جلسة 13 من ديسمبر سنة 2016
(111)
الطعن رقم 33124 لسنة
84 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية
أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " بوجه عام" " شهود
" . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى .
موضوعي . ما دام سائغاً .
اطمئنان المحكمة إلى أقوال الشهود . مفاده ؟
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل .
غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) إثبات " شهود " . نقض " المصلحة
في الطعن " .
النعي على
الحكم بشأن أقوال الضابط وتحرياته . غير مقبول . ما دام لم يتساند إليها في
الإدانة .
(4) إثبات "شهود " . حكم " ما لا
يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال
الشهود " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
إحالة الحكم في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال
شاهد آخر . لا يعيبه .
ما دامت أقوالهما متفقة
مع ما استند إليه الحكم منها . لا
يغير من ذلك اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم . علة ذلك ؟
وجه الطعن . وجوب أن يكون
واضحا ًمحدداً .
مثال .
(5) عقوبة " العقوبة
المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن
في النعي على الحكم بشأن جريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرته . ما دام عاقبه بعقوبة
واحدة عن جريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل سلاح ظاهر.
(6) دفوع " الدفع ببطلان
القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع ببطلان القبض والتفتيش . قانوني مختلط بالواقع .
إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة وحد ذلك ؟
(7) إثبات " إقرار
". محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب
غير معيب " .
الإقرار في المسائل الجنائية من
عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي .
مثال .
(8) إجراءات " إجراءات التحقيق "
. بطلان .
عدم سؤال المتهم في التحقيق . لا يبطل
الإجراءات . علة ذلك ؟
(9) دفاع " الإخلال
بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل "
.
متابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي
والرد على كل شبهة يثيرها . غير لازم . استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت السائغة
التي يوردها الحكم . عدم
إيراده لهذا الدفاع . مفاده : اطراحه .
(10) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . قضاة "
صلاحيتهم " .
الرغبة في الإدانة . مسألة
داخلية تقوم في نفس القاضي . ترك المشرع أمر تقديرها للقاضي وما تطمئن إليه
نفسه . لا يحول ذلك بينه وبين نظر الدعوى . ما دام أن تلك الرغبة لم تقم في نفسه .
(11) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره ". دفاع " الإخلال
بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
حضور القضاة جلسة المرافعة الأخيرة وحجز الدعوى
للحكم . يتحقق به مقصود الشارع من سماع المرافعة سواء أبد الخصوم دفاعهم فيها أو
سكتوا عنه أو أحالوا لدفاع سابق . نظرهم الدعوى في جلسة سابقة . غير لازم . أساس
ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ
فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع
ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة
بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون
منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له .
2- من المقرر أن
لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدله مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في
الأوراق ، وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات يفيد أنها اطرحت جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان وزن أقوال الشهود
وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من
مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد بينت في
حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية
لها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت
بها ولا في تعويلها على أقوال شهود الإثبات ، ويضحي ما يثيره الطاعن في ذلك مجرد
جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا
مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
3 - لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه
أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى أقوال الضابط وتحرياته ولم يورد لهما ذكراً
فيما سطره ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل .
4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان
شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ، ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند
إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم
يوردها الحكم ، وذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما
تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وعدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما
يفيد اطراحه لها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ، هذا فضلاً
عن أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن قد أطلق القول بعدم
اتفاق أقوال الشاهد الثاني مع أقوال الشاهد الأول دون أن يكشف في طعنه عن وجه
الخلاف بين الشهادتين ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .
5 - من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن من النعي على
الحكم بإدانته بجريمتي إحراز سلاح ناري آلي وذخيرته ، طالما أنه دانه عن تهمة
السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وأوقع عليه عقوبة واحدة عن جميع التهم مما تدخل في حدود العقوبة المقررة
لتهمة السرقة بظروفها المشددة ، ومن ثم يكون
ما أثارة الطاعن في هذا الشأن على غير أساس .
