الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 4 مايو 2020

الطعن 28 لسنة 4 ق جلسة 3 / 1 / 1935 مج عمر المدنية ج 1 ق 217 ص 530


جلسة 3 يناير سنة 1935
برياسة سعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك ومحمد نور بك المستشارين.
------------------
(217)

القضية رقم 28 سنة 4 القضائية

موظف. معاش. 
المنازعة في تقديره. معناها. مجرّد الامتناع عن قبض المعاش. لا يعتبر منازعة. الفرق بين المنازعة في تقدير المعاش وبين طلب تسويته.

(المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929(

------------------

المنازعة المشار إليها في المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929 التي يراد بها تعديل مقدار المعاش الذى تمّ قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يتولد الحق فيها إلا عقب قيد المعاش أو صرف المكافأة، ويسقط هذا الحق بمضي ستة أشهر من تاريخ تسلم السركي المبين فيه مقدار المعاش إلى صاحب الشأن أو من تاريخ صرف المكافأة لمستحقها. أما طلب تسوية المعاش المبينة أحكامه في المادتين 39 و40 من ذلك القانون فهو غير المنازعة السابقة الإشارة إليها، ولذلك فانه لا يغنى عنها في حفظ حق الموظف من السقوط، ولو تضمن هذا الطلب اعتراضا على تقدير السنّ الذى حصلت الإحالة على المعاش بمقتضاها.
وإذا صح - مع مجرّد الافتراض الجدلي - أن المنازعة تتحقق بغير طريق رفع الدعوى، فيجب على الأقل أن تكون منازعة إيجابية بإجراء كتابي يبين موضوعها والغرض منها. وإذن فمجرّد امتناع الموظف المحال إلى المعاش عن قبض معاشه مدّة ثلاثة أشهر بعد تسلمه سركي المعاش لا يعتبر منازعة بالمعنى المراد بالمادة المذكورة.



الوقائع
تتحصل وقائع هذه الدعوى - بحسب ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة - في أن الطاعن رفع هذه الدعوى ضدّ وزارة المالية أمام محكمة الابتدائية الأهلية قيد بجدولها برقم 629 سنة 1932 طالبا الحكم: (أوّلا) بتعديل معاشه الشهري وجعله 26 جنيها و300 مليم ابتداء من أوّل يناير سنة 1930 بدلا من 24 جنيها و300 مليم الذى قرّرته وزارة المالية له على اعتبار أنه من مواليد سنة 1873 لأنه من مواليد 2 محرّم سنة 1291. (ثانيا) بالزام الوزارة بأن تدفع له مبلغ 48 جنيها قيمة فرق المعاش من يناير سنة 1930 لغاية ديسمبر سنة 1931، فدفعت الوزارة الدعوى بدفعين فرعيين: (الأوّل) أنها أخذت بتقدير سنّ الطاعن المعمول بمعرفة القومسيون الطبي لعدم تقديم الشهادة الرسمية المثبتة لتاريخ ميلاد الطاعن في محرّم سنة 1291 وذلك تطبيقا لقرار مجلس الوزراء الصادر في 20 يناير سنة 1927. (والثاني) عدم جواز نظر الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 سنة 1929. فقضت تلك المحكمة بجلسة 23 يناير سنة 1933 برفض الدفعين الفرعيين ثم قضت في الموضوع بجلسة 27 مارس سنة 1933 بالزام وزارة المالية: (أوّلا) بتعديل ربط معاش الطاعن وجعله 23 جنيها و760 مليما بدلا من 23 جنيها و274 مليما. (ثانيا) بأن تدفع له مبلغ 17 جنيها و496 مليما قيمة الفرق بين ما ربط له وما يجب أن يربط له عن المدّة من أوّل يناير سنة 1930 لغاية آخر ديسمبر سنة 1932 وما استجدّ ويستجدّ لغاية ربط المعاش على الصورة المعدّلة بواقع 486 مليما شهريا والمصاريف المناسبة. فاستأنفت وزارة المالية هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر الأهلية بالاستئناف رقم 826 سنة 50 قضائية وطلبت قبول الدفع الفرعي الخاص بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطيا رفض الدعوى، فقضت المحكمة المذكورة بتاريخ 4 فبراير سنة 1934 بقبول الاستئناف شكلا وبقبول الدفع الفرعي وعدم قبول الدعوى وإلزام الطاعن بالمصاريف و300 قرش أتعاب محاماة عن الدرجتين.

وقد أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 12 مارس سنة 1934 فطعن فيه بطريق النقض والإبرام في 11 أبريل سنة 1934، وأعلن تقرير الطعن إلى المالية في 16 منه وقدّم طرفا الخصومة المذكرات الكتابية في الميعاد، وقدّمت النيابة مذكرتها في 29 نوفمبر سنة 1934. وبجلسة اليوم سمعت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة.



المحكمة
بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.

من حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى الطعن أن محكمة الاستئناف قد أخطأت في تفسير الفقرة الثالثة من المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 37 سنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية حين قضت بقبول دفع وزارة المالية وبعدم قبول الدعوى التي رفعها الطاعن على هذه الوزارة طالبا بها الحكم بتعديل معاشه الذى يستحقه من أوّل يناير سنة 1930 على اعتبار أنه من مواليد 2 محرّم سنة 1291 لا من مواليد سنة 1873 كما اعتبرته وزارة المالية عند تسوية معاشه. ووجه الخطأ هو - كما يزعم الطاعن - أن الشارع لم يشترط في الفقرتين الأولى والثالثة من المادة السادسة من مرسوم القانون الخاص بالمعاشات إلا شرطا واحدا لقبول الدعوى هو إبداء المنازعة في المعاش في ظرف ستة أشهر من تاريخ تسلم صاحب الشأن لسركي معاشه، ولم يشترط وجوب رفع الدعوى بهذه المنازعة في الميعاد المذكور كما ذهبت إليه محكمة الاستئناف مخالفة ما أخذت به محكمة أوّل درجة بعد أن ثبت لها أن الطاعن أبدى منازعته لوزارة المالية في ذلك الميعاد.
وحيث إن محكمة الاستئناف بعد أن بينت أن الثابت لها بالحكم المستأنف أن المستأنف عليه (الطاعن) قد أبلغ رسميا في 9 ديسمبر سنة 1929 بإحالته إلى المعاش ابتداء من يناير سنة 1930، فقدم في 18 من ذات الشهر (أي شهر ديسمبر) طلبا لوزارة المالية مرفقا به مستخرج رسمي مبين به حقيقة سنة والتمس به أن يكون التعويل في تسوية معاشه عند تقدير سنه على هذا المستخرج لا على الكشف الطبي الواقع عليه من القومسيون في سنة 1896 عند دخوله خدمة الحكومة - إن محكمة الاستئناف بعد أن نقلت هذا البيان عن الحكم المستأنف قالت: "إن المحكمة الابتدائية اعتبرت هذا الطلب نزاعا منه لوزارة المالية في القاعدة التي بنت عليها تسوية معاشه (وهى اعتماد تقدير القومسيون لسنه) وإن هذه المنازعة حصلت منه عقب إخطاره بالإحالة إلى المعاش بتسعة أيام وقبل اليوم المحدّد للإحالة إلى المعاش. وقالت تلك المحكمة (أي الابتدائية) إن امتناع المستأنف عليه عن قبول معاشه مدّة تزيد عن الثلاثة أشهر، كل ذلك يدل على أنه كان ينازع وزارة المالية في القاعدة التي يراد بها تسوية معاشه، وإن هذه المنازعة كافية وحاصلة في خلال الستة أشهر المقرّرة بالمادة السادسة من قانون المعاشات؛ واستخلصت من ذلك أن للمستأنف عليه بعد حصول هذه المنازعة في الميعاد أن يرفع دعواه بعد ذلك في أي وقت شاء". ثم قالت محكمة الاستئناف بعد ذلك "إنه لا نزاع بين المستأنف عليه ووزارة المالية في أنه قد قبل معاملته بقانون المعاشات رقم 37 سنة 1929 ولا في أنه تسلم سركي معاشه في 19 من أبريل سنة 1930". ثم أوردت حكم الفقرة الأولى المنصوص فيها على أنه لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين به مقدار المعاش إلى صاحب الشأن، وحكم الفقرة الثالثة المنصوص فيها على أن كل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذى تم قيده أو المكافآت التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضى الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت لا على الحكومة ولا على مصالحها لأى سبب كان....... ألخ. ثم قالت: "وحيث إن هذا النص في صراحته لا يصح معه قبول التأويل الذى أوّلته محكمة أوّل درجة لأنه تأويل يخالف تمام المخالفة مدلول النص الذى قضى بوجوب رفع الدعوى التي يراد بها تعديل مقدار المعاش، مثل دعوى المستأنف عليه الحالية، في ظرف الستة أشهر التالية لتاريخ استلامه السركي، وقد استلم سركي معاشه في 19 من أبريل سنة 1930.
ومن حيث إن مفهوم هذا التسبيب أن محكمة الاستئناف لم تعتبر مجرّد امتناع الطاعن عن قبول معاشه مدّة ثلاثة أشهر بعد تسلمه سركي المعاش - لم تعتبره منازعة بالمعنى المراد للمادة السادسة من قانون المعاشات، وبيدها الحق في ذلك لأن هذا الامتناع أمر سلبى محض، ومع مجرّد الافتراض الجدلي بأن المنازعة المشار إليها في المادة المذكورة تتحقق بعدم رفع دعوى، فإنها على الأقل لا بد أن تكون منازعة إيجابية بإجراء كتابي يبين موضوعها والمراد منها.
وحيث إن ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف أيضا (كما هو مفهوم حكمها) - من عدم الاعتداد في هذا الصدد - بمثل الطلب الذى قدّمه الطاعن لوزارة المالية في 18 ديسمبر سنة 1929 قبل تسلمه سركي المعاش هو كذلك حق. وذلك لأن المادة 39 من القانون نمرة 37 سنة 1929 توجب على من استحق معاشا أو مكافأة أن يقدّم إلى وزارة المالية طلب معاشه في ميعاد ستة أشهر تبتدئ من اليوم الذى يفقد فيه الموظف أو المستخدم حقه في ماهية وظيفته، والمادة 40 تنص على أن كل طلب يتعلق بالمعاش أو بالمكافأة يقدّم بعد انقضاء هذا الميعاد المقرّر في المادة السابقة يكون مرفوضا ويسقط كل حق للطالب في المعاش أو المكافأة. فطلب المعاش لا يحتمل لذاته إلا طلب تسويته، وقد رتب القانون على عدم تقديمه في ميعاده جزاء خاصا هو سقوط كل حق للطالب في المعاش أو المكافأة. أما حق المنازعة التي يراد بها تعديل مقدار المعاش الذى تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها فهو حق آخر لا يتولد إلا عقب قيد المعاش أو صرف المكافأة ويسقط بمضي ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين فيه مقدار المعاش إلى صاحب الشأن أو من تاريخ صرف المكافأة لمستحقها.
وحيث إنه ما دام قاضى الموضوع قد دل بحكمه على أنه لم يكن من الطاعن أية منازعة معتبرة بعد تاريخ تسلمه سركي المعاش إلا منازعته بهذه الدعوى الحالية التي لا خلاف في أنها رفعت بعد ميعاد الستة أشهر من تاريخ تسلم السركي فالبحث بعد ذلك في وجوه تفسير الفقرتين المتقدّم ذكرهما من المادة السادسة من قانون المعاشات يصبح نافلة في الدعوى الحالية. ولذلك ترى هذه المحكمة عدم الخوض فيه.
وحيث إن ما أشار إليه محامى الطاعن بجلسة المرافعة من أن الطلب الذى قدّمه في 18 ديسمبر سنة 1929 لوزارة المالية هو منازعة حقيقية منه للوزارة في أمر جوهري هو التاريخ الذى حدّدته الحكومة لإحالته إلى المعاش، إذ هذه المنازعة يترتب عليها - لو أخذ بها - أن تزيد مدّة خدمته عن المدّة التي قرّرتها الحكومة مما يستوجب حتما زيادة قيمة معاشه - ما أشار إليه من ذلك وما ذهب إليه من أن هذه المنازعة تعتبر أنها مستمرّة حتى بعد استلامه سركي المعاش وأنها تدخل إذن ضمن المنازعات التي تعنيها المادة السادسة - كل ذلك لا معوّل عليه إذ هذه لم تكن منازعة منه في قيمة المعاش بعد تسويته وقيده حتى تكون مصداقا للمنازعة المنصوص عليها في القانون - ولو بحسب الافتراض الجدلي السابق الإشارة إليه - بل إنها منازعة كان يرمى بها أوّلا وبالذات إلى استبقائه في الخدمة زمنا أطول مما قرّرته، ومثل هذه المنازعة ليست منازعة حاصلة في مقدار المعاش بعد تسويته فعلا.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.

