الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 يوليو 2020

الطعن 22 لسنة 33 ق جلسة 3 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 93 ص 476


جلسة 3 من يونيو سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ محمود حلمي خاطر، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، وأديب نصر، وحسين صفوت السركي.
-----------------
(93)
الطعن رقم 22 لسنة 33 القضائية

استئناف. دعوى مدنية. "إجراءات نظرها أمام القضاء الجنائي". دعوى جنائية. قوة الشيء المقضي. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون".
للمسئول عن الحقوق المدنية استئناف الحكم الصادر في الدعوى المدنية فيما يختص بالحقوق المدنية. شرط ذلك: أن تكون التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب النهائي للقاضي الجزئي. بقاء حقه في ذلك ولو أصبح الحكم في الدعوى الجنائية نهائياً وحائزاً قوة الشيء المحكوم فيه. علة ذلك: استقلال هذا الحق عن حق النيابة العامة والمتهم. اختلاف الموضوع في كل من الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد.
طرح الدعوى المدنية وحدها أمام المحكمة الاستئنافية. لهذه المحكمة بحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم. ولو حاز الحكم الابتدائي قوة الشيء المقضي بعدم استئناف النيابة له. مخالفة المحكمة الاستئنافية هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون. وجوب نقض الحكم.

-------------------
تجيز المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية للمسئول عن الحقوق المدنية استئناف الحكم الصادر في الدعوى المدنية فيما يختص بالحقوق المدنية إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً. ومن المقرر أن حقه في ذلك قائم ولو كان الحكم في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً قوة الشيء المحكوم فيه، لأنه مستقل عن حق النيابة العامة وعن حق المتهم، لا يقيده إلا النصاب، ذلك أن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد، إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى، مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. وطرح الدعوى وحدها أمام المحكمة الاستئنافية، لا يمنع هذه المحكمة من أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم. ولما كانت المحكمة الاستئنافية قد اعتبرت الحكم الابتدائي حائزاً لقوة الشيء المقضي به بعدم استئناف النيابة له. بحيث يمتنع عليها وهى في سبيل الفصل في الدعوى المدنية المستأنفة أمامه أن تتصدى لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم، فإنها بذلك تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، بما يستوجب نقض الحكم.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة سعيد عبد الغنى سعيد بأنه في يوم 8/ 10/ 1950 بدائرة مصر الجديدة "تسبب بغير قصد ولا تعمد في إصابة الأستاذ فريد علي نباتي وكان ذلك راجعاً لرعونته وإهماله بأن قاد سيارة بدون حيطة وانحرف بها على يسار الطريق فصدم دراجة بخارية يركبها المجني عليه فأحدث إصابته الموضحة بالمحضر" وطلبت عقابه بالمادة 244 من قانون العقوبات. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 17 يناير سنة 1951 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ. فعارض المتهم في هذا الحكم وأثناء نظر المعارضة أدعى المجني عليه بحق مدني قبل المتهم ووزارة الحربية بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ 2000 جنيه على سبيل التعويض. ثم قضى في المعارضة بتاريخ 28 مارس سنة 1959 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وإلزام المحكوم عليه بالتضامن مع المسئولة عن الحقوق المدنية (وزارة الحربية) بدفع مبلغ 500 جنيه للمدعي بالحق المدني على سبيل التعويض والمصاريف المدنية فاستأنفت المسئولة عن الحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 2 يناير سنة 1961 بانقطاع سير الخصومة في الدعوى المدنية لوفاة المتهم. وبتاريخ 25 أكتوبر سنة 1961 عجلت المسئولة عن الحقوق المدنية الدعوى. وبتاريخ 13 نوفمبر سنة 1961 قضت المحكمة المذكورة بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الطاعنة (وزارة الحربية) في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك بأنه أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإلزام الطاعنة بالتعويض على أن المحكمة الاستئنافية لا تملك التعرض لخطأ المجني عليه ما دامت النيابة لم تستأنف الحكم الابتدائي حتى تتصل محكمة الدرجة الثانية بالدعوى الجنائية، في حين يقوم حق المسئول عن الحقوق المدنية في استئناف الحكم الصادر من المحكمة الجزئية فيما يختص بالدعوى المدنية وحدها ولو لم تستأنفه النيابة وللمحكمة الاستئنافية في هذا النطاق مناقشة كل عناصر المسئولية دون ما قيد عليها لا يحجبها عن ذلك انتقال الدعوى المدنية وحدها إليها أو صيرورة الحكم في الدعوى الجنائية نهائية بعدم استئنافه.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على المتهم سعيد عبد الغنى بوصف كونه صاب فريد علي نباتي خطأ بالتطبيق للمادة 244 من قانون العقوبات، ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بحبس المتهم شهرين مع الشغل فعارض المتهم ولدى نظر المعارضة ادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم وزارة الحربية بوصف كونها مسئولة عن الحقوق المدنية بمبلغ ألفين من الجنيهات وقضت المحكمة برفض المعارضة وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وإلزام المحكوم عليه بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية بدفع مبلغ خمسمائة جنيه للمدعي المدني (المطعون ضده) فاستأنفت المسئولة عن الحقوق المدنية والمحكمة الاستئنافية حكمت بانقطاع سير الخصومة في الدعوى المدنية بوفاة المتهم، فعجلت المستأنفة الدعوى فقضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة في قوله "وحيث إن الحاضر عن المسئول بالحقوق المدنية طلب إنقاص مبلغ التعويض المحكوم به بحجة أنه مبالغ فيه لأن المجني عليه هو الذي تسبب في وقوع الحادث وطلب الحاضر عن هذا الأخير تأييد الحكم المستأنف. وحيث إنه فيما يتعلق بما يثيره الدفاع عن الحكومة من خطأ المجني عليه فلا يجوز لهذه المحكمة الخوض فيه إذ لا صلة لها بالدعوى الجنائية لأن اتصالها بهذه الدعوى لا يكون إلا عن طريق استئناف النيابة". ولما كان مفاد ما قاله الحكم أن محكمة ثاني درجة اعتبرت الحكم الابتدائي حائزاً لقوة الشيء المقضي فيه بعدم استئناف النيابة له بحيث يمتنع عليها وهى في سبيل الفصل في الدعوى المدنية المستأنفة أمامها أن تتصدى لبحث عناصر الجريمة ومدى خطأ المجني عليه لتقدير مدى التعويض عن الضرر الذي أصابه، وهذا القول ينطوي على خطأ في تطبيق القانون - ذلك أن المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز للمسئول عن الحقوق المدنية استئناف الحكم الصادر في الدعوى المدنية فيما يختص بالحقوق المدنية إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً. ومن المقرر أن حقه في ذلك قائم ولو كان الحكم في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً قوة الشيء المحكوم فيه لأنه مستقل عن حق النيابة العامة وعن حق المتهم لا يقيده إلا النصاب، ذلك أن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. وطرح الدعوى المدنية وحدها أمام المحكمة الاستئنافية لا يمنع هذه المحكمة من أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم، لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاستئنافية قد اعتبرت الحكم الابتدائي حائزا لقوة الشيء المقضي به بعدم استئناف النيابة له بحيث يمتنع عليها وهى في سبيل الفصل في الدعوى المدنية المستأنفة أمامها أن تتصدى لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم فإنها بذلك تكون قد أخطأت في تطبيق القانون بما يستوجب نقض الحكم والإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 217 لسنة 33 ق جلسة 8 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 62 ص 309


جلسة 8 من إبريل سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري.
---------------
(62)
الطعن رقم 217 لسنة 33 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "طرق الإثبات" "المضاهاة". تزوير.
إدانة الحكم، الطاعن - في جريمة تزوير - استناداً إلى أدلة من بينها تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير. انتهاء هذا التقرير إلى أن العبارة المزورة حررت بخط الطاعن. اعتماده في ذلك على ما أجراه من مضاهاة الصورة الفوتوغرافية للورقة المزورة على أوراق استكتاب الطاعن وعلى ورقة محررة بخطه في ظروف طبيعية. استبعاد المحكمة الورقة الأخيرة من التقرير لما وجه إليها من شبهات. اكتفاؤها بالمضاهاة التي أجريت على أوراق الاستكتاب، أخذ المحكمة بنتيجة التقرير دون إجراء تحقيق لتبيان مبلغ أثر استبعاد أحد عنصري المضاهاة في الرأي الذي انتهى إليه الخبير. عدم مضاهاة المحكمة بنفسها العبارة المزورة على أوراق الاستكتاب وإبداء رأيها فيها. فساد في الاستدلال يعيب الحكم ويوجب نقضه.

