الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 يناير 2021

الطعن 3 لسنة 42 ق جلسة 6 / 6 / 1973 مكتب فني 24 ج 2 أحوال شخصية ق 153 ص 870

جلسة 6 من يونيه سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.

-----------------

(153)
الطعن رقم 3 لسنة 42 القضائية "أحوال شخصية"

(1، 2، 3  ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". قانون. "تنازع قوانين الأحوال الشخصية". نظام عام.
 (1)مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون 462 لسنة 1955. وجوب تطبيق شريعتهم في نطاق النظام العام. المقصود بلفظ شريعتهم.
(2) الحكم بالتطليق استناداً إلى مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس. دون أحكام مجموعة سنة 1955. صحيح. علة ذلك.
 (3)اعتياد الزوج على السلوك السيئ. جواز الحكم بالتطليق طبقاً للمادة 56 من مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس. لا محل لاشتراط توبيخ الرئيس الديني.
 (4)حكم. "إصدار الحكم". دعوى. "إعادة الدعوى للمرافعة".
فتح باب المرافعة لتقديم مستندات جديدة من إطلاقات محكمة الموضوع.

-----------------
1 - تقضي الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية على أنه "أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام في نطاق النظام العام طبقاً لشريعتهم" ولفظ شريعتهم التي تصدر الأحكام طبقاً لها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - هو لفظ عام لا يقتصر مدلوله على ما جاء في الكتب السماوية وحدها، بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملي قبل إلغائها باعتباره شريعة نافذة، إذ لم يكن في ميسور المشرع حين ألغى هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كان عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التي يتعين على المحاكم تطبيقها، وأحال إلى الشريعة التي كانت تطبق في تلك المسائل أمام جهات القضاء الملي، ولم تكن هذه الشريعة التي جرى العمل على تطبيقها تقتصر على ما جاء بالكتب السماوية.
2 - إذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالتطليق لسوء السلوك وفساد الأخلاق إلى نص المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي العام في 9/ 5/ 1938، وعمل بها من 8/ 7/ 1938 بعد تجميعها من مصادرها واضطردت المجالس الملية على تطبيقها، لما كان ذلك، وكان لا محل للتحدي بأن أحكام مجموعة سنة 1955 هي الواجبة التطبيق وأنها قد خلت من نص خاص يجيز التطليق لهذا السبب، ذلك أنه لا إلزام في الاستناد إلى الأحكام التي حوتها نصوص هذه المجموعة دون غيرها من المصادر الأخرى التي يرجع إليها لدى الطائفة المذكورة، إذ لم يصدر بأي منهما تشريع من الدولة بحيث يجوز القول بأن التنظيم اللاحق يلغي التنظيم السابق، والعبرة في هذا الخصوص بما كانت تسير عليه المحاكم الملية في قضائها استقاء من المصادر المختلفة لشريعة تلك الطائفة، ولما كان الحكم المطعون فيه، وعلى ما سلف البيان، قد طبق على واقعة الدعوى النص الوارد بشأنها في مجموعة سنة 1938 باعتبار أن المحاكم الملية قد جرت على تطبيق أحكام هذه المجموعة منذ وضعها حتى ألغيت تلك المحاكم بالقانون رقم 462 لسنة 1955، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 -  النص في المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس على أنه "إذا ساء سلوك أحد الزوجين وفسدت أخلاقه وانغمس في حمأة الرذيلة، ولم يجد في إصلاحه توبيخ الرئيس الديني ونصائحه، فللزوج الآخر أن يطلب الطلاق" يدل على أنه يجوز الحكم بالتطليق إذا أتى أحد الزوجين أفعالاً تنطوي على إخلال جسيم بواجب الإخلاص نحو الزوج الآخر، دون أن تصل إلى حد الزنا وأن يعتاد على ذلك بصورة لا يرجى منها صلاحه، على أنه لا محل لاشتراط توبيخ الرئيس الديني ما دام قد ثبت اعتياد الزوج على السلوك السيئ.
4 - فتح باب المرافعة في الدعوى لتقديم مستندات جديدة هو من إطلاقات محكمة الموضوع، ولا يعاب عليها عدم الاستجابة إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 38 سنة 1971 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الطاعنة يطلب الحكم بفسخ عقد زواجه بها وتطليقها منه، وقال شرحاً لدعواه إنه تزوجها بعقد صحيح موثق في 25/ 1/ 1970 طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، ودخل بها ولاحظ عليها انحرافاً عن السلوك القويم حتى فاجأها في مساء يوم 16/ 9/ 1970 ووجد معها بمنزل الزوجية شاباً بملابسه الداخلية في غرفة النوم مختبئاً تحت السرير، وإذ تجيز شريعتهما تطليقها للزنا وسوء السلوك، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 1/ 5/ 1971 حكمت المحكمة بتطليق الطاعنة من المطعون عليه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافها برقم 56 سنة 88 ق أحوال شخصية (ملي) وبتاريخ 28/ 2/ 1972 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستلف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بالتطليق استناداً إلى نص المادة 56 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 التي تجيز الطلاق لسوء السلوك وفساد الأخلاق، رغم أن هذه المجموعة قد نسختها المجموعة الصادرة سنة 1955، وهي لا تجيز الطلاق إلا للزنا الحقيقي دون سوء السلوك وفساد الأخلاق، كما هو الأصل في المسيحية التي لا يجوز مخالفة أحكامها، وقد أقر هذه المجموعة المجمع المقدس والمجلس الملي العام فتكون هي الواجبة التطبيق على الدعوى، وإذ قضى الحكم بالتطليق لسوء السلوك وفساد الأخلاق، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية تنص على أنه "أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام - في نطاق النظام العام - طبقاً لشريعتهم......" وكان لفظ "شريعتهم" التي تصدر الأحكام طبقاً لها في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة والذين لهم جهات ملية منظمة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو لفظ عام لا يقتصر مدلوله على ما جاء في الكتب السماوية وحدها بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملي قبل إلغائها باعتباره شريعة نافذة إذ لم يكن في ميسور المشرع حين ألغى هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كانت عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التي يتعين على المحاكم تطبيقها، وأحال إلى الشريعة التي كانت تطبق في تلك المسائل أمام جهات القضاء الملي، ولم تكن هذه الشريعة التي جرى العمل على تطبيقها تقتصر على ما جاء بالكتب السماوية، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالتطليق لسوء السلوك وفساد الأخلاق إلى نص المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي العام في 9/ 5/ 1938، وعمل بها من 8/ 7/ 1938 بعد تجميعها من مصادرها واضطردت المجالس الملية على تطبيقها، لما كان ذلك، وكان لا محل للتحدي بأن أحكام مجموعة سنة 1955 هي الواجبة التطبيق وأنها قد خلت من نص خاص يجيز التطليق لهذا السبب، ذلك أنه لا إلزام في الاستناد إلى الأحكام التي حوتها نصوص هذه المجموعة دون غيرها من المصادر الأخرى التي يرجع إليها لدى الطائفة المذكورة، إذ لم يصدر بأي منهما تشريع من الدولة بحيث يجوز القول بأن التنظيم اللاحق يلغي التنظيم السابق، والعبرة في هذا الخصوص بما كانت تسير عليه المحاكم الملية في قضائها استقاء من المصادر المختلفة لشريعة تلك الطائفة، ولما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان قد طبق على واقعة الدعوى النص الوارد بشأنها في مجموعة سنة 1938 باعتبار أن المحاكم الملية قد جرت على تطبيق أحكام هذه المجموعة منذ وضعها حتى ألغيت تلك المحاكم بالقانون رقم 462 لسنة 1955، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنه مع التسليم بتطبيق المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، فإنه يشترط لإعمال حكمها سوء السلوك وفساد الأخلاق والانغماس في حمأة الرذيلة، وعدم جدوى التوبيخ من الرئيس الديني ونصائحه، وتكرار الفعل المادي المكون لسوء السلوك، وهو ما لم يتوافر في واقعة الدعوى لأن من ضبطه المطعون عليه مع الطاعنة هو ولد يبلغ من العمر خمس عشرة سنة وهي في الثامنة والعشرين من عمرها وكانت تحمله صغيراً لتجاور العائلتين، وقد وجد معها بالحالة التي كان عليها لسبب قهري ولم يثبت أن المطعون عليه شكاها للرئيس الديني من قبل عن فعل مماثل وأن الرئيس الديني وبخها على ذلك، هذا إلى أن الوقائع المنسوبة إلى الطاعنة لا ينطبق عليها وصف التكرار، ورغم أن الحك استلزم تكرار الأفعال المكونة لسوء السلوك إلا أنه لم يبين هذه الأفعال التي أسس عليها قضاءه بالتطليق، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والتناقض والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس على أنه "إذا ساء سلوك أحد الزوجين وفسدت أخلاقه وانغمس في حمأة الرذيلة ولم يجد في إصلاحه توبيخ الرئيس الديني ونصائحه فللزوج الآخر أن يطلب الطلاق"، يدل على أنه يجوز الحكم بالتطليق إذا أتى أحد الزوجين أفعالاً تنطوي على إخلال جسيم بواجب الإخلاص نحو الزوج الآخر دون أن تصل إلى حد الزنا، وأن يعتاد على ذلك بصورة لا يرجى معها صلاحه، على أنه لا محل لاشتراط توبيخ الرئيس الديني ما دام قد ثبت اعتياد الزوج على السلوك السيئ، ولما كان البين من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أشار إلى شروط التطليق لسوء السلوك قرر ما يلي: "أنه بتطبيق تلك القواعد على واقعة الدعوى نجد أنها قد انطوت على تحقيق أجرته الشرطة والنيابة العامة بخصوص ضبط الزوج المدعي - المطعون عليه - زوجته المدعى عليها - الطاعنة - مع شخص غيره وغير محرم عليها في حجرة نومها عارياً من ملابسه سوى الداخلية منها، وقد أقرت هي تلك الواقعة وإن عللت ذلك بأنه شخص غير مشكوك فيه، وهو شقيق إحدى صديقاتها التي كانت ترافقه في زيارتها، ثم تركته عندما انسكب قدح القهوة على بنطلونه لتنظيفه لمقابلة خطيبها، ثم عدلت عن ذلك مقررة الاتصال بخطيبها تليفونياً، ثم عدلت عن ذلك مقررة أنها قد أخبرت من تواجد تحت السرير بعد خلع البنطلون لغسله أنه عند حضور زوجها عليه أن يختفي أسفل السرير ثم أردفت قائلة بأنه عند كسر الزوج الباب وقيامها بفتح الترباس أسرع الشاب المذكور بارتداء ملابسه وتمكن من الهرب عندما شاهد الزوج يعتدي عليها. في أقوال جميعها مناقضات فوق مناقضات يهدر بعضها بعضاً، ولا تطمئن المحكمة إليها حيث تغلب عليها الصناعة، وإنما أرادت أن تسخر صديقتها وشقيقها لإخفاء جريمتها، وبفرض صحة ما تقرره فمن أين أحضر هذا الشاب البنطلون الذي كان بحيازتها بالحمام، وكانت تقوم بغسله وتنظيفه عندما حضر الزوج وما سبب تواجدها في مثل هذا الوقت بالحمام...... وإذا ما أضيف إلى جانب ذلك ما حوته المستندات المقدمة من الزوج وإقرارات الشهود والجيران وبواب المنزل والتي تفيد جميعها مشاهدتهم الزوجة في أوضاع توحي بالريبة والشك، وتدل على سوء سلوكها وتردد بعض الشباب بمنزلها في غيبة الزوج، وترددها هي على الأردني بمنزله المجاور لمنزلها وسيرها بالطرقات متأبطة ذراع شريكها الذي شاهده البواب ينزل مسرعاً من المنزل عقب الحادث، ذلك كله يقطع في الدلالة على دمغها بالانحراف والتردي في حمأة الرذيلة..."، ولما كان يبين مما أورده الحكم أن المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية حصلت أن شروط التطليق لسوء السلوك قد توافرت في الدعوى، واستندت في ذلك إلى أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذين السببين يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنها تقدمت بطلب لإعادة الدعوى إلى المرافعة لتقديم مستندات، غير أن المحكمة رفضت هذا الطلب مما يعيب حكمها بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة رفضت طلب الطاعنة تقديم مستندات بعد حجز الدعوى للحكم، لأنها لم تأذن بذلك، ولما كان فتح باب المرافعة في الدعوى لتقديم مستندات جديدة هو من إطلاقات محكمة الموضوع ولا يعاب عليها عدم الاستجابة إليه، فيكون النعي على الحكم بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض أول ديسمبر 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22 ص 972.
 (1) نقض 10/ 5/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 843.

