الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 مارس 2018

الطعن 6416 لسنة 87 ق جلسة 21 / 10 / 2017

باسم الشعب 
محكمة النقض 
الدائرة الجنائية 
السبت (أ
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ وجيه أديب(نائب رئيس المحكمة)وعضوية السادة القضاة/ محمود خضر وبدر خليفة والأسمر نظير وخالد جاد "نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ محمد عبد الفتاح
وأمين السر السيد/ نجيب لبيب محمد
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة
في يوم السبت غرة من صفر سنة 1439هـ الموافق 21 من أكتوبر سنة 2017م
أصدرت الحكم الآتي 
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 6416 لسنة 87 القضائية.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ..... لسنة 2010 مركز نصر النوبة (والمقيدة بالجدول الكلي برقم ..... لسنة 2010).  بأنه في غضون عام 2003 بدائرة مركز نصر النوبة - محافظة أسوان
1. وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول وموظفين عموميين حسني النية وهم المنوط بهم قيد الجنح المباشرة وتحرير محاضر جلساتها وإجراءات المحاكمة بنيابة مركز نصر النوبة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو صحيفة الدعوى المباشرة للجنح رقم 1338 لسنة 2003 جنح نصر النوبة حال تحريرها المختصين بوظائفهم وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت بها على خلاف الحقيقة أن/ ...... - تداين/ ....... بمبلغ مالي جملته خمسمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه على خلاف الحقيقة وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة
2. اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر عرفي  هو إيصال الأمانة موضوع الجنحة رقم .... لسنة 2003 جنح نصر النوبة بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت به مديونية المجني عليه/  ....... لـ ...... بمبلغ خمسمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه بأن اتفق مع ذلك المجهول على تحريرها بأن أمده بالبيانات اللازمة لإثباتها في هذا المحرر وقام المجهول بتزويرها ووقع عليها بالإمضاء نسبها زورا للمجني عليه واستعمله المجهول مع علمه بذلك بأن قدمه في الجنحة رقم ....... لسنة 2003 جنح نصر النوبة
3. استعمل المحرر المزور موضوع التهمة الأولى مع علمه بتزويره بأن سلمه لمجهول وتقدم به المجهول إلى محضري محكمة نصر النوبة لإعلان المجني عليه/ .... - بها قانونا على النحو المبين بالتحقيقات
وأحالته إلى محكمة جنايات أسوان لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه / ..... مدنية قبل المتهم ثم تنازل عنه
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 28 من ديسمبر سنة 2016 عملا بالمواد 140/ 1 أولا - ثانيا - ثالثا، 41/ 1، 211، 212، 213، 214، 215 من قانون العقوبات، مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبمصادرة المحررين المزورين
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في الأول من يناير سنة 2017
وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن عن المحكوم عليه الأولى في 31 من ديسمبر سنة 2016 
موقعا عليها من الأستاذين/ ..... و....... المحاميين والثانية في 25 من فبراير سنة 2017 موقعا عليها من الأستاذ/ ..... المحامي
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا:- 
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانونا
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررين إحداهما رسمي والآخر عرفي واستعمالهما فيما زورا من أجله قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والخطأ في تطبيق القانون، والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك أن أسبابه جاءت في عبارات عامة شابها الغموض والإبهام لا يبين منها واقعات الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دانه بها، كما لم يبين ماهية المستندات المزورة وما انطوت عليه من بيانات ووجه استدلاله على تزويرها، ولم يبين الأفعال التي أتاها والدالة على اشتراكه في التزوير، كما لم يستظهر القصد الجنائي لديه، ولم يدلل على وقوع ضرر مما تنتفي معه أركان جريمة التزوير في محرر عرفي، كما خلا الحكم من بيان نصوص القانون التي حكم عليه بموجبها، وقام دفاعه على أن الواقعة لا تعدو أن تكون من قبيل الإقرارات الفردية التي لا تقوم بها جريمة التزوير وأنها لا تعدو أن تكون مجرد جنحة بلاغ كاذب وتزوير في محرر عرفي تختص بنظرها محكمة الجنح بيد أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم تضف الوصف الصحيح على واقعة الدعوى، هذا فضلا عن أنه دفع ببطلانه تحقيقات النيابة العامة لعدم حضور محام معه ولعدم إخطار نقابة المحامين غير أن الحكم أطرح ذلك الدفع برد قاصر، هذا إلى أن المحامي الذي حضر معه إجراءات المحاكمة أبدى دفاعا شكليا لا حقيقيا مما يبطل إجراءات محاكمته، واطرح الحكم الدفع المبدى منه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، كما اطرح دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بما لا يتفق وصحيح القانون، وأخيرا فإن محضر جلسة المحاكمة خلا من إثبات دفاعه، ذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها: " .... تتحصل في أن المتهم ........... يعمل محامي استغل وجود وكالة قانونية صادرة من ...... لصالحه واشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول وموظفين عموميين حسني النية المنوط بهم قيد الجنح المباشرة وارتكب تزوير في محرر رسمي وهو صحيفة الدعوى المباشرة رقم ...... لسنة 2003 جنح نصر النوبة بجعل واقعة مزورة في شكل واقعة صحيحة على خلاف الواقع مع علمه بتزويرها بأن أثبت أن ....... تداين ...... بمبلغ مالي مقداره خمسمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه بموجب إيصال أمانة مزور مع علمه بتزويره واشترك وآخر مجهول في ارتكاب ذلك التزوير بأن قام المتهم بتحرير بيانات ذلك الإيصال ووقع عليه المجهول بتوقيع نسبه زورا إلى المجني عليه ......... مع علمه بتزويره واستعمل ذلك المحرر المزور بأن سلمه لمجهول وتقدم به إلى محكمة نصر النوبة لإعلان المجني عليه سالف البيان بالجنحة المباشرة ...... لسنة 2013 جنح نصر النوبة
"واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها مما شهد به كل من ........... و.............. والضابط ....... و........ وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها أورد الحكم مؤداها في بيان واف بما لا يخرج عما أورده في بيانه لواقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على كل حكم صادر بالإدانة أن يبين واقعة الدعوى بيانا كافيا ومؤدى أدلة الثبوت إلا أن القانون لم يرسم شكلا خاصا أو نمطا معينا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان يبين من مجموع ما أورده الحكم ومن استعراض المحكمة لواقعات الدعوى وأدلتها أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالغموض والإبهام والقصور في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك في التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ويكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وكان مجموع ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات وسائر أدلة الثبوت في الدعوى التي اطمأنت إليها المحكمة والتي لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق دالا بذاته واستنتاجا على ثبوت اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمتي التزوير اللتين دانه الحكم بهما فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون سائغا ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام ما أورده الحكم كان كافيا ودالا على توافرها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما ساقه من أدلة الثبوت السائغة التي استند إليها في قضائه أن الطاعن تعمد تغيير الحقيقة في صحيفة الجنحة المباشرة رقم ..... لسنة 2003 نصر النوبة عن طريق اصطناع إيصال أمانة غير حقيقي وجعله سندا لإقامة هذه الجنحة وهو عالم بذلك وهو ما يكفي تدليلا على توافر القصد الجنائي لديه ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن احتمال حصول الضرر يكفي في جريمة التزوير في محرر عرفي ولا يشترط لصحة الحكم بالإدانة في جرائم التزوير أن يتحدث عن ركن الضرر صراحة أو استقلالا بل يكفي أن يكون مستفادا من مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير مقبول
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد بأسبابه الجرائم التي أثبتها في حق الطاعن خلص إلى إدانته عملا بأحكام المواد 17، 32، 40/ 1 أولا وثانيا وثالثا، 41/ 1، 211، 212، 213، 214، 215 من قانون العقوبات فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم على الطاعن بموجبها ويكون النعي عليه في هذا الخصوص لا محل له
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما ساقه من أدلة الثبوت السائغة - السالف بيانها - أن الطاعن أشترك وآخر مجهول في تزوير محرر عرفي هو إيصال الأمانة سند الدعوى - والذي أثبت به على غير الحقيقة أن .......... تسلم من .......... مبلغ خمسمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه على سبيل الأمانة وذيل ذلك الإيصال بتوقيع عزاه زورا إلى المستلم - ثم استغل وجود وكالة قانونية صادرة لصالحة من ......... وأقام دون طلب منها جنحة مباشرة ضد/ ............ قيدت برقم ......... لسنة 2013 وقام بمعرفة موظفين عموميين - حسني النية - بمحكمة نصر النوبة بقيد تلك الجنحة وإعلانها بعد اتخاذ الإجراءات القانونية ومن ثم فقد أضفت توقيعات الموظفين العموميين المختصين على عريضة الدعوى وإعلانها صفة الرسمية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأوراق الرسمية هي المحررات التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه ومن ثم فإن مناط رسمية المحرر هو أن يكون محرره موظف عام مختصا بمقتضى وظيفته بتحريره وإعطائه صفة الرسمية أو أن يتداخل في تحريره وفقا لما تقضي به القوانين واللوائح والتعليمات ولا يشترط أن ينشأ المحرر رسميا ابتداءا بل يصح أن ينشأ في الأصل عرفيا ثم ينقلب إلى محرر رسمي إذا ما تداخل فيه الموظف العام المختص في حدود وظيفته وتنسحب رسميته على ما سبق من الإجراءات إذ العبرة بما يؤول إليه المحرر لا بما كان عليه أول الأمر، وكان تغيير الحقيقة بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة - مع العلم بتزويرها - هي إحدى صور التزوير المؤثمة بمقتضى المادة 213 من قانون العقوبات، وكان الحكم المطعون فيه في سياق تدليله على ثبوت الجرائم التي دان الطاعن بها - قد التزم - هذه القواعد واطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى ولا يغير من ذلك أن يكون ما ارتكبه الطاعن ينطوي على وصف قانوني لجريمة أخرى - كالبلاغ الكاذب - إذ ذلك لا يعدو أن يكون تعددا معنويا لأوصاف قانونية لفعل إجرامي واحد - لأنه في الحالة التي يكون للفعل عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي يتمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأن واقعة الدعوى لا تعدو أن تكون من قبيل الإقرارات الفردية التي لا تقوم بها جريمة التزوير في أوراق رسمية أو أنها مجرد جنحة تزوير في محرر عرفي لا يعدو أن يكون منازعة في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليما - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول على دليل مستمد من استجواب الطاعن أو مواجهته ومن ثم فإن ما يثيره بشأن بطلان التحقيق معه لعدم حضور محام يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما أوجبه قانون المحاماة في المادة 51 منه من وجوب إخطار نقابة المحامين قبل الشروع في التحقيق مع محام لا يعدو أن يكون إجراءا تنظيميا لا يترتب على مخالفته ثمة بطلان ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت المادة 297 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه: "إذا رأت المحكمة المنظور أمامها الدعوى وجها للسير في تحقيق الادعاء بالتزوير وكان الفصل في الدعوى المنظورة أمامها يتوقف على الورقة المطعون فيها تحقق المحكمة الواقعة بنفسها، ومع ذلك يجوز لها إذا تعذر عليها ذلك أن تحيل الأوراق إلى النيابة العامة وفي هذه الحالة توقف الدعوى إلى أن يفصل في الادعاء بالتزوير وإذا تبين للمحكمة أن الورقة المطعون فيها مزورة تفصل في الدعوى وتحيل الواقعة للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها .... "وكانت المادة (1) من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن: "تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون ...." وكان البين من الحكم المطعون فيه أن محكمة جنح مستأنف كوم إمبو بعد أن ثبت لها تزوير عريضة الجنحة المباشرة رقم .... لسنة 2003 جنح نصر النوبة وإيصال الأمانة سند تلك الجنحة قضت بجلسة 1/3/2009 ببراءة المتهم في تلك الجنحة ............ وإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها حيال وقائع التزوير المسندة إلى الطاعن وبعد أن باشرت النيابة العامة تحقيق الواقعة أحالت الدعوى إلى محكمة الجنايات المختصة ومن ثم فإن إقامة الدعوى الجنائية قبل الطاعن يكون قد تم من ذي صفة وممن يملك تحريكها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في سياق اطراحه دفاع الطاعن في هذا الشأن فإن النعي عليه يكون غير سديد، ولا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه بأن ما جرى من تعديل على نص المادة 297 من قانون الإجراءات الجنائية بمقتضى القانون رقم 74 لسنة 2007 لا يعمل به في شأن واقعة الدعوى ذلك أن هذا النص إجرائي يعمل به بأثر فوري منذ سريانه وكان الثابت أن إحالة محكمة الجنح المستأنفة بكوم إمبو واقعات التزوير للنيابة العامة قد تمت بتاريخ 1/3/2009 وهو تاريخ لاحق للعمل بذلك النص بعد تعديله
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الرأي على عدم رفع الدعوى فإنه لا يصح اعتبار تصرفها أمرا بألا وجه لإقامة الدعوى لأن الأصل في هذا الأمر أن يكون صريحا ومدونا بالكتابة فإنه لا يصح استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتما وبطريق اللزوم العقلي أن ثمة أمرا بألا وجه لإقامة الدعوى قد صدر وإذ كانت النيابة العامة - بفرض صحة ما يدعيه الطاعن - بعد تحقيقها الطعن بالتزوير قد أعادت تقديم الدعوى إلى محكمة الجنح المستأنفة فإن ذلك بمجرده لا يفيد على وجه القطع واللزوم أن النيابة قد ارتأت إصدار أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل الطاعن، وإذ كان الحكم المطعون فيه في سياق اطراحه الدفع المبدى من الطاعن في هذا الخصوص قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه يكون بعيدا عن الصواب. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أنه قد حضر مدافع مع الطاعن أبدى ما عن له من دفاع ولم يقصر في إبداء دفاعه وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا السياق يكون غير مقبول
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم 
كاملا إذ كان عليه أن يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بمحضر الجلسة وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لا محل للنعي عليها من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله وكان الطاعن لا يدعي أنه قام بما ينبغي عليه في هذا الخصوص فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون قائما على غير أساس متعينا رفضه موضوعا
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.

