الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 14 أبريل 2020

الطعن 3225 لسنة 57 ق جلسة 20/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 202 ص 1338


جلسة 20 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابي ومحمود عبد الباري وجابر عبد التواب.
----------------
(202)
الطعن رقم 3225 لسنة 57 القضائية

حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل خطأ. إصابة خطأ. مرور. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
تسبيب سائغ في جرائم القتل والإصابة الخطأ. والنكول عن مساعدة المجني عليهم.
مثال لحكم بالإدانة في جرائم القتل والإصابة الخطأ وقيادة خطرة. صادر من محكمة النقض عند نظرها موضوع الدعوى.

----------------------
لما كان وقوع الحادث قد ثبت لدى المحكمة من أقوال المجني عليهم ومن المعاينة ومن تقرير المهندس الفني والتقارير الطبية ذلك أن الثابت من أقوال الشهود والمعاينة أن المتهم...... كان يقود سيارته بسرعة ولم يحتفظ ببعد مناسب بينه وبين السيارة التي تسبقه مما أدى إلى اصطدامه بالسيارة قيادة..... مما يتعين معه عقاب المتهم...... عن تهم القتل والإصابة الخطأ وقيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر والنكول عن مساعدة المجني عليهم طبقاً لمواد الاتهام وعملاً بالمادتين 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 32/ 1 من قانون العقوبات وتنوه المحكمة إلى أنه وإن كانت العقوبة الواجبة التطبيق هي الحبس وجوباً إلا أنه لما كان المتهم هو المستأنف وحده ولذلك لا يضار باستئنافه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: أولاً: - تسببا خطأ في موت..... و..... وإصابة كل من..... وآخرين وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما ومخالفتهما للقوانين واللوائح بأن قاد الأول سيارته بدون رخصة تسيير وبحالة ينجم عنها الخطر ولم يتأكد من خلو الطريق أمامه فاصطدم بسيارة الآخر وأدى إلى انقلابها وحدوث وفاة المجني عليهما وإصابة المجني عليهم الباقين بالإصابات الواردة بالتقارير الطبية المبينة بالتحقيقات وقاد الآخر سيارته بتصريح انتهت مدته وبحالة ينجم عنها الخطر وقبل ركاباً بالمكان المخصص للحمولة مما أدى إلى اصطدامه بالسيارة الأتوبيس وانقلابها وحدوث إصابات المجني عليهم سالفي الذكر ونكل عن مساعدة المجني عليهم وقت الحادث. ثانياً: 1 - قاد سيارة بدون رخصة تسيير. 2 - قاد السيارة بحالة ينجم عنها الخطر. ثالثاً: - "المتهم الآخر": 1 - قاد السيارة بتصريح انتهت مدته. 2 - قاد السيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر رابعاً: المتهمان وهما قائدي مركبات وقع منهما حادث نشأ عنه إصابة المجني عليهم سالفي الذكر ولم يهتما بأمر المصابين ولم يبلغا أقرب نقطة مرور فور الحادث مع تمكنهما من ذلك. وطلبت عقابهما بالمواد 238/ 1، 2، 244/ 1، 2، 3 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 67، 74/ 11، 75/ 2، 77، 78 من القانون رقم 66 لسنة 1973 ولائحته التنفيذية. ومحكمة جنح شبين القناطر قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام. أولاً: بحبس المتهمين ستة أشهر مع الشغل والنفاذ عن تهمة القتل الخطأ وشهراً مع الشغل والنفاذ عن تهمتي الإصابة الخطأ وقيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. ثانياً: ببراءة المتهمين من تهمتي قيادة سيارة بدون رخصة تسيير وبتصريح انتهت مدته لعدم المخالفة. ثالثة: تغريم المتهمين 100 جنيه عن كل تهمة من التهم الباقية. استأنف المحكوم عليهما والنيابة العامة ومحكمة بنها الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً. أولاً: بقبول الاستئناف شكلاً ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء حكم أول درجة وبتغريم كل منهما مائتي جنيه عن تهمتي القتل الخطأ والقيادة بحالة ينجم عنها الخطر للارتباط. ثالثاً: تغريم المتهم الآخر مائة قرش عن التهمة الثالثة. رابعاً: براءة المتهمين فيما عدا ذلك فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة بنها الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع. أولاً: بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة بالنسبة للمتهم الآخر عن تهمة القتل الخطأ والإصابة وقيادة السيارة بحالة خطرة وتأييده فيها عدا ذلك. ثانياً: برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الأول.
فطعن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول - للمرة الثانية - في هذا الحكم بطريق النقض وبجلسة...... قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن....... وللمحكوم عليه الآخر..... فيما قضى بإدانته عنه وتحديد جلسة...... لنظر الموضوع.