الطعن 216 لسنة 42 ق جلسة 9 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 ق 290 ص 1540

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، وعبد الرؤوف عبد المجيد جودة، وزكي الصاوي صالح، وجمال الدين عبد اللطيف.

------------------

(290)
الطعن رقم 216 لسنة 42 القضائية

(1 و2) إثبات "الدفع بالجهالة". إرث.
 (1)انحصار دفاع الورثة في أنهم لا يعلمون شيئاً عن العقد العرفي المنسوب لمورثتهم. التحدي بأنه لا يقبل منهم إنكار التوقيع طبقاً للمادة 14/ 3 من قانون الإثبات لأنهم ناقشوا موضوعه. لا محل له.
 (2)نفى المورث علمه بأن التوقيع على الورقة العرفية هو لمورثه. استبعاد المحكمة للورقة بمقوله إن المتمسك بها لم يقدم دليل صحتها كما لم يطلب إجراء أي تحقيق بشأنها. عدم إتباع المحكمة للإجراءات المنصوص عليها في المادتين 14/ 1، 2 و30 من قانون الإثبات. خطأ في القانون.
(3)حكم "تسبيب الحكم". خبرة.
إثبا ت الخبير للإقرار الصادر من الخصم في محضر أعماله. عدم التزام المحكمة ببيان نص هذا الإقرار في الحكم.
 (4)إيجار. تعويض. ريع. مسئولية "مسئولية تقصيرية"
غصب العقار. عمل غير مشروع. التزام الغاصب بتعويض الأضرار الناشئة عنه عدم تقيد المحكمة بالحد الأقصى لأجرة الأرض الزراعية عند تقدير التعويض. الريع يعد بمثابة تعويض.
 (5)نقض "أثر نقض الحكم"
نقض الحكم نقضاً جزئياً. أثره.

