الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 3 يناير 2019

دستورية فرض ضريبة دمغة نسبية على محررات واعمال وأموال البنوك


الدعوى رقم 144 لسنة 21 ق " دستورية " جلسة 1 / 12 / 2018
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من ديسمبر سنة 2018م، الموافق الثالث والعشرون من ربيع أول سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا      نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع         أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 144 لسنة 21 قضائية " دستورية ".
المقامة من
البنك الأهلى المصرى
ضـــد
1-    رئيس الجمهورية
2-    رئيس مجلس الوزراء
3-    وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب


الإجـراءات
      بتاريخ السابع من أغسطس سنة 1999، أودع بنك المهندس صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (57) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980، وبسقوط المواد (17)، (23فقرة ج)، (35) من هذا القانون، فيما قررته من عقوبات مرتبطة بالمادة (57) المشار إليها.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه بموجب نموذج رقم (3) ضريبة دمغة، طالبت مأمورية ضرائب الاستثمار بالقاهرة البنك المدعى، بأداء مبلغ مقداره (25ر171322 جنيهًا، 36000 ليرة إيطالية، 55ر36 دولارًا) ضريبة دمغة نوعية ونسبية، ورسم تنمية موارد، عن طلبات فتح حسابات، وحسابات جارية مصرفية، وحسابات جارية مكشوفة، وطلبات ودائع، وحسابات مصرفية ودائع، واعتمادات ائتمانية، وطلبات إصدار خطابات الضمان، ويومية الخزينة وذلك عن المدة من أول يناير سنة 1986 إلى 31 ديسمبر سنة 1988. لم يرتض البنك المدعى هذا التقدير؛ فطعن عليه أمام لجنـة طعون ضرائب القاهرة، وقُيد الطعن برقم 38 لسنة 1994، وقد أصدرت اللجنة قــرارها بتعديل بنود المطالبة إلى 26155,10 جنيهًا، وإعادة بنود طلبات إصدار خطابات الضمان، وأصل خطابات الضمان، وصور خطابات الضمان إلى المأمورية لإعادة الفحص. وإذ لم يلق ذلك القرار قبول المدعى، فقد أقام الدعوى رقم 130 لسنة 1995 كلى ضرائب، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ابتغاء القضاء له ببطلان إخطاره بالنمـوذج (3) ضريبـة دمغة، وإلغـاء قرار اللجنة المار ذكره، والحكم مجددًا بإلغاء المطالبة رقم 374 في 13/1/1992 بمبلغ 26155,10 جنيهًا. وفى الآن ذاته أقام المدعى عليه الثالث أمام المحكمة ذاتها الدعوى رقم 462 لسنة 1995 كلي ضرائب، بطلب إلغاء قرار اللجنة سالف الذكر، وإخضاع تسهيلات إصدار خطابات الضمان لضريبة الدمغة النسبية بمبلغ 125072,65 جنيهًا و36000 ليرة و36,25 دولارًا، وقررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط، وبجلسة 18/5/1999، قدَّم الحاضر عن المدعى مذكرة بدفاعه، ضمّنها دفعًا بعدم دستورية نص المادة (57) من قانون ضريبة الدمغـة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 وتعديلاته، فيما قرره من ضريبة دمغة نسبية على المحررات والأعمال والأموال الواردة بها، فقررت المحكمة حجز الدعويين للحكم لجلسة 20/7/1999، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لجلسة 31/8/1999، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
      وحيث إن الثابت من الأوراق أن بنك المهندس قد تم دمجه في البنك الأهلي المصري، الأمر الذى يترتب عليه زوال شخصية بنك المهندس، واعتبار البنك الدامج خلفًا عامًا للبنك المندمج، وحلوله محله حلولاً قانونيًّا فيما له وما عليه من حقوق والتزامات، وصيرورته الخصم الحقيقي في شأن تلك الحقوق والالتزامات، وهو ما يسرى في حق البنك الأهلي المصري كبنك دامج في الحالة المعروضة.
وحيث إن المادة (57) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 تنص على أن "تُستحق الضريبة النسبية على الأعمال والمحررات المصرفية على الوجه الآتى:
(1)    فتح الاعتماد:
خمسة في الألف على عقود وعمليات فتح الاعتماد وكذلك على تجديدها بشرط ألا يكون الاعتماد مغطى نقدًا بالكامل، فإذا غُطى بعضه نقدًا فُرضت الضريبة على ما لم يُغَط .
      وإذا زادت مدة العقد أو العملية أو مدة التجديد على سنة وجب أداء الضريبة ذاتها عن كل سنة إضافية أو كسورها.
      وبالنسبة للاعتماد غير محدد القيمة تحسب الضريبة على أكبر رصيد مدين يصله الاعتماد خلال مده نفاذه.
