الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 مارس 2021

الطعن 21602 لسنة 84 ق جلسة 22 / 3 / 2015 مكتب فني 66 ق 45 ص 319

 جلسة 22 من مارس سنة 2015

برئاسة السيد القاضي/ طه قـاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي حسنين ، د/ عادل أبو النجا ، عـادل عمارة وأحمد رضوان نـواب رئيس المحكمة .
------------

(45)

الطعن رقم 21602 لسنة 84 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة .

(2) استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة . ازدراء الأديان . جريمة "أركانها" . قصد جنائي. إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 تقدير توافر القصد الجنائي . موضوعي . ذكر المحكمة صراحة سوء نية المتهم . غير لازم . كفاية التدليل عليه في عبارة الحكم .

         إثبات الحكم ترويج الطاعن لأفكار متطرفة زاعماً أنها أحكام شرعية وصدور أفعال وعبارات بذيئة منه ضد الطوائف المسيحية ومقدساتهم ومعاقبته بالمادة 98 (و) عقوبات . كافٍ للتدليل على توافر القصد الجنائي في حقه .

(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . كفايته .

الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض . غير جائز .

(4) إعلان . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . وكالة . قضاة " رد القضاة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

نعي الطاعن بعدم إعلانه بتداول الدعوى بعد رفض طلب الرد . غير مقبول . ما دام أنه مثل بوكيل بجلسة المعارضة ولم يبد ما أثاره بمذكرة أسباب طعنه .

(5) إثبات " بوجه عام " " شهود " " اعتراف " . تسجيل المحادثات . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

        تعويل الحكم في الإدانة على أدلة سائغة مستقاة من اعتراف الطاعن وحديثه الصحفي وأقوال الشهود . كفايته .

        تزيد الحكم بعد استيفائه أدلة الإدانة بالتحدث عن التسجيلات المرئية والصوتية . لا يعيبه . علة ذلك ؟

 (6) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة ثاني درجة . محكمة أول درجة . محكمة استئنافية . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

محكمة ثاني درجة . تحكم على مقتضى الأوراق ولا تجري من التحقيقات إلَّا ما ترى لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلَّا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة .

سكوت دفاع الطاعن عن التمسك بطلب سماع أقوال الشهود المبلغين أمام محكمة أول درجة . أثره : وجوب اعتباره متنازلاً عنه وإن أبداه أمام المحكمة الاستئنافية . التفات المحكمة عنه . صحيح .

(7) إثبات " بوجه عام " . تسجيل المحادثات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع أو التسجيلات . مفاده : اطراحها .

مثال .

(8) محكمة الجنح . نيابة عامة . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

لمحكمة الجنح إيراد أدلة الإدانة كما تضمنتها مذكرة مرافعة النيابة العامة . ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة .

(9) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

عدم التزام المحكمة في أخذها باعتراف المتهم بنصه وظاهره . لها الاستنباط منه ومن العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها ما دامت متفقة مع العقل والمنطق .

(10) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

 نعي الطاعن بأنه لا يقصد من قوله اعترافاً بالواقعة . لا ينتقص من قيمة الاعتراف .
متى استظهرت المحكمة ارتكابه للجرائم من ظروف الدعوى وملابساتها . مجادلتها في ذلك . غير جائزة أمام محكمة النقض .

(11) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الطلب الذى لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة . موضوعي . عدم التزام المحكمة بإجابته .

مثال .

(12) ارتباط . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " المصلحة في الطعن " . استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة . ازدراء الأديان .

انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمتي تدنيس رمز له حرمة عند أبناء ملة من الناس والتعدي على أحد الأديان التي تؤدى شعائرها علناً . ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والإضرار بالوحدة الوطنية بوصفها الجريمة الأشد . أساس ذلك ؟

(13) اختصاص " الاختصاص المحلي " . دفوع "الدفع بعدم الاختصاص المحلي " . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إثبات المحكمة إقامة المتهم الثاني في دائرة اختصاصها . كفايته رداً على الدفع بعدم الاختصاص المحلي . أساس وعلة ذلك ؟

(14) بطلان . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إنشاء الحكم الاستئنافي لقضائه أسباباً ومنطوقاً جديدين واشتماله على مقوماته المستقلة بذاتها . يعصمه من البطلان الذى قد يشوب الحكم الابتدائي .

مثال .

(15) دفوع " الدفع بعدم الدستورية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدفع بعدم الدستورية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

لمحكمة الموضوع تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ووقف الدعوى وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بذلك . أساس وحد ذلك ؟

(16) ازدراء الأديان . دستور .

        حرية الاعتقاد . مكفولة بمقتضى الدستور ولا تبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان امتهان حرمته أو الحط من قدره أو ازدرائه عن عمد .

(17) نقض " المصلحة في الطعن " .

نعي الطاعن كونه أستاذاً أكاديمياً متخصصاً في علم مقارنة الأديان وخوضه في أمر توقيع عقوبة الحبس بوصفه صحفياً وإعلامياً . غير مقبول . ما دام لا يتصل بقضاء الحكم .

(18) حكم " حجيته " .

اعتبار أحكام البراءة عنواناً للحقيقة سواء للمتهمين في الواقعة أو غيرهم ممن يتهمون فيها . شرطه ؟

(19) إثبات " بوجه عام " . قوة الأمر المقضي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل" . حكم " حجيته " .

نعي الطاعن بالقضاء بالبراءة في دعوى مماثلة . غير مقبول . علة ذلك ؟

(20) مسئولية جنائية . نقض " المصلحة في الطعن " .

 إثارة الطاعن وجود متهمين آخرين في الدعوى . غير مجد . طالما أن اتهامهم لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها .

(21) نيابة عامة . دعوى جنائية " تحريكها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

المادة الأولى إجراءات . مؤداها ؟

إقامة النيابة العامة الدعوى الجنائية ضد الطاعن عن الجرائم التي دين بها . صحيح . مادامت غير مقيدة بأية قيود في رفعها .

مثال .

(22) دعوى مدنية " نظرها والحكم فيها " . محكمة ثاني درجة . نقض " المصلحة في الطعن " .

انتفاء مصلحة الطاعن في الطعن بخصوص الدعوى المدنية . متى كانت محكمة ثاني درجة قضت بعدم جواز استئنافها لانتفاء المصلحة وعدم ثبوت الضرر الشخصي المباشر .

(23) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . مالا يوفره ". محضر الجلسة .

 وجوب تسجيل مصادرة المحكمة لحق الدفاع في طلب مكتوب قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم . خلو محاضر جلسات المرافعة مما يثبت ذلك . أثره : لا إخلال بحق الدفاع .

