الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 أكتوبر 2020

الطعن 47 لسنة 47 ق جلسة 25 / 4 / 1977 مكتب فني 28 ق 109 ص 510

جلسة 25 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد علي بليغ.

------------

(109)
الطعن رقم 47 لسنة 47 القضائية

 (1)قتل عمد. قصد جنائي. إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. استخلاصه من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم في تحديد إصابة لا دخل لها في إحداث الوفاة. لا أثر له.
(3) قتل عمد. سبق إصرار. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
(4) سبق إصرار. إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
العبرة في سبق الإصرار بما ينتمي إليه الجاني من خطة رسمياً لتنفيذ الجريمة. ولو قصر زمن هذا التفكير. المنازعة في ذلك. أمام محكمة النقض غير جائز.
 (5)سبق إصرار. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الحكمة توافر سبق الإصرار من مشاجرة سابقة أصيب فيها الطاعن الأول. سائغ.
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". سبق إصرار. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ المحكمة في تحديد تاريخ المشاجرة السابقة. لا أثر له على صحة استخلاص سبق الإصرار.
 (7)باعث. جريمة. "أركانها".
الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً فيها.
 (8)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". سبق إصرار "إثبات" بوجه عام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم. طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
(9) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(10) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية استخلاص الحكم للحقيقة من أقوال الشهود. بما لا تناقض فيه.