(2)    عقود تحويل الأموال أو النزول عنها:
ثلاثة في الألف بحد أدنى ستون مليمًا.
ولا تخضع لهذه الضريبة أوامر النقل في المصارف والأوراق التي تصدر تنفيذًا لها.
(3)    السُلف والقروض والإقرار بالدين:
-    واحد في الألف عن كل مبلغ يزيد على مائة جنيه ولا يجاوز مائتي جنيه.
-    ثلاثة في الألف عن كل مبلغ يزيد على مائتي جنيه ولا يجاوز عشرة آلاف جنيه.
-    أربعة في الألف عن كل مبلغ يزيد على عشرة آلاف جنيه.
وتُعفى من الضريبة الودائع الآجلة بكافة أنواعها في المصارف وهيئة البريد".
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان البيّن من الأوراق أن مصلحة الضرائب طالبت المدعى بضريبة الدمغة النسبية عن الحسابات الجارية المكشوفة، والاعتمادات الائتمانية، والقروض، والأجزاء غير المغطاة من خطابات الضمان، في الفترة من أول يناير سنة 1986 حتى 31 ديسمبر سنة 1988، وكانت الأعمال والمحررات المصرفية، مارة البيان، ما فتئت خاضعة لضريبة الدمغة النسبية إعمالًا لأحكام المادة (57) المطعون على نصها، ومن ثم تتوافر المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى في الطعن على نص المادة (57) سالفة البيان، بحسبان القضاء في دستورية هذا النص سيكون ذا أثر مباشر، وانعكاس أكيد على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها. ولا ينال مما تقدم استبدال نص المادة (57) المطعون عليها بالقانون رقم 224 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام ضريبة الدمغة المشار إليه، وذلك لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليهم، ذلك أن الأصل في القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التي تتم في ظلها حتى إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة، وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من هاتين القاعدتين، فما نشأ مكتملاً في ظل القاعدة القانونية القديمة من المراكز القانونية وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل خاضعًا لحكمها وحدها.
وحيث إن المقرر أيضًا، في قضاء هذه المحكمة أن حمايتها للدستور إنما تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه لما كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعي، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور الذى صدر النص المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه، مادام أن هذا النص قد عُمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدل به نص آخر به خلال فترة سريان ذلك الدستور. إذ كان ما تقدم، فإن المحكمة الدستورية العليا تباشر رقابتها على النص المطعون فيه في ضوء أحكام دستور سنة 1971، الذى تم العمل بالنص المطعون فيه، إلى أن تم استبداله، خلال مدة سريانه .

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه أن ضريبة الدمغة النسبية الواردة به، لا ترد على محل، كونها في حقيقتها محض رسم لا ضريبة، ومن ثم تعين أن يقابلها خدمة حكومية، وأن يقدر مقدارها بما يتناسب والخدمة المؤداة، وهو ما لا يتحقق في النص المطعون عليه، فضلاً عن أن محلها ليس إيرادًا دوريًّا منتظمًا، ولا دخلاً مطّردًا متجددًا، مما ينتفى معه دستورية فرضها، وأضاف المدعى أن هذه الضريبة، في حقيقتها، تفرض على رأس مال لا يغل أو ينتج دخلاً، مما تنحل معه عدوانًا على الحق في الملكية الخاصة، بما يخالف نصوص المواد (3، 23، 34، 38، 39، 119، 120) من دستور سنة 1971.
      وحيث إن المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها إسهامًا من جهتهم في أعبائها وتكاليفها العامة. وهم يدفعونها لها بصفة نهائية، ودون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها، يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم، وعاد عليهم مردودها. ومن ثم كان فرضها مرتبطًا بمقدرتهم التكليفية، ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها، وإلا كان ذلك خلطًا بينها وبين الرسم، إذ يستحق مقابلاً لنشاط خاص أتاه الشخص العام - وعوضًا عن تكلفته- وإن لم يكن بمقدارها. متى كان ذلك، وكانت أحكام هذه المحكمة قد اطردت على أن ضريبة الدمغة النسبية هي ضريبة عامة وليست رسمًا، وهي بعد ضريبة لا يقتصر نطاق تطبيقها على رقعة إقليمية معينة تمتد إليها دون سواها، ويتحدد المخاطبون بها في إطار هذه الدائرة وحدها، بل يعتبر تحقق الواقعة المنشئة لها على امتداد النطاق الإقليمي للدولة - وبغض النظر عن تقسيماتها الإدارية - مرتبًا لدينها في ذمة الممول، مما مؤداه: تكافؤ الممولين في الخضوع لها دون تمييز، وسريانها بالتالي - وبالقوة ذاتها - كلما توافر مناطها في أية جهة داخل الحدود الإقليمية للدولة؛ ومن ثم فلا مسوغ للمحاجاة بأن الضريبة المطعون عليها رسم لا يقابله خدمة مباشرة تؤديهـا الدولة لمن فرضت عليه، ولا بأن مقدارها لا يتحدد بما يتناسـب مع خدمة مؤداة، ويضحى هذا النعي من المدعى لا محل له.
      وحيث إنه عن نعى المدعى أن النص المطعون فيه يمثل عدوانًا على الملكية الخاصة وذلك بفرضه الضريبة على رأس المال، وليس على إيراد دوري منتظم، ولا دخل متجدد، فإنه مردود: ذلك أن المقرر أن الضريبة هي فريضة مالية يلتزم الشخص بأدائها للدولة مساهمة منه في التكاليف والأعباء والخدمات العامة ، وقد نظم دستور سنة 1971 أحكامها العامة وأهدافها وحدد السلطة التي تملك تقريرها أو الإعفاء منها، فنص في المادة (38) منه على أن: "يقوم النظام الضريبي على العدالـة الاجتماعية ". وفى المادة (61) على أن "أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقًا للقانون" وفي المادة (119) على أن "إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون. ولا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون" . ومفاد ذلك أن البناء الدستوري للضريبة قوامه إن لكل ضريبة وعاء يتمثل في المال المحمل بعبئها، والذي يمثل من الضريبة قاعدتها التي يتحدد مقدارها أو مبلغها أو دينها مرتبطًا بها، باعتباره منسوبًا إليها. لما كان ذلك، وكان الشق من العمليات البنكية المفروض عليها ضريبة الدمغة النسبية، والتي تتحمل البنوك والمصارف بعبئها، هي محض عمليات وأنشطة مصرفية تجارية، تباشرها تلك البنوك والمصارف لتدر عوائد عليها تتمخض أرباحًا، وهى أرباح متحققة، حتمًا، بحسب مآلات هذه العمليات والأنشطة؛ كما أن سعر ضريبة الدمغة لا يمثل غلوًّا يستغرق الوعاء، ومن ثم يكون ما نعاه المدعى من أن ضريبة الدمغة النسبية إنما فرضت على رأسمال ثابت لا إيراد متجدد، لا يصادف صحيح القانون مفتقدًا للسند، مما لا يجوز معه الادعـاء بأن الضريبة في ذاتها - متى استوفت أوضاعها الدستورية - يمكن أن تشكل عدوانًا على الملكية الخاصة.
وحيث إن دستور سنة 1971 وإن قرن العدل بكثير من النصوص التي تضمنها كالمواد (4، 23، 38، 53، 57)، فقد خلا في الوقت ذاته من تحديد لمعناه، إلا أن مفهوم العدل سواءً بمبناه أو أبعاده يتعين أن يكون محددًا من منظور اجتماعي، باعتبار أن العدل يتغيا التعبير عن تلك القيم الاجتماعية التي لا تنفصل الجماعة في حركتها عنها، والتي تبلور مقاييسها في شأن ما يُعتبر حقًّا لديها، فلا يكون العدل مفهومًا مطلقًا ثابتًا باطّراد، بل مرنًا ومتغيرًا وفقًا لمعايير الضمير الاجتماعي ومستوياتها، وهو بذلك لا يعدو أن يكون نهجًا متواصلاً منبسطًا على أشكال من الحياة تتعدد ألوانها، وازنًا بالقسط تلك الأعباء التي يفرضها المشرع على المواطنين، فلا تكون وطأتها على بعضهم عدوانًا، بل تطبيقها فيما بينهم إنصافًا، وإلا صار القانون منهيًا للتوافق في مجال تنفيذه، وغدا إلغاؤه لازمًا.
وحيث إن الأعباء التي يجوز فرضها على المواطنين سواءً كان بنيانها ضريبة أو رسمًا أو تكليفًا آخر، هي التي نظمها الدستور بنص المادة (119) منه، وكانت المادة (38) من الدستور، وإن خص بها النظام الضريبي متطلبًا أن تكون العدالة الاجتماعية مضمونًا لمحتواه، وغاية يتوخاها، فلا تنفصل عنها النصوص القانونية التي يقيم المشرع عليها النظم الضريبية على اختلافها، إلا أن الضريبة بكل صورها، تمثل في جوهرها عبئًا ماليًّا على المكلفين بها، شأنها في ذلك شأن غيرها من الأعباء التي انتظمتها المادة (119) من الدستور، ويتعين بالتالي وبالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها أن يكون العدل من منظور اجتماعي مهيمنًا عليها بمختلف صوره، محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها. ولما كان ذلك؛ وكانت الضريبة المطعون عليها، لا تناقض الأسس الموضوعية لفرض الضريبة، ولا تجاوز أغراضها، ولا تحيف بنسبتها على الدخل المفروضة عليه، ولا ترهقه عسفًا، أو تمحيه بددًا، لا تناقض مبدأ العدالة الاجتماعية، منضبطة بأحكام الدستور، ومن ثم فإن النص المطعون فيه لا يكون قد خالف نصوص المواد (3، 23، 34، 38، 39، 119، 120) من دستور سنة 1971.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أي نص آخر في دستور سنة 1971، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
      وحيث إنه عن طلب سقوط المواد (17، 23، 35) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن السقوط لا يعد طلبًا مستقلاًّ بعدم الدستورية، وإنما هو من قبيل التقديرات القانونية التي تملكها المحكمة الدستورية العليا بمناسبة قضائها في الطلبات الأصلية المطروحة عليها، ويتصل بالنصوص القانونية التي ترتبط بها ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء برفض الدعوى بالنسبة للطعن على نص المادة (57) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، فإن هذا الطلب يكون حقيقًا بالالتفات عنه.
