الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 يناير 2021

الطعن 6768 لسنة 52 ق جلسة 13 / 4 / 1983 مكتب فني 34 ق 105 ص 511

جلسة 13 من إبريل سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان رئيس الجلسة وعضوية السادة المستشارين: حسين كامل حنفي، ومحمد ممدوح سالم، محمد رفيق البسطويسي ومحمود بهي الدين.

--------------

(105)
الطعن رقم 6768 لسنة 52 القضائية

محكمة الجنايات. حكم "سقوطه". قانون "تفسيره" "تطبيقه". نقض "حالاته. الخطأ في تطبيق القانون".
العبرة في شأن سقوط الأحكام الغيابية الصادرة من محكمة الجنايات بالوصف الذي أقيمت به الدعوى. مثال.

-----------------
لما كان الفصل الثالث من الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون الإجراءات الجنائية قد نظم الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين ونصت المادة 395 منه على أنه "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يبطل حتماً الحكم السابق صدوره" ونصت المادة 397 من ذات القانون على أنه "إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة" وكان مناط التفرقة بين نص المادتين 395، 397 من قانون الإجراءات الجنائية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الوصف الذي ترفع به الدعوى، فإذا رفعت بوصفها جناية سرى في حقها حكم المادة 395 من القانون المذكور ويبطل حتماً الحكم الصادر في غيبة المتهم بالقبض عليه وإعادة نظر الدعوى في حضوره، فإذا لم يمثل المتهم عند إعادة المحاكمة وجب اعتبار الحكم الغيابي قائماً. لما كان ذلك، وكانت الدعوى التي صدر فيها الحكم الغيابي على المطعون ضده قد رفعت إلى محكمة الجنايات بوصف أنها جناية مواقعة أنثى بغير رضاها، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الحكم الغيابي الذي صدر فيها بتاريخ 5 - 3 - 1978 على أساس أن الواقعة جنحة هتك عرض - قابلاً للمعارضة وقضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن لتخلف المحكوم عليه عن حضور الجلسة، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون على وجهه الصحيح بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: واقع.... بغير رضاها بأن أمسك بها وأرقدها على ظهرها ورفع ملابسها وأدخل قضيبه في فرجها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت غيابياً عملاً بالمادة 269/ 1 من قانون العقوبات بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور باعتبار أن الواقعة جنحة هتك عرض. فعارض المطعون ضده وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن.
فطعنت النيابة العامة في الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن في الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات بإدانة المطعون ضده باعتبار الواقعة جنحة لا جناية كما ورد بأمر الإحالة، قد خالف القانون، ذلك بأن الحكم الغيابي في هذه الحالة لا تقبل المعارضة فيه، وإنما يسقط وتعاد المحاكمة من جديد - بضبط المتهم وحضوره تلك المحاكمة إذ العبرة في وصف التهمة بالنسبة للحكم الصادر غيابياً بما يتضمنه أمر الإحالة لا بما ينتهي إليه الحكم.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده بأنه واقع أنثى بغير رضاها وطلبت عقابه بالمادة 267/ 1 من قانون العقوبات، فأمر مستشار الإحالة بإحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالوصف والمادة سالفي الذكر، وبتاريخ..... قضت هذه المحكمة غيابياً بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر واعتبرت الواقعة جنحة هتك عرض بغير قوة أو تهديد طبقاً للمادة 269/ 1 من قانون العقوبات. ولما ضبط المطعون ضده وعرض على محكمة الجنايات، أمرت بتمكينه من التقرير بالمعارضة في هذا الحكم، وإذ عارض، قضت تلك المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن لتخلفه عن حضور الجلسة المحددة لنظرها. لما كان ذلك وكان الفصل الثالث من الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون الإجراءات الجنائية قد نظم الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين ونصت المادة 395 منه على أنه "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يبطل حتماً الحكم السابق صدوره" ونصت المادة 397 من ذات القانون على أنه "إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة" وكان مناط التفرقة بين نص المادتين 395، 397 من قانون الإجراءات الجنائية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الوصف الذي ترفع به الدعوى، فإذا رفعت بوصفها جناية سرى في حقها حكم المادة 395 من القانون المذكور ويبطل حتماً الحكم الصادر في غيبة المتهم بالقبض عليه وإعادة نظر الدعوى في حضوره، فإذا لم يمثل المتهم عند إعادة المحاكمة وجب اعتبار الحكم الغيابي قائماً. لما كان ذلك، وكانت الدعوى التي صدر فيها الحكم الغيابي على المطعون ضده قد رفعت إلى محكمة الجنايات بوصف أنها جناية مواقعة أنثى بغير رضاها، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الحكم الغيابي الذي صدر فيها بتاريخ........ على أساس أن الواقعة جنحة هتك عرض - قابلاً للمعارضة وقضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن لتخلف المحكوم عليه عن حضور الجلسة، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون على وجهه الصحيح بما يوجب نقضه وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين وفقاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تصحح محكمة النقض الخطأ وتحكم بمقتضى القانون وتقضي باعتبار الحكم الغيابي قائماً.

الطعن 2037 لسنة 53 ق جلسة 30 / 11 / 1983 مكتب فني 34 ق 205 ص 1015

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، محمد ممدوح سالم، محمد رفيق البسطويسي وفتحي خليفة.

----------------

(205)
الطعن رقم 2037 لسنة 53 القضائية

 (1)قذف. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القذف المستوجب للعقاب. ماهيته؟
حق قاضي الموضوع في استخلاص وقائع القذف من عناصر الدعوى. لمحكمة النقض مراقبته فيما يرتبه من نتائج قانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال صحيح حكم القانون.
 (2)أسباب الإباحة وموانع العقاب. سب. قذف. دفاع "ما يستلزمه حق الدفاع. محاماة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع بإباحة القذف والسب".
- المادة 309 عقوبات تطبيق لمبدأ حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه مرتبطاً بالضرورة الداعية إليه.
تقدير ما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع. موضوعي.
الدفع بإباحة القذف والسب. من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع.
عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض . ما لم تكن وقائع الدعوى ترشح له.
 (3)إثبات "قوة الأمر المقضي". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية. ليست لها قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها. أساس ذلك؟
(4) سب وقذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام".
استخلاص القصد الجنائي في جريمة القذف والسب علناً. موضوعي.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة "أركانها" قصد جنائي. قذف وسب. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا محل للبحث في مسألة النية في جرائم القذف والسب. متى تحقق القصد الجنائي فيها. إلا إذا كان الطعن موجهاً إلى موظف عام. فيتعين أن يثبت المتهم سلامة نيته وأنه يبغي الدفاع عن مصلحة عامة وأن ما أسند إلى الموظف حقيقياً.
(6) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تزيد الحكم إلى ما لا أثر له في نتيجته. لا عيب. مثال.
(7) حق "حق التقاضي" "التعسف في استعمال الحق".
حق الالتجاء إلى القضاء يثبت للكافة. عدم مسئولية من يستعمله جنائياً أو مدنياً إلا إذا انحرف به عما وضع له ابتغاء مضارة للغير أياً كان طريق التقاضي الذي يسلكه.
 (8)استئناف "نظرة والحكم فيه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة الاستئنافية بمناقشة أسباب الحكم الابتدائي الصادر بالبراءة متى كان تسبيبها للإدانة سائغاً.

