جلسة 12 من أكتوبر سنة 2015
(99)
الطعن رقم 5216 لسنة 85 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "
. مواد مخدرة
.
بيان الحكم
واقعة الدعوى وإيراده مؤدى أدلة الإدانة . لا قصور .
مثال لتسبيب
سائغ لحكم صادر بالإدانة بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي.
(2) حكم
" ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه . تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم المادي
في مكان واقعة الضبط . لا يعيبه . مادام لم يكن خطأ في فهم المحكمة للواقعة .
مثال .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مواد مخدرة .
السيجارة .
لا تعدو أن تكون لفافة تبغ . نعي الطاعنين أن ما كانا يتعاطياه سيجارة وليس لفافة تبغ . غير مقبول .
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .مواد مخدرة . إثبات " خبرة".
عدم تعيين القانون حداً أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة
. أثره : وجوب العقاب على إحرازها مهما كان المقدار ضئيلاً . متى كان له كيان مادي
محسوس .
بيان الحكم من تقرير المعمل الكيماوي أن المواد المضبوطة لها
كيان مادي محسوس وأمكن وزنها وتحليلها . كفايته لثبوت الجريمة .
جريمة إحراز المخدرات . تمامها : بوجود المخدر في حوزة مُحرزه مهما صغر
مقداره أو كان دون وزن .
تعييب الحكم لعدم بيان وزن المخدر باللفافة المشتعلة المضبوطة . غير مقبول .
(5) ارتباط
. حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . عقوبة " الجريمة الأشد "
. مواد مخدرة . نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن
في النعي بشأن بيان عدد الأقراص المخدرة المضبوطة . مادام الحكم قد دانه بجريمة إحراز
نبات الحشيش المخدر وعاقبه بعقوبتها باعتبارها الأشد .
(6) تلبس . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . قبض . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب ".
كفاية وجود مظاهر
خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة لقيام حالة التلبس . تبين ماهية المادة المخدرة
عند المشاهدة . غير لازم لتوافر حالة التلبس . شرط ذلك ؟
اطمئنان الحكم لما شهد به الضابط من اشتمامه رائحة احتراق المخدر وتبادل الطاعنين لفافة تبغ مشتعلة تفوح منها ذات الرائحة . كفايته لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن جريمة إحرازهما له مما يوفر حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
اعتناق الحكم صورة واحدة للواقعة وإيراده مؤدى الأدلة بلا تناقض . لا عيب .
(8) إثبات " شهود ". حكم " ما لا يعيبه في
نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مأمورو الضبط القضائي
" اختصاصاتهم ".
إغفال الحكم بيان
الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي مقرونًا بشهادته . غير واجب . علة ذلك ؟
(9) إثبات
" شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى" " سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن
ما لا يقبل منها " .
المنازعة حول
تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال الشهود . جدل موضوعي . غير جائز أمام
محكمة النقض .
(10) إثبات " إقرار "
. دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع
ببطلان الاعتراف " .
نعي الطاعن بشأن إقراره بمحضر الضبط . غير مقبول . مادام الحكم لم يتخذ منه
دليلاً قبله .
(11) مواد
مخدرة . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في
تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة إحراز المواد
المخدرة . تحققه : بالعلم بكنه المادة المخدرة . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير
لازم . شرط ذلك ؟
مثال .
(12) مواد مخدرة . جريمة " أركانها "
. قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .
حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قصد التعاطي . قصد خاص . تحدث
المحكمة عنه استقلالاً . غير لازم . مادامت وقائع الدعوى وظروفها تحمله .
مثال .
(13) نقض
" أسباب الطعن . تحديدها " .
نعي الطاعن بمخالفة الحكم لنصوص قانون
دون الكشف عن أوجهها . غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما
كان الحكم المطعون فيه حصّل واقعة الدعوى
بما مفاده أنه حال مرور مأمور الضبط القضائي - شاهد الإثبات - بدائرة اختصاصه ،
اشتم رائحة احتراق مخدر البانجو ، تنبعث من لفافة تبغ مشتعلة يتبادلها الطاعنان ،
فقام بضبطهما وضبط اللفافة ، وبمواجهته لهما ، أقرا بإحرازها بقصد التعاطي ، ثم
أورد في معرض تحصيله لمؤدى أقوال شاهد الإثبات أنه ضبط معهما أيضًا أقراصًا مخدرة
. وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه - على هذه الصورة - في حق الطاعنين أدلة
استمدها من أقوال شاهد الإثبات ، وما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي ، ثم أورد مؤدى
كل دليل من هذه الأدلة ، في بيانٍ وافٍ ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما
رتبه الحكم عليها ، فإن ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - واضحٍ وكافٍ في
بيان واقعة الدعوى ، ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، ويتحقق به مراد
المشرع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم تنحسر عن
الحكم دعوى القصور في التسبيب ، في هذا الخصوص .
