الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 مارس 2021

الطعن 21454 لسنة 76 ق جلسة 7 / 2 / 2015 مكتب فني 66 ق 26 ص 227

 جلسة 7 من فبراير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي/ عاطـف عبد السميع فرج نائب رئيس المحـكمة وعضوية السادة القضاة / مصطفـى محمد أحمد ، محمد جمال الشربيني وكمال صقـر نـواب رئيس المحكمـة وعبد الحميد جابـر .
------------

(26)

الطعن رقم 21454 لسنة 76 القضائية

(1) ارتباط . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قانون " تفسيره " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " " تطبيقها " .

 الارتباط في حكم الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات . مناطه ؟

        إعمال حكم المادة 32 عقوبات عند القضاء بالبراءة في خصوص الجريمة الأشد .
لا محل له . أساس وعلة وأثر ذلك ؟

         مثال .

(2) سرقة . إكراه . ارتباط . إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " .

 إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه أو نفيه . موضوعي . شرط ذلك ؟

(3) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . ارتباط . وصف التهمة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

        انتهاء الحكم إلى تعديل القيد والوصف بمعاقبة الطاعن عن جريمتي الضرب المفضي إلى العاهة وإحراز أداة بدون مسوغ بعد إعمال الارتباط في حقه . النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون . غير مقبول .

(4) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

   تعييب التحقيق الذى جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .

        مثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط الارتباط في حكم المادة 32/2 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض بالبراءة في إحداهما أو بسقوطها أو انقضائها أو الإعفاء من المسئولية أو العقاب فيها ، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها لقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدى المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً، ولازم ذلك ومقتضاه أن شرط انطباق المادة سالفة الذكر القضاء بعقوبة بمفهومها القانوني في الجريمة الأشد ، فإذا قضى الحكم بغير العقوبة في الجريمة الأشد ينفك الارتباط الذى هو رهن القضاء بالعقوبة في الجريمة الأشد ، ومن ثم فإنه لا محل لإعمال المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في خصوص الجريمة الأشد " السرقة بالإكراه " وبالتالي لا محل للقول بخطأ الحكم في تطبيق القانون بالنسبة لجريمة إحداث العاهة المستديمة المرتبطة بها حيث ينفك الارتباط – بما مؤداه – وجوب الفصل فيها ثبوتاً أو نفياً الأمر الذى التزمه الحكم المطعون فيه ، واتبعه بإعمال الارتباط في حق الطاعن بالنسبة للجريمة الأخيرة وجريمة إحراز أداة بدون مسوغ .

2- لما كان إثبات الارتباط بين السرقة والاكراه أو نفيه هو من الموضوع الذى يستقل به قاضيه بغير معقب ، مادام قد استخلصه مما ينتجه وهو ما ينأى بالحكم عن قالة الخطأ في تطبيق القانون .

 3- لما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه قد عدل قيد ووصف الاتهام المقدم من النيابة العامة بمعاقبة الطاعن عن جريمتي الضرب المفضي إلى العاهة وإحراز أداة بدون مسوغ بعد أن أعمل الارتباط في حقه – خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه – فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الشأن لا يكون له محل .

4- لما كان ما يثيره الطاعن من أن النيابة العامة قد أخطأت في أمر الإحالة بأن فصلت بين الجريمتين رغم قيام الارتباط بينهما لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذى جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1 – ضرب عمداً المجنى عليه / ... وآخر مجهول فأحدث إصابته بيده اليسرى والموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق والذي تخلف من جرائها عاهة مستديمة يستحيل البُرء منها تقرر بنسبة ثلاثة بالمائة .

2 – سرق وآخر مجهول المبلغ النقدي المبين قدراً بالتحقيقات بأن قاما باعتراض طريق المجني عليه سالف الذكر وهدده بمطواة كانت بحوزته وضربه بها وتمكن بتلك الوسيلة القسرية من شل حركته وإعدام مقاومته والاستيلاء على المسروقات وترك الاكراه أثر الجروح المبينة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق على النحو المبين بالتحقيقات .

3 – أحرز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص .

وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمــــــــادة 240/1 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته .... أولاً :- بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند إليه في التهمة الأولى والثالثة ، ثانياً :- ببراءته عما أسند إليه من التهمة الثانية .

        فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 المحكمـة

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى عاهة وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مسوغ قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لم يعمل الارتباط بحق الطاعن وفصل جريمة السرقة عن جريمة الضرب وقضى ببراءته من الأولى وبإدانته عن الثانية رغم كونهما جريمة واحدة هي السرقة بالإكراه ، وقضى بإدانته دون تعديل القيد والوصف من سرقة بإكراه إلى ضرب أفضى إلى عاهة أخذاً بأمر الإحالة المحرر على سبيل الخطأ من النيابة العامة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط الارتباط في حكم المادة 32/2 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطـــة قائمة لم يقض بالبراءة في إحداهما أو بسقوطها أو انقضائها أو الإعفاء من المسئولية أو العقاب فيها ، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها لقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً، ولازم ذلك ومقتضاه أن شرط انطباق المادة سالفة الذكر القضاء بعقوبة بمفهومها القانوني في الجريمة الأشد ، فإذا قضى الحكم بغير العقوبة في الجريمة الأشد ينفك الارتباط الذى هو رهن القضاء بالعقوبة في الجريمة الأشد ومن ثم فإنه لا محل لإعمال المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في خصوص الجريمة الأشد " السرقة بالإكراه " وبالتالي لا محل للقول بخطأ الحكم في تطبيق القانون بالنسبة لجريمة إحداث العاهة المستديمة المرتبطة بها حيث ينفك الارتباط – بما مؤداه – وجوب الفصل فيها ثبوتاً أو نفياً الأمر الذى التزمه الحكم المطعون فيه ، واتبعه بإعمال الارتباط في حق الطاعن بالنسبة للجريمة الأخيرة وجريمة إحراز أداة بدون مسوغ . لما كان ذلك ، وكان إثبات الارتباط بين السرقة والاكراه أو نفيه هو من الموضوع الذى يستقل به قاضيه بغير معقب مادام قد استخلصه مما ينتجه وهو ما ينأى بالحكم عن قالة الخطأ في تطبيق القانون . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه قد عدل قيد ووصف الاتهام المقدم من النيابة العامة بمعاقبة الطاعن عن جريمتي الضرب المفضي إلى العاهة وإحراز آداة بدون مسوغ – بعد أن أعمل الارتباط في حقه – خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه – فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أن النيابة العامة قد أخطأت في أمر الإحالة بأن فصلت بين الجريمتين رغم قيام الارتباط بينهما لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذى جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .     