---------------
1 -  متى كان المطعون عليهم لم يدفعوا بصورية عقد البيع العرفي - المنسوب صدوره من مورثتهم إلى الطاعن الثالث - بل إن الخبير هو الذي استبعد العقد من تلقاء نفسه قولاً منه إنه صوري، وقد انحصر دفاع المطعون عليهم في أنهم لا يعلمون شيئاً عن العقد المذكور، ومن ثم يكون في غير محله تحدي الطاعنين بالمادة 14/ 3 من قانون الإثبات التي تقضي بأن من احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع.
2 - النص في المادة 14/ 1، 2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وتقابلها المادة 394 من القانون المدني قبل إلغائها، والمادة 30 من قانون الإثبات وتقابلها المادة 262 من قانون المرافعات السابق، يدل على أنه إذا نفى الوارث علمه بأن التوقيع الذي على الورقة العرفية المحتج بها عليه هو لمورثته. تعين أن توجه إليه يمين عدم العلم، فإذا حلف هذه اليمين زالت عن الورقة مؤقتاً قوتها في الإثبات، وكان على المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها، فإذا رأت المحكمة أن وقائع الدعوى ومستنداتها لا تكفي لإقناعها بأن التوقيع صحيح أمرت بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما، وإذ لم تتبع محكمة الموضوع الإجراءات سالفة الذكر بشأن عقد البيع الابتدائي - الذي نفى المطعون عليهم علمهم بصدوره من مورثتهم - وقضت باستبعاده لمجرد القول بأن "المستأنفين -الطاعنين - لم يقدموا الدليل على صحة صدوره من مورثتهم وأنهم لم يطلبوا إجراء أي تحقيق بشأنه" فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
3 - متى كان إقرار الطاعنين بوضع يدهم على أطيان النزاع جميعها قد ورد بأقوالهم أمام الخبير وأثبته في محاضر أعماله، فحسب الحكم أن يشير إلى هذا الإقرار دون حاجة لبيان نصه ما دام أن تقرير الخبير مقدم في الدعوى.
4 - المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي التي تنص على أنه لا يجوز أن تزيد أجرة الأرض الزراعية على سبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة عليها لا تحكم سوى العلاقة الإيجارية التي تقوم بين المالك والمستأجر. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بالريع على أن الطاعنين وضعوا اليد على نصيب المطعون عليهم في أطيان التركة بطريق الغصب، وكان الغصب باعتباره عملاً غير مشروع يلزم من ارتكبه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بتعويض الأضرار الناشئة عنه، ولا تتقيد المحكمة بحكم المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي عند قضائها بالريع لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار وذلك باعتبار هذا الريع بمثابة تعويض، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون بفرض تجاوزه للحد الأقصى المقرر لإيجار الأراضي الزراعية طبقاً للمادة 33 المشار إليها.
5 - تنص المادة 271 من قانون المرافعات على أنه إذا كان الحكم لم ينقض إلا في جزء منه بقي نافذاً فيما يتعلق بالأجزاء الأخرى ما لم تكن مترتبة على الجزء المنقوض، وإذ نقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب المتعلق بالتصرف بالبيع في فدانين إلى الطاعن الثالث فإنه يترتب على ذلك نقض الحكم بالنسبة لمقدار الريع المقضي به عن هذا القدر ويبقى الحكم نافذاً بالنسبة لأجزائه الأخرى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 442 لسنة 1967 مدني دمنهور الابتدائية ضد الطاعنين طلبوا فيها الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى أطيان زراعية مساحتها 4 أفدنة و18 قيراطاً و16 سهماً وإلى حصة قدرها 9 قراريط من 24 قيراطاً شيوعاً في منزلين ومخزن وتسليمها لهم، وهذه العقارات مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مع إلزام الطاعنين بأن يدفعوا لهم مبلغ 712 جنيهاً قيمة ريع الأطيان في المدة من 6/ 1/ 1962 حتى 16/ 2/ 1966. واستندوا في ذلك إلى أنهم يملكون العقارات المذكورة بالميراث عن المرحومين...... وأن الطاعنين يضعون اليد عليها ويستأثرون بريع الأطيان في تلك الفترة. وبتاريخ 23/ 3/ 1968 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بدمنهور لمعاينة الأطيان والعقارات الموضحة بصحيفة الدعوى وبيان ما خلفه كل من..... مورثي الطرفين من أطيان زراعية وعقارات مبنية ونصيب المطعون عليهم فيها وواضع اليد على هذا النصيب ومدته وسببه ومقدار الريع الذي يغله خلال الفترة من 6/ 1/ 1962 حتى 6/ 1/ 1966 ومن المسئول عنه، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 28/ 3/ 1970 بتثبيت ملكية المطعون عليهم إلى 10 و10/ 11 قراريط من 24 قيراطاً في كامل أرض وبناء المنزلين والمخزن ومساحة قدرها 4 أفدنة و15 سهماً من الأراضي الزراعية والموضحة بصحيفة الدعوى وتقرير الخبير وإلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون عليهم مبلغ 483 جنيهاً و124 مليماً قيمة الريع المستحق عن الفترة من 6/ 1/ 1962 حتى 6/ 1/ 1966. استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 357 لسنة 26 ق مدني (مأمورية دمنهور) وبتاريخ 21/ 2/ 1972 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى تثبيت ملكية المطعون عليهم إلى 8 و8/ 11 ط من 24 ط في كامل أرض وبناء المنزلين والمخزن ومساحة قدرها 3 ف و5 ط و7 س الموضحة بصحيفة الدعوى وتقرير الخبير وإلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون عليهم مبلغ 386 جنيهاً و500 مليم قيمة الريع عن المدة من 6/ 1/ 1962 حتى 6/ 1/ 1966. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص الوجه الثاني من السبب الأول وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن المورثة...... تصرفت قبل وفاتها إلى الطاعن الثالث في فدانين من أطيان النزاع بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 25/ 12/ 1961 غير أن الحكم المطعون فيه استبعد هذا العقد استناداً إلى أنه عقد عرفي لم يسجل وأن المطعون عليهم أنكروا علمهم بصدوره من مورثتهم فزالت ما له من قوة في الإثبات ولم يقدم الدليل على صحة صدوره منها في حين أن المطعون عليهم أقاموا دفاعهم أمام محكمة أول درجة على الطعن بصورية عقد البيع المذكور، مما مفاده أنهم ناقشوا موضوع عقد البيع فلا يقبل منهم بعد ذلك أن يطعنوا عليه بالجهالة طبقاً لنص المادة 14/ 3 من قانون الإثبات، ومع التسليم بأن طعنهم بالجهالة مقبول، فإن الحكم قد أخطأ بعدم إتباع الإجراءات التي رسمتها المادتان 14/ 2، 30 من ذلك القانون لتحقيق الدفع بالجهالة، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، بأن المطعون عليهم لم يدفعوا بصورية عقد البيع العرفي المؤرخ 25/ 12/ 1961 الصادر إلى الطاعن الثالث وأن الخبير هو الذي استبعد هذا العقد من تلقاء نفسه قولاً منه إنه صوري، أما المطعون عليهم فقد انحصر دفاعهم في أنهم لا يعلمون شيئاً عن العقد المذكور ومن ثم يكون في غير محله تحدي الطاعنين بالمادة 14/ 3 من قانون الإثبات التي تقضي بأن من احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع. والنعي في وجهه الثاني صحيح ذلك أن النص في المادة 14/ 1، 2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وتقابلها المادة 394 من القانون المدني قبل إلغائها على أنه "يعتبر المحرر العرفي صادراً ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار ويكفي أن يحلف يميناً بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق" وفي المادة 30 من هذا القانون وتقابلها المادة 262 من قانون المرافعات السابق على أنه "إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة إصبعه أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه وكان المحرر منتجاً في النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة في شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة إصبعه أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما"، يدل على أنه إذا نفى الوارث علمه بأن التوقيع الذي على الورقة العرفية المحتج بها عليه هو لمورثه تعين أن توجه إليه يمين عدم العلم، فإذا حلف هذا اليمين زالت عن الورقة مؤقتاً قوتها في الإثبات وكان على المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها فإذا رأت المحكمة أن وقائع الدعوى ومستنداتها لا تكفي لإقناعها بأن التوقيع صحيح أمرت بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما، وإذ لم تتبع محكمة الموضوع الإجراءات سالفة الذكر بشأن عقد البيع الابتدائي المؤرخ 25/ 12/ 1961 وقضت باستبعاده لمجرد القول بأن "المستأنفين - الطاعنين - لم يقدموا الدليل على صحة صدوره من مورثتهم وأنهم لم يطلبوا إجراء أي تحقيق بشأنه" فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا الوجه.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك أن الطاعنين استندوا في طلب رفض الدعوى إلى أن المرحوم.......... مورث الطرفين تصرف بالبيع منذ سنة 1940 في فدان و4 قراريط من أطيان النزاع إلى..... وأن البيع اقترن بوضع يدهم من تاريخ الشراء وقدم الطاعنون إلى محكمة الاستئناف إقراراً من هؤلاء المشترين يفيد هذا المعنى، ورد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بأنه ليس للطاعنين أن يتمسكوا به لأن المشترين هم أصحاب الحق في الادعاء بالتملك بوضع اليد المدة الطويلة، وأنه ثبت من قرار الطاعنين أمام الخبير أنهم يضعون اليد على الأطيان موضوع النزاع كلها، في حين أن للطاعنين مصلحة في إثبات صحة دفاعهم حتى لا يلزموا بريع تلك المساحة التي تصرف فيها المورث إلى الغير، كما أن الحكم لم يبين نص الإقرار المنسوب إلى الطاعنين وما إذا كان يؤدي إلى المعنى الذي ذهب إليه، هذا إلى أن الحكم لم يرد على المستند الموقع عليه من المشترين، وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تعول على ما ادعاه الطاعنون من أن مورث الطرفين تصرف بالبيع إلى آخرين سنة 1940 في جزء من أطيان النزاع مساحته فدان و4 قراريط وأن المشترين تملكوا هذه المساحة بوضع اليد المدة الطويلة وذلك لعدم قيام دليل على هذا التصرف ولأنه اتضح من المعاينة التي أجراها الخبير ومن أقوال الطاعنين ورجال الإدارة الذين سألهم أن الطاعنين هم الذين يضعون اليد على الأطيان موضوع النزاع كلها منذ وفاة والدهم، وإذ تكفي هذه الدعامة لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإنه لا يعيبه التفاته عن الرد على الشهادة المقدمة من الطاعنين التي تتضمن أن هؤلاء المشترين قد اشتروا الأطيان الواردة بها، كذلك لا جدوى من النعي على الحكم فيما استطرد إليه من أنه ليس للطاعنين أن يتمسكوا بهذا الدفاع إذ هو تزيد لا يؤثر في سلامة قضائه، أما عن إقرار الطاعنين بوضع يدهم على أطيان النزاع جميعه فقد ورد بأقوالهم أمام الخبير وأثبته في محاضر أعماله، وحسب الحكم أن يشير إلى هذا الإقرار دون حاجة لبيان نصه ما دام أن تقرير الخبير مقدم في الدعوى.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم اعترضوا على تقرير الخبير بأنه غالى في تقدير ريع الفدان بثلاثين جنيهاً لأن القانون جعل الحد الأقصى للقيمة الإيجارية سبعة أمثال ضريبة الأرض، هذا إلى أنه لم يحتسب الأموال الأميرية وضريبة الدفاع التي كانت مربوطة عليها، واكتفى الحكم في رده بأن تقدير الخبير لريع الأطيان مقبول للأسباب التي بني عليها دون أن يبين الحكم القيمة الإيجارية للفدان وما إذا كان الخبير قد خصم الأموال الأميرية وضريبة الدفاع من الريع الإجمالي للفدان وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي التي تنص على أنه لا يجوز أن تزيد أجرة الأرض الزراعية على سبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة عليها لا تحكم سوى العلاقة الإيجارية التي تقوم بين المالك والمستأجر، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بالريع على أن الطاعنين وضعوا اليد على نصيب المطعون عليهم في أطيان التركة بطريق الغصب، وكان الغصب باعتباره عملاً غير مشروع يلزم من ارتكبه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بتعويض الأضرار الناشئة عنه ولا تتقيد المحكمة بحكم المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي عند قضائها بالريع لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار، وذلك باعتبار هذا الريع بمثابة تعويض، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون بفرض تجاوزه للحد الأقصى المقرر لإيجار الأراضي الزراعية طبقاً للمادة 33 المشار إليها ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما كانت المادة 271/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا كان الحكم لم ينقض إلا في جزء منه بقى نافذاً فيما يتعلق بالأجزاء الأخرى ما لم تكن مترتبة على الجزء المنقوض، ولما سلف، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص الوجه الثاني من السبب الأول المتعلق بالتصرف بالبيع في فدانين إلى الطاعن الثالث، ويترتب على ذلك تقض الحكم بالنسبة لمقدار الريع المقضي به عن هذا القدر، ويبقى الحكم نافذاً بالنسبة لأجزائه الأخرى.

السبت، 2 يناير 2021

الطعن 136 لسنة 42 ق جلسة 10 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 ق 292 ص 1554

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري، وصلاح الدين نصار، وإبراهيم هاشم.

