الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 يوليو 2020

الطعن 10 لسنة 6 ق جلسة 21 / 5 / 1936 مج عمر المدنية ج 1 ق 369 ص 1127

جلسة 21 مايو سنة 1936
برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعلى حيدر حجازى بك المستشارين.
------------------
(369)
القضية رقم 10 سنة 6 القضائية
(أ) تسجيل.
قانون التسجيل. عدم سريانه على المحرّرات الثابت تاريخها رسميا قبل أوّل يناير سنة 1924.
(ب) تسجيل.
قانون التسجيل. محل تطبيقه.
(حـ) تسجيل.
صاحب اختصاص. متى يجوز له الاحتجاج بسبق تسجيل اختصاصه. وجوب توفر حسن النية. (المادة 270 مدنى)
(د) اختصاص.
اختصاص الدائن بعقارات مدينه لحصوله على دينه. متى يعتبر أمر الاختصاص سندا ثابتا صحيحا؟ (المادتان 595 مدنى و681 مرافعات)
------------------
1 - إن المادة 14 من قانون التسجيل قد نصت على عدم سريانه على المحرّرات التي ثبت تاريخها رسميا قبل تاريخ العمل به (وهو أوّل يناير سنة 1924)، بل هذه المحرّرات تبقى خاضعة من حيث الآثار التي تترتب عليها لأحكام القوانين التي كانت سارية عليها.
2 - قانون التسجيل هو قانون خاص بتعديل نصوص القانون المدني فيما يتعلق بتسجيل العقود الصادرة على الملكية والحقوق العينية الأخرى غير الرهون والامتيازات والاختصاصات. يدل على ذلك عنوانه، ويدل عليه كذلك ما جاء في المادة الأولى مؤكدا لمضمون هذا العنوان من وجوب مراعاة النصوص المعمول بها الآن في مواد الامتياز والرهن العقاري والاختصاصات العقارية.
3 - لا يجوز لصاحب اختصاص الاحتجاج بسبق تسجيل اختصاصه إلا إذا كان حسن النية كما هو مقتضى المادة 270 من القانون المدني.
4 - إن نصوص القانونين المدني والمرافعات المتعلقة باختصاص الدائن بعقارات مدينه لحصوله على دينه فيها إشارات كافية توجب على طالب الاختصاص أن يكون حسن النية صادقا فيما يجب ذكره من البيانات خاصا به هو ومدينه ودينه وعقارات مدينه وقيمتها، حتى يكون رئيس المحكمة على بينة فيأمر بالاختصاص أو يرفضه ويكون له هو أن يعارض في الأمر ويختصم مدينه. فالدائن الذى أخفى عن رئيس المحكمة أن بعض العقار الذى أراد الاختصاص به قد باعه مدينه من قبل بعقد عرفي ثابت تاريخه رسميا قبل قانون التسجيل وقبل نشوء حقه في الدين، وذكر في عريضته أن هذا العقار هو ملك مدينه ولا يزال على ملكه فصدر له أمر الاختصاص وما كان ليصدر لو صدق وذكر عن أوصاف العقار ما يجب عليه ذكره صدقا - هذا الدائن يعتبر أنه قد عمل عملا إيجابيا منطويا على سوء النية يجعل الاختصاص الذى صدر له منطويا على سوء النية فلا يمكن اعتباره سندا ثابتا صحيحا ولا اعتبار تسجيله مفيدا لحكمه قانونا في حق المشترين من المدين.

الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى - على ما جاء بالحكم المطعون فيه - في أن الطاعنين رفعوا على الخواجة روفان صيدناوي دعوى أمام محكمة إسكندرية الابتدائية قيدت بجدولها برقم 33 سنة 1935 قالوا في صحيفة افتتاحها إنه بالنسبة لمديونية إسماعيل عبد الرحمن ربيع للخواجة روفان صيدناوي في مبلغ 484 جنيها و490 مليما قد شرع هذا الأخير في نزع ملكية 3 فدادين و20 قيراطا و16 سهما مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى باعتبارها ملك مدينه المذكور مع أن منها فدانين و3 قراريط قد تملكوها بالشراء بعقد عرفي ثابت تاريخه رسميا في 2 يونيه سنة 1921 ومسجل في 16 أغسطس سنة 1933 وطلبوا الحكم بثبوت ملكيتهم للفدانين والثلاثة قراريط المبينة الحدود بصحيفة الدعوى ومحو كافة التسجيلات المتوقعة عليها وإلزام المدّعى عليه الأوّل روفان صيدناوي بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
فأجاب المدّعى عليه الأوّل بأن دينه الذى بموجبه يسير في إجراءات نزع الملكية قد نشأ عن عقد إيجار انتهت مدّته في أكتوبر سنة 1927 وقد حكم له به على مدينه في 10 فبراير سنة 1931 وأخذ بحكمه هذا اختصاصا على عقارات مدينه وسجله في 15 أغسطس سنة 1933 وأن وقوع هذا التسجيل سابقا لتسجيل عقد شراء المدّعين يبرر ما سار به من إجراءات نزع الملكية. وبتاريخ 14 يناير سنة 1935 حكمت المحكمة الابتدائية حضوريا للمدّعى عليه الأوّل وفي غيبة المدّعى عليه الثاني بثبوت ملكية المدّعين للفدانين والثلاثة القراريط المبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى ومحو كافة التسجيلات المتوقعة عليها وألزمت المدّعى عليه الأوّل بالمصاريف ومائة قرش أتعاب محاماة، بانية حكمها هذا على أن عقد الشراء يعتبر بحكم قانون التسجيل الجديد ناقلا للملك ابتداء من تاريخ صدوره لثبوت تاريخه قبل سنة 1924 تاريخ بدء العمل بهذا القانون، وعلى أن هذا العقد صادر قبل نشوء دين المدّعى عليه الأوّل فليس ثمة مظنة تواطؤ أو تدليس بحقوقه، وعلى أنه لا وجه لهذا المدّعى عليه في الاحتجاج بأسبقية تاريخ تسجيل اختصاصه على تاريخ تسجيل عقد شراء المدّعين لأنه تبين لها من الاطلاع على الحكم الصادر من محكمة كوم حمادة بتاريخ 12 يوليه سنة 1932 في القضية رقم 932 سنة 1934 المرفوعة عليه هو والمدين من المدّعين أنه حكم فيها بأحقية المدّعين لزراعة القمح الناتجة من العين وأن عقد البيع هذا كان قد تقدّم فيها واطلع عليه، ولهذا فلا يستفيد المدّعى عليه الأوّل من اختصاصه الذى حصل عليه بتاريخ لاحق. استأنف المدّعى عليه الأوّل روفان صيدناوي هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر بتاريخ 20 و23 أبريل سنة 1935 طالبا إلغاءه ورفض دعوى المستأنف عليهم الستة الأوّلين (أي الطاعنين) وإلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة. وقيد هذا الاستئناف برقم 529 سنة 52 قضائية. وبجلسة المرافعة الأخيرة أصر الحاضر عن المستأنف على هذه الطلبات وارتكن على مذكرته. والحاضر عن أولئك المستأنف عليهم طلب تأييد الحكم المستأنف مرتكناً على مذكرته، ولم يحضر المستأنف عليه الأخير مع إعلانه قانونا بحكم ثبوت الغيبة. وبتاريخ 12 نوفمبر سنة 1935 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف ضدّهم الستة الأوّلين وإلزامهم بالمصاريف عن الدرجتين وخمسمائة قرش أتعاب محاماة. لم يعلن هذا الحكم. فطعن فيه الطاعنون في 8 يناير سنة 1936 بتقرير أعلن إلى المدّعى عليه في 19 من الشهر المذكور، وقدّم الطاعنون لقلم الكتاب في 23 منه مذكرة بشرح الأسباب وحافظة مستندات، ولم يقدّم المدّعى عليه في الطعن شيئا، وقدّمت النيابة مذكرة برأيها في الطعن بتاريخ 28 أبريل سنة 1936.
وبجلسة اليوم المحدّدة لنظر القضية سمعت الدعوى على ما هو مبين في محضر الجلسة. وبعد المداولة صدر الحكم الآتي:

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة الشفوية والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن محكمة الاستئناف - حين قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين معتمدة على قانون التسجيل فيما جاء به من أن العبرة في التفاضل بين العقود إنما هي بمجرّد الأسبقية في التسجيل - قد خالفت المادة الرابعة عشرة من هذا القانون فيما نصت عليه من عدم سريانه على المحرّرات التي ثبت تاريخها رسميا قبل بدء العمل به. ثم أخطأت تلك المحكمة في عدم تطبيق الفقرة الأولى من المادة 266 والمادة 606 من القانون المدني المنطبقتين على صورة الدعوى، لأن المادة الأولى تنص على أن مجرّد العقد الصحيح ينقل ملكية المبيع إلى المشترى بالنسبة للعاقدين ولمن ينوب عنهما من وارث أو دائن، ولأن المادة الثانية كانت تنص على أن الملكية والحقوق العينية تثبت في حق مالكها السابق بعقد انتقال الملكية أو بأي شيء يترتب عليه هذا الانتقال قانونا. ويقول الطاعنون إنهم أصبحوا على مقتضى هذه المواد مالكين للعين المبيعة من يوم صدور عقد شرائهم بالنسبة للبائع لهم ولجميع مداينيه، وبخاصة أولئك الذين لم تنشأ حقوقهم إلا بعد عقد الشراء المتقدّم الذكر.
وحيث إن محكمة الاستئناف استهلت حكمها المطعون فيه بقولها إن النزاع في هذه القضية مداره على ما إذا كان عقد البيع الثابت تاريخه رسميا في 2 يونيه سنة 1921 يفضل الاختصاص الذى حصل عليه المستأنف بتاريخ 15 أغسطس سنة 1933 في حين أن العقد لم يسجل إلا في 16 أغسطس سنة 1933. ثم قالت: وحيث إن محكمة الدرجة الأولى ذهبت إلى تفضيل عقد المستأنف ضدّهم استنادا إلى أن المستأنف كان يعلم قبل حصوله على الاختصاص بصدور ذلك العقد إليهم وإلى أن مجرّد علمه بصدور العقد يحرمه من الاستفادة من سبق تسجيل اختصاصه لتاريخ تسجيل العقد المذكور. وقد أخذت المحكمة في ذلك بظاهر نص المادة 270 من القانون المدني التي تقضي بأن لا تنتقل ملكية العقار بالنسبة لغير المتعاقدين من ذوى الفائدة فيه إلا بتسجيل عقد البيع متى كانت حقوقهم مبنية على سبب صحيح محفوظة قانونا وكانوا لا يعلمون ما يضر بها. وحيث إن عبارة (لا يعلمون ما يضر بها) الواردة بالمادة المذكورة منقولة عن الأصل الفرنسي لعبارة (qui sont de bonne foi) الواردة بالنسخة الفرنسية، فليس المقصود بها مجرّد العلم وإنما حسن النية. ومن البديهي أن مجرّد العلم لا يستلزم وجود سوء النية. وحيث إنه وإن قرّر المستأنف أنه كان يعلم بسبق تصرف مدينه في العين التي أخذ هو عليها اختصاصه فانهم لم يقدّموا شيئا غير ذلك ليدللوا به على سوء نيته. وزيادة على ذلك فلا محل هنا للقول بسوء نية المستأنف لأنه إنما كان في حصوله على الاختصاص بعقارات مدينه وهو والد المستأنف عليهم ساعيا للحصول على حقوقه، ولا يمكن أن يسند إليه في هذا الإجراء مظنة سوء النية أو التدليس كما يحتمل وجوده في حالة شخص آخر اكتسب حقه السابق في التسجيل من نفس البائع. وحيث إن إثبات تاريخ عقد البيع الذى يتمسك به المستأنف ضدّهم الستة الأوّلون قبل صدور قانون التسجيل الجديد لا ينقل الملكية إلا فيما بين المتعاقدين وليس له أثر بالنسبة للغير. وحيث إنه فضلا عما تقدّم فان قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 قضى على نظرية علم المشترى الثاني بالبيع الأوّل أو سوء نيته وجعل العبرة كلها بالتسجيل دون سواه. فما دام أن عقد المستأنف ضدّهم الستة الأوّلين لم ينقل الملكية إليهم بالنسبة للغير فلا أثر له على حقوق المستأنف التي اكتسبها بتسجيل اختصاصه قبل تسجيل ذلك العقد.
وحيث إن الطاعنين على حق فيما أبدوه من عدم وجوب الأخذ في قضيتهم بما فسرت به المادة الأولى من قانون التسجيل من أن العبرة في المفاضلة بين العقود الصادرة بين الأحياء على حق الملكية إنما هي بالتسجيل وحده، وأن لا محل مطلقا للاحتجاج على صاحب العقد المسجل الذى انتقلت إليه الملكية فعلا بتسجيله لا بسوء نية المتصرف ولا بالتواطؤ (الذى ليس شيئا آخر سوى سوء النية لدى المتصرف والمتصرف إليه الثاني معا حكم النقض في 12 ديسمبر سنة 1935 في الطعن رقم 35 سنة 5 قضائية). إن الطاعنين لعلى حق فيما أبدوه من ذلك لأن عقد شرائهم قد ثبت تاريخه رسميا في 2 يوليه سنة 1921، ولأن المادة 14 من قانون التسجيل قد نصت على عدم سريانه على المحرّرات التي ثبت تاريخها رسميا قبل تاريخ العمل به (وهو أوّل يناير سنة 1924) وأبقتها خاضعة من حيث الآثار التي تترتب عليها لأحكام القوانين التي كانت سارية عليها، ولأن هذا القانون من جهة أخرى هو قانون خاص بتعديل نصوص القانون المدني فيما يتعلق بتسجيل العقود الصادرة على الملكية والحقوق العينية الأخرى غير الرهون والامتيازات والاختصاصات على ما يدل عليه عنوانه وعلى ما جاء به في المادة الأولى مؤكدا لمضمون هذا العنوان من وجوب مراعاة النصوص المعمول بها الآن في مواد الامتيازات والرهن العقاري والاختصاصات العقارية.
وحيث إن الطاعنين على حق أيضا فيما أبدوه من وجوب الأخذ في قضيتهم في علاقتهم مع خصمهم بأحكام القانون المدني التي تعتبر عقد شرائهم مفيدا بمجرّد عقده لنقل ملكية المبيع إليهم في حق بائعهم ومن ناب عنه من وارث أو دائن (المادة 266 من القانون المدني) ولا تعتبر خصمهم صاحب اختصاص يجوز له الاحتجاج عليهم بسبق تسجيل اختصاصه إلا إذا كان حسن النية (المادة 270 من القانون المدني).
وحيث إن الحجاج بسوء النية وبالتواطؤ بين أصحاب الرهون والاختصاصات بعضهم وبعض أو بين بعضهم وبين من آل إليهم الملك مصرح به في المادة 270 فيما بقى من عمومها (بعد الذى نسخه منها قانون التسجيل نسخا جزئيا) وفى القانون رقم 79 لسنة 1933 بإضافة بعض أحكام إلى القانون المدني (راجع المواد المضافة وهى المادة 55 مكررة و79 مكررة و136 مكررة و179 مكررة و256 مكررة) إذ في كل من هذه المواد ذكر المرتهنون موصوفين بحسن النية.
وحيث إن محكمة الاستئناف تكون إذن قد أخطأت في تطبيق قانون التسجيل وفى عدم تطبيق أحكام القانون المدني الواجب تطبيقها في الدعوى.
وحيث إن الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه ومن بيانات الحكم المستأنف التي لا نزاع فيها أن عقد الطاعنين قد صدر لهم من مورّثهم بتاريخ 30 مايو سنة 1921 وأن تاريخه أثبت رسميا في 2 يونيه سنة 1921 وأن دين الخواجة روفان صيدناوي هو إيجار استحق بذمة البائع سنة 1927 وحكم به عليه في 10 فبراير سنة 1931 وأن هذا الدائن نفذ حكمه هذا على زراعة الأرض المبيعة على اعتبار أنها ملك مدينه فادعى الطاعنون استردادها بالقضية رقم 932 سنة 1934 كوم حمادة لأنها زراعتهم ولأن الأرض التي قامت عليها تلك الزراعة هي ملكهم بعقد البيع المتقدّم الذكر فقضت محكمة كوم حمادة بأحقيتهم للزراعة. وثبت أيضا بالحكم المستأنف أن عقد البيع هذا قد قدّم في قضية كوم حمادة المذكورة واطلع عليه روفان صيدناوي وقتئذ.
وحيث إن حكم هذا العقد الذى صدر في 30 مايو سنة 1921 وأثبت تاريخه رسميا في 3 يونيه سنة 1921 أنه بمجرّد عقده قد أفاد الملك للطاعنين في حق البائع لهم وفى حق من كان ومن يكون له من دائن. وبذا صار العقد مفيدا للملك في حق روفان الذى لم ينشأ دينه إلا في سنة 1927 ولم يحكم له به إلا في 10 فبراير سنة 1931. وقد حاج الطاعنون خصمهم بعقدهم في قضية الاسترداد المتقدّمة الذكر فحجوه به وصدّقتهم في هذه الحجة محكمة كوم حمادة بحكمها المؤرّخ في 12 يوليه سنة 1932.
وحيث إن الخواجة روفان صيدناوي قد بقى محجوجا بعقد الطاعنين على اعتباره من دائني البائع وخلفائه إلى أن سعى لدى رئيس المحكمة التي أخذ منها الاختصاص فاستصدر منه اختصاصه ببعض ما بقى لمدينه من ملك وبما خرج من ملك مدينه للطاعنين بالعقد المذكور ثم رأى أن يحتمى في سبق تسجيل اختصاصه هذا على تسجيل العقد المذكور، فادعى أنه بهذا التسجيل قد أصبح غيرا وأنه يجوز له على هذا الاعتبار أن يحج الطاعنين بسبق تسجيل اختصاصه على تسجيل عقدهم.
وحيث إن القانون لا يجيز اعتباره غيرا يصح منه هذا الاحتجاج إلا إذا كان حسن النية.
وحيث إن نصوص القانون المدني وقانون المرافعات فيما أشارت إليه من أنه يجب على من يريد من الدائنين الحصول على اختصاصه بعقارات مدينه أن يقدّم عريضة لرئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار المراد الاختصاص به، وأن تكون العريضة مشتملة على بيان نوع العقار وموقعه بيانا كافيا صحيحا، ومن أن رئيس المحكمة يجب عليه عند الترخيص بالاختصاص أن يراعى مقدارا لدين وقيمة العقارات ويجعل الاختصاص قاصرا على بعض تلك العقارات أو على واحد منها فقط أو على جزء من إحداها، ومن أنه إذا رفض رئيس المحكمة طلب الاختصاص بعقارات المدين جاز لمن قدّم العريضة أن يرفع الأمر الصادر بذلك إلى المحكمة الابتدائية مع طلب حضور المدين أمامها....". إن في هذه النصوص وغيرها من نصوص الباب في القانونين المدني والمرافعات إشارات كافية تدل على إيجاب الصدق وحسن النية على طالب الاختصاص فيما يجب ذكره من البيانات خاصا به هو ومدينه ودينه وعقارات مدينه وقيمتها، وذلك حتى إذا أصدر رئيس المحكمة أمره بالاختصاص أصدره عن بينة وحتى إذا رفض يكون رفضه كذلك عن بينة، ويكون له هو أن يعارض في الأمر ويختصم مدينه.
وحيث إن الذى يؤخذ على روفان صيدناوي ليس فقط علمه بصدور العقد للطاعنين فيقال فيه إنه مجرد علم لا يحرمه من الاستفادة بسبق تسجيل اختصاصه، بل الذى يؤخذ عليه ويعتبر عملا إيجابيا منطويا على سوء النية أنه أخفى عن رئيس المحكمة أن بعض العقار الذى أراد الاختصاص به قد باعه مدينه من قبل بعقد عرفي ثابت تاريخه رسميا قبل قانون التسجيل وقبل نشوء حقه في الدين، وذكر في عريضته أن هذا البعض هو ملك مدينه ولا يزال على ملكه، فصدر له أمر اختصاص وما كان ليصدر لو صدق وذكر لرئيس المحكمة من أوصاف العقار ما كان يجب عليه ذكره.
وحيث إنه متى كان الاختصاص مشوبا من أساسه بسوء النية فلا يمكن اعتباره سندا ثابتا صحيحا ولا اعتبار تسجيله مفيدا لحكمه قانونا في حق الطاعنين.
وحيث إنه ينتج من ذلك أن الحكم المطعون فيه واجب النقض وأن الموضوع كما سبق عرضه صالح للفصل فيه.
وحيث إنه لهذه الأسباب وللأسباب المبينة بالحكم المستأنف ترى هذه المحكمة تأييده.

الطعن 4 لسنة 6 ق جلسة 28 / 5 / 1936 مج عمر المدنية ج 1 ق 371 ص 1137


جلسة 28 مايو سنة 1936
برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعلى حيدر حجازي بك المستشارين.
--------------
(371)
القضية رقم 4 سنة 6 القضائية

صلح.
دعوى تزوير ودعوى موضوعية. عمل محضر صلح يحسم النزاع في الدعويين. طلب بعض الخصوم التصديق عليه. معارضة بعضهم في ذلك لعلة أبداها. واجب المحكمة في هذه الصورة.
(المادة 535 مدنى(

--------------
إذا حرر الخصوم في دعوى تزوير ودعوى أخرى موضوعية محضر صلح حسموا به النزاع القائم بينهم في هاتين الدعويين، وبعد أن وقعوه طلب بعضهم من محكمة الاستئناف التصديق عليه وعارض البعض الآخر لعلة أبداها، فان محكمة الاستئناف - وقد جعلها من طلبوا التصديق على الصلح في مركز الموثق - يتعين عليها أن تمتنع عن التصديق، كما يتعين عليها - احتراما لقوّة عقد الصلح المستمدّة من القانون - أن تحكم بإيقاف الفصل في دعوى التزوير لحين الفصل في المنازعة في ذلك العقد. فاذا لم تفعل المحكمة ذلك وفصلت في دعوى التزوير مؤسسة حكمها على تفسيرها محضر الصلح المتنازع فيه فإنها تكون قد تجاوزت سلطتها وأخلت بحق الدفاع. وذلك يوجب نقض حكمها.

