الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 ديسمبر 2021

القضية 1 لسنة 28 ق جلسة 4 / 5 / 2008 دستورية عليا مكتب فني 12 ج 1 بطلان ق 110 ص 1082

جلسة 4 من مايو سنة 2008 
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله وأنور رشاد العاصي وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر

--------------

(110)

القضية 1 لسنة 28 ق "بطلان"

(1) حكم - أحكام المحكمة الدستورية العليا - حجيتها - عدم جواز الطعن عليها .

أحكام المحكمة الدستورية العليا –بصفة عامة- لا تقبل الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن وأن قضاءها في الدعاوى الدستورية له حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي بها.
(2) دعوى دستورية - إجراءاتها - قانون المرافعات - المرافعة أمام المحكمة الدستورية العليا.

لا تثريب على المحكمة إن هي قضت في الدعوى بغير سماع مرافعة المدعى بعد أن أبدى دفاعه ودفوعه أمام هيئة المفوضين، ذلك أن الأصل وفقاً للمادة 44 من قانون المحكمة المشار إليه، أن المحكمة تحكم في الدعاوى والطلبات المعروضة عليها بغير مرافعة. إلا إذا رأت ضرورة لذلك.

(3) دعوى بطلان حكم - حالاتها.

الأصل أنه لا يجوز بحث ما يوجه إلى الحكم من عيوب، إلا بالطعن عليه بالطرق التي رسمها القانون، فإذا ما كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فإن الفقه والقضاء قد أجازا استثناءً رفع دعوى أصلية بطلب بطلان الحكم في الحالات التي يتجرد فيها الحكم من أركانه الأساسية.

----------------

1 - النص في المادة (48) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن "أحكام المحكمة وقراراتها نهائية غير قابلة للطعن" والنص في المادة (49) على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، ....." مؤداهما- وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة- أن أحكام المحكمة الدستورية العليا –بصفة عامة- لا تقبل الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن وأن قضاءها في الدعاوى الدستورية له حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي بها.
2 - لا تثريب على المحكمة الدستورية العليا إن هي قضت في الدعوى بغير سماع مرافعة المدعى بعد أن أبدى دفاعه ودفوعه أمام هيئة المفوضين، ذلك أن الأصل وفقاً للمادة 44 من قانون المحكمة رقم 48 لسنة 1979 ، أن المحكمة تحكم في الدعاوى والطلبات المعروضة عليها بغير مرافعة. إلا إذا رأت ضرورة لذلك.
3 - الأصل أنه لا يجوز بحث ما يوجه إلى الحكم من عيوب، إلا بالطعن عليه بالطرق التي رسمها القانون، فإذا ما كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فإن الفقه والقضاء قد أجازا استثناءً رفع دعوى أصلية بطلب بطلان الحكم في الحالات التي يتجرد فيها الحكم من أركانه الأساسية.

---------------

الوقائع

حيث إن الوقائع – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– تتحصل في أنه على إثر دفع من المدعى أمام محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 31583 لسنة 59 قضائية بعدم دستورية المادة 76 من الدستور والمواد 2، 8، 11، 13، 24، 35، 43 من القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية، والمادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، صرحت المحكمة للمدعى برفع الدعوى فأقام الدعوى رقم 188 لسنة 27 قضائية دستورية. وبعد أن تم تحضيرها بمعرفة هيئة مفوضي المحكمة وتقديم دفاع ودفوع طرفيها أحيلت الدعوى إلى هذه المحكمة حيث قضت بتاريخ 15/1/2006 أولاً: بعدم اختصاصها بنظر الطعن على دستورية المادة 76 من الدستور أو طلب تعديلها. ثانياً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على نص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا. ثالثاً: رفض الدعوى فيما عدا ما تقدم من طلبات. وبتاريخ 18 يناير لسنة 2006 أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة طلباً للقضاء ببطلان ذلك الحكم وقد أسس دعواه على أربعة أسباب. أولها: أنه لم يعلن بالجلسة المحددة لنظر الدعوى. وقد التفتت المحكمة عن طلب إعادة الدعوى للمرافعة الذى تقدم به بعد حجزها للحكم. والثاني: أنه لم يصدر باسم الشعب في جلسة علنية. والثالث: عدم ولاية وصلاحية الهيئة التي أصدرت الحكم لسبق إبداء رأيها في النصوص المطعون عليها. في رقابة سابقة على صدور القانون. والرابع: عدم صلاحية الهيئة ذاتها لنظر الدعوى لوجود خصومة بينها وبين المدعى تنظرها محكمة القضاء الإداري.

بتاريخ الثامن عشر من يناير سنة 2006 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طلباً للقضاء ببطلان الحكم الصادر بجلسة 15 يناير سنة 2006 في القضية رقم 188 لسنة 27 قضائية "دستورية".

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى من وجهين الأول: أن الدعوى طعن على الحكم الصادر في القضية رقم 188 لسنة 27 قضائية دستورية وهو غير جائز. والثانى أن قانون المحكمة الدستورية العليا لا يجيز رفع دعوى بطلان أصلية في مواجهة أحكام هذه المحكمة. واحتياطياً: رفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن النص في المادة (48) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن "أحكام المحكمة وقراراتها نهائية غير قابلة للطعن" والنص في المادة (49) على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، ....." مؤداهما- وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة- أن أحكام المحكمة الدستورية العليا –بصفة عامة- لا تقبل الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن وأن قضاءها في الدعاوى الدستورية له حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي بها.
وحيث إن الثابت من مطالعة أوراق القضية رقم 188 لسنة 27 قضائية دستورية أن الإدارة القضائية بالمحكمة الدستورية العليا –قسم الجلسات- قد قامت بإخطار المدعى في 27/11/2005 بالجلسة المحددة لنظر دعواه بخطاب مسجل بعلم الوصول على موطنه المبين بصحيفة الدعوى وتسلمه في 1/12/2005 وذلك وفقاً للمادة 41 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979. ومن ثم فلا محل لما يثيره المدعى من عدم إعلانه وفقاً لقانون المرافعات. ولا تثريب على المحكمة إن هي قضت في الدعوى بغير سماع مرافعة المدعى بعد أن أبدى دفاعه ودفوعه أمام هيئة المفوضين، ذلك أن الأصل وفقاً للمادة 44 من قانون المحكمة المشار إليه، أن المحكمة تحكم في الدعاوى والطلبات المعروضة عليها بغير مرافعة. إلا إذا رأت ضرورة لذلك.