2- لما كان البيّن من سياق الحكم المطعون فيه أن واقعة الضبط حدثت في نطاق قسم شرطة .... ، فإن ما أورده الحكم - في موضع آخر منه - أنها حدثت في نطاق قسم شرطة .... ، وعدم إيراد واقعة ضبط أقراص الكلونازيبام في تحصيله للواقعة ثم إيرادها في معرض تحصيله لأقوال ضابط الواقعة لا يقدح في سلامته ، إذ هو مجرد خطأ مادي وزلَّة قلم لا تخفى ، ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة في فهمها واقع الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون ، غير سديد .
3- لما كانت السيجارة لا تعدو أن تكون
لفافة تبغ ، فإن النعي على الحكم بدعوى أن ما كان يتعاطاه الطاعنان سيجارة وليس
لفافة تبغ ، لا يؤبه له .
4- لما كان القانون لم يعين
حدًا أدنى للكمية المُحرزة من المادة المخدرة ، فالعقاب واجب حتمًا مهما كان
المقدارُ ضئيلاً ، متى كان له كيان مادي محسوس ، أمكن تقديره ، فمتى كان الثابت من
مطالعة أوراق الدعوى أنه تبين من تقرير المعمل الكيماوي أن المواد المضبوطة لها
كيان مادي محسوس وأمكن وزنها وتحليلها ، فإن ذلك كاف لثبوت الجريمة في حقه ، إذ
المقرر أن جريمة إحراز المخدرات تتم بوجودها في حوزة مُحرزها ، مهما صغر مقدارها
أو كانت دون الوزن ، فإن تعييب الحكم بخصوص عدم بيان وزن المخدر باللفافة المشتعلة
المضبوطة ، لا يكون قويمًا .
5- لما كان لا مصلحة للطاعن ، من وراء ما يثيره بشأن خلو الحكم من
بيان عدد أقراص الكلونازيبام التي تخضع لبعض قيود المواد المخدرة ، مادام قد دين
في جريمة إحراز نبات الحشيش المخدر ، وعوقب بعقوبتها الأشد عملاً بالمادة 32 من
قانون العقوبات .
6- لما
كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة التلبس
واطرحه في قوله : " وحيث إنه لما كان من المقرر أن التلبس حالة عينية تلازم
الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وأن حالة التلبس وردت على سبيل الحصر الذي لا يجوز
القياس عليه بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ، وأنه يجب لتوافرها أن تكون
هناك من المظاهر والأمارات الخارجية ما ينبئ بذاته عن توافر إحدى حالات التلبس وأن
يدركها مأمور الضبط القضائي بإحدى حواسه بطريقة يقينية لا تقبل الشك أو التأويل ،
وكان من المقرر أيضًا أنه إذا وضع الشخص نفسه طواعية واختيارًا في حالة تستلزم من
مأمور الضبط القضائي أن يتدخل لاستنكاه أمره فأسفر عن ذلك توافر إحدى حالات التلبس
على النحو المار بيانه ، وكان الثابت أن الضابط اشتم رائحة احتراق المخدر وشاهد
المتهمين وبيدهما لفافة تبغ مشتعلة يفوح منها ذات الرائحة لذات المخدر ، فقد أدرك
حالة التلبس بحاستي الشم والنظر فقبض على المتهم ، فإن ما أتاه الضابط من إجراءات
قد صادف صحيح القانون ..." . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أنه يكفي لقيام حالة التلبس ، أن تكون هناك مظاهر
خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر ، أن
يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها ، بل يكفي في ذلك تحقق
تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس ، متى كان هذا التحقق بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما
شهد به الضابط ، من أنه اشتم رائحة احتراق المخدر ، وشاهد الطاعنين
يتبادلان لفافة تبغ مشتعلة ، تفوح منها الرائحة
عينها ، بما يكفي لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن جريمة إحراز مخدر الحشيش ،
فإن ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة التلبس التي تسوغ القبض والتفتيش يكون
صحيحًا في القانون ، ويكون النعي عليه في هذا المنحى ، غير مقترن بالصواب .
