الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 يونيو 2020

الطعن 1208 لسنة 36 ق جلسة 31/ 10/ 1966 مكتب فني 17 ج 3 ق 192 ص 1023


جلسة 31 من أكتوبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.
----------------
(192)
الطعن رقم 1208 لسنة 36 القضائية

تأمينات اجتماعية. عمل. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم سريان قانون التأمينات الاجتماعية على العمال الذين يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة إلا بالنسبة لتأمين إصابات العمل فحسب. المقصود بالأعمال العرضية المؤقتة؟ هي الأعمال التي ليست لها صفة الدوام بالنسبة لرب العمل ولا تدخل بطبيعتها في العمل الذي يزاوله. مثال.

----------------
نصت المادة الثانية من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقرار بقانون رقم 92 لسنة 1959 على أنه: "تسري أحكام هذا القانون على جميع العمال وكذلك المتدرجين منهم ولا يسري على(1)......... (2) العمال الذين يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة وعلى الأخص عمال المقاولات وعمال التراحيل والعمال الموسميين وعمال الشحن والتفريغ إلا فيما يرد به نص خاص". وقصر القانون في المادة 19 منه حق هؤلاء العمال في التأمينات على تأمين إصابات العمل وحده ولم يسلكهم في عداد من يفيدون من تأمين الشيخوخة وتأمين العجز والوفاة الذين خصهم بالذكر في المادتين 55 و65. والأعمال العرضية المؤقتة في تطبيق الاستثناء الوارد في الفقرة الثانية من المادة المذكورة هي الأعمال التي ليست لها بالنسبة لرب العمل صفة الدوام ولا تدخل بطبيعتها في العمل الذي يزاوله. ولما كان دفاع الطاعن يقوم على أن العمل الذي يمارسه العمال لديه هو عمل موقوت بفترة زمنية محدودة هو إعداد الفطيرة فقط لمديرية التربية والتعليم في فترة الدراسة مما يدخله في عداد الأعمال المؤقتة التي تخرج عن نطاق تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية، واستند الطاعن في تأييد دفاعه إلى عقود العمل المبرمة بينه وبين هؤلاء العمال وإلى شهادة صادرة من مديرية التربية والتعليم. وكان الحكم المطعون فيه قد تجاوز هذا الدفاع ولم يستبن مدلول عقود العمل والشهادة المقدمة من الطاعن، واكتفى بمجرد القول أن عمل العمال الذين يستخدمهم هو إعداد الخبز وأن عقود توريد الفطيرة إلى مديرية التعليم تؤكد طبيعة هذا العمل وهو ما لا يصلح ردا على ما أثاره الطاعن من دفاع لو صح لتغير وجه الرأي في الدعوى. فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا ويتعين لذلك نقضه والإحالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 18 أكتوبر سنة 1963 بدائرة ميناء بور سعيد: لم يقم بالاشتراك لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن العمال الموضحة أسماؤهم بالمحضر. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و18 و108 و111 من القانون رقم 92 لسنة 1959. ومحكمة ميناء بور سعيد قضت حضوريا في 31 ديسمبر سنة 1964 عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة قرش على أن تتعدد العقوبة بقدر عدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة بور سعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 8 مارس سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عدم قيامه بالاشتراك لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن عماله قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على فساد في الاستدلال ذلك بأن العمل الذي يقوم به هؤلاء العمال لديه موسمي وإذ يقتصر على عمل الفطيرة التي يقوم بتوريدها لمديرية التربية والتعليم بمحافظة بور سعيد في الفترة من 22/ 1/ 1963 إلى 12/ 6/ 1963 ومن 12/ 10/ 1963 إلى 27/ 11/ 1963 حسبما تدل عليه عقود العمل الخاصة بهم والشهادة الصادرة من مديرية التربية والتعليم من أن الطاعن يقوم بتوريد الفطيرة في الفترات المذكورة إلا أن المحكمة لم تأخذ بهذا الدفاع بقالة أن عمل الطاعن وهو إعداد الخبز وهو عمل دائم. ولم يقدم الطاعن ما يفيد أن هذا العمل يتوقف في غير الفترات المتعاقد عليها مع مديرية التربية والتعليم، في حين أن اعتبار الخبازة عملية دائمة إنما يصدق فقط في حق صاحب المخبز - دون الطاعن الذي يقتصر دوره على مجرد إعداد الفطيرة فيه، وقد قدم الطاعن شهادة من مديرية التربية والتعليم تؤيد قصر توريد الفطيرة على الفترات المشار إليها.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى ضد الطاعن لأنه في يوم 18/ 10/ 1963 لم يقم بالاشتراك لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن العمال الموضحة أسماؤهم بالمحضر. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و18 و108 و111 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقرار بقانون رقم 92 لسنة 1959. ومحكمة أول درجة قضت بتغريم الطاعن مائة قرش تتعدد بقدر عدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة، فاستأنف ومحكمة ثاني درجة قضت بالتأييد. لما كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض لدفاع المتهم المؤسس على أن عماله مؤقتون واطرحه ودلل على توافر الجريمة في حقه بقوله. "وحيث إنه يبين من العرض السابق للوقائع أن التهمة المسندة للمتهم متوافرة الأركان وثابته قبله. (أولا) مما ثبت بالمحضر آنف الذكر (ثانيا) مما قرره المتهم بمحضر الجلسة من أن العمال يعملون لديه وإن كان قد قرر أنهم مؤقتون ولا يؤثر في ذلك دفاع المتهم من أن عماله مؤقتون لأن العمل الذي يمارسه العمال سالف الإشارة إليهم هو إعداد الخبز وهذا العمل في ذاته عمل دائم إذ لا يمكن أن يتوقف هذا العمل فترة من الفترات ولا ينال من ذلك ما قرره المتهم وقدمه من مستندات تفيد أنه يقوم بتوريد فطائر لمدارس المرحلة الأولى بمديرية التربية والتعليم إذ أن ذلك في حقيقته يؤكد طبيعة العمل الذي يمارسه هؤلاء العمال وهو إعداد الخبز ولم يقدم المتهم ما يفيد أن هذا العمل يتوقف طوال العام إلا في الفترات المتعاقد عليها فقط مع مديرية التربية والتعليم ولو فعل لكان مقبولا منه دفاعه في هذا الصدد، ولا يصح أن يحتج المتهم بأن عقد عمل هؤلاء العمال قد نص فيه على أنه يستخدم نفرا لإعداد الخبز لمديرية التربية والتعليم في فترات الدراسة لأن الاتفاق ليس من شأنه أن يغير من طبيعة العمل الذي يمارسه هؤلاء العمال إذ يجب عند تحديد طبيعة العمل النظر إلى هذا العمل في ذاته فهو وحده الذي تناط به تحديد ماهية العمل". لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقرار بقانون رقم 92 لسنة 1959 قد نصت: "تسري أحكام هذا القانون على جميع العمال وكذلك المتدرجين منهم ولا يسري على (1)...... (2) العمال الذين يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة وعلى الأخص عمال المقاولات وعمال التراحيل الموسميين وعمال الشحن والتفريغ إلا فيما يرد به نص آخر، وقصر القانون في المادة 19 منه حق هؤلاء العمال في التأمينات على إصابات العمل وحده ولم يسلكهم في عداد من يفيدون من تأمين الشيخوخة وتأمين العجز والوفاة الذين خصهم بالذكر في المادتين 55 و65". لما كان ذلك، وكانت الأعمال العرضية المؤقتة في تطبيق الاستثناء الوارد في الفقرة الثانية من المادة الثانية المذكورة هى الأعمال التي ليست لها صفة الدوام بالنسبة لرب العمل ولا تدخل بطبيعتها في العمل الذي يزاوله. ولما كان دفاع الطاعن يقوم على أن العمل الذي يمارسه العمال لديه هو عمل موقوت بفترة زمنية محددة هو إعداد الفطيرة فقط لمديرية التربية والتعليم في فترة الدراسة من 22 يناير إلى 12 يونيه سنة 1963 ومن 12 أكتوبر إلى 27 نوفمبر في ذات السنة مما يدخله في عداد الأعمال المؤقتة التي تخرج عن نطاق تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية. واستند الطاعن في تأييد دفاعه إلى عقود العمل المبرمة بينه وبين هؤلاء العمال وإلى شهادة صادرة من مديرية التربية والتعليم. ولما كان الحكم المطعون قد تجاوز هذا الدفاع ولم يستبن مدلول عقود العمل والشهادة المقدمة من الطاعن واكتفى بمجرد القول أن عمل العمال الذين يستخدمهم هو إعداد الخبز وأن عقود توريد الفطيرة إلى مديرية التربية والتعليم تؤكد طبيعة هذا العمل وهو ما لا يصلح ردا على ما أثاره الطاعن من دفاع لو صح لتغير وجه الرأي في الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا ويتعين لذلك نقضه والإحالة.