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 14549 لسنة 84 ق جلسة 3 / 2 / 2015 مكتب فني 66 ق 25 ص 221

جلسة 3 من فبراير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / جاب الله محمد أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد سامي إبراهيم ، عابد راشد ، وليد عادل وأحمد عبد الوكيل الشربيني نواب رئيس المحكمة .
-----------

(25)

الطعن رقم 14549 لسنة 84 القضائية

قانون " تفسيره " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " . اختصاص " الاختصاص النوعي " . حكم " بطلانه " . نقض " نظر الطعن والحكم فيه " " الطعن لثاني مرة " . دفوع " الدفع بعدم الاختصاص النوعي " . نظام عام . محكمة النقض " سلطتها " .

        المادة 45 من القانون 57 لسنة 1959 . مفادها ؟

        القواعد المتعلقة بالاختصاص في المواد الجنائية . من النظام العام . الدفع بها لأول مرة أمام محكمة النقض . جائز . للمحكمة القضاء بها من تلقاء نفسها لمصلحة المحكوم عليه . متى كانت عناصر المخالفة ثابتة بالحكم . علة ذلك ؟

        قضاء محكمة النقض بنقض الحكم للمرة الثانية والإعادة لمحكمة الجنايات ونظر الأخيرة موضوع الدعوى وإصدارها الحكم المطعون فيه . أثره : بطلانه ووجوب نقضه وتحديد جلسة لنظر موضوعها. علة وأساس ذلك ؟

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

        لما كان البيِّن من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعن بوصف أنه (أ) قتل .... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من سلاح ناري "فرد خرطوش" قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقـرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقـد اقـترنت هــذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان شرع في قتل .... عمداً بأن صوب نحوه السلاح الناري سالف البيان قاصداً من ذلك قتله وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو فرار المجنى عليه من أمامه . (ب) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " فرد خرطوش " . (ج) أحرز ذخائر عدد " 2 طلقة " مما تستخدم على السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه . وقضت محكمة جنايات .... حضورياً ببراءة المتهم مما أسـند إليه ومصـادرة السلاح والذخـيرة المضبوطين وفي الدعـويين المدنيتين برفـضهما وألزمت رافعيها المصاريف – فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم .... لسنة .... وقضت فيه محكمة النقض بتاريخ .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى ، ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بتاريخ .... بمعاقبة المتهم بالسجن المؤبد عما أسند إليه وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين ، فطعن المحكوم عليه على هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية ، وقيد الطعن برقم .... لسنة .... وقضت فيه محكمة النقض بتاريخ .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى ، ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بتاريخ .... بحكمها المطعون فيه بمعاقبته بالسجن المؤبد عما أسند إليه من اتهام ومصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطة وألزمته المصاريف الجنائية . لما كان ذلك ، وكانت المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نصت على أنه . " إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحالة إليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت فيها " . مما مفاده أنه إذا ما طعن بطريق النقض " للمرة الثانية " على الحكم الصادر من محكمة الإعادة ، وانتهت محكمة النقض إلى نقض الحكم المطعون فيه ، دون أن يكون ما شابه من عيب مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون وفق ما تقرره المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف البيان ، فإنها تتولى نظر موضوع الدعوى دون أن تعيدها إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المواد الجنائية كافة من النظام العام . بالنظر إلى أن الشارع في تحديده لها قد أقام ذلك على اعتبارات تتعلق بحسن سير العدالة ، ويجوز الدفع بها لأول مرة أمام محكمة النقض أو تقضى هي به من تلقاء نفسها بدون طلب ذلك ، متى كان ذلك لمصلحة المحكوم عليه وكانت عناصر المخالفة ثابتة في الحكم . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الاطلاع على الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة والمفردات المضمومة أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة جنايات .... وهي غير مختصة بنظر موضوع الدعوى بعد أن استنفدت ولايتها بنظرها بالحكم الصادر منها " للمرة الثانية " بتاريخ .... وأن محكمة النقض بعد أن نقضت ذلك الحكم باتت مختصة بنظر موضوع الدعوى ، أمَّا وأنها أعادتها إلى محكمة الجنايات لنظرها " للمرة الثالثة " فإنها تكون قد قضت بما لا يتفق وما استقر عليه قضاؤها في هذا الشأن وسايرتها في ذلك محكمة الجنايات بنظرها موضوع الدعوى . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالبطلان لصدوره من محكمة غير مختصة مما يوجب نقضه وتحديد جلسة لنظر موضوع الدعوى إعمالاً لنص المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابـة العامة الطاعن بأنه : 1- قتل .... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياًّ من سلاح ناري ( فرد خرطوش ) قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان شرع في قتل .... عمداً بأن صوب نحوه السلاح الناري سالف البيان قاصداً من ذلك قتله وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو فرار المجنى عليه من أمامه . 2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن (فرد خرطوش ) . 3- أحرز ذخائر عدد "2 طلقة" مما تستخدم على السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالـة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياًّ في .... أولاً : ببراءة .... مما أسند إليه ومصادرة السلاح والذخائر المضبوطين . ثانياً : وفي الدعويين المدنيتين برفضهما .

فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في .... وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من رئيس بها .

ومحكمة النقض قضت في .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .

ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة - قضت غيابياً في .... بمعاقبة المتهم .... بالسجن المؤبد عما أسند إليه وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين وألزمته بالمصاريف الجنائية .

وإذ أعيدت محاكمة الطاعن .

ومحكمة .... قضت حضورياً في .... عملاً بالمواد 45/1 ، 46/2 ، 4 ، 234/1 ، 2 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 ، 5 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم .... بالسجن المؤبد عما أسند إليه وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين .

فطعن المحكوم عليه ( للمرة الثانية ) في هذا الحكم بطريق النقض .

ومحكمة النقض قضت في .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .

ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة - قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/1 ، 46/2 ، 4 ، 234/1 ، 2 مــــــــن قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 ، 5 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع إعمال نص المادتين 17 ، 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم .... بالسجن المؤبد عما أسند إليه من اتهام ومصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين .

فطعن المحكوم عليه ( للمرة الثالثة ) في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 المحكمة

 حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المقترن بجناية الشروع فيه وإحراز سلاح ناري غير مششخن " فرد خرطوش " وذخيرة مما تستعمل فيه بغير ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يورد في بيان كاف مؤدى أقوال شهود الإثبات التي عول عليها في الإدانة ، وأن ما ساقه تدليلاً على نية القتل لدى الطاعن لا يعدو أن يكون تحديداً للأفعال المادية التي قام بها ، وهو ما لا يصلح لإثبات توافر هذه النية لديه ، وجاء قاصراً في بيان ظرف الاقتران ، وردَّ على الدفع بعدم جدية التحريات بما لا يصلح رداً ، وعول على أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني بتحقيقات النيابة العامة رغم تناقض هذه الأقوال مع الدليل الفني من حيث مسافة إطلاق العيار الناري واتجاهه ومستواه دون أن يعنى بإزالة هذا التناقض ورد على دفاعه في هذا الشأن برد غير سائغ ، وأخيراً أعرض عن دفاعه القائم على خلو الأوراق من معاينة لمكان الحادث وأن واقعة الدعوى لها صورة أخرى بخلاف الصورة التي وردت بأقوال شهود الإثبات ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

 وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعن بوصف أنه (أ) قتل .... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من سلاح ناري "فرد خرطوش" قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقـرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقـد اقـترنت هــذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان شرع في قتل .... عمداً بأن صوب نحوه السلاح الناري سالف البيان قاصداً من ذلك قتله وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو فرار المجنى عليه من أمامه . (ب) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " فرد خرطوش " . (ج) أحرز ذخائر عدد " 2 طلقة " مما تستخدم على السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه . وقضت محكمة جنايات .... حضورياً ببراءة المتهم مما أسـند إليه ومصـادرة السلاح والذخـيرة المضبوطين وفي الدعـويين المدنيتين برفـضهما وألزمت رافعيها المصاريف – فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم .... لسنة .... وقضت فيه محكمة النقض بتاريخ .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى ، ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بتاريخ .... بمعاقبة المتهم بالسجن المؤبد عما أسند إليه وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين ، فطعن المحكوم عليه على هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية ، وقيد الطعن برقم .... لسنة .... وقضت فيه محكمة النقض بتاريخ .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى ، ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بتاريخ .... بحكمها المطعون فيه بمعاقبته بالسجن المؤبد عما أسند إليه من اتهام ومصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطة وألزمته المصاريف الجنائية . لما كان ذلك ، وكانت المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نصت على أنه . " إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحالة إليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت فيها " . مما مفاده أنه إذا ما طعن بطريق النقض " للمرة الثانية " على الحكم الصادر من محكمة الإعادة ، وانتهت محكمة النقض إلى نقض الحكم المطعون فيه ، دون أن يكون ما شابه من عيب مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون وفق ما تقرره المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف البيان ، فإنها تتولى نظر موضوع الدعوى دون أن تعيدها إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المواد الجنائية كافة من النظام العام . بالنظر إلى أن الشارع في تحديده لها قد أقام ذلك على اعتبارات تتعلق بحسن سير العدالة ، ويجوز الدفع بها لأول مرة أمام محكمة النقض أو تقضى هي به من تلقاء نفسها بدون طلب ذلك ، متى كان ذلك لمصلحة المحكوم عليه وكانت عناصر المخالفة ثابتة في الحكم . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الاطلاع على الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة والمفردات المضمومة أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة جنايات .... وهي غير مختصة بنظر موضوع الدعوى بعد أن استنفذت ولايتها بنظرها بالحكم الصادر منها " للمرة الثانية " بتاريخ .... وأن محكمة النقض بعد أن نقضت ذلك الحكم باتت مختصة بنظر موضوع الدعوى أما وأنها أعادتها إلى محكمة الجنايات لنظرها " للمرة الثالثة " فإنها تكون قد قضت بما لا يتفق وما استقر عليه قضاؤها في هذا الشأن وسايرتها في ذلك محكمة الجنايات بنظرها موضوع الدعوى . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالبطلان لصدوره من محكمة غير مختصة مما يوجب نقضه وتحديد جلسة لنظر موضوع الدعوى إعمالاً لنص المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 32732 لسنة 83 ق جلسة 2 / 2 / 2015 مكتب فني 66 ق 23 ص 209

 جلسة 2 من فبراير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / رضا محمود القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد محجوب ، النجار توفيق ، هاني صبحي ومحمد أنيس نواب رئيس المحكمة .
-----------

(23)

الطعن رقم 32732 لسنة 83 القضائية

حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " " بطلانه " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

المواد 167 ، 169 ، 170 ، 178 مرافعات . مؤداها ؟

عدم اشتراك رئيس الدائرة التي سمعت المرافعة وحجزت الدعوى للحكم بجلسة النطق به وحلول آخر محله . عدم توقيعه على مسودته . يبطله بما يوجب نقضه والإعادة .

مثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة أن هيئة المحكمة التي نظرت أمامها الدعوى بالجلسات وسمعت المرافعات فيها كانت مشكلة من القضاة / .... رئيساً و.... ، و.... عضوين وحددت جلسة .... للنطق بالحكم وبتلك الجلسة استبدل القاضي / .... بعضو اليمين / .... ونطق بالحكم المطعون فيه هيئة المحكمة المشكلة من السادة القضاة .... ، .... ، .... وأثبت الحكم المطعون فيه في محضره أن الهيئة التي استمعت للمرافعة وتداولت في القضية كانت مشكلة من السادة القضاة .... ، .... ، .... . لما كان ذلك ، وكانت المادة 167 من قانون المرافعات المدنية والتجارية قد نصت على أنه : ( لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلَّا كان الحكم باطلاً ) ، كما تنص المادة 169 على أنه : (تصدر الأحكام بأغلبية الآراء ) ، وتنص المادة 170 على أنه : ( يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم ، فإذا حصـــــل لأحدهم مــــــانع وجــــب أن يوقع مسودة الحكم ) ، كما توجب المادة 178 فيما توجبه بيان المحكمة التي أصدرته وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته ، وكان البيِّن من استقراء الثلاثة نصوص الأخيرة وورودها في فصل إصدار الأحكام أن عبارة المحكمة التي أصدرتـه والقضاة الذين اشتركوا في الحكم إنما تعني القضاة الذين فصلوا في الدعوى لا القضاة الذين حضروا فحسب تلاوة الحكم . لما كان ذلك ، وكان يبين من المفردات المضمومة أن القاضي.... رئيس الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى وقررت حجزها للحكم لم يشترك في الهيئة التي نطقت بها ، وإنما حَّل محله قاضٍ آخر ، ومع ذلك لم يوقع مسودة الحكم أو قائمته ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالبطلان متعيناً نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم وآخر سبق الحكم عليه :

(أ) استعرضوا القوة ولوَّحوا بالعنف ضد المجني عليهم بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى بهم وكان من شأن ذلك إلقاء الرعب في نفس المجني عليهم وتكدير أمنهم وطمأنينتهم وتعريض حياتهم للخطر والمساس بشرفهم واعتبارهم حال كونهم حاملين لأسلحة بيضاء وعصي وقد وقعت بناءً على هذه الجريمة الجرائم الآتية :

1- هتكوا عرض / .... بالقوة والتهديد بأن أمسك به الأول والثاني والثالث والرابع والخامس (السابق الحكم عليه) عنوة وقيدوه بالحبال وجردوه من ملابسه كاشفين عورته حال تواجد الباقين على مسرح الجريمة للشد من أزرهم على النحو المبين بالتحقيقات.