---------------------

(292)
الطعن رقم 136 سنة 42 القضائية

 (1)إثبات. خبرة.
تخطي قاضي الموضوع خبراء الجدول أو الخبراء الحكوميين إلى غيرهم. عدم الإفصاح في الحكم عن الأسباب الدافعة لهذا التجاوز. لا بطلان. مادة 226 مرافعات سابق المقابلة للمادة 136 من قانون الإثبات.
 (2)خبرة. نقض "أسباب الطعن".
الاعتراض على شخص الخبير أو على عمله. وجوب إبدائه أمام الخبير أو أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (3)إيجار. "إيجار أماكن".
الأماكن المنشأة قبل أول يناير سنة 1944. تحديد أجرتها. ق 121 لسنة 1947. إحداث تعديلات جوهرية بهذه الأماكن تغير من طبيعتها وطريقة استعمالها. وجوب اعتبارها في حكم المنشأة حديثاً. خروجهاً عن نطاق تطبيق القانون. الإصلاحات والتجديدات لا تخرج المكان عن نطاق القانون المذكور.
 (4)إيجار "إيجار أماكن". نقض "أسباب الطعن".
تكييف التعديلات بأنها جوهرية أو بسيطة. تكييف قانوني يستند إلى تقرير واقعي. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (5)محكمة الموضوع.
توافر التماثل بين عين النزاع وعين المثل. واقع يستقل بتقديره قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.
 (6)إيجار "إيجار أماكن". "تحديد الأجرة".
مفاد نص المادة 4 ق 121 سنة 1947. وجوب الاعتداد بأجرة شهر أبريل سنة 1941 أو أجرة المثل لهذا الشهر. علة ذلك. لا عبرة للاختلاف بين تكاليف إنشاء عين النزاع وعين المثل. علة ذلك.

