغاء كل ما كان من الأحكام السابقة مخالفًا لهذا الأمر.
وإني أرى أن نص المادة المذكورة ليس كافيًا لإلغاء نصوص القانون المدني وقانون المرافعات، المبينة في صدر هذا المقال، إذ أن تلك المادة تشتمل على نص ضمني في لائحة إدارية استثنائية، لا يمكن أن يقصد به الشارع إلغاء عدة نصوص من القانون العام الذي تنفذه السلطة القضائية، وسلب حقها في الاختصاص بنظر قسم مهم من المنازعات المدنية، وحرمان أصحاب الشأن في هذه المنازعات من حقوقهم المكفولة لهم بالنظام القضائي أكثر من النظام الإداري.
وإنما لأجل بطلان تلك النصوص والحقوق المترتبة عليها، يجب بمقتضى المادة الرابعة من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية، أن يكون نص الإبطال صريحًا تذكر فيه المواد المراد إلغاؤها من القانونين المار ذكرهما.
2 - إذا صح إلغاء بعض النصوص القانونية بنص ضمني مجمل كالذي نحن بصدده، فإنما يجوز ذلك بالنسبة للأوامر العالية واللوائح المتعادلة في القوة، والتي يكون تأثيرها واحدًا بالنسبة للأمة.
أما وقوانين المحاكم (العامة) هي أقوى من اللوائح والأوامر العالية الإدارية، وكل ما كان من الاختصاصات مخولاً للسلطة القضائية، يعتبر كسبًا للأمة أكثر من تخويله للسلطة الإدارية، فليس من المعقول أن تقصد الحكومة سلب اختصاص المحاكم وتحويله إلى جهات الإدارة، وإلغاء بعض نصوص القانون العام، بمقتضى نص ضمني في أمرٍ عالٍ إداري.
وليس أدل على صدق هذه النظرية من أن الحكومة عندما تصدر قانونًا قضائيًا يترتب عليه إلغاء نص من قانون مثله، تذكر ذلك صراحةً في القانون الجديد مع بيان المادة أو المواد التي تُلغَى من القانون الأصلي.
3 - متى تقرر ذلك، يتضح جليًا أن المراد بنص المادة (42) من لائحة الترع والجسور إنما هو إلغاء الأوامر الإدارية التي من نوع هذه اللائحة فقط، خصوصًا إذا لاحظنا أنه قبل صدورها بأربع سنين كان قد صدر أمر عالٍ في 22 إبريل سنة 1890 مشتمل على لائحة مثلها، ثم بعد العمل به هذه المدة، رأت الحكومة تعديل كثير من نصوصه، فأصدرت بدله دكريتو 22 فبراير سنة 1894 المعمول به للآن، بدون أن تشير فيه إلى الأمر الأول بالذات، لا في المقدمة ولا في الخاتمة.
4 - السبب الثاني جاءت به محكمة الزقازيق (في حكمها الصادر بتاريخ 11 فبراير سنة 1923) تأييدًا للسبب الأول: فقالت إن نص المادة (42) غير قاصر على إلغاء الأوامر الإدارية، بل يشمل إلغاء اختصاص المحاكم الأهلية أيضًا، لأن هذا النص عام غير مقيد بدليل أن المادة التاسعة من اللائحة ورد في آخرها نص خاص على أنها تلغي المادة العاشرة من الأمر العالي الصادر في 8 مارس سنة 1881 (بخصوص الآلات الرافعة للمياه) ولا معنى للتنصيص العام بعد التنصيص الخاص إذا كان المراد به ما تأخذ به هذه المحكمة من الإلغاء العام.
ومع أن هذا الاستدلال مقبول في ظاهره، فإنه في الحقيقة لا يدحض الأدلة السابق إيرادها إثباتًا لعدم جواز إلغاء نصوص من القانون العام بنص ضمني في لائحة إدارية.
على أنه ممكن بالعكس - وهو الأرجح - اتخاذ ذلك النص الخاص دليلاً على المبدأ الذي أتمسك به: فإنه إذا كان الشارع للائحة الترع والجسور، لما أورد فيها نصًا يلغي مادة واحدة من لائحة إدارية تعادلها، رأى أن ينص على هذا الإلغاء صريحًا، خشية أن يفهم الناس والموظفون المكلفون بتنفيذ هذه اللوائح أن تلك المادة ما زال جائزًا العمل بها مع وجود النص الجديد، فمن باب أولى لو أراد الشارع أن يلغي بنص إداري عدة مواد من قوانين قضائية، لنص حتمًا على ذلك الإلغاء نصًا صريحًا، دون أن يكتفي بنص عام ضمني في المادة الأخيرة من اللائحة الإدارية.
ولا شك أن حرص واضع تلك اللائحة إلى هذا الحد، في منع التعارض أو الالتباس بين النصوص الإدارية البحتة، يأبى كل الإباء أن يكون في تطبيق أحكام هذه اللائحة طغيان من السلطة الإدارية على اختصاص السلطة القضائية وفقدان ما للناس من ضمانات في سلوك الطرق القضائية للحصول على حقوقهم.
5 - بقي بعد ذلك سبب ثالث أتت به محكمة الزقازيق، وهو آراء شراح القانون المصري:
1/ فأهم تلك الآراء، رأي المرحوم المغفور له فتحي زغلول باشا في كتاب (شرح القانون المدني)، وهذا الرأي ليس سببًا جديدًا لأن صاحبه كان رئيسًا لأول محكمة قررت مبدأ عدم اختصاص المحاكم، وقد سبق لي الرد على هذا المبدأ بما أعتقده كافيًا لعدم صحته.
2/ أما تشكك الشارح الثاني (مستر هالتون) وعدم قطعه برأي في هذه المسألة، فيمكن أخذه ضد مبدأ عدم الاختصاص أولى من أخذه لصالح هذا المبدأ، لأن سلب الحقوق لا يكون إلا بنص صريح.
وإذا كانت محكمة الزقازيق قد ارتكنت على استغراب (مستر هالتون) من أن هذه اللائحة (التي تضمنت إجراءات كاملة للسير في أمثال هذه الدعوى) لا يُجرَى العمل بها وحدها، فإن هذا الاستغراب لا يلبث أن يزول بما أوردته من الأدلة في مقالي هذا.
6 - على أنه يوجد في ذات المادة (19) التي نحن بصددها، عبارة صريحة تزيل ذلك الاستغراب، وتجعل للمحاكم اختصاصًا أصليًا غير مشترك في بعض الأحوال:
تلك العبارة هي تعليق الفصل الإداري في الشكوى على أن يثبت أن المشتكي كان يروي حقيقة أطيانه من المسقى في السنة الماضية.
وهذا النص (أو الشرط) الصريح معناه أنه إذا ثبت أن ري المشتكي انقطع من زمن أكثر من سنة ماضية، فلا يفصل في الشكوى إداريًا بل يكون الاختصاص لغير الإدارة، وما هي الجهة المختصة إذًا في هذه الحالة؟ هي بلا شك السلطة العادية القضائية.
7 - وظاهر من اهتمام واضع اللائحة بجعل مدة السنة حدًا فاصلاً بين اختصاص الإدارة والقضاء في المحاكم المذكورة، أنه أراد المحافظة على قواعد الاختصاص المبينة بقانون المرافعات في دعاوى وضع اليد، فقيد اختصاص الإدارة بأن يكون في النزاع المختصة به المحاكم الجزئية فقط: أي عندما يكون الفعل الصادر من المدعى عليه، لم تمضِ عليه سنة (فقرة ثالثة من المادة (26) مرافعات)، وجعل الاختصاص للمحاكم الابتدائية إن زادت المدة عن ذلك (مادة (31) مرافعات) وهذا خير رد على استغراب (مستر هالتون)، يؤيد أن لائحة الترع والجسور لا يجرى العمل بها وحدها.