(24) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . قضاة " صلاحيتهم " .

الإصرار والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وليست سبباً من أسباب عدم الصلاحية . تقديرها . متروك له . أساس ذلك ؟

(25) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " .

تحرير الحكم بخط القاضي . غير لازم . تحريره بإملائه منه على سكرتير الجلسة  أو بأي وسيلة فنية . لا بطلان . حد ذلك ؟

(26) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . تقرير التلخيص . تزوير " الادعاء بالتزوير " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الأصل في الإجراءات الصحة . عدم جواز الادعاء بما يخالف الثابت بمحضر الجلسة أو الحكم إلَّا بالطعن بالتزوير .

فقدان تقرير التلخيص بعد تلاوته . لا يبطل الإجراءات بعد صحة .

(27) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

نعي الطاعن بالتفات الحكم عن أوجه دفاعه دون الكشف عنها . غير مقبول . علة ذلك ؟

(28) وقف التنفيذ . نقض " المصلحة في الطعن " .

 الفصل في الطعن . يجعل طلب وقف التنفيذ غير ذي موضوع .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون .

2- لما كان أمر توافر القصد الجنائي هو من المسائل التي لا تنظرها محكمة النقض بل تقدرها محكمة الموضوع على ضوء الوقائع والظروف المطروحة أمامها ، ولا يشترط لذلك أن تذكر المحكمة صراحة بالحكم سوء نية المتهم بل يكفي أن يكون في عبارة الحكم ما يدل على ذلك ، وحيث إن الحكم المطعون فيه أوضح ما يؤدي إلى توافر هذا الركن إذ أثبت أن الطاعن تناول الترويج لأفكار متطرفة زاعماً أنها أحكام شرعية مبناها وجوب سب المسيحيين والاعتداء عليهم بالقول رداً على ما نسب لبعض أقباط المهجر من إنتاج فيلم مسيء للرسول – صلى الله عليه وسلم - إذ أورد بتصريحه سب من سبنا هو واجب شرعي واستطرد مقراً بتمزيقه الإنجيل باعتباره الكتاب المقدس للمسيحيين ، كما استخدم ألفاظاً مشينة نحو مقدسات الدين المسيحي ومعتقداته مصرحاً " هذه المرة مزقت كتابهم المقدس والمرة المقبلة سأحضر حفيدي الصغير لكى يـتبول عـليه أمــام الكـاتـدرائـيـة إن لـم يرتدعــوا " ، كـما وجـه دعــوات تحـريضـية وإثـاريـة ضـد الطــوائف المسيحية .... فإذا ما عاقبته المحكمة على ما ارتكبه طبقاً للمادة 98 ( و) عقوبات تكون قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً ، ويكون الحكم بإثباته ما صدر من الطاعن من العبارات البذيئة والأفعال والقضاء في موضوع الدعوى بإدانته الرد الكافي من عدم توافر القصد الجنائي لدى الطاعن .

3- لما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

4- لما كان الحكم المطعون فيه قد رد برد سائغ على دفع الطاعن بعدم إعلانه بتداول الدعوى بعد رفض طلب الرد ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من محضر جلسة المعارضة الابتدائية أن الطاعن مثل بوكيل ولم يبد ما أثاره بمذكرة أسباب طعنه ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد .

5- لما كان البيِّن من الاطلاع على الحكم أنه عوَّل في إدانة الطاعن على الأدلة المستقاة من أقوال الشهود واعتراف الطاعن والحديث الصحفي وهى أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول إلى ما جاء بالتسجيلات المرئية والصوتية ، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه التسجيلات ، طالما أنه لم يستطرد إليها إلَّا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة ، إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال استدلاله ، ما دام أنه أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله ، وكان لا أثر لذلك في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها .

6- من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجري من التحقيقات إلَّا ما ترى لزوماً لإجرائه ، ولا تلتزم إلَّا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة ، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم ، وكان المدافع عن الطاعن وإن أبدى طلب سماع أقوال الشهود - المبلغين - أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة التفتت عن إجابته إلى هذا الطلب وقضت بالحكم المطعون فيه دون أن تعني بتحقيق دفاعه أو الرد عليه يكون غير سديد .

7- من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفى إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله ما تضمنته التسجيلات من مقاطع تؤكد احترامه للكتاب الذى يؤمن به مسيحو مصر ، وأن الواقعة موجهة في حقيقتها إلى القس الأمريكي الذى اعتاد حرق المصحف الشريف والتي تنفى التهمة عنه .

8- لما كان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنح أن تورد في حكمها أدلة الإدانة كما تضمنتها مذكرة المرافعة المقدمة من النيابة العامة ، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد بفرض صحته - يكون على غير سند .

9- لما كان الطاعن لا يماري أن ما حصله الحكم المطعون فيه له أصله الصحيح في الأوراق وقد ورد نصاً على اقترافه الجريمة على خلاف ما يذكره الطاعن بوجه طعنه ، فضلاً عما هو مقرر من أن المحكمة غير مقيدة في أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، ما دام ذلك سليماً متفقاً مع العقل والمنطق وهو اقتراف الجاني للجرائم وهو ما لم يخطئ الحكم فيه ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله .

10- لما كان لا ينتقص من قيمة الاعتراف الذى تساند إليه الحكم في قضائه ما يذهب إليه الطاعن من أن هذا القول لا يعد اعترافاً بالواقعة وإنما كان قصده منه ما فعله على وجه الحقيقة وشهد به الواقع من أن ما مزقه هو الكتاب الخاص بـ .... ومن معه من أقباط المهجر مصريين وغيرهم ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد استظهرت ارتكاب الطاعن للجرائم من ظروف الدعوى وملابساتها وأقامت على توافرها في حقه توافراً فعلياً - أدلة سائغة اقتنع بها وجدانها - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض .

11- لما كان طلب الطاعن تقديم نسخة من الكتاب محل الاتهام لبيان مدى اعتراف الكنيسة المصرية أو أي من الطوائف المسيحية به في مصر والتصريح الصادر بتداوله لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله .

12- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمتي تدنيس رمزاً " نسخة من إنجيل " له حرمة عند أبناء ملة من الناس والتعدي على أحد الأديان التي تؤدي شعائرها علناً ، ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والإضرار بالوحدة الوطنية وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد .

13- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وخلص إلى اختصاصها بنظرها تأسيساً على أنها المحكمة التي يقيم المتهم الثاني بدائرتها ، ولما كان الاختصاص يتعين بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذى يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات ، فإن الحكم إذ رتب على ثبوت إقامة المتهم الثاني بدائرة .... اختصاص محكمة جنح .... بنظر الدعوى يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه في هذا الشأن غير سديد .

14- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن تزوير المحضر الأخير من محاضر جلسات الحكم الابتدائي لصدوره بتاريخ مغاير للتاريخ الوارد بمحضر جلسة النطق به ودلالة على ذلك على وجود عقيدة سابقة على إدانته قبل إصداره ، فضلاً عن خلو المحضر المشار إليه من بيان اسمه ، مردوداً بأن البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه قد أنشأ لقضائه أسباباً ومنطوقاً جديدين ، ومن ثم يكون قد اشتمل على مقوماته المستقلة بذاتها ، غير متصل أو منعطف على الحكم الابتدائي المستأنف مما يعصمه من البطلان الذى قد يشوب الحكم الأخير .

15- لما كان قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ينص في المادة 29 منه على أنه " إذ دفع أحد الخصوم أمام المحاكم أو إحدى الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أحيلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم تكن " ، وكان هذا النص يتسق والقاعدة العامة المقررة في المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية المعدل ، ومفادها أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، ولما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها قد قدرت استناداً إلى ما أوردته من أسباب سائغة أن الدفع بعدم الدستورية غير جدي ورأت أنه لا محل لإجابة طلب الدفع لرفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس .

16- لما كانت حرية الاعتقاد مكفولة بمقتضى الدستور ، إلَّا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه ، فإذا ما تبين أنه كان يبتغي بالجدل الذى أثاره المساس بحرمه الدين والسخرية منه ، فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد .

17- لما كان باقي ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن كونه استاذاً أكاديمياً متخصصاً في علم مقارنة الأديان وله مؤلفات مسجلة بمكتبة الكونجرس الأمريكية ، وخوض في أمر توقيع عقوبة الحبس قانوناً بوصفه صحفياً وإعلامياً ، أمر لا يتصل بقضاء الحكم ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقبول .

18- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن براءة المتهم الثالث فإنه من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلَّا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة للمحكوم عليهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذى لم يتوفر في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل .

19- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن القضاء في دعوى مماثلة بالبراءة ، مردود بأن تقدير الدليل في دعوى لا ينسحب إلى دعوى أخرى لأن قوة الأمر المقضي للحكم في منطوقه دون الأدلة المقدمة في الدعوى لانتفاء الحجية بين حكمين في دعويين مختلفتين موضعاً وسببا ً.

20- لما كان لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى ، طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .

21- لما كان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلَّا استثناء بنص من الشارع ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن الجرائم التي دين بها المؤثمة بالمواد 98 ( و) ، 160/ثانياً ، 161/1 ، 171 من قانون العقوبات التي خلت من أي قيد على حريتها في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها ، وثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند .

22- لما كانت محكمة ثاني درجة قد قضت بعدم جواز استئناف الدعوى المدنية الأصلية لانتفاء المصلحة وعدم ثبوت ضرر شخصي مباشر والتي كانت قد تخلت عنها محكمة أول درجة في حدود سلطتها ، وقضت بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة ، فإن دفع الطاعن بعدم قبولها لانتفاء الصفة والمصلحة وعدم ثبوت الضرر الشخصي يكون غير ذي موضوع ، ومن ثم فلا مصلحة له من الطعن على الحكم في هذا الشأن .

23- من المقرر أنه على المدافع عن الخصم إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وكان البيِّن من محاضر جلسات المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية أنها جاءت خلواً مما يدعيه الطاعن من مصادرة حقه في الدفاع بل إن الثابت أن المحكمة مكنته من إبداء دفاعه كاملاً مما لا يوفر الإخلال بحق الدفاع .

24- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن حالة الإصرار والرغبة في الاتجاه للإدانة كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وقد ترك المشرع أمر تقديرها لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، وذلك كله لا يحول بينه وبين نظر الدعوى ما دام أنه قد رأى أن ذلك الغضب وتلك الرغبة لم يقوما في نفسه . لما كان ذلك ، وكانت أسباب عدم الصلاحية قد وردت في المواد 247 من قانون الإجراءات الجنائية ، 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، 75 من القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية ، وليس من بينها السبب الوارد بالطعن والإصرار والرغبة في الاتجاه للإدانة ، وكان قيام ما عدا تلك الأسباب لا يؤثر على صحه الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن ذلك يكون لا سند له من القانون .

25- من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يلزم القاضي بأن يحرر الحكم بخطه ؛ ذلك أن تحرير الحكم عن طريق إملائه من القاضي على سكرتير الجلسة - أو عن طريق أية وسيلة فنية - لا يقتضي بطلانه ، ما دام قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - في هذا الصدد - لا يكون مقبولاً .

26- لما كان ما يثيره الطاعن من أن تقرير التلخيص لم يودع ملف الدعوى مما
يجعل الحكم باطلاً لابتنائه على مخالفة المادة 411 من قانون الإجراءات مردوداً بأن الثابت من الاطلاع على ديباجة الحكم المطعون فيه أن تقرير التلخيص قد تلى ، وكان الأصل في الإجراءات الصحة ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء في محضر الجلسة أو الحكم
إلَّا بالطعن بالتزوير ، وكان فقدان تقرير التلخيص بعد تلاوته لا يبطل الإجراءات بعد صحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له .

27- من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن العيب الذى شاب الحكم ، وإذ كان الطاعن قد أرسل القول دون أن يكشف عن أوجه الدفاع التي عاب على الحكم عدم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل تعتبر من أوجه الدفاع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تعرض لها وترد عليها أم أنها من قبيل الدفاع الموضوعي الذى لا يستلزم من المحكمة رداً خاصاً ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .

28- لما كان الطعن برمته على غير أساس متعيناً عدم قبوله موضوعاً فإنه يضحى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن غير ذي موضوع .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