وحيث إن الثابت من النسخة الأصلية للحكم الصادر في الدعوى رقم 188 لسنة 27 قضائية –المدعى ببطلانه- أنه قد صدر في جلسة علنية وباسم الشعب. فإن ادعاء المدعى في هذا الخصوص يكون غير صحيح، إذ الأصل في الإجراءات أنها روعيت.

وحيث إن ما يثيره المدعى بشأن ولاية هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم وعدم صلاحيتها لنظر الدعوى، فهو بوجهيه غير مقبول، ذلك أن الوجه الأول وهو المتعلق بسبق إبداء هيئة المحكمة لرأيها قد أبداه المدعى في مذكرات دفاعه أمام هيئة المفوضين. وتناولته المحكمة بالرد في حكمها المطعون عليه، ومن ثم فلا محل لإعادة طرح هذا الأمر مجدداً على المحكمة لتقول كلمتها فيه إعمالاً للحجية المطلقة لأحكام هذه المحكمة، ومن ثم لا يصلح ذلك سبباً للقول ببطلان الحكم. أما الوجه الثاني فإنه قد جاء قولاً مرسلاً لم يقدم دليلاً عليه، ومن ثم لا ينهض سبباً للقول بفقدان الصلاحية.

وحيث إن الأصل أنه لا يجوز بحث ما يوجه إلى الحكم من عيوب، إلا بالطعن عليه بالطرق التي رسمها القانون، فإذا ما كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فإن الفقه والقضاء قد أجازا استثناءً رفع دعوى أصلية بطلب بطلان الحكم في الحالات التي يتجرد فيها الحكم من أركانه الأساسية، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون عليه لم يتجرد من أركانه الأساسية بما يجعله معدوماً حيث جاءت الأسباب التي أقيمت عليها دعوى البطلان الماثلة وهماً وسراباً لا تقوى على حملها الأمر الذى تضحى معه هذه الدعوى في حقيقتها طعناً على الحكم قصد بها رافعها إعادة طرح موضوعها مجدداً على المحكمة وهو أمر غير جائز قانوناً لما لأحكام هذه المحكمة في الدعوى الدستورية من حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة - ومن بينها المحكمة الدستورية العليا – على نحو ما سلف بيانه- ومن ثم فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القضية 1 لسنة 28 ق جلسة 14 / 1 / 2007 دستورية عليا مكتب فني 12 ج 2 تفسيرأحكام ق 1 ص 1735

جلسة 14 من يناير سنة 2007
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر

---------------

(1)

القضية 1 لسنة 28 ق "تفسير أحكام"

(1) المحكمة الدستورية العليا - دعوى دستورية - القواعد القانونية واجبة التطبيق.
نصوص قانون المرافعات - باعتباره الشريعة العامة في إجراءات التقاضي - تسري في شأن المنازعات التي تعرض على المحكمة الدستورية العليا والأحكام والقرارات الصادرة منها، فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون هذه المحكمة.

(2) المحكمة الدستورية العليا - تفسير الأحكام - وجوب الرجوع إلى قانون المرافعات.
قانون المحكمة الدستورية العليا خلا من نص ينظم طلبات تفسير الأحكام الصادر عنها، حين عنى بها قانون المرافعات المدنية والتجارية، ومن ثم غدا ذلك النص متمماً لأحكام قانون المحكمة الدستورية العليا في الحدود التي لا يتعارض فيها مع الأوضاع التي رتبها هذا القانون.

(3) أحكام دستورية - دعوى تفسيرها - إجراءات رفعها.
لئن كان صحيحاً أن الخصومة الناشئة عن الدعاوى الدستورية عينية بطبيعتها، وأن للأحكام التي تصدر فيها حجية مطلقة تتعدى أطرافها إلى السلطات قاطبة وإلى الناس كافة، إلا أنه يبقى صحيحاً - في الوقت ذاته وبالدرجة عينها - أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية ليست آراء مجردة غايتها إثراء الفكر القانوني، وإنما هي تصدر بقصد إعمال آثارها، وهو ما تتولاه محكمة الموضوع عند فصلها في النزاع الماثل أمامها على ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا عدم إتباع إجراءات دعوى التفسير المقررة في المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا - أثره: عدم قبول الدعوى.

--------------

1 - نصوص قانون المرافعات - باعتباره الشريعة العامة في إجراءات التقاضي - تسري في شأن المنازعات التي تعرض على المحكمة الدستورية العليا والأحكام والقرارات الصادرة منها، فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون هذه المحكمة، وتعد تلك النصوص - بهذه المثابة - مندرجة في مضمونه؛ بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة اختصاصات المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.

2 - قانون المحكمة الدستورية العليا خلا من نص ينظم طلبات تفسير الأحكام الصادر عنها، حين عنى بها قانون المرافعات المدنية والتجارية، فنص في المادة (192) على أنه "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام ..."، ومن ثم غدا ذلك النص متمماً لأحكام قانون المحكمة الدستورية العليا في الحدود التي لا يتعارض فيها مع الأوضاع التي رتبها هذا القانون. وإعمالاً لذلك، اطرد قضاء هذه المحكمة على إجازة اللجوء إليها مباشرة بطلب تفسير أحكامها تفسيراً قضائياً، متى كان الطلب مقدماً من أحد الخصوم وهم ذوو الشأن في المنازعة التي صدر فيها الحكم المطلوب تفسيره، وذلك إذا كان الغموض أو الإبهام قد اعترى منطوقه؛ أو لحق أسبابه المرتبطة بذلك المنطوق ارتباطاً لا يقبل التجزئة.