2- هتكوا عرض / .... بالقوة والتهديد بأن أمسك به الرابع والسادس والسابع عنوة وقيدوه بالحبال وجردوه من ملابسه كاشفين عورته حال تواجد الباقين على مسرح الجريمة للشد من أزرهم على النحو المبين بالتحقيقات .

3- هتكوا عرض / .... بالقوة والتهديد بأن أمسك به الأول والثالث والرابع والسادس والثامن عنوة وقيدوه بالحبال وجردوه من ملابسه كاشفين عورته حال تواجد الباقين على مسرح الجريمة للشد من أزرهم على النحو المبين بالتحقيقات.

4- أحدثوا عمداً إصابة / .... بأن ضربه الرابع والسادس والسابع بأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص وأسلحة بيضاء (شوم ، سيوف) فحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً حال تواجد الباقين على مسرح الجريمة للشد من أزرهم .

5- أحدثوا عمداً إصابة / .... بأن ضربه الأول والثاني والثالث والرابع والخامس (السابق الحكم عليه) بأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص وأسلحة بيضاء (شوم ، مطاوي ، جنازير ) فحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً حال تواجد الباقين على مسرح الجريمة للشد من أزرهم .

6- أحدثوا عمداً إصابة / .... بأن ضربه الأول والثالث والرابع والسادس والثامن بأسلحة بيضاء (سيوف) فحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً حال تواجد الباقين على مسرح الجريمة للشد من أزرهم.

7- أحدثوا عمداً إصابة / .... بأن ضربه الأول والثاني بأداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ( شوم ) فحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً حال تواجد الباقين على مسرح الجريمة للشد من أزرهم .

(ب) حازوا وأحرزوا أسلحة بيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص (سيوف ، مطاوي ، جنازير ، شوم ) بدون ترخيص وبدون مبرر قانوني أو مسوغ من الضرورة شخصية أو حرفية .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وادعى والد المجني عليه الأول مدنياً قبل المتهم الثاني بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 241/2،1 ، 242/3،1 ، 268 ، 375 مكرراً/1 ، 375 مكرراً أ فقرة 1 من قانـــــون العقــــــــــوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً أ من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبنود أرقام 1 ، 3 ، 5 ، 7 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 - بعد إعمال وتطبيق المادتين 17 ، 32/2 من قانون العقوبات - بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليهم وإثبات ترك المدعين بالحقوق المدنية لدعواهم المدنية .

فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه إنه إذا دانهم بجرائم هتك العرض واستعراض القوة والضرب وإحراز أسلحة بيضاء بدون ترخيص قد شابه البطلان ، ذلك أن تشكيل هيئة المحكمة التي نظرت الدعوى بالجلسات وسمعت المرافعات فيها وتداولت في الدعوى مغاير لتشكيل هيئة المحكمة التي أصدرته ونطقت به ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن هيئة المحكمة التي نظرت أمامها الدعوى بالجلسات وسمعت المرافعات فيها كانت مشكلة من القضاة .... رئيساً و.... ، و.... عضوين وحددت جلسة .... للنطق بالحكم وبتلك الجلسة استبدل القاضي .... بعضو اليمين .... ونطق بالحكم المطعون فيه هيئة المحكمة المشكلة من السادة القضاة .... ، .... ، .... وأثبت الحكم المطعون فيه في محضره أن الهيئة التي استمعت للمرافعة وتداولت في القضية كانت مشكلة من السادة القضاة .... ، .... ، .... . لما كان ذلك ، وكانت المادة 167 من قانون المرافعات المدنية والتجارية قد نصت على أنه : ( لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلَّا كان الحكم باطلاً ) ، كما تنص المادة 169 على أنه : ( تصدر الأحكام بأغلبية الآراء ) ، وتنص المادة 170 على أنه : ( يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم ، فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم ) ، كما توجب المادة 178 فيما توجبه بيان المحكمة التي أصدرته وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته ، وكان البيِّن من اســــتقراء الثلاثة نصـــــوص الأخيرة وورودها في فصــــل إصدار الأحكام أن عبارة المحكمة التي أصدرته والقضاة الذين اشتركوا في الحكم إنما تعني القضاة الذين فصلوا في الدعوى لا القضاة الذين حضروا فحسب تلاوة الحكم . لما كان ذلك ، وكان يبين من المفردات المضمومة أن القاضي .... رئيس الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى وقررت حجزها للحكم لم يشترك في الهيئة التي نطقت بها ، وإنما حل محله قاضٍ آخر ، ومع ذلك لم يوقع مسودة الحكم أو قائمته ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالبطلان متعيناً نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحد، 28 فبراير 2021

دستورية مصادرة الأموال في إدخال النقد الأجنبي للبلاد (جريمة تامة لا يتصور فيها الشروع)

الدعوى رقم 12 لسنة 42 ق "دستورية" جلسة 2 / 1 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2021م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 42 قضائية "دستورية".

المقامة من

أسامة لمعى سامى غالى

ضــــد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس الوزراء

3- محافظ البنك المركزى المصرى


الإجـــراءات

بتاريخ الثالث من فبراير سنة 2020، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة (126) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، فيما نصت عليه من أنه "وفى جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى ويحكم بمصادرتها، فإن لم تضبط حكـم بغرامة إضافية تعادل قيمتها ". وذلك في مجال تطبيقها على الفعل المؤثم بالمادة (116) من القانون المشار إليه، المعدل بالقانونين رقمى 160 لسنة 2012 و8 لسنة 2013.


وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بتقديم مذكرات في أسبوع، قدم خلاله المدعى مذكرة، صمم فيها على طلباته.