المحكمة
وحيث إنه سبق أن قضت هذه المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه للمرة الثانية وتحديد جلسة لنظر الموضوع.
وحيث إن الاستئناف استوفى الشكل المقرر في القانون.
من حيث إن النيابة العامة اتهمت كلاً من: 1 -..... 2 -..... بأنهما في يوم..... أولاً: تسببا خطأ في موت..... و...... وإصابة كل من...... و...... و..... و...... و...... و...... و...... و..... و...... و...... و...... و...... و...... و...... و...... و..... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما ومخالفتهما للقوانين واللوائح بأن قاد الأول سيارته بدون رخصة تسيير وبحالة ينجم عنها الخطر ولم يتأكد من خلو الطريق أمامه فأصطدم بسيارة الثاني وأدى إلى انقلابها وحدوث وفاة المجني عليهما الأول وإصابة المجني عليهم الباقين بالإصابات الواردة بالتقارير الطبية المبينة بالتحقيقات وقاد الثاني سيارته بتصريح انتهت مدته وبحالة ينجم عنها الخطر ونقل ركاباً بالمكان المخصص للحمولة مما أدى إلى اصطدامه بالسيارة الأتوبيس وانقلابها وحدوث إصابات المجني عليهم سالفة الذكر ونكل عن مساعدة المجني عليهم وقت الحادث. ثانياً: المتهم الأول: 1 - قاد سيارة بدون رخصة تسيير 20 قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. المتهم الثاني. 1 - قاد سيارة بتصريح انتهت مدته. 2 - نقل ركاباً بالسيارة النقل أكثر من المقرر. 3 - نقل ركاباً بالسيارة النقل في المكان المخصص للحمولة. 4 - قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. ثالثاً: المتهمان الأول والثاني: وهما قائدي مركبات وقع منهما حادث نشأ عنه إصابة المجني عليهم سالفي الذكر ولم يهتما بأمر المصابين ولم يبلغا أقرب نقطة مرور للحادث مع تمكنهما من ذلك وطلبت عقابهما بالمواد 244/ 1 - 2 - 3، 238/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 67، 74/ 11، 75/ 2، 77، 78 من القانون رقم 66 لسنة 1973 ولائحته التنفيذية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ..... أثبت النقيب...... معاون شرطة شبين القناطر حضور المتهم...... قائد السيارة رقم...... أتوبيس عام القليوبية وإبلاغه بحدوث مصادمة بين سيارته وسيارة رقم...... نقل القليوبية فانتقل لمكان الحادث الذي تبين أنه بطريق مشتول السوق الذي يبلغ عرضه سبعة أمتار أسفلت وعلى جانبيه طريق ترابي بعرض متر تقريباً وأن السيارة رقم..... نقل قليوبية مقلوبة على واجهتها على الطبان الترابي وأن السيارة رقم...... أتوبيس عام تقف في منتصف الطريق وأن الرؤية واضحة والطريق حيوي ميسر المرور ووجد آثار فرامل للسيارة الأتوبيس بطول 35 خطوة تقريباً وبها آثار تطبيق بمقدمتها وتحطم الزجاج الأمامي لها كما شوهد آثار تطبيق بمؤخرة السيارة رقم....... نقل قليوبية من الناحية اليسرى وتحطم الزجاج الخلفي لها وأنه نتج عن الحادث إصابة أكثر من أربعة عشر مصاباً تم نقلهم إلى المستشفى المركزي.
وحيث إنه بسؤال....... بمحضر الاستدلالات قرر أنه كان يستقل السيارة...... أتوبيس عام القليوبية المتجهة من ناحية مشتول إلى شبين القناطر وأثناء المرور ما بين بلدة الشيخ عثمان ومزلقان التل ظهرت أمام السيارة الأتوبيس سيارة نقل رقم..... قليوبية فجأة بالطريق الترابي لتل بني تميم وحاول الدوران بسرعته من على الطريق الأسفلت إلى اليسار مما أدى إلى الاصطدام بالسيارة الأتوبيس وأردف قائلاً أن السرعة التي كان يسير عليها الأتوبيس 70 كيلو متر تقريباً وأن السيارة النقل كانت في محاولة للدوران مما أدى إلى وقوع الحادث.
وحيث إنه بسؤال المتهم..... السائق بشركة النقل العام لأتوبيس شرق الدلتا قائد السيارة رقم...... أتوبيس عام القليوبية بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة قرر أنه أثناء سيره متجهاً من ناحية تل بني تميم إلى شبين القناطر وأمامه السيارة...... نقل قليوبية التي انحرفت فجأة من اليمين إلى اليسار دون إعطائه أية إشارة بذلك مما أدى إلى اصطدامه بمؤخرتها ووقوع الحادث.
وحيث إنه بسؤال المتهم...... قائد السيارة رقم...... نقل قليوبية بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة قرر أنه كان متوجهاً إلى...... وأن السيارة الأتوبيس اصطدمت بسيارته حال تهدئته في التقاطع في الطريق للسماح لقائد الأتوبيس بالمرور ونفى ما جاء بأقوال....... من أن سبب الحادث هو دورانه بالسيارة وانحرافه لليسار.
وحيث إنه بسؤال..... قررت أنها كانت تستقل السيارة النصف نقل وفوجئت بحدوث المصادمة وأغمى عليها وأنها لا تعرف كيفية وقوع الحادث وأورى التقرير الطبي إصابتها بجرح حول العين اليسرى وكدمة بالعين اليسرى وجرح بفروة الرأس طوله 4 سم وإصابة كسر أسفل الساعد الأيمن والساق اليسرى.
وحيث إنه بسؤال....... قررت أنها كانت تستقل السيارة النصف نقل وفوجئت بالسيارة الأتوبيس تصطدم بالسيارة التي تستقلها من الخلف مما أدى إلى انقلابها وأورى التقرير الطبي إصابتها بجروح سطحية رضية بالظهر والكوع الأيسر وأضافت أن المصادمة حدثت حال أن السيارة النصف نقل في حالة تهدئة للدخول إلى جهة اليسار فاصطدمت بها السيارة الأتوبيس من الخلف.
وحيث إنه بسؤال..... قررت أنها كانت تستقل السيارة نصف نقل وفوجئت بالسيارة الأتوبيس تصطدم بالسيارة من الخلف مما أدى إلى انقلابها وأن السيارة النصف نقل كانت تسير بهدوء وأن السيارة الأتوبيس كانت مسرعة وأورى التقرير الطبي إصابتها بجرح قطعي بفروة الرأس ورض بالكتف الأيمن والصدر اشتباه كسر بالضلوع اليمنى والكوع الأيمن وكدمة كبيرة حول الكوع.
وحيث إنه بسؤال..... قررت أنها كانت بالسيارة النصف نقل وفوجئت بنفسها ملقاة على الأرض حيث أنها شعرت بصدمة في السيارة من جهة الخلف وأورى التقرير الطبي إصابتها بجرح حول الكوع الأيمن وكسر بالثلث الطولي لعظمة الزند اليمنى وكدمات بالظهر وجروح بفروة الرأس ورضوض بالصدر.
وحيث إنه بسؤال...... شهد بمضمون ما شهد به سابقيه وأورى التقرير الطبي أنه مصاب بجرح في فروة الرأس وتسلخات بالوجه وما بعد الارتجاج بالمخ.
وحيث أنه بسؤال..... شهد بمضمون ما شهد به سابقيه وأورى التقرير الطبي أنه مصاب بجروح رضية بفروة الرأس وكدم حول العين اليمنى ورض بالضلوع اليمنى السفلى. وبسؤال..... قررت أنها كانت تستقل السيارة النصف نقل وفجأة شعرت بالمصادمة وحدثت إصابتها وأورى التقرير الطبي إصابتها بجروح وسحجات بالوجه ورضي بالأضلاع واشتباه كسر بالضلوع اليمنى واليسرى واشتباه كسر بالعمود الفقري والحوض.
وحيث إنه بسؤال....... قررت أنها كانت تستقل السيارة النصف نقل والتي كانت تسير بسرعة هادئة وشاهدت السيارة الأتوبيس تأتي خلفهم بسرعة كبيرة فأشارت ومرافقيها لقائدها في محاولة منهم لتحذيره من الاصطدام بسيارتهم بيد أن السيارة اصطدمت بسيارتهم من الخلف فانقلبت وأورى التقرير الطبي إصابتها بجرح قطعي وكسر بالسبابة اليسرى ورض واشتباه كسر الأضلاع اليسرى واشتباه كسر واشتباه كسر أسفل الساعد الأيمن. وبسؤال..... قررت أنها كانت تستقل السيارة النصف نقل وشعرت بصدمة عنيفة حيث فقدت الوعي وأورى التقرير الطبي إصابتها بجروح وكدمات بالوجه وارتجاج بالمخ وجروح وسحجات بالساعد الأيمن واشتباه كسر بقاع الجمجمة وكدمة بفروة الرأس.
وحيث إنه بسؤال....... المحصل بهيئة النقل العام قرر أنه كان يقف وراء قائد الأتوبيس شاهد السيارة النقل في اليسار وقائد الأتوبيس يحاول مفاداتها بيد أنه لم يتمكن.
وحيث إن التقرير الطبي الخاص بـ..... أورى إصابته بكسر بسيط بالساق اليسرى وجرح رضي بالفروة واشتباه كسر بعظمة الجمجمة وما بعد الارتجاج.
وحيث إن التقرير الطبي الخاص بـ...... أورى أنها مصابة باشتباه كسر بالترقوة اليمنى.
وحيث إن التقرير الطبي الخاص بـ....... أورى أنها مصابة بكسر بالعضد الأيمن وكسر أسفل الساق اليمنى وكسر بالحوض ورضوض بالأضلاع وصدمة عصبية شديدة أدت إلى هبوط في القلب والدورة الدموية أدت إلى وفاتها.
وحيث إن التقرير الطبي الخاص بـ...... أورى أنها مصابة بكسر بقاع الجمجمة وكسر بفقرات العنق العليا وصدمة عصبية شديدة أدت إلى هبوط بالقلب والدورة الدموية أدت إلى الوفاة.
وحيث إن تقرير المهندس الفني أورى أنه بفحص السيارة رقم....... نقل قليوبية تبين أن فرملة القدم واليد صالحة والأنوار الخلفية والإشارات صالحة ما عدا فانوس الإشارة الأيمن مهشم وأن عجلة القيادة صالحة وأن بها من التلفيات تهشم فانوس الأستوب الخلفي الأيمن وخبطة من الجهة اليمنى إلى الداخل وأنه بفحص السيارة رقم...... أتوبيس عام قليوبية وجد أن فرملة القدم واليد صالحة والأنوار الأمامية والخلفية والإشارات صالحة ما عدا الفوانيس الأمامية منزوعة تماماً من الأتوبيس وبها من التلفيات تهشم البرابيز الأمامي والفوانيس الأمامية غير موجودة وخبطة في مقدمة السيارة إلى الداخل من الجهة اليمنى.
وحيث إن وقوع الحادث على الصورة سالفة البيان قد ثبت لدى المحكمة من أقوال المجني عليهم ومن المعاينة ومن تقرير المهندس الفني والتقارير الطبية ذلك أن الثابت من أقوال الشهود والمعاينة أن المتهم..... كان يقود سيارته بسرعة ولم يحتفظ ببعد مناسب بينه وبين السيارة التي تسبقه مما أدى إلى اصطدامه بالسيارة قيادته..... مما يتعين معه عقاب المتهم.... عن تهم القتل والإصابة الخطأ وقيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر والنكول عن مساعدة المجني عليهم طبقاً لمواد الاتهام وعملاً بالمادتين 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 32/ 1 من قانون العقوبات وتنوه المحكمة إلى أنه وإن كانت العقوبة الواجبة التطبيق هي الحبس وجوباً إلا أنه لما كان المتهم هو المستأنف وحده ولذلك لا يضار باستئنافه.
وحيث إنه عن الاتهام المسند إلى المتهم...... لقبوله ركاباً بالسيارة النقل أكثر من المقرر وفي غير المكان المخصص لذلك فتقضي المحكمة بإدانته عنهما عملاً بمواد الاتهام وطبقاً للمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 32 من قانون العقوبات.