-----------------
1 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله "وأما أن نية الجناة قد انصرفت إلى إزهاق روح المجني عليه وليس إلى مجرد ضربه فقط فيدل على ذلك أن الاعتداء وقد حدث في مواطن أربعة حسبما شهدت بذلك زوجة المجني عليه وما هو مستفاد من أقوال الشهود كل عن الوقائع التي شهدها فقد بدأ الجناة باعتداءهم بالحقل وتمكنوا من إصابة المجني عليه وشج رأسه ولو كان قصدهم مجرد ضربه انتقاماً لما كان منه لاكتفوا بهذا القدر، بل إنه وقد استطاع الهرب ولجأ إلى داره وأغلق من خلفه بابها، ولو أن نيتهم كانت مجرد الاعتداء وإصابته وقد فعلوا ذلك لآثروا العودة، بيد أن واقع الحال يدل على أنهم كسروا الباب ودخلوا الدار حيث لحقوا بالمجني عليه بردهتها وانهالوا عليه ضرباً إلى أن أطلق سلاحه وهرب إلى غرفة نومه وأغلق بابها عليه، وكان في هذا القدر الكفاية، لو أن نية الجناة كانت منصرفة إلى مجرد الاعتداء، أما أنهم يكسرون عليه الباب ويعاودون ضربه بعصيهم فذلك يكشف بدلالة أكثر عن أن نيتهم قد اتجهت إلى إزهاق روحه. ويؤكد هذا تأكيد اليقين أن المجني عليه وقد فقد قواه وخر صريعاً لم يكفهم هذا فجروه إلى خارج الدار حيث ألقوه أرضاً وانهالت ضرباتهم تترى عليه حتى صار أقرب إلى الموت منه إلى الحياة وآنذاك وقد ظنوا أن غرضهم قد تحقق انصرفوا عنه. ويكشف عن ثبوت نية القتل قبلهم بالإضافة إلى ما ذكر جسامة الاعتداء وشموله لعموم جسم المجني عليه وكثرة عدد الضربات وعدد الجناة وآلات الاعتداء" وكان ما أورده الحكم تدليلاً على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين سائغاً وكافياً لحمل قضائه.
2 - خطأ الحكم في تحديد تاريخ إصابة برأس المجني عليه – بفرض وقوع هذا الخطأ لا ينال من صحته – طالما أن الطاعنين لم يدعوا أن تلك الإصابة قد أدت إلى وفاة المجني عليه أو ساهمت في إحداثها، ولم ينازعوا في صحة ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية من أن الوفاة نتجت عن إصابات أخرى غير إصابة الرأس. فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - إن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
4 - ليست العبرة في توافر ظرف سبق الإصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها – طال هذا الزمن أو قصر – بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، فما دام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان ظرف سبق الإصرار متوافراً ولا تقبل المنازعة فيه أمام النقض.
5 - كفاية الاستدلال على سبق الإصرار من استظهار الحكم أن المشاجرة السابقة التي نشبت بين المجني عليه والطاعن الأول ولدت في نفس الطاعنين أثراً دفعهم إلى ارتكاب الجريمة بعد تفكير وروية وتدبير، فإن استخلاصه لظرف سبق الإصرار يكون سليماً وصحيحاً في القانون.
6 - لا ينال من صحة استخلاص المحكمة لتوافر سبق الإصرار الخطأ في تاريخ المشاجرة السابقة على وقوع الحادث، والباعثة على ارتكابه.
7 - الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها، أو عنصراً من عناصرها.
8 - الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم إلا إذا تناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة أو فيما استخلصه من نتيجة، فإذا كان الحكم قد أورد في معرض استظهاره ظرف سبق الإصرار أن المشاجرة بين المجني عليه والطاعن الأول نشبت منذ يومين سابقين على الحادث، على خلاف الثابت بالأوراق من حدوثها في اليوم السابق على الحادث مباشرة، فإن هذا الخطأ لا يعيب الحكم طالما أنه لا يؤثر على جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة لأن الزمن الذي مر بين المشاجرة السابقة ووقوع الحادث كاف على أي الحالين لكي يعمل الطاعنون فكرهم وتدبيرهم في هدوء وروية قبل أن يقدموا على اقتراف جريمتهم، هذا فضلاً عن أن الحكم أورد بصدر مدوناته في معرض بيان صورة الواقعة التي اعتنقها – أن المشاجرة الأولى نشبت في اليوم السابق للحادث، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم.
9 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه.
10 - إن تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وعليه فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تعدد روايتهم وتضارب أقوالهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: قتلوا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتله وصمموا على ذلك وأعدوا عصيهم ثم توجهوا إليه بحقله الذي أيقنوا بوجوده فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضرباً بتلك العصي ثم تبعوه إلى منزله ووالوا ضربه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 230 و231 من قانون العقوبات فقرر ذلك. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه – بمذكرتي أسباب طعنهم أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك أنه اعتنق تصويراً للواقعة مؤداه وقوع مشاجرة بين المجني عليه والطاعن الأول في اليوم السابق على الحادث – للنزاع على الري – أحدث فيها أولهما إصابات بالثاني، مما دفع الطاعنين إلى التوجه صوب المجني عليه بحقله يوم الحادث حيث عاجله أحدهم بضربة من عصا في رأسه فشجها وفر المجني عليه إلى داره للاحتماء بها فتبعوه وواصلوا الاعتداء عليهم بعصيهم حتى أجهزوا عليه – في حين أن الثابت من الأوراق أن تحقيق مشاجرة اليوم السابق بدأ ببلاغ من المجني عليه أسند فيه إلى الطاعن الأول أنه اعتدى عليه وأصابه في رأسه وأجزاء أخرى من جسمه بسبب النزاع على الري. وقد اتخذ الحكم من الصورة التي استخلصها ركيزة لقوله بثبوت الواقعة وتوافر نية القتل وظرف سبق الإصرار لدى الطاعنين رغم عذر توافرهما ولم تفطن المحكمة إلى أن إصابة رأس المجني عليه حدثت في اليوم السابق على الحادث أبان المشاجرة الأولى والتي قال الحكم – في معرض الحديث عن ظرف سبق الإصرار – أنها تسبق الحادث بيومين لتغيرت النتائج التي انتهى إليها هذا إلى أن الحكم قد عول في إدانة الطاعنين على شهادة زوجة المجني عليه و...... رغم اختلافهما في تحديد تاريخ المشاجرة السابقة على وقوع الحادث. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه استخلص صورة الواقعة بما مؤداه أنه في اليوم الثاني من سبتمبر سنة 1968 نشبت مشاجرة بين المجني عليه وبين الطاعن الأول"......." على الري، أحدث فيها الأول بالثاني إصابات وبعد أن أسقطه أرضاً جثم فوقه ووضع منجلاً على رقبته شأن من يهم بذبحة، وكان لهذا الفعل أثره في نفس الطاعنين، أثار حفيظتهم وأجمعوا أمرهم على الانتقام منه بإزهاق روحه جزاء فعلته وأعدوا عدتهم، وإذ كان في حقله عصر اليوم التالي حتى يمحوا شطره حاملين عصى غليظة، وما أن وصلوا إليه حتى عاجله أحدهم بضربة من عصا في رأسه فشجها وإذ أسرع إلى داره للاحتماء بها تبعوه وقاموا بخلع بابها عنوة واندفعوا إلى الداخل وكانت يده قد وصلت إلى السلاح الناري الذي يحوزه بداره وأطلق منه عياراً صوبهم أصاب الطاعن الثاني"........." في وجهه بيد أنهم لم يكفوا أذاهم عنه، فتحصن بغرفة نومه وأغلق بابها دونهم فهشموا الباب وانهالوا عليهم ضرباً بعصيهم حتى فقد مقاومته فجروه إلى خارج الدار وبسطوه أرضاً وعادت ضرباتهم تهوى عليه حتى اطمأنوا إلى تحقيق مأربهم فرفعوا عنه عصيهم وهو يعانى سكرات الموت وسرعان ما صعدت روحه. وأورد على ثبوت الواقعة – على هذه الصورة – في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال زوجة المجني عليه و...... و...... و...... وما قرره الطاعن الثالث "........." وما أظهرته المعاينات وتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه – لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو السالف بسطه تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله "وأما أن نية الجناة قد انصرفت إلى إزهاق روح المجني عليه وليس إلى مجرد ضربه فقط فيدل على ذلك أن الاعتداء وقد حدث في مواطن أربعة حسبما شهدت بذلك زوجة المجني عليه وما هو مستفاد من أقوال الشهود كل عن الوقائع التي شهدها فقد بدأ الجناة باعتدائهم بالحقل وتمكنوا من إصابة المجني عليه وشج رأسه ولو كان قصدهم مجرد ضربه انتقاماً لما كان منه لاكتفوا بهذا القدر، بل انه وقد استطاع الهرب ولجأ إلى داره وأغلق من خلفه بابها، لو أن نيتهم كانت مجرد الاعتداء وإصابته وقد فعلوا ذلك لآثروا العودة، بيد أن واقع الحال يدل على أنهم كسروا الباب ودخلوا الدار حيث لحقوا بالمجني عليه بردهتها وانهالوا عليه ضرباً إلى أن أطلق سلاحه وهرب إلى غرفة نومه وأغلق بابها عليه، وكان في هذا القدر الكفاية، لو أن نية الجناة كانت منصرفة إلى مجرد الاعتداء، أما أنهم يكسرون عليه الباب ويعاودون ضربه بعصيهم فذلك يكشف بدلالة أكثر عن أن نيتهم قد اتجهت إلى إزهاق روحه. ويؤكد هذا تأكيد اليقين أن المجني عليه وقد فقد قواه وخر صريعاً لم يكفيهم هذا فجروه إلى خارج الدار حيث ألقوه أرضاً وانهالت ضرباتهم تترى عليه حتى صار أقرب إلى الموت منه إلى الحياة وآنذاك وقد ظنوا أن غرضهم قد تحقق انصرفوا عنه. ويكشف عن ثبوت نية القتل قيامهم بالإضافة إلى ما ذكر جسامة الاعتداء وشموله لعموم جسم المجني عليه وكثرة عدد الضربات وعدد الجناة وآلات الاعتداء" و كان ما أورده الحكم تدليلاً على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين سائغاً وكافياً لحمل قضائه ولا ينال من صحة ما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن ما أثاره الطاعنون من خطئه في تحديد تاريخ إصابة برأس المجني عليه – بفرض وقوع هذا الخطأ – طالما أن الطاعنين لم يدعوا أن تلك الإصابة قد أدت إلى وفاة المجني عليه أو ساهمت في إحداثها، ولم ينازعوا في صحة ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية من أن الوفاة نتجت عن إصابات أخرى غير إصابة الرأس. فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة و إنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وليست العبرة في توافر ظرف سبق الإصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها – طال هذا الزمن أو قصر – بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، فما دام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان ظرف سبق الاصرار متوافراً ولا تقبل المنازعة فيه أمام محكمة النقض. وكان الحكم قد استظهر توافر سبق الإصرار لدى الطاعنين في قوله "وحيث إن سبق الإصرار يتوافر عليه الدليل من المشاجرة السابقة على وقوع الحادث بيومين والتي اعتلى فيها المجني عليه عنق...... (الطاعن الأول) بمنجلة وإحداث إصابات به وقصد هذا يعد يومين في جماعة من أخوته وقرابته ومع كل عصا غليظة إلى زراعة المجني عليه حيث فاجأوه بالاعتداء عليه مما يدل على أن المشاجرة الأولى قد أثارت في أنفسهم عوامل الغيظ فدبروا أمرهم جميعهم وجمعوا معهم عصيهم بعد تفكير وروية وأعدوا للأمر من اتفاق على صحبه واصطحاب لعصى واختيار لمكان وجود المجني عليه بزراعته لارتكاب جريمتهم وبما أظهرته التحقيقات من أن مشاجرة أو مشادة لم تحدث بين المجني عليه وأي من الجناة وقت وقوع الحادث أو قبيلة. "وكان المستفاد مما أورده الحكم أنه استظهر أن المشاجرة السابقة التي نشبت بين المجني عليه والطاعن الأول ولدت في نفس الطاعنين أمراً دفعهم إلى ارتكاب الجريمة بعد تفكير وروية وتدبير، فإن استخلاصه لظرف سبق الإصرار يكون سليماً وصحيحاً في القانون، ولا ينال من صحته ما يثار من خطئه في تحديد تاريخ المشاجرة السابقة على وقوع الحادث، والباعث على ارتكابه، إذ فضلاً عن أن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها ولا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه فإن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم إلا إذا تناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة أو فيما استخلصه من نتيجة، فإذا كان الحكم قد أورد في معرض استظهاره ظرف سبق الإصرار أن المشاجرة السابقة بين المجني عليه والطاعن الأول نشبت منذ يومين سابقين على الحادث، على خلاف الثابت بالأوراق من حدوثها في اليوم السابق على الحادث مباشرة، فإن هذا الخطأ لا يعيب الحكم طالما أنه غير مؤثر على جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة، لأن الزمن الذي مر بين المشاجرة السابقة ووقوع الحادث كاف على أي الحالين لكي يمعن الطاعنون فكرهم وتدبيرهم في هدوء وروية قبل أن يقدموا على اقتراف جريمتهم، هذا فضلاً عن أن الحكم أورد بصدر مدوناته في معرض بيان صورة الواقعة التي اعتنقها - أن المشاجرة الأولى نشبت في اليوم السابق للحادث، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك، مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات، فإن تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم، ومن ثم يكون منعي الطاعنين في هذا الصدد غير سديد وينحل الطعن برمته إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض مما يتعين معه رفض الطعن موضوعاً.

