الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 سبتمبر 2021

الطعن 10193 لسنة 55 ق جلسة 5 / 1 / 2013 إدارية عليا مكتب فني 58 توحيد مبادئ ق 2 ص 44

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ غبريال جاد عبد الملاك رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد عبد الحميد مسعود ويحيى أحمد راغب دكروري وعبد الله عامر إبراهيم سليمان ومحمد عبد العظيم محمود سليمان وفايز شكري حنين ومحمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم وربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي ولبيب حليم لبيب ومحمود محمد صبحي العطار وحسن كمال محمد أبو زيد شلال. نواب رئيس مجلس الدولة

---------------------

1 - مجلس الدولة.

دائرة توحيد المبادئ- لا يجوز طلب إثبات ترك الخصومة أمامها- هذا الطلب يقدم إلى المحكمة التي تنظر موضوع الطعن، وليس أمام دائرة توحيد المبادئ التي تضع المبدأ القانوني فقط.

2 - قواعد فقهية.

الضرورة تقدر بقدرها، وبالغاية المستهدفة منها.

3 - حقوق وحريات.

مبدأ المساواة- المساواة في الحقوق بين المواطنين لا تقوم على مخالفة صور التمييز جميعها؛ إذ إن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية- التمييز المنهي عنه هو الذي يكون تحكميا- كل تنظيم تشريعي لا يعد مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتُها إطارًا للمصلحة العامة، فإذا كان التنظيم بما انطوى عليه من تمييز مصادمًا لهذه الأغراض، بحيث يستحيل منطقيا ربطه بها أو اعتباره مدخلا إليها، فإن التمييز يكون تحكميا، ومن ثم غير مستند إلى أسس موضوعية.

4 - جامعات.

شئون الطلاب- رفع الدرجات- الدرجات التي تقترحها لجنة الممتحنين لرفع الدرجات في إحدى المواد بغية رفع نسب النجاح بها، يقتصر منحها على الطلاب الراسبين فقط بما يمكنهم من بلوغ درجة النجاح فيها، ولا يجوز منحها للطلاب الناجحين بغرض رفع درجاتهم- الأصل في عملية التصحيح أن يمنح الطالب الدرجة التي يستحقها بناء على هذا التقييم، سواء اجتاز بها الامتحان أو رسب- منح تلك الدرجات هو استثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تطبيقه، وإلا أدى إلى نتائج لا تستقيم حقا أو عدلا- ليس في ذلك إخلال بالمساواة بين الطلاب؛ لعدم تماثل المركز القانوني للطالب الناجح مع الطالب الراسب.

--------------

الوقائع

في يوم الأحد الموافق 22/2/2009 أودع الأستاذ/ .... المحامي – بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته - قلم کتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 10193 لسنة 55 ق.عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثامنة) بجلسة 15/2/2009 في الدعوى رقم 3886 لسنة 63 ق، القاضي بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعاً، وإلزام المدعي المصروفات.

وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه (قرار إعلان نتيجة نجله ....... بكلية الحقوق جامعة القاهرة – السنة الأولى في مواد المدخل للعلوم القانونية واللغة الأجنبية والاقتصاد بالفصل الدراسي الأول 2008)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة المطعون ضدها المصروفات.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، مع إلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات.

وقد حددت لنظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 7/11/2009، وتدوول بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، حيث قررت بجلسة 15/12/2009 إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا، وحددت لنظره أمامها جلسة 27/1/2010، وتدوول نظر الطعن أمام تلك الدائرة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، إلى أن قررت بجلسة 24/2/2010 إحالته إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا؛ لاستشعار الحرج، وتداولت هذه الدائرة الأخيرة نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر جلساتها، إلى أن قررت بجلسة 27/6/2010 إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقا للمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 والمضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984؛ حيث تبين لها أن المحكمة الإدارية العليا سبق أن أصدرت حكما في موضوع مماثل لموضوع هذا النزاع انتهت فيه إلى وقف تنفيذ قرار لجنة الممتحنين بالفرقة الرابعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة في العام الجامعي 2007/2008 فيما تضمنه من قصر منح درجتين في مواد أصول الفقه والبحري والجوي والتنفيذ الجبري والدولي الخاص ودرجة واحدة في مادة التشريع الضريبي على الطلاب الراسبين في هذه المواد للوصول بهم إلى درجة النجاح، مع ما يترتب على ذلك من آثار (الطعن رقم 7062 لسنة 55 ق.عليا) ورأت المحكمة أن هذا الحكم يخالف النظر الذي تعتنقه في هذا الخصوص، وبناء عليه قررت إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ لوضع مبدأ في هذا الشأن.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقصر تطبيق الدرجات التي تقترحها لجان الممتحنين على الطلاب الراسبين فقط بما يمكنهم من الوصول إلى درجة النجاح في المقرر أو المقررات المعنية حسبما ذهب إليه القرار المطعون فيه، وإحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه على هذا الأساس.

وقد حددت لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 6/11/2010 وتدوول أمامها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها إلى أن قررت بجلسة 12/11/2011 إصدار الحكم بجلسة 14/1/2012، وقررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 3/3/2012 ثم لجلسة 7/4/2012 لإتمام المداولة، وتأجل النطق بالحكم إداريا لجلسة 5/5/2012، وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن إلى المرافعة بجلسة 1/7/2012 لتقديم تقرير تكميلي من هيئة مفوضي الدولة، وأعدت هذه الهيئة تقريرا تكميليا انتهت فيه إلى الرأي نفسه الذي خلصت إلية في تقريرها السابق، وبجلسة 13/10/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 1/12/2012، وخلال فترة حجز الطعن للحكم قدم الطاعن بصفته طلبا لإعادة الطعن للمرافعة لإثبات تركه الخصومة في الطعن.

والمحكمة تلتفت عن هذا الطلب؛ إذ إن طلب إثبات الترك يقدم إلى المحكمة التي تنظر موضوع الطعن، وليس أمام دائرة توحيد المبادئ التي تضع المبدأ القانوني فقط.

وبجلسة 1/12/2012 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 22/2/2009 أقام ... بصفته وليا طبيعيا على نجله ...... الدعوى رقم 3886 لسنة 62 ق ضد رئيس جامعة القاهرة وعميد كلية الحقوق جامعة القاهرة بصفتيهما أمام محكمة القضاء الإداري، وطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار إعلان نتيجة نجله ...... بالفرقة الأولى – المجموعة (ب) بكلية الحقوق جامعة القاهرة، فيما تضمنه من حصوله على 11 درجة من 20 درجة في مادة المدخل للعلوم القانونية، و18 درجة من 20 درجة في مادة اللغة الأجنبية، و13 درجة من 20 درجة في مادة الاقتصاد، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تعديل درجات نجله في هذه المواد بإضافة أربع درجات في مادة المدخل للعلوم القانونية لتصبح درجته فيها 15 درجة من 20، وإضافة درجتين في مادة اللغة الأجنبية لتصبح درجته فيها 20 درجة من 20، وإضافة ثلاث درجات في مادة الاقتصاد لتصبح درجته فيها 16 درجة من 20 درجة، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وقال شرحا لدعواه إن نجله ...... كان طالبا بالفرقة الأولى – المجموعة (ب) – بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وقد أدى امتحان الفصل الدراسي الأول، ولدى إعلان نتيجة هذا الفصل في شهر إبريل 2008 تبين حصول نجله على 11 درجة من 20 درجة في مادة المدخل للعلوم القانونية، و18 درجة من 20 درجة في مادة اللغة الأجنبية، و13 درجة من 20 درجة في مادة الاقتصاد، وقد تنامي إلى علمه أن نسب نجاح ودرجات الطلاب في هذه المواد كانت متدنية، مما حدا لجنة الممتحنين بالكلية على التدخل لمعالجة هذا التدني في درجات تلك المواد، بأن أصدرت قرارا بمنح الطلاب أربع درجات كحد أقصى في مادة المدخل للعلوم القانونية، ودرجتين في مادة اللغة الأجنبية، وثلاث درجات في مادة الاقتصاد، على أن يطبق ذلك على الطلاب الحاصلين على درجات تقل عن عشر درجات، وفي الحدود التي تصل بهم إلى درجة النجاح فحسب.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من أثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وبجلسة 15/2/2009 حكمت محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثامنة) بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وألزمت المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها – بعد أن استعرضت نص المادة 71 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 – على أن الأصل أن قدرة الطالب العلمية إنما تتحدد في ضوء ما يحصل عليه من درجات عن إجابته الفعلية في الامتحانات التي تعقد لهذا الغرض لقياس مستواه العلمي، وأن درجات الرأفة التي تمنح له لإقالته من عثرته حتى يتمكن من مواصلة دراسته مع أقرانه ذات طبيعة استثنائية، فلا يقاس عليها ولا يتوسع في تفسيرها، وأن المطالبة بمنح نجل المدعي أربع درجات في مادة المدخل للعلوم القانونية ودرجتين في كل من مادتي اللغة الأجنبية والاقتصاد تنطوي على إخلال بقاعدة المساواة ويمس المراكز القانونية التي استقرت لأقران نجل المدعي بالفرقة الأولى؛ لأن الراسب في تلك المواد لم يمنح بالضرورة أربع درجات في مادة المدخل