الطعن 126 لسنة 36 ق جلسة 28 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 73 ص 371

جلسة 28 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح، ومحمد أبو الفضل حفني.
---------------
(73)
الطعن رقم 126 لسنة 36 القضائية
(أ) عقوبة. مصادرة.
العقوبة التكميلية المنصوص عليها في المادة 8 من القانون 605 لسنة 1954. وجوبية , التنصيص عليها في الحكم رهن بقيام موجبها فعلاً وقت صدوره.
(ب) معارضة. "المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري". نقض. "الطعن بالنقض". "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
متى تجوز المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري؟ إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم. ميعاد المعارضة: بدؤه من تاريخ إعلان الحكم.
عدم جواز الطعن بالنقض في الحكم الحضوري الاعتباري طالما أن المحكوم عليه لم يعلن به أو يعارض فيه.
--------------
1 - العقوبة التكميلية وإن ورد النص بها وجوباً في المادة الثامنة من القانون رقم 605 لسنة 1954 إلا أن التنصيص عليها في الحكم رهن بقيام موجبها فعلاً وقت صدوره وإلا كان توقيعها عبثا لورود القضاء بها على غير محل. ولما كان الحكم المطعون فيه قد سوغ سكوته عن القضاء بالإزالة بأن البناء موضوع الجريمة الخاصة بعدم تنفيذ قرار الهدم قد أزيل فعلاً عقب انهياره وهو ما لا تنازع فيه الطاعنة، فإن النعي على الحكم بإغفاله القضاء بالإزالة يكون غير سديد.
2 - أجازت المادة 241 من قانون الإجراءات الجنائية المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري إذا ما أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم، وميعاد المعارضة لا يبدأ إلا من تاريخ إعلانه. ولما كانت المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية، وكانت المادة 32 منه تقضي بعدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً، فإن طعن النيابة على الحكم الحضوري الاعتباري بالنسبة إلى المتهم الثاني يكون غير جائز طالما أن الثابت أنه لم يعلن به - إلا بعد تاريخ تقرير النيابة بالطعن - ولم يعارض فيه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 10 يناير سنة 1964 بدائرة مركز أبو تيج: (أولاً) تسبباً خطأ في قتل نوال فتحي عطيفي وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما بأن لم ينفذا قرار الهدم الصادر لهما بشأن الجدار الفاصل بين منزلهما حتى انهار هذا الجدار وتسبب في سقوط آخرين على المجني عليها وأحدث إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها (ثانياً) تسبباً خطأ في إصابة كل من بدر فتحي عطيفي وعبد الكريم فتحي عطيفي وعبد العظيم فتحي عطيفى وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما سالفي الذكر (ثالثاً) لم يهدما البناء الآيل للسقوط المبين بالمحضر في خلال المدة المحددة رغم إعلانهما بقرار اللجنة بذلك. وطلبت عقابهما بالمواد 238/ 1 و244/ 1 و1 و8 من القانون رقم 605 لسنة 1954 ومحكمة أبو تيج الجزئية قضت غيابياً في 15 مارس سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين 10 ج بلا مصاريف جنائية. عارض المحكوم عليهما، وقضى في معارضتهما بتاريخ 10 مايو سنة 1964 بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت النيابة هذا الحكم ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في 19 يناير سنة 1965 حضورياً للأول وحضورياً اعتبارياً للثاني بقبول استئناف النيابة شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وحبس كل من المتهمين شهراً واحداً مع الشغل وأمرت بوقف التنفيذ بالنسبة للمتهم الأول لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم بلا مصاريف جنائية فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في 19 من يناير سنة 1965 حضورياً بالنسبة إلى المطعون ضده الأول، وحضورياً اعتبارياً بالنسبة إلى المطعون ضده الثاني بحبس كل منهما شهراً مع الشغل ووقف تنفيذ العقوبة لأولهما. فقرر السيد رئيس النيابة الطعن على هذا الحكم بالنسبة إلى المتهمين كليهما وقدم أسبابه في 24/ 2/ 1965 ويبين من مذكرة التنفيذ المرفقة بملف الطعن أن المطعون عليه الثاني لم يعلن بالحكم إلا في 4/ 3/ 1965 ولم يعارض فيه حتى تاريخ تحرير هذه المذكرة أي أن الطعن سبق صيرورة الحكم نهائياً في حق المتهم الثاني إذ أن المادة 241 من قانون الإجراءات أجازت المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري إذا ما أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور، ولم يستطع تقديمه قبل الحكم. وميعاد المعارضة لا يبدأ إلا من تاريخ إعلانه، ولما كانت المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية وكانت المادة 32 منه تقضي بعدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً، فإن طعن النيابة على الحكم بالنسبة إلى المتهم الثاني يكون غير جائز.
وحيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر في القانون بالنسبة إلى المطعون ضده الأول فيتعين الحكم بقبوله شكلاً.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون لأنه لم يلتزم الحد الأدنى لعقوبة الحبس في جريمة القتل الخطأ المنصوص عليها في المادة 238/ 1 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 وهى ستة أشهر بل نزل عنه إلى الحبس شهراً واحداً، كما أغفل القضاء بالإزالة وهى العقوبة التكميلية الوجوبية المنصوص عليها في المادة 8 من القانون رقم 605 لسنة 1954 لجريمة عدم تنفيذ قرار الهدم.
وحيث إن المادة 238 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 الصادر في 25 من مارس سنة 1962 قد أوجبت معاقبة من تسبب خطأ في موت شخص بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمعاقبة المطعون ضده الأول بالحبس شهراً واحداً يكون قد نزل بالعقوبة السالبة للحرية في النص المنطبق عن الحد المقرر فيه ويتعين لذلك نقضه وتصحيحه بردها إلى الحد المذكور مع وقف تنفيذها اعتباراً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد سوغ سكوته عن القضاء بالإزالة بأن البناء موضوع الجريمة الثالثة الخاصة بعدم تنفيذ قرار الهدم قد أزيل فعلاً عقب انهياره وهو ما لا تنازع فيه الطاعنة. لما كان ذلك، وكانت العقوبة التكميلية وإن ورد النص بها وجوباً في المادة الثامنة من القانون رقم 605 لسنة 1954 إلا أن التنصيص عليها في الحكم رهن بقيام موجبها فعلاً وقت صدوره، وإلا كان توقيعها عبثاً لورود القضاء بها على غير محل وهو ممتنع، ومن ثم فإن الطعن في هذا الشق منه يكون غير سديد ويتعين رفضه.

