جلسة 28 من مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم
نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين وحسن عبد الباقي.
----------------
(85)
الطعن رقم 8830 لسنة 59
القضائية
دعوى مدنية. دعوى جنائية
"تحريكها" "قبولها". نقض "حالات الطعن. مخالفة
القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
عدم جواز طرح المدعي
بالحقوق المدنية لدعواه أمام المحكمة الجنائية. متى سبق الحكم بإثبات تركه لها. له
أن يلجأ إلى المحاكم المدنية ما لم يصرح بترك الحق المرفوع به الدعوى. أساس ذلك؟
إقامة الدعوى الجنائية
بالطريق المباشر. مشروطة. بأن تكون الدعوى المدنية مقبولة وإلا كانت الدعوى
الجنائية. غير مقبولة أيضاً.
مثال.
---------------
لما كان القانون قد خول
المدعي بالحقوق المدنية في مواد الجنح والمخالفات أن يرفع دعواه إلى المحكمة
المختصة بتكليف المتهم مباشرة بالحضور أمامها فتتحرك بذلك الدعوى الجنائية فتفصل
فيها المحكمة هي والدعوى المدنية، وكانت المادة 262 من قانون الإجراءات الجنائية
قد نصت على أنه "إذا ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه المرفوعة أمام المحاكم
الجنائية، فيجوز أن يرفعها أمام المحاكم المدنية ما لم يكن قد صرح بترك الحق
المرفوع به الدعوى". ومفاد ذلك أن المشرع قد أجاز للمدعي بالحقوق المدنية
الذي قضي بإثبات ترك دعواه المدنية من المحكمة الجنائية. أن يلجأ إلى المحاكم
المدنية للحكم له بطلباته ما دام لم يصرح بترك الحق المرفوع به الدعوى غير أنه لا
يجوز له إعادة طرح الأمر مرة ثانية على المحكمة الجنائية. لما كان ذلك، وكان من
المقرر أن الدعوى الجنائية لا ترفع من المدعي بالحقوق المدنية - بالطريق المباشر
إلا إذا كانت دعواه المدنية مقبولة فإذا كانت الدعوى المدنية غير مقبولة بسبب سابق
على تحريك الدعوى الجنائية وقبل اتصال المحكمة بها. فإن الدعوى الجنائية تكون غير
مقبولة. لما كان ذلك، وكانت الدعوى المدنية موضوع الطعن الماثل قد سبق الحكم فيها
من المحكمة الجنائية بإثبات تركها مما لا يجوز معه إعادة طرحها على المحكمة
الجنائية مرة ثانية وأن هذا السبب قد توافر من قبل تحريك الدعوى الجنائية مرة
ثانية بالطريق المباشر وليس بسبب جد بعد رفعها واتصال المحكمة بها فمن ثم فإن كلا
الدعويين المدنية والجنائية تكون غير مقبولة. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون
فيه قد خالف هذا النظر ومضى في نظر الدعويين المدنية والجنائية فإنه يكون قد أخطأ
في تطبيق القانون ومن ثم يتعين تصحيحه بالقضاء بعدم قبول الدعويين المدنية
والجنائية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه بدد المنقولات والمصوغات المسلمة إليه على سبيل عارية الاستعمال
فاختلسها لنفسه إضراراً بمالكتها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات.
وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض
المؤقت. ومحكمة جنح ميت غمر قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام أولاً: برفض الدفع
بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم....... لسنة 1984 جنح ميت
غمر وبجوازها. ثانياً: بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف
التنفيذ وإلزامه بأن يدفع لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سيبل التعويض المؤقت.
استأنف المحكوم عليه ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً
بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضي في
معارضته أولاً بقبول المعارضة شكلاً. ثانياً: برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى
لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم....... لسنة 1984 جنح ميت غمر وبجوازها. ثالثاً:
وفي الموضوع برفضها وبتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فطعن الأستاذ......
المحامي عن الأستاذ........ المحامي نيابة عن المحكوم في هذا الحكم بطريق
النقض........ إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه خطأ في تطبيق القانون،
ذلك أنه دفاعه قد جرى على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة
رقم...... لسنة 1984 ميت غمر إلا أن الحكم رفض هذا الدفع بما لا يؤدي إليه مما
يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من
الاطلاع على الأوراق أن المدعية بالحقوق المدنية سبق وأن أقامت الدعوى الجنائية
قبل الطاعن بطريق الإدعاء المباشر بوصف أنه بدد منقولاتها الزوجية فقضت محكمة ميت
غمر الجزئية بتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1984 ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه
واعتبار المدعية بالحقوق المدنية تاركة لدعواها ولم تستأنف هي أو النيابة العامة
هذا الحكم على ما يبين من الإفادة المرفقة ومن ثم يكون الحكم حاز قوة الشيء
المحكوم فيه إلا أنها بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1984 أقامت الدعوى موضوع الحكم
المطعون فيه وهي عين الدعوى السابق القضاء فيها وذلك بطريق الإدعاء المباشر أمام
ذات المحكمة والتي قضت برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبحبس
الطاعن ستة أشهر مع الشغل وإلزامه بأن يؤدي إلى المدعية بالحقوق المدنية مبلغ 51
جنيه على سبيل التعويض المؤقت، وإذ استأنف المتهم قضت محكمة ثاني درجة بتأييد
الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان القانون قد خول المدعي بالحقوق المدنية في مواد
الجنح والمخالفات أن يرفع دعواه إلى المحكمة المختصة بتكليف المتهم مباشرة بالحضور
أمامها فتتحرك بذلك الدعوى الجنائية فتفصل فيها المحكمة هي والدعوى المدنية، وكانت
المادة 262 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "إذا ترك المدعي
بالحقوق المدنية دعواه المرفوعة أمام المحاكم الجنائية، يجوز له أن يرفعها أمام
المحاكم المدنية ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى". ومفاد ذلك
أن المشرع قد أجاز للمدعي بالحقوق المدنية الذي قضي بإثبات ترك دعواه المدنية من
المحكمة الجنائية، أن يلجأ إلى المحاكم المدنية للحكم له بطلباته ما دام لم يصرح
بترك الحق المرفوع به الدعوى غير أنه لا يجوز له إعادة طرح الأمر مرة ثانية على
المحكمة الجنائية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدعوى الجنائية لا ترفع من
المدعي بالحقوق المدنية - بالطريق المباشر إلا إذا كانت دعواه المدنية مقبولة فإذا
كانت الدعوى المدنية غير مقبولة بسبب سابق على تحريك الدعوى الجنائية وقبل اتصال
المحكمة بها. فإن الدعوى الجنائية تكون غير مقبولة. لما كان ذلك، وكانت الدعوى
المدنية موضوع الطعن الماثل قد سبق الحكم فيها من المحكمة الجنائية بإثبات تركها
مما لا يجوز معه إعادة طرحها على المحكمة الجنائية مرة ثانية وأن هذا السبب قد
توافر من قبل تحريك الدعوى الجنائية مرة ثانية بالطريق المباشر وليس بسبب جد بعد رفعها
واتصال المحكمة بها فمن ثم فإن كلا الدعويين المدنية والجنائية تكون غير مقبولة.
لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ومضى في نظر الدعويين
المدنية والجنائية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ومن ثم يتعين تصحيحه
بالقضاء بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية وإلزام المدعية بالحقوق المدنية
المصاريف المدنية.