----------------
1 - مفاد نص المادة 226 مرافعات سابق المقابلة للمادة 136/ 1، 2 من قانون الإثبات 25 لسنة 1968، والمادة 50 من المرسوم بقانون 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء، أن المشروع لم يرتب البطلان على تخطي قاضي الموضوع خبراء الجدول إلى غيرهم دون أن يفصح في حكمه عن الأسباب الدافعة لهذا التجاوز لأنه بسلوكه هذا السبيل يكون قد شف عن أنه لا يرتاح إلى من تم تخطيه وأنه يطمئن إلى من صار ندبه.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا بدا لأحد خصوم الدعوى اعتراض على شخص الخبير أو على عمله فعليه أن يثبت هذا الاعتراض عند مباشرة الخبير عمله فإن فاته ذلك فعليه أن يبديه لدى محكمة الموضوع، فإن أغفل ذلك أيضاً فلا يجديه الطعن بذلك أمام محكمة النقض باعتباره سبباً جديداً غير جدير بالالتفات إليه.
3 - النص في المادة الرابعة من القانون 121 لسنة 1947 بشأن إيجارات الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت منذ أول مايو سنة 1941 على أجرة شهر أبريل سنة 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر إلا بمقدار ما يأتي...... ولا تسري أحكام هذه المادة على المباني المنشأة منذ أول يناير سنة 1944" يدل على أن المشرع جعل أجرة الأماكن المعنية بهذا النص لا تزيد على أجرة شهر أبريل 1941 أو أجرة المثل لهذا الشهر، وحددها بأنها تلك التي يكون قد تم إنشاؤها فعلاً قبل أول يناير سنة 1944، و لا يكفي أن يكون قد بدئ في إنشائها قبل هذا التاريخ وأن مجرد القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المشار إليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يخرجها عن القيود الواردة بتلك المادة وإنما يجيز للمالك إضافة زيادة مقابل تكاليفها على أجرة شهر أبريل سنة 1941، غير أنه إذا حدثت تعديلات جوهرية فيها غيرت من طبيعتها ومن طريقة استعمالها بعد أول يناير 1944 فإن الجزء الذي أصابه التعديل يعتبر في حكم المنشأ حديثاً ولا تسري عليه وحده أحكام تحديد الأجرة الواردة بالمادة.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تكييف التعديلات بأنها جوهرية تغير من طبيعة المبنى وتجعله في حكم المنشأ في تاريخها أو بسيطة لا تحدث به مثل هذا التغيير وإن كان يعتبر تكييفاً قانونياً إلا أنه يستند إلى تقرير واقعي، فإنه لا يجوز للطاعن إبداء هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب عرضه بداءة على محكمه الموضوع.
5 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن توافر التماثل أو انعدامه لا يعدو أن يكون من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها.
6 - مفاد ما تقض به المادة الرابعة من القانون 121 لسنه 1947 أنها اعتدت بتحديد أجره شهر أبريل 1941 أو بأجرة المثل لهذا الشهر باعتباره الشهر السابق مباشرة على ظهور أزمة المساكن في الحرب العالمية الثانية، على تقدير أن الأجرة فيه لا تزيد على الأسعار الطبيعية التي كانت سائدة قبلها، دون أن تحفل بالاختلاف بين تكاليف إنشاء عين النزاع وتكاليف عين المثل بسبب الظروف الاقتصادية التي أدت إلى أن الأماكن التي شيدت بعد قيام الحرب العالمية الثانية زادت تكاليفها عما تم بناؤها قبل نشوبها اكتفاء بما قدره المشرع من أن هذا الفرق يقابله النسبة المئوية التي يضيفها القانون إلى أجرة ذلك الشهر، يؤيد ذلك أن المشرع كان بوسعه النص على ذلك حسبما فعل بالنسبة لمباني مدينه الإسكندرية والتي جعل الخيار فيها بين أجرة شهر أغسطس 1939 أو أبريل سنة 1941 للظروف الخاصة بتلك المدينة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 650 لسنة 1967 مدني أمام محكمة أسيوط الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتخفيض أجرة الشقة الموضحة بالصحيفة إلى مبلغ جنيهين و500 مليم شهرياً، وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 9/ 8/ 1960 أجره الطاعن الدور الأول من المنزل رقم 3 بشارع الإمام علي بندر أسيوط بأجرة شهرية قدرها سبعة جنيهات، وإذ علم أن الأجرة القانونية لا تتجاوز جنيهين و500 مليم، فقد أقام دعواه. وبتاريخ 19/ 2/ 1968 حكمت المحكمة بندب أحد الخبراء لمعاينة عين النزاع وبيان تاريخ إنشائها وتحديد أجرتها الفعلية أو المثلية، وبعد أن قدم الخبير تقريره وعدل مورث المطعون عليهم طلباته وفق ما انتهى إليه التقرير حكمت بتاريخ 10/ 11/ 1969 بإعادة المأمورية إلى الخبير لتحقيق أجرة شهر أبريل سنه 1931، فإن تعذر فتقدر على أساس أجرة المثل في شهر أبريل سنة 1941،
وعقب أن قدم الخبير تقريره التكميلي حكمت في 22/ 3/ 1971 بتحديد أجرة شقة النزاع بمبلغ 2.195 اعتباراً من تاريخ إنشائها حتى آخر ديسمبر سنة 1961 وبمبلغ جنيهين و870 مليماً ابتداء من 1/ 1/ 1962. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 70 سنة 46 ق مدني أسيوط طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 20/ 2/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتد بتقرير الخبير الذي ندبته محكمه أول درجة رغم أنه ليس من بين الخبراء المقبولين أمام المحاكم وقد حلف اليمين قبل مباشرته مأموريته، ورغم أنها لم تبين في حكمها الظروف الخاصة التي اقتضت تجاوزهم إليه بالتطبيق للمادة 136 من قانون الإثبات، في حين أن هذه القاعدة إنما شرعت ضماناً لعدم تحيز المحكمة لأحد الخصوم بندب خبير يحقق له مصلحته. وحرصاً على اطمئنان المتقاضين للحيدة في تعيين شخص الخبير وفي قيامه بعمله، وتمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة ما اتخذته محكمة الموضوع من إجراء فيها، وإغفال المحكمة لبيان هذه الظروف من شأنه تفويت الغاية التي قصدها المشرع ويستتبع بطلان إجراءات ندب الخبير وجميع الأعمال التي ترتبت بالابتناء عليه ويصم الحكم بالبطلان.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 226 من قانون المرافعات السابق الذي صدر حكم ندب الخبير في ظله - والمقابلة للمادة 136/ 1 و2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - على أنه "إذا اتفق الخصوم على اختيار خبير أو ثلاثة خبراء تقر المحكمة اتفاقهم. وفيما عدا هذه الحالة تختار المحكمة الخبراء من بين المقبولين أمامها إلا إذا قضت بغير ذلك ظروف خاصة، وعليها حينئذ أن تبين هذه الظروف في الحكم". والنص في المادة 50 من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بشأن تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء على أن "لجهات القضاء أن تندب للقيام بأعمال الخبرة خبيراً أو أكثر من خبراء الجدول أو تندب مكتب خبراء وزارة العدل أو قسم الطب الشرعي أو إحدى المصالح الأخرى المعهود إليها بأعمال الخبرة، فإذا رأت لظروف خاصة أن تندب غير هؤلاء وجب أن تبين ذلك في الحكم...."، يدل على أن المشرع لم يرتب البطلان على تخطي قاضي الموضوع خبراء الجدول أو الخبراء الحكوميين إلى غيرهم دون أن يفصح في حكمه عن الأسباب الدافعة لهذا التجاوز، لأنه بسلوكه هذا السبيل يكون قد شف عن أنه لا يرتاح إلى من تم تخطيه وأنه يطمئن إلى من صار ندبه، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا بدا لأحد خصوم الدعوى اعتراض على شخص الخبير أو على عمله فعليه أن يثبت هذا الاعتراض عند مباشرة الخبير عمله، فإن فاته ذلك فعليه أن يبديه لدى محكمة الموضوع، فإن أغفل ذلك أيضاً فلا يجديه الطعن بذلك أمام محكمة النقض باعتباره سبباً جديداً غير جدير بالالتفات إليه. لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق أن الطاعن لم يعترض على شخص الخبير طيلة مراحل التقاضي بل أبدى أقواله أمامه ونعى على ما خلص إليه في تقريريه باعتبار أن إجراء ندبه تم صحيحاً وله مسوغاته، فإنه لا يجوز التحدي بذلك أمام محكمة النقض ابتداء، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الأولين من السبب الثاني خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وفساده في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم حدد أجرة شقة النزاع مطبقاً المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 أخذاً بما خلص إليه الخبير من أنها أنشئت في النصف الأخير من سنة 1941 وتم جردها وربط العوايد عليها في شهر يناير 1942، في حين أن المادة آنفة الذكر لا تسري إلا على الأماكن التي تم إنشاؤها قبل أول يناير سنة 1944، وإذ كان الثابت من الكشف الرسمي للعوايد الخاص بالعين المؤجرة أنه بدئ في إنشائها عام 1942، إلا أنه لم يتم بناؤها وتشييدها دفعة واحدة بل على عدة مراحل استغرقت من سنة 1942 حتى سنة 1949، يشهد بذلك التعديلات المتتالية التي جرت على العوايد المفروضة وزيادتها خلالها، وكذلك رخص البناء الدالة على التدرج في إقامة العين المؤجرة حتى صار تمامها فعلاً في سنة 1949، وكان الخبير قد عمد إلى اجتزاء بعض بيانات الكشوف والرخص المقدمة وأطرح دلالة سائرها منحرفاً عن الدقة اللازمة في تحديد تاريخ إتمام الإنشاء، وكان القانون الواجب التطبيق بهذه المثابة هو المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 الذي يحدد الأجرة على أساس مغاير، فإن الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون يكون قد عاره الفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الربعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجارات الأماكن وتنظم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت منذ أول مايو سنة 1941 على أجرة شهر أبريل 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر إلا بمقدار ما يأتي..... ولا تسري أحكام هذه المادة على المباني المنشأة منذ أول يناير 1944" يدل على أن المشرع جعل أجرة الأماكن المعنية بهذا النص لا تزيد على أجرة شهر أبريل 1941 أو أجرة المثل لهذا الشهر، وحددها بأنها تلك التي يكون قد تم إنشاؤها فعلاً قبل أول يناير 1944، لا يكفي أن يكون قد بدئ في إنشائها قبل هذا التاريخ، وأن مجرد القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المشار إليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يخرجها عن القيود الواردة بتلك المادة، وإنما يجيز للمالك إضافة زيادة مقابل تكاليفها على أجرة شهر أبريل 1941، غير أنه إذا حدثت تعديلات جوهرية فيها غيرت من طبيعتها ومن طريقة استعمالها بعد أول يناير 1944 فإن الجزء الذي أصابه التعديل يعتبر في حكم المنشأ حديثاً ولا تسري عليه وحده أحكام تحديد الأجرة الواردة بالمادة، ولما كان البين من الإطلاع على تقريري الخبير اللذين اتخذت منهما محكمة الموضوع محمولين على أسبابهما أساساً لقضائها ويعتبران جزءاً لا يتجزأ من الحكم المطعون فيه، أن الخبير أثبت أنه عاين شقة النزاع وأنها أنشئت في سنة 1941 مستنداً إلى الكشف الرسمي المستخرج من سجلات مصلحة الأموال المقررة والثابت فيه أنه تم بناؤها في سنة 1942 وربطت عليها العوايد في تلك السنة وأن رخصة البناء استخرجت في 26/ 6/ 1941، وكانت أوراق الدعوى خلواً مما يشير إلى أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن العين المؤجرة لم يتم إنشاؤها قبل أول يناير سنة 1944، أو أنه نعى على تقرير الخبير اجتزاءه بعض ما ورد في كشوف العوائد ورخص البناء وأنها تشير إلى أن البناء لم يتم بأكمله قبل ذلك التاريخ، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف التعديلات بأنها جوهرية تغير من طبيعة المبنى وتجعله في حكم المنشأ في تاريخها أو بسيطة لا تحدث به مثل هذا التغيير وإن كان يعتبر تكييفاً قانونياً إلا أنه يستند إلى تقرير واقعي، فإنه لا يجوز للطاعن إبداء هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب عرضه بداءة على محكمة الموضوع، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثاني وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه نعى على تقرير الخبرة الأول ما خلص إليه من تشابه شقة النزاع والشقة المسترشد بها لتحديد أجرة المثل، وحدد أوجه الاختلاف الجوهرية بينهما والتي تجعل الشقة الأخيرة غير صالحة لاتخاذها أساساً للمقارنة من نواحي الموقع والمساحة وعدد الحجرات، مما حدا بالمحكمة إلى إعادة المأمورية إلى الخبير لتحقيق هذه الاعتراضات، وإذ لم يعن الخبير ببحثها واكتفى بقوله إن المنزلين متلاصقان ولا يفصلهما سوى سور من المباني، وتبنى الحكم ما انتهى إليه التقرير، فإنه يكون مشوباً بالقصور. هذا إلى أن الحكم لم يستجب لما أثاره الطاعن من عدم جواز إجراء المقارنة بين شقة المثل والعين المؤجرة بسبب ارتفاع ثمن الأراضي وتكاليف البناء بعد قيام الحرب على سند من أنه لا ينبغي مراعاة هذه التكاليف، في حين أن الثابت أن شقة المثل أنشئت في سنة 1939 في وقت كانت التكاليف تقل كثيراً عنها عند إتمام بناء العين المؤجرة، فإن الحكم يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن توافر التماثل أو انعدامه لا يعدو أن يكون من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان البين من تقريري الخبرة اللذين أخذ بهما الحكم المطعون فيه أن الشقة موضوع النزاع والشقة المسترشد بها متجاورتان وفي حي واحد وتقعان في شارعين متماثلين وأنهما متشابهتان في مواد البناء، وأوضح في رسمه التخطيطي مساحة كل منهما وعدد حجراتهما والمنافع المتصلة بهما، ثم عقد مقارنة بين الشقتين وقوم الفروق بينهما وبين الأسانيد التي بنى عليها صلاحية الشقة المسترشد بها لتكون شقة مثل، وكان التقرير التكميلي قد تضمن الرد على أوجه الاعتراض التي ساقها الطاعن، وكان رده في هذا الصدد سائغاً، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة - متى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه - بالرد استقلالاً على كافة المطاعن الموجهة إلى ذلك التقرير لأن أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد فيها ما يستأهل الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، فإن النعي على الحكم بالقصور يكون غير وارد. لما كان ما تقدم وكان مفاد ما تقضي به المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 أنها اعتدت بتحديد أجرة المثل لهذا الشهر باعتباره الشهر السابق مباشرة على ظهور أزمة المساكن في الحرب العالمية الثانية، على تقدير أن الأجرة فيه لا تزيد على الأسعار الطبيعية التي كانت سائدة قبلها، دون أن تحفل بالاختلاف بين تكاليف إنشاء عين النزاع وتكاليف عين المثل بسبب الظروف الاقتصادية التي أدت إلى أن الأماكن التي شيدت بعد قيام الحرب العالمية الثانية زادت تكاليفها عما تم بناؤها قبل نشوبها، اكتفاء بما قدره المشرع من أن هذا الفرق يقابله النسبة المئوية التي يضيفها القانون إلى أجرة ذلك الشهر، يؤيد ذلك أن المشرع كان بوسعه النص على ذلك حسبما فعل بالنسبة لمباني مدينة الإسكندرية والتي جعل الخيار فيها بين أجرة شهر أغسطس 1939 أو أبريل 1941 للظروف الخاصة بتلك المدينة، وإذ ساير الحكم هذا النظر، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن

الطعن 212 لسنة 42 ق جلسة 10 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 ق 293 ص 1563

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي، ومحمد الباجوري، وصلاح الدين نصار، وإبراهيم هاشم.