7- لما كان الحكم - على النحو السالف بيانه - قد اعتنق صورة واحدة
للواقعة ، تتوافر بها حالة التلبس بالجريمة ، وأورد مؤدى أدلة الثبوت بغير تناقض -
بما يتفق وهذا التصور- فإنه يكون قد سلم أيضًا من التناقض في التسبيب .
8- من المقرر أنه لا يعيب
الحكم إغفاله بيان الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي ، إذ ليس في
القانون ، ما يوجب ذكر هذا البيان مقرونًا بشهادته ، لأن الأصل في الإجراءات الصحة
، وأن يباشر رجل الضبط القضائي أعماله في حدود اختصاصه ، وهو ما لم يجحده الطاعن
الثاني ، أو ينازع فيه سواءً أمام محكمة الموضوع أو في أسباب طعنه ، ومن ثم فإن
منعاه في هذا الصدد ، لا يكون له محل .
9- لما
كانت المحكمة قد اطمأنت - في نطاق سلطتها التقديرية - إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة
تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من منازعة حول التصوير الذي أخذت به
المحكمة للواقعة ، أو في تصديقها لأقوال هذا الشاهد ، أو محاولة تجريحها ، والقول
بكيدية الاتهام وتلفيقه وإنكاره محض جدل في
تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض .
10- لما كان الحكم لم يتخذ من إقرار الطاعن بمحضر الضبط دليلاً
قبله ، فليس له - من بعد - أن يشتكي من هذا الإقرار .
11- لما
كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة النبات المخدر ، يتحقق بعلم المُحرز أو
الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من النباتات المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة
بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ، إذا كان ما أوردته في حكمها كافيًا في الدلالة
على علم المتهم بأن ما يحوزه أو يحرزه نباتًا مخدرًا ، وإذ كان يبين من محضر جلسة
المحاكمة أن أيًا من الطاعنين أو المدافع عنهما ، لم يدفع بانتفاء هذا العلم ،
وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافيًا في الدلالة على حيازة الطاعن الثاني ،
للمخدر المضبوط ، وعلى علمه بكنهه ، فإن منعاه على الحكم في هذا المقام ، لا يكون
له وجه .
12- من
المقرر أن قصد التعاطي ، إنما هو قصد خاص ، وأنه لا يُشترط أن تتحدث المحكمة عنه
استقلالاً ، إذا كانت وقائع الدعوى وظروفها تحمله ، أو كانت الجريمة أقيمت على
المتهم بهذا الوصف - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ما ينعاه الطاعن الثاني ، بشأن قصور الحكم في التدليل على توافر قصد
التعاطي في حقه ، يكون على غير أساس .
13- لما
كان الطاعن الثاني لم يكشف بأسباب طعنه أوجه مخالفة المحكمة للمواد من 271 - 276
من قانون الإجراءات الجنائية ، حتى يتضح مدى تأثير ذلك على صحة الحكم المطعون فيه
، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهما :
1- أحرزا بقصد التعاطي جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها
قانونًا .
2- أحرزا بقصد التعاطي مادة " كلونازيبام " التي تخضع لبعض قيود المواد المخدرة في غير الأحوال المصرح بها
قانونًا .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا
عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 37/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل
بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند "56" من القسم
الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة والبند
رقم "3" من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال المادة 17
من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريم كل منهما
مبلغ عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه
دانهما بجريمتي إحراز نبات مخدر ، ومادة تخضع
لبعض قيود المواد المخدرة بقصد التعاطي ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد
في الاستدلال ، ذلك بأنه أُفرغ في عبارات قاصرة لا تكفي لحمل قضائه ، ولم يورد
مؤدى الأدلة التي عوَّل عليها في قضائه ، واعتنق صورتين لواقعة الدعوى ، إذ لم
يورد في صدرها واقعة ضبط الأقراص المخدرة ، ثم عاد وأوردها في معرض تحصيله لأقوال
شاهد الإثبات ، كما أثبت أن ما كان يتداوله الطاعنان لفافة تبغ ، في حين أنها
سيجارة تبغ ، وأورد أن الواقعة حدثت بقسم شرطة ... ، في حين أن محلها قسم شرطة ...