المحكمــــة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة أسندت إلى المدعى، في الدعوى رقم 700 لسنة 2018 جنح اقتصادي القاهرة، أنه بتاريخ 30/9/2018، حمل حال سفره من البلاد أوراق النقد الأجنبي التي جاوزت قيمتها عشرة آلاف دولار أمريكى، وقدمته للمحاكمة الجنائية، بطلب عقابه بالمواد (116/2، 118، 126/3 و4، 129، 131) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 المعدل بالقوانيـن أرقام 160 لسنة 2012، 8 لسنة 2013، 66 لسنة 2016. قضت المحكمة، غيابيًّا وفى المعارضة بمعاقبته بالحبس، ومصادرة المبلغ المضبوط . استأنف المدعى هذا الحكم بالاستئناف رقم 205 لسنة 2019 جنح مستأنف اقتصادي القاهرة. وبجلسة 11/6/2019، قضت المحكمة غيابيًّا بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض المتهم (المدعى) أمام محكمة الجنح المستأنفة، وبجلسة 7/12/2019، دفع بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة (126) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المشار إليه. وإذ قدرت تلك المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى المعروضة.

وحيث إن المادة (116) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، بعد استبدالها بالقانون رقم 8 لسنة 2013، تنص على أن " إدخال النقد الأجنبي إلى البلاد مكفول لجميع المسافرين, على أن يتم الإفصاح عنه في الإقرار المعد لهذا الغرض إذا جاوز عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى.

وإخراج النقد الأجنبي من البلاد مكفول لجميع المسافرين بشرط أن لا يزيد على عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى, مع السماح عند المغادرة لغير المصريين بحمل ما تبقى من المبالغ السابق الإقرار عنها عند الوصول إذا زاد على عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى.

ويجوز للقادمين للبلاد أو المسافرين منها حمل أوراق النقد المصري في حدود خمسة آلاف جنيه مصري.

ويحظر إدخال النقد المصري أو الأجنبي أو إخراجه من خلال الرسائل والطرود البريدية".

وتنص المادة (126) من القانون ذاته بعد استبدالها بالقانون 66 لسنة 2016 على أن " يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر كل من خالف أحكام المادة (111) من هذا القانون أو المادة (114) والقرارات الصادرة تطبيقًا لها.

ويُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه كل من خالف أيًّا من أحكام المادتين (113 و117) من هذا القانون.

ويُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن المبلغ المالي محل الجريمة ولا تزيد على أربعة أمثال ذلك المبلغ أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أيًّا من أحكام المادة (116) من هذا القانون.

وفي جميع الأحـوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى، ويحكم بمصادرتها, فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها.

وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين، الأول: أن يقوم الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق بالمدعى، والثاني: أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه. والمحكمة الدستورية العليا – وحدها – هي التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى المقامة أمامها أو المحالة إليها للتثبت من شروط قبولها، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون عليه قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.

وحيث إن النيابة العامة كانت قد أحالت المدعى إلى المحاكمة الجنائية في الجنحة رقم 700 لسنة 2018 جنح اقتصادي القاهرة، بوصف أنه حمل حال سفره من البلاد أوراق النقد الأجنبي التي جاوزت عشرة آلاف دولار أمريكى. وكانت هذه الجريمة تجد سندها التشريعي في نصى المادتين (116/2، 126) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، بعد تعديله بالقانونين رقمي 8 لسنة 2013، 66 لسنة 2016. وكان المدعى قد قصر طعنه ومناعيه الدستورية على نص الفقرة الأخيرة من المادة (126) من ذلك القانون في مجال تطبيقها على الفعل المؤثم بالفقرة الثانية من المادة (116) من القانون ذاته، فإن مصلحته الشخصية المباشرة تتحقق في الطعن على نص الفقرة الرابعة من المادة (126) السالفة الذكر في مجال تطبيقها على الفعل الوارد بصدر الفقرة الثانية من المادة (116) من قانون البنك المركزي المشار إليه، التي تنص على أن " وإخراج النقد الأجنبي من البلاد مكفول لجميع المسافرين بشرط أن لا يزيد على عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى", وبها يتحدد نطاق الدعوى.

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه، في مجال تطبيقه على الفعل المؤثم بصدر نص الفقرة الثانية من المادة (116) من قانون البنك المركزي المشار إليه أن المشرع اعتبر خروج النقد الأجنبي من البلاد جريمة تامة، دون أن يشترط الإفصاح عن مقدار هذا المبلغ، كما هو الشأن في الفعل المؤثم بنص الفقرة الأولى من تلك المادة، بما يجعل العقاب مرصودًا لمجرد الشروع، حال أن الجريمة الواردة بذلك النص تشكل جنحة، لم يرصد القانون عقوبة على الشروع فيها. كما أن الجريمة المعاقب عليها صاغها النص بطرق غير واضحة ومشوبة باللبس والغموض بما ينافى أصل البراءة، فضلاً عن أن نص المادة (126) رصد عدة عقوبات للفعل ذاته بما ينافى ضوابط الدولة القانونية ويهدر الحرية الشخصية، فضلاً عن انتقاصه من العناصر الإيجابية للذمة المالية بالمخالفة لأحكام المواد (35، 54، 94) من الدستور.

وحيث إن تجريم المشرع أي فعل أو امتناع، إنما يرتبط بالضرورة الاجتماعية التي اقتضتها ظروف الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها. ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون الجنائي وإن اتفق مع غيره من القوانين في سعيها لتنظيم علائق الأفراد فيما بين بعضهم البعض، وعلى صعيد صلاتهم بمجتمعهم، إلا أن هذا القانون يفارقها في اتخاذه الجزاء الجنائي أداة لحملهم على إتيان الأفعال التي يأمرهم بها، أو التخلي عن تلك التي ينهاهم عن مقارفتها، وهو بذلك يتغيا أن يحدد، من منظور اجتماعي، ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم. بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مخالفًا للدستور، إلا إذا كان مجاوزًا حدود الضرورة التي اقتضتها ظروف الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها، فإذا كان مبررًا من وجهة اجتماعية، انتفت عنه شبهة المخالفة الدستورية. ومن ثم، يتعين على المشرع دومًا إجراء موازنة دقيقة بين مصلحة المجتمع والحرص على أمنه واستقراره من جهة، وحريات وحقوق الأفراد من جهة أخرى، ويتعين على المشرع أيضًا أن يقوم بصياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة، محددة، بلا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها. وتلك ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها.


