الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 يونيو 2018

الطعن 1827 لسنة 80 ق جلسة 14 / 4 / 2014


باسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائـــرة الجنائيــة
دائرة الاثنين ( ج )
-----
        برئاســة السيد القــاضـي/ محمد ناجــــــي دربــالــــة     نائب رئيـس الــمـحــكــمــة
       وعضوية السادة القضاة / مـــــهــــــــاد خليـــفـــــــــة   و  علي نور الدين الناطوري
                                 وحــــمـــــودة نصـــــــــار     و   مــحـــمـــود عـــــــــاكـــــف 
                         نـواب رئيـس الـمــحـكـــمـة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / تامر الجمال .
وأمين السر السيـد / حنا جرجس .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين 14 من جمادى الآخرة سنة 1435 هـ الموافق 14 من إبريل سنة 2014م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 1827 لسنة 80 القضائية .
المرفوع من
..........                                                 " محكوم عليه"
ضــــــد
 النيـابــة العـــامــــة  
ومنهـــا ضــــــده

" الوقــائــع "

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين في قضية الجناية رقـم ... لسنـة 2009 مركز منوف (المقيدة بالجدول الكلي برقم .... لسنة 2009 شبين الكوم) بأنهم في الفترة من 8 من ديسمبر سنة 2008 وحتى 20 من ديسمبر سنة 2008 - بدائرة مركز منوف - محافظة المنوفية:
أولاً: المتهم الأول: عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرض على .... - ملازم أول بوحدة مباحث مركز منوف - مبلغ مليون جنيه على سبيل الرشوة مقابل استغلال وظيفته بضبط واحتجاز .... بدون وجه حق لتمكينه وآخرين من إجراء أعمال حفر أسفل منزل سالف الذكر وتأمين تلك الأعمال للتنقيب عن قطعة أثرية ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه.
ثانيًا: المتهمون جميعًا: أجروا أعمال الحفر الأثري دون ترخيص من المجلس الأعلى للآثار بأن حفروا أسفل منزل .... الكائن بعزبة الكوم الأحمر مركز منوف محافظة المنوفية بغرض البحث والتنقيب عن قطع أثرية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا في 3 من نوفمبر سنة 2009 عملاً بالمادة 109 مكرر/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه خمسمائة جنيه عما هو منسوب إليه والعزل من الوظيفة لمدة عامين عن التهمة الأولى ، وببراءته وباقي المتهمين من التهمة الثانية .
فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 5 من نوفمبر سنة 2009 وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ذات التاريخ موقع عليها من .... المحامي .
كما قررت النيابة العامة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 30 من ديسمبر سنة 2009 وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ذات التاريخ موقع عليها من رئيسٍ بها .
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا.
        أولاً: الطعن المقدَّم من الطاعن الأول: ......:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
        ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض رشوة على موظف عام لم تقبل منه ، جاء مشوبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال واعتراه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه دفع ببطلان إذن النيابة العامة
بالتسجيل لإنشائه على تحريات غير جدية ، ولصدوره من غير مختص ، وعن جريمة لم تقع ، وبطلان التسجيلات لعدم قيام المأذون له بالتسجيل بمهر شريط التسجيل ببصمة صوتية أو كتابية وعدم بيان وسيلته في التسجيل، إلا أن الحكم التفت دون رد على الدفع الأول، وقصر في الرد على باقيها ، والتفت عن الدفع بطلان الإذن بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، ولصدوره عن جريمة مستقبلة ، وتساند في الإدانة على أقوال شاهد الإثبات الأول التي تناقضت بتحقيقات النيابة العامة والتحقيق الإداري الذي أجرته وزارة الداخلية ، والتي فات على المحكمة ضمَّه ، كما تساند إلى أقوال النقيب .... التي لم تتصل بواقعة عرض الرشوة ، وقعدت النيابة عن طلب بيان المكالمات الصادرة والواردة على هاتفي الطاعن والمبلِّغ وتحريز هاتف الأخير وهو ما غاب على المحكمة تداركه ، وأخيرًا فإن الشاهد الأول لم يكن جادًا في قبول الرشوة ومن ثم فإن أركان الجريمة لا تكون متوافرة في حقه ، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
        من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت بما يكفي لحمل قضائه . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الإذن بالتسجيل كان استنادًا إلى بلاغ الشاهد الأول الملازم أول .... ولم يستند إلى التحريات كما ذهب إلى ذلك الطاعن ، فإن دفعه ببطلان الإذن بالتسجيل لعدم جدية التحريات يكون ظاهر البطلان ، ولا وجه للنعى على الحكم عدم الرد عليه ، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفع ظاهر البطلان وبعيدًا عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكات المادة 206 مكررًا من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 95 لسنة 2003 قد نصت على أنه " ... يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل - بالإضافة إلى  الاختصاصات المقررة للنيابة العامة - سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات في الأبواب الأول والثاني والثاني مكررًا والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات . ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة المبينة في المادة "143" من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه . ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة "142" من هذا القانون ، وذلك في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات " . ونصت المادة 95 من ذات القانون " ... لقاضي التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والـطـرود لــدى مـكـاتــب البـريـد وجـمـيـع الـبــرقــيـات لــدى مكـاتب البـرق وأن يأمـر بـمـراقـبة الـمحـادثـات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو في جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر ". ومفاد النصين المتقدمين أن القانون خوَّل أعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل سلطات قاضي التحقيق في أمور معينة من بينها الأمر بإجراء التسجيلات في الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات - ومنها جناية الرشوة موضوع الدعوى الماثلة ، وكان البين من المفردات المضمومة أن الإذن الصادر من النيابة العامة بالتسجيل ، صدر من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة - خلافًا لما ذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - فإن تلك التسجيلات تكون قد تمت وفقًا لصحيح القانون ، ويكون الدفع ببطلان الإذن الصادر بها قائم على غير سند . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن إذن النيابة العامة بالتسجيل قد صدر بعد أن عرض الطاعن على الشاهد الأول مبلغ الرشوة، فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن ، لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، وإذا انتهى إلى ذلك الحكم المطعون فيه في معرض رده على دفع الطاعن في هذا الصدد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانونًا أن لمأموري الضبط القضائي - إذا ما صدر إليهم إذن بتسجيل الأحاديث - أن يتخذوا ما يروه كفيلاً بتحقيق الغرض من الإذن دون أن يلتزموا في ذلك طريقة معينة ، ماداموا لا يخرجون في إجراءاتهم على القانون - كالحال في هذه الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، ولصدوره عن جريمة مستقبلة ، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ، لأنهما من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقًا موضوعيًا مما لا شأن لمحكمة النقض به . هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعى على الحكم بالقصور لعدم الرد على هذا الدفع مادام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى  دليل مستمد من القبض والتفتيش المدعى ببطلانهما . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات الأول وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إنما ينحل إلى  جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ، لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض . فضلاً عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لم يستند إلى أقوال شاهد الإثبات الأول بالتحقيق الإداري ولم يـشـر إليها في سياق أسبابه ، ومن ثم فإن دعوى التناقض التي أثارها الطاعن تكون على غير سند . وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب ضم التحقيق الإداري الذي أجرته وزارة الداخلية مع الشاهد الأول ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن ضمه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعوِّل في إدانة الطاعن على أقوال النقيب نبيل مسلم، ولم يشر إليه في مدوناته ، فإن ما يثيره بشأنها يكون على غير محل . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن طلب بيان بالمكالمات الصادرة والواردة على هاتفي الطاعن والمبلغ وتحريز هاتف الأخير ، لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح سببًا للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم في حق الطاعن من أنه عرض رشوة على شاهد الإثبات الأول ضابط الشرطة بمركز منوف لحمله على الإخلال بواجبات وظيفته بضبط محمد أنس مقداد واحتجازه بديوان المركز دون وجه حق لحين إتمام أعمال الحفر بمنزله مع تأمين تلك الأعمال ، يتوافر به جريمة عرض الرشوة كما هي معرفة به في القانون ، وكان لا يؤثر في قيام جريمة عرض الرشوة أن يكون المجني عليه غير جادًا في قبولها ، إذ يكفي لقيام تلك الجريمة مجرد عرض الرشوة ، ولو لم تُقبَل ، متى كان العرض حاصلاً لموظف عمومي أو من في حكمه ، وجديًا في ظاهره ، وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي ، فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض رشوة على موظف عام يكون قد صادف صحيح القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .   
ثانيًا: الطعن المقدَّم من النيابة العامة:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
       ومن حيث إن النيابة العامة تعيب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة القيام بأعمال حفر أثري دون ترخيص استنادًا إلى أن منطقة الحفر ليست أثرية ولم يصدر قرار باعـتبـارهـا مـنطـقـة أثـرية ، رغـم أن الـقـانـون لـم يستلزم أن تكون منطقة الحفر أثرية مادام الحفر كان بقصد التنقيب عن الآثار ، مما يوجب نقض الحكم .
        وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد ان أورد نص المادتين 3 ، 20/3 من القانون  رقم 117 لسنة 1983 بشأن الآثار برَّر قضائه بالبراءة بقوله " ... أنه قد تبين للمحكمة من أقوال الشاهدين اللذين استمعت لهما وهما من العاملين بهيئة الآثار أن المسكن الذي أجريت به أعمال الحفر لم تنزع ملكيته ولم يصدر بشأنه قرارات إدارية أو وزاريه باعتبار أرضه أثرية ، ولا ينال من ذلك أنها قد أجريت دراسات أثرية بالمنطقة عام 1984 إلا أنه لم يصدر بشأنها قرارات باعتبارها منطقة أثرية ، الأمر الذي ترى فيه المحكمة أن الجريمة المسندة إلى جميع المتهمين في هذا الاتهام غير متوافرة الأركان ، مما يتعين القضاء ببراءتهم عملا بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية ". لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانونًا وفقًا لنص المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن الآثار أنه " تعتبر أرضًا أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة " ، كما نصت المادة 20 من القانون سالف الذكر على أنه " لا يجوز منح رخص للبناء في المواقع أو الأراضي الأثرية . ويحظر على الغير إقامة منشآت أو مدافن أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة فيها أو في المنافع العامة للآثار أو الأراضى الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة . كما لا يجوز غرس أشجار بها أو قطعها أو رفع أنقاض منها أو أخذ أتربة أو أسمدة أو رمال أو إجراء غير ذلك من الأعمال التي يترتب عليها تغيير في معالم هذه المواقع والأراضي إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها ويسري حكم الفقرة السابقة على الأراضي المتاخمة التي تقع خارج نطاق المواقع المشار إليها في الفقرة السابقة والتي تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلومترات في المناطق المأهولة أو لمسافة تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر في غيرها من المناطق . ويجوز بقرار من الوزير المختص بشئون الثقافة تطبيق أحكام هذه المادة على الأراضي التي يتبين للهيئة بناء على الدراسات التي تجريها احتمال وجود آثار في باطنها كما يسرى حكم هذه المادة على الأراضي الصحراوية وعلى المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها " ، ونصت المادة 29/1 من ذات القانون على أنه " تتولى هيئة الآثار الحفاظ على الآثار والمتاحف والمخازن والمواقع والمناطق الأثرية والمباني التاريخية كما تتولى حراستها عن طريق الشركة المختصة والخفراء والحراس الخصوصيين المعتمدين منها وفقًا للقواعد المنظمة لذلك " ، ثم نصت المادة 42/2 بند 2 المعدلة بالقانون رقم 3 لسنة 2010 على معاقبة كل من أجرى أعمال الحفر الأثري دون ترخيص . لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما سلف بيانه من نصوص قانونية أن المشرع أناط بالوزير المختص بشئون الثقافة سلطة تحديد خطوط التجميل في المناطق الأثرية وحماية الأراضى الأثرية وحظر الحفر فيها أو منح رخص بناء عليها فضلاً عن إقامة أو إجراء استغلال بأى وجه فيها إلا بترخيص من هيئة الآثار وتحت إشرافها ، وحدد القانون المناطق التي يسري عليها هذا الحظر وهي الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بقانون الآثار أو التي صدر قرار باعتبارها أرضًا أثرية ، وكذلك الأراضى المتاخمة لتلك الأراضي التي تقع خارج نطاقها والتي تمتد إلى مسافة ثلاثة كيلومترات في المناطق المأهولة أو المسافة التي تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر في غيرها من المناطق ، وثالثها الأراضي التي يحتمل وجود آثار في باطنها والتي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص ، ورابعهما الأراضى الصحراوية ، وخامسها المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضائه بالبراءة - على نحو ما سلف - على سند من أن المنطقة التي قام المتهمون بالحفر فيها ليست منطقة أثرية وأنها ليست مملوكة للدولة ولم يصدر قرار بشأنها من الوزير المختص باعتبارها أرضا أثرية ، وهو ما لا تجادل فيه الطاعنة ، كما أنها لا تدعي بأنها من الأراضي المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها ، أو أنها من الأراضي الصحراوية ، أو المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد يكون أصاب صحيح القانون ، ويضحى النعي عليه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون غير سديد.
  فلهـذه الأسبــــاب
        حكمت المحكمة: أولاً: بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع برفضه .
ثانيًا: بقبول طعن النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع برفضه .      