الطعن 287 لسنة 57 ق جلسة 25/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 205 ص 1360

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن وحسين الشافعي.
--------------
(205)
الطعن رقم 287 لسنة 57 القضائية
تبديد. معارضة "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
عدم جواز الحكم في المعارضة. بغير سماع دفاع المعارض. ما لم يكن تخلفه بغير عذر. ثبوت أن تخلفه كان لعذر قهري. يعيب إجراءات المحاكمة. محل نظر العذر وتقديره يكون عند الطعن في الحكم. أساس ذلك؟
مناداة الطاعن باسم خاطئ وعدم مثوله بالتالي أمام المحكمة رغم حضوره بالجلسة. عذر قهري. ولا يصح معه القضاء في غيبته باعتبار المعارضة كأن لم تكن. مخالفة ذلك. أثرها. بطلان إجراءات المحاكمة.
-----------------
لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يصح في القانون الحكم في المعارضة المرفوعة من المتهم في الحكم الصادر في غيبته باعتبارها كأن لم تكن، أو بقبولها شكلاً ورفعها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه بغير سماع دفاع المعارض إلا إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة حاصلاً بدون عذر وأنه إذا كان هذا التخلف يرجع إلى عذر قهري حال دون حضور دون حضور المعارض الجلسة التي صدر فيها الحكم في المعارضة. فإن الحكم يكون غير صحيح لقيام المحاكمة على إجراءات معيبة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه في الدفاع. ومحل نظر العذر القهري المانع وتقديره يكون عند استئناف الحكم أو عند الطعن فيه بطريق النقض لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن عدم حضور الطعن جلسة 7 من فبراير سنة 1985 التي نظرت فيها المعارضة المرفوعة منه أمام المحكمة الاستئنافية يرجع إلى عدم المناداة عليه باسمه الصحيح المثبت في الأوراق، فإنه يكون قد ثبت قيام العذر القهري المانع من حضوره في الجلسة بما لا يصح معه في القانون القضاء في غيبته باعتبار المعارضة كأن لم تكن ويكون الحكم المطعون فيه قد بني على إجراءات باطله مما يعيبه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر المحجوز عليها إدارياً لصالح الأوقاف وكانت قد سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها يوم البيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائنة الحاجزة وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح بيلا قضت غيابياً عملاًً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ. عارض وقضى في المعارضة باعتبارها كأن لم تكن استأنف ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية بهيئة استئنافية قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد عارض وقضى في المعارضة باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ/.... عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى باعتبار معارضته في الحكم الغيابي الاستئنافي كأن لم تكن، قد اعتراه البطلان وشابه الإخلال بحق الدفاع بأن تخلفه عن المثول أمام المحكمة بجلسة المعارضة كان بسبب المناداة عليه باسم مغاير لاسمه الصحيح المثبت بالأوراق رغم تواجده بالجلسة مما حال دون تمكنه من إبداء دفاعه ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات المنضمة أنه قد تحدد لنظر معارضة الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية جلسة 7 من فبراير سنة 1985 وبهذه الجلسة لم يمثل الطاعن، فقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه باعتبار المعارضة كأن لم تكن وأثبت به أن اسم المتهم "......" بيد أن الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن وتقريري المعارضة والاستئناف تضمنت أن اسم المتهم "......." لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يصح في القانون الحكم في المعارضة المرفوعة من المتهم في الحكم الصادر في غيبته باعتبارها كأن لم تكن، أو بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه بغير سماع دفاع المعارض إلا إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة حاصلاً بدون عذر وأنه إذا كان هذا التخلف يرجع على عذر قهري حال دون حضور المعارض الجلسة التي صدر فيها الحكم في المعارضة. فإن الحكم يكون غير صحيح لقيام المحاكمة على إجراءات معيبة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه في الدفاع. ومحل نظر العذر القهري المانع وتقديره يكون عند استئناف الحكم أو عند الطعن فيه بطريق النقض لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن عدم حضور الطعن جلسة 7 من فبراير سنة 1985 التي نظرت فيها المعارضة المرفوعة منه أمام المحكمة الاستئنافية يرجع إلى عدم المناداة عليه باسمه الصحيح المثبت في الأوراق، فإنه يكون قد ثبت قيام العذر القهري المانع من حضوره في الجلسة بما لا يصح معه في القانون القضاء في غيبته باعتبار المعارضة كأن لم تكن ويكون الحكم المطعون فيه قد بني على إجراءات باطلة مما يعيبه ويستوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 3280 لسنة 57 ق جلسة 25/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 206 ص 1364


جلسة 25 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.
---------------
(206)
الطعن رقم 3280 لسنة 57 القضائية

نقض "الطعن بالنقض. سقوطه" "مما يجوز الطعن فيه من الأحكام". عقوبة. وقف التنفيذ.
سقوط الطعن بالنقض المرفوع من المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية. إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة لنظر الطعن. مفاد ذلك وعلته.

---------------
لما كانت المادة 41 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، إذ نصت على أنه "يسقط الطعن المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة." فقد دلت بذلك على أن سقوط الطعن هو جزاء وجوبي يقضى به على الطاعن الهارب من تنفيذ العقوبة إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة التي حددت لنظر الطعن باعتبار أن الطعن بطريق النقض لا يرد إلا على حكم نهائي وأن التقرير به لا يترتب عليه وفقاً للمادة 469 من قانون الإجراءات الجنائية إيقاف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها بالأحكام الواجبة التنفيذ. لما كان ذلك وكان الطاعن وفق ما أفصحت عنه النيابة العامة لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه فيتعين الحكم بسقوطه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر....... بأنهما (1) تسببا خطأ في موت كل من..... و..... و..... و..... و..... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما وعدم مراعاتهما للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليهم وحدثت إصاباتهم الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتهم. (2) تسببا خطأ في إصابة كلٍ من..... و..... و..... و..... و..... و..... و.... و..... و..... و....... و..... و...... و..... و..... بأن كان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازه وعدم مراعاتهما للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليهم وحدثت إصاباتهم الموصوفة بالتقرير (3) تسببا بغير عمد في حصول حادث لإحدى وسائل النقل العامة (4) لم يتبعا تعليمات المرور الخاصة بتنظيم السير (5) قاد مركبتين آليتين بحالة خطرة وطلبت عقابها بالمواد 169، 238/ 1، 3، 244/ 1، 3 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 63، 74/ 7، 75/ 2، 4، 77 من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 وادعى كل من...... و..... مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح طوخ قضت حضورياً اعتبارياً بحبس كل منهما سنة واحدة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يدفعا لكل مدع بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفا ومحكمة بنها الاستئنافية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض المحكوم عليه الأول وقضى في المعارضة بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/...... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن المادة 41 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، إذ نصت على أنه "يسقط الطعن المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة." فقد دلت بذلك على أن سقوط الطعن هو جزاء وجوبي يقضى به على الطاعن الهارب من تنفيذ العقوبة إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة التي حددت لنظر الطعن وأن التقرير به لا يترتب عليه وفقاً للمادة 469 من قانون الإجراءات الجنائية إيقاف تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية المقضي بها بالأحكام الواجبة التنفيذ لما كان ذلك، وكان الطاعن وفق ما أفصحت عنه النيابة العامة لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه فيتعين الحكم بسقوطه.