--------------------

(293)
الطعن رقم 212 لسنة 42 القضائية

 (1)إيجار "إيجار أماكن" "انتهاء مدة الإيجار".
التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن. تقييدها لنصوص القانون المدني المتعلقة بانتهاء مدة الإيجار. امتداد العقود الخاضعة لتلك التشريعات تلقائياً وبحكم القانون لمدة غير محدودة. خضوعها لأحكام تلك التشريعات وأحكام القانون المدني التي لا تتعارض معها. المدة ركن في العقد وإن غدت غير محدودة لامتدادها.
 (2)إيجار "إيجار أماكن" "امتداد الإيجار".
امتداد عقود إيجار الأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية لمدة غير محدودة وفقاً لأحكام هذه التشريعات. عدم توقف هذا الامتداد على توافق إرادة المتعاقدين صراحة أو ضمناً. لا محل في هذا الصدد لإعمال المادتين 563، 599 مدني.
 (3)إيجار "إيجار أماكن". امتداد الإيجار "انتهاء الإيجار".
عقود الإيجار الخاضعة لقوانين إيجار الأماكن. امتدادها إلى مدة غير محددة. فقد التنبيه بالإخلاء فائدته المباشرة في تمكين المؤجر من إخلاء المستأجر من العين المؤجرة. نتيجة حتمية للامتداد القانوني.
 (4)إيجار "إيجار أماكن". دعوى. استئناف. "نصاب الاستئناف". حكم "الأحكام الجائز الطعن فيها".
دعوى المؤجر بإخلاء المستأجر للتأجير من الباطن. دعوى بفسخ عقد الإيجار. غير قابلة لتقدير قيمتها. علة ذلك. جواز استئناف الحكم الصادر فيها.
 (5)إيجار "إيجار أماكن" "التنازل عن الإيجار". عقد. بيع.
بيع المستأجر للمكان الذي أنشئ به مصنع أو متجر. مادة 594/ 2 مدني. عدم اشتراط الحصول على موافقة المؤجر. عقد بيع المحل. عقد رضائي. تعهد البائع والمشتري الحصول على موافقة المؤجر. لا أثر له.
 (6)محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
خلو المادة 594/ 2 مدني من ضابط يستهدى به في تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع، سلطة قاضي الموضوع في مدى توافرها.