الطعن 5162 لسنة 79 ق جلسة 21 / 1 / 2016


برئاسة السيد القاضي/ محمود سعيد محمود (نائب رئيس المحكمة) وعضوية السادة القضاة/ خالد محمد سليم، إيهاب فوزي سلام، أحمد علي خليل ومحمد مصطفى قنديل (نواب رئيس المحكمة) وحضور رئيس النيابة السيد/ أحمد مرشدي
وأمين السر السيد/ محمد عبد الرحمن
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة
في يوم الخميس 11 من ربيع الآخر سنة 1437هـ الموافق 21 من يناير سنة 2016م
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 5162 لسنة 79ق.

-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام الدعوى رقم 1651 لسنة 33ق أمام محكمة استئناف الإسماعيلية بطلب الحكم ببطلان مشارطة وحكم التحكيم رقم 12 لسنة 2005 الصادر بتاريخ 25/6/2005 واعتبارهما كأن لم يكونا مع ما يترتب على ذلك من آثار. على سند من أن حكم التحكيم صدر لصالح محتكمين غير مصريين بصحة ونفاذ عقد شرائهما لوحدة سكنية من الشركة الطاعنة بمدينة شرم الشيخ مع التسليم بالمخالفة لأحكام القانونين رقمي 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري و230 لسنة 1996 بشأن تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء. أجابت المحكمة المطعون ضده الأول بصفته لطلباته. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها
في يوم 25/3/2009 طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسماعيلية الصادر بتاريخ 28/1/2009 في الاستئناف رقم 1651 لسنة 33ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة
وفي اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة
وفي 7/4/2009 أعُلن المطعون ضده الأخير بصحيفة الطعن
وفي 8/4/2009 أعُلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن
وفي 9/4/2009 أعُلن المطعون ضده الثاني والثالث بصحيفة الطعن
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه
وبجلسة 3/12/2015 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، فحددت لنظره جلسة 21/1/2016، وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة، حيث صمم كل من المطعون ضدهما الأول والرابع والنيابة كل على ما جاء بمذكرته، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم.