الطعن 125 لسنة 36 ق جلسة 28 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 72 ص 362


جلسة 28 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح، ومحمود عباس العمراوي.
---------------
(72)
الطعن رقم 125 لسنة 36 القضائية

(أ) إجراءات المحاكمة.
اطمئنان المحكمة إلى ما جاء بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن العبارات المدونة على أغلفة المخدرات المضبوطة وأوراقها قد حررت بخط الطاعن. لا يعيب الحكم عدم اطلاع المحكمة على الأغلفة أو أوراق الاستكتاب وعرضها على المتهم. طالما أنه لم يطلب هو أو المدافع عنه الاطلاع عليها.
(ب، ج) إثبات. "خبرة".
(ب) تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن. أمر موكول إلى قاضى الموضوع.
(ج) عدم التزام المحكمة بإجابة طلب الدفاع ندب خبير آخر. طالما أنه الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(د، هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(د) لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها. ما دام استخلاصها سائغاً.
)هـ) الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً. منها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي.

--------------
1 - متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن العبارات المدونة على أغلفة المخدرات وأوراقها قد حررت بخط الطاعن، وكان الطاعن والمدافع عنه لم يطلبا من المحكمة الاطلاع على الأغلفة أو أوراق الاستكتاب فإنه ليس له أن يعيب على الحكم عدم إطلاع المحكمة عليها وعرضها عليه، ولا يصح في هذا المقام الاحتجاج بما استقر عليه قضاء محكمة النقض من أن إغفال محكمة الموضوع الاطلاع على الأوراق المدعي بتزويرها يعيب إجراءات المحاكمة ويستوجب نقض الحكم ذلك لأن وجوب اتخاذ هذا الإجراء إنما لا يرد إلا على جرائم التزوير فحسب حيث تكون الأوراق المزورة من أدلة الجريمة التي ينبغي عرضها على بساط البحث والمناقشة الشفهية بالجلسة وهو ما يغاير تمام المغايرة لواقع الحال في الدعوى المطروحة ذلك لأن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير فيما انتهى إليه من نتيجة إنما هو مجرد عنصر من عناصر الاستدلال في الدعوى ولا تثريب على المحكمة إن هي كونت معتقدها منه ما دام أنها اطمأنت إليه للأسانيد والاعتبارات التي ساقها في شأنه.
2 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى قاضى الموضوع الذي له كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فله مطلق الرأي في الأخذ بما يطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، فلا يقبل مصادرة عقيدة المحكمة في هذا التقدير.
3 - لا تلتزم المحكمة بإجابة طلب الدفاع إعادة تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير إلى كبير الأطباء الشرعيين ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
4 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصل في الأوراق، وهى ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
5 - لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 27 أغسطس سنة 1961 بدائرة بندر المنيا: أحرزا بقصد الاتجار جواهر مخدرة "أفيوناً وحشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و2 و7 و34/ 1 - 2 و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرفق. فقررت الغرفة بذلك. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات المنيا دفع الحاضر مع المتهم الثاني ببطلان القبض وما تلاه من تفتيش. وقضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 2 أكتوبر سنة 1962 عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وبعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه وأمرت بمصادرة المخدرات المضبوطة وقد ردت على الدفع قائلة إنه في غير محله. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بتاريخ 6 إبريل سنة 1964 بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات المنيا لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة إلى الطاعن وإلى المحكوم عليه الآخر ثم أعيدت الدعوى ثانية إلى محكمة جنايات المنيا، التي قضت فيها حضورياً بتاريخ 18 يناير سنة 1965 عملاً بالمواد 1 و2 و7 و34/ 1 - 3 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة عشر سنين وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومعاقبة المتهم الآخر بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة جواهر مخدرة بقصد الاتجار قد انطوى على خطأ في الإسناد وشابه فساد في الاستدلال وقصور وتناقض في التسبيب ذلك بأنه أسند إلى الطاعن في بيانه لواقعة الدعوى أنه في يوم الحادث سلم المتهم الثاني كمية من المخدرات كانت في حوزته لاتفاقه معه على نقلها له إلى بلدته إسنا في حين أن ما قاله الحكم من ذلك لا أصل له في الأوراق، هذا فضلاً عن خلو الأوراق مما يفيد سلامة هذا الاستخلاص بل إن مدونات الحكم ذاته تتعارض مع هذا الذي ذهب إليه الحكم إذ قال في معرض التدليل على إدانة المتهم الثاني، إنه اعترف بملكيته للحقيبتين اللتين وجدت المخدرات في أحديهما وردد ذلك القول في التحقيقات، هذا وأن الحكم إذ قال بأن المتهم الثاني قد وضع حقيبته على مقعد بالدرجة الثالثة بقطار السكة الحديد الذي استقله ثم وضع حزامه وغطاء رأسه عليها وطلب من ساعي البريد الذي كان يجلس بجواره أن يتولى حراسة هذه الأشياء ريثما يعود من دورة المياه فإن الحكم لم يتحدث في هذا الذي قاله بأي شيء عن الطاعن ولم يأت له بذكر فيه يصح معه مؤاخذته عليه مما يفيد بأن المحكمة لم تتفهم الواقعة خاصة وأنها لم تدل برأيها في التصوير الذي ذهب إليه المتهم الثاني في أقواله في جميع مراحل التحقيق وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن وهو من تجار المخدرات عهد إلى المتهم الثاني ويعمل وكيل عريف بسلاح الحدود بنقل كمية من المخدرات إلى بلدته إسنا معتمداً في سلامة وصولها إليها على زيه الرسمي وفي يوم الحادث سلمه كمية كبيرة من المخدرات أودعها أكياساً من القماش الأبيض مغلفة بلفافات من الورق الأصفر وضع عليها أشرطة من ورق اللصق وكتب على الأكياس وتلك اللفافات وما وضع عليها من ورق اللصق بخط يده عبارات "بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وصلى على النبي يا رب استر من يقصد كرمك يا رب سهل يا حافظ يا رزاق" وعبارات أخرى، كما كتب اسمه وعنوانه باسنا في نوتة يحملها المتهم الثاني وبعد أن تسلم هذا الأخير كمية المخدرات من الطاعن استقل القطار حاملاً حقيبتين إحداهما من اللون الأزرق والأخرى من اللون البني وضعهما بجواره على مقعد بالدرجة الثالثة وقبيل دخول القطار محطة المنيا تركهما بعد أن وضع عليهما حزامه "القايش" وغطاء رأسه وطلب من ساعي البريد الذي كان جالساً بجواره على المقعد أن يقوم بحراسة هذه الأشياء لحين عودته وبعد قليل أقبل ثلاثة من رجال الشرطة السريين من قوة مباحث قضائي المنيا فاستلفت نظرهم وضع الحزام وغطاء الرأس على الحقيبتين إذ ظنوا أنها متروكة من أحد الركاب ولكنهم علموا من ساعي البريد أنها لأحد العساكر وهو المتهم الثاني الذي ذهب إلى دورة المياه فترقبوا عودته وما أن أقبل هذا الأخير عليهم حتى أقر بملكيته للحقيبتين ولما طلب منه الشرطي أحمد محمود يوسف أن يذكر محتويات الحقيبتين اعترته حالة ارتباك وأنكر ملكيته لهما مستعطفاً إياه أن يتركوه وشأنه وأن يأخذوا الحقيبتين فاشتبهوا في أمره وأنزلوه من القطار في محطة المنيا واصطحبوه إلى الضابط القضائي الذي حرر محضراً وأثبت فيه هذه الوقائع وأقر فيها بملكيته للحقيبة ذات اللون البني دون الحقيبة الزرقاء وبمقتضى هذا المحضر استصدر إذناً من النيابة العامة بتفتيش المتهم الثاني والحقيبتين المضبوطتين وعندما فتش الضابط الحقيبتين وجد بالحقيبة الزرقاء كمية كبيرة من المخدرات مكتوباً على لفافاتها التي تحتويها العبارات سالفة البيان. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن والمتهم الثاني أدلة مستمدة من أقوال رجال الشرطة السريين وساعي البريد والضابط القضائي ومن أقوال المتهم الثاني في التحقيقات وبالجلسة ومما قرره الطاعن من أنه دون اسمه وعنوانه بخطه في نوتة كان يحملها المتهم الثاني ومن تقرير معامل التحليل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهى أدلة سائغة ولها أصل ثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى على نحو ما سلف بيانه بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة المخدرات بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وكان الحكم قد استند إليه من أدلة الثبوت إلى ما قرره المتهم الثاني في تحقيقات النيابة من أن الحقيبة الزرقاء التي وجدت بها المخدرات مملوكة للطاعن الذي كان قد دون اسمه وعنوانه بخط يده في مفكرة كان يحملها، كما استند الحكم أيضاً في الإدانة إلى إقرار الطاعن ذاته بتحريره تلك البيانات في مفكرة المتهم الثاني بخط يده وإلى ما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن العبارات المدونة على أغلفة المخدرات محررة بخط الطاعن. ولما كان ما أورده الحكم فيما تقدم مفاده أن المحكمة قد فهمت الدعوى على حقيقتها ومحصت الأدلة القائمة فيها وتفطنت إلى أن المتهم الثاني كان قد اعترف لرجال الشرطة في أول الأمر بملكيته للحقيبتين البنية اللون والزرقاء وأسند إلى الطاعن في تحقيق النيابة ملكية الحقيبة الزرقاء التي وجدت بها المخدرات المضبوطة فقد كانت على بينة من الخلاف الذي اعتور أقواله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود سائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصل في الأوراق وهى ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تلك الأدلة وعولت عليها وخلصت من مجموعها إلى الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى حسبما ارتسمت في وجدانها ووقرت في عقيدتها من أن الطاعن كان قد سلم المتهم الثاني تلك المخدرات لينقلها إلى بلدته وكان ما استند إليه الحكم من أدلة على ما سلف إيراده من شأنها أن تؤدى في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها. ولما كان من المقرر أيضاً أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ما تقدم فإن ما ينعاه الطاعن في هذين الوجهين من الطعن لا يكون سديداً.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد ذلك بأن الحكم المطعون فيه استند ضمن ما استند إليه من الأدلة إلى أن الطاعن كتب اسمه وعنوانه بخط يده في مفكرة المتهم الثاني وأقر بذلك في التحقيقات في حين أن ما كتبه من بيانات في تلك المفكرة إنما كان يقصد التعريف باسمه ومهنته بعد أن قابل المتهم الثاني في القطار صدفه - وتشاجر معه ثم تعاتباً وتصافيا واقتضى المقام تسطير هذه البيانات في المفكرة للتعارف بدلالة أنه لم يكتب بها عنوانه مما يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد الذي يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان يبين من تحقيق النيابة المرافق للمفردات المضمومة أن وكيل النيابة المحقق فتش المتهم الثاني عند مثوله أمامه فوجد معه نوتة قرر له أن الطاعن قد كتب له عنوانه فيها وأرشده عن بيانه بها وتتضمن عبارة "عباس كامل حته تاجر منى فاتورة بإسنا" فإن ما أورده الحكم في هذا الصدد من أن الطاعن قد كتب بخطه اسمه وعنوانه في نوتة المتهم الثاني يكون له أصل صحيح وثابت في الأوراق ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الوجه من الخطأ في الإسناد وقالة الفساد في الاستدلال لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ذلك بأن المدافع عن الطاعن طعن على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي عول عليه الحكم بأن من أجراه لم تكن له الخبرة الكافية وأن الخطوط تتشابه بحيث لا يمكن القطع بأنها قد كتبت بيد واحدة وكان يجب أن يكون الاستكتاب قد حرر على هياكل مماثلة لهياكل المضبوطات التي تجرى عليها المضاهاة واستدل الحكم على ذلك بتقرير خبير استشاري قدمه وطلب ندب كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته في هذا الشأن إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب وأطرحته بأسباب قاصرة وغير سائغة بأن لم تورد تلك المطاعن التي أثارها الطاعن في دفاعه وترد عليها بما يبرر إطراحها رغم جوهرية هذا الدفاع الذي لو فطنت إليه المحكمة لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن مؤدى ما أثاره الدفاع في شأن تقرير الخبير الشرعي المقدم أنه كيماوي ولا خبرة له في الخطوط وأن الاستكتاب الذي أجريت عليه المضاهاة لم يكن محرراً على هياكل مماثلة للمضبوطات وأن الخطوط متشابهة بحيث لا يمكن القطع بأنها حررت بيد شخص واحد وطلب إعادة التقرير لكبير الأطباء الشرعيين للبت في هذه الأمور ويبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لهذا الدفاع ورد عليه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة لما أثاره الدفاع عن المتهم الأول عباس كامل عبد الصبور (الطاعن) من مطاعن على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير استناداً إلى ما تضمنه تقرير خبير الخطوط الاستشاري الذي قدمه فإن المحكمة لا تعول على ما ذهب إليه الدفاع وما أورده الخبير الاستشاري في تقريره وذلك لاستيفاء تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير على أسس موفورة السلامة وقواعد أصولية فنية تأخذ بها المحكمة وترتاح إليها على وجه يقيني جازم لا يتسرب إليه أي شك بما لا يدع هناك أي مجال للنيل منها أو الطعن عليها" وما قاله الحكم من ذلك سديد وسائغ في الرد على ما أثاره الدفاع ذلك بأنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى قاضي الموضوع الذي له كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فله مطلق الرأي في الأخذ بما يطمئن إليه منها والالتفات عما عداه فلا يقبل مصادرة عقيدة المحكمة في هذا التقدير. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير للأسانيد التي ساقتها في هذا الشأن ولما تبينته هي بنفسها من وقائع الدعوى بما يتفق مع الرأي الذي انتهى إليه هذا التقرير وأطرحت ما ذهب إليه تقرير الخبير الاستشاري مغايراً لهذا النظر فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض فهي غير ملزمة بعدئذ بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من إعادة التقرير إلى كبير الأطباء الشرعيين ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس من الطعن هو بطلان في الإجراءات وذلك بأن المحكمة قضت في الدعوى دون أن تطلع على الأوراق التي جرت عليها المضاهاة حتى يمكنها أن تهيمن على الأسباب التي استند إليها تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي أخذت به.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه من الطعن مردود بأنه ما دام أن المحكمة قد اطمأنت إلى ما جاء بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن العبارات المدونة على أغلفة المخدرات وأوراقها قد حررت بخط الطاعن. ولما كان الطاعن والمدافع عنه لم يطلبا من المحكمة الاطلاع على الأغلفة أو أوراق الاستكتاب فإنه ليس له أن يعيب على الحكم عدم اطلاع المحكمة عليها وعرضها عليه ولا يصح في هذا المقام الاحتجاج بما استقر عليه قضاء محكمة النقض من أن إغفال محكمة الموضوع الاطلاع على الأوراق المدعي بتزويرها يعيب إجراءات المحاكمة ويستوجب نقض الحكم ذلك لأن وجوب اتخاذ هذا الإجراء إنما لا يرد إلا على جرائم التزوير فحسب حيث تكون الأوراق المزورة من أدلة الجريمة التي ينبغي عرضها على بساط البحث والمناقشة الشفهية بالجلسة وهو ما يغاير تمام المغايرة لواقع الحال في الدعوى المطروحة ذلك لأن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير فيما انتهى إليه من نتيجة إنما هو مجرد عنصر من عناصر الاستدلال في الدعوى ولا تثريب على المحكمة إن هي كونت معتقدها منه ما دام أنها اطمأنت إليه للأسانيد والاعتبارات التي ساقتها في شأنه. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون غير سديد وفي غير محله.
وحيث إنه مما تقدم جميعه يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1002 لسنة 36 ق جلسة 5/ 12/ 1966 مكتب فني 17 ج 3 ق 223 ص 1182


جلسة 5 من ديسمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، وجمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، ومحمود العمراوي.
---------------
(223)
الطعن رقم 1002 لسنة 36 القضائية

إجراءات. "الأعمال الإجرائية". تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". تلبس. اختصاص. بطلان.
الأعمال الإجرائية تجرى على حكم الظاهر. هي لا تبطل من بعد نزولا على ما قد ينكشف من أمر الواقع.