---------------
1 - لما كان الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً، هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية، أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه، ومن حق قاضي الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى، ولمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها ومرامي عباراتها، لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح، وكان الحكم الغيابي الاستئنافي الذي تبناه لأسبابه الحكم المطعون فيه، قد أورد أن الطاعن نسب إلى المجني عليهم في صحيفتي الدعويين المرفوعتين منه قبلهما، أن أحدهم وهو القاضي الذي حرر مسودة الحكم في الدعاوى أرقام...... قد تعمد التزوير في هذه المسودة وشاركه رئيس وعضو الدائرة وهي عبارات مهينة شائنة تنطوي بذاتها على المساس بكرامة القضاة المذكورين وشرفهم واعتبارهم، وتدعو إلى عقابهم قانوناً بجنايتي التزوير في الأوراق الرسمية والاشتراك فيها المعاقب عليهما بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن عملاً بالمادة 211 من قانون العقوبات فضلاً عما في تلك العبارات من دعوة إلى احتقارهم بين مخالطيهم ومن يعاشرهم في الوسط الذي يعيشون فيه، بل بين الناس كافة، الأمر الذي تتوافر به في حق الطاعن جريمتا القذف والإهانة كما هما معرفتان به في القانون، فإن النعي على الحكم في هذا المعنى يكون غير سديد.
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات، ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام، هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وأن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف بما يستلزمه الدفاع، متروك لمحكمة الموضوع، التي رأت أن عبارات الطاعن، على السياق المتقدم في حكمها، لا يسلتزمها الدفاع في القضيتين سالفتي الذكر، وهو ما تقرها عليه هذه المحكمة، فضلاً عن أن الدفع بإباحة القذف أو السب إعمالاً لحكم المادتين 302/ 2، 309 من قانون العقوبات، وإن كان دفاعاً جوهرياً، على المحكمة أن تعرض له في حكمها إيراداً ورداً، إلا أنه من الدفوع القانونية المختلطة بالوقائع، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - ما لم تكن وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم، ترشح لقيامه لأنه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفتها، وإذ كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة في الدرجتين أنها خلت من إثارة هذا الدفاع، ولم يدع الطاعن في طعنه أنه أثاره في مذكرته المقدمة أمام محكمة ثاني درجة، وخلت مدونات الحكم المطعون فيه مما يظاهر دعوى الطاعن في الاعتصام بهذا الحق، فإنه لا يجوز له من بعد إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
3 - لما كان من المقرر وفقاً للمادة 457 من قانون الإجراءات الجنائية، أن الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية لا تكون لها قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، ذلك بأن المحكمة الجنائية تختص بموجب المادة 212 من ذات القانون، بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وهي في محاكمة المتهمين عن الجرائم التي يعرض عليها الفصل فيها لا تتقيد بأي حكم لسواها.
4 - من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة القذف علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها، دون معقب عليها، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف، لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
5 - من المقرر أنه متى تحقق القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة، فلا محل للخوض في مسألة النية، إلا في صورة ما يكون الطعن موجهاً إلى موظف عام، ففي هذه الصورة إذا أفلح المتهم في إقناع المحكمة بسلامة نيته في الطعن، بأن كان يبغي به الدفاع عن مصلحة عامة، واستطاع مع ذلك أن يثبت حقيقة كل فعل أسنده إلى المجني عليه، فلا عقاب عليه برغم ثبوت قصده الجنائي، أما إذا تبين أن قصده من الطعن إنما هو مجرد التشهير والتجريح فالعقاب واجب ولو كان في استطاعته أن يثبت حقيقة كل ما أسنده إلى المجني عليهم.
6 - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يفلح في إقناع محكمة الموضوع بسلامة نيته في الطعن ولم يستطيع التدليل على حقيقة ما أسنده إلى المجني عليهم، فإن منعاه على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته من أنه "وقد حددت المادة 494 مرافعات الحالات التي يجوز فيها مخاصمة القضاة، على سبيل الحصر إذا وقع من القاضي في عمله غش أو تدليس أو غدراً أو خطأ مهني جسيم أو إنكار العدالة، وفي المقابل لذلك عند اتهام القضاة بأمور مؤثمة جنائياً، فإن المشرع رأى منعاً من اتخاذ إجراءات اتهام أو تحقيق أو محاكمة جنائية تعسفاً ضد قاضي للتنكيل به، قد جعل هذه الإجراءات، تحت إشراف لجنة متفرعة من المجلس الأعلى للهيئات القضائية مع مراعاة حكم المادتين 95، 96 من قانون السلطة القضائية" لا يعدو أن يكون تزيداً لم يكن له أثر في منطق الحكم ولا في النتيجة التي انتهى إليها، ذلك بأنه أقام قضاءه على ما تفصح عنه مدوناته - على أسباب مستقلة عما تزيد فيه من أسباب ورد عليها النعي ويستقيم الحكم بدونها، فإن منعى الطاعن في شأنها - بفرض صحته يكون غير منتج.
7 - من المقرر أن حق الالتجاء إلى القضاء وإن كان من الحقوق التي تثبت للكافة، فلا يكون من استعمله في حدوده مسئولاً جنائياً ومدنياً عما ينشأ من استعماله من ضرر للغير، إلا إذا انحرف بهذا الحق عما وضع له واستعمله استعمالاً كيدياً ابتغاء الإساءة إلى الغير والتشهير به ومضارته بأن كان مبطلاً في دعواه, لا يقصد منها إلا إيلام المدعى عليه والحط من كرامته وشرفه واعتباره والنيل منه فحينئذ تحق عليه المساءلة الجنائية متى توافرت عناصرها.
8 - لما كانت المحكمة الاستئنافية لا تلتزم عند إلغائها الحكم الابتدائي القاضي بالبراءة، بأن تناقش أسباب هذا الحكم، ما دام حكمها بالإدانة مبنياً على أسباب كافية تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - كالحال في الدعوى القائمة، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: أهان علانية محكمة قضائية هم السادة رئيس وأعضاء الدائرة...... بأن أسند إليهم ارتكاب تزوير بمسودة الحكم الصادر في الدعوى رقم...... على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانياً: قذف علانية في حق المحكمة القضائية المشكلة برئاسة الأستاذ/ ..... رئيس المحكمة وعضوية الأستاذين/ ..... و..... بأن أسند إليها في صحيفة دعوى التزوير الأصلية المشار إليها بالأوراق أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبة المقررة لذلك قانوناً وذلك بأن نسب إليهم ارتكاب تزوير في مسودة الحكم الصادر بتاريخ..... في الدعوى رقم.... مستعجل جنوب القاهرة وأن الهيئة تعمدت أن تضع واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وقد حصل هذا من المتهم بغير سلامة نية ودون أن يثبت الأفعال التي أسندها إلى المجني عليهم. وطلبت عقابه بالمواد 133، 134، 171 فقرة أخيرة، 185، 302/ 1، 303/ 2 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح عابدين الجزئية، قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم - الطاعن - مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - (بهيئة استئنافية) قضت بإجماع الآراء غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم خمسمائة جنيه. فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمتي قذف وإهانة محكمة قضائية، قد شابه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، ذلك بأنه اعتبر الوقائع التي رفع بها الطاعن دعواه المدنية بالتزوير، قذفاً معاقباً عليه، رغم أن تلك الدعوى أقيمت على أساس مخالفة الحكم للثابت في الأوراق، وهو أمر مباح له قانوناً كوسيلة مشروعة لتصحيح الأحكام الخاطئة، ولم يعرض للأسباب السائغة التي أقيم عليها الحكم الابتدائي الذي قضى ببراءته، فضلاً عن انحسار المسئولية الجنائية عنه إعمالاً لنص المادة 309 من قانون العقوبات لأنها تشمل بالإعفاء ما تنطوي عليه صحيفة الدعوى ومذكرات الخصوم فيها من قذف وسب ولا يترتب على ذلك إلا المقاضاة المدنية وقد أثبت الحكم الصادر في الدعوى رقم 893 لسنة 1978 مستعجل الجيزة وهو حكم قضائي نهائي، مخالفة حكم الحراسة الذي رفعت الدعوى بتزويره، للثابت في الأوراق، كما اتخذ الحكم المطعون فيه من عدم سلوك الطاعن طريق دعوى المخاصمة، سنداً لمساءلته جنائياً، مع أن من حقه أن يطعن بالتزوير في الحكم يختصم القضاة الذين أصدروه لا تثريب عليه حتى لو أخطأ في مباشرة الدعوى قبلهم بغير الطريق الذي رسمه القانون، ولم يلتزم بحجية الحكم الجنائي الصادر في الدعوى المستعجلة سالفة البيان، رغم نفيه الركن المادي للاتهام الماثل من حيث إثباته صحة مواضع الطعن بالتزوير التي وردت في صحف الطعن المذكور، هذا إلى أن تقديم بلاغ أو شكوى إلى جهة الاختصاص لا تتحقق به ركن العلانية لانتفاء قصد الإساءة، والتشهير الذي لا يتحقق إلا إذا وزعت الشكوى على عامة الناس بغير تمييز، وأن مجرد إسناد واقعة جنائية إلى شخص لا يكفي وحده لعقاب القاذف حسن النية إذا ما اعتقد بصحة بلاغه أو ما جاء بشكواه، وما أورده الطاعن في دعوى التزوير من عبارات تستلزمها طبيعة الدعوى كان يعتقد بصحتها، واقتصر نطاق العلم بها على موظفي جهة الاختصاص، وهو ما كان سيحدث لو أنه رفع دعوى مخاصمة، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم الغيابي الاستئنافي الذي تبناه الحكم المطعون فيه لأسبابه أنه حصل واقعة الدعوى في قوله إنها تخلص على ما يبين للمحكمة من الاطلاع على الأوراق، فيما أبلغ به بمذكرة بتاريخ 23 - 11 - 1976 السادة/ ..... و..... الرئيسين بالمحكمة و..... القاضي، الذين يشكلون الدائرة الثانية مستأنف مستعجل جنوب القاهرة، السيد المستشار رئيس محكمتي جنوب وشمال القاهرة من أنه بتاريخ 9 - 11 - 1976 أصدرت تلك الهيئة أحكامها، وأنه بتاريخ 10 - 11 - 1976 السيد أمين سر الجلسة بأنه قد تم إعلانه في ذلك اليوم بصحيفة دعوى تزوير أصلية مرفوعة من السيد/ ..... المحامي (المتهم المستأنف ضده) ضد المبلغين وهم الهيئة التي أصدرت الحكم الصادر ضده في الدعوى رقم... بمقولة إنهم قاموا بتزوير مسودة هذا الحكم وأن الهيئة تعمدت وضع واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وأن الذي ارتكب التزوير هو السيد عضو اليسار الذي كتب الأسباب وأن سائر أعضاء الهيئة شاركاه هذا التزوير، وأنه قد تحدد جلسة 20 - 12 - 1976 لنظر دعوى التزوير..... وأن المبلغين أضافوا أن ما تضمنته الصحيفة المعلنة لأمين سر الجلسة ينطوي على جريمتي القذف والبلاغ الكاذب المعاقب عليهما بالمواد 302، 303، 305 عقوبات واختتم المبلغون بلاغهم المتقدم بطلب التحقيق توطئة لرفع الدعوى العمومية قبل المتهم المستأنف ضده، وقد أرفق السادة المبلغون بشكواهم تلك الصورة ضوئية من عريضة دعوى التزوير سالفة الذكر, وأضاف الحكم أنه تبين من الاطلاع على أوراق الدعوى رقم 975 مدني جزئي عابدين لسنة 1976، أنها مقامة من المتهم المستأنف ضده، ضد كل من السادة/ .....،.....،..... بصفتهم يكونون رئيس وأعضاء الدائرة الثانية مستأنف مستعجل القاهرة والسيد وزير العدل بصفته متبوعاً من هؤلاء وكذلك آخرين هم.... التاجر والسيدة/ .....، وأمين سر الدائرة الثانية مستأنف مستعجل القاهرة وكاتب الصور بمحكمة القاهرة مستأنف مستعجل، وقد قيدت هذه الدعوى بقلم كتاب محكمة عابدين الجزئية، وتحدد لنظرها جلسة 20 - 12 - 1976، وقد جاء بصحيفتها أنه بتاريخ 9 - 11 - 1976 صدر من الدائرة الثانية مستأنف مستعجل القاهرة برئاسة وعضوية المدعى عليهم الثلاثة الأول في الاستئنافات المنضمة أرقام.....،.......،....... مستأنف مستعجل القاهرة، وأنه بمطالعة أسباب هذا الحكم تبين أنه ينطوي على مواضع للتزوير حددها المدعي (المستأنف ضده) بأنه ورد بالمسودة المطعون عليها ما يفيد وجود منازعة جدية حول ملكية المتهم المذكور قبل من يدعي.... ومن ثم تكون المحكمة (المدعى عليهم الثلاثة الأول) قد وضعوا واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وأن المسئول الأول عن ذلك التزوير، هو القاضي الذي كتب الأسباب (المدعى عليه الأول) وأن المدعى عليهما الثاني والثالث شاركاه في التزوير بمصادقتهما على هذه الواقعة المزورة، كما أضاف المدعي (المستأنف ضده) في صحيفة تلك الدعوى المضمومة أن ما جاء بمسودة الحكم من وجود منازعة جدية حول الملكية تستند فيها السيدة/ ...... لعقد عرفي، يعد تزويراً من المحكمة (المدعى عليهم الثلاثة الأول) بإثبات واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة، وذلك كله في ورقة رسمية هي مسودة الحكم المحررة بمعرفة موظف عمومي مختص بتحريرها وهو قاض، أما موضع التزوير الثالث فهو ما ورد بالمسودة المطعون عليها، من وجود دعوى ملكية مقامة أمام محكمة استئناف الإسكندرية، ولعدم وجود مثل هذه الدعوى فتكون المسودة مزورة أيضاً في الخصوص هذا، كما أضاف المستأنف ضده بذات العريضة بأن ما جاء بالمسودة من أنه أي (.....) يستند لوجود نزاع حول الملكية يعتبر أيضاً تزويراً، واختتم عريضة تلك الدعوى بطلب حكم برد وبطلان الأوراق المطعون عليها بالتزوير واعتبارها كأن لم تكن وهي مسودة الحكم الصادر في الدعاوى أرقام.....