الطعن 3324 لسنة 57 ق جلسة 25/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 207 ص 1367


جلسة 25 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.
-----------------
(207)
الطعن رقم 3324 لسنة 57 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن".
عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة. ولا تتصل به المحكمة ولا يغني عنه أي إجراء آخر.
(2) نقض "أسباب الطعن" "التوقيع عليها". محاماة. قانون. بطلان.
وجوب توقيع تقرير الأسباب من محام مقبول أمام محكمة النقض. المادة 34 من القانون 57 لسنة 1959.
محامو الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية. لا يجوز مزاولتهم أعمال المحاماة لغير جهة عملهم. مخالفة ذلك. أثره. بطلان العمل. المادة 8 من القانون 17 لسنة 1983 المعدلة.
توقيع تقرير الأسباب من محام لإحدى الهيئات العامة. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟

---------------
1 - لما كان التقرير بالطعن بالطريق الذي رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر.
2 - لما كان المحكوم عليه قد قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض وأودعت أسباب طعنه موقعة من الأستاذ/...... المحامي في حين أن محام بالإدارة القانونية للهيئة العامة لميناء الإسكندرية وذلك وفق ما أفصحت عنه نقابة المحامين. لما كان ذلك وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بعد أن نصت على وجوب التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه في أجل غايته أربعون يوماً من تاريخ النطق بالحكم، أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض وبهذا التنصيص على الوجوب يكون المشرع قد دل على أن ورقة الأسباب ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها ولما كان القانون رقم 227 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعمول به من تاريخ نشره في 18/ 10/ 84 قد استبدل في مادته الأولى بنص المادة 8 من القانون رقم 17 لسنة 1983 النص الآتي "مع عدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً". وهذا النص يدل على أن الشارع قد وضع شرطاً لصحة العمل الذي يقوم به المحامي الذي يعمل بالجهات الواردة بالنص هو أن يكون العمل قاصراً على الجهة التي يعمل بها ورتب جزاء على مخالفته بطلان العمل ومن ثم يكون التوقيع على مذكرة أسباب طعن المحكوم عليه باطلاً لخروجه عن دائرة التخصيص التي حددها قانون المحاماة، وتكون ورقة الأسباب بحالتها وهي من أوراق الإجراءات الصادرة من الخصوم والتي يجب أن تكون موقعاً عليها من صاحب الشأن فيها ورقة عديمة الأثر في الخصومة وتكون لغواً لا قيمة لها. وإذ كان الثابت أن ورقة الأسباب قد صدرت من غير ذي صفة وبقيت غفلاً من توقيع محام مقبول قانوناً أمام محكمة النقض حتى فوات ميعاد الطعن فإن طعن المحكوم عليه - بدوره يكون مفصحاً عن عدم قبوله شكلاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تهرب من أداء الضريبة المستحقة على السلع المبينة بالأوراق والتي تخضع لضريبة الاستهلاك وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 4، 53 من القانون رقم 133 لسنة 1981. ومحكمة جنح قسم سيدي جابر قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم ألف جنيه وإلزامه بأداء الضريبة المستحقة ومبلغ 25000 جنيه على سبيل التعويض ومصادرة السلعة موضوع التهرب الضريبي. استأنف ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/...... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك وأن قدم الأسباب في الميعاد إلا أنه لم يقرر بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم - وفق ما أفصحت عنه نيابة شرق الإسكندرية - طبقاً للمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ولما كان التقرير بالطعن بالطريق الذي رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر، ومن ثم يكون الطعن المقدم من السيد وزير المالية بصفته مفصحاً عن عدم قبوله شكلاً.
وعن الطعن المقدم من المحكوم عليه فإنه لما كان قد قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض وأودعت أسباب طعنه موقعة من الأستاذ/....... المحامي في حين أنه محام بالإدارة القانونية للهيئة العامة لميناء الإسكندرية وذلك وفق ما أفصحت عنه نقابة المحامين. لما كان ذلك وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بعد أن نصت على وجوب التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه في أجل غايته أربعون يوماً من تاريخ النطق بالحكم، أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض وبهذا التنصيص على الوجوب يكون المشرع قد دل على أن ورقة الأسباب ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها ولما كان القانون رقم 227 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعمول به من تاريخ نشره في 18/ 10/ 84 قد استبدل في مادته الأولى بنص المادة 8 من القانون رقم 17 لسنة 1983 النص الآتي "مع عدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً" وهذا النص يدل على أن الشارع قد وضع شرطاً لصحة العمل الذي يقوم به المحامي الذي يعمل بالجهات الواردة بالنص هو أن يكون العمل قاصراً على الجهة التي يعمل بها ورتب جزاء على مخالفته بطلان العمل ومن ثم يكون التوقيع على مذكرة أسباب طعن المحكوم عليه باطلاً لخروجه عن دائرة التخصيص التي حددها قانون المحاماة، وتكون ورقة الأسباب بحالتها - وهي من أوراق الإجراءات الصادرة من الخصوم والتي يجب أن تكون موقعاً عليها من صاحب الشأن فيها ورقة عديمة الأثر في الخصومة وتكون لغواً لا قيمة لها. وإذ كان الثابت أن ورقة الأسباب قد صدرت من غير ذي صفة وبقيت غفلاً من توقيع محام مقبول قانوناً أمام محكمة النقض حتى فوات ميعاد الطعن فإن طعن المحكوم عليه - بدوره - يكون مفصحاً عن عدم قبوله شكلاً، وهو مما يتعين التقرير به مع مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الطعن 5590 لسنة 57 ق جلسة 29/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 211 ص 1386


جلسة 29 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر نائب رئيس المحكمة ومحمد زايد وصلاح البرجي وزكريا الشريف.
---------------
(211)
الطعن رقم 5590 لسنة 57 القضائية

 (1)إجراءات "إجراءات المحاكمة". موانع العقاب "المرض العقلي". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إصابة المتهم بعاهة في العقل بعد وقوع الجريمة. وجوب وقف إجراءات التحقيق أو المحاكمة حتى يعود إلى رشده ويكون في مكنته الدفاع بذاته عن نفسه والإسهام مع المدافع عنه في تخطيط أسلوب دفاعه. المادة 339 إجراءات.
إغفال الحكم دفاع الطاعن بإصابته بمرض عقلي طرأ بعد وقوع الجرائم المسندة إليه. قصور. وإخلال بحق الدفاع.
 (2)نقض "نطاق الطعن".
نقض الحكم بالنسبة للمتهم يقتضي نقضه أيضاً بالنسبة للمسئول عن الحقوق المدنية. أساس ذلك؟

