جلسة 19 من يونيو سنة 1980
برياسة السيد المستشار/ عثمان الزيني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح نصار؛ وحسن جمعه، ومحمد النادي، وحسين كامل حنفي.
----------------
(155)
الطعن رقم 2356 لسنة 49 القضائية
(1)حريق عمد. جريمة "أركان الجريمة" قصد جنائي. قصد احتمالي. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه تسبيب غير معيب".
تحقق القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 253 عقوبات. متى وضع الجاني النار عمداً في مكان مسكون أو معد للسكنى أو في أحد ملحقاته المتصلة به.
كفاية وضع النار عمداً في كومة من القش ملاصقة لمنزل الغير المسكون، لقيام المسئولية الجنائية وفق المادة 253 عقوبات ما دام الجاني موقناً بأن النار لا بد متصلة بمنزل المجني عليها.
(2)إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه، تسبيب غير معيب". حريق عمد.
حرية محكمة الموضوع في تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. لها الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه، متى اطمأنت إلى صحته.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع، ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه، تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
كفاية أن يكون الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة. استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
(4)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة". حكم. "تسبيبه، تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي.
(5)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام". أحداث. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ثبوت أن الطاعن قرر في جميع مراحل التحقيق أن سنه تسعة عشر عاماً. إثارة دفاعه بجلسة المحاكمة أن الطاعن كان حدثاً يوم الحادث. دون دليل. إحالة الطاعن إلى مفتش الصحة الذي جاء رده أن الطاعن كان قد تجاوز الثامنة عشر من عمره يوم ارتكاب الحادث. مفاد ذلك أن الدفع ظاهر البطلان. لا يستأهل رداً.
----------------
1 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 252 عقوبات والتي دين الطاعنان بها يتحقق بمجرد وضع الجاني النار عمداً في المكان المسكون أو المعد للسكن أو في أحد ملحقاته المتصلة به فمتى ثبت للقاضي أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة ولما كان الحكم المطعون قد أثبت في حق الطاعنين أنهما - وآخر محكوم عليه - وضعا النار عمداً في كومة من القش ملاصقة لمنزل المجني عليها المسكون وذلك بأن سكبا فوقها مادة الكيروسين ثم أشعلا فيها النار موقنين بأن النار لا بد متصلة بمنزل المجني عليها انتقاماً منها لنزاع بينها وبينهم ودانهما بالمادة 252/ 1 عقوبات فإن النعي على الحكم بعدم استظهار القصد الجنائي يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن للمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
3 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
4 - الدفع بتلفيق التهمة دفع موضوعي لا يستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً.
5 - لما كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الطاعن الأول قرر في جميع مراحل التحقيق أنه يبلغ من العمر تسعة عشر عاماً وإذ كان المدافع عنه أثار بجلسة 21/ 2/ 1978 أن الطاعن كان حدثاً يوم الحادث فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 25/ 2/ 1978 ليقدم الدليل على صدق دفاعه ولم يتقدم بأية مستندات بهذه الجلسة وإذ أحالت المحكمة الطاعن في ذات اليوم إلى مفتش صحة بندر شبين الكوم لتقدير سنه جاء رده بما مفاده أن الطاعن كان قد تجاوز الثامنة عشر من عمره يوم ارتكاب الحادث فإن هذا الدفع القانوني يكون ظاهر البطلان ولا حرج على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم وضعوا النار عمداً في منزل ...... المسكون بأن سكبوا الكيروسين على كومة من القش ملاصقة له وأشعلوا النار فيها فامتدت إلى المسكن وأحرقته على النحو الموصوف بالأوراق، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً لمواد الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً عملاً بالمادة 252/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من نفس القانون بمعاقبة المتهمين (الطاعنين) بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة حريق عمد قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم لم يدلل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين في هذه الجريمة وعول في قضائه بالإدانة على اعتراف الطاعن الأول ومحكوم عليه آخر رغم تمسك المدافع عن الطاعن المذكور بأن اعترافه غير جدي وعدل عنه بجلسة المحاكمة ولم يرد على هذا الدفاع وباقي أوجه دفاعه الأخرى التي أثارها بمحضر الجلسة، كما أن المدافع عن الطاعن الأول دفع بأن المذكور حدث لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفع إيراداً ورداً كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر لجريمة الحريق العمد التي دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها...... ونائب العمدة....... ومن معاينة مكان الحادث واعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر في التحقيقات وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عنها في المادة 252 عقوبات والتي دين الطاعنان بها يتحقق بمجرد وضع الجاني النار عمداً في المكان المسكون أو المعد للسكن أو في أحد ملحقاته المتصلة به فمتى ثبت للقاضي أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة، ولما كان الحكم المطعون قد أثبت في حق الطاعنين أنهما - وآخر محكوم عليه - وضعا النار عمداً في كومة من القش ملاصقة لمنزل المجني عليها المسكون وذلك بأن سكبا فوقها مادة الكيروسين ثم أشعلا فيها النار موقنين بأن النار لا بد متصلة بمنزل المجني عليها انتقاماً منها لنزاع بينها وبينهم ودانهما بالمادة 252/ 1 عقوبات فإن النعي على الحكم بعدم استظهاره القصد الجنائي يكون غير سديد، لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن للمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعنان من أن الاعتراف المنسوب للطاعن الأول وللمحكوم عليه الآخر غير جدي وعدل عنه الطاعن بجلسة المحاكمة وذلك في قوله "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهمين الثاني الثالثة - الطاعنين - وتطرح ما أثاره الدفاع عنهما من قول مرسل لا سند له في الأوراق ويتجافى مع ما أدلى به المتهمان الأول والثاني في التحقيقات من اعتراف تفصيلي باقتراف الجرم المنسوب إليهما وبإسهام المتهمة الثالثة معهما بالفعل وتقديم الكيروسين والثقاب ووجودها معهما بمسرح الحادث إلى أن أشعلا النار وترى المحكمة أن هذا الاعتراف سديد بعيد عن كل مظنة وقد صدر منهما عن طواعية واختيار ويتفق مع أدلة الثبوت الأخرى التي بسطتها على النهج المتقدم ومن ثم تأخذ المتهمين الأول والثاني وكذلك المتهمة الثالثة مؤيداً بتلك الأدلة" - وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغاً في القانون على نحو ما تقدم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله، لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم ترد على دفاعه المثبت بمحضر جلسة المحاكمة بخصوص تأخير إبلاغ النيابة العامة بالواقعة ومن أن التهمة ملفقة يكون في غير محله فضلاً عن أن الدفع بتلفيق التهمة دفع موضوعي لا يستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في شأن تلفيق التهمة وفي سائر مناحي طعنهما لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه معاودة التصدي لها أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الطاعن الأول قرر في جميع مراحل التحقيق أنه يبلغ من العمر تسعة عشر عاماً وإذ كان المدافع عنه أثار بجلسة 21/ 2/ 1978 أن الطاعن كان حدثا يوم الحادث فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 25/ 2/ 1978 ليقدم الدليل على صدق دفاعه ولم يتقدم بأية مستندات بهذه الجلسة وإذ أحالت المحكمة الطاعن في ذات اليوم إلى مفتش صحة بندر شبين الكوم لتقدير سنه جاء رده بما مفاده أن الطاعن كان قد تجاوز الثامنة عشر من عمره يوم ارتكاب الحادث فإن هذا الدفع القانوني يكون ظاهر البطلان ولا حرج على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ويكون ما يثيره الطاعن بشأنه غير سديد - لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.