،.....،...... مستأنف مستعجل القاهرة مع ما يترتب على ذلك من آثار، كما طلب في ختام الصحيفة تحريز مسودة الحكم المطعون عليه مع حفظ حقه في مطالبة المدعى عليهم الثلاثة الأول بتعويض لا يقل عن نصف مليون جنيه. واسترسل الحكم يقول "إنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى رقم 984 لسنة 1976 مدني جزئي عابدين أنها مقامة من ذات المستأنف ضده، ضد ذات المدعى عليهم في الدعوى 975 لسنة 1976 مدني جزئي عابدين، وقد حدد بالصحيفة موضع التزوير بأن المسودة مزورة بواسطة المدعى عليهم الثلاثة الأول (السادة أعضاء الدائرة) بقبولهم استئناف السيدة/ ..... شكلاً رغم أنه استئناف منعدم وباطل، وكذلك حين قضى بتعيين السيدة المذكورة والمدعو..... التاجر حارسين على عقار النزاع، واختتم العريضة بطلب رد وبطلان نسخة الحكم الأصلية وكذلك مسودته،.... وقد تبين للمحكمة أن كلا الدعويين المضمومتين سالفتي البيان قد تقرر بشطبهما بجلسة 10 - 1 - 1977" وأردف الحكم قوله "إنه لما كانت مسودة الحكم هي ورقة رسمية وأن محررها والموقع عليها موظفون عموميون، ومن المقرر أن التزوير هو تغيير الحقيقة بقصد الغش في محرر من شأنه أن يسبب ضرر للغير مع انصراف نية الجاني إلى ذلك التغيير، وهذا النوع من المحررات الرسمية هو أشد أنواع التزوير خطراً ومن أجل ذلك خصه المشرع بالعقوبات الأشد وهي الأشغال الشاقة المؤقتة والسجن وفق ما نص عليه في المادتين 211، 213 عقوبات، و..... أنه بتطبيق مواد الاتهام على الوقائع المماثلة يبين أن المتهم المستأنف ضده قد قام بتحرير صحف دعاوى وقدمها لقلم كتاب محكمة عابدين الجزئية وقيدت بجدولها وسلمت أصول صحفها للمحضرين للإعلان وتم بالفعل إعلان المدعى عليه السابع منهم (أمين سر الدائرة الثانية مستأنف مستعجل) وقد تضمنت الصحيفتان ودون جدال وبطريق مباشر إسناد واقعة قيام القاضي الأستاذ.... بتزوير مسودة الحكم الصادر في الدعاوى أرقام.... مستأنف مستعجل القاهرة وأنه قد شاركه في ذلك التزوير رئيسا المحكمة الأستاذان..... و..... ولا شك أن ما أسنده المتهم المستأنف ضده للمذكورين يشكل إهانة موجهة إليهم بالكتابة الأمر المعاقب عليه بالمادة 133/ 1، 134 عقوبات والتي عبرت عنها محكمتنا العليا بأنه يكفي أن تحمل الإهانة معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة، ويكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف بغض النظر عن الباعث على توجيهها، فمتى يثبت للمحكمة صدور الألفاظ المهينة، فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإساءة أو الإهانة" ثم استطرد الحكم "أنه عن المادتين 302/ 1، 303/ 2 عقوبات فمن الثابت بالدعويين المضمومتين أن المتهم المستأنف ضده كمدع فيهما أسند للمجني عليهم أموراً هي التزوير في ورقة رسمية (مسودة الحكم) وبحكم كونهم موظفين عموميين، فذلك أمر لو كان صادقاً لأوجب عقابهم بالمادتين 211، 213 عقوبات فضلاً عن احتقارهم لدى المجتمع برمته وأمد الحياة، وهم من استخلفهم الله في الأرض للحكم بين عباده، ولا شك في رأي المحكمة أن ما ارتكبه المتهم المستأنف ضده على الوجه المتقدم ثابت في حقه ومعاقب عليه بالمادة 185 والمادتين 302/ 1، 303/ 2 عقوبات". لما كان ذلك، وكان الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً، هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية، أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه، ومن حق قاضي الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى، ولمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها ومرامي عباراتها، لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح، وكان الحكم الغيابي الاستئنافي الذي تبناه لأسبابه الحكم المطعون فيه، قد أورد أن الطاعن نسب إلى المجني عليهم في صحيفتي الدعويين المرفوعتين منه قبلهما، أن أحدهم وهو القاضي الذي حرر مسودة الحكم في الدعاوى أرقام..... مستأنف مستعجل القاهرة, قد تعمد التزوير في هذه المسودة وشاركه في ذلك زميلاه رئيس وعضو الدائرة وهي عبارات مهينة شائنة تنطوي بذاتها على المساس بكرامة القضاة المذكورين وشرفهم واعتبارهم، وتدعو إلى عقابهم قانوناً بجنايتي التزوير في الأوراق الرسمية والاشتراك فيها المعاقب عليهما بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن عملاً بالمادة 211 من قانون العقوبات فضلاً عما في تلك العبارات من دعوة إلى احتقارهم بين مخالطيهم ومن يعاشرهم في الوسط الذي يعيشون فيه، بل بين الناس كافة، الأمر الذي تتوافر به في حق الطاعن جريمتا القذف والإهانة كما هما معرفتان به في القانون، فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات، ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام، هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وأن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف بما يستلزمه الدفاع، متروك لمحكمة الموضوع، التي رأت أن عبارات الطاعن، على السياق المتقدم في حكمها، لا يستلزمها الدفاع في القضيتين سالفتي الذكر، وهو ما تقرها عليه هذه المحكمة، فضلاً عن أن الدفع بإباحة القذف أو السب إعمالاً لحكم المادتين 302/ 2، 309 من قانون العقوبات، وإن كان دفاعاً جوهرياً، على المحكمة أن تعرض له في حكمها إيراداً ورداً، إلا أنه من الدفوع القانونية المختلطة بالوقائع، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - ما لم تكن وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم، ترشح لقيامه لأنه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفتها، وإذ كان ذلك وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة في الدرجتين أنها خلت من إثارة هذا الدفاع، ولم يدع الطاعن في طعنه أنه أثاره في مذكرته المقدمة أمام محكمة ثاني درجة، وخلت مدونات الحكم المطعون فيه مما يظاهر دعوى الطاعن في الاعتصام بهذا الحق، فإنه لا يجوز له من بعد إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر وفقاً للمادة 457 من قانون الإجراءات الجنائية، أن الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية لا تكون لها قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، ذلك بأن المحكمة الجنائية تختص بموجب المادة 212 من ذات القانون، بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وهي في محاكمة المتهمين عن الجرائم التي يعرض عليها الفصل فيها لا تتقيد بأي حكم لسواها، فإن ما يثيره الطاعن من التفات الحكم المطعون فيه عما قضى به في الدعوى رقم 893 لسنة 1976 مدني مستعجل الجيزة بغرض التمسك بحجيته في الدعوى الماثلة - لا يكون له من محل لعدم جدواه، هذا إلى أن الطاعن وعلى ما سطره في أسباب طعنه، لم يذهب إلى أن الحكم في الدعوى المذكورة خلص في قضائه إلى أن المجني عليهم قد اقترفوا التزوير الذي عزاه إليهم، بل أورى أن الحكم آنف البيان قد أوقف تنفيذ حكم الحراسة لمخالفة مدوناته للثابت في الأوراق، وهو ما لا يظاهر الطاعن في إسناد واقعة التزوير إلى المجني عليهم، ومن ثم لا تجوز المحاجة به - بفرض أن له حجية أمام المحكمة الجنائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لركن العلانية في قول "إن المحكمة في مقام بحثها العقاب بمقتضى المادة 180 وكذلك المادتين 302/ 1، 303/ 2 عقوبات، ترى وجوب التصدي بداءة لبيان ركن العلانية، وذلك على ضوء أن ما قال به المتهم المستأنف ضده وأسنده إلى المجني عليهم من تزوير لمسودة الأحكام سالفة البيان ورد بصحف الدعويين المضمومتين، والمحكمة ترى أن تحرير هذه الصحف وإيداعها صورها قلم الكتاب وتسليمها للمحضرين للإعلان، وتداول جلستها في 20 - 12 - 1976 وحتى 10 - 1 - 1977 ما يكفي في ذاته لتوافر ركن العلانية على ما جرت به الفقرة الأخيرة من المادة 171 عقوبات، ومن المقرر قضاء أنه لا يشترط أن يكون التوزيع بالغاً حداً معيناً، بل يكفي أن يكون المكتوب قد وصل إلى عدد من الناس ولو كان قليلاً، بل قضى بأن العرائض التي تقدم إلى جهات الحكومة المتعددة بالطعن في حق موظف عام، وعلم مقدمها بأنها بحكم الضرورة تتداول بين أيدي الموظفين المختصين، تتوافر فيها العلانية، ولا شك أن المتهم المستأنف ضده يعلم حال كونه محامياً، أن صحف وإعلانات الدعويين المضمومتين والتي أسند فيها إلى القضاة المجني عليهم تزويراً، سوف تتداول بين أيدي الكثيرين، سواء عند تقدير الرسم وسداده، وتقديمها للقيد بقلم كتاب المحكمة وتحديد جلسة لنظر موضوعها، ثم تقديمها للقيد بقلم المحضرين وتوزيع صورها على المحضرين المختصين للإعلان بالدعوى بحكم طبيعتها وتعدد صورها وهي التجسيد الحي للعلانية" وكان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة القذف علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها، دون معقب عليها، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف، لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليهم، يكون قد دلل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه، وتنحسر به عنه دعوى القصور في التسبيب في هذا الشأن، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى تحقق القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة، فلا محل للخوض في مسألة النية، إلا في صورة ما يكون الطعن موجهاً إلى موظف عام، ففي هذه الصورة إذا أفلح المتهم في إقناع المحكمة بسلامة نيته في الطعن بأن كان يبغي به الدفاع عن مصلحة عامة، واستطاع مع ذلك أن يثبت حقيقة كل فعل أسنده إلى المجني عليه، فلا عقاب عليه برغم ثبوت قصده الجنائي، أما إذا تبين أن قصده من الطعن إنما هو مجرد التشهير والتجريح فالعقاب واجب ولو كان في استطاعته أن يثبت حقيقة كل ما أسنده إلى المجني عليهم، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يفلح في إقناع محكمة الموضوع بسلامة نيته في الطعن ولم يستطيع التدليل على حقيقة ما أسنده إلى المجني عليهم، فإن منعاه على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته من أنه "وقد حددت المادة 494 مرافعات الحالات التي يجوز فيها مخاصمة القضاة، على سبيل الحصر إذا وقع من القاضي في عمله غش أو تدليس أو غدراً أو خطأ مهني جسيم أو إنكار العدالة، وفي المقابل لذلك عند اتهام القضاة بأمور مؤثمة جنائياً، فإن المشرع رأى منعاً من اتخاذ إجراءات اتهام أو تحقيق أو محاكمة جنائية تعسفاً ضد قاضي للتنكيل به، قد جعل هذه الإجراءات، تحت إشراف لجنة متفرعة من المجلس الأعلى للهيئات القضائية مع مراعاة حكم المادتين 95، 96 من قانون السلطة القضائية" لا يعدو أن يكون تزيداً لم يكن له أثر في منطق الحكم ولا في النتيجة التي انتهى إليها، ذلك بأنه أقام قضاءه على ما تفصح عنه مدوناته - على أسباب مستقلة عما تزيد فيه من أسباب ورد عليها النعي ويستقيم الحكم بدونها، فإن منعى الطاعن في شأنها - بفرض صحته يكون غير منتج. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حق الالتجاء إلى القضاء وإن كان من الحقوق التي تثبت للكافة، فلا يكون من استعمله في حدوده مسئولاً جنائياً ومدنياً عما ينشأ من استعماله من ضرر للغير، إلا إذا انحرف بهذا الحق عما وضع له واستعمله استعمالاً كيدياً ابتغاء الإساءة إلى الغير والتشهير به ومضارته بأن كان مبطلاً في دعواه، لا يقصد منها إلا إيلام المدعى عليه والحط من كرامته وشرفه واعتباره والنيل منه, فحينئذ تحق عليه المساءلة الجنائية متى توافرت عناصرها - كالحال في الدعوى الماثلة - يستوي في ذلك أن تكون هذه الدعوى، دعوى عادية أم دعوى مخاصمة للقضاة أو من في حكمهم ممن نصت عليها المادة 494 من قانون المرافعات، فإنه يكون غير صحيح ما أثاره الطاعن في أسباب طعنه من أنه كان في مقدوره لو رفع دعوى مخاصمة قضائية أن يسند فيها إلى القضاة المذكورين ذات الوقائع التي أسندها إليهم في دعواه العادية قبلهم. ذلك أن أياً من الدعاوى يستعملها لا يفلت من القيوم التي ترد على حق الالتجاء إلى القضاء مما سبق إيراده. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاستئنافية لا تلتزم عند إلغائها الحكم الابتدائي القاضي بالبراءة، بأن تناقش أسباب هذا الحكم، ما دام حكمها بالإدانة مبنياً على أسباب كافية تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - كالحال في الدعوى القائمة، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، مع مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959.