6- من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع وهي لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان ، نظراً إلى أنها تقتضي تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة ، ولما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان ، فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن الإقرار في المسائل الجنائية إنما
هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في
الإثبات فلها - دون غيرها - البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الإقرار المعزو
إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، وكانت المحكمة قد تحققت من أن إقرار الطاعن
للضابط سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا تثريب عليها إذ هي
عولت عليه بالإضافة إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها ، ويكون منعى
الطاعن في هذا الشأن لا محل له .
8- من المقرر أن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا
يترتب عليه بطلان الإجراءات إذ لا مانع في القانون من رفع الدعوى العمومية بدون
استجواب المتهم ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
9- من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة
المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً ، إذ الرد
يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما
يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها للأدلة السائغة التي عولت عليها في الإدانة ،
ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له .
10- من المقرر أن حالة الرغبة في الإدانة مسألة
داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وقد ترك المشرع أمر تقديرها لتقدير
القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، وذلك كله لا يحول بينه وبين نظر
الدعوى ما دام أنه قد رأى أن تلك الرغبة لم تقوم في نفسه ، ويكون منعى الطاعن في
هذا الخصوص لا محل له .
11- لما كان مفاد نص المادة 167 من قانون المرافعات
أن الشارع لم يستلزم لصحة الأحكام أن يكون القضاة الذين سمعوا المرافعة وحجزوا
الدعوى للحكم قد سبق لهم نظرها في جلسة سابقة إذ يتحقق بحضور القضاة جلسة المرافعة
الأخيرة مقصود الشارع بسماع المرافعة يستوى في ذلك أن يكون الخصوم قد أبدوا دفاعاً
فيها أو سكتوا عن ذلك أو أحالوا إلى دفاع سابق ، ويكون النعي على الحكم في هذا
الشأن لا محل له .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنه :
1- سرق وآخرون المنقولات المبينة وصفاً وقيمة
بالأوراق والمملوكة للمجني عليهم .... و.... و.... وكان ذلك بالطريق العام وبطريق
الإكراه الواقع على الأخير بأن أشهروا في وجهه أسلحة نارية مهددين إياه باستعمالها
وأطلقوا منها أعيرة نارية في الهواء وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من بث الرعب
في نفسه وشل مقاومته والاستيلاء على المسروقات .
2- أحرز سلاحاً نارياً مششخناً
" بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
3 - أحرز ذخائر " عدة طلقات " مما تستعمل
على السلاح الناري سالف الذكر حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو بإحرازه .
وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمادة 315 من قانون
العقوبات ، والمواد 1/2 ، 26/3 ، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين
26 لسنة 1978 ، 101 لسنة 1980 ، 165 لسنة 1981 ، 95 /2003 والمرسوم بقانون رقم 6
لسنة 2012 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول
والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 ، مع إعمال نص المادتين 28 ،
32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المؤبد عما أسند إليه ووضعه تحت مراقبة
الشرطة لمدة خمس سنوات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض
.....إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه بالطريق العام مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وإحراز
سلاح ناري ( بندقية آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه وذخيرته قد شابه
القصور والتناقض في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق
الدفاع وران عليه البطلان ، ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به
أركان جريمة السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها ولم يورد مؤدى الأدلة التي تساند
إليها في قضائه ، وعوَّل على أقوال الشاهد الأول رغم عدم اتهامه له وأقوال الشاهد
الثالث رغم عدم صلاحيتها كدليل وعلى أقوال الضابط وتحرياته رغم عدم توصلها إلى
ارتكابه للواقعة ، وأحال في بيان أقوال الشاهد الثاني للأول رغم اختلاف رواياتهما
ودانه عن جريمتي إحراز السلاح الناري والذخيرة رغم سبق إدانته في قضايا أخرى عن
ذات السلاح ، والتفت عن الرد على دفعه ببطلان القبض والتفتيش لعدم صدور إذن من
النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس ورد بما لا يسوغ على دفعه ببطلان الإقرار
المعزو إليه لكونه وليد إكراه مادي ومعنوي ودفعه بعدم سؤاله بالتحقيقات وبعدم
معقولية تصوير الواقعة واستحالة حدوثها وعدم عرض الطاعن على المجني عليهم وتناقض
أقوال الشهود إلَّا أن المحكمة أغفلت الرد على دفاعه وقضت المحكمة بعقيدة مسبقة ،
وأخيراً فإن أحد أعضاء الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لم يستمع إلى
المرافعة إذ أحال المدافع في مرافعته إلى المرافعة السابقة التي لم يسمعها ذلك
