جلسة 31 من أكتوبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/
حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد
عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.
----------------
(192)
الطعن رقم 1208 لسنة 36
القضائية
تأمينات اجتماعية. عمل.
حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم سريان قانون
التأمينات الاجتماعية على العمال الذين يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة إلا بالنسبة
لتأمين إصابات العمل فحسب. المقصود بالأعمال العرضية المؤقتة؟ هي الأعمال التي
ليست لها صفة الدوام بالنسبة لرب العمل ولا تدخل بطبيعتها في العمل الذي يزاوله.
مثال.
----------------
نصت المادة الثانية من
قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقرار بقانون رقم 92 لسنة 1959 على أنه:
"تسري أحكام هذا القانون على جميع العمال وكذلك المتدرجين منهم ولا يسري
على(1)......... (2) العمال الذين يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة وعلى الأخص عمال
المقاولات وعمال التراحيل والعمال الموسميين وعمال الشحن والتفريغ إلا فيما يرد به
نص خاص". وقصر القانون في المادة 19 منه حق هؤلاء العمال في التأمينات على
تأمين إصابات العمل وحده ولم يسلكهم في عداد من يفيدون من تأمين الشيخوخة وتأمين
العجز والوفاة الذين خصهم بالذكر في المادتين 55 و65. والأعمال العرضية المؤقتة في
تطبيق الاستثناء الوارد في الفقرة الثانية من المادة المذكورة هي الأعمال التي
ليست لها بالنسبة لرب العمل صفة الدوام ولا تدخل بطبيعتها في العمل الذي يزاوله.
ولما كان دفاع الطاعن يقوم على أن العمل الذي يمارسه العمال لديه هو عمل موقوت
بفترة زمنية محدودة هو إعداد الفطيرة فقط لمديرية التربية والتعليم في فترة
الدراسة مما يدخله في عداد الأعمال المؤقتة التي تخرج عن نطاق تطبيق قانون
التأمينات الاجتماعية، واستند الطاعن في تأييد دفاعه إلى عقود العمل المبرمة بينه
وبين هؤلاء العمال وإلى شهادة صادرة من مديرية التربية والتعليم. وكان الحكم
المطعون فيه قد تجاوز هذا الدفاع ولم يستبن مدلول عقود العمل والشهادة المقدمة من
الطاعن، واكتفى بمجرد القول أن عمل العمال الذين يستخدمهم هو إعداد الخبز وأن عقود
توريد الفطيرة إلى مديرية التعليم تؤكد طبيعة هذا العمل وهو ما لا يصلح ردا على ما
أثاره الطاعن من دفاع لو صح لتغير وجه الرأي في الدعوى. فإن الحكم المطعون فيه
يكون معيبا ويتعين لذلك نقضه والإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه في يوم 18 أكتوبر سنة 1963 بدائرة ميناء بور سعيد: لم يقم بالاشتراك
لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن العمال الموضحة أسماؤهم بالمحضر. وطلبت
عقابه بالمواد 1 و2 و18 و108 و111 من القانون رقم 92 لسنة 1959. ومحكمة ميناء بور
سعيد قضت حضوريا في 31 ديسمبر سنة 1964 عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة قرش
على أن تتعدد العقوبة بقدر عدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة بلا مصاريف
جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة بور سعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية -
قضت حضوريا بتاريخ 8 مارس سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد
الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عدم قيامه بالاشتراك لدى الهيئة العامة
للتأمينات الاجتماعية عن عماله قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على فساد في
الاستدلال ذلك بأن العمل الذي يقوم به هؤلاء العمال لديه موسمي وإذ يقتصر على عمل
الفطيرة التي يقوم بتوريدها لمديرية التربية والتعليم بمحافظة بور سعيد في الفترة
من 22/ 1/ 1963 إلى 12/ 6/ 1963 ومن 12/ 10/ 1963 إلى 27/ 11/ 1963 حسبما تدل عليه
عقود العمل الخاصة بهم والشهادة الصادرة من مديرية التربية والتعليم من أن الطاعن
يقوم بتوريد الفطيرة في الفترات المذكورة إلا أن المحكمة لم تأخذ بهذا الدفاع
بقالة أن عمل الطاعن وهو إعداد الخبز وهو عمل دائم. ولم يقدم الطاعن ما يفيد أن
هذا العمل يتوقف في غير الفترات المتعاقد عليها مع مديرية التربية والتعليم، في
حين أن اعتبار الخبازة عملية دائمة إنما يصدق فقط في حق صاحب المخبز - دون الطاعن
الذي يقتصر دوره على مجرد إعداد الفطيرة فيه، وقد قدم الطاعن شهادة من مديرية
التربية والتعليم تؤيد قصر توريد الفطيرة على الفترات المشار إليها.
وحيث إن النيابة العامة
أقامت الدعوى ضد الطاعن لأنه في يوم 18/ 10/ 1963 لم يقم بالاشتراك لدى الهيئة
العامة للتأمينات الاجتماعية عن العمال الموضحة أسماؤهم بالمحضر. وطلبت عقابه
بالمواد 1 و2 و18 و108 و111 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقرار بقانون
رقم 92 لسنة 1959. ومحكمة أول درجة قضت بتغريم الطاعن مائة قرش تتعدد بقدر عدد
العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة، فاستأنف ومحكمة ثاني درجة قضت بالتأييد. لما
كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين
واقعة الدعوى عرض لدفاع المتهم المؤسس على أن عماله مؤقتون واطرحه ودلل على توافر
الجريمة في حقه بقوله. "وحيث إنه يبين من العرض السابق للوقائع أن التهمة
المسندة للمتهم متوافرة الأركان وثابته قبله. (أولا) مما ثبت بالمحضر آنف الذكر
(ثانيا) مما قرره المتهم بمحضر الجلسة من أن العمال يعملون لديه وإن كان قد قرر
أنهم مؤقتون ولا يؤثر في ذلك دفاع المتهم من أن عماله مؤقتون لأن العمل الذي
يمارسه العمال سالف الإشارة إليهم هو إعداد الخبز وهذا العمل في ذاته عمل دائم إذ
لا يمكن أن يتوقف هذا العمل فترة من الفترات ولا ينال من ذلك ما قرره المتهم وقدمه
من مستندات تفيد أنه يقوم بتوريد فطائر لمدارس المرحلة الأولى بمديرية التربية
والتعليم إذ أن ذلك في حقيقته يؤكد طبيعة العمل الذي يمارسه هؤلاء العمال وهو
إعداد الخبز ولم يقدم المتهم ما يفيد أن هذا العمل يتوقف طوال العام إلا في
الفترات المتعاقد عليها فقط مع مديرية التربية والتعليم ولو فعل لكان مقبولا منه
دفاعه في هذا الصدد، ولا يصح أن يحتج المتهم بأن عقد عمل هؤلاء العمال قد نص فيه
على أنه يستخدم نفرا لإعداد الخبز لمديرية التربية والتعليم في فترات الدراسة لأن
الاتفاق ليس من شأنه أن يغير من طبيعة العمل الذي يمارسه هؤلاء العمال إذ يجب عند
تحديد طبيعة العمل النظر إلى هذا العمل في ذاته فهو وحده الذي تناط به تحديد ماهية
العمل". لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من قانون التأمينات الاجتماعية
الصادر بالقرار بقانون رقم 92 لسنة 1959 قد نصت: "تسري أحكام هذا القانون على
جميع العمال وكذلك المتدرجين منهم ولا يسري على (1)...... (2) العمال الذين
يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة وعلى الأخص عمال المقاولات وعمال التراحيل
الموسميين وعمال الشحن والتفريغ إلا فيما يرد به نص آخر، وقصر القانون في المادة
19 منه حق هؤلاء العمال في التأمينات على إصابات العمل وحده ولم يسلكهم في عداد من
يفيدون من تأمين الشيخوخة وتأمين العجز والوفاة الذين خصهم بالذكر في المادتين 55
و65". لما كان ذلك، وكانت الأعمال العرضية المؤقتة في تطبيق الاستثناء الوارد
في الفقرة الثانية من المادة الثانية المذكورة هى الأعمال التي ليست لها صفة
الدوام بالنسبة لرب العمل ولا تدخل بطبيعتها في العمل الذي يزاوله. ولما كان دفاع
الطاعن يقوم على أن العمل الذي يمارسه العمال لديه هو عمل موقوت بفترة زمنية محددة
هو إعداد الفطيرة فقط لمديرية التربية والتعليم في فترة الدراسة من 22 يناير إلى
12 يونيه سنة 1963 ومن 12 أكتوبر إلى 27 نوفمبر في ذات السنة مما يدخله في عداد
الأعمال المؤقتة التي تخرج عن نطاق تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية. واستند
الطاعن في تأييد دفاعه إلى عقود العمل المبرمة بينه وبين هؤلاء العمال وإلى شهادة
صادرة من مديرية التربية والتعليم. ولما كان الحكم المطعون قد تجاوز هذا الدفاع
ولم يستبن مدلول عقود العمل والشهادة المقدمة من الطاعن واكتفى بمجرد القول أن عمل
العمال الذين يستخدمهم هو إعداد الخبز وأن عقود توريد الفطيرة إلى مديرية التربية
والتعليم تؤكد طبيعة هذا العمل وهو ما لا يصلح ردا على ما أثاره الطاعن من دفاع لو
صح لتغير وجه الرأي في الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا
ويتعين لذلك نقضه والإحالة.