-------------------
1 - لما كانت المادة 339 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "إذا ثبت أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب عاهة في عقله طرأت بعد وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إلى رشده. ويجوز في هذه الحالة لقاضي التحقيق أو للقاضي الجزئي كطلب النيابة العامة أو المحكمة المنظورة أمامها الدعوى إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس، إصدار الأمر بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلى أن يتقرر إخلاء سبيله"، وكان الشارع إنما استهدف من هذا النص تحقيق مبادئ العدالة وتقديس حق الدفاع أثناء التحقيق والمحاكمة وكفالته في كلتا الحالتين بصورة حقيقية حاسمة، إذ أن المتهم هو صاحب الشأن الأول في الدفاع عن نفسه وما كان النص على وجوب تنصيب محام له في مواد الجنايات وإجازة ذلك له في مواد الجنح والمخالفات إلا لمعاونته ومساعدته في الدفاع فحسب، وبالتالي فإذا ما عرضت له عاهة في العقل بعد وقوع الجريمة المسندة إليه فإنه ولو أن مسئوليته الجنائية لا تسقط في هذه الحالة إلا أنه يتعين أن توقف إجراءات التحقيق أو المحاكمة حتى يعود إليه رشده ويكون في مكنته المدافعة بذاته عن نفسه فيما أسند إليه وأن يسهم مع وكيله المدافع عنه في تخطيط أسلوب دفاعه ومراميه وهو متمتع بكامل ملكاته العقلية ومواهبه الفكرية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل دفاع الطاعن بأن كان مصاباً أثناء محاكمته بمرض عقلي طرأ بعد وقوع الجرائم المسندة إليه من شأنه إعجازه عن الدفاع عن نفسه ولم يعن بتحقيق هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو يرد عليه بما ينفيه، يكون فوق ما ران عليه من القصور في التسبيب مشوباً بالإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه والإحالة.
2 - لما كان نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يقتضي نقضه بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت الواقعة ذاتها التي دين بها فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما معاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - تسبب خطأ في موت...... و...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح وعدم اتخاذه الحيطة اللازمة بأن قاد جراراً زراعياً بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر فأدى ذلك إلى انقلابه فحدثت إصابة المجني عليهما بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها. 2 - تسبب خطأ في جرح كل من..... و..... و..... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن قاد جراراً زراعياً دون اتخاذه الحيطة اللازمة فحدثت إصابة المجني عليهم نتيجة انقلاب الجرار بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي. 3 - قاد جراراً زراعياً بدون رخصة قيادة 4 - قاد جراراً زراعياً بدون رخصة تسيير 5 - قاد جراراً زراعياً بدون لوحات معدنية. 6 - قاد جراراً زراعياً بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1، 244/ 1 - 3 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 5، 63، 75/ 2 - 3 - 4، 77، 79 من القانون رقم 66 لسنة 1973 وادعى كل من...... و..... و....... عن نفسها وبصفتها وصية على..... و..... مدنياً قبل المتهم ورئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية بصفته وذلك بالتضامن بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح بركة السبع قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه عن التهم الأولى والثانية والأخيرة وبتغريمه مائة جنيه عن التهمة الثالثة ومائة جنيه عن التهمتين الرابعة والخامسة وبإلزامه ورئيس الجمعية التعاونية الزراعية بأن يؤديا بالتضامن للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه، كما طعن المسئول عن الحقوق المدنية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه المحكوم عليه على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الإصابة والقتل والخطأ وقيادة جرار بحالة ينجم عنها الخطر وبغير رخصتي تسيير أو قيادة قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وذلك أن المدافع عنه دفع بعدم جواز محاكمته لإصابته بمرض عقلي نتيجة الحادث وتمسك بإحالته إلى الطبيب الشرعي لإثبات ذلك، إلا أن المحكمة بدرجتيها التفتت عن هذا الدفاع فلم تحققه أو ترد عليه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على محاضر جلسات المعارضة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن تمسك بالدفاع المشار إليه بوجه الطعن، فضلاً عما هو ثابت بالحكم الابتدائي من تقديم مستندات تفيد أن الطاعن مصاب بشلل بالأطراف مع اضطراب عقلي مزمن. لما كان ذلك، وكانت المادة 339 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "إذا ثبت أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب عاهة في عقله طرأت بعد وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إلى رشده. ويجوز في هذه الحالة لقاضي التحقيق أو للقاضي الجزئي كطلب النيابة العامة أو المحكمة المنظورة أمامها الدعوى إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس، إصدار الأمر بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلى أن يتقرر إخلاء سبيله"، وكان الشارع إنما استهدف من هذا النص تحقيق مبادئ العدالة وتقديس حق الدفاع أثناء التحقيق والمحاكمة وكفالته في كلتا الحالتين بصورة حقيقية حاسمة، إذ أن المتهم هو صاحب الشأن الأول في الدفاع عن نفسه وما كان النص على وجوب تنصيب محام له في مواد الجنايات وإجازة ذلك له في مواد الجنح والمخالفات إلا لمعاونته ومساعدته في الدفاع فحسب وبالتالي فإذا ما عرضت له عاهة في العقل بعد وقوع الجريمة المسندة إليه فإنه ولو أن مسئوليته الجنائية لا تسقط في هذه الحالة إلا أنه يتعين أن توقف إجراءات التحقيق أو المحاكمة حتى يعود إليه رشده، ويكون في مكنته المدافعة بذاته عن نفسه فيما أسند إليه وأن يسهم مع وكيله المدافع عنه في تخطيط أسلوب دفاعه ومراميه وهو متمتع بكامل ملكاته العقلية ومواهبه الفكرية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل دفاع الطاعن بأنه كان مصاباً أثناء محاكمته بمرض عقلي طرأ بعد وقوع الجرائم المسندة إليه من شأنه إعجازه عن الدفاع عن نفسه ولم يعن بتحقيق هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو يرد عليه بما ينفيه، يكون فوق ما ران عليه من القصور في التسبيب مشوباً بالإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه والإحالة. لما كان ما تقدم وكان نقض الحكم بالنسبة للمتهم يقتضي نقضه بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت الواقعة ذاتها التي دين بها فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما معاً بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى الخاصة بالمحكوم عليه أو طعن المسئول عن الحقوق المدنية.

عدم دستورية المسئولية المفترضة لصاحب المحل (المخبز) عن كل ما يقع فيه من مخالفات


الدعوى رقم 96 لسنة 27 ق " دستورية " جلسة 7 / 3/ 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مارس سنة 2020م، الموافق الثانى عشر من رجب سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار سعيد مرعى عمرو  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل                         نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع      أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 96 لسنة 27 قضائية " دستورية ".


المقامة من
ماجدة رفعت السباعى متولى
ضد
1 – وزير العدل
2 – وزير التموين والتجارة الداخلية
3 – رئيس مجلس الوزراء
4 – رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًا)



الإجراءات
      بتاريخ الثامن والعشرين من إبريل سنة 2005، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة "58" من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -    في أن النيابة العامة، كانت قد قدمت المدعية للمحاكمة الجنائية في الدعوى رقم 15833 لسنة 2004 جنح قسم أول المحلة الكبرى، بوصف أنها بتاريخ 18/4/2004، بدائرة قسم أول المحلة الكبرى، أنتجت خبزًا بلديًا، من السلع التى تدعمها الدولة، ناقص الوزن، على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابها بالمواد: (1/أ و56/2، 4 و57 و58) من القانون رقم 95 لسنة 1945، المعدل بالقانون رقم 109 لسنة 1980، والمادة "1" من قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 119 لسنة 1980، والبند "2" من الجدول المرفق بهذا القرار، والمواد (64 و67 و111/5، 6) من قرار وزير التموين رقم 712 لسنة 1987. وبجلسة 1/1/2005، قضت محكمة جنح قسم أول المحلة الكبرى، غيابيًّا، بحبس المدعية سنة مع الشغل، وغرامة 500 جنيه، والمصادرة، والمصاريف، والغلق لمدة أسبوع، ونشــــــــر الحكم، حمــــــــلاً على أسباب حاصلهــــــــا اطمئنــــــــان المحكمة إلى أن المدعية – بصفتها صاحبة مخبز - أنتجت خبزًا بلديًّا، من السلع التى تدعمها الدولة، ناقص الوزن، وذلك على النحو الثابت بمحضر الضبط، المعتبر حجة على المدعية بما ورد به، مادامت لم تُقم الدليل على ما يخالفه. عارضت المدعية في ذلك الحكم، وحال نظر المعارضة بجلسة 26/3/2005، دفعت بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (58) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، صرحت للمدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى المعروضة.



وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (58) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين تنص على أن "يكون صاحب المحل مسئولاً مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكام هذا المرسوم بقانون، ويعاقب بالعقوبات المقررة لها، فإذا أثبت أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة اقتصرت العقوبة على الغرامة المبينة في المواد من (50) إلى (56) من هذا المرسوم بقانون".