-----------------
1 - إذ كانت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد منعت المؤجر من إخراج المستأجر من المكان المؤجر ولو بعد انتهاء مدة الإيجار وسمحت للمستأجر بالبقاء شاغلاً له ما دام موفياً بالتزاماته على النحو الذي فرضه عقد الإيجار وأحكام القانون، فإن هذه التشريعات تكون قد قيدت في شأن إيجار الأماكن الخاصة لأحكامها نصوص القانون المدني المتعلقة بانتهاء مدة الإيجار وجعلت عقود إيجار تلك الأماكن ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى مدة غير محددة بالنسبة للمؤجر والمستأجر على سواء، طالما بقيت سارية تلك التشريعات الخاصة التي أملتها اعتبارات تتعلق بالنظام العام إلا إذا رغب المستأجر في ترك المكان المؤجر مراعياً في ذلك مواعيد التنبيه بالإخلاء أو أخل بالتزاماته القانونية مما يحق معه للمؤجر اتخاذ الإجراءات التي رسمها القانون لإنهاء العقد ووضع حد لامتداده لأحد الأسباب التي بينتها تلك التشريعات، على أنه فيما عدا ذلك يبقى العقد مصدر التزامات الطرفين تتهيمن عليه أحكام قوانين إيجار الأماكن وما لا يتعارض معها من أحكام القانون المدني، وتظل للعقد طبيعته من حيث كونه من العقود المستمرة، المدة ركن من أركانه وإن غدت غير محدودة لامتدادها بحكم القانون بعد انتهاء مدة العقد.
2 - لا محل لإطلاق القول بأن الامتداد القانوني - لعقد إيجار الأماكن - يقتصر على حالة انقضاء مدة العقد الاتفاقية أو التي صار امتداده إليها طبقاً لأحكامه وبعد ثبوت عدم قابلية العقد للامتداد الاتفاقي بإبداء التنبيه بالإخلاء دون الأحوال التي تكون المدة المعينة التي صار امتداده إليها وفقاً لأحكام العقد ذاته لما تنقص لعدم إبداء التنبيه بالإخلاء في الميعاد، لأن المشرع قد فرض بنصوصه الآمرة امتداد عقود الإيجار الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن إلى مدة غير محدودة دون حاجة إلى توافق إرادة العاقدين صريحة أو ضمنية ما دامت مدة العقد الأصلية المتفق عليها فيه قد انتهت، ولا اعتداد بكون هذه المدة قد صار تحديدها بعدم توجيه التنبيه بالإخلاء من أي من الطرفين أو امتدت اتفاقاً، أو اعتبر عقد الإيجار منعقداً للفترة المعنية لدفع الأجرة تبعاً لعدم الاتفاق على المدة أصلاً أو عدم تعيينها أو تعذر إثباتها في معنى المادتين 563، 599 من القانون المدني.
3 - المقرر أنه طالما سلب المشرع من المؤجر حقه في عدم تجديد العقد أو عدم امتداده بإرادته المنفردة فلم يعد ثمة جدوى من التذرع بأن عدم توجيه التنبيه يتضمن تجديداً للعقد لأن عقود إيجار الأماكن الخاضعة للتشريعات الخاصة بإيجار الأماكن لا تنتهي بانتهاء مدتها بل تمتد إلى مدة غير محدودة، وتنظم هذا الامتداد وتضع ضوابطه وتحكم آثاره قوانين إيجار الأماكن على نحو يغاير أحكام القانون المدني، لا يوهن من ذلك أنه قد يكون للتنبيه بالإخلاء بعض الآثار المترتبة على التفرقة بين العلاقة الإيجارية خلال مدة العقد الاتفاقية أو الممتدة اتفاقياً وتلك التي تليها بسبب الامتداد القانوني لأن هذه الآثار تنفي أن التنبيه المشار إليه قد فقد فائدته المباشرة في تمكين المؤجر من إخلاء المستأجر من العين المؤجرة كنتيجة حتمية للامتداد القانوني.
4 - إذ كانت الدعوى التي يقيمها المؤجر بإخلاء العين المؤجرة هي دعوى بطلب فسخ عقد الإيجار بمعنى إنهائه وكانت المادة 37/ 8 من قانون المرافعات تقضي بأنه إذا كانت الدعوى بطلب فسخ العقد كان التقدير باعتبار المدة الباقية، وإذا كانت الدعوى متعلقة بامتداد العقد. كان التقدير باعتبار المقابل النقدي للمدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها، فإن مفاد ذلك أنه إذا كانت المدة الباقية من العقد غير محدودة فإن المقابل النقدي يكون غير محدد ويكون طلب الإخلاء غير قابل لتقدير قيمته، وتعتبر قيمة الدعوى به زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات، ومن ثم يكون الحكم الصادر فيها جائزاً استئنافه، لما كان ما تقدم وكان عقد الإيجار مثار النزاع المحرر بين الطاعن وبين المطعون عليه الأول قد انعقد مشاهرة بتاريخ أول أكتوبر 1963، فإنه يكون قد امتد تلقائياً وبحكم القانون لمدة غير محدودة بعد أن انتهت مدته الأصلية ويكون طلب الإخلاء غير مقدر القيمة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
5 - النص في المادة 594/ 2 من القانون المدني على أنه ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت "الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط القائم أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق" يدل على أن القانون أباح للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار لغيره بالرغم من وجود الشرط المانع وبالرغم من عدم تنازل المؤجر عن هذا الشرط صراحة أو ضمناً، إذا كان العقار المؤجر قد أنشئ به مصنع أو متجر متى توافرت الشروط المبينة فيه وليس من بينها الحصول على إذن خاص من المؤجر وقت التنازل، هذا إلى أن بيع المحل التجاري عقد رضائي يتم بمجرد اتفاق طرفيه وتنتقل فيه الملكية بمجرد تلاقي الإرادة، فلا يتطلب المشرع اتخاذ أي إجراء معين قبل انعقاده، وكل ما خوله القانون للمؤجر عند رفضه الموافقة على التنازل قبل أو بعد إتمامه أن يلجأ إلى القضاء الذي يصبح له حق مراقبة توافر الضرورة الملجئة التي تجيز هذا البيع، لا يغير من هذه القاعدة أن يتعهد البائع والمشتري في عقد البيع بالحصول على موافقة المؤجر على التنازل لأنه ليس اشتراطاً للمصلحة يكسبه حقاً يحل له التمسك بإعماله.
6 - لم يضع المشرع في المادة 594/ 2 من القانون المدني ضابطاً يستهدي به في تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع، والتي يترتب على توافرها الإبقاء على الإيجار للمشتري رغم الشرط المانع، بل ترك أمر تقديرها لمحكمة الموضوع تستخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة من أصل ثابت بالأوراق ومؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام ضد المطعون عليهما الدعوى رقم 3751 لسنة 1970 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائهما من العين المؤجرة المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها سليمة خالية من التلف، وقال شرحاً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 10/ 1963 استأجر منه المطعون عليه الأول شقة بالدور الأول من العقار رقم 6 بدرب البرابرة تبع قسم الموسكي لاستعمالها مصنعاً للحلوى، لقاء أجرة شهرية 15 جنيهاً، وإذ أجرها المطعون عليه الأول من باطنه إلى المطعون عليه الثاني بدون إذن كتابي صريح منه مخالفاً البند الثامن من العقد، فقد أقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان، أجاب المطعون ضدهما على الدعوى بأن أولهما باع المصنع للثاني وفق المادة 594/ 2 من القانون المدني، وبتاريخ 25/ 1/ 1971 حكمت المحكمة بإخلاء المطعون عليهما من العين المؤجرة وتسليمها للطاعن. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1105 لسنة 88 ق القاهرة طالبين إلغاءه، ودفع الطاعن بعدم جواز الاستئناف، وبتاريخ 16/ 4/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف برفض الطعن وبقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أإن الحكم قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف على سند من القول بأن قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية قيدت أحكام القانون المدني فيما يتعلق بإنهاء مدة الإيجار وجعلت عقود الإيجار ممتدة تلقائياً وبحكم القانون بعد انقضاء مدتها أياً كانت طريقة تعيين هذه المدة، ورتب الحكم على ذلك أن دعوى الإخلاء لمخالفة المستأجر شرط التأجير من الباطن لا يمكن تقديرها بمقابل نقدي معين لعدم إمكان تحديد المدة التي امتد إليها العقد فتكون الدعوى غير قابلة للتقدير ويكون الحكم الصادر فيها مما يجوز استئنافه، في حين أنه يتعين التمييز بين مدة العقد الاتفاقية وبين مدة الامتداد القانوني الذي فرضه المشرع على المؤجر بعد انقضاء مدته الاتفاقية، فلا تعتبر الدعوى غير قابلة للتقدير إلا بعد انقضاء المدة الأصلية المتفق عليها في عقد الإيجار، وطالما أن المدة المتفق عليها أو تلك التي امتد العقد إليها لم تنقض ولم يوضع حد لامتدادها بحصول تنبيه بإبداء الرغبة في عدم الامتداد فلا يكون ثمة محل للامتداد القانوني إلى أجل غير مسمى، وتبقى العلاقة الأصلية قائمة، وتظل المدة معينة سواء كانت هي المدة الأصلية أو مدة الامتداد وتحدد على أساسها قيمة الدعوى وليس يصح القول بأن التشريع الاستثنائي قد أفقد التنبيه بالرغبة في إنهاء العقد فائدته، تبعاً لأنه لا يترتب عليه إمكان إخلاء المستأجر، لأنه لا يزال للتنبيه آثار عملية في مواطن أخرى يمتنع معها القول بأن مدة العقد أصبحت تنتهي بمجرد انتهائها ودون حاجة إلى تنبيه بالرغبة في عدم امتدادها. وإذ أبرم العقد في واقعة الدعوى مشاهرة ونص فيه على امتداده من شهر إلى آخر ما لم يحصل تنبيه من أحد الطرفين بعدم الرغبة في امتداده، وعلم الطرفان بعدم حصوله من أيهما، وكانت الأجرة محددة بخمسة عشر جنيهاً شهرياً، فإن قيمة الدعوى إنما تقدر بقيمة الأجرة عن المدة الباقية من الشهر الجاري وقت رفعها. وهي تدخل في النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية، ويكون الحكم فيها غير قابل للاستئناف خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذ منعت المؤجر من إخراج المستأجر من المكان المؤجر ولو بعد انتهاء مدة الإيجار وسمحت للمستأجر بالبقاء شاغلاً له ما دام موفياً بالتزاماته على النحو الذي فرضه عقد الإيجار وأحكام القانون، فإن هذه التشريعات تكون قد قيدت في شأن إيجار الأماكن الخاضعة لأحكامها نصوص القانون المدني المتعلقة بانتهاء مدة الإيجار وجعلت عقود إيجار تلك الأماكن ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى مدة غير محدودة بالنسبة إلى المؤجر والمستأجر على سواء، طالما بقيت سارية تلك التشريعات الخاصة التي أملتها اعتبارات تتعلق بالنظام العام إلا إذا رغب المستأجر في ترك المكان المؤجر مراعياً في ذلك مواعيد التنبيه بالإخلاء، أو أخل بالتزاماته القانونية مما يحقق معه للمؤجر اتخاذ الإجراءات التي رسمها القانون لإنهاء العقد ووضع حد لامتداده لأحد الأسباب التي بينتها تلك التشريعات، على أنه فيما عدا ذلك يبقى العقد مصدر التزامات الطرفين تهيمن عليه أحكام قوانين إيجار الأماكن وما لا يتعارض معها من أحكام القانون المدني، وتظل للعقد طبيعته من حيث كونه من العقود المستمرة، المدة ركن من أركانه، وإن غدت غير محدودة لامتدادها بحكم القانون بعد انتهاء مدة العقد، لما كان ذلك وكان لا محل لإطلاق القول بأن الامتداد القانوني يقتصر على حالة انقضاء مدة العقد الاتفاقية أو التي صار امتداده إليها طبقاً لأحكامه وبعد ثبوت عدم قابلية العقد للامتداد الاتفاقي بإبداء التنبيه بالرغبة، دون الأحوال التي تكون المدة المعينة التي صار امتداده إليها وفقاً لأحكام العقد ذاته لما تنقض تبعاً لعدم إبداء التنبيه بالإخلاء في الميعاد لأن المشرع قد فرض بنصوصه الآمرة امتداد عقود الإيجار الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن إلى مدة غير محدودة دون حاجة إلى توافق إرادة العاقدين صريحة أو ضمنية ما دامت مدة العقد الأصلية المتفق عليها فيه قد انتهت ولا اعتداد في هذا المجال بكون هذه المدة قد صار تحديدها بعدم توجيه التنبيه بالإخلاء من أي من الطرفين، أو امتدت اتفاقاً، أو اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة تبعاً لعدم الاتفاق على المدة أصلاً أو عدم تعيينها أو تعذر إثباتها في معنى المادتين 563، 599 من القانون المدني، يؤيد ذلك أنه طالما سلب المشرع من المؤجر حقه في عدم تجديد العقد أو عدم امتداده بإرادته المنفردة فلم يعد ثمة جدوى من التذرع بأن عدم توجيه التنبيه يتضمن تجديداً للعقد لأن عقود إيجار الأماكن المشار إليها لا تنتهي بانتهاء مدتها بل تمتد إلى مدة غير محدودة كما سلف القول وتنظم هذا الامتداد وتضع ضوابطه وتحكم آثاره قوانين إيجار الأماكن على نحو يغاير أحكام القانون المدني، لا يوهن من ذلك أنه قد يكون للتبعية بالإخلاء بعض الآثار المترتبة على التفرقة بين العلاقة الإيجارية خلال مدة العقد الاتفاقية أو الممتدة اتفاقاً وتلك التي تليها بسبب الامتداد القانوني لأن هذه الآثار لا تنفي أن التنبيه المشار إليه فقد فائدته المباشرة في تمكين المؤجر من إخلاء المستأجر من العين المؤجرة كنتيجة حتمية للامتداد القانوني، لما كان ذلك وكانت الدعوى التي يقيمها المؤجر بإخلاء العين المؤجرة هي دعوى بطلب فسخ عقد الإيجار بمعنى إنهائه، وكانت المادة 37/ 8 من قانون المرافعات تقضي بأنه، إذا كانت الدعوى بطلب فسخ العقد كان التقدير باعتبار المدة الباقية، وإذا كانت الدعوى متعلقة بامتداد العقد كان التقدير باعتبار المقابل النقدي للمدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها"، مما مفاده أنه إذا كانت المدة الباقية من العقد غير محددة فإن المقابل النقدي يكون غير محدد ويكون طلب الإخلاء غير قابل لتقدير قيمته، وتعتبر قيمة الدعوى به زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات، ومن ثم يكون الحكم الصادر فيها جائزاً استئنافه، لما كان ما تقدم وكان عقد الإيجار مثار النزاع المحرر بين الطاعن وبين المطعون عليه الأول قد انعقد مشاهرة بتاريخ أول أكتوبر 1963، فإنه يكون قد امتد تلقائياً بحكم القانون لمدة غير محدودة بعد أن انتهت مدته الأصلية، ويكون طلب الإخلاء غير مقدر القيمة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الرخصة المقررة للمستأجر وفق المادة 564/ 2 من القانون المدني مرهونة بموافقة المؤجر وتقدير القاضي إذا ما توافرت الشروط التي تتطلبها، بمعنى أنه يتعين على بائع المحل التجاري والمشتري له أن يطلبا موافقة المؤجر ويستأذناه في إحلال المشتري محل المستأجر البائع في عقد الإيجار، ولا يخول النص المستأجر حقاً في رفع الخطر المفروض عليه وأن يقضي لنفسه بتوافر حالة الضرورة الملجئة التي تسوغ التنازل، وقد أثبت المطعون عليهما صراحة في عقد بيع المتجر المبرم بينهما تعهدهما بالحصول على موافقة المؤجر؛ وإذ التفت الحكم عن هذا الدفع ولم يبين وجه الرأي فيما إذا كان لازماً بحكم القانون أو بحكم التعهد طلب موافقة المؤجر، رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى واكتفى بتقرير صحة ما سلكه المطعون عليهما دون أن يبين سنده، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعن ولا يصلح رداً عليه ويعتبر تقريراً لرأي قانوني غير مسبب، فإنه يكون قد عاره القصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 594/ 2 من القانون المدني على أنه "ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق"، يدل على أن الطاعن أباح للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار لغيره بالرغم من وجود الشرط المانع وبالرغم من عدم تنازل المؤجر عن هذا الشرط صراحة أو ضمناً إذا كان العقار المؤجر قد أنشئ به مصنع أو متجر متى توافرت الشروط المبينة فيه وليس من بينها الحصول على إذن خاص من المؤجر وقت التنازل، هذا إلى أن بيع المحل التجاري عقد رضائي يتم بمجرد اتفاق طرفيه وتنتقل فيه الملكية بمجرد تلاقي الإرادة فلا يتطلب المشرع اتخاذ أي إجراء معين قبل انعقاده وكل ما خوله القانون للمؤجر عند رفضه الموافقة على التنازل قبل أو بعد إتمامه أن يلجأ إلى القضاء الذي يصبح له حق مراقبة توافر الضرورة الملجئة التي تجيز هذا البيع، لا يغير من هذه القاعدة أن يتعهد البائع والمشتري في عقد البيع بالحصول على موافقة المؤجر على التنازل لأنه ليس اشتراطاً لمصلحته يكسبه حقاً يحل له التمسك بإعماله. لما كان ذلك فإن إيجاب موافقة مالك العقار المؤجر على بيع المتجر أو المصنع لا يظاهره القانون. لما كان ما تقدم وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الصدد قوله "... فإن الرأي في صحيح القانون هو أنه في حالة وجود شرط مانع في عقد إيجار متجر أو مصنع واقتضت الضرورة بيعه فإما أن يرفع المشتري الدعوى للقضاء بطلب حصوله محل البائع الذي استأجر المحل أصلاً من المؤجر وإلغاء عقد الإيجار بشروطه وإما أن يتربص حتى ترفع عليه الدعوى من المؤجر بفسخ عقد الإيجار وعندئذ يثير للمشتري واقعة البيع الاضطراري في صورة دفع في الدعوى وهذا الحل الأخير هو الذي سلكه المستأنفان - المطعون عليهما - ومن ثم فلا تثريب عليهما في موقفهما...."، فإن هذا الذي ساقه الحكم سديد كاف لحمل قضائه ويتضمن مواجهة لدفاع الطاعن والرد عليه من أنه ليس بلازم الحصول مسبقاً على موافقة المؤجر على التنازل بما لا ينطوي على قصور في التسبيب أو إخلال بحق الدفاع.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى إخلاء المكان المؤجر على سند من توافر الضرورة الملجئة لبيع المتجر اعتباراً بأنه ليس لها ضابط يقيني، مع أنه يقصد بها أن تضع حداً لنوع النشاط الذي كان يزاوله المستأجر وبحيث يكون بيع المتجر هو آخر عمل تجاري يقوم به، والثابت استمرار المطعون عليه الأول - البائع - في ممارسة نفس نشاطه في مصنع مجاور مملوك له. هذا إلى أن الطاعن استدل ببخس الثمن المقدر بالعقد للمصنع المبيع على حقيقة ما تساويه مقوماته المادية والمعنوية وما يوحي به من صورية البيع، كما اتخذ من تعهد المطعون عليهما بالسعي لديه للحصول على، موافقته قرينة على انتفاء الضرورة، غير أن الحكم أطرح دفاعه بما يدل على عدم استيعابه له، وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المشرع في المادة 594/ 2 من القانون المدني لم يضع ضابطاً يستهدي به في تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع، والتي يترتب على توافرها الإبقاء على الإيجار للمشتري رغم الشرط المانع بل ترك أمر تقديرها لمحكمة الموضوع يستخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب على محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ممتدة من أصل ثابت بالأوراق ومؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على توافر الضرورة في قوله ".... أن البائع رجل بلغ من السن عتيا (قارب السابعة والستين) وقد وهن العظم منه ولم يرزق بأولاد تعاونه في نشاطه التجاري فلا يقوى على إدارة المصنع الذي باعه مع وجود أتون فرن به تنساب منه تيارات الهواء الساخن فتلفح جسده وتؤذي صحته مع ما انتابه من مرض فإنه فضلاً عن ذلك آثر أن يقتصر في نشاطه على إدارة مصنع آخر صغير له حتى إذا كان خفيف العمل محدود النشاط، هذا وذلك تتوفر به قانوناً حالة الضرورة أو الاضطرار لبيع المصنع خلافاً لما رأته المحكمة الابتدائية، إذ أن هذه العوامل تتفق والمجرى الطبيعي للأمور.... ولا يقدح في توفر حالة الضرورة ما ساقه الحكم المستأنف على انتفاء هذه الحالة من أن المستأنفين - المطعون عليهما - تعهدا بالحصول على موافقة المستأنف عليه - الطاعن - وما جاء بمدونات الحكم في هذا الشأن ليس فيها ما يؤخذ على مسلك المستأنفين، فبصرف النظر عما قرر المستأنف الثاني - المطعون عليه الثاني - من أنه قابل المستأنف عليه لإخطاره بما تم في بيع المصنع فطلب منه زيادة الأجرة الشهرية للعين المؤجرة إلى عشرين جنيهاً بدلاً من خمسة عشر وإلا امتنع عن الموافقة على التنازل عن عقد الإيجار له، فإن إثبات المتعاقدين في البيع لمثل هذا الشرط أو التعهد بما يفيد التجائهما إلى المؤجر ليحصلا منه على موافقته على تغيير عقد الإيجار باسم المشتري - رضاء أو قضاء - وهذا التعهد لا يمت بصلة على توفر أو انتفاء حالة الضرورة لبيع المصنع" وأورد في سياق آخر "آذنت ساعة الرحيل عن الديار بعد انتهاء مدة إقامته بصفته أجنبياً ليس في الأوراق ما يبعث على الشك والصورية في البيع أو أن الهدف الأصلي منه تحقيق الربح الوفير، ومن ثم يتعين إطراح دفاع المستأنف عليه في هذا الصدد" وهي تقريرات موضوعية سائغة لها سندها من الأوراق وتؤدي عقلاً إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن

 


الطعن 587 لسنة 42 ق جلسة 30 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 ق 341 ص 1872

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين؛ وعضوية السادة المستشارين: عز الدين الحسيني، عبد العال السيد؛ عثمان الزيني؛ إبراهيم هاشم.

--------------------

(341)
الطعن رقم 587 لسنة 42 القضائية

حكم "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". نقض. دعوى "عدم سماع الدعوى".
عدم جواز الطعن في الحكم الصادر في شق من موضوع الدعوى ولم ينه الخصومة كلها. عدا ما استثنى في المادة 212 مرافعات. الحكم بعدم سماع الدعوى في شق منها. عدم جواز الطعن فيه استقلالاً.

-----------------
إذا كانت المادة 212 من قانون المرافعات تقضي بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها. وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، وإذ قضى حكم محكمة أول درجة برفض الدعوى بالنسبة لطلب التعويض عن الأشجار، وبإحالتها للتحقيق بالنسبة لطلب التعويض عن - الثمار - فاستأنفه الطاعن، فقضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى وبعدم سماع الدعوى، وكان هذا القضاء قد صدر في شق من موضوع الدعوى ولم ينه الخصومة كلها، كما أنه ليس من قبيل الأحكام التي استثناها القانون على سبيل الحصر، فإن الطعن فيه يكون غير جائز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2059 سنة 1965 مدني كلي الإسكندرية ضد الشركة العامة للتعمير السياحي (المطعون عليها الأولى) للحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 4120 جنيهاً وبصحة الحجز المتوقع تحت يده وذلك في مواجهة باقي المطعون عليهم. وقال بياناً للدعوى إنه كان يستأجر أرضاً زراعية من الخاصة الملكية ولما قامت الثورة وتم الاستيلاء على أموال أسرة محمد علي قام الإصلاح الزراعي بتحرير عقد إيجار معه تجديداً لعقد الإيجار السابق ثم تلقت الشركة المطعون عليها الأولى الأرض من الإصلاح الزراعي، ولما احتاجت الشركة إلى مساحة فدانين و12 قيراطاً من تلك الأرض لإدخالها ضمن مشروع المدينة السياحية بالمعمورة فقد استولت عليها بعد تحرير محضر إثبات الحالة بتاريخ 22/ 12/ 1963 الذي جاء به أن بالمساحة المذكورة عدد 520 شجرة جوافة مثمرة قيمتها 3120 جنيهاً وقيمة ثمارها 750 جنيهاً، كما قامت الشركة بنزع سور أشجار من الجزورين قيمته 520 جنيهاً وبذلك يكون مجموع المبالغ المستحقة له 4120 جنيهاً. وبتاريخ 22/ 3/ 1966 قضت المحكمة برفض الدعوى بالنسبة لطلب التعويض عن أشجار الجوافة والجزورين وإلزام المدعي بالمصاريف المناسبة وبإحالتها إلى التحقيق بالنسبة لطلب التعويض عن ثمار الجوافة. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف إسكندرية طالباً إلغاءه فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة لطلب التعويض عن أشجار الجوافة والجزورين وقيد الاستئناف برقم 502 سنة 22 ق وبتاريخ 24/ 5/ 1972 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى وحكمت بعدم سماعها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. ودفع المطعون عليهم بعدم جواز الطعن استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه غير منه للخصومة لأنه لم يفصل في كل طلبات الطاعن واقتصر على الحكم في الشق الخاص بالمطالبة بالتعويض عن قيمة الأشجار. وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها ودفعت بعدم جواز الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه لما كانت المادة 212 من قانون المرافعات تقضي بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، وإذ قضى حكم محكمة أول درجة برفض الدعوى بالنسبة لطلب التعويض عن الأشجار وبإحالتها إلى التحقيق بالنسبة لطلب التعويض عن ثمار الجوافة فاستأنفه الطاعن وقضى الحكم المطعون فيه في 24/ 5/ 1972 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى وبعدم سماع الدعوى، وكان هذا القضاء قد صدر في شق من موضوع الدعوى ولم ينه الخصومة كلها، كما أنه ليس من قبيل الأحكام التي استثناها القانون على سبيل الحصر، فإن الطعن فيه يكون غير جائز.