 من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يتحقق به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، وكان أمر توافر القصد الجنائي هو من المسائل التي لا تنظرها محكمة النقض بل تقدرها محكمة الموضوع على ضوء الوقائع والظروف المطروحة أمامها ، ولا يشترط لذلك أن تذكر المحكمة صراحة بالحكم سوء نية المتهم بل يكفي أن يكون في عبارة الحكم ما يدل على ذلك ، وحيث إن الحكم المطعون فيه أوضح ما يؤدي إلى توافر هذا الركن إذ أثبت أن الطاعن تناول الترويج لأفكار متطرفة زاعماً أنها أحكام شرعية مبناها وجوب سب المسيحيين والاعتداء عليهم بالقول رداً على ما نسب لبعض أقباط المهجر من إنتاج فيلم مسيء للرسول – صلى الله عليه وسلم- إذ أورد بتصريحه سب من سبنا هو واجب شرعي واستطرد مقراً بتمزيقه الإنجيل باعتباره الكتاب المقدس للمسيحيين ، كما استخدم ألفاظاً مشينة نحو مقدسات الدين المسيحي ومعتقداته مصرحاً " هذه المرة مزقت كتابهم المقدس والمرة المقبلة سأحضر حفيدي الصغير لكى يـتبول عـليه أمــام الكـاتـدرائـيـة إن لـم يرتدعــوا " ، كـما وجـه دعــوات تحـريضـية وإثـاريـة ضـد الطــوائف المسيحية .... فإذا ما عاقبته المحكمة على ما ارتكبه طبقاً للمادة 98 ( و) عقوبات تكون قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً ، ويكون الحكم بإثباته ما صدر من الطاعن من العبارات البذيئة والأفعال والقضاء في موضوع الدعوى بإدانته الرد الكافي من عدم توافر القصد الجنائي لدى الطاعن . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد برد سائغ على دفع الطاعن بعدم إعلانه بتداول الدعوى بعد رفض طلب الرد ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من محضر جلسة المعارضة الابتدائية أن الطاعن مثل بوكيل ولم يبد ما أثاره بمذكرة أسباب طعنه ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الاطلاع على الحكم أنه عوَّل في إدانة الطاعن على الأدلة المستقاة من أقوال الشهود واعتراف الطاعن والحديث الصحفي وهى أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول إلى ما جاء بالتسجيلات المرئية والصوتية ، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه التسجيلات ، طالما أنه لم يستطرد إليها إلَّا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة ، إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال استدلاله ما دام أنه أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله ، وكان لا أثر لذلك في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجري من التحقيقات إلَّا ما ترى لزوماً لإجرائه ، ولا تلتزم إلَّا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة ، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان المدافع عن الطاعن وإن أبدى طلب سماع أقوال الشهود - المبلغين - أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة التفتت عن إجابته إلى هذا الطلب وقضت بالحكم المطعون فيه دون أن تعني بتحقيق دفاعه أو الرد عليه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفى إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله ما تضمنته التسجيلات من مقاطع تؤكد احترامه للكتاب الذى يؤمن به مسيحو مصر ، وأن الواقعة موجهة في حقيقتها إلى القس الأمريكي الذى اعتاد حرق المصحف الشريف والتي تنفى التهمة عنه . لما كان ذلك ، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنح أن تورد في حكمها أدلة الإدانة كما تضمنتها مذكرة المرافعة المقدمة من النيابة العامة ، مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد بفرض صحته - يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري أن ما حصله الحكم المطعون فيه له أصله الصحيح في الأوراق وقد ورد نصاً على اقترافه الجريمة على خلاف ما يذكره الطاعن بوجه طعنه ، فضلاً عما هو مقرر من أن المحكمة غير مقيدة في أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع العقل والمنطق وهو اقتراف الجاني للجرائم وهو ما لم يخطئ الحكم فيه ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا ينتقص من قيمة الاعتراف الذى تساند إليه الحكم في قضائه ما يذهب إليه الطاعن من أن هذا القول لا يعد اعترافاً بالواقعة وإنما كان قصده منه ما فعله على وجه الحقيقة وشهد به الواقع من أن ما مزقه هو الكتاب الخاص بـ .... ومن معه من أقباط المهجر مصريين وغيرهم ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد استظهرت ارتكاب الطاعن للجرائم من ظروف الدعوى وملابساتها وأقامت على توافرها في حقه توافراً فعلياً - أدلة سائغة اقتنع بها وجدانها - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان طلب الطاعن تقديم نسخة من الكتاب محل الاتهام لبيان مدى اعتراف الكنيسة المصرية أو أي من الطوائف المسيحية به في مصر والتصريح الصادر بتداوله لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمتي تدنيس رمز " نسخة من إنجيل " له حرمة عند أبناء ملة من الناس والتعدي على أحد الأديان التي تؤدي شعائرها علناً ، ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والإضرار بالوحدة الوطنية وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وخلص إلى اختصاصها بنظرها تأسيساً على أنها المحكمة التي يقيم المتهم الثاني بدائرتها ، ولما كان الاختصاص يتعين بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذى يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات ، فإن الحكم إذ رتب على ثبوت إقامة المتهم الثاني بدائرة .... اختصاص محكمة جنح .... بنظر الدعوى يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن تزوير المحضر الأخير من محاضر جلسات الحكم الابتدائي لصدوره بتاريخ مغاير للتاريخ الوارد بمحضر جلسة النطق به ودلالة على ذلك على وجود عقيدة سابقة على إدانته قبل إصداره ، فضلاً عن خلو المحضر المشار إليه من بيان اسمه ، مردوداً بأن البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه قد أنشأ لقضائه أسباباً ومنطوقاً جديدين ، ومن ثم يكون قد اشتمل على مقوماته المستقلة بذاتها ، غير متصل أو منعطف على الحكم الابتدائي المستأنف مما يعصمه من البطلان الذى قد يشوب الحكم الأخير . لما كان ذلك ، وكان قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ينص في المادة 29 منه على أنه " إذ دفع أحد الخصوم أمام المحاكم أو إحدى الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أحيلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم تكن " ، وكان هذا النص يتسق والقاعدة العامة المقررة في المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية المعدل ، ومفادها أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، ولما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها قد قدرت استناداً إلى ما أوردته من أسباب سائغة أن الدفع بعدم الدستورية غير جدي ورأت أنه لا محل لإجابة طلب الدفع لرفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس . هذا فضلاً عن أنه وإن كانت حرية الاعتقاد مكفولة بمقتضى الدستور ، إلَّا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه ، فإذا ما تبين أنه كان يبتغي بالجدل الذى أثاره المساس بحرمه الدين والسخرية منه ، فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد . لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن كونه أستاذاً أكاديمياً متخصصاً في علم مقارنة الأديان وله مؤلفات مسجلة بمكتبة الكونجرس الأمريكية ، وخوض في أمر توقيع عقوبة الحبس قانوناً بوصفه صحفياً وإعلامياً ، أمر لا يتصل بقضاء الحكم ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن براءة المتهم الثالث فإنه من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلَّا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة للمحكوم عليهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذى لم يتوفر في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن القضاء في دعوى مماثلة بالبراءة ، مردود بأن تقدير الدليل في دعوى لا ينسحب إلى دعوى أخرى لأن قوة الأمر المقضي للحكم في منطوقه دون الأدلة المقدمة في الدعوى لانتفاء الحجية بين حكمين في دعويين مختلفتين موضعاً وسببا ً. لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين في الدعوى ، طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلَّا استثناء بنص من الشارع ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن الجرائم التي دين بها والمؤثمة بالمواد 98 ( و) ، 160/ثانياً ، 161/1 ، 171 من قانون العقوبات التي خلت من أي قيد على حريتها في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها ، وثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكانت محكمة ثاني درجة قد قضت بعدم جواز استئناف الدعوى المدنية الأصلية لانتفاء المصلحة وعدم ثبوت ضرر شخصي مباشر والتي كانت قد تخلت عنها محكمة أول درجة في حدود سلطتها ، وقضت بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة ، فإن دفع الطاعن بعدم قبولها لانتفاء الصفة والمصلحة وعدم ثبوت الضرر الشخصي يكون غير ذي موضوع ، ومن ثم فلا مصلحة له من الطعن على الحكم في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه على المدافع عن الخصم إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وكان البيِّن من محاضر جلسات المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية أنها جاءت خلواً مما يدعيه الطاعن من مصادرة حقه في الدفاع بل إن الثابت أن المحكمة مكنته من إبداء دفاعه كاملاً مما لا يوفر الإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن حالة الإصرار والرغبة في الاتجاه للإدانة كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وقد ترك المشرع أمر تقديرها لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، وذلك كله لا يحول بينه وبين نظر الدعوى ما دام أنه قد رأى أن ذلك الغضب وتلك الرغبة لم يقوما في نفسه . لما كان ذلك ، وكانت أسباب عدم الصلاحية قد وردت في المواد 247 من قانون الإجراءات الجنائية ، 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، 75 من القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية ، وليس من بينها السبب الوارد بالطعن والإصرار والرغبة في الاتجاه للإدانة ، وكان قيام ما عدا تلك الأسباب لا يؤثر على صحة الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن ذلك يكون لا سند له من القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يلزم القاضي بأن يحرر الحكم بخطه ؛ ذلك أن تحرير الحكم عن طريق إملائه من القاضي على سكرتير الجلسة - أو عن طريق أية وسيلة فنية - لا يقتضي بطلانه ، ما دام قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - في هذا الصدد - لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أن تقرير التلخيص لم يودع ملف الدعوى مما يجعل الحكم باطلاً لابتنائه على مخالفة المادة 411 من قانون الإجراءات مردوداً بأن الثابت من الاطلاع على ديباجة الحكم المطعون فيه أن تقرير التلخيص قد تلى ، وكان الأصل في الإجراءات الصحة ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء في محضر الجلسة أو الحكم إلَّا بالطعن بالتزوير ، وكان فقدان تقرير التلخيص بعد تلاوته لا يبطل الإجراءات بعد صحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن العيب الذى شاب الحكم ، وإذ كان الطاعن قد أرسل القول دون أن يكشف عن أوجه الدفاع التي عاب على الحكم عدم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل تعتبر من أوجه الدفاع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تعرض لها وترد عليها أم أنها من قبيل الدفاع الموضوعي الذى لا يستلزم من المحكمة رداً خاصاً ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله موضوعاً ويضحى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن غير ذي موضوع .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 17185 لسنة 4 ق جلسة 18 / 3 / 2015 مكتب فني 66 ق 41 ص 302