---------------
متى كان الحكم قد استند - ضمن ما عول عليه في إدانة الطاعن - على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، وكان يبين مما أورده الحكم عن هذا التقرير أنه انتهى إلى أن العبارة المزورة حررت بخط الطاعن، واعتمد في ذلك على ما أجراه من مضاهاة الصورة الفوتوغرافية للورقة المزورة على أوراق استكتاب الطاعن وعلى ورقة محررة بخطه في ظروف طبيعية، وقد استبعدت المحكمة هذه الورقة من التقرير لما وجه إليها من شبهات واكتفت بالمضاهاة التي أجريت على أوراق الاستكتاب. وكانت المحكمة رغم استبعاد أحد عنصري المضاهاة قد أخذت بنتيجة التقرير على علته دون أن تجرى في هذا الشأن تحقيقاًً لتبيان مبلغ أثر استبعاد هذا العنصر في الرأي الذي انتهى إليه الخبير، وما إذا كانت أوراق الاستكتاب وحدها تكفي للوصول إلى النتيجة التي خلص إليها، ومن غير أن تباشر المحكمة بنفسها مضاهاة العبارة المزورة على أوراق الاستكتاب وتبدى رأيها فيها، مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ويوجب نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنهما في الفترة من 15/ 2/ 1954 حتى 12/ 4/ 195 5 بدائرة بندر أسيوط محافظة أسيوط: المتهم الأول. "بوصفه موظفاً عمومياً صراف أموال لمديرية أمن أسيوط: أرتكب تزويراً في ورقة أميرية هي إحدى سجلات مصلحة الأموال المقررة "دفتر مكلفات برقم 34 مكلفة 13" وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت أن العقار الثابت بهذه المكلفة لآمنه عبد الحافظ محمد وأولادها على خلاف الحقيقة" المتهمة الثانية: "اشتركت بطريق التحريض والاتفاق مع المتهم السابق في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفقت معه وحرضته على أن يقوم بإثبات أن العقار الثابت بالمكلفة/ 13 باسمها وأولادها فقام المتهم الأول بذلك ووقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق". وطلبت إلى غرفة الاتهام معاقبتها بالمواد 40/ 1 - 2 و41 و211 و212 و213 من قانون العقوبات فقررت ذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً بتاريخ 16 ديسمبر سنة 1962 عملاًً بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 17 و55 و56 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالحبس مع الشغل لمدة سنة لما أسند إليه وبعزله من وظيفته لمدة سنتين. وبمعاقبة المتهمة الثانية بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر لما أسند إليها وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس بالنسبة للمتهمين لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وأعفتهما من المصروفات الجنائية.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، ذلك أن النيابة العامة أرسلت أوراق استكتاب الطاعن وآخرين إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير لإجراء المضاهاة على الصورة الفوتوغرافية للعبارة المزورة فرأى الخبير ضرورة تعزيز استكتاب الطاعن بأوراق أخرى محررة بخطه في ظروف طبيعية وإرسال الطاعن شخصياً لإعادة استكتابه بمعرفة الخبير بيد أنها لم تفعل، فلم ترسل الطاعن إلى الخبير لاستكتابه، ولم ترسل إليه ورقة محررة بخط الطاعن بل أرسلت إليه ورقة مؤرخة 10/ 4/ 1952 لا يعرف كيفية إرسالها ومن الذي أرسلها وأنكر الطاعن صدورها منه وقدم الخبير تقريره - الذي اعتمدت عليه المحكمة في إدانة الطاعن.... وبني النتيجة التي توصل إليها على مضاهاة هذه الورقة وأوراق الاستكتاب على الصورة الفوتوغرافية للعبارة المزورة. وقد نعى عليه الطاعن ذلك في دفاعه وطلب استبعاد التقرير وإعادة إجراء المضاهاة على أوراق يقر أنها بخطه بيد أن المحكمة أطرحت دفاعه بمقولة إنها تطمئن إلى نتيجة التقرير تبعاً لاطمئنانها إلى كفاية إجراء المضاهاة على أوراق الاستكتاب وحدها وهو ما لا يصلح رداً، لأنها بذلك قد استبعدت أحد عناصر التقرير. ثم عادت إلى الأخذ بنتيجته مع أنها مبنية على ذات العناصر التي استبعدتها. ولما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة فإن إهدار الدليل المستمد من تقرير المضاهاة يوجب إعادة النظر فيما بقى من الأدلة التي أقام عليها الحكم قضاءه.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً - صراف أموال - ارتكب تزويراً في ورقة أميرية هي إحدى سجلات مصلحة الأموال المقررة "دفتر مكلفات رقم 34 مكلفة 13" وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت أن العقار الثابت بهذه المكلفة لآمنه عبد الحافظ محمد وأولادها على خلاف الحقيقة. واتهمت الأخيرة باشتراكها معه بطريق التحريض والاتفاق في ارتكاب تلك الجريمة فوقعت بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق. وطلبت معاقبتهما طبقاً للمواد 40/ 1 - 2 و41 و211 و212 و213 من قانون العقوبات واتجه دفاع الطاعن - على ما يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة - إلى النعي على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير عدم اتخاذ الطريق القانوني في عملية المضاهاة، ذلك أن الورقة التي أجريت عليها المضاهاة ليست بخطه ولم يجزم شاهد الإثبات أن الطاعن قد حررها. وقد اطرح الحكم دفاعه بقوله... وحيث إن الدفاع عن المتهم الأول - الطاعن - مردود بأن المحكمة بعد اطلاعها على الأوراق قد اطمأنت إلى إجراءات المضاهاة التي تمت بالنسبة للورقة المقول إنها محررة بخط المتهم وفى ظروف طبيعية والمؤرخة 10/ 4/ 1952 والموقعة بإمضائه مكتفية إلى ما انتهى إليه تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالنسبة لاستكتاب المتهم شخصياً وإجراء المضاهاة على هذا الأساس والتي اطمأنت المحكمة إلى نتيجته من أن التزوير وقع بخط المتهم" لما كان ذلك، وكان الحكم قد استند - ضمن ما عول عليه في إدانة الطاعن - على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، وكان يبين مما أورده الحكم عن هذا التقرير أنها انتهى إلى أن العبارة المزورة حررت بخط الطاعن واعتمد في ذلك إلى ما أجراه من مضاهاة الصورة الفوتوغرافية للورقة المزورة على أوراق استكتاب الطاعن وعلى ورقة محررة بخطه في ظروف طبيعية مؤرخة 10/ 4/ 1952 وقد استبعدت المحكمة هذه الورقة من التقرير لما وجه إليها من شبهات واكتفت بالمضاهاة التي أجريت على أوراق الاستكتاب. لما كان ذلك، وكانت المحكمة رغم استبعادها أحد عنصري المضاهاة قد أخذت بنتيجة التقرير على علته دون أن تجرى في هذا الشأن تحقيقاً لتبيان مبلغ أثر استبعاد هذا العنصر في الرأي الذي انتهى إليه الخبير، وما إذا كانت أوراق الاستكتاب وحدها تكفي للوصول إلى النتيجة التي خلص إليها، ومن غير أن تباشر المحكمة بنفسها مضاهاة العبارة المزورة على أوراق الاستكتاب وتبدى رأيها فيها مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن

الطعن 207 لسنة 33 ق جلسة 25 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 47 ص 225


جلسة 25 من مارس سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبري.
-------------
(47)
الطعن رقم 207 لسنة 33 قضائية

(أ) حكم. "تسبيبه. ما لا يعيبه" محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسبابه. ما لا يقبل منها". اعتراف.
لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها، واطراح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها. ما دام استخلاصها سائغاً. حقها في أن تجزئ أي دليل ولو كان اعترافاً والأخذ بما تراه صحيحاً متفقاً مع وقائع الدعوى وظروفها. مثال.
(ب) ظروف مشددة. "سبق الإصرار". محكمة الموضوع. دفاع.
سبق الإصرار ظرف مشدد ووصف للقصد الجنائي. البحث في وجوده أو عدمه. داخل في سلطة محكمة الموضوع. ما دام تدليلها سائغا.
(ج) حكم - "تسبيبه ما لا يعيبه". جريمة. باعث.
الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها. الخطأ فيه لا يعيب الحكم. ما دام قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة، وأورد على ثبوتها أدلة سائغة. وما دام سبب الجريمة لم يكن عنصراً من العناصر التي استند عليها في ذلك.