الخميس، 21 يناير 2021

الطعن 16970 لسنة 72 ق جلسة 22 / 5 / 2014 مكتب فني 65 ق 110 ص 676

جلسة 22 من مايو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ مصطفى جمال الدين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ يحيى الجندي، علي عبد المنعم، وائل داود وأيمن حجاج نواب رئيس المحكمة. 
--------------
(110)
الطعن 16970 لسنة 72 القضائية
(1) حكم "الطعن في الأحكام: الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها". نقض "المصلحة في الطعن".
المصلحة مناط الدعوى. سريانها على الطعن بالنقض والاستئناف. معيارها. أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن. مؤداه. تضمن الطاعنة صحيفة طعنها الطعن في الحكم الاستئنافي المقام من المطعون ضده الأول والمقضي فيه بالرفض. لا مصلحة لها فيه. أثره. وجوب عدم قبول الطعن. 
(2 ، 3) عمل "إدارات قانونية: أثر القيد بجدول المحامين لعضو الإدارة القانونية: نقل". حكم "عيوب التدليل: ما يعد عيب".
(2) القيد في جداول المحامين المشتغلين. شرط شغل وبقاء واستمرار عضو الإدارة القانونية. عدم جواز نقله إلى وظيفة غير قانونية إلا بموافقته كتابة. المواد 12، 13، 19 ق 47 لسنة 1973. 
(3) نقل المطعون ضده الأول من العمل بالإدارة القانونية للعمل بوظيفة مدير إدارة الشئون الإدارية لفقده شرط القيد في جداول المحامين المشتغلين. قرار صحيح مبرءا من التعسف. قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان قرار النقل استنادا لتعسف الطاعنة في إصداره. خطأ. 
(4) نقض "أثر نقض الحكم".
نقض أحد أجزاء الحكم. مؤداه. نقض الأجزاء الأخرى المترتبة على الجزء المنقوض. م 271 مرافعات. 
--------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق حين الطعن بالنقض، كما تطبق في الدعوى حال رفعها وعند استئناف الحكم الذي يصدر فيها، ومعيار المصلحة الحق سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر الطاعن حين قضى برفض طلباته أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر، فلا مصلحة للطاعن فيما يكون قد صدر به الحكم وفق طلباته أو محققا مقصودة منها، ولما كان ذلك، وكان الثابت بصحيفة الطعن أن الطاعنة ضمنتها طعنا فيما قضى به الحكم المطعون فيه في الاستئناف رقم ... لسنة 13 ق استئناف القاهرة المقام من المطعون ضده الأول برفضه ولا مصلحة لها في الطعن في هذا الحكم الذي لم يضر بها، ومن ثم يتعين عدم قبوله. 
2 - إن مفاد النص في المواد 12، 13، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1973 في شأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها أن العضو الفني في الإدارات القانونية يجب أن تتوفر فيه الشروط المقررة في نظام العاملين المدنيين في الدولة أو القطاع العام وأن يكون مقيدا بجداول المحامين المشتغلين بالمحاماة وأن ترقيته في الوظائف داخل الإدارة القانونية تتم وفقا لمدد قيده بجداول المحامين المشتغلين بالنقابة مما يكون معه شرط القيد في جداول المحامين المشتغلين هو شرط شغل وبقاء واستمرار ليكون عضوا فنيا بالإدارة القانونية ويسري عليه القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه لكي يتمتع بما ورد به من ضمانات بأن تكفل له في عمله ومن بينها عدم جواز نقله إلى وظيفة غير قانونية إلا بموافقته كتابة على ذلك. 
3 - إذ كان الثابت بأوراق الطعن أن المطعون ضده الأول كان يشغل وظيفة مدير إدارة بالإدارة القانونية وصدر قرار لجنة القيد بنقابة المحامين بنقله إلى جداول غير المشتغلين بأثر رجعي اعتبارا من 31/ 12/ 1974 وعقب عودته من الخارج فشل في استصدار قرار من النقابة المذكورة بنقله إلى جداول المحامين المشتغلين فأصدرت الطاعنة قرارها رقم 178 لسنة 1985 - المطعون عليه - بنقله من الإدارة القانونية للعمل بوظيفة مدير إدارة الشئون الإدارية وندبه للقيام بأعمال مدير عام الإدارة العامة لشئون العاملين لفقده شرط القيد في جداول المحاميين المشتغلين باعتباره أحد شروط الصلاحية لشغل الوظيفة فإن القرار يكون صحيحا ومبرءا من التعسف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وأيد حكم أول درجة في قضائه ببطلان قرار النقل المشار إليه استنادا إلى تعسف الطاعنة في إصداره لأنها لم تعرضه على لجنة الإدارات القانونية بوزارة العدل إعمالا للمادة 7 من القانون رقم 47 لسنة 1973 وأن نقله إلى جداول غير المشتغلين بالمحاماة كان نتيجة حتمية لموافقتها له على السفر للعمل بالخارج، فإنه يكون معيبا. 
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد رتب على قضائه ببطلان قرار النقل لخطأ الطاعنة وتعسفها في قضائه بالتعويض المقضي به وانتهت المحكمة إلى نقض الحكم في خصوص ما قصد به من بطلان القرار فيستتبع ذلك نقضه فيما قضى به من تعويض إعمالا للمادة 271/ 2 من قانون المرافعات. 
------------- 
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 1985 شمال القاهرة الابتدائية على الطاعنة - شركة ..... العامة للمقاولات - والمطعون ضدهما الثاني والثالث - السيد/ ..... ونقيب المحامين بصفته - انتهى فيها إلى طلب بطلان القرارين رقمي 127، 178 لسنة 1985 الصادرين من الطاعنة ويتضمن الأول ترقية المطعون ضده الثاني إلى وظيفة مدير الإدارة القانونية ويتضمن الثاني نقل المطعون ضده الأول إلى وظيفة إدارية وبطلان القرار الصادر من المطعون ضده الثالث، ويتضمن نقله من جدول المحامين المشتغلين بالمهنة إلى جدول الغير مشتغلين وإلزامهم بالتضامن فيما بينهم بأن يؤدوا إليه مبلغ 450000 جنيه تعويضا ماديا وأدبيا عما لحقه من أضرارا, وقال بيانا لها إنه من العاملين لدى الطاعنة بوظيفة مدير الإدارة القانونية وحصل على إجازة بدون مرتب للعمل بالخارج وأثناء ذلك تحصل المطعون ضده الثاني من المطعون ضده الثالث على قرار بنقله من جدول المشتغلين بالمحاماة إلى جدول غير مشتغلين اعتبارا من 31/ 12/ 1974 وبناء على ذلك أصدرت الطاعنة القرارين المشار إليهما وبعد أن عاد من الإجازة رفضت الطاعنة عودته إلى وظيفته التي كان عليها وهي مدير الإدارة القانونية الأمر الذي أصابه بضرر مادي وأدبي فأقام الدعوى للحكم له بطلباته سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره وأحالت الدعوى إلى التحقيق واستمعت لشهود الطرفين، حكمت بتاريخ 31/ 3/ 2009 بعدم اختصاصها بطلب بطلان قرار إحالة المطعون ضده الأول الصادر من المطعون ضده الثالث إلى جدول غير المشتغلين بالمحاماة وعدم قبول طلب التعويض المقام ضده لرفعه قبل الأوان ورفض طلب التعويض المقام ضد المطعون ضده الثاني وبطلان القرار الصادر من الطاعنة برقم 178 لسنة 1985 بنقل المطعون ضده الأول من عمله القانوني إلى عمل إداري وإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 60000 جنيه تعويضا ماديا ومبلغ 40000 جنيه تعويضا أدبيا عن الأضرار التي أصابته. استأنفت الطاعنة والمطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 13 ق س القاهرة، وبعد ضم الاستئنافين حكمت المحكمة في 19/ 9/ 2012 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للحكم الصادر في الاستئناف رقم ... لسنة 13 ق، وفي موضوع الطعن على الحكم الصادر في الاستئناف رقم ... لسنة 13 ق بنقضه. عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
--------------- 
المحكمة 
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه عن دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للحكم الصادر في الاستئناف رقم ... لسنة 13 ق استئناف القاهرة لانتفاء مصلحة الطاعنة فيه، فإن الدفع سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق حين الطعن بالنقض، كما تطبق في الدعوى حال رفعها وعند استئناف الحكم الذي يصدر فيها، ومعيار المصلحة الحق سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر الطاعن حين قضى برفض طلباته أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر، فلا مصلحة للطاعن فيما يكون قد صدر به الحكم وفق طلباته أو محققا مقصودة منها، ولما كان ذلك، وكان الثابت بصحيفة الطعن أن الطاعنة ضمنتها طعنا فيما قضى به الحكم المطعون فيه في الاستئناف رقم ... لسنة 13 ق استئناف القاهرة المقام من المطعون ضده الأول برفضه، ولا مصلحة لها في الطعن في هذا الحكم الذي لم يضر بها، ومن ثم يتعين عدم قبوله.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ذلك - قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك، تقول إنها وافقت على إعارة المطعون ضده الأول للعمل بالخارج بما لها من سلطة في ذلك وظلت وظيفته شاغرة حتى عاد للعمل ولكنه أثناء تلك الفترة صدر قرار المطعون ضده الثالث بنقله إلى جدول المحامين غير المشتغلين بمهنة المحاماة وإذ فشل في الحصول على قرار بعودته إلى جدول المحامين المشتغلين اضطرت إلى إصدار قراريها رقمي 127، 178 لسنة 1985 بترقية المطعون ضده الثاني إلى الوظيفة التي كان يشغلها المطعون ضده الأول لحاجة العمل ونقل الأخير من وظيفته القانونية إلى وظيفة غير قانونية لفقده أحد الشروط اللازمة لاستمرار شغله بوظيفته القانونية وهو القيد بجداول المحامين المشتغلين مما لا يكون معه محل لعرض قرار النقل على لجنة الإدارات القانونية بوزارة العدل للموافقة عليه مما ينفي عنها وصف التعسف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وأيد حكم أول درجة فيما قضى به من بطلان قرار النقل وإلزامها بالتعويض المقضي به تأسيسا على تعسفها في عملية النقل، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة 12 من القانون رقم 47 لسنة 1973 في شأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها قد جرى على أنه "يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف الفنية في الإدارات القانونية أن تتوفر فيه الشروط المقررة في نظام العاملين المدنيين في الدولة أو القطاع العام حسب الأحوال، وأن يكون مقيدا بجدول المحامين المشتغلين طبقا للقواعد الواردة في المادة التالية، وأن تتوفر فيه الشروط الأخرى التي تقررها اللجنة المنصوص عليها في المادة 7 من هذا القانون" والمادة 13 منه على أن "يشترط فيمن يشغل الوظائف الفنية بالإدارات القانونية أن يكون قد مضى على قيده بجدول المحامين المدة البينية قرين كل وظيفة منها وذلك على النحو الآتي..." والمادة 19 منه على أن "لا يجوز نقل أو ندب مديري وأعضاء الإدارات القانونية إلى وظائف غير قانونية إلا بموافقتهم الكتابية" مفاده أن العضو الفني في الإدارات القانونية يجب أن تتوفر فيه الشروط المقررة في نظام العاملين المدنيين في الدولة أو القطاع العام وأن يكون مقيدا بجداول المحامين المشتغلين بالمحاماة وأن ترقيته في الوظائف داخل الإدارة القانونية تتم وفقا لمدد قيده بجداول المحامين المشتغلين بالنقابة مما يكون معه شرط القيد في جداول المحامين المشتغلين هو شرط شغل وبقاء واستمرار ليكون عضوا فنيا بالإدارة القانونية ويسري عليه القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه لكي يتمتع بما ورد به من ضمانات بأن تكفل له في عمله ومن بينها عدم جواز نقله إلى وظيفة غير قانونية إلا بموافقته كتابة على ذلك، ولما كان ما تقدم، وكان الثابت بأوراق الطعن أن المطعون ضده الأول كان يشغل وظيفة مدير إدارة بالإدارة القانونية وصدر قرار لجنة القيد بنقابة المحامين بنقله إلى جداول غير المشتغلين بأثر رجعي اعتبارا من 31/ 12/ 1974 وعقب عودته من الخارج فشل في استصدار قرار من النقابة المذكورة بنقله إلى جداول المحامين المشتغلين فأصدرت الطاعنة قرارها رقم 178 لسنة 1985 - المطعون عليه - بنقله من الإدارة القانونية للعمل بوظيفة مدير إدارة الشئون الإدارية وندبه للقيام بأعمال مدير عام الإدارة العامة لشئون العاملين لفقده شرط القيد في جداول المحاميين المشتغلين باعتباره أحد شروط الصلاحية شغل الوظيفة فإن القرار يكون صحيحا ومبرءا من التعسف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وأيد حكم أول درجة في قضائه ببطلان قرار النقل المشار إليه استنادا إلى تعسف الطاعنة في إصداره لأنها لم تعرضه على لجنة الإدارات القانونية بوزارة العدل إعمالا للمادة 7 من القانون رقم 47 لسنة 1973، وأن نقله إلى جداول غير المشتغلين بالمحاماة كان نتيجة حتمية لموافقتها له على السفر للعمل بالخارج، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه نقضا جزئيا في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد رتب على قضائه ببطلان قرار النقل لخطأ الطاعنة وتعسفها في قضائه بالتعويض المقضي به وانتهت المحكمة إلى نقض الحكم في خصوص ما قصد به من بطلان القرار فيستتبع ذلك نقضه فيما قضى به من تعويض إعمالا للمادة 271/ 2 من قانون المرافعات.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم ... لسنة 13 ق استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من بطلان قرار نقل المطعون ضده الأول رقم 178 لسنة 1985 من عمله القانوني إلى عمله الإداري والتعويض المقضي به ورفض الدعوى في هذا الخصوص.