  جلسة 18 من مارس سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / علي حسن علي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / خالد حسـن محمد ، بهاء محمد إبراهـيم ، جمال حسن جودة وشعبان محمود نواب رئيس المحكمة .
-----------

(41)

الطعن رقم 17185 لسنة 4 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة وظروفها .

(2) حكم " بيانات الديباجة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إيراد الحكم في ديباجته وصف التهمتين المسندتين إلى الطاعن وذكر مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وإفصاحه عن أخذه بها . كفايته بيانًا لنص القانون الذي حكم بموجبه .

(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . تزوير " الادعاء بالتزوير " . تقرير التلخيص .

الأصل في الإجراءات أنها روعيت . عدم جواز الادعاء بما يخالف ما أُثبت بمحضر الجلسة أو الحكم إلَّا بالطعن بالتزوير .

إثبات الحكم تلاوة تقرير التلخيص . مفاده : وجوده عند تلاوته .

(4) إتلاف . ارتباط . عقوبة " عقوبة الجرائم المرتبطة " " عقوبة الجريمة الأشد " . محكمة النقض " سلطتها " .

إدانة الحكم الطاعن بجريمتي التسبب عمداً في إتلاف محصول ومنع مستغلي الأراضي من ريِّها ومعاقبته بعقوبة مستقلة عن كل منهما رغم وقوعهما وليدتا نشاط إجرامي واحد . يوجب تصحيحه بمعاقبته بعقوبة الجريمة الأشد . أساس ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها ، وكان من المُقرَّر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تـفـهـم الـواقعة وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور يكون في غير محله .

2- لما كان البيِّن من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بيَّن في ديباجته وصف الجريمتين المسندتين إلى الطاعن ، وذكر مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ، ثم بعد أن حصَّل الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها ، ومؤدى أدلة الثبوت ، أشار إلى النصوص التي آخذ الطاعن بها بقوله : " الأمر الذي يتعين معه والحال إدانة المتهم الأول وفقاً لمواد الاتهام ، والمادة 304/ أ. ج . " وفي ذلك ما يكفي بياناً لنص القانون الذي حكم بموجبه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد .

3- من المُقرَّر أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف
ما أثبت منها سواء بمحضر الجلسة أو بالحكم إلَّا بالطعن بالتزوير ، وكان مفاد ما أُثبت بالحكم المطعون فيه من تلاوة تقرير التلخيص وجوده عند تلاوته ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

4- لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي التسبب عمداً في إتلاف محصول ، ومنع مستغلي الأراضي من ريِّها اللتين دان الطاعن بهما ، على الرغم مما تُنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم أن الجريمتين قد وقعتا وليدتي نشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة الذي عناه الشارع بالحكم الوارد في المادة 32 من قانون العقوبات ، مما كـان يـوجـب الـحـكـم عـلى الـطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها ، وهي العقوبة المقررة للجريمة الأولى ، فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها عن التهمة الثانية المسندة للطاعن ، عملاً بالحق المُخوَّل للمحكمة بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن كلاً من : 1- .... ( الطاعن ) . 2- .... 3- ....
4- .... 5- .... بوصف أنهم : 1- تسببوا عمداً في إتلاف المحصول الخاص بالمجني عليه .

2- وهم صادر لهم ترخيص بإقامة آلة ري لم يُمَكِّنوا جميع مستغلي الأراضي الداخلة في المساحة المُبيَّنة بالترخيص من ريِّها .

وطلبت عقابهم بالمادة 367/1 من قانون العقوبات ، والمواد 41 ، 57 ، 89 ، 93 من القانون رقم 12 لسنة 1984 المعدل .

ومحكمة جنح .... الجزئية قضت حضورياً أولاً : بحبس المتهم الأول أسبوعاً ، وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ عن التهمة الأولى ، وبتغريمه خمسين جنيهاً عن التهمة الثانية ، وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 5001 جنيه تعويضاً مدنياً مؤقت . ثانياً : ببراءة باقي المتهمين ورفض الدعوى المدنية قِبَلِهم .

فاستأنف المحكوم عليه ، ومحكمة .... الابتدائية " بهيئة استئنافية " قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ، وفي الموضوع برفضه ، وتأييد الحكم المستأنف .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه ، أنه إذ دانه بجريمتي التسبب عمداً في إتلاف محصول ، ومنع مستغلي الأراضي من ريِّها ، قد شابه القصور في التسبيب ، واعتراه البطلان ؛ ذلك أن الحكمين الابتدائي والمطعون فيه قد خليا من بيان الواقعة والأدلة ، ومادة العقاب التي آخذ الطاعن بها ، فضلاً عن أن الأوراق خلت من تقرير التلخيص ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها ، وكان من المُقرَّر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تـفـهـم الـواقعة وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بيَّن في ديباجته وصف الجريمتين المسندتين إلى الطاعن ، وذكر مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ، ثم بعد أن حصَّل الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها ، ومؤدى أدلة الثبوت ، أشار إلى النصوص التي آخذ الطاعن بها بقوله : " الأمر الذي يتعين معه والحال إدانة المتهم الأول وفقاً لمواد الاتهام ، والمادة 304/ أ. ج . " وفي ذلك ما يكفي بياناً لنص القانون الذي حكم بموجبه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المُقرَّر أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء بمحضر الجلسة أو بالحكم إلَّا بالطعن بالتزوير ، وكان مفاد ما أُثبت بالحكم المطعون فيه من تلاوة تقرير التلخيص وجوده عند تلاوته ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ، ويكون طعنه على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي التسبب عمداً في إتلاف محصول ، ومنع مستغلي الأراضي من ريِّها اللتين دان الطاعن بهما ، على الرغم مما تُنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم أن الجريمتين قد وقعتا وليدتي نشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة الذي عناه الشارع بالحكم الوارد في المادة 32 من قانون العقوبات ، مما كـان يـوجـب الـحـكـم عـلى الـطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها ، وهي العقوبة المقررة للجريمة الأولى ، فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها عن التهمة الثانية المسندة للطاعن ، عملاً بالحق المُخوَّل للمحكمة بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاثنين، 1 مارس 2021

الطعن 32421 لسنة 83 ق جلسة 15 / 3 / 2015 مكتب فني 66 ق 40 ص 299

جلسة 15 من مارس سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / سمير مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سعيد فنجري ، أسامة درويش ، سيد حامد ومحمد قطب نواب رئيس المحكمة .
------------

(40)

الطعن رقم 32421 لسنة 83 القضائية

نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .

جواز الطعن من عدمه . مسألة سابقة على النظر في شكله . مؤدى ذلك ؟

المادتان 30 من القانون 57 لسنة 1959 المستبدلة بالقانون 74 لسنة 2007 ، 65 مكرراً من القانون 95 لسنة 1992 المعدل بالقانون 123 لسنة 2008 . مؤداهما ؟

جريمة التأخير في تسليم القوائم المالية المنصوص عليها بالقانون 95 لسنة 1992 المعدل. جنحة معاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ولو تعددت أيام الامتناع وارتفعت قيمة الغرامة المحكوم بها . الطعن بالنقض في الحكم الصادر فيها . غير جائز . علة وأساس وأثر ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من المقرر أن جواز الطعن من عدمه مسألة سابقة على النظر في شكله ، ومن ثم يتعين الفصل في ذلك بداءة . لما كان ذلك ، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 لا تُجيز الطعن في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه وكانت الجريمة التي رُفعت بها الدعوى ودانه بها الحكم المطعون فيه معاقباً عليها بالمواد 16 ، 65 مكرراً ، 69 من القانون رقم 95 لسنة 1992 المعدل بالقانون رقم 123 لسنة 2008 وكان نص المادة 65 مكرراً من القانون سالف البيان جرى على أنه يُعاقب بغرامة قدرها ألف جنيه على كل يوم من أيام التأخير في تسليم القوائم المالية وفقاً لقواعد الإفصاح المرتبطة بها والمتعلقة بقواعد قيود وشطب الأوراق المالية المنصوص عليها في المادة 16 من هذا القانون ، وكان مفاد ذلك أن تلك الجريمة جنحة معاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه وهو ما لا يُغير منه ما قضى عليه من توقيع عقوبة الغرامة عن كل يوم من أيام التأخير في تسليم القوائم المالية إذ لا يعدو ذلك أن يكون استثناء من مبدأ وحدة الواقعة في الجرائم المستمرة اعتبر فيها المشرع كل يوم يمتنع فيه المخالف عن تسليم القوائم المالية واقعة قائمة بذاتها تستحق عنها غرامة مستقلة ، ومن ثم فمهما تعددت أيام الامتناع وارتفع لتعددها إجمالي مبلغ الغرامة المحكوم بها ، فإن ذلك لا يُغير من أن الجريمة من الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ولا يجوز الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر فيها وهو ما يفصح عن عدم قبول الطعن مع مصادرة الكفالة وتغريم الطاعن مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

لما كان من المقرر أن جواز الطعن من عدمه مسألة سابقة على النظر في شكله ، ومن ثم يتعين الفصل في ذلك بداءة . لما كان ذلك ، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 لا تُجيز الطعن في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه وكانت الجريمة التي رُفعت بها الدعوى ودانه بها الحكم المطعون فيه معاقباً عليها بالمواد 16 ، 65 مكرراً ، 69 من القانون رقم 95 لسنة 1992 المعدل بالقانون رقم 123 لسنة 2008 وكان نص المادة 65 مكرراً من القانون سالف البيان جرى على أنه يُعاقب بغرامة قدرها ألف جنيه على كل يوم من أيام التأخير في تسليم القوائم المالية وفقاً لقواعد الإفصاح المرتبطة بها والمتعلقة بقواعد قيود وشطب الأوراق المالية المنصوص عليها في المادة 16 من هذا القانون ، وكان مفاد ذلك أن تلك الجريمة جنحة معاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه وهو ما لا يُغير منه ما قضى عليه من توقيع عقوبة الغرامة عن كل يوم من أيام التأخير في تسليم القوائم المالية إذ لا يعدو ذلك أن يكون استثناء من مبدأ وحدة الواقعة في الجرائم المستمرة اعتبر فيها المشرع كل يوم يمتنع فيه المخالف عن تسليم القوائم المالية واقعة قائمة بذاتها تستحق عنها غرامة مستقلة ، ومن ثم فمهما تعددت أيام الامتناع وارتفع لتعددها إجمالي مبلغ الغرامة المحكوم بها ، فإن ذلك لا يُغير من أن الجريمة من الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ولا يجوز الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر فيها ، وهو ما يفصح عن عدم قبول الطعن مع مصادرة الكفالة وتغريم الطاعن مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 4398 لسنة 84 ق جلسة 14 / 3 / 2015 مكتب فني 66 ق 39 ص 288