الطعن 33 لسنة 5 ق جلسة 19 / 12 / 1935 مج عمر المدنية ج 1 ق 311 ص 1007


جلسة 19 ديسمبر سنة 1935
برياسة سعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد لبيب عطية بك ومراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك المستشارين.
---------------------
(311)

القضية رقم 33 سنة 5 القضائية

)أ) مستندات. 
تحريفها. تشويه معناها. السهو عنها. موجب لبطلان الحكم.

)ب) توكيل. 
تعدّد الوكلاء أو الأوصياء. اشتراط تصرفهم مجتمعين. تصرف أحدهم. صدور أعمال من صاحبه دالة على رضائه بالتصرف. نفاذ هذا التصرف.
)حـ) نقض وإبرام. 
نقض الحكم. أثر النقض. رفع دعوى على شخص. رفعه دعوى فرعية للإجابة بها على الدعوى المرفوعة عليه. نقض الحكم في الدعوى الأصلية. يترتب عليه نقض الحكم في الدعوى الفرعية.

----------------

1 - إذا حرفت محكمة الموضوع الثابت مادّيا ببعض المستندات وسهت عن البعض الآخر، فان ذينك التشويه والسهو اللذين أثرا في حكمها يستوجبان نقضه.
2 - من المقرّر شرعا وقانونا أن أحد الوكيلين أو أحد الوصيين المشروط لهما في التصرف مجتمعين، إذا تصرف بإذن صاحبه أو بإجازته نفذ تصرفه صريحةً كانت الإجازة أو ضمنية. فاذا أجرى أحد هذين الوصيين تصرفا مّا صح تصرفه متى صدرت من شريكه في الوصاية أعمال وتصرفات دالة على رضائه بهذا التصرف.
3 - إذا رفعت دعوى ضدّ شخص فرفع هو دعوى فرعية ليجيب بها بصفة احتياطية على الدعوى المرفوعة عليه، وظهر من تقريراته أنه لا يتمسك بطلباته فيها إلا إذا قضى عليه في الدعوى الأصلية، فنقض الحكم الصادر ضدّه في الدعوى الأصلية المرفوعة عليه يترتب عليه نقض الحكم الصادر في الدعوى الفرعية المرفوعة منه.



الوقائع
تتلخص وقائع المادة - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي وأوراق الإجراءات الملحقة بهما والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة وكانت مقدّمة من قبل لمحكمة الاستئناف - في أنه في أوّل مايو سنة 1905 أسست بين كل من المرحوم الخواجة إلياس زيات وأخيه الخواجة حبيب زيات كشريكين متضامنين وبين آخرين كشركاء موصين شركة تجارية عرفت باسم "حبيب وإلياس وشركائهما" برأس مال قدره أربعة آلاف جنيه ولمدّة خمس سنوات نهايتها 30 أبريل سنة 1910 ثم امتدّت لمدّة أخرى، ثم صدّق على امتدادها من أوّل مايو سنة 1913 لغاية 30 أبريل سنة 1918 بعقد مسجل في 30 ديسمبر سنة 1912. وقد توفى الخواجة إلياس في 19 أغسطس سنة 1916 فأثبت بطريكية الروم الأرثوذكس وفاته وحصرت ورثته في والدته وزوجته الست أوجينى وأولادها منه الثلاثة القاصرين نقولا وأوديت وإلياس، وأقامت الخواجة حبيب عمّ القصر والست أوجينى والدتهم وصيين عليهم ليعملا معا، وذلك بقرار أصدرته في 15 نوفمبر سنة 1916. وقد جاء في هذا القرار: حيث إنه من ضمن متروكات المرحوم إلياس حصة في المحل التجاري بالإسكندرية المعروف بمحل (حبيب وإلياس زيات وشركائهما) فتقرّر: (أوّلا) تكليف السيدة أوجينى والخواجة حبيب الوصيين عمل جرد إجمالي عن حالة المحل من واقع الدفاتر وقد تعين حضرة الأرشمندريت إثناسيوس أفندى وكيل البطريكخانة لمراجعة الجرد على الدفاتر المذكورة إلى أن ينتهى عمل ميزانية نهائية تقدّم إلى البطريكخانة (ثانيا) تقرّر بخصوص الأموال النقدية حصة القصر أن يشترى بها أوراق مالية كالموحد أو القرض الفرنسي الأهلي (L’Emprunt National Français) باسم القصر وأن تودع تلك الأوراق باسم القصر في بنك شهير كالبنك الأهلي أو بنك فرنسا وتقرّر عمل جرد على باقى المتروكات وأثاث البيت وغيره. وقد ذكر في نفس قرار 15 نوفمبر سنة 1916 أنه تقرّر أن يسلم للوصيين من لدن البطريكخانة إعلام شرعي مبين به ما للوصيين من الحقوق وما عليهما من الواجبات. وفعلا أصدرت البطركخانة في اليوم التالي وهو يوم 16 نوفمبر سنة 1916 ذلك الإعلام الشرعي للوصيين. وقد أوجبت فيه عليهما: (أوّلا) أن يعملا معالا منفردين (وثانيا) أن يعملا عن التركة جردا قانونيا بعد الجرد المؤقت للمحل التجاري بحضور مندوب من البطركخانة (وثالثا) أنه عند نهاية تصفية نصيب المتوفى في المحل التجاري أن يقدّما عنه ميزانية مستوفاة للبطركخانة (ورابعا) أن يشتريا بالأموال النقدية أوراقا مالية مأمونة كالموحد المصري أو القرض الأهلي الفرنساوي باسم القصر، وأن يودعاها في بنك شهير كالبنك الأهلي المصري أو بنك فرنسا (وخامسا) أن لا يودعا الأموال النقدية في غير ما ذكر... الخ.

