باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة المدنية
برئاسة السيد المستشار / محمد حمــــودة الشريــــــــف رئيس الدائرة
وعضوية السيد المستشار/ صلاح عبد العاطي أبو رابح
وعضوية السيد المستشار / محمــد عبدالعظيـــم عقبــــــــه
وبحضور السيد/ سعد طلبه أميناً للسر
في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمة بـدار القضاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الأثنين 10 من صفر سنة 1439 هـــ الموافق 30 من أكتوبر سنة 2017 م
في الطعـنين المقيـــدين فـي جــدول المحكمـة بـرقمي 51 & 58 لسنـــة 12 ق 2017 – مدنى
أولاً : الطعن رقم 51/2017
الطاعنة / ..... بوكالة المحامي / ....
ضــــــــــد
المطعون ضده / .... بوكالة المحاميان / ....
ثانياً : الطعن رقم 58/2017
الطاعن / .... بوكالة المحاميان / ....
ضــــــــــد
المطعون ضدها / ..... بوكالة المحامي / ....
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ محمد حمودة الشريف والمرافعة والمداولة.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة بالطعن الأول تقدمت بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي لها مبلغ ( 1.225.000 درهم ) قيمة الشيك مضافاً إليه مبلغ 500.000 درهم مبلغ 1.750.000 درهم مع فوائدهم القانونية بواقع ( 12% ) سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام ، على سند من القول أنه بموجب الشيك المؤرخ في 01/11/2010م والمسحوب على بنك دبي الإسلامي تداين المطعون ضده بمبلغ ( 1.225.000 درهم ) وعند عرض الشيك على البنك المسحوب عليه أعيد بدون صرف لعدم وجود رصيد في حساب المدعى عليه مما حدا بها لإقامة الدعوى الجزائية رقم ((3697/2011)) جزاء دبي ضد المطعون ضده وقضـى عليه فيها بالإدانة وبالرغم من مطالبته مراراً وتكراراً بالسداد إلا إنه لم يسدد المديونية المطالب بها وأنه قد لحقها أضرار مادية وأدبية ومعنوية خلاف الضـرر عن المماطلة والتأخير في السداد والمتمثل بما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة مما حدا بها لإقامة الدعوى بغية الحكم لها بطلباتها آنفة البيان.
كما تقدم الطاعن في الطعن رقم (58/2017) بتاريخ 26/5/2016 م بطلب أمر أداء طلب في ختامه إلزام المطعون ضدها بأن تؤدي له مبلغ (2.900.000 درهم) قيمة الشيك مع الفوائد القانونية بواقع 12% سنوياً من تاريخ استحقاق الشيك في 1/11/2010 مع إلزامها بأن تؤدي له مبلغ مليون درهم تعويضاً جابراً عن الأضرار المادية والأدبية عن الوفاء بقيمة الشيك وإلزامها بأن تؤدي له مبلغ مليون درهم تعويضاً جابراً عن الأضرار المادية والأدبية نتيجة اتهامه بالسرقة في القضية رقم (716/2011) جزاء رأس الخيمة والمقضـي بها ببراءته بحكم قضائي نهائي بات على سند من القول أن المطعون ضدها أعطته الشيك رقم ..... بمبلغ (2.900.000 درهم ) مسحوب على البنك التجاري الدولي برأس الخيمة لا يقابله رصيد كاف وقائم وقابل للسحب مع علمها بذلك وكان ذلك بتاريخ 1/11/2010م ، وأن المطعون ضدها سبق وأن اتهمته في القضية رقم (716/2011) جزاء رأس الخيمة بســرقة الشيك سالف الذكر وقــُضـى فيها بتاريخ 30/6/2014 ببراءته ورفض الدعوى المدنية وأصبح نهائياً وباتاً ، وأنه أقام الدعوى الجزائية ضد المطعون ضدها بخصوص الشيك والتي قيدت برقم (403/2016) جزاء رأس الخيمة والتي لم تدفع الشيك بأي دفع قانوني وأصدرت النيابة العامة أمر بأن لأوجه لإقامة الدعوى الجزائية قبل المطعون ضدها لانقضائها بالتقادم ،وأنه طالب المطعون ضدها بسداد قيمة الشيك مراراً إلا أنها امتنعت عن سداد قيمته فأقام الدعوى بغية الحكم له بقيمة الشيك والفائدة القانونية بواقع (12%) سنوياً من تاريخ الاستحقاق و إلزامها بالتعويض عما فاته من كسب و ما لحقه من خسارة عن عدم سداد المديونية و كذا التعويض عن الأضرار المادية والأدبية لما فاته من كسب وما لحقه من خسارة جراء اتهامها له بسـرقة الشيك فأقام طلبه بغية استصدار أمر بطلباته آنفة البيان ، وقد تم التأشير من السيد قاضي الأمور المستعجلة بتاريخ 26/5/2016م بالامتناع عن إصدار الأمر وتحديد جلسة أمام مكتب إدارة الدعوى لإعلان المعروض ضدها بصحيفة الطلب، ونفاذاً لذلك قيدت الدعوى أمام مكتب إدارة الدعوى بذات التاريخ برقم (210/2016) ومحكمة أول درجة قررت ضم الدعوى رقم (210/2016) مدني كلي للدعوى رقم (192/2016) مدني كلي وبتاريخ 18/12/2016 حكمت أولاً: في الدعوى رقم (192/2016) بإلزام المطعون ضده فيها بأن يؤدي للطاعنة مبلغ ( مليون وخمسة وتسعون ألف درهم) و فائدة التأخير بواقع 9% سنوياً اعتباراً من تاريخ الاستحقاق في 1/11/2010م وحتى صيرورة هذا القضاء نهائياً ورفضت ما عدا ذلك من طلبات ثانياً: في الدعوى رقم (210/2016) بإلزام الطاعنة فيها أن تؤدي للمطعون ضده مبلغاً مقداره (اثنان مليون وتسعمائة ألف درهم) و فائدة التأخير بواقع 9% سنوياً اعتباراً من تاريخ الاستحقاق في 1/11/2010 وحتى تاريخ السداد ورفضت ماعدا ذلك من طلبات ثالثاً: بقبول الطلب العارض المبدئ في الدعوى الأصلية بإجراء المقاصة القضائية شكلاً وفي موضوعه بإجرائها بين الدينين المقضـي بهما في الدعويين سالفي الذكر وانقضاء الأقل منهما ((دين المدعية بالدعوى الأصلية)) وما يعادله من دين المدعي المحكوم به في الدعوى المنضمة وفوائدها وإلزام الطاعنة في الدعوى المنضمة رقم ((210/2016)) مدني كلي رأس الخيمة أن تؤدي للمدعي فيها ناتج المقاصة بمبلغ مقداره مليون وثمانمائة وخمسة آلاف درهم والفائدة بواقع 9% سنوياً اعتباراً من تاريخ الاستحقاق في 1/11/2010 م وحتى تاريخ السداد .
استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 14 ، 15/2017 و بتاريخ 27/3/2017 قضت المحكمة: أولاً: بقبول الاستئنافين شكلاً. ثانياً: وفي موضوع الاستئنافين برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف .
طعنا الطرفان في هذا الحكم بالطعنيـّن الماثلين بصحيفتين أودعتا قلم الكتاب بتاريخ 19 و 25/5/2017 و إذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما و تم تداول الطعنان فيها على النحو المبين بالمحضـر وحجزت الطعنين للحكم بجلسة اليوم.