---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ ........ (نائب رئيس المحكمة) والمرافعة، وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد تنعي الطاعنة بالوجه الأول منه على الحكم المطعون مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه حين رفض الدفع بعدم اختصاص محكمة استئناف الإسماعيلية بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم لصدوره في نزاع يتعلق بعلاقة قانونية ذات طابع اقتصادي ويترتب عليها نقل رأس مال المشتري - وهو أجنبي - إلى الشركة الطاعنة للاستثمار به داخل البلاد، مما يجعل التحكيم فيه تجارياً دولياً تختص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر فيه عملاً بنص المادتين رقمي 9، 54/2 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في المادة رقم 2 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن "يكون التحكيم تجارياً في حكم هذا القانون إذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي، عقدية كانت أو غير عقدية، ويشمل ذلك على سبيل المثال توريد السلع أو الخدمات والوكالات التجارية وعقود التشييد والخبرة الهندسية أو الفنية ومنح التراخيص الصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا والاستثمار وعقود التنمية وعمليات البنوك والتأمين والنقل وعمليات تنقيب واستخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز أو النفط وشق الطرق والأنفاق واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئة وإقامة المفاعلات النووية". وفي المادة رقم 9/1 على أن "1- يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع. أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً، سواء جرى في مصر أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر". وفي المادة 54/2 على أن "2- تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون. وفي غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع." 
يدل على أن مناط اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي أن يكون النزاع حول علاقة قانونية تتعلق بالتجارة الدولية أو في إحدى الحالات الواردة في المادة رقم (3) وأن تتسم هذه العلاقة بالطابع الاقتصادي، وكان البين من المذكرة الإيضاحية للقانون ومناقشات أعضاء مجلس الشعب حول مواده - أن واضعي المشروع لم يضعوا تعريفاً جامعاً مانعاً للتحكيم التجاري، وذلك لتحاشي الرجوع إلى أحكام القانون التجاري القديم - والذي كان سارياً عند مناقشة هذا القانون - والذي كان يسرد الأعمال التجارية الموجودة عند صدوره عام 1883، وأن المشرع قصد ألا يفهم من عبارة العقود التجارية المعنى الضيق لها وفقاً لأحكام القانون الأخير، لذلك فقد عمد إلى ضرب أمثلة للعلاقات القانونية ذات الطابع الاقتصادي، والجامع بينها أنها تتعلق باستثمار رؤوس الأموال والحصول على ربح، وهي أمثلة يستعين بها القاضي في القياس عليها، وهو يحكم فيما إذا كان العمل تجارياً وفقاً لأحكام قانون التحكيم، وأن واضعي المشروع قصدوا أن يمنحوا للقاضي دوراً إيجابياً حتى يساير قانون التحكيم التغيرات التي طرأت على النشاط الاقتصادي والتجارة الدولية، لذلك فإن تقدير وجود الطابع الاقتصادي في العلاقة التي ينشأ حولها النزاع والذي يجعل من التحكيم بشأنها تجارياً من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، مادام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة، وله أن يهتدي في ذلك بقصد المتعاقدين إذا كان النزاع متعلقاً بعقد من العقود، وبالباعث على التعاقد فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى أن النزاع محل التحكيم يدور حول شراء الأجنبي لوحدة سكنية داخل البلاد، ومدى صحة هذا التصرف، وهي منازعة مدنية، لا تنطوي على استثمار للأموال أو الحصول على عائد، وأن العلاقة بشأنه في حقيقتها علاقة مدنية، ولا تخضع للتحكيم التجاري، وبالتالي فإن دعوى بطلان حكم التحكيم في المنازعات الناشئة عن تلك العلاقة تكون من اختصاص محكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، وانتهى بذلك إلى رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وهو من الحكم استخلاص سائغ، له أصله الثابت بالأوراق، ويكفي لحمله، فإن ما يثيره الطاعن بسبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة المحكمة في فهم الواقع وتقدير وجود الطابع الاقتصادي للعلاقة موضوع التحكيم، وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجهين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه حين تمسكت بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، لأن المشرع وإن منح النيابة العامة حق إبطال التصرفات إلا أنه لم يمنحها حق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر في النزاع بشأنها، والتي لا يجوز لغير أطرافه رفعها، ولأن التحكيم تم في غير الحالات التي نص المشرع على تدخلها فيها جوازاً أو وجوباً، فضلاً عن أنها تمسكت بعدم قبولها لرفعها قبل الأوان وفقاً للمادة 54/1 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بتنظيم التحكيم في المواد المدنية والتجارية التي تشترط رفعها خلال التسعين يوماً التالية لإعلان المحكوم عليها، وهو ما لم يتم، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع مستنداً في ذلك لنصوص قانون المرافعات، رغم أن المشرع أفرد لنظام التحكيم في المواد المدنية والتجارية أحكاماً خاصة أوردها في القانون المشار إليه، وهي الواجبة التطبيق، ولم ينص فيها على حق النيابة العامة في إقامة تلك الدعوى، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه مع قيام قانون خاص لا يرجع إلى القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام. وكانت نصوص القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية قد خلت من النص على حق النيابة العامة في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وتنظيم إجراءات وميعاد رفعها بالنسبة لها، كما أنها لم تتضمن نفي تلك الخاصية عنها، بما لازمه العودة في هذا الشأن إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتباره القانون الإجرائي العام. وكان النص في المادة السادسة من القانون رقم 230 لسنة 1996 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء على أنه "يقع باطلاً كل تصرف يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولا يجوز شهره. ويجوز لكل ذي شأن وللنيابة العامة طلب الحكم بهذا البطلان وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها". وفي المادة 88 من قانون المرافعات على أنه "فيما عدا الدعاوى المستعجلة يجب على النيابة العامة أن تتدخل في الحالات الآتية وإلا كان الحكم باطلاً: 1-الدعاوى التي يجوز لها أن ترفعها بنفسها. 2- ...". وفي المادة 91/1 من القانون الأخير على أن "تعتبر النيابة ممثلة في الدعوى متى قدمت مذكرة برأيها فيها ولا يتعين حضورها إلا إذا نص القانون على ذلك". وفي المادة 92 من ذات القانون على أنه "في جميع الأحوال التي ينص فيها القانون على تدخل النيابة العامة، يجب على قلم كتاب المحكمة إخبار النيابة كتابة بمجرد قيد الدعوى ...". مؤداه أنه يجب على النيابة العامة أن تتدخل كطرف منضم في دعاوى بطلان التصرفات المخالفة لأحكام قانون تنظيم تملك غير المصريين العقارات المبنية والأراضي الفضاء بحسبانها من الدعاوى التي يجوز لها أن ترفعها بنفسها، ويتعين لذلك على قلم كتاب المحكمة المرفوعة إليها الدعوى إخبار النيابة كتابة بها بمجرد رفعها، فإذا تم الإخبار على هذا النحو وجب على النيابة أن تتدخل في تلك الدعوى بالحضور فيها وإبداء الرأي أو بتقديم مذكرة برأيها، فإذا صدر الحكم دون تدخل النيابة على ما سلف كان باطلاً بطلاناً من النظام العام، ويجوز إثارة هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض، وعلى ذلك فإنه إذا كان يجب على النيابة العامة التدخل في دعوى بطلان التصرفات المخالفة لأحكام قانون تنظيم تملك غير المصريين العقارات المبنية والأراضي الفضاء، فإنه يحق لها من باب أولى إذا لم يتوفر لها العلم بتلك الدعاوى كما هو الحال في النزاع المتعلق بالنظام العام والمعروض على هيئة التحكيم والذي لم تتضمن إجراءاته وجوب إخطار النيابة العامة بعرض النزاع عليها - إقامة دعوى ببطلان مشارطة التحكيم وحكم التحكيم تمكيناً لها من القيام بواجبها الذي أناط بها القانون القيام به، والطعن على الأحكام التي تصدر بالمخالفة لقواعد النظام العام ولو صدرت من هيئة تحكيم، ولها هذا الحق دون التقيد بميعاد رفعها المنصوص عليه في المادة 54/1 من القانون رقم 27 لسنة 1994 السالف ذكره، وإذ كان الثابت بالأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الراهنة ببطلان الحكم الصادر في التحكيم رقم 12 لسنة 2005 استناداً لمخالفته أحكام القانون رقم 230 لسنة 1996 بشأن تنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء، ومن ثم يكون لها الحق في رفع هذه الدعوى ودون التقيد بالميعاد المشار إليه سلفاً، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر ورفض الدفع بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة أو قبل الأوان يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بهذين الوجهين على غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الرابع مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه حين رفض الدفع بعدم قبول دعوى البطلان لرفعها في غير الحالات المنصوص عليها في المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 واعتبر مجرد مخالفة حكم التحكيم لأحكام قانون تنظيم الشهر العقاري مخالفة للنظام العام، رغم أن موضوع التحكيم هو طلب صحة عقد بيع عرفي يجوز فيه التصالح كما يجوز فيه التحكيم، ولم يتطلب القانون شهر الصحيفة في التحكيم، كما أن حكم التحكيم لم يخالف قانون تنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الحكم المطعون فيه متى كان قد أصاب صحيح القانون في نتيجته فلا يبطله قصوره في الإفصاح عن سنده القانوني، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك، كما أن لها أن تعطي الوقائع الثابتة تكييفها القانوني الصحيح مادامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها. وكان من المقرر أيضاً أن المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية تقضي ببطلان حكم التحكيم وقبول الدعوى بذلك في الحالات التي عددتها ومن بينها ما أوردته في الفقرتين (أ، و) من البند الأول إذا كان اتفاق التحكيم باطلاً أو إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق، وفي البند الثاني إذا تضمن حكم التحكيم ما يخالف النظام العام، وكان مفاد المواد 1، 2، 6 من القانون رقم 230 لسنة 1996 بشأن تنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء أن المشرع ولئن أجاز لغير المصريين تملك العقارات مبنية كانت أو أرض فضاء إلا أنه وضع شروطاً أوردتها المادة رقم (2) من هذا القانون ورتب على مخالفة أحكامه بطلان التصرف سواء شمل الملكية التامة أو ملكية الرقبة أو حق الانتفاع، وأجاز لكل ذي شأن وللنيابة العامة طلب هذا البطلان، كما أوجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها استجابة لمنطق الأمور الذي يقتضي أنه عندما تكون الغاية ممنوعة تكون كل وسيلة تساهم في تحقيقها هي الأخرى ممنوعة، وإذ كان الثابت أن النيابة العامة قد أقامت الدعوى الراهنة ببطلان حكم التحكيم استناداً لمخالفته لأحكام القانون رقم 230 لسنة 1996 بشأن تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء، وكان الثابت مما حصله الحكم المطعون فيه أن العقد موضوع النزاع تضمن شراء أجنبي لوحدة سكنية داخل جمهورية مصر العربية دون أن تكتمل فيه الشروط التي وضعها القانون سالف البيان لتملك الأجنبي داخل مصر، وهو ما يتوافر به إحدى حالات رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وبطلان مشارطته باعتبارها مجرد وسيلة تساهم في تحقيق مخالفة حظر التملك، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى مخالفة حكم التحكيم ومشارطته لأحكام النظام العام لانطوائه على إحدى حالات الغش والتحايل عليه للإفلات من نصوصه الآمرة وقضى ببطلان مشارطة وحكم التحكيم يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، ولا يعيبه ما اشتملت عليه أسبابه من قصور في بيان سنده القانوني، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب، وأن تعطى الوقائع التي حصلها الحكم تكييفها القانوني الصحيح دون أن تنقضه، ومن ثم يضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.

اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلان حكم تحكيم تجاري دولي وإن وردت مشارطته في عقد إداري


القضية رقم 47 لسنة 31 ق "تنازع"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الخامس عشر من يناير سنة 2012، الموافق  الحادي والعشرين من صفر سنة 1433هـ .
برئاسة السيد المستشار / فاروق سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق حسن ومحمد عبد العزيز الشناوى والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى وبولس فهمى إسكندر.  نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ محمد عماد النجار   رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 47 لسنة 31 قضائية "تنازع" .
المقامة من
السيد/ ميد شابلى بصفته رئيس مجلس إدارة شركة ماليكوب ليمتد
ضد
1-      السيد وزير الطيران المدنى
2-      السيد وزير النقل
3-      السيد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية
4-      السيد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للمطارات
الإجراءات
  بتاريخ العشرين من يوليو سنة 2009، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، بطلب الحكم بتعيين جهة القضاء المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم التجارى الدولى الصادر بتاريخ 7/3/2006، في الدعوى التحكيمية رقم 382 لسنة 2004 التى أقيمت أمام مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى ، والمطروح في الدعويين المتداولتين الأولى برقم 17464 لسنة 52 قضائية عليا، أمام المحكمة الإدارية العليا، والثانية برقم 48 لسنة 123 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة .
    وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى .
    وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
    ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المدعية سبق وأقامت طلب التحكيم رقم 382 لسنة 2004 أمام مركز القاهرة الأقليمى للتحكيم التجاري الدولي ضد المدعى عليهم، طالبة الحكم بتعويضها عن فسخ عقد امتياز إنشاء واستغلال مطار رأس سدر الدولى بنظام B.O.T  ، طبقا لشرط التحكيم المدرج بعقد الامتياز المبرم بين الشركة المذكورة والهيئة المصرية العامة للطيران المدنى . وبتاريخ 7/3/2006 صدر حكم التحكيم بإلزام المدعى عليه الأول "وزير الطيران المدنى " بالتعويض. وإذ لم يلق هذا الحكم قبولا من المدعى عليهما الأول والثانى فقد أقاما الدعوى رقم 17464 لسنة 52 "قضائية عليا" أمام المحكمة الإدارية العليا، بطلب الحكم بوقف تنفيذه وفى الموضوع ببطلانه، وبجلسة 30/5/2006 أصدرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حكمها بوقف تنفيذ حكم التحكيم الطعين، وإحالة الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأى القانونى . ومن جهة أخرى أقام المدعى عليهما الأول والثانى الدعوى رقم 48 لسنة 123 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة ، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم التحكيم المار ذكره، وفى الموضوع ببطلانه، وذلك على سند من أن موضوع العقد ذو طابع اقتصادى ، ومن ثم تختص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلانه. وقد تحدد لنظر الدعوى جلسة 5/8/2006، ثم تأجل نظرها لجلسة 5/8/2006، وإذ ارتأت الشركة المدعية أن ثمة تنازعا على الاختصاص بين المحكمة الإدارية العليا، ومحكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم السالف البيان، فقد أقامت الدعوى رقم 24 لسنة 28 قضائية "تنازع" أمام المحكمة الدستورية العليا بطلب تعيين جهة القضاء المختصة بنظرها، وبتاريخ 10/6/2007 قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن الشركة المدعية لم ترفق بطلبها- وفقاً لحكم المادتين (31، 34) من قانون المحكمة الدستورية العليا – ما يدل على أن محكمة استئناف القاهرة قد تمسكت باختصاصها في الفصل في المنازعة المطروحة أمامها. وعقب ذلك قامت الشركة المدعية بتعجيل الدعوى المقامة أمام المحكمة الإدارية العليا، والأخرى المنظورة أمام محكمة استئناف القاهرة التي قررت تكليف قلم الكتاب بإرفاق الملف التحكيمي الم تضمن الحكم المطعون عليه بالبطلان ومستنداته، في حين تأجل نظر الدعوى رقم 17464 لسنة 52 "قضائية عليا" المنظورة أمام المحكمة الإدارية العليا، بعد أن أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا تضمن أن المحكمة المختصة بنظر الطعن بالبطلان على الحكم الصادر في التحكيم هى المحكمة الإدارية العليا، استنادا إلى أن عقد B.O.T من العقود الإدارية ، وخلص التقرير إلى الرأى ببطلان الحكم المطعون عليه، والأمر بإعادة المنازعة إلى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم للفصل فيها بهيئة مكتملة ، وترتيبا على ما تقدم، فقد ارتأت الشركة المدعية في موالاة نظر المحكمتين السالفتي الذكر للدعوى على النحو المتقدم تمسكا منهما بالاختصاص بالفصل في المنازعة ، مما يشكل تنازعا على الاختصاص بين المحكمة الإدارية العليا ومحكمة استئناف القاهرة ، فأقامت دعواها الماثلة بطلباتها السالفة البيان.

وحيث إن الحاضرين عن المدعى عليهما الثالث والرابع دفعا بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة فصل المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 24 لسنة 28 "قضائية تنازع" ، والتى تتعلق بذات موضوع الدعوى الماثلة وذات الخصوم.

وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر بعدم القبول في الدعوى المذكورة ، استند إلى عدم استيفاء الشركة المدعية للإجراء الذى استلزمته المادتان (31 ، 34) من قانون المحكمة الدستورية العليا وتبعا لذلك فقد انسحب ذلك القضاء إلى العيب الشكلي المتمثل في عدم إرفاق المستندات المقررة بمقتضى القانون، دون أن يمتد إلى موضوع النزاع، أو يحول بين كل ذى مصلحة من إعادة طرحه على المحكمة إذا ما توافرت الشروط والأشكال المقررة وفقا لقانونها.

وحيث إن المستقر عليه بقضاء المحكمة الدستورية العليا أن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص وفقا للبند "ثانيا" من المادة (25) من قانونها، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، وشرط انطباقه بالنسبة إلى التنازع الإيجابي أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين القضائيتين المتنازعتين عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها.

وحيث إن المستقر عليه أيضا في قضاء هذه المحكمة أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال تنازع الاختصاص- إيجابيا كان أم سلبيا- إنما يتم على ضوء القواعد التى نظم بها المشرع توزيع الاختصاص الولائي بين الجهات القضائية المختلفة تحديدا لوظيفة كل منها.

وحيث إن مبنى النزاع القائم يدور حول تحديد الطبيعة القانونية للتحكيم المقامة دعوى بطلان الحكم الصادر فيه، وما إذا كان يندرج في عداد التحكيمات التجارية الدولية ، مما تختص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلانه، أم أن ذلك التحكيم يتعلق بعقد من العقود الإدارية ويؤول نظر دعوى بطلان الحكم فيه إلى المحكمة الإدارية العليا باعتبارها محكمة الدرجة الثانية للمحكمة المختصة أصلا بنظره .

وحيث إن المواد (2، 3، 9، 54/2) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 تنص على الآتي :-
"مادة 2- يكون التحكيم تجاريا في حكم هذا القانون إذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي ، عقدية كانت أو غير عقدية ، ويشمل ذلك على سبيل المثال توريد السلع أو الخدمات والوكالات التجارية وعقود التشييد والخبرة الهندسية أو الفنية ومنح التراخيص الصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا والاستثمار وعقود التنمية وعمليات البنوك والتأمين والنقل وعمليات تنقيب واستخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز أو النفط وشق الطرق والأنفاق واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئة وإقامة المفاعلات النووية .
مادة 3- يكون التحكيم دوليا في حكم هذا القانون إذا كان موضوعه نزاعا يتعلق بالتجارة الدولية وذلك في الأحوال الآتية :
أولا: إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم. فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للأعمال فالعبرة بالمركز الأكثر ارتباطا بموضوع اتفاق التحكيم. وإذا لم يكن لأحد طرفي التحكيم مركز أعمال فالعبرة بمحل أقامته المعتاد.
ثانيا: إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.
ثالثا: إذا كان موضوع النزاع الذى يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة واحدة .
رابعا: إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس الدولة وقت إبرام اتفاق التحكيم وكان أحد الأماكن التالية واقعا خارج هذه الدولة :
(أ‌)       مكان إجراء التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه.
(ب‌)     مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين
(ج‌)      الم كان الأكثر ارتباطا بموضوع النزاع.
مادة 9 : (1) يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع. أما إذا كان التحكيم تجاريا دوليا، سواء جرى في مصر أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر.
(2) وتظل المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص وفقا للفقرة السابقة دون غيرها صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم.
مادة 54/2: تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون. وفى غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع".

وحيث إن البين من مجموع النصوص القانونية المتقدمة التي نظم بها المشرع شئون التحكيم التجاري الدولي ، أن التحكيم يكون تجاريا إذا تعلق بعلاقة قانونية ذات طابع اقتصادي أو رد لها المشرع عدة أمثلة في المادة الثانية ، كما يكون التحكيم دوليا، إذا تعلق النزاع بالتجارة الدولية وفى أربع حالات حددها المشرع على سبيل الحصر في المادة الثالثة من القانون رقم 27 لسنة 1994 المار ذكره، من بينها أن يكون المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم، أو أن يتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.

لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق، أن عقد الامتياز المبرم بين الهيئة المصرية العامة للطيران المدني بصفتها مانحه الامتياز، وشركة ماليكورب المحدودة بصفتها صاحبة حق الامتياز، يتعلق بإنشاء وتشغيل واستغلال مطار رأس سدر بنظام B.O.T لفترة معينة يتم بعدها إعادة مشروع المطار للدولة ، ووفقا لما سلف، فإنه وإن كان هذا العقد من عقود التزام المرافق العامة ، بما يندرج في عداد العقود الإدارية ، إلا أنه في ذات الوقت يصطبغ بصبغة اقتصادية محضة ، وتم إبرامه لتنظيم علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي ، وهو ما أفصح عنه الطرفان المتعاقدان في إطار بيان حقوقهما والتزاماتهما المتبادلة ، بالنص صراحة في المادة 21/1 على أن هذا العقد يعتبر عقدا قانونيا مدنيا، وهو ما يتعذر معه النأي بالتحكيم الذى تضمنه هذا العقد عن الخضوع لأحكام المادة الثانية من القانون رقم 27 لسنة 1994 السالفة الذكر.

وحيث إن العقد السالف البيان انطوى في المادة (21-3-3) على شرط التحكيم- أيا كان وجه الرأي فيه- لتسوية أي نزاع قد يثور بين طرفيه ويتعذر حله وديا، وبمقتضى هذا الشرط، يلجأ طرفا العقد إلى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي لإصدار قرار ملزم، لما كان ذلك، وكان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم المذكور يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام العقد- وفقاً للثابت به- واتفق الطرفان المشار إليهما على اللجوء إلى مركز تحكيم يقع مقره بجمهورية مصر العربية ، وتبعا لذلك فقد توفر للتحكيم محل النزاع الماثل شرط التحكيم الدولي الوارد بالمادة الثالثة من القانون رقم 27 لسنة 1994.

لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن الأصل العام هو اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات الناشئة عن عقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريدات أو أي عقد إداري آخر وفقا لنص المادة (10/11) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، إلا أن المشرع استثنى من هذا الأصل العام، دعوى بطلان حكم التحكيم الذى يصدر نفاذا لمشارطة تحكيم وإن تضمنها عقد إداري ، متى كانت ذات طبيعة تجارية دولية ، وفق التعريف المحدد لذلك في المادتين (2،3) من القانون رقم 27 لسنة 1994، تعهد بتلك الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة بصريح نصوص المواد (9/1 -53/1-أ -54/2) من القانون السالف البيان.

وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، تكون المحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ 7/3/2006 من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في الدعوى رقم 382 لسنة 2004، هي محكمة استئناف القاهرة .

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بتعيين محكمة استئناف القاهرة جهة مختصة بنظر النزاع.