3 - ولئن كان صحيحاً أن الخصومة الناشئة عن الدعاوى الدستورية عينية بطبيعتها، وأن للأحكام التي تصدر فيها حجية مطلقة تتعدى أطرافها إلى السلطات قاطبةً وإلى الناس كافةً، إلا أنه يبقى صحيحاً - في الوقت ذاته وبالدرجة عينها - أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية ليست آراء مجردة غايتها إثراء الفكر القانوني، وإنما هي تصدر بقصد إعمال آثارها، وهو ما تتولاه محكمة الموضوع عند فصلها في النزاع الماثل أمامها على ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا، فإذا ادعى أحد الخصوم أمام محكمة الموضوع - ولم لم يكن خصماً في الدعوى الدستورية - غموض حكم صادر عن هذه المحكمة أو انبهامه، وقدرت محكمة الموضوع لزوم إعمال أثر هذا الحكم على النزاع المطروح عليها، كان لها أن تمنح الخصم أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير ذلك الحكم، ولمحكمة الموضوع كذلك، وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق في أن تُحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها؛ أن تطلب من تلقاء نفسها ذلك التفسير من المحكمة الدستورية العليا بحسبان أن غموض قضائها يثير خلافاً حول معناه، ويعوق بالتالي مهمة محكمة الموضوع في شأن إعمال أثره على الواقع المطروح عليها.

-----------

الوقائع

حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعية الأولى كانت قد استأجرت من المدعى عليها الرابعة بعقد إيجار مؤرخ 17/3/1969 محلاً بملك الأخيرة الكائن بشارع ثابت بدائرة بندر أول أسيوط لاستغلاله في تجارة الساعات، وبتاريخ 1/11/1969 تكونت شركة تضامن بين المدعية وزوجها المدعي الثاني لمباشرة ذات النشاط. وبموجب عقد مؤرخ 1/11/1980 انضم إلى الشركة المذكورة أولاد المدعيين ثم تخارجت المدعية الأولى من الشركة في 1/1/1983 كما تخارج منها زوجها في 1/3/1993. وإذ صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بجلستها المعقودة في 6/7/1996 في القضية رقم 4 لسنة 15 قضائية "دستورية" بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وذلك فيما نصت عليه من استمرار شركاء المستأجر الأصلي للعين التي كان يزاول فيها نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً، في مباشرة ذات النشاط بها بعد تخلي هذا المستأجر عنها، وبسقوط فقرتها الثالثة في مجال تطبيقها بالنسبة إلى هؤلاء الشركاء، فقد أقام المدعى عليهم من الرابعة حتى السادس ضد المدعيين الدعوى رقم 442 لسنة 1999 مساكن كلي أمام محكمة أسيوط الابتدائية طلباً للحكم بانتهاء العلاقة الإيجارية الناشئة عن عقد الإيجار المؤرخ 17/3/1969 وإخلاء العين وتسليمها إليهم خالية ممن يشغلها، على سند من تخلي المستأجرة الأصلية عن العين المؤجرة لآخرين بتخارجها وزوجها من شركة التضامن المنشأة لمباشرة نشاط تجارة الساعات بتلك العين. وبجلسة 28/3/2002 قضت تلك المحكمة للمدعين بطلباتهم، وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى المدعيين فقد طعنا عليه بالاستئنافين رقمي 147 و148 لسنة 77 قضائية أمام محكمة استئناف أسيوط فقضت بجلستها المعقودة في 27/3/2005 بقبولهما شكلاً ورفضهما موضوعاً.

وإذ يرى المدعيان أن قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 4 لسنة 15 قضائية "دستورية" الصادر بجلسة 6/7/1996 قد اعتراه غموض وإبهام حول مدى امتداد منطوقه وأسبابه إلى القاعدة القانونية التي أرستها الفقرة (ج) من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالف الذكر، والتي أقامت استثناءً مؤداه عدم جواز القضاء بإنهاء أو فسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة إذا تركها المستأجر الأصلي لصالح ذوي القربى من زوجة وأولاد ووالدين، فقد أقاما دعواهما الماثلة طالبين تفسير هذا الحكم استناداً لحكم المادة (192) من قانون المرافعات.

بتاريخ 24/6/2006 أودع المدعيان قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا صحيفة هذه الدعوى طالبين تفسير حكمها الصادر في القضية رقم 4 لسنة 15 قضائية "دستورية" بجلسة 6/7/1996 بعدم امتداد منطوق هذا الحكم وما اتصل به من الدعائم التي لا يقوم بدونها إلى القاعدة القانونية التي أرستها الفقرة (ج) من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وأهمها الاستثناء الذي مؤداه امتناع القضاء بإنهاء أو فسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة إذا تركها المستأجر الأصلي لصالح ذوي القربى من زوجة وأولاد ووالدين.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

وحيث إن المادة (51) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "تسري على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة فيما لم يرد به نص في هذا القانون القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات". ومؤدى ذلك أن نصوص قانون المرافعات - باعتباره الشريعة العامة في إجراءات التقاضي - تسري في شأن المنازعات التي تعرض على المحكمة الدستورية العليا والأحكام والقرارات الصادرة منها، فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون هذه المحكمة، وتعد تلك النصوص - بهذه المثابة مندرجة في مضمونه؛ بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة اختصاصات المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.

وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا خلا من نص ينظم طلبات تفسير الأحكام الصادر عنها، حين عنى بها قانون المرافعات المدنية والتجارية، فنص في المادة (192) على أنه "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام ..."، ومن ثم غدا ذلك النص متمماً لأحكام قانون المحكمة الدستورية العليا في الحدود التي لا يتعارض فيها مع الأوضاع التي رتبها هذا القانون. وإعمالاً لذلك، اطرد قضاء هذه المحكمة على إجازة اللجوء إليها مباشرة بطلب تفسير أحكامها تفسيراً قضائياً، متى كان الطلب مقدماً من أحد الخصوم وهم ذوو الشأن في المنازعة التي صدر فيها الحكم المطلوب تفسيره، وذلك إذا كان الغموض أو الإبهام قد اعترى منطوقه؛ أو لحق أسبابه المرتبطة بذلك المنطوق ارتباطاً لا يقبل التجزئة.

وحيث إنه ولئن كان صحيحاً أن الخصومة الناشئة عن الدعاوى الدستورية عينية بطبيعتها، وأن للأحكام التي تصدر فيها حجية مطلقة تتعدى أطرافها إلى السلطات قاطبةً وإلى الناس كافةً، إلا أنه يبقى صحيحاً - في الوقت ذاته وبالدرجة عينها - أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية ليست آراء مجردة غايتها إثراء الفكر القانوني، وإنما هي تصدر بقصد إعمال آثارها، وهو ما تتولاه محكمة الموضوع عند فصلها في النزاع الماثل أمامها على ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا، فإذا ادعى أحد الخصوم أمام محكمة الموضوع - ولم لم يكن خصماً في الدعوى الدستورية - غموض حكم صادر عن هذه المحكمة أو انبهامه، وقدرت محكمة الموضوع لزوم إعمال أثر هذا الحكم على النزاع المطروح عليها، كان لها أن تمنح الخصم أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير ذلك الحكم، ولمحكمة الموضوع كذلك، وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق في أن تُحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها؛ أن تطلب من تلقاء نفسها ذلك التفسير من المحكمة الدستورية العليا بحسبان أن غموض قضائها يثير خلافاً حول معناه، ويعوق بالتالي مهمة محكمة الموضوع في شأن إعمال أثره على الواقع المطروح عليها.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان طلب التفسير الماثل لم تُحِلْهُ محكمة الموضوع التي كان النزاع الموضوعي مطروحاً عليها سواء في مرحلتيه الابتدائية أو الاستئنافية، ولم يسبقه تصريح منها برفعه إلى هذه المحكمة، وإنما قُدِّم مباشرة من المدعيين وهما من غير ذوي الشأن في القضية رقم 4 لسنة 15 قضائية "دستورية"، فإن هذا الطلب لا يكون قد اتصل بهذه المحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً، متعيناً - والحالة هذه - القضاء بعدم قبوله.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

القضية 20 لسنة 27 ق جلسة 8 / 6 / 2008 دستورية عليا مكتب فني 12 ج 2 دستورية ق 115 ص 1121

جلسة 8 من يونيو سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه والدكتور/ عادل عمر شريف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمي رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر

---------------

(115)

القضية 20 لسنة 27 ق "دستورية"

(1) دعوى دستورية - المصلحة الشخصية المباشرة - مناطها.
المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي.

(2) معاش - دستور - المادة (122).
عهد الدستور بنص المادة (122) منه إلى المشرع بصوغ القواعد القانونية التي تتقرر بموجبها على خزانة الدولة، المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت، على أن ينظم حالات الاستثناء منها والجهات التي تتولى تطبيقها.

(3) معاش - الحق فيه - الجهة الملتزمة به.
الحق في المعاش - إذا توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون - إنما ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها.

(4) تنظيم الحقوق - سلطة المشرع التقديرية - حدودها.
تنظيم الحقوق وإن كان يدخل في نطاق السلطة التقديرية التي يمارسها المشرع وفق أسس موضوعية ولاعتبارات يقتضيها الصالح العام، إلا أن هذا التنظيم يكون مخالفاً لأحكام الدستور، إذا تعرض للحقوق التي تناولها سواء بإهدارها أم بالانتقاص منها.

(5) حق الملكية - حمايته - امتدادها للأموال جميعها.
الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها.

(6) المحكمة الدستورية العليا - الرخصة المخولة لها لتحديد تاريخ سريان أحكامها.
للمحكمة الدستورية العليا تقديراً منها للآثار المالية التي ستترتب على الأثر الرجعي للقضاء بعدم الدستورية، أن تحدد ميعاداً مستقبلياً لسريان آثار حكمها.

----------------

1 - المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية التي تُدعى هذه المحكمة لنظرها، لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية.

2 - عهد الدستور بنص المادة (122) منه إلى المشرع بصوغ القواعد القانونية التي تتقرر بموجبها على خزانة الدولة، المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت، على أن ينظم حالات الاستثناء منها والجهات التي تتولى تطبيقها، فذلك لتهيئة الظروف التي تفي باحتياجات المواطنين الضرورية، وتكفل مقوماتها الأساسية التي يتحررون بها من العوز، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعاشها، بما مؤداه: أن التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها المشرع في هذا النطاق، يكون مجانباً أحكام الدستور، منافياً مقاصده، إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها.

3 - الحق في المعاش - إذا توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون - إنما ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها, وهو ما تؤكده قوانين التأمين الاجتماعي - على تعاقبها - إذ يبين منها أن المعاش الذي تتوافر بالتطبيق لأحكامها شروط اقتضائه عند انتهاء خدمة المؤمن عليه وفقاً للنظم المعمول بها، يعتبر التزاماً مترتباً بنص القانون في ذمة الجهة المدينة. وإذا كان الدستور قد خطا بمادته السابعة عشرة خطوة أبعد في اتجاه دعم التأمين الاجتماعي، حين ناط بالدولة، أن تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية بما في ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم في الحدود التي يبينها القانون، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعي التي يمتد نطاقها إلى الأشخاص المشمولين بها، هي التي تكفل لكل مواطن الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية التي لا تُمتهن فيها آدميته، وتحفظ له في الوقت ذاته كرامته التي هي انعكاس طبيعي لكرامة الوطن على ما تقرره ديباجة الدستور والتي تُعد مدخلاً إليه وتُكَوِّن مع الأحكام التي ينتظمهاً كلاً غير منقسم.

4 - تنظيم الحقوق وإن كان يدخل في نطاق السلطة التقديرية التي يمارسها المشرع وفق أسس موضوعية ولاعتبارات يقتضيها الصالح العام، إلا أن هذا التنظيم يكون مخالفاً لأحكام الدستور، إذا تعرض للحقوق التي تناولها سواء بإهدارها أم بالانتقاص منها. كما أنه يتعين لاتفاق هذا التنظيم مع الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد وفاءً بمصلحة عامة لها اعتبارها، والوسائل التي اتخذها طريقاً لبلوغها، فلا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها هذا الموضوع عن أهدافها بل يتعين أن تُعد مدخلاً إليها.

5 - الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها وفقاً لنص المادة (34) منه، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية، سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية.

6 - للمحكمة الدستورية العليا تقديراً منها للآثار المالية التي ستترتب على الأثر الرجعي للقضاء الصادر منها بعدم الدستورية أن تقرر إعمال الرخصة المخولة لها بنص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد تاريخا مستقبليا لسريان آثار حكمها، وذلك دون إخلال باستفادة المدعيين من الحكم الصادر بعدم دستورية النص المطعون عليه.

