الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 16 نوفمبر 2019

الطعن 19693 لسنة 60 ق جلسة 19 / 3 / 1992 مكتب فني 43 ق 43 ص 316


جلسة 19 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة وأنس عماره وفرغلي عبد الرحيم.
---------------------
(43)
الطعن رقم 19693 لسنة 60 القضائية

مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إدارة أو إعداد أو تهيئة المكان لتعاطي المخدرات في حكم الفقرة "د" من المادة 34 من القانون 182 لسنة 1960 إنما يكون بمقابل يتقاضاه القائم عليه. مرتكبو هذه الجريمة يدخلون في عداد المتجرين بالمواد المخدرة.
جريمة تسهيل تعاطي المخدرات بغير مقابل عقوبتها أخف ويحكمها نص المادة 35 من القانون المذكور.
حكم الإدانة في جريمة إدارة وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات. وجوب اشتماله على بيان أن إدارة المكان بمقابل يتقاضاه القائم عليه. مخالفة ذلك: قصور.

---------------
لما كان استقراء مواد القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها - الواجب التطبيق على الواقعة من قبل تعديله بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والمعمول به اعتباراً من الخامس من يوليو يفصح عن أن المشرع اختط خطة تهدف إلى التدرج في العقوبات تبعاً لخطورة الجريمة فنص في المادة 33 على عقوبة الإعدام لجريمة تصدير أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على ترخيص بذلك وكذا إنتاج أو استخراج أو فصل أو صنع جوهر مخدر متى كان ذلك بقصد الإتجار، وأعقب ذلك فنزل بالعقوبة في المادة 34 إلى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة لجريمة أقل خطورة وهي الإتجار في المواد المخدرة وزراعة النباتات الواردة في الجدول رقم (5) المرفق بالقانون والإتجار فيها وكذا جريمة من رخص لهم في حيازة جواهر مخدرة لاستعمالها في أغراض معينة وتصرفوا فيها بأية صورة كانت في غير تلك الأغراض، ثم ألحق بهذه الجرائم في الفقرة (د) من هذه المادة جريمة إدارة أو إعداد أو تهيئة مكان لتعاطي المخدرات، وبعد ذلك عرضت المادة 35 لحالة تقديم جواهر مخدرة للتعاطي بغير مقابل أو تسهيل تعاطيها وقررت لها عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وهذه المغايرة بين الفقرة (د) من المادة 34 وبين المادة 35 تدخل مرتكبي الجريمة الأولى في عداد المتجرين بالمواد المخدرة وتكشف عن أن إدارة أو إعداد أو تهيئة المكان في حكم الفقرة (د) من المادة 34 لتعاطي المخدرات إنما تكون بمقابل يتقاضاه القائم عليه، وهو ما يلزم عنه تخصيص مكان لتعاطي المخدرات، وهو الأمر المستفاد من منطق التأثيم في هذه الصورة من صور التسهيل للتعاطي بتغليظ العقاب على مرتكبيها شأنهم في ذلك شأن المتجرين بالمواد المخدرة سواء بسواء، أما حيث يكون تسهيل تعاطي المخدرات بغير مقابل فتكون العقوبة الأخف والمنصوص عليها في المادة 35 من القانون ذاته، وإن كان الحكم بالإدانة في تلك الجريمة يجب لصحته أن يشتمل بذاته على بيان أن إدارة المكان بمقابل يتقاضاه القائم عليه حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، وكان الحكم المطعون فيه. سواء في بيان واقعة الدعوى أو سرد أقوال شاهد الإثبات - قد خلا من ذكر هذا البيان، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أدار وهيأ مكاناً لتعاطي المخدرات، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 