باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حاكم إمارة رأس الخيمة
-------------------------
محكمة تمييز رأس الخيمة
الدائرة التجارية
برئاسة السيد المستشار / محمد حمودة الشريف رئيس الدائرة
وعضوية السيدين المستشارين/ صلاح عبد العاطي أبو رابح ومحمد عبدالعظيم عقبة
وأمين السر السيد/ حسام على
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء بإمارة رأس الخيمة
في يوم الاثنين 26 من ذى القعدة 1437 ه الموافق 29 من أغسطس من العام 2016
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 122 لسنة 11 ق 2016 – تجارى
الطاعنة / الشركة .... لمقاولات البناء ش.ذ.م.م يمثلها مالكها ومديرها / ....
ضد
المطعون ضدهما :
1) مركز ... الخيري لتدريس القرآن والسنة بوكالة المحاميان / ... و .....
2) المكتب ..... للاستشارات الهندسية بوكالة المحاميان/ ... و ....
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ محمد حمودة الشريف.
حيث انه لما كان من المقرر أنه لا يكفى في من يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع خصمه في طلباته وأن تكون له مصلحة في الحكم المطعون فيه حين صدوره فان كان لم توجه إليه طلبات ولم يقضى له أو عليه بشي فان الطعن يكون بالنسبة له غير مقبول .وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثاني لم توجه منه أو إليه ثم طلبات فى الدعوى ولم تتعلق أسباب الطعن به فلا يكون للطاعنة مصلحة في اختصامه أمام محكمة التمييز ويكون الطعن لذلك غير مقبول بالنسبة له
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
تتحصل الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده الأول كان أقام بمواجهة الطاعن والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 117/2015 لدى محكمة رأس الخيمة المدنية الكلية طالباً فيها الحكم بندب خبير هندسي تكون مهمته الاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها وما عسى أن يقدمه الخصوم فيها والانتقال إلى الموقع لمعاينة الأعمال التي قامت المدعى عليها الأولى بتنفيذها ومدى مطابقة هذه الأعمال للمواصفات المتعاقد عليها وقيمتها في ضوء عقد المقاولة سند الدعوى وبيان نسبة التأخير في تنفيذ الأعمال في ضوء مدة التعاقد وأسباب التأخير في التنفيذ وبالجملة احتساب غرامة التأخير المستحقة للمدعي وبيان المبالغ المستحقة له لدى المدعى عليها الأولى من المبالغ التي استلمتها ، واحتساب قيمة بدل الصيانة وفقاً للعقد واحتساب الفارق بين المقاولة الأصلية والمقاولة البديلة في ضوء أسعار السوق ، وسماع أقوال أطراف الدعوى وسماع من يرى سماعه حول الأعمال موضوع الدعوى وبيان أوجه التقصير التي قام بها المدعى عليه الثاني وتحديد مدى مسؤوليته عنها وإعداد تقرير فني بذلك وإلزام المدعى عليهما بالرسوم والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذلك على سند من القول أنه بموجب عقد مقاولة مؤرخ في 28/5/2011م موقع من الطاعنة والمطعون ضده الأول اتفقا على أن تقوم الطاعنة ببناء مشروع مركز عمر بن الخطاب بمنطقة جلفار برأس الخيمة كاملا إلى تسليم المفتاح وفقاً للمخططات والمواصفات الصادرة من المطعون ضده الثاني المكتب العصري للاستشارات الهندسية برأس الخيمة وتحت إشرافه لقاء مبلغ ( 2.595.000 درهم ) مليونان وخمسمائة وخمس وتسعون درهماً تدفع من المالك حسب جدول الدفعات المتفق عليها على أن يتم إنجاز العمل خلال 24 شهر ، ويتم صرف الدفعات بعد موافقة المطعون ضده الثاني المخول بالصرف ، وحيث إن الأعمال الواردة بجدول الأعمال والدفعات من المرحلة الثانية وحتى الرابعة لم تكتمل تماماً ولوجود أعمال معيبة وكذلك المرحلة الخامسة والسادسة والسابعة ، مما كان على الاستشاري أن لا يقوم بصرف الدفعات لإخلال المدعى عليها الأولى بالتزاماتها لعدم إنجاز الأعمال وتأخرها عنها كانت الدعوى بالطلبات سالفة البيان .
بتاريخ 18/2/2016م حكمت المحكمة : أولاً ) بفسخ عقد المقاولة المؤرخ في 28/5/2011م . ثانياً ) بإلزام الشركة المدعى عليها بأداء مبلغ ( 97.142.50 درهم ) فقط مبلغ سبع وتسعون ألف ومائة وأثنين وأربعون درهماً وخمسون فلساً للمدعي . ثالثاً ) إلزام الشركة المدعى عليها الأولى بأن تؤدي للمدعي مبلغ مئتين وخمسون ألف درهم تعويضاً للأضرار المادية التي أصابته ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الشركة المدعى عليها الأولى المصروفات ومبلغ مائة درهم مقابل أتعاب المحاماة .
استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ( 153 /2016) والمطعون ضده الأول بالاستئناف رقم ( 160/2016 ) .
وبتاريخ ( 17/5/2016م ) حكمت المحكمة : 1 - بقبول الاستئنافين شكلاً . 2 - وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وإلزام كل مستأنف بمصروفات استئنافه
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالطعن الماثل بصحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ ....
واذا عرض على هذه المحكمة في غرفة المشورة رأت انه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره تم تداوله فيها على النحو المبين بالمحضر وفيها حجز المحكمة الطعن للحكم بجلسة اليوم
حيث أقيم الطعن على سبب وحيد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وذلك من ستة وجوه.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب على الحكم المطعون فيه رفضه الاستجابة إلى دفعها بعدم قبول الدعوى برغم خلو الأوراق مما يثبت إنذارها من المطعون ضده برغبته في فسخ عقد المقاولة بين الطرفين.