الطعن رقم 51/2017 :
حيث أقيم الطعن على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون و الخطأ في تطبيقه حين لم يقض للطاعنة بالتعويض عن أضرارها الأدبية والمادية التي أصابتها نتيجة ما فاتها من كسب و لحقها من خسارة لتأخر المطعون ضده في سداد قيمة الشيك سند دعواها على سند من أنها لم تقدم ما يثبت تسبب المطعون ضده بخطأ مستقل عن خطأ التأخير في سداد قيمة الشيك المذكور ولم تقدم ما تدعيه من أضرار و التي يقع عليها إثباتها مخالفاً بذلك أحكام المادتين 282 و 292 من قانون المعاملات المدنية والمادة 1191 من قانون المعاملات التجارية وأن ضرر الطاعنة المادي والأدبي مفترض لا يحتاج إلى إثبات وهذه الأضرار تتحقق بمجرد عدم حصولها على قيمة الشيك محل دعواها من المطعون ضده في موعد استحقاقه وهو ما أعاقها عن استغلاله واستثماره وجني أرباح هذا الاستثمار بالإضافة إلى ما تكبدته الطاعنة من نفقات ومصاريف ورسوم في دعواها للحصول على قرض لحساب المطعون ضده الذي تقاعس عن سداده مما اضطرها إلى سداده نيابة عنه وذلك بسبب خطأ المطعون ضده بتقاعسه عن سداد قيمة الشيك.
حيث إن هذا النعي غير سديد . ذلك أنه من المقرر أن تقدير قيام الضـرر و استخلاص عناصره و تقدير قيمته بمراعاة الظروف الملابسة لهما هو من مسائل الواقع التي لا تخضع لرقابة هذه المحكمة متى أقام الحكم المطعون فيه قضائه على أسباب سائغة تكفي لحمله . و كان الحكم المطعون فيه بعد أن أقر قضاء الحكم المستأنف للطاعنة بالفوائد التأخيرية أقام قضاءه برفض طلبها التعويض التكميلي عن الضـرر المادي والأدبي الذي طالبت به طبق أحكام المادة 76 من قانون المعاملات التجارية على ما أورده بمدوناته من أنها لم تقدم ما يثبت تسبب المطعون ضده لها بخطأ أخر سوى التأخير في سداد قيمة الشيك ولا في ضرر غير المقضي لها بالتعويض عنه بالفوائد التأخيرية فهذه أسباب سائغة لهما أصلها الثابت بالأوراق تكفي لحمله ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لقاضي الموضوع من سلطة تقدير قيام الضـرر وتوافر عناصره في الدعوى أم لا مما تنحسـر عنه رقابة هذه المحكمة.
وحيث تنعى الطاعنة بالأسباب الثاني والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع و القصور في التسبيب ومخالفة القانون و الخطأ في تطبيقه حين لم يستجب لطلبها إحالة الدعوى للتحقيق وندب خبرة لإثبات انعدام سبب الشيك و ذلك رغم ما قدمته من وثائق إدارية عددتها بسبب النعي و قرائن لفائدة إنكارها سبب الدين ومنها سكوت المطعون ضده عن تقديم الشيك للوفاء لمدة 6 سنوات وتقرير المختبر الجنائي في القضية رقم 403/2016 جزاء رأس الخيمة التي صدر فيها أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية الذي أثبت أن الطاعنة لم تحرر بيانات الشيك و قد اكتفى الحكم المطعون فيه للرد على دفاعها بأن إنكار الطاعنة هو إنكار للثابت أصلاً بصورة الشيك و أن عليها إثبات ما تدعيه لأن الأصل في الشيك أنه أداة وفاء ويقوم مقام النقود وينطوي بذاته على سبب تحريره و أن الطاعنة لم تقدم خلاف هذه القرينة وأن توقيع الشيك على بياض دون إدراج بياناته لا يؤثر على صحته ما دام قد استوفى البيانات قبل تقديمه . كما نعت الطاعنة على الحكم المطعون فيه رفضه الاستجابة لطلبها الحصول على صورة طبق الأصل من محضر اجتماع الخبير/ محمد فرحات في القضية الجزائية المشار إليها سلفاً لكونها كانت طرفاً فيها تستطيع الحصول بمفردها على هذا المستند و أنها قدمت صورة منه بما يعني أنها اكتفت بهذه الصورة الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع .
حيث أن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر أن الشيك هو بحسب الأصل أداة دفع و وفاء ينطوي بذاته على سببه و هو الوفاء بدين مستحق لمن حرر لصالحه أو من آل إليه إعمالاً للقرينة المترتبة على تسليمه للمستفيد و ذلك إلى أن يثبت ما يخالف هذه القرينة و يتحمل الساحب عند منازعته في قيام سبب الشيك عبء إثبات ما يدعيه ، و كان من المقرر أن توقيع الساحب للشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به أو اسم المستفيد لا يؤثر على صحة الشيك ما دام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه إذ أن إعطاء الشيك للصادر لمصلحته بغير إثبات هذه البيانات يفيد أنه فوض المستفيد بوضعها قبل تقديمه للمسحوب عليه و ينحســر عنه بالضــرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض و طبيعته و مداه و ينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف الظاهر، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى و تقدير ما يقدم إليها من الدلائل و المستندات و استخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى ولا تثريب عليها في عدم الاستجابة إلى طلب الإحالة على التحقيق أو ندب خبرة إذا لم تر ضرورة لذلك وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها و أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله . لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تجحد توقيعها على الشيك سند الدعوى و لم يقم بأوراقها ما يثبت إدانة المطعون ضده من أجل جريمة خيانة الأمانة في شأن الشيك سند الدعوى و لم تنازع الطاعنة في تقديم الشيك إلى البنك مستوفياً بياناته التي يتطلبها القانون. وإذ اقتصر موقف الطاعنة من هذا الشيك على إنكار قيام سببه دون ادعاء أي سبب غيره لحيازة المطعون ضده هذا الشيك الذي انتهت دعوى الطاعنة الجزائية في شأن ادعائها سرقته من المطعون ضده بالبراءة فيكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من قضاء بإلزام الطاعنة بقيمة الشيك الذي يحمل توقيعها قد صادف صحيح القانون ولا عليه إن لم يستجب إلى طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق و ندب خبرة ، وقد تكونت عقيدته في الدعوى على ما سبق بيانه من عناصرها، و من ثم فإن النعي يكون قائم على غير أساس.
وحيث تنعى الطاعنة بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق حينما أيد قضاء الحكم المستأنف بالمقاصة التي لم تتوافر شروطها لإنكار الطاعنة وجود سبب لتحرير الشيك وإنكارها وجود أي علاقة مالية أو تجارية أو تصرف مكسب مع المطعون ضده.
حيث إن هذا النعي غير سديد ؛ ذلك أنه من المقرر أنه لا يشترط لإجراء المقاصة القضائية أن يكون كل من الدينين خالياً من النزاع ومعلوم المقدار، وكان الحكم المطعون فيه استظهر ثبوت دين الطاعنة والمطعون ضده بقيمة الشيك المحكوم به لكلاهما ضد الآخر فإن الحكم إذ أعمل المقاصة بين دين الطاعنة و دين المطعون ضده وخلص من ذلك إلى استحقاق الثاني لما قضـى به فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحى النعي عليه في هذا الشأن قائم على غير أساس.
الطعن رقم 58/2017 :
حيث أقيم الطعن على خمسة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون به مخالفة
الثابت بالأوراق حين قضى للمطعون ضدها بقيمة الشيك رغم ما ثبت لديه بالخبرة المجراة في الدعوى الجزائية رقم 367 / 2011 جزاء دبي و استئنافها رقم 7374 لسنة 2016 استئناف جزاء دبي من أنه قد أودع بحساب المطعون ضدها بالزيادة عن قيمة الشيك مبلغاً قدره 23,114 درهم و أقره الحكم الجزائي المذكور من أن الطاعن قام بسداد إجمالي مبلغاً قدره 334,038 درهم فإن ما برر به الحكم المطعون فيه قضائه من أنه لا يطمئن إلى ما أورده الخبير المذكور لكونه لم يثبت أن المبلغ المسدد تعلق بمديونية الشيك محل التداعي ولتناقض نتيجته مع إقرار الطاعن ذاته أمام النيابة العامة من سداده مبلغ 300,000 درهم كان قائماَ على أسباب غير سائغة كون الحكم المطعون فيه لم يبين سبب المبالغ المسددة من الطاعن للمطعون ضدها من ناحية و رغم أن الخبير قرر بصورة جازمة أن الطاعن قام بسداد قيمة الشيك المطالب به كما أغفل الحكم المطعون فيه أن إيداعات وتحويلات الطاعن إلى حساب المطعون ضدها كان أغلبها في تواريخ لاحقة لسؤاله بتحقيقات النيابة.
حيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر أن لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها الموضوعية تقدير الأدلة والمستندات المقدمة في الدعوى و منها تقارير الخبرة و الأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداها دون معقب عليها متى أقامت قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله. وكان الحكم المطعون فيه قد تعرض لدفاع الطاعن بسبب النعي وأقام قضائه لصالح المطعون ضدها بكامل مبلغ الشيك على ما أورده بمدوناته من أنه يقر قضاء الحكم المستأنف في هذا الخصوص بعدم الاطمئنان لما أورده الخبير المنتدب في القضية الجزائية رقم 3697 / 2011 جزاء دبي واستئنافها رقم 7374 / 2012 استئناف جزاء دبي والأبحاث التي أجراها بخصوص المبالغ المسددة لكون الخبير لم يثبت أن المبالغ المسددة متعلقة بمديونية الشيك محل التداعي وكذا لتناقض نتيجته مع إقرار المستأنف ذاته أمام النيابة العامة بسداد مبلغ ثلاثمائة ألف درهم قيمة الشيك ولمخالفة ذلك الإقرار لدفاع المستأنف المبني على سداد ما يزيد عن قيمة الشيك ، وكان الطاعن لم يثبت تعلق التحويلات و الإيداعات التي قام بها على حساب المطعون ضدها بالدين موضوع الشيك سند الدعوى فيكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في نطاق ما له من سلطة تقدير الدليل في الدعوى سائغاً يكفي لحمل قضائه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه قضائه للمطعون ضدها بفائدة قدرها 9 % سنوياً من تاريخ الاستحقاق في 1/11/2010 بالمخالفة لما هو وارد بطلباتها بالفائدة من تاريخ المطالبة القضائية فيكون قد قضى لها بما هو أزيد مما هو مطلوب .
و حيث إن هذا النعي سديد . ذلك أنه من المقرر أن المحكمة تتقيد بطلبات الخصوم و لا تقضي لهم بأكثر منها وإذا قضت بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه و هي مدركة حقيقة ما قدم لها من طلبات فيحق للخصوم الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف لهذا السبب وفقاً لأحكام المادة 173 من قانون الإجراءات المدنية.
وكان البين من الحكم المطعون فيه وعريضة افتتاح دعوى المطعون ضدها رقم 192 / 2016 أنها طالبت بإلزام الطاعن بأن يؤدي لها فائدة عن الشيك محل التداعي بداية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام، وإذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون ضدها بالفائدة عن قيمة الشيك المحكوم بها على الطاعن بأدائها لها بداية من تاريخ استحقاقه لا من تاريخ المطالبة به فيكون قد قضى لها بأكثر مما طلبت بما يعيبه و يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الرابع على الحكم المطعون تأييده قضاء الحكم المستأنف برفض طلبه التعويض عما فاته من كسب ولحقه من خسارة لعدم سداد المطعون ضدها لقيمة الشيك سند دعواه على سند من أنه لم يثبت للمطعون ضدها خطأ آخر مستقل عن خطأ التأخير في سداد قيمة الشيك ولم يثبت ما يدعيه من أضرار لحقت به من فعلها الذي يقع عليه إثباته برغم أن الطاعن قد أصابته أضراراً مادية وأدبية جراء خطأ المطعون ضدها محل المسئولية التقصيرية بامتناعها عن الوفاء بالشيك في موعده بما أعاقه على استثمار قيمته و توكيله محامي للدفاع عنه في الدعوى الراهنة و الدعوى الجزائية التي أقيمت ضده بناء على بلاغ المطعون ضدها من أجل سرقة الشيك.
وحيث أن هذا النعي غير سديد . ذلك أنه من المقرر أن استخلاص عناصر المسؤولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى كان قضاؤها سائغاً بما يكفي لحمله ، وإذ قضـى الحكم المطعون فيه للطاعن بالفوائد التأخيرية عن قيمة الشيك سند دعواه التي تعتبر تعويضاً عما أصابه من أضرار نتيجة تأخر الوفاء له بقيمة الشيك في موعد استحقاقه و أقام قضاءه برفض ما زاد عن ذلك من تعويضات مطلوبة و لم يثبت الطاعن تسبب المطعون ضدها له في أضرار زائدة غير تلك المفترضة قانوناً موضوع الفوائد التأخيرية . فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لقاضي الموضوع من سلطة تقدير قيام الضرر و توافر عناصره في الدعوى تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة .
حيث ينعى الطاعن بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق فيما قضى به من رفض طلبه التعويض عن ضرره المادي والأدبي عن واقعة اتهامه بسرقة الشيك موضوع الدعوى من قبل المطعون ضدها التي قــُـضى ببراءته منها بالحكم رقم 716 / 2011 جزاء رأس الخيمة.
حيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر أن حق التقاضي مكفول للجميع و الالتجاء إلى القضاء للذود عن الحق الذي يحميه القانون أمر مشـروع و لكن بشــرط ألا يسئ الشخص استعمال حقه في الالتجاء إلى القضاء الذي يشمل ما نص عليه القانون من إجراءات يتوصل بها الشخص إلى حقوقه – ومنها – طرق التنفيذ – ويكون استعمال هذا الحق غير مشـروع إذا أخذ استعماله إحدى الصور المشار إليها في المادة 106 من قانون المعاملات المدنية - وهي أ : إذا توافر قصد التعدي ، ب : إذا كانت المصالح التي أريد تحقيقها من هذا الاستعمال مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية أو القانون أو النظام العام أو الآداب. ج : إذا كانت المصالح المرجوة لا تتناسب مع ما يصيب الآخرين من ضرر . د : إذا تجاوز ما جرى عليه العرف والعادة ومبناها جميعها أن تكون الإجراءات المطلوبة كيدية مشوبة بسوء النية وقصد منها الإضرار بالخصم ، ويقع عبء الإثبات على عاتق الخصم الذي يدعي بوقوع ضرر له من هذه الإجراءات – ولا يكفي إثبات تصور صاحب الحق احتمال وقوع الضـرر من جراء استعماله لحقه لأن ذلك لا يعني بذاته قصد الأضرار، ومن المقرر أن لجوء الشخص إلى القضاء ورفض دعواه لا يفيد حتماً وبطريق اللزوم أن استعماله الدعوى – التي هي الوسيلة القانونية لحماية الحق – كان استعمالاً غير مشـروع إذ قد يكون رفض دعواه راجعاً لضعف حجته أو بيانه أو اطمئنان المحكمة إلى ما لم يكن في حسبانه، ومن المقرر كذلك أن تقدير ثبوت سوء النية والكيد و قصد الإضرار بالخصم أو نفيه – هو من مسائل الواقع التي يستقل قاضي الموضوع بتقديرها بغير معقب متى كان استخلاصه لذلك سائغاً ومستمداً مما له أصله بالأوراق و كافياً لحمل ما انتهى إليه في هذا الشأن، لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف قد أقامت قضاءها بتأييد الحكم المستأنف برفض طلب الطاعن بالتعويض عن واقعة اتهامه بسرقة الشيك موضوع الدعوى على ما استخلصته من أن الطاعن لم يثبت أياً من حالات الاستعمال غير المشروع للحق الواردة بالمادة 106 المشار إليها و أن المطعون ضدها قد استعملت حقها في التقاضي استعمالاً مشـروعاً بما ينفي عنها أي خطأ و ينفي مسئوليتها المدنية، وكان صدور الحكم بالبراءة لا يدل بذاته على تعسف الشاكي وسوء نيته فيكون ما خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز و بالتالي فهو غير مقبول .