وحيث إن المقرر – أيضًا - في قضاء هذه المحكمة، أن شرعية الجزاء - جنائيًّا كان، أو مدنيًّا، أو تأديبيًّا - مناطها، أن يكون متناسبًا مع الأفعال التي أثمها المشرع، أو حظرها، أو قيد مباشرتها. وأن الأصل في العقوبة هو معقوليتها، فلا يكون التدخل بها إلا بقدر ما يكون الجزاء ملائمًا لجريمة بذاتها، وينبغي أن يتحدد على درجة خطورتها، ونوعية المصالح التى ترتبط بها، وبمراعاة أن الجزاء الجنائي لا يكون مخالفًا للدستور إلا إذا اختل التعادل بصورة ظاهرة بين مداها، وطبيعة الجريمة التى تعلق بها، ودون ذلك يعنى إحلال المحكمة لإرادتها محل تقدير متوازن من السلطة التشريعية للعقوبة التي فرضتها.

وحيث إن الأصل في صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما يخرجها عن موازين الاعتدال، وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التي تتحد خواصها وصفاتها، بما يلائمها، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها، مما يتعين معه أن يوازن المشرع قبل تقريره للجزاء بين الأفعال التي يجوز أن يتصل بها، وأن يقدر لكل حال لبوسها، فلا يتخذ من النصوص القانونية ما تظهر فيه مكامن مثالبها، بل يبتغيها أسلوبًا لتقويم أوضاع خاطئة.

وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه : ألا تُخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة القانونية وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية ومن بينها ألا تكون العقوبة متضمنة معاقبة الشخص أكثر من مرة عن فعل واحد، وألا يكون الجزاء مدنيًّا كان أو جنائيًّا مفرطًا بل يتعين أن يكون متناسبًا مع الفعل المؤثم ومتدرجًا بقدر خطورته.

وحيث كان ما تقدم، وكانت الجريمة التي أثمها النص المطعون فيه، من الجرائم العمدية، لم يستلزم القانون لها قصدًا خاصًا، بل يكفى لتوافرها القصد الجنائي العام، الذى يفترض تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل، والحظر الوارد بنص صدر الفقرة الثانية من المادة (116) من قانون البنك المركزي الصادر بالقانون 88 لسنة 2003 المعدل بالقانون 8 لسنة 2013 هو حظر مطلق، لا يستدعى الإفصاح الوارد بالفقرة الأولى من تلك المادة، الخاص بإدخال النقد الأجنبي للبلاد. فالمشرع جرم فعل حمل النقد الأجنبي إذا زاد على عشرة آلاف دولار أمريكى، أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى، حال مغادرة البلاد، وتقع بهذا الفعل الجريمة تامة، وغير متصور أن هذا الفعل يحتمل الشروع فيه. إذ كان ذلك، وكان المشرع قد صاغ نص التجريم والعقاب بصورة واضحة، لا لبس فيها ولا غموض، تكفل أن يكون المخاطبون بها على بينة من حقيقتها، مبينًا الركن المادي للجريمة، المتمثل في مجرد حمل أوراق النقد الأجنبي التي تزيد عن الحد المقرر قانونًا عند مغادرة البلاد، ولم يستلزم قصدًا خاصًا، مكتفيًا بمجرد العلم بالفعل وإرادته، وكان النص العقابي قد رصد جزاءً على هذا الفعل عقوبة الحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن المبلغ المالي محل الجريمة ولا تزيد على أربعة أمثال ذلك المبلغ أو بإحدى هاتين العقوبتين مع المصادرة، فإنه يكون قد التزم مبدأ التفريد التشريعي للعقوبة، مستهدفًا تحقيق الردع الخاص والعام.

وحيث كان ذلك، وكان المقرر قانونًا أن المصادرة ما هي إلا إجراءٌ الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة – قهرًا عن صاحبها وبغير مقابل – وهى عقوبة قد تكون وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهى على هذا الاعتبار تعد تدبيرًا وقائيًّا لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، كما قد تكون المصادرة في بعض القوانين الخاصة من قبيل التعويضات إذا نص على أن تؤول الأشياء المصادرة إلى خزينة الدولة باعتباره تعويضًا عما سببته الجريمة من أضرار. متى كان ذلك، وكانت المصادرة الواردة بالنص المطعون فيه لا تعدو أن تكون عقوبة تكميلية، استهدف المشرع من فرضها تحقيق الردع الخاص بحرمان المتهم من المال محل الجريمة، وتحقيق الردع العام حتى لا يجاريه آخرون في ارتكاب الجرم ذاته، بما يؤدي إلى ضبط التعامل في النقد الأجنبي، وينعكس أثره على الاستقرار الاقتصادي، فضلاً عن أن عقوبة المصادرة – إلى جانب عقوبتي الحبس والغرامة، أو إحداهما، التي يوقعها القاضي وفقًا لتقديره - لا تجافى مبدأ خضوع الدولة للقانون، إذ جاء تقريرها ضروريًّا ومنسجمًا مع القيم الدستورية التي نصت عليها المادتان (27، 28) من الدستور، التي تستهدف من النظام الاقتصادي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، وحماية مقوماته الأساسية، كما تقررت تلك العقوبة لمواجهة جريمة تدخل في عداد الجرائم المنظمة والمستمرة التي تؤثر سلبيًا على الاقتصاد القومي، بما ينعكس أثره على ضبط سوق الصرف، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي. ومن ثم، فإن جزاء المصادرة الوارد بالنص المطعون فيه، يكون مبررًا ومفيدًا من الوجهتين الاجتماعية والاقتصادية، ولا يجاوز حدود الدائرة التي ترسم الضرورة تخومها، الأمر الذى تنتفى معه شبهة القسوة أو عدم التناسب، كما أنه لا يمثل افتئاتًا على الملكية الخاصة، لكون المصادرة جزاء يحقق الردع الخاص، بحرمان المتهم من المبلغ الذى سعى لتهريبه عند مغادرته البلاد. ولا يوقع هذا الجزاء إلا بحكم قضائي، وفقًا لما يوجبه نص الفقرة الثانية من المادة (40) من الدستور.

وحيث إن النص المطعون فيه – محددًا نطاقًا على نحو ما تقدم - لا يخالف أية نصوص أخرى في الدستور، الأمر الذى تقضى معه المحكمة برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

طلب تفسير حكم المحكمة الدستورية العليا لا يقدم إلا من ذي شأن (طرف في الدعوى الدستورية المطلوب تفسير حكمها)

الدعوى رقم 3 لسنة 42 ق "تفسير أحكام" جلسة 2 / 1 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2021م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 42 قضائية "تفسير أحكام".