34/ د، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إدارة وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يدلل على توافر أركان تلك الجريمة في حقه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ 7/ 1/ 1986 أثناء مرور الرائد....... بدائرة قسم الدرب الأحمر علم من مرشد سري أن المتهم...... وشهرته...... يدير مقهى لتعاطي مخدر الحشيش، فانتقل إلى هذه المقهى الكائنة...... حيث ألفى المتهم يتوسط آخرين وأمامه منضدة عليها بعض الحجارة وعلبة من الصاج موقدة بها النار وباثنين من الأحجار دخان المعسل عليه مخدر الحشيش وثلاثة منها محترقة ونرجيلة يستخدمها المتهم لتعاطي هذا المخدر وأقر له أنه يدير المقهى لهذا الغرض فقام بضبطه والأدوات سالفة البيان". ثم ساق الحكم أدلته التي رتب عليها قضاءه مما شهد به الضابط، ومما أورده تقرير التحليل، وخلص إلى إدانة المتهم بجريمة إدارة وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات، لما كان ذلك، وكان استقراء مواد القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها - الواجب التطبيق على الواقعة من قبل تعديله بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والمعمول به اعتباراً من الخامس من يوليو - يفصح عن أن المشرع اختط خطة تهدف إلى التدرج في العقوبات تبعاً لخطورة الجريمة فنص في المادة 33 على عقوبة الإعدام لجريمة تصدير أو جلب جواهر قبل الحصول على ترخيص بذلك وكذا إنتاج أو استخراج أو فصل أو صنع جوهر مخدر متى كان ذلك بقصد الإتجار، وأعقب ذلك فنزل بالعقوبة في المادة 34 إلى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة لجريمة أقل خطورة وهي الإتجار في المواد المخدرة وزراعة النباتات الواردة في الجدول رقم (5) المرفق بالقانون والإتجار فيها وكذا جريمة من رخص لهم في حيازة جواهر مخدرة لاستعمالها في أغراض معينة وتصرفوا فيها بأية صورة كانت في غير تلك الأغراض ثم ألحق بهذه الجرائم في الفقرة (د) من هذه المادة جريمة إدارة أو إعداد أو تهيئة مكان لتعاطي المخدرات، وبعد ذلك عرضت المادة 35 لحالة تقديم جواهر مخدرة للتعاطي بغير مقابل أو تسهيل تعاطيها وقررت لها عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وهذه المغايرة بين الفقرة (د) من المادة 34 وبين المادة 35 تدخل مرتكبي الجريمة الأولى في عداد المتجرين بالمواد المخدرة وتكشف عن أن إدارة أو إعداد أو تهيئة المكان في حكم الفقرة (د) من المادة 34 لتعاطي المخدرات إنما تكون بمقابل يتقاضاه القائم عليه، وهو ما يلزم عنه تخصيص مكان لتعاطي المخدرات، وهو الأمر المستفاد من منطق التأثيم في هذه الصورة من صور التسهيل للتعاطي بتغليظ العقاب على مرتكبيها شأنهم في ذلك شأن المتجرين بالمواد المخدرة سواء بسواء، أما حيث يكون تسهيل تعاطي المخدرات بغير مقابل فتكون العقوبة الأخف والمنصوص عليها في المادة 35 من القانون ذاته، وإذ كان الحكم بالإدانة في تلك الجريمة يجب لصحته أن يشتمل بذاته على بيان إدارة المكان بمقابل يتقاضاه القائم عليه حتى يمكن لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، وكان الحكم المطعون فيه - سواء في بيان واقعة الدعوى أو سرد أقوال شاهد الإثبات - قد خلا من ذكر هذا البيان، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 19691 لسنة 60 ق جلسة 19 / 3 / 1992 مكتب فني 43 ق 42 ص 310


