الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 5 يونيو 2019

الطعن 1143 لسنة 62 ق جلسة 7 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ق 146 ص 931


جلسة 7 من نوفمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره نواب رئيس المحكمة.
---------------------------
(146)
الطعن رقم 1143 لسنة 62 القضائية

(1) وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
التعديل في مواد القانون دون تعديل في وصف التهمة أو الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية. يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع.
مثال في جريمة قتل عمد بقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة.
 (2)موانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية". قتل عمد. مسئولية جنائية. إثبات "بوجه عام" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة. عدم التزام المحكمة بالالتجاء لأهل الخبرة في هذا الشأن بعد أن وضحت لها الدعوى.
(3) موانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية". مسئولية جنائية. قتل عمد. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً وفق المادة 62 عقوبات هو الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك. سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسئولية.
حالات الإثارة أو الاستفزاز أو الغضب. مجرد أعذار قضائية مخففة.
(4) جريمة "أركانها". باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
الباعث على الجريمة. ليس ركناً فيها. خطأ الحكم فيه أو إغفاله. لا يعيبه.
 (5)إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". بطلان.
المحامون المقبولون للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية. اختصاصهم. دون غيرهم. بالمرافعة أمام محكمة الجنايات. المادة 377 إجراءات.
تسليم الطاعن بأسباب طعنه بأن المحاميين اللذين توليا الدفاع عنه من المقبولين للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية. لا محل معه للنعي على إجراءات المحاكمة بالبطلان.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". بطلان. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
المحامون المقيدون أمام المحاكم الابتدائية. لا يصح حرمانهم من المرافعة أمام محاكم الجنايات أو سلبهم هذا الحق. أساس ذلك؟
إجراءات محاكمة المتهم في جناية. عدم بطلانها إلا إذا كان من تولى الدفاع عنه محامياً تحت التمرين.
 (7)نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
قبول عرض النيابة قضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك.
 (8)قتل عمد. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال. لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل في حق الطاعن.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "اعتراف".
لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
 (10)إجراءات "إجراءات التحقيق". مأمورو الضبط القضائي. إكراه. إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حضور ضابط الشرطة التحقيق لا يعيب إجراءاته. سلطان الوظيفة ذاته لا يعد إكراهاً طالما لم يستطل بأذى مادياً كان أو معنوياً. مجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف.
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟ 

----------------
1 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعن بوصف أنه "قتل..... عمداً بأن انهال عليها طعناً بآلة حادة "سكين" قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد ارتكبت هذه الجناية لتسهيل ارتكاب جنحة سرقة مصاغ المجني عليها من مسكنها المنطبقة بالمادة 317/ 1 من قانون العقوبات على النحو المبين بالتحقيقات. وكان هذا الوصف الذي أقيمت به الدعوى هو بذاته الوصف الذي اتخذته المحكمة أساساً لحكمها بإدانة الطاعن دون أن تجري تعديلاً في وصف التهمة أو في الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية بل أن التعديل الذي أجرته المحكمة اقتصر - بحق - على تطبيق المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتها الثالثة وهو النص القانوني الصحيح المنطبق على واقعة الدعوى - مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع - فإن تعييب الحكم بأنه انطوى على إخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً
2 - من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وهي غير ملزمة من بعد بالالتجاء لأهل الخبرة في هذا الشأن ما دامت قد وضحت لديها الدعوى.
3 - المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية وأن حالات الإثارة أو الاستفزاز أو الغضب ليست من موانع المسئولية إنما هي مجرد أعذار قضائية مخففة يرجع الأمر تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض.
4 - من المقرر أن الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة.
5 - لما كانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم للمرافعة أمام محكمة الجنايات وكان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن المحاميين اللذين توليا الدفاع عنه من المحامين المقبولين للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية فلا محل للنعي على إجراءات المحاكمة البطلان.
6 - لما كانت صياغة نص المادة 37 من القانون 17 لسنة 83 أو 74 من القانون 61 لسنة 68 بشأن المحاماة - لا يشير أيهما صراحة أو دلالة إلى حرمان المحامين المقيدين أمام المحاكم الابتدائية من المرافعة أمام محاكم الجنايات أو سلبهم الحق ولا يتضمن نسخاً لما نصت عليه المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية سالف الذكر وكانت هذه المحكمة قد استقر قضاؤها في ظل هذين النصين على أن إجراءات محاكمة المتهم في جناية لا تبطل إلا إذا كان من تولى الدفاع عنه محامياً تحت التمرين فإن دعوى الطاعن في هذا الصدد تكون على غير سند.
7 - إن النيابة العامة ولئن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم، عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم، إلا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى - ما دام الحكم صادراً فيها بالإعدام - لتستبين من تلقاء نفسها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة للقضية في الميعاد المحدد أو بعد فواته. ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
8 - لما كان الحكم قد استظهر توافر نية القتل في حق المحكوم عليه بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي ثابتة في حق المتهم من اعترافه في جميع مراحل التحقيق بدءاً من مرحلة الاستدلال وانتهاء بما أدلى به في جلسة المحاكمة بأنه كان يطعن المجني عليها بالسكين بقصد قتلها وإزهاق روحها وأنه تركها بعد أن سقطت مدرجة في دمائها ثم عاد إليها بعد قليل فوجد جثتها تتحرك فأمسك السكين مرة أخرى ولم تمنعه إصابة يده من مواصلة الاعتداء عليها مرة ثانية فوضع منشفة على مقبض السكين وظل يطعنها من جديد بقوة وعنف شديدين حتى انغرس نصل السكين في رقبتها ولم يكترث بسحب السكين من مكانه بل تركه في موضعه لأنه كان قد استيقن من أن المجني عليها قد أصبحت جسداً بلا روح جثة بلا حركة كما استدلت المحكمة على توافر نية القتل من تعدد الطعنات في مواضع قاتلة من جسم المجني عليها كمنطقة العنق والرقبة والصدر واستعماله سكيناً حاداً كبيراً إذ بلغ طول النصل 18 سم وطول المقبض 13 سم وقد استغل المتهم قوته البدنية وطول قامته في السيطرة على المجني عليها إذ يزيد طول قامته على 175 سم بينما لا يتجاوز طول قامة المجني عليها 150 سم وقد تمكن من الإجهاز عليها وهو منفرد بها في ظل تلك الظروف ومما يؤكد أن المتهم لم يلق ثمة مقاومة من المجني عليها خلوه من الإصابات إلا من إصابة يده التي حدثت عفواً بسبب اعتدائه على المجني عليها وقد ثبت من تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليها أصيبت بخمس طعنات غائرة وشاملة بالجانب الأيمن من عنقها فنفذ منها ما نفذ إلى التجويف الصدري من خلال قمة الرئة اليمنى علاوة على إصابات أخرى ولا شك أن مناطق العنق والصدر والرئة يعد كل منها مقتلاً وقد سجل التقرير المشار إليه خطورة هذه الإصابات وجسامتها". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يغمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر هذه النية في حق الطاعن كافياً وسائغاً.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تجزئة أي دليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عدا.
10 - من المقرر أنه ليس في حضور ضابط الشرطة التحقيق - بفرض صحة ذلك - ما يعيب إجراءاته لأن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات لا يعد إكراها ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً إذ مجرد الخشية منه لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك السلطان حين أدلى باعترافه ومرجع الأمر في ذلك لمحكمة الموضوع.
11 - لما كان الحكم قد خلص مما تقدم على نحو سليم أن المحكوم عليه قتل المجني عليها بقصد سرقة مصاغها وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بوصف الاتهام وعاقبه بالإعدام عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقاً للقانون وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليه بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم طبقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء متفقاً وصحيح القانون ومبرءاً من الخطأ في تطبيقه أو تأويله كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل..... عمداً بأن انهال عليها طعناً بآلة حادة "سكين" قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد ارتكبت هذه الجناية لتسهيل ارتكاب جنحة سرقة مصاغ المجني عليها من مسكنها. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى زوج المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لأخذ رأيه فيها وحددت جلسة..... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمادة 234/ 3 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً وبإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه...... إلخ.


المحكمة
أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه: -
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة وعاقبه بالإعدام قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والبطلان في الإجراءات ذلك أن النيابة العامة - بجلسة المحاكمة - عدلت مواد الاتهام بإضافة الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات التي طلبت معاقبة الطاعن بموجبها رغم عدم توافر شروط تطبيق هذه الفقرة التي تتطلب جناية أخرى تتقدم أو تقترن أو تلي جريمة القتل وهو ما لم يتوافر في حق الطاعن، ومع ذلك عاقب الحكم الطاعن بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ذاتها دون أن تنبهه المحكمة إلى هذا التعديل، وطلب الدفاع عرض الطاعن على الطبيب الشرعي لبيان مدى مسئوليته الجنائية لأنه مريض بالصرع ويعاني من حالة نفسية تسبب له انفعالاً شديداً عندما يعير بعاهة فيه - هي عرجه - غير أن الحكم أطرح هذا الطلب بما لا يسوغ ودون أن يعني بتحقيقه عن طريق المختص فنياً، وأورد الحكم في مدوناته أن الطاعن يعاني من حالة عسر شديدة بسبب انعدام موارده وتساند إلى ذلك في إثبات جريمة السرقة وتوافر الارتباط السببي بينها وبين القتل رغم أن هذا القول لا سند له من أوراق الدعوى، هذا إلى أن المحكمة سمحت لاثنين من المحامين المقيدين أمام المحاكم الابتدائي بالدفاع عن الطاعن رغم أن المادة 37 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 توجب أن يكون المدافع عن المتهم في جناية من المحامين المقيدين أمام محاكم الاستئناف مما يبطل إجراءات المحاكمة كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد بقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من اعتراف الطاعن وأقوال شهود الإثبات ومما أظهرته المعاينة وكشفت عنه التقارير الطبية الشرعية، والقرائن المستمدة من العثور على إيصال ساعة الطاعن والسكين المستعمل في الحادث بشقة المجني عليها ومن ضبط متحصلات السرقة وملابس الطاعن الملوثة بالدماء وبنطلون زوج - المجني عليها لدى صديق الطاعن، لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعن بوصف أنه "قتل.... عمداً بأن انهال عليها طعناً بآلة حادة "سكين" قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد ارتكبت هذه الجناية لتسهيل ارتكاب جنحة سرقة مصاغ المجني عليها من مسكنها المنطبقة بالمادة 317/ 1 من قانون العقوبات على النحو المبين بالتحقيقات" وكان هذا الوصف الذي أقيمت به الدعوى هو بذاته الوصف الذي اتخذته المحكمة أساساً لحكمها بإدانة الطاعن دون أن تجري تعديلاً في وصف التهمة أو في الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية بل أن التعديل الذي أجرته المحكمة اقتصر - بحق - على تطبيق المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتها الثالثة وهو النص القانوني الصحيح المنطبق على واقعة الدعوى - مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع - فإن تعييب الحكم بأنه انطوى على إخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً. ولا محل بعد ذلك للمحاجاة بخطأ النيابة في طلب تطبيق الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر لعدم توافر شروطها ما دام الحكم قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وهي غير ملزمة من بعد بالالتجاء لأهل الخبرة في هذا الشأن ما دامت قد وضحت لديها الدعوى. وكان المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية وأن حالات الإثارة أو الاستفزاز أو الغضب ليست من موانع المسئولية إنما هي مجرد أعذار قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وطلب عرضه على الطبيب الشرعي وأطرحه بما أثبتته المحكمة - في حدود سلطتها التقديرية - من واقع ما استدلت به من مسلك الطاعن وأفعاله سواء ما كان منها سابقاً وقوع الجريمة أو أثناء ارتكابه لها أو بعد مقارفته إياها وما ساقته من شواهد - وبعد إطراح أقوال الطاعن عن مراودة المجني عليها له عن نفسه - على أن الطاعن كان في حالة إدراك تام ووعي كامل، وأنه كانت لديه حرية كاملة للاختيار وقت مقارفته للجريمة وبالتالي مسئوليته كاملة عما وقع منه من أفعال القتل والسرقة، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن وإطراحاً لطلب عرضه على الطبيب الشرعي كافياً وسائغاً ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم في الإسناد لما أورده في تحصيله لواقعة الدعوى عن معاناة الطاعن من عسر مالي - على غير أصل بالأوراق - إنما يتصل بالباعث عن الجريمة وكان من المقرر أن الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة. لما كان ذلك، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم للمرافعة أمام محكمة الجنايات وكان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن المحاميين اللذين توليا الدفاع عنه من المحامين المقبولين للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية فلا محل للنعي على إجراءات المحاكمة بالبطلان أما ما ينادي به الطاعن من وجوب أن يتولى الدفاع عن متهم في جناية محام من المقبولين أمام محاكم الاستئناف استناداً إلى نص المادة 37 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 فمردود ذلك أن المادة 37 سالفة الذكر قد جرى نصها على أنه "للمحامي المقيد بجدول محاكم الاستئناف حق الحضور والمرافعة أمام جميع محاكم الاستئناف ومحاكم القضاء الإداري، ولا يجوز قبول صحف الدعاوى أمام هذه المحاكم وما يعادلها إلا إذا كان موقعها عليها منه وإلا حكم ببطلان الصحيفة - ويكون للمحامي أمام محاكم الاستئناف حق الحضور والمرافعة أمام جميع المحاكم فيما عدا محاكم النقض والإدارية العليا والدستورية العليا - كما يكون له إبداء الفتاوى القانونية وإعداد العقود وشهرها والقيام بكافة أعمال المحاماة الأخرى، وكان هذا النص يقابله نص المادة 74 من قانون المحاماة الملغي رقم 61 لسنة 1968 والتي كانت تنص على أنه "لا يجوز أن يحضر عن الخصوم أمام محاكم الاستئناف ومحاكم القضاء الإداري إلا المحامون المقبولون أمام هذه المحاكم" لما كان ذلك، وكان صياغة هذا النص - أو ذاك - لا يشير صراحة أو دلالة إلى حرمان المحامين المقيدين أمام المحاكم الابتدائية من المرافعة أمام محاكم الجنايات أو سلبهم الحق ولا يتضمن نسخاً لما نصت عليه المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية سالف الذكر وكانت هذه المحكمة قد استقر قضاؤها في ظل هذين النصين على أن إجراءات محاكمة المتهم في جناية لا تبطل إلا إذا كان من تولى الدفاع عنه محامياً تحت التمرين فإن دعوى الطاعن في هذا الصدد تكون على غير سند. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن مذكرة عرض النيابة للحكم الصادر بعقوبة الإعدام: -
حيث إن النيابة العامة ولئن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم، عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم، إلا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى - ما دام الحكم صادراً فيها بالإعدام - لتستبين من تلقاء نفسها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة للقضية في الميعاد المحدد أو بعد فواته. ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد بقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة التي دان المحكوم عليه بها وأورد على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها - على النحو السالف بسطه - وكان الحكم المعروض قد حصل مؤدي هذه الأدلة تحصيلاً وافياً له أصله الثابت من الأوراق، وأوضح رابطة السببية بين القتل وارتكاب جنحة السرقة التي كانت الغرض المقصود منه بما يتحقق به الظرف المشدد كما هو معرف في القانون ويكفي لتوقيع عقوبة الإعدام. كما استظهر توافر نية القتل في حق المحكوم عليه بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي ثابتة في حق المتهم من اعترافه في جميع مراحل التحقيق بدءاً من مرحلة الاستدلال وانتهاء بما أدلى به في جلسة المحاكمة بأنه كان يطعن المجني عليها بالسكين بقصد قتلها وإزهاق روحها وأنه تركها بعد أن سقطت مدرجة في دمائها ثم عاد إليها بعد قليل فوجد جثتها تتحرك فأمسك السكين مرة أخرى ولم تمنعه إصابة يده من مواصلة الاعتداء عليها مرة ثانية فوضع منشفة على مقبض السكين وظل يطعنها من جديد بقوة وعنف شديدين حتى انغرس نصل السكين في رقبتها ولم يكترث بسحب السكين من مكانه بل تركه في موضعه لأنه كان قد استيقن من أن المجني عليها قد أصبحت جسداً بلا روج جثة بلا حركة كما استدلت المحكمة على توافر نية القتل من تعدد الطعنات في مواضع قاتلة من جسم المجني عليها كمنطقة العنق والرقبة والصدر واستعماله سكيناً حاداً كبيراً إذ بلغ طول النصل 18 سم وطول المقبض 13 سم وقد استغل المتهم قوته البدنية وطول قامته في السيطرة على المجني عليها إذ يزيد طول قامته على 175 سم بينما لا يتجاوز طول قامة المجني عليها 150 سم وقد تمكن من الإجهاز عليها وهو منفرد بها في ظل تلك الظروف ومما يؤكد أن المتهم لم يلق ثمة مقاومة من المجني عليها خلوه من الإصابات إلا من إصابة يده التي حدثت عفواً بسبب اعتدائه على المجني عليها وقد ثبت من تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليها أصيبت بخمس طعنات غائرة وشاملة بالجانب الأيمن من عنقها فنفذ منها ما نفذ إلى التجويف الصدري من خلال قمة الرئة اليمنى علاوة على إصابات أخرى ولا شك أن مناطق العنق والصدر والرئة يعد كل منها مقتلاً وقد سجل التقرير المشار إليه خطورة هذه الإصابات وجسامتها". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضره في نفسه وأن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر هذه النية في حق الطاعن كافياً وسائغاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد عول في قضائه بإدانة المحكوم عليه على اعترافه في التحقيقات وجميع مراحل الدعوى باعتدائه على المجني عليها وقتلها وأطرح أقواله في خصوص ما ادعاه عن مراودة المجني عليها له عن نفسه فإن ذلك لا يعيبه لما هو مقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تجزئة أي دليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يعيب استدلال الحكم بهذا الاعتراف أن يكون المحكوم عليه قد ادعى في بعض جلسات تجديد الحبس الاحتياطي أن اعترافه كان وليد إكراه من الشرطة لأنه جاء قولاً مرسلاً لم يؤيده بدليل كما لا يغير من ذلك ادعاء والد المحكوم عليه في طلبه للنيابة أن اعتراف نجله كان نتيجة إكراه معنوي لوجود رجال الشرطة أثناء التحقيق لما هو مقرر أنه ليس في حضور ضابط الشرطة التحقيق - بفرض صحة ذلك - ما يعيب إجراءاته لأن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات لا يعد إكراها ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً إذ مجرد الخشية منه لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك السلطان حين أدلى باعترافه ومرجع الأمر في ذلك لمحكمة الموضوع، وفوق ذلك كله فإن هذا الذي دفع به محامي الطاعن أثناء تجديد الحبس الاحتياطي من بطلان الاعتراف يدحضه إصرار المحكوم عليه بالجلسة على اعترافه بالتحقيقات وعدم معاودة الطعن عليه بالبطلان مما تكون معه المحكمة في حل من الالتفات إليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد عرض لما تذرع به الدفاع عن المحكوم عليه من تعلله فقدان الشعور لإصابته بمرض مانع من المسئولية وأطرحه لما استقر في يقين المحكمة أن المحكوم عليه قد قارف الجريمة وهو في قمة الوعي والإدراك وحرية الاختيار كما عرض لما أثاره الدفاع عن توافر عنصر الاستفزاز والغضب كعذر قضائي مخفف وأطرحه لما أثبتته المحكمة من فساد دفاع المحكوم عليه وعدم صحة ما ادعاه عن مراودة المجني عليها له عن نفسه ومعايرته بالعرج وأورد على ذلك أسباباً سائغة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص مما تقدم على نحو سليم أن المحكوم عليه قتل المجني عليها بقصد سرقة مصاغها وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بوصف الاتهام وعاقبه بالإعدام عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقاً للقانون وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليه بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم طبقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء متفقاً وصحيح القانون ومبرءاً من الخطأ في تطبيقه أو تأويله كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 6777 لسنة 62 ق جلسة 3 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ق 144 ص 919


جلسة 3 من نوفمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وبهيج حسن القصبجي نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(144)
الطعن رقم 6777 لسنة 62 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن في الميعاد. دون تقديم أسبابه. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)إعدام. نيابة عامة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
 (3)إعدام. نيابة عامة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟
(4) حكم "إصداره". إعدام. عقوبة.
وجوب استيفاء الحكم الصادر بالإعدام إجرائي إجماع آراء قضاة المحكمة وأخذ رأي فضيلة المفتي وإلا كان باطلاً.
النص على إجماع الآراء قرين النطق بالحكم بالإعدام شرط لازم لصحة صدور الحكم بتلك العقوبة.
(5) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
اندراج البطلان الذي لحق الحكم تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959. يوجب على محكمة النقض أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم.
 (6)نقض "الطعن للمرة الثانية".
نقض الحكم للمرة الثانية. يوجب تحديد جلسة لنظر الموضوع. أساس ذلك؟

--------------
1 - لما كان المحكوم عليه الأول....... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد القانوني إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً وذلك لما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيهما أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعنين دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في الميعاد المحدد بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
3 - لما كانت المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف البيان تنص على أنه مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان.
4 - لما كان الحكم المعروض بعد أن حصل واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها لديه انتهى - بعد أخذ رأي مفتي الجمهورية - إلى القضاء حضورياً بمعاقبة المتهمين بالإعدام وقد خلا منطوق الحكم مما يفيد صدوره بالإجماع كما خلا رول الجلسة الموقع عليه من هيئة المحكمة وكذلك محضرها من إثبات صدور الحكم بالإجماع. لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة رقم 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد جرى على أنه "ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية....". مفاده أن الشارع قد ربط بين مبدأ الإجماع وبين أخذ رأي المفتي وهو الإجراء الذي كان يستلزمه الشارع قبل التعديل لإصدار الحكم بالإعدام فأصبح الحكم به وفقاً لهذا التعديل مشروطاً باستيفاء الإجرائين سالفي الذكر بحيث إذا تخلف أحدهما أو كلاهما بطل الحكم، وإذ كان منطوق الحكم المعروض قد خلا مما يدل على صدوره بالإجماع فإنه يكون باطلاً، ولا يقدح في ذلك ما ورد بأسباب الحكم من أن المحكمة قررت بإجماع آراء قضاتها استطلاع رأي المفتي وذلك لما هو مقرر - عملاً بنص المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الإشارة - من أن النص على إجماع الآراء قرين النطق بالحكم بالإعدام شرط لازم لصحة صدور الحكم بهذه العقوبة، وهو ما خلا منه منطوق الحكم المعروض.
5 - لما كان البطلان الذي لحق الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الإشارة - التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين نقض الحكم المعروض بالنسبة للمحكوم عليهما وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطاعن الثاني
6 - لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع إعمالاً لنص المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف الذكر.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر قضى ببراءته بأنهم (1) قتلوا ..... عمداً بأن طعنه المتهمان الأول والآخر بآلات حادة "مطواة قرن غزال وخنجر" في مواضع مختلفة من جسمه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بأخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في سرقة المبالغ النقدية المملوكة للمجني عليه المذكور حالة حمل المتهمين الأول والآخر للأسلحة سالفة البيان وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو عدم حيازة المجني عليه لثمة مبالغ نقدية (2) المتهم الأول أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء إحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة..... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 234/ 1 - 2، 45، 46، 316 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات قبل المتهم الأول: بمعاقبة كل من المتهمين بالإعدام شنقاً. وبمصادرة المطواة المضبوطة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدول محكمة النقض برقم..... لسنة 60 القضائية وعرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بالرأي وهذه المحكمة قضت في أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعن الأول شكلاً ثانياً: بقبول الطعن المقدم من الطاعن الثاني شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن وبالنسبة للمحكوم عليه الأول وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى ومحكمة الإعادة قررت في..... وبإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية وحددت جلسة..... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً عملاً بالمواد 234/ 1 - 2، 45، 46، 316 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والبند 10 من الجدول رقم 1 الملحق به مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالإعدام.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية وعرضت النيابة العامة القضية على المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها ........ إلخ.


المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه الأول..... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد القانوني إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً وذلك لما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيهما أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن طعن المحكوم عليه الثاني...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعنين دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في الميعاد المحدد بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف البيان تنص على أنه مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقتضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض بعد أن حصل واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها لديه انتهى - بعد أخذ رأي مفتي الجمهورية - إلى القضاء حضورياً بمعاقبة المتهمين بالإعدام وقد خلا منطوق الحكم مما يفيد صدوره بالإجماع كما خلا رول الجلسة الموقع عليه من هيئة المحكمة وكذلك محضرها من إثبات صدور الحكم بالإجماع. لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة رقم 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد جرى على أنه "ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية......". مفاده أن الشارع قد ربط بين مبدأ الإجماع وبين أخذ رأي المفتي وهو الإجراء الذي كان يستلزمه الشارع قبل التعديل لإصدار الحكم بالإعدام فأصبح الحكم به وفقاً لهذا التعديل مشروطاً باستيفاء الإجرائين سالفي الذكر بحيث إذا تخلف أحدهما أو كلاهما بطل الحكم، وإذ كان منطوق الحكم المعروض قد خلا مما يدل على صدوره بالإجماع فإنه يكون باطلاً، ولا يقدح في ذلك ما ورد بأسباب الحكم من أن المحكمة قررت بإجماع آراء قضاتها استطلاع رأي المفتي وذلك لما هو مقرر - عملاً بنص المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الإشارة - من أن النص على إجماع الآراء قرين النطق بالحكم بالإعدام شرط لازم لصحة صدور الحكم بهذه العقوبة، وهو ما خلا منه منطوق الحكم المعروض، على ما سلف البيان. لما كان ذلك وكان البطلان الذي لحق الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الإشارة - التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين نقض الحكم المعروض بالنسبة للمحكوم عليهما وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الثاني. لما كان ذلك، وكان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع إعمالاً لنص المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف الذكر.

الطعن 6649 لسنة 62 ق جلسة 2 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ق 142 ص 899


جلسة 2 من نوفمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.
------------------------
(142)
الطعن رقم 6649 لسنة 62 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)إعدام. نيابة عامة. نقض "ميعاده".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟
 (3)قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل في حق الطاعن.
 (4)سبق إصرار. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
مثال لتسبيب سائغ لتوافر سبق الإصرار.
(5) قتل عمد. سرقة. إكراه. ظروف مشددة. عقوبة "تقديرها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الاقتران".
كفاية أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. لتغليظ العقاب عملاً بنص المادة 234 عقوبات. تقدير ذلك. موضوعي.
(6) إعدام. إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

------------------
1 - لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر لا يغني عنه ولا يجزى عن ذلك الخطاب الذي أرسله المحكوم عليه وضمنه ملاحظاته على الحكم.
2 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في حق المتهم من ظروف الدعوى وملابساتها ومن اعترافه بأنه قصد قتل المجني عليهما والخلاص منهما للاستيلاء على السيارة ومن قيامه بضربهما بشدة ضربات عديدة في مقاتل منها الرأس والوجه وبأداة من شأنها إحداث القتل - ساطور - وقد أحدثته فعلاً، ولم يتركهما إلا بعد أن تيقن من موتهما". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - يكفي في استظهار نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
4 - لما كان الحكم قد استظهر سبق الإصرار وتوافره في حق المحكوم عليه في قوله، "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو متوافر في حق المتهم من إعداده آلة من شأنها أن تحدث القتل - ساطور - ومن اعترافه بأنه فكر في قتل المجني عليه الأول قبل الحادث بيومين للاستيلاء على السيارة التي يعمل قائداً لها ومما كشفت عنه التحقيقات من أنه دبر مقتل المجني عليهما للاستيلاء على السيارة - من مغادرة مدينة المنصورة إذ طلب من قائد السيارة الذهاب إلى طريق عزبة أبو جلال ثم أجهز عليهما على نحو ما سلف بيانه الأمر الذي يقطع بأنه لم يقدم على جريمته إلا وهو هادئ البال من إعمال فكر وروية". وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون، ذلك بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره.
5 - من المقرر أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجرائم قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
6 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المطروح، قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح في تحقيقات النيابة ومن أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، كما استظهر الحكم نية القتل وظرفي سبق الإصرار والاقتران على ما هما معرفان به في القانون، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام - والذي تطابق مع ما انتهى إليه الحكم وصدور هذا الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا من عيب مخالفته القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: - قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً أبيض (بلطة) واستدرجه بالسيارة قيادته إلى الطريق الموصل إلى تل أبو جلال والذي تأكد من خلوه من المارة وما أن ظفر به حتى انهال عليه ضرباً بآلة حادة "بلطة" قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك السلاح سالف الذكر وما أن أجهز على المجني عليه الأول حتى استدرج الثاني من ذات السيارة وانهال عليه ضرباً بالأداة المشار إليها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته وقد تلت الجنايتين المذكورتين جناية أخرى هي أنه في ذات المكان وفي الطريق الموصل إلى تل أبو جلال سرق السيارة رقم.... المملوكة.... لـ.... قيادة المجني عليه الأول حال كونه يحمل سلاحاً ظاهراً "بلطة" وكان ذلك ليلاً. ثانياً: - أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (بلطة) دون مسوغ للضرورة الشخصية أو الحرفية وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لإبداء رأيه فيها وحددت جلسة.... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 2، 315/ ثالثاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر/ 3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 سنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند 11 من الجدول رقم واحد المرفق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم.... لسنة..... القضائية). ومحكمة النقض قضت أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً. ثانياً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات المنصورة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى ومحكمة الإعادة "هيئة أخرى" قضت حضورياً عملاً بذات مواد الاتهام وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً وبمصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).... إلخ.


المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه ولا يجزى عن ذلك الخطاب الذي أرسله المحكوم عليه وضمنه ملاحظاته على الحكم.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
وحيث إن الحكم حصل واقعة الدعوى في قوله "أنه ومن حوالي خمسة عشر يوماً سابقة على الحادث فكر المتهم....... في سرقة سيارة نقل ركاب وقتل صاحبها وصور له خياله العريض وتفكيره الإجرامي أن في ذلك حلاً لضائقته المالية المستهلكة، وفكر قبل الحادث بيومين أن يقتل المجني عليه.... لما تربطه به من صداقة تجعله يطمئن إليه - ويستولي على السيارة التي يعمل سائقاً عليها وفي سبيل ذلك اشترى سلاحاً - ساطور - وخبأه في ورقة من ورق الصحف وانتظر المجني عليه الأول يوم.... بميدان المحطة بمدينة المنصورة وعندما قابله طلب منه توصيله بالسيارة إلى رأس البر فوافق لقاء مبلغ ثلاثين جنيهاً، واستقل معه السيارة وركب فيها بجواره ومعهما مساعد السائق - التباع - ..... في طريقهم إلى رأس البر - وفي الطريق طلب من المجني عليه الأول أن يتجه إلى قرية أبي جلال لاصطحاب أسرته معه وعند تل أبو جلال طلب منه أن يتوقف وأن يصحبه إلى منزله، وأثناء سيرهما ضربه بالساطور على رأسه قاصداً من ذلك قتله وما إن سقط على الأرض وإلى الاعتداء عليه حتى تيقن من موته، ورجع إلى..... مساعد السائق وطلب منه أن يصحبهما إلى منزله بدلاً من مكوثه بالسيارة بمفرده، وأثناء سيرهما وقبل الوصول إلى جثة السائق انهال عليه ضرباً بالساطور على رأسه قاصداً إزهاق روحه فارتكز على ركبتيه واضعاً يده على رأسه اتقاء للضربات متوسلاً إليه أن يكف من الاعتداء عليه ولكنه لم يأبه بذلك وظل يضربه حتى لقي حتفه - وعندئذ تخلص من آلة الاعتداء بأن ألقاها في أحد المصارف ووضع الجثتين بداخل السيارة وظل يتجول بها حتى وصل إلى جسر ترعة البلامون حيث توجد زراعات غاب كثيفة وألقى بهما فيها وقاد السيارة إلى مكان هادئ وقام بغسلها وأزال ما عليها من دماء كما اغتسل هو منها وقد توجه إلى منزل خالته وأزال ما بملابسه من دماء وبات ليلته وإذ سأله ابن خالته عن مصدر السيارة أخبره بأنه اشتراها وعن مصدر الدماء قال إنها من حادث طريق، وفى الصباح غادر منزل خالته وتوجه بالسيارة إلى قرية الضهرية وباع شبكتها التي تعلوها وغير أرقام وعلامات السيارة بأن جعلها أجرة دمياط وأزال ما عليها من علامات قد تدل عليها وظل يعمل بها في طريق رأس الخليج ميت أبو غالب إلى أن تم ضبطه فاعترف تفصيلاً بارتكاب الحادث وأرشد عن مكان إلقاء الساطور الذي استعمله في ارتكابه فتم ضبطه" وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة، أدلة مستمدة من أقوال الشهود الذين أورد الحكم ذكرهم، ومن اعتراف المتهم في التحقيقات، ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - وعلى ما تبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهم بإيراده في مدوناته ما مؤداه أنه ثبت في يقين المحكمة أن هذا المتهم في ليلة....... بالطريق العام قتل.... عمداً مع سبق الإصرار، وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان قتل..... عمداً مع سبق الإصرار، وأنه تليت الجنايتين سالفتي الذكر جناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سرق السيارة رقم..... والمملوكة لـ.... حالة كونه يحمل سلاحاً ظاهراً فضلاً عن إحرازه بغير ترخيص سلاحاً أبيض "ساطور" دون مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية تقتضي حمله الأمر المؤثم بالمواد 230 و231 و234/ 2 و315 ثالثاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول، وأنزل عليه عقاب الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك. وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة المؤرخ 7 من يناير سنة 1992 أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محام ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها، بعد الاطلاع على أوراقها، فإن المحكمة تكون بذلك قد وفرت له حقه في الدفاع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في حق المتهم من ظروف الدعوى وملابساتها ومن اعترافه بأنه قصد قتل المجني عليهما والخلاص منهما للاستيلاء على السيارة ومن قيامه بضربهما بشدة ضربات عديدة في مقاتل منها الرأس والوجه وبأداة من شأنها إحداث القتل - ساطور - وقد أحدثته فعلاً، ولم يتركهما إلا بعد أن تيقن من موتهما". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - يكفي في استظهار نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر سبق الإصرار وتوافره في حق المحكوم عليه في قوله، "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو متوافر في حق المتهم من إعداده آلة من شأنها أن تحدث القتل - ساطور - ومن اعترافه بأنه فكر في قتل المجني عليه الأول قبل الحادث بيومين للاستيلاء على السيارة التي يعمل قائداً لها ومما كشفت عنه التحقيقات من أنه دبر مقتل المجني عليهما للاستيلاء على السيارة - من مغادرة مدينة المنصورة إذ طلب من قائد السيارة الذهاب إلى طريق عزبة أبو جلال ثم أجهز عليهما على نحو ما سلف بيانه الأمر الذي يقطع بأنه لم يقدم على جريمته إلا وهو هادئ البال من إعمال فكر وروية". وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون، ذلك بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر ظرف الاقتران في قوله "أن المتهم قتل....، ثم اتبع ذلك بقتل.... ثم قام بسرقة السيارة ليلاً من طريق عام حالة كونه يحمل سلاحاً - وقد ارتكب كل جريمة من هذه الجرائم بفعل مستقل - فكونت كل منهما جريمة قتل قائمة بذاتها فضلاً عن جناية السرقة المشار إليها، وقد جمعتها رابطة الزمنية ومن ثم فإن ظرف الاقتران المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات يكون قد تحقق" فإن ما ساقه الحكم فيما تقدم يتفق وصحيح القانون ويتحقق به معنى الاقتران، لما هو مقرر من أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجرائم قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه كما هو الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المطروح، قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه الصريح في تحقيقات النيابة ومن أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، كما استظهر الحكم نية القتل وظرفي سبق الإصرار والاقتران على ما هما معرفان به في القانون، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام - والذي تطابق مع ما انتهى إليه الحكم وصدور هذا الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا من عيب مخالفته القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 3279 لسنة 62 ق جلسة 18 / 10 / 1993 مكتب فني 44 ق 129 ص 838

جلسة 18 من أكتوبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر وحسن حمزه وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة.
----------------
(129)
الطعن رقم 3279 لسنة 62 القضائية
(1) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
اختلاف أقوال الشهود في بعض التفصيلات. لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة بما لا تناقض فيه.
 (2)إثبات "بوجه عام". استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات المسوغة لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
 (3)إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
قيام المحاكمات الجنائية على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود. ما دام ذلك ممكناً.
تلاوة أقوال الشهود. جوازها إذا تعذر سماعهم أو بقبول المتهم صراحة أو ضمناً. المادة 289 إجراءات.
 (4)إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قرار المحكمة في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيري. جواز العدول عنه.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تحصيل الحكم في مدوناته أن حيازة الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار. النعي عليه بخلاف ذلك لا محل له.
 (6)مواد مخدرة. إثبات "معاينة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة المتهم فيما أسفرت عنه معاينة المحكمة. جدل في تقدير الدليل غير جائز إثارته أمام محكمة النقض.
 (7)إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها" دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". قانون "تطبيقه" "تفسيره".
اختصاص المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية. دون غيرهم. بالمرافعة أمام محكمة الجنايات. المادة 377 إجراءات
حضور محام مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية مدافعاً عن الطاعن أمام محكمة الجنايات. لا بطلان في الإجراءات.
تعارض نص المادة 377 إجراءات مع المادتين 34، 37 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 من اشتراط أن يكون الحضور أمام محاكم الاستئناف للمحامين المقيدين بجدول الاستئناف. لا يؤدى إلى نسخ حكم المادة الأولى. أساس ذلك؟
الرجوع إلى أحكام القانون العام مع قيام قانون خاص. غير جائز إلا فيما فات القانون الأخير من أحكام.
النص في المادة الأولى من إصدار قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على إلغاء كل نص يخالف أحكامه. عدم انصرافه إلى نص المادة 377 إجراءات. أساس ذلك؟
-----------------
1 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يقدح في سلامة الحكم على فرض صحة ما يثيره الطاعن من عدم اتفاق أقوال الشهود في بعض التفصيلات ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات ولم يركن إليها في تكوين عقيدته ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص ولا محل له.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - إن الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً إلا أنه يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشهود إذا تعذر سماع شهادتهم أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه.
4 - من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن قررت تأجيل الدعوى لسماع شاهد ثم عدلت عنه ذلك لأن هذا القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يحصل في مدوناته أن حيازة الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه فإن منعاه في هذا الخصوص يكون ولا محل له.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عول على إدانة الطاعن من بين ما عول عليه من الأدلة على المعاينة التي أجرتها المحكمة وساق مؤداها بقوله "وثبت أيضاً من المعاينة التي أجرتها المحكمة وجود تجويف بالباب المضبوط يمكن وضع الميزان والمخدر والنقود فيه بسهولة كما يمكن إخراج ذلك منه" فإن ما يثيره الطاعن بشأن المعاينة إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد منها - بعد أن أجرتها بنفسها - بما لا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه.
