جلسة 26 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل
وعمار إبراهيم نائبي رئيس المحكمة وأحمد جمال وبهيج القصبجي.
-------------
(47)
الطعن رقم 9458 لسنة 59
القضائية
(1) دعوى مدنية. تعويض.
ولاية المحاكم الجنائية
بالنسبة إلى الحكم بالتعويضات المدنية. استثنائية. اقتصارها على تعويض ضرر شخصي
مترتب على الفعل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية ومتصل بها اتصالاً
مباشراً دون الأفعال غير المحمولة على الجريمة ولو كانت متصلة بالواقعة محل
المحاكمة. علة ذلك؟
(2)شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها".
جريمة إعطاء شيك بدون
رصيد. مناط تحققها؟
(3)شيك بدون رصيد. قانون "تفسيره". دعوى جنائية
"قبولها". دعوى مدنية "قبولها". نقض "حالات الطعن. الخطأ
في القانون" "نظره والحكم فيه".
صدور الشيك لأمر شخص معين
وإذنه. تداوله يكون بالطرق التجارية. تظهيره. أثره؟
خلو الشيك مما يدل على
تظهيره للمدعي بالحقوق المدنية. أثره: عدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية.
مخالفة ذلك. خطأ في القانون.
----------------
1 - من المقرر أن ولاية
المحاكم الجنائية بالنسبة إلى الحكم بالتعويضات المدنية هي ولاية استثنائية تقتصر
على تعويض ضرر شخصي مترتب على الفعل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية
ومتصل بها اتصالاً سببياً ومباشراً لا تتعداها إلى الأفعال الأخرى غير المحمولة
على الجريمة ولو كانت متصلة بالواقعة التي تجرى المحاكمة عنها لانتفاء علة التبعية
التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية.
2 - من المقرر أن جريمة
إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس
له مقابل وفاء قابل للسحب، إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية
القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة
وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات.
3 - متى صدر الشيك لحامله
أو صدر لأمر شخص معين وإذنه فإن تداوله يكون بالطرق التجارية ومن شأن تظهيره - متى
وقع صحيحاً - أن ينقل ملكية قيمته إلى المظهر إليه ويخضع لقاعدة التطهير من الدفوع
مما يجعل العلاقة في شأنه غير مقصورة على الساحب والمستفيد الذي حرر الشيك لأمره
وإنما يتعداه إلى المظهر إليه الذي يصبح مالكاً لقيمته فور تظهيره ويصبح هو
المضرور من الجريمة. لما كان ذلك، وكان البين من الشيك موضوع الدعوى أنه صدر لأمر
وإذن المستفيد...... فقام بتظهيره إلى المحامي........ الذي تقدم به إلى البنك
المسحوب عليه ومن ثم فإن هذا الأخير يكون هو المضرور من الجريمة. لما كان ذلك، وإذ
كان الشيك قد خلا مما يدل على تظهيره للمدعي بالحقوق المدنية أو أن المظهر إليه
الأخير كان وكيلاً عنه فمن ثم تنحسر عنه صفة المضرور من الجريمة وبالتالي تكون
دعواه غير مقبولة بما يستتبع عدم قبول الدعوى الجنائية أيضاً. لما كان ما تقدم،
وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون بما
يوجب نقضه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية.
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق
المدنية دعواه بطريق الإدعاء المباشر أمام محكمة جنح الجيزة ضد الطاعن بوصف أنه
أعطاه بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336،
337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع
الشغل وكفالة عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيه
على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة
استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم
المستأنف.
فطعن الأستاذ/ .......
المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانه بجريمة إعطاء شيك
بدون رصيد وإلزامه بالتعويض، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه دفع بعدم قبول
الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أنها حركت قبله بطريق الإدعاء المباشر من
المدعي بالحقوق المدنية. رغم أن الأخير ليس مستفيداً من الشيك غير أن الحكم أغفل
هذا الدفع - إيراداً وردا - رغم جوهريته بما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الثابت من
الحكم المطعون فيه أن المدعي بالحقوق المدنية أقام الدعوى بالطريق المباشر قبل
الطاعن بوصف أنه أصدر له شيكاً بدون رصيد كما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة
الاستئنافية أن الطاعن دفع الدعوى بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة. لما كان ذلك،
وكان البين من المفردات المضمومة أن الشيك موضوع الدعوى أصدره الطاعن لأمر......
مسحوباً على بنك الائتمان الدولي ثم قام الأخير بتظهيره كما تضمن توقيع
المحامي....... الذي تقدم به إلى البنك المسحوب عليه فحرر له إفادة بتاريخ 10 من
إبريل سنة 1986 تضمنت أن الشيك أوقف صرفه بناء على طلب الساحب. لما كان ذلك، وكان
من المقرر أن ولاية المحاكم الجنائية بالنسبة إلى الحكم بالتعويضات المدنية هي
ولاية استثنائية تقتصر على تعويض ضرر شخصي مترتب على الفعل المكون للجريمة المرفوعة
بها الدعوى الجنائية ومتصل بها اتصالاً سببياً ومباشراً لا تتعداها إلى الأفعال
الأخرى غير المحمولة على الجريمة ولو كانت متصلة بالواقعة التي تجرى المحاكمة عنها
لانتفاء علة التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية وكان من المقرر
أنه وإن كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى
المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب، إذ يتم بذلك طرح الشيك في
التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على
هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات. إلا أنه متى صدر
الشيك لحامله أو صدر لأمر شخص معين وإذنه فإن تداوله يكون بالطرق التجارية ومن شأن
تظهيره - متى وقع صحيحاً - أن ينقل ملكية قيمته إلى المظهر إليه ويخضع لقاعدة
التطهير من الدفوع مما يجعل العلاقة في شأنه غير مقصورة على الساحب والمستفيد الذي
حرر الشيك لأمره وإنما يتعداه إلى المظهر إليه الذي يصبح مالكاً لقيمته فور تظهيره
ويصبح هو المضرور من الجريمة. لما كان ذلك، وكان البين من الشيك موضوع الدعوى أنه
صدر لأمر وإذن المستفيد....... فقام بتظهيره إلى المحامي....... الذي تقدم به إلى البنك
المسحوب عليه ومن ثم فإن هذا الأخير يكون هو المضرور من الجريمة. لما كان ذلك، وإذ
كان الشيك قد خلا مما يدل على تظهيره للمدعي بالحقوق المدنية أو أن المظهر إليه
الأخير كان وكيلاً عنه فمن ثم تنحسر عنه صفة المضرور من الجريمة وبالتالي تكون
دعواه غير مقبولة بما يستتبع عدم قبول الدعوى الجنائية أيضاً. لما كان ما تقدم،
وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون بما
يوجب نقضه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية
مع إلزام المدعي بالحقوق المدنية والمصاريف المدنية وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر
أوجه الطعن.