وفى 18 نوفمبر سنة 1916 راجع وكيل البطركخانة كشفا إجماليا بحواصل دفاتر المحل التجاري قدّمه له الخواجة حبيب من الميزانية الأخيرة الحاصلة في 19 أغسطس سنة 1916 على أصل هذه الميزانية المبصوم عليه بختم المحكمة المختلطة وعلى دفتر الجورنال. وأشر الوكيل المذكور على هذا الكشف بما يفيد المراجعة والمطابقة، وبصم بختم البطركخانة على هذين الدفترين كذلك إثباتا لهذه المراجعة. ومما هو ثابت بهذا الكشف أن حاصل النقدية بلغ 329 جنيها و23 مليما.
ثم صفى الخواجة حبيب محل التجارية ببيع بضائعه بالتدريج فبلغت أرباحه 13589 جنيها و820 مليما. ثم أرصد بالدفاتر النتيجة العامة لتصفية حساب أخيه في الشركة وأن نصيب أولاده بلغ 3094 جنيها و965 مليما.
ولما أعلنت الحكومة الفرنسية عن الاكتتاب في قرضها الأهلي لسنة 1918 وفتحت الاكتتاب فيه من 20 أكتوبر إلى 24 نوفمبر سنة 1918 وقعت الست أوجينى بإمضائها على طلب من الطلبات المطبوعة التي أعدّها بنك الخصم الوطني بباريس (Comptoir National d’Escompte de Paris).  ويقول الخواجة حبيب في مذكرته المطبوعة التي قدّمها لمحكمة الاستئناف وقدّم صورة منها لهذه المحكمة إنه لما وجد ثمن الفرنكات التي عرض بنك الكنتوار المتقدّم الذكر المشترى بها غاليا اشترى من بنك الكريدى ليونيه 85000 فرنك من فرنكات الذهب بثمن قدره 3158 جنيها و500 مليم وذلك بفاتورة مؤرّخة في 23 نوفمبر سنة 1918 ثم اشترى بهذه الفرنكات من البوستة الفرنسية أوراقا من القرض المذكور، وإنه أثبت بصحيفة 111 من دفتر يومية المحل التجاري بتاريخ 25 نوفمبر سنة 1918 أنه اشترى لحساب أولاد أخيه القصر سندات من سندات القرض الفرنسي لسنة 1918 المتقدّم الذكر بقيمة 3156 جنيها و995 مليما مبينا حصة كل واحد منهم وذاكرا أنه دفع من ماله الخاص 62 جنيها و300 مليم تكملة الثمن هذه السندات أي زيادة عما ظهر لهم من نتيجة التصفية المتقدّمة الذكر.
وفى 8 سبتمبر سنة 1923 قدّم الخواجة حبيب حساب أولاد أخيه القصر للمجلس الملي فنظره المجلس بجلسة 14 سبتمبر سنة 1923 وأثبت بمحضر هذه الجلسة ما يأتي: تقدّم حساب من الخواجة حبيب زيات الوصي على قصر المرحوم إلياس زيات فهم واتضح منه أن الوصي قد صرف على القصر من ماله الخاص لغاية هذا الحساب مبلغا وافرا قدره 29764 قرشا و8 فضة وذلك من سنة 1919 إلى سنة 1921 فوافقت الهيئة مبدئيا على هذا الحساب المقدّم ورجت سيادة الرئيس أن يقابل الوصي أو من ينوب عنه للاستفهام منه عن المبلغ الذى اشترى به الأوراق المالية لحساب القصر وعما إذا كان ما صرفه من ماله الخاص هو على سبيل التبرع أو تحت حفظ الحق بمطالبة القصر به حتى إذا كان المبلغ الزائد عن الإيراد مقدّما تحت الحساب يكلف الأوصياء بالصرف على قدر الإيراد أو ينظر في المسألة فيما بعد.
ولما أتم الرئيس الاستعلام عما طلب منه الاستعلام عنه صرح لدى المجلس بجلسة 2 أكتوبر سنة 1923 بأنه استعلم من الخواجة حبيب زيات وعلم منه أن رأس مال الأوراق المالية هو 85000 فرنك وأن المبالغ المقصرة كما هو وارد بكشف الحساب قيدها الخواجة حبيب على حسابه الخاص متبرعا بها لأولاد أخيه المشمولين بوصايته وعلى ذلك حرر حضرة الأب الخورى ميخائيل على الكشف المذكور ما يدل على ذلك.
هذا ما كان من الخواجة حبيب زيات. أما ما كان من الوصية الثانية فإنها صارت تقبض من الخواجة حبيب قيمة كوبونات السندات المذكورة التي يستحقها أولادها كما تدل على ذلك الإيصالات المقدّمة الموقع عليها بإمضائها وكشف سبتمبر سنة 1923 المتقدّم الذكر. واستمرّ الحال على هذا المنوال إلى سنة 1932.
ولما استدعت حال القصر بيع ما كان لهم من نصيب في قطعة أرض تركها مورّثهم بالسيوف برمل إسكندرية، وكان قد صدر من قبل ذلك قانون 13 أكتوبر سنة 1925 رقم 35 الذى نقل الاختصاص في مسائل الوصاية وغيرها إلى المجالس الحسبية دون غيرها قدّمت الوصية المذكورة إلى مجلس حسبي الإسكندرية بتاريخ 17 يوليه سنة 1932 طلبا التمست به التصريح بهذا البيع. فنظره المجلس بجلسة 26 يوليه سنة 1932 ويومئذ قرّرت هذه الوصية في غيبة الخواجة حبيب زيات أن زوجها توفى في سنة 1916 وترك محلا تجاريا شركة مع أخيه الخواجة حبيب زيات وكان يقدّر رأس ماله وقت الوفاة بمبلغ 4000 جنيه وأنه لم تحصل محاسبة من وقت الوفاة لحين عرض الأمر على المجلس، وأن الخواجة حبيب المذكور طلب منها حل الشركة فرفضت، وأن الشركة ما زالت قائمة. فرأى المجلس المذكور ندب أحد أعضائه لمعاينة قطعة الأرض المراد بيعها وندب خبير لجرد التركة من وقت الوفاة وبيان التصرفات التي حصلت فيها مع فحص حساب الشركة وبيان رأس مالها وقت الوفاة والآن ونصيب القصر فيها، وأصدر قراره بذلك في التاريخ المذكور. ولما أتم الخبير مأموريته وقدّم تقريرا محصله أنه اعتمد على دفاتر الشركة في تصفية حساباتها لما رآه فيها من الضبط والاعتناء، وأن تصفية بضائع المحل التجاري ببيعها بالتدريج لغاية أبريل سنة 1918 قد عاد على الورثة بربح جزيل، وأنه لو كانت قدّرت قيمة البضائع وقت الوفاة واحتسبها باقي الشركاء لأنفسهم لكانت النتيجة أقل من ذلك، وأنه في حالة اعتماد شراء الأوراق المالية التي اشتراها الخواجة حبيب زيات وأثبتها لورثة أخيه تكون حساباته صحيحة ولا يكون لهؤلاء الورثة إلا قيمة هذه الأوراق. ذلك بأنه قد أثبت في تقريره أن هذا الشراء كان بمبلغ 3156 جنيها و995 مليما وهو قيمة صافى حصصهم في الشركة زائدا على قيمتها 62 جنيها و30 مليما كما دوّنه الخواجة حبيب في دفاتر الشركة. أما في حالة عدم اعتماد شراء هذه الأوراق فقد رأى الخبير اعتبار صافى ما أظهره الخواجة حبيب لورثة أخيه في التصفية قبل هذا الشراء وديعة لهم عنده بالحساب الجاري بسعر المائة سبعة، ثم عمل الخبير حسابا على هذا الأساس بينه في تقريره. وقد نظر المجلس الحسبي هذا التقرير بجلسة 14 فبراير سنة 1933 فقرّر عزل الخواجة حبيب إلياس من الوصاية وإفراد الست أوجينى بها واعتماد تقرير الخبير عن جرد التركة وتكليف الوصية بالاتحاد مع الخبير بمقاضاة الخواجة حبيب بشأن المبلغ المقول بأنه ظهر طرفه وقدره 3769 جنيها و464 مليما وبطلب تعويض عن استعمال اسم المورّث في المحل التجاري لغاية سنة 1925 بعد خروج الورثة من التجارة. وقد اعتمد المجلس الحسبي في ذلك على تقرير الخبير، كما اعتمد عليه فيما قرّره هذا الخبير من أن الخواجة حبيب لم يقدّم للبطركخانة الميزانية الختامية عن الشركة ومن أن الأوراق المالية التي اشتراها الخواجة حبيب المذكور لم تكن من جهة باسم القصر وكانت من جهة أخرى من أوراق القرض الفرنسي لسنة 1918 الذى لم يكن قد رخص بالاكتتاب فيه عند صدور قرار المجلس الملي في سنة 1916 ومن أنه لذلك يجب اعتبار ما أظهرته التصفية حقا للقصر وديعة لهم في المحل التجاري بفائدة سنوية قدرها 7%. وقد نفذت الست أوجينى قرار المجلس الحسبي المتقدّم الذكر فرفعت على الخواجة حبيب دعوى لدى محكمة إسكندرية الابتدائية قيدت بجدولها برقم 311 سنة 1933 طلبت فيها الحكم بالزام المدعى عليه بأن يدفع لأولادها 3769 جنيها و464 مليما قيمة ما أظهره خبير المجلس الحسبي بذمة الوصي ومبلغ 2479 جنيها و120 مليما قيمة ما يستحقونه من تعويض على استمرار استعمال الخواجة حبيب زيات لاسم مورّثهم في المحل التجاري بغير حق عن المدّة من أبريل سنة 1918 لغاية ديسمبر سنة 1925.