جلسة 19 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم نائبي رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف وبهيج القصبجي.
---------------
(42)
الطعن رقم 19691 لسنة 60 القضائية

(1) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". تفتيش "التفتيش بغير إذن". تلبس.
لمأموري الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه. جواز إصدار أمر بضبطه وإحضاره عند عدم تواجده. أساس ذلك.
متى جاز القبض على المتهم جاز تفتيشه، المادة 46 إجراءات.
 (2)تلبس. قبض. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". تفتيش "التفتيش بغير إذن". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
التلبس صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها.
مشاهدة مأمور الضبط القضائي وقوع الجريمة. يبيح القبض على كل من قام دليل على مساهمته فيها وتفتيشه بغير إذن.
تقدير قيام حالة التلبس أو انتفاؤها. موضوعي. شرط ذلك؟
تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ عن وقوعها قبل القبض.
مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا. لا يوفرا الدلائل الكافية على اتهام شخص بالجريمة المتلبس بها التي تبيح القبض عليه وتفتيشه.
بطلان القبض. مقتضاه عدم التعويل في الإدانة على أي دليل مستمد منه. ولا على شهادة من أجراه. أثر ذلك؟

-------------------
1 - لما كانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس - بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه فإذا لم يكن حاضراً جاز للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً.
2 - لما كان من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح للمأمور الذي شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجري تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة وأنه وإن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكانت صورة الواقعة - كما حصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته التي سلف بيانها - لا تنبئ عن أن جريمة إحراز المخدر التي دين الطاعن بها كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية إذ أن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها قبل إجراء القبض، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - من أن محاولة الطاعن الفرار بمجرد أن رأى ضابط الواقعة يقترب منه تتوافر به حالة التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي إلقاء القبض عليه، ليس صحيحاً في القانون وذلك لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه ليس في مجرد ما يعتري الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا ما يوفر الدلائل الكافية على اتهامه بالجريمة المتلبس بها ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه. لما كان ذلك، فإن القبض على الطاعن يكون قد وقع في غير حالة تلبس بالجريمة ومن ثم فإن ما وقع في حقه هو قبض باطل وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم أن تخلي الطاعن عن اللفافة التي عثر على المخدر بداخلها لم يحصل إلا فور القبض عليه، وكان بطلان القبض مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منه. وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، لما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وذلك باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ رفضه وعول على الدليل المستمد من هذا القبض بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى استخلاصاً من أقوال الضابط...... بما محصله أنه إذ أبلغه أحد مرشديه السريين بتاريخ..... أن الطاعن يقف بشارع عاكف التابع لدائرة القسم محرزاً مواد مخدرة توجه إلى هذا المكان وما أن شاهده الطاعن حتى حاول الفرار فأمسك به فما كان من الطاعن إلا أن - ألقى بلفافة من الورق تتبعها ببصره حتى استقرت على الأرض وإذ التقطها وفضها تبين له أنها ورقة من أوراق الصحف بداخلها قطعة تشبه مخدر الحشيش، وثبت من تقرير التحليل أنه لمخدر الحشيش لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل ما دفع به الطاعن من بطلان إجراءات ضبطه وتفتيشه لحصولهما بغير صدور إذن النيابة العامة وفي غير حالة من حالات التلبس التي تجيزها وأطرحه بقوله: "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم وتلتفت عن دفوع محاميه لافتقاره إلى سند من أوراق الدعوى، فقد تم ضبط المتهم إثر تحريات صحيحة وإثر محاولته الهروب عقب اقتراب ضابط الواقعة منه وألقى بالمادة المخدرة الأمر الذي يكون معه القبض صحيحاً وتقتنع معه المحكمة بصحة شهادة شاهد الواقعة على النحو السالف سردها" لما كان ذلك، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس - بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه فإذا لم يكن حاضراً جاز للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً، وكان من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح للمأمور الذي شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجري تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة وأنه وإن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكانت صورة الواقعة - كما حصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته التي سلف بيانها - لا تنبئ عن أن جريمة إحراز المخدر التي دين الطاعن بها كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية إذ أن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها قبل إجراء القبض، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - من أن محاولة الطاعن الفرار بمجرد أن رأى ضابط الواقعة يقترب منه تتوافر به حالة التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي إلقاء القبض عليه، ليس صحيحاً في القانون وذلك لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه ليس في مجرد ما يعتري الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا ما يوفر الدلائل الكافية على اتهامه بالجريمة المتلبس بها ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه. لما كان ذلك، فإن القبض على الطاعن يكون قد وقع في غير حالة تلبس بالجريمة ومن ثم فإن ما وقع في حقه هو قبض باطل وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم أن تخلي الطاعن عن اللفافة التي عثر على المخدر بداخلها لم يحصل إلا فور القبض عليه، وكان بطلان القبض مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منه. وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل.

الطعن 20883 لسنة 60 ق جلسة 8 / 3 / 1992 مكتب فني 43 ق 37 ص 292


جلسة 8 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا ومحمد شتا نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.
--------------
(37)
الطعن رقم 20883 لسنة 60 القضائية

(1) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟
 (2)قتل عمد. ارتباط. سرقة. رابطة سببية.
شروط توقيع العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 3 عقوبات؟
وجوب قيام رابطة السببية بين القتل والجنحة. لا يكفي قيام علاقة الزمنية بينهما. على المحكمة في حالة القضاء بارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض الجاني من الفعل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة.
 (3)حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل عمد. سرقة.
حكم الإدانة. بياناته؟
المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 إجراءات.

---------------------
1 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه قد روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - لما كانت المادة 234/ 3 من قانون العقوبات تستوجب لاستحقاق العقوبة المنصوص عليها فيها أن يقع القتل لأحد المقاصد المبينة بها وهي التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة، فيجب لانطباق هذه المادة أن تقوم بين القتل والجنحة رابطة السببية على الوجه الذي بينه القانون، أما إذا انتفت هذه الرابطة فلا ينطبق هذا النص ولو قامت علاقة الزمنية بين القتل والجنحة مما يتعين معه على المحكمة في حالة القضاء بارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض الجاني من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة.
3 - من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل (........) عمداً بأن طعنها بسكين عدة طعنات في أجزاء متفرقة من جسدها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد ارتبطت هذه الجناية بجنحة هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرق المشغولات الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة للمجني عليها من مسكنها وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء إحالة أوراق المتهم إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية وحددت جلسة........ للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة حكمت المحكمة عملاً بالمادة 234/ 1، 3 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة القضية مشفوعة بمذكرة بالرأي....... إلخ.


المحكمة
من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه قد روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المرتبطة بجنحة سرقة وقضى بإعدامه قد شابه القصور في التسبيب ذلك أن الحكم أخذه بحكم المادة 234/ 2 عقوبات رغم عدم توافر ظرف الارتباط في الواقعة وأن ما حدث من قتله للمجني عليها إنما كان وليد اعتداء وقع منه لوقته عند إهانتها له، وليس بقصد السرقة وهو ما لم يفطن إليه الحكم عند إنزاله للعقوبة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم (.......) انتوى قتل جدته لأبيه (......) بعد أن رفضت إعطاؤه المبلغ الذي طلبه منها عندما زارها في مسكنها الذي وقع به الحادث بعد خروج ابنها المقيم معها لعمله في الصباح، بأن عاد إليها بعد خروجه بعشر دقائق بحجة أنه نسى ما كان معه من مفاتيح، فلما فتحت له ودخل معها للبحث عنها عاجلها بضربة شديدة أسقطتها على الأرض مغشياً عليها وأخذ يضرب رأسها بالحائط. ثم طعنها عدة طعنات في رقبتها وبطنها وصدرها قاصداً من ذلك قتلها حتى أجهز عليها ولم يتركها إلا بعد تأكده من مفارقتها الحياة، ثم كشف عن غايته الإجرامية بأن نزع من جثه المجني عليها ما تتحلى به من مشغولات ذهبية في يديها وغادر المنزل تاركاً خلفه السكين التي استعملها في ارتكاب الحادث" وقد استدل الحكم في إدانته للطاعن بقوله "إن الواقعة بالصورة المتقدمة قام الدليل على ثبوتها وصحة إسنادها إلى المتهم مما أطمأنت إليه المحكمة من أقوال النقيب.......، ومن اعتراف المتهم تفصيلاً في التحقيقات ومن نتيجة تقرير الصفة التشريحية" لما كان ذلك، وكانت المادة 234/ 3 من قانون العقوبات تستوجب لاستحقاق العقوبة المنصوص عليها فيها أن يقع القتل لأحد المقاصد المبينة بها وهي التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة، فيجب لانطباق هذه المادة أن تقوم بين القتل والجنحة رابطة السببية على الوجه الذي بينه القانون، أما إذا انتفت هذه الرابطة فلا ينطبق هذا النص ولو قامت علاقة الزمنية بين القتل والجنحة مما يتعين معه على المحكمة في حالة القضاء بارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض الجاني من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرف الارتباط بقوله "إنه توافر في حق المتهم لأنه ارتكب جناية القتل من أجل التمكن من ارتكاب جريمة أخرى وأن ثمة صلة سببية نفسية تربط في ذهن الجاني بين القتل والجريمة الأخرى فهو قد ارتكب القتل من أجل قصد معين هو ارتكاب السرقة" دون أن يعني بإيراد الأدلة على قيام رابطة السببية بين القتل والسرقة، ذلك أن ما أورده الحكم من مؤدى أقوال الشاهد - ضابط المباحث - وإن دل على قيام علاقة زمنية بين قتل المجني عليها وسرقة حليها إلا أنه لا يفيد أن جريمة القتل قد ارتكبت بقصد السرقة، كما أن ما حصله الحكم من مؤدى اعتراف الطاعن ليس من شأنه أن يؤدي إلى قيام الارتباط السببي بين القتل والسرقة، كما أن البين مما أورده الحكم المطعون فيه عن صورة الواقعة أن هذه الصورة لا يتوافر بها بيان واقعة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة بياناً تتحقق به أركان الجريمة على النحو الذي يتطلبه القانون ويتغياه من هذا البيان إذ لم يبين - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعن والمثبتة لارتكابه جريمة القتل العمد وكيفية حصولها وكذلك جريمة السرقة التي تليها بل أورد في هذا المساق عبارات عامة مجملة استقاها من أقوال الضابط وتحرياته دون أن يحدد فيها الأفعال المكونة لتلك الجريمة ومن ثم فإن الأدلة التي ساقها الحكم تكون قاصرة عن استظهار رابطة السببية بين القتل والسرقة، مما يعيب الحكم بالقصور ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الجمعة، 15 نوفمبر 2019

الطعن 18546 لسنة 60 ق جلسة 3 / 3 / 1992 مكتب فني 43 ق 35 ص 281


جلسة 3 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمود رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وأنور جبري وبدر الدين السيد وحسن أبو المعالي أبو النصر.
--------------
(35)
الطعن رقم 18546 لسنة 60 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
 (2)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه المختلفة.
(3) مواد مخدرة. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. عقوبة "تقديرها". ظروف مخففة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
عقوبة إحراز المخدر المجرد من القصود طبقاً للمادة 38 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989. الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه.
مؤدى نص المادة 36 من القانون سالف الذكر؟
العقوبة المقررة بالمادة 38 المذكورة. دون عقوبة الغرامة لا ينزل بها إلا إلى العقوبة التالية لها مباشرة. مخالفة ذلك. خطأ في تطبيق القانون.

------------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
2 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة - قد أطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شاهد الإثبات....... فلا تثريب عليها إذا هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله.
3 - لما كانت المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو زرع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً أو نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم 5 وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ولما كانت المادة 36 من القانون سالف الذكر قد نصت على أنه "استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة 38 النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة فإذا كانت العقوبة التالية هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن فلا يجوز أن تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية لجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي إلى السجن ثلاث سنوات مع أن العقوبة المقررة هي الأشغال الشاقة المؤقتة والتي لا يجوز النزول بها إلا إلى العقوبة التالية مباشرة وهي السجن الذي لا يقل عن ست سنوات وأغفل القضاء بالغرامة المقررة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بمعاقبة المطعون ضده بالسجن لمدة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه بالإضافة إلى المصادرة المقضى بها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون الأخير مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومصادرة المخدر باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة
أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر يغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه تمسك ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات فرد الحكم رداً غير سائغ، والتفت عما أثاره الطاعن من عدم تواجد الضابط وقت الضبط الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ويكون منعى الطاعن في هذا الخوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شاهدي الإثبات فلا تثريب عليها إذا هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أغفل القضاء بالغرامة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 كما نزل بالعقوبة المقيدة للحرية التي دانه بها عن الحد الأدنى المقرر قانوناً.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى وأدلة الثبوت عليها انتهى إلى معاقبة المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات وفقاً للمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون الأخير مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات نظراً لظروف الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 تنص على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو زرع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً أو نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم 5 وكان ذلك بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً". ولما كانت المادة 36 من القانون سالف الذكر قد نصت على أنه "استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة 38 النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة" فإذا كانت العقوبة التالية هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن فلا يجوز أن تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات فإن الحكم المطعون إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية لجريمة إحراز مخدر يغير الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي إلى السجن ثلاث سنوات مع أن العقوبة المقررة هي الأشغال الشاقة المؤقتة والتي لا يجوز النزول بها إلا إلى العقوبة التالية مباشرة وهي السجن الذي لا يقل عن ست سنوات وأغفل القضاء بالغرامة المقررة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بمعاقبة المطعون ضده بالسجن لمدة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه بالإضافة إلى المصادرة المقضي بها.