--------------
1 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في الأوراق - وللمحكمة في سبيل ذلك كامل السلطة أن تجزئ أي دليل ولو كان اعترافاً والأخذ بما تراه صحيحاً متفقاً مع وقائع الدعوى وظروفها. ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم بأنه جزأ اعترافه ولم يأخذ بقوله من أنه لم يقارف فعل القتل بنفسه وإنما قارفه متهم آخر في الدعوى واقتصر دوره على شل مقاومة المجني دون قصد مصمم عليه من جانبه - لا يكون له محل، ولا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل والأخذ منه بما تطمئن إليه واطراح ما عداه، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن سبق الإصرار ظرف مشدد ووصف للقصد الجنائي، والبحث في وجوده أو عدم وجوده داخل في سلطة محكمة الموضوع ما دامت قد دللت على ذلك بأدلة سائغة. ومن ثم فإن النعي على الحكم بعدم الرد على دفاع الطاعن فيما يتعلق بنفي سبق الإصرار يكون على غير أساس.
3 - سبب الجريمة ليس ركناً من أركانهاً فالخطأ فيه - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد بين واقعة الدعوى التي دان الطاعن بها بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، وما دام سبب الجريمة لم يكن عنصراً من العناصر التي استند عليها في ذلك.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في ليلة 13 من أغسطس سنة 1961 بدائرة قسم القنطرة غرب محافظة الإسماعيلية: قتلا أحمد حماد سليمان عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا النية على قتله وأعدا لذلك سكيناً وأمسك به المتهم الأول - وطعنه المتهم الثاني بالسكين عدة طعنات قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات - فأمرت الغرفة بذلك. ومحكمة جنايات الإسماعيلية قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بمادتي الاتهام بالنسبة إلى المتهم الأول: أولاً - بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالإعدام وثانياً - ببراءة المتهم الثاني من التهمة المسندة إليه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والاستناد إلى غير الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إنه وإن كان قد اعترف بإسهامه في قتل المجني عليه إلا أنه تمسك في دفاعه بأنه لم يكن مصراً على قتله ولم يخرج اعترافه عن أنه كان يسير مع المجني عليه برفقة المتهم الثاني في الدعوى حين فاجأ هذا الأخير المجني عليه وقتله بالسكين ولكن المحكمة جزأت اعترافه دون أن ترد على ما دفع به من عدم توافر ظرف سبق الإصرار في حقه. وما أورده الحكم في التدليل على براءة المتهم الثاني لا يصلح رداً على هذا الدفاع. هذا إلى أن ما أورده الحكم في تصويره الواقعة من أن المجني عليه كان على علاقة بابنة عمة الطاعن مما حفزه على التخلص من المجني عليه لا دليل عليه من أوراق الدعوى - يضاف إلى ذلك أن المحكمة بعد أن جزأت اعتراف الطاعن وأخذت بفعل القتل واستبعدت الجزء الخاص بنفي سبق الإصرار أسندت للطاعن وحده فعل القتل بكافة ظروفه المشددة لأن المجني عليه كان على علاقة بابنة عمة الطاعن التي كان يريد هو الزواج منها - وهو استنتاج خاطئ إذ أنه بحكم اللزوم العقلي. إذا صح وجود هذه العلاقة. فإن المتهم الثاني يكون أولى بعقد العزم على قتل المجني عليه على أساس أنه أخ تلك الفتاة - ولا يتصور عقلاً مع ثبوت هذه العلاقة أن يقدم الطاعن على القتل إذ لا ضغينة بينه وبين المجني عليه سوى رواية ضابط المباحث السماعية المسندة إلى تحريات استبعدتها نفس المحكمة بالنسبة للمتهم الثاني الذي قضت ببراءته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن فؤاد محمود بغدادي المتهم الأول الطاعن - كان يطمع في الزواج من عائشة إبراهيم الراوي ابنة عمته إلا أنه ترامت إليه شائعات بأن ثمة علاقة تقوم بين عائشة وبين أحمد حماد سليمان المجني عليه والذي تجمعه به رابطة الجوار. فأثارت تلك العلاقة حفيظة المتهم الأول وفكر في التخلص من المجني عليه بإزهاق روحه وأخذ يقلب الرأي فيما عقد العزم عليه. واعد في بادئ الأمر مادة سامة (توكسافين) لدسها للمجني عليه في شرابه بيد أنه ما لبث أن خشي أن يكشف المجني عليه أمر تلك المادة السامة إذا ما تذوقها. وكان أن آثر استدراج المجني عليه ليلاً إلى مكان آمن وأن يجهز عليه بآلة حادة قاتلة وما أن اطمأن إلى سلامة تلك الخطة حتى بادر إلى شحذ سكين قبل الحادث ببضعة أيام ولما كانت ليلة 13 من أغسطس سنة 1961 نفذ ما انتواه فاستدرج المجني عليه إلى حقل محمد بغدادي عمه (أي المتهم الأول) وهناك استل تلك السكين وطعن بها المجني عليه خلف عنقه في غفلة منه ثم أعمل السكين في مقدم العنق من الأمام بقصد قتله فأجهز عليه بذبحه وحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - ثم لاذ المتهم الأول بالهرب تاركا غطاء رأسه "طاقية من الصوف بيضاء اللون" على مسرح الجريمة وآثار جرمه عالقة بملابسه والسكين بيده وكان أن أسرع بغسلها جميعا ثم أخفى السكين في زراعة بحقل عمه. كما أخفى الملابس في مكان آخر بذات الحقل بعد أن أهال عليهما التراب. كما أخفى من قبل الزجاجة التي أودع بها المادة السامة في مكان ثالث. وقد قام المتهم الأول بإرشاد الملازم أول مصطفى جمال الدين أحمد رشدي ضابط مباحث قسم القنطرة غرب والشرطي السري حسن محمد أحمد والمساعد أبو بكر عبد الظاهر محمد عنها جميعاً بعد الإدلاء باعترافه باقترافه الحادث - كما حاول الانتحار باجتراع المادة السامة حينما أرشد عن مخبئها - "وأورد الحكم على ثبوت الجريمة في حق الطاعن أدلة مستمدة مما شهد به المقدم سعد زغلول على فهمي بالتحقيقات وبالجلسة من أن المتهم الثاني أبلغ القسم في صبيحة اليوم التالي للحادث بعثوره على جثة قتيل في حقل محمد بغدادي خاله فانتقل حيث عاين الجثة ثم ترامى إلى علمه أن المجني عليه كان يداين المتهم الثاني بمبلغ خمسة جنيهات فتعهد الملازم أول مصطفى جمال الدين رشدي بمتابعة جمع التحريات. وكان أن اعترف المتهم الأول - الطاعن - شفوياً لهذا الملازم بأنه ارتكب الجريمة مع المتهم الثاني وشفع اعترافه بالإرشاد عن الملابس التي كان يرتديها وقتذاك كما أرشد أيضا عن السكين المستعملة في الحادث ومن أن هذا الشاهد علم من المساعد أبو بكر عبد الظاهر بما كان من أمر إرشاد المتهم الأول - الطاعن - عن الملابس والسكين والزجاجة التي تحوى المادة السامة وبما كان من محاولة الانتحار باجتراع كمية من تلك المادة فانتقل على الفور إلى المستشفى وهناك ردد له المتهم - الطاعن - اعترافه باقتراف الحادث مع المتهم الثاني بعد أن استدرجا المجني عليه إلى الحقل الذي عثر فيه على جثته وأضاف الشاهد أيضاً أنه عثر على طاقية صوف بيضاء بمكان الحادث. كما أورد الحكم ما شهد به الملازم أول مصطفى جمال الدين من أن تحرياته قد دلت على أن المجني عليه كان يداين المتهم الثاني بمبلغ خمسة جنيهات ثمن جواهر مخدرة ابتاعها منه وأن المجني عليه كان يلح في اقتضاء هذا الدين بينما كان المتهم الثاني يماطل في السداد ثم عرض عليه المتهم الثاني بأن يؤدى له الدين بعد بيع كمية من السماد يزمع سرقتها من خاله محمد بغدادي فرفض المجني عليه هذا العرض وهدده بإبلاغ الأمر لمحمد بغدادي فكان أن عقد المتهم الثاني العزم على التخلص من المجني عليه بقتله واستعان في ذلك بالمتهم الأول - الطاعن - لما يعرفه عنه من سابقة قتله إحدى قريباته. وبأنه - أي الشاهد - قد واجه الطاعن بذلك فاعترف أمامه باقتراف الحادث مع المتهم الثاني وقام بإرشاده في حضور الشاهدين حسن محمد أحمد وأبو بكر عبد الظاهر محمد عن السكين المستعملة في الحادث وكانت مودعة في جورب ومخبأة في زراعة بحقل يقع على مقربة من مسكنه.
كما أرشده في ذات الحقل عن مكان آخر به الملابس التي كان يرتديها إبان اقترافه الحادث وكانت مبتلة ومدفونة في الأرض ودله أيضا على زجاجة بها مادة سامة كان قد أعدها هو والمتهم الثاني للاستعانة بها في قتل المجني عليه ثم حاول اجتراع ما بها فلحق به ومنعه من ذلك ثم نقله إلى المستشفى لإسعافه وأضاف هذا الشاهد أنه ترامى إليه من تحرياته كذلك أن المتهم الأول - الطاعن - كان يزمع الزواج من ابنة عمته عائشة إبراهيم الراوي بيد أنه علم بأن ثمة علاقة بينها وبين المجني عليه فأثار ذلك حفيظته عليه وكان أن عزم على التخلص منه كما ذكر الشاهد أن الطاعن اعترف له شفوياً بأن المجني عليه كان على علاقة فعلاً بعائشة ابنة عمته وبملكيته للطاقية التي عثر عليها بمسرح الجريمة - وأورد الحكم كذلك ما شهد به الشرطي السري حسن محمد أحمد وأبو بكر عبد الظاهر محمد بما يؤيد الأقوال السابقة وما ذكره سعد محمود عبود بالتحقيقات من أن المتهم (الطاعن) عهد إليه في يوم الأربعاء السابق على الحادث بشحذ السكين المضبوط التي استعملت في الحادث وبأنه هو الذي استلمها منه - واستعراف الكلب البوليسي على الطاعن بعد أن شم الطاقية المضبوطة بمحل الحادث - وما أورده تقرير الصفة التشريحية واعتراف الطاعن بالتحقيقات ومؤداه أن المجني عليه كان يداين المتهم الثاني بمبلغ أربعة جنيهات ونصف ويلح في اقتضائه فضاق المتهم الثاني به ذرعا وعرض عليه في اليوم السابق على الحادث أن يوفيه دينه بعد بيع كمية من سماد يزمع سرقتها من خاله فرفض المجني عليه هذا العرض وهدده بإبلاغ الأمر لخاله وحينذاك عاد المتهم الثاني وعرض عليه أن يعطيه إردبا من القمح وفاء لدينه. ولما كان يوم الحادث التقوا ثلاثتهم - هو والمتهم الثاني والمجني عليه بطريق المعاهدة وسارواً معاً إلى مسكن المتهم الثاني وتناولوا طعام العشاء ولما فرغوا من العشاء توجهوا إلى حقل عمه محمد بغدادي وهناك طلب المجني عليه من المتهم الثاني أن يوافيه بالقمح فأمهله وغافله وطعنه من الخلف بالسكين في عنقه فهب المجني عليه واقفاً وهو يصرخ فجثم المتهم الثاني فوقه بينما أطبق هو - أي الطاعن - بيديه على ساق المجني عليه وتمكن المتهم الثاني من الإجهاز عليه بذبحه بالسكين من مقدم العنق كما أصابه بذات السكين أيضاً في وجهه. ثم انطلق الاثنان بعيداً عن مسرح الجريمة وأسرع هو إلى الخليج حيث غسل ملابسه وكانت قد تلوثت من دماء المجني عليه ثم أخفاها في مكان بحقل عمه كما وضع السكين في جورب له وأخفاها في مكان آخر بذات الحقل. وأضاف هذا الطاعن في اعترافه آنف الذكر أنه كان والمتهم الثاني قد أزمعا قتل المجني عليه بمادة التوكسافين وأعدا تلك المادة فعلاً بيد أنهما آثرا العدول عن هذه الوسيلة في اللحظة الأخيرة خشية أن يكشف المجني عليه أمرها بعد تذوقها. وأن السكين المستعملة في الحادث والتي ضبطت بعد إرشاده عنها هي والملابس مملوكة له - وأنه كان يزمع الزواج من عائشة أخت المتهم الثاني بيد أن هذا الأخير رفض قبوله زوجا لها - وأنه ترامت إليه شائعات عن وجود علاقة بين عائشة والمجني عليه - كما أورد الحكم اعتراف المتهم الأول - الطاعن - بالجلسة ومؤداه أنه اقترف الحادث بمفرده بعد أن تعاطي هو والمجني عليه مخدرا. وخلص الحكم بعد سرد الأدلة أنفة الذكر إلى ما نصه "إنه وإن كانت الواقعة حسبما استخلصتها المحكمة على النحو الوارد بصدر الحكم لا تطابق في تفصيلاتها ما ورد بالاعتراف الذي أدلى به المتهم الأول - الطاعن - بالتحقيقات وهو الاعتراف الذي نقله عنه الشهود الأربعة من أنه اقترف الحادث بالاشتراك مع المتهم الثاني الذي انفرد دونه بطعنه المجني عليه بالسكين وكان دوره هو - الطاعن - مجرد معاونة المتهم الثاني في شل مقاومة المجني عليه إبان الإجهاز عليه وهو تصوير لا تأخذ به المحكمة وذلك للأدلة التي ستوردها فيما بعد بصدد التهمة المسندة للمتهم الثاني والتي ستنتهي المحكمة إلى عدم اقتناعها بإدانة المتهم الثاني عن تهمة القتل المسندة إليه - فإن حسب المحكمة لاقتناع بإدانة الطاعن رغم ذلك أن الاعتراف على النحو الذي أدلى به هذا المتهم بالتحقيقات لا يغير شيئاً من مسئوليته الجنائية كفاعل لجريمة القتل. إذ أن الفعل الذي عزاه إلى نفسه من وجوده بمسرح الجريمة وقت ارتكابها ومعاونة المتهم الثاني في شل مقاومة المجني عليه بالإطباق بيديه على ساقيه بينما أعمل المتهم الثاني السكين في مقدم عنقه ووجهه هذا الذي أقدم عليه هذا المتهم الأول أخذاً بهذا الاعتراف لما يجعل منه ولا شك فاعلاً أصلياً في جريمة القتل. وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو جد متوفر - بادئ ذي بدء - من قيام الضغينة التي يحفظها المتهم للمجني عليه لاجترائه على توطيد علاقة بينه وبين عائشة ابنة عمته التي كان يمنى النفس بالظفر بها كزوجة له ومن قيام تلك العلاقة ما يجرح فؤاده ويدمى قلبه. كما أنه متوافر أيضاً من ناحية أخرى بصرف النظر عن تلك الضغينة وقيامها بل ومهما يكن الأمر بشأن حقيقة الباعث عليها أو بشأن الباعث على اقتراف الجريمة نفسها. هذا الظرف متوفر أيضاً استقلالا من إعداد المتهم الأول للمادة السامة "التوكسافين" قبل الحادث ببضعة أيام ثم إعداده السكين عندما آثر ذبح المجني عليه - ومما كان من شحذه السكين قبل الحادث بأيام قلائل ثم استدراجه المجني عليه ليلاً إلى حقل عمه بعيداً عن الأنظار حيث غافله وهو بالسكين من خلفه من مؤخر عنقه ثم إعماله السكين في مقدم العنق فأجهز عليه بذبحه". وتصدى الحكم بعد ذلك لأدلة الثبوت قبل المتهم الثاني في الدعوى وبعد أن سردها قال "ومن حيث إن المحكمة لا تطمئن إلى إدانة المتهم الثاني أخذاً بتلك الأدلة التي ساقها الاتهام ذلك أن أحداً بادئ ذي بدء خلاف المتهم الأول لم يقل بقيام أي علاقة خصومة ومديونية بين المجني عليه والمتهم الثاني تحفز هذا الأخير على أن يقدم على إزهاق روح المجني عليه كما أن أحداً آخر خلاف المتهم الأول لم يقل بأن المتهم الثاني اقترف الحادث سواء بمفرده أو بالاشتراك معه. أما عن اعتراف المتهم الأول بالتحقيقات فحسب المحكمة لعدم الاطمئنان إلى ما قرره هذا المتهم بصدد المتهم الثاني أن المتهم الأول وحده الذي قرر ذلك دون أن تقوم ثمة أدلة أو قرائن تؤيده وليس هذا فحسب بل أنه قد ثبت بيقين كذب المتهم الأول فيما ادعاه من أنه والمتهم الثاني والمجني عليه قد اجتمعوا معاً ليلة الحادث وتناولوا طعام العشاء سوياً بدار المتهم الثاني وأن هذا العشاء كان مكونا من "بامية" ثم توجهوا إلى الحقل إذ استبان من تقرير الصفة التشريحية أنه بفتح معدة المجني عليه وجد بها طعام في دور الهضم عبارة عن فول مدمس وخبز وعنب. كما ثبت أن المتهم الأول وقد سبق له أن قتل والدته هو الذي أعد السكين وهو الذي شحذها لدى سعد عبود قبل الحادث بأيام قليلة وهو الذي استولى عليها منه أيضاً ومن ثم فلا يستساغ أن يكون دوره في الحادث هو مجرد شل مقاومة المجني عليه بالإمساك بساقية بينما كان المتهم الثاني يعمل بالسكين الذي كان يحتفظ بها في عنق المجني عليه. هذا فضلاً عن أن الحادث وقد وقع ليلاً وكان دور المتهم الأول أخذاً بروايته لا يعدو مجرد الإمساك بالمجني عليه من ساقية لشل مقاومته. فإنه ما كان في استطاعته أن يقف مع ظلام الليل على جميع مواضع إصابات المجني عليه وبأنها كانت في مؤخر ومقدم عنقه ووجهه إلا أن يكون هو بوصفه جميع تلك الإصابات ما كان منها في مؤخر ومقدم العنق والوجه هو الذي أحدثها بالمجني عليه وعرف من ذلك مواضعها حق المعرفة كما أن تلوث ملابس المتهم الأول - الطاعن - بالدماء مع عدم العثور بجسم المتهم الثاني أو بملابسه على أثر يدل على استعمال العنف أو المقاومة يفيد إسهامه في قتل المجني عليه كل ذلك مما يفيد في تعيين أن المتهم الأول وحده الذي انفرد باقتراف الحادث دون أن يسهم المتهم الثاني فيها". وعرض بعد ذلك للتحريات وأبدى عدم اطمئنانه لما جاء بها خاصا بالمتهم الثاني. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان بها الطاعن - وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في الأوراق - وكان للمحكمة في سبيل ذلك كامل السلطة أن تجزئ أي دليل ولو كان اعترافاً والأخذ بما تراه صحيحاً متفقاً مع وقائع الدعوى وظروفها - لما كان ما تقدم، فإن نعى الطاعن على الحكم بأنه جزأ اعترافه ولم يأخذ بقوله من أنه لم يقارف فعل القتل بنفسه وإنما قارفه المتهم الثاني في الدعوى واقتصر دوره على شل مقاومة المجني عليه دون قصد مصمم عليه من جانبه - لا يكون له محل ولا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل والأخذ منه بما تطمئن إليه واطراح ما عداه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض - ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه عرض على استقلال لظرف سبق الإصرار وكشف عن توافره في حق الطاعن وقدم لإثباته من الدلائل والقرائن ومن نص اعتراف الطاعن بما يكفى لتحققه طبقاً للقانون وكان من المقرر أن سبق الإصرار ظرف مشدد ووصف للقصد الجنائي والبحث في وجوده أو عدم وجوده، داخل في سلطة محكمة الموضوع ما دامت المحكمة قد دللت على ذلك بأدلة سائغة فإن النعي بعدم الرد على دفاع الطاعن فيما يتعلق بنفي سبق الإصرار يكون على غير أساس - ولما كانت المحكمة قد استخلصت الباعث على ارتكاب الجريمة مما جاء بمحضر تحريات ضابط المباحث ومن اعتراف نفس المتهم من قوله إنه كان يزمع الزواج من ابنة عمته عائشة وأنه ترامى إلى سمعه إشاعات بوجود علاقة بينها وبين المجني عليه وكان الطاعن لا يجادل في صدور هذه التحريات ولا في صدور هذا الاعتراف - وكان استخلاص المحكمة سائغاً وكان لها أن تأخذ بتحريات الضابط فيما يتعلق بالطاعن ما دامت قد ارتاحت إلى صدقها بالنسبة إليه وما دامت بقية أدلة الدعوى التي اقتنعت بها تساندها وتطرح هذه التحريات بالنسبة للمتهم الثاني ما دامت لم تطمئن إلى ما يخصه منها فذلك كله يدخل في سلطة المحكمة التقديرية التي لا معقب عليها. فإن ما ينعاه الطاعن بهذا الصدد يكون غير سديد - هذا فضلاً عن أن سبب الجريمة ليس ركناً من أركانها فالخطأ فيه - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد بين واقعة الدعوى التي دان الطاعن بها بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها وما دام قد دلل على توافر ركن سبق الإصرار تدليلاً سليماً وما دام سبب الجريمة لم يكن عنصراً من العناصر التي استند عليها في ذلك.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن المقدم من الطاعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون فهذا العرض مقبول شكلاً.
وحيث إنه لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون المذكور أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين بها المحكوم عليه بالإعدام وجاء خلوا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله. وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولا ولاية الفصل في الدعوى. ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير مما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن المحكوم بإعدامه فإنه يتعين إقرار الحكم بالنسبة إليه.

الطعن 10 لسنة 33 ق جلسة 12 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 38 ص 183


جلسة 12 من مارس سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي.
-----------------
(38)
الطعن رقم 10 لسنة 33 قضائية

إثبات "بوجه عام". حكم. "تسبيبه". "تسبيب معيب".
للمحكمة الأخذ برواية منقولة، متى تبينت صحتها، واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه.
وجوب أن تكون مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح إلمام المحكمة الصحيح بمبنى الأدلة القائمة في الدعوى وتبينها حقيقة الأساس الذي تقوم عليه شهادة كل شاهد. إيراد الحكم رواية أحد شهود الإثبات على صورة غامضة يجعله مشوباً بالغموض في هذه الناحية. وجوب نقضه والإحالة.

-------------
ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، إلا أنه مع ذلك يجب أن تكون مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن المحكمة حين قضت في الدعوى بالإدانة قد ألمت إلماماً صحيحاً بمبنى الأدلة القائمة فيها وأنها تبينت حقيقة الأساس الذي تقوم عليه شهادة كل شاهد، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه أورد رواية أحد شهود الإثبات على صورة غامضة قد توحي بأنه يروى واقعة شهدها بنفسه كما أنها قد تحمل على الظن بأنه يروى رواية أبلغها إليه والد المجني عليه الذي شهد برؤيته الحادث، فإن الحكم يكون مشوباً بالغموض في هذه الناحية مما يتعين معه نقضه والإحالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين الثلاثة ورابع بأنهم في 12 يونيه سنة 1961 بدائرة مركز طهطا محافظة سوهاج: أولاً - المتهمون جميعاً قتلوا عاطف عبد الصالحين عبد المعبود عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية وتربصوا به في طريق عودته من حقله وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته: وثانياً - المتهمون الثلاثة الأول حازوا وأحرزوا أسلحة نارية مششخنة "بنادق" بغير ترخيص من وزير الداخلية أو من ينوبه. وثالثاً - المتهمون الثلاثة الأول أيضاً: حازوا وأحرزوا ذخائر "طلقات" مما تستعمل في أسلحة نارية لم يرخص لهم بحيازتها. ورابعاً: المتهم الرابع - حاز وأحرز سلاحاً نارياً غير مششخن "بندقية خرطوش" وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات و1 و26/ 1 - 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1956 والجدولين 2 و3 المرفقين. وادعى عبد الصالحين عبد المعبود عبد الصالحين (والد القتيل) بحق مدني بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين متضامنين. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً بتاريخ 24/ 3/ 1962 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الثلاثة الأول والمواد 1 و5 و8 و29 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 2 المرافق بالنسبة إلى المتهم الرابع أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إلى كل منهم وبإلزامهم متضامنين أن يؤدوا للمدعى بالحق المدني عبد الصالحين عبد المعبود عبد الصالحين مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمتهم المصروفات المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وثانياً - بتغريم المتهم الرابع مبلغ عشرة جنيهات ومصادرة السلاح المضبوط وذلك عن تهمة إحراز السلاح وبراءته من تهمة القتل المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية قبله. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الإبهام والغموض ذلك أنه حين أشار إلى شهادة الشاهد محمود علي خليفة أوردها على صورة مبهمة لا يبين منها إن كان الشاهد المذكور قد شاهد وقوع الحادث أم أن ما شهد به إنما جاء نقلاً عن رواية سمعها من شاهد آخر.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى قال "إن الأدلة على جريمة القتل توافرت قبل المتهمين الثلاثة (الطاعنين) من أقوال وشهادة كل من عبد الصالحين عبد المعبود عبد الصالحين ومحمد عبد الرحمن أحمد شاهين ومحمود علي خليفة وبهنساوى أحمد عبد الحق وعبد الرحمن أحمد عبد الكريم ومن تقرير الصفة التشريحية". ثم أورد شهادة الشاهدين الأولين بما يفيد رؤيتهم الطاعنين يطلقون النار من بنادقهم على المجني عليه. وحين أشار إلى شهادة محمود علي خليفة نقل عنه أنه شهد أمام النيابة والجلسة بأنه "أثناء عودة والد المجني عليه عبد الصالحين عبد المقصود إلى بلدته الحريدات البحرية وبصحبته كل من المجني عليه والشاهد الثاني محمد عبد الرحمن شاهين خرج عليهم المتهمون الثلاثة الأول من زراعتهم وأطلقوا النار عليهم من بنادقهم التي كانوا يحملونها وقد تمكن هو ومحمد عبد الرحمن شاهين من النجاة بينما وقع المجني عليه في قبضة المتهمين فأطلقوا عليه النار حتى أجهزوا عليه. وقد ارتكب المتهمون الحادث لوجود ثأر بينهم وبين الشاهد الثاني محمد عبد الرحمن شاهين... إلخ". ولما كان إيراد رواية الشاهد محمود علي خليفة على هذه الصورة الغامضة قد يوحى بأنه يروى واقعة شهدها بنفسه كما أنه قد يحمل على الظن بأنه يروى رواية أبلغها إليه والد المجني عليه الذي شهد برؤيته الحادث.
وحيث إنه وإن لم يكن في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه إلا أنه مع ذلك يجب أن تكون مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن المحكمة حين قضت في الدعوى بالإدانة قد ألمت الماماً صحيحاً بمبنى الأدلة القائمة فيها وأنها تبينت حقيقة الأساس الذي تقوم عليه شهادة كل شاهد مما قصر الحكم المطعون فيه في استظهاره فجاء مشوباً بالغموض في هذه الناحية ومن ثم فإنه يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.

الطعن 963 لسنة 33 ق جلسة 30 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 186 ص 1018


جلسة 30 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.
---------------
(186)
الطعن رقم 963 لسنة 33 القضائية

(أ) تزوير. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التزوير: تحققه بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً، وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه. تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن هذا الركن. لا يلزم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه.
(ب) تزوير. محررات رسمية. خدمة عسكرية.
كشف العائلة الذي يحرر للإعفاء من الخدمة العسكرية. اعتباره ورقة رسمية. متى كان قد وقع من شيخ الحارة واعتمده مأمور القسم وختم بخاتم الجمهورية. لا يؤثر في ذلك: أن يكون شيخ الحارة غير مختص مكانياً بتحرير ذلك الكشف متى كان هذا العيب قد فاتت ملاحظته على الموظفين المختصين فصدرت على أساسه شهادة الإعفاء من الخدمة العسكرية.

----------------
1 - الأصل أن القصد الجنائي في جريمة التزوير وإنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه. ولا يلزم التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن هذا الركن، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه.
2 - مفاد نصوص المواد 7 و16 و17 و19 و34 و35 من القانون رقم 9 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 505 لسنة 1955 الخاص بالخدمة العسكرية والوطنية - أنه إذ حرر الطاعن كشفاً بعائلة المتهم الذي أريد إعفاؤه من الخدمة العسكرية بدون وجه حق ووقع عليه بوصفه شيخ الحارة واعتمده مأمور القسم وختم بخاتم الجمهورية فإنه يكون قد اكتسب بذلك صفة الأوراق الرسمية، ولا يقدح في هذا أن يكون الطاعن غير مختص مكانياً بتحرير ذلك الكشف أو أن يكون شيخ القسم لم يوقع مع الطاعن على الكشف المذكور. ذلك بأنه من المقرر أنه إذا كان البطلان اللاحق بالمحرر بسبب عدم اختصاص من نسب إليه تحريره مما تفوت ملاحظته على كثير من الناس فإن العقاب واجب على اعتبار أن المحرر رسمي لتوقع حصول الضرر بسببه على كل حال. ولما كان هذا العيب بفرض قيامه قد فاتت ملاحظته على الموظفين المختصين فصدرت على أساسه شهادة إعفاء المتهم من الخدمة العسكرية بدون وجه حق فإن الحكم إذ اعتبر التغيير في الحقيقة الذي حصل في الورقة الرسمية سالفة البيان تزويراً رسمياً يكون قد طبق القانون على الوجه الصحيح.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 2 من أكتوبر سنة 1958 بدائرة قسم العرب محافظة بور سعيد: (المتهم الأول) بصفته موظفاً عمومياً "شيخ حارة منتزه سعد بور سعيد" ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو كشف العائلة المحرر عنه النموذج رقم 20 تجنيد الخاص بالمتهم الثالث حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن اغفل إثبات اسم صالح السيد على عمر بين أسماء أشقاء المتهم المذكور حتى يستحق الإعفاء من التجنيد الإجباري و(المتهم الثاني) استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن أرسله إلى إدارة التجنيد لاستخراج شهادة إعفاء المتهم الثالث من التجنيد الإجباري بموجبه. و(المتهم الثاني أيضاً مع المتهمين الثالث والرابع) اشتركوا مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير في المحرر الرسمي المنسوب إليه وذلك بأن اتفقوا معه على إغفال ذكر اسم صالح السيد على عمر من ضمن أشقاء المتهم الثالث في هذا المحرر وقدموه له لهذا الغرض فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة و(المتهم الأول أيضاً مع المتهمين الثالث والرابع) اشتركوا مع المتهم الثاني بطريق الاتفاق في ارتكاب جريمة استعمال المحرر المزور المنسوب إليه بأن اتفقوا معه على إرسال هذا المحرر بعد تزويره إلى إدارة التجنيد لاستخراج شهادة إعفاء المتهم الثالث من التجنيد الإجباري بموجبه فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وطلبت إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و213 و214 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات بور سعيد قضت حضورياً بتاريخ 27 من مارس سنة 1962 عملاً بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و211 و212 و214 من قانون العقوبات مع تطبيق المواد 17 و32/ 2 و55 و 56 من القانون المذكور بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات بالنسبة لهم جميعاً. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة التزوير في محرر رسمي هو كشف العائلة المحرر على النموذج رقم 20 تجنيد الخاص بالمتهم الثالث معه في الدعوى وبالاشتراك في استعمال هذا المحرر المزور في حين أنه باطل ولا حجية له لصدوره منه وهو غير مختص إذ أنه يعمل شيخاً للحارة بقسم العرب وقد وقع على كشف عائلة ذلك المتهم المقيمة بدائرة قسم آخر هو قسم المناخ في الخانة المعدة لتوقيع شيخ الحارة ولم يوقع شيخ هذا القسم عليه ومن ثم فلا يعتد به في الإثبات لأن القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية قد أوجب أن يكون كشف العائلة محرراً من شيخ الحارة ومن شيخ القسم ومندوب التجنيد بعد مراجعة وتمحيص من هذين الأخيرين ثم يعتمد من مأمور القسم المختص وهذا البطلان بالإضافة إلى عدم اختصاص الطاعن بالتوقيع ما كان يفوت على أحد من الموظفين المختصين الذين يشترط فيهم الدقة في قيامهم بأعمالهم ولهذا فإن ركن الضرر في جريمة التزوير يكون غير متوافر. كما أن الطاعن قد وقع بحسن نية على هذا الكشف بناء على طلب المتهم الثاني معه في الدعوى وهو مندوب التجنيد الذي أوهمه أن المتهم الثالث المراد إعفاؤه من التجنيد - قريبه - وقد ثبت أنه لا علاقة لهذا الأخير بالطاعن مما ينفى عنه القصد الجنائي في هذه الجريمة. غير أن الحكم ذهب إلى أن الطاعن كان يعلم بأن المتهم الثاني - الموظف المختص بشئون التجنيد - ليس من أهالي بور سعيد ولا تربطه بالمتهم الثالث أية رابطة مع أن الثابت من أقوال المتهم الثاني نفسه أنه من مواليد بور سعيد وهو ما كان يعلمه عنه الطاعن ولكنه لم يكن يعلم أنه لا قرابة بينه وبين المتهم الثالث موضوع الكشف الذي دين به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن شيخ قسم المناخ ببور سعيد اكتشف أن "السيد السيد عمر" المتهم الثالث في الدعوى قد أعفى من الخدمة العسكرية إعفاء نهائياً بدعوى أنه أكبر أفراد أسرته التالي لأخيه الذي استشهد بأبي حماد في خلال العدوان على بور سعيد سنة 1956 مع أن الذي يستحق الإعفاء قانوناً هو أخيه صالح السيد على عمر وقد تبين من التحقيق أن الطاعن هو الذي قام بملء بيانات كشف العائلة المدون على الأنموذج رقم 20 تجنيد المؤرخ 2/ 10/ 1958 ووقع عليه بإمضائه في خانة شيخ الحارة كما وقع عليه مأمور قسم العرب وختم بختم الجمهورية وجاء بذيل هذا الكشف أن الطالب وهو المتهم الثالث هو بذاته الأخ الثاني لأخيه العسكري الذي استشهد بجهة أبى حماد ووقع الطاعن على هذه العبارة كذلك وقد صدرت شهادة الإعفاء باسم المتهم الثالث تأسيساً على تلك البيانات وذلك على خلاف الحقيقة. وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة من شانها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وخلص الحكم إلى قوله "وحيث إنه لا جدال في أن كشف العائلة المحرر على النموذج رقم 20 تجنيد يعتبر محرراً رسمياً بعد أن يوقع عليه الشيخ ومأمور القسم وأن الأول يعتبر موظفاً عمومياً وأن المتهم الثاني قد استعمل هذا المحرر بعد تزويره وهو عالم بحصول هذا التزوير. كما أن اشتراك المتهمين الثاني والثالث والرابع مع المتهم الأول (الطاعن) بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب التزوير في ذلك المحرر واشتراك المتهمين الأول (الطاعن) والثالث والرابع مع المتهم الثاني في ارتكاب جريمة الاستعمال كل ذلك ثابت من تعاصر فعل الفاعل مع ما وقع من غيره من الشركاء ومن توافر النية لدى الشركاء للتدخل مع الفاعل تدخلاً مقصوداً قد تجاوب صداه مع فعله وتحقق فيه معنى تسهيل الجريمة". وما انتهى إليه الحكم فميا تقدم سائغ وصحيح في القانون. ذلك بأن القانون رقم 9 لسنة 1958 المعدل للقانون رقم 505 لسنة 1955 الخاص بالخدمة العسكرية والوطنية المطبق على واقعة الدعوى. قد نص في الفقرة الرابعة من البند الأول من المادة السابعة منه على أنه يعفى من الخدمة العسكرية والوطنية نهائيا.... الأخ الأكبر أو التالي للمجند إلزامياً أو المتطوع طبقاً لأحكام المادتين 34 و35 الذي توفى بسبب الخدمة العسكرية أو الوطنية أو سرح لمرض أو إصابة أو عاهة أصابته بسبب الخدمة فيها وكان من شأنها عجزه عن الكسب ونظمت المادتان 16، 17 كيفية إعداد كشوف الخاضعين للتجنيد وطريقة التظلم من الأخطاء التي قد تتضح فيها من حيث إدراج أسماء أو إسقاطها بدون وجه حق. ثم نصت المادة 19 على أنه "يحرر العمد والمشايخ بالاشتراك مع الصيارف بالمراكز والبنادر ومشايخ الحارات والأقسام بالاشتراك مع مندوبي التجنيد بالأقسام وعمد ومشايخ قبائل العربان بالاشتراك مع موظفي الإدارة المختصين لمناطق الحدود كشوفاً مستوفاة بعائلات المدرجين بالكشف المنصوص عنه بالبند (ج) من المادة 16 الذين يتوافر فيهم سبب من أسباب الإعفاء النهائي وتعتمد تلك الكشوف من مأمور المركز أو البندر أو القسم" ومفاد هذه النصوص أنه إذ حرر الطاعن كشفاً بعائلة المتهم الثالث، الذي أريد إعفاؤه من الخدمة العسكرية بدون وجه حق ووقع عليه بوصفه شيخ الحارة واعتمده مأمور القسم وختم بخاتم الجمهورية فإنه يكون قد اكتسب بذلك صفة الأوراق الرسمية ولا يقدح في هذا أن يكون الطاعن غير مختص مكانياً بتحرير ذلك الكشف أو أن يكون شيخ القسم لم يوقع مع الطاعن على الكشف المذكور. ذلك بأنه من المقرر أنه إذا كان البطلان اللاحق بالمحرر بسبب عدم اختصاص من نسب إليه تحريره مما تفوت ملاحظته على كثير من الناس فإن العقاب واجب في هذه الصورة على اعتبار أن المحرر رسمي لتوقع حصول الضرر بسببه على كل حال ولما كان هذا العيب بفرض قيامه قد فاتت ملاحظته على الموظفين المختصين فصدرت على أساسه شهادة إعفاء المتهم الثالث من الخدمة العسكرية بدون وجه حق فإن الحكم إذ اعتبر التغيير في الحقيقة الذي حصل في الورقة الرسمية سالفة البيان تزويراً رسمياً يكون قد طبق القانون على الوجه الصحيح. لما كان ذلك، وكان الحكم قد تناول ما تمسك به الطاعن من أنه كان حسن النية حين وقع على هذا الكشف فرد عليه بقوله "إن المتهم الأول وهو شيخ منتزه سعد ببور سعيد ما كان يحق له التوقيع على كشف عائلة المتهم الثالث ولم يكن من بين أفراد شياخته ومن غير المستساغ وقد قضى في عمله سنين طويلة، أن يصدق ما ذكره له المتهم الثاني من أن المتهم الثالث ابن خالته أو يمت له بصلة القربى وهو يعلم أن المتهم الثاني ليس من أهالي بور سعيد ولا تربطه بالمتهم الثالث أية رابطة" وما أورده الحكم فيما تقدم سائغ وله مأخذه من دفاع المتهم الثاني بالجلسة من أن الطاعن يعلم أنه من أهالي القاهرة ويتوافر به قيام سوء القصد لدى الطاعن ذلك بأن الأصل أن القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه. ولا يلزم التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1699 لسنة 33 ق جلسة 30 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 187 ص 1024

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
(187)

الطعن رقم 1699 لسنة 33 القضائية

غش. جريمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إدانة المتهم في جريمة عرض لبن مغشوش للبيع مع علمه بغشه لمجرد أنه الملتزم بتوريده. لا يكفى. وجوب ثبوت ارتكابه فعل الغش أو أن يكون قد ورد اللبن مع علمه بغشه. لا يؤثر في ذلك: القرينة القانونية التي أنشأها المشرع بالتعديل المدخل بالقانون 522 لسنة 1955 على المادة 2 من القانون 48 لسنة 1941 - من اقتراض العلم بالغش أو الفساد إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين. محل الأخذ بتلك القرينة أن يثبت صلة المتهم بفعل الغش موضوع الجريمة. مثال.
--------------
لا يكفي لإدانة المتهم في جريمة عرض لبن مغشوش للبيع مع علمه بغشه أن يثبت أنه هو الملتزم بتوريد اللبن، بل لابد أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فعل الغش أو أن يكون ورد اللبن مع علمه بغشه. ولا يقدح في ذلك أن الشارع قد أنشأ قرينة قانونية بالتعديل المدخل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 - بشأن قمع الغش والتدليس - حين افترض العلم بالغش أو بالفساد إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين. إذ أن محل الأخذ بتلك القرينة أن يثبت بادئ ذي بدئ صلة المتهم بفعل الغش موضوع الجريمة. ولما كان الحكم المطعون فيه دان الطاعن عن الجريمة المسندة إليه لمجرد أنه هو الملتزم بتوريد اللبن للمستشفى دون أن يقيم الدليل على أنه هو الذي ارتكب فعل الغش أو أنه كان عالماً بغشه قبل توريده فإنه يكون قد انطوى على قصور يعيبه مما يستوجب نقضه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 9 أغسطس سنة 1962 بدائرة بندر ملوي: عرضاً للبيع لبناً مغشوشاً مع علمها بذلك على النحو المبين بالمحضر حالة كون المتهم الثاني عائداً. وطلبت عقابهما بالمواد 2 و12/ 1 من القانون رقم 132 سنة 1950 بشأن الألبان ومنتجاتها و2 و7 و8 و9 و10 من القانون رقم 48 لسنة 1941، 49/ 3، 50 من قانون العقوبات. ومحكمة ملوي الجزئية قضت بتاريخ 8 أبريل سنة 1963 حضورياً بالنسبة للمتهم الأول وغيابياً للثاني عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات بالنسبة للمتهم الأول ومع النفاذ بالنسبة للثاني والمصاريف ونشر الحكم بجريدة الأهرام على نفقته. فاستأنف كل من المتهمين هذا الحكم ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 5 يونيه سنة 1963 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعن على أساس أنه متعهد توريد اللبن للمستشفى دون أن يبين صلته بفعل الغش والتفت عن العقد المبرم بينه وبين المتهم الثاني والذي تعهد بموجبه بتوريد اللبن للمستشفى نيابة عنه بمقولة إن أحداً لم يشهد عليه وأنه غير ثابت التاريخ مع أن كلاً من هذين الشرطين ليس إلا وسيلة من وسائل الإثبات ولا يعد ركناً في العقد حتى تهدره المحكمة. كما دانه الحكم، مع أن اللبن ضبط في حوزة المستشفى بعد استلامه من المتهم الثاني مما يدل على أنه صالح للاستعمال وهو ما كان يقتضى مساءلة عمال المستشفى عما حدث فيه من غش بعد ذلك، يضاف إلى ما تقدم أن الحكم استند في إدانته إلى نتيجة فحص العينة مع أنها أخذت في غيبته على خلاف ما تقضى به القوانين واللوائح.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فيما محصله أن معاون صحة بندر ملوي ضبط المتهم الثاني يورد لبناً إلى مستشفى الأمراض الصدرية بملوي فاشتبه في أمره وأخذ عينة منه تبين من فحصها أنها مغشوشة بنزع ما لا يقل عن 93% من دسمها وإذ عرض الحكم إلى التدليل على إدانة الطاعن قال "إن الذي يبين من مطالعة الأوراق أن المتهم الأول (الطاعن) هو متعهد توريد الألبان للمستشفى وهو المسئول عن ذلك التوريد بموجب العقد المبرم بينه وبينها ومن ثم لا يقدح في مساءلة اتفاقه مع المتهم الثاني على أن يورد اللبن لحسابه إذ أن المتهم الثاني لا يعمل أصلاً إلا بموافقته وتحت إشرافه ورقابته وبتصريح منه هو أي المتهم الأول المسئول الأصيل عن التوريد وعن كل ما يترتب عنه إذ لا علاقة مباشرة بين المتهم الثاني والمستشفى ولما كان يبين من الأوراق أن الطاعن عهد إلى المتهم الثاني بتوريد اللبن للمستشفى وذلك بموجب عقد عرفي مؤرخ في 1/ 7/ 1962 لم يكن محل طعن من المتهم الثاني الذي قرر أمام محكمة أول درجة أنه هو الذي يقوم بالتوريد وأقره مفتش الأغذية على ذلك وكان لا يكفى لإدانة المتهم في جريمة عرض لبن مغشوش للبيع مع علمه بغشه أن يثبت أنه هو الملتزم بتوريد اللبن بل لابد أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فعل الغش أو أن يكون ورد اللبن مع علمه بغشه. ولا يقدح في ذلك أن الشارع قد أنشأ قرينة قانونية بالتعديل المدخل بالقانون رقم 522 سنة 1955 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1948 بشأن قمع الغش والتدليس حين افترض العلم بالغش أو بالفساد إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين إذ أن محل الأخذ بتلك القرينة أن يثبت بداءة ذي بدء صلة المتهم إذا كان من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين بفعل الغش موضوع الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه دان الطاعن عن الجريمة المسندة إليه لمجرد أنه هو الملتزم بتوريد اللبن للمستشفى دون أن يكون قد انطوى على قصور يعيبه مما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي ما أثاره الطاعن في طعنه.

الطعن 1723 لسنة 33 ق جلسة 30 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 188 ص 1027


جلسة 30 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
---------------
(188)
الطعن رقم 1723 لسنة 33 القضائية

(أ، ب) اشتراك. "اتفاق". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "بيانات التسبيب. ما لا يعيبها". جريمة.
) أ) الاشتراك بطريق الاتفاق ماهيته: هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. تمامه غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال عليها. للقاضي الجنائي الاستدلال عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه. ما دام هذا الاستدلال سائغاً.
(ب) سهو الحكم عن ذكر إحدى فقرات مادة الاشتراك. لا يعيبه. ما دامت المحكمة قد أشارت إلى النص الذي استمدت منه العقوبة.

----------------
1 - الاشتراك بطريق الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال عليها، وإذا كان القاضي الجنائي مطلق الحرية في تكوين عقيدته من وقائع الدعوى، فإن له إذا لم يقم على الإنفاق دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه، ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره.
2 - سهو الحكم عن ذكر إحدى فقرات مادة الاشتراك لا يعيبه ما دامت المحكمة قد أشارت إلى النص الذي استمدت منه العقوبة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في يوم 30 نوفمبر سنة 1959 بدائرة قسم الجمرك محافظة الإسكندرية: اشتركوا بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو عبد الكريم السيد عبد العال مأذون قسم الجمرك في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد زواج محمد طحاوى إبراهيم عبد الفتاح من جميلة محمد إبراهيم أبو العلا حال تحريره المختص بوظيفته وكان ذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن اتفقوا فيما بينهم على أن ينتحل الأول شخصية الزوج أمام المأذون فتقدم له بهذه الصفة وأيده المتهمان الثاني والثالث في ذلك فقام المأذون بضبط عقد الزواج على هذا الأساس ووقع عليه المتهم الأول بإمضاء مزور للزوج كما وقع عليه المتهمان الثاني والثالث بصفتهما شاهدين فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40/ 3، 41، 231 من قانون العقوبات - فقررت الغرفة ذلك - ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت بتاريخ 16 أبريل سنة 1962 غيابياً بالنسبة للمتهمين الثالث والرابع وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 40/ 3، 41، 211، 212، 113 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني والثالث والخامس أولاً بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وثانياً: ببراءة المتهمة الرابعة من التهمة المسندة إليها. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم دان الطاعنين بوصف أنهم اشتركوا بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو مأذون قسم الجمرك في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد زواج الطاعن الأخير من جميلة محمد إبراهيم أبو العلا وأثبت في مدوناته أن الزوج خشي أن ترفض الزوجة الزواد منه إذا ما رأته شخصياً فأتفق مع باقي المتهمين على أن ينتحل أولهم شخصيته حتى تتم إجراءات الزواج وفعلاً انتحل المتهم الأول شخصية الزوج وأيده في ذلك المتهمان الثاني والثالث مما مفاده أن الحكم قد أخذ في إدانتهم بحصول أتفاق بينهم دون أن تعدل المحكمة وصف التهمة بإضافة الفقرة الثانية من المادة 40 من قانون العقوبات ومن غير أن تنبه الدفاع إلى ذلك، فضلاً عن أن الحكم لم يحدد مدى ما أسهم به كل من الطاعنين من مساعدة في وقوع الجريمة التي دانهم بها، كما دان الحكم الطاعن الأخير بتهمة الاشتراك في التزوير مع أنه لا يبين من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم أنه كان على اتفاق سابق مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة أو أنه كان على علم بها مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعنين وآخرين بأنهم اشتركوا بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو عبد الكريم السيد عبد العال مأذون قسم الجمرك في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد زواج محمد طحاوى إبراهيم عبد الفتاح من جميلة محمد إبراهيم أبو العلا حال تحريره بوظيفته وكان ذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن اتفقوا فيما بينهم على أن ينتحل الأول شخصية الزوج أمام المأذون فتقدم له بهذه الصفة وأيده المتهمان الثاني والثالث في ذلك فقام المأذون بضبط عقد الزواج على هذا الأساس ووقع عليه المتهم الأول بإمضاء مزور للزوج كما وقع عليه المتهمان الثاني والثالث بصفتهما شاهدين فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات فصدر قرار الغرفة بذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله إنها "تتحصل في أن المتهم الخامس محمد طحاوى إبراهيم عبد الفتاح - الطاعن الثالث - أراد الزواج وإذ خشي أن ترفض من يتقدم لها الزواج منه إذا ما رأته شخصياً فقد اتفق مع أخويه رمضان طحاوى إبراهيم عبد الفتاح وعبد العزيز طحاوى إبراهيم عبد الفتاح المتهمين الأول والثاني - الطاعنين الأول والثاني - ومع خاله عبد المنعم عطيه عبده الشهير بالعربي المتهم الثالث على أن ينتحل المتهم الأول شخصيته حتى تتم إجراءات الزواج وفى يوم 29/ 11/ 1959 توجه المتهمان الأول والثاني إلى منزل المتهم الثالث حيث طلب من زوجته بدرية محمد حسن الجمل المتهمة الرابعة الاتصال بإحدى قريباتها لخطبتها فتوجهت إلى محمد إبراهيم أبو العلا وهو زوج ابنة خالتها حيث عرضت عليه تزوج ابنته جميلة محمد إبراهيم إلى أحد أولاد شقيقة زوجها فوافق الأب ومن ثم اصطحبت ابنته إلى منزلها حيث تقابلت الفتاة مع المتهم الأول الذي تظاهر بأنه راغب الزواج وأنه هو الذي سيتزوجها وفى اليوم التالي الموافق 30/ 11/ 1959 توجه المتهمون الأربعة الأول إلى منزل محمد إبراهيم أبو العلا الذي دعا مأذون الجهة لعقد الزواج وإذ حضر المأذون إلى المنزل الكائن بحارة عبد الوهاب رقم 16 بدائرة قسم الجمرك انتحل المتهم الأول أمامه شخصية أخيه محمد طحاوى إبراهيم عبد الفتاح وطلب المأذون عقد زواجه بجميلة محمد إبراهيم التي وكلت عنها والدها وأيده في ذلك المتهمان الثاني والثالث بناء على الاتفاق السابق الذي تم فيما بينهم وبين المتهم الخامس قام المأذون بتحرير وثيقة زواج الأخير بالفتاة المذكورة ووقع المتهم الأول على العقد بإمضاء مزور للزوج كما وقع عليه المتهمان الثاني والثالث بصفتهما شاهدين الأول بإمضائه والآخر بخاتمه وبصمة إصبعه وذلك في غيبة المتهم الخامس وبعد أن تم الزواج تبين للزوجة وذويها أن الزوج هو شخص آخر غير المتهم الأول الذي انتحل شخصيته عند تحرير العقد فأخذوا في التفاوض لتطليقها بعد أن كان قد تم دخول المتهم الأخير بها إلا أن المتهم المذكور رفض أن يطلقها الأمر الذي دعا والد الزوجة إلى التبليغ عن الحادث بعريضة مؤرخة 24/ 10/ 1960 ومن ثم قام معاون شرطة قسم الجمرك بضبط الواقعة ثم تولت النيابة العامة التحقيق حيث أقر المتهمان الأول والثاني بأن أولهما قد وقع على عقد الزواج باسم لزوج كما أقر المتهمان الثاني والثالث بتوقيعهما على العقد بصفتهما شاهدين وقرر المتهم الخامس أنه لا يعرف الكتابة وأن التوقيع المنسوب له بالعقد ليس توقعيه". واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أدلة سائغة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومن إقرار الطاعن الأول بتوقيعه على العقد باسم الطاعن الأخير وإقرار الطاعن الثاني والمتهم الثالث بتوقيعهما على العقد بصفتهما شاهدين ثم من إقرار الطاعن الثالث بعدم توقيعه على العقد وانتهى الحكم إلى إدانة الطاعنين والمتهم الثالث بقوله "ثبت لهذه المحكمة بوجه قاطع أن المتهمين رمضان طحاوى إبراهيم عبد الفتاح وعبد العزيز طحاوى إبراهيم عبد الفتاح وعبد المنعم عطيه عبده الشهير بالعربي ومحمد طحاوى إبراهيم عبد الفتاح في يوم 30/ 11/ 1959 بدائرة قسم الجمرك محافظة الإسكندرية اشتركوا بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو عبد الكريم السيد عبد العال مأذون قسم الجمرك في ارتكاب تزوير في عقد زواج محمد طحاوى إبراهيم عبد الفتاح (المتهم الأخير) بجميلة محمد إبراهيم أبو العلا حال تحريره المختص بوظيفته وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة ووضع إمضاء مزور بأن اتفقوا فيما بنيهما على أن ينتحل الأول شخصية الزوج أمام المأذون فتقدم له بهذه الصفة وأيده المتهمان الثاني والثالث في ذلك فقام المأذون بضبط عقد الزواج على هذا الأساس ووقع عليه المتهم الأول بإمضاء مزور للزوج كما وقع عليه المتهمان الثاني والثالث بصفتهما شاهدين فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة الأمر المعاقب عليه طبقاً للمواد 40/ 3 و41 و211 و212 و213 من قانون العقوبات، لما كان ذلك، وكانت الأفعال والعناصر التي دان الحكم المطعون فيه الطاعنين بها لا تخرج عن ذات الواقعة التي تضمنها أمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث ودارت عليها المرافعة، وكان سهو الحكم عن ذكر إحدى فقرات مادة الاشتراك لا يعيبه ما دامت المحكمة قد أشارت إلى النص الذي استمدت منه العقوبة وهو نص المادتين 211 و213 من قانون العقوبات، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قالة تعديل وصف التهمة وعدم لفت الدفاع إليه لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجني عليها ووالدها من أن الطاعن الأول تقدم للزواج باعتباره شخص الزوج وأنه يدعى محمد طحاوى إبراهيم عبد الفتاح ووقع على وثيقة الزواج بهذه الصفة وأيده في ذلك الطاعن الثاني ووقع على العقد باعتباره شاهداً ولم يكتشف واقعة التزوير إلا بعد الدخول بالزوجة وأنهما حاولا إنهاء الموضوع ودياً ولكن الطاعن الثالث تمسك بالزوجة ورفض تطليقها، ومن أقوال المأذون من أن الطاعن الأول انتحل أمامه شخصية الزوج ووقع بإمضائه على العقد بهذه الصفة وأن الطاعن الثالث لم يكن حاضراً مجلس العقد، ومن إقرار الطاعن الأول توقيعه على وثيقة الزواج باسم الطاعن الأخير وإقرار الطاعن الثاني لهذه الواقعة وتوقيعه على العقد بصفته شاهداً ومما ثبت من عدم معرفة الطاعن الثالث للقراءة والكتابة وخلص الحكم من ذلك إلى القول بأن "الثابت من ظروف الدعوى أن المتهمين الأول والثاني والثالث والخامس قد اتفقوا فيما بينهم على أن ينتحل أولهم شخصية الأخير أمام المأذون عند قيامه بتحرير العقد فشاركوه بهذه المساعدة وهو حسن النية في ارتكاب التزوير في المحرر الرسمي حال تحريره المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة ثم وقع المتهم الأول بالاسم المنتحل على عقد الزواج مما يعد كذلك في نفس الوقت تزويراً مادياً. أما قصد التزوير فثابت من تعهدهم الادعاء بذلك رغم علمهم بعدم صحته بقصد استعمال المحرر في الغاية التي رموا إليها من ارتكاب التزوير". وما أورده الحكم فيما تقدم سائغ ويتوافر به الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة، ذلك أن الاشتراك بطريق الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال عليها، وإذا كان القاضي الجنائي مطلق الحرية في تكوين عقيدته من وقائع الدعوى، فإن له إذا لم يقم على الاتفاق دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره، ولما كانت الأدلة والقرائن التي ساقها الحكم للتدليل على اشتراك الطاعنين بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير من شأنها أن تؤدى إلى ثبوتها في حقهم، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.