كلمة حاسمة

إذا سلمنا جدلاً لأصحاب مبدأ عدم اختصاص المحاكم، وقلنا إن نصوص القوانين القضائية أُلغيت بالنص الضمني الوارد في المادة (42) من لائحة الترع والجسور، فما قولهم في التعديل الذي حصل في المادة (26) من قانون المرافعات مرتين بعد صدور لائحة الترع والجسور: المرة الأولى بأمرٍ عالٍ في 20 يونية سنة 1904 (أي بعد تلك اللائحة بعشر سنين) والثانية بقانون نمرة (3) في 27 إبريل سنة 1914 أي بعد اللائحة بعشرين سنة؟
كل من التعديلين أثبت (أبقى) اختصاص المحاكم الجزئية بالدعاوى المتعلقة بالانتفاع بالمياه كما هو مقرر في أصل النص (فقرة ثانية من تلك المادة) فإذا كان الواضع للقوانين القضائية (وهو بالطبع أدق من واضعي اللوائح الإدارية) يعلم عند وضعه ذينك التعديلين أن لائحة الترع والجسور الصادرة قبل ذلك سلبت اختصاص المحاكم بالدعاوى المذكورة، فلماذا أثبت للمحكمة الجزئية هذا الاختصاص في كل من التعديلين؟
لا ريب مطلقًا في أنه أراد بذلك النص الصريح، بقاء الاختصاص مشتركًا بين المحاكم والسلطة الإدارية، وإلا لكان حذف من اختصاصات المحكمة الجزئية ذلك النوع من الدعاوى.
وللأسف أنه لم يتنبه لهذه النقطة المهمة أحد من حضرات المحامين الذين ترافعوا في تلك الدعاوى، كلا ولا نفس المحاكم التي حكمت بعدم الاختصاص.
فما رأي حضرات رجال القانون في هذا البحث.