رفعت الست أوجينى هذه الدعوى في 7 مارس سنة 1933 فأجابها عليها الخواجة حبيب برفعه عليها دعوى لدى محكمة إسكندرية الابتدائية قيدت بجدولها برقم 751 سنة 1933 طلب فيها الحكم بالزام الست أوجينى بصفتها وصية على أولادها القصر ونقولا أفندي زيات الذى بلغ الرشد بأن يدفعوا له من تركة مورّثهم مبلغ 5750 جنيها و880 مليما مع فوائده من تاريخ رفع الدعوى إلى آخر طلباته.
وبعد أن ضمت محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى الثانية للأولى حكمت فيهما بتاريخ 4 يناير سنة 1934 برفضهما وإلزام رافعيهما بالمصاريف وإلزام الست أوجينى بصفتها ونقولا زيات ولدها الذى بلغ الرشد بمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة للخواجة حبيب.
ويرى في هذا الحكم الابتدائي أن المحكمة الابتدائية بعد أن ذكرت في أسباب حكمها أن قرار المجلس الحسبي المتقدّم الذكر لا يحوز قوّة الشيء المحكوم فيه إلا فيما فصل فيه من عزل الخواجة حبيب من الوصاية، وأما ما جاء في القرار من ملزومية الخواجة حبيب بشيء من فرق ثمن السندات أو تعويض عن استعمال اسم المورّث فانه يخرج عن اختصاصه القضائي. بعد أن أثبتت المحكمة هذا حصرت وجوه النزاع الذى دار بين الخصوم أمامها في نقطتين: (أوّلا) فيما ادعته السيدة أوجينى من أن الخواجة حبيب اشترى بجميع النقدية المتخلفة من التصفية أوراقا مالية مع أن قرار المجلس الملي الصادر في نوفمبر سنة 1916 كان يقضى بأن يكون الشراء بالأموال النقدية التي كانت موجودة بالمحل وقت صدور هذا القرار. (ثانيا) فيما ادعته الست أوجينى من أن الخواجة حبيب قد انفرد بشراء الأوراق المالية التي اشتراها مخالفا في ذلك قرار المجلس الملي المتقدّم ذكره، وأن هذا الانفراد يبطل الشراء ويلزمه بالتعويض. ثم بحثت هاتين المسألتين فقالت إنه فيما يختص بالنقطة الأولى فإنها ترى من عبارة قرار المجلس الملي أن المقصود هو تصفية ما خص المرحوم إلياس زيات في المحل التجاري وأن يشترى بماله كله سندات مالية لاستغلالها لهم وتحويل مالهم من عمل تجارى محفوف بمخاطر التجارة إلى عمل مدنى يدرّ عليهم ريعا، وأن صرف عبارة المجلس إلى المال الموجود فعلا دون ما يتحصل من التصفية غير مطابق للمعقول.... إلى آخر ما استندت إليه في ذلك.
ثم بحثت ما ادعته الست أوجينى من أن الخواجة حبيب اشترى هذه الأوراق المالية لنفسه خاصة ولم يودعها بأسماء أولاد أخيه في بنك شهير فلما نزلت قيمتها في أسواق الأوراق المالية ألصقها بأولادها غشا منه ليخلص من نتائج خسارتها فقالت: إن الخواجة حبيب قدّم للمحكمة أصل الطلب الذى أمضته السيدة أوجينى لبنك الكنتوار لمشترى السندات كما اطلع الخبير في صحيفة 111 من دفتر الصندوق الخاص بالمحل التجاري يوم 25 نوفمبر سنة 1918 على ما يفيد إثبات عملية المشترى بتفصيلاتها لحساب ورثة أخيه إلياس من القرض الفرنسي لسنة 1918 بواقع 4% وما يفيد أن الخواجة المذكورة دفع من ماله الخاص 62 جنيها و300 مليم تكملة لثمن هذه الأوراق التي اشتراها للورثة. ومن هذا ثبت للمحكمة أن الشراء كان باسم الورثة ولحسابهم وعقب عملية التصفية التي انتهت سنة 1918". ثم قال الحكم الابتدائي بعد ذلك: "إن أصل الطلب الذى أمضته السيدة أوجينى لبنك الكنتوار لمشترى الأوراق المالية المتقدّمة الذكر يفيد علمها بنية مشترى هذه السندات لحساب الورثة واشتراكها فعلا في هذه العملية إلى الحدّ الذى تسمح به معلوماتها الشخصية وحالتها النسائية وتفويضها الخواجة حبيب في إتمام العملية. كما لا نزاع في أن السيدة أوجينى كانت تقبض كوبونات ريع هذه السندات كل شهر منذ شرائها، وهذا يؤكد اشتراكها في الشراء.....". لكن الست أوجينى لم تقبل هذا الحكم فاستأنفته بتاريخ 20 فبراير سنة 1934 لدى محكمة استئناف مصر طالبة إلغاءه فيما قضى به من رفض دعواها وأن يحكم بالزام خصمها بدفع ما طلبت الحكم بإلزامه به أمام المحكمة الابتدائية مع إلزامه بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد قيد استئنافها هذا برقم 473 سنة 51 قضائية. وكذلك استأنفه الخواجة حبيب في 8 مارس سنة 1934 لدى محكمة استئناف مصر طالبا الحكم بالزام خصومه بأن يدفعوا له ما سبق أن طلب الحكم بالزام خصومه به لدى المحكمة الابتدائية. وقد عنى في صحيفة استئنافه بذكر مفردات المبلغ الذى طلب الحكم بالزام خصومه به وأصل كل قلم منها ودليله عليه.
وقد نظرت محكمة استئناف مصر هذين الاستئنافين. وبعد أن ضمت ثانيهما إلى الأوّل حكمت فيهما بتاريخ 29 يناير سنة 1935 بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع: (أوّلا) في دعوى الست أوجينى ومن معها بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الخواجة حبيب زيات بأن يدفع للست أوجينى بصفتها وصية على إلياس وأوديت قاصرى المرحوم إلياس زيات ونقولا أفندي زيات مبلغ 984 جنيها و773 مليما وفوائد بواقع المائة خمس سنويا من 26 ديسمبر سنة 1933 تاريخ طلب هذه الفوائد أمام محكمة الدرجة الأولى إلى السداد والمصاريف المناسبة لذلك عن الدرجتين وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت باقي الطلبات. (ثانيا) في دعوى الخواجة حبيب زيات برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف بالمصاريف الاستئنافية. (ثالثا) برفض ما خالف ذلك من الطلبات.
وقبل إعلان هذا الحكم طعن فيه الطاعنون في 24 مارس سنة 1935 وأوّل أبريل سنة 1935 بطريق النقض بتقريرين أعلن كل منهما إلى الخصوم، وقدّم طرفا الخصومة في الطعنين المذكرات الكتابية اللازمة، كما قدّمت النيابة مذكرتها في 17 أكتوبر سنة 1935.
وقد حدّد لنظر هذين الطعنين جلسة يوم الخميس الموافق 21 نوفمبر سنة 1935 وأجلا أخيرا لجلسة اليوم، وفيها قررت المحكمة ضمهما لكونهما موجهين على حكم واحد وأن تقضى فيهما بحكم واحد، وقد سمعت المرافعة على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم صدر الحكم الآتي:



المحكمة
بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.

من حيث إن الطعنين قد رفعا صحيحين في الميعاد عن حكم قابل للطعن فهما مقبولان شكلا.
عن طعن الخواجة حبيب زيات:
من حيث إن الوجهين الثاني والثالث الخاصين بدعوى الست أوجينى بصفتها يتخلصان في أن محكمة الاستئناف حين قضت بإلغاء الحكم المستأنف وألزمت الخواجة حبيب بأن يدفع لخصومه ما ألزمته بدفعه لهم قد خالفت الثابت بأوراق الدعوى وأخطأت في تطبيق القانون. ووجه مخالفتها للثابت بالأوراق أنها قررت أن الخواجة حبيب من جهة لم يشرك الست أوجينى في عملية شراء السندات المالية بل انفرد بها وأنه من جهة أخرى خالف في شرائها قرار المجلس الملي فاشترى نوعا من الأوراق غير الذى أذنه في شرائه باسم القصر ثم أودعها في غير المصرفين المحدّدين له وهما البنك الأهلي وبنك فرنسا، مع أن الثابت بالأوراق والمستندات والدفاتر التى استخرج منها الخبير حسابه يدل على غير ذلك. أما وجه خطأ الحكم في تطبيق القانون فحاصله أن المحكمة قد أثبتت في حكها أنها لا تعتدّ بعمل الوصية من جهة صرف واستلام أرباح السندات، معتمدة في ذلك على أن أحد الوصيين المشروط لهما العمل معا ليس له أن يجيز عمل زميله الذى انفرد به، وكذلك على أنه لا محل للقول بأن المجلس الملى أجاز هذه العملية (عملية شراء السندات المالية). ويقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق قواعد الإجازة على ما صدر من الوصية ومن المجلس الملى اللذين كانت لهما ولاية الإجازة في حينها.
وحيث إن محكمة الاستئناف بعد أن بحثت في حجية قرار المجلس الحسبي فيما جاء به من عدم اعتماده عمل الوصي في استثماره مال القصر بشراء الأوراق المالية التي اشتراها وقررت أنه "قرار لا يمنع من العودة للمناقشة في أسبابه"، وبعد أن حصرت الأوجه التي ادعت الست أوجينى أن الخواجة حبيب خالف فيها قرار المجلس الملي الصادر بتعيينهما وصيين بتاريخ 15 نوفمبر سنة 1916، وبعد أن قالت عن المخالفة الخاصة بتصرف الوصي في ناتج عملية التصفية إن قرار المجلس الملي يحتمل أن يكون المقصود منه شراء السندات بالمال النقد الموجود عينا وقت الوفاة.... أو الشراء بما يظهر لهم من مال بعد تصفية المحل، وإن الوصي يكون إذن معذورا في تفهمه للقرار على النحو الذى رأته محكمة الدرجة الأولى بحكمها المستأنف - إن محكمة الاستئناف بعد أن قالت هذا الذى سبق ذكره قالت: "لكنه قد تبين لها أنه (أى الخواجة حبيب) قد انفرد بالعمل وحده في عملية الشراء هذه ولم يشرك معه الوصية الثانية مع أنه غير مأذون بالانفراد. وليس بصحيح أن الوصية اشتركت معه في هذه العملية لأن التوقيع الصادر على طلب الشراء فضلا عن أنه جاء على ورقة بيضاء فانه لم يجىء على السندات التي حصل شراؤها ولا من المصرف الذى ابتاع منه الوصي هذه الأوراق. كذلك لا يعتد بعمل الوصية بعد ذلك من جهة صرف واستلام أرباح هذه السندات لأنه مهما قيل في تفسير هذا العمل وهل هو بمثابة إجازة لعمل الوصي أو إنه استسلام وقبول للأمر الواقع الذى أوجده الخواجة حبيب زيات بعمله فانه ليس للوصي أن يجيز عمل وصى آخر إذ هو لا يملك هذه الإجازة....." إلى أن قال: "وحيث إنه لا محل للقول بأن المجلس الملي أجاز هذه العملية بجلسة 2 أكتوبر سنة 1923 لأن محضر الجلسة المذكورة خال من مثل هذه الإجازة ولا تعتد المحكمة بغير هذا المحضر الرسمي من الأوراق التي قدّمها الوصي الخ".
وحيث إن هذه المحكمة اطلعت على طلب الشراء الموقع عليه من الست أوجينى وعلى بعض الإيصالات الموقع عليها منها أيضا بقبضها إيراد السندات وعلى تقرير الخبير الثابت به عملية الشراء وكيفية قيدها بالدفاتر والموضح به مجموع ما قبضته الست أوجينى من أرباح سندات القرض الفرنسي لسنة 1918 فتبين لها:
(أوّلا) أن السيدة المذكورة وقعت على طلب مطبوع من الطلبات التي أعدها بنك الخصم الوطني بباريس للاكتتاب في سندات القرض الفرنسي لسنة 1918. ولا ينقص هذا الطلب إلا التاريخ وإلا عدد السندات التي يراد الاكتتاب بها في سندات هذا القرض. وليس الطلب المذكور ورقة بيضاء كما يفهم من عبارة الحكم المطعون فيه.
(ثانيا) أن خبير المجلس الحسبي أثبت ما وجده مقيدا بدفتر المحل من شراء السندات المالية المتقدّمة الذكر بقدر قيمة ما ظهر لورثة أخيه من حساب التصفية التي تمت في سنة 1918 وأنها لحسابهم. ورأت كذلك ما نقله هذا الخبير من حساب كوبونات هذه السندات سنة سنة، ومن أن أم القصر كانت تقبضها. وقد جمعها الخبير فوجدها تبلغ من سنة 1919 إلى سنة 1931 - 521 جنيها و330 مليما.
(ثالثا) اطلعت هذه المحكمة على محضر جلسة المجلس الملي المؤرّخة في 14 سبتمبر سنة 1923 وعلى محضر جلسة 2 أكتوبر سنة 1923 فرأتهما كالنص السابق نقله في الوقائع المتقدّمة.
(رابعا) اطلعت هذه المحكمة أيضا على صورة كشف الحساب المقدّم من حبيب زيات للمجلس الملي والمشار إليه في المحضرين المذكورين، وهذه الصورة مقدّمة من الست أوجينى نفسها لمحكمة النقض ضمن حافظة مستنداتها، فوجدته مؤسسا على أن رأس مال القصر هو سندات من دين القرض الفرنساوي لسنة 1918 بقيمة 85000 فرنك ووجدت به الكوبونات المتحصلة داخل فيه بصفة إيرادات لكوبونات القرض الفرنسي لسنة 1918، وجاء في آخر هذا الكشف المبين لحساب الإيرادات والمصروفات التأشير الآتى إن العجز الظاهر في هذا الحساب والبالغ مجموعه 29764 و8/ 10 قرشا.... تسدّد من العمّ وصى الأولاد على حسابه الخاص وهو تبرع منه لأولاد شقيقنا المرحوم إلياس زيات، وللبيان حرر هذا في 2 أكتوبر سنة 1923 وأمضى. الخورى ميخائيل زيات.
وحيث إنه يبين مما أثبتته هذه المحكمة أن محكمة الاستئناف قد حرّفت الثابت مادّيا ببعض هذه المستندات وسهت عن كشف الحساب المقدّمة صورته من الست أوجينى نفسها والشامل لقيمة السندات التي اشتراها الخواجة حبيب ولكوبوناتها التي كانت تقبضها هذه السيدة، ثم سهت عن محضر جلسة 14 سبتمبر سنة 1923 الذى قرّر فيه المجلس الملي اعتماد هذا الحساب مبدئيا وفيه هذا المشترى، وعن محضر جلسة 2 أكتوبر سنة 1923 المتعلق بهذا الشراء بالذات والدال بصفة حتمية على اطمئنان ذلك المجلس للموافقة عليه. وهذا التشويه لبعض المستندات والسهو عن البعض الآخر يستوجب نقض الحكم. وفضلا عن هذا فان تلك المحكمة أيضا - حين قضت بعدم جواز الاعتداد بما صدر من الوصية من أعمال وتصرفات دالة على رضائها بشراء سندات القرض الفرنسي الأهلي لسنة 1918 بناء على ما قرّرته خطأ من أن أحد الوصيين المشروط لهما بالعمل مجتمعين لا يجوز له إجازة ما يكون قد عمله الوصي الآخر في مصلحة القصر - قد أخطأت في تطبيق القواعد القانونية المتعلقة بالإجازة. وذلك لأن المقرّر شرعا وقانونا أن أحد الوكيلين أو أحد الوصيين المشروط لهما في التصرف مجتمعين، إذا تصرف بإذن صاحبه أو بإجازته نفذ تصرفه. على أن الكلام في هذا فضلة ما دام المجلس الملي - وكان هو السلطة المختصة - قد علم أثناء فحص الحساب في سنة 1923 بمشترى هذه السندات ووافق على الحساب، وموافقته عليه تفيد أنه اعتمد هذا المشترى وأجازه بإجازة هي حجة على القصر ملزمة لهم تمام الإلزام.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه الصادر في دعوى الست أوجينى الأصلية.
عن طعن الست أوجينى بصفتها وولديه:
حيث إن الحكم الصادر في دعوى الست المذكورة وولديها قد تقرّر نقضه وهذا النقض يشمل طبعا كل ما كانت تطلبه في دعواها وفى استئنافها.
عن الطعن المرفوع من الخواجة حبيب فيما يتعلق بدعواه الفرعية
حيث إنه لارتباط هذه الدعوى الفرعية بالدعوى الأصلية المتقدّمة الذكر، ذلك الارتباط المدلول عليه بما سبق إيراده من وقائع الدعوى ومن دفاع الخصوم في الدعويين أمام محكمة الموضوع وأمام هذه المحكمة، ترى هذه المحكمة أن نقض الحكم المطعون فيه الصادر في الدعوى الأصلية يترتب عليه نقض الحكم في الدعوى الفرعية المرفوعة من الخواجة حبيب.
عن موضوع الاستئنافين:
حيث إن موضوعي الاستئنافين صالحان للفصل.
وحيث إنه ما دام قد ظهر مما تقدّم في الكلام على دعوى الست أوجينى أن الحكم المطعون فيه غير صحيح وأن الحكم الابتدائي هو الحكم الصحيح المتعين تأييده.
وحيث إن الخواجة حبيب لم يرفع دعواه الفرعية إلا ليجيب بها على الدعوى الأصلية بصفة احتياطية وإلا فهو متجاوز لأولاد أخيه عن كل ما قد يكون دفعه لهم زائدا عما لهم بمقتضى الحساب. وهذا الفهم قد أكده وكيله بجلسة المرافعة في هذا اليوم، ومن أجل هذا يكون لا محل لرجوعه عليهم الآن بشيء مما ادعاه في دعواه الفرعية ويكون الحكم الابتدائي فيها متعينا تأييده.