----------------
الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر، وهى لا تبطل من بعد نزولا على ما قد ينكشف من أمر الواقع. وقد أعمل الشارع هذا الأصل، وأدار عليه نصوصه، ورتب أحكامه، ومن شواهده أنه اعتبر التلبس بالجريمة وفقا لنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية وصفا يلحق المظاهر الخارجية التي تنبئ عن ارتكاب المتهم جريمته بصرف النظر عما يسفر عنه التحقيق من قيام هذه الحالة أو عدم قيامها، وكذلك الحال إذا ما بني الإجراء على اختصاص انعقدت له بحسب الظاهر - حال اتخاذه - مقومات صحته، فلا يدركه البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص، وإن تراخى كشفه، من ذلك ما نصت عليه المواد 163 و362 و382 من قانون الإجراءات الجنائية. مما حاصله أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على حكمه، تيسيرا لتنفيذ أحكام القانون وتحقيقا للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أبطل إذن تفتيش المتهم لعلة صدوره من نيابة الأحداث حين لم يكن حدثا، دون أن يلفت إلى أن هذا الإذن قد صدر أخذا بما ورد في محضر التحري من أن المتهم حدث، الأمر الذي أيده هو نفسه ولم تنكشف حقيقته إلا بإجراء لاحق على صدور الإذن حين عرض على الطبيب الشرعي، فإن الإذن يكون صحيحا، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 13/ 6/ 1963 بدائرة قسم كرموز: أحرز جوهرا مخدرا - حشيشا - في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7/1 و34/1- أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق، فقرر بذلك. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الإسكندرية دفع الحاضر مع المتهم ببطلان إذن التفتيش لصدوره من وكيل نيابة الأحداث بالرغم من أن المتهم لم يكن حدثا وقت إصداره، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 12 مايو سنة 1965 عملا بالمواد 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية و30 من قانون العقوبات ببراءة المتهم مما اسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده تأسيسا على الإذن بتفتيشه الصادر من وكيل نيابة الأحداث قد وقع باطلا لأن المتهم لم يكن حدثا وقت إصداره، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن العبرة في صحة الإذن بالتفتيش هي بالإجراءات السابقة عليه، والتي أنبأت بأن المتهم حدث وهو ما أيده المتهم نفسه في مستهل التحقيق، وليس من شأن الإجراءات اللاحقة التي كشفت عن أنه جاوز سن الحداثة أن يبطل الإذن السابق عليها مما يؤدي إلى إفلات الجاني من العقاب، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في أن ضابط مكتب حماية الأحداث استصدر من نيابة الأحداث في 13 يونيه سنة 1963 إذنا بتفتيش المتهم - المطعون ضده - باعتباره حدثا، وإذ قبض عليه عثر في يده على ثلاث قطع من جوهر الحشيش، وبجيب بنطلونه على مطواة، ثم عرض الحكم إلى ما دفع به المتهم من بطلان الإذن الصادر من وكيل نيابة الأحداث بتفتيشه تأسيسا على أنه لم يكن مختصا بإصداره لأنه لم يكن حدثا وقت صدوره إذ زاد عمره عن خمسة عشر عاما، وأخذ بالدفع وسوغ قضاءه بقوله: "وحيث إنه من المستقر عليه فقها وقضاء أن ولاية وكيل النيابة تتخصص بدائرة النيابة التي ندب لها ولا يكون له أن يباشر أعمال وظيفته في دائرة نيابة أخرى وأن أي إجراء له خارج حدود ولايته يعتبر باطلا ولا يتفق وروح القانون، ومن ثم يكون الإذن الصادر من وكيل نيابة الأحداث بشأن ذلك المتهم باطلا ولا يعول على الدليل المستمد منه. وحيث إن الثابت من الأوراق أن الإذن الصادر بضبط وتفتيش المتهم وسنه يزيد عن الخمس عشرة سنة قد صدر من وكيل نيابة الأحداث وأن هذا الإجراء منه خارج عن ولايته ومن ثم يكون الإذن الصادر منه بضبط وتفتيش المتهم باطل ولا يعتد به وبالتالي يكون ما انبنى عليه من إجراء الضبط والتفتيش باطلين وترتيبا على ذلك يبطل الدليل المستمد من ذلك الإجراء الباطل. وحيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى بطلان الإذن وبطلان ما تلاه من إجراءات والدليل المستمد منه ومن ثم فالتهمة المسندة للمتهم من إحرازه للمخدر المضبوط تأسيسا على تلك الإجراءات الباطلة وعلى الدليل الباطل المستمد منها قد خلت من دليل في الأوراق يؤيدها ومن ثم تكون التهمة المسندة إلى المتهم محل شك ويتعين لذلك الحكم ببراءته". وهذا الرأي الذي اعتنقه الحكم المطعون فيه لا يتفق وصحيح القانون، ذلك بأن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر، وهى لا تبطل من بعد نزولا على ما قد ينكشف من أمر الواقع وقد أعمل الشارع هذا الأصل، وأدار عليه نصوصه، ورتب أحكامه، ومن شواهده أنه اعتبر التلبس بالجريمة وفقا لنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية وصفا يلحق المظاهر الخارجية التي تنبئ عن ارتكاب المتهم لجريمته بصرف النظر عما يسفر عنه التحقيق من قيام هذه الحالة أو عدم قيامها، وكذلك الحال إذا ما بنى الإجراء على اختصاص انعقدت له بحسب الظاهر - حال اتخاذه - مقومات صحته، فلا يدركه البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص وإن تراخى كشفه، من ذلك ما نصت عليه المادة 163 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه "لجميع الخصوم أن يستأنفوا الأوامر المتعلقة بمسائل الاختصاص، ولا يوقف الاستئناف سير التحقيق، ولا يترتب على القضاء بعدم الاختصاص بطلان إجراءات التحقيق" وكذلك ما نصت عليه المادة 382 من أنه "إذا رأت محكمة الجنايات أو الواقعة كما هى مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق تحكم فيها" وهكذا ألزم القانون محكمة الجنايات الاختصاص بالحكم في الجنحة التي لبست - بحسب ظاهرها - ثوب الجناية، ولم يجز لها من بعد الحكم بعدم الاختصاص بناء على ما تتبينه من حقيقتها بعد التحقيق. وكذا ما نصت عليه المادة 362 الواردة في "محاكمة الأحداث" من أنه إذا حكم على متهم على اعتبار أن سنه أكثر من خمس عشرة سنة ثم تبين بأوراق رسمية أنها دون ذلك يرفع النائب العام الأمر للمحكمة التي أصدرت الحكم لإعادة النظر فيه... وإذا حكم على المتهم بعقوبة من العقوبات الخاصة بالمتهمين الأحداث ثم تبين بأوراق رسمية أن سنه تزيد عن خمسة عشرة سنة، جاز للنائب العام أن يطلب من المحكمة التي أصدرت الحكم أن تعيد النظر في حكمها وتحكم وفقا للقانون، وإذ لم يتناول النص الإجراءات السابقة على الحكم وإعادة النظر بالبطلان فإن مفاد ذلك صحة الإجراءات أخذا بظاهر سن المتهم، مما حاصله أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على حكمه، تيسيرا لتنفيذ أحكام القانون وتحقيقا للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل إذن تفتيش المتهم لعلة صدوره من نيابة الأحداث حين لم يكن حدثا، دون أن يلتفت إلى أن هذا الإذن قد صدر أخذا بما ورد في محضر التحري من أن المتهم حدث الأمر الذي أيده هو نفسه ولم تنكشف حقيقته إلا بإجراء لاحق على صدور الإذن حين عرض على الطبيب الشرعي، فإن الإذن يكون صحيحا ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه. ولما كان هذا الخطأ في حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 1306 لسنة 36 ق جلسة 29/ 11/ 1966 مكتب فني 17 ج 3 ق 222 ص 1178