للعلوم القانونية ودرجتين في كل من مادتي اللغة الأجنبية والاقتصاد، وإنما تمنح القدر الذي يصل به إلى درجة النجاح فقط دون تجاوز لهذا الحد، فضلا عن أن توسيع نطاق القرار ليشمل منح تلك الدرجات للناجحين قد يترتب عليه حصول بعض الطلاب على ما يزيد على الدرجة النهائية للمادة، وهي نتيجة غير منطقية وغير مقبولة.

و من حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ ذلك أن ما ذهب إليه من أن إضافة درجات الرأفة تقتصر على الطلاب الراسبين دون الناجحين إنما يمثل مخالفة صارخة للقانون؛ إذ إن هذه الدرجات لا تدخل ضمن درجات التيسير التي تمنح للطالب الراسب لتغيير حالته، وإنما هي درجات تمنح لمعالجة الاختلالات التي نشأت عن التصحيح وأصابت تقديرات الطلاب بالانخفاض الشديد، کما أن الحكم المطعون فيه خالف مبدأ المساواة؛ إذ آثرت الجهة الإدارية المطعون ضدها تدارك التشوهات التي أصابت عملية التصحيح في المواد المطعون على نتيجتها وأرادت عن طريق لجنة الممتحنين أن تعالج هذا الاختلال بإضافة درجات للطلاب الراسبين الحاصلين على درجات تقل عن عشر درجات، وفي الحدود التي تصل بهم إلى درجة النجاح فقط، وحرمان باقي الطلاب الناجحين من هذه الإضافة، الأمر الذي يخل بمبدأ المساواة الواجب احترامه؛ حيث إن التشدد غير المبرر والتشوهات الناتجة عن تصحيح تلك المواد قد أصاب جميع طلاب الفرقة، ولا يسوغ أن يتخذ من أثر هذا التشدد وهذه التشوهات تكأة للتمييز بين طلاب الفرقة الواحدة، ومن ثم كان يتعين على الجهة الإدارية تطبيق قاعدة إضافة الدرجات التي تقررها لجنة الممتحنين في تلك المواد إلى جميع الطلاب؛ لأن هذه الدرجات لا تعتبر درجات رأفة أو تيسير تمنح للطالب الراسب لتغيير وضعه من راسب إلى ناجح، وإذ لم تفعل الجهة الإدارية ذلك فإنها تكون قد خالفت مبدأ المساواة المصان دستوريا.

أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تطبيق درجات لجنة الممتحنين على جميع الطلاب سوف يؤدي إلى نتائج شاذة لأنه من الوارد أن يحصل بعض الطلاب على ما يزيد على الدرجة النهائية للمادة، فهو تصور فاسد؛ ذلك أن إضافة الدرجات تكون في إطار النهاية العظمى، وهذا هو منطق الأشياء، حيث يحصل كل طالب على هذه الدرجات كلها أو بعضها بالقدر الذي يصل به إلى الدرجة النهائية التي يستوي عندها جميع الطلاب.

ومن حيث إن المسألة المعروضة على هذه الدائرة حددتها الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا بجلستها المنعقدة في 27/6/2010 التي قررت فيها أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكما في موضوع مماثل لموضوع الطعن الماثل (الحكم الصادر بجلسة 17/5/2009 في الطعن رقم 7062 لسنة 55 ق. عليا) يقضي بوقف تنفيذ قرار لجنة الممتحنين بالفرقة الرابعة كلية الحقوق جامعة القاهرة في العام الجامعي 2007/2008 فيما تضمنه من قصر منح درجتين في مواد أصول الفقه والبحري والجوي والتنفيذ الجبري والدولي الخاص ودرجة واحدة في مادة التشريع الضريبي على الطلاب الراسبين في هذه المواد للوصول بهم إلى درجة النجاح، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقد تأسس هذا الحكم على أسباب حاصلها أن منح الراسبين في المواد المشار إليها درجتين أو درجة واحدة – بحسب الأحوال – إفرادا لهم بهذه المنحة ومنعها عن الناجحين في المواد نفسها في منطق الأشياء وعدلها تمييزا لطائفة دون أخرى رغم وحدة العلة بينهما، بما يشكل مخالفة لمبدأ المساواة المصان دستوريا، إذ أن الناجح في تلك المواد قد أدركه ما أدرك الطالب الراسب من تشدد في تقدير مستوى الإجابة، فإذا كان هذا التشدد قد حال بين الراسب وبلوغ درجة النجاح قبل منحه درجات الرفع المقترحة فإن الناجح وبالمقدار نفسه قد حيل بينه وبين بلوغ الدرجة المستحقة.

وأفصحت الدائرة عن وجهة نظر تغاير هذه الوجهة؛ لذا قررت إحالة الطعن الماثل إلى دائرة توحيد المبادئ لوضع مبدأ في هذا الشأن.

ومن حيث إن المادة 71 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 تنص على أنه: "فيما عدا امتحانات الفرق النهائية بقسم الليسانس أو البكالوريوس يعين مجلس الكلية بعد أخذ رأي مجلس القسم المختص أحد أساتذة المادة ليتولى وضع موضوعات الامتحانات التحريرية بالاشتراك مع القائم بتدريسها، ويجوز عند الاقتضاء أن يشترك في وضعها من يختاره مجلس الكلية لهذا الغرض.

وتشكل لجنة الامتحانات في كل مقرر من عضوين على الأقل، يختارهما مجلس الكلية بناء على طلب مجلس القسم المختص، ويتم اختيارهما بقدر الإمكان من أعضاء هيئة التدريس بالكلية، وللعميد في حالة الاستعجال اختيار أعضاء اللجنة.

وتتكون من لجان امتحان المقررات المختلفة لجنة عامة في كل فرقة أو قسم برئاسة العميد أو رئيس القسم حسب الأحوال، وتعرض عليها نتيجة الامتحان لمراجعتها واقتراح ما تراه في شأن مستوى تقديرات الطلاب بالنسبة للمقررات المختلفة، ويدون محضر باجتماع اللجنة، وتعرض نتيجة مداولاتها على مجلس الكلية لإقرارها".

ومن حيث إن تقييم إجابات الطالب في الامتحان وتحديد الدرجة التي يستحقها إنما يجري على أسس موضوعية يستشف من خلالها مدى الجهد الذي بذله الطالب في تحصيل العلوم واستيعابها، وهي عملية محايدة لا يُبتغي من ورائها إلا الوقوف على قدرة الطالب على فهم المواد التي درسها ومدى استيعابه لها، والأصل في عملية التصحيح أن يمنح الطالب الدرجة التي يستحقها بناء على هذا التقييم، سواء اجتاز بها الامتحان أو رسب، وتعرض نتيجة الامتحان - على وفق المادة 71 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات – على

لجنة الممتحنين لتقترح على مجلس الكلية ما تراه في شأن نتائج الامتحان في المقررات المختلفة.