الطعن 11 لسنة 47 ق جلسة 17 / 4 / 1977 مكتب فني 28 ق 106 ص 500

جلسة 17 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، وأحمد علي موسى، ومحمد وجدي عبد الصمد.

--------------

(106)
الطعن رقم 11 لسنة 47 القضائية

(1) حكم. "بطلانه" "بيانات التسبيب". بطلان. "حكم".
خلو الحكم الاستئنافي من مادة العقاب. لا يعيبه. متى كان قد أخذ بأسباب الحكم الابتدائي. الذي تضمن هذه المادة.
(2) قتل خطأ. خطأ. رابطة السببية. جريمة. "أركانها".
إنزال المتهم. الأسلاك الكهربائية – حتى قرب الأرض. انصرافه دون فصل التيار عنها. اصطدام شخص بها. وصعقه. يتوافر به ركني الخطأ ورابطة السببية. في جريمة القتل الخطأ.

-----------------
1 - إن الحكم المطعون فيه وإن جاء خالياً في صلبه من ذكر المادة التي طبقتها المحكمة إلا أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه وللأسباب الأخرى التي أوردها، ولما كان الحكم الابتدائي قد سجل في صلبه أنه يطبق على المتهم المادة التي طلبتها النيابة والتي بينها في صدر أسبابه فلا يصح نقضه، إذ أن أخذه بأسباب الحكم الابتدائي فيه ما يتضمن بذاته المادة التي عوقبت المتهم بها.
2 - إنزال الطاعن الأسلاك الكهربائية القديمة حتى أصبحت قريبة من الأرض وانصرافه دون أن يفصل التيار الكهربائي عنها فاصطدم بها المجني عليه أثناء محاولته العبور وصعقه التيار الكهربائي مخلفاً به آثار حرق كهربائي يتوافر به الخطأ في حقه وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهى وفاة المجني عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تسبب خطأ في قتل...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه بأن ترك الأسلاك الكهربائية متدلية إلى بعد قليل من سطح الأرض ولم يفصل عنها التيار الكهربائي فلامست المجني عليه وحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته وطلبت معاقبته بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح المنصورة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ وألزمته والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. فاستأنف المحكوم عليه، ومحكمة المنصورة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة قتل خطأ قد شابه بطلان وقصور في التسبيب، ذلك بأنه خلا من بيان المواد التي عاقب الطاعن بها ولم يستظهر رابطة السببية بين الخطأ والضرر مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وإن جاء خالياً في صلبه من ذكر المادة التي طبقتها المحكمة، إلا أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه وللأسباب الأخرى التي أوردها، ولما كان الحكم الابتدائي قد سجل في صلبه أنه يطبق على المتهم المادة التي طلبتها النيابة والتي بينها في صدر أسبابه فلا يصح نقضه، إذ أن أخذه بأسباب الحكم الابتدائي فيه ما يتضمن بذاته المادة التي عوقب المتهم بها. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، واستخلص – في نطاق سلطته التقديرية وفى منطق سائغ وتدليل مقبول من ظروف الدعوى وعناصرها – ثبوت نسبة الخطأ إلى الطاعن واستظهر رابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع بوفاة المجني عليه نتيجة ذلك الخطأ من إنزال الطاعن الأسلاك الكهربائية القديمة حتى أصبحت قريبة من الأرض وانصرافه دون أن يفصل التيار الكهربائي عنها فاصطدم بها المجني عليه أثناء محاولته العبور وصعقه التيار الكهربائي مخلفاً به آثار حرق كهربائي، وكان هذا الذي استخلصه الحكم مستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق وليس محل جدل من الطاعن وهى أقوال المشرف على نادي الشرطة وشاهد آخر من قوة مرفق أمن الدقهلية ومما دلت عليه المعاينة، ويتوافر به الخطأ في حق الطاعن وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهى وفاة المجني عليه، فيكون ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديداً ويضحى منعي الطاعن في خصوص ما سلف غير ذي محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 6 لسنة 47 ق جلسة 17 / 4 / 1977 مكتب فني 28 ق 105 ص 497

جلسة 17 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، وأحمد طاهر خليل، ومحمد وجدي عبد الصمد.