، وأغفل إيراد مضمون تقرير المعمل الكيماوي
كاملاً ، ولم يبين وزن المخدر المضبوط باللفافة ، وكذا عدد الأقراص المخدرة المضبوطة
، ويضيف الطاعن الثاني أن الحكم المطعون فيه اطرح دفعه ببطلان القبض
والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، بما لا يسوغ به اطراحه ، ولم يبن اختصاص الضابط
القائم بالضبط ، وعوَّل على أقواله ، مع أنها لا تتفق مع العقل والمنطق ، ورغم
انفراده بالشهادة ، وحجبه أفراد القوة
المرافقة عنها ، واتخذ الحكم من إقرار الطاعن بمحضر الضبط دليلاً على مقارفته
للجريمة ، مع أنه وليد إكراه مادي
ومعنوي ، ولم يدلّل على توافر علم الطاعن ، بأن ما يحرزه مواد المخدرة ،
كما جاء تدليله على قصد التعاطي في حقه قاصرًا ، وأخيرًا فقد خالف الحكم أحكام
المواد من 271 إلى 276 من قانون الإجراءات الجنائية ، كل أولئك ، يعيب الحكم
ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصّل واقعة الدعوى بما مفاده أنه حال مرور
مأمور الضبط القضائي - شاهد الإثبات - بدائرة اختصاصه ، اشتم رائحة احتراق مخدر
البانجو ، تنبعث من لفافة تبغ مشتعلة يتبادلها الطاعنان ، فقام بضبطهما وضبط
اللفافة ، وبمواجهته لهما، أقرا بإحرازها بقصد التعاطي ، ثم أورد في معرض تحصيله
لمؤدى أقوال شاهد الإثبات أنه ضبط معهما أيضًا أقراصًا مخدرة . وساق الحكم على
ثبوت الواقعة لديه - على هذه الصورة - في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال شاهد
الإثبات ، وما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي ، ثم أورد مؤدى كل دليل من هذه الأدلة ،
في بيانٍ وافٍ ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن
ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - واضحٍ وكافٍ في بيان واقعة الدعوى ، ومؤدى
الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، ويتحقق به مراد المشرع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم
تنحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب ، في هذا الخصوص . لما كان ذلك ،
وكان البيّن من سياق الحكم المطعون فيه أن واقعة الضبط حدثت في نطاق قسم شرطة .... ، فإن ما أورده الحكم - في موضع آخر منه - أنها حدثت في نطاق قسم
شرطة .... ، وعدم إيراد واقعة ضبط أقراص الكلونازيبام في تحصيله للواقعة ثم
إيرادها في معرض تحصيله لأقوال ضابط الواقعة لا يقدح في سلامته ، إذ هو مجرد خطأ
مادي وزلَّة قلم لا تخفى ، ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة في فهمها واقع الدعوى ،
فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت السيجارة
لا تعدو أن تكون لفافة تبغ ، فإن النعي على الحكم بدعوى أن ما كان يتعاطاه الطاعنان
سيجارة وليس لفافة تبغ ، لا يؤبه له . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يعين حدًا
أدنى للكمية المُحرزة من المادة المخدرة ،
فالعقاب واجب حتمًا مهما كان المقدارُ ضئيلاً ، متى كان له كيان مادي محسوس أمكن
تقديره ، فمتى كان الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أنه تبين من تقرير المعمل
الكيماوي أن المواد المضبوطة لها كيان مادي محسوس وأمكن وزنها وتحليلها ، فإن ذلك
كاف لثبوت الجريمة في حقه ، إذ المقرر أن جريمة إحراز المخدرات تتم بوجودها في
حوزة مُحرزها ، مهما صغر مقدارها أو كانت دون الوزن ، فإن تعييب الحكم بخصوص عدم بيان
وزن المخدر باللفافة المشتعلة المضبوطة ، لا يكون قويمًا . لما كان ذلك ، وكان لا
مصلحة للطاعن ، من وراء ما يثيره بشأن خلو
الحكم من بيان عدد أقراص الكلونازيبام التي تخضع لبعض قيود المواد المخدرة ،
مادام قد دين في جريمة إحراز نبات الحشيش المخدر ، وعوقب بعقوبتها الأشد عملاً
بالمادة 32 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض
للدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة التلبس واطرحه في قوله : " وحيث
إنه لما كان من المقرر أن التلبس حالة عينية تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها
وأن حالة التلبس وردت على سبيل الحصر الذي لا يجوز القياس عليه بالمادة 30 من
قانون الإجراءات الجنائية ، وأنه يجب لتوافرها أن تكون هناك من المظاهر والأمارات
الخارجية ما ينبئ بذاته عن توافر إحدى حالات التلبس وأن يدركها مأمور الضبط
القضائي بإحدى حواسه بطريقة يقينية لا تقبل الشك أو التأويل ، وكان من المقرر
أيضًا أنه إذا وضع الشخص نفسه طواعية واختيارًا في حالة تستلزم من مأمور الضبط
القضائي أن يتدخل لاستنكاه أمره فأسفر عن ذلك توافر إحدى حالات التلبس على النحو
المار بيانه ، وكان الثابت أن الضابط اشتم رائحة احتراق المخدر وشاهد المتهمين
وبيدهما لفافة تبغ مشتعلة يفوح منها ذات الرائحة لذات
المخدر ، فقد أدرك حالة التلبس بحاستي الشم والنظر فقبض على المتهم ، فإن ما أتاه الضابط من إجراءات قد صادف صحيح القانون
..." . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي لقيام حالة التلبس ، أن
تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، ولا يشترط في التلبس بإحراز
المخدر ، أن يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها ، بل يكفي
في ذلك تحقق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس ، متى كان هذا التحقق بطريقة
يقينية لا تحتمل شكاً ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما شهد به الضابط ، من أنه
اشتم رائحة احتراق المخدر ، وشاهد الطاعنين يتبادلان لفافة تبغ مشتعلة ، تفوح منها
الرائحة عينها ، بما يكفي لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن جريمة إحراز مخدر
الحشيش ، فإن ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة التلبس التي تسوغ القبض والتفتيش
يكون صحيحًا في القانون ، ويكون النعي عليه في هذا المنحى ، غير مقترن بالصواب .
لما كان ذلك ، وكان الحكم - على النحو السالف بيانه - قد اعتنق صورة واحدة للواقعة
، تتوافر بها حالة التلبس بالجريمة ، وأورد مؤدى أدلة الثبوت بغير تناقض - بما يتفق وهذا التصور- فإنه يكون قد سلم أيضًا من
التناقض في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم
إغفاله بيان الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي ، إذ ليس في القانون ، ما يوجب
ذكر هذا البيان مقرونًا بشهادته ، لأن الأصل في الإجراءات الصحة ، وأن يباشر رجل
الضبط القضائي أعماله في حدود اختصاصه ، وهو ما لم يجحده الطاعن الثاني ، أو ينازع
فيه سواءً أمام محكمة الموضوع أو في أسباب طعنه ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد ،
لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت - في نطاق سلطتها
التقديرية - إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من منازعة حول التصوير الذي أخذت به
المحكمة للواقعة ، أو في تصديقها لأقوال هذا الشاهد ، أو محاولة تجريحها ،
والقول بكيدية الاتهام وتلفيقه وإنكاره محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به
محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان
الحكم لم يتخذ من إقرار الطاعن بمحضر الضبط دليلاً قبله ، فليس له - من بعد - أن
يشتكي من هذا الإقرار . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة
النبات المخدر ، يتحقق بعلم المُحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من النباتات
المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ، إذا كان ما
أوردته في حكمها كافيًا في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه أو يحرزه نباتًا
مخدرًا ، وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن ، أيًا من الطاعنين أو المدافع عنهما ، لم يدفع بانتفاء هذا العلم ،
وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافيًا في الدلالة على حيازة الطاعن الثاني ،
للمخدر المضبوط ، وعلى علمه بكنهه ، فإن منعاه على الحكم في هذا المقام ، لا يكون
له وجه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد التعاطي ، إنما هو قصد خاص ، وأنه
لا يُشترط أن تتحدث المحكمة عنه استقلالاً ، إذا كانت وقائع الدعوى وظروفها تحمله
، أو كانت الجريمة أقيمت على المتهم بهذا الوصف - كما هو الحال في الدعوى الراهنة
- فإن ما ينعاه الطاعن الثاني ، بشأن قصور الحكم في التدليل على توافر قصد التعاطي
في حقه، يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الطاعن الثاني لم يكشف بأسباب
طعنه أوجه مخالفة المحكمة للمواد من 271 - 276 من قانون الإجراءات الجنائية ، حتى
يتضح مدى تأثير ذلك على صحة الحكم المطعون فيه
، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ،
فإن الطعن - برمته - يكون على غير أساس ، متعينًا رفضه موضوعًا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