ومن حيث إنه وإن كان للجنة الممتحنين أن تقرر - في ضوء نص المادة 71 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات – رفع نتيجة إحدى المواد، فما عليها سوى إضافة الدرجات التي تقررها للراسبين في هذه المادة للبلوغ بهم إلى درجة النجاح؛ لأن الضرورة التي دفعت لجنة الممتحنين إلى التدخل في النتيجة إنما تقدر بقدرها وبالغاية المستهدفة منها، وهي رفع نسبة النجاح في تلك المادة، وليس في ذلك إخلال بالمساواة بين الطلاب؛ ذلك أن المساواة في الحقوق بين المواطنين لا تقوم على مخالفة صور التمييز جميعها؛ إذ إن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية (مثل الحالة المعروضة)، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه هو الذي يكون تحكميا؛ ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعکس مشروعيتها إطار للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان التنظيم – بما انطوى عليه من تمييز – مصادما لهذه الأغراض، بحيث يستحيل منطقيا ربطه بها أو اعتباره مدخلا إليها فإن التمييز يكون تحكميا وغير مستند بالتالي إلى أسس موضوعية، وهو ما لا يتوفر في الحالة المعروضة التي قام فيها التمييز في منح درجات لجنة الممتحنين في بعض المواد على أساس موضوعي قوامه رفع نسبة الناجحين في هذه المواد بعد ما أدركت لجنة الممتحنين تدني مستوى النجاح فيها، فمنحت هذه اللجنة الراسبين في مادة المدخل للعلوم القانونية أربع درجات كحد أقصى، وفي كل من مادتي اللغة الأجنبية والاقتصاد منحت اللجنة الطلاب الراسبين درجتين كحد أقصي، ومن حيث إن القول بأحقية الطلاب الناجحين في المواد المشار إليها في إضافة درجات لجنة الممتحنين التي حصل عليها الطلاب الراسبون إلى درجاتهم تحقيقا لمبدأ المساواة بين الطلاب، هذا القول يعوزه الفهم الصحيح للقانون؛ ذلك أنه لا يجوز المطالبة بإعمال هذا المبدأ إلا بالنسبة للأوضاع المتماثلة، أي مراكز قانونية متماثلة تتوفر في أصحابها الشروط الموضوعية التي تحددها، في حين يختلف المركز القانوني للطالب الراسب عن المركز القانوني للطالب الناجح، فلا تساوي بينهما، ومنح الراسبين درجات استثنائية حتى يبلغوا درجة النجاح في بعض المواد هو استثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تطبيقه، وإلا أدى إلى نتائج لا تستقيم حقا أو عدلا، فقد لا يحتاج الراسب في إحدى المواد إلا لدرجة واحدة للوصول إلى النجاح فيها، وفي المقابل قد يمنح الناجح في هذه المواد الحد الأقصى من درجات لجنة الممتحنين التي منحت فيها، وهذا خلل فرضه القياس على حالة استثنائية لا يقاس عليها ولا يتوسع في تطبيقها أو تفسيرها. ومن حيث إن منح درجات لجنة الممتحنين للراسبين في بعض المواد للوصول بهم إلى درجة النجاح هو نظام مأخوذ به في كثير من المؤسسات التعليمية، باعتبار أن تقدير الدرجة التي يستحقها الطالب – خاصة في المواد النظرية – هي مسألة تقديرية تختلف فيها التوجهات بين التشدد والتساهل في منح الدرجات، ولا علاج لاختلاف التقديرات في هذا الشأن إلا تقرير درجات معينة تمنح للراسبين في بعض المواد وتصل بهم – استثناء من الأصل - إلى درجة النجاح، وهذا الاستثناء الذي فرضته الضرورة يبقى محدودا في آثاره، ولا يقاس عليه بمنح الناجحين الدرجات نفسها التي منحت للراسبين؛ لأن الاستثناء لا يقاس عليه، وإذا كان من شأن منح درجات لجنة الممتحنين للطلاب الراسبين مزاحمة الطلاب الناجحين، وبصفة خاصة الحاصلين على الحد الأدنى لدرجة النجاح (10 درجات من 20 درجة)، فإن ذلك الأثر السلبي ينحصر في حدود ضيقة إذا ما قورن بالآثار الناجمة عن منح تلك الدرجات لجميع الطلاب الناجحين منهم والراسبين؛ إذ إن منح درجات الممتحنين لجميع الطلاب – بالإضافة إلى أنه يخرج قاعدة المنح عن طبيعتها الاستثنائية – فإنه سوف يترتب عليه نتائج شاذة تمس المراكز القانونية التي اكتسبها بعض الطلاب، بما يوسع من دائرة الإخلال بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص المقررين دستوريا؛ إذ لن يتم منح هذه الدرجات للطلب الحاصل على 20 درجة من 20 درجة لخروجه عن دائرة تطبيق المنح، في الوقت الذي يكون فيه هذا الطالب – وهو الأولى بالرعاية – أكبر الخاسرين من تعميم هذا المنح، وسيتيح لبعض زملائه (وهم الحاصلون على 17 درجة و18 درجة و19 درجة في حالة ما إذا کانت الدرجات الممنوحة ثلاث درجات) اللحاق به ومزاحمته في مركزه القانوني، بما ينطوي على مساس هذا المركز دون تقصير منه أو حق لهم، مما يقتضي أن يقتصر منح تلك الدرجات على الطلاب الراسبين فقط، وفي الحدود وبالقدر اللازم لبلوغهم درجة النجاح. ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه فإنه يكون متعينا الحكم بأن ألدرجات التي تقترحها لجنة الممتحنين يقتصر منحها على الطلاب الراسبين فقط بما يمكنهم من بلوغ درجة النجاح في المقرر أو المقررات المعنية.

فلهذه الأسباب


حكمت المحكمة بأن الدرجات التي تقترحها لجنة الممتحنين يقتصر منحها على الطلاب الراسبين فقط بما يمكنهم من بلوغ درجة النجاح في المقرر أو المقررات المعنية، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه.

الطعن 665 لسنة 44 ق جلسة 5 / 1 / 2013 إدارية عليا مكتب فني 58 توحيد مبادئ ق 1 ص 35

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ غبريال جاد عبد الملاك رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد عبد الحميد مسعود ويحيى أحمد راغب دكروري وعبد الله عامر إبراهيم سليمان ومحمد عبد العظيم محمود سليمان وفايز شكري حنين ومحمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم وربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي ولبيب حليم لبيب ومحمود محمد صبحي العطار وحسن كمال محمد أبو زيد شلال. نواب رئيس مجلس الدولة

----------------

هيئة الطاقة الذرية.

عاملون بها- صرف الوجبة الغذائية- طبيعة العمل بهذه الهيئة فرضت ضرورة توفير وجبة للعاملين بها على وفق ما تضمنه الجدول الذي حدد نوعيات وكميات عناصرها- هذه الوجبة، بالكميات والنوعيات المقررة، أصبحت حقا مكتسبًا لهؤلاء العاملين، لا يجوز المساس به أو الانتقاص منه، ولو لم يتوفر الاعتماد المالي الكافي- توفير هذا الاعتماد واجب على الهيئة، وعليها أن تنشط بجميع الوسائل إلى تدبيره، ولا شأن للعاملين بذلك.

- المادة (65) من قرار رئيس الجمهورية رقم 288 لسنة 1957 بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية.

-----------

الوقائع

في يوم الخميس الموافق 3/10/1997 أودع الأستاذ/... المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعنة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 665 لسنة 44 ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات والجزاءات) بجلسة 3/9/1997 في الدعوى رقم 911 لسنة 48 ق، القاضي بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعية المصروفات.

وطلبت الطاعنة -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات عن الدرجتين.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعنة المصروفات عن درجتي التقاضي.