الطعن 2937 لسنة 74 ق جلسة 1 / 6 / 2014 مكتب فني 65 ق 112 ص 687

جلسة 1 من يونيو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ سيد عبد الرحيم الشيمي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ طلبة مهنى محمد، محمد عبد المحسن منصور، شهاوي إسماعيل عبد ربه وهشام عبد الحميد الجميلي نواب رئيس المحكمة. 
---------------
(112)
الطعن 2937 لسنة 74 القضائية
(1 – 2) أشخاص اعتبارية "أشخاص القانون العام: نطاق إعمال القانون 7 لسنة 2000". دعوى "إجراءات رفع الدعوى: طريقة رفع الدعوى: رفع الدعوى بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض".
(1) المنازعات بين الوزارات أو المحافظات أو الهيئات العامة أو الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض. عدم خضوعها لأحكام القانون 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق. المادتان 1، 11 منه. 
(2) النزاع بين هيئة الأوقاف المصرية الطاعنة والمطعون ضده الأول وزير التربية والتعليم بصفته بطلب التعويض عن الاستيلاء على عقار التداعي ومقابل عدم الانتفاع به. خروجه عن نطاق تطبيق القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق. أثره. للهيئة الطاعنة رفع الدعوى مباشرة دون تقديم طلب عرض على لجان التوفيق المشكلة بذلك القانون. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون. خطأ. 
----------------
إن النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها على أن "ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة". والمادة الحادية عشر منه على أنه "... لا تقبل الدعاوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول ....". مؤداه استبعاد بعض المنازعات من مجال إعمال أحكام هذا القانون, ومن بينها المنازعات التي تنشأ بين الوزارات أو المحافظات أو الهيئات العامة أو الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض. 
2 - إذ كان النزاع في حقيقته يدور بين الطاعنة "هيئة الأوقاف المصرية" وهي إحدى الهيئات العامة وبين وزارة التربية والتعليم التي يمثلها المطعون ضده الأول بصفته "وزير التربية والتعليم" للمطالبة بالتعويض عن الاستيلاء على العقار محل التداعي ومقابل عدم الانتفاع به، ومن ثم فإن هذا النزاع يخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها مع العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، بما يحق معه للهيئة الطاعنة رفع دعواها مباشرة أمام القضاء دون أن يسبقها تقديم طلب لعرض النزاع على اللجان آنفة البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. 
------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم .... لسنة 2001 مدني طنطا الابتدائية على المطعون ضدهم بصفاتهم بطلب الحكم بندب خبير لمعاينة أرض التداعي لتحديد قيمتها ومقابل عدم الانتفاع بها من تاريخ الاستيلاء عليها وإلزامهم بأن يؤدوا إليها قيمتها ومقابل عدم الانتفاع من وقت الاستيلاء حتى تاريخ أداء التعويض, على سند من أن الأرض وقف المرحوم/ ...... استغلها المطعون ضده الأخير كحوش وملعب وقد صدر لها قرار بربط مقابل الانتفاع بها عن الفترة من 1/ 1/ 1973 حتى 30/ 6/ 2000 مبلغ 15603.180 جنيها، وإذا امتنعوا عن سداده بقالة إنه صدر قرار بتخصيصها للمنفعة العامة, ومن ثم أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى, وبعد أن أودع الخبير تقريره، حكمت بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 53 ق طنطا، وبتاريخ 18/ 2/ 2014 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
------------ 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق, إذ قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني لعدم اللجوء قبل رفعها إلى لجان التوفيق في بعض المنازعات في حين أنه تمسك في دفاعه إلى أن النزاع المطروح ليس من الحالات التي شملها القانون 7 لسنة 2000 وتوجب رفعها ابتداء إلى تلك اللجنة إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها على أن "ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة". والمادة الحادية عشر منه على أنه "... لا تقبل الدعاوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول....". مؤداه استبعاد بعض المنازعات من مجال إعمال أحكام هذا القانون ومن بينها المنازعات التي تنشأ بين الوزارات أو المحافظات أو الهيئات العامة أو الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض. لما كان ذلك، وكان النزاع في حقيقته يدور بين الطاعنة "هيئة الأوقاف المصرية" وهي إحدى الهيئات العامة وبين وزارة التربية والتعليم التي يمثلها المطعون ضده الأول بصفته "وزير التربية والتعليم" للمطالبة بالتعويض عن الاستيلاء على العقار محل التداعي ومقابل عدم الانتفاع به، ومن ثم فإن هذا النزاع يخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها مع العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، بما يحق معه للهيئة الطاعنة رفع دعواها مباشرة أمام القضاء دون أن يسبقها تقديم طلب لعرض النزاع على اللجان آنفة البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون لا تستنفد به ولايتها في نظر النزاع، فإنه يتعين إلغاؤه مع إعادة الأوراق لمحكمة أول درجة لنظر موضوع الدعوى.