 جلسة 14 من مارس سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / عبد الفتاح حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي سليمان ، محمود عبد الحفيظ ، إبراهيم فؤاد وعلي جبريل نواب رئيس المحكمة .
------------

(39)

الطعن رقم 4398 لسنة 84 القضائية

(1) إثبات " بوجه عام " " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

لمحكمة الموضوع تكوين اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه . ما دام له مأخذ من الأوراق.

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بأقوال الشهود . مفاده ؟

 تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟

 عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها استقلالاً . استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.

مثال .

(2) إثبات " شهود ". استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

 لمحكمة الموضوع أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .

 لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه أو عدم توصلها إلى باقي الجناة الذين اشتركوا في ارتكاب الواقعة . علة ذلك؟

(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

مثال.

(4) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

 النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه
غير مقبول .

 تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .

 مثال .

(5) إثبات " بوجه عام " " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.

مثال .

(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

 النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها . غير جائز .

مثال.

(7) دفوع " الدفع ببطلان القبض " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " المصلحة في الطعن " .

 الرد على الدفع ببطلان القبض . غير لازم . علة ذلك ؟

(8) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " .

 الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادة الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

مثال .

 (9) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً مع تعويلها على أقوالهم . ما دامت مطروحة على بساط البحث .

(10) غرامة . ارتباط . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " " العقوبة الأصلية " " العقوبة التكميلية "" جب العقوبة " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب ". محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة . تجب العقوبات الأصلية لباقي الجرائم دون التكميلية .

الغرامة . تكون عقوبة تكميلية . متى قضي بها مع عقوبة أخرى . علة ذلك ؟

عقوبة الغرامة المقررة بالمادة 25 مكرراً من القانون 394 لسنة 1954 . ذات صبغة عقابية بحتة وليست تكميلية . أثر ذلك : وجوب إدماجها في عقوبة الجريمة الأشد دون الحكم بها بالإضافة إليها . مخالفة الحكم هذا النظر . مخالفة للقانون . لمحكمة النقض تصحيحه لمصلحة المتهم بإلغاء الغرامة ولو لم ترد بأسباب الطعن . علة وأساس ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليه من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامتهم، مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه ، وشاهد الإثبات الثاني ، واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليه وأقوال شاهد الإثبات الثاني أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض ، ولا على الحكم من بعد أن هو التفت عن دفاع الطاعن بخلو الأوراق من شهود آخرين يؤيدون رواية المجني عليه ، والذي قصد به التشكيك في الدليل المستمد من أقواله ، ولا عليه أيضاً إن التفت عن دفاعه بتناقض أقوال شاهدي الإثبات ، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة ، والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ؛ إذ الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

2- لما كان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا ينال من تلك التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه؛ لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ، كما لا ينال منها عدم توصلها إلى باقي الجناة الذين اشتركوا في ارتكاب الواقعة ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص .

3- لما كان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن من استناد الحكم في إدانته إلى معاينة النيابة العامة للسيارة محل الواقعة رغم أنها لا تقطع بثبوت التهمة قبله يكون في غير محله .

4- لما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر ما ينعاه من عدم قيام النيابة العامة برفع البصمات الموجودة على السيارة ، ولم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الصدد ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة لإجرائه ، بعد أن اطمأنت من عناصر الدعوى المطروحة أمامها إلى صحة الواقعة ، ولا يعدو منعاه أن يكون تعييباً للتحقيق والإجراءات التي جرت في المراحل السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .

5- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها ، إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بشأن التفاته عن أقوال الشاهدين المشار إليهما في أسباب الطعن، والتي لم يعول على أي منها ، ولم يكن لها أثر في عقيدته يكون لا محل له .

6- لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب استدعاء شاهدين ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه .

7- لما كان الحكم المطعون فيه – فيما أورده من بيان للواقعة – لم يشر إلى حدوث قبض على الطاعن وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع ببطلان القبض ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

8- لما كان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفائها في حق الطاعن ، وخلو الدعوى من الأحراز ، كل ذلك إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أن الرد عليه يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في الدعوى – ، ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .

9- من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ، مادامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم أن المدافع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شاهدي الإثبات الغائبين – مكتفياً بتلاوة أقوالهما – ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهما .

10- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن عن جريمتي السرقة بالإكراه وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء بغير مسوغ قانوني ، وانتهى إلى أن الجريمتين المسندتين إلى الطاعن قد انتظمهما مشروع إجرامي واحد ، وارتباطهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة، مما يتعين معه توقيع العقوبة الأشد عملاً بالمادة 32/2 من قانون العقوبات . ثم أوقع على الطاعن عقوبة السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات مع تغريمه خمسين جنيهًا عما أسند إليه . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه المنصوص عليها في المادة 314/1 من قانون العقوبات – والواجبة التطبيق على واقعة الدعوى – هي السجن المشدد، وكانت عقوبة إحراز السلاح الأبيض المنصوص عليها بالمادة 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر ، والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون المشار إليه هي الحبس مدة لا تقل عن شهر ، وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيه ، ولا تزيد على خمسمائة جنيه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله ، أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس ، وهي التي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، وكانت العقوبة الأصلية تستمد وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساسي المباشر للجريمة التي توقع منفرده بغير أن يكون القضاء بها معلقاً على الحكم بعقوبة أخرى ، أمَّا الغرامة فإذا قضي بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى ، فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي الأصلية ، وتعتبر الغرامة عقوبة مكملة لها ، وكانت عقوبة الغرامة المقررة في المادة 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه – وفقاً لهذا النظر – تعد عقوبة تكميلية ، غير أنه لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء ، وتتنافر مع العقوبات التكميلية الأخرى ذات الطبيعة الوقائية، والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة للعقوبة الأشد ، فإنه يتعين إدماج هذه الغرامة في عقوبة الجريمة الأشد ، وعدم الحكم بها بالإضافة إليها ، وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمة حيازة وإحراز الأسلحة البيضاء بغير مسوغ قانونى – وهي الجريمة الأخف – بعد أن قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه ، وهي الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خالف القانون ، فإنه يتعين تصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 من نقض الحكم لمصلحة المتهم ، إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ، ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الـوقــائــع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1ـــ سرق وآخرون مجهولون السيارة والهاتف الجوال المبيّنين وصفاً وقيمة بالتحقيقات ، والمملوكين للمجنى عليه / .... بطريق الإكراه الواقع عليه ، بأن أشهروا في وجهه أسلحة بيضاء " مطاوي " ، فبثّوا الرعب في نفسه وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الإكراه من شلّ مقاومته بارتكاب السرقة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