--------------

(105)
الطعن رقم 6 لسنة 47 القضائية

معارضة "نظرها والحكم فيها" شهادة مرضية. إجراءات. "إجراءات المحاكمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
مناط صحة الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن. أن يكون تخلف المعارض عن حضور الجلسة بغير عذر.
إهدار الشهادة الطبية. المثبتة لعذر المرض على مطلق القول بعدم الاطمئنان إليها وسهولة الحصول عليها. غير صحيح.
جواز تقديم عذر المعارض المانع من حضوره الجلسة. من أي شخص. أساس ذلك.؟

-------------
لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله "وحيث إن المعارض لم يحضر بالجلسة المحددة لنظر المعارضة وحضر محاميه وقدم شهادة مرضية وقال بأن المتهم مريض. وحيث إن المحكمة لا تطمئن إلى هذه الشهادة ويسهل الحصول عليها بغية تعطيل الفصل في الدعوى فضلاً عن أن محاميه ليس معه توكيل عنه الأمر الذي ترى معه المحكمة عدم قبول هذه الشهادة واعتبار المعارضة كأن لم تكن". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لصحة الحكم باعتبار المعارضة كأنها لم تكن أن لا يكون عدم حضور المعارض في الجلسة المحددة لنظر الدعوى راجعاً لعذر قهري. وإذا كان ما ساقه الحكم المطعون فيه – على النحو المتقدم بيانه – تبريراً لإطراحه الشهادة الطبية التي قدمها محامى الطاعن بالجلسة ليدلل بها على العذر القهري الذي حال بين الطاعن وبين الحضور فيها، ليس من شأنه أن يؤدي إلى انتفاء هذا العذر. ذلك بأن مطلق القول بعدم الاطمئنان إلى تلك الشهادة وبسهولة الحصول عليها لا يصلح سبباً لإهدارها ولا ينبني عليه بالضرورة أنها قدمت ابتغاء تعطيل الفصل في الدعوى، وبأن الوكالة تلزم في إبداء العذر القهري المانع للمتهم من حضور الجلسة – وتقديم دليله، بل إن القانون لم يحدد وسيلة بعينها لعرضه على المحكمة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح مصلحة الأموال المقررة والتي لم تسلم إليه إلا على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائن الحاجز. وطلبت معاقبته بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح دكرنس الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وكفالة خمسين قرشاً لوقف التنفيذ. عارض، وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف، ومحكمة المنصورة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض، وقضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى باعتبار معارضته – في الحكم الغيابي الاستئنافي – كأنها لم تكن، قد شابه البطلان. ذلك بأنه أطرح الشهادة الطبية المثبتة لمرض الطاعن – التي قدمها محاميه بالجلسة – دون علة ظاهرة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله: "وحيث إن المعارض لم يحضر بالجلسة المحددة لنظر المعارضة وحضر محاميه وقدم شهادة مرضية وقال بأن المتهم مريض. وحيث إن المحكمة لا تطمئن إلى هذه الشهادة ويسهل الحصول عليها بغيه تعطيل الفصل في الدعوى فضلاً عن أن محاميه ليس معه توكيل عنه الأمر الذي ترى معه المحكمة عدم قبول هذه الشهادة واعتبار المعارضة كأن لم تكن". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لصحة الحكم باعتبار المعارضة كأنها لم تكن أن لا يكون عدم حضور المعارض في الجلسة المحددة لنظر الدعوى راجعاً لعذر قهري. وإذ كان ما ساقه الحكم المطعون فيه – على النحو المتقدم بيانه – تبريراً لإطراحه الشهادة الطبية، التي قدمها محامي الطاعن بالجلسة ليدلل بها على العذر القهري الذي حال بين الطاعن وبين الحضور فيها، ليس من شأنه أن يؤدي إلى انتفاء هذا العذر. ذلك بأن مطلق القول بعدم الاطمئنان إلى تلك الشهادة وبسهولة الحصول عليها لا يصلح سبباً لإهدارها ولا ينبني عليه بالضرورة أنها قدمت ابتغاء تعطيل الفصل في الدعوى، وبأن الوكالة تلزم في إبداء العذر القهري – المانع للمتهم من حضور الجلسة – وتقديم دليله، بل إن القانون لم يحدد وسيلة بعينها لعرضه على المحكمة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 4 لسنة 47 ق جلسة 17 / 4 / 1977 مكتب فني 28 ق 104 ص 494

جلسة 17 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، وأحمد علي موسى، ومحمد وجدي عبد الصمد.

------------------

(104)
الطعن رقم 4 لسنة 47 القضائية

تبديد. اختلاس أشياء محجوزة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". ما يوفره.
الدفع بانتفاء صلة المتهم بالحجز وبالأرض المحجوز على زراعتها. جوهري. يستوجب تحقيقاً ورداً. مخالفة ذلك. إخلال بحق الدفاع.

-----------------
لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة 19 نوفمبر سنة 1974 التي نظرت فيها المعارضة الابتدائية أن الطاعن من حضر وأنكر التهمة وأثبت أن صحة اسمه (.......) وقدم بطاقة حيازة بهذا الاسم كما قدم قسائم سداد الأموال الأميرية وإيصال توريد أقطان غير ثابت به خصم مطلوبات هيئة الإصلاح الزراعي مما مفاده عدم وجود علاقة بينه وبين هيئة الإصلاح التي تخصم مطلوباتها من قيمة الأطيان الموردة، فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 3 ديسمبر سنة 1974 لإعلان محرر المحضر وبهذه الجلسة حضر الطاعن ولم يحضر الشاهد فقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. وإذ استأنف الطاعن هذا الحكم ونظرت المحكمة الاستئنافية الدعوى بجلسة 29 يناير سنة 1975 حضر الطاعن وتمسك بدفاعه وبأنه غير المعنى بالحجز وقدم بطاقة عائلية إلا أن المحكمة قضت بجلسة 5 مارس سنة 1975 بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكمين المستأنف والمطعون فيه المؤيد له لأسبابه أنهما لم يعرضا لدفاع الطاعن بانتفاء صلته بالحجز وبالأرض المحجوز على زراعتها، وكان هذا الدفاع جوهرياً في الدعوى إذ قد يتغير بتحقيقه وجه الرأي فيها فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمحجوز عليها إدارياً لصالح الإصلاح الزراعي والتي لم تسلم إليه إلا على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائن الحاجز. وطلبت معاقبته بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة دكرنس الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. عارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف، ومحكمة المنصورة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تبديد قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أنه نفى أمام المحكمة – في درجتي التقاضي – صلته بالحجز وبالأرض المحجوز على زراعتها وقرر بأنه لم يشتر هذه الأرض أو يستأجرها من الإصلاح الزراعي الدائن الحاجز، كما دفع بأنه غير المعني بمحضري الحجز والتبديد إلا أن الحكم لم يعرض لدفاعه إيراداً له ورداً عليه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة 19 نوفمبر سنة 1974 التي نظرت فيها المعارضة الابتدائية أن الطاعن حضر وأنكر التهمة وأثبت أن صحة اسمه...... وقدم بطاقة حيازة بهذا الاسم كما قدم قسائم سداد الأموال الأميرية وإيصال توريد أقطان غير ثابت به خصم مطلوبات هيئة الإصلاح الزراعي مما مفاده عدم وجود علاقة بينه وبين هيئة الإصلاح التي تخصم مطلوباتها من قيمة الأقطان الموردة، فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 3 ديسمبر سنة 1974 لإعلان محرر المحضر وبهذه الجلسة حضر الطاعن ولم يحضر الشاهد فقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. وإذ استأنف الطاعن هذا الحكم ونظرت المحكمة الاستئنافية الدعوى بجلسة 29 يناير سنة 1975 حضر الطاعن وتمسك بدفاعه وبأنه غير المعني بالحجز وقدم بطاقة عائلية إلا أن المحكمة قضت بجلسة 5 مارس سنة 1975 بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكمين المستأنف والمطعون فيه المؤيد له لأسبابه أنهما لم يعرضا لدفاع الطاعن بانتفاء صلته بالحجز وبالأرض المحجوز على زراعتها، وكان هذا الدفاع جوهرياً في الدعوى إذ قد يتغير بتحقيقه وجه الرأي فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه والإحالة.