وحيث إن المحكمة الدستورية العليا، سبق أن قضت بجلسة 14 يناير سنة 2007، في الدعوى رقم 124 لسنة 25 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية عجز نص المادتين (58) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، (15) من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بالتسعير الجبرى وتحديد الأرباح، فيما نصا عليه "من معاقبة صاحب المحل بعقوبة الغرامة إذا أثبت أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة". ومن ثم يغدو النص المطعون فيه – مقروءًا في ضوء الحكم المشار إليه – مقصورًا على صدر نص الفقرة الأولى من المادة (58) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المشار إليه، دون ما ورد بعجزها.



وحيث إن المدعية تنعى على النص المطعون فيه – محددًا نطاقًا على النحو المبين سلفًا - إقامته قرينة قانونية، افترض بمقتضاها مسئولية صاحب المحل مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المشار إليه، وعقابه بالعقوبة ذاتها المقررة للمخالفة التى وقعت، مخلاً بأصل البراءة، ومناقضًا لمبدأ الفصل بين السلطات، ومهدرًا مبدأى المساواة والحرية الشخصية، ومخلاً بحق الدفاع، بما يخالف نصوص المواد (40، 41، 66، 67، 69) من دستور سنة 1971.



وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الغيابى الصادر بإدانة المدعية، أنه عاقبها بوصفها صاحبة مخبز، أنتجت خبزًا – من السلع التى تدعمها الدولة - ناقص الوزن. وكان النص المطعون فيه قد أقام قرينة افترض بموجبها مسئولية صاحب المحل عن كل ما يقع فيه من مخالفات لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، ورصد لها العقوبات المقررة لتلك المخالفات، ومن ثم يكون للقضاء في دستورية هذا النص انعكاس على الفصل في الدعوى الموضوعية، تتحقق به المصلحة الشخصية المباشرة للمدعية. ويتحدد نطاق الدعوى المعروضة فيما تضمنه صدر الفقرة الأولى من المادة المطعون فيها من مسئولية صاحب المحل عن كل ما يقع فيه من مخالفات لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، ومعاقبته بالعقوبات المقررة لها، في مجال سريان حكمها على قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 119 لسنة 1980 بتحديد بعض السلع التى تدعمها الدولة في تطبيق أحكام المرسوم بقانون المشار إليه، وقراره رقم 712 لسنة 1987 في شأن القمح ومنتجاته، دون باقى أحكام ذلك النص.



وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، ذلك أن هذه الرقابة تستهدف أصلاً - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – صون هذا الدستور وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون نصوصه تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعى التى وجهتها المدعية إلى النص المطعون فيه تندرج تحت المطاعن الموضوعية التى تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعى لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعى، ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها القضائية على النص المطعون عليه – الذى مازال ساريًا ومعمولاً بأحكامه – في ضوء أحكام الدستور القائم.



وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد اطرد على أن الدستور هو القانون الأعلى الذى يرسي القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ويقرر الحريات والحقوق العامة، ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ويحدد لكل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وظائفها وصلاحياتها، ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها بما يحول دون تدخــــــــــل أى منها في أعمال السلطة الأخــــــــرى، أو مزاحمتها في ممارسة اختصاصاتها التى ناطها الدستور بها.



وحيث إن الدستور اختص السلطة التشريعية بسن القوانين وفقًا لأحكامه، فنص في المادة (101) منه على أن "يتولى مجلس النواب سلطة التشريع؛ ....، وذلك كله على النحو المبين في الدستور". كما اختص السلطة القضائية بالفصل في المنازعات والخصومات على النحو المبين في الدستور؛ فنص في المادة (184) منه على أن "السلطة القضائية مستقلة؛ تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقًا للقانون .......".



وحيث إن اختصاص السلطة التشريعية بسن القوانين - طبقًا لنص المادة (101) من الدستور - لا يخولها التدخل في أعمال أسندها الدستور إلى السلطة القضائية وقصرها عليها، وإلا كان هذا افتئاتًا منها على ولايتها، وإخلالاً بمبدأ الفصل بين السلطات، الذى حرص الدستور على توكيده في المادة (5) منه، بوصفه الحاكم للعلاقة المتوازنة بين السلطات العامة في الدولة، ومن بينها السلطتان التشريعية والقضائية.



وحيث إن الدستور عنى في المادة (96) منه بضمان الحق في المحاكمة المنصفة بما نص عليه من أن " المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ". وهو حق نص عليه الإعلان العالمى لحقوق الإنسان في مادتيه (10، 11)، التى تقرر أولاهما أن لكل شخص حقًّا مكتملاً ومتكافئًا مع غيره في محاكمة علنية، ومنصفة، وتقوم عليها محكمة مستقلة، محايدة، تتولى الفصل في حقوقه والتزاماته المدنية، أو في التهمة الجنائية الموجهة إليه. وتردد ثانيتهما في فقرتها الأولى حق كل شخص وجهت إليه تهمة جنائية في أن تفترض براءته إلى أن تثبت إدانته في محاكمة علنية توفر له فيها الضمانات الضرورية لدفاعه. وهذه الفقرة هى التى تستمد منها المادة (96) من الدستور أصلها، وهى تردد قاعدة استقر العمل على تطبيقها في الدول الديمقراطية، وتقع في إطارها مجموعة من الضمانات الأساسية، تكفل بتكاملها مفهومًا للعدالة يتفق بوجه عام مع المقاييس المعاصرة المعمول بها في الدول المتحضرة، وهى بذلك تتصل بتشكيل المحكمة وقواعد تنظيمها، وطبيعة القواعد الإجرائية المعمول بها أمامها، وكيفية تطبيقها من الناحية العملية. كما أنها تعتبر في نطاق الاتهام الجنائى وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى قضى الدستور في المادة (54) منه بأنها من الحقوق الطبيعية التى لا يجـــــوز المساس أو الإخلال بها أو تقييدها بالمخالفة لأحكامه. ولا يجوز من ثَمَّ تفسير هذه القاعدة تفسيرًا ضيقًا، إذ هى ضمان مبدئى لرد العدوان عن حقوق المواطن وحرياته الأساسية، وهى التى تكفل تمتعه بها في إطار من الفرص المتكافئة. ولأن نطاقها وإن كان لا يقتصر على الاتهام الجنائى، وإنما يمتد إلى كل دعوى ولو كانت الحقوق المثارة فيها من طبيعة مدنية، فإن المحاكمة المنصفة تعتبر أكثر لزومًا في الدعوى الجنائية، وذلك أيًّا كانت طبيعة الجريمة، وبغض النظر عن درجة خطورتها، وعلة ذلك أن إدانة المتهم بالجريمة إنما تعرضه لأخطر القيود على حريته الشخصية، وأكثرها تهديدًا لحقه في الحياة، وهى مخاطـــــــــر لا سبيل إلى توقيهــــــا إلا على ضوء ضمانات فعلية توازن بين حق الفرد في الحرية من ناحية، وحق الجماعة في الدفاع عن مصالحها الأساسية من ناحية أخرى. ويتحقق ذلك كلما كان الاتهام الجنائى معرفًا بالتهمة مبينًا طبيعتها، مفصلاً أدلتها وكافة العناصر المرتبطة بها، وبمراعاة أن يكون الفصل في هذا الاتهام عن طريق محكمة مستقلة محايدة ينشئها القانون، وأن تجرى المحاكمة علانية، وخلال مدة معقولة، وأن تستند المحكمة في قرارها بالإدانة - إذا خلصت إليها - إلى تحقيق موضوعى أجرته بنفسها، وإلى عرض متجرد للحقائق؛ وإلى تقدير سائغ للمصالح المتنازعة، وازنة بالقسط الأدلة المتنابذة؛ وتلك جميعها من الضمانات الجوهرية التى لا تقوم المحاكمة المنصفة بدونها، ومن ثم كفلها الدستور في المادة (96) منه، وقرنها بضمانتين تعتبران من مقوماتها، وتندرجان تحت مفهومها، هما: افتراض البـــــراءة من ناحية؛ وحق الدفاع لدحض الاتهام الجنائى من ناحية أخرى، وهو حق عززته المادة (98) من الدستور بنصها على أن " حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول ". لما كان ذلك، وكان الدستور قد خطا خطوة أوســــــع في مقــــــام ترسيخ قيم الحقــــــوق والحريــــــات ، بنصه في المواد (5، 51، 92) على احترام حقوق الإنسان وكرامته وحرياته، وعلى تحصين الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن، باشتراط ضمانة إضافية كونها لا تقبل انتقاصًا ولا تعطيلاً، ناهيًا المشرع أن تشملها تشريعاته بتنظيم من شأنه تقييدها بما يمس أصلها وجوهرها.