الخميس، 28 يونيو 2018

الطعن 2552 لسنة 63 ق جلسة 5 / 2 / 1995 مكتب فني 46 ق 44 ص 311

جلسة 5 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

---------------

(44)
الطعن رقم 2552 لسنة 63 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها.
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي.
وجود ورقة الإذن بالتفتيش بيد مأمور الضبط القضائي وقت إجرائه. غير لازم. كفاية أن يكون الإذن ثابتاً بالكتابة.
الدفاع القانوني ظاهر البطلان. لا يستأهل رداً من المحكمة.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(4) دفوع "الدفع بتلفيق الاتهام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الادعاء بتلفيق الاتهام. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة. لا أثر له على سلامة الحكم. العبرة عند المحاكمة بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها.
(7) وصف التهمة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة شيء عن وصف التهمة لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش. لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى. أساس ذلك؟
(9) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بالتناقض بين الدليلين القولي والفني لا محل له. ما دامت أقوال شاهد الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة غير متعارضة مع الدليل المستمد من تقرير المعمل الكيماوي.
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي بالتعارض بين الدليلين القولي والفني. ما دام قد أثبت العثور على آثار لمخدر الحشيش في جيوبه الثلاثة مما يصح حمل العقوبة على إحراز هذه الآثار.
(10) إجراءات "إجراءات التحريز". بطلان. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات التحريز تنظيمية. عدم ترتب البطلان على مخالفتها.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(11) نقض "المصلحة في الطعن".
المصلحة مناط الطعن. أوجه الطعن التي ليس لصاحبها مصلحة فيها. غير مقبولة.

----------------
1 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها. هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها.
2 - من المقرر أنه لا يلزم وجود ورقة الإذن بالقبض والتفتيش بيد مأمور الضبط القضائي وقت إجرائهما، إذ لا يشترط القانون إلا أن يكون الإذن ثابتاً بالكتابة وهو ما لا يجادل الطاعن في حصوله، فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم اطلاع الطاعن على الإذن قبل البدء في تنفيذه، إذ هو لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، فلا يستأهل رداً من المحكمة.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - من المقرر أن الادعاء بتلفيق الاتهام هو من الأمور الموضوعية التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض.
5 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتصر على القول بقصور تحقيقات النيابة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منها، ودون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن النعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع يكون غير قويم. هذا فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
6 - من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، وما دام لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب، فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه.
7 - لما كان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - لما كان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وهي متى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً.
9 - لما كان الدليل المستمد من أقوال الضابط - شاهد الإثبات الأول - الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض مع الدليل المستمد من تقرير المعمل الكيماوي، فإن دعوى التناقض بين هذين الدليلين تكون ولا محل لها. هذا إلى أنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الخصوص، ما دام قد أثبت العثور على آثار لمخدر الحشيش في جيوب الطاعن الثلاثة، وهو ما لا يجادل فيه - بل يسلم به في أسباب طعنه، مما يصح قانوناً حمل العقوبة المحكوم بها على إحراز هذه الآثار.
10 - من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وإذ كان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة اطمأنت إلى أن المخدر الذي ضبط مع الطاعن هو بذاته الذي سلم إلى النيابة العامة وتم تحليله ووثقت بسلامة إجراءات التحريز، فإن النعي على الحكم في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
11 - لما كان لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان للطاعن مصلحة فيه باعتبار أن المصلحة مناط الطعن، فحيث تنتفي لا يكون الطعن مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق به مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر مجرد من أي قصد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه تمسك في دفاعه أمام المحكمة ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة بذلك، ولأن الضابط - شاهد الإثبات الأول - لم يطلعه على هذا الإذن قبل البدء في تنفيذه، وبعدم جدية التحريات التي بني عليها أمر التفتيش، وبتلفيق الاتهام وقصور تحقيقات النيابة، وبأن الفعل المسند إليه لا يخضع للوصف الذي أسبغته النيابة العامة عليه، فضلاً عن انفراد الضابط المذكور بالشهادة، وتناقض أقواله مع تقرير المعمل الكيماوي في خصوص مكان العثور على المخدر المضبوط، وانقطاع صلة الطاعن بالحرز المرسل إلى النيابة لامتداد يد العبث إليه، إلا أن المحكمة التفتت عن أوجه الدفاع إيراداً لها ورداً عليها، هذا إلى أن الحكم نفى قصد الاتجار لديه برغم ما أثبتته التحريات من أنه يتجر في المواد المخدرة، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها. هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم وجود ورقة الإذن بالقبض والتفتيش بيد مأمور الضبط القضائي وقت إجرائهما، إذ لا يشترط القانون إلا أن يكون الإذن ثابتاً بالكتابة، وهو ما لا يجادل الطاعن في حصوله، فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم اطلاع الطاعن على الإذن قبل البدء في تنفيذه، إذ هو لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، فلا يستأهل رداً من المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش اطمئناناً منها إلى جدية الاستدلالات التي بني عليها، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الادعاء بتلفيق الاتهام هو من الأمور الموضوعية التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض، فإن منعى الطاعن في هذا المقام يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتصر على القول بقصور تحقيقات النيابة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منها، ودون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن النعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع يكون غير قويم. هذا فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، وما دام لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب، فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا إلى أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تساير النيابة العامة في الوصف الذي أسبغته النيابة العامة على الفعل المسند إلى الطاعن، وإنما ردت الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي رأت هي أنه الوصف القانوني السليم فاستبعدت قصد الاتجار واعتبرت الإحراز مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة، فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وهي متى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً. لما كان ذلك، وكان الدليل المستمد من أقوال الضابط - شاهد الإثبات الأول - الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض مع الدليل المستمد من تقرير المعمل الكيماوي، فإن دعوى التناقض بين هذين الدليلين تكون ولا محل لها. هذا إلى أنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الخصوص، ما دام قد أثبت العثور على آثار لمخدر الحشيش في جيوب الطاعن الثلاثة، وهو ما لا يجادل فيه - بل يسلم به في أسباب طعنه، مما يصح قانوناً حمل العقوبة المحكوم بها على إحراز هذه الآثار. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل. وإذ كان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة اطمأنت إلى أن المخدر الذي ضبط مع الطاعن هو بذاته الذي سلم إلى النيابة العامة وتم تحليله ووثقت بسلامة إجراءات التحريز، فإن النعي على الحكم في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان للطاعن مصلحة فيه باعتبار أن المصلحة مناط الطعن، فحيث تنتفي لا يكون الطعن مقبولاً، فإن ما يثيره الطاعن من نفي الحكم قصد الاتجار لديه برغم ما أثبتته التحريات من أنه يتجر بالمواد المخدرة لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 40382 لسنة 59 ق جلسة 5 / 2 / 1995 مكتب فني 46 ق 43 ص 308

جلسة 5 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(43)
الطعن رقم 40382 لسنة 59 القضائية

محال صناعية وتجارية. ارتباط. عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
تعدد العقوبة بتعدد المخالفات لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل بشأن المحلات الصناعية والتجارية. ولو كانت لسبب واحد. قضاء الحكم المطعون فيه بتوقيع عقوبة واحدة عن الجريمتين المنسوبتين للمطعون ضده. خطأ في القانون. يوجب نقضه وتصحيحه.

-------------------
لما كانت المادة 17 من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحلات الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة والمعدل بالقوانين أرقام 359 لسنة 1956، 209 لسنة 1980، 117 لسنة 1981 تنص على أن كل مخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه. وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات ولو كانت لسبب واحد، وكان الحكم المطعون فيه على ما سلف قد خالف نص هذه المادة بتوقيعه عقوبة واحدة عن الجريمتين المنسوبتين إلى المطعون ضده فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون بتغريم المطعون ضده مائة جنيه عن كل تهمة وتأييده فيما عدا ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أولاً: أقام محلاً صناعياً "ورشة تشغيل أخشاب" دون ترخيص من الجهة المختصة. ثانياً: أدار المحل الصناعي سالف الذكر دون ترخيص من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 17، 18 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل والجدول المرفق. ومحكمة جنح ادفو قضت حضورياً عملا ًبمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه والغلق والإيقاف. استأنفت النيابة العامة ومحكمة أسوان الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء عقوبة الوقف بالنسبة للغلق وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دان المطعون ضده بجريمتي إقامة وإدارة محل صناعي بغير ترخيص وقضى في شأنهما بعقوبة واحدة بالمخالفة لنص المادة 17 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل والتي توجب تعدد العقوبات بتعدد المخالفات، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المطعون ضده بوصف أنه 1 - أقام محلاً صناعياً (ورشة تشغيل أخشاب) بدون ترخيص من الجهة المختصة. 2 - أدار المحل الصناعي سالف الذكر بدون ترخيص من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 17، 18 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل والجدول المرفق. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بتغريم المطعون ضده 100 جنيه والغلق والإيقاف والمصاريف فاستأنفت النيابة العامة للخطأ في تطبيق القانون ومحكمة ثاني درجة قضت بحكمها المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء عقوبة الوقف بالنسبة للغلق وتأييده فيا عدا ذلك. لما كان ذلك، وكانت المادة 17 من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحلات الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة والمعدل بالقوانين أرقام 359 لسنة 1956، 209 لسنة 1980، 117 لسنة 1981 تنص على أن "كل مخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه. وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات ولو كانت لسبب واحد، وكان الحكم المطعون فيه على ما سلف قد خالف نص هذه المادة بتوقيعه عقوبة واحدة عن الجريمتين المنسوبتين إلى المطعون ضده فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون بتغريم المطعون ضده مائة جنيه عن كل تهمة وتأييده فيما عدا ذلك.

الطعن 26730 لسنة 59 ق جلسة 2 / 2 / 1995 مكتب فني 46 ق 42 ص 295

جلسة 2 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وحسن أبو المعالي أبو النصر نواب رئيس المحكمة وإبراهيم الهنيدي.

----------------

(42)
الطعن رقم 26730 لسنة 59 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". وكالة. حكم "وصف الحكم". طعن "أثر الطعن".
وجوب حضور المتهم بشخصه في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به. جواز إنابته وكيلاً للدفاع عنه في الأحوال الأخرى. المادة 237 إجراءات المعدلة بالقانون 170 لسنة 1981.
عدم جواز إضارة الطاعن بطعنه. أثر ذلك؟
قضاء الحكم المنقوض بوقف تنفيذ عقوبة الحبس. أثره: جواز إنابة المتهم وكيلاً عنه.
(2) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". قانون "تفسيره". تقادم. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
إجراءات المحاكمة المتصلة بسير الدعوى أمام قضاء الحكم. تقطع مدة تقادم الدعوى الجنائية ولو تمت في غيبة المتهم. اشتراط مواجهة المتهم بالإجراء لا تكون إلا بالنسبة إلى إجراءات الاستدلال.
سماع الخصوم من الإجازات الموكولة لتقدير محكمة النقض. متى اتصلت بالطعن. أثر ذلك: عدم لزوم دعوة الخصوم أياً كانت صفتهم. علة ذلك؟
(3) قانون "تفسيره".
صياغة النص في عبارة واضحة. تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها. عن طريق التفسير أو التأويل.
(4) قانون "تفسيره". بناء. جريمة "أركانها".
الأصل حظر البناء على الأراضي الزراعية وما في حكمها. الاستثناء من هذا الحظر. شرطه الحصول على ترخيص من الوزير المختص أو المحافظ. أساس ذلك؟
(5) محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها".
مثال لحكم بالإدانة في جريمة إقامة بناء على أرض زراعية. صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.
(6) عقوبة "تطبيقها". غرامة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه". قانون "تفسيره".
العقوبة المقررة لجريمة البناء على أرض زراعية. الحبس وغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه عن كل فدان أو جزء من الأرض موضوع المخالفة. المادتان 107 مكرراً، 107 مكرراً/ أ من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل [(1)].
قضاء الحكم المطعون فيه. بمعاقبة الطاعن بالحبس والإزالة. دون الغرامة. عدم جواز تصحيحه. متى كان الطاعن. هو المستأنف وحده. أساس ذلك؟

-------------------
1 - لما كانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به، الحضور بنفسه أمام المحكمة وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ولما كان الحكم الابتدائي الذي استأنفه المتهم وحده - وإن كان قد قضى بتوقيع عقوبات الحبس والغرامة والإزالة على نفقة المتهم إلا أن الثابت من الحكم الاستئنافي - المنقوض - أنه قضى بإيقاف عقوبة الحبس المقضى بها، ولما كان نقض الحكم المذكور ونظر موضوع الدعوى حاصلاً بناء على طعنه وكان من المقرر أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقاً لما تقضي به المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، فإنه يجوز للمتهم في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنه.
2 - لما كانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك الأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع، وإذ تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ أخر إجراء" وكان مفاد هذا النص أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى في غيبة المتهم لأن الشارع لم يستلزم مواجهة المتهم بالإجراءات إلا بالنسبة لإجراءات الاستدلال دون غيرها. لما كان ذلك، وكانت المادة 37 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إذ نصت على أن "تحكم المحكمة في الطعن بعد تلاوة التقرير الذي يضعه أحد أعضائها - ويجوز لها سماع أقوال النيابة العامة والمحامين عن الخصوم إذا رأت لزوماً لذلك" فقد دلت على أن سماع الخصوم من الإجازات الموكولة لتقدير محكمة النقض متى اتصلت بالطعن بناء على التقرير به وبالتالي لا يلزم دعوة الخصوم أياً كانت صفتهم بإعلانهم أو إخطارهم بالجلسة التي تحدد لنظر الطعن سواء كانوا هم الطاعنين أو المطعون ضدهم وسواء كانوا متهمين أو مدعين بحقوق مدنية أو مسئولين عنها، لأن من لا يجب سماعه، لا تلزم دعوته.
3 - من المقرر أن القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه.
4 - من المقرر أن المادة 107 مكرراً من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدلة بالقانونين 59 لسنة 1973، 59 لسنة 1978 - المنطبقة على واقعة الدعوى - قد نصت على أنه "يحظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية ويستثنى من هذا الحظر الأراضي التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة أو الأراضي التي تقوم عليها المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني بشرط الحصول على ترخيص من وزارة الزراعة ومع ذلك يجوز لمالك الأرض في القرى إقامة مسكن خاص أو ما يخدم أرضه دون ترخيص وذلك في الحدود التي يصدر بها قراراً من وزير الزراعة" وإذ كانت المادة 152 من قانون الزراعة آنف الذكر والمضافة بالقانون 116 لسنة 1983 قد نصت على أنه "يحظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها. ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر ( أ ).... (ب) الأراضي الداخلة في نطاق الحيز العمراني للقرى والذي يصدر بتحديده قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير (جـ).... (د).... (هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة. وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة (جـ) يشترط في الحالات المشار إليها آنفاً صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبان أو منشآت أو مشروعات ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير" والبين من هذه النصوص في واضح عباراتها وصريح دلالتها أن المشرع فرض حظراً مطلقاً على البناء على الأراضي الزراعية وما في حكمها وأوجد تنظيماً يسمح بالاستثناء شريطة الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة.
5 - لما كان المتهم لا يدعي أنه حصل على ترخيص من الوزير المختص أو من المحافظ المختص قبل إقامة البناء محل الاتهام فإن ما يثيره المتهم من انتفاء أركان الجريمة في حقه استناداً إلى أحكام القوانين المشار إليها يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإنه يكون قد استقر في يقين المحكمة أن المتهم.... بتاريخ.... بدائرة مركز.... أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص الأمر المعاقب عليه بالمادتين 107 مكرراً و107 مكرراً ب - من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين 59 لسنة 1973 و59 لسنة 1978 وتقضي المحكمة بمعاقبته بهما عملاً بالمادتين 304/ 2، 419/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.
6 - لما كانت المحكمة تنوه إلى أنه ولئن كانت المادة 107 مكرراً (ب) من القانون رقم 59 لسنة 1978 - في شأن تعديل بعض أحكام قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 - قد نصت على أن "يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام المادتين 107 مكرراً و107 مكرراً ( أ ) بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه عن كل فدان أو جزء من الأرض موضوع المخالفة" وكان الحكم الاستئنافي المنقوض قد قضى بمعاقبة المتهم بالحبس أسبوعين مع الشغل والإيقاف والإزالة على نفقته دون الغرامة، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المتهم (المحكوم عليه) فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالمتهم وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وتقضي في حدود قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمادتين 107 مكرراً/ أ، 107 مكرراً/ ب من القانون 53 لسنة 1966 المعدل. ومحكمة جنح مركز دمياط قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وغرامة مائتي جنيه والإزالة على نفقته. استأنف ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إيقاف عقوبة الحبس. فطعن الأستاذ/ .... المحامي عن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم....) وهذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بحبس المتهم أسبوعين مع الإيقاف والإزالة على نفقته.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به، الحضور بنفسه أمام المحكمة وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ولما كان الحكم الابتدائي الذي استأنفه المتهم وحده - وإن كان قد قضى بتوقيع عقوبات الحبس والغرامة والإزالة على نفقة المتهم إلا أن الثابت من الحكم الاستئنافي - المنقوض - أنه قضى بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها، ولما كان نقض الحكم المذكور ونظر موضوع الدعوى حاصلاً بناء على طعنه وكان من المقرر أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقاً لما تقضي به المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المار ذكره، فإنه يجوز للمتهم في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنه. إذ كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة - أمام هذه المحكمة - حضور محام كوكيل عن المتهم وأبدى دفاعه في الاتهام المسند إليه، فإن هذا الحكم يكون حضورياً.
ومن حيث إن الاستئناف قدم في الميعاد مستوفياً شرائطه القانونية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة قدمت المتهم للمحاكمة بوصف أنه في يوم.... أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة - بعد أن قيدت الأوراق جنحة ضده بالمادتين 107 مكرراً، 107 مكرراً (ب) فقرة أ من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين 59 لسنة 1973، 59 لسنة 1978 وإذ قضت محكمة أول درجة بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وبتغريمه مائتي جنيه والإزالة على نفقته ولم يرتض المتهم هذا القضاء، فقد طعن عليه بالاستئناف، وبجلسة.... حضر المتهم ومعه محاميه وطلب أصلياً البراءة واحتياطياً ندب خبير في الدعوى، فأصدرت المحكمة الاستئنافية حكماً تمهيدياً قضى وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بدمياط للانتقال إلى قطعة الأرض محل النزاع ومعاينتها على الطبيعة وبيان حدودها وما إذا كان البناء في أرض زراعية من عدمه... إلخ ما جاء بمنطوق ذلك الحكم.
ومن حيث إن الخبير المنتدب باشر المأمورية التي أناط بها الحكم وأودع تقريراً جاء به أن الأرض موضوع الاتهام تقع داخل الرقعة الزراعية بحوض عزبة.... مركز دمياط مقام عليها بناء بالطوب الأحمر والخرسانة المسلحة غير كامل التشطيب وتحيط بها الأرض الزراعية من الناحيتين البحرية والشرقية والأرض المنزرعة تمتد شرق الأرض موضوع الاتهام لمسافات بعيدة أي أن البناء يقع في أرض زراعية، كما أن الأرض تقع خارج كردون مدينة دمياط. وبجلسة.... استمعت المحكمة إلى شهادة.... محرر محضر المخالفة الذي قرر أن الأرض موضوع النزاع تقع بحوض.... في رقعة زراعية وأن البناء محل الاتهام أقيم بدون ترخيص من وزارة الزراعة بحوض.... وعلى أرض زراعية.
ومن حيث إن الدعوى تداولت - على ما هو مبين بمحاضر الجلسات فقدم محامي المتهم مذكرتين طلب فيهما الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبراءته مما نسب إليه على سند من القول بأن البناء وسط كتلة سكنية، وأن الأرض - المقام عليها لم تعد صالحة للزراعة، وظاهر دفاعه بحافظة مستندات احتوت - فيما احتوته - على شهادتين منسوب صدور إحداهما إلى الوحدة المحلية بالخياطة والأخرى منسوب صدورها إلى مجلس محلي الخياطة تضمنتا أن منزل المتهم داخل كتلة سكنية، كما احتوت على إيصالات سداد مقابل استهلاك كهرباء ومياه، كما ناقش الدفاع في مذكرته الثانية شهادة محرر محضر المخالفة وكذا ما ورد بتقرير الخبير المقدم في الدعوى.
ومن حيث إن المحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة.... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إيقاف عقوبة الحبس وتأييد فيما عدا ذلك، فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، وبجلسة.... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة. ومحكمة الإعادة. بهيئة أخرى - قضت حضورياً بجلسة.... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل والإيقاف والإزالة على نفقته، فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية، وبجلسة.... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة.... لنظر الموضوع.
ومن حيث إنه بالجلسة المحددة حضر محامي المتهم ودفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة تأسيساً على أن التقرير بالطعن بالنقض تم في 5 من يونيه سنة 1988 ولم يتخذ أي إجراء قاطع للتقادم خلال ثلاث سنوات من تاريخ التقرير بالطعن، وأضاف أن القانون رقم 106 لسنة 1976 - الذي طلبت النيابة العامة تطبيقه لا يسري على الواقعة، وأن المبنى موضوع الاتهام داخل الحيز العمراني لقرية.... وقد استثنى القانون رقم 3 لسنة 1982 من العقاب المباني المقامة داخل الحيز العمراني للقرية كما أن القانون 116 لسنة 1983 نص على وقف الدعوى المرفوعة على من أقاموا بناء على أرض زراعية في القرى حتى يحدد الحيز العمراني لها، وانتهى إلى طلب براءة المتهم.
ومن حيث إن المحكمة قررت حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة.... ثم قررت مد أجل الحكم لجلسة اليوم.
ومن حيث إن وقائع الدعوى كما وقر في يقين المحكمة واستقر في وجدانها أخذاً بما تضمنته الأوراق وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ.... قام المتهم ببناء (مسكن خاص) على مساحة أربعمائة متر تقريباً - أرض زراعية بحوض.... التابع لناحية.... بدون ترخيص من وزارة الزراعة وقد ثبتت صحة هذه الوقائع في حق المتهم وقام الدليل عليها بما شهد به بالجلسة.... محرر محضر الضبط ومما ورد بمحضر الأخير ومما أثبته الخبير المنتدب في تقريره المقدم للمحكمة. فقد شهد.... محرر محضر المخالفة - بالجلسة - أن المتهم أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من وزارة الزراعة فحرر له محضراً. وجاء بمحضر المخالفة المؤرخ 19/ 12/ 1981 والمحرر بمعرفة.... مهندس التعديات أن المتهم.... المقيم بدمياط أقام بناء مسكن خاص على مساحة 400 م تقريباً من الأرض الزراعية المملوكة لورثة.... بحوض.... بناحية.... مركز دمياط. وجاء بتقرير الخبير المنتدب أن الأرض موضوع الاتهام تقع داخل الرقعة الزراعية بحوض عزبة.... بناحية عزبة.... مركز دمياط ومقام عليها بناء بالطوب الأحمر والخرسانة المسلحة غير كامل التشطيب والبناء يحيط به الأرض الزراعية من الناحيتين البحرية والشرقية والأرض المنزرعة تمتد شرق الأرض موضوع الاتهام لمسافات بعيدة أي أن البناء يقع في أرض زراعية كما أن الأرض تقع خارج كردون مدينة دمياط.
ومن حيث إنه عن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، فإنه لما كانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك الأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع، وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ أخر إجراء" وكان مفاد هذا النص أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى في غيبة المتهم لأن الشارع لم يستلزم مواجهة المتهم بالإجراءات إلا بالنسبة لإجراءات الاستدلال دون غيرها. لما كان ذلك، وكانت المادة 37 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إذ نصت على أن "تحكم المحكمة في الطعن بعد تلاوة التقرير الذي يضعه أحد أعضائها - ويجوز لها سماع أقوال النيابة العامة والمحامين عن الخصوم إذا رأت لزوماً لذلك" فقد دلت على أن سماع الخصوم من الإجازات الموكولة لتقدير محكمة النقض متى اتصلت بالطعن بناء على التقرير به وبالتالي لا يلزم دعوة الخصوم أياً كانت صفتهم بإعلانهم أو إخطارهم بالجلسة التي تحدد لنظر الطعن سواء كانوا هم الطاعنين أو المطعون ضدهم وسواء كانوا متهمين أو مدعين بحقوق مدنية أو مسئولين عنها، لأن من لا يجب سماعه، لا تلزم دعوته. لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن المتهم قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم المنقوض بتاريخ 5 من يونيه سنة 1988 وتحدد لنظر طعنه جلسة 9 من مايو سنة 1991 وقررت المحكمة - محكمة النقض - بهيئة سابقة - التأجيل لجلسة 25 من فبراير سنة 1993 وبهذه الجلسة قررت المحكمة - بهيئة مغايرة - استمرار التأجيل لجلسة 26 من مايو سنة 1994. ولما كان الثابت أنه لم تمض ثلاث سنوات من تاريخ التقرير بالطعن بالنقض في 5 من يونيه سنة 1988 حتى يوم 9 من مايو سنة 1991 تاريخ الجلسة التي نظر فيها طعنه بالنقض أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - فإن هذا الدفع يكون قد جانب صحيح القانون والواقع متعين الرفض.
ومن حيث إنه وعما أثاره المتهم من أن البناء أقيم على أرض زراعية فإن المحكمة تلتفت عن هذا الدفاع اطمئناناً منها إلى ما أوردته من أدلة الثبوت مع الإشارة إلى أنه بات من غير المجدي المناقشة في أمر وقف إجراءات الدعوى عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة 156 من القانون 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 - حتى تحديد الحيز العمراني للقرية بعدما تبين أن البناء يقع في أرض زراعية خارج كردون مدينة دمياط كما لا محل للاستناد إلى نص المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني التي حظرت إقامة المباني في الأراضي الزراعية والمعتبرة كذلك واستثنت من ذلك الأراضي الواقعة داخل كردون المدينة المعتمد حتى 1/ 12/ 1981 والأراضي الواقعة داخل الحيز العمراني للقرى بعد أن ثبت أن البناء الذي أقامه المتهم في الأراضي الزراعية خارج كردون مدينة دمياط وفضلاً عن ذلك، فإن القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه. لما كان ذلك، وكانت المادة 107 مكرراً من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدلة بالقانونين 59 لسنة 1973، 59 لسنة 1978 - المنطبقة على واقعة الدعوى - قد نصت على أنه "يحظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية ويستثنى من هذا الحظر الأراضي التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة أو الأراضي التي تقوم عليها المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني بشرط الحصول على ترخيص من وزارة الزراعة ومع ذلك يجوز لمالك الأرض في القرى إقامة سكن خاص أو ما يخدم أرضه دون ترخيص وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة "وإذ كانت المادة 152 من قانون الزراعة آنف الذكر والمضافة بالقانون 116 لسنة 1983 قد نصت على أنه يحظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها. ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر ( أ ).... (ب) الأراضي الداخلة في نطاق الحيز العمراني للقرى والذي يصدر بتحديده قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير (جـ).... (د).... (هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة. وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة (جـ) يشترط في الحالات المشار إليها آنفاً صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبان أو منشآت أو مشروعات ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير" والبين من هذه النصوص في واضح عباراتها وصريح دلالتها أن المشرع فرض حظراً مطلقاً على البناء على الأراضي الزراعية وما في حكمها وأوجد تنظيماً يسمح بالاستثناء شريطة الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة. لما كان ما تقدم، وكان المتهم لا يدعي أنه حصل على ترخيص من الوزير المختص أو من المحافظ المختص قبل إقامة البناء محل الاتهام فإن ما يثيره المتهم من انتفاء أركان الجريمة في حقه استناداً إلى أحكام القوانين المشار إليها يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإنه يكون قد استقر في يقين المحكمة أن المتهم.... بتاريخ 19/ 12/ 1981 بدائرة مركز دمياط أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص الأمر المعاقب عليه بالمادتين 107 مكرراً و107 مكرر ب - من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين 59 لسنة 1973 و59 لسنة 1978 وتقضي المحكمة بمعاقبته بهما عملاً بالمادتين 304/ 2، 419/ 1 من قانون ا لإجراءات الجنائية.
ومن حيث إن المحكمة تنوه إلى أنه ولئن كانت المادة 107 مكرراً (ب) من القانون رقم 59 لسنة 1978 - في شأن تعديل بعض أحكام قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 - قد نصت على أن "يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام المادتين 107 مكرراً و107 مكرراً ( أ ) بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه عن كل فدان أو جزء من الأرض موضوع المخالفة" وكان الحكم الاستئنافي المنقوض قد قضى بمعاقبة المتهم بالحبس أسبوعين مع الشغل والإيقاف والإزالة على نفقته دون الغرامة، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المتهم (المحكوم عليه) فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالمتهم وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وتقضي في حدود قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه.

الطعن 5486 لسنة 62 ق جلسة 1 / 2 / 1995 مكتب فني 46 ق 41 ص 291

جلسة الأول من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وبهيج حسن القصبجي نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة.

-----------------

(41)
الطعن رقم 5486 لسنة 62 القضائية

(1) دعوى جنائية "قيود تحريكها". موظفون عموميون. قانون "تطبيقه" "تفسيره".
الحماية المقررة بمقتضى المادة 63/ 3 إجراءات. مقصورة على الموظفين والمستخدمين العموميين لما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها.
(2) موظفون عموميون.
الموظف العام. تعريفه؟
(3) مرافق عامة. موظفون عموميون.
شرط اكتساب العاملين بمرفق عام صفة الموظف العام؟
(4) موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. تصدرها. ما يقبل منها". دعوى جنائية "قيود تحريكها".
إسباغ الحكم. صفة الموظف العام على المطعون ضده دون الإفصاح عن مسمى العمل الذي يباشره. قصور.
القصور الذي يتسع له وجه الطعن. له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.

------------------
1 - من المقرر أن الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية لم تسبغ الحماية المقررة بها في شأن عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة إلا بالنسبة إلى الموظفين أو المستخدمين العامين دون غيرهم لما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها.
2 - من المقرر أن الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق.
3 - من المقرر أنه لكي يكتسب العاملون في خدمة مرفق عام صفة الموظف العام يجب أن يكون المرفق مداراً بمعرفة الدولة عن طريق الاستغلال المباشر.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطلق القول بأن المطعون ضده موظف عام وأسبغ عليه الحماية المقررة في المادة 63/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية دون أن يفصح عن مسمى العمل الذي يباشره وهو ما لا يكفي للتدليل على توافر صفة الموظف العام أو المستخدم العام للمطعون ضده كي تنعطف عليه الحماية المقررة بنص المادة سالفة البيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح والتقرير برأي فيما تثيره النيابة العامة من دعوى الخطأ في تطبيق القانون، وإذ كان هذا القصور له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده - وآخرين - بأنه حاز بقصد البيع شيئاً من أغذية الإنسان "زيت طعام" مغشوشاً مع علمه بذلك. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2/ 3، 5، 6 من القانون رقم 10 لسنة 1966، 2/ 1 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1980. ومحكمة جنح شربين قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه ونشر ملخص الحكم في جريدتين رسميتين على نفقته. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن اعتبر المطعون ضده - وهو أمين مخزن بالشركة العامة لتجارة السلع الغذائية بالجملة في حكم الموظف العام يتمتع بالحماية المقررة في المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية حال أنه ليس موظفاً عاماً، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى الجنائية على قوله: "وحيث إن الثابت من الأوراق أن المتهم موظف عام وأن الواقعة وقعت أثناء وبسبب العمل فضلاً عن أنه لا يوجد إذن من النيابة العامة برفع الدعوى قبل المتهم فيتعين عدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني طبقاً للمادة 63 أ. ج". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية لم تسبغ الحماية المقررة بها في شأن عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة إلا بالنسبة إلى الموظفين أو المستخدمين العامين دون غيرهم لما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها، وكان من المقرر أن الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق وأنه لكي يكتسب العاملون في خدمة مرفق عام صفة الموظف العام يجب أن يكون المرفق مداراً بمعرفة الدولة عن طريق الاستغلال المباشر. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق القول بأن المطعون ضده موظف عام وأسبغ عليه الحماية المقررة في المادة 63/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية دون أن يفصح عن مسمى العمل الذي يباشره وهو ما لا يكفي للتدليل على توافر صفة الموظف العام أو المستخدم العام للمطعون ضده كي تنعطف عليه الحماية المقررة بنص المادة سالفة البيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح والتقرير برأي فيما تثيره النيابة العامة من دعوى الخطأ في تطبيق القانون، وإذ كان هذا القصور له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 23179 لسنة 63 ق جلسة 3 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 155 ص 1050

جلسة 3 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ومحمد شعبان نواب رئيس المحكمة ورشاد قذافي.

-----------------

(155)
الطعن رقم 23179 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) وصف التهمة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". قتل عمد. ضرب "أفضى إلى موت".
تغيير المحكمة للتهمة من جنايتي ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه إلى جناية قتل عمد مقترن بجناية سرقة بالطريق العام. تعديل في ذات التهمة. شرطه وعلته؟ وجوب تنبيه الدفاع إلى هذا التعديل. المادة 308 إجراءات. مخالفة ذلك. أثره؟
(3) ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض. "المصلحة في الطعن". قتل عمد. سرقة.
تعديل المحكمة التهمة من جنايتي ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه إلى جناية قتل عمد مقترن بجناية سرقة بالطريق العام. دون لفت نظر الدفاع. لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن في الحكم على اعتبار إدانة الطاعنين بجريمة السرقة المؤثمة بنص المادة 315 عقوبات وأن العقوبة المقضي بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة. علة ذلك؟
(4) نقض "أثر الطعن".
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. يقتضي امتداد أثر نقض الحكم إلى الطاعنين اللذين لم يقدما أسباباً لطعنهما. أساس ذلك؟

------------------
1 - من المقرر أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر، وإذ كان المحكوم عليهما قد قررا بالطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما فيكون الطعن المقدم من كل منهما غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان للتغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة من جنايتي ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه المؤثمتين بالمادتين 236، 314 من قانون العقوبات إلى جناية قتل عمد مقترنة بجناية سرقة بالطريق العام من أكثر من شخصين وحمل بعضهم لأسلحة ظاهرة إنما هو تعديل في التهمة نفسها لا تملك المحكمة إجراءه إلا أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى لأنه يتضمن إضافة عناصر جديدة إلى الواقعة هي قصد القتل مع الاقتران بجناية أخرى، والتي قد يثير الطاعنان جدلاً في شأنها كالمجادلة في توافر نية القتل وتوافر ظرف الاقتران المشدد للعقوبة وغير ذلك، مما يقتضي من المحكمة تنبيه الدفاع إليه عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون قد بني على إجراء باطل.
3 - من المقرر أنه لا محل في خصوصية هذه الدعوى لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن الطاعنين دينا بجريمة جناية السرقة المؤثمة بنص المادة 315/ 1 من قانون العقوبات وأن العقوبة المقضى بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة لأن الطاعنين ينازعان في الواقعة - التي اعتنقها الحكم - بأكملها وذلك سواء كانت قتل عمد مقترن بجناية أخرى، أو جناية سرقة فحسب، وذلك بنفيهما الاتهام المنسوب إليهما بكافة أوصافه.
4 - لما كانت الواقعة التي دين الطاعنان بها واحدة، فإن حسن سير العدالة يقتضي نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعنين الآخرين اللذين لم يقدما أسباباً لطعنهما طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا وآخران حدثان.... عمداً بأن اعتدوا عليهم بالضرب بأسلحة بيضاء (مطاوي) في أجزاء متفرقة من جسده حال سيره في الطريق العام قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم والحدثان الآخران في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا النقود المبينة قدراً والساعة المبينة وصفاً بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر وكان ذلك في الطريق العام وحال كونهم حاملين أسلحة ظاهرة (مطاوي قرن غزال). وأحالتهم إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 234/ 1 - 2، 315/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر/ 1، 30/ 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر عاماً عما أسند إليهم ومصادرة الأسلحة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه لما كان من المقرر أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر، وإذ كان المحكوم عليهما.... و.... قد قررا بالطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما فيكون الطعن المقدم من كل منهما غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين.... و.... استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد المقترن بجناية سرقة بالطريق العام مع حملهم لأسلحة ظاهرة، قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة بعد أن عدلت التهمة من جناية قتل عمد مقترنة بجناية سرقة بالطريق العام مع حمل سلاح ظاهر إلى جناية ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه، عادت وقضت بإدانتهما بالوصف الأول المرفوعة به الدعوى من النيابة دون لفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل ليترافع على أساسه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين بوصف أنهما والآخرين (المقضي بعدم قبول طعنهما شكلاً) قتلوا وآخران (حدثان) المجني عليه.... عمداً بأن اعتدوا عليه بالضرب بأسلحة بيضاء "مطاوي" في أجزاء متفرقة من جسده حال سيره في الطريق العام قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم والحدثان الآخران في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا النقود المبينة قدراً والساعة المبينة وصفاً بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر وكان ذلك في الطريق العام. وحالة كونهم حاملين لأسلحة ظاهرة "مطاوي" الأمر المعاقب عليه عملاً بالمادتين 234/ 1 - 2، 315 من قانون العقوبات، وبجلسة.... عدلت المحكمة التهمة إلى جنايتي ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه الأمر المعاقب عليه بالمادتين 236، 314 من قانون العقوبات ونبهت الدفاع إلى هذا التعديل، بيد أنها عادت - بهيئة أخرى - وسمعت الدعوى وانتهت بحكمها المطعون فيه إلى إدانتهم بالوصف المرفوعة به الدعوى من النيابة العامة وهي جناية القتل العمد المقترن بجناية سرقة بالطريق العام حال حمل بعضهم لأسلحة بيضاء، وبالرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة يبين أن المحكمة لم توجه من جديد إلى الطاعنين تهمة القتل العمد المقترن بجناية السرقة بالطريق العام حالة كون بعض المتهمين حاملاً لأسلحة ظاهرة التي كانت واردة بأمر الإحالة والتي دانتهما على مقتضاها ولم تلفت نظر دفاع كل منهما ليترافع على هذا الأساس. لما كان ذلك، وكان للتغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة من جنايتي ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه المؤثمتين بالمادتين 236، 315 من قانون العقوبات إلى جناية قتل عمد مقترنة بجناية سرقة بالطريق العام من أكثر من شخصين وحمل بعضهم لأسلحة ظاهرة إنما هو تعديل في التهمة نفسها لا تملك المحكمة إجراءه إلا أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى لأنه يتضمن إضافة عناصر جديدة إلى الواقعة هي قصد القتل مع الاقتران بجناية أخرى، والتي قد يثير الطاعنان جدلاً في شأنها كالمجادلة في توافر نية القتل وتوافر ظرف الاقتران المشدد للعقوبة وغير ذلك، مما يقتضي من المحكمة تنبيه الدفاع إليه عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون قد بني على إجراء باطل يعيبه. لما كان ذلك، وكان لا محل في خصوصية هذه الدعوى لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن الطاعنين دينا بجريمة جناية السرقة المؤثمة بنص المادة 315/ 1 من قانون العقوبات وأن العقوبة المقضي بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة لأن الطاعنين ينازعان في الواقعة - التي اعتنقها الحكم - بأكملها وذلك سواء كانت قتل عمد مقترن بجناية أخرى، أو جناية سرقة فحسب، وذلك بنفيهما الاتهام المنسوب إليهما بكافة أوصافه وإذ كان مؤدى الطعن على هذا النحو متصلاً بتقدير الواقع فإنه يتعين إعادة استظهار الواقعة برمتها وتقدير العقوبة على ضوئها. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إلى الطاعنين بغير حاجة لبحث بقية أوجه الطعن. لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي دين الطاعنان بها واحدة، فإن حسن سير العدالة يقتضي نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعنين الآخرين اللذين لم يقدما أسباباً لطعنهما طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

الطعن 23175 لسنة 63 ق جلسة 3 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 154 ص 1045

جلسة 3 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة وعمر بريك وفرحان بطران.

------------------

(154)
الطعن رقم 23175 لسنة 63 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب إعلان الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة على يد محضر على نفقة الخصوم. المادة 214/ 2 مكرر "أ" إجراءات.
إعلانهم من قبل المتهم لا يتوقف على تصريح من المحكمة.
قعود المتهم عن سلوك السبيل الذي رسمه القانون في المادة سالفة الذكر. لا تثريب على المحكمة إن لم تستجب لطلب سماع الشهود.
(2) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيها يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي. ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي حاجة إلى ذلك.

-------------------
1 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرر "أ" من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إذ جرى نصها بالآتي: وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود فإن هذا النص صريحاً في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه - على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة، وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في النص سالف الذكر بالنسبة للشاهدين الذين طلب الطاعن من محكمة الجنايات سماعهما ولم يدرج أسماهما في قائمة الشهود فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب سماعهما ويضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع غير سديد.
2 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شانه في ذلك شأن سائر الأدلة، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب.... بعصا على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته على محكمة جنايات أسيوط لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعى ابن المجني عليه مدنياً قبل الطاعن بمبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة التفتت عن طلب المدافع عن الطاعن بسماع رئيس وحدة مباحث أبو تيج ومساعد الشرطة من قوة المركز عن سبب عدم سؤاله للمجني عليه يوم الحادث رغم إمكانية سؤاله، كما لم تستجب أيضاً لطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته بشأن الكدم والتجمع الدموي بمقدمة رأس المجني عليه والذي ورد بتقريره وكذلك بيان موقف الضارب من المضروب وبإمكانية إحداث إصابة المجني عليه من ضارب في مواجهة المضروب كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وتقرير الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة مناقشة رئيس وحدة مباحث مركز أبو تيج ومساعد الشرطة بوصفهما من شهود الواقعة الذين لم يرد ذكرهم في قائمة شهود الإثبات وتتصل معلوماتهم بواقعة الدعوى وظاهرة التعلق بموضوعها أو بدفاع جوهري بها ولكن باعتبارهما من المشتركين في إجراءات الضبط وجمع الاستدلالات فحسب. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرر "أ" من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إذ جرى نصها بالآتي: "وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود" فإن هذا النص صريحاً في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه - على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة، وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في النص سالف الذكر بالنسبة للشاهدين اللذين طلب الطاعن من محكمة الجنايات سماعهما ولم يدرج أسماهما في قائمة الشهود فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب سماعهما ويضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء وكان الثابت أن الحكم عرض لطلب المدافع عن الطاعن دعوة الطبيب الشرعي لمناقشته ورد عليه في قوله "أما بالنسبة لطلب مناقشة الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح الجثة لمعرفة ما إذا كان يمكن حدوث إصابة المجني عليه بمقدمة الرأس من ضارب في مواجهة المضروب فهو طلب غير منتج في الدعوى سيما وقد اطمأنت المحكمة إلى ما سطره الطبيب الشرعي في تقرير الصفة التشريحية بعد أن أورد فيه رواية الشاهد سالف الذكر وانتهى بنتيجة مؤداها حدوث الواقعة وفق رواية شاهد الإثبات الذي أوضح في روايته موقف المتهم من المجني عليه ومن ثم تلتفت المحكمة عن طلب الدفاع إذ لم يقصد به سوى المطل وإطالة أمد الدعوى، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت من تقرير الصفة التشريحية الذي اطمأنت إليه إمكانية حدوث إصابة المجني عليه وفق وراية شاهد الإثبات، وكان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 25941 لسنة 63 ق جلسة 2 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 153 ص 1031

جلسة 2 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزه وحامد عبد الله وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة وجاب الله محمد جاب الله.

------------------

(153)
الطعن رقم 25941 لسنة 63 القضائية

(1) قتل عمد "قتل بالسم". ظروف مشددة.
كفاية أن تكون المواد التي استعملت في جريمة القتل بالسم من شأنها إحداث الموت.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
أخذ الحكم بتصوير ما للواقعة. مفاده؟
(3) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها. غير لازم. كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ.
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة. دون بيان العلة.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(7) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(8) استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بتناقض التحريات. غير مقبول. ما دام أن الحكم لم يعول عليها.
(9) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في إيراد شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة فيما استند إليه الحكم منها.
(10) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشهود المتعددة. كفاية أن تورد ما تطمئن إليه منها.
(11) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الأخذ بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر. متى اطمأنت إليها.
(12) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه. وإطراح ما عداها.
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهدة الأولى. لا قصور.
(13) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات الخارجية استخلاصه. موضوعي.
(14) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار".
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي. ما دام سائغاً.
(15) سبق إصرار. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بطلانه".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
توافر سبق الإصرار. ولو كان معلقاً على حدوث أمر.
مثال لتسبيب سائغ على توافر سبق الإصرار لدى الطاعن.
(16) جريمة "أركانها". باعث. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الباعث على الجريمة. ليس من أركان الجريمة أو عناصرها. عدم بيانه أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة. لا يقدح في سلامة الحكم.
(17) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال.
(18) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن. موضوعي.
(19) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب الدفاع استدعاء الطبيب الاستشاري لمناقشته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
استناد الحكم إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى. مفاده؟
(20) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة.