الطعن 29 لسنة 6 ق جلسة 29 / 10 / 1936 مج عمر المدنية ج 1 ق 381 ص 1171


جلسة 29 أكتوبر سنة 1936
برياسة حضرة صاحب السعادة محمد لبيب عطية باشا وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعلى حيدر حجازي بك المستشارين.
----------------
(381)

القضية رقم 29 سنة 6 القضائية

(أ ) نزع ملكية. 
قانون نزع الملكية الصادر في 14 أبريل سنة 1907 المعدّل في 18 يونيه سنة 1931. مفاده. حق المالك المنزوعة ملكيته في وضع يده على العين واستغلالها ودفع كل تعدّ يمس هذا الحق لغاية صدور قرار الاستيلاء عليها.

(ب) سبب الدعوى. 
الاعتراض على تغيير سبب الدعوى. وجوب إبدائه لدى محكمة الموضوع. إبداؤه لأوّل مرة أمام محكمة النقض. لا يجوز.

---------------

1 - إن المستفاد من نصوص قانون نزع الملكية الصادر في 14 أبريل سنة 1907 المعدّل في 18 يونيه سنة 1931 أنه وإن اعتبر نازع الملكية مالكا للعين المنزوعة ملكيتها من يوم نشر المرسوم بغير حاجة إلى إشهار إلا أن حق المالك المنزوعة ملكيته في وضع يده على تلك العين والانتفاع بثمرتها باق له لغاية صدور قرار وزير الأشغال بالاستيلاء عليها. فلهذا المالك أن يستثمرها بنفسه أو أن يؤجرها لغيره، وله - في سبيل حماية وضع يده في هذه المدّة - الحق في أن يدفع كل تعدّ يمس انتفاعه بها سواء أكان مصدره نازع الملكية نفسه أم غيره.
2 - الاعتراض على تغيير سبب الدعوى يجب إبداؤه أمام محكمة الموضوع. فاذا لم يبد أمامها سقط الحق في إبدائه لدى محكمة النقض.


الطعن 730 لسنة 29 ق جلسة 8/ 6/ 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 140 ص 629


جلسة 8 من يونيه سنة 1959
برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وفهيم يسى جندي, وعادل يونس, ورشاد القدسي المستشارين.
--------------
(140)
الطعن رقم 730 لسنة 29 القضائية

(أ, ب) أمر بألا وجه لإقامة الدعوى. 
حجيته ولو لم يعلن به الخصوم. دعوى مباشرة. شروط تحريكها. أثر صدور قرار بألا وجه لإقامة الدعوى.
الحيلولة دون تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر سواء أتم تحريكها في ظل المادة 232 أ. ج. قبل تعديلها بالقانون رقم 121 لسنة 1956 أم بعد ذلك. عدم حصول الادعاء المدني أمام سلطة التحقيق غير مؤثر. المادة 162, 210 أ. ج.

---------------
1 - الأمر الصادر من النيابة العامة بالحفظ بعد تحقيق أجرته بنفسها هو أمر له بمجرد صدوره حجيته - حتى ولو لم يعلن به الخصوم - ويمنع من العود إلى رفع الدعوى الجنائية, وما دام هذا الأمر قائما ولم يلغ قانونا فما كان يجوز رفع الدعوى على المتهم بعد ذلك عن ذات الواقعة - على ما قال به الحكم المطعون فيه - بحق, ولا يغير من هذا النظر أن الطاعنة لم تكن مدعية بالحقوق المدنية في تحقيقات النيابة, فإن المادتين 162, 210 من قانون الإجراءات الجنائية صريحتان في أن أحكامهما تنتظم المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية على السواء.
2 - لم يأت القانون رقم 121 لسنة 1956 الصادر في 21 من مارس بتعديل المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية بجديد, بل أكد رأيا استقر عليه الفقه والقضاء من قبل صدوره وبعده.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده الأول بأنه: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل توفيق منصور سعد وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد السيارة بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليه وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات وقد ادعت فريده اثناسيوس بحق مدني قبل المتهم وطلبت القضاء لها قبله وشركة المنيا والبحيرة بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بقرش صاغ واحد بصفة تعويض مؤقت... ومحكمة شبرا الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام. أولا: بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات مصرية لوقف التنفيذ. ثانيا: إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم, وأمام محكمة القاهرة الابتدائية دفع الحاضر مع المتهم بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لأن تحقيقا تم بمعرقة النيابة وأصدرت قرارا بأن لا وجه لإقامة الدعوى, ولم يطعن على هذا القرار أمام غرفة الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل مشتملاته وبعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية وألزمت المدعية بالحق المدني بالمصاريف المدنية عن الدرجتين. فطعنت الطاعنة المدعية بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
وحيث إن الطاعنة تعيب على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية - قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنها لم تكن قد ادعت مدنيا في التحقيقات التي انتهت بصدور الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى, فلا يسري في حقها المنع المنصوص عليه في المادة 232 من قانون الإجراءات, كما لا يسري أيضا القانون رقم 121 لسنة 1956 والصادر في 21/ 3/ 1956, لأن الدعوى المباشرة رفعت منها في 25/ 7/ 1955 أي في تاريخ سابق على تاريخ العمل به - هذا وقد شاب الحكم البطلان لعدم التوقيع عليه في بحر الثمانية أيام التالية لتاريخ صدوره.
وحيث إن واقعة الدعوى - هي أن الطاعنة أقامت دعواه المباشرة ضد الطاعن بتاريخ 25, 27 من يونيه سنة 1955 أمام محكمة شبرا الجزئية ونسبت إليه بأنه تسبب بإهماله في قتل زوجها توفيق منصور بأن قاد سيارة ركاب بحالة ينجم عنها الخطر فصدمه ومات - وطلبت الحكم عليه وعلى شركة سيارات المنيا والبحيرة متضامنين بمبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية - فقضت محكمة أول درجة بمعاقبة المتهم المطعون ضده بالحبس لمدة ستة شهور وإلزامه والشركة بأن يدفعا لها التعويض المطلوب - فاستأنف المتهم ودفع بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية وإلزام الطاعنة بالمصروفات على أساس أن النيابة أجرت في القضية تحقيقا - بعد استخراجها من الحفظ بناء على تظلم رفعته الطاعنة نفسها إلى المحامي العام - وانتهت النيابة - بعد هذا التحقيق الأخير - إلى التقرير بألا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة ولم تطعن في هذا الأمر أمام غرفة الاتهام - كما تقضي بذلك المادة 210 من قانون الإجراءات - فأصبح له قوة الأمر المقضي, فلا يجوز لها - مع قيامه - الالتجاء إلى طريق الادعاء المباشر - ومحكمة ثاني درجة - بعد أن استعرضت ما تم في الدعوى من إجراءات - قالت "إنه تبين للمحكمة من الاطلاع على الجنحة رقم 7855 سنة 1954 شبرا المنضمة أن الحادث حقق بمعرفة البوليس, وبتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1954 أمر السيد وكيل نيابة شبرا بحفظه قطعيا لعدم الجناية مؤسسا قراره هذا على أنه لم يستدل على شهود للحادث. وبتاريخ 12/ 10/ 1954 أرسلت المدعية بالحق المجني برقية إلى السيد وكيل نيابة شبرا تتظلم فيها من قرار الحفظ سالف الذكر, كما أرسلت تظلما مسببا إلى السيد المحامي العام بتاريخ 23/ 12/ 1954, وبتاريخ 1/ 1/ 1955 أمر السيد المحامي العام بإلغاء قرار الحفظ المذكور وبإعادة التحقيق بمعرفة النيابة وعمل رسم كروكي لمكان الحادث, وقد أعيد التحقيق, كما تمت المعاينة, وأجرى رسم كروكي بمعرفة النيابة, وانتهى الأمر بأن أمر السيد المحامي العام بتاريخ 12/ 5/ 1955 بإعادة الأوراق إلى نيابة شبرا لإصدار أمر فيها بعدم وجود وجه لعدم كفاية الأدلة. وحيث إن المشرع قد رسم في المادة 210 من قانون الإجراءات طريقا للطعن على الأمر الصادر من النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية فنص على أنه (للمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية الطعن في الأمر المذكور في المادة السابقة أمام غرفة الاتهام ويتبع في ذلك أحكام المادة 162وما بعدها) وحيث إن المدعية بالحقوق المدنية لم تطعن في الأمر الصادر من النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة أمام غرفة الاتهام بل رفعت دعواها هذه بطريق الجنحة المباشرة... وأن من شروط تحريك الدعوى الجنائية بطريق الادعاء المباشر أن تكون الدعوى الجنائية مقبولة فلا يكون هناك محل للادعاء المباشر إذا كانت الدعوى الجنائية قد انقضت... وأن الأمر الصادر من النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة قد صدر بعد تحقيق باشرته بنفسها بمقتضى سلطتها المخولة لها في القانون فيكون لذلك الأمر قوة الشيء المحكوم فيه بحيث لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد صدوره, ومؤدي هذا أنه في حالة طرح الدعوى الجنائية بالمخالفة لذلك يتعين على المحاكم الحكم بعدم قبول الدعوى الجنائية لمخالفة ذلك للنظام العام سواء كان تحريك الدعوى الجنائية من النيابة العامة, أو المضرور بطريق الادعاء المباشر طالما أن ذلك الأمر مازال قائما, وسواء أكان أعلن للمجني عليه, أم لم يعلن له". لما كان ذلك, وكان الأمر الصادر من النيابة العامة بالحفظ قد صدر منها بعد تحقيق أجرته بنفسها - فهو أمر له بمجرد صدوره حجيته حتى ولو لم يعلن به الخصوم - ويمنع من العود إلى رفع الدعوى الجنائية - مادام هذا الأمر قائما ولم يلغ قانونا - فما كان يجوز رفع الدعوى على المتهم بعد ذلك عن ذات الواقعة - على ما قال به الحكم المطعون فيه - بحق - ولا يغير من هذا النظر أن الطاعنة لم تكن مدعية بالحقوق المدنية في تحقيقات النيابة فإن المادتين 162, 210 من قانون الإجراءات الجنائية صريحتان في أن أحكامهما تنتظم المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية على السواء, وأمر الحفظ في هذه الحالة - لصدوره من سلطة قضائية - له قوة الأمر المقضي به كما هو الحال في الأحكام ويتعين على المحكمة أن تقضي بعدم جواز نظر الدعوى في أية حالة كانت عليها الدعوى - ولو من تلقاء نفسها - وما أشار إليه الحكم بشأن القانون رقم 121 لسنة 1956 الصادر في 21 من مارس سنة 1956 بتعديل المادة 232 من قانون الإجراءات قصد به أن هذا القانون في صراحة نصه المؤيد لهذا الوجه من النظر لم يأت بجديد, بل أكد رأيا استقر عليه الفقه والقضاء من قبل صدوره وبعده لما كان ذلك, وكان ما تنعاه الطاعنة على الحكم بأنه لم يختم في ميعاد الثمانية أيام مردود بأن الشارع في المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية إنما يوصي فقط بالتوقيع على الحكم في خلال تلك المدة ولم يرتب البطلان على عدم مراعاتها - لما كان ذلك فإن الطعن برمته لا يكون مقبولا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


الطعن 494 لسنة 29 ق جلسة 26 / 5/ 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 129 ص 579


جلسة 26 من مايو سنة 1959
برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وفهيم يسي جندي, وعباس حلمي سلطان, وعادل يونس المستشارين.
--------------
(129)
الطعن رقم 494 لسنة 29 القضائية

نقض. أوجهه.
مخالفة القانون الإجرائي. مثال.
وصف التهمة. ما لا يتعارض مع تقيد المحكمة بحدود الدعوى. تغيير الوصف القانوني للفعل المسند إلى المتهم. مثال في إقامة بناء مخالف للمواصفات القانونية بدون ترخيص من الجهة المختصة.
مخالفة البناء للمواصفات القانونية وإقامة البناء ذاته بدون ترخيص قرينان ملازمان فعل البناء ومتداخلان في وصفه القانوني.

-------------
مخالفة البناء لأحكام القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص, وإنما هما قرينان ملازمان لفعل البناء ومتداخلان في وصفه القانوني - فإذا كان المستفاد مما أثبته الحكم أن الواقعة التي كانت مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية هي بذاتها التي رفعت لمحكمة أول درجة, وقد تناولتها المحكمتان في حكميهما, وكان من واجب محكمة ثاني درجة أن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع ما تتحمله من الكيوف والأوصاف وأن تطبق عليها حكم القانون تطبيقا صحيحا، فإن حكمها بإلغاء تصحيح الأعمال المخالفة استنادا إلى أن واقعة مخالفة البناء للمواصفات القانونية لم ترفع بها الدعوى الجنائية مخطئ في تطبيق القانون.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أقام البناء الموضح بالمحضر بدون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم وطلبت عقابه بالمادة 3 من القانون رقم 656 لسنة 1954 مع توقيع أقصى العقوبة. ومحكمة جنح زفتى الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائة قرش وتصحيح الأعمال على نفقته وإلزامه بأن يؤدي لمجلس زفتى جنيها و800 مليما. استأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة جنح طنطا الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا عملا بالمادتين 1 و3 من القانون رقم 656 لسنة 54 بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم مائة قرش والزامه برسوم الرخصة. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأن الواقعة - كما أوردها الحكم المطعون فيه - هي أن المتهم بنى حجرتين بدون رخصة ويطلان على حارة بعرض 4.10 مترا بدلا من ستة أمتار, واستند الحكم في إلغاء ما قضت به محكمة أول درجة من تصحيح الأعمال المخالفة إلى أن الدعوى الجنائية مقصورة على إجراء بناء بغير ترخيص, وهذا منها خطأ في تطبيق القانون, لأن البناء بدون رخصة يتضمن في الوقت ذاته مخالفة أحكام القانون رقم 656 لسنة 1954 الذي طلبت النيابة إلى المحكمة تطبيق المادة 30 منه, وهى تنص على عقاب من يخالف أحكامه بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة للأوضاع القانونية, والبناء ليس واقعة أخرى غير واقعة اقامته بدون ترخيص, بل ان الأمرين داخلان في الوصف اللازم لإقامة البناء, والمحكمة مكلفة بتمحيص الواقعة بجميع أوصافها لتطبق عليها حكم القانون تطبيقا صحيحا, ومن ثم يكون الحكم إذ قضى بالغرامة دون تصحيح المخالف من أعمال البناء قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى على المطعون ضده لأنه في يوم 17 أغسطس سنة 1957 أقام البناء الموضح بالمحضر بدون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم وطلبت محاكمته بالقانون رقم 656 لسنة 1954, وقضت محكمة أول درجة بتغريم المتهم 100 قرش وتصحيح الأعمال المخالفة على نفقته وإلزامه أن يؤدي للمجلس البلدي مبلغ جنيه و800 مليم, وعوّلت المحكمة في قضائها على ما ثبت من محضر مهندس التنظيم المؤرخ 17 أغسطس سنة 1957. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم, فقضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم مائة قرش والزامه برسوم الرخصة, وأسست قضاءها على ما قالته: "إن الوقائع تتحصل في أنه بتاريخ 15 أغسطس سنة 1957 ضبط مهندس التنظيم محضرا للمتهم لبنائه حجرتين بدون رخصة وعلى حارة بعرض 4.10 مترا بدلا من ستة أمتار, وبسؤال المتهم قرر أنه استخرج رخصة سنة 1950 ونسى تجديدها. وأن النيابة العامة عندما قدمت المتهم للمحاكمة لم تنسب إليه إلا تهمة البناء بدون رخصة, أي لم توجه تهمة البناء المخالف للشرائط التي رسمها القانون... وهذه التهمة ثابتة قبله من محضر ضبط الواقعة واعترافه عند سؤاله وعقابه ينطبق على المادتين 1 و3 من القانون رقم 656 لسنة 54, ومتى كان ذلك استبان أن الحكم المستأنف قد جانبه الصواب عندما قضى بتصحيح الأعمال المخالفة على نفقة المتهم, ويتعين لذلك إلغاؤه وإعمال حكم القانون الصحيح عن التهمة الموصوفة للمتهم, وسلطة الاتهام وشأنها في طلب محاكمته عما ترى من جرائم أخرى لم تقدم أمام محكمة أول درجة لمحاكمته عنها".
وحيث إن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في تطبيق القانون, لأن مخالفة البناء لأحكام القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص, وإنما هما قرينان ملازمان لفعل البناء ومتداخلان في وصفه القانوني, فإذا كان المستفاد مما أثبته الحكم المطعون فيه, ومن الاطلاع على المفردات أن الواقعة التي كانت مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية هى بذاتها التي رفعت لمحكمة أول درجة وقد تناولتها المحكمتان في حكميهما, وكان من واجب محكمة ثاني درجة أن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع ما تتحمله من الكيوف والأوصاف وأن تطبق عليها حكم القانون تطبيقا صحيحا, فإذا كانت قد قضت بإلغاء تصحيح الأعمال المخالفة استنادا إلى أن واقعة مخالفة البناء للمواصفات القانونية لم ترفع بها الدعوى الجنائية فإن حكمها يكون مخطئا في تطبيق القانون ويتعين نقضه, ولما كانت المحكمة لم تتعرض لما تضمنه وصف التهمة من إقامة البناء دون أن يلتزم المتهم الأوضاع المقررة بالقانون من ناحية ثبوتها أو عدم ثبوتها, ولم تسمع دفاع المتهم فيها فإنه يتعين مع نقض الحكم إحالة القضية لنظرها من جديد أمام دائرة استئنافية أخرى.

الطعن 1303 لسنة 29 ق جلسة 28 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 219 ص 1068


جلسة 28 من ديسمبر سنة 1959
برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: أحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.
------------
(219)
الطعن رقم 1303 لسنة 29 القضائية

(أ, ب) استئناف. حكم حضوري.
ميعاد استئناف الأحكام الحضورية. متى يكون الحكم حضوريا؟
بحضور المتهم الجلسة التي أبدى فيها دفاعه وصدور القرار بتأجيل النطق بالحكم في الدعوى لأول مرة في حضوره. وجوب تتبع المتهم سير دعواه من جلسة إلى أخرى.
تسبيب الحكم الاستئنافي في خصوص شكل الاستئناف. عذر المستأنف في عدم التقرير بالاستئناف في الميعاد. تقديره.
هذا التقدير أمر موضوعي إلا إذا كانت علة الرفض غير مستساغة عقلا.

---------------
1 - إذا كان الثابت أن محاكمة المتهم أمام محكمة أول درجة قد تمت بحضوره بجلسة معينة, وفيها أبدى دفاعه, ثم صدر قرار بتأجيل النطق بالحكم لأول مرة في مواجهته, فإن الحكم الصادر في الدعوى يكون حضوريا - حتى ولو لم يحضر المتهم جلسة النطق به, ويسري ميعاد استئنافه من تاريخ صدوره عملا بنص الفقرة الأولى من المادة 406 من قانون الإجراءات الجنائية, ذلك لأن واجب المتهم يقضي عليه بتتبع سير الدعوى من جلسة إلى أخرى حتى يصدر الحكم فيها.
2 - تقدير كفاية العذر الذي يستند إليه المستأنف في عدم التقرير باستئنافه في الميعاد من حق قاضي الموضوع, فمتى قدر القاضي العذر ورفضه فلا تعقيب عليه من محكمة النقض إلا إذا كانت علة الرفض لا يمكن التسليم بها عقلا.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المتهم بأنه: تسبب بإهماله في قتل المجني عليه بأن قاد سيارة بكيفية ينجم عنها الخطر ولم يحتط لوقوف سيارة المجني عليه فصدمها بسيارته وأصيب المجني عليه بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات ومحكمة أول درجة قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم مع كفالة لإيقاف التنفيذ. استأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة ثاني درجة قضت حضوريا بعدم قبول الاستئناف شكلا لرفعه بعد الميعاد القانوني. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو القصور والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول استئناف الطاعن شكلا للتقرير به بعد الميعاد المقرر قانونا استنادا إلى أن الحكم المستأنف صدر حضوريا وأن ميعاد استئنافه يبدأ من تاريخ النطق به - مع أن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان لديه عذر قهري منعه من متابعة الدعوى أمام المحكمة الجزئية التي حجزتها للنطق بالحكم أكثر من مرة ثم أصدرت حكمها المستأنف في 15/ 12/ 1956 ولم يعلن للطاعن, وقد قدم الطاعن للمحكمة الاستئنافية تأييدا لدفاعه شهادة رسمية تتضمن أنه كان خارج منطقة القاهرة في عمليات حربية في المدة من 2/ 11/ 1956 إلى 12/ 1/ 1957 ثم سرح من خدمة الجيش في أول يناير سنة 1958 ولم يعلم بالحكم الصادر ضده إلا في ذلك التاريخ الأخير حيث قبض عليه تنفيذا له ولذا فقد بادر بالتقرير بالاستئناف في 8 من يناير سنة 1958 ومن ثم يكون استئنافه في الميعاد, ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبوله شكلا قد انطوى على خطأ في تأويل نص المادتين 239 و407 من قانون الإجراءات الجنائية كما أنه جاء مشوبا بالقصور إذ لم يرد على دفاع الطاعن بشأن قيام عذره في التقرير بالاستئناف.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن قد أعلن للحضور أمام محكمة أول درجة لجلسة 20 من سبتمبر سنة 1956 وفيها حضر وأبدى دفاعه ثم قررت المحكمة حجز الدعوى لإصدار حكمها فيها لجلسة 10/ 10/ 1956 ثم مد أجل الحكم لجلسة 10/ 11/ 1956 ثم لجلسة 15/ 12/ 1956 حيث أصدرت حكمها بإدانة الطاعن فلم يقرر الطاعن باستئنافه إلا في 8 من يناير سنة 1958. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أبداه الطاعن في دفاعه بقوله "وحيث إنه إزاء ما أبداه المتهم من عدم اعتبار الحكم حضوريا بالنسبة له عملا بالمادة 239 إجراءات فإنه يتعين بيان ما إذا كان الحكم حضوريا أو غيابيا والمقصود في الحضور في نظر المادة 238/ 1 إجراءات هو وجود المتهم بالجلسة بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك - في الجلسة التي حصلت فيها المرافعة حتى تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه فإذا كان المتهم قد حضر جلسة أو جلسات سابقة ثم تخلف عن الحضور في جلسة المرافعة أو كان قد حضر عند النداء عليه في الجلسة ثم انسحب قبل أن تنظر قضيته فحصلت المحاكمة والمرافعة في غيبته فإن الحكم يصير غيابيا - إلا أن الشارع لاعتبارات سامية تتعلق بالعدالة في ذاتها اعتبر الحكم الصادر في الجنحة أو المخالفة في بعض الحالات - حضوريا بقوة القانون في الحالة المنصوص عليها في المادة 239 إجراءات. ويتضح من ذلك أن المتهم إذا حضر المحاكمة وأبدى دفاعه ثم حجزت المحكمة الدعوى لإصدار الحكم فيها فإن الحكم يكون حضوريا ولا مجال للقول بأنه يتعين إعلانه للمتهم حتى يبدأ ميعاد الاستئناف في حالة مد أجل النطق بالحكم وتخلف المتهم عن حضور إحدى هذه الجلسات المحددة لإصدار الحكم إعمالا للمادة 407 إجراءات وذلك لأن المقصود بهذه المادة هي الأحكام الصادرة في غيبة المتهم والمعتبرة حضوريا في حين أن الحكم الصادر في هذه الدعوى هو حكم حضوري واقعي مما يتعين معه على المتهم متابعته - والتقرير باستئنافه في خلال الميعاد المقرر - على أنه من ناحية أخرى فإذا كان المتهم لديه ما يمنعه من التقرير بالاستئناف في خلال المدة المذكورة فإنه يتعين عليه التقرير به بمجرد زوال المانع, والثابت من الأوراق أن المتهم لم يقرر بالاستئناف إلا بعد أكثر من عام مستندا في ذلك إلى أنه كان في خدمة الجيش ولم يحل من الخدمة العسكرية إلا في أول يناير سنة 1958 حيث قرر بالاستئناف في 8 من يناير سنة 1958 ولم يقدم ما يدل على صحة هذا القول مما ترى معه المحكمة إن هذا العذر لا سند له وبالتالي ترى المحكمة أنه ليس هناك ثمت عذر مقبول لتأخيره في التقرير بالاستئناف طيلة هذه المدة".
وحيث إنه لما كان الثابت مما تقدم أن محاكمة الطاعن أمام محكمة أول درجة قد تمت بحضوره بجلسة 29 من سبتمبر سنة 1956 وفيها أبدى دفاعه ثم صدر قرار بتأجيل النطق بالحكم لأول مرة في مواجهته فإن الحكم الصادر في الدعوى يكون حضوريا. كما وصفه بحق الحكم المطعون فيه - حتى ولو لم يحضر المتهم جلسة النطق به ويسري ميعاد استئنافه من تاريخ صدوره عملا بنص الفقرة الأولى من المادة 406 من قانون الإجراءات الجنائية ذلك لأن واجب الطاعن يقضي عليه بتتبع سير الدعوى من جلسة إلى أخرى حتى يصدر الحكم فيها. لما كان ذلك, وكانت المحكمة الاستئنافية قد عرضت لدفاع الطاعن بشأن العذر الذي قال إنه منعه من التقرير بالاستئناف في الميعاد فلم تعوّل عليه. وكان تقدير كفاية العذر الذي يستند إليه المستأنف في عدم التقرير باستئنافه في الميعاد من حق قاضي الموضوع فمتى قدر القاضي العذر ورفضه فلا تعقيب عليه من محكمة النقض إلا إذا كانت علة الرفض لا يمكن التسليم بها عقلا, لما كان ذلك - وكان الثابت مما أبداه الطاعن في دفاعه بمحضر جلسة المحكمة الاستئنافية ومما جاء بطعنه أنه لم يعلم بالحكم المستأنف إلا في أول يناير سنة 1958 وهو تاريخ إخلائه من الخدمة العسكرية كما أثبته الحكم مما كان مقتضاه أن يقرر بالاستئناف فور زوال المانع لا في 8 من يناير سنة 1958 فاستئنافه لا يكون مقبولا شكلا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.