الطعن 2 لسنة 47 ق جلسة 17 / 4 / 1977 مكتب فني 28 ق 103 ص 491

جلسة 17 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد محمد وهبه، ومحمد وجدي عبد الصمد.

--------------

(103)
الطعن رقم 2 لسنة 47 القضائية

حكم. وضعه والتوقيع عليه. بطلانه. "بطلان. بطلان الأحكام". إثبات. "بوجه عام. أوراق رسمية". شهادة سلبية.
وجوب إيداع أحكام الإدانة والتوقيع عليها في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدورها وإلا كانت باطلة. إيداع الحكم في الميعاد غير موقع. لا يعصمه من البطلان.
العبرة في الحكم بنسخته الأصلية. المسودة مشروع للمحكمة التغيير فيه في شأن الوقائع والأسباب الشهادة السلبية الصادرة من قلم الكتاب. دليل إثبات. "يغني عنها. مذكرة من رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم".

-------------
لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها، وإلا كانت باطلة، ما لم تكن صادرة بالبراءة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه صدر في 14 ديسمبر سنة 1974 وحتى يوم 26 يناير سنة 1975 لم يكن قد تم التوقيع عليه على ما يبين مما أشر به على ذات الحكم رئيس الهيئة التي أصدرته، فإنه يكون باطلاً مستوجباً نقضه والإحالة. وغنى عن البيان أن هذا البطلان يترتب حتماً سواء قدم الطاعن الشهادة السلبية التي أشار إليها في مذكرة أسبابه أم لم يقدمها، ذلك أنها لا تعدو أن تكون دليل إثبات على عدم القيام بهذا الإجراء في الميعاد الذي حدده القانون، ويغنى عن هذا الدليل ما ورد بمذكرة رئيس الهيئة التي أصدرته من بقاء الحكم بدون توقيع حتى عرضه عليه بمنزله بالإجازة المرضية يوم 27 يناير سنة 1975 بمعرفة رئيس القلم الجنائي لتوقيعه وتحرير المذكرة بمناسبة التحقيق الذي تجريه النيابة مع أمين السر في هذا الخصوص، كما لا يغير من هذا البطلان إيداع أسباب الحكم غير موقعه ممن أصدره لأن القانون أوجب حصول الإيداع والتوقيع معاً في ميعاد الثلاثين يوماً، ولأن العبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه من ذوي الشأن، ولأن ورقة الحكم قبل التوقيع – سواء كانت أصلاً أم مسودة – لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية في تغييره وفى إجراء ما تراه في شأن الوقائع والأسباب مما لا تتحدد به حقوق الخصوم عند إرادة الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 10 من نوفمبر سنة 1974 بدائرة قسم مصر القديمة والجيزة الطاعن الأول (1) استغل بغاء الطاعنتين الثالثة والرابعة على الوجه المبين بالتحقيقات حالة كونه ممن له سلطة عليهما (2) بصفته مديراً لملهى رمسيس الهرم السياحي استخدم الطاعنتين الثالثة والرابعة اللتين تمارسان الدعارة بقصد تسهيل دعارتهما وبقصد الترويج لمحله حالة كونه ممن له سلطة عليهما على النحو المبين بالتحقيقات. – الطاعن الثاني – عاون الطاعنتان الثالثة والرابعة على ممارسة الدعارة على الوجه المبين بالتحقيقات – الطاعنتان الثالثة والرابعة – اعتادتا ممارسة الدعارة وطلبت معاقبتهم بالمواد 4 و6 و8/ 3 و9 و11 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة الآداب الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس الطاعن الأول سنة مع الشغل والنفاذ وتغريمه ثلثمائة جنيه ووضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة عقوبة الحبس وحبس الطاعن الثاني سنة مع الشغل والنفاذ ووضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الحبس من تاريخ انتهاء مدة الحبس وحبس كل من الطاعنتين الثالثة والرابعة ستة أشهر مع الشغل والنفاذ ووضعهما تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة من تاريخ انتهاء تنفيذ عقوبة الحبس. فاستأنفوا. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً – بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإدانتهم بجرائم الاعتياد على ممارسة الدعارة واستغلال البغاء والمعاونة على الدعارة وتسهيلها، قد جاء باطلاً، ذلك بأنه لم يوقع عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ النطق به.
وحيث إنه لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها، وإلا كانت باطلة، ما لم تكن صادرة بالبراءة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه صدر في 14 ديسمبر سنة 1974 وحتى يوم 26 يناير سنة 1975 لم يكن قد تم التوقيع عليه على ما يبين مما أشر به على ذات الحكم رئيس الهيئة التي أصدرته، فإنه يكون باطلاً مستوجباً نقضه والإحالة. وغنى عن البيان أن هذا البطلان يترتب حتماً سواء قدم الطاعن الشهادة السلبية التي أشار إليها في مذكرة أسبابه أم لم يقدمها، ذلك أنها لا تعدو أن تكون دليل إثبات على عدم القيام بهذا الإجراء في الميعاد الذي حدده القانون، ويغني عن هذا الدليل ما ورد بمذكرة رئيس الهيئة التي أصدرته من بقاء الحكم بدون توقيع حتى عرضه عليه بمنزله بالإجازة المرضية يوم 27 يناير سنة 1975 بمعرفة رئيس القلم الجنائي لتوقيعه وتحرير المذكرة بمناسبة التحقيق الذي تجريه النيابة مع أمين السر في هذا الخصوص كما لا يغير من هذا البطلان إيداع أسباب الحكم غير موقعه ممن أصدره لأن القانون أوجب حصول الإيداع والتوقيع معاً في ميعاد الثلاثين يوماً، ولأن العبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه من ذوي الشأن، ولأن ورقة الحكم قبل التوقيع – سواء كانت أصلاً أم مسودة – لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية في تغييره وفى إجراء ما تراه في شأن الوقائع والأسباب مما لا تحدد به حقوق الخصوم عند إرادة الطعن.

الطعن 70 لسنة 47 ق جلسة 2 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 114 ص 538

جلسة 2 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي اسكندر عزت، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق

--------------

(114)
الطعن رقم 70 لسنة 47 القضائية

 (1)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إعلان. معارضة. "نظرها والحكم فيها".
صدور قرار التأجيل في مواجهه الطاعن يوجب عليه تتبع سير الدعوى من هذه الجلسة إلى الجلسة الأخيرة. بلا حاجة إلى إعلان أو تنبيه.
(2) محكمة استئنافية. "إجراءات نظرها الدعوى والحكم فيها". معارضة "نظرها والحكم فيها". استئناف. "نظره والحكم فيه".
المعارضة في حكم عدم قبول الاستئناف شكلاً يقتضي من المحكمة أولاً بحث مدى صحة الحكم المعارض فيه من ناحية شكل الاستئناف. عليها الوقوف عند هذا الحد إذا ما تبينت صحة الحكم. إذا تبينت خطأه عليها أن تنتقل إلى موضوع الدعوى.
 (3)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". نقض. "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". قوة الأمر المقضي.
وقوف الحكم المطعون فيه عند حد تأييد الحكم المعارض فيه. عدم جواز الطعن عليه إلا من حيث ما قضى به من عدم قبول الاستئناف شكلاً. علة ذلك ؟
 (4)حكم. "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". "حجية الحكم". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. تزوير. "الادعاء بالتزوير".
العبرة فيما تقضي به الأحكام هي بما ينطق به القاضي في مجلس القضاء وما هو ثابت عن ذلك بمحضر الجلسة أو نسخة الحكم الأصلية المحررة من الكاتب والموقعة من القاضي. عدم جواز المحاجة في ذلك إلا بالطعن في التزوير.

---------------
1 - إن البين من مطالعة محضري جلستي المعارضة الاستئنافية أنه قد حدد لنظرها جلسة 24 مارس 1974 التي حضرها الطاعن وقدم دليل السداد وطلب أجلاً لتقديم شهادة طبية، وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 31 مارس سنة 1974 لهذا السبب، وبالجلسة الأخيرة لم يحضر الطاعن وقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وبرفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. لما كان ذلك، وكان قرار التأجيل المشار إليه قد اتخذ في حضرة الطاعن فإنه يكون عليه بلا حاجة إلى إعلان أو تنبيه يتتبع سير الدعوى من هذه الجلسة إلى الجلسة الأخيرة.
2 - من المقرر أنه إذا كان الحكم المعارض فيه لم يقض إلا بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد دون أن يتعرض إلى الموضوع، فان المحكمة تكون متعيناً عليها عند نظر المعارضة أن تفصل أولاً في صحة الحكم المعارض فيه من ناحية شكل الاستئناف فان رأت أنه قضاء صحيح وقفت عند هذا الحد، وإن رأت أنه خاطئ ألغته ثم انتقلت إلى موضوع الدعوى.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد وقف عند حد تأييد الحكم المعارض فيه فإنه لا يجوز الطعن عليه إلا من حيث ما قضى به من عدم قبول الاستئناف شكلاً وإلا انعطف الطعن على الحكم الابتدائي والإجراءات السابقة عليه وهو ما لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض لما يشوبه بعد أن حاز قوة الأمر المقضي به.
4 - إن العبرة فيما تقضي به الأحكام هي بما ينطق به القاضي في وجه الخصوم بمجلس القضاء، وبما هو ثابت عن ذلك في محضر الجلسة وفى نسخه الحكم الأصلية المحررة من الكاتب والموقعة من القاضي بما لا يجوز المحاجة فيه إلا بطريق الطعن بالتزوير، ولما كان الثابت منهما أنه تم النطق بالحكم بقبول المعارضة شكلاً ورفضها وتأييد الحكم المعارض فيه فإنه لا قيمة لما كان قد أثبت على خلاف ذلك في مسودة قرارات رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم إن صح ما أثاره الطاعن في هذا الشأن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها إدارياً والتي سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها يوم البيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائن الحاجز. وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة العدوة الجزئية قضت في الدعوى غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة مائة قرش لوقف التنفيذ. فعارض، وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المحكوم عليه الحكم. ومحكمة المنيا الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت في الدعوى غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. فعارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ رفض معارضه الطاعن في الحكم الغيابي الاستئنافي الصادر بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد، قد شابه البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب؛ ذلك بأن الحكم المطعون فيه صدر في جلسة لم يحضرها الطاعن لعدم التنبيه عليه بحضورها أو إعلانه بها. وقد دانه بجريمة اختلاس المحجوزات دون أن يعرض لدليل السداد المقدم من الطاعن. هذا فضلاً عن تناقض ما أثبت بمحضر جلسة الحكم مع ما أشر به رئيس الهيئة التي أصدرته في مسودة القرارات، إذ كان قد أشر بما يفيد أن المحكمة قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد ثم محيت هذه التأشيرة وكتب محلها عبارة "قبول ورفض وتأييد" مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مطالعة محضري جلستي المعارضة الاستئنافية أنه قد حدد لنظرها جلسة 24 مارس سنة 1974 التي حضرها الطاعن وقدم دليل السداد وطلب أجلاً لتقديم شهادة طبية، وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 31 مارس سنة 1974 لهذا السبب، وبالجلسة الأخيرة لم يحضر الطاعن وقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وبرفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. لما كان ذلك، وكان قرار التأجيل المشار إليه قد اتخذ في حضرة الطاعن فانه يكون عليه بلا حاجة إلى إعلان أو تنبيه أن يتتبع سير الدعوى من هذه الجلسة إلى الجلسة الأخيرة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا وجه له. ولما كان من المقرر أنه إذا كان الحكم المعارض فيه لم يقض إلا بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد دون أن يتعرض إلى الموضوع، فان المحكمة يكون متعيناً عليها عند نظر المعارضة أن تفصل أولاً في صحة الحكم المعارض فيه من ناحية شكل الاستئناف فإن رأت أنه قضاء صحيح وقفت عند هذا الحد، وإن رأت أنه خاطئ ألغته ثم انتقلت إلى موضوع الدعوى. ولما كان الحكم المطعون فيه قد وقف عند حد تأييد الحكم المعارض فيه فإنه لا يجوز الطعن عليه إلا من حيث ما قضى به من عدم قبول الاستئناف شكلاً وإلا انعطف الطعن على الحكم الابتدائي والإجراءات السابقة عليه وهو ما لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض لما يشوبه بعد أن حاز قوة الأمر المقضي به، ومن ثم فان يثيره الطاعن بأسباب طعنه من أنه قدم للمحكمة دليل السداد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكانت العبرة فيما تقضي به الأحكام هي بما ينطق به القاضي في وجه الخصوم بمجلس القضاء، وبما هو ثابت عن ذلك في محضر الجلسة وفى نسخة الحكم الأصلية المحررة من الكاتب والموقعة من القاضي بما لا يجوز الحاجة فيه إلا بطريق الطعن بالتزوير، ولما كان الثابت منهما أنه تم النطق بالحكم بقبول المعارضة شكلاً ورفضها وتأييد الحكم المعارض فيه، فإنه لا قيمة لما كان قد أثبت على خلاف في مسودة قرارات رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم إن صح ما أثاره الطاعن في هذا الشأن. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 123 لسنة 47 ق جلسة 25 / 4 / 1977 مكتب فني 28 ق 111 ص 526