وحيث إن الدستور يكفل للحقوق التى نص عليها في صلبه، الحماية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية. وكان استيثاق المحكمة الجنائية من مراعاة القواعد المنصفة الآنف بيانها عند فصلها في الاتهام الجنائى تحقيقًا لمفاهيم العدالة حتى في أكثر الجرائم خطورة، إنما هو ضمانة أولية ترتبط بكرامة الإنسان، كما ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالحرية الشخصية التى كفلها الدستور لكل فرد، وحظر المساس بها بغير الوسائل القانونية المتوافقة مع أحكامه. وإذا كان افتراض براءة المتهم يمثل أصلاً ثابتًا يتعلق بالتهمة الجنائية من ناحية إثباتها؛ وليس بنوع العقوبة المقررة لها؛ وينسحب إلى الدعوى الجنائية في جميع مراحلها، وعلى امتداد إجراءاتها، فقد كان من المحتم أن يرتب الدستور على افتراض البراءة؛ عدم جواز نقضها بغير الأدلة الجازمة التى تخلص إليها المحكمة، وتتكون من جماعها عقيدتها. ولازم ذلك أن تطرح هذه الأدلة عليها، وأن تقول هى وحدها كلمتها فيها، وألا تفرض عليها أية جهة أخرى مفهومًا محددًا لدليل بعينه؛ وأن يكون مرد الأمر دائمًا إلى ما استخلصته هى من وقائع الدعوى، وحصلته من أوراقها، غير مقيدة في ذلك بوجهة نظر النيابة العامة أو الدفاع بشأنها.



وحيث إنه على ضوء ما تقدم، فإن ضوابط المحاكمة المنصفة تتمثل في مجموعة من القواعد المبدئية التى تعكس مضامينها نظامًا متكامل الملامح يتوخى بالأسس التى يقوم عليها صون كرامة الإنسان وحماية حقوقه الأساسية، ويحول بضماناته دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها، وذلك انطلاقًا من إيمان الأمم المتحضرة بحرمة الحياة الخاصة، وبوطأة القيود التى تنال من الحرية الشخصية؛ ولضمان أن تتقيد السلطة التشريعية عند مباشرتها لمهمتها في مجال فرض العقوبة صونًا للنظام الاجتماعى، بالأغراض النهائية للقوانين العقابية، التى ينافيها أن تكون إدانة المتهم هدفًا مقصودًا لذاته، أو أن تكون القواعد التى تتم محاكمته على ضوئها مصادمة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة، بل يتعين أن تلتزم هذه القواعد مجموعة من القيم التى تكفل لحقوق المتهم الحد الأدنى من الحماية، التى لا يجوز النزول عنها أو الانتقاص منها. وهذه القواعد، وإن كانت إجرائية في الأصل، فإن تطبيقها في مجال الدعوى الجنائية - وعلى امتداد مراحلها - يؤثر بالضرورة على محصلتها النهائية، ويندرج تحتها أصل البراءة كقاعدة أولية تمليها الفطرة؛ وتفرضها مبادئ الشريعة الإسلامية – التى اعتبرها الدستور في المادة (2) منه المصدر الرئيس للتشريع – وهى بعد قاعدة حرص الدستور على إبرازها في المادة (96) منه، مؤكدًا بمضمونها ما قررته المادة (11) من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان؛ والمادة (6) من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان.



وحيث إن أصل البراءة يمتد إلى كل فرد سواء كان مشتبهًا فيه أو متهمًا، باعتباره قاعدة أساسية في النظام الاتهامي أقرتها الشرائع جميعها، لا لتكفل بموجبها حماية المذنبين؛ وإنما لتدرأ بموجبها العقوبة عن الفرد إذا كانت التهمة المنسوبة إليه قد أحاطتها الشبهات بما يحول دون التيقن من مقارفة المتهم للجريمة محل الاتهام. ذلك أن الاتهام الجنائى في ذاته لا يزحزح أصل البراءة الذى يلازم الفرد دومًا، ولا يزايله، سواء في مرحلة ما قبل المحاكمة أو أثناءها وعلى امتداد حلقاتها؛ وأيًّا كان الزمن الذى تستغرقه إجراءاتها. ولا سبيل من ثَمَّ لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التى تبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين بما لا يدع مجالاً معقولاً لشبهة انتفاء التهمة، وبشرط أن تكون دلالتها قد استقرت حقيقتها بحكم قضائي استنفد طرق الطعن فيه، وصار باتًّا.

وحيث إن افتراض البراءة لا يتمخض عن قرينة قانونية، ولا هو من صورها، ذلك أن القرينة القانونية تقوم على تحويل للإثبات من محله الأصلى، ممثلاً في الواقعة مصدر الحـــــق المدعـــــى به، إلى واقعة أخرى قريبة منهـــــا متصلة بهــــــــــا، وهذه الواقعة البديلة هى التى يعتبر إثباتها إثباتًا للواقعة الأولى بحكم القانـــــون. وليس الأمر كذلك بالنسبة إلى البراءة التى افترضها الدستور؛ فليس ثمة واقعة أحلها الدستور محل واقعة أخرى وأقامها بديلاً عنها. وإنما يؤسس افتراض البراءة على الفطرة التى جبل الإنسان عليها. فقد ولد حرًّا مبرءًا من الخطيئة أو المعصية. ويفترض على امتداد مراحل حياته أن أصل البراءة ركنٌ ركينٌ من أركان كرامته الإنسانية، يظل لصيقًا به، مصاحبًا له فيما يأتيه من أفعال، إلى أن تنقض المحكمة بقضاء جازم لا رجعة فيه هذا الافتراض، على ضوء الأدلة التى تقدمها النيابة العامة مثبتة بها الجريمة التى نسبتها إليه في كل ركن من أركانها، وبالنسبة إلى كل واقعة ضرورية لقيامها، بما في ذلك القصد الجنائى بنوعيه إذا كان متطلبًا فيها. وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة، إذ هو من الركائز التى يستند إليها مفهوم المحاكمة المنصفة التى كفلها الدستور؛ ويعكس قاعدة مبدئية تعتبر في ذاتها مستعصية على الجدل، واضحة وضوح الحقيقة ذاتها، تقتضيها الشرعية الإجرائية. ويعتبر إنفاذها مفترضًا أوليًّا لإدارة العدالة الجنائية، ويتطلبها الدستور لصون الحرية الشخصية في مجالاتها الحيوية، ليوفر من خلالها لكل فرد الأمن في مواجهة التحكم والتسلط والتحامل؛ بما يحول دون اعتبار واقعة تقوم بها الجريمة ثابتة بغير دليل؛ وبما يرد المشرع عن افتراض ثبوتها بقرينة قانونية ينشئها.



وحيث إنه من المقرر قانونًا أن جريمة إنتاج خبز يقل عن وزنه المقرر، تتم بمجرد إنتاج الخبز، على اعتبار أن التأثيم في هذه الجريمة، يكمن أساسًا في مخالفة أمر الشارع بالتزام أوزان معينة في إنتاج الخبز تحقيقًا لاعتبارات ارتآها. ووفقًا للنص المطعــــــون فيه، يكون صاحب المخبز مسئولاً عن كل الجرائم التى تقع فيه بالمخالفة لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، ويعاقب بالعقوبة التى رصدها ذلك المرسوم بقانون لتلك الجرائم. ومسئوليته هذه فرضية، تقوم على افتراض إشرافه على المحل، ووقوع الجريمة باسمه، ولحسابه، وهى قائمة في حقه على الدوام، ما لم يدحضها سبب من أسباب الإباحة أو موانع العقاب والمسئولية.



