باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حاكم إمارة رأس الخيمة
-------------------------
محكمة تمييز رأس الخيمة
الدائرة المدنية
برئاسة السيد المستشار / محمد حمودة الشريف رئيس الدائرة
وعضوية السيدين المستشارين/ صلاح عبد العاطي أبو رابح ومحمد عبدالعظيم عقبه
وأمين السر السيد/ حسام على
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء بإمارة رأس الخيمة
في يوم الأربعاء 28 من ذي القعدة 1437 ه الموافق 31 من أغسطس من العام 2016
في الطعنين المقيدين في جدول المحكمة برقمي 99-101 لسنة 11 ق 2016 مدنى
(الطعن رقم 99/2016)
الطاعن/ ..... بوكالة المحامي / .... ومشاركوه.
ضد المطعون ضدهما / 1- .... بوكالة المحامي /....
2- ..... بوكالة المحامي/ ....
(الطعن رقم 101/2016)
الطاعن/..... بوكالة المحامي /....ز
ضد
المطعون ضدها / 1- .... بوكالة المحامي / ....
2- ..... بوكالة مكتب .... ومشاركوه
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي التقرير/ محمد حمودة الشريف .
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
حيث تتحصل وقائع الدعوى –حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين في أن المطعون ضده .... كان أقام بمواجهة الطاعنين الدعوى رقم 299/2014 بطلب الحكم بندب خبير تكون مهمته الاطلاع على حساب شركة .... لدى بنك دبي الوطني وبيان القائم على عمليات الإيداع والسحب وفحص الحسابات بين الطرفين وتصفيتها وإثبات ما هو مستحق منها في ذمة المدعى عليهما وتقديم تقرير شامل عن واقع الشركة وتعاملاتها وإلزام المدعى عليهما بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وذلك على سند من القول أنه بتاريخ 2/5/2012 تأسست شركة أوف شور كشركة أعمال دولية لدى هيئة رأس الخيمة للاستثمار وقد اتفق المدعي مع المدعى عليهما على تأسيس هذه الشركة برأس مال مقداره خمسة ملايين دولار على أن تكون نسبة مساهمته (15%) من رأس المال وتدفع حصص الشركة على دفعتين الأولى بمبلغ (2300000) دولار يدفع منها المدعي نسبة (15%) مبلغ (345000) دولار وهو ما التزم به فعلياً بأن دفع كامل حصته من الدفعة الأولى ، ولم يدفع المدعى عليهما حصتهما ولم يقوما بممارسة أعمال الشركة المفترضة وهي العمل في مجال المعلوماتية في دولة الهند وخارجها ، بل استغلوا الوكالة التي تخولهم سحب أموال الشركة وقاما باختلاس الأموال لأنفسهم .
وبعد إجراء الخبرة قدم المدعي مذكرة بطلباته الأخيرة طلب فيها بصفة مستعجلة إصدار أمر بمنع المدعي عليهما من السفر وإلزامهما بمبلغ مليون ومئتان وتسعة وخمسون ألف وخمسمائة درهم مع الفائدة القانونية والرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.
ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 28/5/2015 بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعي مبلغ قدره (1259500) درهماً (مليون ومائتان وتسعة وخمسون ألف وخمسمائة درهم ) ورفضت ماعدا ذلك من طلبات وألزمت المدعى عليهما المصاريف ومائة درهم مقابل أتعاب المحاماة .
استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 292-305/2016 وبتاريخ 11/4/2016 حكمت المحكمة أولاً: في الاستئناف رقم (292/2015) بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت المستأنفين بالمصروفات . ثانياً: في الاستئناف رقم (305/2015) بقبوله شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف ليصبح بإلزام المستأنف ضدهما بأن يؤديا للمستأنف مبلغ (1259500) مليون ومائتان وتسعة وخمسون ألف وخمسمائة درهم والفائدة القانونية عن هذا المبلغ بواقع (9%) من تاريخ صدور الحكم وحتى السداد التام وألزمت المستأنف ضدهما بالمصروفات. طعن الطاعنان في هذا الحكم بالطعنين الماثلين بصحيفتي الطعن رقم 99 في 8/7/2016 والطعن رقم 101 في 9/6/2016 وإذ عرض الطعنان على المحكمة بغرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر فحددت جلسة لنظرهما تم تداولهما فيها على النحو المبين بالمحضر وقررت حجزهما للحكم بجلسة اليوم .