------------

الوقائع

حيث إن الوقائع - تتحصل حسبما يتبين من الاطلاع على صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه سبق أن أقام المدعيان الدعوى رقم 7353 لسنة 2004 مدني كلي أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المدعى عليهما الرابعة والخامس، طالبين الحكم بأحقية كل منهما في صرف العلاوة الخاصة المستحقة له بالقانون رقم 88 لسنة 2004 بزيادة المعاشات بواقع 10% من قيمة المعاش بدون حد أقصى، وذلك اعتباراً من أول يوليو سنة 2004 بالنسبة للمدعي الأول، وأول يوليو سنة 2001 بالنسبة للمدعي الثاني، وذلك أسوة بالعاملين بالدولة الذين مُنحوا علاوة خاصة بنسبة 10% بدون حد أقصى. وبجلسة 16/12/2004 تقدم المدعيان بمذكرة ضمناها دفعاً بعدم دستورية القانون رقم 88 لسنة 2004 بزيادة المعاشات، وبعد أن قدرت تلك المحكمة جدية الدفع، صرحت للمدعيين بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاما الدعوى الماثلة.

بتاريخ الرابع والعشرين من يناير سنة 2005 أودع المدعيان صحيفة الدعوى الماثلة طالبين الحكم بعدم دستورية القانون رقم 88 لسنة 2004 بزيادة المعاشات.
وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث قدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بجلسة 4/5/2008، حافظة مستندات ضمنتها بيانين بالمعاش المستحق لكل من المدعيين، وقررت المحكمة إصدار حكمها في الدعوى بجلسة اليوم.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

وحيث إن القانون رقم 88 لسنة 2004 بزيادة المعاشات ينص في مادته الأولى على أن:

" تزاد بنسبة (10 %) اعتباراً من 1/7/2004 المعاشات المستحقة قبل هذا التاريخ وفقاً لأحكام القوانين التالية:

1- القانون رقم 71 لسنة 1964 في شأن منح معاشات ومكافآت استثنائية.

2- قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.

3- قانون التأمين الاجتماعي على أصحاب الأعمال ومن في حكمهم الصادر بالقانون رقم 108 لسنة 1976.

4- قانون التأمين الاجتماعي على العاملين المصريين في الخارج الصادر بالقانون رقم 50 لسنة 1978.

5- القانون رقم 93 لسنة 1980 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.

وتعتبر هذه الزيادة جزءاً من المعاش، وتسري في شأنها جميع أحكامه وذلك بمراعاة ما يأتي:

1- تحسب الزيادة على أساس مجموع المعاش المستحق عن المؤمن عليه أو صاحب المعاش والزيادات والإعانات في 30/6/2004.

وبالنسبة للمعاملين بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يراعى ما يأتي:

(أ) يقصد بالمعاش الذي تحسب على أساسه الزيادة معاش الأجر الأساسي.

(ب) لا تعتبر إعانة العجز الكامل جزءاً من المعاش الذي تحسب على أساسه الزيادة.

2- تكون الزيادة بحد أدنى عشرة جنيهات وبحد أقصى ستين جنيهاً شهرياً.

وتتحمل الخزانة العامة بقيمة هذه الزيادة".

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية التي تُدعى هذه المحكمة لنظرها، لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية، وكان المدعيان قد استهدفا بنزاعهما الموضوعي الحكم بأحقيتهما في صرف الزيادة في المعاشات التي تقررت بالقانون رقم 88 لسنة 2004 دون حد أقصى، فإن مصلحتيهما في الدعوى الدستورية تتحدد فيما نص عليه البند (2) من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون المطعون عليه من أن تكون الزيادة في المعاش بحد أقصى ستين جنيهاً شهرياً، ولا تمتد إلى غير ذلك من الأحكام التي شملها القانون المطعون فيه.

وحيث إن المدعيين ينعيان على النص المطعون فيه - محدداً نطاقاً على النحو المتقدم - مخالفته لحكم المادة (40) من الدستور، ذلك أن المشرع مايز بين الخاضعين لأحكام القانون رقم 86 لسنة 2004 وهم العاملون بالدولة فقضى بمنحهم علاوة خاصة بنسبة 10% دون وضع حد أقصى، في حين أن أصحاب المعاشات زيدت معاشاتهم بالقانون رقم 88 لسنة 2004 بالنسبة ذاتها مع تحديد حدٍ أقصى لهذه الزيادة مقداره ستون جنيهاً شهرياً، وذلك بالرغم من أن قصد المشرع من تقرير هذه الزيادة في الحالين هو معاونة أولئك وهؤلاء على مواجهة أعباء المعيشة وارتفاع أسعار السلع والخدمات.