فلهـذه الأسبـاب
      حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الأربعاء، 2 يناير 2019

الطعن 44784 لسنة 76 ق جلسة 1 / 12 / 2013 مكتب فني 64 ق 147 ص 962

جلسة 1 من ديسمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / عاصم عـبد الجبار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هاني عبد الجابر ومحمود عصر نائبي رئيس المحكمة وأحمد مصطفى وأيمن الجمال .
---------------------
(147)
الطعن 44784 لسنة 76 ق
(1) نيابة عامة . نقض " الصفة في الطعن " .
الصفة . مناط الحق في الطعن .
طعن النيابة العامة فيما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى المدنية . غير مقبول . علة ذلك ؟
(2) شهادة سلبية . حكم " إيداعه " . نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
للنيابة العامة الحق في أن تتربص إعلاناً بإيداع حكم البراءة للتقرير بالطعن وتقديم أسبابه في ظرف عشرة أيام من تاريخ إعلانها بالإيداع . شرط ذلك : حصولها على شهادة سلبية بعدم إيداع الحكم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره . المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 .
خلو الأوراق مما يدل على إعلان النيابة بإيداع الحكم قلم الكتاب قبل عشرة أيام سابقة على تقريرها بالطعن وإيداع أسبابه . أثره : قبول الطعن شكلاً .
(3) إثبات " بوجه عام " " شهود " " قرائن " . توظيف أموال . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة .
تقدير أقوال الشهود وكافة الأدلة الأخـــرى . موضوعي .
عدم تصدي الحكم حال قضائه بالبراءة لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشير لثبوت الاتهام . لا يعيبه . مادامت المحكمة قد طعنت في أصل الواقعة وتشككت في إسناد التهمة إلى المتهم .
النعي على المحكمة قضاءها ببراءة المتهم على احتمالات ترجحت لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها . غير مقبول . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالبراءة في جريمة توظيف أموال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الأصل أن الصفة هي مناط الحق في الطعن ، وأن النيابة العامة سواء انتصبت عن نفسها أو قامت مقام غيرها من الخصوم لا صفة لها في التحدث إلَّا في خصوص الدعوى الجنائية وحدها ، ومن ثم فإن طعنها فيما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى المدنية لا يكون مقبولاً .
2- لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 16/3/2006 حضورياً ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية ، فقررت النيابة بالطعن فيه بتاريخ 21/5/2006 وأودعت مذكرة بأسباب طعنها في ذات التاريخ ، وأرفقت بها شهادة صادرة من قلم كتاب نيابة .... تفيد أن الحكم لم يودع حتى تاريخ 16/4/2006 ، كما يبين من الحكم أنه تأشر عليه بوروده بتاريخ 17/5/2006 . لما كان ذلك ، وكانت تلك الشهادة السلبية تعطي النيابة العامة الحق في أن تتربص إعلاناً بإيداع حكم البراءة لتقرير بالطعن وتقدم أسبابه في ظرف عشرة أيام من تاريخ إعلانها بالإيداع عملاً بالفقرة الثانية من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ولما كان لا يوجد بالأوراق ما يدل على إعلانها بإيداع الحكم قلم الكتاب قبل عشرة أيام سابقة على تقريرها بالطعن وإيداع أسبابه ، فإن الطعن وتقديم أسبابه يكونا قد تما في الميعاد ، وإذ استوفى الطعن الشكل المقرر في القانون ، فإنه يكون مقبولاً شكلاً .
3- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد وصف التهمة وأدلة الاتهام قال تبريراً لقضائه بالبراءة : " حيث إن المحكمة قد أحاطت بالدعوى وظروفها وملابساتها عن بصر وبصيرة وثبت لها أن الأوراق قد خلت من أي دليل يقيني يدل على أن المتهم تسلم المبالغ بقصد توظيفها إذ إن جميع الشاكين قرروا بعدم حصولهم على دليل يثبت تلقي المتهم الأموال على سبيل التوظيف مما تكون معه التهمة محل شك كبير وتغدو معه أقوال الشاكين مجرد قول مرسل لم يتأيد بدليل تطمئن إليه المحكمة ليقيم الادعاء ويساند الاتهام ، ومن ثم فإن المحكمة تقضي ببراءة المتهم عملاً بالمادة 304/ أ ج " لما كان ذلك ، وكان يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي له بالبراءة ، إذ المرجع في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفــاع المتهم أو داخلتـها الريبة في صحة عناصر الإثبات ، وكان تقدير أقوال الشهود وكافة الأدلة الأخرى متروكاً لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن أوردت أقوال المجني عليهم واستعرضت أدلة الدعوى الأخرى وأحاطت بكافة عناصرها عن بصر وبصيرة أسست قضاءها ببراءة المطعون ضده على عدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت المستقاة من أقوال المجني عليهم وشاهدي الإثبات وتقرير هيئة سوق المال للأسباب السائغة التي أفصحت عنها ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم وهو يقضي بالبراءة عدم تصديه لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشير إلى ثبوت الاتهام مادامت المحكمة قد طعنت في أصل الواقعة وتشككت في إسناد التهمة إلى المتهم ، كما أنه لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم على احتمالات ترجحت لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها ، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة على الحكم اطراحه للأدلة المستمدة من أقوال المجني عليهم وشاهدي الإثبات وتقرير هيئة سوق المال والمستندات المقدمة يكون في غير محله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه :
أولاً : تلقى أموالاً من الجمهور مبالغ مقدارها .... لتوظيفها واستثمارها حال كونه غير مرخص له بمباشرة ذلك النشاط على النحو المبين بتقرير الهيئة العامة لسوق المال .
ثانياً : امتنع عن رد الأموال المبينة سلفاً بالتهمة السابقة والمستحقة للمودعين والتي تلقاها منهم على النحو المبين بتقرير الهيئة العامة لسوق المال وعلى النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى المجني عليهم مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة قضت حضورياً ببراءته مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : بالنسبة للطعن في الدعوى المدنية :
وحيث إنه لما كان الأصل أن الصفة هي مناط الحق في الطعن ، وأن النيابة العامة سواء انتصبت عن نفسها أو قامت مقام غيرها من الخصوم لا صفة لها في التحدث إلَّا في خصوص الدعوى الجنائية وحدها ، ومن ثم فإن طعنها فيما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى المدنية لا يكون مقبولاً.
ثانياً : بالنسبة للطعن في الدعوى الجنائية :
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 16/3/2006 حضورياً ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية ، فقررت النيابة بالطعن فيه بتاريخ 21/5/2006 وأودعت مذكرة بأسباب طعنها في ذات التاريخ ، وأرفقت بها شهادة صـادرة من قلم كتاب نيابة .... تفيد أن الحكم لم يودع حتى تاريخ 16/4/2006 ، كما يبين من الحكم أنه تأشر عليه بوروده بتاريخ 17/5/2006 . لما كان ذلك ، وكانت تلك الشهادة السلبية تعطي النيابة العامة الحق في أن تتربص إعلاناً بإيداع حكم البراءة لتقرير بالطعن وتقدم أسبابه في ظرف عشرة أيام من تاريخ إعلانها بالإيداع عملاً بالفقرة الثانية من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ولما كان لا يوجد بالأوراق ما يدل على إعلانها بإيداع الحكم قلم الكتاب قبل أيام سابقة على تقريرها بالطعن وإيداع أسبابه ، فإن الطعن وتقديم أسبابه يكونا قد تما في الميعاد ، وإذ استوفى الطعن الشكل المقرر في القانون ، فإنه يكون مقبولاً شكلاً .
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة تلقى أموالٍ من الجمهور لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه اطرح أقوال المجني عليهم بقالة أنها جاءت مرسلة بالرغم من أنها تأيدت بأقوال شاهد الإثبات الأول وتحريات الشرطة ، فضلاً عن تقديم المجني عليهم فاتورة وصورة عقد للتدليل على أن المطعون ضده تلقى أموالهم لتوظيفها ، مما ينبئ عن ثبوت التهمة في حق المطعون ضده ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد وصف التهمة وأدلة الاتهام قال تبريراً لقضائه بالبراءة : " حيث إن المحكمة قد أحاطت بالدعوى وظروفها وملابساتها عن بصر وبصيرة وثبت لها أن الأوراق قد خلت من أي دليل يقيني يدل على أن المتهم تسلم المبلغ بقصد توظيفها إذ إن جميع الشاكين قرروا بعدم حصولهم على دليل يثبت تلقي المتهم الأموال على سبيل التوظيف مما تكون معه التهمة محل شك كبير وتغدو معه أقوال الشاكين مجرد قول مرسل لم يتأيد بدليل تطمئن إليه المحكمة ليقيم الادعاء ويساند الاتهام ، ومن ثم فإن المحكمة تقضي ببراءة المتهم عملاً بالمادة 304/ أ ج " . لما كان ذلك ، وكان يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي له بالبراءة ، إذ المرجع في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفــاع المتهم أو داخلتـها الريبة في صحة عناصر الإثبات ، وكان تقدير أقوال الشهود وكافة الأدلة الأخرى متروكاً صحة عناصر الإثبات ، وكان تقدير أقوال الشهود وكافة الأدلة الأخرى متروكاً لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن أوردت أقوال المجني عليهم واستعرضت أدلة الدعوى الأخرى وأحاطت بكافة عناصرها عن بصر وبصيرة أسست قضاءها ببراءة المطعون ضده على عدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت المستقاة من أقوال المجني عليهم وشاهدي الإثبات وتقرير هيئة سوق المال للأسباب السائغة التي أفصحت عنها ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم وهو يقضي بالبراءة عدم تصديه لما ساقته النيابة العامة من قرائن تشير إلى ثبوت الاتهام مادامت المحكمة قد طعنت في أصل الواقعة وتشككت في إسناد التهمة إلى المتهم ، كما أنه لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم على احتمالات ترجحت لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها ، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه ، ومن ثم فإن نعي النيابة العامة على الحكم اطراحه للأدلة المستمدة من أقوال المجني عليهم وشاهدي الإثبات وتقرير هيئة سوق المال والمستندات المقدمة يكون في غير محله . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 20627 لسنة 5 ق جلسة 28 / 11 / 2013 مكتب فني 64 ق 146 ص 949

جلسة 28 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / علي فرجاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد رضا حسين ، محمد عبد الوهاب ، أحمد الوكيل ومحمد الخطيب نواب رئيس المحكمة.
------------
(146)
الطعن 20627 لسنة 5 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) محكمة استئنافية . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
للمحكمة الاستئنافية الإحالة إلى أسباب الحكم إذا ما رأت تأييده . الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها .
(3) إثبات "بوجه عام" . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
(4) سرقة . إخفاء أشياء مسروقة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة السرقة . ماهيته ؟
العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة . مسألة نفسية . لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها . تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في السرقة وإخفاء أشياء متحصلة منها . غير لازم . كفاية استفادته منه .
مثال لتدليل سائغ على توافر القصد الجنائي في جريمتي سرقة وإخفاء أشياء متحصلة من جريمة السرقة .
(5) سرقة . إخفاء أشياء مسروقة . تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر حالة التلبس " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
التلبس . صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها .
وجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة . كافٍ لقيام حالة التلبس .
تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً بها أو غير متلبس بها . موضوعي . مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة .
نعي الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش . غير مقبول . مادامت حالة التلبس توافرت بإخفاء السيارة محل جريمة السرقة ومحاولة بيعها دون وجود سند ملكية لها .
(6) دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . دفوع " الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مثال لرد سائغ على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
(7) سرقة . جريمة " أركانها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الشيء المتروك . هو الذي يستغني صاحبه عنه بإسقاط حيازته وبنية إنهاء ما كان له من ملكية عليه .
المادة 871 من القانون المدني . مفادها ؟
العبرة في كون الشيء متروك . بواقع الأمر من جهة المتخلي وليس بما يدور في خلد الجاني . تحري واستقصاء حقيقة هذا الواقع . موضوعي .
سكوت المالك عن المطالبة بالشيء وقصده عن المطالبة لاسترداده وتحرير محضر . لا يكفي لاعتباره مفقودًا . وجوب أن يكون تخليه واضحاً من عمل إيجابي يقوم به مقروناً بقصد النزول عنه.
مثال لرد سائغ على دفاع الطاعن بأن الشيء المسروق متروك .
(8) إثبات " بوجه عام " " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق .
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها .
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها . حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه .
للمحكمة التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى . مادامت قد اطمأنت إليها .
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره . لا يعيب الحكم . مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه .
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق . غير لازم . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) إثبات " بوجه عام " . سرقة . إخفاء أشياء مسروقة .
جواز إثبات جريمتي السرقة وإخفاء الأشياء المسروقة بكافة طرق الإثبات . علة ذلك ؟
(10) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
النعي بالتناقض بين أقوال الشاهد والتحريات دون الكشف عن أوجه التناقض . غير مقبول .
(11) إثبات " بوجه عام " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام وبعدم ارتكاب الجريمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(12) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية . مادام أنها اطمأنت لجديتها .
 نعي الطاعن على الحكم تعويله على تحريات الشرطة رغم قصورها . جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى . يخرج عن رقابة محكمة النقض .
(13) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . عدم تعرض الحكم لأقوال المتهمين . مفاده : اطراحه لها .
النعي على الحكم إغفاله أقوال بعض المتهمين التي تنفي التهمة عن الطاعن . غير مقبول .
(14) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . محاماة . بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . قانون " تفسيره " .
إثارة الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة وبطلان تحريك الدعوى الجنائية قبل الطاعن وبطلان ورقة التكليف بالحضور لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟
إخطار مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل التحقيق في أية شكوى ضد محامٍ بوقت كافٍ وفقاً للمادة 51 من قانون المحاماة . إجراء تنظيمي . أثر ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية .
2- من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بُني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها ، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل .
3- من المقرر أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها ، بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
4- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ، وكان العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القصد الجنائي في الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن وتتوافر به جريمتي سرقة اللوحات المعدنية رقم ... ملاكي .... وإخفاء السيارة المملوكة لــ .... والمتحصلة من جريمة سرقة بكافة أركانهما – كما هما معرفان به في القانون – فإن ما يجادل فيه الطاعن لا يكون مقبولاً .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش ورد عليه في قوله : " ولا ينال من ذلك ما دفع به المتهم من بطلان القبض إذ إن جريمة إخفاء السيارة المبينة بالأوراق ومحاولة بيعها للمجني عليه دون وجود سند ملكية لها لديهم مفاده أن الجريمة كانت متلبساً بها ... " وكان من المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً بها أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن كافياً وسائغاً ومتفقاً مع صحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم واطرحه في منطق سائغ يتفق وصحيح القانون مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل لا يجادل الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق ، فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير سديد .
7- لما كانت اللوحات المعدنية محل جريمة السرقة مملوكة لـــ .... وسرقت من سيارته - كما أورد الحكم المطعون فيه - أي أنها مملوكة لغير الطاعن وليست مالاً مباحاً أو متروكاً ، إذ إن الشيء المتروك هو الذي يستغني صاحبه عنه بإسقاط حيازته وبنية إنهاء ما كان له من ملكية عليه وإلى ذلك أشارت المادة 871 من القانون المدني في فقرتها الأولى - يصبح المنقول لا مالك له إذا تخلى عنه مالكه بقصد النزول عن ملكيته فيغدو بذلك ولا مالك له - فإذا استولى عليه أحد فلا يعد سارقاً ولا جريمة في الاستيلاء عليه ، لأنه أصبح غير مملوك لأحد ، والعبرة في ذلك بواقع الأمر من جهة المتخلي وليس بما يدور في خلد الجاني ، وهذا الواقع يدخل تحريه واستقصاء حقيقته في سلطة قاضي الموضوع الذي له أن يبحث الظروف التي يستفاد منها أن الشيء متروك أو مفقود ، ولا يكفي لاعتبار الشيء مفقود أن يسكت المالك عن المطالبة به ، أو أن يقصد عن السعي لاسترداده أو أن يحرر محضراً بذلك ، بل لابد أن يكون تخليه واضحاً من عمل إيجابي يقوم به مقروناً بقصد النزول عنه ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه أثبت ركن الاختلاس في حق الطاعن وباقي المتهمين وأن غرضهم انصرف إلى تملك اللوحات المعدنية غشاً ، واستدل على ذلك استدلالاً سائغاً ، ورد على ما ذهب إليه الدفاع من تبرير فعلة الطاعن ، فإن ما يثيره الطاعن من أن المال المسروق هو مال متروك لا يكون سديداً .
8- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات وقرائن الأحوال واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
9- من المقرر أن الجرائم على اختلاف أنواعها إلَّا ما استثني قانوناً بنص خاص جائزٌ إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها البينة وقرائن الأحوال ، وأن جريمتي السرقة وإخفاء أشياء متحصلة من جريمة سرقة اللتين دين بهما الطاعن لا يشملهما استثناء خاص ويجري عليهما ما يجري على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات.
10- لما كان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين أقوال شاهد الإثبات وبين تحريات الشرطة بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
11- لما كان الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام وبعدم ارتكاب الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ولا يعدو ما أثاره الطاعن في هذا الصدد أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
12- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية مادام أنها اطمأنت لجديتها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل - بدوره - إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض .
13- لما كان مفاد عدم تعرض الحكم لأقوال المتهمين اطراحه لها ، إذ إن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بإغفاله لأقوال بعض المتهمين التي تنفي التهمة عن الطاعن يكون غير مقبول.
14- لما كان النعي ببطلان تحقيقات النيابة العامة وبطلان تحريك الدعوى الجنائية قبل الطاعن وبطلان ورقة التكليف بالحضور ، مردوداً بأن الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أمام درجتي التقاضي أن الطاعن لم يثر شيئاً في شأن ما سلف ، فإنه ليس له من بعد أن يتحدث عما ادعى به من بطلان ، وذلك لما هو مقرر في القانون من أن أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع ، ومن ثم فلا يجوز له إثارة الدفع بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن ما أوردته المادة 51 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 من وجوب إخطار مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت كاف ، لا يعدو أن يكون إجراءً تنظيمياً لا يترتب على مخالفته - بفرض صحة ما يدعيه الطاعن - بطلان إجراءات التحقيق ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بُني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها ، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها ، بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ، وكان العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القصد الجنائي في الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن وتتوافر به جريمتي سرقة اللوحات المعدنية رقم .... ملاكي .... وإخفاء السيارة المملوكة لــ .... والمتحصلة من جريمة سرقة بكافة أركانهما – كما هما معرفان به في القانون – فإن ما يجادل فيه الطاعن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش ورد عليه في قوله : " ولا ينال من ذلك ما دفع به المتهم من بطلان القبض إذ إن جريمة إخفاء السيارة المبينة بالأوراق ومحاولة بيعها للمجني عليه دون وجود سند ملكية لها لديهم مفاده أن الجريمة كانت متلبساً بها .... " . وكان من المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً بها أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن كافياً وسائغاً ومتفقاً مع صحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم واطرحه في منطق سائغ يتفق وصحيح القانون مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل لا يجادل الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق ، فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت اللوحات المعدنية محل جريمة السرقة مملوكة لـــ .... وسرقت من سيارته - كما أورد الحكم المطعون فيه - أي أنها مملوكة لغير الطاعن وليست مالاً مباحاً أو متروكاً ، إذ إن الشيء المتروك هو الذي يستغني صاحبه عنه بإسقاط حيازته وبنية إنهاء ما كان له من ملكية عليه وإلى ذلك أشارت المادة 871 من القانون المدني في فقرتها الأولى - يصبح المنقول لا مالك له إذا تخلى عنه مالكه بقصد النزول عن ملكيته فيغدو بذلك ولا مالك له - فإذا استولى عليه أحد فلا يعد سارقاً ولا جريمة في الاستيلاء عليه لأنه أصبح غير مملوك لأحد ، والعبرة في ذلك بواقع الأمر من جهة المتخلي وليس بما يدور في خلد الجاني ، وهذا الواقع يدخل تحريه واستقصاء حقيقته في سلطة قاضي الموضوع الذي له أن يبحث الظروف التي يستفاد منها أن الشيء متروك أو مفقود ، ولا يكفي لاعتبار الشيء مفقود أن يسكت المالك عن المطالبة به ، أو أن يقصد عن السعي لاسترداده أو أن يحرر محضراً بذلك ، بل لابد أن يكون تخليه واضحاً من عمل إيجابي يقوم به مقروناً بقصد النزول عنه ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه أثبت ركن الاختلاس في حق الطاعن وباقي المتهمين وأن غرضهم انصرف إلى تملك اللوحات المعدنية غشاً ، واستدل على ذلك استدلالاً سائغاً ، ورد على ما ذهب إليه الدفاع من تبرير فعلة الطاعن ، فإن ما يثيره الطاعن من أن المال المسروق هو مال متروك لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى اقوال شهود الإثبات وقرائن الأحوال واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض ، ولما هو مقرر من أن الجرائم على اختلاف أنواعها إلَّا ما استثني قانوناً بنص خاص جائزٌ إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها البينة وقرائن الأحوال ، وأن جريمتي السرقة وإخفاء أشياء متحصلة من جريمة سرقة اللتين دين بهما الطاعن لا يشملهما استثناء خاص ويجري عليهما ما يجري على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين أقوال شاهد الإثبات وبين تحريات الشرطة بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام وبعدم ارتكاب الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ولا يعدو ما أثاره الطاعن في هذا الصدد أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . كما أنه من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية مادام أنها اطمأنت لجديتها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل - بدوره - إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان مفاد عدم تعرض الحكم لأقوال المتهمين اطراحه لها ، إذ إن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بإغفاله لأقوال بعض المتهمين التي تنفي التهمة عن الطاعن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان النعي ببطلان تحقيقات النيابة العامة وبطلان تحريك الدعوى الجنائية قبل الطاعن وبطلان ورقة التكليف بالحضور ، مردوداً بأن الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أمام درجتي التقاضي أن الطاعن لم يثر شيئاً في شأن ما سلف ، فإنه ليس له من بعد أن يتحدث عما ادعى به من بطلان ، وذلك لما هو مقرر في القانون من أن أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع ، ومن ثم فلا يجوز له إثارة الدفع بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن ما أوردته المادة 51 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 من وجوب إخطار مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت كاف ، لا يعدو أن يكون إجراءً تنظيمياً لا يترتب على مخالفته - بفرض صحة ما يدعيه الطاعن - بطلان إجراءات التحقيق ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