وقد حددت لنظر الطعن أمام الدائرة السابعة (فحص الطعون) بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 4/6/2003، وتدوول بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، حيث قررت بجلسة 5/5/2004 إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا، وحددت لنظره أمامها جلسة 17/10/2004، وقد تدوول نظر الطعن أمام تلك الدائرة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، إلى أن قررت بجلسة 23/5/2010 إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقًا للمادة (54 مكررًا) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، والمضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984، لقيام موجب الإحالة إليها؛ على سند من أن المحكمة الإدارية العليا سبق أن أصدرت أحكامًا بشأن موضوع الطعن بالرفض، بينما أسفرت المداولة عن رأي مغاير في موضوع الطعن الماثل، وبناء عليه قررت المحكمة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ لإرساء مبدأ قانوني في النزاع.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بأن يكون صرف الوجبة الغذائية المقررة للعاملين بهيئة الطاقة الذرية بموجب قرار رئيس مؤسسة الطاقة الذرية (قبل تحويلها إلى هيئة) الصادر بتاريخ 8/8/1961، مقيدًا بحدود الاعتمادات المالية المدرجة في موازنة الهيئة، وذلك طبقًا لما قرره رئيس مجلس إدارة الهيئة في 29/5/1977، بما مؤداه أن يكون صرف الوجبة الغذائية في حدود المبلغ المخصص بموازنة الهيئة لصرف تلك الوجبة، مهما ارتفعت أسعار كميات ونوعيات مكوناتها، على النحو المبين بالأسباب، مع إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا للفصل في الطعن على هذا الأساس.

وقد حددت لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 7/4/2012، وتدوول أمامها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 3/11/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 8/2/1992 أقامت/... وآخرون الدعوى رقم 81 لسنة 39ق. ضد رئيس هيئة الطاقة الذرية (بصفته) أمام المحكمة الإدارية لوزارة المالية، وطلبوا الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقيتهم في صرف كميات ونوعيات الطعام المكونة للوجبة الغذائية المطهية المقررة لهم يوميا أو كميات وأصناف جافة من المواد الغذائية تعادلها في قيمتها الغذائية والنقدية كاملة الأوزان دون نقصان مهما ارتفعت أسعارها السوقية، طبقًا لقرار رئيس الجمهورية رقم 288 لسنة 1957 بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية والقرارات المنفذة له وجدول الوجبة الغذائية المطهية الملحق بها، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق عينية أو مالية من تاريخ نفاذ هذه القرارات وحتى تاريخ تنفيذ الحكم، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.

وقالوا شرحًا لدعواهم إنهم يشغلون الدرجة الثالثة فما دونها بهيئة الطاقة الذرية، وكان قد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 288 لسنة 1957 بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية، واستنادًا إلى نص المادة (65) من هذا القرار وافق رئيس مجلس إدارة المؤسسة بتاريخ 8/8/1961 على أن توفر المؤسسة لموظفيها والعاملين بها وجبة غذائية مطهية أثناء النهار وبصفة مستمرة خصمًا على بند (9) نثرية من الموازنة السنوية للمؤسسة؛ مستندًا في ذلك إلى ما تستلزمه حالة العمل من بذل مزيد من الرعاية الصحية لوقاية العمال والموظفين من الأخطار الناتجة عن طبيعة العمل.

وأضاف المدعون أنه على الرغم من أن مكونات الوجبة الغذائية محددة كمًّا ونوعًا بالجدول المرافق لقرار رئيس مجلس إدارة المؤسسة المشار إليها، فإن الهيئة المدعى عليها تقوم بصرف هذه الوجبة في حدود مبلغ سبعة جنيهات ونصف شهريا، في حين أن قيمة الوجبة المقررة كاملة تجاوز أضعاف هذا المبلغ حسب أسعار السوق السائدة.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع:

1- بأحقية المدعين في صرف كامل الوجبة الغذائية المقررة.

2- أحقية المدعين في المقابل النقدي المعادل لقيمة الأصناف والكميات التي لم يتم صرفها لهم بمراعاة أحكام التقادم الخمسي، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.

....................

وبجلسة 27/6/1993 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة المالية بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى بالنسبة للمدعية الثامنة عشرة (الطاعنة في الطعن الماثل) وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص، وبالنسبة لباقي المدعين بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقيتهم في صرف مقابل نقدي يعادل قيمة الوجبة الغذائية المقررة اعتبارًا من تاريخ تسلم كل منهم عمله وحتى تاريخ نفاذ هذا الحكم، على أن يُستنزل منها ما قد يكون سبق صرفه لكل منهم، مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي.

وشيدت المحكمة حكمها على أنه بالنسبة للمدعية الثامنة عشرة، فإن الثابت أنها تشغل الدرجة الثانية، وبذلك ينحسر الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية عن المنازعة المتعلقة بها، أما بالنسبة لباقي المدعين، فإنهم يستحقون الوجبة الغذائية المقررة بالكميات والنوعيات الواردة بالجدول المعَدِّ في هذا الخصوص، والمرافق لقرار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الطاقة الذرية المشار إليه، ولا ينال من ذلك ما تذرعت به الهيئة المدعى عليها من عدم توفر الاعتماد المالي الكافي، بحسبان أن ذلك لا يسقط التزامها بتوفير الوجبة المقررة لهم قانونًا.

..................

ونفاذًا لهذا الحكم وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري، وقيدت بجدولها برقم 911 لسنة 48ق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري تقريرًا مُسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية المدعية في صرف مقابل نقدي يعادل قيمة الوجبة الغذائية المقررة اعتبارًا من تاريخ تسلمها عملها بالهيئة المدعى عليها وحتى تاريخ نفاذ الحكم، على أن يُستنزل منه قيمة ما قد يكون قد صرفته، مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي، وبأحقيتها في صرف هذه الوجبة كاملة اعتبارا من تاريخ تنفيذ الحكم، وإلزام الهيئة المصروفات.

وبجلسة 3/9/1997 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات والجزاءات) بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعية المصروفات.

وأقامت المحكمة قضاءها على أن الوجبة الغذائية المقررة للعاملين بالهيئة المدعى عليها لا تعدو أن تكون ميزة عينية مقررة في حدود الاعتمادات المالية التي ترد في موازنة الهيئة، ومن ثم فإنها تخضع بحسبانها من ملحقات الأجر لما يخضع له الأجر من أحكام، ومنها أن زيادته لمواجهة الزيادة في الأسعار وارتفاع أعباء المعيشة أمر تتقيد بشأنه سلطة الإدارة بالاعتمادات المالية التي لا سلطان لها في تقريرها.

...............

وحيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه يتناقض مع أحكام المحكمة الإدارية العليا التي استقرت على أنه لا محل لإثارة توفر الاعتماد المالي بالنسبة للمراكز القانونية المستمدة من القانون؛ بحسبانه صاحب السيادة ولا يملك أحد أن يعطل أحكامه أو يعدلها، كما يؤدي الحكم المطعون فيه إلى التفرقة في المعاملة بين العاملين بالهيئة المطعون ضدها، رغم أن الجميع يعملون في ظروف عمل واحدة؛ وذلك لسابقة صدور أحكام قضائية نهائية بأحقية بعض العاملين بها في صرف كامل الوجبة الغذائية المقررة.

...................

وحيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول ما إذا كانت الوجبة الغذائية المقررة للعاملين بهيئة الطاقة الذرية تُصرف لهم بالكميات والنوعيات نفسها الواردة بالجدول الملحق بقرار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الطاقة الذرية الصادر بتاريخ 8/8/1961 مهما ارتفعت أسعارها السوقية، أم أن صرف هذه الوجبة يتقيد بحدود الاعتمادات المالية المتاحة والمدرجة بالباب الأول من موازنة الهيئة.

وحيث إن المادة (65) من قرار رئيس الجمهورية رقم 288 لسنة 1957 بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية تنص على أنه: "إلى أن تصدر المؤسسة لوائح خاصة يقرر رئيس مجلس الإدارة قواعد المكافآت وإجراءات الصرف والخصم الخاصة بالمسائل الآتية:

(أ) الوقاية والتأمين والتعويض والخدمات الصحية الوقائية والعلاجية الناشئة عن أخطار الإشعاعات الذرية بالنسبة إلى الموظفين والعمال...".