وحيث إن هذا النعي غير سديد لما تقرره المادة 387 من قانون المعاملات المدنية من أنه إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه في العقود الملزمة للجانبين جاز للمتعاقد الأخر بعد إنذاره أن يطلب تنفيذ العقد أو فسخه. ولما تقرره المادة 388 من ذات القانون من أنه لا ضرورة لإعذار المدين إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين. لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد اعتبرت أن الطاعنة " قد أخلت بالتزاماتها التي ترتب عليها التأخير الذي حدث بالمشروع وعدم التسليم في الموعد رغم اعتماد مدد إضافية" مؤداه أن إتمام تنفيذ الطاعنة التزامها قد صار غير مجد بفعلها فلا ضرورة لإعذارها قبل المطالبة وإذ أيّد الحكم المطعون فيه قضاء الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من فسخ العقد بدون سابق إعذار لثبوت أن عدم إتمام تنفيذ العقد واقع بفعل الطاعنة لإخلالها بالتزامها بإتمام المشروع في المدة المحددة له رغم اعتماده مدداً إضافية فيكون قد أحسن تطبيق المادتين387 و 388 من قانون المعاملات المدنية والتزم بذلك صحيح القانون مما يضحى معه النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون ببقية أسباب الطعن قضائه للمطعون ضده الأول بتعويض مبالغ فيه دون بيان عناصر الضرر الذي قضى على أساسه بالتعويض للمطعون ضده الأول مكتفياً بمجرد الاستناد إلى تقرير الخبير الهندسي المنتدب فيما يتعلق بإخلال الطاعنة وتأخرها في إنجاز الأعمال الفنية والهندسية الموكولة لها برغم . أولاً: أن حقيقة الواقع أنها لم تتأخر في إنجاز ما هو موكول لها من عمل وذلك بدليل عدم قيام استشاري المشروع بإسناد الأعمال الهندسية لمقاول آخر وتطبيق غرامات التأخير عليها طبق ما تخوله له أحكام الفقرتين 7 و 21 من العقد سند العلاقة. وثانياً: إثبات الخبير المذكور بتقريره إخلال وتقصير المطعون ضدها بأكثر من موضع وانتهائه مع ذلك إلى نتيجة مناقضة مع حيثياته. ثالثاً: عدم قيام الخبير المنتدب خلافاً لعرف المهنة باحتساب مبالغ ومصاريف مثل : الكهرباء والمياه ورواتب العملة بذلتها الطاعنة بسبب توقف المشروع بفعل المطعون ضده.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود ذلك أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها وترجيحها والموازنة بينها وهي في ذلك تنظر النزاع في ضوء الأدلة والمستندات التي تقدم لها وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وتؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا إلزام عليها أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم والرد استقلالاً على كل قول أو حجة ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج . وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى والأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يقنعها لسلامة الأسس التي أقيم عليها ولأنه يتفق مع الواقع الثابت في الدعوى دون أن تكون ملزمة بالرد استقلالاً على كل الطعون الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه السائغة ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير ولا عليها إن لم تستجب إلى طلب الخصم ندب خبير في الدعوى خلاف من قدم تقريره أو إعادة المأمورية إلى الخبير السابق ندبه متى وجدت في تقرير هذا الأخير وفق أوراق الدعوى وعناصرها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها. وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بها ما دامت قد بينت عناصر الضرر ومدى أحقية المضرور في التعويض عنها وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضائه بإلزام الطاعنة بالتعويض للمطعون ضده الأول بناء على ثبوت إخلال الطاعنة بالتزاماتها في تنفيذ عقد المقاولة المبرم بينهما بتأخرها في إتمام تنفيذ العقد وتسليم المشروع في الميعاد المتفق عليه كما ثبت ذلك بتقريره خبير الدعوى المستفاد منه أن السبب الرئيسي في هذا التأخير يعود بالأساس إلى الطاعنة برغم إشارته إلى حدوث تمديد زمني للمشروع كان نتيجة التعديلات والتأخيرات التي حدثت من المدعي في اعتماده بعض المواد اللازمة لتنفيذ المشروع أصبح معه تاريخ الاستلام في 19/12/2013 بدلاً من التاريخ التعاقدي وهو 4/10/2013 الذي لا تأثير له على قيام مسئولية الطاعنة في التأخير بعد التزامها أثر ذلك للمطعون ضده بإنهاء الأشغال بتاريخ (22/7/2014) دون أن يتم ذلك. وكان الحكم المذكور أبان عناصر الضرر الذي قضى عنه بالتعويض للمطعون ضده التي تمثلت على ما ورد بمدوناته في الزيادة في سعر السوق من 10 إلى 20% وفي ما سيترتب للمطعون ضده من ضرر مادي أيضاً نتيجة ما سيضطر إليه من إسناد الأعمال لمقاول آخر فيكون قد أسس قضائه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق تكفي لحمله ولا يعدو النعي لذلك أن يكون مجادلة فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الأدلة والموازنة بينها وفهم الواقع في الدعوى وتقدير التعويض الجابر للضرر مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ومن ثم فإن النعي يكون قائم على غير أساس يتعين رفضه دون التفات لما تثيره الطاعنة الآن في شأن عدم احتساب الخبير المصاريف التي تدعي بذلها بمناسبة المدة التي توقف فيها المشروع بسبب من المطعون ضده لتضمنه دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع لا يجوز لذلك إثارته لأول مرة أمام محكمة التمييز.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.