الطعن 18504 لسنة 60 ق جلسة 2 / 3 / 1992 مكتب فني 43 ق 34 ص 270


جلسة 2 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة ومجدي الجندي نواب رئيس المحكمة وفتحي الصباغ.
-----------------
(34)
الطعن رقم 18504 لسنة 60 القضائية

(1) دفوع "الدفع بعدم الدستورية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد على دفع بعدم الدستورية لم يبد في عبارة صريحة تشتمل على المراد منه.
 (2)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الجازم. ماهيته؟
 (3)دفوع "الدفع بعدم الدستورية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم الدستورية غير متعلق بالنظام العام. أثره؟ عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (4)مواد مخدرة. تفتيش "إذن تفتيش. إصداره. بياناته". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم إيراد عمل الطاعن أو محل إقامته أو بيانات سيارته غير قادح في جدية التحريات.
(5) تفتيش "التفتيش بإذن". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط. موضوعي. اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن. كفايته رداً عليه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 (6)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بقول الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى أطمأنت إليه. فلها أن تلتفت عما عداه دون بيان العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى. ما دام له أصل ثابت فيها.
(7) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة الموضوع غير ملزمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي والرد عليها صراحة. استفادة إطراح شهادتهم استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها.
 (8)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد. حد ذلك؟
 (9)دفوع "الدفع بشيوع التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بشيوع التهمة من الدفوع الموضوعية. إثارته أمام محكمة النقض. غير مقبول.
 (10)حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
الخطأ في مكان العثور على كيس المخدر في الشقة محل الضبط. لا يجدي.
 (11)نقض "المصلحة في الطعن". مواد مخدرة.
انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط بالشقة ما دام أن الحكم أثبت مسئوليته عن المخدر المضبوط في طيات ملابسه التي كان يرتديها.

------------------
1 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ 2 من يونيه سنة 1990 أنه قد أثبت على لسان المدافع عن الطاعن أنه "التمس أجلاً لاستدعاء شهود الإثبات داخل الدور وبعد ذلك لاتخاذ إجراءات الدفع بعدم دستورية القانون من عدمه بعد سماع أقوال شاهدي الإثبات" ثم توالت الجلسات بعد ذلك حيث تم سماع شاهدي الإثبات ثم ترافع المدافع عن الطاعن دون أن يدفع بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 وانتهى في مرافعته إلى طلب الحكم بالبراءة - فإن ما ثبت على لسان المدافع عن الطاعن في هذا الشأن قد جاء في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه، إذ يلزم لذلك أن يبدي الدفع المذكور في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
2 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
3 - لما كانت المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 قد اختصت هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح، وكان النص في المادة 29 من هذا القانون على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي ( أ ).... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم...... بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة....... أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن" مفاده أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة - على ما سلف - أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أحدهما بعدم دستورية أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989، فإن إبداء هذا الدفع أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - يكون غير مقبول.
4 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق وكان عدم إيراد عمل الطاعن أو محل إقامته أو بيانات سيارته محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً - هذا فضلاً عن أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع خلو محضر التحريات من بيان عمله كأساس لهذا الدفع.
5 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها - لما كان ذلك - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهما وما تبينته المحكمة من تناقض في أقوال الطاعن وشاهدي نفيه، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الخصوص له مأخذه الصحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى أطمأنت إليها وأن تلتفت عما عداها دون أن تبين العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها، وهو ما لا يجادل الطاعن فيه، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا يكون محل للنعي على الحكم في هذا المقام.
7 - لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم 8 - 8 - من المقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه وإطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها.
9 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع الاتهام بما يثيره في طعنه من شيوع الاتهام، وكان هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع لأنها تتطلب تحقيقاً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنها لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
10 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه ومن ثم فلا يجدي الطاعن ما ينسبه إلى الحكم من خطأ في مكان العثور على كيس المخدر في الشقة محل الضبط.
11 - انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط بالشقة ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط بين طيات ملابسه التي كان يرتديها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (1): حاز وأحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً (2) حاز بقصد الإتجار عقاراً مخدراً "كودايين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل والبندين 1، 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون 122 لسنة 1989 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات وتغريمه مائتي ألف جنيه والمصادرة باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض......إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهرين مخدرين "هيروين وكودايين" مجرداً من القصود جميعاً قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال ومخالفة للثابت في الأوراق، ذلك بأن المحكمة لم ترد على دفعه بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 الخاص بالمخدرات والذي يحاكم بمقتضاه - وفي هذا الصدد فهو يدفع أمام محكمة النقض بعدم دستورية هذا القانون ويطلب إليها وقف الدعوى حتى يقدم طعنه في هذا الشأن أو حتى يحكم في الطعون المقدمة في ذات الموضوع من آخرين. كما أن المحكمة ردت بما لا يسوغ على دفعه ببطلان إذن النيابة العامة لانعدام التحريات التي خلت من بيان عمله ومسكنه وبيانات سيارته ملتفتة عن مستنداته في هذا الشأن - وكذا على دفعه بحصول القبض والتفتيش قبل صدور الإذن بهما، واستندت في إدانته إلى أقوال شاهدي الإثبات رغم اختلافها في التحقيقات عنها بالجلسة في شأن ساعة استصدار الإذن وأحالت في بيان أقوال الشاهد الثاني لما أوردته من أقوال الشاهد الأول رغم اختلافهما في تحديد ساعة الضبط بفارق ساعة كاملة واختلافها في مدة انتظارها حضور الطاعن، كما أطرحت أقوال شاهدي النفي بما لا يسوغه، وعولت في إدانته على جزء من أقوال شاهدي النفي........ فيما يتعلق بسيطرة الطاعن على الشقة محل الضبط في حين أطرحتها في مواضع أخرى لعدم اطمئنانها إليها، وانتهت إلى ثبوت سيطرة الطاعن على هذه الشقة رغم شيوع الاتهام - وأخيراً فقد أثبت عثور الضابط على كيس الهيروين بين أجزاء دولاب خشب مفكك رغم أن أياً من شاهدي الإثبات لم يقرر ذلك، كل أولئك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز وحيازة جوهرين مخدرين مجرداً من القصود جميعاً التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ 2 من يونيه سنة 1990 أنه قد أثبت على لسان المدافع عن الطاعن أنه "التمس أجلاً لاستدعاء شهود الإثبات داخل الدور وبعد ذلك لاتخاذ إجراءات الدفع بعدم دستورية القانون من عدمه بعد سماع أقوال شاهدي الإثبات" ثم توالت الجلسات بعد ذلك حيث تم سماع شاهدي الإثبات ثم ترافع المدافع عن الطاعن دون أن يدفع بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 وانتهى في مرافعته إلى طلب الحكم بالبراءة - فإن ما ثبت على لسان المدافع عن الطاعن في هذا الشأن قد جاء في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه، إذ يلزم لذلك أن يبدي الدفع المذكور في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه - هذا إلى ما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكانت المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 قد اختصت هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح، وكان النص في المادة 29 من هذا القانون على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي ( أ )...... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم........ بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة........ أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن" مفاده أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة - على ما سلف - أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أحدهما بعدم دستورية أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989، فإن إبداء هذا الدفع أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق وكان عدم إيراد عمل الطاعن أو محل إقامته أو بيانات سيارته محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً - هذا فضلاً عن أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع خلو محضر التحريات من بيان عمله كأساس لهذا الدفع. لما كان ذلك، وكان المقرر أن الدفع بصدور الأذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها - لما كان ذلك - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهما وما تبينته المحكمة من تناقض في أقوال الطاعن وشاهدي نفيه، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الخصوص له مأخذه الصحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى أطمأنت إليها وأن تلتفت عما عداها دون أن تبين العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها، وهو ما لا يجادل الطاعن فيه، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا يكون محل للنعي على الحكم في هذا المقام. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على التفات المحكمة عن أقوال شاهدي النفي لا محل له لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه وإطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على قول الشاهد....... فيما يتعلق بسيطرة الطاعن على الشقة محل الضبط، ولم يعبأ بقوله في مواضع أخرى. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع الاتهام بما يثيره في طعنه من شيوع الاتهام، وكان هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع لأنها تتطلب تحقيقاً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنها لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه ومن ثم فلا يجدي الطاعن ما ينسبه إلى الحكم من خطأ في مكان العثور على كيس المخدر في الشقة محل الضبط، هذا بالإضافة إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط بالشقة ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط بين طيات ملابسه التي كان يرتديها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.