واستنادًا إلى هذا النص وافق رئيس مجلس إدارة المؤسسة بتاريخ 5/1/1961 على أن توفر المؤسسة للموظفين والعمال وجبة غذائية مطهية أثناء النهار، على أن تتحمل المؤسسة ثلثي نفقاتها بالنسبة للعمال والموظفين حتى الدرجة السادسة أو ما يعادلها، ونصف نفقاتها بالنسبة للموظفين حتى الدرجة الرابعة أو ما يعادلها، ويتحمل نفقات هذه الوجبة باقي الموظفين، على أن يخصم بالتكاليف على بند (9) نثرية بالباب الثاني من ميزانية المؤسسة من السنة المالية 60/1961، ثم وافق رئيس مجلس إدارة المؤسسة بتاريخ 8/8/1961 على المذكرة المرفوعة إليه من مدير المؤسسة على استمرار موافقته المذكورة سالفًا بتوفير تلك الوجبة بصفة مستمرة عن هذه السنة والسنوات القادمة، وذلك طبقًا لجدول الوجبة الغذائية الملحق بالمذكرة، والمتضمن بيانًا بكميات ونوعيات عناصر هذه الوجبة، على أن تخصم نفقاتها من ميزانية المؤسسة على بند (9) نثرية من ميزانية هذا العام، وبتاريخ 28/6/1966 وافق رئيس مجلس إدارة المؤسسة على مذكرة إدارة التوريدات المؤرخة في 21/6/1966 بشأن تعديل الوجبة من مطهية إلى جافة بناء على المبررات الموضحة بالمذكرة، وبتاريخ 29/5/1977 وافق رئيس مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها على صرف الوجبة الغذائية في صورة معلبات للعاملين، على أن يتم اعتبارًا من يناير سنة 1978 تحديد قيمة الوجبة في حدود الاعتمادات المتاحة، وكان دافع المؤسسة إلى تقديم الوجبة الغذائية أن حالة العمل بالمؤسسة تستلزم بذل مزيد من الرعاية الصحية لوقاية موظفيها وعمالها من أخطار التعرض والتلوث الإشعاعي؛ خاصة أن المؤسسة في موقع بعيد عن العمران، ويتطلب نظام العمل بها استنفاء أغلب ساعات النهار في خدمة المؤسسة وبذل مجهود غير عادي، ومن ثم رأت المؤسسة أن توفر لموظفيها وعمالها أثناء النهار وجبة غذائية مطهية بمواصفات ونوعيات وكميات محددة؛ حتى تحافظ على صحتهم ولوقايتهم من الأمراض الإشعاعية، بعد أن أكدت التقارير العلمية على مستوى العالم على ضرورة رعاية العاملين في المؤسسات العاملة في مجال الطاقة الذرية وتجنيبهم أخطار التلوث الإشعاعي، وذلك بصرف وجبات غذائية يومية لهم أثناء العمل، مع الاهتمام بتوازن مكوناتها الغذائية وخاصة من البروتينات، (حافظة مستندات الهيئة المطعون ضدها المودعة بجلسة التحضير 22/6/1992 أمام هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية لوزارة المالية).

وحيث إنه يبين مما تقدم أن طبيعة العمل بالهيئة المدعى عليها والمخاطر التي تحيط به هي التي فرضت ضرورة توفير وجبة غذائية للعاملين بها، على وفق ما تضمنه الجدول الذي حدد نوعيات وكميات عناصرها، ومؤدى ذلك ولازمه أن تصبح تلك الوجبة حقا مكتسبًا لهؤلاء العاملين لا يجوز المساس به أو الانتقاص منه بأي حال؛ لِما قد يترتب على ذلك من تعريضهم لأخطار مؤكدة، ولا ينال من ذلك ما تذرعت به الهيئة المطعون ضدها من أن رئيس مجلس إدارة الهيئة قد وافق بتاريخ 29/5/1977 على أن يتم اعتبارًا من يناير 1978 تحديد قيمة الوجبة في حدود الاعتمادات المتاحة، بعدما تبين قصور هذه الاعتمادات عن توفير الوجبة بالكميات والنوعيات نفسها الواردة بالجدول المشار إليه؛ ذلك أن توفير الاعتماد المالي الكافي هو واجب الهيئة المطعون ضدها، حيث كان يتعين عليها أن تنشط بجميع الوسائل إلى تدبير الاعتمادات المالية اللازمة لتوفير الوجبة الغذائية المقررة، ولا شأن للعاملين بذلك.

وحيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه، فإنه يكون متعينًا الحكم بأحقية العاملين بهيئة الطاقة الذرية في صرف الوجبة الغذائية المقررة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأحقية العاملين بهيئة الطاقة الذرية في صرف الوجبة الغذائية المقررة على النحو المبين بالأسباب، وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه.

الأحد، 19 سبتمبر 2021

الطعن 13817 لسنة 90 ق جلسة 2 / 6 / 2021

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

الأربعاء ( أ )

المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ محمد هلالي " نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة القضاة / أشرف محمد مسعد خالد حسن محمد خالد الشرقبالي ومحمد يوسف " نواب رئيس المحكمة "

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ تميم حمودة.

وأمين السر السيد / موندي عبد السلام .

في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم الأربعاء 21 من شوال سنة 1442 ه الموافق الثاني من يونيه سنة 2021 م. أصدرت الحكم الآتي :

