جلسة 3 من يونيو سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ محمود حلمي خاطر، وبحضور
السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، وأديب نصر، وحسين صفوت السركي.
-----------------
(93)
الطعن رقم 22 لسنة 33
القضائية
استئناف. دعوى مدنية. "إجراءات نظرها أمام
القضاء الجنائي". دعوى جنائية. قوة الشيء المقضي. نقض. "أحوال الطعن
بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون".
للمسئول عن الحقوق
المدنية استئناف الحكم الصادر في الدعوى المدنية فيما يختص بالحقوق المدنية. شرط
ذلك: أن تكون التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب النهائي للقاضي الجزئي. بقاء حقه
في ذلك ولو أصبح الحكم في الدعوى الجنائية نهائياً وحائزاً قوة الشيء المحكوم فيه.
علة ذلك: استقلال هذا الحق عن حق النيابة العامة والمتهم. اختلاف الموضوع في كل من
الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد.
طرح الدعوى المدنية وحدها
أمام المحكمة الاستئنافية. لهذه المحكمة بحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها
وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم. ولو حاز الحكم الابتدائي قوة الشيء المقضي
بعدم استئناف النيابة له. مخالفة المحكمة الاستئنافية هذا النظر. خطأ في تطبيق
القانون. وجوب نقض الحكم.
-------------------
تجيز المادة 403 من قانون
الإجراءات الجنائية للمسئول عن الحقوق المدنية استئناف الحكم الصادر في الدعوى
المدنية فيما يختص بالحقوق المدنية إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب
الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً. ومن المقرر أن حقه في ذلك قائم ولو كان
الحكم في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً قوة الشيء المحكوم فيه، لأنه
مستقل عن حق النيابة العامة وعن حق المتهم، لا يقيده إلا النصاب، ذلك أن الدعويين
وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد، إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى،
مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. وطرح الدعوى وحدها أمام المحكمة
الاستئنافية، لا يمنع هذه المحكمة من أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر
أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم. ولما كانت المحكمة الاستئنافية قد
اعتبرت الحكم الابتدائي حائزاً لقوة الشيء المقضي به بعدم استئناف النيابة له.
بحيث يمتنع عليها وهى في سبيل الفصل في الدعوى المدنية المستأنفة أمامه أن تتصدى
لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم،
فإنها بذلك تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، بما يستوجب نقض الحكم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة سعيد عبد الغنى سعيد بأنه في
يوم 8/ 10/ 1950 بدائرة مصر الجديدة "تسبب بغير قصد ولا تعمد في إصابة
الأستاذ فريد علي نباتي وكان ذلك راجعاً لرعونته وإهماله بأن قاد سيارة بدون حيطة
وانحرف بها على يسار الطريق فصدم دراجة بخارية يركبها المجني عليه فأحدث إصابته
الموضحة بالمحضر" وطلبت عقابه بالمادة 244 من قانون العقوبات. ومحكمة مصر
الجديدة الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 17 يناير سنة 1951 عملاً بمادة الاتهام بحبس
المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ. فعارض المتهم في هذا الحكم
وأثناء نظر المعارضة أدعى المجني عليه بحق مدني قبل المتهم ووزارة الحربية بصفتها
مسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ 2000 جنيه على سبيل التعويض. ثم قضى في
المعارضة بتاريخ 28 مارس سنة 1959 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم
الغيابي المعارض فيه وإلزام المحكوم عليه بالتضامن مع المسئولة عن الحقوق المدنية
(وزارة الحربية) بدفع مبلغ 500 جنيه للمدعي بالحق المدني على سبيل التعويض
والمصاريف المدنية فاستأنفت المسئولة عن الحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة
الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 2 يناير سنة 1961 بانقطاع سير الخصومة
في الدعوى المدنية لوفاة المتهم. وبتاريخ 25 أكتوبر سنة 1961 عجلت المسئولة عن
الحقوق المدنية الدعوى. وبتاريخ 13 نوفمبر سنة 1961 قضت المحكمة المذكورة بقبول
الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الطاعنة (وزارة
الحربية) في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون ذلك بأنه أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإلزام الطاعنة
بالتعويض على أن المحكمة الاستئنافية لا تملك التعرض لخطأ المجني عليه ما دامت
النيابة لم تستأنف الحكم الابتدائي حتى تتصل محكمة الدرجة الثانية بالدعوى
الجنائية، في حين يقوم حق المسئول عن الحقوق المدنية في استئناف الحكم الصادر من
المحكمة الجزئية فيما يختص بالدعوى المدنية وحدها ولو لم تستأنفه النيابة وللمحكمة
الاستئنافية في هذا النطاق مناقشة كل عناصر المسئولية دون ما قيد عليها لا يحجبها
عن ذلك انتقال الدعوى المدنية وحدها إليها أو صيرورة الحكم في الدعوى الجنائية
نهائية بعدم استئنافه.
وحيث إن الدعوى الجنائية
أقيمت على المتهم سعيد عبد الغنى بوصف كونه صاب فريد علي نباتي خطأ بالتطبيق
للمادة 244 من قانون العقوبات، ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بحبس المتهم شهرين مع
الشغل فعارض المتهم ولدى نظر المعارضة ادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم وزارة
الحربية بوصف كونها مسئولة عن الحقوق المدنية بمبلغ ألفين من الجنيهات وقضت
المحكمة برفض المعارضة وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وإلزام المحكوم عليه
بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية بدفع مبلغ خمسمائة جنيه للمدعي المدني
(المطعون ضده) فاستأنفت المسئولة عن الحقوق المدنية والمحكمة الاستئنافية حكمت
بانقطاع سير الخصومة في الدعوى المدنية بوفاة المتهم، فعجلت المستأنفة الدعوى فقضت
المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون
فيه قد عرض لدفاع الطاعنة في قوله "وحيث إن الحاضر عن المسئول بالحقوق
المدنية طلب إنقاص مبلغ التعويض المحكوم به بحجة أنه مبالغ فيه لأن المجني عليه هو
الذي تسبب في وقوع الحادث وطلب الحاضر عن هذا الأخير تأييد الحكم المستأنف. وحيث
إنه فيما يتعلق بما يثيره الدفاع عن الحكومة من خطأ المجني عليه فلا يجوز لهذه
المحكمة الخوض فيه إذ لا صلة لها بالدعوى الجنائية لأن اتصالها بهذه الدعوى لا
يكون إلا عن طريق استئناف النيابة". ولما كان مفاد ما قاله الحكم أن محكمة
ثاني درجة اعتبرت الحكم الابتدائي حائزاً لقوة الشيء المقضي فيه بعدم استئناف
النيابة له بحيث يمتنع عليها وهى في سبيل الفصل في الدعوى المدنية المستأنفة أمامها
أن تتصدى لبحث عناصر الجريمة ومدى خطأ المجني عليه لتقدير مدى التعويض عن الضرر
الذي أصابه، وهذا القول ينطوي على خطأ في تطبيق القانون - ذلك أن المادة 403 من
قانون الإجراءات الجنائية تجيز للمسئول عن الحقوق المدنية استئناف الحكم الصادر في
الدعوى المدنية فيما يختص بالحقوق المدنية إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على
النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً. ومن المقرر أن حقه في ذلك قائم ولو
كان الحكم في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً قوة الشيء المحكوم فيه لأنه
مستقل عن حق النيابة العامة وعن حق المتهم لا يقيده إلا النصاب، ذلك أن الدعويين
وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى مما
لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. وطرح الدعوى المدنية وحدها أمام المحكمة
الاستئنافية لا يمنع هذه المحكمة من أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر
أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم، لما كان ذلك، وكانت المحكمة
الاستئنافية قد اعتبرت الحكم الابتدائي حائزا لقوة الشيء المقضي به بعدم استئناف
النيابة له بحيث يمتنع عليها وهى في سبيل الفصل في الدعوى المدنية المستأنفة
أمامها أن تتصدى لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها
في حق المتهم فإنها بذلك تكون قد أخطأت في تطبيق القانون بما يستوجب نقض الحكم
والإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.