المقامة من

رئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية


ضــــد

1- رئيس الجمهوريــــة

2- رئيس مجلــس الـوزراء

الإجـراءات

بتاريخ السادس والعشرين من فبراير سنة 2020، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة تفسير الحكم الصادر في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية" وبيان ما إذا كان هذا الحكم يصلح بذاته سندًا لتنفيذ حكم الإخلاء من عدمه.


وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية أقامت دعواها المعروضة على سند من القول أن المحكمة الدستورية العليا سبق أنْ أصدرت بجلسة 5/5/2018، حكمها في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، القاضي منطوقه، أولاً: بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة " لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكـان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد،... "، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى. ثانيًا : بتحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره. وأضافت الشركة المدعية أن حيثيات الحكم جاء بها مخالفة النص المطعون عليه لمبدأ المساواة، حيث اختص فئة المؤجرين لهذه الأماكن لأشخاص اعتبارية بمعاملة أدنى من أقرانهم المؤجرين لأشخاص طبيعيين، بأن حرم الفئة الأولى من استرداد العين المؤجرة ما بقى الشخص الاعتباري قائمًا عليها، سواء أكان المستأجر شخصًا اعتباريًّا عامًا أم خاصًا، فيصير عقد استئجارها مؤبدًا، حال أن الفئة الثانية من المؤجرين سترد إليهم العين بعد وفاة المستأجر الأصلي أو انتهاء امتداد العقد. وقد ارتأت المحكمة أن تعمل الرخصة المخولة لها، وحددت لإعمال أثر هذا الحكم اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره، وقد انقضى دور الانعقاد، ولم يصدر مجلس النواب تشريعًا لمعالجة هذا الأمر. ومن ثم لا يصح أن يكون الحكم المشار إليه بذاته سندًا لتنفيذ حكم الإخلاء للأسباب الآتية: 1- أن تطبيقه سيخلق نوعًا من عدم تكافؤ الفرص بين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية، لامتداد العقد لورثة الأولين وحدهم. 2- أن حكم المحكمة الدستورية العليا لا يستهدف الإخلاء الفوري للأشخاص الاعتبارية. 3- أن الحكم أشــــار إلى ضرورة تدخل تشريعي. 4- خلو التشريع من حكم ينظم مسألة إيجار الشخص المعنوي لنشاط تجارى. لذلك أقامت الشركة دعواها المعروضة، طالبة تفسير الحكم المشار إليه، استنادًا لنص المادة (192) من قانون المرافعات، ولبيان ما إذا كان هذا الحكم يصلح بذاته سندًا لتنفيذ حكم الإخلاء من عدمه.

وحيث إن المادة (28) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "........تسري على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التى تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها ". كما تنص المادة (51) من ذلك القانون على أن "تسرى على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة، فيما لم يرد به نص في هذا القانون، القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات". ومؤدى ذلك أن نصوص قانون المرافعات – باعتباره الشريعة العامة في إجراءات التقاضي – تسري في شأن المنازعات التي تعرض على المحكمة الدستورية العليا والأحكام والقرارات الصادرة منها، فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون هذه المحكمة، وتُعد تلك النصوص – بهذه المثابة – مندرجة في مضمونه؛ بالقدر الذى لا تتعارض فيه مع طبيعة اختصاصات المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.

وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا خلا من نص ينظم طلبات تفسير الأحكام الصادرة عنها، حين عنى بها قانون المرافعات المدنية والتجارية، فنص في المادة (192) على أنه "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام...."، ومن ثم غدا ذلك النص متممًا لأحكام قانون المحكمة الدستورية العليا في الحـدود التي لا يتعارض فيها مع الأوضاع التي رتبها هذا القانون. وإعمالاً لذلك، اطرد قضاء هذه المحكمة على إجازة اللجوء إليها مباشرة بطلب تفسير أحكامها تفسيرًا قضائيًّا، متى كان الطلب مقدمًا من أحد الخصوم، وهم ذوو الشأن في المنازعة التي صدر فيها الحكم المطلوب تفسيره، وذلك إذا كان الغموض أو الإبهام قد اعترى منطوقه، أو لحق أسبابه المرتبطة بذلك المنطوق ارتباطًا لا يقبل التجزئة.

وحيث إنه ولئن كان صحيحًا أن الخصومة الناشئة عن الدعاوى الدستورية عينية بطبيعتها، وأن للأحكام التي تصدر فيها حجية مطلقة تتعدى أطرافها إلى السلطات قاطبةً وإلى الناس كافةً، فإنه يبقى صحيحًا – في الوقت ذاته وبالدرجة عينها – أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية ليست آراء مجردة غايتها إثراء الفكر القانوني، وإنما هي تصدر بقصد إعمال آثارها، وهو ما تتولاه محكمة الموضوع عند فصلها في النزاع الماثل أمامها على ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا، فإذا ادعى أحد الخصوم أمام محكمة الموضوع – ولم يكن خصمًا في الدعوى الدستورية – غموض حكم صادر عن هذه المحكمة أو انبهامه، وقدرت محكمة الموضوع لزوم إعمال أثر هذا الحكم على النزاع المطروح عليها، كان لها أن تمنح الخصم أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير ذلك الحكم، ولمحكمة الموضوع كذلك، وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق في أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها، أن تطلب من تلقاء نفسها ذلك التفسير من المحكمة الدستورية العليا بحسبان أن غموض قضائها يثير خلافًا حول معناه، ويعوق بالتالي مهمة محكمة الموضوع في شأن إعمال أثره على الواقع المطروح عليها.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان طلب التفسير المعروض لم تُحِلْهُ محكمة الموضوع، ولم يسبقه تصريح منها برفعه إلى هذه المحكمة، وإنما قُدّم مباشرة من الشركة المدعية، وهي من غير ذوى الشأن في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، فإن هذا الطلب لا يكون قد اتصل بهذه المحكمة اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة قانونًا، متعينًا – والحالة هذه – القضاء بعدم قبوله.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

طلب تفسير حكم المحكمة الدستورية العليا لا يقدم إلا من ذي شأن بمناسبة دعوى موضوعية

الدعوى رقم 1 لسنة 42 ق "تفسير أحكام" جلسة 2 / 1 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2021م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 42 قضائية "تفسير أحكام".