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 13817 لسنة 90 القضائية .
المرفوع من:
1 - ........2- ....... " المحكوم عليهما - الطاعنين "
ضد:
النيابة العامة " المطعون ضدها "
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم 5696 لسنة 2020 مركز الباجور (المقيدة بالجدول الكلي برقم 519 لسنة 2020 شبين الكوم ) بأنهما في يوم 10 من فبراير سنة 2020 بدائرة مركز الباجور - محافظة المنوفية :-
1- أجريا أعمال الحفر خلسة بقصد الحصول على الأثار دون ترخيص من الجهة المختصة بأن باشرا أعمال الحفر والتنقيب بداخل مسكن المتهم الأول باستخدام الأدوات محل التهمة الثانية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازا أدوات " مقطف ، فاس ، حبال " والمبينة وصفًا بالأوراق دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة الشخصية والحرفية والمستخدمة في الجريمة محل الاتهام الأول ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بجلسة 6 من يوليو سنة 2020 عملاً بالمواد 1 ، 3 ، 5/1 ، 32/1 ، 40 ، 42/3،2 بند "2" من القانون رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانونين رقمي 3 لسنة 2010، 91 لسنة 2018 ، والمواد 1/1 ، 25مكررًا/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، 5 لسنة 2019 ، والبند رقم 9 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 والمضاف بقرار وزير الداخلية رقم 213 لسنة 2008 ، مع إعمال نص المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من ..... ، و ..... بالحبس لمدة سنة واحدة ، وبتغريم كل منهما مبلغ خمسمائة ألف جنيه والتحفظ على موقع الحفر لصالح المجلس الأعلى للأثار لاستكمال أعمال الحفائر على نفقة المتهمين وبمصادرة الأدوات المضبوطة والزمت المحكوم عليهما بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض الثاني في 18 من أغسطس سنة 2020 ، والأول في 31 من أغسطس سنة 2020 .
وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن الأولى عن المحكوم عليه الثاني في 18 من أغسطس سنة 2020 موقع عليها من الأستاذة / ..... المحامي ، والثانية عن المحكوم عليه الأول في الأول من سبتمبر سنة 2020 موقع عليها من الأستاذ / ..... المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر ، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان – بمذكرتي أسبابهما – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص وحيازة أدوات مما تستخدم في تلك الأعمال دون مسوغ ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه خلا من الأسباب التي تكفي لحمل قضاءه بالإدانة ، ولم يورد على نحو كافٍ مؤدى أدلة الثبوت التي أخذ بها ، وحرر عل نموذج مطبوع ، هذا ولم يفطن الحكم إلى دفاعهما القائم على أن موقع الحفر ليس من المواقع الأثرية ولا يخضع لقانون حماية الآثار - ومن ثم تنتفي الجريمة المسندة إليهما - ولم يورد في تحصيله لمضمون تقرير اللجنة المشكلة من النيابة العامة ، ولأقوال أعضائها ما يظاهر هذا الدفاع ، ودون أن يعني بتحقيقه باستخراج شهادة من الإدارة العامة لحماية الآثار في هذا الصدد ، ورغم تمسك دفاعهما بهذا الطلب فقد خلا محضر الجلسة من إثباته ، كذلك فقد أغفل الحكم الرد على دفوعهما ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وعدم جدية التحريات وتناقضها لقرائن عددت ، وعدم معقولية تصوير الواقعة ، وانتفاء صلة الطاعن الثاني بها، هذا فضلًا عن خلو الأوراق من تقرير يقطع بأن ناتج الحفر له قيمة اثرية ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما ، وأورد مؤدى الأدلة السائغة التي استخلص منها إدانتهما في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجداها ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققًا لحكم القانون ، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه – خلافًا لما يدعي الطاعن الثاني – لم يحرر على نموذج مطبوع ، هذا فضلًا عن أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام قد استوفى بياناته الجوهرية ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها ، فإنه بحسب أن تعد تعبيرًا صادقًا عن إرادة المشرع ولا يجوز الإنحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيًا كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه ، وكانت المادة 42/2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الأثار المعدلة بالقانونين رقمي 3 لسنة 2010 ، 91 لسنة 2018 - المنطبقة على واقعة الدعوى - قد نصت على عقاب كل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، والبين من هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته أن المشرع فرض حظرًا مطلقًا على القيام بأعمال الحفر في جميع المواقع دون اعتبار لطبيعة المكان الذي يجري فيه الحفر ، سواء كانت أثرية أو غير ذلك وأوجد تنظيمًا يسمح بذلك شرطه الحصول على ترخيص من الجهة المختصة ، حيث خصت المادة الخامسة من القانون آنف الذكر المجلس الأعلى للاثار- دون غيره - بشئون الآثار وكل ما يتعلق بها وكذلك البحث والتنقيب في الأراضي ايًا كان مالكها مع مراعاة حكم المادة 32 من هذا القانون بما تضمنته من ضوابط وشروط لمنح الترخيص بذلك ، وإن كان البحث أو التنقيب في أرض غير أثرية ، ومما يؤكد هذا المعنى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون ، وتقرير اللجنة المشتركة والمناقشات التي دارت حوله في المجلس من أن الأسس التي قام عليها هذا القانون يأتي إعمالًا لحكم المادتين 49 ، 50 من الدستور من التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها ، وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه ، إذ أن تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته والاعتداء على أي من ذلك يشكل جريمة يعاقب عليها القانون، خاصة بعد الانفلات الأمني الذي اعقب ثورة يناير سنة 2011 والذي ترتب عليه انتشار أعمال التنقيب غير المشروعة في شتى بقاع مصر ، ومن ثم تحتم القول - طبقًا للمادة 42 من قانون حماية الأثار سالفة الذكر - بوجوب عقاب كل من يقوم بأعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثريًا أو غير ذلك ، مملوكًا ملكية عامة أو خاصة ، متى كان القصد من ذلك هو الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة وسواء تحقق الغرض الذي قصده من ذلك أو لم يتحقق ، ودون أن يكون هناك محل للتحدي بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها ، وهو قول لا يسعفه النص بل يصطدم بصراحته وبمقصود الشارع منه كما يتنافى مع الفلسفة التي أملت إجراء التعديل والتي تغيت التصدي لكل المحاولات غير المشروعة للتنقيب على الآثار ومحاصرة مرتكبيها ، إذ لا تخصيص بغير مخصص ولا إلزام بما لا يلزم . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه وقد وافق هذا النظر يكون سديدًا فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنين ، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير لجنة الفحص ومن أقوال أعضائها ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد أطمأنت على ما أوردته منها ، واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، إذ أن ذلك أمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ، ولا معقب عليها فيه ، ومن ثم فإن اغفالها إيراد بعض تفصيلات معينة يعتبر اطرحًا لها ، فإن النعي على الحكم بالقصور لهذا السبب غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أيًا من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة استخراج شهادة من الإدارة العامة لحماية الآثار تحقيقًا لدفاعهما بشأن طبيعة الأرض محل الحفر موضوع الاتهام ، فلا يصح لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ، ولم ترى هي حاجة لإجرائه . لما كان ذلك ، وكان أيًا من الطاعنين لا يدعي بأن المحكمة قد منعته من إبداء دفاعه ، فإنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاعه كاملًا ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه ، أن يطلب صراحة إثباته في المحضر ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك، وكان مفاد ما أثبته الحكم المطعون فيه بيانًا لواقعة الدعوى وإيرادًا لمؤدى ما شهد به شاهد الإثبات الأول أنه على أثر إبلاغه من الأهالي بقيام الطاعنين بإجراء أعمال الحفر خلسة داخل مسكن الطاعن الأول بقصد التنقيب عن الآثار وخروج كميات كبيرة من ناتج الحفر ، انتقل ومرافقه إلى مسكن الطاعن الأول الذي سمح لهما بالدخول فتلاحظ لهما وجود حفرة كبيرة بقطر متر ونصف وعمق تسعة أمتار ، والطاعن الثاني وبحوزته أدوات الحفر ، فإن هذا الذي ساقه تتوافر به حالة التلبس بالجريمة التي تبيح القبض والتفتيش ويفيد أن دخول الشاهد الأول مسكن الطاعن الأول كان برضاء من الأخير ، ذلك بأن الرضاء بدخول المسكن وتفتيشه يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه ، وهو ما لا يجادل الطاعن الأول في حصوله ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد ، ولا على الحكم إن أغفل الرد عليه لأنه - في صورة الدعوى - ظاهر البطلان لا يستأهل ردًا . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة في حدود سلطها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات وصحتها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة ، وانتفاء صلة الطاعن بها من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من الحكم ما دام الرد مستفادًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان النعي بخلو الأوراق من تقرير يقطع بأن ناتج الحفر له قيمة أثرية لا جدوى منه إذ صار لا ينال من النتيجة التي خلص إليها الحكم ، فضلًا عن أنه لا يعدو أن يكون تعييبًا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا لتعييب الحكم . لما كان ذلك ، وكانت المادة 20 من قانون العقوبات تنص على أنه " يجب أن يحكم بالحبس مع الشغل كلما كانت مدة العقوبة المحكوم بها سنة فأكثر " فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمعاقبة الطاعنين بالحبس البسيط لمدة سنة واحدة ، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما كان يتعين تصحيحه ، إلا أن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعنين ، وهو ما لا يجوز عملًا بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع برفضه .

 

السبت، 18 سبتمبر 2021

الطعن 3690 لسنة 57 ق جلسة 27/ 10/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 146 ص 957

جلسة 27 من أكتوبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة ومحمد منصور وأحمد جمال عبد اللطيف.

-------------------

(146)
الطعن رقم 3690 لسنة 57 القضائية

 (1)نقد. دعوى جنائية "قيود تحريكها". نيابة عامة. استدلالات. إجراءات "إجراءات التحقيق".
إيجاب صدور طلب من الوزير المختص أو من ينيبه لتحريك الدعوى الجنائية في الجرائم المؤثمة بالقانون 97 لسنة 1976. قيد على حرية النيابة كسلطة تحقيق دون غيرها من جهات الاستدلال.
(2) دعوى جنائية "تحريكها". إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة.
عدم تحريك الدعوى الجنائية وانعقاد الخصومة فيها. إلا بتحقيق النيابة أو من تندبه لهذا الغرض أو رفع الدعوى إلى قضاء الحكم.
 (3)تلبس. استدلالات. دعوى جنائية "قيود تحريكها". نيابة عامة. نقد. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات الاستدلال. ولو في حالة التلبس. لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية. ولا يرد عليها قيد الشارع في توقفها عن الطلب أو الإذن.
 (4)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشاهد. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
 (5)نقد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة تعامل في نقد أجنبي.
 (6)إثبات "اعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم تساند الحكم إلى الاعتراف في إثبات الاتهام قبل الطاعن. الجدل في صحة ذلك الاعتراف. غير مجد.
(7) عقوبة. مصادرة.
المصادرة. ماهيتها؟

--------------
1 - إن المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي إذ نصت على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القواعد المنفذة له أو اتخاذ إجراء فيها فيما عدا مخالفة المادة "2" إلا بناء على طلب الوزير المختص أو من ينيبه" وكان الخطاب في هذه المادة وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة موجهاً من الشارع إلى النيابة العامة بوصفها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق بالدعوى الجنائية باعتبار أن أحوال الطلب كغيرها من أحوال الشكوى والإذن إنما هي قيود على حريتها في تحريك الدعوى الجنائية استثناء من الأصل المقرر من أن حقها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا بنص خاص يؤخذ في تفسيره بالتضييق ولا ينصرف فيه الخطاب إلى غيرها من جهات الاستدلال التي يصح لها قانوناً اتخاذ إجراءاته دون توقف على صدور الطلب ممن يملكه قانوناً.
2 - إن الدعوى الجنائية لا تبدأ إلا بما تتخذه النيابة العامة من أعمال التحقيق في سبيل تسييرها تعقباً لمرتكبي الجرائم باستجماع الأدلة عليهم وملاحقتهم برفع الدعوى وطلب العقاب ولا تنعقد الخصومة ولا تتحرك الدعوى الجنائية إلا بالتحقيق الذي تجريه النيابة العامة دون غيرها بوصفها سلطة تحقيق سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأموري الضبط القضائي أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم ولا تعتبر الدعوى قد بدأت بأي إجراء آخر تقوم به سلطات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة.
3 - إن إجراءات الاستدلال أياً كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هي من الإجراءات الأولية التي لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب أو الإذن رجوعاً لحكم الأصل في الإطلاق وتحرياً للمقصود من خطاب الشارع بالاستثناء وتحديداً لمعنى الدعوى الجنائية على وجهها الصحيح دون ما يسبقها من الإجراءات الممهدة لنشوئها إذ لا يملك تلك الدعوى غير النيابة العامة وحدها ولما كانت الإجراءات التي قام بها ضابط قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بالإسكندرية قد تمت في حالة التعامل بالنقد الأجنبي، على ما أثبته الحكم في مدوناته، فإنها تكون قد حصلت استناداً إلى الحق المخول أصلاً لرجال الضبط القضائي مما لا يرد عليه قيد الشارع في توقفها على الطلب، وكان الطاعن لا يجادل في أن النيابة العامة لم تجر أية تحقيقات في الدعوى سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأموري الضبط القضائي وأن رفع الدعوى الجنائية أمام المحكمة كان بعد صدور الطلب المنصوص عليه في القانون فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس.
4 - إن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع، مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، وفي أخذ المحكمة بها، ما يفيد إطراح تلك الشبهات.
5 - لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله "إنه بتاريخ 21/ 5/ 1983 من أن أحد المصادر السرية أبلغ قسم مكافحة الأموال العامة بالإسكندرية بأن الطاعن وهو صاحب كشك خردوات....... والسابق ضبطه في القضيتين رقمي....... و....... لسنة 1978 إداري مالية العطارين يزاول نشاطه في تجارة النقد الأجنبي وانتقلت أفراد القوة إلى المكان المشار إليه وقامت بضبط المتهم........ وتم ضبط مبلغ 335 جنيهاً استرلينياً وبتفتيشه عثر على مبلغ خمسة دولارات ومائة جنيه مصري وضبط المتهم....... وبيده مبلغ 2581 دولار أمريكي يقوم بتسليمها للمدعو....... مبلغ 500 جنيه مصري وآلة حاسبة، وبتفتيش الكشك خاصته تم العثور على مبلغ 3448.250 جنيهاً، 2 ريال سعودي، 10 دينار كويتي". وخلص الحكم مما تقدم إلى ثبوت التهمة قبل المتهمين مما تضمنه محضر الضبط ومن ضبط المبالغ سالفة الذكر معهم. فإن الحكم يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التعامل في النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة ومن غير المصارف المعتمدة أو الجهات الأخرى المرخص لها والتي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن من دعوى مؤاخذته عن حيازة النقد الأجنبي، لا جريمة التعامل فيه على النحو المؤثم قانوناً، يكون غير مقترن بالصواب.
6 - لما كان الثابت بمدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالإدانة إلى ما ورد بمحضر الضبط وما ضبط مع المتهمين من مبالغ ولم يتخذ من اعتراف الطاعن أو سواه دليلاً على ثبوت الاتهام قبله فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب.
7 - إن المصادرة إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة، قهراً عن صاحبها بغير مقابل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -...... طاعن 2 -...... 3 -..... بأنهم تعاملوا في النقد الأجنبي المبين نوعاً وقدراً بالأوراق على غير طريق المصارف المعتمدة قانوناً أو إحدى الجهات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي. وطلبت عقابهم بمواد القانون 67 لسنة 1980 ومحكمة جنح الجرائم المالية بالإسكندرية قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل منهم ألف جنيه والمصادرة. استأنف المحكوم عليهما الأول والثاني ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً للأول وحضورياً اعتبارياً للثاني بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض المحكوم عليه الأول وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف المعتمدة قانوناً قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأن إجراءات الضبط والتفتيش تمت قبل صدور طلب بذلك، وكان في وسع الضابط الحصول على إذن من النيابة العامة بالضبط والتفتيش بعد أن علم بالواقعة، وحالة التلبس التي صورها الشاهد غير معقولة، ومجرد ضبط النقد الأجنبي لا تتحقق به جريمة التعامل فيه، كما أن المتهم........ لم يعترف، وعول الحكم على محضر الضبط، وعدم حضور المتهم الثالث لا يعد دليل إدانة، هذا إلى أنه لم يعرض لأدلة النفي التي قدمها تدليلاً على سبب حيازة النقد الأجنبي، وقد جذب الضابط الحقيبة واستخرج النقود منها وقضى بمصادرة النقد المضبوط بالمخالفة لأحكام القانون، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كانت المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي إذ نصت على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القواعد المنفذة له أو اتخاذ إجراء فيها فيما عدا مخالفة المادة "2" إلا بناء على طلب الوزير المختص أو من ينيبه" وكان الخطاب في هذه المادة وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة موجهاً من الشارع إلى النيابة العامة بوصفها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق بالدعوى الجنائية باعتبار أن أحوال الطلب كغيرها من أحوال الشكوى والإذن إنما قيود على حريتها في تحريك الدعوى الجنائية استثناء من الأصل المقرر من أن حقها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا بنص خاص يؤخذ في تفسيره بالتضييق ولا ينصرف فيه الخطاب إلى غيرها من جهات الاستدلال التي يصح لها قانوناً اتخاذ إجراءاته دون توقف على صدور الطلب ممن يملكه قانوناً ذلك بأن الدعوى الجنائية لا تبدأ إلا بما تتخذه النيابة العامة من أعمال التحقيق في سبيل تسييرها تعقباً لمرتكبي الجرائم باستجماع الأدلة عليهم وملاحقتهم برفع الدعوى وطلب العقاب ولا تنعقد الخصومة ولا تتحرك الدعوى الجنائية إلا بالتحقيق الذي تجريه النيابة العامة دون غيرها بوصفها سلطة تحقيق سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأموري الضبط القضائي أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم ولا تعتبر الدعوى قد بدأت بأي إجراء آخر تقوم به سلطات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة إذ أنه من المقرر في صحيح القانون أن إجراءات الاستدلال أياً كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هي من الإجراءات الأولية التي لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب أو الإذن رجوعاً لحكم الأصل في الإطلاق وتحرياً للمقصود من خطاب الشارع بالاستثناء وتحديداً لمعنى الدعوى الجنائية على وجهها الصحيح دون ما يسبقها من الإجراءات الممهدة لنشوئها إذ لا يملك تلك الدعوى غير النيابة العامة وحدها ولما كانت الإجراءات التي قام بها ضابط قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بالإسكندرية قد تمت في حالة التعامل بالنقد الأجنبي، على ما أثبته الحكم في مدوناته، فإنها تكون قد حصلت استناداً إلى الحق المخول أصلاً لرجال الضبط القضائي مما لا يرد عليه قيد الشارع في توقفها على الطلب، وكان الطاعن لا يجادل في أن النيابة العامة لم تجر أية تحقيقات في الدعوى سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأموري الضبط القضائي وأن رفع الدعوى الجنائية أمام المحكمة كان بعد صدور الطلب المنصوص عليه في القانون فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال الضابط الذي أجرى ضبط الواقعة - لا يماري الطاعن أن لها معينها من الأوراق - تنبئ أن الجريمة كانت في حالة تلبس لمشاهدتها وقت التعامل بالنقد الأجنبي، وكان وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع، مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، وفي أخذ المحكمة بها، ما يفيد إطراح تلك الشبهات وكان القانون لا يوجب من مأمور الضبط القضائي أن يحصل على إذن بالضبط والتفتيش من النيابة العامة في حالة التلبس فإن النعي على الحكم بما تقدم لا يصادف صحيح القانون. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله "إنه بتاريخ 21/ 5/ 1983 من أن أحد المصادر السرية أبلغ قسم مكافحة الأموال العامة بالإسكندرية بأن الطاعن وهو صاحب كشك خردوات...... والسابق ضبطه في القضيتين رقمي....... و..... لسنة 1978 إداري مالية العطارين يزاول نشاطه في تجارة النقد الأجنبي وانتقلت أفراد القوة إلى المكان المشار إليه وقامت بضبط المتهم........ وتم ضبط مبلغ 335 جنيهاً استرلينياً وبتفتيشه عثر على مبلغ خمسة دولارات ومائة جنيه مصري وضبط المتهم....... وبيده مبلغ 2581 دولار أمريكي يقوم بتسليمها للمدعو....... ومعه مبلغ 500 جنيه مصري وآلة حاسبة، وبتفتيش الكشك خاصته تم العثور على مبلغ 2.3448.250 جنيهاً، 2 ريال سعودي، 10 دينار كويتي". وخلص الحكم مما تقدم إلى ثبوت التهمة قبل المتهمين مما تضمنه محضر الضبط ومن ضبط المبالغ سالفة الذكر معهم. فإن الحكم يكون قد بين واقعة الدعوى بما توافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التعامل في النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة ومن غير المصارف المعتمدة أو الجهات الأخرى المرخص لها والتي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن من دعوى مؤاخذته عن حيازة النقد الأجنبي، لا جريمة التعامل فيه على النحو المؤثم قانوناً، يكون غير مقترن بالصواب، ولما كان الثابت بمدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استند في قضائه بالإدانة إلى ما ورد بمحضر الضبط وما ضبط مع المتهمين من مبالغ ولم يتخذ من اعتراف الطاعن أو سواه دليلاً على ثبوت الاتهام قبله فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب. لما كان ذلك وكانت المصادرة إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة، قهراً عن صاحبها بغير مقابل، وكان البين من الحكم أنه إذ قضى بمصادرة ما ضبط من نقد في حوزة الطاعن، أياً كان نوعه إنما كان بوصفه ذا صلة بالجريمة التي توافرت في حقه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله ومصادرة الكفالة.

الطعن 3887 لسنة 57 ق جلسة 27/ 10/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 147 ص 966

جلسة 27 من أكتوبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة ومحمد منصور وأحمد جمال عبد اللطيف.

----------------

(147)
الطعن رقم 3887 لسنة 57 القضائية

إجراءات "إجراءات المحاكمة". استئناف "نظره والحكم فيه". إعلان. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
وجوب إعلان المتهم لشخصه أو في موطنه. مكان العمل ليس موطناً يجوز الإعلان فيه.

----------------
لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن تخلف عن حضورها، كما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن، أن إعلان الطاعن لحضور تلك المحاكمة قد جرى في محل صناعته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إعلان المتهم للحضور بجلسة المحاكمة يجب أن يكون لشخصه أو في موطنه، وكان الموطن كما عرفته المادة 40 من القانون المدني هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة وبهذه المثابة لا يعتبر المكان الذي يباشر فيه الشخص عمله موطناً له. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الاستئناف تأسيساً على صحة ذلك الإعلان يكون قد أخطأ في القانون وتعيب بالبطلان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أجرى تعديلاً بمصنعه دون ترخيص من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 67، 68 من القانون رقم 453 لسنة 1954 ومحكمة جنح فارسكور قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً. استأنفت النيابة العامة ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهم مائة جنيه والغلق.
فطعن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إجراء تعديل في مصنعه بدون ترخيص، قد شابه البطلان ذلك بأنه لم يعلن إعلاناً قانونياً بأية جلسة من جلسات الاستئناف المرفوع من النيابة العامة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن تخلف عن حضورها، كما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن، أن إعلان الطاعن لحضور تلك المحاكمة قد جرى في محل صناعته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إعلان المتهم للحضور بجلسة المحاكمة يجب أن يكون لشخصه أو في موطنه وكان الموطن كما عرفته المادة 40 من القانون المدني هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة وبهذه المثابة لا يعتبر المكان الذي يباشر فيه الشخص عمله موطناً له. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الاستئناف تأسيساً على صحة ذلك الإعلان يكون قد أخطأ في القانون وتعيب بالبطلان، بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 3959 لسنة 57 ق جلسة 27/ 10/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 148 ص 969

جلسة 27 من أكتوبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف.

-----------------

(148)
الطعن رقم 3959 لسنة 57 القضائية

ارتباط. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الارتباط الذي تتأثر به المسئولية عن الجريمة الصغرى طبقاً للمادة 32/ 2 عقوبات. ينظر إليه عند الحكم في الجريمة الكبرى بالعقوبة. دون البراءة. أساس ذلك؟
لا محل لإعمال الارتباط عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم ولو كانت جناية.

--------------
لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الارتباط الذي تتأثر به المسئولية عن الجريمة الصغرى طبقاً للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات ينظر إليه عند الحكم في الجريمة الكبرى بالعقوبة دون البراءة، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها العقاب الأشد لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً. لما كان ذلك، فإنه لا محل لإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم - ولو كانت جناية - كما هو الشأن في خصوص الدعوى المطروحة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تعامل وآخرين في النقد الأجنبي المبين قدراً بالمحضر وذلك عن غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طرق المصارف والجهات الأخرى المرخص لها بذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابه بالمادتين 1، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1980 والمادة 18 من اللائحة التنفيذية. ومحكمة جنح الجرائم المالية بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة خمسة آلاف جنيه والمصادرة لجميع أوراق النقد المضبوط. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل عقوبة الحبس إلى ستة أشهر والتأييد فيما عدا ذلك فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف أو الجهات المختصة، قد أخطأ في القانون ذلك بأنه سبق القضاء ببراءته من تهمة جناية مرتبطة بالجريمة محل الاتهام في الدعوى المطروحة، مما كان لازمه التبرئة منها.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الارتباط الذي تتأثر به المسئولية عن الجريمة الصغرى طبقاً للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات ينظر إليه عند الحكم في الجريمة الكبرى بالعقوبة دون البراءة، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها العقاب الأشد لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً. لما كان ذلك، فإنه لا محل لإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم - ولو كانت جناية - كما هو الشأن في خصوص الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله.