الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 يوليو 2018

الطعن 30641 لسنة 59 ق جلسة 16 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 81 ص 560

جلسة 16 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسن أبو المعالي أبو النصر ومحمود شريف نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(81)
الطعن رقم 30641 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن. ميعاده". حكم "صدوره".
ميعاد الطعن في الحكم الحضوري. بدؤه. من يوم صدوره.
النعي بإثبات كاتب الجلسة. خطأ. مد أجل النطق بالحكم. غير مجد. طالما أن الحكم صدر في الجلسة المعينة للنطق به والتي كان يعلم بها الطاعن.
تعديل مواعيد انعقاد الجلسات. لا تتولد عنه أية حقوق للخصوم. ما لم يعلنوا بوجه رسمي بها.
(2) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده". شهادة سلبية.
طلب الطاعن امتداد ميعاد الطعن. غير مقبول. ما دام لم يقدم شهادة سلبية دالة على عدم وجود الحكم بقلم الكتاب موقعاً عليه في الميعاد القانوني وقت صدورها. أساس ذلك؟
التقرير بالطعن وتقديم الأسباب بعد الميعاد. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.

------------------
1 - من المقرر أن ميعاد التقرير بالطعن في الحكم الحضوري يبدأ من يوم صدوره. ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في ذات الجلسة التي حددت للنطق به والتي كان الطاعن يعلم بتاريخها - وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - فإنه لا يقبل منه التذرع بإثبات كاتب الجلسة خطأ مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة.... طالما أن الحكم صدر في ذات التاريخ المعين فيه للنطق بالحكم فضلاً عن أنه لا تتولد عن تعديل مواعيد انعقاد الجلسات أية حقوق للخصوم في التخلف عن الحضور بالجلسات التي حددت مواعيد انعقادها من قبل هذا التعديل ما لم يعلنوا بوجه رسمي بتحديد مواعيد أخرى لنظر قضاياهم ومن ثم فإن إثبات كاتب الجلسة مد أجل النطق بالحكم بالمفكرة (الأجندة) الخاصة بذلك خطأ - بفرض صحته - لا يجدي الطاعن عذراً في التخلف عن شهود الجلسة المحددة للنطق بالحكم فيها والتي لا يماري في سبق علمه بها.
2 - من المقرر أنه لا وجه للطاعن في طلب امتداد الميعاد ما دام لم يقدم شهادة على السلب دالة على عدم وجود الحكم بقلم كتاب المحكمة موقعاً عليه في الميعاد القانوني وقت صدورها. كما تقضي بذلك الفقرة الأخيرة من المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان التقرير بالطعن وتقديم أسبابه قد تما بعد انقضاء الميعاد القانوني دون عذر مقبول، فإن الطعن يكون مفصحاً عن عدم قبوله شكلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: تسبب خطأ في موت.... و.... وكان ذلك بإهماله ورعونته وعدم احترازه وعدم مراعاة القوانين واللوائح بأن قاد مركبة (جرار زراعي) بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليهما فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقريرين الطبيين والتي أودت بحياتهما. ثانياً: قاد مركبة بدون رخصة قيادة. ثالثاً: قاد مركبة بدون رخصة تسيير. رابعاً: لم يهتم بأمر المصاب. خامساً: قاد مركبة بحالة ينجم عنها الخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 - 2 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل. ومحكمة جنح مركز شبين القناطر قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ عن التهم الأولى والرابعة والخامسة وخمسين جنيهاً عن كل من التهمتين الثانية والثالثة. استأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ.... ولم يقرر المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق النقض إلا بتاريخ.... ولم يقدم أسبابه إلا بتاريخ.... متجاوزاً بذلك الميعاد القانوني المنصوص عليه في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. ولما كان الطاعن يتعلل في ذلك بأن كاتب الجلسة أثبت خطأ بمفكرة (أجندة) تداول القضايا أن المحكمة مدت أجل النطق بالحكم إلى يوم.... وأجرت النيابة معه تحقيقاً إدارياً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ميعاد التقرير بالطعن في الحكم الحضوري يبدأ من يوم صدوره. ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في ذات الجلسة التي حددت للنطق به والتي كان الطاعن يعلم بتاريخها - وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - فإنه لا يقبل منه التذرع بإثبات كاتب الجلسة خطأ مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة.... طالما أن الحكم صدر في ذات التاريخ المعين فيه للنطق بالحكم، فضلاً عن أنه لا تتولد عن تعديل مواعيد انعقاد الجلسات أية حقوق للخصوم في التخلف عن الحضور بالجلسات التي حددت مواعيد انعقادها من قبل هذا التعديل ما لم يعلنوا بوجه رسمي بتحديد مواعيد أخرى لنظر قضاياهم ومن ثم فإن إثبات كاتب الجلسة مد أجل النطق بالحكم بالمفكرة (الأجندة) الخاصة بذلك خطأ - بفرض صحته - لا يجدي الطاعن عذراً في التخلف عن شهود الجلسة المحددة للنطق بالحكم فيها والتي لا يماري في سبق علمه بها هذا بالإضافة إلى أنه لا وجه للطاعن في طلب امتداد الميعاد ما دام لم يقدم شهادة على السلب دالة على عدم وجود الحكم بقلم كتاب المحكمة موقعاً عليه في الميعاد القانوني وقت صدورها. كما تقضي بذلك الفقرة الأخيرة من المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان التقرير بالطعن وتقديم أسبابه قد تما بعد انقضاء الميعاد القانوني دون عذر مقبول، فإن الطعن يكون مفصحاً عن عدم قبوله شكلاً.

الطعن 12572 لسنة 64 ق جلسة 15 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 80 ص 553

جلسة 15 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل ومحمد إسماعيل موسى نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي خليل ويحيى محمود خليفة.

------------------

(80)
الطعن رقم 12572 لسنة 64 القضائية

 (1)تزوير "أوراق رسمية" "أوراق عرفية". موظفون عموميون. قانون "تفسيره".
المحررات الرسمية. ماهيتها؟ المادة 10 من قانون الإثبات.
مناط رسمية الورقة؟
نشوء المحرر رسمياً ابتداء. غير لازم. صحة أن ينشأ المحرر في الأصل عرفياً ثم ينقلب إلى محرر رسمي بتداخل الموظف العام المختص فيه في حدود وظيفته.
صفة الرسمية في المحرر تكون مقصورة على ما تم على يدي الموظف العام أو ما تلقاه من ذوي الشأن، أما باقي المحرر فيبقى عرفياً متى كان موقعاً من ذوي الشأن.
 (2)تزوير "أوراق رسمية" "أوراق عرفية". موظفون عموميون. قانون "تطبيقه". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تأويل القانون".
اقتصار دور الموظف العام بالنسبة إلى عقد الإيجار. على إثبات تاريخ تقديمه له. انحصار الرسمية في هذا التاريخ فحسب. باقي المحرر يبقى عرفياً. مخالفة الحكم ذلك. خطأ في تأويل القانون.
 (3)تزوير "أوراق عرفية". جريمة "أركانها". مسئولية جنائية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تأويل القانون".
مناط العقاب على التزوير في المحرر العرفي. هو أن يثبت فيه ما يخالف ما تلاقت عليه إرادات طرفيه.
اقتصار العقد على إثبات ما تلاقت عليه إرادتا طرفيه. يجعله عقداً عرفياً وينحسر عنه وصف التزوير. مخالفة الحكم ذلك. خطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
(4) محكمة النقض "سلطتها" "نظرها الطعن والحكم فيه".
كون الواقعة غير معاقب عليها تحت أي وصف أخر يوجب نقض الحكم والقضاء بالبراءة.

--------------
1 - من المقرر أن الشارع لم يضع في قانون العقوبات تعريفاً محدداً للورقة الرسمية، وكانت المادة العاشرة من قانون الإثبات قد عرفت المحررات الرسمية بما نصت عليه من أن "المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه، فإذا لم تكتسب هذه المحررات صفة رسمية فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم". وهو ما يتعين الأخذ به ما دام قانون العقوبات - على ما سلف - قد خلا من تعريف المحرر الرسمي. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى - بما يتفق ونص المادة العاشرة من قانون الإثبات سالف البيان - بأن مناط رسمية الورقة هو أن يكون محررها موظفاً عاماً مختصاً بمقتضى وظيفته بتحريرها وإعطائها الصيغة الرسمية أو يتداخل في تحريرها وفقاً لما تقضي به القوانين أو اللوائح أو التعليمات التي تصدر إليه من جهته الرسمية ولا يشترط أن ينشأ المحرر رسمياً ابتداء، بل يصح أن ينشأ المحرر في الأصل عرفياً ثم ينقلب إلى محرر رسمي إذا ما تداخل فيه الموظف العام المختص في حدود وظيفته، ومن ثم فإن صفة الرسمية في المحرر تكون مقصورة على ما تم على يدي الموظف العام أو ما تلقاه من ذوي الشأن، أما باقي المحرر فيبقى عرفياً متى كان موقعاً من ذوي الشأن.
2 - لما كان البين أن دور الموظف العام بالنسبة إلى عقد الإيجار موضوع الطعن الماثل قد اقتصر على مجرد إثبات تاريخ تقديمه له، فإن صفة الرسمية تنحصر في تاريخ هذا المحرر الذي أثبته الموظف العام فحسب، أما باقي المحرر فيبقى ورقة عرفية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر المحرر بأكمله محرراً رسمياً لمجرد إثبات تاريخه، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون.
3 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط العقاب على التزوير في المحرر العرفي هو أن يثبت فيه ما يخالف ما تلاقت عليه إرادات أطرافه. وكان عقد الإيجار موضوع الطعن الماثل - في تكييفه الحق - هو عقد عرفي اقتصر على إثبات ما تلاقت عليه إرادتا طرفيه، فإن الواقعة على هذا النحو ينحسر عنها وصف التزوير. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف النظر المتقدم فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
4 - لما كانت الواقعة - حسبما حصلها الحكم - غير معاقب عليها تحت أي وصف آخر - فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والحكم ببراءة الطاعنين مما أسند إليهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريق الاتفاق بينهما وبطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية هو.... "موظف بالشهر العقاري بـ...." في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد إيجار الشقة المبينة المعالم بالأوراق وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن اتفقا على إثبات بيانات بالعقد آنف البيان بأن المتهمة الأولى مقيمة لدى المتهم الثاني بالطابق الثالث من العقار الخاص به خلافاً للحقيقة فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: المتهمة الأولى استعملت المحرر المزور سالف الذكر مع علمها بتزويره بأن قدمته إلى هيئة محكمة بندر الفيوم للأحوال الشخصية نفس في الدعوى رقم.... جزئي للحصول على حكم لصالحها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى.... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 41، 42، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 17 من القانون ذاته أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عما أسند إليه ومصادرة المحرر المزور المضبوط. ثانياً: بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الاشتراك مع موظف عام حسن النية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد إيجار مسكن دان الأولى أيضاً بجريمة استعمال هذا المحرر مع علمها بتزويره قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنهما تمسكا بأن العقد هو من قبيل العقود الصورية وأن مجرد تقديمه للشهر العقاري لإثبات تاريخه لا يضفي عليه الرسمية مما ينحسر معه عن الواقعة وصف التزوير. وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تتحصل في أنه صدر حكم غيابي من محكمة بندر الفيوم الجزئية للأحوال الشخصية بتقرير نفقة للمتهمة الأولى.... على زوجها الشاهد الأول.... في الدعوى التي أقامتها ضده رقم.... لسنة.... فطعن الأخير عليه بالمعارضة وضمن صحيفة الطعن دفعاً بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظرها لإقامة المتهمة الأولى بمركز إطسا وليس ببندر الفيوم كما زعمت في دعواها وقبيل الجلسة المحددة لنظر المعارضة اتفقت المتهمة الأولى مع المتهم الثاني... على جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اصطنعا عقد إيجار مؤرخ.... هما طرفيه أثبتا فيه أن المتهمة الأولى مقيمة لدى المتهم الثاني في شقة بالطابق الثالث من العقار ملكه الواقع ببندر الفيوم، ثم تقدمت به المتهمة الأولى إلى.... مدير مكتب التوثيق بمصلحة الشهر العقاري بـ.... الذي أشر عليه بقبول سداد الرسم المقرر وأحاله إلى.... الذي قام بتوثيقه وإثبات تاريخ وقيده بالسجل المعد لذلك تحت رقم... بتاريخ.... حالة كون ذلك العقار مكون من طابقين فقط حسبما أسفرت عنه معاينة النيابة العامة وشهادة كل من.... و.... و.... و.... ثم تقدمت المتهمة الأولى بذلك العقد المزور إلى محكمة المعارضة بجلسة.... تدليلاً على زعمها بأنها تقيم ببندر الفيوم توصلاً للحكم لها برفض دفع المعارض بعدم الاختصاص المحلي، هذا وتبين أن المتهم قدم بجلسة.... إلى المحكمة التي نظرت الدعوى.... شرعي بين ذات الخصوم، إقراراً مؤيداً لزعم المتهمة الأولى وحلف يميناً على صحته بإقامة المذكورة طرفه حسبما هو ثابت بعقد الإيجار المزور". وبعد أن أورد الحكم المطعون فيه الأدلة على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين عرض للدفع بصورية عقد الإيجار محل جريمة التزوير وللدفع بانتفاء صفة الرسمية عنه وأطرحهما في قوله "وحيث إنه عن الدفع بصورية الإجارة المتضمنة الورقة المزورة بحسبان أنه من تغيير الحقيقة الذي أباحه القانون فإنه لما كانت الصورية كما هي معرفة في القانون أنها تغيير للحقيقة يقره طرفاها، ومن ثم فإنه مع التسليم الجدلي بأن التعاقد الذي تم بين المتهمين إنما يندرج ضمن الصورية وأن تغيير الحقيقة في المحرر المثبت لها - عقد الإيجار المزور - قد وقع في ظاهره في حدود طرفي الصورية، باعتبار أن لهما حرية تغيير الحقيقة حسبما تتجه إليه إرادتهما، إلا أنه لما كان الأمر بتغيير الحقيقة في ذلك العقد قد وصل إلى حد المساس المباشر بحقوق الغير المجني عليه.... وذلك بالزعم بأن للمتهمة الأولى محل إقامة بعقار ملك المتهم الثاني بدائرة بندر الفيوم توصلا للمساس بحقه في القضاء له بقبول الدفع بعدم اختصاص محكمة بندر الفيوم للأحوال الشخصية محلياً بنظر دعوى النفقة المقامة عليه من المتهمة الأولى فإن الواقعة على هذا النحو تعد تزويراً ومن ثم يكون الدفع المشار إليه قد جانبه الصواب متعيناً إطراحه والالتفات عنه.
وحيث إنه عما يحاول به الدفاع بانتفاء صفة الرسمية عن الورقة المزورة لعدم تعلق تدخل الموظف العام فيها ببيان جوهري، ولانتفاء حجيتها في الإثبات فإن المحكمة تشير بادئ ذي بدء إلى أن المحرر المزور المضبوط وإن كان قد بدأ عرفياً أول الأمر إلا أنه انقلب رسمياً بعد ذلك بتداخل موظف هو الموثق المختص بالشهر العقاري بـ.... فيه في حدود وظيفته بإثبات مضمون التعاقد وتاريخه في الدفتر الرسمي المعد لإثبات تواريخ التصرفات القانونية بالمأمورية، حيث قيد تحت رقم.... بتاريخ... فاكتسب المحرر بذلك صفة الرسمية ليس فقط من تاريخ إثباته في الشهر العقاري، بل تنسحب هذه الرسمية على ما سبق من إجراءات، وإذ أن تاريخ التعاقد الذي تم بين المتهمين كان ضمن بيانات عقد الإيجار المزور والذي من أجله قدمته المتهمة الأولى إلى الموثق بالشهر العقاري لإثبات هذا التاريخ، ومن ثم يعتبر من أولى البيانات الجوهرية الواجب إدراجها في المحرر حتى يكون له الشكل القانوني، وإذ كان ذلك وقد خلصت المحكمة على ما تقدم بيانه إلى اعتبار المحرر المزور المضبوط محرراً رسمياً فإنه تكون لبياناته جميعاً الصفة الرسمية دون توقف على قوتها في الإثبات، إذ أن هذه الحجية تقتصر أهميتها على قوة المحرر في الإثبات ولا شأن لها بأحكام التزوير، إذ لا ارتباط بين حجية المحررات في الإثبات وبين أحكام تزويرها وبالتالي يكون الدفع في جملته ولا محل له من صحيح الواقع والقانون متعيناً رفضه". لما كان ذلك، وكان الشارع لم يضع في قانون العقوبات تعريفاً محدداً للورقة الرسمية، وكانت المادة العاشرة من قانون الإثبات قد عرفت المحررات الرسمية بما نصت عليه من أن "المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه، فإذا لم تكتسب هذه المحررات صفة رسمية فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم". وهو ما يتعين الأخذ به ما دام قانون العقوبات - على ما سلف - قد خلا من تعريف المحرر الرسمي. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى - بما يتفق ونص المادة العاشرة من قانون الإثبات سالف البيان - بأن مناط رسمية الورقة هو أن يكون محررها موظفاً عاماً مختصاً بمقتضى وظيفته بتحريرها وأعطاها الصيغة الرسمية أو يتداخل في تحريرها وفقاً لما تقضي به القوانين أو اللوائح أو التعليمات التي تصدر إليه من جهته الرسمية ولا يشترط أن ينشأ المحرر رسمياً ابتداء، بل يصح أن ينشأ المحرر في الأصل عرفياً ثم ينقلب إلى محرر رسمي إذا ما تداخل فيه الموظف العام المختص في حدود وظيفته ومن ثم فإن صفة الرسمية في المحرر تكون مقصورة على ما تم على يدي الموظف العام أو ما تلقاه من ذوي الشأن، أما باقي المحرر فيبقى عرفياً متى كان موقعاً من ذوي الشأن. لما كان ذلك، وكان دور الموظف العام بالنسبة إلى عقد الإيجار موضوع الطعن الماثل قد اقتصر على مجرد إثبات تاريخ تقديمه له، فإن صفة الرسمية تنحصر في تاريخ هذا المحرر الذي أثبته الموظف العام فحسب، أما باقي المحرر فيبقى ورقة عرفية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر المحرر بأكمله محرراً رسمياً لمجرد إثبات تاريخه، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط العقاب على التزوير في المحرر العرفي هو أن يثبت فيه ما يخالف ما تلاقت عليه إرادات أطرافه وكان عقد الإيجار موضوع الطعن الماثل - في تكييفه الحق - هو عقد عرفي اقتصر على إثبات ما تلاقت عليه إرادتا طرفيه، فإن الواقعة على هذا النحو ينحسر عنها وصف التزوير. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف النظر المتقدم فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه. لما كان ما تقدم، وكانت الواقعة - حسبما حصلها الحكم - غير معاقب عليها تحت أي وصف آخر - فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والحكم ببراءة الطاعنين مما أسند إليهما وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 8132 لسنة 62 ق جلسة 15 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 79 ص 548

جلسة 15 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وبهيج حسن القصبجي ومحمد إسماعيل موسى نواب رئيس المحكمة ومحمد علي رجب.

-----------------

(79)
الطعن رقم 8132 لسنة 62 القضائية

(1) قضاة "صلاحيتهم لنظر الدعوى". إجراءات "إجراءات التحقيق". قانون "تفسيره". حيازة.
امتناع القاضي عن نظر الدعوى. شرطه؟
التحقيق والإحالة في مفهوم المادة 247 إجراءات كسبب لامتناع القاضي عن الحكم هو ما يجريه أو يصدره في نطاق الدعوى الجنائية سواء بصفته سلطة تحقيق أو حكم.
القرار الذي يصدره القاضي الجزئي في شأن منازعات الحيازة. يعتبر من أعمال التحقيق.
(2) قضاة "صلاحيتهم". محكمة أول درجة. استئناف "نظره والحكم فيه" "بطلانه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "نظر الطعن والحكم فيه".
تأييد الحكم المطعون فيه للحكم الابتدائي الباطل لصدوره من قاضي محظور عليه الفصل فيها. استطالة البطلان إليه. وجوب النقض والإعادة لمحكمة أول درجة للفصل فيها مجدداً. علة ذلك؟
مثال.

--------------------
1 - من المقرر أن أساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأياً فيها أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً والتحقيق والإحالة في مفهوم حكم المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية كسبب لامتناع القاضي عن الحكم هو ما يجريه القاضي أو يصدره في نطاق الدعوى الجنائية سواء بصفته سلطة تحقيق أو حكم، لما كان ذلك وكانت المادة 373 مكرراً من قانون العقوبات - قبل إلغائها بالمادة الحادية عشرة من القانون رقم 23 لسنة 1992 - قد أجازت للنيابة العامة في حالة قيام دلائل كافية على جدية الاتهام في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الخاص بانتهاك حرمة ملك الغير أن تأمر باتخاذ إجراء تحفظي لحماية الحيازة وناطت بالقاضي الجزئي المختص إصدار قرار مسبب - خلال ثلاثة أيام من عرض الأمر عليه - بتأييد الأمر الصادر من النيابة العامة في هذا الشأن أو بتعديله أو بإلغائه، وإذ كان ورود هذا النص في قانون العقوبات لا يغير من طبيعته كنص من النصوص المتعلقة بالإجراءات الجنائية ومن ثم فإن القرار الذي يصدره القاضي الجزئي في هذا الشأن يعتبر من أعمال التحقيق في حكم المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية ويباشره في الدعوى بصفته سلطة تحقيق في مرحلة سابقة على المحاكمة التي تفصل فيها المحكمة في النزاع وينطوي على إظهار رأيه بأنه اقتنع بقيام أو عدم قيام الدلائل الكافية على جدية الاتهام بالجريمة ومن ثم يتعارض مع ما يتحتم توافره في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى.
2 - لما كان القاضي الذي أصدر القرار بتأييد أمر النيابة العامة بتمكين المطعون ضده من الشقة محل النزاع، هو نفسه الذي نظر الدعوى ابتدائياً وأصدر فيها الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه مما كان لازمه أن يمتنع عن نظرها والحكم فيها ومن ثم فإن قضاءه فيها يكون قد وقع باطلاً بطلاناً يستطيل إلى الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييده. ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك وكانت محكمة أول درجة وإن قضت في موضوع الدعوى إلا أنه وقد وقع قضاؤها باطلاً بطلاناً متصلاً بالنظام العام لصدوره من قاضي محظور عليه الفصل فيها فإنه لا يعتد به كدرجة أولى للتقاضي لما في ذلك من تفويت هذه الدرجة على الطاعن مما يتعين معه أن يكون النقض مقروناً بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيها مجدداً من قاضي آخر.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه دخل عقاراً في حيازة.... وذلك بقصد منع حيازته بالقوة وطلبت عقابه بالمادة 369/ 1 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح بندر كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائتي جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت وتأييد قرار قاضي الحيازة. استأنف ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي عن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة دخول بيت مسكون في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة قد شابه البطلان، ذلك أنه أيد الحكم الابتدائي رغم بطلانه إذ أن القاضي الذي أصدره هو ذاته الذي نظر الأمر الصادر من النيابة العامة في النزاع، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض ومن هذه الحالات أن يكون القاضي قد قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي أو بوظيفة النيابة العامة أو بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة وهو نص مقتبس مما ورد في المادة 313 من قانون المرافعات القديم ومتعلق بالنظام العام. وأساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأياً فيها أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً والتحقيق والإحالة في مفهوم حكم المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية كسبب لامتناع القاضي عن الحكم هو ما يجريه القاضي أو يصدره في نطاق الدعوى الجنائية سواء بصفته سلطة تحقيق أو حكم، لما كان ذلك، وكانت المادة 373 مكرراً من قانون العقوبات - قبل إلغائها بالمادة الحادية عشرة من القانون رقم 23 لسنة 1992 - قد أجازت للنيابة العامة في حالة قيام دلائل كافية على جدية الاتهام في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الخاص بانتهاك حرمة ملك الغير أن تأمر باتخاذ إجراء تحفظي لحماية الحيازة وناطت بالقاضي الجزئي المختص إصدار قرار مسبب - خلال ثلاثة أيام من عرض الأمر عليه - بتأييد الأمر الصادر من النيابة العامة في هذا الشأن أو بتعديله أو بإلغائه، وإذ كان ورود هذا النص من قانون العقوبات لا يغير من طبيعته كنص من النصوص المتعلقة بالإجراءات الجنائية ومن ثم فإن القرار الذي يصدره القاضي الجزئي في هذا الشأن يعتبر من أعمال التحقيق في حكم المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية ويباشره في الدعوى بصفته سلطة تحقيق في مرحلة سابقة على المحاكمة التي تفصل فيها المحكمة في النزاع وينطوي على إظهار رأيه بأنه اقتنع بقيام أو عدم قيام الدلائل الكافية على جدية الاتهام بالجريمة ومن ثم يتعارض مع ما يتحتم توافره في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى، لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة نيابة كفر الشيخ الكلية المرفقة بالأوراق ومن المفردات المضمومة أن القاضي الذي أصدر القرار بتأييد أمر النيابة العامة بتمكين المطعون ضده من الشقة محل النزاع هو نفسه الذي نظر الدعوى ابتدائياً وأصدر فيها الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه مما كان لازمه أن يمتنع عن نظرها والحكم فيها ومن ثم فإن قضاءه فيها يكون قد وقع باطلاً بطلاناً يستطيل إلى الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييده. ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه، لما كان ذلك وكانت محكمة أول درجة وإن قضت في موضوع الدعوى إلا أنه وقد وقع قضاؤها باطلاً بطلاناً متصلاً بالنظام العام لصدوره من قاض محظور عليه الفصل فيها فإنه لا يعتد به كدرجة أولى للتقاضي لما في ذلك من تفويت هذه الدرجة على الطاعن مما يتعين معه أن يكون النقض مقروناً بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيها مجدداً من قاض آخر وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.

الطعن 7193 لسنة 62 ق جلسة 14 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 78 ص 545

جلسة 14 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة وعمر بريك.

------------------

(78)
الطعن رقم 7193 لسنة 62 القضائية

نقض "التقرير بالطعن والصفة فيه". وكالة.
العبرة في تحديد موضوع التوكيل هي بعباراته وألفاظه.
صدور التوكيل خاصاً بحكم آخر غير الحكم المطعون فيه وخلوه مما يفيد أن المحكوم عليه وكل المحامي للتقرير بالطعن في الأحكام بالنقض. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. لا يجزئ في ذلك اشتمال التوكيل على الحضور أمام محكمة النقض نيابة عن الموكل. علة ذلك.

----------------
من المقرر أن العبرة في تحديد موضوع التوكيل هو بعباراته وألفاظه فإن البين من عبارة التوكيل أنه خاص بحكم آخر غير الحكم المطعون فيه وليس فيما أضافه من أمور أخرى ما يفيد أن المحكوم عليه قد وكل المحامي للتقرير بالطعن في الأحكام بطريق النقض. لما كان ذلك وكان الطعن بالنقض في المواد الجنائية حقاً شخصياً لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد غيره أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه ولذلك يتعين أن يكون التقرير بالطعن في قلم الكتاب إما منه شخصياً أو ممن وكله في ذلك أو ممن يوكله لهذا الغرض توكيلاً خاصاً، ولا يجزئ في ذلك أن يكون التوكيل قد اشتمل على الحضور أمام محكمة النقض نيابة عن الموكل لأن الطعن بالنقض لا يدخل في حدود هذه الوكالة ومن ثم يكون الطعن غير مقبول شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد المبلغ النقدي المبين بالأوراق المملوك لـ.... والمسّلِم إليه على سبيل الأمانة لتوصيله لآخر فاختلسه لنفسه بنية تملكه إضراراً بمالكه وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات ومحكمة جنح قسم أول.... قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه، استأنف ومحكمة.... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بسقوط الحق في الاستئناف عارض وقضى في معارضته باعتبار المعارضة كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الأستاذ/ .... المحامي قد قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه الصادر في القضية رقم.... بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه بموجب التوكيل رقم....، وكان البين من هذا التوكيل المرفق بأوراق الطعن أنه خصص الإنابة عن الموكل في التقرير بالطعن بالنقض في الحكم الصادر في القضية رقم.... فضلاً عن أن ما أضافه من أمور أخرى أجازت للوكيل القيام بها بالنيابة عن الموكل ليس من بينها الطعن بطريق النقض وإن تضمنت الحضور عنه أمام محكمة النقض لما كان ذلك وكان المقرر أن العبرة في تحديد موضوع التوكيل هو بعباراته وألفاظه فإن البين من عبارة التوكيل أنه خاص بحكم آخر غير الحكم المطعون فيه وليس فيما أضاف من أمور أخرى ما يفيد أن المحكوم عليه قد وكل المحامي للتقرير بالطعن في الأحكام بطريق النقض. لما كان ذلك وكان الطعن بالنقض في المواد الجنائية حقاً شخصياً لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد غيره أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه ولذلك يتعين أن يكون التقرير بالطعن في قلم الكتاب إما منه شخصياً أو ممن وكله في ذلك أو ممن يوكله لهذا الغرض توكيلاً خاصاً، ولا يجزئ في ذلك أن يكون التوكيل قد اشتمل على الحضور أمام محكمة النقض نيابة عن الموكل لأن الطعن بالنقض لا يدخل في حدود هذه الوكالة ومن ثم يكون الطعن غير مقبولاً شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة.

الطعن 9217 لسنة 63 ق جلسة 9 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 77 ص 535

جلسة 9 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمد حسين نواب رئيس المحكمة.

------------------

(77)
الطعن رقم 9217 لسنة 63 القضائية

(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي. شرط ذلك؟
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد. حد ذلك؟
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
مثال لتسبيب معيب لنفي حالة الدفاع الشرعي.
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي. حصول اعتداء بالفعل على النفس أو المال. كفاية صدور فعل من المجني عليه يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم. التي يجوز فيها الدفاع الشرعي.
الفعل المتخوف منه الذي تقوم به حالة الدفاع الشرعي. لا يلزم فيه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته. كفاية أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره. ما دام لهذا أسباب معقولة.
تقدير ظروف الدفاع ومقتضياته. أمر اعتباري. حد ذلك؟
إسقاط الحكم المطعون فيه من الوقائع الثابتة في التحقيق. ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس. دون أن يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ أو تحريف ويقسطها حقها إيراداً ورداً عليها. يعيبه.

------------------
1 - من المقرر أن الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه ويؤدي منطقياً إلى ما انتهى إليه.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد إلا أن ذلك حده ألا تمسخ تلك الأقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها.
3 - لما كان الحكم قد اعتمد في نفي حالة الدفاع الشرعي عن النفس على أن أوراق الدعوى لم يتوافر فيها دليل يساند ما ذهب إليه الطاعنان من أن المجني عليهما أرادا الاعتداء عليهما، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه النعي أن الطاعن الأول - ذهب في أقواله إلى أنه أغلق باب مسكنه عليه وباقي أفراد أسرته عندما شاهد فريق المجني عليهما القتيلين - قادمين للاعتداء عليهم، وقد ناداه المجني عليه الأول.... للخروج للاعتداء عليه واصفاً بأنه خروف فلم يستجب، فأمطر فريق المجني عليهما مسكنهم بالأعيرة النارية، ولما زاد الضرب - أطلق النار من بندقيته المرخصة من خلف الباب لإيقافه فأصيب من أصيب وبعدها حضر رجال الشرطة وأخرجه من المسكن وأن المعاينة التي أجرتها النيابة العامة كشفت عن وجود ماء بالشرفة المؤدية إلى مسكن الطاعنين والسلم المؤدي إليها وكذا كسر بزجاج شراعة الباب الخارجي وتناثر الزجاج على أرض الشرفة كما لوحظ وجود ثقوب بسقف إحدى الحجرات وبعض الحوائط وكسر بشيش شباك إحدى الحجرات وزجاجه وشراعة باب، وتناثر هذه المكونات على - المنقولات كما عثر على فارغ طلقتين خرطوش ومقذوف طلق ناري بالداخل وعثر في جوار جثة المجني عليه الأول بالخارج على فارغ طلق روسي وأن تقرير الصفة التشريحية كشف عن أن الطبيب الذي أجراها عثر بطيات ملابس المجني عليه الأول.... على طلقة معبأة وغير مطلوقة من الطراز الروسي من عيار 7.62 × 39 وأن الشاهد النقيب.... رئيس مباحث مركز طوخ قرر بالتحقيقات أن المجني عليهما - .... و.... توجها ومعهما.... و.... إلى مسكن الطاعنين وكان مع كل من الأخيرين سلاحاً نارياً عبارة عن فرد روسي صناعة محلية للانتقام رداً على إصابة ابني المجني عليه الأول وشقيقي الثاني وأنهم وصلوا إلى شرفة منزل الطاعنين للدخول فقام الطاعن الأول - بإطلاق النار من سلاحه المرخص فأصاب المجني عليهما وأن الطاعن الثاني أطلق النار من سلاحه عشوائياً للإرهاب، على خلاف ما ذهب إليه الحكم في تحصيله شهادة الضابط التي عول عليها في الإدانة من أن الطاعنين أطلقا النار على المجني عليهما بقصد قتلهما، وبفحص جثة.... عثر بجيب الصديري الكبير على إحدى عشرة طلقة، وكان الحكم المطعون فيه وإن نفى حالة الدفاع الشرعي عن نفس الطاعنين إلا أنه لم يناقش دلالة توجه المجني عليهما - إلى مسكن الطاعنين للانتقام ومعهما آخرين مع كل منهما سلاح ناري وصولهما إلى شرفة مسكن الطاعنين تمهيداً لدخوله وهو ما لم يورده الحكم في شهادة الضابط وما تبين من المعاينة ومن وجود آثار دماء على الشرفة وكسر بشراعة باب المسكن وكسر شيش وزجاج نوافذ وزجاج أبواب ووجود ثقوب بالحوائط والأسقف وسقوط متخلفاتها على بعض منقولات مسكن الطاعنين ثم ما تبين من وجود عدد من الطلقات بجيب المجني عليه الأول.... الأمر الذي قررت النيابة نسخ صورة من الأوراق بشأنه، ولم يشر الحكم إلى هذه الأشياء وصلتها بالاعتداء الواقع على المجني عليهما القتيلين، وكان ما ورد بالحكم من تأكيد وقوع اعتداء من الطاعنين غير كاف بذاته لنفي نشوء حق الدفاع الشرعي عن النفس، فإنه يكون مشوباً بالقصور.
4 - لما كان لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس أو المال بل أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون لهذا أسباب معقولة وتقدير ظروف الدفاع ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسقط من الوقائع الثابتة في التحقيق حسبما تقدم البيان ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس دون أن يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ أو تحريف ويقسطها حقها إيراداً ورداً عليها فإنه يكون معيباً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: المتهمان قتلا.... عمداً بأن أطلق عليه المتهم الأول أعيرة نارية من سلاحه المرخص له بحمله (بندقية خرطوش) قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بثلاث جنايات أخرى هي أنهما في المكان والزمان سالفي الذكر ( أ ). قتلا.... وشهرته.... عمداً بأن أطلق عليه المتهم الثاني أعيرة نارية من سلاح ناري قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ب). شرعا في قتل.... عمداً بأن أطلق عليه المتهم الأول عياراً نارياً من سلاحه المرخص له بحمله قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو عدم إحكام التصويب ومداركة المجني عليه بالعلاج. (ج). شرعا في قتل.... عمداً بأن أطلق عليه المتهم الأول عياراً نارياً من سلاحه المرخص له بحمله قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو عدم إحكام التصويب ومداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً: المتهم الثاني ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد يدوي محلي الصنع". (ب) أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من.... و.... و.... ورثة المجني عليهما.... و.... مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 1002 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 234/ 1، 242/ 1 - 3 من قانون العقوبات. والمواد 1/ 1، 2 - 25، 26/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954. المعدل والجدول رقم 2 الملحق مع إعمال المادة 32/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند إلى كل منهما وإلزامهما متضامنين أن يؤديا إلى المدعين بالحقوق المدنية ألف واثنين من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي القتل وإحداث جروح وإحراز الطاعن الثاني لسلاح ناري غير مششخن وذخائر بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخالف الثابت في الأوراق ذلك بأنهما دفعا بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لرد الاعتداء بدلالة ما شهد به النقيب.... من أن المجني عليه.... عندما علم بما حدث لولديه.... و.... توجه إلى منزل الطاعن الأول ومعه ابنه.... (المجني عليه الثاني) وآخران وأطلقوا عدة أعيرة نارية في اتجاه الطاعنين وهما بداخل مسكنهما وهو ما أكدته المعاينة من وجود كسر بالنوافذ والحوائط والأسقف وضبط طلقة نارية بجيب المجني عليه وما قامت به النيابة العامة من نسخ صورة من الأوراق لإحراز فريق المجني عليهما سلاحاً نارياً بدون ترخيص إلا أن الحكم أطرح دفاعهما وأقام قضاءه في هذا الشأن على ما لا يسوغ به حمله، وعول في إدانة الطاعن الثاني على ما شهد به النقيب.... بالتحقيقات من أن هذا الطاعن أطلق النار على المجني عليهما لقتلهما مع أن أقوال هذا الشاهد لا تساند الحكم فيما حصله وتغاير أقواله بالتحقيقات التي شهد فيها أنه أطلق النار للإرهاب مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون بعد أن بين واقعة الدعوى في قوله "وحيث إن الواقعة حسبما استيقنتها المحكمة من واقع الأوراق وما انطوت عليه من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تخلص في أنه بتاريخ.... وأثناء سير المجني عليه خالد.... رفقة شقيقه المجني عليه الثاني محروس.... أمام مسكن المتهم الأول.... فقد نشبت مشادة بينهما وبين الأخير بسبب اعتراضه على مرورهم أمام مسكنه قام على آثرها المتهم الأول بإطلاق عدة أعيرة نارية عليهما فأحدث بكل منهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي توجها على أثرها إلى مركز الشرطة الذي أحالهما بدوره إلى المستشفى للعلاج، وفور علم والدهما المجني عليه.... (توفى) وشقيقهما المجني عليه.... (توفى) بالواقعة توجها إلى مكانهما ولدى وصولهما بادرهما المتهم الأول بإطلاق عدة أعيرة نارية من بندقيته المرخص له بحملها على المجني عليه.... على حين قام المتهم الثاني.... بإطلاق عدة أعيرة نارية على المجني عليه.... فأحدثا بكل منهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياتهما وفور وقوع الحادث قام النقيب.... رئيس مباحث مركز طوخ بإجراء تحرياته حول الحادث وانتهى من تحرياته عن وقوع الحادث على نحو ما تقدم، وقد ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليهما المتوفين أن إصابتهما حيوية حديثة من طراز ناري وتعزي وفاتهما إلى إصابتهما النارية الرشية الحيوية الحديثة بما نشأ عنها من تهتك بجوهر ونسيج المخ وما تبع ذلك من نزيف وتوقف المراكز الحيوية بالمخ وأن البندقية المضبوطة مع المتهم الأول خرطوش عيار 16 مم غير مششخنة صالحة للاستعمال وأطلقت في تاريخ قد يعاصر تاريخ الواقعة وأورى التقريرين الطبيين الموقعين على المجني عليهما.... و.... أنهما مصابان بطلقات نارية وتم استخراج طلقات رشية من جسمهما" عرض لدفاع الطاعنين لقيام حالة الدفاع الشرعي عن نفسيهما بقوله "ولا تساير المحكمة الدفاع فيما ذهب إليه من أن كلاً من المتهمين كان في حالة دفاع شرعي عن النفس ذلك أنه وقد استقر في عقيدة المحكمة على ما سلف ذكره أن قدوم المجني عليهما إلى هذا المكان الذي عرفا أن.... وشقيقه.... وهما ابنا المجني عليه الأول وشقيقا المجني عليه الثاني ولا شك أن من حقهما أن يفدا إلى هذا المكان بغية استطلاع الأمر عندما وصل إلى سمعهما إصابتهما وإذ لم يكن بيد واحد منهما أية أداة وكذلك لم يقم أياً منهما بعمل يستدل منه على أن واحداً منهما أو كلاهما قد ظهر منه ما يدل على العدوان بل لم يتجاوزا موقعهما فيما تراه المحكمة من رغبة في استطلاع أمر المصابين وأن النية الإجرامية التي توافرت لدى المتهمين دعتهما إلى إطلاق النار عليهما فسقطا من فورهما وتوفيا إلى رحمة الله ولما كان المستقر عليه أنه لتوافر حالة الدفاع الشرعي الذي يرد به على فعل آخر أن يكون قد حدث من هذا الآخر فعلاً أراد به الاعتداء فإذا لم يكن قد بدر منه شيء فإن ذلك يوفر انتفاء حالة الدفاع الشرعي كما عرفها القانون كذلك فإن المحكمة لا تساير قناعتها أن المتهمين قد ظنا بالمجني عليهما رغبة عدوانية لأنه لم يتوافر في أوراق الدعوى دليل يساند هذا الأمر لذلك فإنه لا يتوافر لدى المحكمة من أية رواية أو جانب أن ما فعله المتهمان بالمجني عليهما كان من الدفاع الشرعي الأمر الذي ترى معه المحكمة أن هذا الدرب من الدفاع قد بعد عن طريقه الصحيح ولذلك فإن المحكمة تأخذهما بما خلصت إليه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي وأن ما فعله هو فعل القتل العمد" ولما كان الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه ويؤدي منطقياً إلى ما انتهى إليه، كما وأنه وإن كان من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد إلا أن ذلك حده ألا تمسخ تلك الأقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها، لما كان ذلك، وكان الحكم قد اعتمد في نفي حالة الدفاع الشرعي عن النفس على أن أوراق الدعوى لم يتوافر فيها دليل يساند ما ذهب إليه الطاعنان من أن المجني عليهما أرادا الاعتداء عليهما، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه النعي أن الطاعن الأول - ذهب في أقواله إلى أنه أغلق باب مسكنه عليه وباقي أفراد أسرته عندما شاهد فريق المجني عليهما القتيلين - قادمين للاعتداء عليهم، وقد ناداه المجني عليه الأول "...." للخروج للاعتداء عليه واصفاً إياه بأنه خروف فلم يستجب، فأمطر فريق المجني عليهما مسكنهم بالأعيرة النارية، ولما زاد الضرب - أطلق النار من بندقيته المرخصة من خلف الباب لإيقافه لأصيب من أصيب وبعدها حضر رجال الشرطة وأخرجه من المسكن وأن المعاينة التي أجرتها النيابة العامة كشفت عن وجود دماء بالشرفة المؤدية إلى مسكن الطاعنين والسلم المؤدي إليها وكذا كسر بزجاج شراعة الباب الخارجي وتناثر الزجاج على أرض الشرفة كما لوحظ وجود ثقوب بسقف إحدى الحجرات وبعض الحوائط وكسر بشيش شباك إحدى الحجرات وزجاجه وشراعة باب، وتناثر هذه المكونات على - المنقولات كما عثر على فارغ طلقتين خرطوش ومقذوف طلق ناري بالداخل وعثر في جوار جثة المجني عليه الأول بالخارج على فارغ طلق روسي وأن تقرير الصفة التشريحية كشف عن أن الطبيب الذي أجراها عثر بطيات ملابس المجني عليه الأول.... على طلقة معبأة وغير مطلوقة من الطراز الروسي من عيار 7.62 × 39 وأن الشاهد النقيب.... رئيس مباحث مركز طوخ قرر بالتحقيقات أن المجني عليهما - .... و.... توجها ومعهما.... و.... إلى مسكن الطاعنين وكان مع كل من الأخيرين سلاحاً نارياً عبارة عن فرد روسي صناعة محلية للانتقام رداً على إصابة ابني المجني عليه الأول وشقيقي الثاني وأنهم وصلوا إلى شرفة منزل الطاعنين للدخول فقام الطاعن الأول - بإطلاق النار من سلاحه المرخص فأصاب المجني عليهما وأن الطاعن الثاني أطلق النار من سلاحه عشوائياً للإرهاب، على خلاف ما ذهب إليه الحكم في تحصيله شهادة الضابط التي عول عليها في الإدانة من أن الطاعنين أطلقا النار على المجني عليهما بقصد قتلهما، وبفحصه جثة.... عثر بجيب الصديري الكبير على إحدى عشرة طلقة، وكان الحكم المطعون فيه وإن نفى حالة الدفاع الشرعي عن نفس الطاعنين إلا أنه لم يناقش دلالة توجه المجني عليهما - إلى مسكن الطاعنين للانتقام ومعهما آخرين مع كل منهما سلاح ناري ووصولهما إلى شرفة مسكن الطاعنين تمهيداً لدخوله وهو ما لم يورده الحكم في شهادة الضابط وما تبين من المعاينة ومن وجود آثار دماء على الشرفة وكسر بشراعة باب المسكن وكسر شيش وزجاج نوافذ وزجاج أبواب ووجود ثقوب بالحوائط والأسقف وسقوط متخلفاتها على بعض منقولات مسكن الطاعنين ثم ما تبين من وجود عدد من الطلقات بجيب المجني عليه الأول.... الأمر الذي قررت النيابة نسخ صورة من الأوراق بشأنه، ولم يشر الحكم إلى هذه الأشياء وصلتها بالاعتداء الواقع على المجني عليهما القتيلين، وكان ما ورد بالحكم من تأكيد وقوع اعتداء من الطاعنين غير كاف بذاته لنفي نشوء حق الدفاع الشرعي عن النفس، فإنه يكون مشوباً بالقصور هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد اقتطع جزءاً من شهادة الشاهد، وأورد على لسانه ما لا أصل له في الأوراق على النحو المتقدم ولما كان لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس أو المال بل أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون لهذا أسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسقط من الوقائع الثابتة في التحقيق حسبما تقدم البيان ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس دون أن يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ أو تحريف ويقسطها حقها إيراداً ورداً عليها فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 597 لسنة 63 ق جلسة 9 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 76 ص 523

جلسة 9 مارس سنة 1995
برئاسة السيد المستشار /محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحمة ومحمد فؤاد الصيرفي.
------------
(76)
الطعن597 لسنة 63 ق
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ""بطلانه". بطلان . إجراءات " إجراءات التحقيق". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات " خبرة". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
النص في لائحة المخازن . على تشكيل لجنة للتحقيق أو الجرد من غير موظفي القسم التابع له الموظف أو المستخدم المسئول . تنظيمي .عدم ترتيب البطلان على مخالفته . حق محكمة الموضوع . تقدير القوة التدليلية لتقرير تلك اللجنة مفاد أخذها به اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها عدم التزام المحكمة بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان .
(2) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نيابة عامة . اختلاس . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
تشكيل لجنة الجرد بناء على أمر من النيابة العامة وقيامها بعملها في غيبة المتهم لا بطلان . أساس ذلك.
(3) اختلاس أموال أميرية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". قصد جنائي . جريمة "أركانها ". إثبات " بوجه عام". 
القصد الجنائي في جريمة الاختلاس . توافره بتصرف الموظف في المال الذى بعهدته باعتباره مملوكا له . تحدث الحكم عنه استقلال غير لازم . كفاية أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل عليه . مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر القصد الجنائي في جريمة اختلاس أموال أميرية .
(4) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(5) إثبات "بوجه عام" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
(6) رد . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ". اختلاس . عقوبة " توقيعها". 
جزاء الرد المنصوص عليه في المادة 118 عقوبات. يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم حتى الحكم عليه. لا شأن لهذا الجزاء بالغرامة المساوية لقيمة المال المختلس. وجوب الحكم بكليهما مع العقوبات الأصلية.
(7) غرامة . فاعل أصلي . اشتراك . اختلاس أموال أميرية . عقوبة " تطبيقها".
الغرامات النسبية المشار إليها بالمادة 44 عقوبات. تضامن المتهمين في الالتزام بها أيا كانت صفاتهم.
(8) عزل . اختلاس أموال أميرية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ". عقوبة " تطبيقها". 
النص في المادة 27 عقوبات على توقيت عقوبة العزل . مناطه. الحكم بعقوبة الحبس. معاقبة الطاعن بالسجن والعزل دون توقيت عقوبة العزل. لا خطأ.
------------
1 - لما كان ما نصت عليه مواد لائحة المخازن من تشكيل لجنة التحقيق أو الجرد من غير موظفي القسم التابع به الموظف أو المستخدم المسئول . وذلك في حالة فقد أصناف من عهدته - هو من قبيل القواعد التنظيمية التي يدعو المشرع الى مراعاتها قدر الإمكان دون أن يترتب جزاء على عدم التزامها . فإن تشكيل لجنة الجرد التي قامت بجرد عهدة الطاعن الثاني ممن يتولون الإشراف على عمله - بفرض صحته - لا يترتب عليه بطلان أعمال تلك اللجنة ، ويكون لمحكمة الموضوع مطلق السلطة في تقدير القوة التدليلية لتقرير تلك اللجنة بمثابة دليلا من أدلة الدعوى تقدره التقدير الذى تراه بغير معقب عليها ومتى أخذت به فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، هذا فضلا عن أن ما أثاره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه . لما كان ذلك ، وكان الثابت من تقرير لجنة الجرد إن الطاعن الثاني حضر إجراءاتها فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله.
2 - لما كان الثابت من التقرير أن اللجنة شكلت بناء على ندب من النيابة العامة وأن عمل تلك اللجنة - سواء بوصفه عملاً من أعمال التحقيق أو عملا من أعمال الاستدلال - إنما تم بناء على ندب النيابة العامة لأعضائها فلا يترتب البطلان على إجرائه في الغيبة سواء كان الندب من النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق أم بوصفها رئيسة الضبطية القضائية ، وكل ما للمتهم هو أن يتمسك بما قد يكون فيه من نقص أو عيب حتى تقدره المحكمة وهى على بينة من الأمر ولا على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع أثير أمامها في هذا الخصوص ولم ترد عليه باعتباره دفاعا قانونيا ظاهر البطلان . ومن ثم يكون منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن في غير محله .
3 - لما كان الحكم قد حصل واقعة الدعوى فيما يحمل أن الطاعن الأول - وهو سائق سيارة بالشركة ..... احدى وحدات القطاع العام - كلف بنقل 186 لوح بانوه خشب مقاس 19 ملى من مصنع الشركة بإمبابة الى مخزنها بموجب ثلاثة أذون تحميل إلا أنه قام ببيع هذه الكمية بالاشتراك مع الطاعن الثاني أمين مخزن الشركة ، الذي وقع على الأذون الثلاثة بما يفيد استلامه الأخشاب المثبتة فيها على خلاف الحقيقة لتغطية الاختلاس كما أثبت أن - الاستلام كان في أيام تبين تغيبه فيها عن العمل بموجب يومية غياب وختم التحويل بخاتم أمين بوابة المصنع ، وقد شكلت النيابة العامة لجنة لجرد عهدة الطاعن الثاني قدمت تقريرا جاء فيه أنها وجدت عجزا بعهدة الطاعن قدره 559 لوح بانوه قيمتها الإجمالية 18011.753 جنيها ، وزيادة 387 لوحا وقيمة إجمالية قدرها 13385 جنيها - ثم أورد الحكم مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة والتي استقاها مما شهد به ..... محامى الشركة و..... مراقب البوابة الذى أكد دخول السيارة قيادة الطاعن الأول الى المصنع خالية من أية حمولة من الأخشاب في الأيام المشار إليها حسبما هو ثابت بدفتر حركة السيارات و ..... و ..... و ... أعضاء لجنة الجرد - الذين بينوا نتيجة أعمال اللجنة واكتشاف العجز الذي عزوه الى اختلاس الطاعن الثاني له كما بينوا عدم ورود شمول أذون التحويل الثلاثة الى المخزن وقيمتها 7364.008 جنيها وتقرير لجنة الجرد بالعجز والزيادة وقيمة الأخشاب موضوع الأذون الثلاثة ، ومن الاطلاع على حركة وارد السيارات الخاص بمصنع حلوان الذى ثبت خلوه مما يفيد دخول السيارات قيادة الطاعن الأول الى المصنع محملة بالأخشاب . كما حصل الحكم دفاع الطاعنين ورد عليه بما يكفى لطرحه ، ثم بين الحكم أنه اقتنع بأن الطاعن الثاني اشترك مع الطاعن الأول في اختلاس الأخشاب الثابتة في أذون التحويل الثلاثة وأن الطاعن الثاني اختلس كمية الأخشاب التي وجدت عجزا في عهدته وقيمتها 13385 جنيها إلا أنه لن يلزمه إلا بالرد والغرامة عن الكمية التي ساءله عنها الحكم الذى قضى بنقضه وهو ما قيمته 5626.001 جنيها من الأخشاب ، الفرق بين العجز والزيادة حسبما قدرها الحكم السابق - حتى لا يضار الطاعن بطعنه ، لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم فيما تقدم ، كافياً وسائغا في بيان نية الاختلاس ذلك بأنه يكفى لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذى بعهدته على اعتبار أنه مملوك له كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة - بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة .
4 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت إليه .
5 - لما كان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه عل الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم - بشأن تعويله في إدانته - على العجز الذى كشف عنه أعمال اللجنة - دون باقي الأدلة التي عول عليها في إدانته عن الجريمتين المنسوبتين إليه ، ينحل الى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض .
6 - من المقرر أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه ، وأنه لا شأن بهذا الجزاء بالغرامة المساوية لقيمة المال المختلس - وكلاهما يجب الحكم به فضلا عن العقوبات الأصلية ، عملا بالمادة 118 من قانون العقوبات .
7 - قضاء المحكمة بتغريم الطاعن الثاني بغرامة مساوية لقيمة ما الزم برده ، وهو يساوي ما اختلسه وفي حدود ما الزمه به الحكم المنقوض بالنسبة للمبلغ الذي انفرد باختلاسه والمبلغ الذي اشترك مع الطاعن الأول في اختلاسه والزيادة باعتباره من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 34 من قانون العقوبات وبالتالي يكون المتهمين أيا كانت صفتهم متضامنين في الالتزام بها .
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عاقب كلا من الطاعنين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وقضى بعزلهما من وظيفتهما - فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون ولا مخالفة فيه لنص المادة 27 من قانون العقوبات ذلك أن توقيت عقوبة العزل - الذي يثيره الطاعنان لا يكون الا في حالة الحكم بعقوبة الحبس .
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من (1) ....... (طاعن) (2) .... (3) ....(4) ..... (طاعن) . بأنهم أولا : المتهمان الأول والثاني : بصفتهما موظفين عموميين ومن الأمناء على الودائع الأول سائق والثاني تباع بالشركة ..... احدى وحدات القطاع العام اختلسا الأخشاب المبينة بالأوراق المملوكة للشركة المذكورة التي تبلغ قيمتها 7364.008جنيه والتي وجدت في حيازتها بسبب وظيفتهما وبصفتهما وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة وهى انه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر زورا محررات الشركة ..... وهي أذون التحويل أرقام .... في ....... و ...... في ...... و ...... في ..... بأن اثبتا بها على خلاف الحقيقة تسليم مشمولها من الأخشاب الى المتهم الرابع أمين مخزن مصنع حلوان وبصماها بخاتم أمين بوابة ذلك المصنع للإيهام بدخولها مشمولها إليه واستعملا تلك الأوراق المزورة بأن قدماها للمسئولين بالشركة لستر جريمتهما مع علمهما بتزويرهما . ثانيا : المتهمان الثالث والرابع . اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريمة السالفة بان اتفقا معهما على اختلاس الأخشاب محل تلك الجريمة وساعداهما على ذلك بأن استحصل المتهم الثالث بغير حق على خاتم أمين بوابة حلوان وبصم بها أذونات التحويل سالفة البيان للإيهام بأن عربة المتهمين الأول والثاني قد دخلت الى المصنع محملة بالأخشاب وامتنع عن تسجيل غياب المهتم الرابع عن العمل اليومي .....،..... /7/1986 بالدفتر المعد لذلك أمام المتهم الرابع بالتوقيع على تلك الأذونات بما يستفاد منه انه تسلم مشمولها من الأخشاب خلافا للحقيقة وسترا لواقعة الاختلاس فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة . ثالثا : المتهم الثالث : استحصل بغير حق على خاتم أمين بوابة مصنع حلوان التابع للشركة ...... احدى وحدات القطاع العام واستعمله استعمالا ضار بمصلحة تلك الشركة بأن بصم به أذونات التحويل أرقام ...... في .... ،..... في .....، ..... في ..... مما ساعد على وقوع جريمة اختلاس الأخشاب المملوكة للشركة على نحو ما سلف بيانه . رابعا : المتهم الرابع : بصفته موظفا عموميا ومن الأمناء على الودائع أمين مخزن بالشركة ..... احدى وحدات القطاع العام اختلس الأخشاب المملوكة لتلك الشركة والمبينة بالأوراق وقدرها 559 لوح خشب بانوه والبالغ قيمتها 18011.753 جنيه والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته وبصفته . وأحالتهم الى محكمة أمن الدولة العليا طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . وادعت الشركة المجنى عليها مدنيا قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/ 2-3، 41، 112/1-2، أ، ب، 118، 119/ب، 119 مكررا هـ، 207، 211، 214 /2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثالث والرابع بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وعزلهم من وظائفهم وإلزام المحكوم عليه الرابع ..... برد مبلغ 6526.001 جنيه وإلزامهم جميعا برد مبلغ 7364.008 جنيه وتغريم كل منهم مبلغا مساويا لما الزم رده وإلزامهم جميعا بأن يدفعوا الى المدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت . فطعن المحكوم عليهم الثاني والثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن بجدول المحكمة برقم ..... لسنة 59 القضائية . فقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين وللمحكوم عليه ....... ومحكمة الإعادة (بهيئة مغايرة) قضت حضوريا عملا بالمواد 40/ 2-3، 41، 112/2، أ - ب، 116 مكرراً ب، 212، 214/2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين الأول والرابع بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما اسند إليهما وبالعزل من الوظيفة وبإلزامهما برد مبلغ 5626.001 ج وبتغريم كل منهما مبلغا مساويا لما الزم برده ورفض الدعوى المدنية وبراءة المتهمين الثاني والثالث
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) ....... الخ.
--------------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجريمة اختلاس أخشاب مملوكة للشركة ...... - إحدى وحدات القطاع العام - المرتبطة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة ودان ثانيهما بجريمتي اختلاس أخشاب مملوكة للشركة المشار إليها وبالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع الأول في ارتكاب الجريمة المسندة إليه، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون واضطراب ذلك أن الحكم المطعون فيه عول في إدانتهما على الدليل المستمد من تقرير لجنة الجرد رغم أنها شكلت ممن يقومون بالإشراف على أعمالهما بالمخالفة للائحة المخازن كما أن اللجنة باشرت أعمالهما في غيابهما والتفت عن دفاعهما في هذا الشأن ولم يورده أو يرد عليه ودانهما الحكم رغم انتفاء القصد الجنائي لديهما، واعتبر العجز في عهدة الطاعن الثاني دليلا على الاختلاس مع أنه قد يكون لسبب آخر، كما أصاب الحكم الاضطراب في تحديد المبلغ المختلس، وألزمت المحكمة الطاعن الثاني برد المبلغ المقال باختلاسه ثلاث مرات فقد ألزمته بأن يرد مع الطاعن الأول 7664.008 جنيها وبأن يرد بمفرده 5626 جنيها ثم قضت بتغريمه مبلغا مساويا لهما مع أنه غير ملزم إلا برد المبلغ مرة واحدة ولم تؤقت المحكمة العزل الذي - قضت به رغم أنها استعملت الرأفة معهما، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما نصت عليه مواد لائحة المخازن من تشكيل لجنة التحقيق أو الجرد من غير موظفي القسم التابع له الموظف أو المستخدم المسئول. وذلك في حالة فقد أصناف من عهدته - هو من قبيل القواعد التنظيمية التي يدعو المشرع إلى مراعاتها قدر الإمكان دون أن يترتب جزاء على عدم التزامها. فإن تشكيل لجنة الجرد التي قامت بجرد عهدة الطاعن الثاني ممن يتولون الإشراف على عمله - بفرض صحته - لا يترتب عليه بطلان أعمال تلك اللجنة، ويكون لمحكمة الموضوع مطلق السلطة في تقديره القوة التدليلية لتقرير تلك اللجنة بمثابته دليلا من أدلة الدعوى تقدره التقدير الذي تراه بغير معقب عليها ومتى أخذت به فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، هذا فضلا عن أن ما أثاره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير لجنة الجرد أن الطاعن الثاني حضر إجراءاتها فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله. وفضلا عن ذلك فالثابت من التقرير أن اللجنة شكلت بناء على ندب من النيابة العامة وأن عمل تلك اللجنة - سواء بوصفه عملا من أعمال التحقيق أو عملا من أعمال الاستدلال - إنما تم بناء على ندب النيابة العامة لأعضائها فلا يترتب البطلان على إجرائه في الغيبة سواء كان الندب من النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق أم بوصفها رئيسة الضبطية القضائية، وكل ما للمتهم هو أن يتمسك بما قد يكون فيه من نقص أو عيب حتى تقدره المحكمة وهي على بينة من الأمر ولا على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع أثير أمامها في هذا الخصوص ولم ترد عليه باعتباره دفاعا قانونيا ظاهر البطلان. ومن ثم يكون منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى فيما يحمل أن الطاعن الأول - وهو سائق سيارة بالشركة ....... إحدى وحدات القطاع العام - كلف بنقل 186 لوح بانوه خشب مقاس 19 ملي من مصنع الشركة بإمبابة التي مخزنها بموجب ثلاثة أذون تحويل إلا أنه قام ببيع هذه الكمية بالاشتراك مع الطاعن الثاني أمين مخزن الشركة، الذي وقع على الأذون الثلاثة بما يفيد استلامه الأخشاب المثبتة فيها على خلاف الحقيقة لتغطية عملية الاختلاس كما أثبت أن الاستلام كان في أيام تبين تغيبه فيها عن العمل بموجب يومية غياب وختم التحويل بخاتم أمين بوابة المصنع، وقد شكلت النيابة العامة لجنة لجرد عهدة الطاعن الثاني قدمت تقريرا جاء فيه أنها وجدت عجزا بعهدة الطاعن قدره 559 لوح بانوه قيمتها الإجمالية 18011.753 جنيها، وزيادة 387 لوحا بقيمة إجمالية قدرها 13385 جنيها - ثم أورد الحكم مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة والتي استقاها مما شهد به ..... محامي الشركة و...... مراقب البوابة الذي أكد دخول السيارة قيادة الطاعن الأول إلى المصنع خالية من أية حمولة من الأخشاب في الأيام المشار إليها حسبما هو ثابت بدفتر حركة السيارات و...... و...... و..... - أعضاء لجنة الجرد - الذين بينوا نتيجة أعمال اللجنة واكتشاف العجز الذي عزوه إلى اختلاس الطاعن الثاني له، كما بينوا عدم ورود شمول أذون التحويل الثلاثة إلى المخزن وقيمتها 7364.008 جنيها وتقرير لجنة الجرد بالعجز والزيادة وقيمة الأخشاب موضوع الأذون الثلاثة، ومن الاطلاع على حركة وارد السيارات الخاص بمصنع حلوان الذي ثبت خلوه مما يفيد دخول السيارات قيادة الطاعن الأول إلى المصنع محملة بالأخشاب. كما حصل الحكم دفاع الطاعنين ورد عليه بما يكفي لطرحه، ثم بين الحكم أنه اقتنع بأن الطاعن الثاني اشترك مع الطاعن الأول في اختلاس كمية الأخشاب الثابتة في أذون التحويل الثلاثة وأن الطاعن الثاني اختلس كمية الأخشاب التي وجدت عجزا في عهدته وقيمتها 13385 جنيها إلا أنه لن يلزمه إلا بالرد والغرامة عن الكمية التي ساءله عنها الحكم الذي قضى بنقضه وهو ما قيمته 5626.001 جنيها من الأخشاب، الفرق بين العجز والزيادة حسبما قدرها الحكم السابق - حتى لا يضار الطاعن بطعنه، لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم فيما تقدم، كافيا وسائغا في بيان نية الاختلاس ذلك بأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم - بشأن تعويله في إدانته - على العجز الذي كشفت عنه أعمال اللجنة - دون باقي الأدلة التي عول عليها في إدانته عن الجريمتين المنسوبتين إليه، ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه، وأنه لا شأن بهذا الجزاء بالغرامة المساوية لقيمة المال المختلس - وكلاهما يجب الحكم به فضلا عن العقوبات الأصلية، عملا بالمادة 118 من قانون العقوبات. وإذ كانت المحكمة قد التزمت هذا النظر، وألزمت الطاعن الثاني بأن يرد منفردا مبلغ 5626.001 جنيها قيمة الأخشاب التي اختلسها بمفرده - في الحدود التي ألزمه بها الحكم المنقوض، حتى لا يضار بطعنه وبأن يرد مع الطاعن الأول مبلغ 7364.008 جنيها قيمة ما اختلسه بالاشتراك مع هذا الطاعن، كما قضت بتغريمه بغرامة مساوية لقيمة ما ألزم برده، وهو يساوي ما اختلسه وفي حدود ما ألزمه به الحكم المنقوض بالنسبة للمبلغ الذي انفرد باختلاسه والمبلغ الذي اشترك مع الطاعن الأول في اختلاسه والزيادة باعتباره من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 34 من قانون العقوبات وبالتالي يكون المتهمان أيا كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب كلا من الطاعنين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وقضى بعزلهما من وظيفتهما، فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون ولا مخالفة فيه لنص المادة 27 من قانون العقوبات ذلك أن توقيت عقوبة العزل - الذي يثيره الطاعنان لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس - لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.