جلسة 29 من نوفمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمود عزيز الدين سالم، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.
---------------
(222)
الطعن رقم 1306 لسنة 36 القضائية

تموين. خبز. مسئولية جنائية.
معاقبة الشارع على بيع الخبز ناقص الوزن أو بسعر يزيد عن السعر المقرر من أي شخص يقع منه البيع سواء كان صاحب مخبز أو مديرا له أو عاملا فيه أو كان غير واحد من هؤلاء مادام قد وقع منه الفعل المؤثم الموجب للعقاب.

---------------
مفاد نصوص المواد 24 و28 و29 من قرار وزير التموين الرقيم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 40 لسنة 1959 - مجتمعة أن الشارع يعاقب على بيع الخبز ناقص الوزن أو بسعر يزيد على السعر المقرر من أي شخص يقع منه البيع سواء كان صاحب خبز أو مديرا له أو عاملا فيه أو كان غير واحد من هؤلاء مادام قد وقع منه الفعل المؤثم الموجب العقاب. ومسئولية البائع هي مسئولية فعلية تستند في تقريرها إلى القواعد العامة الواردة في قانون العقوبات، وإلى النصوص الخاصة في القرار بما صرح به في المادتين 28, 29 منه من عدم إخلاء البائع - أيا كان - من المسئولية بما ألزمه به من تسليم الخبز بالوزن إذا طلب المشتري ذلك وبوضع ميزان حينما يباع الخبز مما لا يتصور معه غير تقرير مسئولية البائع الفعلية عن كل مخالفة للقانون وبذلك يكون القانون قد نحا نحو التسوية بين المسئولية الافتراضية لأصحاب المخابز والمسئولين عن إدارتها، وبين المسئولية الفعلية لكل من يقارف الفعل المنهى عنه حتى لا يخلى الأخير من تبعة فعله اعتمادا على مساءلة من لا يقع الفعل منه على اعتبار أنه أراده افتراضا مما قد يفتح بابا من الذرائع يتعذر معه تنفيذ القانون حسبما أراده الشارع وما توخاه من تيسير الحصول على الرغيف تام الوزن، محدد السعر. ومن ثم فإن القول بقصر خطاب الشارع على أصحاب المخابز والمسئولين عن إدارتها دون سواهم يكون على غير سند من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن بصفته متعهدا عن بيعه الخبز ناقص الوزن قد أصاب صحيح القانون.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 22 يونيه سنة 1964 بدائرة السنبلاوين: باع خبزا يقل وزن الرغيف منه عن الوزن المقرر قانونا. وطلبت عقابه بالمادة 24 من قرار وزارة التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار 40 لسنة 1959 والمادة 38/ 3 من القرار الأول والمادة 56 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945. ومحكمة جنح السنبلاوين الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 23 يناير سنة 1965 عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وتغريمه 100 ج مائة جنيه والمصادرة وشهر ملخص الحكم لمدة ستة أشهر على واجهة المحل بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 21 أكتوبر سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بموجب أحكام القرار رقم 90 لسنة 1957 الصادر من وزير التموين بشأن استخراج الدقيق وصناعة الخبز قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك بأن الشارع إنما وجه الخطاب في نصوص هذا القرار إلى أصحاب المخابز والمسئولين عن إدارتها دون من عداهم، والثابت أن الطاعن متعهد ببيع الخبز الذي يشتريه من المخبز، فلا يتجه خطاب الشارع إليه، ومن ثم فإن الحكم يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بأنه باع خبزا يقل وزن الرغيف منه عن الوزن المقرر قانونا، وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمواد 24 و38/ 3 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 40 لسنة 1959 والمادة 56 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، ومحكمة أول درجة قضت بمعاقبته بالحبس ستة أشهر مع الشغل وغرامة 100 ج والمصادرة وشهر ملخص الحكم لمدة ستة أشهر على واجهة المحل، تطبيقا لمواد الاتهام، فاستأنف ومحكمة ثاني درجة قضت بالتأييد. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في أن الطاعن بصفته متعهدا ورد في يوم 22/6/1964 لمستشفى "السنبلاوين" مائتين وستين رغيفا تبين أنها أنقص وزنا من المقرر في القانون. ولما كان القرار رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 40 لسنة 1959 يوجب بنص المادة 24 منه على أصحاب المخابز العربية والمسئولين عن إدارتها بجميع أنحاء الإقليم المصري بيع الرغيف من الخبز البلدي وفقا للوزن المقرر والسعر المقرر، وأوجبت المادة 28 من القرار ذاته على البائع أن يسلم الخبز بالوزن إذا طلب المشتري ذلك باعتبار السعر المقرر للرغيف، وأن يكمل وزن الرغيف إن وجد نقصا وذلك مع عدم الإخلال بالمحاكمة الجنائية. كما أوجبت المادة 29 منه وضع ميزان في كل مخبز وفي كل محل معد لبيع الخبز أيا كان نوع هذا المحل مخبزا أو غير مخبز. ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن الشارع يعاقب على بيع الخبز ناقض الوزن أو بسعر يزيد عن السعر المقرر من أي شخص يقع منه البيع سواء كان صاحب المخبز أو مديرا له أو عاملا فيه، أو كان غير واحد من هؤلاء ما دام قد وقع منه الفعل المؤثم الموجب للعقاب، ومسئولية البائع هى مسئولية فعلية تستند في تقريرها إلى القواعد العامة الواردة في قانون العقوبات، وإلى النصوص الخاصة في القرار بما صرح به في المادتين 28 و29 منه من عدم إخلاء البائع أيا كان من المسئولية بما ألزمه به من تسليم الخبز بالوزن إذا طلب المشتري ذلك وبوضع ميزان حينما يباع الخبز مما لا يتصور معه غير تقرير مسئولية البائع الفعلية عن كل مخالفة للقانون وبذلك يكون القانون قد نحا نحو التسوية بين المسئولية الافتراضية لأصحاب المخابز والمسئولين عن إدارتها، وبين المسئولية الفعلية لكل من يقارف الفعل المنهى عنه حتى لا يخلى الأخير من تبعة فعله اعتمادا على مساءلة من لا يقع الفعل منه على اعتبار أنه أراده افتراضا مما قد يفتح بابا من الذرائع يتعثر به تنفيذ القانون حسبما أراده الشارع وما توخاه من تيسير الحصول على الرغيف تام الوزن، محدد السعر. لما كان ذلك، فإن القول بقصر خطاب الشارع على أصحاب المخابز والمسئولين عن إدارتها دون سواهم يكون على غير سند من القانون، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن بصفته متعهدا بيعه الخبز ناقص الوزن يكون قد أصاب صحيح القانون مما يتعين معه رفض الطعن.

الطعن 90 لسنة 36 ق جلسة 21 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 64 ص 329

جلسة 21 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح، ومحمد أبو الفضل حفني.
-----------------
(64)
الطعن رقم 90 لسنة 36 القضائية
(أ، ب) محكمة الجنايات. "الإجراءات أمامها". إعلان. إجراءات المحاكمة.
(أ) إعلان المتهم لحضور جلسة المحاكمة أمام محكمة الجنايات لأقل من الأجل المحدد قانوناً. لا أثر له في صحة الإعلان. للمتهم أن يطلب أجلاً لتحضير دفاعه، وعلى المحكمة إجابته وإلا كانت إجراءات المحاكمة باطلة.
(ب) المواعيد الخاصة بتكليف المتهم بالحضور أمام مرحلة الإحالة ومحكمة الجنايات. تقريرها لمصلحة المتهم نفسه. سكوته عن التمسك بعدم مراعاتها أمام محكمة الموضوع. اعتباره متنازلاً عنها.
(ج) نقض. "الطعن بالنقض". "أسباب الطعن".
لا يصح بناء الطعن على ما كان يحتمل أن يبديه المتهم أمام محكمة الموضوع من دفاع لم يبده بالفعل.
)د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أخذ الحكم بأقوال شهود متناقضة. لا يعيبه. ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
---------------
1 - إعلان المتهم لحضور جلسة المحاكمة أمام محكمة الجنايات لأقل من الأجل المحدد في المادة 374 من قانون الإجراءات الجنائية وهى ثمانية أيام قبل الجلسة لا يؤثر في صحة الإعلان، لأن ذلك ليس من شأنه أن يبطله كإعلان مستوف للشكل القانوني، وإنما يصح للمتهم أن يطلب أجلاً لتحضير دفاعه استيفاء لحقه في الميعاد الذي حدده القانون، وعلى المحكمة إجابته إلى طلبه وإلا كانت إجراءات المحاكمة باطلة.
2 - من المقرر أن المواعيد الخاصة بتكليف المتهم بالحضور أمام مرحلة الإحالة وأمام محكمة الجنايات مقررة لمصلحة المتهم نفسه، فإذا لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم مراعاتها، فإنه يعتبر متنازلاً عنها لأنه قدر أن مصلحته لم تمس من وراء مخالفتها، فلا يجوز له من بعد أن يتمسك بوقوع هذه المخالفة.
3 - لا يصح أن يبنى الطعن على ما كان يحتمل أن يبديه المتهم أمام محكمة الموضوع من دفاع لم يبده بالفعل.
4 - لا يعيب الحكم أخذه بأقوال للشهود متناقضة، ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 29 من إبريل سنة 1962 بدائرة قسم الشرق محافظة بورسعيد: ضرب يوسف أحمد مصطفى بآلة حادة "مطواة" فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي شلل جزئي بالطرف السفلى الأيمن وفقد جزئي بالإحساسات السطحية بالطرف السفلى الأيسر وتقدر نسبتها بحوالي 20%. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بورسعيد قضت حضورياً بتاريخ 11 من يناير سنة 1965 عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن البطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع والتخاذل في التسبيب، ذلك بأن الطاعن أعلن بالحضور أمام محكمة الجنايات ليوم واحد قبل الجلسة التي حددت لمحاكمته. وقد أرسل مع الحرس فوصل بعد بدء المحاكمة وبذلك لم يتصل بمحاميه المنتدب ولم يكن في مكنته توكيل مدافع عنه، مع أن قانون الإجراءات الجنائية يوجب في المادة 374 منه أن يكون تكليف المتهم بالحضور لجلسة المحاكمة أمام محكمة الجنايات قبلها بثمانية أيام كاملة على الأقل، مما كان يتعين معه على المحكمة تصحيحاً لهذا الإجراء الباطل، وتقديساً لحق الدفاع، أن تمنح الطاعن أجلاً لتحضير دفاعه. وقد استند الحكم إلى أقوال المجني عليه وشاهد آخر مع أنها متضاربة على الرغم من وصف الحكم لها بالتطابق ولو كانت المحكمة قد أفسحت له في الأجل لطلب استدعاء الطبيب الشرعي لتحقيق كيفية إصابة المجني عليه، إلا أنها لم تمكنه من ذلك بسبب بطلان إجراءاتها على النحو المتقدم، مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن إعلان المتهم لحضور جلسة المحاكمة أمام محكمة الجنايات لأقل من الأجل المحدد في المادة 374 من قانون الإجراءات الجنائية وهى ثمانية أيام قبل الجلسة لا يؤثر في صحة الإعلان، لأن ذلك ليس من شأنه أن يبطله كإعلان مستوف للشكل القانوني، وإنما يصح للمتهم أن يطلب أجلاً لتحضير دفاعه استيفاء لحقه في الميعاد الذي حدده القانون، وعلى المحكمة إجابته إلى طلبه وإلا كانت إجراءات المحاكمة باطلة، ومن المقرر أن المواعيد الخاصة بتكليف المتهم بالحضور أمام مرحلة الإحالة وأمام محكمة الجنايات مقررة لمصلحة المتهم نفسه، فإذا كان لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم مراعاتها، فإنه يعتبر متنازلاً عنها، لأنه قدر أن مصلحته لم تمس من وراء مخالفتها، فلا يجوز له من بعد أن يتمسك بوقوع هذه المخالفة. وإذن فمتى كان الثابت من الاطلاع على محضر الجلسة أنه بالنداء على المتهم لم يحضر ثم حضر المحاكمة من بدايتها وترافع عنه محام منتدب، ولم يطلب إلى المحكمة أجلاً لتحضير دفاع أو توكيل محام. وكان المحامى المنتدب قد ترافع في الدعوى حسبما أملته عليه واجبات مهنته، ورسمته تقاليدها، فإن دعوى الإخلال بحق الطاعن في الدفاع، أو بطلان لإجراءات لا يكون لها من وجه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بياناً كافياً من طعن المتهم للمجني عليه بمطواة في ظهره أصابت عصبه وأورثته شللاً الأمر الذي يعتبر عاهة ودلل على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة. وكان لا يعيب الحكم أخذه بأقوال للشهود متناقضة ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه. وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيق شيء مما أورده في طعنه، وكان لا يصح أن يبنى الطعن على ما كان يحتمل أن يبديه المتهم أمام محكمة الموضوع من دفاع لم يبده بالفعل، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.

الطعن 1422 لسنة 36 ق جلسة 26/ 12/ 1966 مكتب فني 17 ج 3 ق 248 ص 1288


جلسة 26 من ديسمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حفني.
----------------
(248)
الطعن رقم 1422 لسنة 36 القضائية

(أ, ب, ج) إجراءات المحاكمة.
(أ) عدم إعلان المتهم بقائمة شهود الإثبات لا يترتب عليه بطلان. له الاعتراض على سماع الشاهد الذي لم يعلن به في قائمة الشهود.
(ب) عدم إعلان الخصوم بالأمر الصادر بالإحالة إلى محكمة الجنايات خلال الأجل المحدد لا ينبني عليه بطلانه.
(ج) أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور. عدم تعلقها بالنظام العام. حضور المتهم الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه. ليس له التمسك بهذا البطلان. له أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه وإعطاءه ميعادا لتحضير دفاعه.
(د, هـ, و) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". علاقة سببية.
)د) تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
)هـ) تطابق مؤدى الدليل القولي مع مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه. غير لازم. كفاية أن يكون الدليلان غير متعارضين مما يتعصى على الملاءمة والتوفيق.
)و) علاقة السببية في المواد الجنائية. استقلال قاضي الموضوع بتقديرها.