الطعن 6955 لسنة 80 ق جلسة 21 / 5 / 2014 مكتب فني 65 ق 109 ص 669

جلسة 21 من مايو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ صلاح سعداوي سعد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، شريف حشمت جادو، عمر السعيد غانم ومحمد عبد العظيم عقبة نواب رئيس المحكمة. 
---------------- 
(109)
الطعن 6955 لسنة 80 القضائية
(1) نقض "جواز الطعن بالنقض: الأحكام الجائز الطعن فيها بالنقض".
الطعن بالنقض. طريق غير عادي للطعن. جوازه في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إذا جاوزت قيمة الدعوى مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة. م 248 مرافعات المعدلة بق 76 لسنة 2007. الاستثناء. جواز الطعن بالنقض في الأحكام الانتهائية أيا كانت المحكمة التي أصدرتها متى فصلت في نزاع خلافا لحكم آخر سبق صدوره بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي. م 249 ق المرافعات. 
(2) حكم "الطعن في الحكم: مدى تعلقه بالنظام العام".
الطعن في الأحكام. تعلقه بالنظام العام. 
(3) محاكم اقتصادية "الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية".
الدعاوى الاقتصادية المستأنفة أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية. عدم جواز الطعن عليها بالنقض. شرطه. عدم مخالفة الحكم لقواعد الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي. علة ذلك. 
(4) اختصاص "الإحالة إلى المحكمة المختصة: قرار المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة". محاكم اقتصادية "اختصاص المحاكم الاقتصادية: الاختصاص النوعي".
قرار المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى المحكمة الاقتصادية للاختصاص النوعي. انطواؤه على قضاء ضمني بعدم الاختصاص. التزام المحكمة المحال إليها به. علة ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ ومخالفة للقانون. جواز الطعن عليه بطريق النقض. 
(5) نقض "أثر نقض الحكم: نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص".
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. وجوب أن تقتصر محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص. عند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة. م 269/ 1 مرافعات. "مثال: بشأن دعوى اقتصادية". 
------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الطعن بالنقض طريق غير عادي أجازه المشرع أصلا في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في حالات بينها حصرا في المادة 248 من قانون المرافعات وذلك إذا جاوزت قيمة الدعوى مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة إلا أنه أجاز في نص المادة 249 من ذلك القانون الطعن استثناء في الأحكام الانتهائية - أيا كانت المحكمة التي أصدرتها - إذا كانت قد فصلت في نزاع خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن جواز الطعن في الأحكام من النظام العام تعمله المحكمة من تلقاء نفسها. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 الخاص بتنظيم الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية "فيما عدا الأحكام الصادرة في مواد الجنايات والجنح والأحكام الصادرة ابتداء من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية بطريق النقض..."، بما مفاده أن الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية القابلة للطعن بالنقض هي التي تصدر ابتداء من الدوائر الاستئنافية أما الدعاوى التي تنظر أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة ابتدائية ويكون الفصل في الطعن عليها أمام المحكمة - بهيئة استئنافية - فلا يجوز الطعن عليها بطريق النقض - دون الإخلال بحكم المادة 250 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - إلا أن مناط إعمال هذه القاعدة القانونية التي اختص بها المشرع الدعاوى أمام المحاكم الاقتصادية وهي استثناء على القواعد العامة عند تحديد الاختصاص النهائي للمحاكم ألا تكون المحكمة قد خالفت قواعد الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي التي رسمها القانون وألا تخرج صراحة أو ضمنا على ما كان من تلك القواعد متعلقا بالنظام العام، وأن يحترم مبدأ حجية الأحكام إذ إن هذه الحجية تسمو على اعتبارات النظام العام فإنه طبقا للمادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها سواء كانت الإحالة بحكم أو قرار يعني التزامها وجوبا بالفصل في الدعوى ذلك أن المشرع استهدف من ذلك حسم المنازعات ووضع حد لها، فلا تتقاذفها أحكام عدم الاختصاص من محكمة لأخرى وفي ذلك مضيعة للوقت فقد بات ممتنعا على المحكمة التي تحال إليها الدعوى بحكم بعدم الاختصاص من المحكمة المحيلة أن تعاود بحث في موضوع الاختصاص طالما أن الحكم التزم القواعد القانونية الآمرة سالفة البيان فإن وقع الحكم مخالفا لتلك القواعد فلا يحصنه من الطعن عليه أمام محكمة النقض وبالتالي إن خرجت المحاكم الاقتصادية على هذه المبادئ القانونية فلا يكون ثمة محل للقول بأن يفلت هذا الحكم المخالف من رقابة محكمة الطعن بحجة أن الحكم صدر من المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية بصفتها محكمة درجة ثانية، والقول بغير ذلك يعد مخالفا لتحقيق العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية. 
4 - إذ كان الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 21/1/2009 قررت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية إحالة الدعوى الراهنة إلى محكمة القاهرة الاقتصادية وذلك للاختصاص النوعي ثم قيدت الدعوى بالمحكمة، وبتاريخ 28/10/2009 حكمت محكمة القاهرة الاقتصادية بعدم اختصاصها نوعيا وإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية رغم أن قرار المحكمة لم يطعن عليه فأضحى نهائيا وباتا وحائزا لقوة الأمر المقضي التي تعلو على اعتبارات النظام العام، ومن ثم فقد كان لزاما على المحكمة المحال إليها أن تلتزم بالفصل في الدعوى باعتبار أن هذا القرار ينطوي على قضائه بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولا تتصدى من جديد لمسألة الاختصاص كما يمتنع عن الخصوم معاودة الجدل فيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه الصادر من الدائرة الاستئنافية هذا النظر ولم يقيد بمسألة الاختصاص، باعتبار أن الفصل في الاختصاص سابق على الفصل في الشكل وهو من النظام العام، فإن قضاءه ينطوي على الموافقة ضمنا على عدم اختصاص محكمة القاهرة الاقتصادية، وكان لا يمكن لمحكمة النقض التي تراقب صحة تطبيق القانون أن تساير الحكم المطعون فيه في خطئه وأن تفعل هذه القاعدة الأصولية سالفة البيان، وأن يفلت هذا الحكم من الطعن عليه أمام محكمة النقض بل تقبل الطعن وتتصدى لما قضى به من خطأ، ويضحى الطعن بالنقض جائزا، وإذ كان الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية على هذا النحو قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفصل في شكل الاستئناف وموضوعه بما ينطوي قضاؤه على الموافقة ضمنيا على عدم اختصاص محكمة القاهرة الاقتصادية بنظر الدعوى، فإنه يكون معيبا. 
5 - إذ كانت المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص، تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة"، الأمر الذي يتعين إحالة القضية إلى الدائرة الثالثة الابتدائية محكمة القاهرة الاقتصادية. 
------------ 
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده - بنك... - تقدم إلى قاضي الأمور الوقتية - بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بطلب استصدار أمر بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ ... جنيه والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد على سند من أن المطعون ضده يداينها بهذا المبلغ بموجب سندين إذنيين، وامتنعت عن السداد، فتقدم بطلبه رفض قاضي الأمور الوقتية الطلب وحدد جلسة لنظر الموضوع، وقيدت الدعوى برقم ... لسنة 2008 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية، وبتاريخ 21/1/2009 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الاقتصادية المختصة نوعيا بنظر النزاع، وقيدت الدعوى برقم ... لسنة 2009 اقتصادية القاهرة الابتدائية، وبتاريخ 28/10/2009 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - الدائرة التجارية - المختصة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 1 ق اقتصادية - الدائرة الاستئنافية - بتاريخ 16/2/2010 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن، وإذ عرض على دائرة فحص الطعون، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
-------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم جواز الطعن فهو غير سديد، ذلك أن الأصل المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بالنقض طريق غير عادي أجازه المشرع أصلا في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في حالات بينها حصرا في المادة 248 من قانون المرافعات وذلك إذا جاوزت قيمة الدعوى مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة إلا أنه أجاز في نص المادة 249 من ذلك القانون الطعن استثناء في الأحكام الانتهائية - أيا كانت المحكمة التي أصدرتها - إذا كانت قد فصلت في نزاع خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي كما أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن جواز الطعن في الأحكام من النظام العام تعمله المحكمة من تلقاء نفسها، ومن المقرر أن النعي في المادة 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 الخاص بتنظيم الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية" فيما عدا الأحكام الصادرة في مواد الجنايات والجنح والأحكام الصادرة ابتداء من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية بطريق النقض..."، بما مفاده أن الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية القابلة للطعن بالنقض هي التي تصدر ابتداء من الدوائر الاستئنافية أما الدعاوى التي تنظر أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة ابتدائية ويكون الفصل في الطعن عليها أمام المحكمة - بهيئة استئنافية - فلا يجوز الطعن عليها بطريق النقض - دون الإخلال بحكم المادة 250 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - إلا أن مناط إعمال هذه القاعدة القانونية التي اختص بها المشرع الدعاوى أمام المحاكم الاقتصادية وهي استثناء على القواعد العامة عند تحديد الاختصاص النهائي للمحاكم ألا تكون المحكمة قد خالفت قواعد الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي التي رسمها القانون وألا تخرج صراحة أو ضمنا على ما كان من تلك القواعد متعلقا بالنظام العام، وأن يحترم مبدأ حجية الأحكام إذ إن هذه الحجية تسمو على اعتبارات النظام العام فإنه طبقا للمادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها سواء كانت الإحالة بحكم أو قرار يعني التزامها وجوبا بالفصل في الدعوى ذلك أن المشرع استهدف من ذلك حسم المنازعات ووضع حد لها، فلا تتقاذفها أحكام عدم الاختصاص من محكمة لأخرى وفي ذلك مضيعة للوقت فقد بات ممتنعا على المحكمة التي تحال إليها الدعوى بحكم بعدم الاختصاص من المحكمة المحلية أن تعاود بحث في موضوع الاختصاص طالما أن الحكم التزم القواعد القانونية الآمرة سالفة البيان فإن وقع الحكم مخالفا لتلك القواعد فلا يحصنه من الطعن عليه أمام محكمة النقض وبالتالي إن خرجت المحاكم الاقتصادية على هذه المبادئ القانونية فلا يكون ثمة محل للقول بأن يفلت هذا الحكم المخالف من رقابة محكمة الطعن بحجة أن الحكم صدر من المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية بصفتها محكمة درجة ثانية والقول بغير ذلك يعد مخالفا لتحقيق العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 21/1/2009 قررت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية إحالة الدعوى الراهنة إلى محكمة القاهرة الاقتصادية وذلك للاختصاص النوعي ثم قيدت الدعوى بالمحكمة، وبتاريخ 28/10/2009 حكمت محكمة القاهرة الاقتصادية بعدم اختصاصها نوعيا وإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية رغم أن قرار المحكمة لم يطعن عليه فأضحى نهائيا وباتا وحائزا لقوة الأمر المقضي التي تعلو على اعتبارات النظام العام، ومن ثم فقد كان لزاما على المحكمة المحال إليها أن تلتزم بالفصل في الدعوى باعتبار أن هذا القرار ينطوي على قضائه بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولا تتصدى من جديد لمسألة الاختصاص كما يمتنع عن الخصوم معاودة الجدل فيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه الصادر من الدائرة الاستئنافية هذا النظر ولم يقيد بمسألة الاختصاص، باعتبار أن الفصل في الاختصاص سابق على الفصل في الشكل وهو من النظام العام، فإن قضاءه ينطوي على الموافقة ضمنا على عدم اختصاص محكمة القاهرة الاقتصادية، وكان لا يمكن لمحكمة النقض التي تراقب صحة تطبيق القانون أن تساير الحكم المطعون فيه في خطئه وأن تفعل هذه القاعدة الأصولية سالفة البيان وأن يفلت هذا الحكم من الطعن عليه أمام محكمة النقض بل تقبل الطعن وتتصدى لما قضى به من خطأ، ويضحى الطعن بالنقض جائزا، وإذ كان الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية على هذا النحو قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفصل في شكل الاستئناف وموضوعة بما ينطوي قضاؤه على الموافقة ضمنيا على عدم اختصاص محكمة القاهرة الاقتصادية بنظر الدعوى، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
وحيث إنه لما تقدم، وكانت المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص، تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة"، الأمر الذي يتعين إحالة القضية إلى الدائرة الثالثة الابتدائية محكمة القاهرة الاقتصادية.