المقامة من

كريم السيد عبدالفتاح الأبحر، بصفته الشريك المتضامن بشركة عبدالفتاح السيد الأبحر وشركاه (فندق كارلتون)

ضــــد

1- رئيس الجمهوريـة

2- رئيس مجلس النواب

3- رئيس مجلس الـــوزراء

4- وزيـــر العـــدل

5- شركة مصر لتأمينات الحياة



الإجـراءات
بتاريخ الثالث من فبراير سنة 2020، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا تفسير الغموض الذى شاب منطوق الحكم الصادر من هذه المحكمة في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، بجلسة 5/5/2018، وتحديد المقصود من كلمة " لتشمل"، وما إذا كانت تعنى استثناء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية من نطاق تطبيق المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، أم تَعْنِي انطباق حكم تلك المادة عليها.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمـــــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل– حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى أقـام الدعـوى المعروضة، طالبًا تفسير منطوق الحكم الصادر مــــن المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، بجلسة 5/5/2018، بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجــــر، فيما تضمنه من إطــــلاق عبارة "لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكـان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد،... "، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى. قولاً منه بأن كلمة " لتشمل" بمنطوق ذلك الحكم يشوبها الغموض والإبهام، ولا يتبين ما إذا كان المراد منها استثناء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية من نطاق تطبيق المادة (18) من القانون السالف الذكـــــر، أم تعنى خضوعها لأحكام تلك المادة، فأقام هذه الدعوى على سند من نص المادة (192) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، باعتبار أن مضمونها مندمجٌ في قانون المحكمة الدستورية العليا.

وحيث إن المادة (28) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أنه " فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل، تسرى على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها". كما تقضى المادة (51) من القانون المشار إليه، بأن " تسري على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة، فيما لم يرد به نص في هذا القانون، القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات".

وحيث إن مؤدى حكم هاتين المادتين أن شرط انطباق القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية على الدعاوى والطلبات التى تدخل في اختصاص هذه المحكمة، وكذلك بالنسبة إلى الأحكام والقرارات الصادرة منها، هو أن يكون إعمال هذه الأحكام، وتلك القواعد غير متعارض مع طبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها، وكذا طبيعة الأحكام والقرارات الصادرة منها. متى كان ذلك، وكانت الدعاوى الدستورية هي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون فيها بعيب دستورى، والأحكام الصادرة في تلك الدعاوى – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تحوز حجية مطلقة، لا يقتصر أثرها على الخصوم في الدعاوى الدستورية التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة، وتلتزم بها جميع سلطات الدولة، سواء أكانت تلك الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس.

وحيث إن المادة (192) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، قصرت حق طلب تفسير الأحكام على خصوم الدعوى التي صدرت فيها، بنصها على أن " للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام....."، وهو ما يتعارض وطبيعة الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية، إذ لا يستقيم هذا القصر إلا في إطار قاعدة نسبية الأحكام التي لا تقوم بها حجيتها إلا بين من كان طرفًا فيها، وهى قاعدة تناقضها الحجية المطلقة المتعدية إلى الكافة التي تحوزها الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية، التي تتطلب ترتيبًا عليها – ألا يكون الحق في طلب تفسيرها وقفًا على الخصوم في الدعاوى الدستورية، وإنما يتعين أن ينسحب هذا الحق كذلك إلى غيرهم ممن يكـــــون الحكم المطلـوب تفسيره – بتطبيقه عليهم – ذا أثر مباشر على مصالحهم الشخصية، ذلك أن طلب التفسير الذى يقدم إلى هذه المحكمة، لا يعدو أن يكون دعوى يتعين أن ترفع إليها وفقًا للأوضاع المقررة في قانونها، ولا يتصور أن تكون المصلحة فيها محض مصلحة نظرية غايتها إرساء حكم القانون مجردًا توكيدًا للشرعية الدستورية وإعمالاً لمضمونها، إنما يجب أن تعود على طالب التفسير منفعة يقرها القانون حتى تتحقق بها ومن خلالها مصلحته الشخصية. وترتبط المصلحة في طلب التفسير بالمصلحة في الدعوى الموضوعية التى أُثير طلب التفسير بمناسبتها، والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، لكون الحكم الصادر بالتفسير يعتبر متممًا من كل الوجوه للحكم الذى يفسره، وكلاهما لازم للفصل في الدعوى الموضوعية لا ينفكان عنها، لأنهما يتعلقان بالقاعدة القانونية التي يقوم عليها أو يستند إليها الفصل في النزاع الموضوعي.

لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا لا تتصل بالدعاوى والطلبات التى تدخل في اختصاصها، إلا وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في قانونها. وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن إعمال آثار الأحكام التي تصدرها في المسائل الدستورية هو من اختصاص محكمة الموضوع، وذلك ابتناء على أن محكمة الموضوع هي التي تنزل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن المسألة الدستورية، باعتباره مفترضًا أوليًّا للفصل في النزاع الموضوعي الدائر حولها، وبمراعاة ما قد يبديه الخصوم من دفوع أو أوجه دفاع في شأنها، فإذا ادعى أحد الخصوم أمامها غموض قضاء المحكمة الدستورية العليا أو انبهامه، وتبين لها أن لهذا الدفاع وجهًا، كان لها أن تمنحه أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير قضائها المختلف على مضمونه، ذلك أن تقدير محكمة الموضوع غموض هذا القضاء يولد لديها صعوبة قانونية تحول في اعتقادها دون تطبيقه، بالحالة التي هو عليها، على وقائع النزاع، ومن ثم يظل أمر حسمها معلقًا إلى أن تدلى المحكمة الدستورية العليا بكلمتها النهائية في شأن حقيقة قضائها ومراميه. ومن جانب آخر، فلمحكمة الموضوع كذلك – وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، الحق في أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها – أن تطلب من تلقاء نفسها من المحكمة الدستورية العليا ذلك التفسير، باعتبار أن غموض قضائها يثير خلافًا حول معناه ويعوق بالتالى مهمتها في شأن إعمال أثره على الوقائع المطروحة عليها.

وحيث كان ما تقدم، وكان طلب التفسير – على ما سلف بيانه – لا يقدم إلا من ذي شأن بمناسبة دعوى موضوعية يتوقف الفصل فيها على الحكم الصادر في المسألة الدستورية، وتقدر محكمة الموضوع غموض الحكم الصادر فيها، سواء أكان ذلك من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم. وكان المدعى قد أقام دعواه المعروضة مباشرة أمام هذه المحكمة، طالبًا تفسير منطوق حكمها الصادر في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، دون سبق إقامته دعوى موضوعية، صرحت له محكمة الموضوع فيها بتقديم طلب تفسير إلى هذه المحكمة، لإنـزال ما يتقرر في طلب التفسير على الطلبـات في الدعـوى الموضوعية. ومن ثم، فإن الطلب المعروض لا يكون قد اتصل بالمحكمة وفقًا للأوضاع المقررة قانونًا، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.