---------------
1 - لم توجب المادة 379 من قانون الإجراءات الجنائية البطلان جزاء على عدم إعلان المتهم بقائمة شهود الإثبات، وإنما أجازت فقط لصاحب الشأن الاعتراض على سماع الشاهد الذي لم يعلن به في قائمة الشهود. ومتى كان الطاعن أو محاميه لم يعترض على سماع الشهود الذين لم يسبق إعلانه بأسمائهم أمام محكمة الموضوع، ولم يستأجل الدعوى لإعلانهم، فإن الحق في الدفع ببطلان الإجراءات - بفرض وقوعه - يكون قد سقط لحصول الإجراء بدون اعتراض منه طبقا لنص المادة 333 من القانون المذكور.
2 - إن عدم إعلان الخصوم بالأمر الصادر بالإحالة إلى محكمة الجنايات خلال الأجل المحدد لا ينبني عليه بطلان هذا الأمر.
3 - أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام، فإن حضر المتهم في الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، و إنما له أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقض فيه وإعطاءه ميعادا لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى.
4 - لا يعيب الحكم تناقض أقوال الشهود ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
5 - لا يشترط لصحة تسبيب الحكم أن يطابق مؤدى الدليل القولي مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه، بل يكفي أن يكون الدليلان غير متعارضان بما يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
6 - علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل في شأنها فلا رقابة لمحكمة النقض عليه، ما دام يقيم قضاءه على أسباب سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 19 سبتمبر سنة 1964 بدائرة مركز السنطة محافظة الغربية: أحدث عمدا بإبراهيم محمد الصعيدي الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. وادعى بحق مدني محمد إبراهيم الصعيدي - ابن المجني عليه - بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 27 ديسمبر سنة 1965 عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين وإلزامه أن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا والمصاريف المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد بني على بطلان في الإجراءات أثر فيه، وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن لم يعلن بالقائمة النهائية لشهود الإثبات الذين عول عليهم الحكم في إدانته طبقا لما فرضته المادة 185 من قانون الإجراءات، كما لم يعلن بالأمر الصادر بإحالته إلى محكمة الجنايات في ميعاد الثلاثة الأيام التالية لصدوره عملا بالمادة 190 من القانون المذكور، هذا إلى أن الحكم جاء قاصرا عن بيان علاقة السببية بين الإصابة وبين الوفاة، وعن الرد على دفاع الطاعن المبنى على التناقض بين الدليل الفني والدليل القولي في شأن شكل الإصابة وعدد الضربات، وكذلك في الرد على دفاعه المؤسس على أن بلاغ الحادث جاء خلوا من ذكر اسمه، وأن المجني عليه أسند في بلاغ منه مؤرخ 21 سبتمبر سنة 1964 الاعتداء إلى شخصين آخرين أيضا، وجاءت روايته مناقضة لرواية شهود الإثبات في شأن الاعتداء وما إذا كان وقع عليه أثناء ذهابه إلى الحقل أو في أثناء عودته منه، بالإضافة إلى ما قرره الشاهد عبد الوهاب الصعيدي ابن المجني عليه من أن الطاعن كان ينتعل حذاء ركل به المجني عليه عدة مرات, وأنه استفسر من أبيه عمن اعتدى عليه مما ينفي دعوى رؤيته الاعتداء، كما قال ابنه الثاني إنه شاهد الطاعن يركل أباه خمس مرات وهو قول يتعارض مع ما خلص إليه الحكم من ناحية، كما يتعارض مع الدليل الفني على ما سلف البيان من ناحية أخرى، مما يصم الحكم بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن المادة 185 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "عندما يصدر مستشار الإحالة أمرا بالإحالة إلى محكمة الجنايات، يكلف كل من النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية والمتهم أن يقدم له في الحال قائمة بالشهود الذين يطلب سماع شهادتهم أمام المحكمة مع بيان أسمائهم ومحال إقامتهم والوقائع التي يطلب من كل منهم أداء الشهادة عنها. ويضع مستشار الإحالة قائمة نهائية بالشهود المذكورين ما لم ير أن شهادتهم لا تأثير لها على الدعوى أو أن القصد من طلب حضورهم المطل أو النكاية، ويكلف النيابة العامة إعلان هذه القائمة للمتهم، وللمدعى بالحقوق المدنية إعلان الشهود المدرجين بها بالحضور أمام المحكمة". ورتبت المادة 379 من القانون جزاء إغفال هذا الإجراء بنصها على أن "لكل من النيابة العامة والمتهم والمدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها أن يعارض في سماع الشهود الذين لم يسبق إعلانهم بأسمائهم". ولم توجب البطلان جزاء على عدم إعلان المتهم بقائمة شهود الإثبات, وإنما أجازت فقط لصاحب الشأن الاعتراض على سماع الشاهد الذي لم يعلن به في قائمة الشهود. ولما كان الطاعن أو محاميه لم يعترض على سماع الشهود الذين لم يسبق إعلانه بأسمائهم أمام محكمة الموضوع، ولم يستأجل الدعوى لإعلانهم، فإن الحق في الدفع ببطلان الإجراءات - بفرض وقوعه - يكون قد سقط لحصول الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه طبقا لنص المادة 333 من القانون. ولما كانت المادة 190 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "تعلن النيابة العامة الخصوم بالأمر الصادر بالإحالة إلى محكمة الجنايات خلال الأيام الثلاثة التالية لصدوره". وكان عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبني عليه بطلانه، وكانت أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام فإذا حضر المتهم في الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه وإعطاءه ميعادا لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى. ولما كان الطاعن لم يطلب من محكمة الموضوع تأجيل الدعوى لإعلانه بأمر الإحالة، ومن ثم فإنه يعتبر متنازلا عن طلبه في إبانه، وليس له من بعد أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بيانا كافيا تتحقق به عناصر الجريمة التي دين بها الطاعن وكان الحكم إذ أورد مؤدى أقوال الشهود لم يأخذ منها إلا بمطلق وقوع الاعتداء من الطاعن وحده على المجني عليه أثناء عودته من حقله بأن ركله بقدمه أسفل بطنه، أما تعدد الركلات أو عدم تعددها، ووقوعها من الطاعن حافيا أم منتعلا فلم يكن موضوع استدلال منه وأورد من مؤدى التقرير الطبي وتقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه قد أصيب بتكدم دموي أسفل بطنه وثقب بالأمعاء الدقيقة والتهاب بريتوني، وأن إصابته رضية حيوية تنشأ من المصادمة بجسم صلب راض أيا كان نوعه وتتفق وتاريخ الحادث وتعزى الوفاة إليها وما أحدثته من تهتك بالأمعاء الدقيقة والالتهاب البريتوني، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم تناقض أقوال الشهود ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه, كما أنه لا يشترط لصحة تسبيب الحكم أن يطابق مؤدى الدليل القولي مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون الدليلان غير متعارضين بما يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان البين من مساق الدليلين كما أوردهما الحكم أن لا تعارض بينهما. لما كان ذلك، وكانت علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل في شأنها فلا رقابة لمحكمة النقض عليه، ما دام يقيم قضاءه على أسباب سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن - بالأدلة السائغة التي أوردها - أنه تعمد إصابة المجني عليه وقد أدت هذه الإصابة إلى وفاته فإن دعوى القصور في بيان رابطة السببية بين إصابة المجني عليه وبين وفاته لا يكون لها محل. لما كان ذلك، وكان سائر ما يثيره الطاعن في طعنه ليس إلا جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.