أحمد صادق
مدير إدارة بوزارة الداخلية

تأثير اعتماد خط التنظيم في الملكية عبد العزيز عبد الهادي

مجلة المحاماة – العدد الأول
السنة الخامسة - أكتوبر سنة 1924

تأثير اعتماد خط التنظيم في الملكية
بحث في قانون التنظيم ولائحته

مسألة مهمة ومشكلة من مشاكل القانون العديدة التي تُعرض في كل يوم على المحاكم فتقضي فيها كل محكمة بحسب ما تتوجه إليه فكرتها ويوحيه إليها ضميرها.
وكثيرًا ما رأينا المحاكم تتخبط في آرائها ورأينا من العباد شكوى مرّة من قسوة أحكامها، وكم قُدم للمحاكمة شخص متهم بترميم منزل له خارج عن خط تنظيم اعتُمد بديكريتو ولم تُتخذ الإجراءات اللازمة لنزع ملكيته، فيقف المخالف أمام المحكمة مكتوف اليدين أمام قسوة المشرع الذي سن قوانين التنظيم ولوائحه، وقسوة القاضي الذي يتشدد في تطبيق حرفيات النصوص، ولا حيلة له في نقض أقوال الإدارة لحجية محاضر المخالفات، ولا سبيل إلى ذلك إلا بندب خبير قد يتقاضى أجرًا باهظًا، وكثيرًا ما ترفض المحاكم ندبه وبعد ذلك كله يُقضَى عليه بالعقوبة، وليتها الغرامة فقط بل تشفعها المحكمة بإزالة ما حصل من الترميم البسيط إزالة قد تؤدي إلى تلف المنزل وخرابه.
والقاعدة العامة أن الملكية وهي أثبت الحقوق وأهمها وأوسعها نطاقًا حق من أهم صفاته صفة الإطلاق، فهي حق مطلق يجيز للمالك الانتفاع والتصرف بكافة أوجههما.
ولكن المشرع في جميع الأزمان وفي جميع القوانين رأى أن يقيد هذا الإطلاق بقيود، منها ما وضعه للمنفعة العامة التي تستلزمها مصالح البلاد، ومنها ما هو للمنفعة الخاصة وهي منفعة الأفراد مستنيرًا في ذلك بنور التطورات العمرانية والتقلبات المختلفة التي تؤول إليها حال البلاد من وقتٍ لآخر، على أن القاعدة العامة هي أن ما ورد على خلاف القياس فلا يقاس عليه، فهذه القيود التي قيد بها الشارع حق الملكية قيود استثنائية وردت على خلاف القياس فلا يقاس عليها غيرها بل يجب التحرز وعدم التوسع في تطبيقها متخذين في ذلك العدالة إمامًا والرحمة سبيلاً.
نصت المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 26 أغسطس سنة 1889 على أنه (لا يجوز مطلقًا لأحد أن يبني في المدن والقرى منازل أو عمارات أو أسوار أو بلكونات أو سلالم خارجة مكشوفة أو غير ذلك من الأبنية التي تقام على جانبي الطريق العمومية ولا يسوغ أيضًا توسيع تلك الأبنية أو تعليتها أو تقويتها أو ترميمها أو هدمها بأي صفة كانت أو في أي حد كان من الحدود إلا بعد حصوله من مصلحة التنظيم على الرخصة وخط التنظيم) وجاء في المادة العاشرة من اللائحة الصادرة من وزارة الأشغال في 8 سبتمبر سنة 1889 بتنفيذ الأمر العالي المذكور أن (مجرد الإقرار على رسم خط التنظيم من ناظر الأشغال العمومية وصدور أمر عالٍ باعتماده يسوغان للحكومة أن تنزع شيئًا فشيئًا وبالطريقة القانونية الأراضي المبينة بالرسم لزومها لإنشاء الشوارع المعمول عنها الرسم المذكور، ومن تاريخ صدور الأمر العالي المشار إليه لا يجوز إقامة أي بناء على الأراضي اللازم نزع ملكيتها)، والذي يؤخذ من هاتين المادتين ثلاثة أحكام وهي:
أولاً: يجب لإجراء أي عمل من أعمال البناء أو الترميم أو التعديل أو الزيادة أو النقصان في بناء مجاور للطريق العمومي الحصول على رخصة ومراعاة خط التنظيم.
ثانيًا: إذا عُين خط تنظيم جديد لطريق من الطرق العمومية وأقرته وزارة الأشغال وصدر أمر عالٍ باعتماده ودخلت بعض المباني أو الأراضي التي على جانبي الطريق في هذا الخط جاز للإدارة أن تنزع ملكيتها شيئًا فشيئًا بغير حاجة إلى اتباع نصوص قانون نزع الملكية الصادر في سنة 1906.
ثالثًا: إذا كان الحال كما في الحالة السابقة فلا تجوز إقامة أي بناء على الأراضي المراد نزع ملكيتها.
والذي يهمنا وما هو محل بحثنا هو الحكم الثالث الذي قاسى منه الناس كثيرًا بلا رحمة ولا شفقة.
ويحسن بنا للاهتداء في هذا البحث أن نُرجع البصر إلى مأخذ تشريعنا الذي أخذنا ولا نزال نأخذ عنه قوانيننا وهو التشريع الفرنسي، ثم نعود إلى ما عليه تشريعنا المصري وبعد ذلك نفحص أقوال الشراح والمحاكم ونرد حججهم وأقوالهم ثم نبدي رأينا الخاص.