حيث أقيم الطعنان على ثلاث أسباب ينعى الطاعنان فالأول بالوجه الثاني من طعنه والثاني بالسبب الثالث من طعنه بها على الحكم المطعون مخالفته القانون لعدم قبوله الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم (714/2014) جنح رأس الخيمة طالما كان الحكم المذكور قد قضى ببراءة الطاعنان وعدم استيلائهما على أموال المطعون ضده مما يكون معه قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون الأساسي المشترك بين الدعويين الجنائية و المدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله ويحوز في شأن هذه المسألة الكلية المشتركة حجيّه الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية التي تتقيد به .
حيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر أن الحكم الصادر في الدعوى الجزائية لا تكون له حجيه في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا فيما كان قد فصل فيه فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا قضت المحكمة الجزائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلزمها في بحث الحقوق المدنية بها . فإذا كان أساس الدعوى المدنية الخطأ التعاقدي وهو مختلف عن الخطأ الجنائي فإن سبق صدور حكم ببراءة المدعى عليه لعدم نسبة الواقعة الجنائية إليه لا يقيد القاضي المدني عند نظر الدعوى المدنية لعدم وجود أساس مشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية في هذه الحالة. و إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برد دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور الحكم الجزائي القاضي ببراءة الطاعنين المشار إليه بوجه النعي وأبان أنه لا حجية لذلك الحكم في ثبوت الخطأ التعاقدي على ما أورده بمدوناته (بأن قضاء الحكم الجزائي في الجنحة رقم (749/2014) جزاء رأس الخيمة ببراءة المدعى عليهما ((الطاعنان)) من تهمته وخيانة الأمانة على حصة وأموال المدعي (المطعون ضده) في الشركة محل التداعي تقتصر حجيته في حق المدعي عليهما على انتفاء تحصلهم على أموال المدعي عن طريق الاستيلاء عليها أو خيانة الأمانة ولا يلزم لهذا القضاء تناول النزاع حول مديونية المدعي عليها بقيمة تلك الأموال أمام المحكمة المدنية ، موضوع الدعوى الماثلة ، ومن ثم فإن قضاء الحكم الجزائي ببراءة المدعى عليهما لا يحوز حجيته بشأن مديونية سالفي الذكر بقيمته أمام المحكمة المدنية) فهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق لا مخالفة فيما للقانون ومن ثم فإن النعي يكون قائم على غير أساس يتعين رفضه .