وحيث إن النص المطعون فيه – محددًا نطاقه على النحو المبين سلفًا – تضمن مسئولية صاحب المخبز عن إنتاج خبز – من السلع التى تدعمها الدولة – أقل من الوزن المحدد بمقتضى اللوائح المنظمة لهذا الشأن، سواء كان النقص مرده إلى العمد أو الخطأ، بما يكون معه ذلك النص قد أحل توافر صفة معينة في المسئول عن الجريمة، محل قصده الجنائي بصورتيه، منشئًا بذلك قرينة قانونية، يكون ثبوت الواقعة البديلة بموجبها، بديلاً عن الركن المعنوي للجريمة، الذى يتعين على سلطة الاتهام إقامة الدليل على توافره، في إطار التزامها الأصيل بإثبات ركني الجريمة المادي والمعنوي، وإسنادها إلى مرتكبها.

وحيث إن القرينة القانونية التى تضمنها النص المطعون فيه – مقروءة طبقًا لحكم هذه المحكمة في الدعوى رقم 124 لسنة 25 قضائية "دستورية" المشار إليه – وإن كانت لا تعتبر من القرائن القاطعة؛ لجواز دحضها بسبب من أسباب الإباحة أو موانع العقاب أو لانتفاء المسئولية في أحوال الغياب غير العمدى أو استحالة المراقبة، فإنها تعفى سلطة الاتهام من إثبات الركن المعنوى للجريمة في حق صاحب المخبز عن واقعة إنتاج خبز ناقص الوزن، ومن ثم يغدو نفى ذلك الركن بصورتيه، عبئًا على عاتق صاحب المخبز؛ ذلك أن المشرع تكفل باعتبار الواقعة المراد إثباتها ثابتة بقيام القرينة القانونية. إذ كان ذلك؛ وكان الأصل في القرائن القانونية بوجـه عام أنهـا من عمل المشرع لا يؤسسها أو يحدد مضمونها إلا على ضوء ما يكون في تقديره غالبًا أو راجحًا في الحياة العملية. وكانت القرينة القانونية التى تضمنها النص المطعون فيه لا يتصـور نفيها اعتمادًا على أسباب الإباحة أو موانع العقاب المنصوص عليها في المواد (60 و61 و62) من قانون العقوبات، بافتراض أن العمد هو قوام مسئولية صاحب المخبز، كما يتعذر دحض القرينة ذاتها حتى وإن كان الخطأ غير العمدى هو سند مسئولية صاحب المخبز، مادام قعود مدير المخبز أو القائم على إدارته عن تنفيذ أحكام لوائح جهة الإدارة المنظمة لشئون وزن الخبز، لا يقطع رابطة السببية بين واجب صاحب المخبز في الإشراف على إنتاج الخبز، وبين النتيجة المتحققة بإنتاج خبز ناقص الوزن؛ ما لم يثبت صاحب المخبز عدم قدرته على منع تحقق هذه النتيجة لقوة قاهرة، أو لسبب أجنبى، وأولهما مما يندر حدوثه، وثانيهما مما يَعْسُر إثباته. ومن ثم لا ترشح الواقعة البديلة التى قررها ذلك النص – في الأعم الأغلب من الأحوال – لاعتبار صفة صاحب المخبز مناطًا لمسئوليته الجنائية عن إنتاج خبز ناقص الوزن، ولا تربطها علاقة منطقية بها، وتغدو هذه القرينة، من ثَمَّ، مقحمة لإهدار افتراض البراءة، ومفتقدة إلى أسسها الموضوعية، ومجاوزة لضوابط المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور.

وحيث إنه لما كان القصد الجنائي – بأي من صورتيه - ركنًا لازمًا في جريمة إنتاج خبز ناقص الوزن، وكان الأصل أن تتحقق المحكمة بنفسها، وعلى ضوء تقديرها للأدلة التى تطرح عليها، من توافر القصد الجنائي لصاحب المخبز. وكان الاختصاص المقرر دستوريًّا للسلطة التشريعية في مجال إنشاء الجرائم وتقرير عقوباتها – على ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا – لا يخولها التدخل بالقرائن التي تنشئها لغل يد المحكمة الجنائية عن القيام بمهمتها الأصلية في مجال التحقق من قيام أركان الجريمة التى عينها المشرع إعمالاً لمبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية. وكان النص المطعون فيه قد حدد واقعة بذاتها جعل ثبوتها بالطريق المباشر دالاً بطريق غير مباشر على تحقق الركن المعنوي لصاحب المخبز، مقحمًا بذلك وجهة النظر التي ارتآها المشرع في مسألة يعود الأمر فيها بصفة نهائية إلى محكمة الموضوع، لاتصالها بالتحقيق الذي تجريه بنفسها تقصيًّا للحقيقة الموضوعية عند الفصل في الاتهام الجنائي؛ وهو تحقيق لا سلطان لسواها عليه، ومآل ما يسفر عنه إلى العقيدة التي تتكون لديها من جماع الأدلة المطروحة عليها. متى كان ذلك؛ وكان المشـرع قد أعفى سلطة الاتهام – بالنص المطعون فيه – من إثبات واقعة تتصل بالقصد الجنائي في أي من صورتيه، هي واقعة تعمد صاحب المخبز إنقاص وزن الخبز، أو الإهمال في الإشراف على إنتاجه، حاجبًا بذلك محكمة الموضوع عن تحقيقها، وعن أن تقول كلمتها بشأنها، فإن عمله هذا يُعد انتحالاً لاختصاص كفله الدستور للسلطة القضائية، وإخلالاً بمبدأ الفصل بينها وبين السلطة التشريعية.

وحيث إن النص المطعون فيه – ومن خلال القرينة القانونية التي افترض بها ثبوت القصد الجنائي بأي من صورتيه – قد أخل بوسائل إجرائية إلزامية تعتبر وثيقة الصلة بالحق في الدفاع؛ بأن جعل المتهم مواجهًا بالواقعة التي فرضتها القرينة القانونية في حقه، وكلفه بنفيها خلافًا لأصل البراءة، مسقطًا - من الناحية الواقعية – كل قيمة أسبغها الدستور على هذا الأصل. وكان أصل البراءة، والحق في الدفاع هما ذروة سنام الحقوق اللصيقة بشخص الإنسان، ذلك أن أصل البراءة – على النحو السالف بيانه – هو من الحقوق الطبيعية التى تصاحب الإنسان منذ وجوده ولا تنفصل عنه إلا بحكم إدانة بات، بما يستتبع إقامة سلطة الاتهام الدليل القاطع على ما يناقض هذا الأصل، الذى حرَّم الدستور تعطيله أو الانتقاص منه. وكان النص المطعون فيه – على ضوء ما تقدم جميعه – ينال من مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية، ومن الحرية الشخصية، كما يناقض افتراض البراءة، ويخل بضوابط المحاكمة المنصفة، وما تشتمل عليه من ضمان الحق في الدفاع، وينال من حق لصيق بالمواطن بتعطيله والانتقاص منه، وهو حق يرتبط بكرامته الإنسانية، فإنه بذلك يكون مخالفًا لأحكام المواد (2، 5، 51، 54، 92، 95، 96، 98، 101، 184) من الدستور.
فلهــذه الأسبــاب
            حكمت المحكمة بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (58) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، فيما تضمنه من مسئولية صاحب المحل عن كل ما يقع فيه من مخالفات لأحكام ذلك المرسوم بقانون، ومعاقبته بالعقوبات المقررة لها، في مجال سريان حكمها على قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 119 لسنة 1980 بتحديد بعض السلع التي تدعمها الدولة في تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، وقراره رقم 712 لسنة 1987 في شأن القمح ومنتجاته.
            وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.