-----------------
1 - من المقرر أنه يكفي في جريمة القتل بالسم أن تكون المواد التي استعملت في الجريمة من الجواهر السامة ومن شأنها إحداث الموت.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها بدعوى أن للواقعة صورة أخرى، إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو إطراح دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير.
3 - لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
4 - من المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم لا يعيب حكمها أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشهود في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.
7 - لما كان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى - إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة. لما كان ذلك، فإن كافة ما يثيره الطاعن حول شهادة الشهود التي عول عليها الحكم ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على تحريات المباحث فإن ما ينعاه الطاعن بشأن قالة تناقضها يكون غير مقبول.
9 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
10 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
11 - من المقرر أنه لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها ممن نقلت عنه.
12 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما حصله من أقول الشاهدة الأولى فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب.
13 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
14 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
15 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان ما أورده الحكم من توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن لا يتناقض مع قيام الزوجية بين الطاعن والمجني عليها إذ لا يمنع من توافر سبق الإصرار تعليق تنفيذ ما صمم عليه الطاعن من قبل سنوح الفرصة للظفر بالمجني عليها حتى إذا سنحت نتيجة الظروف التي تصادف وقوعها يوم الحادث قتلها تنفيذاً لما عقد عليه النية من قبل ومن ثم فإن قالة التناقض تنحسر عن الحكم.
16 - من المقرر أنه لا يضير الحكم أن يكون قد أشار إلى الباعث على ارتكاب الجريمة على نقيض الثابت بالأوراق لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.
17 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن الشاهدة الأولى لم تقرر بأن الطاعن أرغم المجني عليها على تناول الشراب على خلاف ما حصله الحكم - وعلى فرض صحة ذلك - يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم.
18 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه.
19 - لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي متفقاً مع ما شهد به كل من الطبيب الشرعي وكبير والأطباء الشرعيين أمامها وأطرحت - في حدود سلطتها التقديرية - التقرير الطبي الاستشاري - وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلب استدعاء الطبيب الاستشاري لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها - بعد ما أجرته من تحقيق المسألة الفنية في الدعوى - حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وإذ كان من المقرر أن إسناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى يفيد إطراحها التقرير الاستشاري المقدم فيها وليس بلازم عليها أن ترد على هذا التقرير استقلالاً.
20 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها بأن وضع لها جوهراً مخدراً "هيروين" في كوب من المياه تسبب عنه الموت عاجلاً وما أن احتسته حدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. ثانياً: أحرز جوهراً مخدراً "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسين ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 233 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 38/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية لنظرها بإحدى الدوائر المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن أوجه الطعن التي تضمنتها مذكرات الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعن هي أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي القتل بالسم مع سبق الإصرار وإحراز جوهر مخدر - هيروين - بغير قصد من القصود الخاصة، قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وشابه إخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد كما عابه التناقض ذلك بأنه اعتبر الواقعة قتل بالسم على خلاف ما ورد بقرار الإحالة، واعتنق الحكم تصويراً للواقعة يخالف العقل والمنطق دفاع الطاعن بعدم معقوليته وأن للواقعة صورة أخرى إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع، وعول الحكم على شهادة الشهود رغم أن الشاهدة الأولى لم تشاهد الجاني حال وضع المادة السامة في الشراب فضلاً عن اختلاف أقوال الشهود في التحقيق عنها في المحضر.... إداري إيتاي البارود كما عول الحكم على تحريات المباحث رغم تناقضها، وأحال في بيان مضمون شهادة الشاهدين الثاني والثالث على ما شهدت به الشاهدة الأولى على الرغم من اختلاف أقوالهم ورغم أنهما لم يشاهدا الواقعة وقت حدوثها وجاءت أقوالهما نقلاً عن الشاهدة الأولى، ودلل الحكم على توافر نية القتل في حق الطاعن بما لا يصلح سنداً لقيامها واستدل على ثبوت سبق الإصرار بما يتناقض مع ما أورده من وقائع الدعوى، ودلل على توافر الباعث على القتل على نقيض الثابت بالأوراق، وأسند الحكم إلى الشاهدة الأولى أن الطاعن أرغم المجني عليها على تناول الشراب على خلاف الثابت بالأوراق وأطرح التقرير الاستشاري بغير علة مقبولة ولم يستجب لطلب مناقشة واضعه - وأخيراً لم يعرض الحكم لما أثاره الدفاع من أن الحادث يرجع لتناول المجني عليها المادة المخدرة برغبتها قبل تناولها الدواء الذي أعطاه لها الطاعن كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل بالسم مع سبق الإصرار وإحراز جوهر مخدر - هيروين - بغير قصد من القصود الخاصة اللتين دان الطاعن بهما وأقام عليهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في جريمة القتل بالسم أن تكون المواد التي استعملت في الجريمة من الجواهر السامة ومن شأنها إحداث الموت، وكان وصف التهمة سواء في قرار الإحالة أو فيما خلصت إليه المحكمة قد التزم هذا النظر فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها بدعوى أن للواقعة صورة أخرى إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو إطراح دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم لا يعيب حكمها أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشهود في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى - إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة - لما كان ذلك، فإن كافة ما يثيره الطاعن حول شهادة الشهود التي عول عليها الحكم ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على تحريات المباحث فإن ما ينعاه الطاعن بشأن قالة تناقضها يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها. وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وكان لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم عن أقوال الشاهدة الأولى له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهدة الأولى ما دام أن الطاعن لا يجادل في أن شهادة الثاني والثالث كانت نقلاً عن الأولى متى تبينت المحكمة صحتها - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما حصله من أقول الشاهدة الأولى فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعن وتوافر سبق الإصرار لديه في قوله "وحيث إنه مما لا شك فيه أن ما سبق سرده من ظروف الدعوى ووقائعها ينطق بتوافر نية القتل لدى المتهم وثبوتها ثبوتاً قاطعاً في حقه، فليس بعد إعداد مادة الهيروين أو المورفين السامة بجرعة قاتلة داخل كيس الإيمبياج الفوار ثم إفراغه في كوب مملوء بالماء وإصرار المتهم على شرب المجني عليها لهذا الكوب رغم عدم استساغتها لطعمه المر ورفضها استكمال شربه حين تبينت طعمه وإرغامها على احتسائه جميعه ولم يسمح لوالدتها أن تتذوقه خشية افتضاح أمره حتى إذا ما فرغت المجني عليها من شربه ظل يراقبها خلال الدقائق التي ظهرت عليها أعراضه وحتى الوفاة، ثم وزيادة في إبعاد الشبهة عنه يتوجه إلى مفتش الصحة ويقدم له طواعية تذكرتين طبيتين في محاولة لإيهامه بأن الوفاة طبيعية لولا إرادة الله وقيام مفتش الصحة بتوقيع الكشف الطبي على المجني عليها وأثبت في تقريره ما ظهر له من أعراض التسمم - بل الأكثر من ذلك وصل فساد المتهم وذويه إلى مركز شرطة إيتاي البارود الذي جعل محرر محضر جمع الاستدلالات المؤرخ.... يثبت على غير الحقيقة أن والدة المجني عليها وشقيقيها قد استبعدا أن تكون الوفاة جنائية وذلك حتى يتم دحض ما ورد بتقرير مفتش الصحة أليس بعد ذلك كله مما لا يدع مجالاً للشك في توافر نية القتل لدى المتهم". "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار، فإنه متوافر في حقه من أوراق الدعوى بجلاء التي تؤكد أنه إثر إتمام زواج المتهم بالمجني عليها كرهاً على النحو الذي قال به والدة وشقيقا المجني عليها ورغم إرادة والديه وذويه وما يتبع ذلك من خلف بينه وبين المجني عليها وبين الأخيرة وعائلته وأن المتهم اشتعلت في نفسه فكرة التخلص ممن جلبت له كل ذلك فراح يعد العدة ويرسم الخطة وكان أن هداه شيطانه الآثم بعد روية وهدوء تفكير أن يكون القتل بالسم بل وسم عجاف مستخدماً مادة الهيروين أو المورفين التي وصل إلى العلم العام أنها قاتلة بطبيعتها وفي ذات الوقت يمكن إدخال الغش على المجني عليها وإيهامها بأنها ليست إلا دواء فوار يستخدم في علاج آلام الجنب وأن يتم ذلك كله في ضوء الصورة التي رسمها في حضور والدة المجني عليها التي ستقرر إذا ما حدث في الأمر شيء أنه طلب حضورها وأن ابنتها كانت مريضة تتعاطى أدوية ومن ثم فمن غير المعقول أن يكون قد انتوى قتل ابنتها ويطلب حضورها لتشهد ما انتواه وقد تحقق فعلاً ما أراده المتهم إذ جاء دفاع محاميه بعدم معقولية الواقعة وكأن المتهم والدفاع لم يعلما بأن الحقيقة لابد أن تظهر مهما بلغ ذكاء المرء لإخفائها ومن كل ذلك ولا شك يتوافر في موافقة ظرف سبق الإصرار". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى الطاعن وفي الكشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حقه وقد ساق لإثباتهما قبله من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققها قانوناً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان ما أورده الحكم من توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن لا يتناقض مع قيام الزوجية بين الطاعن والمجني عليها إذ لا يمنع من توافر سبق الإصرار تعليق تنفيذ ما صمم عليه الطاعن من قبل سنوح الفرصة للظفر بالمجني عليها حتى إذا سنحت نتيجة الظروف التي تصادف وقوعها يوم الحادث قتلها تنفيذاً لما عقد عليه النية من قبل، ومن ثم فإن قالة التناقض تنحسر عن الحكم. لما كان ذلك. وكان لا يضير الحكم أن يكون قد أشار إلى الباعث على ارتكاب الجريمة على نقيض الثابت بالأوراق لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن الشاهدة الأولى لم تقرر بأن الطاعن أرغم المجني عليها على تناول الشراب على خلاف ما حصله الحكم - وعلى فرض صحة ذلك - يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبي متفقاً مع ما شهد به كل من الطبيب الشرعي وكبير والأطباء الشرعيين أمامها وأطرحت - في حدود سلطتها التقديرية - التقرير الطبي الاستشاري - وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلب استدعاء الطبيب الاستشاري لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لدها ولم تر هي من جانبها - بعد ما أجرته من تحقيق المسألة الفنية في الدعوى - حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وإذ كان من المقرر أن إسناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى يفيد إطراحها التقرير الاستشاري المقدم فيها وليس بلازم عليها أن ترد على هذا التقرير استقلالاً ومع ذلك فقد أطرح الحكم التقرير الطبي الاستشاري بما يسوغه فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم فإن النعي على الحكم بالالتفات عما أثاره الطاعن من أن الحادث يرجع لتناول المجني عليها المادة المخدرة برغبتها قبل تناولها الدواء الذي أعطاه لها الطاعن يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.