الأحد، 18 مارس 2018

الطعن 1512 لسنة 59 ق جلسة 8 /2 /1995 مكتب فني 46 ج 1 ق 68 ص 349


برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري نائب رئيس المحكمة، د/ سعيد فهيم، علي جمجوم ومحمد درويش.
------------
- 1  تعويض "التعويض عن إساءة استعمال حق النشر".  مسئولية "من صور المسئولية التقصيرية : المسئولية عن الأعمال الشخصية . المسئولية عن إساءة استعمال حق النشر".
حرية الصحفي في نشر ما يحصل عليه من أنباء أو معلومات أو إحصائيات من مصادرها مادام ملتزما في ذلك حدود القانون . م 5 ق 148 لسنة 1980 .
النص في المادة الخامسة من القانون 148 لسنة 1980 في شأن سلطة الصحافة يدل على أن للصحفي الحق في نشر ما يحصل عليه من أنباء أو معلومات أو إحصائيات من مصدرها مادام ملتزما في ذلك حدود القانون باعتبار أن الصحافة تحقق مصلحة المجتمع في أن يعلم أفراده ما يجرى فيه حتى يتاح لهم الاطلاع على قدر مشترك من القيم الاجتماعية فتكون رباطا يجمع بينهم وهي سبيله إلى التطور باعتبار أن نشر الخبر الصحيح وتوجيه النقد البناء هما الأساس والمنطق للكشف عن العيوب القائمة والتمهيد لظهور جديد بفضل القديم والتنبيه إلى الأضرار التي تترتب على التصرفات التي تصدر من بعض الأشخاص والدعوة إلى تلافيها.
- 2  تعويض "التعويض عن إساءة استعمال حق النشر".  دستور .
كفاية الدستور حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة والطباعة والنشر وحرية البحث العلمي والإبداع الثقافي والأدبي . المواد 47 ، 48 ، 49 من الدستور . مؤداه . إباحة أداء وسيلة الإعلام الذي ينطوي على ما يمس شرف الأشخاص اذا كان هذا الأداء غير ممكن في الصورة التي تقتضيها مصلحة المجتمع بدون هذا المساس .
أكد الدستور على الأهمية الاجتماعية للصحافة فنص في المادة 47 على أن حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني وفي المادة 48 على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظورا وفي المادة 49 على أن تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والإبداع الفني والثقافي وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك بل أن أداء وسيلة الإعلام قد ينطوي على ما يمس شرف أحد الأشخاص في صورة قذفه بعبارات قاسية بحيث يتبين أن أداء هذه الوظيفة غير ممكن في الصورة التي تقتضيها مصلحة المجتمع بدون هذا المساس فإذا ثبت ذلك تعين إباحة هذا المساس ترجيحا بين حقين أحدهما أكثر أهمية من الآخر.
- 3  تعويض "التعويض عن إساءة استعمال حق النشر".  مسئولية " من صور المسئولية التقصيرية : المسئولية عن الأعمال الشخصية . المسئولية عن إساءة استعمال حق النشر".
إباحة حقي النشر والنقد . شرطها . صحة الواقعة موضوع النشر أو الاعتقاد بصحتها وطابعها الاجتماعي واقتصار الصحفي أو الناقد على نشر الخبر أو توجيه النقد بأسلوب موضوعي مع استعمال العبارة الملاءمة وقيام حسن النية . تجاوز ذلك إلى حد الطعن والتشهير . اثره .
إذا كان سند إباحة حق النقد على نحو ما سلف هو استعمال الحق وما يقتضيه من وجوب توافر الشروط العامة لهذا الاستعمال ومنها صحة الواقعة أو الاعتقاد بصحتها وطابعها الاجتماعي كشرط لتحقيق المصلحة الاجتماعية التي تقوم عليها تلك الإباحة ذلك لأن المجتمع لا يستفيد من نشر خبر غير صحيح أو نقد يقوم على تزييف الحقائق وتشويهها أو يتناول واقعة تمس الحياة الخاصة لشخص معين ولا تهم المجتمع في شيء كذلك يشترط لإباحة هذين الحقين موضوعية العرض واستعمال العبارة الملائمة وتعني أن يقتصر الصحفي أو الناقد على نشر الخبر أو توجيه النقد بأسلوب موضوعي فلا يلجأ إلى أسلوب التهكم والسخرية أو يستعمل عبارات توحي لقارئه بمدلول مختلف أو غير ملائمة أو أقسى من القدر المحدود الذي يقتضيه عرض الواقعة أو التعليق عليها وفي ذلك تقول محكمة النقض "أنه وإن كان للناقد أن يشتد في نقد أعمال خصومة ويقسو عليهم ما شاء إلا أن ذلك كله يجب ألا يتعدى حد النقد المباح فإذا خرج ذلك إلى حد الطعن والتشهير والتجريح فقد حقت عليه كلمة القانون.
- 4  تعويض "التعويض عن إساءة استعمال حق النشر".  محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة للمسئولية التقصيرية . في الخطأ التقصيري ".  مسئولية " المسئولية عن إساءة استعمال حق النشر".
ملاءمة العبارة . ضابطها . ثبوت ضرورتها لتعبير الناقد عن رأيه بحيث انه لو استعمل عبارات اقل عنفاً لم يكن لفكرته أن تحظى بالوضوح الذي يريده والتأثير الذي يهدف إليه . تقدير التناسب بين العبارة من حيث شدتها وبين الواقعة من حيث أهميتها الاجتماعية . من سلطة قاضى الموضوع
ضابط ملائمة العبارة هو ثبوت ضرورتها لتعبير الناقد عن رأيه بحيث يبين بأنه لو كان قد استعمل عبارات أقل عنفا فإن فكرته لم تكن لتحظى بالوضوح الذي يريده وأن رأيه لن يكون له التأثير الذي يهدف إليه وقاضي الموضوع هو صاحب السلطة المطلقة في تقدير التناسب بين العبارة من حيث شدتها وبين الواقعة موضوع النقد من حيث أهميتها الاجتماعية.
- 5  مسئولية " المسئولية عن إساءة استعمال حق النشر".
حسن النية في نشر الأخبار وإبداء الرأي والنقد . ماهيته .
يشترط للإباحة حسن النية ويعني أن يكون الهدف من نشر الخبر أو توجيه النقد هو تحقيق مصلحة المجتمع لا التشهير والانتقام.
- 6 تعويض " التعويض عن الفعل الضار غير المشروع . الخطأ الموجب للتعويض". محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية التقصيرية - في الخطأ التقصيري".  مسئولية " المسئولية التقصيرية : أركانها . الخطأ ". نقض " سلطة محكمة النقض " .
تكييف محكمة الموضوع للفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ من عدمه . خضوعه لرقابة محكمة النقض .
المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التي يخضع فيها قضاء محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض.
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 6328 لسنة 1983 مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعا له مبلغ خمسمائة ألف جنيه وقال بيانا لها إن جريدة المساء التي يمثلها الطاعن الأول نشرت في عددها الصادر بتاريخ 3 / 12 / 1982 وقائع كاذبة فزعمت أنه قد أطلق حول عقاره المبين بالصحيفة الإشاعات المخيفة لكل من يرغب في استئجار وحدة سكنية فيه، كما عمدت أن تنسب إليه زورا ما لم يصدر عنه حيث روت على لسان بعض الأشخاص أنهم قابلوه فحذرهم من السكنى فيها لأن بها عفاريت شريرة. ثم راحت تستعدي السلطات الحكومية لاتخاذ قرار للقضاء على هذه الخرافة، وفي الوقت الذي يعد فيه الرد على هذه الأكاذيب فوجئ بمقال ثان في ذات الجريدة بتاريخ 17/12/1982 في صدر صفحتها الأولى نشرت فيه تصريحات منسوبة لبعض المسئولين بأنه حصل على مواد البناء بأسعار مدعمة وإزاء هذه الوقائع المكذوبة وعملا بحقه المقرر في المادة 9 من القانون 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة وجه إلى هذه الجريدة إنذارا بتاريخ 26/12/1982 لتمكينه من الرد عليها على أن يتم النشر في ذات المكان وبما لا يزيد عن ضعف ما نشر طبقا للنص المذكور إلا أنها أمعنت في الخطأ ونشرت جزءا مبتورا من رده في آخر صفحاتها الداخلية وبما يحمل على التشكيك في صحته وإذ كانت تلك الأخطاء التقصيرية المتلاحقة قد سببت له أضرارا مادية وأدبية تتمثل في إحجام الناس عن التعامل معه مما فوت عليه كسبا ضخما وألحق به خسارة حالة بالإضافة إلى ما نال سمعته واعتباره من مساس يقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به فقد أقام دعواه. وبجلسة 10/12/1987 قضت المحكمة بإلزام الطاعنين بصفتيهما متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده تعويضا ماديا وأدبيا مقداره 2000 جنيه. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 1349 لسنة 43 ق الإسكندرية كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 43 لسنة 44 ق وبتاريخ 15/2/1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعنان بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيانهم يقولان إنهما تمسكا في دفاعهما بأن ما نشرته جريدة المساء عن أراء بعض الجماهير والمسئولين بحي شرق الإسكندرية عن سبب إغلاق عمارة المطعون ضده مدة عشرين عاما دون تشطيب وتصديها للشائعة بأن عفاريت الجن تسكنها قد تم في حدود الحق المباح لها قانونا في النشر والنقد، ولم تخرج به عما يقتضيه حسن النية بدليل إتاحتها للمطعون ضده نشر رده على تلك الآراء، وإذ طلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات انتفاء ركن الخطأ في حقهما، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع وأقام قضاءه بالتعويض على أن تلك الجريدة نشرت في عدديها الصادرين بتاريخي 3، 17/12/1982 عن اتهام المطعون ضده في جناية أمن دولة مع آخرين لحصولهم على مواد البناء بتقديم بيانات غير صحيحة وبأن ما نشر قد سبب له أضرار تتمثل في احتقاره عند أهل وطنه والإحجام عن التعامل معه وامتناع الجهات المختصة عن إصدار الترخيص له بتحويل عمارته إلى فندق سياحي رغم خلو العددين سالفي الذكر من النشر عن هذا الاتهام ورغم أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده هو الذي عمد إلى إغلاق عمارته مدة تزيد عن عشرين عاما دون تشطيب وأن تقدمه إلى الجهات المختصة للترخيص له بتحويلها إلى فندق سياحي ورفض تلك الجهات الترخيص له بذلك كان سابقا على النشر بما ينتفي معه القول بأن النشر كان سببا في امتناع تلك الجهات عن الموافقة على هذا التحويل هو ما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن النعي بهذه الأسباب في محله ذلك أنه لما كان نص في المادة الخامسة من القانون 148 لسنة 1980 في شأن سلطة الصحافة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يدل على أن للصحفي الحق في نشر ما يحصل عليه من أنباء أو معلومات أو إحصائيات من مصدرها مادام ملتزما في ذلك حدود القانون باعتبار أن الصحافة تحقق مصلحة المجتمع في أن يعلم أفراده بما يجري فيه حتى يتاح لهم الاطلاع على قدر مشترك من القيم الاجتماعية فتكون رباطا يجمع بينهم وهي سبيله إلى التطور باعتبار أن نشر الخبر الصحيح وتوجيه النقد البناء هما الأساس والمنطلق للكشف عن العيوب القائمة والتمهيد لظهور جديد بفضل القديم والتنبيه إلى الأضرار التي تترتب على التصرفات التي تصدر من بعض الأشخاص والدعوة إلى تلافيها وقد أكد الدستور هذه الأهمية الاجتماعية فنص في المادة 47 على أن "حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني" وفي المادة 48 على أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور" وفي المادة 49 على أن "تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي وتوفر وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك" بل أن أداء وسيلة الإعلام قد ينطوي أحيانا على ما يمس شرف أحد الأشخاص في صورة قذفه بعبارات قاسية بحيث يتبين أن أداء هذه الوظيفة غير ممكن في الصورة التي تقتضيها مصلحة المجتمع بدون هذا المساس فإذا ثبت ذلك تعين إباحة هذا المساس ترجيحا بين حقين أحدهما أكثر أهمية من الآخر وإذا كان سند إباحة حق النشر وحق النقد على نحو ما سلف هو استعمال الحق وما يقتضيه من وجوب توافر الشروط العامة لهذا الاستعمال ومنها صحة الواقعة أو الاعتقاد بصحتها وطابعها الاجتماعي كشرط لتحقق المصلحة الاجتماعية التي تقوم عليها تلك الإباحة ذلك لأن المجتمع لا يستفيد من نشر خبر غير صحيح أو نقد يقوم على تزييف الحقائق وتشويهها أو يتناول واقعة تمس الحياة الخاصة لشخص معين ولا تهم المجتمع في شيء كذلك يشترط لإباحة هذين الحقين موضوعية العرض واستعمال العبارة الملائمة وتعني أن يقتصر الصحفي أو الناقد على نشر الخبر أو توجيه النقد بأسلوب موضوعي فلا يلجأ إلى أسلوب التهكم والسخرية أو يستعمل عبارات توحي لقارئه بمدلول مختلف أو غير ملائمة أو أقسى من القدر المحدود الذي يقتضيه عرض الواقعة أو التعليق عليها وفي ذلك تقول محكمة النقض "أنه وان كان للناقد أن يشتد في نقد أعمال خصومة ويقسو عليهم ما شاء إلا أن ذلك كله يجب ألا يتعدى حد النقد المباح فإذا خرج ذلك إلى حد الطعن والتشهير والتجريح فقد حقت عليه كلمة القانون. وما من شك في أن ضابط ملائمة العبارة هو ثبوت ضرورتها لتعبير الناقد عن رأيه بحيث يتبين بأنه لو كان قد استعمل عبارات أقل عننا فإن فكرته لم تكن لتحظى بالوضوح الذي يريده وأن رأيه لن يكون له التأثير الذي يهدف إليه وقاضي الموضوع هو صاحب السلطة المطلقة في تقدير التناسب بين العبارة من حيث شدتها وبين الواقعة موضوع النقد من حيث أهميتها الاجتماعية. ويشترط أخيرا لتلك الإباحة حسن النية ويعني أن يكون الهدف من نشر الخبر أو توجيه النقد هو تحقيق مصلحة المجتمع لا التشهير والانتقام، فإذا توافر لهذين الحقين تلك الشروط التي يتطلبها القانون فلا خطأ ولا مسئولية. لما كان ذلك وكان لمقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه محكمة - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التي يخضع فيها قضاء محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض. وكان الثابت بالأوراق أن ما نشر بالصحيفة التي يمثلها الطاعن الأول بعدديها الصادرين بتاريخي 3، 17/12/1982 قد اقتصر على تناول آراء بعض المواطنين والمسئولين بحي شرق الإسكندرية وعلى القرارات والتوصيات السابق صدورها بشأن عقار المطعون ضده وما أثير حوله من شائعات بشأن سكن عفاريت الجن به وسد مدخله بجدار وتركه دون تشطيب مدة تزيد على عشرين عاما بقصد تحويله من السكنى إلى فندق سياحي وأنها التزمت فيه الخبر الصحيح والنقد المباح والعبارة الملائمة دون أن تتجاوز ذلك إلى حد الطعن أو التجريح أو التشهير بالمطعون ضده أو الانتقام منه وكان هدفها من ذلك هو تحقيق مصلحة المجتمع من التصدي لمثل هذه الشائعات والخرافات ومحاربة الاستغلال بكل صوره بما يتوافر به حسن النية في حقها وينفي الخطأ في جانبها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بالتعويض على أن ما نشرته الصحيفة وحول هذا الموضوع حول اتهام المطعون ضده في جناية أمن دولة مع آخرين لحصولهم على مواد البناء بأسعار مدعمة بتقديم بيانات غير صحيحة يمثل خطأ في حقه ويستوجب احتقاره عند أهل وطنه رغم خلو العددين سالفي الذكر من النشر عن هذا الاتهام فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق بما يوجب نقضه
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.