حيث إن الدستور إذ عهد بنص المادة (122) منه إلى المشرع بصوغ القواعد القانونية التي تتقرر بموجبها على خزانة الدولة، المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت، على أن ينظم حالات الاستثناء منها والجهات التي تتولى تطبيقها، فذلك لتهيئة الظروف التي تفي باحتياجات المواطنين الضرورية، وتكفل مقوماتها الأساسية التي يتحررون بها من العوز، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعاشها، بما مؤداه: أن التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها المشرع في هذا النطاق، يكون مجانباً أحكام الدستور، منافياً مقاصده، إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها. ولازم ذلك أن الحق في المعاش - إذا توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون - إنما ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها. وهو ما تؤكده قوانين التأمين الاجتماعي - على تعاقبها - إذ يبين منها أن المعاش الذي تتوافر بالتطبيق لأحكامها شروط اقتضائه عند انتهاء خدمة المؤمن عليه وفقاً للنظم المعمول بها، يعتبر التزاماً مترتباً بنص القانون في ذمة الجهة المدينة. وإذا كان الدستور قد خطا بمادته السابعة عشرة خطوة أبعد في اتجاه دعم التأمين الاجتماعي، حين ناط بالدولة، أن تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية بما في ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم في الحدود التي يبينها القانون، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعي التي يمتد نطاقها إلى الأشخاص المشمولين بها، هي التي تكفل لكل مواطن الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية التي لا تُمتهن فيها آدميته، وتحفظ له في الوقت ذاته كرامته التي هي انعكاس طبيعي لكرامة الوطن على ما تقرره ديباجة الدستور والتي تُعد مدخلاً إليه وتُكَوِّن مع الأحكام التي ينتظمهاً كلاً غير منقسم.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة إن موضوع تنظيم الحقوق وإن كان يدخل في نطاق السلطة التقديرية التي يمارسها المشرع وفق أسس موضوعية ولاعتبارات يقتضيها الصالح العام، إلا أن هذا التنظيم يكون مخالفاً لأحكام الدستور، إذا تعرض للحقوق التي تناولها سواء بإهدارها أم بالانتقاص منها. كما أنه يتعين لاتفاق هذا التنظيم مع الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد وفاءً بمصلحة عامة لها اعتبارها، والوسائل التي اتخذها طريقاً لبلوغها، فلا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها هذا الموضوع عن أهدافها بل يتعين أن تُعد مدخلاً إليها. متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد أصدر القانون رقم 88 لسنة 2004 مقرراً زيادة المعاشات التي تستحق قبل 1/7/2004 بنسبة 10% من معاش الأجر الأساسي، هادفاً - على ما يقضي به تقرير اللجنة المشتركة من لجنة القوى العاملة ومكتب لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب - إلى زيادة دخول أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم بحسبانهم الفئة الأكثر احتياجاً للرعاية، باعتبار أن دخل كل منهم لا يجاوز ما يتقاضاه من معاش، ومن ثم تطلب الأمر رفع المعاناة عن كاهلهم لمواجهة متطلبات الحياة اليومية في ضوء ارتفاع الأسعار، وهو ذات ما هدف إليه المشرع من إصداره القانون رقم 86 لسنة 2004 بمنح العاملين بالدولة علاوة خاصة بنسبة 10% من الأجر الأساسي لكل منهم في 30/6/2004 على نحو ما رددته مذكرته الإيضاحية من أن تقرير هذه العلاوة الخاصة تستهدف زيادة دخولهم بما يكفل لهم مواجهة متطلبات وأعباء المعيشة، بيد أن المشرع وضع بالنص المطعون فيه حداً أقصى لهذه الزيادة لا يجاوز ستين جنيهاً، في حين أطلق الحد الأقصى لقيمة العلاوة الخاصة التي مُنحت للعاملين بالدولة بالرغم من وحدة الهدف من إصدار كل من القانونين المذكورين، وهو معاونة الفئتين معاً على مجابهة أعباء المعيشة المتزايدة نتيجة الغلاء وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وكان الأولى بالمشرع أن يطلق الحد الأقصى للزيادة التي قررها لأصحاب المعاشات حتى يحفظ لهم كرامتهم ويحميهم من العوز سيما من بلغ منهم من الكبر عتياً، خاصة وأن الأغلب الأعم من أصحاب المعاشات ليس له مورد رزق سوى معاشاتهم التي يتقاضونها من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، في الوقت الذي تعاظمت فيه متطلبات معيشتهم واحتياج بعضهم إلى الدعم الصحي من علاج ودواء، والذي صار الجميع يئن من وطأة تكلفته، وإذ تنكب المشرع هذا الطريق وجاوز نطاق سلطته التقديرية التي يملكها في مجال تنظيم الحقوق بتقريره الزيادة في المعاشات مع وضع حد أقصى لها، فإنه يكون قد أهدر الحق في المعاش على النحو الذي يكفل للمستفيدين منه حياة كريمة، فضلاً عن أن الوسيلة التي لجأ إليها في منح هذه العلاوة لا ترتبط بالهدف الذي أعلنه بعلاقة منطقية تبررها، فإنه يكون بذلك قد خالف أحكام المادتين (17، 122) من الدستور.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها وفقاً لنص المادة (34) منه، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية، سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية، وكان الحق في صرف الزيادة التي تقررت لأصحاب المعاشات اعتباراً من 1/7/2004 دون وضع حد أقصى، ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها وعنصراً إيجابياً في ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه، فإن النص الطعين ينحل - والحالة هذه - عدواناً على حق الملكية بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور.

وحيث إن هذه المحكمة تقديراً منها للآثار المالية التي ستترتب على الأثر الرجعي للقضاء بعدم دستورية النص المطعون عليه، فإنها تقرر إعمال الرخصة المخولة لها بنص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخاً لسريانه، وذلك دون إخلال باستفادة المدعيين من الحكم الصادر بعدم دستورية النص المطعون عليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:

أولاً: بعدم دستورية ما نص عليه البند (2) من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 2004 بزيادة المعاشات من أن تكون الزيادة في المعاش بحد أقصى ستين جنيهاً شهرياً، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ثانياً: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره.

اتفاق مؤقت بين الحكومة المصرية وحكومة فلسطين بشأن تسليم المجرمين

اتفاق مؤقت بين الحكومة المصرية وحكومة فلسطين بشأن تسليم المجرمين

نظرًا لما تبينته حكومتا مصر وفلسطين من ضرورة عقد اتفاق مؤقت بينهما ينظم به تسليم المجرمين ويحقق أداء العدل على وجه أصح، فقد اتفق الموقعان فيه بما لهما من السلطة التامة المخولة لكل منهما من حكومته على الحكام الآتية:
1 - تتعهد الحكومة المصرية وحكومة فلسطين بموجب هذا الاتفاق بأن تسلم كل منهما الأخرى المجرمين الهاربين وذلك بحسب القواعد والشروط المبينة بعد.
2 - تتعهد كل من الحكومتين بأن تسلم بناءً على طلب الحكومة الأخرى:
( أ ) الأشخاص الذين صدر ضدهم أمر بالقبض لجريمة (غير الجرائم السياسة) من الجرائم الداخلة في اختصاص محاكم الحكومة الطالبة التسليم والمعاقب عليها بالحبس لمدة سنة على الأقل أو بعقوبة أشد.
(ب) الأشخاص الذين حكمت عليهم محاكم الطالبة التسليم بعقوبة الحبس لمدة سنة على الأقل أو بعقوبة أخرى أشد منها لجريمة غير الجرائم السياسية شرط أن لا يكون الحكم قد نفذ بتمامه ولا يعتبر الحكم الذي يصدر في غيبة المتهم في جنحة أو جناية حكمًا بعقوبة، غير أن المحكوم عليه على هذا الوجه يعامل كمتهم.
3 - لا يسري هذا الاتفاق إلا على الأشخاص الذين يكونون بمقتضى القوانين المعمول بها في مصر خاضعين فيها لقضاء إحدى المحاكم المصرية الجنائي وعلى ذلك لا يجوز لحكومة مصر ولا لحكومة فلسطين أن تطلب تسليم شخص غير خاضع لقضاء هذه المحاكم ولا أن تطالب بالموافقة على تسليمه.
4 - تكون طلبات تسليم المجرمين الهاربين من وزير الحقانية إذا كانت صادرة من الحكومة المصرية ومن المندوب السامي لحكومة فلسطين إذا كانت صادرة من هذه الحكومة.
5 - أولاً: يصحب طلب تسليم المجرم الهارب بجميع ما يتيسر من البيانات التي يكون من شأنها إثبات شخصية من يطلب تسليمه وتعيين محل وجوده.
ثانيًا: ويصحب أيضًا مثل هذا الطلب بالمستندات الآتية:
( أ ) عندما يكون الطلب مبنيًا على أمر بالقبض، أصل الأمر أو صورة منه مصدق عليها بأنها طبق للأصل وكذلك صورة مصدق عليها من شهادات الشهود التي أديت أمام القاضي أو أي شخص آخر مكلف بالتحقيق أو من المحاضر أو من أي دليل آخر بني عليه الاتهام.
وإذا كان الحكم صادرًا في غيبة المتهم في جنحة أو جناية وجب أيضًا أن يصحب الطلب بصورة مصدق عليها من الحكم أوامر التنفيذ الصادر بناءً على هذا الحكم.
(ب) عندما يكون الطلب مبنيًا على حكم صادر في مواجهة المتهم، صورة مصدق عليها من الحكم أو أمر التنفيذ الصادر بناء عليه وشهادة من وزارة الحقانية أو أي سلطة أخرى مماثلة لها في القطر الصادر منه الطلب، دالة على أن الحكم أصبح واجب التنفيذ.
6 - لكل من الحكومتين المتعاقدتين السلطة التامة في البت فيما إذا كان هناك وجه لقبول الطلب الصادر من الحكومة الأخرى بتسليم مجرم هارب بناءً على أحكام هذا الاتفاق، ويتولى الحكم بذلك السلطة القضائية أو أية سلطة أخرى يكون ذلك من اختصاصها بناءً على القوانين السارية في القطر صاحب الشأن.
7 - لا ترخص السلطة المختصة بالفصل في طلب التسليم بتسليم المجرم الهارب ألا متى ثبت لديها:
( أ ) عند ما يكون الطلب مبنيًا على أمر بالقبض، أن الأدلة المقدمة كافية لمحاكمة المتهم.
(ب) عند ما يكون التسليم مبنيًا على حكم، أن الأدلة كافية لتبرير الحكم الصادر.
(ج) أن لا تكون الجريمة المنسوبة للمتهم أو التي حكم عليه من أجلها في جميع الأحوال من الجرائم السياسية وأن لا تكون الغاية من طلب التسليم هي محاكمة المجرم الهارب أو توقيع العقوبة عليه من أجل جريمة سياسية.
8 - في تطبيق هذا الاتفاق لا تعد الجرائم الآتي ذكرها جرائم سياسية.
( أ ) جرائم الاعتداء والنهب والسرقة بإكراه سواء وقعت هذه الجرائم من شخص واحد أو أكثر وسواء ارتكبت ضد أحاد الناس وأملاكهم أو ضد السلطات المحلية أو ضد السكك الحديدية وغيرها من طرق المواصلات والنقل.
(ب) كل تعدٍ على شخص جلالة ملك مصر أو شخص المندوب السامي لحكومة جلالة ملك بريطانيا في فلسطين.
9 - إذا تقدم طلب تسليم مجرم هارب وكانت محاكم البلد المقدم إليه الطلب مختصة بنظر الجريمة المنسوبة لهذا المجرم الهارب فيجوز لحكومة هذا البلد اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاكمته أمام محاكمها بدلاً من قبول طلب التسليم فإذا لم يحاكم المجرم في خلال الثلاثة الأشهر التالية لورود طلب التسليم فيتعين على الحكومة صاحبة الشأن أن تسلمه متى توفرت الشروط الأخرى المنصوص عليها في هذا الاتفاق.
10 - لا يجوز إقامة الدعوى أمام محاكم البلد الذي سلم إليه شخص بناءً على أحكام هذا الاتفاق من أجل جريمة ارتكبت قبل تسليمه غير الجريمة أو الجرائم التي يمكن إثباتها بالوقائع التي حصل التسليم بناءً عليها، وذلك ما لم يتح لذلك الشخص قبل محاكمته فرصة للعودة إلى القطر الذي سلمه.
11 - تدفع كل من الحكومتين للأخرى بناءً على طلبها جميع المصاريف المترتبة على تنفيذ طلبات التسليم التي تقدمها إليها.
يجرى العمل بهذا الاتفاق المؤقت ابتداءً من شهر أكتوبر سنة 1922، ويستعاض عنها فيما بعد باتفاق نهائي يبرم بين الحكومتين.
حرر من نسختين.
إمضاء                                                       إمضاء
ثروت                                                    هربرت صمويل

بحث في طبيعة القرارات الصادرة من مجلس الغنائم أحمد رفعت خفاجي

مجلة المحاماة - العدد السادس
السنة الحادية والثلاثون

بحث في طبيعة القرارات الصادرة من مجلس الغنائم
لحضرة الأستاذ أحمد رفعت خفاجي وكيل نيابة ميت غمر