جلسة 25 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، وسيد محمد شرعان، ومحمد علي بليغ.

--------------

(111)
الطعن رقم 123 لسنة 47 القضائية

 (1)تبديد. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم تحقق القصد الجنائي في جريمة التبديد إلا بانصراف نية المتهم إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه.
 (2)تبديد. مسئولية جنائية. دفاع. الإخلال بحق الدفاع". ما يوفره. حكم. "تسبيه. تسبيب معيب".
التفات الحكم الاستئنافي عن مستندات الطاعن التي قدمها أثناء نظر معارضته الابتدائية. لنفي مسئوليته عن الجريمة. قصور.

-------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأن الطاعنين تسلما من المجني عليه أنبوبة البوتاجاز لتوصيلها إلى أحد المصانع فلم يفعلا، وبنى على ذلك إدانتهما بجريمة التبديد، ودون أن يثبت قيام القصد الجنائي لديهما وهو انصراف نيتهما إلى إضافة المال الذي تسلماه إلى ملكيتهما واختلاسه لنفسيهما، وكان ما أورده الحكم على ما سلف بيانه لا تتوافر به جريمة التبديد كما هي معرفة به في القانون.
2 - إن التفات الحكم عن المستندات التي قدمها الطاعن الثاني – لمحكمة أول درجة أثناء نظر معارضته – تمسكاً بدلالتها على انتفاء مسئوليته في جريمة التبديد بسبب إصابته يوم الحادث بكسر في ظهره أثناء تحميله السيارة ودخوله المستشفى، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور مما يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بددا أنبوبة البوتاجاز المبينة بالمحضر والمملوكة..... و...... والمسلمة إليهما على سبيل الأمانة لتوصيلها إلى مصنع زجاج سرس الليان فاختلساها لنفسيهما إضراراً بمالكها، وطلبت عقابهما بالمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة منوف الجزئية قضت في الدعوى عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهمين شهراً واحداً مع الشغل وكفالة مائتي قرش غيابياً لوقف التنفيذ بالنسبة لكل منهما. فعارضا، وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليهما الحكم، ومحكمة شبين الكوم الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يدلل على توافر القصد الجنائي لجريمة التبديد التي دانهما بها، والتفت عن مناقشة مستندات الطاعن الثاني الدالة على إصابته يوم الحادث ودخوله المستشفى. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن حكم محكمة أول درجة – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه – إذ تحدث عن ثبوت جريمة التبديد في حق الطاعنين قال: "وحيث إن الواقعة تخلص فيما أبلغ به وقرره المجني عليه... من أنه سلم المتهمين أنبوبة البوتاجاز المبينة بالمحضر على سبيل توصيلها إلى مصنع زجاج سرس الليان ثم اكتشف عدم قيامهما بتوصيلها إلى المصنع المذكور فقام بالإبلاغ. وبسؤال المتهمين أنكرا ما نسب إليهما. وحيث إن التهمة المسندة إلى المتهمين ثابتة قبلهما من أقوال المجني عليه ومن عدم دفع المتهمين لها بثمة دفاع مقبول، ومن ثم يتعين عقابهما طبقاً لمادة الاتهام (341 عقوبات)"، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأن الطاعنين تسلما من المجني عليه أنبوبة البوتاجاز لتوصيلها إلى أحد المصانع فلم يفعلا، وبنى على ذلك إدانتهما بجريمة التبديد، ودون أن يثبت قيام القصد الجنائي لديهما وهو انصراف نيتهما إلى إضافة المال الذي تسلماه إلى ملكيتهما واختلاسه لنفسهما، وكان ما أورده الحكم على ما سلف بيانه لا تتوافر به جريمة التبديد كما هي معرفة به في القانون. هذا فضلاً عن التفات الحكم عن المستندات التي قدمها الطاعن الثاني – لمحكمة أول درجة أثناء نظر معارضته – تمسكاً بدلالتها على انتفاء مسئوليته في جريمة التبديد بسبب إصابته يوم الحادث بكسر في ظهره أثناء تحميله السيارة ودخوله المستشفى، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور مما يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.


الطعن 77 لسنة 47 ق جلسة 2 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 115 ص 542

جلسة 2 من مايو سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد علي بليغ.

---------------

(115)
الطعن رقم 77 لسنة 47 القضائية

 (1)قتل خطأ. خطأ. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه. موضوعي. مادام سائغاً.
 (2)إثبات. "خبرة". "بوجه عام". خطأ. مسئولية جنائية. حكم. "بطلانه". "تسبيبه. تسبيب معيب".
إقامة الحكم قضاءه على لا سند له من أوراق الدعوى والحيدة بالدليل الذي أورده – على ثبوت ركن الخطأ. عن نص ما أنبأ به التقرير الفني وفحواه. بطلانه لابتنائه على أساس فاسد. لا يغني عن ذلك ذكره أدلة أخرى.
 (3)بطلان. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "بوجه عام". 
الأدلة في المواد الجنائية متساندة. منها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي.
 (4)دعوى مدنية. دفوع. "الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية". دفاع. "الإحلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". 
الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية من الدفوع الجوهرية. وجوب تعرض المحكمة له.