وحيث إن حاصل النعي باقي أسباب الطعنين مخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع وذلك حين قضى للمطعون ضده بمطالبته المالية رغم ما استند إليه الطاعنان من دفاع مداره العناصر التالية : أولاً: أن الأموال التي يطالب بها المطعون ضده ليست مديونية عادية وإنما تمثل حصته في رأس مال الشركة القائمة بين الطرفين فلا يحق له استردادها إعمالاً لمبدأ ثبات رأس المال الذي يترتب عنه أنه لا يجوز للشركاء استرداد رأس المال أثناء حياة الشركة لأن الحصة التي يقدمها الشريك للشركة تخرج عن ملكه ولا تعتبر ملكاً شائعاً بين الشركاء وتصبح مملوكة للشركة كشخص معنوي –ولذلك فلا يحق للمطعون ضده اقتضاء مبلغ حصته، في رأس مال الشركة من الشركاء لا سيما وقد برأ الحكم الجزائي البات الصادر في الدعوى رقم (714/2014) الطاعنين من أي استيلاء على أموال المطعون ضده وأن حصة الشريك في الشركة غير الموفي بها تعتبر ديناً عليه للشركة ولا يجوز لذلك للشريك قبل إجراء تصفية الشركة أن يسترد حصته في رأس مال الشركة . 2- اعتماد الحكم المطعون فيه تقرير الخبرة المنتدبة منه محمولاً على أسبابه برغم ما شابه من عوار وقبل تحقيق اعتراضات الطاعنين عليه التي استنداً فيها إلى عدم قيام لجنة الخبرة بالمهمة الموكولة لها و المتمثلة في الاطلاع على الحساب البنكي للشركة لدى بنك الإمارات الوطني رقم .... إذ لم تخاطب البنك للحصول على حسابات الشركة المصرفية ولم تطلع على تلك الحسابات ولم تبين عمليات الإيداع فيه والقائم بالإيداع ولم تحدد المخول بالسحب لهذا الحساب ولم تفحص حسابات الأطراف ولم تنتقل الخبرة لأي جهة ولم تخاطب البنوك أو الجهات المصرفية للتأكد من ماهية الأموال المحولة وهل تمت من أموال الطاعنين أم من أموال المطعون ضده مما يشكل عيباً جسيما وقصوراً جوهرياً يستوجب طرح ما أورده تقرير الخبرة وعدم التعويل عليه . 3-أخطأت الخبرة الحسابية لما أفادت بأن الطاعنين لم يقدما ثمة مستندات تفيد قيامهما بتحويل أي جزء من المبالغ التي سدداها بحساب الشركة والبالغ قيمتها (1.952.500) درهم وأن الطاعنين لم يقدما ما يفيد تحويل مبلغ (225.000) دولار من أموالهما الخاصة وكذلك الفواتير الخاصة بعقد الاستشارات الخاصة بمشروع الهند ومصاريف السفر والإقامات والمصاريف الإدارية المختلفة التي تم إنفاقها من قبل الشركة بما يثبت أن الخبرة لم تطلع على المستندات التي تم تقديم أصولها لمحكمة الاستئناف ونسخة منها للخبرة والتي تتضمن أصول الإيصالات والحوالات المصرفية التي تثبت تحويل الطاعنان من حساباتهما الشخصية ومن أموالهما الخاصة هذه المبالغ وتأكد ذلك بالنسبة لأجور الاستشاري بإيصال الاستلام الصادر عن استشاري المشروع .... الذي يثبت استلام الاستشاري لمبلغ وقدره 864.523.21 درهم وتجاهلت الخبرة هذه المستندات بعدم مناقشتها وتمحيصها مكتفيه بالقول بأنها تستبعد تلك المبالغ دون تسبيب ودون سند حيث لم تكلف الخبرة نفسها عناء مخاطبة استشاري المشروع والاجتماع به ومناقشته والتحقق من طبيعة عمله وما تم إنجازه والعقبات التي أحاطت بالمشروع نتيجة عدم سداد المطعون ضده لباقي حصته في رأس مال الشركة وعدم تقديمه وشركائه بالهند الضمانات اللازمة الخاصة بالمشروع وذلك برغم تقديم الطاعنان – للمحكمة تقريراً صادراً عن استشاري المشروع يبين طبيعة المشروع ومهامه وأجله وأنه يخص نظام توفير المحتوى الرقمي بشأن المواصلات العامة وتتبع المركبات ومعلومات الركاب. 5- خطأ الخبرة لما أفادت بأنه لم يثبت لديها مزاولة الشركة لأي نشاط فعلي برغم الثابت من تقرير الاستشاري المحاسبي الذي قدمه الطاعنان للمحكمة والمستندات المقدمة للخبرة التي تثبت جميعها حقيقة جدية المشروع وأنه ليس مشروعاً وهمياً كما يزعم المطعون ضده الأول حيث ثبت بيقين أن شركة ... برأس الخيمة قد اتفقت على مشاريع مع الشركة القابضة / .... وقامت بتحويل مبلغ 225.000 دولار أمريكي من حصتها المتفق عليها وتبقي عليها 120.000 دولار أمريكي ونظراً لعدم تقديم المطعون ضده الأول وشركاؤه في الهند للضمانات المتفق عليها والمتعلقة بالمبالغ التي يتم تحويلها من جانب المشكو ضدهما إلى حساب المشروع كما ورد في ملحق مذكرة التفاهم المؤرخة في 5/10/2012 والموقعة من الشركاء مجتمعين إضافة إلى عدم سداد المطعون ضده الأول باقي حصته من رأس المال فقد رفض الطاعنان التوقيع على الاتفاق الشركة القابضة أو استكمال سداد المبالغ .