بمناسبة قيام الحرب بين مصر وإسرائيل في الأراضي الفلسطينية استعملت مصر حق الضبط droit de capture وهو من الحقوق المقررة للدولة المحاربة Etat belligerant فضبطت القوات المصرية سفنًا تحمل سلعًا في طريقها إلى إسرائيل.
وتمشيًا مع القاعدة الأصلية المقررة في فقه القانون الدولي العام التي تقضي بأنه لا غنيمة إلا بحكم Toute prise doit être jugée صدر الأمر العسكري رقم (38) في 8 يوليو 1948 ونظم هيئة تسمى مجلس الغنائم Conseil de prises يختص بالحكم بصحة عملية الضبط أو بطلانها فإذا حكم بصحة الضبط تتعين مصادرة الغنيمة لصالح الدولة وإذا حكم ببطلان عملية الضبط يجب الإفراج عن الغنيمة وتسليمها إلى أربابها.
ولما أصبح في حكم المقرر رفع الأحكام العرفية بمقتضى قانون صدر فيما بعد برقم (50) سنة 1950 بتاريخ 28 إبريل 1950 أعدت السلطة التشريعية قانونًا يحكم مواد الغنائم ولقد صدر فعلاً هذا القانون الخير في 3 إبريل 1950، وهو القانون رقم (32) سنة 1950 ولقد أوجب هذا القانون الأخير في المادة رقم (23) منه إحالة القضايا المنظورة أمام مجلس الغنائم الذي أنشئ بمقتضى الأمر رقم (38) سنة 1948 إلى المجلس المشكل تشكيلاً جديدًا وفقًا لأحكام هذا القانون.
ويتعين علينا في هذا الصدد أن نبحث الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة من مجلس الغنائم.
لعل ما ورد في ثنايا نصوص هذا القانون هو السبب في صعوبة هذا البحث فلقد وصف القانون المسائل المعروضة على مجلس الغنائم بأنها دعاوى - واعتبر أصحاب الغنائم مدعين يقع عليهم عبء إثبات براءة الغنيمة من كل ما يجعلها خاضعة للمصادرة - وجعل للمجلس اختصاصات أخرى غير الاختصاص الأصلي المتعلق بالفصل في صحة الضبط - من بينها نظر المنازعات الناشئة من الضبط وطلب التعويض المترتب على ذلك ووصف القرارات الصادرة بأنها أحكام.
إلا أن هذا القانون نص في المادة الأولى منه على أن هذا المجلس يلحق برئاسة مجلس الوزراء ومقره الإسكندرية إلا أنه يجوز بعد موافقة مجلس الوزراء عقد جلساته بإحدى الموانئ المصرية الأخرى، كما نص في الفقرة الثانية من المادة العشرين (ويجوز دائمًا بقرار من مجلس الوزراء الإفراج عن الغنيمة على الرغم من الحكم بمصادرتها).
ولا شك أن ما جاء في هذين النصين الأخيرين هو الذي حدا بنا إلي بحث طبيعة هذه القرارات الصادرة من مجلس الغنائم بل هو الذي جعلنا نتساءل عما إذا كان مجلس الغنائم هيئة قضائية بالمعنى الفني أي من الهيئات التابعة للسلطة القضائية pouvoir judiciaire أم أنه مجرد هيئة ملزمة بإصدار فتاوى تبعث بها إلى السلطة التنفيذية فتعتبر ملحقًا بها.
ولما رجعنا إلى كتب الفقه في القانون الفرنسي وجدنا انقسامًا بين الفقهاء.
فيرى فريق وعلى رأسه الأستاذ كوشى Cauchy أن هذه القرارات ليست أحكامًا وإنما هي مجرد فتاوى avis استشارية صادرة من هيئة مكلفة بإصدارها إلى الحكومة une simple autorité chargée de donner au gouvernement des avis ذلك أن الغنائم تكون جزءًا من العمليات الحربية وهذه الأخيرة تعتبر من أعمال السيادة acte de gouvernment فلا تخضع لسلطان القضاء echappent au pouvoir judiciaire.
أما الفريق الثانية ويتزعمه الأستاذ جيدل Gidel فيعتبر هذه القرارات أحكامًا ذلك أن عناصر العمل القضائي acte judiciaire متوافرة فيها وهي الادعاء prétention والتحقيق constatation والقرار décision، ولكن ما هو الأساس الذي تستند إليه الدولة في إخلاء سبيل الغنيمة rèlaxcer رغم صدور حكم بصحة ضبطها ووجوب مصادرتها.
من المسلم به أن مبدأين أساسيين يسودان في مسائل الغنائم:
الأول: هو مبدأ مشروعية الضبط légalité de capture أي يجب أن يكون الضبط متفقًا مع أحكام القانون وهذا المبدأ متروك لمطلق سلطان هيئة قضائية une juridication هي مجلس الغنائم.
الثاني: هو مبدأ الملاءمة opportunité أي أنه يتعين أن يكون الضبط ملائمًا للدولة فلا توجد ظروف دولية أو اعتبارات سياسية considerations d'ordre politique تحول دون ضبط الغنيمة ومصادرتها إذ من المعروف أنه قد تحدث أزمات دولية من جراء مسائل الغنائم، ولا شك أن تحقيق هذا المبدأ من صميم اختصاص السلطة التنفيذية ففي مكنتها أن ترد الغنيمة إلى أربابها قبل الالتجاء إلى مجلس الغنائم وفي مطلق سلطانها أن تخلي سبيلها رغم الحكم بمصادرتها، وذلك استنادًا منها على اعتبارات سياسية ولا رقيب عليها في ذلك سوى البرلمان عند بحثه المسؤولية الوزارية المقررة في أحكام دستور الدولة.
ولا شك أن للأحكام قوة الشيء المحكوم فيه Force de la chose jugée فالاحترام الواجب إلى الأحكام الصادرة في مواد الغنائم قد يضع الحكومة في مركز حساس peut parfois placer le gouvernement dans une situation délicate توازن فيه بين رغم احترام هذه القوة le désir de ne pas faire échec de la chose jugée وبين حالة الدولة الدولية.
إلا أن الحكومة في غالب الأحوال تحترم هذه الأحكام وتعمل على تنفيذها.
أما وقد سردنا وجهتي النظر في هذا البحث وشرحنا الأساس الذي تستند إليه الدولة في إخلاء سبيل الغنيمة فإنه يجدر بنا أن نذكر ما نعتقده في هذا الصدد، فإنه نظرًا لأن هذه القرارات صادرة من هيئة قضائية في شكل عمل قضائي فإنها تعتبر أحكامًا jugements إلا أنه لاحتمال تطبيق مبدأ الملاءمة بمعرفة السلطة التنفيذية على هذه الأحكام فإن هذا يجعلنا نعتبرها أحكامًا من نوع خاص jugements sui generis وهذا هو الرأي الصحيح في اعتقادنا.