الطعن 6302 لسنة 74 ق جلسة 2 / 6 / 2014 مكتب فني 65 ق 113 ص 691

جلسة 2 من يونيو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مجدي مصطفى، أحمد رشدي سلام، عصام توفيق ورفعت هيبة نواب رئيس المحكمة. 
---------------
(113)
الطعن 6302 لسنة 74 القضائية
(1) مسئولية "من صور المسئولية: المسئولية عن إساءة استعمال الحق". ملكية "نطاق حق الملكية".
حق الجار. مناطه. التزام الجار بألا يلحق بجاره ضررا يجاوز الحد المألوف. التزام مصدره القانون بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية. م 807 مدني. 
(2 - 5) تعويض "صور التعويض: التعويض عن مجاوزة الحدود الموضوعية للحق". مسئولية "من صور المسئولية: المسئولية عن إساءة استعمال الحق".
(2) ضرر الجار غير المألوف. مناطه. الضرر الجسيم الذي يتأذى منه الجار ولا يحتمله أو يتسامح فيه الناس عادة. 
(3) مسئولية الجار عن الأضرار غير المألوفة التي حاقت بجاره. مناطها. ثبوت أن المضار غير المألوفة ناجمة عن مباشرته لسلطات وعناصر حق الملكية أو الانتفاع أو الإجارة أو أي حق آخر ولو لم يلامسها شيء من التقصير في جانبه م 807 مدني. 
(4) عدم ثبوت الخطأ في جانب الجار أو كون النشاط الناتج عنه الضرر مرخصا له من الجهة الإدارية. لا أثر لهما في قيام تلك المسئولية. 
(5) قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعن بالتعويض عن الأضرار التي حاقت بمنزله من شروخ وتشققات جراء ما أحدثته معدات ورشة المطعون ضده المجاورة له من اهتزازات شديدة عند تشغيلها استنادا إلى أن تلك الورشة مطابقة لشروط الترخيص الصادر له من الجهة المختصة مرتبا انتفاء مسئوليته عن الأضرار التي لحقت بمنزل الطاعن. خطأ وفساد. علة ذلك. 
-------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص المادة 807 مدني يدل على أن المشرع أنشأ بهذا النص - الذي استلهمه من أحكام الشريعة الإسلامية - التزاما مصدره المباشر القانون بين أركانه وحدد نطاقه ومداه, فرض بموجبه على الجار ألا يلحق بجاره ضرر يجاوز الحد المألوف. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المقصود بالضرر غير المألوف الذي أوجب المشرع رفعه وجبره هو الضرر الجسيم الذي يتأذى منه الجار ولا يحتمله أو يتسامح فيه الناس عادة. 
3 - إن المناط في تحقق مسئولية الجار هو قيام الدليل على أن المضار غير المألوفة التي حاقت بجاره ناجمة عن مباشرة الأول لسلطات وعناصر حق الملكية أو الانتفاع أو الإجارة أو أي حق آخر ولو لم يلامسها شيء من التقصير في جانبه, ذلك أن نص المادة 807 من القانون المدني واضح جلي المعنى قاطعا في دلالته على أن المسئولية الناشئة عن مضار الجوار غير المألوفة يكفي لتحققها ثبوت هذه المضار. 
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يشترط لقيام مسئولية الجار ثبوت الخطأ في جانبه ويؤيد هذا النظر أن الترخيص الإداري الصادر من الجهات المختصة لا أثر له في قيام هذه المسئولية ولا يعصم الجار المسئول من آثارها. 
5 - إقامة الحكم المطعون فيه قضاؤه على أن الورشة المملوكة للمطعون ضده مطابقة لشروط الترخيص الصادر له من الجهة المختصة بما ينفي الخطأ في جانبه ورتب على ذلك انتفاء مسئوليته عن الأضرار التي لحقت بمنزل الطاعن في حين إن هذا الترخيص لا يدرء مسئولية المطعون ضده عن هذه الأضرار التي جاوزت الحد المألوف وفقا للثابت من تقرير الخبير المنتدب ويكفي لتحققها قيام الدليل على أن تلك الأضرار ناشئة عن استغلاله لورشته، ولا يغير من ذلك ما قرره الحكم من أن تلك الأضرار ليست ناجمة عن الاهتزازات التي تحدثها معدات ورشة المطعون ضده عند تشغيلها مستدلا على ذلك بأن المنزل الكائن به الورشة لم يحدث به شروخ أو تشققات دون أن يبين المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة التي خلت الأوراق من أي دليل عليها، فإنه يكون معيبا - فضلا عن الخطأ في تطبيق القانون - بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه. 
-------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى .... لسنة 2001 م. ك شبين الكوم بطلب إلزام الطاعن أن يؤدي له مبلغ مائة ألف جنيه تعويضا عما حاق به من أضرار مادية وأدبية الناجمة عن بلاغ الأخير للنيابة العامة متهما إياه بإحداث تشققات وشروخ بمنزله نتيجة استعمال ماكينات بورشة النجارة المملوكة للمطعون ضده. وإذ ثبت عدم صحة الواقعة فأقام الدعوى. وجه الطاعن دعوى فرعية بطلب إلزام المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا عن الأضرار التي لحقت به بسبب استخدامه معدات تحدث اهتزازات شديدة عند تشغيلها مما أدى إلى تصدع منزله المجاور لورشة المطعون ضده وحدوث شروخ وتشققات به، ومن ثم أقام الدعوى، حكمت المحكمة برفض الدعويين الأصلية والفرعية، فاستأنف الطاعن هذا الحكم برقم .... لسنة 35ق استئناف طنطا - مأمورية شبين الكوم - كما استأنفه المطعون ضده أمام ذات المحكمة برقم .... لسنة 35 ق. ضمت المحكمة الاستئنافين وندبت خبيرا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ .../.../2004 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المعدات التي يستخدمها المطعون ضده في ورشة النجارة المملوكة له تحدث عند تشغيلها اهتزازات شديدة أدت وفقا للثابت من تقرير الخبير المنتدب إلى تصدع منزله وحدثت شروخ به تعد من مضار الجوار غير المألوفة توجب مسئولية المطعون ضده، فأطرح الحكم هذا الدفاع استنادا إلى أن الورشة المشار إليها مطابقة لشروط الترخيص الإداري ورتب على ذلك نفي الخطأ في جانب المطعون ضده في حين أن الترخيص لا يدرء مسئوليته عن مضار الجوار غير المألوفة، كما دلل الحكم على عدم وقوع أضرار بمنزل الطاعن نتيجة تشغيل معدات الورشة المذكورة بأن المنزل الكائن به الورشة لم يحدث به شروخ أو تشققات دون بيان المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة التي خلت من دليل عليها ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 807 من القانون المدني على أنه (1) على المالك ألا يغلو في استعمال حقه إلى حد يضر بملك جارة. (2) وليس للجار أن يرجع على جاره في مضار الجوار المألوفة التي لا يمكن تجنبها وإنما له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف، على أن يراعى في ذلك العرف، وطبيعة العقارات، وموقع كل منها بالنسبة إلى الآخر، والغرض الذي خصصت له، ولا يحول الترخيص الصادر من الجهات المختصة دون استعمال هذا الحق". يدل على أن المشرع أنشأ بهذا النص - الذي استلهمه من أحكام الشريعة الإسلامية - التزاما مصدره المباشر القانون بين أركانه وحدد نطاقه ومداه، فرض بموجبه على الجار ألا يلحق بجاره ضرر يجاوز الحد المألوف، والمقصود بالضرر غير المألوف الذي أوجب المشرع رفعه وجبره هو الضرر الجسيم الذي يتأذى منه الجار ولا يحتمله أو يتسامح فيه الناس عادة، ومن ثم فإن المناط في تحقق مسئولية الجار هو قيام الدليل على أن المضار غير المألوفة التي حاقت بجاره ناجمة عن مباشرة الأول السلطات وعناصر حق الملكية أو الانتفاع أو الإجارة أو أي حق آخر ولو لم يلامسها شيء من التقصير في جانبه، ذلك أن نص المادة 807 من القانون المدني واضح جلي المعنى قاطعا في دلالته على أن المسئولية الناشئة عن مضار الجوار غير المألوفة يكفي لتحققها ثبوت هذه المضار ولا يشترط لقيامها ثبوت الخطأ في جانب الجار ويؤيد هذا النظر أن الترخيص الإداري الصادر من الجهات المختصة لا أثر له في قيام هذه المسئولية ولا يعصم الجار المسئول من آثارها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن الورشة المملوكة للمطعون ضده مطابقة لشروط الترخيص الصادر له من الجهة المختصة بما ينفي الخطأ في جانبه ورتب على ذلك انتفاء مسئوليته عن الأضرار التي لحقت بمنزل الطاعن في حين أن هذا الترخيص لا يدرء مسئولية المطعون ضده عن هذه الأضرار التي جاوزت الحد المألوف وفقا للثابت من تقرير الخبير المنتدب ويكفي لتحققها قيام الدليل على أن تلك الأضرار ناشئة عن استغلاله لورشته، ولا يغير من ذلك ما قرره الحكم من أن تلك الأضرار ليست ناجمة عن الاهتزازات التي تحدثها معدات ورشة المطعون ضده عند تشغيلها مستدلا على ذلك بأن المنزل الكائن به الورشة لم يحدث به شروخ أو تشققات دون أن يبين المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة التي خلت الأوراق من أي دليل عليها، فإنه يكون معيبا فضلا عن الخطأ في تطبيق القانون بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.

الطعن 4255 لسنة 83 ق جلسة 2 / 6 / 2014 مكتب فني 65 ق 114 ص 696

جلسة 2 من يونيو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مجدي مصطفى، أحمد رشدي سلام، عصام توفيق نواب رئيس المحكمة وأحمد فاروق. 
----------------
(114)
الطعن 4255 لسنة 83 القضائية
(1 - 4) إثبات "طرق الإثبات: البينة: المانع من الحصول على الكتابة: المانع الأدبي".
(1) جواز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة عند وجود مانع أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي. م 63 إثبات. 
(2) البينة لا تكمل الدليل الكتابي بل تحل محله. مؤداه. جواز أن تنقض الثابت بالكتابة أو تضيف إليه. 
(3) الموانع الأدبية. مناطها. ظروف انعقاد التصرف والعلاقة بين طرفيه. 
(4) صلة القرابة. لا تعد مانعاً أدبياً يحول دون الحصول على دليل كتابي. قاضي الموضوع. استقلاله بتقديرها. تمسك الخصم بوجود مانع أدبي حال دون الحصول على دليل كتابي. دفاع جوهري. محكمة الموضوع. التزامها ببحثه وإلا كان حكمها قاصرا. م 63 ق الإثبات. 
(5) إثبات "طرق الإثبات: البينة: المانع من الحصول على الكتابة: المانع الأدبي". صورية "إثبات الصورية".
تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع بصورية عقد البيع موضوع التداعي بالصورية المطلقة لقيام مانع أدبي - رابطة الأمومة - حال دون حصولها على دليل كتابي من المطعون ضده الأول - المتصرف إليه - طالبة إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات تلك الصورية وقدمت من المستندات الدال على ذلك. دفاع جوهري. اكتفاء الحكم المطعون فيه بالرد على ذلك الدفاع بعدم ثبوت الصورية بين المتعاقدين بغير الكتابة دون بحث أو إعمال المحكمة لسلطتها في تقدير الظروف والقرائن على قيام ذلك المانع الأدبي لإثبات الصورية. قصور وخطأ. علة ذلك. 
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص المادة 63 من قانون الإثبات أنه يجوز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مانع أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي. 
2 - إذ كانت البينة لا تكمل الدليل الكتابي بل تحل محله فيجوز أن تنقض الثابت بالكتابة أو تضيف إليه. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الموانع الأدبية ترجع على وجه الإفراد إلى الظروف الخاصة التي انعقد فيها التصرف والعلاقة بين طرفيه. 
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن صلة القرابة ولئن كانت لا تعد بذاتها مانعا أدبيا من الحصول على دليل كتابي وموكول تقديرها لقاضي الموضوع وفقا لظروف كل حالة وملابساتها, إلا أنه متى تمسك الخصم بوجود مانع أدبي هو صلة القرابة الوثيقة كرابطة الأبوة أو الأمومة حالت دون الحصول على دليل كتابي، فإنه يعد دفاعا جوهريا يتعين على محكمة الموضوع أن تبحثه وتقول كلمتها فيه وإلا كان حكمها قاصراً.
5 - إذ كانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بصورية عقد البيع المؤرخ ../../2009 صورية مطلقة وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورية بكافة طرق الإثبات القانونية وبوجود مانع أدبي حال دون حصولها على دليل كتابي من المطعون ضده الأول - المتصرف إليه - هو رابطة الأمومة, ودللت على ذلك بتفاهة وبخس الثمن المسمى في ذلك العقد وبأنها لم تقبض هذا الثمن وقدمت تأييدا لدفاعها صورة رسمية من العقد المشهر رقم ... لسنة 2009 المتضمن بيع المطعون ضده الأول لشقة في عقار النزاع بتاريخ ../../2007 بمبلغ مقداره 8176000 جنيها، وقالت إنه لا يتصور أن تبيع شقة مماثلة بالعقار ذاته بعد سنتين من تاريخ هذا العقد بثمن مقداره 1752000 جنيها أي بأقل من الربع, كما قدمت خطاب من البنك .... يتضمن تحويل مبالغ تزيد عن مليون جنيه من حساب مشترك للطاعنة وابنها - المطعون ضده الأول - إلى حساب آخر باسم الأخير وحده, للتدليل على أنها لم تقبض شيئا من الثمن الوارد بالعقد ولم يصدر منها أي تعامل على هذا الحساب المشترك, وإذ اكتفى الحكم المطعون فيه ردا على هذا الدفاع بالقول بأن الصورية بين المتعاقدين لا تثبت بغير الكتابة, وكان هذا الذي قرره الحكم لا يواجه دفاع الطاعنة ولا يصلح ردا عليه ذلك أن قيام المانع الأدبي - إذا توفرت شروطه - لدى العاقد الذي يطعن بالصورية يجيز له إثبات هذه الصورية بالبينة والقرائن إعمالا لنص المادة 63 من قانون الإثبات, وكانت محكمة الاستئناف قد حجبت نفسها بهذا النظر الخاطئ عن إعمال سلطتها في تقدير الظروف التي ساقتها الطاعنة لتبرير قيام المانع الأدبي الذي تمسكت به وعن الإدلاء برأيها فيما إذا كانت هذه الظروف وما استدلت به من قرائن وما قدمته من مستندات تأييدا لدفاعها تعتبر مانعة لها من الحصول على الدليل الكتابي اللازم لإثبات الصورية التي ادعتها أو غير مانعة، فإن حكمها المطعون فيه يكون معيبا بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. 
-------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ..... لسنة 2010 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة، بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ ../../2009 المتضمن بيع الطاعنة له الشقة المبينة بالأوراق مقابل ثمن مقداره 1752000 جنيها، كما أقامت الطاعنة دعوى فرعية بطلب الحكم ببطلان عقد البيع سالف البيان تأسيسا على صوريته صورية مطلقة، ومحكمة أول درجة حكمت بعدم قبول الدعوى الأصلية وبرفض الدعوى الفرعية. استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافات أرقام ....، ....، .... لسنة 128 ق أمام محكمة استئناف القاهرة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة قضت بتاريخ ../../2013 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ ../../2009 وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
--------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون، ذلك بأنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بصورية عقد البيع المؤرخ ../../2009 صورية مطلقة وبأنها لم تقبض الثمن المسمى فيه، وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورية بكافة طرق الإثبات القانونية لوجود مانع أدبي حال دون الحصول على ورقة ضد من ابنها المتصرف إليه هو رابطة الأمومة، وإنها قصدت من هذا العقد تسهيل حصوله على قرض بنكي، واستدلت على ذلك بما ساقته من قرائن وما قدمته من مستندات تأييدا لدفاعها إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع استنادا إلى أن الصورية بين المتعاقدين لا تثبت بغير الكتابة وهو ما لا يصلح ردا على دفاعها المتقدم، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان مؤدى نص المادة 63 من قانون الإثبات أنه يجوز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مانع أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي، والبينة في هذه الحالة لا تكمل الدليل الكتابي بل تحل محله فيجوز أن تنقص الثابت بالكتابة أو تضيف إليه، وكانت الموانع الأدبية ترجع على وجه الإفراد إلى الظروف الخاصة التي انعقد فيها التصرف والعلاقة بين طرفيه، فإن صلة القرابة ولئن كانت لا تعد بذاتها مانعا أدبيا من الحصول على دليل كتابي وموكول تقديرها لقاضي الموضوع وفقا لظروف كل حالة وملابساتها، إلا أنه متى تمسك الخصم بوجود مانع أدبي هو صلة القرابة الوثيقة كرابطة الأبوة أو الأمومة حالت دون الحصول على دليل كتابي، فإنه يعد دفاعا جوهريا يتعين على محكمة الموضوع أن تبحثه وتقول كلمتها فيه وإلا كان حكمها قاصرا. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بصورية عقد البيع المؤرخ .../.../2009 صورية مطلقة وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورية بكافة طرق الإثبات القانونية وبوجود مانع أدبي حال دون حصولها علي دليل كتابي من المطعون ضده الأول - المتصرف إليه - هو رابطة الأمومة، ودللت على ذلك بتفاهة وبخس الثمن المسمى في ذلك العقد وبأنها لم تقبض هذا الثمن، وقدمت تأييدا لدفاعها صورة رسمية من العقد المشهر رقم ... لسنة 2009 المتضمن بيع المطعون ضده الأول لشقة في عقار النزاع بتاريخ ../../2007 بمبلغ مقداره 8176000 جنيها، وقالت إنه لا يتصور أن تبيع شقة مماثلة بالعقار ذاته بعد سنتين من تاريخ هذا العقد بثمن مقداره 1752000 جنيها أي بأقل من الربع، كما قدمت خطاب من البنك ...... يتضمن تحويل مبالغ تزيد عن مليون جنيه من حساب مشترك للطاعنة وابنها - المطعون ضده الأول - إلى حساب آخر باسم الأخير وحده، للتدليل على أنها لم تقبض شيئا من الثمن الوارد بالعقد ولم يصدر منها أي تعامل على هذا الحساب المشترك، وإذ اكتفى الحكم المطعون فيه ردا على هذا الدفاع بالقول بأن الصورية بين المتعاقدين لا تثبت بغير الكتابة، وكان هذا الذي قرره الحكم لا يواجه دفاع الطاعنة ولا يصلح ردا عليه ذلك أن قيام المانع الأدبي - إذا توفرت شروطه - لدى العاقد الذي يطعن بالصورية يجيز له إثبات هذه الصورية بالبينة والقرائن إعمالا لنص المادة 63 من قانون الإثبات، وكانت محكمة الاستئناف قد حجبت نفسها بهذا النظر الخاطئ من إعمال سلطتها في تقدير الظروف التي ساقتها الطاعنة لتبرير قيام المانع الأدبي الذي تمسكت به وعن الإدلاء برأيها فيما إذا كانت هذه الظروف وما استدلت به من قرائن وما قدمته من مستندات تأييدا لدفاعها تعتبر مانعة لها من الحصول على الدليل الكتابي اللازم لإثبات الصورية التي ادعتها أو غير مانعة، فإن حكمها المطعون فيه يكون معيبا بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.