الشراح والمحاكم في فرنسا

لقد اختلف الشراح والمحاكم في فرنسا في آرائهم ولكن يمكن حصر هذا الاختلاف في رأيين:
الرأي الأول:
يرى أصحاب هذا الرأي من الشراح والمحاكم أنه منذ صدور الدكريتو باعتماد خط التنظيم لا يجوز إقامة مبانٍ على الأرض المعدة لنزع ملكيتها ولا يجوز ترميم أو تقوية أو تعديل الأبنية القائمة على هذه الأرض.
ومن الشراح الذين ذهبوا هذا المذهب (بلانيول) في شرحه للقانون المدني جزء أول بند (2334) و(كولان) و(كابتان) جزء أول صـ (745) و(فيجييه) في شرحه للقانون المدني جزء أول صـ (531)، ومما قاله (بلانيول) عن ذلك في صحيفة (720) بند (2334) أنه إذا دخل جزء من البناء في خط التنظيم ولو لم تُنزع ملكيته بالطرق المعتادة أصبح هذا الجزء خاصًا لشبه حق ارتفاق لمصلحة الطريق العام، فلا يمكن إقامة مبانٍ جديدة عليه ولا ترميم المباني القائمة من قبل حتى لا تدفع الإدارة إلا قيمة الأرض المجردة.
ومن المحاكم الفرنسية التي أخذت بهذا الرأي محاكم جزئية كثيرة أهم أحكامها الحكم الوارد في (مجلة سيري 93 – 3 – 97)، وفي ذلك حكم من محكمة النقض الفرنسية صادر في 7 إبريل 1911 منشور في (مجلة سيري 1912 – 1 – 179)، واستندت هذه الأحكام إلى أن إباحة البناء والترميم ينتفي معها الغرض من تعيين خط التنظيم ويعوق سرعة إنشاء الطرق بإقامة المباني وترميمها وتقويتها.
الرأي الثاني:
أما أصحاب هذا الرأي من الشراح والمحاكم فيوجهون إلى الرأي السابق من النقد أشده ويرى أصحابه أن اعتماد خط التنظيم لا يؤثر في ملكية المالك ولا يحرمه من حق البناء على الأرض المراد نزع ملكيتها أو ترميم ما عليها من الأبنية أو تقويتها حتى تنزع ملكيتها بالطرق القانونية، ويرون أن اعتماد خط التنظيم لا يكون إلا بمثابة مشروع لا يحرم الملاك من الانتفاع بملكهم حتى تُنزع ملكيتهم. وأهم أنصار هذا الرأي مسيو (هيريو) وهو رئيس الوزارة الفرنسية الآن، فلقد وجه إلى الرأي القائل بعدم جواز الترميم والبناء والتقوية نقدًا مرًا في تعليقه على حكم منشور في (مجلة سيري 1903 -3 - 97) ولقد بيّن هذا العالم مخاطر خط التنظيم ومضاره وانتقد جمود المحاكم في الأخذ بمباني النصوص دون مقاصدها.
ومن الشراح الذين أخذوا بهذا الرأي أيضًا (أوبري) و(رو) في شرحهما للقانون المدني جزء (4) صـ (47)، و(لوران) جزء (6) صـ (47)، و(داللوز) في موسوعاته جزء (23) صـ (16).
ومن المحاكم الفرنسية التي أخذت بهذا الرأي محكمة النقض في حكمها الصادر بدوائرها المجتمعة في 24 نوفمبر 1837 بعدم توقيع العقوبة على من بنى داخل خط التنظيم قبل نزع ملكيته ودفع التعويض له. وحكم آخر من هذه المحكمة في 30 إبريل 1886 يقضي بإباحة البناء في الأرض المعدة لنزع ملكيتها وترميم ذلك البناء وتقويته.

الشراح والمحاكم في مصر

أما الشراح في مصر فلم نجد منهم من حلل النصوص القانونية في هذا الصدد تحليلاً يسير مع التطورات العمرانية مراعيًا في ذلك مصالح العدد الكثير من الملاك الفقراء الذين تدخل بيوتهم ضمن خط التنظيم، وأول هؤلاء الشراح (مسيو لامبا) فقد قال في كتابه في القانون الإداري المصري 474، 475 (بعد أن عرّف خط التنظيم في صـ (473) بأنه تعبير يراد به الحد المجاور) إنه منذ صدور الأمر العالي يحرم البناء على الأرض المعدة لنزع ملكيتها، ولا يشترط في ذلك أن يكون الطريق قد وُجد فعلاً بل يكفي أن يكون هناك تصميم اعتُمد بدكريتو حتى يصبح خط التنظيم إلزاميًا وإن اعتماد خط التنظيم هو قيد لا يسمح للملاك المجاورين أن يعدلوا أو يزيدوا في حالة أملاكهم الخارجة عن هذا الخط.
كذلك قال الدكتور محمد كامل مرسي بك (الآن السكرتير الثاني للسفارة المصرية بلندن) في رسالته التي قدمها في الدكتوراة القانونية المسماة (نطاق حق الملكية في مصر) صـ (180) إنه لا يجوز إجراء عمل من أعمال الترميم والصيانة في البناء القائم على الأرض المراد نزع ملكيتها للطريق العمومي متى اعتُمد خط التنظيم، وما ذلك الحظر إلا لئلا يطول أمد المباني القائمة على الأرض حتى إذا أُهملت تداعت من نفسها ولا تدفع الإدارة إلا ثمن الأرض.
أما المحاكم المصرية: فنوعان المختلطة والأهلية.
أما المحاكم المختلطة فمنها ما يميل إلى إباحة البناء وتقويته وربما كان ذلك الميل الأغلب منها، وفي ذلك أحكام كثيرة من محكمة الاستئناف المختلطة أهمها حكم صادر في 25 إبريل 1894 مجموعة التشريع والأحكام س (6) صـ (321) وأول مارس 1905 المجموعة المذكورة س (17) صـ (139).
ولكن من المحاكم المختلطة ما قضى بعكس ذلك وحظر البناء والترميم وفي ذلك أحكام قليلة من محكمة الاستئناف المختلطة وأهمها حكم 11 يناير 1891 المجموعة المذكورة س (6) صـ (108)، 2 فبراير 1906 المجموعة المذكورة س (14) صـ (125)، 15 نوفمبر 1893 المجموعة المذكورة س (6) صـ (43)، 4 ديسمبر 1890 المجموعة المذكورة س (3) صـ (45).
أما القضاء الأهلي وعلى رأسه محكمة الاستئناف الأهلية فقد خطا خطوة حسنة في تحليل النصوص القانونية. وتنحصر آراء المحاكم الأهلية في ثلاثة آراء:
الرأي الأول:
يرى هذا الرأي أغلب المحاكم الجزئية ومحكمة الاستئناف في بعض أحكامها، ومقتضى هذا الرأي هو حظر البناء في الأراضي المعدة لنزع ملكيتها أو ترميم البناء القائم عليها أو تقويته متى اعتمد خط التنظيم، ومن الأحكام الصادرة في هذا الصدد (وجميعها لم تُنشر) الحكم الصادر من محكمة مخالفات مصر في 5 يناير 1914 (وألغاه حكم الاستئناف الصادر في 5 إبريل 1914) وكذلك الحكم الصادر من محكمة مخالفات المنصورة في 20 أغسطس 1916 (وألغاه الحكم الصادر من الاستئناف في 21 نوفمبر سنة 1916) وحكم محكمة العطف في 24 مارس 1924.
وأهم أحكام محكمة الاستئناف في هذا الصدد الحكم الصادر في 26 مارس سنة 1917 (المجموعة الرسمية س (18) عدد (32) صـ (52)) ومجموعة الأحكام لحمدي بك السيد (القسم المدني) صـ (99).
الرأي الثاني:
قضت أحكام عديدة من المحاكم الجزئية ومن محكمة الاستئناف بعكس الرأي السابق وإباحة البناء على الأرض اللازم نزع ملكيتها وجواز تقوية البناء القائم عليها وترميمه كما يشاء المالك (حكم محكمة أسيوط الجزئية 17 مايو 1915 المجموعة الرسمية س (16) صـ (118) عدد (103)) وحكم لم يُنشر صادر من محكمة فوه في 20 يناير 1922 في القضية نمرة (231) سنة 1922، ولقد استأنفت النيابة هذا الحكم فأيدته محكمة الاستئناف في 18 يونية 1922 في القضية نمرة (2132) سنة 39 قضائية. وحكم محكمة سنورس (الذي لم يُنشر) في 6 فبراير 1917.
الرأي الثالث:
يفرق أصحاب هذا الرأي من المحاكم بين حالتين:
الأولى: إذا كان المراد إجراؤه بناءً جديدًا أو ترميمًا يزيد من قيمة الأبنية القائمة.
الثانية: إذا كان ما أُجري ترميمًا أريد به الانتفاع بالبناء القائم واستعماله.
فإن كان من النوع الأول فلا يجوز إجراؤه وإن كان من الثاني جاز.
ومن هذا الرأي محكمة الاستئناف في حكمها الصادر في 15 إبريل 1914 المجموعة الرسمية س (18) صـ (53) عدد (20) وآخر في 21 نوفمبر 1916 المجموعة الرسمية س (18) صـ (55) عدد (31). مجموعة الأحكام لحمدي بك السيد صـ (99) (القسم المدني).

خلاصة حجج الآراء السابقة

1 - الرأي القائل بالحظر:
تتلخص حجج الرأي القائل بحظر البناء والتقوية والترميم متى اعتُمد خط التنظيم فيما يأتي:
أولاً: نصت المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 26 أغسطس 1886 على أنه لا يجوز بناء منازل أو عمارات أو سلالم أو بلكونات أو سلالم خارجة مكشوفة أو غير ذلك من الأبنية القائمة على جانبي الطريق العمومي، ولا يسوغ أيضًا توسيع تلك الأبنية أو تعليتها أو تقويتها أو ترميمها أو هدمها بأي صفة كانت أو في أي حد من الحدود إلا بعد الحصول من مصلحة التنظيم على الرخصة وخط التنظيم.
ونصت الفقرة الأولى من المادة (11) من الأمر العالي المذكور على أن إجراء أعمال بدون رخصة خارج خط التنظيم يستوجب توقيع العقوبة المدونة بالمادة (328)، وذلك فضلاً عن هدم الأعمال المذكورة على مصاريف المخالف.
وهذه الحجة قوية في ظاهرها إذا أُخذت بمفردها، ولكنها إذا فُسرت مع بقية النصوص الأخرى الواردة في هذا الصدد وجد أنه لا يصح الأخذ بها على إطلاقها لأنها من القيود المقيدة للملكية الواردة على خلاف القياس فيجب تضييق تفسيرها حتى تلاءم مصالح العباد.
ولكن محكمة الاستئناف في حكمها الصادر في 26 مارس 1917 أبت إلا أن تقول إن حكم هذه المادة عام ويشمل المباني والأعمال الخاصة بها من ترميم ونحوه سواء كانت هذه المباني واقعة على خط التنظيم أو على غير خط التنظيم، على أن في هذا الحكم مطعنين:
1 - إذا راجعنا هذا القول وجدنا الشطر الأول منه مبهمًا لأننا لو راجعنا المادة العاشرة من لائحة التنفيذ الصادرة من وزارة الأشغال عقب صدور الأمر العالي المذكور وجدنا أنها لا تمنع إلا البناء ولم تتكلم عن الترميم أو التقوية الواردين بالمادة الأولى من الأمر العالي وهذا النقص ووجوب تضييق التفسير يقضيان بالقول بإباحة ترميم الأبنية القائمة وتقويتها.
2 - وقد أجمع المحاكم والشراح على أن الأعمال التي تُجرَى في البناء الداخل عن خط التنظيم لا تستلزم رخصة (انظر نطاق حق الملكية لكامل مرسي بك صـ (179) وحكم محكمة الاستئناف المختلطة 25 إبريل 1894 مجموعة التشريع والأحكام (6) صـ (321) و17 إبريل 1895 المجموعة المذكورة (7) صـ (229) و11 مارس 1896 المجموعة المذكورة (8) صـ (163)).
وإذا رجعنا إلى المادة (10) من لائحة التنفيذ وجدناها تنص على حكمين:
أولهما: أن اعتماد خط التنظيم بدكريتو يسوغ للإدارة شيئًا فشيئًا أن تنزع ملكية الأراضي المبينة بالرسم بغير حاجة في ذلك لاتباع نصوص قانون نزع الملكية الصادر في 1906.
وثانيهما: أنه لا يجوز البناء على هذه الأراضي.
فيؤخذ من هذه المادة أنها وردت لتسهيل أعمال الإدارة فيما يتعلق بنزع الملكية وعدم إطالة الوقت باتباع الإجراءات المعتادة، وما لم تنزع الملكية فهي باقية وإن هذه المادة لا تسري إلا على الأراضي التي أُعدت لنزع ملكيتها وإدخالها في الطريق العام.
أما المادة الأولى من الأمر العالي والمادة (11) منه فما أريد بهما إنما هو خط التنظيم الذي يفصل طريقًا عموميًا مستعملاً بالفعل عن الأملاك المجاورة، وذلك حفظًا للطرق المستعملة من قبل واستبقاءً لرونقها ونظامها وما لم يكن الطريق مستعملاً بالفعل بأن كان لا يزال مشروعًا فلا تسري عليه المادة الأولى من الأمر العالي بل المادة (10) من لائحة التنفيذ.
ثانيًا: استندوا إلى أن الحكمة في حظر البناء والتقوية والترميم هي زوال المباني الخارجة عن خط التنظيم متى تداعت أو هدمها أصحابها، وبذلك لا تدفع الإدارة إلا ثمن الأرض مجردة والرد على ذلك هو القول بأن في ذلك اعتداءً كبيرًا على الملكية لا تبرره القوانين بل يقضي بعكسه ورود هذه المواد باعتبارها قيودًا على سبيل الاستثناء وحماية حرية الأفراد في التمتع بأملاكهم حتى تُنزع ملكيتهم قانونًا ويعطوا التعويض عن ذلك وإلا لو سلمنا بهذا الاعتداء لكان فيه حرمان الأهالي من أملاكهم حرمانًا قد يكون لأجل غير مسمى فقد يصدر الديكريتو ولا تنزع الإدارة الملكية إلا بعد خمسين أو ستين سنة من صدوره وهذا يتنافى مع العدالة التي ما شرعت القوانين إلا لحمايتها.
ثالثًا: قالوا إن إباحة البناء والترميم والتقوية تبقي المباني الخارجة عن خط التنظيم قائمة وتعوق نفاذ الطرق العمومية بالسرعة المطلوبة، ولكن هذا القول مردود على قائله لأن الإدارة إذا شرعت في نزع الملكية فلا يعوقها قيام البناء أو عدمه وكل ما هناك إنما هو النزاع في التعويض، وسنتكلم على مشكلة التعويض عند الكلام على رأينا الخاص في هذه المسألة.
2 - حجج الرأي القائل بإباحة البناء:
أولاً: قالوا إن الأراضي والمباني التي لم تُنزع ملكيتها لا تزال باقية على ملكية أصحابها ولهم حق الانتفاع بها إلى أن تُنزع هذه الملكية (حكم محكمة فوه السابق ذكره) وإن اعتماد خط التنظيم ليس إلا بمثابة إخطار للملاك بعزم الحكومة على نزع ملكية أراضيهم في المستقبل القريب أو البعيد (حكم محكمة أسيوط السابق).
ثانيًا: أن المادة العاشرة من لائحة (8) سبتمبر سنة 1889 لا يمكنها أن تنشئ جرائم أو تقرر عقوبة لأن ذلك من حق السلطة التشريعية نفسها (حكم محكمة أسيوط ) ولكن لنا على ذلك الحكم اعتراض وهو أنه يتنافى مع نظام الحكومة عندنا سابقًا لأن السلطة التنفيذية عندنا كانت هي السلطة التشريعية، ولأن كثيرًا من اللوائح أصدرتها وزارات مختلفة وأتت فيها بعقوبات طبقتها المحاكم منذ صدورها، من ذلك لائحة عربات النقل في 7 يناير 1891 مادة (12)، ولائحة الفلايكية في 16 مارس 1891 مادة (46)، ولائحة المترجمين في 28 ديسمبر 1895 مادة (10) ولائحة نقاشي الأختام، ولائحة القبانية والكيالين ولائحة عربات الركوب والسيارات والكتبة العمومية... إلخ، وجميع هذه اللوائح صادرة بعقوبات أمرت بتوقيعها السلطة التنفيذية التي كانت في الواقع السلطة التشريعية.
3 - حجج الرأي القائل بجواز الترميم ومنع البناء الجديد:
وهو الرأي الثالث الذي اتخذته محكمة الاستئناف الأهلية فقالت بعدم جواز البناء الجديد وبجواز ترميم وتقوية البناء القائم من قبل لأجل استعماله، وحجج هذا الرأي تتلخص فيما يأتي:
أولاً: أن الأمر العالي الخاص بالتنظيم إنما يسري على الأراضي والمنازل الواقعة على جانبي الطريق العمومية الجاري استعمالها أما اللائحة فقاصرة على الأراضي التي قررت الحكومة نزع ملكيتها بناءً على مشروع طريق عمومية جديدة تنوي الحكومة عملها.
ثانيًا: أن نص المادة (10) من اللائحة اقتصر على منع البناء ولم ينص على شيء من الأعمال اللازمة للمحافظة على المنازل التي تقرر نزع ملكيتها.
ثالثًا: أن الملكية التي لا تزال باقية لأصحابها حتى تُنزع تستلزم انتفاع الملاك بأملاكهم وأن عكس ذلك يقضي بمنع التمتع لمدة لا تعلم نهايتها (راجع أحكام محكمة الاستئناف السابق إيرادها).

رأينا الخاص

والرأي عندي أننا إذا حللنا النصوص القانونية الواردة في ذلك وهي المادة الأولى من دكريتو التنظيم والمادة (11) منه والمادة (10) من لائحة وزارة الأشغال نجد بها الأحكام الآتية:
أولاً: أن الأمر العالي الخاص بالتنظيم لا تنطبق المادة الأولى منه إلا على الأراضي والمباني القائمة على جانبي الطريق العمومي المستعمل فعلاً، أما لائحة التنفيذ فلا تنطبق إلا على الطرق المراد إنشاؤها والمبينة بالرسم المعتمد.
ثانيًا: لا يجوز بناء أو ترميم أو تقوية أو تعديل أو زيادة أو نقصان مبانٍ على جانبي الطريق العمومي المستعمل فعلاً إلا بعد الحصول على رخصة وخط التنظيم.
ثالثًا: إذا اعتمد خط التنظيم لطريق عمومي بدكريتو ودخلت بعض المباني فيه ولم تنزع الإدارة ملكية هذه المباني لنفاذ الطريق جاز للمالك ترميم هذه المباني أو تقويتها أو إصلاحها سواء كان ذلك لأجل استعمال ملكه والانتفاع به أو لأجل الاتجار.
رابعًا: إذا دخلت بعض الأراضي المجاورة الفضاء ضمن الخط المعتمد فليس لأربابها أن يبنوا فيها بناءً جديدًا.
خامسًا: لا تدفع الإدارة عند نزع الملكية قيمة الإصلاحات أو الترميمات أو الزيادات التي يجريها المالك بل كل ما تدفعه هي قيمة الأرض والمباني القائمة وقت اعتماد الرسم المبين به خط التنظيم بدكريتو.
أما الحكم الأول والثاني فقد سبق الكلام عليهما وأما الثالث فإننا نخالف فيه محكمة الاستئناف في حكمها الصادر في 15 إبريل 1914 و21 نوفمبر 1916 (المجموعة الرسمية س (18) صـ (53) و(55)) الذي فرق بين الترميمات التي عملت بقصد استعمال المباني والتي عملت بقصد المتاجرة وقضى بإباحة الأولى ومنع الثانية ونحن نرى أنه لا أثر لمثل هذه التفرقة في لائحة التنفيذ، وكل ما هناك أن المادة العاشرة منها منعت البناء منذ صدور الدكريتو باعتماد خط التنظيم ولم تذكر شيئًا عن الترميمات وما يشابهها.
وأما فيما يتعلق بالتعويض الذي يُعطَى للملاك عند نزع ملكيتهم فإن دكريتو اعتماد خط التنظيم الذي يسوغ للإدارة نزع ملكية الأراضي والمباني اللازمة يعتبر بدلاً عن الدكريتو الذي استلزم صدوره قانون نزع الملكية الصادر سنة 1906 (المادة 1). ونصت المادة (15) من هذا القانون على أنه لا تراعى في تقدير الثمن التحسينات والترميمات التي عملت بقصد الحصول على ثمن أزيد وتكون كذلك إذا حصلت بعد نشر الدكريتو وإني أرى أن دكريتو اعتماد خط التنظيم وإن جاز معه إجراء ترميمات إلا أنها لا تقدر عند نزع الملكية. [(1)].

عبد العزيز عبد الهادي
المحامي بدمنهور

-------------------
(1) راجع بهذا الخصوص الحكم الصادر من محكمة الاستئناف الأهلية بتاريخ أول يناير سنة 1921 ومنشور بمجلة المحاماة بالعدد العاشر من السنة الثالثة صـ (502) نمرة (407)، وراجع كذلك حكم محكمة أسيوط الأهلية الصادر بتاريخ 26 فبراير سنة 1921 ومنشور كذلك بالمحاماة عدد (2) س (2) صـ (94) نمرة (35)، وراجع كذلك الحكم الصادر من محكمة أسيوط الجزئية الأهلية بتاريخ 31 فبراير سنة 1924 ومنشور بهذا العدد ضمن أحكام المحاكم الجزئية).