العضو ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى
بما تتوافر به الأركان القانونية لجريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام مع
التعدد وحمل سلاح ظاهر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من
شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً
خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى
كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم
الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ،
ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن
لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً
إلى أدله مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان اطمئنان المحكمة
إلى أقوال شهود الإثبات يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها
على عدم الأخذ بها ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم
وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى
محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي
استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية لها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم
في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويلها على أقوال شهود
الإثبات ويضحي ما يثيره الطاعن في ذلك مجرد جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل
به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة
النقض . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في
إدانة الطاعن إلى أقوال الضابط وتحرياته ولم يورد لهما ذكراً فيما سطره ، فإن منعى
الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب
الحكم أن يحيل في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت
أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود
في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، وذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين
عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وعدم إيراد
الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد
يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان
الطاعن قد أطلق القول بعدم اتفاق أقوال الشاهد الثاني مع أقوال الشاهد الأول دون
أن يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين الشهادتين ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن
يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن من النعي على
الحكم بإدانته بجريمتي إحراز سلاح ناري آلي وذخيرته طالما أنه دانه عن تهمة السرقة
بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وأوقع عليه عقوبة واحدة عن
جميع التهم مما تدخل في حدود العقوبة المقررة لتهمة السرقة بظروفها المشددة ، ومن
ثم يكون ما أثارة الطاعن في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع وهي لا تجوز إثارته لأول مرة أمام
محكمة النقض ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان ؛
نظراً إلى أنها تقتضي تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة ، ولما كان الثابت من
محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم
قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان ، فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة
النقض . لما كان ذلك ، وكان الإقرار في المسائل الجنائية إنما هو من العناصر التي
تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها - دون
غيرها - البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الإقرار المعزو إليه قد انتزع منه
بطريق الإكراه ، وكانت المحكمة قد تحققت من أن إقرار الطاعن للضابط سليم مما يشوبه
واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا تثريب عليها إذ هي عولت عليه بالإضافة
إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن
لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب
عليه بطلان الإجراءات إذ لا مانع في القانون من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب
المتهم ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد
على كل شبهة يثيرها استقلالاً ، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها
الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها للأدلة
السائغة التي عولت عليها في الإدانة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له .
لما كان ذلك ، وكانت حالة الرغبة في الإدانة مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي
وتتعلق بشخصه وضميره وقد ترك المشرع أمر تقديرها لتقدير القاضي وما تطمئن إليه
نفسه ويرتاح إليه وجدانه وذلك كله لا يحول بينه وبين نظر الدعوى ما دام أنه قد رأى
أن تلك الرغبة لم تقوم في نفسه ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص لا محل له . لما كان
ذلك ، وكان مفاد نص المادة 167 من قانون المرافعات أن الشارع لم يستلزم - لصحة
الأحكام - أن يكون القضاة الذين سمعوا المرافعة وحجزوا الدعوى للحكم قد سبق لهم
نظرها في جلسة سابقة إذ يتحقق بحضور القضاة جلسة المرافعة الأخيرة مقصود الشارع
بسماع المرافعة يستوى في ذلك أن يكون الخصوم قد أبدوا دفاعاً فيها أو سكتوا عن ذلك
أو أحالوا إلى دفاع سابق ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن لا محل له . لما
كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