الطعن 2 لسنة 6 ق جلسة 4 / 6 / 1936 مج عمر المدنية ج 1 ق 372 ص 1138


جلسة 4 يونيه سنة 1936
برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعلى حيدر حجازي بك المستشارين.
-------------------
(372)
القضية رقم 2 سنة 6 القضائية

(أ ) نقض وإبرام.
وجه طعن غير منتج. رفضه بدون بحث.
(ب) إرث.

أحكام الإرث. التحيل على مخالفتها. باطل بطلانا مطلقا. تصرف المالك غير المشوب بعيب قانوني.
)حـ) إرث.

أحكام الإرث. محل تطبيقها. ما يخلفه المتوفى حين وفاته.
)د) إرث.

تصرف المالك في ملكه. تقييد هذا التصرف. متى يبتدئ؟
--------------------
1  - إذا كان وجه الطعن غير منتج تعين رفضه بغير بحث. فاذا اعتمدت محكمة الموضوع في إثبات روكية بين عمّ وأولاد أخيه على غير الإقرار الصادر من العمّ، المتنازع على تكييفه، فلا محل لبحث ما إذا كان هذا الإقرار هو إقرار حكاية عن الروكية المدّعى بها أو بدء تمليك بهبة باطلة أو بوصية غير نافذة لأن ذلك غير مجد في الدعوى.
2 - إنه وإن كان التحيل على مخالفة أحكام الإرث باطلا بطلانا مطلقا فذلك لا يمنع المالك الكامل الأهلية من حرية التصرف في ملكه تصرفا غير مشوب بعيب من العيوب ولو أدّى تصرفه هذا إلى حرمان ورثته أو إلى تعديل أنصبتهم.
3 - قوانين الإرث (أي أحكامه) لا تنطبق إلا على ما يخلفه المتوفى من الأملاك حين وفاته، أما ما يكون قد خرج من ملكه حال حياته لسبب من أسباب التصرفات القانونية فلا حق للورثة فيه ولا سبيل لهم إليه ولو كان المورّث قد قصد حرمانهم منه أو إنقاص أنصبتهم فيه.
4 - لا تتقيد التصرفات إلا ابتداءً من مرض الموت، أما قبل ذلك فالمالك الكامل الأهلية حر التصرف في ملكه ولو أدّى تصرفه هذا إلى حرمان ورثته أو تعديل أنصبتهم ما لم تكن تصرفاته مشوبة بعيب من العيوب  (1) .


الوقائع
تتلخص وقائع هذه الدعوى - على ما جاء بحكم محكمة أسيوط الابتدائية المؤرّخ في 22 أبريل سنة 1931 وبالحكم المطعون فيه المؤرّخ في 10 مارس سنة 1935 وبالأوراق والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة وكانت من قبل مقدّمة للمحكمتين الابتدائية والاستئنافية - في أن الطاعنة (الست ملكة عبد السيد) رفعت على أخويها ملك عبد السيد أفندي وميخائيل عبد السيد أفندي وزوجة والدها الست لبيبة متى وعلى لبيب جاد ابن عمها وورثة معزوز جاد ابن عمها الثاني وهم زوجته فريزة متى وابنته زهية دعوى أمام محكمة أسيوط الابتدائية قيدت بجدولها برقم 368 سنة 1928 ادّعت فيها أن والدها ترك أطيانا وعقارات ومنقولات ومواشى، وأن المدّعى عليهم ينازعونها في أخذ نصيبها الشرعي منها، وطلبت الحكم بتثبيت ملكيتها إلى نصيبها الشرعي على التفصيل الوارد بصحيفة افتتاح الدعوى وحسب الكشف الرسمي الذى سيقدّم فيها. وبجلسة 14 مايو سنة 1929 عدّلت طلباتها إلى طلب الحكم بتثبيت ملكيتها إلى 65 فدانا وقيراطا و12 سهما على الشيوع في 371 فدانا و17 قيراطا و12 سهما المبينة الحدود والقطع والأحواض بالكشف المقدّم منها بملف الدعوى وإلزام المدّعى عليهم بالتسليم وبثمن حصتها في المواشي المتروكة وقدره 59 جنيها و400 مليم وبالمصاريف. فأجاب ملك عبد السيد أفندي بأن والده قد باع له 126 فدانا و7 قراريط و18 سهما بعقد تاريخه 15 ديسمبر سنة 1915 ومسجل في 21 سبتمبر سنة 1920 وأنه لا ينازع أخته فيما زاد على هذا القدر من الأطيان. وأجاب ميخائيل عبد السيد أفندي وزوجة والده الست لبيبة أن مورّثهما قد باع لهما 124 فدانا و18 قيراطا و17 سهما بعقد مؤرّخ في 6 يناير سنة 1922 ومسجل في 31 ديسمبر سنة 1923 وأنهما لا ينازعان المدّعية فيما زاد على هذا القدر من الأطيان. وأجاب باقي المدّعى عليهم بأن الأطيان كانت روكية بينهم وبين عمهم مورّث المدعية كما يدل على ذلك إقراره الصادر في 20 يناير سنة 1920 الثابت تاريخه رسميا في 16 مارس سنة 1920 وأنه باع لهم ما خصهم في هذه الروكية بعقدين: أوّلهما بخمسة عشر فدانا بتاريخ 12 فبراير سنة 1920 ومسجل في 24 فبراير سنة 1920، وثانيهما بمائة فدان ووابور طحين بتاريخ 21 يوليه سنة 1922 ومسجل في 23 سبتمبر سنة 1922 ثم قاسمهم في ذلك بعقد قسمة تاريخه سبتمبر سنة 1922. فطعنت المدعية في العقد الصادر لملك عبد السيد أفندي في 126 فدانا و7 قراريط و18 سهما وفى العقد الصادر لمعزوز جاد في 15 فدانا بأنهما عقدا وصية باطلان لصدورهما من المورّث لبعض ورثته بغير إجازة الباقين، وطعنت بالتزوير في العقد الصادر لأخيها ميخائيل أفندي ووالدته الست لبيبة في 124 فدانا و18 قيراطا و7 أسهم وبأنه وصية بفرض صحته، وأنكرت توقيع مورّثها على إقرار الروكية المؤرّخ في 20 يناير سنة 1920 وعلى العقد المؤرّخ في 21 يوليه سنة 1922 الصادر إلى معزوز جاد وقالت إنه إذا ثبتت صحتهما فيعتبران وصية كذلك. ومحكمة أسيوط الابتدائية حكمت بإيقاف الدعوى بالنسبة للعقد المدّعى فيه بالتزوير، وأحالت الدعوى إلى التحقيق بالنسبة للإنكار الخاص بالإقرار وعقد البيع المتقدّمى الذكر. ثم حكمت أخيرا في 22 أبريل سنة 1931: (أوّلا) بصحة الإقرار المؤرّخ في 20 يناير سنة 1920 وثابت التاريخ في 16 مارس سنة 1920 وعقد البيع المؤرّخ في 21 يوليه سنة 1922 ومسجل في 23 سبتمبر سنة 1922 وتغريم المدّعية مبلغ 400 قرش (ثانيا) بتثبيت ملكية المدّعية إلى 43 فدانا و10 قراريط و9 أسهم المبينة الحدود والمعالم بكشف الحدود والكشوف الرسمية وكف منازعة المدّعى عليهم فيها وألزمتهم بالمصاريف المناسبة و200 قرش أتعاب محاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وقد بنت المحكمة الابتدائية حكمها هذا على ما ثبت لها من قيام الروكية المدعاة بين مورّث المدّعية وولدي أخيه، ولذلك اعتبرت العقود الصادرة منه لهم صحيحة نافذة عليها كما اعتبرت العقدين الصادرين منه لولديه وزوجته عقدي وصية باطلين لعدم إجازتهما من الورثة.
ولهذا استأنف الخصوم جميعهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط. استأنفه ملك عبد السيد ميخائيل أفندي باستئنافه المقيد برقم 155 سنة 6 قضائية طالبا إلغاءه ورفض دعوى أخته الست ملكة عبد السيد وإلزامها بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين، واستأنفه لبيب جاد أفندي والست فريزة بنت متى الصيرفي والآنسة زهية بنت معزوز جاد ميخائيل باستئنافهم المقيد برقم 17 سنة 7 قضائية طالبين تعديل الحكم المستأنف وجعله قاصرا على أن يكون الحكم لها بعد استبعاد ما هو مملوك لهم وإلزام المدّعية بالمصاريف، واستأنفه كذلك ميخائيل عبد السيد أفندي ووالدته الست لبيبة بنت متى الصيرفي بالاستئناف رقم 94 سنة 7 قضائية طالبين إلغاؤه ورفض دعوى المدّعية قبلهما وإلزامها بالمصاريف. وبعد أن قرّرت محكمة استئناف أسيوط ضم الاستئنافين الثاني والثالث إلى الاستئناف الأوّل وضمت، رفعت الست ملكة بنت عبد السيد المدّعية أصلا استئنافا فرعيا بجلسة 10 نوفمبر سنة 1933 قيد بجدول المحكمة برقم 14 سنة 10 قضائية ضدّ باقي الخصوم طلبت فيه تعديل الحكم المستأنف والحكم لها بجميع طلباتها السابق لها طلبها أمام المحكمة الابتدائية بما في ذلك نصيبها في الأملاك المخلفة عن المورّث البالغ قدرها 6068 مترا ونصيبها في المواشي أو ثمنه. وبعد أن قرّرت محكمة الاستئناف حضور الخصوم شخصيا لمناقشتهم وتمت هذه المناقشة وجهت الست ملكة بنت عبد السيد اليمين الحاسمة عن المواشي إلى كل من لبيب جاد ميخائيل وملك عبد السيد ميخائيل وميخائيل عبد السيد ميخائيل فحلفوها وتنازلت عن تحليف باقي الخصوم. وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الطرفين حكمت بتاريخ 10 مارس سنة 1935: (أوّلا) بتثبيت ملكية الست ملكة بنت عبد السيد ميخائيل إلى 530 مترا و95 سنتيمترا شائعة في 6068 مترا المبينة بوقائع هذا الحكم بما عليها من المباني والنخيل ووابور الطحين (ثانيا) بإلغاء الحكم الابتدائي فيما يتعلق بعقدي ملك عبد السيد ميخائيل وميخائيل عبد السيد ميخائيل ووالدته الست لبيبة بنت متى الصيرفي المسجلين في 31 سبتمبر سنة 1920 وفى 31 ديسمبر سنة 1923 والحكم بصحتها وبرفض طلبات ملكة بنت عبد السيد فيما يتعلق بالأطيان الواردة في هذين العقدين (ثالثا) بتأييد الحكم المستأنف فيما يتعلق بطلبات ملكة بنت عبد السيد ميخائيل ضدّ لبيب جاد ميخائيل وورثة معزوز جاد ميخائيل (رابعا) برفض طلبات ملكة بنت عبد السيد فيما يختص بالمواشي والمنقولات (خامسا) بالزام ملك عبد السيد ميخائيل وميخائيل عبد السيد ميخائيل ووالدته لبيبة بنت متى الصيرفي بدفع المصاريف مناصفة بين ملك عبد السيد من جهة وميخائيل عبد السيد ووالدته من الجهة الأخرى وألزمت ملكة بنت عبد السيد بالثلاثة أرباع الباقية وذلك عن الدرجتين وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة، ورفت ما عدا ذلك من الطلبات.
أعلن هذا الحكم للست ملكة بنت عبد السيد ميخائيل في 23 أكتوبر سنة 1935 فطعنت فيه بطريق النقض في 16 نوفمبر سنة 1935 بتقرير أعلن إلى المدّعى عليهم فيه بتاريخ 20 و21 و24 و30 من ذلك الشهر، وقدّم الخصوم مذكراتهم ومستنداتهم في الميعاد القانوني، وقدّمت النيابة مذكرتها في 16 مايو سنة 1936.
وبجلسة اليوم المحدّدة لنظر هذا الطعن سمعت القضية على ما هو مبين بمحضر الجلسة، ثم صدر الحكم الآتي:


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة الشفوية والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن محكمة الاستئناف قد أخطأت في تطبيق القانون على الوقائع الثابتة في الدعوى.
(أوّلا) من ناحية ما جاء بالحكم المطعون فيه من أن الإقرار المؤرخ في 20 يناير سنة 1920 الصادر من مورّث الطاعنة يعتبر بالنسبة لولدي عمها لبيب جاد ومعزوز جاد مثبتا لحالة مقرّرة وثابتة في الماضي أي مثبتا للروكية التي أدعيا قيامها مع عمهما لا بدء تمليك منه.
(ثانيا) من ناحية ما جاء به تأسيسا على ذلك الإقرار من أن العقدين الصادرين من مورّث الطاعنة في 12 فبراير سنة 1920 و21 يوليه سنة 1922 يجب اعتبارهما صحيحين تنفيذا لهذه الروكية التي ثبتت.
(ثالثا) من ناحية ما جاء به من عقدي 15 ديسمبر سنة 1915 و6 يناير سنة 1922 الصادرين لأخوى الطاعنة وزوجة أبيها من أنهما عقدان صحيحان لا تحيل فيهما على قوانين الإرث. وتقول الطاعنة في بيان وجوه الخطأ في تطبيق القانون إن صيغة الإقرار تدل على أنه إقرار إنشائي لا يخرج عن أن يكون إما هبة منجزة لولديه ولولدي أخيه فتكون باطلة لوقوعها بورقة عرفية، وإما وصية باطلة بالنسبة لولديه وغير نافذة بالنسبة لولدي أخيه. وتضيف إلى ذلك قولها إن القانون لا يفرّق عند تقرير إبطال العقد المتحيل فيه على القانون بين أن يكون صادرا في الصحة أو صادرا في مرض الموت.
وحيث إن المدّعى عليهم في الطعن طلبوا رفض الطعن، وقد انضمت إليهم النيابة العامة.
وحيث إن الطاعنة - في وجوه طعنها المتقدّمة الذكر - إنما تعيد أمام هذه المحكمة ما سبق لها إبداؤه أمام محكمتي الموضوع وبحثته المحكمتان مفصلا في حكميهما.
وحيث إن المحكمة الابتدائية بعد أن أحالت القضية إلى التحقيق لإثبات صدور ورقة الإقرار المؤرّخة في 20 يناير سنة 1920 من مورّث الطاعنة قالت في حكمها الصادر في الموضوع إنها سمعت أقوال جميع شهود هذه الورقة، وإنهم جميعا شهدوا بوجود الروكية بين هذا المورّث وولدي أخيه، وإن هذه الروكية ثبتت أيضا لديها من أقواله في الشكوى الإدارية رقم 2389 ديروط سنة 1922 وفى قضية الجناية رقم 606 سنة 1923 ديروط إلى آخر ما ذكرته في هذا الشأن. ثم قالت: وحيث تبين مما تقدّم أن الإقرار المنسوب صدوره من المورّث في 20 يناير سنة 1920 قد تقرّرت صحته بأدلة أخرى خلاف إجماع الشهود إثباتا ونفيا. ولذلك ترى المحكمة الحكم بصحته.
وحيث إن المحكمة الاستئنافية قالت في هذا الصدد إن الحكم المستأنف قد أصاب فيما قضى به من صحة هذا الإقرار ومن إثبات الروكية في ذاتها بصرف النظر عن هذا الإقرار. ولا ترى المحكمة محلا للبحث فيما وفاه ذلك الحكم من تفنيد مزاعم ملكة عبد السيد (الطاعنة) في هذا الشأن، غير أنها تضيف إليه أن العقد الصادر من المورّث إلى معزوز جاد بمائة فدان والذى هو عقد صحيح كما ذهبت إليه محكمة الدرجة الأولى لا يتناقض مع إقرار الروكية السالف الذكر بل بالعكس يؤيده. ويبين من هذا أن محكمتي الموضوع قد اعتمدت كلتاهما في إثبات الروكية على غير الإقرار المتنازع في تكييفه ثم صححت كلتاهما العقدين الصادرين في 15 ديسمبر سنة 1915 و6 يناير سنة 1922 على أساس ثبوت هذه الروكية من أدلة أخرى، وإذ كان الأمر كذلك فلا محل لبحث ما إذا كان الإقرار المتنازع على تكييفه هو إقرار حكاية عن الروكية المدّعى بها أو بدء تمليك بهبة باطلة أو بوصية غير نافذة لأنه غير مجد في الدعوى، خصوصا بعد أن قالت محكمة الاستئناف إن الروكية ثابتة لديها بصرف النظر عن هذا الإقرار. وعلى هذا يكون الوجهان الأوّلان غير منتجين ويتعين رفضهما.
وحيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثالث فقد جاء بالحكم المطعون فيه:
"وحيث إنه عن الشطر الآخر من الدعوى، وهو الخاص بالنزاع بين ملكة عبد السيد وأخيها ملك أفندي من جهة وبينها وبين أخيها ميخائيل ووالدته لبيبة متى الصيرفي من جهة أخرى، فان ملكة تطعن في العقدين الصادر أحدهما للأوّل بمائة وستة وعشرين فدانا وللآخرين بمائة وأربعة وعشرين فدانا بأنهما صدرا بقصد التحايل على قوانين الميراث وحرمانها من حقها في الإرث، ولذلك يجب إبطالهما. وهذا الطعن مردود بأن التحايل على قوانين الإرث لا يكون سببا لإبطال العقود الغير المشوبة في ذاتها بوجه من أوجه البطلان، لأن قوانين الإرث لا تنطبق إلا على ما يخلفه المتوفى من الأملاك حين وفاته، أما ما يكون قد خرج من ملكه حال حياته بسبب من أسباب التصرفات القانونية فلا حق للورثة فيه ولا سبيل لهم إليه ولو كان المورّث قد قصد حرمانهم أو إنقاص أنصبتهم، وهذا هو الحال في الوقف والهبة والوصية والبيع. والشريعة الإسلامية التي تطبق أحكامها على مسائل المواريث لا تتعرّض مطلقا لتصرفات الصحيح الكامل الأهلية ولو أدّت إلى تعديل أنصبة ورثته عما تكون لو لم تقع تلك التصرفات.....". فالنتيجة من كل هذا أن قوانين الإرث لا تطبق إلا على ما يخلفه المورّث من الأموال، وأن تقيد التصرفات لا يكون إلا ابتداء من مرض المورّث. وأما قبل ذلك فالمالك الكامل الأهلية حرّ التصرف في ملكه ولو أدّى تصرفه هذا إلى حرمان ورثته أو تعديل أنصبتهم، وهذا بطبيعة الحال ما لم تكن تصرفاته مشوبة بعيب من العيوب.
وحيث إن هذا الذى قالته محكمة الاستئناف هو حق لا غبار عليه ولا يناقض ما قرّرته محكمة النقض في حكمها الصادر في 14 يونيه سنة 1934 (في القضية رقم 2 سنة 4 قضائية).
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.


 (1) القاعدتان الثالثة والرابعة قرّرهما الحكم المطعون فيه واعتمدهما حكم النقض.

الاثنين، 20 يوليو 2020

مجرد قيد الدعوى بجدول محكمة القضاء الإداري لا يعني أنها مختصة بنظرها

الدعوى رقم 21 لسنة 41 ق "تنازع" جلسة 6 / 6 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يونيه سنة 2020، الموافق الرابع عشر من شوال سنة 1441 هـ. 
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالمطلب البحيري رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتى 
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 21 لسنة 41 قضائية "تنازع". 

المقامة من 
رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى 
ضد 
1- رئيس الجمهورية 
2- رئيس مجلس الوزراء 
3- وزير العدل 
4- رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب 

الإجراءات
بتاريخ السابع من أبريل سنة 2019، أودعت الهيئة المدعية ، صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم في تنازع الاختصاص بشأن الدعوى رقم 28505 لسنة 73 قضائية، المقامة أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، والمحدد لنظرها جلسة 18/4/2019، والتحكيم الإجبارى رقم 95 لسنة 2018، والمحدد لنظره جلسة 15/4/2019، وتعيين الجهة المختصة بنظر النزاع بشأن موضوع العقد الإدارى محل أمر الإسناد المؤرخ 9/11/1996، المبرم بين الهيئة المدعية والشركة المدعى عليها الرابعة، بشـأن مشروع محطة معالجة الصرف الصحى لمدينة أبو تيج محافظة أسيوط، في ضوء أحكام المادة (190) من الدستور، والمادة (10) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972. 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى. 
وقدمت الشركة المدعى عليها الرابعة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى. 
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. 

المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصـل– حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 9/11/1996، أسندت الهيئة المدعية تنفيذ أعمال مشروع محطة معالجة الصرف الصحي لمدينة أبو تيج – محافظة أسيوط، إلى شركة المقاولون العرب، بموجب أمر الإسناد رقم 127 لسنة 1996، تحت إشراف الهيئة المدعية. وإزاء تقاعس شركة المقاولون العرب عن إنهاء أعمال المشروع وعدم تلافى الملاحظات التي تعوق تشغيله، فقد أقامت الهيئة المدعية الدعوى رقم 28505 لسنة 73 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري، بطلب إحالة الدعوى لمكتب الخبراء لحساب قيمة الملاحظات التي تعوق تشغيل المشروع، والحكم بإلزام الشركة المدعى عليها بأدائها للهيئة، مضافًا إليها الفوائد القانونية بواقع 5% منذ 12/11/2009 حتى تمام التنفيذ. وقد تحدد لنظر الدعوى جلسة 18/4/2019. ومن ناحية أخرى، فقد أقامت الشركة المدعى عليها الرابعة التحكيم رقم 95 لسنة 2018، ضد الهيئة المدعية، إعمالاً لحكم المادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته. وتحدد لنظر التحكيم جلسة 19/2/2019. وإذ تراءى للهيئة المدعية أن ثمة تنازعًا على الاختصاص بين جهة القضاء الإدارى وهيئة التحكيم في شأن موضوع الدعويين سالفتي الذكر، فقد أقامت الدعوى المعروضة. 
وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقًا للبند "ثانيًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن تُطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، وشرط انطباقه بالنسبة للتنازع الإيجابي، أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كل منهما قد تمسكت باختصاصها عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص في الفقرة الثالثة من المادة (31) من قانون المحكمة المشار إليه على أنه "يترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى المتعلقة به حتى الفصل فيه"، ومن ثم يتحدد وضع دعوى تنازع الاختصاص أمام المحكمة الدستورية العليا بالحالة التي تكون عليها الخصومة أمام كل جهة من جهتي القضاء المدعى تنازعهما على الاختصاص، في تاريخ تقديم طلب تعيين جهة القضاء المختصة إلى هذه المحكمة. 
وحيث إن الثابت بالأوراق – وأيًّا كان وجه الرأي في شأن وحدة الموضوع في الحالة المعروضة – أن الهيئة المدعية لم ترفق بصحيفة الدعوى المعروضة - عملاً بنصي المادتين (31 ، 34) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه - ما يدل على أن محكمة القضاء الإداري قد قضت باختصاصها بالفصل في المنازعات المطروحة أمامها، أو مضت في نظرها بما يفيد عدم تخليها عنها، حتى يمكن القول بأن ثمة تنازعًا إيجابيًّا على الاختصاص بين جهتي القضاء الإداري وهيئة التحكيم، يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العلـيا للفصل فيه. ولا ينال مما تقدم، إرفاق الهيئة المدعية بصحيفة الدعوى شهادة صادرة من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، تفيد إقامتها الدعوى رقم 28505 لسنة 73 قضائية، ذلك أن مجرد قيد الدعوى بجدول المحكمة، لا يعني أن المحكمة مختصة بنظرها، فالمنازعة الإدارية – عملاً بنص المادتين (27، 28) من قانون مجلس الدولة الصادر بقـرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 – لا تعتبر مطروحة على المحكمة للفصل فيهـا إلا بعد أن تتولى هيئة مفوضي الدولة تحضيرها وتهيئتها للمرافعة، بما يحيط بوقائعها، ويستظهر ما غمض من مسائلها، ويستكمل بالتحضير ما نقص منها، ويكفل كذلك لحقوق الدفاع فرصها، وعليها بعد إتمام تهيئتها للدعوى، أن تعد تقريرًا مشتملاً على الوقائع والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع، ورأيها فيها مسببًا، ثم تُعرض الأوراق جميعها بعد إيداع هذا التقرير على رئيس المحكمة ليحدد للدعوى تاريخًا معينًا لنظرها. 
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الأوراق قد خلت من دليل على تمسك جهة القضاء الإداري بنظر الدعوى المطروحة أمامها، الأمر الذى يترتب عليه عدم قيام تنازع إيجابي على الاختصاص يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، ومن ثم تغدو الدعوى المعروضة مفتقدة شرائط قبولها، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها. 
فلهـذه الأسبـاب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى. 
أمين السر                              رئيس المحكمة 

صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره، أما السيد المستشار الدكتور عبدالعزيز محمد سالمان، الذى سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع على مسودة الحكم، فقد جلس بدلاً منه عند تلاوته السيد المستشار الدكتور حمدان حسن فهمى. 

مجرد قيد الدعوى أمام مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي لا يفيد تمسكه باختصاصه بنظرها

الدعوى رقم 8 لسنة 41 ق "تنازع" جلسة 6 / 6 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يونيه سنة 2020، الموافق الرابع عشر من شوال سنة 1441 هـ. 
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طـــه النجـار ورجـب عـبد الحكـيم سليم 
والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالمطلب البحيري رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 

أصدرت الحكم الآتى 
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 8 لسنة 41 قضائية "تنازع". 
المقامة من 
1- شركة كيروسيز للمنشآت السياحية 
2- شركة كيروسيز للمنشآت الفندقية 
ضد 
شركة ثرى كورنرز للفنادق والسياحة 

الإجراءات
بتاريخ الثانى من مارس سنة 2019، أودعت الشركتان المدعيتان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بتعيين جهة القضاء المختصة بنظر النزاع القائم أمام جهة القضاء المدني في الدعوى رقم 129 لسنة 2009 مدنى كلى البحر الأحمر، وهيئة التحكيم بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في الدعوى التحكيمية رقم 1262 لسنة 2018. 
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. 

المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركتين المدعيتين كانتا قد أبرمتا بتاريخى 18/3/2004، 2/5/2005 مع الشركة المدعى عليها عقدين لإدارة وتشغيل منشأتين سياحيتين بمدينة شرم الشيخ، وتضمن العقدان شرطًا باللجوء إلى التحكيم لدى مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى للفصل في المنازعات التى تنشأ عن تنفيذهما، وبتاريخ 16/12/2010، اتفق المتعاقدون على إنهاء عقدى الإدارة والتشغيل السالف ذكرهما، إلا أن الشركة المدعى عليها أقامت الدعوى التحكيمية رقم 1262 لسنة 2018، أمام مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى، بطلب إلزامهما بأن يسددا لها مبلغ 3324090 جنيهًا، على سند من أن الشركة المحتكمة قامت بسداده لمصلحة الضرائب المصرية، رغم التزام الشركتين بسداده. فدفعت الشركتان بعدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر هذا النزاع، لخروجه عن نطاق المنازعات التى يحكمها اتفاق التحكيم. كما أقامتا الدعوى رقم 129 لسنة 2019 مدنى كلى، أمام محكمة البحر الأحمر الابتدائية، بغية القضاء لهما ببراءة ذمتهما من المبلغ المطالب به. وإذ ارتأت الشركتان أن هيئة التحكيم لم تفصل في الدفع المبدى أمامها بعدم الاختصاص، وأصرت على نظر الدعوى التحكيمية المطروحة عليها، إلى جانب النزاع المطروح في الدعوى رقم 129 لسنة 2019 مدنى كلى البحر الأحمر، والقائم بين الخصوم أنفسهم وعن الموضوع ذاته ، وهو ما تتوافر به حالة التنازع الإيجابي على الاختصاص، فقد أقامتا دعواهما المعروضة. 
وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص، وفقًا للبند ثانيًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها، أو تتخلى كلتاهما عنها، وشرط انطباقه بالنسبة للتنازع الإيجابي أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كل منهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص في الفقرة الثالثة من المادة (31) من قانـــون المحكمة المشار إليه، على أن " يترتب على تقديم الطلب، وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه"، ومن ثَمَّ يتحدد وضع دعوى تنازع الاختصاص أمام المحكمة الدستورية العليا بالحالة التى تكون عليها الخصومة أمام كل من جهتي القضاء المدعى بتنازعهما على الاختصاص، في تاريخ تقديم طلب تعيين جهة القضاء المختصة إلى هذه المحكمة، ولا اعتداد بما تكون أى من جهتي القضاء، قد اتخذته من إجراءات أو أصدرته من قرارات تالية لهذا التاريخ. 
وحيث إن الثابت بالأوراق - وأيًّا كان وجه الرأي في شأن وحدة الموضوع في الحالة المعروضة - أن الشركتين المدعيتين لم ترفقا بطلب تعيين الجهة المختصة بنظر النزاع - عملاً بنصي المادتيـن (31، 34) من قانـون هذه المحكمة - ما يدل على أن محكمة البحر الأحمر الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادي، أو هيئة التحكيم بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، قد قضت أي منهما باختصاصها بنظر الدعوى المطروحة أمامها، والفصل فيها، أو أنها مضت في نظرها بما يفيد عدم تخليها عنها، حتى يمكن القول بأن ثمة تنازعًا إيجابيًّا على الاختصـاص قائم بينهما. ولا ينال من ذلك إرفاق الشركتين المدعيتين بطلبهما الشهادة الصادرة من محكمة البحر الأحمر الابتدائية، التي تفيد قيد الدعوى رقم 129 لسنة 2019 مدنى كلى أمامها، وكذا الشهادة الصادرة من مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي، التي تفيد قيد الدعوى التحكيمية رقم 1262 لسنة 2018 أمامه، ذلك أن مجرد قيد الدعوى بجدول المحكمة أو أمام هيئة التحكيم، ونظرها أمامها، لا يفيد تمسكها باختصاصها بنظرها والفصل فيها، الأمر الذى يترتب عليه عدم قيام تنازع إيجابي على الاختصاص يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، ومن ثَمَّ تغدو الدعوى المعروضة - لما تقدم - مفتقدة شرائط قبولها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها. 
ولا ينال مما تقدم إصدار هيئة التحكيم بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، بجلسة 5/1/2020، حكمها في النزاع المطروح عليها، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن وضع دعوى تنازع الاختصاص أمام المحكمة الدستورية العليا يتحدد بالحالة التي تكون عليها الخصومة أمام جهات القضاء المدعى تنازعها على الاختصاص، في تاريخ تقديم طلب تعيين جهة القضاء المختصة إلى هذه المحكمة، ، ولا اعتداد بما تكون أي من الجهتين القضائيتين قد اتخذته من إجراءات أو أصدرته من قرارات تالية لهذا التاريخ. 

فلهـذه الأسبـاب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

لا تناقض بين الحكم بشأن ملكية البناء الشائع والامتناع عن إزالته كقرار إداري سلبي

الدعوى رقم 3 لسنة 41 ق "تنازع" جلسة 6 / 6 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يونيه سنة 2020، الموافق الرابع عشر من شوال سنة 1441 هـ. 
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالمطلب البحيرى رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 

أصدرت الحكم الآتى 
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 41 قضائية "تنازع". 

المقامة من 
عصمت أسعد مطر بشير 
ضد
1- رئيس مجلس الوزراء 
2- محافظ البحيرة 
3- رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور 
4- رئيس مجلس قرية إفلاقة 
5- مدير أمن البحيرة 
6 – مأمور مركز شرطة دمنهور 

الإجراءات
بتاريخ الحادى والعشرين من يناير سنة 2019، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بفض التناقض القائم بين تنفيذ الحكمين النهائيين، الصادر أولهما بجلسة 24/12/2018، في الدعوى رقم 12765 لسنة 17 قضائية، من محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة، والصادر ثانيهما بجلسة 12/12/2018، في الاستئناف رقم 1434 لسنة 74 قضائية، من محكمة استئناف الإسكندرية. 

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى. 
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. 

المحكمة 
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن السيدة / عفاف أسعد مطر بشير، سبق أن أقامت الدعوى رقم 795 لسنة 2014 مدنى كلى، أمام محكمة دمنهور الابتدائية، ضد المدعية، طالبة الحكم بإزالة البناء المقام على قطعة الأرض الكائنة بحوض جنينة الفلاحين وأم شعبة، قسم ثان، أرض الحمامى غرب نقرها، مركز دمنهور، ومساحتها 90 مترًا، والمقام بدون ترخيص، وذلك استنادًا إلى أنها تمتلك تلك الأرض مناصفة مع المدعية، وأن الأخيرة قامت بتبوير الأرض وأقامـــــــــــت مبانى عليهـــــــــــــــــــا دون علمها أو موافقتها، رغم أن سند ملكيتهما يُلزم طرفيه بعدم إجراء أى تصرف فيها إلا بموافقة الآخر، وبجلسة 24/3/2018، حكمت المحكمة برفض الدعوى، استنادًا إلى أن المدعية أقامت دعواها تأسيسًا على مخالفة المدعى عليها لبنود عقد البيع الذى نص على عدم قيام أى طـــرف منهـا بالبناء أو التصــرف في نصيبه إلا بموافقة الطرف الآخر، إلا أنه بمطالعة عقد البيع تبين عدم اشتماله على ذلك الشرط المانع، ولما كانت المدعى عليها مالكة لنصف المساحة المشتراه على الشيوع، وقامت بتبوير جزء من تلك المساحة وأقامت عليها بناء من ثلاثة طوابق، مستعملة في ذلك الجزء المساوى لنصيبها في الأرض، وهو ما أجازه لها القانون – وذلك بصرف النظر عما إذا كان هذا البناء مرخصًا به من الجهة الإدارية المختصة من عدمه – الأمر الذى يكون معه طلب المدعية بإزالة ذلك البناء قد جاء على غير سند صحيح من القانون. لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعية – في الدعوى الموضوعية – فأقامت الاستئناف رقم 1434 لسنة 74 قضائية، أمام محكمة استئناف الإسكندرية "مأمورية دمنهور"، وبجلسة 12/12/2018، حكمت المحكمة برفض الاستئناف، تأسيسًا على أن المستأنف ضدها – المدعية - شريك على الشيوع في العقار مناصفة مع المستأنفة، وقد أقامت البناء على جزء من الأرض يعادل نصيبها ولم تتجاوزه، ومن ثم لا تُعد بانيًا سئ النية، ولا يسرى في حقها نص المادة (924) من القانون المدنى، وأن ما قامت به لا يُعد قسمة لعقار على الشيوع، بل بناء على جزء مفرز يعادل نصيب المستأنف ضدها في العقـــــــــــار، لا يمنع المستأنفة - باعتبارها شريكًا في العقار الشائع - من أن تطالب المستأنف ضدها بقسمة العقار المملوك لهما على الشيوع، ثم ترتب حقها على ما يظهر من نتيجة التقسيم. 





ومـــن جانب آخــــــر، كانت السيدة / عفاف أسعد مطـــر بشيـــر، قــــــد أقامـــت – أيضًا - الدعوى رقم 118 لسنة 2015 مدنى كلى مساكن، أمام محكمة دمنهور الابتدائية، ضد محافظ البحيرة وآخرين، طالبة الحكم بإلزامهم بتنفيذ قرارى الإزالة رقمى 349، 514 لسنة 2014 الصادرين للعقار سالف البيان، لتشييده بدون ترخيص، وبجلسة 21/6/2017، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص، وتم قيد الدعوى برقم 12765 لسنة 17 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة، وبجلسة 24/12/2018، حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه، تأسيسًا على أن الثابت من الأوراق أن المدعية تمتلك قطعة أرض زراعية بحوض جنينة الفلاحين بمركز دمنهور، وقد أقيمت أعمال بناء مخالفــــــــــة، متمثلة في قواعد خرسانية على مساحة 90 مترًا، دون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، بالمخالفة لأحكام القانون رقم 119 لسنة 2008 بشأن البناء، وذلك بمعرفة كل من محمد علاء الدين أسعد، عصمت أسعد مطر بشير، وبناء عليه صدر قرارا محافظ البحيرة رقمى 92 و94 لسنة 2016 بإزالة الأعمال المخالفة بالطريق الإدارى طبقًا لنص المادة (60) من القانون المشار إليه، وإذ لم تبادر الجهة الإدارية إلى تنفيذ القرارين المشار إليهما، وكان احترام مبدأ الشرعية يعنى احترام القواعد القانونية الصادرة عن السلطة التشريعية، وكذا الصادرة عن السلطة التنفيذية سواء كان مصدرها لوائح عامة أم قرارات فردية، وعلى الإدارة أن تحترم القرار الصادر منها الذى وضعته بنفسها، وهى لا تعتبر كذلك إلا إذا قامت بتنفيذه وإعمال مقتضاه. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونًا أنه في حالة امتناع ذوى الشأن عن المبادرة إلى تنفيذ القرار الصادر بالإزالة تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم التنفيذ بنفسها أو بواسطة من تعهد إليه، ولما كانت الجهة الإدارية لم تقم بتنفيذ قرارى الإزالة المشــــــار إليهما، وهــــــو واجــــــب عليها قانونًا، الأمر الذى يجعل من مسلكها في هذا الشأن قرارًا إداريًّا سلبيًّا مخالفًا لصحيح حكم القانون متعينًا إلغاؤه. وإذ ارتأت المدعية أن ثمة تناقضًا بين الحكم الصـــــــــــادر من محكمـــــــــة الاستئناف بالإسكندرية – مأمورية دمنهور – والحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة المشار إليهما، أقامت الدعوى المعروضة. 





وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب فض التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين الذى تختص هذه المحكمة بالفصل فيه – إعمالاً لنص البند ثالثًا من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – يفترض وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق التى فصل فيها. بيد أن وحدة الموضوع، لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه، كذلك فإن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضائيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا، وهو ما يعنى أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض – بداهة – إذا كان موضوعهما مختلفًا. 





وحيث إن حكم محكمة دمنهور الابتدائية، الصادر برفض الدعوى رقم 795 لسنة 2014 مدنى كلى، المؤيد بحكم محكمة استئناف الإسكندرية "مأمورية دمنهور"، قد تأسس على أن البناء الذى أقيم على الأرض محل النزاع، قد تم من شريك في حالة شيوع، وقد أُقيم على مساحة تعادل نصيبه في الشيوع، ومن ثم لا يُعد سئ النية طبقًا لأحكام القانون المدني. في حين تأسس حكم محكمة القضاء الإداري بالبحيرة، في الدعوى رقم 12765 لسنة 17 قضائية، على أن أعمال البناء على قطعة الأرض محل النزاع أجريت دون الحصول على ترخيص بالبناء من الجهة الإدارية، بالمخالفة لقانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، وأصدرت الجهة الإدارية القرارين رقمي 92، 94 لسنة 2016، بإزالة الأعمال المخالفة، إلا أنها تقاعست عن تنفيذهما، الأمر الذى حدا بالمحكمة إلى إصدار حكمها بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن تنفيذ قراري الإزالة السالفي البيان. ومؤدى ما تقدم، اختلاف موضوع الحكمين المدعى تناقضهما، إذ فصل حكم القضاء العادي في الطلبات المطروحة عليه من زاوية الملكية، وما تخوله من حقوق للمالك على الشيوع، ومنها البناء على ما يعادل نصيبه على الشيوع، ولم يتعرض بالفصل لمسألة البناء بدون ترخيص، في حين أن حكم محكمة القضاء الإداري – وعلى ضوء الطلبات المعروضة عليها – لم يفصل في حق الشريك على الشيوع في البناء على الأرض المملوكة له مع غيره، وإنما فصل في مسلك الجهة الإدارية حيال عدم تنفيذها لقراري الإزالة الصادرين منها للبناء على الأرض محل النزاع بدون ترخيص، بالمخالفة لقانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، بما مؤداه انتفاء قيام التناقض بين الحكمين المشار إليهما على النحو الذى يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى. 

فلهذه الأسباب 

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

عدم اختصاص المحكمة الدستورية بفض التنازع بين محكمة الجنح والاقتصادية بشأن شيكات مقابل أقساط قرض تمويلي

الدعوى رقم 44 لسنة 40 ق "تنازع" جلسة 6 / 6 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يونيه سنة 2020، الموافق الرابع عشر من شوال سنة 1441 هـ. 
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالمطلب البحيرى رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 

أصدرت الحكم الآتى 
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 44 لسنة 40 قضائية "تنازع". 

المقامة من 
أسامة محى الدين محمد النحراوى 
ضد 
1- رئيس مجلس الــوزراء 
1- وزيـر العـــــــــــدل 
3- رئيس محكمة النقض 
4- رئيس المحكمة الابتدائية بالإسماعيلية 
5- محـــام عـــام أول الإسماعيليــــــة 
6- رئيس محكمة جنح مستأنف أول الإسماعيلية 
7- رئيس محكمة جنح مستأنف ثان الإسماعيلية 
8- رئيس المحكمـة الاقتصاديـــــة 
9- رئيس محكمة شمال القاهرة الابتدائية 
10 – رئيس المحكمة الإدارية العليـــــا 
11- رئيس البنـــك المركـــــــــــزى 
12- مدير البنك الأهلى سوستيه جنــــــرال 
13- مدير بنك قطر الأهلــــــــــى 
14- مدير شركة سيف للتجارة 

الإجراءات
بتاريخ الأول من ديسمبر سنة 2018، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الفصل في التنازع بين محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية المنظور أمامها الجنح المستأنفة أرقام 6822 و6823 لسنة 2015 و1328 و1423 و5973 لسنة 2016 جنح مستأنف، والمحكمة الاقتصادية، المنظور أمامها الدعوى رقم 100 لسنة 2014 مستعجل اقتصادية القاهرة، وتعيين الجهة القضائية المختصة بنظر تلك الدعاوى، والتقرير بأولوية الاختصاص للمحكمة الاقتصادية، وغل يد محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية عن نظر الجنح المستأنفة المشار إليها طبقًا لنص المادة (31) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979. 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى. 
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. 

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 100 لسنة 2014 مستعجل اقتصادية القاهرة، أمام المحكمة الاقتصادية بالقاهرة – دائرة الأمور المستعجلة – ضد المدعى عليهم من الثاني عشر إلى الرابع عشر، بطلب الحكم، بصفة مستعجلة، بإيقاف سريان الشيكات البنكية السنوية أرقام مسلسلة من 99008856 حتى رقم 99008862، قيمة كل شيك منها (1956457,21) جنيهًا، وإيقاف أقساط القرض التمويلي الشهرية البالغ قدرها (183000) جنيه شهريًّا، ووقف الشيكات البنكية أرقام مسلسلة من 16005589 حتى رقم 16005593، قيمة كل شيك منها (19375) دولار، والشيك رقم 16005595 بمبلغ (11275) دولارًا، وذلك لحين الفصل في الدعوى رقم 869 لسنة 6 قضائية، المقامة منه أمام المحكمة الاقتصادية بالقاهرة. قولاً منه إنه كان قد تعاقد مع الشركة المدعى عليها الرابعة عشرة لتوريد جهاز الفيمتوليزر موديل victus إنتاج شركة Technolas الألمانية، طبقًا لكراسة الشروط والمواصفات الفنية المبينة بالعقدين المؤرخين 25/11/2011 و21/11/2013، بمبلغ مليون ومائتي ألف دولار، وقام المدعى بإبرام عقد قرض بهذه القيمة مع البنك المدعى عليه الثاني عشر، ووقع ضمانًا لهذا القرض سبعة شيكات قيمة كل منها (1956457,21) جنيهًا، كما قامت الشركة المدعى عليها الرابعة عشرة بتوقيع ستة شيكات للمدعى بأرقام مسلسلة من لسنة 43 قضائيــة، أمام المحكمة ذاتها، كما أقام المدعى أمام المحكمة الاقتصادية بالقاهرة الدعوى رقم 869 لسنة 6 قضائية، ضد المدعى عليهم الحادي عشر والثاني عشر والرابع عشر وشركة آى كير ميديكال، بطلب الحكم بصفة مستعجلة، بوقف سريان الأقساط البنكية للقرض التمويلى الممنوح له من البنك المدعى عليه الثاني عشر لحين الفصل في الدعوى بحكم نهائى بات، وفى الموضوع، بفسخ عقد القرض المبرم مع البنك لمخالفته لأحكام القانون، ورد وبطلان عقد الرهن الرسمي المؤرخ 5/6/2012، ورد وبطلان الشيكات البنكية التى حصل عليها البنك بموجب عقد القرض، وإلزام البنك بدفع مبلغ خمسة وعشرين مليون دولار تعويضًا عما أصابه من أضرار من جراء خطأ البنك، وفسخ عقد التوريد والملحق المكمل له في 25/11/2011 و21/11/2013، ورد وبطلان الشيكات البنكية التى حصلت عليها الشركة المدعى عليها الرابعة عشرة أرقام مسلسلة من 16005590 حتى رقم 16005593، وقيمة كل شيك (19357) دولارًا، والشيك رقم 16005595 بمبلغ (11275) دولارًا، ورد وبطلان الشيكات البنكية أرقام مسلسلة من 99008862 حتى رقم 99008865، التى حصل عليها البنك ضمانًا للقرض، وإلزام الشركة المدعى عليها الرابعة عشرة بدفع مبلغ خمسة وعشرين مليون دولارِ تعويضًا عما أصابه من أضرار، وفى ضوء ذلك أقام المدعى الدعوى رقم 100 لسنة 2014 مستعجل اقتصادية القاهرة، توصلاً للقضاء له بطلباته المتقدمة، وتربص قضاء المحكمة الاقتصادية بالقاهرة في الدعوى المشار إليها، وإذ ارتأى المدعى أن ثمة تنازعًا على الاختصاص بين محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية، والمحكمة الاقتصادية بالقاهرة، فقد أقام الدعوى المعروضة بطلباته المتقدمة. 
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص وفقًا للبند ثانيًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – سواء كان إيجابيًّا أم سلبيًّا- هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، بما مؤداه أن تنازع الاختصاص الذى تنعقد للمحكمة الدستورية العليا ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذى يقوم بين أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، فإذا كان التنازع واقعًا بين محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، فإن محاكم هذه الجهة وحدها هي التي تكون لها ولاية الفصل فيه، وفقًا للقواعد المعمول بها في نطاقها. 
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان التنازع المعروض – بفرض وجوده – إنما يقوم على أساس أن النزاع مردد أمام محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، هي جهة القضاء العادي، فإنه لا يكون مستوفيًا لشرائط قبوله، ولا يستنهض – من ثم – ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى. 

فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

عدم دستورية وضع حد أقصى للمقابل النقدي لرصيد أجازات العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية

الدعوى رقم 79 لسنة 40 ق "دستورية" جلسة 6 / 6 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يونيه سنة 2020، الموافق الرابع عشر من شوال سنة 1441 هـ. 
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل 
وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالمطلب البحيري رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 

أصدرت الحكم الآتى 
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 79 لسنة 40 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية لمحافظة الدقهلية، بحكمها الصادر بجلسة 24/12/2017، ملف الدعوى رقم 728 لسنة 45 قضائية. 

المقامة من 
حامد إبراهيم محمد حسانين 
ضــد 
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية 

الإجـراءات
بتاريخ الخامس والعشرين من يوليه سنة 2018، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 728 لسنة 45 قضائية، بعد أن قضت المحكمة الإدارية لمحافظة الدقهلية بمجلس الدولة، بجلسة 24/12/2017، بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (59) من لائحة العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 174 لسنة 1984، فيما تضمنه من وضع حد أقصى للمقابل النقدي لرصيد الإجازات الاعتيادية غير المستنفدة الذى يحصل عليه العامل عند انتهاء خدمته. 

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. 
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. 

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائـع تتحصل – حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أنه بتاريخ 23/11/2016، أقام المدعى الدعوى رقم 728 لسنة 45 قضائية، أمام المحكمة الإدارية لمحافظة الدقهلية بمجلس الدولة، طالبًا الحكم بأحقيته في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية كاملاً، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفروق مالية. وذلك على سند من أنه كـــــان من العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، إلى أن صدر القرار رقم 278 بتاريخ 9/8/2016، بإنهاء خدمته لبلوغ السن القانونية المقررة. وأنه أثناء مدة خدمته، لم يحصل على الإجازات الاعتيادية المقررة له كاملة، نظرًا لحاجة العمل إليه. بيد أنه وبالرغم من ذلك، امتنعت جهة الإدارة عن صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية كاملاً، بالمخالفة للمبدأ الذى سبق أن استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن. وبجلسة 24/12/2017، تراءى للمحكمة عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة رقم (59) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 174 لسنة 1984، فيما تضمنه من وضع حد أقصى – ثلاثة أشهر - لما يجوز أن يحصل عليه العامل بالهيئة، من مقابل نقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية، التي لم يستنفدها أثناء الخدمة. ومن ثم، فقد قررت وقف الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية هذا النص. 

وحيث إن لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، الصادرة بقرار مجلس الإدارة رقم 174 لسنة 1984، قد حددت أوضاع حصول العامل على إجازاته السنوية الاعتيادية في المادة (59) منها، فنصت على أن "يستحق العامل إجازة اعتيادية بأجر كامل عن سنوات العمل الفعلية لا يدخل في حسابها أيام العطلات والأعياد والمناسبات الرسمية فيما عدا العطلات الأسبوعية، وذلك على الوجه الآتي : 
1 - ......... 2 - ......... 3 - ...... 4 - .....". 
ونصت في نهاية الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه : " إذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد الإجازات الاعتيادية، استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته، وذلك بما لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر ". 
وحيث إن النزاع في الدعوى الموضوعية يتعلق بمقدار رصيد الإجازات الاعتيادية التي يستحق عنها المدعى مقابلاً نقديًّا عند انتهاء خدمته بالهيئة، فإن نطاق الدعوى المعروضة – الذى يتحقق به المصلحة فيها - إنما يتحدد فيما تضمنه النص المشار إليه من تقرير حد أقصى لما يستحقه العامل من مقابل لرصيد إجازاته الاعتيادية، التي لم يحصل عليها حتى تاريخ انتهاء خدمته، لا يجاوز ثلاثة أشهر؛ وهو نص تنظيمي عام يحكم العلاقة بين الهيئة المذكورة، وهى من أشخاص القانون العام، والعاملين بها، الذين يعدون موظفين عموميين؛ ومن ثم، تشمله الرقابة الدستورية التي تتولاها هذه المحكمة على القوانين واللوائح. 
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل حق أوضاعًا يقتضيها، وآثارًا يرتبها، من بينها - في مجال حق العمل - ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها منصفًا وإنسانيًّا ومواتيًّا، فلا تنتزع هذه الشروط قسرًا من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها؛ أو تناقض بأثرها ما ينبغي أن يرتبط حقًا وعقلاً بالشـروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها . ومن ثم، لا يجوز أن تنفصل الشروط التى يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافًا بها عن غايتها يستوى في ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية. 
وحيث إن الدستور القائم خول سلطة التشريع بنص المادة (12) منه تنظيم حق العمل – على نحو ما سبق أن كفله دستور سنة 1971 في المادة (13) منه - إلا أنها لا يجوز لها أن تعطل جوهره، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئًا لإهدار حقوق يمتلكها، وعلى الأخص تلك التى تتصل بالأوضاع التي ينبغي أن يُمارس العمل فيها، ويندرج تحتها الحق في الإجازة السنوية التي لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها، وإلا كان ذلك منها عدوانًا على صحته البدنية والنفسية، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التي لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، ونكولاً عن الحدود المنطقية التي ينبغي وفقًا للدستور أن تكون إطارًا لحق العمل، واستتارًا بتنظيم هذا الحق للحد من مداه. 
وحيث إن المشرع - في الإطـار السابق بيانه- وإبان سريان أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وتعديلاته - باعتباره القانون العام للعاملين المدنيين بالدولة وهيئاتها العامة، الذى انتهت خدمة المدعى في الدعوى الموضوعية في ظل سريانه وقبل إلغائه – كفل بموجب نص المادة (65) منه حق العامل في الإجازة السنوية، فغدا بذلك حقًّا مقررًا له بنص القانون، يظل قائمًا ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة. وهو ما أعاد قانون الخدمة المدنية الجديد الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 التأكيد عليه في المادتين (49)، (50) منه. 
وحيث إن المشرع تغيا من ضمان حق العامل في إجازة سنوية بالشروط التي حددها أن يستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية، ولا يجوز بالتالي أن ينزل العامل عنها، ولو كان هذا النزول ضمنيًّا بالامتناع عن طلبها؛ إذ هي فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة، فلا يملك أيهما إهدارها كليًّا أو جزئيًّا إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل، ولا أن يدعى العامل أنه بالخيار بين طلبها أو تركها، وإلا كان التخلي عنها إنهاكًا لقواه، وتبديدًا لطاقاته، وإضرارًا بمصلحة العمل ذاتها التي يتعذر صونها مع الاستمـرار فيه دون انقطاع . فالحق في الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه، وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة، ويمس مصالحها العليا، صونًا لقواها الإنتاجية البشرية. 
وحيث إن لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية قد دلت في نهاية الفقرة الأخيرة من المادة (59) منها، على أن العامل لا يجوز أن يتخذ من الإجازة السنوية وعاءً ادخاريًّا من خلال ترحيل مددها التي تراخى في استعمالها، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر. وكان ضمان اللائحة لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاها أن ترد على العامل سوء قصده فلم تجز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، وهي بعد مدة قدرت اللائحة أن قصرها يعتبر كافلاً للإجازة السنوية غايتها، فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها. بيد أن هذا الحكم لا ينبغي أن يسرى على إطلاقه، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعًا إلى جهة العمل، أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فلا يجوز للعامل عندئذ - وكأصل عام - أن يطلبها جملة إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكنًا عينًا، وإلا كان التعويض النقدي عنها واجبًا، تقديرًا بأن المدة التي امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمـــل، فكان لزامًا أن تتحمل وحدها تبعة ذلك. 
وحيث إن الحق في هذا التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة الماليـة للعامـل، مما يندرج في إطـار الحقـوق التي كفلتهـا المادتان (33، 35) من الدستور، اللتان صان بهما حق الملكية الخاصة، والتي جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام، وانصرافها بالتالي إلى الحقوق الشخصيـة والعينيـة جميعهـا. متى كان ذلك، فإن حرمـان العامل من التعويض المكافـئ للضـرر والجابر له يكون مخالفًا للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة. 

فلهــــذه الأسبــــاب 
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (59) من لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الصادرة بقرار مجلس إدارتها رقم 174 لسنة 1984، فيما تضمنه من وضع حد أقصى للمقابل النقدي لرصيد الإجازات الاعتيادية التى لم يستنفدها العامل حتى انتهاء خدمته، لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعًا إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل.

عدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بطلب إلزام السلطة التشريعية بتعديل القانون

الدعوى رقم 74 لسنة 40 ق "دستورية" جلسة 6 / 6 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يونيه سنة 2020، الموافق الرابع عشر من شوال سنة 1441 هـ. 

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالمطلب البحيرى رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتى 
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 74 لسنة 40 قضائية "دستورية". 

المقامة من 
على حامد الغتيت محمد على متولى الغتيت 
ضد 
1- رئيس الجمهوريــــة 
2- رئيس مجلس الوزراء وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية 
3- رئيس مجلس النواب 
4- وزير العــــــــــدل 
5- حسام الدين عبدالحليم سالم، بصفته وكيلاً عن ولديه: رفقى ومنى حسام الدين عبدالحليم 

الإجراءات 
بتاريخ الخامس عشر من يوليو سنة 2018، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التى انتهت أو تنتهى عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، والمادة الرابعة من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية، فيما لم تنص عليه أى منهما في نهايتها على أن " ويستثنى من ذلك العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهنئ أو حرفي، حيث تستمر خاضعة لقاعدة الامتداد القانوني لعقد الإيجار، على أن لا يستمر العقد بعد موت المستأجر الأصلي إلا لصالح المستفيد الأول من ورثته دون غيــره ولمــرة واحــــدة"، ومــا يترتب على ذلك من نتائــج في شــــأن استمــرار عقد الإيجار محل الاستئناف رقم 3342 لسنة 134 قضائية، المتعلق بمزاولة نشاط مهنى كمكتب للمحاماة والتحكيم والدراسات القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وامتداده امتدادًا قانونيًّا لمرة واحدة بعد موت المستأجر الأصلي، لصالح المستفيد الأول من ورثته دون غيره. 

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى، بالنسبة للمادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1996 المشار إليه، وبرفضها بالنسبة للطعن على المادة الرابعة من القانون رقم 6 لسنة 1997 السالف الذكر. 

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 

ونُظرت الدعوى، على النحو المبين بمحضر جلسة 9/5/2020، وفيها طلب الحاضر عن المدعى أجلاً لتعديل الطلبات، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. 

المحكمة 
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/9/2006، استأجر المدعى من المدعى عليه الخامس بصفته، الوحدة رقم 501 بالعقار رقم 9 شارع عبدالقادر حمزة – قصر الدوبارة – جاردن سيتى، بمحافظة القاهرة، بغرض استعمالها مكتبًا للمحاماة والتحكيم ومركزًا للدراسات القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مقابل أجرة شهرية مقدارها 2250 دولار، تدفع أول كل ثلاثة أشهر، ولمدة عشر سنوات تنتهى في 31/8/2016. وبانتهاء تلك المدة قام المدعى عليه الخامس بإنذار المدعى بعدم رغبته في تجديد عقد الإيجار، وتسليم العين في نهاية مدة التعاقد، بيد أنه امتنع، فتم تحرير محضر إثبات حالة، وأقام الدعوى رقم 3080 لسنة 2016 مدنى كلى، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ضد المدعى، طالبًا الحكم، أولًا: بإخلاء المدعى من العين المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وعقد الإيجار، وتسليمها له خالية من الأشخاص والشواغل، وسليمة من أية تلفيات. ثانيًا: إلزام المدعى بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به، إزاء تقاعسه عن تسليم العين المؤجرة. وبجلسة 30/1/2017، قضت المحكمة، أولًا: بطرد المدعى من العين المبينة الحدود والمعالم والأوصاف بعقد البيع المشهر برقم ۱۱۳۹ لسنة ۲۰۱6 توثيق جنوب القاهرة، وعقد الإيجار المؤرخ 1/9/2006، المنتهية مدته، وتسليمها للمدعي عليه الخامس بصفته، خالية من الأشخاص والشواغل وسليمة من أية تلفيات. ثانيًا: بعدم قبول طلب التعويض موضوعًا، لسابقة إبدائه وعرضه في الدعوى رقم ۲۷41 لسنة ۲۰۱6 مدني كلي جنوب القاهرة. وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء، فقام بالطعن عليه أمام محكمة استئناف القاهرة، بالاستئناف رقم 3342 لسنة 134 قضائية، طالبًا الحكم، أصليًا: بإلغاء الحكم المستأنف واعتباره كأن لم يكن، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وبأحقيته في تجديد المدة الإيجارية لمدة خمس سنوات جديدة، تبدأ من نهاية مدة السنوات الخمس الثانية، على نحو ما سيتم تحديده، بمقتضى الحكم الذى سيصدر في الدعوى رقم 2741 لسنة 2016 مدنى كلى، المقامة منه أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بالقيمة التي سيحددها ذلك الحكم، وعدم تعرض المدعى عليه الخامس له في العين محل النزاع. واحتياطيًا: بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل، لبيان العلاقة بين المدعى والمدعى عليه الخامس بصفته، والشاغل الفعلي لعين النزاع، أو وقف الاستئناف لحين صدور حكم نهائي في الدعوى رقم 2741 لسنة 2016 مدنى كلى جنوب القاهرة. تدوول نظر الاستئناف بالجلسات، وبجلسة 30/5/2017، دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1996 المار ذكره، فيما لم تنص عليه من استثناء الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى من أحكامها، وبالتبعية عدم دستورية المادة الرابعة من القانون رقم 6 لسنة 1997 المشار إليه فيما نصت عليه من استثناء الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى، والتي يحكمها القانون رقم 4 لسنة 1996 الآنف الذكر، من سريان أحكامه. فقررت المحكمة تأجيل نظر الاستئناف لجلسة 27/8/2017، لتقديم مذكرة شارحة للدفع، وبهذه الجلسة، أعاد المدعى الدفع بعدم دستورية المادتين السالفتي الذكر، فيما لم تنص عليه كل منهما، في نهايتها من "ويستثنى من ذلك، العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهنئ أو حرفي، حيث تستمر خاضعة لقاعدة الامتداد القانوني لعقد الإيجار، على ألا يستمر العقد بعد موت المستأجر الأصلي، إلا لصالح المستفيد الأول من ورثته، دون غيره ولمرة واحدة." وقدم مذكرة شارحة للدفع، فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 26/9/2017، ثم لجلسات تالية، حتى جلسة 21/4/2018، وبهذه الجلسة طلب المدعى أجلًا لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية تلك المادتين، وقدَّم مذكرة بالدفع، فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 21/7/2018، ليقدم المدعى ما يفيد إقامة الدعوى الدستورية بشأن هاتين المادتين، فيما لم تنص عليه كلتاهما، من استثناء العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهنئ أو حرفي، من عدم خضوعها لقاعدة الامتداد القانوني لعقد الإيجار، على ألا يستمر العقد بعد موت المستأجر الأصلي إلا لصالح المستفيدين من ورثته ولمرة واحدة، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام المدعى الدعوى المعروضة، ناعيًا على النصين المطعون فيهما، مخالفتهما المواد (8، 27، 28، 36، 53، 192، 224/2) من الدستور، بقالة إنه يتعين إضافة هذه الفقرة للنصين المشار إليهما، لمساندة الدولة في العمل على تحفيز القطاع الخاص، لأداء مسئوليته في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع، وتحقيق المساواة بين المواطنين. كما أن الفصل في دستورية هذين النصين، من شأنه تحفيز المشرع للتدخل لتعديل أحكام الإيجار الواردة في القانون المدني، ليحد من الغلو الذى تتضمنه تلك القواعد، من محاباة المؤجر على حساب المستأجر، وبصفة خاصة الأماكن المؤجرة بغرض مزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهني، وليس بغرض السكن، لارتباط تلك الأنشطة بالاقتصاد القومي، مما يوجب على المشرع التدخل بوضع القواعد التي تؤدي إلى المحافظة على الأنشطة الاقتصادية. 
وحيث إنه عن طلب الحاضر عن المدعى بجلسة 9/5/2020، أجلاً لتعديل الطلبات، فقد جاء هذا الطلب مُجهلاً دون تحديد لمضمونه، مما يتعين الالتفات عنه. 
وحيث إن ولاية المحكمة الدستورية العليا في مجال الرقابة القضائية التي تباشرها على دستورية القوانين واللوائح، إنما تنحصر في إنزال حكم الدستور على النصوص القانونية التي تطرح عليها وتثور شبهة قوية في شأن مخالفتها لقواعده، سواء أُحيلت إليها هذه النصوص مباشرة من محكمة الموضوع أو عرضها عليها أحد الخصوم خلال الأجل الذى ضربته له محكمة الموضوع بعد تقديرها لجدية دفعه بعدم دستوريتها، بما مؤداه أن المسائل الدستورية دون غيرها هي جوهر رقابتها، وهي التي تجيل بصرها فيها بعد إحاطتها بأبعادها، ومن ثم لا يمتد بحثها لسواها ولا تخوض في غيرها، وهو ما أضفى على الدعوى الدستورية طبيعتها العينية باعتبار أن قوامها مقابلة النصوص التشريعية المدعى مخالفتها للدستور، بالقيود التي فرضها لضمان النزول عليها، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية، أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تعارضها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وقضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن هذه النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة صحتها أو بطلانها، ولا يجوز بالتالي أن تتناول هذه المحكمة في مجال تطبيقها للشرعية الدستورية غير المسائل التي تدور حولها الخصومة في الدعوى الدستورية إلا بالقدر الذي يكفل اتصال الفصل فيها بالفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع. 
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة القضائية التي تباشرها تثبيتًا للشرعية الدستورية، مناطها تلك النصوص القانونية التي أقرتها السلطة التشريعية أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي بينها الدستور، وبالتالي يخـرج عن نطاقها إلزام هاتين السلطتين بإقرار قانون أو إصدار قرار بقانون في موضوع معين. إذ إن ذلك مما تستقل بتقديره تلك السلطتان وفقًا لأحكام الدستور، ولا يجوز بالتالي حملهما على التدخل لإصدار تشريع في زمن محدد أو على نحو معين. 
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المدعى قد أقام دعواه المعروضة، طالبًا بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1996، والمادة الرابعة من القانون رقم 6 لسنة 1997 المشار إليهما، فيما لم تنص عليه أي منهما في نهايتها على أن " ويستثنى من ذلك العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهنئ أو حرفي، حيث تستمر خاضعة لقاعدة الامتداد القانوني لعقد الإيجار، على أن لا يستمر العقد بعد موت المستأجر الأصلي إلا لصالح المستفيد الأول من ورثته دون غيره ولمرة واحدة"، وهو ما ينصرف إلى طلب إضافة حكم جديد إلى النصين المشار إليهما يحوى المضمون المتقدم، وينحل من ثم إلى طلب الحكم بإلزام السلطة التشريعية بتعديـل أحكام هاتين المادتين على النحـو الذى يبتغيه المدعى، وهو ما يخرج عن نطاق اختصاص هذه المحكمة في مجال الرقابة على الدستورية. 
وحيث إنه عن طلب الحكم باستمرار عقد إيجار عين النزاع المستغلة لمزاولة نشاط مهنئ، وامتداد هذا العقد امتدادًا قانونيًّا لمرة واحدة بعد موت المستأجر الأصلي، لصالح المستفيد الأول من ورثته دون غيره، فإنه يُعد في حقيقته طلبًا موضوعيًّا، توجهت غاية المدعى إلى طرحه على هذه المحكمة باعتباره داخلاً ضمن إعمال آثار حكمها الذى سيصدر في المسألة الأصلية المعروضة عليها، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع دون غيرها هي التي تتولى بنفسها إعمال آثار الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في المسائل الدستورية، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم اختصاصها بالفصل في الطلب الأصلي، فإن الفصل في الطلب المار ذكره يكون – لما تقدم جميعه – مجاوزًا حدود ولاية هذه المحكمة، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم اختصاصها بنظر هذه الدعوى والفصل فيها برمتها. 

فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه.