برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين:
عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي.
-----------
- 1 بلاغ كاذب. قصد جنائي. أمر
الحفظ الصادر من النيابة. "حجيته". حكم. "تسبيبه". تسبيب غير
معيب".
إيراد الحكم ما يدل على كذب واقعة السرقة التي ضمنها الطاعن بلاغه ضد
المجني عليها، وأنه حين أقدم علي التبليغ. كان على يقين من ذلك، وأنه لم يقصد من
تقديم البلاغ سوى السوء والإضرار بالمجني عليها توصلا إلى أهانتها. تدليل سائغ على
كذب البلاغ، وعلى توافر القصد الجنائي. النعي على الحكم بالقصور. غير سديد.
متى كان ما أورده الحكم المطعون فيه يدل على كذب واقعة السرقة التي
ضمنها الطاعن بلاغه ضد المجني عليها، وأنه حين أقدم على التبليغ كان على يقين من
ذلك، وأنه لم يقصد من تقديم البلاغ سوى السوء والإضرار بالمجني عليها توصلاً إلى
إدانتها، وهو تدليل سائغ على كذب البلاغ وعلى توفر القصد الجنائي كما هو معرف به
قانوناً، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور غير سديد.
- 2 بلاغ كاذب. قصد جنائي. أمر الحفظ الصادر من
النيابة. "حجيته". حكم. "تسبيبه". تسبيب غير معيب".
إشارة الحكم الابتدائي إلى المادة 305 عقوبات. عدم اقتصار هذه المادة
عل بيان أركان جريمة البلاغ الكاذب ونصها على وجوب العقاب عليها. القضاء بالعقوبة
المقررة في القانون لهذه الجريمة. إحالة الحكم المطعون فيه على الحكم الابتدائي
وأخذه بأسبابه تشمل مادة العقاب. لا شيء يعيب الحكم من هذه الناحية. لا محل للنعي
على الحكمين بإغفالهما إيراد النص الذي عوقب المتهم من أجله.
متى كان الحكم الابتدائي قد أشار إلى المادة 305 من قانون العقوبات،
وكانت هذه المادة لم تقتصر على بيان أركان جريمة البلاغ الكاذب وإنما نصت أيضاً
على وجوب العقاب عليها، ولما كانت العقوبة المقضي بها هي المقررة في القانون لهذه
الجريمة، وكانت إحالة الحكم المطعون فيه على الحكم الابتدائي وأخذه بأسبابه تشمل
فيما تشمله مادة العقاب فإنه لا شيء يعيب الحكم من هذه الناحية ولا محل للنعي على
الحكمين بإغفالهما إيراد النص الذي عوقب المتهم بموجبه.
- 3 بلاغ كاذب. قصد جنائي. أمر الحفظ الصادر من
النيابة. "حجيته". حكم. "تسبيبه". تسبيب غير معيب".
أمر الحفظ الصادر من النيابة لعدم معرفة الفاعل لا يقيد المحكمة عند
نظرها دعوى البلاغ الكاذب. عليها أن تفصل في هذه الدعوى بحسب ما ينتهي إليه
تحقيقها. حجية ذلك الأمر مؤقتة في شأن العودة إلى التحقيق.
للمحكمة حين تنظر دعوى البلاغ الكاذب أن لا تتقيد بأمر الحفظ الصادر
من النيابة لعدم معرفة الفاعل بل عليها أن تفصل في الدعوى المطروحة أمامها بحسب ما
ينتهي إليها تحقيقها، ذلك أن حجية هذا الأمر مؤقتة في شأن العودة إلى التحقيق، ومن
ثم فإن ما يثيره الطاعن حول حجية هذا الأمر وتقيد المحكمة به في بحث كذب البلاغ
ونية الإضرار- لا يكون له محل.
-----------
الوقائع
أقامت المدعية بالحق المدني هذه الدعوى مباشرة ضد الطاعن بوصف أنه في
يوم 20 فبراير سنة 1960 بدائرة قسم السيدة: أبلغ كذبا مع سوء القصد ضد المدعية
بالبلاغ موضوع تحقيقات الجنحة رقم 2654 سنة 1960 السيدة ـ وطلبت عقابه بالمادة 305
من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع لها قرشاً صاغاً واحدا على سبيل التعويض
المؤقت. ومحكمة السيدة الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 30 يناير سنة 1961 عملا بمادة
الاتهام: أولا ـ بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف
التنفيذ. وثانيا ـ إلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على
سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية المناسبة ـ استأنف المتهم هذا الحكم،
ومحكمة القاهرة الابتدائية- بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا بتاريخ 7 مايو سنة 1961
عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 55 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلا
وفي الموضوع رفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث
سنوات تبدأ من اليوم مع إلزام المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية فطعن الطاعن
في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة البلاغ
الكاذب مع سوء القصد قد شابه البطلان والقصور كما أخطأ في القانون ذلك أن الحكم
المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه خلا من تاريخ إصداره ولم ينشئ الحكم
الأخير أسبابا تقوم قضاء الإدانة, كما أغفل كل من الحكمين إيراد النص الذي عاقب
الطاعن بموجبه, ولا يعصمهما من ذلك أن أشار الحكم المستأنف إلى المادة 305 من
قانون العقوبات لعدم ورود عقوبة معينة بها - هذا إلى قصور الحكم في بيان القصد
الجنائي, وما أستند إليه الحكم في ذلك من أن الطاعن قد سلك سبيل الطعن في القرار
الصادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى لا يؤدي إلى ثبوت هذا القصد لديه فضلا عما لهذا
القرار من حجية تقيد المحكمة في بحث كذب البلاغ ونية الإضرار ما دام مؤسسا على
اشتياع التهمة وعدم إمكان تحديد الفاعل.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم
المطعون فيه يحمل تاريخ إصداره فيكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يسانده
الواقع - لما كان ذلك, وكان الحكم الابتدائي قد أشار إلى المادة 30 من قانون
العقوبات وكانت هذه المادة لم تقتصر على بيان أركان جريمة البلاغ الكاذب وإنما نصت
أيضا على وجوب العقاب عليها وكانت العقوبة المقضي بها هي المقررة في القانون لهذه
الجريمة وكانت إحالة الحكم المطعون فيه على الحكم الابتدائي وأخذه بأسبابه تشمل
فيما تشمله مادة العقاب فإنه لا شيء يعيب الحكم من هذه الناحية - لما كان ما تقدم,
وكان حكم محكمة أول درجة بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر
القانونية لجريمة البلاغ الكاذب التي دان الطاعن بها خلص إلى ثبوت التهمة في حقه
في قوله "وقد استبان للمحكمة من مطالعة التحقيقات موضوع هذه الجنحة أن المتهم
قد أبلغ ضد المدعية بالحق المدني بسرقتها مبلغ 150 جنيها ولقد أجريت التحقيقات في
هذا البلاغ سواء بالبوليس أو النيابة وتناقض المتهم في أقواله في جميع مراحل
التحقيق إذ بينما نجده يبلغ بوليس السيدة أنه سرق منه 150 جنيها وبعض الملابس
الخاصة به, يعود ويقرر عند سؤاله تفصيلا أنه لم يسرق منه ملابس وأنه من الجائز أن
يكون ذكر الملابس ببلاغه جاء خطأ منه كما علل عدم إبلاغه عن السرقة وقت اكتشافها
بأنه كان يفكر في صلح زوجته يوم السرقة ولكنه أبلغ في اليوم التالي لوقوع الحادث
بعد أن عدل في الصلح وحين أعيد سؤاله بالنيابة علل عدم إبلاغه بالجريمة يوم
اكتشافها بأنه توجه إلى القسم في ذات يوم اكتشاف السرقة ولكن القسم طلب منه الحضور
في اليوم التالي - وليس أدل على هذا التناقض المكشوف مما قرره شقيق المتهم من أن
الأخير لم يبلغ والده بالحادث إلا في صبيحة اليوم التالي لوقوعه ويضاف إلى هذا كله
تناقض المتهم مع والده تناقضا بينا في كل أقوالهما عن السرقة والمبلغ المدعى بسرقة
مفرداته وقدر هذا المبلغ إذ بينما يذكر المتهم أن المبلغ قيمته 200 جنيه وأن هذا
الذي استلمه من والده, يقرر الوالد في صراحة أنه سلم نجله المتهم مبلغ 250 جنيها
وفي قول آخر 300 جنيه ثم يختلفان في فئة مفردات هذا المبلغ فحين يقرر المتهم أن
المبلغ جميعه من قيمة الأوراق المالية التي قيمتها خمسة جنيهات نرى والده يخالفه
صريحة في ذلك مع أن المبلغ كان يحتوي أوراق مالية قيمتها خمسة وأخرى قيمتها عشرة
جنيهات كل هذا يدل دلالة صريحة على أن المتهم إنما أراد النيل من زوجته المدعية
بالحق المدني ولقد كشف التحقيق عن سوء نيته وقصده في ... الإيقاع بزوجته ويدل على
هذا دلالة لا تقبل الشك أنه لم يدع أي جهة من الجهات الرسمية إلا وأبلغها الحادث
فبعد أن تقدم ببلاغه انتهى تحققه وأصدرت النيابة العامة أمرا بحفظه تقدم بتظلم
لحضرة الأستاذ رئيس النيابة ينعى فيه على النيابة قرارها الذي أصدرته وانتهت فيه
بحق إلى حفظ الدعوى ذاكرا فيه أن التهمة ثابتة قبل المتهمة (المدعية بالحق المدني)
وبعد أن فحص الأستاذ رئيس النيابة طلبه وتظلمه هذا ولما لم يجبه إلى ما طلب من
إقامة الدعوى الجنائية قبلها تقدم بتظلم آخر لحضرة الأستاذ المحامي العام طالبا
سماع شهود جدد لم يذكر من قبل أسماءهم فأجيب إلى طلبه وانتهى الأمر بالتحقيق إلى
سابق وضعه وهو الحفظ ولم يرق هذا المتهم فطعن على قرار النيابة هذا أمام غرفة
الاتهام وقد أصدرت قرارها بتأييد قرار النيابة بالحفظ. وحيث إن هذا الذي أتاه
المتهم من إبلاغه بواقعة السرقة التي أبانت المحكمة كما سبق شرحه تفصيلا كذبه
وتلفيقه وإمعانه في السعي إلى إثبات التهمة وإلصاقها بزوجته زورا وبهتانا إنما كان
ينطوي على سوء النية والقصد منه لخلافه معها وتركها منزله إلى منزل والدها غصبي
وأن سوء قصد المتهم وعلمه بكذب بلاغه ثابت لا شك فيه حيث اتضح كما سبق شرحه أنه
حين أبلغ بحادث السرقة كان يعلم علما يقينا أن المدعية بالحق المدني لم تقترف هذا
الحادث ومن ثم فقد أقدم عليه طمعا في النيل منها والإضرار بها ..." وما أورده
الحكم من ذلك يدل على كذب واقعة السرقة التي ضمنها الطاعن بلاغه ضد المجني عليها
وأنه حين أقدم على التبليغ كان على يقين منذ ذلك وأنه لم يقصد من تقديم البلاغ سوى
السوء والإضرار بزوجته توصلا إلى إدانتها, وهو تدليل سائغ على كذب البلاغ وعلى
توفر القصد الجنائي كما هو معرف به قانونا ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور غير
سديد - لما كان ذلك, وكان للمحكمة حين تنظر دعوى البلاغ الكاذب أن لا تتقيد بأمر
الحفظ الصادر من النيابة لعدم معرفة الفاعل بل عليها أن تفصل في الدعوى المطروحة
أمامها بحسب ما ينتهي إليه تحقيقها ذلك أن حجية هذا الأمر مؤقتة في شأن العودة إلى
التحقيق, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل. لما كان كل ذلك
فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.