2ـــ حاز وأحرز وآخرون مجهولون بغير ترخيص أسلحة بيضاء " مطاوي " .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

وادعى الأستاذ .... المحامي ـــ بصفته وكيلاً عن المجنى عليه ـــ مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 316 من قانون العقوبات ، والمادتين1/1، 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدّل والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق . مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ خمسين جنيه وإثبات ترك المدعى بالحق المدني الدعوى المدنيّة.

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

   حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي السرقة بالإكراه وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء "مطاوي " بغير مسوغ قانوني ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اعتنق تصوير المجني عليه للواقعة رغم عدم معقوليته ، وخلو الأوراق من شهود آخرين يؤيدون روايته ، فضلاً عن تناقض أقواله مع أقوال شاهد الإثبات الثاني ، والتفت عن دفاع الطاعن في هذا الخصوص ، كما عول على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها وكونها لا تصلح دليلاً للإدانة ، لا سيما وقد جاءت ترديداً لأقوال المجنى عليه ، فضلاً عن عدم توصلها إلى باقي الجناة ، هذا وقد تساند الحكم في الإدانة إلى معاينة النيابة العامة للسيارة محل الواقعة رغم أنها لا تقطع بثبوت التهمة قبله نظراً لقعود النيابة عن رفع البصمات الموجودة عليها ، ولم يعرض الحكم لأقوال كل من .... و.... ، والتي تنفي التهمة عنه ، ولم تجر المحكمة تحقيقاً بشأنها ، كما ضرب الحكم صفحاً عن دفاعه القائم على بطلان القبض عليه لعدم وجود إذن من النيابة العامة ، وعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفائها في حق الطاعن ، وخلو الدعوى من أية أحراز ، وأخيراً ، فإن محكمة الموضوع لم تجبه إلى طلب سماع شاهدي الإثبات ، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليه من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامتهم ، مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه ، وشاهد الإثبات الثاني ، واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليه وأقوال شاهد الإثبات الثاني أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض ، ولا على الحكم من بعد أن هو التفت عن دفاع الطاعن بخلو الأوراق من شهود آخرين يؤيدون رواية المجني عليه ، والذي قصد به التشكيك في الدليل المستمد من أقواله ، ولا عليه أيضاً إن التفت عن دفاعه بتناقض أقوال شاهدي الإثبات ، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة ، والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ؛ إذ الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا ينال من تلك التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه؛ لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ، كما لا ينال منها عدم توصلها إلى باقي الجناة الذين اشتركوا في ارتكاب الواقعة ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن من استناد الحكم في إدانته إلى معاينة النيابة العامة للسيارة محل الواقعة رغم أنها لا تقطع بثبوت التهمة قبله يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر ما ينعاه من عدم قيام النيابة العامة برفع البصمات الموجودة على السيارة ، ولم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الصدد ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة لإجرائه ، بعد أن اطمأنت من عناصر الدعوى المطروحة أمامها إلى صحة الواقعة ، ولا يعدو منعاه أن يكون تعييباً للتحقيق والإجراءات التي جرت في المراحل السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها ، إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بشأن التفاته عن أقوال الشاهدين المشار إليهما في أسباب الطعن، والتي لم يعول على أي منها ، ولم يكن لها أثر في عقيدته يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب استدعاء هذين الشاهدين ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها، ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه – فيما أورده من بيان للواقعة – لم يشر إلى حدوث قبض على الطاعن وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع ببطلان القبض ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفائها في حق الطاعن ، وخلو الدعوى من الأحراز ، كل ذلك إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أن الرد عليه يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في الدعوى – ، ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ، مادامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم أن المدافع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شاهدي الإثبات الغائبين – مكتفياً بتلاوة أقوالهما – ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهما . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن عن جريمتي السرقة بالإكراه وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء بغير مسوغ قانوني ، وانتهى إلى أن الجريمتين المسندتين إلى الطاعن قد انتظمهما مشروع إجرامي واحد ، وارتباطهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة، مما يتعين معه توقيع العقوبة الأشد عملاً بالمادة 32/2 من قانون العقوبات . ثم أوقع على الطاعن عقوبة السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات مع تغريمه خمسين جنيهًا عما أسند إليه . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه المنصوص عليها في المادة 314/1 من قانون العقوبات – والواجبة التطبيق على واقعة الدعوى – هي السجن المشدد، وكانت عقوبة إحراز السلاح الأبيض المنصوص عليها بالمادة 25 مكررا/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر ، والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون المشار إليه هي الحبس مدة لا تقل عن شهر ، وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيه ، ولا تزيد على خمسمائة جنيه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله ، أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس ، وهي التي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، وكانت العقوبة الأصلية تستمد وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساسي المباشر للجريمة التي توقع منفرده بغير أن يكون القضاء بها معلقاً على الحكم بعقوبة أخرى ، أما الغرامة فإذا قضي بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى ، فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي الأصلية ، وتعتبر الغرامة عقوبة مكملة لها ، وكانت عقوبة الغرامة المقررة في المادة 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه – وفقاً لهذا النظر – تعد عقوبة تكميلية ، غير أنه لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء ، وتتنافر مع العقوبات التكميلية الأخرى ذات الطبيعة الوقائية، والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة للعقوبة الأشد ، فإنه يتعين إدماج هذه الغرامة في عقوبة الجريمة الأشد ، وعدم الحكم بها بالإضافة إليها ، وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمة حيازة وإحراز الأسلحة البيضاء بغير مسوغ قانوني – وهي الجريمة الأخف – بعد أن قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه ، وهي الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خالف القانون ، فإنه يتعين تصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 من نقض الحكم لمصلحة المتهم ، إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ، ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن مع رفض الطعن فيما عدا ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