7 - من المقرر أن المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن "المحامون المقبولون للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات. لما كان ذلك وكان المدافع على الطاعن أمام محكمة الجنايات وفقاً لما قدمه الطاعن نفسه مقيداً بجدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 2/ 4/ 1986. ومن ثم فإن حضوره مدافعاً عن الطاعن أمام محكمة الجنايات يكون صحيحاً وتكون إجراءات المحاكمة قد برئت من قالة الخطأ في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول. ولا يحاج في هذا المقام بما ورد بنص المادتين 34، 37 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 من أن يكون الحضور أمام محاكم استئناف للمحامين المقيدين بجدول الاستئناف دون الابتدائي إذ أن هذين النصين يتعارضان مع ما نصت عليه المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية وأنه لما كان هذا التعارض بين قانون خاص هو قانون الإجراءات الجنائية في خصوص أحكامه المتعلقة بحضور المحامين أمام محاكم الجنايات وقانون عام هو قانون المحاماة لانصرافه إلى تنظيم مهنة المحاماة ككل. فلا يستخلص من هذا التعارض أن الحكم الجديد العام - الوارد في قانون المحاماة - قد نسخ الحكم القديم الخاص الوارد في قانون الإجراءات بل يظل الحكم القديم الخاص قائماً وسارياً باعتباره استثناء وارداً على القاعدة العامة التي وضعها الحكم الجديد العام. فالعام لا يلغي الخاص بل يسريان معاً على أساس اعتبار العام هو الأصل وبقاء الخاص كمجرد استثناء وارداً عليه. ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه مع قيام قانون خاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من الأحكام ولا يجوز إهدار القانون الخاص لإعمال القانون العام فإن فيه مجافاة صريحة للغرض الذي وضع من أجله القانون الخاص. ولا يغير من هذا النظر ما ورد بالمادة الأولى من مواد إصدار القانون 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة من إلغاء كل نص يرد في قانون آخر ويكون مخالفاً لأحكام هذا القانون المرافق. ذلك أن هذا النص هو نص عام لا يقرر سوى مبدأ الإلغاء الضمني ولا ينصرف إلى إلغاء النص الخاص الوارد في قانون الإجراءات الجنائية.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "أفيون" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات بني سويف لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبندين رقمي 9، 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المواد المخدرة باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمة حيازة جوهرين مخدرين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه قصور في التسيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع واعتوره التناقض. ذلك بأن الحكم أحال في بيان شهادة النقيب.... إلى مضمون ما حصله من شهادة المقدم.... رغم اختلاف شهادتهما في كيفية الضبط. كما أن الحكم رد على دفاعه ببطلان إذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية بما لا يسوغ ذلك أصلاً والتفتت المحكمة عن سماع شهادة النقيب..... رغم سبق تأجيلها الدعوى لسماعه كذلك أورد الحكم في مدوناته أن الطاعن يحوز المواد المخدرة بقصد الاتجار ثم انتهى إلى عدم توافر ذلك القصد لديه. كذلك فإن معاينة المحكمة للباب الذي وجدت المضبوطات بتجويفه لم تشمل كافة المضبوطات. كما وأنها أجرت المعاينة بوضع صندوق ثقاب في التجويف دون أن يكون ذلك من بين المضبوطات وأخيراً فإن المحامي الحاضر مع الطاعن أمام محكمة الجنايات غير مقيد بجدول الاستئناف. كل ذلك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يقدح في سلامة الحكم على فرض صحة ما يثيره الطاعن من عدم اتفاق أقوال الشهود في بعض التفصيلات ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات ولم يركن إليها في تكوين عقيدته ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك ولئن كان الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً إلا أنه يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشهود إذا تعذر سماع شهادتهم أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ..... والتي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يتمسك بسماع شهادة..... واكتفى بتلاوة أقواله فإنه لا تثريب على المحكمة إن فصلت في الدعوى دون سماع شهادته ولا تكون قد أخطأت في الإجراءات ولا أخلت بحق الدفاع ومن ثم فإن ما يرميها به الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. هذا فضلاً على أنه لا تثريب على المحكمة إن قررت تأجيل الدعوى لسماع شاهد ثم عدلت عنه ذلك لأن هذا القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يحصل في مدوناته أن حيازة الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه فإن منعاه في هذا الخصوص يكون ولا محل له. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول على إدانة الطاعن من بين ما عول عليه من الأدلة على المعاينة التي أجرتها المحكمة وساق مؤداها بقوله "وثبت أيضاً من المعاينة التي أجرتها المحكمة وجود تجويف بالباب المضبوط يمكن وضع الميزان والمخدر والنقود فيه بسهولة كما يمكن إخراج ذلك منه" فإن ما يثيره الطاعن بشأن المعاينة إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد منها - بعد أن أجرتها بنفسها - بما لا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه. لما كان ذلك، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن "المحامون المقبولون للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات. لما كان ذلك، وكان المدافع على الطاعن أمام محكمة الجنايات وفقاً لما قدمه الطاعن نفسه مقيداً بجدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 2/ 4/ 1986. ومن ثم فإن حضوره مدافعاً عن الطاعن أمام محكمة الجنايات يكون صحيحاً وتكون إجراءات المحاكمة قد برئت من قالة الخطأ في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول. ولا يحاج في هذا المقام بما ورد بنص المادتين 34، 37 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 من أن يكون الحضور أمام محاكم الاستئناف للمحامين المقيدين بجدول الاستئناف دون الابتدائي إذ أن هذين النصين يتعارضان مع ما نصت عليه المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية وأنه لما كان هذا التعارض بين قانون خاص هو قانون الإجراءات الجنائية في خصوص أحكامه المتعلقة بحضور المحامين أمام محاكم الجنايات وقانون عام هو قانون المحاماة لانصرافه إلى تنظيم مهنة المحاماة ككل. فلا يستخلص من هذا التعارض أن الحكم الجديد العام - الوارد في قانون المحاماة - قد نسخ الحكم القديم الخاص الوارد في قانون الإجراءات بل يظل الحكم القديم الخاص قائماً وسارياً باعتباره استثناء وارداً على القاعدة العامة التي وضعها الحكم الجديد العام. فالعام لا يلغي الخاص بل يسريان معاً على أساس اعتبار العام هو الأصل وبقاء الخاص كمجرد استثناء وارداً عليه. ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه مع قيام قانون خاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من الأحكام ولا يجوز إهدار القانون الخاص لإعمال القانون العام فإن فيه مجافاة صريحة للغرض الذي وضع من أجله القانون الخاص. ولا يغير من هذا النظر ما ورد بالمادة الأولى من مواد إصدار القانون 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة من إلغاء كل نص يرد في قانون آخر ويكون مخالفاً لأحكام هذا القانون المرافق. ذلك أن هذا النص هو نص عام لا يقرر سوى مبدأ الإلغاء الضمني ولا ينصرف إلى إلغاء النص الخاص الوارد في قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس. بما يتعين رفضه.