--------------
1 - حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه انتهى إلى توافر ركن الخطأ في حق الطاعن بقوله: "ومما يؤيد توافر الخطأ أيضاً أنه قاد السيارة وهى غير صالحة فنياً في بعض أجزائها من حيث ضعف فرامل اليد وعدم صلاحية عجلة القيادة على نحو ما جاء بتقرير المهندس الفني". لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبة هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب إلا أن ذلك مشروط بأن يكون تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق.
2 - لما كان البين مما حصله الحكم من التقرير الفني الذي اعتمد عليه ومما شهد به المهندس الفني – واضع التقرير – أمام المحكمة الاستئنافية أنه لا يستطيع الجزم بما إذا كان عدم صلاحية السيارة قيادة الطاعن كان قائماً بها قبل وقوع الحادث أم كان نتيجة له، وكان الثابت من مدونات الحكم أن المحكمة لم تجزم بما لم يجزم به الخبير في هذا الشأن، وكان ما انتهى إليه الحكم من توافر ركن الخطأ في حق الطاعن لثبوت عدم صلاحية السيارة قيادته فنياً قبل الحادث لا يرتد إلى أصل ثابت من التقرير الفني أو من شهادة المهندس الفني في هذا الخصوص، فإن الحكم إذا أقام قضاءه على ما لا سند له من أوراق الدعوى وجاء بالدليل الذي أورده على ثبوت ركن الخطأ عن نص ما أنبأ به وفحواه يكون باطلاً لا بتنائه على أساس فاسد ولا يغني عن ذلك ما ذكره من أدلة أخرى.
3 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أو استبعد إحداها تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
4 - لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في رفض الدفع المبدي من الطاعن بعدم قبول الدعوى المدنية، على القول بأنه لا مصلحة له في إبدائه، وإذ تمسك الطاعن بهذا الدفع أمام المحكمة الاستئنافية اكتفى الحكم المطعون فيه بتأييد أسباب الحكم الابتدائي دون أن يضيف جديداً رداً عليه، ولما كان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية، هو من الدفوع الجوهرية التي يجب على محكمة الموضوع أن تعرض له وتقسطه حقه إيراداً له ورداً عليه ما دام الدفاع قد تمسك به، وكان الحكم الابتدائي فضلاً عن خطئه في القول بانتفاء مصلحة الطاعن في الدفع به مع قيامها، لم يعرض لهذا الدفع ولم يقسطه حقه إيراداً ورداً، وإذ خلا الحكم المطعون فيه من تدارك هذا الخطأ رغم إثارة هذا الدفع أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28 يناير سنة 1971 بدائرة مركز بني مزار محافظة المنيا. (أولاً) تسبب خطأ في قتل..... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته القوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص الأموال للخطر فاصطدمت بالسيارة رقم 9755 نقل القاهرة التي انقلبت في اليم مما أدى إلى قتل المجني عليه سالف الذكر.
(ثانياً) تسبب بخطئه في إصابة كل من.... و.... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر فاصطدمت بالسيارة رقم 9755 نقل القاهرة مما أدى إلى إصابة المجني عليهما بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي.
(ثالثاً) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر – وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات والمواد 2 و81 و88 و90 من القانون رقم 449 سنة 1955 والمادة رقم 2 من قرار الداخلية. وادعت زوجة المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح بني مزار الجزئية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام.
(أولاً) في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل عن التهم الثلاث المسندة إليه. (ثانياً) في الدعوى المدنية بإلزامه أن يدفع للمدعية قرش صاغ واحد علي سبيل التعويض المؤقت. فأستأنف المحكوم عليه الحكم. وحكمة المنيا الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ....... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ وقضى بإلزامه بالتعويض، قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في القانون فضلاً عن القصور في التسبيب، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اعتبر التلفيات التي وجدت بأجهزة السيارة قيادة الطاعن سابقة عل الحادث وقيادته لها بهذه الحالة يوفر عنصر الخطأ في جانبه مع أن الثابت من التقرير الفني ومن شهادة المهندس واضعه أمام محكمة ثاني درجة أن تلك التلفيات مردها إلى الحادث – هذا فضلاً عن خطأ الحكم الابتدائي إذ رفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى المدنية بقالة انعدام مصلحته فيه، وقصور الحكم المطعون فيه إذا اكتفى بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه دون أن يورد هذا الدفع إذا يرد عليه رغم تمسك الطاعن به أمام المحكمة الاستئنافية.
وحيث إن الحكم الإبتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه انتهى إلى توافر ركن الخطأ في حق الطاعن بقوله: "ومما يؤيد توافر الخطأ أيضاً أنه قاد السيارة وهى غير صالحة فنياً في بعض أجزائها من حيث ضعف فرامل اليد وعدم صلاحية عجلة القيادة على نحو ما جاء بتقرير المهندس الفني. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب إلا أن ذلك مشروط بأن يكون تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق. ولما كان البين مما حصله الحكم من التقرير الفني الذي اعتمد عليه ومما شهد به المهندس الفني - واضع التقرير – أمام المحكمة الاستئنافية أنه لا يستطيع الجزم بما إذا كان عدم صلاحية السيارة قيادة الطاعن كان قائماً بها قبل وقوع الحادث أم كان نتيجة له، وكان الثابت من مدونات الحكم أن المحكمة لم تجزم بما لم يجزم به الخبير في هذا الشأن، وكان ما انتهى إليه الحكم من توافر ركن الخطأ في حق الطاعن لثبوت عدم صلاحية السيارة قيادته فنياً قبل الحادث لا يرتد إلى أصل ثابت من التقرير الفني أو من شهادة المهندس الفني في هذا الخصوص، فإن الحكم إذا أقام قضاءه على ما لا سند له من أوراق الدعوى وجاء بالدليل الذي أورده على ثبوت ركن الخطأ عن نص ما أنبأ به وفحواه يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد ولا يغني عن ذلك ما ذكره من أدلة أخرى. إذا الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أو استبعد إحداها تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك. وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه اقتصر في رفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى المدنية، على القول بأنه لا مصلحة له في إبدائه، وإذ تمسك الطاعن بهذا الدفع أمام المحكمة الاستئنافية اكتفى الحكم المطعون فيه بتأييد أسباب الحكم الابتدائي دون أن يضيف جديداً رداً عليه، ولما كان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية، هو من الدفوع الجوهرية التي يجب على محكمة الموضوع أن تعرض له وتقسطه حقه إيراداً له ورداً عليه ما دام الدفاع قد تمسك به، وكان الحكم الابتدائي فضلاً عن خطئه في القول بانتفاء مصلحه الطاعن في الدفع به مع قيامها، لم يعرض لهذا الدفع ولم يقسطه حقه إيراداً ورداً، وإذ خلا الحكم المطعون فيه من تدارك هذا الخطأ رغم إثارة هذا الدفع أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.