حيث أن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 676 من قانون المعاملات المدنية أجازت للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب أحد الخصوم الشركاء لعدم وفاء الشريك بما تعهد به أو لإلحاقه بالشركة ضرراً جوهرياً من جراء تولي شؤونها. وكان مؤدى نص المادة 275 من ذات القانون أن بطلان أو فسخ عقد الشركة معناه رجعية هذا البطلان أو الفسخ فيما بين الشركاء وعودتهم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد واسترداد كل منهم الحصة التي قدمها سواء كانت نقداً أو عيناً طالما أن الشركة لم تباشر نشاطها فعلاً. وكان من المقرر أن حل الشركة لا يستتبع بالضرورة خضوعها لإجراءات التصفية التي نص عليها القانون في كل حال فيما لم تتحول الشركة من مجرد الاتفاق على تكوينها إلى كيان خارجي عن طريق تنفيذ عقدها بمزاولتها لنشاطها بما يترتب عن ذلك من وجود حقوق لها والتزامات عليها فإنه لا جدوى من إخضاعها لتلك الإجراءات حيث لا توجد عندئذ أثار للشركة يمكن تصفيتها وأنه إذا ثبت أن الشركة لم تباشر فعلاً نشاطها الذي تكونت من أجله فإن مقتضى ذلك أن يسترد كل من الشركاء حصته التي قدمها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه والمؤيد لحكم محكمة أول درجة لأسبابه قد قضي بعد أن انتهى إلى توافر شروط وموجبات فسخ عقد الشركة القائمة بين الطرفين وحلها إلى إلزام الطاعنين بأن يردا للمطعون ضده حصته في رأس مال الشركة على سند مما ثبت لديه من تقرير الخبرة الذي أذن بها و أيدتها نتيجة الخبرة المنتدبة من محكمة الاستئناف كما ورد بمدوناته من (إخلال الطاعنين بالتزاماتهما الناشئة عن عقد الشركة فضلاً عن خلو أوراق الدعوى مما يشير إلى تكبدهما لثمة مصاريف فعلية من أجل الغرض المخصص له المشروع وأنه لم يتم سداد حصتهما في رأس مال المشروع وقدرها 85% من أسهم المشروع واقتصر دورهما على مجرد السحب من رصيد المدعي المودع من جانبه في حساب المشروع دون بيان أوجه صرف تلك المبالغ– ولم يثبت شراء ثمة معدات أو لوازم خاصة ولم يمسك الطاعنان ثمة سجلات أو كشوف حساب أو سندات يدون بها أوجه الإنفاق والمصاريف وما حققته الشركة من أرباح أو خسائر إن وجدت بالمخالفة لبنود مذكرة التفاهم المحررة بين الطرفين ولا يقدح في ذلك ما قام المدعى عليهما (الطاعنان) بتحويله من مبلغ قدره (828.000 درهم) إلى شركة .... بالهند إذ أن البين من أوراق الدعوى والاتفاق الحاصل في هذا الصدد أنه لم يوضع موضع التنفيذ لعدم سداد إجمالي المبالغ المستحقة لإتمام المشروع مما مؤداه عدم انعقاد هذا الاتفاق وبالتالي لم يترتب عليه ثمة حقوق أو التزامات قبل طرفيه تؤدى إلى مباشرة نشاط فعلي جدي ) فهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق تكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ولا يعدو النعي أن يكون مجادلة فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة في الدعوى والموازنة والترجيح بينها وفهم الواقع في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .